الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مبسوط السرخسي - الجزء الرابع2»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 64 كلمة مستهدفة حالياً.
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 88 كلمة مستهدفة حاليًا.
سطر 63:
[ 132 ]
قد وجبت عليهم الدماء فيها ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم جوز ذلك في كل سبعة من أصحابه عام الحديبية ولا فرق بين أن يكون جنس الواجب عليهم واحدا أو مختلفا في حكم الجواز حتى إذا قصد بعضهم دم المتعة وبعضهم دم الاحصار وجزاء الصيد فذلك جائز بخلاف ما إذا قصد بعضهم اللحم لان الواجب اراقة دم هو قربة واراقة الدم في كونه قربة لا يتجزأ فإذا قصد بعضهم اللحم لم يكن فيه معنى القربة خالصا فأما عند اختلاف جهات القربة فقصد كل واحد منهم معنى القربة فقط فلهذا يتأدى الواجب به ولو كان كله جنسا واحدا كان أحب إلى لان دماء القرب مختلفة بعضها لا يحل التناول منه للاغنياء كدماء الكفارات وبعضها يحل فإذا اتحد الجنس فقد اتحد معنى القربة في المذبوح فيكون أقرب إلى الجواز (قال) فإذا نذر المشى إلى بيت الله تعالى ونوى مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس أو مسجد آخر فلا شئ عليه اما صحة نيته فلانها مطابقة للفظه والمساجد كلها بيوت الله تعالى قال الله تعالى في بيوت أذن الله أن ترفع وإذا عملت نيته صار ذلك كالملفوظ به فلا يلزمه شئ لان سائر المساجد يباح دخولها بغير احرام فلا يصير به ملتزما للاحرام وعلى هذا لو قال أنا أمشى إلى بيت الله تعالى قال فان نوى به العدة فلا شئ عليه لان المواعيد لا يتعلق بها اللزوم ولكن يندب إلى الوفاء بالوعد وان نوى به النذر كان نذرا وكذلك ان لم يكن له نية فهو نذر وكذلك ان لم يكن نوى شيئا من المساجد فهو على الكعبة للعادة الظاهرة فان الناس إذا أطلقوا هذه اللفظة يريدون بها الكعبة وعلى هذا لو قال على المشي إلى مكة أو إلى الكعبة فهو وقوله إلى بيت الله سواء وقوله وان قال على المشى إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام فلا شئ عليه في قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى أخذا بالقياس فيه لان الناس لا يطلقون هذا اللفظ عادة لارادة التزام الحج والعمرة بخلاف ما تقدم من الالفاظ الثلاثة ثم المسجد الحرام بمنزلة الفناء للكعبة والحرم بمنزلة الفناء لمكة فلا يجعل ذكر الفناء كذكر الاصل في النذر بل يجعل هذا بمنزلة ما لو قال لله على المشى إلى الصفا أو إلى المروة أو إلى مقام ابراهيمإبراهيم صلوات الله عليه وسلامه فلا يلزمه شئ وأبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قالا نأخذ بالاحتياط أو بالاستحسان في هذين الفصلين أيضا لانه لا يتوصل إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام الا بالاحرام فصار بهما ملتزما للاحرام (قال) ولو قال على السفر إلى مكة أو الذهاب أو الاتيان إلى مكة أو الركوب فلا شئ عليه والقياس في الالفاظ كلها واحد ولكن فيما تعارف الناس التزام
[ 133 ]
سطر 69:
[ 134 ]
بالنذر فان لم يكن له نية فعليه أن يحج وليس عليه أن يحجج فلانا لان لفظه في حق فلان محتمل والوجوب لا يحصل باللفظ المحتمل وان كان قال فعلى ان احجج فلانا فهذا محكم غير محتمل فانه تصريح الالتزام باحجاج فلان وذلك صحيح بالنذر ولو قال ان فعلت كذا فأنا أهدى فلانا ففعل ذلك الفعل فلا شئ عليه لان النذر بالهدى لا يصح الا في الملك وهو قد نذر هدى ما لا يملكه وما لا مالية فيه فكان نذره لغوا إذ لا ولاية له على فلان ليهديه الا أن يكون فلان ذلك ولده فحينئذ يكون على القياس والاستحسان المعروف في نذر ذبح الولد (قال) ولو قال ان فعلت كذا فأنا أهدى كذا وسمى شيئا من ماله فعليه أن يهديه لانه التزم أن يهدى ما هو مملوك له والهدى قربة والتزام القربة في محل مملوك له صحيح كما لو نذر أن يتصدق