__لافهرس__
المغبون في تجارته - منه قولهمقولهم: صَفْقة لم يَشْهدها حاطبحاطب.
وأصله أنّ بعض أهل حاطب باع بَيْعَة غُبن فيهافيها.
ومنه قولهمقولهم: أعطاه الَّلفَاءَ غير الوفاءالوفاء.
سرعة الملامة - منهمنه: ليس من العَدْل سرعة العَذْلالعَذْل.
ومنه رُبَّ مَلُوم لا ذنبَ لهله.
وقولهموقولهم: الشَعيرُ يُؤكل ويُذمّويُذمّ.
وقولُ العامةالعامة: أكلاً وذمًّاوذمًّا.
وقولُ الحجاجالحجاج: قُبِّح والله منا الحسن الكريم يهتضمه اللئيم - لو ذاتُ سِوَار لَطَمَتْنيلَطَمَتْني.
ومنهومنه: ذًلّ لو أَجِد ناصراًناصراً.
الانتصار من الظالم - هذه بتلك والبادي أَظْلمأَظْلم.
ومنهومنه: مَنْ لم يَذُد عن حوضه يهدَّميهدَّم.
الظلم ترجع عاقبته على صاحبه - قالواقالوا: مَن حفر مُغوّاة وَقع فيهافيها.
والمغوّاةوالمغوّاة: البئر تُحْفَر للذِّئاب ويُجعل فيها جَدْيٌ فيسقط الذئبُ فيها لِيَصِيدَه فَيُصادفَيُصاد.
ومنهومنه: يَعْدو على كل آمرىء ما يَأْتمريَأْتمر.
ومنهومنه: عاد الرَّمْي على النَزَعَةالنَزَعَة.
وهم الرّماة يَرْجع عليهم رَمْيهُمرَمْيهُم.
وتقول العامةالعامة: كالباحِث عن مُدْيةمُدْية.
ومنه قولهمقولهم: رُمي بحَجَره وقُتِلَ بسلاحهبسلاحه.
المضطر إلى القتال - مُكْرَه أخوك لا بطلبطل.
قد يَحْمِلُ العير من ذعر على الأسد المأخوذ بذنب غيره - جانِيكَ مَن يَجْني عليكعليك.
ومنهومنه: ": كَذِي العُرّ يُكْوي غَيرُه وهو راتِع ومنهومنه: كالثوْر يُضْرب لما عَافَت البَقَر يعني عافت الماءالماء.
وقال أنَس بن مُدْركمُدْرك: يعني ثَور الماء وهو الطحلُبُ يقاليقال: ثار الطّحلب ثَوْراً وثَوَراناوثَوَرانا.
ومنه قولهمقولهم: كلُّ شاةٍ بِرِجْلها تُناطتُناط.
يُريديُريد: لا يُؤْخذ رجلٌ بغير ذَنْبهذَنْبه.
المتبرىء من الشيء - ما هو من ليلي ولا سَمَرِهسَمَرِه.
ما هو من بَزِّي ولا مِن عِطْريعِطْري.
مالي فيه ناقة ولا جَمَلجَمَل.
ومنه قولهمَقولهمَ: بَرِئْت منه إلى اللهالله.
ومنةومنة: لستُ منكَ ولستَ منّيمنّي.
وما أنا من دَدٍ ولا دَدٌ منيمني.
سوء معاشرة الناس - قالواقالوا: الناس شَجرة بَغْىبَغْى.
لا سَبِيل إلى السّلامة من أَلْسنة العامةالعامة.
وقولهموقولهم: رِضىَ الناس غايةٌ لا تدركتدرك.
ومنه الحديثُ المرفوعالمرفوع: النّاس كإِبلٍ مائةٍ لا تكاد تَجد فيها راحِلة " واحدة ".
ومنه قولهمقولهم: الناس يُعيِّرون ولا يَغْفرون والله يغَفر ولا يُعيِّريُعيِّر.
وقال مالكُ بن ديناردينار: مَن عرف نفسَه لمِ يَضِرْه قولُ الناس فيهفيه.
وقول أبي الدَّرداءالدَّرداء: إنْ قارضْتَ الناسَ قارضُوك إنْ تركتهم لم يَزكوكيَزكوك.
الجبان وما يذم من أخلاقه - منه قولهمقولهم: إنّ الجبانَ حَتْفه من فَوْقهفَوْقه.
وهو من قول عمرو بن أمامةأمامة: لقد وَجدتُ الموتَ قبلَ ذَوْقه إنّ الجَبان حَتْفه من فَوْقه قال أبو عُبيدعُبيد: أحسبه أراد " أن " حَذَره وتَوقَيه ليس بدافع عنه المَنيّةالمَنيّة.
" قال أبو عمرِ ": وهذا غَلط من أبي عُبيد عندي والمَعنى فيه أنه وَصف نفسَه بالجُبن وأنه وَجد الموت قبل أن يَذُوقه وهذا من الْجُبن ثم قالقال: إنّ الجبان حتفُه من فوقه يريد أنه نظر إلى منيّته كأنما تحوم على رأسه كما قال الله تبارك وتعالى في المنافقين " إذ وصفهم بالجبن ": " يَحْسَبون كل صَيْحَةٍ عليهم همُ العَدُوّ ".
