الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العقد الفريد/الجزء الثاني/1»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط تصنيف وقالب
 
سطر 1:
===باب جامع الآداب===
===أدب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم===
قال أبو عُمر أحمد ببن محمد‏محمد: أوّل ما نَبدأ أدبُ النبي {{صل}} ثم أَدبه {{صل}} لأمّته ثم الحكماء والعُلماء وقد أدّبَ الله نَبِيّه بأحسن الآداب كًلها فقال له‏له: " وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا "‏‏.
 
فنهاه عن التَقتِير كما نهاه عن التَّبذير وأمره بتوسّط الحاليْن كما قال عزّ وجلّ‏وجلّ: " وَالَّذِينَ إذَا أنْفَقُوا لم يسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وكانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاما " وقد جَمع الله " تبارك و " تعالى لنبيِّه {{صل}} جوامعَ الكَلِم في كتابه المُحْكَكم ونَظِم له مَكارم الأخلاق كلّها في ثلاث كلمات منه فقال‏فقال: " خُذِ العفو وَأَمًرْ بالعرفِ وأعْرِضْ عَنِ الجاهِلِينَ "‏‏.
 
ففي أَخذِه اللعفو صِلة مَن قَطَعه والصَّفحُ عمَّن ظَلَمه وفي الأمر بالمعروف تَقْوَى الله وغَض الطِّرفِ عن المحارم وصَوْن اللسان عن الكَذِب وفي الإعراض عن الجاهِلين تنزيه النَّفْس عن مماراة السَّفيه ومنازعة اللَجُوجِ‏اللَجُوجِ.
 
ثم أمره تبارك وتعالى فيماِ أدَّبه باللِّين في عَريكته والرِّفق بأًمّته فقال‏فقال: " واخفضْ جَناحَك لمن اتَّبَعَكَ مِنَ المؤْمِنِين "‏‏.
 
وقال‏وقال: " ولَوْ كُنْتَ فَظّا غليظَ الْقَلْب لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ "‏‏.
 
وقال تبارك وتعالى‏وتعالى: " لا تَسْتَوي الحَسَنَةُ وَلا السِّيِّئَةُ اْدْفَعْ بالَّتي هِيَ أحْسَنُ فَإِذَا الَذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كأنَّهُ وَليٌّ حَمِيم‏حَمِيم.
 
وَمَا يُلَقَاهَا إلا الذِينَ صَبروا وَمَا يُلَقَاهَا إلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيم "‏‏.
 
فلما وَعى عن الله عزَّ وجلَّ وكَمُلت فيه هذه الآداب قال اللهّ تبارك وِتعالى‏وِتعالى: " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ الله لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ "‏‏.
 
===باب أدب النبي لأمته صلى الله عليه وسلم===
 
لأمته قال النبي {{صل}} فيما أدّب به أمته وحَضها عليه من مَكارم الأخْلاق وجَمِيل المعاشرة وإصلاح ذاتِ البَينْ وصِلَة الأرحام‏الأرحام: أوْصاني ربيِّ بتِسْع " وأنا " أوصيكم بها‏بها: أوصاني بالإخلاص في السر والعَلانية والعَدْل في الرِّضا والغَضب والقَصْد في الغِنَى والفَقْر وأن أعْفُو عمن ظَلَمني وأعْطي مَن حَرَمني وأصِل مَن قَطعني وأن يكون صَمتي فِكْراً ونُطْقي ذِكْراً ونَظَري عبَرا‏عبَرا.
 
وقد قال {{صل}}: لا تقْعدوا على ظُهور الطُّرق فإن أَبَيْتم فغُضُوا الأبصار وأفشُوا السلام واهدوا الضالَّ وأعينوا الضعِيف‏الضعِيف.
 
وقال {{صل}}: أَوْكُوا السِّقاء واكْفَئُوإ الإناء وأَغْلِقوا الأبواب وأطفِئوا المِصْباح فإن الشيطان لا يَفْتح غَلَقا ولا يحل وِكاءً ولا يَكْشف الإناء‏الإناء.
 
وقال {{صل}}: ألا أنَبئكم بشرّ الناس قالوا‏قالوا: بلى يا رسولَ اللهّ قال‏قال: من أكل وَحْدَه ومَنَع رِفْده وجَلَد عبدَه‏عبدَه.
 