به ثم الاهداء يكون إلى مكان وذلك المكان وان لم يكن في لفظه حقيقة ولكن صار معلوما بالعرف أنه مكة فان الله تعالى قال في الهدايا ثم محلها إلى البيت العتيق فإذا تعين المكان بهذا المعنى فان كان ذلك الشئ مما يتقرب باراقة دمه فعليه أن يذبحه بمكة وان كان لا يتقرب باراقة دمه وانما يتقرب بالتصدق به فانه يتصدق به على مساكين مكة وان كان ذلك الشئ لا يستطيع أن يهديه بنفسه كالدار والارض فعليه أن يهديه بقيمته لان التقرب يحصل بالعين تارة ويحصل بمعنى المالية أخرى فإذا كانت العين لا تحول من مكان إلى مكان عرفنا ان مراده التزام التصدق بماليته فعليه ان يهدى قيمته يتصدق به على مساكين مكة وان اعطاه حجبة البيت أجزأه بعد أن يكونوا فقراء لانهم بمنزلة غيرهم من المساكين (قال) وكذلك ان قال فثوبي هذا ستر البيت أو قال انا أضرب به حطيم البيت فعليه أن يهديه استحسانا وفى القياس لا شئ عليه لان ما صرح به في كلامه لا يلزمه لانه ليس بقربة فلان لا يلزمه غيره أولى وفى الاستحسان انما يراد بهذا اللفظ الاهداء به فصار اللفظ عبارة عما يراد به غيره فكأنه التزم أن يهديه لان اللفظ متى صار عبارة عن غيره سقط اعتباره في نفسه حقيقة (قال) وان قال مالى هدى فعليه أن يهدى ماله كله قال بلغنا عن ابراهيمإبراهيم أنه قال في مثل هذا يتصدق بماله كله ويمسك منه قدر قوته فإذا أفاد مالا يتصدق بقدر ما أمسك وأورد هذه المسألة في كتاب الهبة فيما إذا قال مالى صدقة فقال في القياس ينصرف هذا إلى كل مال له وهو قول زفر رحمه الله تعالى وفى الاستحسان ينصرف إلى مال الزكاة خاصة بخلاف إما إذا قال جميع ما أملك فمن أصحابنا من قال ما ذكر هنا جواب
[ 135 ]
القياس لان التزام الهدى في كل مال كالتزام الصدقة في كل مال والاصح أن يفرق بينهما فيقال في لفظة الصدقة انما حمل هذا اللفظ على مال الزكاة خاصة اعتبارا لما يوجبه على نفسه بما أوجبه الله تعالى عليه وما أوجب الله تعالى عليه من الصدقة في المال مختص بمال الزكاة فكذلك ما يوجبه العبد على نفسه وهنا انما أوجب الهدى وما أوجب الله تعالى من الهدى لا يختص بمال الزكاة فكذلك ما يوجبه على نفسه فلهذا اعتبرنا فيه حقيقة اللفظ ولكنه يمسك مقدار قوته لان حاجته مقدمة على حاجة غيره فإذا أفاد ما لا تصدق بمثل ما أمسك لتعلق حق المساكين به ثم قال وكذلك ان قال كل مالى صدقة في المساكين فهذا مثل الاول في قول ابراهيمإبراهيم رحمه الله تعالى وهذا العطف يؤيد ما قلنا أولا أن المذكور جواب القياس فان القياس والاستحسان منصوص عليهما في لفظ الصدقة في كتاب الهبة وان قال ان فعلت كذا فغلامي هذا هدى فباعه ثم فعل ذلك لم يلزمه شئ لان المعلق بالشرط عند وجوده كالمنشأ ولو أنشأ النذر عند ذلك الفعل لم يلزمه شئ لان العبد ليس في ملكه فكذلك إذا وجد الشرط وكذلك ان كان الغلام في غير ملكه حين حلف ثم اشتراه ثم فعل ذلك لان اليمين بالنذر في محل معين لا يصح الا باعتبار الملك أو الاضافة إلى الملك ولم يوجد الملك ولا الاضافة إلى الملك في المحل وقت اليمين فلم ينعقد يمينه أصلا (قال) وان قال ان كلمت فلانا فهذا المملوك هدى ثم اشتراه صحت يمينه لوجود الاضافة إلى الملك ثم عند وجود الشرط وهو الكلام يصير كانه أرسل النذر وانما ينصرف إلى شراء بعده لا إلى شراء سبقه (قال) وان قال فهذه الشاة هدى إلى بيت الله تعالى أو إلى مكة أو إلى الكعبة وهو يملكها فعليه أن يهديها لانه لو أطلق التزام الهدى صح نذره باعتبار هذا المكان فإذا صرح به كان أولى (قال) وإذا قال إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام لم يلزمه أن يهديهما في قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى ولزمه ذلك عندهما وهو نظير ما سبق من التزام المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام لما جعل ذكر هذين الموضعين عندهما كذكر مكة ولم يجعل كذلك عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى كذلك هنا فان قيل فعلى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى ينبغي أن يزلمه هنا لان ذكره الحرم والمسجد الحرام غير ملزم فكأنه لم يذكر ولكنه قال هذه الشاة هدى فتلزمه بخلاف المشى فان هناك لو قال على مشى لا يلزمه شئ قلنا هذا غير صحيح لانه إذا قال هذه الشاة هدى انما يلزمه باعتبار