وكما قال جرير للأخطل يُعيّره " إيقاعِ قَيْس بهم ": حَملتْ عليك رجالُ قَيْسٍ خَيْلَهَا شعْثاً عوابسَ تَحْمِلُ الأبطالا مازِلْتَ تَحْسِب كل شيء بعدَهم خيلاً تكر عليكمُ ورجالا ولو كان الأمر كما ذهب إليه أبو عُبيد ما كان معناه يَدخل في هذا الباب لأنه باب الجبان وما يُذَم من أخلاقه وليس أخذ الحَذَر من الجبن في شيء لأن أخْذ الحَذَر محمود وقد أمر الله تعالى به فقالفقال: " خُذوا حِذْرَكم " والجبن مَذْموم من كل وجهوجه.
ومنه الشعر تمثل به سعد بن مُعاذ يوم الخنْدقالخنْدق: لَبِّث قليلا يُدْرِك الهيْجا حَمَل ما أحسنَ الموتَ إذا حان الأجَلْ ومنه قولُهمقولُهم: كلّ أزَبّ نَفور وإنما يقال في الأزبّ من الإبل لكثرة شره ويكون ذلك في عَيْنيه فكلّما رآه ظن أنه شَخْص " يطلبه " فَيَنْفِر من أجلهأجله.
ومنه قولُهمقولُهم: بَصْبَصْنَ إذ حُدِين بالأذْناببالأذْناب.
ومنه قولُهمقولُهم: وقولُهموقولُهم: حال الجَريض دونَ القَرِيضالقَرِيض.
وهذا المثل لعَبِيد بن الأبرص قاله للنعمان بن المنذر بن ماء السماء حين أراد قتْلَه فقال لهله: أنْشِدني شِعْرَكشِعْرَك: أقفر من أهْله مَلْحُوب فقال عَبِيدعَبِيد: حال الْجَرِيضُ دون القَرِيضالقَرِيض.
ومنهومنه: قَفّ شَعَره واقشعرت ذُؤابتُهذُؤابتُه.
" معناهمعناه: قام شعره " من الفَزَعالفَزَع.
إفلات الجبان بعد اشفائه - منه قولُهمقولُهم: أفلت وانْحص الذَّنَب ومنهومنه: أفْلَت وله حُصَاصحُصَاص.
وُيروى في الحديثالحديث: إن الشّيطان إذا سَمع الأذَان أدْبر وله حُصَاصحُصَاص.
ومنهومنه: أفلتنى جُرَيعَة الذَّقن إذا كان منه قرِيباً كقُرب الجَرْعة من الذَقن ثم أفلتهأفلته.
ومنه قول العامةالعامة: إن يُفلت العَيْرُ فقد ذرَقذرَق.
وقولُهموقولُهم: أفلتني وقد بَلَ النيْفق الذي تُسَمِّيه العامة النِّيفَق الجبان يتهدد غيره - منه قولُهمقولُهم: جاء فلان يَنفَض مِذرَوَيه أي يتوعّد ويتهدّدويتهدّد.
والمِذْرَوَانوالمِذْرَوَان: فَرْعا الأليَتينالأليَتين.
ولا يكاد يُقال هذا إلا لمن يتهدّد بلا حقيقةحقيقة.
ومنهومنه: أبْرق لمن لا يَعْرفكيَعْرفك.
واقْصِد بذَرْعكبذَرْعك.
ولا تبْق إلا على نفسكنفسك.
تصرف الدهر - منهمنه: مَن يَجْتمع تَتقَعْقَع عُمُدُهعُمُدُه: أي إن الاجتماع داعية الافتراقالافتراق.
ومنهومنه: كل ذات بَعْل ستَئِيمستَئِيم.
ومنه البيت السائرالسائر: ومنهومنه: لم يَفُتْ مَن لم يَمُتيَمُت.
الاستدلال بالنظر على الضمير - منه قولُهمقولُهم: شاهد البُغْض اللَّحْظاللَّحْظ.
وجَلًى محبٌّ نَظَرَهنَظَرَه.
قال زُهَيرزُهَير: فإنْ تَكُ في صَديقٍ أو عدوّ تخبِّرْك العيونُ عن القًلوب وقال ابن أبي حازمحازم: خذ من العَيش ما كَفي ومِنَ الدهرِ ما صَفَا عَين من لا يُحبّ وَصَ لَك تُبْدِي لك الجَفا نفي المال عن الرجل - منه قولهمقولهم: ما له سَعْنَة ولا مَعْنةمَعْنة.
معناهمعناه: لا شيء لهله.
ومنهومنه: ما له هِلِّع ولا هِلَّعة وهما الجَدْي والعَنَاقوالعَنَاق.
ومنهومنه: ما له هارب ولا قاربقارب.
معناهمعناه: ليس أحد يَهرُب منه ولا أحدٌ يقرب إليه فليس له شيءشيء.
وقولهموقولهم: ما له عافِطة ولا نافِطة وهما الضَّائنة والمَاعِزةوالمَاعِزة.
وما به نَبَض ولا حَبَضحَبَض.
قال الأصمعيّالأصمعيّ: النَبَضالنَبَض: التحرّك ولا أعرف الحَبَضالحَبَض.
وقال غيرُهغيرُه: النبَض والحَبَض في الوتر فالنَّبَضفالنَّبَض: تحرُّك الوَتر والحَبَضوالحَبَض: صوتهصوته.
وقالوقال: والنيْلُ يَهْوِي نَبَضاً وحَبَضاً ومنه قولهمقولهم: ما له سَبَد ولا لَبَد هما الشعر والصوفوالصوف.
ولم يَعْرف الأصمعي السَّعْنة والمَعْنةوالمَعْنة.
