===الأدب في المماشاة===
وَجه هِشامُ بن عبد الملك ابنه على الصَّائفة ووجَّه معه ابن أخيه وأوصى كلَّ واحد منهما بصاحبه فلما قَدِما عليه قال لابن أخيهأخيه: كيف رأيتَ ابن عمّك فقالفقال: إن شئت أجملت وإن شئت فسّرْتُ قالقال: بل أجمل قالقال: عرضتْ بيننا جادة فتركها كلُّ واحد منَّا لصاحبه فما رَكِبناها حتى رَجعنا إليكإليك.
وقال يحيى بن أكثمأكثم: ما شيتُ المأمون يوماً من الأيام في بُستان مُؤْنسة بنت المَهديّ فكنت من الجانب الذي يَسترٌه من الشَمس فلما انتهى إلى آخره وأراد الرجوع وأردتُ أن أدور إلى الجانب الذي يَسْترٌه من الشمس فقالفقال: لا تفعل ولكن كُن بحالك حتى أسترك كما سَتَرْتني فقلتفقلت: يا أمير المؤمنين لو قدرتُ أن أقيك حَرَّ النار لفعلتُ فكيف الشمسُ فقالفقال: ليس هذا من كرم الصُحبة ومَشى ساتراً لي من الشّمس كما سترتهسترته.
وقيل لعُمَر بن ذرّذرّ: كيف برُ ابنك بك قالقال: ما مشيتُ نهاراً قط إلا مَشى خَلفي ولا ليلاً إلا مشى أمامي ولا رَقِي سَطحاً وأنا تحتهتحته.
وقيل لزيادلزياد: إنك تَستخلص حارثة بن بَدْر وهو يُواقع الشراب فقالفقال: وكيف لا أَسْتَخْلصه وما سألته عن شيء قط إلا وجدتُ عنده منه عِلْماً ولا استودعتُه سِرّاً قطْ فضيّعته ولا راكبني قطّ فمست رُكْبتي رُكْبتهرُكْبته.
محمد بن يزيد بن عُمر بن عبد العزيز قالقال: خرجتُ مع موسى الهادي أمير المُؤمنين من جُرْجان فقال ليلي: إمّا أن تَحملين وإمّا أن أحْملك فعلمتُ ما أراد فأنْشدتُه أبياتَ ابن صِرْمةصِرْمة: أوصيكم بالله أولَ وَهْلةٍ وأَحْسابِكِم والبرُّ بالله أَوَّلُ وإنْ قومُكم سادوا فلا تَحْسُدوهم وإن كُنتم أهلَ السِّيادة فاعْدِلوا وإن أنتمُ أعْوَزْتُمُ فتَعفَفَّوا وإن كان فَضْلُ المال فيكم فأَفْضِلوا وإنْ نزلتْ إحدى الدَواهي بقَوْمكم فأنْفُسَكم دون العَشيرة فاجعلوا وإنّ طَلبوا عُرْفاً فلا تَحْرموهمُ وما حَمَّلوكم في المُلمّات فاحملوا قالقال: فأمر لي بعشرين ألف دِرْهمدِرْهم.
وقيلوقيل: إن سعيد بن سَلْم راكب موسى الهادي والحَربةُ بيد عبد الله بن مالك وكانت الريح تَسْفي التراب وعبد الله يَلْحظ موضع مَسير موسى فيتكلَّف أن يسير على مُحاذاته وإذا حاذاه ناله ذلك التراب فلما طال ذلك عليه أقبلَ على سَعيد بن سَلْم فقالفقال: أما ترى ما نَلقى من هذا الخائن قالقال: والله يا أميرَ المؤمنين ما قَصَّر في الاجتهاد ولكن حُرِم التوفيقالتوفيق.
===باب السلام والإذن===
قال النبي {{صل}}: أَطِيبوا الكلام وأفشوا السلام وأطعِموا الأيتام وَصَلُّوا بالليل والناسُ نِيامنِيام.
وقال {{صل}}: إن أبخل الناس الذي يَبخل بالسلامبالسلام.