[ 136 ]
سطر 81:
[ 138 ]
والبقر (قال) والتجليل حسن لان هدايا رسول الله كانت مقلدة مجللة حيث قال لعلى رضى الله عنه تصدق بجلالها وخطامها وان ترك التجليل لم يضره والتقليد أحب إلى من التجليل لان للتقليد ذكر في كتاب الله تعالى دون التجليل وأما الاشعار فهو مكروه عند أبى حنفية رحمه الله تعالى وعندهما هو حسن في البدنة وان ترك لم يضره وصفة الاشعار هو أن يضرب بالمبضع في احدأحد جانبي سنام البدنة حتى يخرج الدم منه ثم يلطخ بذلك الدم سنامه سمى ذلك اشعارا بمعنى أنه جعل ذلك علامة له والاشعار هو الاعلام وكان ابن أبى ليلى رحمه الله تعالى يقول الاشعار في الجانب الايسر من السنام وقد صح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر البدن بيده وهو مروى عن الصحابة رضى الله عنهم ظاهر حتى قال الطحاوي رحمه الله تعالى ما كره أبو حنيفة رحمه الله تعالى أصل الاشعار وكيف يكره ذلك مع ما اشتهر فيه من الآثار وانما كره إشعار أهل زمانه لانه رآهم يستقصون ذلك على وجه يخاف منه هلاك البدنة لسرايته خصوصا في حر الحجاز فرأى الصواب في سد هذا الباب على العامة لانهم لا يراعون الحد فأما من وقف على ذلك بأن قطع الجلد فقط دون اللحكم فلا بأس بذلك ثم حجتهما من حيث المعنى لان المقصود من الاشعار والتقليد اعلام بأنها بدنة حتى إذا ضلت ردت وإذا وردت الماء والعلف لم تمنع لكن هذا المقصود بالتقليد لا يتم لان القلادة تحل ويحتمل أن تسقط منه فانما يتم بالاشعار لانه لا يفارقه فكان الاشعار حسنا لهذا وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول معنى الاعلام بالتقليد يحصل وهو لاكرام البدنة وليس في الاشعار معنى الاكرام بل ذلك يؤذي البدنة ولان التجليل مندوب إليه وانما كان مندوبا لدفع أذى الذباب عن البدنة والاشعار من جوالب الذباب فلهذا كرهه أبو حنيفة رحمه الله تعالى (قال) ولا يصير بالاشعار والتجليل محرما وانما يصير محرما بالتقليد واصل هذا ان الاحرام لا ينعقد بمجرد النية عندنا وفى أحد قولى الشافعي رحمه الله تعالى ينعقد بمجرد النية وجعل الاحرام قياس الصوم من حيث أنه التزام الكف عن ارتكاب المحظورات ومثل هذه العبادة يحصل الشروع فيها بمجرد النية كالصوم وعلى قولنا الاحرام قياس الصلاة لان الاحرام لاداء الحج أو العمرة وذلك يشتمل على اركان مختلفة كالصلاة فكما لا يصير شارعا في الصلاة بمجرد النية بدون التحريمة فكذلك في الاحرام بخلاف الصوم فانه ليس للصوم الا ركن واحد وهو الامساك وذلك معلوم بزمانه
[ 139 ]
سطر 102:
[ 145 ]
إلى حاجته وكذلك لا يحلب لبنها لان اللبن متولد منها فلا يصرفه إلى حاجة نفسه ولكن ينبغي ان ينضح ضرعها بالماء البارد حتى يتقلص لبنها ولكن هذا إذا كان قريبا من وقت الذبح فاما إذا كان بعيدا ينزل اللبن ثانيا وثالثا فيصير ذلك بالبدنة ضارا فيحلبها ويتصدق بلبنها وان صرفه إلى حاجة نفسه تصدق بمثل ذلك أو بقيمته وأى الشركاء فيها نحرها يوم النحر أجزأهم لان كل واحد يستعين بشركائه في نحرها في وقته دلالة فيجعل ذلك بمنزلة الامر به افصاحا (قال) وإذا عطب الهدى في الطريق نحره صاحبه فان كان واجبا فهو لصاحبه يصنع به ما شاء لانه قصد بهذا اسقاط الواجب عن ذمته فإذا خرج من أن يكون صالحا لاسقاط الواجب به بقى الواجب في ذمته كما كان وهذا ملكه فيصنع به ما شاء وان كان تطوعا نحره وصبغ نعله بدمه ثم ضرب به صفحته ولم يأكل منه شيئا بل يتصدق به وذلك أفضل من أن يتركه للسباع هكذا نقل عن عائشة رضى الله عنها والاصل فيه