إذا لم يكن في الدار أحد - منه قولهمقولهم: ما بالدار شَفْر ولا بها دُعْوِيٌّ ولا بها دًبّيدًبّي.
معناهمعناه: ما بها من يدعو من يَدِبيَدِب.
وما بها من عَريب ولا بها دُورِيّ ولا طُوِريّ وما بها وابِر وما بها صافِر وما بها ديار وما بها نافخ ضَرَمة وما بها أرمأرم.
معنى هذا كلهكله: ما بها أَحدأَحد.
ولا يقال منها شيء في الإثبات والإيجاب وإنما يَقولونها في النَّفي والجَحْدوالجَحْد.
اللقاء وأوقاته - منهمنه: لَقِيت فلاناً أولَ عَين يعني أولَ شيءشيء.
وقال أبو زيدزيد: لقيتُه أولَ عائنة ولقيتُه أوّلَ وَهْلة ولقيته أولَ ذات يَدَيْنِ ولقيته أولَ صَوْك وأولَ بَوْكبَوْك.
فإن لقيته فجأة من غير أن تُريده قلتَقلتَ: لَقِيته نِقَاباَ ولَقِيتُه التقاطاً إذا لَقِيتَه من غير طَلَبطَلَب.
وقال الراجزالراجز: ومَنْهل وردته التقاطاً وإن لقيته مُواجهة قلتقلت: لَقيتُه صِفاحاً ولقيتُه كِفاحاً ولقيتُه كَفَةَ كَفةَكَفةَ.
قال أبو زَيدزَيد: فإنْ عَرض لك من غير أن تذكُرَهُ قلتقلت: رُفعِ لي رفعاً وأشِبّ لي إشباباًإشباباً.
فإن لقيتَه وليس بينك وبينه أحدٌ قلتَقلتَ: لقيتُه صَحْرة بَحْرَة وهي غيرُ مُجْراةمُجْراة.
فإن لقيتَه في مكان قَفْر لا أنيسَ به قلتَقلتَ: لقيته بوحش إصْمتَ غير مُجْرى أيضاً ولقيته بين سَمع الأرْض وبصرَهاوبصرَها.
فإنْ لقيتَه قبل الفجر قلتَقلتَ: لقيتُه قبل " كل " صيْحٍ وَنَفْروَنَفْر.
النفر: التفرق.
النفر: التفرق.
وإن لقيتَه بالهاجرة قلتقلت: لقيته صَكًةَ عُمَىّ " وصَكَة أعْمى ".
قالقال: رؤبة يصف الفلاة إذ لمعت بالسراب في الهاجرةالهاجرة: فإن لقيتَه في اليومين والثلاثة قلتقلت: لقيتُه في الفَرَط ولا يكون الفَرَط في أكثر من خمس عشرة ليلةليلة.
فإن لقيتَه بعد شهر ونحوه قلتقلت: لقيته من عُفْرعُفْر.
فإن لقيتَه بعد الحول ونحوه قلتقلت: لقيته عن هَجْرهَجْر.
فإن لقيتَه بعد أعوام قلتقلت: لقيته ذات العُريمالعُريم.
فإن لقيته في الزمان قلتقلت: لقيته ذات الزُمينالزُمين.
والغِبّ في الزيارةالزيارة: هو الإبطاء فيهافيها.
والاعتمار في الزيارةالزيارة: هو التردد فيهافيها.
في ترك الزيارة - منه قولُهمقولُهم: لا آتيك ما حنَّت النِّيبُ وما أطَّت الإبل وما اختلفت الدّرَة والجِرّة وما اختلف المَلَوَان وما اختلف الجديدانالجديدان.
ولا آتيك الشمس والقمرَ وأبدَ الأبد ويقالويقال: أبد الآبدين ودهْر الداهرين وحتى يرجع السهمُ إلى فُوقه وحتى يَرْجع اللبنُ في الضّرعالضّرع.
ولا آتيك سِنّ الحِسْلالحِسْل.
تفسيره: النَيب.
تفسيره: النَيب.
جمع ناب وهي المُسنّة من الإبلالإبل.
والدَرةوالدَرة: الحَلْبة من اللبناللبن.
والجرّةوالجرّة: من اجترار البعيرالبعير.
والملوان والجديدانوالجديدان: الليل والنهاروالنهار.
والحِسْلوالحِسْل: هو ولد الضبّالضبّ.
يقوليقول: حتى تَسْقط أسنانه ولا تسقط أبداً حتى يموتيموت.
استجهال الرجل ونفي العلمِ " عنه " - منه قولهمقولهم: ما يعرف الحوَّ من اللوِّاللوِّ.
وما يعرف الحيّ من الليّ ولا هَرِيراً من غرير ولا قَبيلاَ من دَبيردَبير.
وما يعرف أيَّ طَرَفَيْه أطرل وأكبروأكبر.
وما " يعرف هِرّاً من بِرّبِرّ.
أي ما " يعرف من يَهِرُّه ممن يَبَرّهيَبَرّه.
والقَبيلوالقَبيل: ما أقبلتَ به من فَتل الحَبْلالحَبْل.
والدَّبيروالدَّبير: ما أدبرت " به " منهمنه.
وأيّ طرفيه أطولأطول: أنسَبُ أبيه أم نسب أمّهأمّه.
