===باب في المنطق===
قال الذين فَضلوا المنطقَالمنطقَ: إنما بُعثَت الأنبياء بالكلام ولم يُبْعثوا بالسُّكوتبالسُّكوت.
وبالكلام وُصِف فَضْل الصَّمت ولم يُوصف القولُ بالصمت وبالكلام يُؤْمر بالمعروف وينْهى عن المُنْكر ويُعظَّم اللهّ ويُسبَّحِ بحمده " والبيان من الكلام هو الذي مَنَّ الله به على عِباده فقالفقال: " خَلَقَ الإنْسَان عَلَّمَهُ البَيَان ".
والعِلْم كلُّه لا يُؤدِّيه إلى أَوْعية القُلوب إلا اللسان فنَفْع المنطق عام لقائله وسامعه " ومن بلّغه " ونَفْع الصمتِ خاص بفاعلهبفاعله.
وأَعْدلُ شيء قِيل في الصمت والمَنْطق قولهمقولهم: الكلامُ في الخير كلِّه أفضلُ من الصمت والصمت في الشرِّ كلّه أفضلُ من الكلامالكلام.
وقال عبد الله المُبارك صاحبُ الرقائق يَرْثي مالكَ بن أَنس المَدَنيّالمَدَنيّ: صَمُوتٌ إذا ما الصمتُ زَيَّنَ أَهلَه وفَتِّاق أبكار الكلام المُخَتَّم وَعَى ما وَعَى القرآنُ من كلِّ حِكْمَة وسِيطَت له الآدابُ باللحم والدَّم وقال عمرُ بن الخطّابالخطّاب: ترْك الحركة غَفْلةغَفْلة.
وقال بكرُ بن عبد الله المُزنيّالمُزنيّ: طُول الصمت حبُسْةحبُسْة.
وقالواوقالوا: الصمتُ نَوْم والكلام يَقَظةيَقَظة.
وقالواوقالوا: ما شيء ثًني إلا قَصرُ إلا الكلام فإنه كلما ثُني طالطال.
" وقال الشاعرالشاعر: الصمت ُشيمته فإنْ أبْدَى مَقاَلاً كان فَصْلاَ أَبدَى السكوتَ فإن تك - لم لم يَدَعْ في القول فَضْلا " محمدُ بن سِيرين قالقال: ما رأيتُ عَلَى آمرأة أجملَ من شَحم ولا رأيتُ عَلَى رَجُل أجمل من فصاحةفصاحة.
وقال اللهّ تبارك وٍ تعالى فيما حكاه عنِ نبيّه موسى {{صل}} وآستيحاشه بعدم الفصاحةالفصاحة: " وَأخي هرُون هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناَ فَأرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءَا يُصَدِّقُني ".
آفات المنطق تكلّمَ ابن السماك يوماً وجارية له تسمع كلامه فلما دخل قال لهالها: كيف سمعت كلامي قالتقالت: ما أحسنه لولا أنك تردده قالقال: أردّده ليفهمه من لم يفهمه قالتقالت: إلى أن يفهمه من لم يفهمه يملّه من فَهِمَهفَهِمَه.
" الأصمعي قال ": قال مُعاوية يوماً لجلسائهلجلسائه: أيّ الناس أفصح فقال رجلٌ من السِّماطالسِّماط: يا أميرَ المؤمنين قوم قد ارتفعوا عن رُتَّة العراق وتياسَرُوا عن كَشْكشة بكر وتيامَنُوا عنعن: شَنْشَنة تَغْلب ليس فيهم غَمْغمة قُضاعة ولا طمطمانيّة حِمْيرحِمْير.
قالقال: مَن هم قالقال: قومُك يا أميرَ المؤمنين قُريش قالقال: صدقتَ فمن أنت قالقال: مِن جَرْم قال الأصمعيّالأصمعيّ: جَرْم فُصْحَى الناسالناس.
قال أبو العباس محمد بن يزيد النَحويّالنَحويّ.