ما روى ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث عام الحديبية الهدايا على يد ناجية بن جندب الاسلمي رضى الله عنه وأمره ان يسلك بها الفجاج والاودية حتى يخرج بها إلى منى فقال ماذا أصنع بما عطب على يدى منها فقال انحرها واصبغ نعلها بدمها والمراد بالنعل قلادتها واضرب بها صفحة سنامها ثم خل بينها وبين الناس ولا تأكل أنت ولا أحد من رفقتك منها شيئا ومقصوده مما ذكر ان يجعل عليها علامة يعلم بتلك العلامة انها هدى فيتناول منها الفقراء دون الاغنياء وانما نهاه أن يتناول منها لانه كان غنيا مع رفقته ثم المتطوع بالهدايا انما يتناول باذن من له الحق والاذن معلق بشرط بلوغه محله قال الله تعالى فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها فإذا لم تبلغ محلها لا يباح له التناول منها ولا ان يطعم غنيا بل يتصدق بها على الفقراء لانه قصد بها التقرب إلى إلى الله تعالى فإذا فات معنى التقرب إلى الله تعالى باراقة الدم يتعين التقرب إلى الله تعالى بالتصدق وذلك بالصرف إلى الفقراء دون الاغنياء فان أعطى من ذلك غنيا ضمن قيمته ويتصدق بجلالها وخطمها أيضا كما يفعل ذلك إذا بلغت محلها (قال) وإذا أخطأ الرجلان فنحر كل واحد منهما هدى صاحبه أو أضحيته عن نفسه أجزأه استحسانا وفى القياس لا يجزئ لان كل واحد منها غير مأمور بما صنع في هدى صاحبه فكان متعديا ضامنا ولكنه استحسن فقال كل واحد منهما مأذون بما صنع من صاحبه لادلة لان صاحب الهدى والاضحية يستعين بكل احدأحد أن ينوب عنه في الذبح في وقته دلالة والاذن دلالة بمنزلة
[ 146 ]
سطر 138:
[ 157 ]
يحج عنه بعد موته من منزله فان كان ثلث ماله لا يكفى للحج من منزله يحج عنه من حيث يبلغ استحسانا وفى القياس تبطل هذه الوصية لانه عجز الوصي عن تنفيذ ما أمر به وهو الحج من منزله فكان هذا بمنزلة ما إذا أوصي بأن يشترى نسمة بألف درهم فتعتق عنه وكان ثلث ماله دون الالف درهم تبطل الوصية وجه لاستحسان ان المقصود من الحج ابتغاء مرضاة الله تعالى ونيل الثواب فيكون بمنزلة الوصية بالصدقة وذلك ينفذ بحسب الامكان بخلاف الوصية بالعتق فان العبد ان كان معينا فالوصية تقع له وكذلك ان لم يكن معينا فانما أوصى بعبد يساوى ألفا فلا يجوز تنفيذه بعبد يساوي خمسمائة فلو وجدوا من يحج عن الميت من منزله بذلك المال ماشيا لا يجوز لهم ان يحجوا من منزله وانما يجوز من حيث يبلغ راكبا حتى قال محمد رحمه الله تعالى في النوادر راكب البعير في ذلك أفضل من راكب الحمار وهذا لانه لا يلزمه ان يحج بنفسه ماشيا وان وجد النفقة فكذلك لا يحج عنه ماشيا لان الحاصل للميت ثواب النفقة على ما بينا وروى الحسن عن أبى حنيفة رحمهما الله تعالى قال الخيار إلى الوصي ان شاء أحج عنه من حيث يبلغ راكبا وان شاء من منزله ماشيا لان في احدأحد الجانبين زيادة في المسافة ونقصان في النفقة وفي الجانب الآخر زيادة في النفقة ونقصان في المسافة وفي كل واحد منهما نيل الثواب فيختار الوصي أي الجانبين شاء فاما المحصر بعد ما تحلل فعليه قضاء الحج والعمرة بمنزلة ما لو كان أحرم عن نفسه فتحلل بالهدى وهذا شاهد لمحمد رحمه الله تعالى فان المحصر غير مخالف ومع ذلك كان قضاء الحجة والعمرة عليه فدل ان أصل حجه عن نفسه وان للميت ثواب النفقة فان أمره رجلان كل واحد منهما بالحج فأهل بحجة عنهما كان ضامنا لهما جميعا لان كل واحد منهما أمره بأن ينفق من ماله في سفر يخلص له وان ينويه بعينه عند الاحرام وإذا لم يفعل صار مخالفا ولا يستطيع ان يجعل الحجة لواحد منهما لانهما قد لزماه عن نفسه وهذا لانه حين نواهما ولم يمكن تصحيح نيته عنهما لان الحجة الواحدة لا تكون عن الاثنين وليس أحدهما بأولى من الآخر فبطلت نيته عنهما فبقيت نية أصل الاحرام فكان محرما عن نفسه فلا يستطيع ان يحوله إلى غيره من بعد وهذا بخلاف من أحرم عن أبويه كان له أن يجعله عن أيهما شاء لانه متبرع وكان ذلك أمرا بينه وبين الله تعالى فلا يتحقق الخلاف في تركه تعيين أحدهما في الابتداء بل يجعل التعيين في الانتهاء كالتعيين في الابتداء وهنا هو غير متبرع فيما صنع وهذا أمر بينه وبين العباد فبترك التعيين في