ثم قال‏قال: ألا أُنبئكم بشِرّ من ذلك قالوا‏قالوا.
 
بلى يا رسول الله قال‏قال: " من لا يُقيل عزة ولا يقبل مَعْذرة ثم قال أَلاَ أنبئكم بشرّ من ذلك قالوا بلى يا رسول الله {{صل}} " قال‏قال: مَن يُبغض الناسَ ويُبْغِضونه‏ويُبْغِضونه.
 
وقال‏وقال: حَصِّنوا أموالَكم بالزّكاة وداوُوا مَرْضاكم بالصدَقة واستَقْبِلوا البَلاء بالدُّعاء وقال‏وقال: ما قَلّ وكَفي خير مما كثر وألْهى‏وألْهى.
 
وقال المسْلِمون تَتكافأ دِماؤُهم ويَسْعَى بذمَّتهم أدْناهم وهُمْ يَدٌ على مَن سواهم‏سواهم.
 
وقال‏وقال: اليَدُ العُلْيا خيرٌ من اليد السُّفْلي‏السُّفْلي.
 
" وقال "‏‏: وابْدَأ بمن تَعول‏تَعول.
 
وقال‏وقال: لا تَجْن يَمينُك على شِمالك ولا يًلدغ المُؤمن من جحر مرتين‏مرتين.
 
وقال‏وقال: اْفصِلُوا بين حَدِيثكم بالاستغفار واسْتَعينوا على قضاء حَوائجكم بالكِتمان‏بالكِتمان.
 
وقال‏وقال: أَفضل الأصحاب من إذا ذَكَرْت أعانك وإذا نَسيت ذَكرَّك‏ذَكرَّك.
 
وقال‏وقال: لا يُؤَم ذو سُلْطان في سُلْطانه ولا يُجْلس على تَكْرِمته إلا بإِذنه‏بإِذنه.
 
وقال {{صل}}: يقول ابن آدم مالي مالي وإنما له من ماله ما أَكل فأفْنى أو لَبِسَ فأبلَى أو وهب فأمْضى‏فأمْضى.
 
وقال‏وقال: سَتَحْرصون على الإمارة فنِعمت المُرْضعة وبئست الفاطمة‏الفاطمة.
 
وقال‏وقال: لا يَحْكمِ الحاكم بين اثنين وهو غَضْبان‏غَضْبان.
 
وقال‏وقال: لو تَكاشفتم ما تَدافَنْتم وما هَلَك امرؤ عَرف قَدْره‏قَدْره.
 
وقال‏وقال: الناس كإبل مائةٍ لا تَكاد تَجد فيها راحلةً واحدة والناس كلّهم سواء كأسنان المُشْط‏المُشْط.
 
وقال‏وقال: رَحِم الله عبداً قال خيراً فَغَنِم أو سَكَت فَسَلِم‏فَسَلِم.
 
وقال‏وقال: خَيْر المال سِكَة مَأْبورة ومُهْرة مَأْمورة وخير المال عَينٌ ساهرة لِعَين نائمة‏نائمة.
 
وقال في إناث الخيل‏الخيل: بُطونها كَنْز وظُهورها حِرْز‏حِرْز.
 
وقال‏وقال: ما أملق تاجرٌ صدُوق وما أقفر بيتٌ فيه خَلّ‏خَلّ.
 
وقال‏وقال: قَيّدوا العِلم بالكتابة‏بالكتابة.
 
وقال‏وقال: عَلق سَوْطك حيثُ يراه أهلُك‏أهلُك.
 
===باب في آداب الحكماء والعلماء===
 
فضيلة الأدب أوصى بعضُ الحكماء بنيه فقال‏فقال: الأدب أكرم الجواهر طبيعةً وأنْفسها قيمةً يَرْفع الأحساب الوَضيعة ويُفيد الرَّغائب الجليله ويُعِز بلا عشيرة ويُكثر الأنصار بغَيْر رزيَّة فالبسوه حُلّة وتَزَينُوه حِلْية يُؤْنسكم في الوَحشة ويجمع لكم القُلوب المختلفة‏المختلفة.
 