وأتى رجلٌ النبي {{صل}} فقالفقال: عليك السلامُ يا رسول الله فقالفقال: لا تقُلتقُل: عليك السلام فإِنها تحيِّة الموتى وقلوقل: السلام عليكعليك.
وقال صاحبُ حَرس عمر بن عبد العزيزالعزيز: خرج علينا عمرُ في يوم عِيد وعليه قميصُ كَتَّان وعِمامة على قلنسوة لاطئة فقُمْنا إليه وسَلّمنا عليه فقالفقال: مَه أنا واحدٌ وأنتم جماعة السلامُ عليّ والردُّ عليكمعليكم.
ثم سلّم ورَددنا عليه ومشى فمشينا معه إلى المسجدالمسجد.
قال النبي {{صل}}: يُسَلِّم الماشي على القاعد والرَّاكب على الراجل والصًغير على الكبيرالكبير.
ودخل رجل على النبي {{صل}} فقال لهله: أبي يُقْرِئك السلام فقالفقال: عليك وعلى أبيك السلامالسلام.
إبراهيم عن الأسود قال قال " لي " عبد الله بن مسعودمسعود: إذا لقيتَ عُمرَ فاقرأ علية السلام قالقال: فلقيتُه فأَقْرأْته السلام فقالفقال: عليك وعليه السلامالسلام.
دخل مَيْمون بن مِهْران على سُليمان بن هِشام وهو والي الجزيرة فقالفقال: السلام عليكم فقال له سُليمانسُليمان: ما مَنعك أن تُسَّلِّم بالأمرة فقالفقال: إنما يُسلَّم على الوالي بالإمرة إذا كان عنده الناسالناس.
أبو بكر بن أبي شَيْبة قالقال: كان الحَسن وإبراهيم ومَيمون بن مِهران يَكْرهون أن يقول الرجلُالرجلُ: حيَّاك الله حتى يقول السَّلامالسَّلام.
وسُئل عبد الله بن عُمر عن الرجل يَدْخل المَسجدَ أو البيتَ ليس فيه أحد قال يقوليقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحينالصالحين.
ومر رجل بالنبي {{صل}} وهو يبَول فسلّم عليه فلم يرد عليه السلامالسلام.
وقال رجلٌ لعائشة " رضي الله عنها ": كيف أصبحت " يا أم المؤمنين " قالتقالت: بنِعْمة من اللهالله.
وقال رجل لشُرَيحلشُرَيح: كيف أصبحتَ " قالقال: بنعمة " ومدَ إصبعه السَّبابة إلى السماءالسماء.
وقيلِ لمحمد بن وكيعوكيع: كيف أصبحت " قالقال: أصبحتُ طويلاً أملى قصيراً أجلى سيئاً وقيل لسًفْيان الثَّوْريالثَّوْري: كيف أصبحتَ قالقال: أصبحتُ في دار حارتْ فيها الأدِلاءالأدِلاء.
واستأذن رجلٌ من بني عامر على النبي {{صل}} وهو في بيت فقالفقال: أَلِجُ فقال النبي {{صل}} لخادمهلخادمه: اخرُج إلى هذا فعَلِّمه الاستئذان وقُل له يقوليقول: السَّلام عليكم أدْخُل جابر بن عبد الله قالقال: استأذنتُ على النبي {{صل}} فقالفقال: مَن أنت فقلتفقلت: أنا قالقال: أنا أناأنا.
وقال النبي {{صل}}: الاستئذان ثلاثة فإن أُذن لك وإلاّ فارجعفارجع.
وقال عليُّ بن أبي طالب رضى الله عنهعنه: الأولى إذْن والثانية مؤامرة والثالثة عزيمة إمّا أن يأذنوا وإمّا أن يردّوايردّوا.
===باب في تأديب الصغير===
قالت الحُكماءالحُكماء: مَن أَدَّب ولدَه صغيراً سُرّ به كبيراًكبيراً.
وقالواوقالوا: اطْبَعِ الطِّن ما كان رَطْباً واغْمِز العُود ما كان لَدْناًلَدْناً.
وقالواوقالوا: مَن أدَّب ولدَه غَمّ حاسدَهحاسدَه.