[ 158 ]
سطر 231:
[ 188 ]
الله تعالى وإذا توضأ الاخرس ولبس ثوبين وصلى ركعتين ثم نوي الاحرام بقلبه وحرك لسانه كان محرما لانه أتلى بما في وسعه وليس عليه فوق ذلك كما إذا شرع في الصلة بتحريك اللسان مع النية يصح شروعه والمرأة بمنزلة الرجل في التلبية غير أنها لا ترفع صوتها لما بينا أن صوتها فتنة وإذا لم يلب القارن والمفرد بالحج والعمرة الامرة واحدة فقد أساء ولا شئ عليه لان الشروع في الاحرام بالتلبية كما أن صحة الشروع في الصلاة بالتكبير ولو لم يأت المصلى الا بتكبيرة الافتتاح جازت صلاته وكان مسيئا فكذلك إذا لم يأت المحرم بالتلبية الا مرة واحدة جاز لانه أتى بما هو الواجب وترك المسنون فيكون مسيئا والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب باب الصيد في الحرم (قال) رضي الله عنه رجل رمى صيدا في الحل وهو في الحل فأصابه في الحرم كان عليه الجزاء لانه من جنايته وهو قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى فيما أعلم ومعنى هذا التعليل أن ذهاب السهم حتى وصل إلى الصيد كان بقوة الرامي وهو مباشر لذلك الفعل حتى يستوجب القصاص به إذا رمى إلى مسلم عمدا فقتله وانما أصابه بعد ما صار صيد الحرم فكان هو قاتلا صيد الحرم بفعله فيلزمه الجزاء وهذا بخلاف ما لو أرسل كلبه على صيد في الحل فطرد الكلب الصيد حتى قتله في الحرم حيث لا يضمن قال لان هذا ليس من جنايته ومعنى هذا ان طرف الكلب الصيد فعل أحدثه الكلب فلا يصير المرسل به جانيا على صيد الحرم وحقيقة المعنى في الفرق ان الرامى مباشر لما يصيبه سهمه وفى مباشرة الفعل لا فرق بين أن يكون متعديا وبين أن يكون غير متعد فيما يلزمه من الجزاء ألا ترى أن من رمي سهما في ملك نفسه فأصاب مالا أو نفسا كان ضامنا له فأكثر ما في الباب هنا أنه في أصل الرمى لم يكن متعديا وهذا لا يمنع وجوب الجزاء عليه عند مباشرته فأما مرسل الكلب متسبب لاتلاف ما يأخذه الكلب لا مباشر حتى لا يلزمه القصاص بحال والمتسبب إذا كان متعديا في تسببه كان ضامنا وإذا لم يكن متعديا لا يكون ضامنا كمن حفر بئرا في ملك نفسه وهنا هو غير متعد في ارسالإرسال الكلب على صيد في الحل فلهذا لا يلزمه الجزاء (قال) وان زجر الكلب بعد ما دخل في الحرم فانزجر وأخذ الصيد فعليه جزاؤه استحسانا وفى
[ 189 ]
سطر 258:
[ 197 ]
المشاورة على ميزان المفاعلة ولا يحصل ذلك الا بالنطق من الجانبين وبظاهره يستدل الشافعي على أن الثيب الصغيرة لا يزوجها أحد حتى تبلغ فتشاور ولكنا نقول هذا اللفظ يتناول ثيبا تكون من أهل المشاورة والصغيرة ليست بأهل المشاورة فلا يتناولها الحديث (قال) وبلغنا عن ابراهيمإبراهيم رحمه الله تعالى قال البكر تستأمر في نفسها فلعل بها داء لا يعلمه غيرها قيل معنى هذا لعلها رتقاء أو قرناء وذلك في باطنها لا يعلمه غيرها فإذا زوجت من غير استئمارها لا يحصل المقصود بالنكاح وينهتك سترها وقيل معناه لا تشتهي صحبة الرجال لمعنى في باطنها من غلبة الرطوبة أو نحو ذلك فإذا زوجت بغير استئمارها لا تحسن العشرة مع زوجها أو لعل قلبها مع غير هذا الذى تزوج منه فإذا زوجت بغير استئمارها لم تحسن صحبة هذا الزوج ووقعت في الفتنة لكون قبلها مع غيره وأى داء أدوى من العشق (قال) وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تنكح الامة على الحرة وتنكح الحرة على الامة وفيه دليل على أن نكاح الامة على الحرة لا يجوز وأن هذه الحرمة ثابتة شرعا رضيت الحرة أو لم ترض وهو مذهبنا وقال مالك رحمه الله تعالى إذا رضيت الحرة جاز قال لان المنع لحق الحرة لا للجمع بدليل أنه إذا تقدم نكاح الامة بقي نكاحها بعد الحرة والجمع موجود فدل أن المنع