ومن كلام علّي عليه السلام‏السلام: فيما يُروى عنه أنه قال‏قال: مَن حَلم ساد ومن ساد استفاد ومن استَحيا حُرم ومن هاب خاب ومَن طلب الرّآسة صَبر على السياسة ومَن أبصر عَيْب نفسه عَمِيَ عن عَيب غيره ومَن سلَّ سيف البَغْي قُتل به ومن احتقر لأخيه بئراً وقَع فيها ومَن نَسى زَلَّته استعظم زلّة غيره ومن هَتَك حِجاب غيره اْنهتكت عورات بَيته ومن كابر في الأمور عَطِب ومن اقتحم اللُّجج غَرِق ومن أعجب برأْيه ضَلَّ ومن استغنى بعَقله زلَ ومن تَجَبَّر على الناس ذَلَّ ومن تَعمَّق في العَمَل مَلَّ ومَن صاحَب الأنذال حُقِّر ومن جالس العلماء وُقَر ومن دَخل مَداخل السًوء اتُّهم ومَن حَسَنُ خُلقه سَهُلَت له طُرُقه ومن حَسَّنَ كلامَه كانت الْهَيْبة أمامَه ومَن خَشي الله فاز ومَن استقاد الجَهْل تَرك طَرِيق العَدْل ومَن عرف أجَله قَصًر أمله ثم أنشأ يقول‏يقول: البَسْ أخاك على عُيوبه واسْتُر وغَطِّ على ذُنوبه واصبر على بَهْتِ السَّفِيهِ وللزَّمان على خُطوبه ودَع الجوابَ تفضلاً وكِل الظلومَ إلى حَسِيبه وقال شَبِيب بن شَيبة‏شَيبة: اطلُبوا الأدب فإنّه مادًة للعَقْل ودليل على المُروءة وصاحب في الغُربة ومُؤنس في الوَحشة وحِلْية في المَجْلِس " ويجمع لكم القلوب المختلفة "‏‏.
 
وقال عبدُ الملك بن مَروان لبَنِيه‏لبَنِيه: عليكم بطلب الأدب فإنكم إن احتجتم إليه كان لكم مالاً وإن اسْتَغنيتم عنه كان لكمٍ جمالاً‏جمالاً.
 
وقال بعضُ الحكماء‏الحكماء: اعلم أن جاهاً بالمال إنما يَصْحبك ما صَحِبَكَ المال وجاهاً بالأدب غيرُ زائل عنك‏عنك.
 
وقال ابن المقفَّع‏المقفَّع: إذا أكرمك الناسُ لمالٍ أو لسُلطانٍ فلا يُعْجِبك ذلك فإنّ الكرامة تزُول بزوالهما ولكن ليُعْجبك إذا أكرموك لدِين أو أدب‏أدب.
 
وقال الأحْنَف بن قَيس‏قَيس: رأسُ الأدب المَنْطِق ولا خَيْر في قوْل إلاِّ بِفِعْل ولا في مال إلا بجُود ولا وقال مَصقلة الزُّبيريّ‏الزُّبيريّ: لا يَستغني الأديب عن ثلاثة واثنن فأما الثلاثة‏الثلاثة: فالبلاغة والفصاحة وحُسن العِبارة وأما الاثنان فالعِلْم بالأثر والحِفْظ للخَبر‏للخَبر.
 
وقالوا‏وقالوا: الحَسَب مُحتاجِ إلى الأدب والمعرفة محتاجة إلى التَّجربة‏التَّجربة.
 
وقال بُزُرْجَمْهِر‏بُزُرْجَمْهِر: ما ورَّث الآباءُ الابناءُ شيئاً خيراً من الأدب لأنّ بالأدب يَكْسِبون المال وبالجهل يُتْلفونه وقال الفُضَيل بن عِياضِ‏عِياضِ: رأسُ الأدب مَعْرِفة الرجل قَدْره‏قَدْره.
 
وقالوا‏وقالوا: حُسْن الخُلق خيْر قَرِين والأدب خير ميراث والتَوفيق خير قَائد‏قَائد.
 
وقال سُفيان الثَّوريّ‏الثَّوريّ: مَن عَرَف نفسَه لم يَضِرْه ما قال الناس فيه‏فيه.
 