===التَمتمة في المنطق===
التردُّد في التاء والعُقْلةوالعُقْلة: هي التواء اللسان عند إرادة الكلام والحُبْسةوالحُبْسة: تعذُر الكلام عند إرادته واللففواللفف: إدخالُ حَرْف في حَرْف والرُّتةوالرُّتة: كالرتَج تمنُع أول الكلام فإِذا جاء منه شيء اتصل بهبه".
والغَمْغمةوالغَمْغمة: أن تسمع الصوت ولا يَبِين لك تقطيعُ الحروفالحروف.
وأما الرَتةالرَتة: فإنها تكون غريزية وقال الراجزالراجز: يأيُها المُخلّط الأرَتّ ويقال إنها تكثر في الأشرافالأشراف.
وأما الغَمْغمةالغَمْغمة: فإنها قد تكون من الكلام وغيرهوغيره.
لأنها صَوتُ من لا يُفهم تقطيع حرُوفهحرُوفه.
قال عنترةعنترة: " وصاحبِ ناديته فغَمْغما يُريدُ لَبيك وما تكلَّما قد صار من خوف الكلام أَعْجما " والطمْطمةوالطمْطمة: أن يكون الكلام مُشْبِهاً لكلام العجم والُّلكنةوالُّلكنة: أن تَعْترض في الكلام اللغةُ الأعجمية - وسنفسِّر هذا حرفاً حرفاً وما قيل فيه إن شاء الله - واللَّثغةواللَّثغة: أن يُعدَل بحَرْف إلى حَرْف والغُنّةوالغُنّة: أن يُشرب الحرفُ صوتَ الخَيْشوم والخُنَةوالخُنَة: أشد منها والزخيموالزخيم: حَذْف الكلام والفأفأةوالفأفأة: التردد في الفاءالفاء: يقاليقال: رجل فأفاء تقديره فاعال ونظيره من الكلام ساباط وخاتام يامَيُّ ذات الجَوْرب المنشَقّ أخذتِ خاتامِي بغَير حَقِّ وقال آخرآخر: ليس بفأفاء ولا تَمتّام ولا مُحبٍّ سَقَطَ الكلام وأما كشْكشة تميمتميم: فإن بني عمرو بن تميم إذا ذَكرتْ كاف المؤنّث فوقفتْ عليها أبدلت منها شينا لقُرب الشين من الكاف في المخرج وقال راجزُهمراجزُهم: هل لكِ أن تَنْتفعي وأنفعش فتُدْخلين الَلذْ معي في الَّلذْ مَعَش وأما كسكسة بكربكر.
فقوم منهم يُبدلون من الكاف سينا كما فعل التميميون في الشينالشين.
وأما طمطمانية حِمْيرحِمْير: ففيها يقول عَنترةعَنترة: تَأوي له قُلُص النَّعام كما أوَتْ حِزَقٌ يمانِيَةٌ لأعجمَ طِمْطِم وكان صُهيب أبو يحيى رحمه الله يَرْتضخ لُكْنة روميّةروميّة.
وقال رسول الله {{صل}}: صُهيب سابق الرومالروم.
وكان عبيد الله بن زياد يرتضخُ لكنة فارسية مِن قِبل زوج أُمه شيرويه الأسواريّالأسواريّ.
وكان زياد الأعجم وهو رجل من بني عبد القيسالقيس.
يَرْتضخ لكنة أعجمية وأنشد المُهلّبَ في مَدْحه إياهإياه: بريد السلطان - وذلك أن بين التاء والطاء نسباً لأن التاء من مخرج الطاءالطاء.
وأما الغُنة فتُستحسن من الجارية الحديثة السنالسن.
قال ابن الرّقاع " في الظبية ": تُزْجِي أَغَنّ كأن إبرةَ رَوْقه قلمٌ أصابَ من الدَّواة مِدَادها وقال ابن المُقَفّعالمُقَفّع: إذا كثر تَقْلِيب الِّلسان رقّت حواشيه ولانت عَذَبتهعَذَبته.
وقال العتّابيالعتّابي: إذا حُبس اللسانُ عن الاستعمال اشتدَّت عليه مخارج الحروفالحروف.
