الفرق بين المراجعتين لصفحة: «قالب:صفحة مختارة/الحالية»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
تحديث
إضافة
سطر 11:
 
فأتراخى وأتكاسل، ثم أتناوم فلا أردّ، أو أردّ ولا أقوم، حتى يملّ مني فيدعني. وتوفي أبي، وكبرت، وقرأت الكتب وجالست العلماء، وخبرت الدنيا، وجربت الأمور، فلم أجد تجربة أجدى، ولا كلمة أنفع، ولا موعظة أعظم أثراً في المعاش والمعاد، والأفراد والجماعات. من كلمة أبي تلك: (ثب وثباً) لو أن الله جلّت حكمته مدّ في أجله قليلاً حتى يعوّدني العمل بها، والسير عليها، ولم تخترمه المنية وأنا صغير لم أتمرس بعد بحرب الشيطان ولم أستكمل العدة لدفع أذاه، ورد كيده عني، فلبثت في نضال معه إلى اليوم، أغلبه حيناً، ويغلبني، لعنة الله عليه، في أكثر الأحيان.
 
تدوّي هذه الكلمة في أذني كل صباح، فأسمع منها صوت أبي يقول لي: (قم إلى الصلاة؛ فالصلاة خير من النوم، وبكّر فالبركة في البكور) فيقول الشيطان: (الوقت فسيح، والنوم لذيذ، والفراش دافئ، والجو بارد) ولا أزال بين داعي الواجب وداعي اللذة، أفكر في متعة الصلاة وثواب الآخرة، فأتحفز للقيام وأتصور مشقة الوضوء، وبرد الماء، فانقلب من جنب إلى جنب. ولا تزال نفسي بينهما كنوّاس الساعة، تتردّد بين: (قم) و (نم) حتى تطلع الشمس ويفوّت الشيطان عليّ الصلاة، ويضيّق عليّ الوقت، فآكل طعامي لقمة بالطول ولقمة بالعرض، ولقمة تعترض في صدري فأغصُّ بها، وألبس ثيابي جورباً على الوجه وجورباً على القفا، وعقدة مائلة وقميصاً أعوج، وأنسى من عجلتي بعض أوراقي، وأهرول في الطريق، فأسيء هضمي، وأتعب معدتي، وأضحك الناس عليّ. ثم إني ما كسبت من هذا الإبطاء نوماً، ولا ازددت راحة، ولو 0وثبت) من أول لحظة لكان في ذلك رضا ربي بأداء الصلاة، وصحة جسمي بحسن الأكل وإجادة المضغ، وإكمال عملي بإعداد أوراقه على أناة، وحفظ منزلتي بين الناس بالسير على مهل.
</big>