وقال ابن عبّاسعبّاس: مَن لم يَجْلِس في الصِّغر حيثُ يَكْره لم يَجْلِس في الكبر حيث يحب قال الشاعرالشاعر: إذا المَرءُ أَعْيَتْه المُروءةُ ناشِئاً فَمَطْلَبها كَهْلاً عليه شديدُ وقالواوقالوا: ما أشدَّ فِطامَ الكبير وأعسرَ رياضةَ الهَرمالهَرم.
قال الشاعرالشاعر: وتَرُوض عِرْسَك بعد ما هَرمت ومِن العَناء رياضةُ الهَرِم وكتب شُرَيح إلى معلِّم ولدهولده: تَركَ الصلاةَ لأكْلُبٍ يَسعى بها يَبْغِي الهِرَاشَ مع الغُواة الرُّجَّس " فَليَأتيِنَّك غُدوًة بصحيفة كُتِبت له كصحيفة المُتَلمِّس " فإذا هَمَمْتَ بضربه فبدِرَّةٍ وإذا بلغتَ بها ثلاثاً فاحْبِس واعْلم بأنّك ما أتيتَ فنفْسُه مع ما تُجَرِّعني اعزُّ الأنْفس وقال صالح بن عبد القدّوسالقدّوس: وإنَّ مَن أدَّبته في الصبا كالعُود يُسقَى الماءَ في غَرْسِه حتى تَراه مُورِقاً ناضِراً بَعد الذي أبصرتَ من يُبْسِه والشيخُ لا يَتْرك أخلاقَه حتى يُوارَى في ثَرى رَمْسه إذا ارْعوى عادَ له جَهْلهُ كذي الضَّنَى عاد إلى نُكْسِه ما يَبْلغ الأعداءُ من جاهل ما يَبْلغ الجاهلُ من نَفْسهِ وقال عمرو بن عُتبة لمعلِّم ولدهولده: ليكُن أوّلَ إصلاحك لولدي إصلاحُك لنفسك فإنّ عُيونهم مَعْقودة بعَيْنك فالحَسن عندهم ما صَنعتَ والقبيح عندهم ما تَركتتَركت.
علمَهم كتابَ اللهّ ولا تُكْرههم عليه فيَملّوه ولا تَتركهم منه فيهجروه رَوِّهم من الحديث أشرفَه ومن الشعر أعفّه ولا تَنْقُلهم من عِلم إلى علم حتى يُحْكِموه فإنّ ازدحام الكلام في القَلْب مَشغلة للفهم وعَلِّمهم سُنَن الحكماء وجَنِّبهم محادثة النِّساء ولا تَتّكَل على عُذْر منّي لك فقد اتكلتُ على كِفاية منكمنك.
أرسل معاوية إلى الأحنف بن قيس فقالفقال: يا أبا بحر ما تقول في الولد قالقال: " يا أمير المؤمنين " ثمار قُلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرضٌ ذَليلة وسماء ظَلِيلة فإن طلبوا فأعْطِهم وإن غَضبوا فأَرْضهم يمنحوك ودهم ويُحبوك جَهْدهم ولا تكن عليهم ثقيلاً فيملّوا حياتك ويُحبُّوا وفاتكوفاتك.
فقالفقال: لله أنت يا أحنف لقد دخلتَ عليّ وإني لمملوء غضباً على يزيدَ فسَلَلَته من قلبيقلبي.
فلمّا خرج الأحنفُ من عنده بعث مُعاوية إلى يزيد بمائتي ألف درهم ومائتي ثوب فبعث يزيدُ إلى الأحنف بمائة ألف دِرْهم ومائة ثوب شاطره إياهاإياها.
وكان عبد الله بن عُمر يذهب بولده سالم كلَّ مَذْهب حتى لامه الناسُ فيه فقالفقال: يَلُومونني في سالمِ وأَلُومهم وجِلْدةُ بين العَينْ والأنف سالمً وقالوقال: إن ابني سالماَ ليُحِبّ حُبَّاً لو لم يَخَفْه لم يَعْصهيَعْصه.