===أمثال مستعملة في الشعر===
- قال الأصمعيالأصمعي: لم أجد في شعر شاعر بيتاً أوّله مَثلٌ وآخرُه مَثل إلا ثلاثة أبيات منها بَيْتٌ للحطيئةللحطيئة: مَن يفعل الخيرَ لا يَعْدَم جَوَازِيَه لا يذهبُ العُرْف بين الله والناس وبيتان لأمرئ القيسالقيس: وأفلتهنَّ عَلبَاءٌ جَريضاً ولو أدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطَابُ وقاهم جَدُّهم ببني أبيهم وبالأَشْقَين ما كان العِقَابُ ومثلُ هذا كثير في القديم والحديث ولا أدري كيف أغفل القديمَ منه الأصمعيُّالأصمعيُّ.
فمنه قولُ طرفةطرفة: ستُبْدي لك الأيامُ ما كنتَ جاهلاً وَيأتيكَ بالأخبار من لم تُزَوِّدِ وفي هذا مثلان من أشرف الأمثالالأمثال.
ويقال إنَ رسول الله {{صل}} سَمع هذا البيت فقالفقال: إنَّ معناه من كلام النبوَة ومن ذلك قولُ الآخرالآخر: ما كلفَ الله نفساً فوق طاقتها ولا تجود يدٌ إلا بما تَجِدُ " ففي الصَّدْر مَثَل وفي العجز مَثَل ".
ومن ذلك قولُ الحَسن بن هانئهانئ: أيها المُنتاب عن عُقُره لستَ من لَيْلي ولا سَمَرِه إِنَّ العربَ تقولتقول: انتاب فلان عن عقُره أي تباعد عن أصلهأصله.
لستَ من ليلي ولا سمره مثلٌ ثانٍثانٍ.
وليس في البيت الثاني إلا مثلٌ واحدواحد.
ومن قولنا في بيتٍ أوله مثلٌ وآخره مثلمثل: وقد صَرَح الأعداء بالبَينْ وأشرَقَ الصُّبْحُ لذي العَيْن وبعده أبيات في كل بيتٍ منها مَثلَ وذلكوذلك: وعادَ مَنْ أهوَاه بعد القِلاَ شَقيقَ رُوحٍ بين جِسْمَيْن وأصبَحَ الدَّاخل في بَيْننا كساقِطٍ بين فِرَاشين قد ألبِسَ البِغْضَة ذا وذا لا يَصْلُحُ الغِمْدُ لسَيْفَينْ ما بالُ من ليست له حاجةٌ يكون أنفْاً بذهن عَينين ومن قولنا الذي هو أمثالٌ سائرةسائرة: قالوا شبابك قد ولٌى فقلتُ لهمٍ هل من جديدٍ على كر الجديديْنِ صِلْ من هوية وإن أبدى معاتبة فأطيب العيش وصلٌ بين إلفين واقطع حبائل خل لا تلائمه فربِّما ضاقت الدنيا على اثنينَ وقلت بعد هذا في المدحالمدح: فكّرْتُ فيك أَبَحْرٌ أنت أم قَمَرٌ فقد تَحَيَّر فِكْرِي بين هذَيْنِ أو قلتُ بدراً رأيتُ البدرَ مُنْتَقَصاً فقلت شتّان ما بين البُدَيْرَيْن ومن الأمثال التي لم تأت إلاّ في الشعر أو في قليل من الكلامالكلام: من ذلك قول الشاعرالشاعر: تَرجو النجاةَ ولم تَسْلُك مَسالكهَا إنَّ السفينةَ لا تَجْري عَلَى اليَبَس " وقال آخرآخر: متى تَنْقَضي حاجاتُ من ليس صابراً على حاجةٍ حتى تكون له أخرَى قيل ولما بلغَ حاتماً قول المُتَلَمِّسالمُتَلَمِّس: وأَعلمُ عِلمَ صدقٍ غير َظنٍّ لَتَقْوَى الله مِنْ خيْر العَتَادِ وحِفْظ المال أَيْسرُ من بُغَاه وسَيْر في البلاد بغير زاد وإصلاح القَليل يَزيدُ فيه ولا يَبْقَى الكثير مع الفساد قالقال: قَطَعَ الله لسانَهلسانَه! يحمِل الناس على البُخْل ألا قالقال: لا الجودُ يًفْني المالَ قبلَ فَنَائه ولا البًخْلُ في مال الشَحِيح يزيدُ فلا تَلْتَمِسْ مالاً بعيْش مُقَتِّرٍ لكلِّ غَدٍ رزقٌ يعود جديد وقال غيرُهغيرُه: إذا كنتُ لا أعفُو عن الذَّنب من أخٍ وقلتُوقلتُ: أُكافيه فأينَ التَّفاضُلُ ولكنني أغْضي الجُفون على القَذَى وأصفَحُ عما رابني وأجَامِل متى ما يَر ِبْني مِفْصَل فقَطَعْتُه بَقيتُ ومالي للنُهُوض مفاصِل ولكنْ أداويه فإن صَحَّ سرني وإنْ هو أعياَ كان فيه التًّحاملُ وقالوقال: يُديفُون لي سًمّاً وأسْقِيهمُ الحَيَا ويَقْرُونَني شَرّاً وشَري مُؤَخَّرُ كأنِّي سَلبْتُ القومَ نُورَ عُيونهم فلا العُذرُ مقبول ولا الذَّنب يُغْفَر وقد كان إحساني لهم غيرَ مَرّة ولكنّ إحسان البَغِيض مُكَفَّر ولغيرهولغيره: لم يبق من طلب الغنى إلا التعرض للحتوف فلاقبلن وإن رأي ت الموت يلمع في الصفوف إني امرؤٌ لم أوت من أدب ولا حظٍ سخيف لكنه قدرٌ يزو ل من القوي إلى الضعيف
=== كتاب الزمردة في المواعظ والزهد ===
قال أحمدُ بن محمّد بن عبد ربهربه: قد مضى قولُنا في الأمثال وما تَفَنَنَّوا فيه على كلِّ لسان ومع كلِّ زمان ونحن نبدأ بعوْن اللهّ وتوفيقه بالقَوْل في الزُهد ورجاله المشهورين به ونذكر المُنْتَحَلَ من كلامهم والمواعظَ التي وَعظت بها الأنبياء واْسْتَخْلصها الآباءُ للأبناء وجَرَت بين الحكماءِ والأدباء ومَقاماتِ العُبَّاد بين أيدي الخلفاءالخلفاء.