وقال الراجزالراجز: كأن فيه لفَفَا إذا نطق من طُول تَحْبِيس وهمّ وأرَقْ
===باب في الإعراب واللحن===
أبو عُبَيدة قالقال: مَرً الشِّعبيُّ بقَوْم من المَوالي يَتذاكرون النحوَ فقال لهملهم: لئن أَصْلحتموه إنكم لأوَّل من أفسدهأفسده.
قال أبو عُبيدةعُبيدة: ليته سَمِع لحنَ صَفْوان وخالد بن صَفْوان وخاقان والفتح بن خاقان والوليدِ بن عبد الملكالملك.
وقال عبد الملك بن مروانمروان: اللحنُ في الكلام أقبح من التَّفتيق في الثوب والجُدَريّ في الوجهالوجه.
وقيل لهله: لقد عَجِل عليك الشيبُ يا أميرَ المؤمنين قالقال: شَيَّبنى ارتقاءُ المنابر وتوقع اللحناللحن.
وقال الحجَّاج لابن يَعْمَريَعْمَر: أتَسمعني ألحن قالقال: لا إلاّ أنه ربما سَبَقكَ لسانُك ببعضه في آن وآن قالقال: فإذا كان ذلك فعَرِّفنيفعَرِّفني.
وقال المأمون لأبي عليّ المعروف بأبي يَعْلى المِنْقريّالمِنْقريّ: بلغني أنك أُمِّيّ وأنك لا تقيم الشِّعر وأنك تَلحن في كلامك فقالفقال: يا أميرَ المؤمنين أمّا الَّلحن فربما سَبَقني لساني بالشيء منه وأما الأمِّيَّة وكَسْر الشعر فقد كان النبي {{صل}} أًمّياً وكان لا يُنشد الشعر قال المأمونالمأمون: سألتُك عن ثلاثة عيوب فيك فزدْتني عَيباً رابعاً وهو الجهل ياجاهل إنّ ذلك في النبي {{صل}} فضيلة وفيك وفي أمثالك نَقيصة وإنما مُنع ذلك النبي {{صل}} لنَفْي الظِّنَّة عنه لا لِعَيب في الشِّعر والكتاب وقد قال تبارك وتعالىوتعالى: " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذَا لارْتَابَ اْلمُبْطِلُونَ ".
وقال عبدُ الملك بن مروانًمروانً: الإعراب جمالٌ للوَضِيع واللحن هُجْنة على الشَّرِيفالشَّرِيف.
وقالوقال: تَعلَّموا النحوَ كما تتعلّمون السًّنن والفرائضوالفرائض.
وقال رجلٌ للحسنللحسن: إنَّ لنا إماماً يلحن قالقال: أمِيطوه " عنكم فإن الإعراب حِلْية الكلام ".
وقال الشاعرالشاعر: النَّحوُ يَبْسُط من لسان الأَلْكن والمرءُ تُكْرمه إذا لم يَلْحَنِ فإذا طلبتَ من العُلوم أَجلَّها فأَجلُّها منها مُقِيم الألسن وقال آخرآخر: النَّحو صَعْب وطويل سُلًمه إذا ارتقى فيه الذي لا يَعْلمُهْ زَلَّتْ به إلى الحَضِيض قَدَمُه يُريدُ أن يُعْربه فَيُعْجِمه وقال رجل للحسنللحسن: يا أبو سَعِيد فقالفقال: أحْسَبُ أنّ الدَّوانِق شَغَلتْك عن أن تقولتقول: يا أبا سعيدسعيد.
وكان عمرُ بنُ عبد العزيز جالساً عند الوليد بن عبد الملك وكان الوليد لَحَّاناً فقالفقال: ياغلام ادعُ لي صالح فقال الغلامالغلام: ياصالحا قال له الوليدالوليد: انُقص ألفاً فقال عمرعمر: وأنت يا أميرَ المؤمنين فزِدْ ألفاًألفاً.
ودخل على الوليد بن عبد الملك رجلٌ من أشراف قُريش فقال له الوليدالوليد: من خَتَنَك قال لهله: فلانٌ اليهودي فقالفقال: ما تقول ويحكويحك! قالقال: لعلّك إنما تَسْأل عن خَتَني يا أمير المؤمنين هو فلان بن فلانفلان.