وقال أنو شِرْوان للموبذ وهو العالم " بالفارسيّة "‏‏: ما كان أفضلُ الأشياء قال‏قال: الطبيعة النقيّة تَكْتفي من الأدب بالرائحة ومن العِلْم بالإشارة وكلما يَموت البَذْر في السِّباخ كذلك تموت الحِكْمة بمَوْت الطبيعة قال له‏له: صدقت ونحن لهذا قَلّدناك ما قلّدناك‏قلّدناك.
 
وقيل لارْدَشِير‏لارْدَشِير: الأدبُ أغلبُ أم الطَّبيعة فقال‏فقال: الأدب زِيادة في العَقل ومَنْبهة للرأيٍ ومِكْسبة للصواب والطَّبيعة أملك لأن بها الاعتقاد ونَماء الغِراسة وتَمام الغِذاء‏الغِذاء.
 
وقيل لبعض الحُكماء‏الحُكماء: أي أعون للعقل بعد الطٌبيعة المَولودة قال‏قال: أدب مُكْتسب‏مُكْتسب.
 
وقالوا‏وقالوا: الأدب أدَبان‏أدَبان: أدبُ الغَريزة وهو الأصل وأدب الرِّواية وهو الفرع ولا يتفرَّع شيء إلا عن أصله ولا يَنْمى الأصل إلا باتصال المادة‏المادة.
 
وقال الشاعر‏الشاعر: " ولم أرَ فَرْعًا طال إلا بأصْله ولم أرَ بَدْء العِلْم إلا تعلُّما وقال حَبيب "‏‏: وما السيفُ إلا زُبْرَةٌ لو تركتَه على الحالة الأولى لما كان يَقْطعُ وقال آخر‏آخر: ما وَهب اللهّ لامرىء هِبةً أفضلَ من عَقْله ومن أَدبهْ هُما حياةُ الفَتى فإن فًقِدَا فإنّ فَقْد الحَياة أحسنُ به وقال ابن عبّاس‏عبّاس: كَفَاك من عِلْم الدِّين أن تَعْرف مالا يَسعك جهلُه وكفاكَ من عِلْم الأدب أن تَرْوي الشاهد والمثاللَ‏والمثاللَ.
 
قال ابن قُتيبة‏قُتيبة: إِذا أردتَ أن تكون " عالماً فاطلب فَنّا واحداً وإذ أردتَ أن " تكون أديباً فتفنَّن في العلوم‏العلوم.
 
وقالت الحُكماء‏الحُكماء: إذا كان الرجل طاهرَ الأثواب كثيرَ الآداب حسنَ المذْهب تأدَّب بأدبه رأيتُ صلاحَ الَمرْء يِصلح أهلَه ويُفسدهم ربُّ الفَساد إذا فَسَدْ يُعظَّم في الدنيا لِفَضل صَلاحه وحْفَظ بعد الموت في الأهْل والوَلد وسُئل ديُوجانِس‏ديُوجانِس: أي الخِصال أحمدُ عاقبة قال‏قال: الإيمانُ بالله عزّ وجلّ وبرّ الوالدين ومحبّة العُلماء وقبولُ الأدب‏الأدب.
 
رُوي عن رسول الله {{صل}} أنه قال‏قال: مَن لا أدب له لا عقل له‏له.
 
وقالوا‏وقالوا: الأدب يَزيدُ العاقلَ فضلاً ونَباهة ويُفيده رقّة وظَرفاً‏وظَرفاً.
 
في رقة الأدب قال أبو بكر بن أبي شَيْبة‏شَيْبة: قيل للعبّاس بن عبد المطّلب‏المطّلب: أنت أكبرُ أم رسول الله {{صل}} قال‏قال: هو أكبر منّي وأنا أسنّ منه‏منه.
 
وقيل لأبي وائل‏وائل: أيكما أكبر أنتَ أم الرَّبيع بن خُثَيم قال‏قال: أنا أكبر منه سنًا وهو أكبر منّي عقلاً‏عقلاً.
 
وقال أبان بنُ عثمان لطُويس المغنّى‏المغنّى: أنا أكبر أم أنت قال‏قال: جُعلتُ فداك لقد شَهِدْتُ زفاف أمك المُباركة " على أبيك الطيّب‏الطيّب.
 
انظر إلى حِذْقه ورقّة أدبه كيف لم يَقُل أمك الطيبة إلى أبيك المبارك "‏‏.
 