لحق الحرة وهو أنه يغصها ادخال ناقصة الحال في فراشها وذلك ينعدم برضاها ولكنا نقول المنع ليس لحقها بل لانها ليست من المحللات مضمومة إلى الحرة وهي من المحللات منفردة عن الحرة فان الحل برقها يتنصف كما يتنصف برق الرجل على ما نبينه ان شاء الله تعالى فإذا تزوجها على الحرة فهذا حال ضمها إلى الحرة وهى ليست من المحللات في هذه الحالة وهذا المعنى لا يزول برضاها فلهذا لا يجوز النكاح والكلام فيه أن هذا الحديث ناسخ لما في الكتاب أو مبين بطريق التخصيص على نحو ما بينا في الحديث الاول ثم ذكر هذا اللفظ عن على رضى الله عنه أيضا وزاد فيه وللحرة الثلثان من القسم وللامة الثلث وبه نأخذ فان القسم ينبنى على الحل الذى ينبني عليه النكاح وحظ الامة فيه على النصف من حظ الحرة وزعم بعض العلماء رحمهم الله تعالى أنه يسوى بينهما في القسم كما يسوى بينهما في النفقة للسماواة بينهما في الملك والحاجة ولكنا نقول لا يسوى بينهما في النفقة أيضا فالحرة تستحق نفقة خادمها كما تستحق نفقة نفسها والامة لا تستحق النفقة الا أن يبوئها المولى بيتا مع زوجها (قال) وبلغنا عن ابن عباس رضى
[ 198 ]
سطر 264:
[ 199 ]
وعماتكم ويدخل في ذلك أخوات الاب لاب وأم أو لاب أو لام والخامس الخالات تثبت حرمتهن بقوله تعالى وخالاتكم ويدخل في ذلك أخوات الام لاب وأم أو لاب أو لام والسادس بنات الاخ تثبت حرمتهن بقوله تعالى وبنات الاخ ويدخل في ذلك بنات الاخ لاب وأم أو لاب أو لام والسابع بنات الاخت تثبت حرمتهن بقوله تعالى وبنات الاخت ويستوى في ذلك بنات الاخت لاب وأم أو لاب أو لام وأما السبع اللاتى من جهة النسب الامهات من الرضاعة والاخوات تثبت حرمتهن بقوله تعالى وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة والحاصل أنه يثبت بالرضاع من الحرمة ما يثبت بالنسب قال صلى الله عليه وسلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب والثالث أم المرأة فان من تزوج امرأة حرمت عليه أمها ثبت بقوله تعالى وأمهات نسائكم وهذه الحرمة تثبت بنفس العقد عندنا وكان بشر المريسى وابن شجاع رحمهما الله تعالى يقولان لا تثبت الا بالدخول بالبنت وهو احدأحد قولى الشافعي رحمه الله تعالى ومذهبنا مذهب عمرو ابن عباس رضي الله عنهم واليه رجع ابن مسعود رضى الله عنه حين ناظره عمر رضى الله عنه ومذهبهم مذهب علي وزيد بن ثابت رضى الله عنهما واستدلوا بقوله تعالى وأمهات نسائكم الآية والاصل أن الشرك والاستثناء إذا تعقب كلمات منسوقة بعضها على بعض ينصرف إلى جميع ما سبق ذكره ولكنا نستدل بحديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تزوج امرأة حرمت عليه أمها دخل بها أو لم يدخل وحرمت عليه ابنتها ان دخل بها وكان ابن عباس رضى عنهما يقول أم المرأة مبهمة فابهموا ما أبهم الله بين أن الشرط المذكور ينصرف إلى الربائب دون الامهات وهذا هو الظاهر لغة فالنساء المذكورة في قوله تعالى وامهات نسائكم مخفوضة بالاضافة وفى قوله من نسائكم مخفوض بحرف من والمخفوضات بأداتين لا ينعتان بنعت واحد ألا ترى أنه لا يستقيم أن يقول مررت بزيد إلى عمرو الظريفين وهو الاصل في اللغة أن المعمول الواحد لا يكون بعاملين فلو جعلنا قوله وربائبكم عطفا لصار قوله من نسائكم مخفوضا بحرف من وبالاضافة جميعا وذلك لا يجوز فعرفنا أن قوله وربائبكم ابتداء بحرف الواو وان أمهات النساء مبهمة كما قال ابن عباس رضى الله عنهما فأما حرمة الربيبة وهى بنت المرأة لا تثبت الحرمة الا بالدخول بالام لقوله تعالى من نسائكم اللاتى دخلتم بهن ولان الربائب ليس في معنى الامهات فالظاهر من العبارة ان أم الزوجة تبرز إلى زوج بنتها قبل الدخول وأما بنت المرأة
[ 200 ]
سطر 291:
[ 208 ]
