الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المغني - كتاب الزكاة»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
ط تصنيف using AWB
سطر 944:
والأولى أن يتصدق من الفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- ‏:‏ ‏(‏خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول‏)‏ متفق عليه‏,‏ فإن تصدق بما ينقص عن كفاية من تلزمه مؤنته ولا كسب له أثم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- ‏:‏ ‏(‏كفى بالمرء إثما أن يضيع من يمون‏)‏ ولأن نفقة من يمونه واجبة‏,‏ والتطوع نافلة وتقديم النفل على الفرض غير جائز فإن كان الرجل وحده أو كان لمن يمون كفايتهم فأراد الصدقة بجميع ماله وكان ذا مكسب‏,‏ أو كان واثقا من نفسه يحسن التوكل والصبر على الفقر والتعفف عن المسألة‏,‏ فحسن لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- ‏(‏سئل عن أفضل الصدقة فقال‏:‏ جهد من مقل إلى فقير في السر‏)‏ وروي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال‏:‏ ‏(‏أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي‏,‏ فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئته بنصف مالي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما أبقيت لأهلك‏؟‏ قلت‏:‏ أبقيت لهم مثله‏,‏ فأتاه أبو بكر بكل ما عنده فقال له‏:‏ ما أبقيت لأهلك‏؟‏ قال‏:‏ الله ورسوله فقلت‏:‏ لا أسابقك إلى شيء بعده أبدا‏)‏ فهذا كان فضيلة في حق أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ لقوة يقينه وكمال إيمانه‏,‏ وكان أيضا تاجرا ذا مكسب فإنه قال حين ولي‏:‏ قد علم الناس أن كسبي لم يكن ليعجز عن مؤنة عيالي أو كما قال ـ رضي الله عنه ـ وإن لم يوجد في المتصدق أحد هذين كره لما روى أبو داود عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ ‏(‏كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب‏,‏ فقال يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن فقال مثل ذلك‏,‏ فأعرض عنه ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر فقال مثل ذلك‏,‏ فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثم أتاه من خلفه فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فحذفه بها فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته‏,‏ وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ‏:‏ يأتي أحدكم بما يملك ويقول‏:‏ هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى‏)‏ فقد نبه النبي - صلى الله عليه وسلم- على المعنى الذي كره من أجله الصدقة بجميع ماله وهو أن يستكف الناس‏,‏ أي يتعرض لهم للصدقة أي يأخذها ببطن كفه يقال‏:‏ تكفف واستكف إذا فعل ذلك وروى النسائي ‏(‏أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أعطى رجلا ثوبين من الصدقة ثم حث على الصدقة‏,‏ فطرح الرجل أحد ثوبيه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- ‏:‏ ألم تروا إلى هذا دخل بهيئة بذة فأعطيته ثوبين‏,‏ ثم قلت‏:‏ تصدقوا فطرح أحد ثوبيه خذ ثوبك وانتهره‏)‏ ولأن الإنسان إذا أخرج جميع ماله لا يأمن فتنة الفقر وشدة نزاع النفس إلى ما خرج منه فيندم‏,‏ فيذهب ماله ويبطل أجره ويصير كلا على الناس ويكره لمن لا صبر له على الإضافة أن ينقص نفسه من الكفاية التامة والله أعلم‏.
 
[[تصنيف:المغني]]
 
 
 
[[تصنيف:مغني ابن قدامة]]