وقال عبدُ الملك بن مروانمروان: أضرّ بنا في الوليد حُبُّنا له فلم نُلْزمه الباديةالبادية.
وقد يَستثقل الإعرابُ في بعض المواضع كما يستخفّ اللحنُ في بعضهابعضها.
وقال مالك بن أسماء بن خارجة الفَزاريّالفَزاريّ: منطقٌ بارعٌ وتَلحنُ أحيا ناً وخير الحديث ما كان لحنا وذلك أنه من حَكى نادرةً مُضحكة وأراد أن يُوفِّي حروفها حظَّها من الإعرِاب طَمس حُسنها وأَخرجها عن مِقدارها ألا ترى أن مُزَبِّدا المَدِينيّ أكل طَعاماَ فكظَّه فقيل لهله: أَلا تَقِي قالقال: وما أَقي خبز نقي ولحم طَرِي مَرَتي طالق لو وَجدت هذا فيئاً لأكلتهلأكلته.
قالقال: وكذلك يُستقبح الإعراب في غير موضعه كما استُقبح من عيسى بن عمر إذ قال وابن هُبيرة وحُكي عن بعض المغربين في الَّلحن أن جارية له غنّتهغنّته: إذا ما سَمعتُ اللومَ فيها رفضته فَيَدْخل من أُذْنٍ ويَخرج مِن أُخرَى فقال لهالها: مِن أُخرِى يا فاعلة أما علّمتِكٍ أن " من " تَخفضتَخفض.
وقال رجل لشُرَيحلشُرَيح: ما تقول في رجل توفي وترك أباه وأخيه فقال لهله: أباه وأخاه فقالفقال: كم لأباه وأخاه قال لأبيه وأخيه قالقال: أنت علّمتني فما أصْنَع وقال بعضُ الشعراء وأَدرك عليه رجل من المُتفصّحين يقال له حَفْص لحناً في شِعْره وكان حَفْص به اختلاف في عَينيه وتَشويه في وجهه فقال فيهفيه: لقد كان في عَينيك يا حَفْصً شاغلٌ وأنفٌ كمِثْل الطَّود عما تَتَبَّع تَتَبّع لحناً من كلامٍ مُرَقَّش وخَلقْك مبْنيّ من اللَّحْن أَجمع فعينك إقواء وأنفك مكفأ ووجهك إبطاء فما فيك مرقع
===باب في اللحن والتصحيف===
وكان أبو حَنيفة لَحَّاناً على أنه كان في الفُتيا ولُطف النَظر واحدَ زمانهزمانه.
وسأله رجل يوماً فقال لهله: ما تقول في رجل تناول صَخْرة فضرب بها رأسَ رجل فقَتله أتُقيده به قالقال: لا ولو وكان بِشْر المَرِيسيّ يقول لجلسائهلجلسائه: قَضى الله لكم الحوائج على أحسن الوجُوه وأهنؤها فسمع قاسم التَّمّار قوماً يَضْحكون فقالفقال: هذا كما قال الشاعرالشاعر: إنّ سليمى والله يَكْلؤها ضنَّت بشيء ما كان يَرْزَؤها وبِشر المَرِيسيّ رأْس في الرأْي وقاسم التَّمّار مُتقدم في أصحاب الكلام واحتجاجُه لبِشر أعجبُ من لَحْن بِشربِشر.
ودخل شَبِيب بن شَيبة على إسحاق بن عيسى يُعزِّيه عن طِفْل أُصِيب به فقال في بعض كلامهكلامه: أَصْلح الله الأمير إنّ الطفل لا يزال مُحْبنظيا على باب الجنة يقوليقول: لا أدْخل حتى يَدخل أبواي قال إسحاق بن عيسىعيسى: سبحان اللهالله! ماذا جئتَ به إنما هو مُحْبنطى أما سمعتَ قول الراجزالراجز: إني إذا أنشدتُ لا أَحبنطي ولا أُحِبُّ كثرةَ التمطِّي قال شَبيبشَبيب: ألي يقال مثل هذا وما بين لا بتَيها أعلم مني بها فقال له إسحاقإسحاق: وهذه أيضاً أللبصرةَ لابتان يالُكع فأبان بتَقريعه عَوَاره فأخجله فسكتفسكت.