الاحكام كما تقام شبهه البعضية بسبب الرضاع مقام حقيقة البعضية في اثبات الحرمة دون سائر الاحكام ولو نظر إلى فرجها بشهوة تثبت به الحرمة عندنا استحسانا وفى القياس لا تثبت وهو قول ابن أبى ليلى والشافعي رحمهما الله تعالى لان النظر كالتفكر إذ هو غير متصل بها ألا ترى أنه لا يفسد به الصوم وان اتصل به الانزال ولان النظر لو كان موجبا للحرمة لاستوى فيه النظر إلى الفرج وغيره كالمس عن شهوة ولكنا تركنا القياس بحديث أما هانئ رضى الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نظر إلى فرج امرأة بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها وعن عمر رضى الله تعالى عنه أنه جرد جارية ثم نظر إليها ثم استوهبها منه بعض بنيه فقال أما انها لا تحل لك وفى الحديث ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها ثم النظر إلى الفرج بشهوة نوع استمتاع لان النظر إلى المحل اما الجمال المحل أو للاستمتاع وليس في ذلك الموضع جمال ليكون النظر لمعنى الجمال فعرفنا أنه نوع استمتاع كالمس بخلاف النظر إلى سائر الاعضاء ولان النظر إلى الفرج لا يحل الا في الملك بمنزلة المس عن شهوة بخلاف النظر إلى سائر الاعضاء ثم معنى الشهوة المعتبرة في المس والنظر ان تنتشر به الآلة أو يزداد انتشارها فاما مجرد الاشتهاء بالقلب غير معتبر ألا ترى ان هذا القدر يكون من الشيخ الكبير الذى لا شهوة له والنظر إلى الفرج الذى تتعلق به الحرمة هو النظر إلى الفرج الداخل دون الخارج وانما يكون ذلك إذا كانت متكثة اما إذا كانت قاعدة مستوية أو قائمة لا تثبت الحرمة بالنظر ثم حرم المصاهرة بهذه الاسباب تتعدى إلى آبائه وان علوا وأبنائه وان سفلوا من قبل الرجال والنساء جميعا وكذلك تتعدى إلى جداتها والى نوافلها لما بينا ان الاجداد والجدات بمنزلة الآباء والامهات والنوافل بمنزلة الاولاد فيما تنبني عليه الحرمة وذلك كله مروى عن ابراهيمإبراهيم النخعي رحمه الله تعالى وعلى هذا إذا جامع الرجل ام امرأته حرمة عليه امرأته نقل ذلك عن أبى بن كعب رضى الله عنه وكان المعنى فيه ان الحرمة بسبب المصاهرة مثل الحرمة بالرضاع والنسب وذلك كما يمنع ابتداء النكاح يمنع بقاء النكاح فكذلك هذا يمنع بقاء النكاح كما يمنع ابتداءه (قال) رجل له أربع نسوة فطلق واحدة منهن بعد ما دخل بها ثلاثا أو واحدة بائنة أو خلعها لم يجز له أن يتزوج أخرى ما دامت في العدة لان حرمة ما زاد على الاربع كحرمة الاختين فكما ان هناك العدة تعمل على حقيقة النكاح في المنع فكذا هنا فان قال أخبرتني ان عدتها قد انقضت فان كان ذلك
[ 209 ]
سطر 306:
[ 213 ]
كل وقت فكانت الحاجة ماسة إلى اثبات الولاية للولى في صغرها ولانه لو انتظر بلوغها لفات ذلك الكف ء ولا يوجد مثله ولما كان هذا العقد يعقد للعمر تتحقق الحاجة إلى ما هو من مقاصد هذا العقد فتجعل تلك الحاجة كالمتحققة للحال لاثبات الولاية للولى ثم في الحديث بيان ان الاب إذا زوج ابنته لا يثبت لها الخيار إذا بلغت فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخيرها ولو كان الخيار ثابتا لها لخيرها كما خير عند نزول آية التخيير حتى قال لعائشة اني أعرض عليك أمرا فلا تحدثي فيه شيئا حتى تستشيرى أبويك ثم تلا عليها قوله تعالى فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا فقالت أفى هذا أستشير أبوى أنا أختار الله تعالى ورسوله ولما لم يخيرها هنا دل انه لا خيار للصغيرة إذا بلغت وقد زوجها أبوها وذكر ذلك في الكتاب عن ابراهيمإبراهيم وشريح رحمهما الله تعالى وابن سماعة رحمه الله تعالى ذكر فيه قياسا واستحسانا قال في القياس يثبت لها الخيار لانه عقد عليها عقدا يلزمها تسليم النفس بحكم ذلك العقد بعد زوال ولاية الاب فيثبت لها الخيار كما لو زوجها أخوها ولكنا نقول تركنا القياس للحديث ولان الاب وافر الشفقة ينظر لها فوق ما ينظر لنفسه ومع وفور الشفقة هو تام الولاية فان ولايته تعم المال والنفس جميعا فلهذا لا يثبت لها الخيار في عقده وليس النكاح كالاجارة لان اجارة النفس ليست من المصالح وضعا بل هو كد وتعب وانما تثبت