وكان يحيى بن اليمان يَذْهب بولده داود كل مَذْهب حتى قال يوماًيوماً: أئمة الحَدِيث أربعة كان عبد الله ثم كان عَلْقمة ثم كان إبراهيم ثم أنت يا داودداود.
وقال تزوّجْتُ أمَ داود فما كان عندنا شيءٌ أُلّفه فيه حتى اشتريتُ له كُسوة بدانِقبدانِق.
وقال زيدُ بن علي لْابنهلْابنه: يا بُنيَّ إن الله لم يَرْضك لي فأوصاك بي ورَضيني لك فحذَرنيك واعلم أنَ الآباء للأبناء مَن لم تَدْعه المَودَّةُ إلى التَفريط وخَيْرَ الأبناء للآباء مَن لم يَدْعه التقصير إلى وفي الحديث المَرْفوعالمَرْفوع: ريح الوَلد من ريح الجنَّةالجنَّة.
وفيه أيضاًأيضاً: الأولاد منِ رَيحان اللهالله.
وقال النبي {{صل}} لمَّا بُشر بفاطمةبفاطمة: رَيحانة أَشَمّها ورِزْقها على اللهّاللهّ.
ودخل عمرو بن العاص على مُعاوية وبين يديه بنته عائشة فقالفقال: مَن هذه يا " أمير المؤمنين " فقالفقال: هذه تًفَّاحة القَلْب فقال لهله: انبذُوها عنك " يا أمير المؤمنين " فوالله إنَهن لَيَلدْنَ الأعداء ويُقرِّبن البُعداء ويُورِّثن الضّغائنالضّغائن.
قالقال: لا تَقُل ذاك يا عمرو فواللهّ ما مَرّضِ المَرْضى ولا نَدَب الموْتى ولا أعان على الأحزان مِثْلهن ورُبَّ ابن أُخت قد نَفعَ خالهخاله.
وقال المُعلّي الطائيالطائي: لولا بُنيّات كزغْب القطَا حُطِطْن من بعْض إلى بَعْض لكان لي مُضطَرَب واسعٌ في الأرض ذاتِ الطّول والعَرْض وإنما أولادُنا بيننا أكبادُنا تمشي على الأرض إن هَبَّت الريحُ على بَعْضهم لم تَشْبع العينُ من الغَمْض وقال عبد الله بن أبي بَكْرةبَكْرة: مَوْت الوَلد صَدْع في الكَبِدالكَبِد: لا يَنجبر آخرَ الأبدالأبد.
ونظر عمرُ بن الخطَّاب رضي الله عنه إلى رجل يحمل طِفْلاً على عُنقه فقالفقال: ما هذا منك وكانت فاطمة بنت رسول الله {{صل}} تُرَقص الحسين بن علي رضي اللهّ عنهما وتقولوتقول: إنّ بُني شِبْه النبي ليس شَبيهاً بعَلي وكان الزُّبير يُرَقص " ولده " عُرْوَة ويقولويقول: أَبْيَضُ من آل أبي عَتِيق مُبارَك مِن وَلد الصِّدِّيقِ ألذَّه كما أَلذّ رِيقي وقال أعرابي وهو يُرَقّص ولدهولده: أُحبُّه حُبَّ الشحيح مالَهْ قد كان ذاقَ الفقر تمَ نالَهْ إذا يُريد بذلَه بدالة وقال آخر وهو يُرْقص ولدهولده: أعرِف منه قلَّة النُّعاس وخِفّةً في رَأسة من راسي وكان رجلٌ من طيء يَقطع الطّريق فمات وتَرك بُنياً رضيعاً فجعلت أُمه تُرقصه وتْقولوتْقول: ياليتَه قد قطع الطّريقا ولم يًرِد في أمره رَفيقاً وقد أخاف الفَجّ والمضيقا فقَلّ أن كان به شفيقاً وقال هارون الرشيد لابنه المعتصمالمعتصم: ما فعل وصيفك " فلان " قالقال: مات فاستراح من الكُتَّاب قال أو بلغ منك الكتّاب هذا المبلغالمبلغ! واللهّ لا حضرته أبداً ووجّهه إلى البادية فتعلّم الفصاحة وكان أُمِّيّاً وهو المعروف بابن مارِدةمارِدة.