وقيل لعُمر بن ذَرّ‏ذَرّ: كيف برّ ابنك بك قال‏قال: ما مَشَيت نهاراً قطُّ إلا مشى خَلْفي ولا ليلاً إلا مَشى أمامي ولا رَقى عِلّية وأنا تحته‏تحته.
 
ومن حديث عائشة قالت‏قالت: ما رأيت رسول الله {{صل}} يُبجل أحداً تبجيلَه لعمّه العباس‏العباس.
 
وكان عمر وعثمان إذا لَقِيا العباس نَزلا إعظاماً له إذا كانا راكبَين‏راكبَين.
 
الرياشيّ عن الأصمعيّ قال‏قال: قال هارون الرشيد لعبد الملك بن صالح‏صالح: هذا منزلُك وقد تقدم هذا الخبر في الخبر الذي فيه مخاطبة الملوك وكذلك قول الحجَّاج للشعبيّ‏للشعبيّ: كم عَطاؤك ومن قولنا في رقة الأدب‏الأدب: أَدبٌ كمثْل الماء لو أفرغتَه يوما لسال كما يَسيلُ الماءُ أحمد بن بّي طاهر قال‏قال: قلتُ لعليّ بن يحيى ما رأيتُ أكملَ أدبا منك قال‏قال: كيف لو رأيتَ إسحاق بن إبراهيم فقلتُ ذلك لإسحاق بن إبراهيم قال‏قال: كيف لو رأيتَ إبراهيم بن المهديّ فقلتُ ذلك لإبراهيم فقال‏فقال: كيف لو رأيت جعفر بن يحيى وقال عبدُ العزيز بِن عُمر بن عبد العزيز‏العزيز: قال لي رَجاءُ بن حَيْوة‏حَيْوة: ما رأيتُ أكرمَ أدباً ولا أكرم عِشْرَةً من أبيك سَمَرتُ عنده ليلة فبينا نحن كذلك إذ عَشى المصباحُ ونام الغلام فقلتُ‏فقلتُ: يا أمير المؤمنين قد عَشى المصباح ونام الغلام فلو أذنتَ لي أصلحتُه فقال‏فقال: إنه ليس من مروءة الرجل أن يَسْتخدم ضيفَه ثم حطّ رداءه عن مَنْكِبيه وقام إلى الدَبَّة فصبَّ من الزيت في المصباح وأشْخص الفَتيلة ثم رَجع " وأخذ رداءه وقال‏وقال: قمت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر‏عمر.
 
العتبي عن أبيه قال‏قال: صوَت رجل عند عمر بن الخطاب في المسجد فلما كانت الصلاة قال عمر‏عمر: عَزَمتُ على صاحب الصوت إلا قم فتوضّأ " فلم يَقُم أحدٌ‏أحدٌ.
 
فقال جريرُ بن عبد اللهّ‏اللهّ: يا أميرَ المؤمنين اعزم علينا كلِّنا أن نَقوم فنتوضأ قال‏قال: صدقتَ ولا عَلِمتُك إلا سيّدا في الجاهليّة فقيها في الإسلام قُوموا فتوضئوا‏فتوضئوا.
 
الرياشي عن الأصمعي قال‏قال: حدَّثني عُثمان الشحَّام قال‏قال: قلتُ للحسن‏للحسن: يا أبا سعيد قال‏قال: لَبَّيك قلت‏قلت: أتقول لي لَبّيك قال‏قال: إني أقولها لخادمي‏لخادمي.
 
وقال الشاعر‏الشاعر: يا حبذا حين تُمسى الريحُ باردةً وادي أًشيٍَ وفِتْيانٌ به هُضمُ مُخدَمون كِرامٌ في مجالسهم وفي الرّحال إذا جَربتَهم خَدم وما أصاحب من قوم فأذْكُرهم إلا يَزيدُهم حُبّا إليَ هُم وقالت الحُكماء‏الحُكماء: رأسُ الأدب كلِّه حُسنُ الفَهم والتفهّم والإِصغاء للمتكلّم‏للمتكلّم.
 
وذكر الشّعبي قوماً فقال‏فقال: ما رأيتُ مثلَهم أسدَّ تَنَاوباَ في مَجلس ولا أحسن فهما من مُحدِّث‏مُحدِّث.
 