فأبلغ المواعظ كلِّها كلام الله تعالى الأعزّ الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يدَيْه ولا من خَلْفه تنزيلٌ من حكيم حَميدحَميد.
قال اللهّ تبارك وتعالىوتعالى: " ادْعُ إلى سَبِيل رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَة الْحَسَنَة " إلى آخر السورةالسورة.
وقال جلّ ثناؤهثناؤه: " كيْفَ تَكْفُرًونَ بالله وَكُنْتُم أَمْواتَاَ فَأَحْيَاكُمْ ثَم يُميتُكُمْ ثَمَّ يُحْيِيكُمْ ثَمّ إلَيْه تُرْجَعُون " وقال " أَوَلَمْ يَرَ الِإنْسَان أَنّا خَلقْنَاهُ مِنْ نُطْفةٍ فَإذَا هُوَ خصِيمٌ مبِين " إلى قولهقوله: " عَلِيم ".
فهذه أبلغُ الحُجَج وَأَحْكم المواعظالمواعظ.
ثم مواعظُ الأنبياء صلواتُ الله عليهم ثم مواعظُ الآباء للأبناء ثمّ مواعظُ الحُكماء والأدباء ثم مَقامات العُبّاد بي أيدي الخُلفاءالخُلفاء.
ثم قولهم في الزُّهد ورجاله المعروفين ثم المَشْهورين من المنتَسِبين إليهإليه.
والموعظةُ ثقيلةٌ على السمع مُحَرِّجة على النفس بعيدة من القَبول لاعتراضها الشًهوة ومُضَادَّتها الهوى الذي هو ربيع القَلْب ومَرَاد الرُّوح ومَرْبَع اللًهو ومَسْرَح الأماني إلا لَنْ تَرْجِعَ الأنْفًسُ عن غَيها حتى يُرى منها لها واعظ وقالت الحكماءالحكماء: السًعِيد مَن وعِظ بغيره لاَ يَعْنُون مَن وَعظه غيرُه ولكنْ مَن رأى العِبر في غيره فاتِّعظ بها في نفسهنفسه.
ولذلك كان يقول الحَسَنالحَسَن: آقْدَعُوا هذه النفوس فإنها طُلَعة وحادثوها بالذِّكر فإنها سريعة الدُثور واعْصُوها فإنها إن أُطِيعت نَزَعَتْ إلى شَرَّ غايةغاية.
وكان يقول عند انقضاء مجلسه وختْم مَوْعظتهمَوْعظته: يا لها من موْعظة لو صادفت من القلوب حياةًحياةً.
وكان ابن السماك يقول إذا فَرَغ من كلامهكلامه: أَلْسُنٌ تَصف وقلوب تعرف وأعمال تُخالَفتُخالَف.
وقال يونُس بن عُبَيدعُبَيد: لو أُمِرْنا بالجزَع لَصَبرنالَصَبرنا.
يريد ثِقَل الموعظة على السْمع وجُنوحَ النفس إلى مُخالفتهامُخالفتها.
ومنه قولهمقولهم: أَحَبُّ شيء إلى الإنسان ما مُنِعَا وقولهموقولهم: والشيءُ يُرْغَبُ فيه حين يَمْتِنعُ والموعظةُ مانعةٌ لك مما تَشْتهي حاملٌة لك على ما تَكْرَه إلا أن تلْقَاها بِسَمْع قد فَتقَتْه العِبْرة وقلبٍ قدَحَتْ فيهِ الفِكْرَة ونفس لها من عِلْمها زاجر ومن عقلها رادع فيُفْتَح لك بابُ التوبة ويُوَضَحُ لك سبيلُ الإنابةالإنابة: قال النبي {{صل}}: حُفَّت الجنّة بالمكاره وخُفَت النار بالشَهواتبالشَهوات.
يريد أنَ الطريقَ إلى الجنة احتمالُ المكاره في الدنيا والطريقَ إلى النار ركوب وخيرُ الموعظة ما كانت من قائل مخلص إلى سامعِ مُنْصِفمُنْصِف.
وقال بعضهمبعضهم: الكلِمة إذا خَرَجَتْ من القلب وقعَتْ في القلب وإذا خرَجَتْ من اللِّسَان لم تُجَاوز الآذانالآذان.
وقالواوقالوا: ما أَحْسَن التاجَالتاجَ! وهو على رأس المَلِك أَحْسَنُ وما أَحسن الدُّرَّالدُّرَّ! وهو على نَحر الفتاة أحسن وما أحسنَ الموعظةَالموعظةَ! وهي من الفاضل التَّقِيّ أحسنُ وقال زيادزياد: أيها الناسُ لا يَمْنَعكم سوء ما تعلمون منّا أن تَنتَفعوا بأحْسَن ما تسمعون منّا قال الشاعرالشاعر: اعْمَل بقوْلي وَإنْ قَصَّرْتُ في عَمَلي يَنْفَعْكَ قَوْلِي ولا يضْرًرْكَ تَقْصِيري وقال عبدُ الله بن عبّاسعبّاس.