وفي بعضِ الحديث أنّ إبراهيم خليل الرَّحمن صلوات الله عليه كان من أغير النَّاس فلمّا حضرَتْه الوفاة دخل عليه ملك الموت في صُورة رجل أنكره فقال له مَن أدخلك داري قال الذي أسكنك فيها منذُ كذا وكذا سنة قالقال: ومَن أنت قالقال: أنا ملك الموت جئت لقَبض رُوحك قالقال: أتاركي أنت حتى أودِّع ابني إسحاق قالقال: نعم فأرسل إلى إسحاق فلمّا أتاه أخبره فتعلّق إسحاق بأبيه إبراهيم وجعل يتقطّع عليه بُكاءً فخرج عنهما ملك الموت وقالوقال: يا ربَّ ذبيحُك إسحاق متعلِّق بخليلك فقال له اللهالله: قل له إني قد أمهلتك ففعلففعل.
وانحلّ إسحاق عن أبيه ودخل إبراهيم بيتاً ينام فيه فقبض ملك الموت روحَه وهو نائمنائم.
===باب الاعتضاد بالولد===
قال الله تبارك وتعالى فيما حكاه عن عَبْدِه زكريَّا ودُعائه إليه في الولدالولد: " وَزَكَرِيَّا إذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْني فَرداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثين ".
وقالوقال: " وَإنِّي خِفْتُ المَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانت امرأتي عاقراَ فَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ وَليَّاَوَليَّاَ.
يَرِثُني وَيَرِثُ مِن آل يعقُوبَ واجعلهُ رَبِّ رَضِيَّاً ".
والمَوَالِي ها هنا بنو العمالعم.
وقال الشاعرالشاعر: مَن كان ذا عَضُد يُدْرِكْ ظُلامته إنِّ الذّليل الذي لَيْستْ له عَضدُ تَنْبو يَدَاه إذا ما قَلَّ ناضرُه وَيَأنَفُ الضّيْم إنْ أثْرَى له عدد العُتبى قالقال: لمّا أسنَّ أبو بَراء عامرُ بن مالك وضَعَّفه بنو أخيه وخَرَّفوه ولم يكن له ولد يَحْميه أنشأ يقوليقول: دَفعتُكم عنَي وما دَفْع راحةٍ بشيء إذا لم تَسْتَعِن بالأنامل يُضَعّفني حِلْمي وكثرةُ جَهلكم عليّ وأني لا أصُول بجاهل وقال آخرآخر: تَعْدُو الذِّنائب عَلَى من لا كلابَ له وتَتَّقي سَوْرةَ المُستنفِر الحامِي
===باب في التجارب والتأدب بالزمان===
قالت الحُكماءالحُكماء: كَفي بالتّجارب تأديباً وبتقلّب الأيام عِظَةعِظَة.
وقال حبيبحبيب: أحاولتَ إرشادي فعَقْليَ مُرْشِدي أم استَمْت تَأديبي فدَهري مُؤدبي وقال إبراهيم بن شَكلةشَكلة: من لم يؤدَبه والده أدَّبه الليلُ والنَّهارُ كم قد أذلأَ كَريمَ قَوْم ليس له منهما انتصار مَن ذا يَدُ الدهرِ لم تَنَله أو اطمأَنّت به الدَيار كُلّ عن الحادِثات مُغْضٍ وعِنده للزّمان ثار وقال آخرآخر: وما أبقت لك الأيامُ عُذْراً وبالأيَّام يَتَّعظيَتَّعظ! اللًبِيب وقالواوقالوا: كفي بالدهر مُخبرا بما مَضى عمّا بَقيِبَقيِ.
وقالواوقالوا: كَفي مخبراً لذَوي الألباب ما جَرَبواجَرَبوا.
وقالوا لعيسى بن مَرْيم عليهما السلامالسلام: مَن أدَّبك قالقال: ما أدَّبني أحد رأيتُ الجَهل قبيحاً فاجتنبتُهفاجتنبتُه.