الولاية فيه على الصغير لحاجته إلى التأدب وتعلم الاعمال وذلك يزول بالبلوغ فلهذا أثبتنا لها الخيار قال وفي الحديث دليل فضيلة عائشة رضى الله تعالى عنها فانها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين في بدء أمرها وقد أحرزت من الفضائل ما قال صلوات الله عليه تأخذون ثلثى دينكم من عائشة وفيه دليل ان الصغيرة يجوز أن تزف إلى زوجها إذا كانت صالحة للرجال فانها زفت إليه وهى بنت تسع سنين فكانت صغيرة في الظاهر وجاء في الحديث انهم سمنوها فلما سمنت زفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) وبلغنا عن ابراهيمإبراهيم أنه كان يقول إذا أنكح الوالد الصغير أو الصغيرة فذلك جائز عليهما وكذلك سائر الاولياء وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله تعالى فقالوا يجوز لغير الاب والجد من الاولياء تزويج الصغير والصغيرة وعلى قول مالك رحمه الله تعالى ليس لاحد سوى الاب تزويج الصغير والصغيرة وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى ليس لغير الاب والجد تزويج الصغير والصغيرة فمالك يقول القياس أن لا يجوز تزويجهما الا أنا تركنا ذلك في حق الاب للآثار المروية فيه فبقى ما سواه على
[ 214 ]
سطر 324:
[ 219 ]
الثابت أيضا غير متجز وهو النكاح فيجعل كل واحد منهما كالمنفرد به لثبوت صفة الكمال في حق كل واحد منهما بكمال السبب وكونه غير محتمل للتجزي كما في ولاية الامان يثبت لكل واحد من المسلمين بهذا الطريق بخلاف الموليين فان هناك السبب هو الملك أو الولاء وذلك متجز في نفسه فلم يتكامل في حق كل واحد منهما ألا ترى ان أحد الموليين لا يرث جميع المال بالولاء وان تفرد به احدأحد الاخوين يرث جميع المال فلهذا فرقنا بينهما وان كان احدأحد الاخوين لاب وأم والآخر لاب فعندنا الاخ لاب وأم أولى بالتزويج وعلى قول زفر رحمه الله تعالى يستويان لان ولاية التزويج لقرابة الاب دون قرابة الام فان الولى انما يقوم مقام الاب لقرابته منه وقد استويا في قرابة الاب ولكنا نستدل بحديث على رضى الله تعالى عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال النكاح إلى العصبات والاخ لاب وأم في العصوبة مقدم وهو المعنى فانه يدلى بقرابتين فيترجح على من يدلى بقرابة واحدة ويثبت الترجيح بقرابة الام وان كان لا يثبت به أصل الولاية كالعصوبة والاصل في ترتيب الاولياء قوله صلى الله عليه وسلم النكاح إلى العصبات والمولى عليها لا يخلو اما أن تكون صغيرة أو كبيرة معتوهة فان كانت صغيرة فأولى الاولياء عليها أبوها ثم الجد بعد الاب قائم مقام الاب في ظاهر الرواية وذكر الكرخي رحمه الله تعالى أن هذا قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى فأما عند أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى الاخ والجد يستويان لان من أصلهما أن الاخ يزاحم الجد في العصوبة حتى يشتركا في الميراث فكذا في الولاية وعند أبى حنيفة رحمه الله تعالى الجد مقدم في العصوبة فكذلك في الولاية والاصح أن هذا قولهم جميعا لان في الولاية معنى الشفقة معتبر وشفقة الجد فوق شفقة الاخ ولهذا لا يثبت لها الخيار في عقد الجد كما لا يثبت في عقد الاب بخلاف الاخ ويثبت للجد الولاية في المال والنفس جميعا ولا يثبت للاخ وكذلك في حكم الميراث حال الجد أعلى حتى لا ينقص نصيبه عن السدس بحال فلهذا كان في حكم الولاية بمنزلة الاب لا يزاحمه الاخوة ثم بعد الاجداد من قبل الآباء وان علوا الاخ لاب وأم ثم الاخ لاب ثم ابن الاخ لاب وأم ثم ابن الاخ لاب ثم العم لاب وأم ثم العم لاب ثم ابن العم لاب وأم ثم ابن العم لاب على قياس ترتيب العصوبة فاما المجنونة إذا كان لها ابن فللابن عليها ولاية التزويج عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى ليس للابن ولاية تزويج الام الا ان يكون من عشيرتها بان كان أبوه تزوج بنت عمه وهذا بناء على أصل
[ 220 ]