وقال الشعبي فيما يَصِف به عبدَ الملك بن مروان‏مروان: والله ما علمتُه إلا آخذاً بثلاث تاركاً لثلاث آخذاً بحُسن الحدِيث إذا حدث وبُحسن الاستماع إذا حُدِّث وبأيسر المؤونة إذا خُولف تاركاً لمجاوبة اللئيم ومماراة السَّفيه ومُنازعة اللجُوج‏اللجُوج.
 
وقال بعض الحُكماء لابنه‏لابنه: يا بُني تعلِّم حُسن الاستماع كما تتعلّم حُسن الحديث وليعلم الناسُ أنك أحرصُ على أن تَسمع منك على أن تقول فاحذرْ أن تُسرع في القَوْل فيما تُحِبّ عنه الرجوع بالفِعْل حتى يعلم الناسُ أنك على فِعْل ما لم تَقُل منك إلى قَوْل ما لم تَفْعل‏تَفْعل.
 
وقالوا‏وقالوا: من حُسن الأدب أن لا تُغالب أحداً على كلامه وإذا سُئِل غيرُك فلا تُجب عنه وإذا حَدًث بحديث فلا تُنازعه إياه ولا تَقْتحم عليه فيه ولا تُره أنك تعَلمه وإذا كلّمت صاحبك فأخذتْه حُجّتك فحسِّن مخرج ذلك عليه ولا تُظهر الظَّفر به وتَعلَم حُسنَ الاستماع كما تعلم حُسنَ الكلام‏الكلام.
 
وقال الحسنُ البَصريّ‏البَصريّ: حَدِّثوا الناسَ ما أقبلوا عليكم بوجُوههم‏بوجُوههم.
 
وقال أبو عبًاد " الكاتب "‏‏: إذا أنكر المُتكلِّم عين السامع فَلْيسأله عن مَقاطع حديثه والسبَب الذي أُجري ذلك له فإن وَجده يقف على الحقّ أتم له الحديث وإلاّ قطعه عنه وحَرمه مُؤانسته وعَرّفه ما في سُوء الاستماع من الفُسُولة والحِرْمان للفائدة‏للفائدة.
 
الأدب في المجالسة ومن حديث أبي بكر بن أبي شَيبة‏شَيبة: أن النبي {{صل}} قال‏قال: لا يَقم الرجلُ " للرجل " عن مجلسه ولكن ليُوسع له‏له.
 
وكان عبد الله بن عمر إِذا قام له الرجلُ عن مجلسه لم يجلس فيه وقال‏وقال: لا يقم أحد لأحد عن مجلسه ولكن افْسَحوا يَفسح الله لكم‏لكم.
 
أبو أمامة قال‏قال: خرج إلينا النبي {{صل}} فقمنا إليه فقال‏فقال: لا تقوموا كما يقوم العجم لعُظمائها‏لعُظمائها.
 
فما قام إليه أحد منّا بعد ذلك‏ذلك.
 
ومن حديث ابن عمر‏عمر: أن النبي {{صل}} قال‏قال: إن خرجتُ عليكم وأنتم جُلوس فلا يقومنَّ أحدٌ منكم في وجهي وإن قمت فكما أنتم وإن جلست فكما أنتم فإنّ ذلك خلق من أخلاق المشركين‏المشركين.
 
وقال {{صل}}: الرّجل أحقُّ بصَدْر دابتَّه وصدْر مجلسه وصَدْر فراشه ومن قام من مجلسه وَرَجع إليه فهو أحقّ به‏به.
 
وقال {{صل}}: إذا جلس إليك أحدٌ فلا تَقم حتى تستأذنه وجَلس رجلٌ إلى الحسن بن عليّ عليهما الرِّضوانُ فقال له‏له: إنك جلستَ إلينا ونحن نريد القيام أفتأذَنُ وقال سعيدُ بنُ العاص‏العاص: ما مددتُ رجْلي قَطًّ بين يَدي جليسي ولا قمتُ " عن مجلسي " حتى يقوم‏يقوم.
 
وقال إبراهيمُ النِّخَعيّ‏النِّخَعيّ: إذا دخل أحدُكمِ بيتاً فَلْيَجْلس حيثُ أجلسه أهلُه‏أهلُه.
 