ما انتفعَتُ بكلام أحدٍ بعدَ رسول الله {{صل}} ما انتفعتُ بكلامٍ كتبَه إليّ علي بن أبي طالب رضي الله عنهعنه.
كَتب إليّإليّ: أمّا بعد فإن المرءَ يَسره إدراكًُ ما لم يَكُن ليَفوتَه ويسوءُه فَوْتُ ما لم يكن لِيُدْرِكه فَلْيَكن سرورُك بما نِلْتَ من أمر آخرِتك ولْيَكن أسفُك على ما فاتَك منهامنها.
وما نِلْتَ من أمرِ دُنياك فلا تكن به فَرِحاً وما فاتك منها فلا تَأْسَ عليه جَزَعا وليكن هَمُّك ما بعد الموتالموت.
ووقَفَ حكيم بباب بعض المُلوك فَحُجب فتلطّف برُقْعة أَوْصَلَها إليهإليه.
وكتب فيها هذا البيتالبيت: أَلم تَرَ أَنَّ الفَقْرَ يُرجى له الغِنَى وأَنَ الغِني يُخشى عليه من الفقرِ فلمّا قرأ البيتَ لم يلبث أن انتعل وجَعل لاطئةً على رأسه وخرج في ثوْب فِضَالفِضَال: فقال لهله: واللهّ ما اتّعظتُ بشيء بعد القرآن اتعاظي ببَيْتك هذا ثمّ قضى حوائجهحوائجه.
=== مواعظ الأنبياء عليهم السلام ===
قال أبو بكر أبي شْبَة يرفعه إلى النبي {{صل}} قالقال: يكفي أحدَكم من الدنيا قدرُ زادِ الرَّاكبالرَّاكب.
وقال {{صل}}: ابن آدم اغْتنم خَمْساً قبل خمسخمس: شبابَك قبل هَرمك وصِحَّتك قبل سَقَمك وغِناك قبل فَقْرك وفَراغك قبل شُغْلك وحياتَك قبل مَوْتكمَوْتك.
عبد الله بن سلاًم قالقال: لما قَدِم علينا رسول الله {{صل}} المدينة أتيتُه فلمّا رأيتُ وجهه عَلمْتُ أنّه ليس بوجِه كذّاب فسمعتُه يقوليقول: أيها الناسُ أطعِموا الطعامَ وأَفْشوا السلامَ وصلُوا والناسُ نيامنيام.
وقال عيسى بنُ مرْيِمِ عليه السلامالسلام: أَلا أُخْبِركم بخيركم مُجالسةً قالواقالوا: بلى يا رُوح الله قالقال: مَن تُذكركم باللهّ رؤيتُه ويَزيد في عَمَلكم مِنْطِقُه ويَشُوقكم إلى الجنة عملُهعملُه.
وقال عيسى بن مريم عليهما السلام للحواريينللحواريين: ويلكم يا عَبيد الدُّنياالدُّنيا! كيف تُخالف فروعُكم أصولَكم وأهواؤكم عقولَكم قولُكم شِفاءٌ يبرئ الداء وَفِعْلكُم داء لا يقبلُ الدواء لستُم كالكَرْمَة التي حَسُنَ وَرَقها وطابَ ثَمَرُها وَسَهُل مُرْتَقاها ولكنكم كالسَّمُرهَ التي قَلّ وَرَقُها وكثر شَوْكها وصَعُب مُرْتقاهامُرْتقاها.
ويلكم يا عَبيدَ الدنياالدنيا! جعلتم العملَ تحت أقدامكم من شاءَ أخذَه وجعلتم الدنيا فوق رؤوسكم لا يمكن تناوًلها فلا أنتم عبيدٌ نُصحاء ولا أحرارٌ كِرامكِرام.
ويلكم يا أُجَرَاءَ السَّوْءالسَّوْء! الأجْر تأخذون والعملَ تفْسِدون سوف تَلْقَوْن ما تحذَرون إذا نظر ربُّ العمل في عَمَلِه الذيٍ أفسدتُم وأجرِه الذي أخذتُمأخذتُم.
وقال عليه السلام للحواريينللحواريين: اتخذوا المساجِدَ بُيُوتاً والبيوتَ منازلَ وكُلُوا بَقْل البرّيّة واشربوا الماءَ القَرَاح وانجُوا من الدنيا سالمينسالمين.
وقال عليه السلام للحواريّيِنللحواريّيِن: لا تنظُروا في أعمال الناس كأنكم أَرْباب وَانظروا في أعمالكم كأنكم عَبيد فإنما الناسُ رجلانرجلان: مُبْتَلًى ومُعافي فارحموا أهلَ البلاء واحمدَوا الله عَلَى العافيةالعافية.
وقال عليه السلامُ لهم أيضاًأيضاً: عجَباً لكم تَعْملُون لِلدُّنيا وأنتم تُرزقون فيها بلا عَمل ولا تَعملون للآخرة وأنتم لا تُرْزَقون فيها إلا بعملبعمل.