قالت الحُكَمَاءالحُكَمَاء: اصحب الأيام بالمُوادعة ولا تُسابق الدهرَ فتَكْبُوفتَكْبُو.
وقال الشاعرالشاعر: مَن سابَق الدهر كبا كَبْوةً لم يَسْتَقِلها من خطُا الدَّهرِ فاخطُ مع الدَّهر إذ ما خَطا واجرِ مع الدهر كما يَجْرِي وقال بشّار العُقَيليالعُقَيلي: أعاذِل إنّ العُسْر سَوف يُفيق وإنّ يَساراً من غدٍ لخلِيقُ وما كنْتُ إلا كالزَّمان إذا صحا صحوتُ وإنْ ماقَ الزَّمان أَموق وقال آخرآخر: تحامِق مَع الحَمْقىِ إذا ما لَقيتَهمِ ولاقِهمُ بالجهل فِعل ذوي الجَهْل وَخَلِّط إذا لاقيْت يوماً مخَلَطاَ يُخَلِّط في قول صحيح وفي هَزْل فإنّي رأيتُ المَرْءَ يَشْفي بعَقله كما كان قبلَ اليوم يَسْعد بالعقل وقال آخرآخر: إن المَقَادِيرَ إذا ساعَدَتْ ألحقت العاجِزَ بالحازِم وقال الآخرالآخر: ومن أمثالهم في ذلك " قولُهم ": تطامن لها تَخْطُكتَخْطُك.
ومن قولنا في هذا المعنىالمعنى: وتطَامنْ للزَّمان يَجْزُكَ عَفْواً وإن قالوا ذَليلٌ قُلْ ذليلُ وقال حَبيبحَبيب: وكانت لَوْعَةً ثم اطمأنتْ كذاك لكلِّ سائلة قَرَارُ وقال آخرآخر: ماذا يُريك الدَهْرُ من هَوانِهِ ازْفِن لِقرْد السَّوْء في زَمانِهِ ولآخرولآخر: الدهر لا يبقى على حالةٍ لا بُدَّ أن يُقبِلَ أو يدبرْ فإنْ تَلقاك بِمْرُوهه فاصبِر فإنَّ الدَّهرَ لا يَصْبر ولآخرولآخر: اصبرْ لِدَهْرٍ نال من ك فهكذا مضتْ الدُّهورُ فَرَحاً وحُزْناً مرّةً لا الحُزن دام ولا السُّرورُ ولآخرولآخر: تَرُوح لنا الدُّنيا بغير الذي غَدَت وتَحْدُث مِن بعد الأمور أمورُ وتجْرِي الليالي باجتماع وفُرْقة وتَطْلُع فيها أنجمٌ وتَغور وتَطْمع أن يَبقى السّرُور لأهله وهذا مُحال أن يَدُوم سُرُور ولآخرولآخر: سأنتظرُ الأيّامَ فيك لعلّها تَعود إلى الوَصل الذي هو أَجْمَلً باب التحفظ من المقالة القبيحة وإن كانت باطلاً قالت الحكماءالحكماء: إياك وما يُعتذر منهمنه.
وقالواوقالوا: مَن عَّرَض نَفْسه للتُّهم فلا يأمَن مِن إساءة الظنّالظنّ.
وقالواوقالوا: حَسْبك من شرِّ سماعهسماعه.
وقالواوقالوا: كفي بالقَوْل عاراً وإن كان باطلاَباطلاَ.
وقال الشاعرالشاعر: ومَن دعا الناسَ إلى ذَمِّه ذمُوه بالحقّ وبالباطل وقال آخرآخر: قد قِيل ذلك إن حقَّاً وإن كَذِباً فما اعتذارُك من قَوْلٍ إذا قِيلاَ وقال أَرِسْططاليس للإسكندرللإسكندر: إنّ الناس إذا قَدروا أن يقولُوا قدروا أن يفعلوا فاحترس من أن يقولوا تَسْلم من أن يفعلوايفعلوا.