وطَرح أبو قِلابة لِرَجُل جَلَس إليه وسادةً فرَدَّها فقال‏فقال: أَمَا سَمِعْتَ الحديثَ لا تَردَّ على أخيك كرامَته وقال عليّ بن أبي طالب رضوانُ الله عليه‏عليه: لا يأبى الكرامةَ إلا حِمار‏حِمار.
 
وقال سَعِيد بن العاص‏العاص: لجليسي عَلَيَّ ثلاثٌ‏ثلاثٌ: إذا دنَا رَحَّبْتُ به وإذا جَلَس وَسَّعتُ له وإذا حَدًث أقبلْت عليه‏عليه.
 
وقال‏وقال: إني لأكره أن يمرّ الذُّباب بجليسي مخافةَ أن يُؤذِيه‏يُؤذِيه.
 
الهيثم بن عديّ " عن عامر الشَّعبي " قال‏قال: دَخل الأحنفُ بنُ قيس على مُعاوية فأشار إليه إلى وِسادةِ فلم يَجلس عليها فقال له‏له: ما مَنعك يا أَحْنف أن تَجلِس على الوسادة فقال‏فقال: يا أمير المُؤمنين إنَّ فيما أَوصى به قَيسُ بن عاصم ولدَه أن قال‏قال: لا تَسْع للسُّلطان حتى يَمَلَّك ولا تَقْطعه حتى يَنْساك ولا تَجْلِس له على فراش ولا وِسادة واجعل‏واجعل! بَينك وبينه مَجْلسَ رجل أو وقال الحسن‏الحسن: " مُجالسةُ الرجل من غير أن يُسأل عن اسمه واسم أبيه مُجالسة النوكى‏النوكى.
 
ولذلك قال شَبيب بن شَيْبة لأبي جعفر ولَقِيه في الطّواف وهو لا يَعرفه فأَعجبه حسن هَيْئته وسَمته‏وسَمته: أصلحك الله إنِّي أحب المعرفةَ وأجلَّك عن المسألة فقال‏فقال: أنا فُلان بنُ فلان‏فلان.
 
قال زياد‏زياد: ما أتيت مجلساً قطّ إلا تركتُ منه ما لو جلستُ فيه لكان لي وتَرْك ما لي أحبُ من أخذ ما ليس لي‏لي.
 
وقال‏وقال: إيّاكَ وصدور المجالس وإن صَدَّرك صاحبُها فإنها مجالس قُلَعة‏قُلَعة.
 
وقال " الشعبي "‏‏: لأن أدعي مِن بُعْد إلى قُرْب أحبُّ إليَّ من أقصى من قُرْب إلى بعد‏بعد.
 
وذكروا أنه كان يوماً أبو السَّمراء عند عبد الله بن طاهر وعنده إسحاقُ ابن إبراهيم فاستدعى عبد الله إِسحاقَ فَناجاه بشيء وطالت النَجوى بينهما‏بينهما.
 
قال‏قال: فاعترَتْني حَيْرَةٌ فيما بين القُعود على ما هما عليه والقيام حتى انقطع ما بينهما وتنَحّى إسحاق إلى مَوْقفه ونظر عبد الله إلي " يا أبا السمراء " إذا النَجيان سرًا عنك أمرهَما فانزحْ بِسَمْعك تَجْهلْ ما يَقُولانِ ولا تُحَملهما ثِقْلاً لخوفهما على تَناجِيهما بالمجلس الدَّاني فما رأيتُ أكرَم منه ولا أرفق أدباً ترك مُطالبتي في هَفْوتي بحق الأمراء وأدَبني أدبَ النُظراء‏النُظراء.
 
وقال النبي {{صل}}: إنما أحدُكم مرآة أخيه فإذا رأى عليه أَذىَ فليمطه عنه وإذا أخذ أحدُكم على أخيه شيئاً فليقل‏فليقل: لا بك السُّوء وصَرَف اللهّ عنك السُّوء‏السُّوء.
 
وقالوا‏وقالوا: إذا اجتمعت حُرْمتان أسقطت الكبرى الصُّغرى‏الصُّغرى: وقال المُهلَب بن أبي صفرة‏صفرة: العيْش كلّه في الجَليس المُمْتع‏المُمْتع.
 
{{العقد الفريد/الجزء الثاني}}