وقال يحيى بن زكريا عليه السلام للمُكَذِّبين من بني إسرائيلإسرائيل: يا نَسْلَ الأفاعي من دلَكم على الدخول في مَساخط الله المُوبقة لكم ويلكمويلكم! تَقرًبوا بِعَمَل صالح ولا تَغُرَّنَّكم قرابتكم من إبراهيم " عليه السلام " فإن الله قادر على أن يَسْتخرج من هذه الجنادِل نَسْلاً لإبراهيملإبراهيم.
إن الفأس قد وُضِعَتْ في أصول الشجر فأَخْلِق بكلِّ شَجَرَة مُرَّة الطَّعم أن تًقْطع وتُلقى في النارالنار.
وقال شَعْيَاء لبنىِ إسرائيل إذ أنطق الله لسانه بالوَحيبالوَحي: إن الدابّة تَزْداد على كثرة الرِّياضة لِيناً وقُلوبَكم لا تَزداد على كثرة المَوْعظة إلاّ قَسْوة إنّ الجَسد إذا صلَح كفاه القليلُ من الطَّعام وإنِّ القَلْب إذا صَحَّ كَفاه القليلُ من الحِكْمةالحِكْمة.
كم من سِرَاج قد أَطْفَأَتْه الرِّيح وكم من عابدٍ قد أفسده العُجْبالعُجْب.
يا بني إسرائيل اسمعوا قولي فإنّ قائلَ الحِكمة وسامعَها شريكان وأَوْلاهما بها مَن حقَّقها بعملهبعمله.
وقال المسيحُ عليه السلامالسلام: إنَ أَوْليَاء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يَحْزنون الذين نَظَروا إلى باطن الدُّنيا إذ نَظر الناسُ إلى ظاهرها وإلى اجلها إذ نَظروا إلى عاجلها فأماتُوا منها ما خَشُوا أن يُمِيتهم وتركوا ما علموا أن سَيَترْكهم هم أعداء لما سالم الناسُ وسَلْم لما عادى الناسُ لهم خبرٌ وعندهم الخبر العجيب بهم نَطَق الكِتابُ وبه نَطقوا وبهم عُلِم الهُدى وبه عُلِمُوا لا يَرَوْنَ أماناً دون ما يَرْجون ولا خَوْفاً دون ما يَحْذَرُونيَحْذَرُون.
وَهْب بن مُنَبِّهمُنَبِّه: قال " قال " داودُ عليه السلامالسلام: يا رب ابن آدم ليس منه شَعَرة إلا وتحتها لك نِعْمة وفوقها لك نِعْمة فمَن أيْن يُكافئُك بما أعطيتَه فأوْحى الله إليهإليه: يا داود إني أًعطي الكثير وأَرْضى من عبادي بالقليل وأَرْضى من شُكْر نِعْمتي بأن يعلم العبدُ أن ما به من نِعْمة فمن عندي لا من عِنْد نفسهنفسه.
ولمّا أمر الله عزً وجلَّ إبراهيم عليه السلامُ أن يَذبح ولده ويجعلَه قُرْباناً أَسرَّ بذلك إلى خليل لهُ يقال له العازر وكان له صديقاً فقال له الصديقالصديق: إن الله لا يَبْتلى بمثل هذا مِثْلَك ولكنه يريد أن يختَبِرك أو يَخْتبر بك وقد علمتَ أنه لا يبتليك بمثل هذا لِيَفْتنك ولا ليُضلك ولا ليُعْنتك ولا ليَنْقُصَ به بصيرَتك وإيمانَك ويَقينك فلا يَرُوعَنّك هذا ولا يَسُوأَنَ بالله ظنك وإنما رَفع الله اسمك في البلاء عنده على جميع أهل البلايا حتى كنت أعظمَهم مِحْنة في نفسك ووَلدك لِيَرْفعك بقَدر ذلك في المنازل والدرجات والفَضَائل فليس لأهل الصبر في فضيلة الصَبر إلا فضلُ صبْرك وليس لأهل الثواب في فضيلة الثواب إلا فضلُ ثوابك وليس هذا من وُجوه البلاء الذي يَبْتلي الله به أولياءه لأنّ الله أكرمُ في نفسه وأعدل في حكمه وأَرْحم بعباده من أن يجعل ذبح الولد الطيب بيد الوالد النبي المُصْطفي وأنا أعوذ بالله أن يكون هذا منّي حتْماً على الله أو ردَّاً لأمره أو سُخطاً لِحُكمه ولكنْ هذا الرَّجاء فيه والظنُّ به فإن عَزَم ربُّك على ذلك فكُنْ عند أَحْسَن علمه بك فإني أعلمُ أٍنه لم يُعرِّضك لهذا البلاء الجَسيم والخَطْب العظيم إلا لحُسْن عِلْمه بك وصِدْقك وتَصَبرك ليجعلك إماماً ولا حَوْل ولا قوّة إلاّ باللهّ العليّ العظيمالعظيم.
من وحي الله تعالى إلى أنبيائه أَوْحى الله عزّ وجلّ إلى نبيّ من أنبيائهأنبيائه: إنّي أنا اللهّ مالكُ المُلوك قلوبُ المُلوك بيديِ فمَن أطاعني جعلتُ الملوكَ عليهم رحمةً ومَن عَصاني جعلتُ الملوك عليهم نِقْمةَنِقْمةَ.
ومما أنزل اللَهُ على المسيح " عليه السلام " في الإنجيلالإنجيل: شَوَقناكم فلم تشتاقوا ونُحْنا لكم فلم تبكواتبكوا.