وقال آمرؤُ القيسالقيس: وجُرْع اللّسان كجُرح اْلْيَد وقال الأخطلالأخطل: والقول يَنْفذ ما لا تَنفذ الإبرُ وقال يَعقوب الحَمْدونيّالحَمْدونيّ: وقد يُرْجَى لجُرح السًيف بُرءٌ ولا بُرْءٌ لما جرح اللّسانُ ولآخرولآخر: قالوا ولَوْ صحَّ ما قالُوا لفُزْت به مَن لي بتَصْدِيق ما قالوا وتَكْذِيبي
===باب الأدب في تشميت العاطس===
ومن حديث أبي بكر بن أبي شيبة قالقال: قال النبي {{صل}}: لا تًشَمِّت العاطس حتى يَحمد الله فإن لم يَحمده فلا تُشَمَتوهتُشَمَتوه.
وقال عليٌّ رضي اللهّ عنهعنه: يُشَمَّت العاطس إلى ثلاث فإن زاد فهو داء يَخْرج من رأسهرأسه.
عَطَس ابن عمر فقالوا لهله: يرْحمك اللهّ فقالفقال: يَهديكم الله ويُصلح بالكمبالكم.
وعَطَس عليُّ بن أبي طالب فحمِد الله فقيل لهله: يَرْحمك الله فقالفقال: يَغفر الله لنا و لكملكم.
وقال عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنهعنه: إذا عَطَس أحدُكم فشَمِّتوه ثلاثاً فإن زاد فقولوافقولوا: إنك مَضنوكمَضنوك.
وقال بعضُهمبعضُهم: التَّشْميت مرة واحدةواحدة.
===باب الإذن في القبلة===
عبدُ الرحمن بن أبي لَيلى عن عبد الله بن عُمر قالقال: كنَّا نُقَبِّل يدَ النبي {{صل}}.
وكيع عن سُفيان قالقال: قَبَّل أبو عُبيدة يدَ عمر بن الخطّابالخطّاب.
ومن حديث الشعبيّ قالقال: لَقِيَ النبي {{صل}} جعفرَ بن أبي طالب فالتزمه وقبل بين عينيهعينيه.
وقال إياسُ بن دَغْفلدَغْفل: رأيتُ أبا نَضْرة يُقَبِّل خدَّ الحسنالحسن.
الشَّيباني عن أبي الحسن عن مُصعب قالقال: رأيتُ رجلاً دخل عَلَى عليّ بن الحسين رضي الله العُتبي قالقال: دخل رجلٌ على هِشام بن عبد الملك فقبّل يدَه فقالفقال: أُفٍّأُفٍّ! إنّ العرَب ما قبّلت الأيدي إلا هُلوعاً ولا قبّلتها العجم إلاّ خُضوعاًخُضوعاً.
واستأذن رجلٌ المأمون في تَقْبيل يده فقالفقال: إنّ القُبلة من المؤمن ذِلّة ومن الذِّمي خديعة ولا حاجةَ بك أن تَذِلّ ولا حاجةَ بنا أن نُخْدَعنُخْدَع.
واستأذن أبو دُلامة المهديَّ في تَقْبيل يده فمنَعَه فقالفقال: ما مَنَعْتَني شيئاً أيسر على عِيالي فَقْداً مِنْهُمِنْهُ.
الأصمعيُّ قالقال: دخل أبو بكر الهَجريّ على المنصور فقالفقال: يا أميرَ المؤمنين نَغَض فمي وأنتم أهل بيت بركة فلو أَذِنت لي فقبلت رأْسَك لعلَّ اللهّ كان يُمسك عليَّ ما بقي من أسناني قالقال: اختَر بينها وبين الجائزة فقالفقال: يا أمير المؤمنين إنّ أهوَن من ذهاب درهم من الجائزة أن لا يبقى في فمي حاكَّةحاكَّة.
فضحك المنصور وأمر له بجائزةبجائزة.
وقالواوقالوا: قُبلة الإمام في اليَد وقُبلة الأب في الرأس وقُبلة الأخ في الخدِّ وقبلة الأخت في الصدر وقبلة الزَّوجة في الفَمالفَم.
{{العقد الفريد/الجزء الثاني}}
|