يا صاحبَ الخمسين ما قدَمْتَ وما أَخّرْت ويا صاحبَ السِّتين قد دنا حَصادُك ويا صاحبَ السَبْعين هلمّ إلى الحِسابالحِساب.
وفي بعض الكُتب القديمة المنزّلةالمنزّلة: يقول الله عزّ وجل يومَ القيامةالقيامة: يا عِبادي طالما ظَمِئتم وتقلَّصت في الدنيا شِفاهُكم وغارت أعينكم عطَشاً وجُوعاً فكُلُوا واشربوا هَنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخاليةالخالية.
وأوحْى الله تعالى إلى نبيّ من أنبيائهأنبيائه: هَبْ لي من قلْبك الخُشوع ومن نَفْسك الخضوع ومن عَينيْك الدموع وسَلْني فأنا القريب المجيبالمجيب.
وفي بعض الكتبالكتب: عَبْدي كم أتحبّب إليك بالنِّعم وتَتبغَّض إلي بالمَعاصيبالمَعاصي! خَيْري إليك نازل وشرُّك إليّ صاعدصاعد.
وأوْحى الله إلى نَبيّ من أنبيائهأنبيائه: إن أردتَ أن تَسكن غداً حظيرةَ القُدْس فكُنْ في الدنيا فريداً وحيداً طريداً مهموماً حزيناً كالطير الوُحْدانيّ يَظَلّ بأرض الفَلاة ويَرِدُ ماء العيون ويأكل من أطراف الشجر فإذا جَنَّ عليه الليلُ أَوَى وحدَه استيحاشاَ من الطير واستئناساً بربهبربه.
ومما أوحى الله إلى موسى في التوراةالتوراة: يا موسى بن عمران يا صاحبَ جبل لُبْنان أنت عَبْدي وأنا الملك الديّان لا تستذلَّ الفقيرَ ولا تَغْبِط الغَنيّ " بشيء يسير " وكُن عند ذكْرى خاشعاً وعند تلاوة وَحْيي طائعاً أسْمِعني لذاذةَ التوراة بصوت حزينحزين.
وقال وَهْبُ بن مُنَبِّهمُنَبِّه: أوحي اللهّ إلى موسى عند الشجرةالشجرة: لا تُعْجبك زينةُ فِرْعون ولا ما مًتِّع به ولا تَمُدَّنْ إلى ذلك عينَك فإنها زهرة الحياة الدنيا وزينةُ المترَفين ولو شئتُ أن أُوتيك زينة يَعْلِم فرْعون حين ينظر إليها أنّ مقْدِرَتَه تعجِزُ عنها فعلتُ ولكني أرغبتُك عن ذلك وأَزْوَيْته عنك فكذلك أفعل بأوليائي إني لأذودهم عن نعيمها ولذاذتها كما يذًود الراعي الشفيقُ غَنَمه عن مراتع الهَلَكة وإني لأحمِيهم عيشَها وسَلْوَتها كما يَحْمِي الراعي ذَوْده عن مَبَارك العُرّالعُرّ.
وذُكر عن وَهْب بن مُنَبّهمُنَبّه: أنّ يوسف لما لَبِثَ في السجن بِضْع سنين أرسل اللهّ جبريلِ إليه بالبِشارة بخروجه فقالفقال: أما تَعْرِفُني أيها الصدِّيق قال يوسفيوسف: أرى صورةَ طاهرة ورُوحاً طيِّباً لا يُشبِه أرواح الخاطئين قال جِبْريلُجِبْريلُ: أنا الرُّوح الأمين رسولُ ربّ العالمين قال يوسفيوسف: فما أَدْخلك مَداخل المُذْنبين وأنت سيِّد المُرسلين ورأسُ المُقَرَّبين قالقال: ألم تَعلم أيها الصِّدَيق أن الله يُطَهَر البيوت بطُهْر النبيين وأن البُقعة التي تكون فيها هي أطهرُ الأرَضين وأَنّ الله قد طهَر بك السجن وما حوله يا بن الطّاهرين قال يوسفيوسف: كيف تُشَبهني بالصالحين وتسميني بأسماء الصادقين وتَعُدُني مع آبائي المُخلصين وأنا أسير بين هؤلاء المجرمين قال جبريلجبريل: لم يَكْلَم قلبك الجَزْع ولم يغير خلقك البَلاء ولم يَتعاظَمْكَ السجن ولم تَطَأْ فراشَ سيّدك ولم يُنْسك بلاء الدُّنيا الاخرة ولم يُنْسك بلاء نفسك أباك ولا أبوك ربك وهذا الزَّمان الذي يَفُك الله فيه عُنُقك وَبعتِق فيه رَقَبتك ويبين للناس فيه حِكْمَتَك ويُصَدِّق رؤياك ويُنْصفك ممن ظَلمك ويجمع لك أَحِبَّتك ويهَب لك مُلْك مصر تملك ملوكها وتُعَبِّد جبابرتها وتُصَغر عظماءها وُيذِلُّ لك أَعِزَتها ويُخْدِمُك سُوقَها ويُخَوَلك خَوَلَها ويرحم بك مساكينَها ويُلْقي لك المودّة والهيْبة في قلوبهم ويجعل لك اليد العُليا عليهِم والأثَر الصالح فيهم ويُرى فرعونَ حُلْماً يفزَعُ منه حتى يسهرَ ليلَه ويُذْهبَ نوْمَه ويُعَمَي عليه تفسيرَه وعلى السَّحَرة والكهنة ويُعَلِّمك تأويلَهتأويلَه.
{{العقد الفريد/الجزء الثاني}}
|