قوله المُحبنطيالمُحبنطي: المُمتنع امتناع طلب لا امتناع إباء وهو بالطاء غير معجمة ورواه شبيب بالظاء المعجمةالمعجمة.
وقوله ما بين لا بتَيْها خطأ إذ ليس للبصرة لابتان وإنما اللابة للمدينة نوادر من الكلام يقاليقال: ماء نُقاخ للماء العذب وماء فُرات وهو أعذب العذب وماء قُعَاع وهو شديد المُلوحة وماء حُراق وهو الذي يَحرق من مُلوحته وماء شرُوب وهو دون العَذب قليلاً وماء مَسُوس وهو دون الشَرُوب وماء شَريب وهو العذبالعذب.
اجتمع المُفضَّل الضّبي وعبدُ الملك بن قرَيب الأصمعي فأنشد المُفضلالمُفضل: تُصْمت بالملك تَوْلباً جَذَعا فقال له الأسمعيالأسمعي: تولباً جَدِعاً والجَدِعوالجَدِع: السيء الغذاءالغذاء.
فضَجَّ المفَضّل وأَكثر فقال له الأصمعيالأصمعي: لو نَفخت في الشَّبُّور ما نفعك تكلّم بكلام الئمل وأَصِبوأَصِب.
وقال مروان بن أبي حَفْصة في قوم من رُواة الشعر لا يعَلمون ما هو على كثرة استكثارهم من روايتهروايته: زَوامل للأشعار لا عِلْم عندهم بجيِّدها إلاِّ كعِلْم الأباعرِ لَعمرك ما يَدْري البَعير إذا غدا بأوْساقه أو راح ما في الغرائر
===باب نوادر من النحو===
وإنَّ كِلاباً هذه عَشْر أَبطُنٍ وأنت بَرِىء من قَبائلها العَشْرِ قالقال: فجعلتُ أعجب من قوله عَشْرَ أَبطُن " حيث أنث لأنه عَنَى القبيلة " فلما رأَى عَجبي قالقال: أليس هكذا قولُ الآخرالآخر: وكان مِجَنّي دون من كنتُ أَتَّقي ثلاثُ شُخوص كاعبان ومُعْصرُ وقال أبو زيد قلتُ للخليلللخليل: لم قالوا في تَصْغير واصلواصل: أو يصل ولم يقولوا وُوَيصل قالقال: كرهوا أن يُشبه كلامُهم بنبح الكلابالكلاب.
وقال أبو الأسود الدُّؤَليالدُّؤَلي: من العرب من يقوليقول: لولاى لكان كذا وكذاوكذا.
وقال الشاعرالشاعر: وكم مَوطنٍ لولاي طِحْتَ كما هَوي بأَجْرامه من قنّة النِّيق مُنْهوِي وكذلكَ لولا أنتم ولولاكم ابتداءٌ وخبره محذوفمحذوف.
وقال أبو زيدزيد: وراء وقُدَّام لا يصرفان لأنهما مؤنثان وتَصغير قدَّام قُدَّيْدمة وتصغير وراء وُرَيِّئة وقدَّام خمسة أحرف لأن الدال مشدَّدةمشدَّدة: فأسقطوا الألف لأنها زائدة ولئلا يُصغر اسم على خمسة أحرفأحرف.
أبو حاتم قالقال: يقال أمٌّ بيِّنة الأمومةالأمومة: وعمٌّ بين العُمومةالعُمومة.
ويقالويقال: مَأموم إِذ شُج أم رأسهرأسه.
ورجل مَمُوممَمُوم: إذأ أصابه المُومالمُوم.
وقال المازنيّالمازنيّ.
يقال في حَسب الرجل أُرْفة ووَصمة وابنة وكذلك يقال للعصا إذا كان فيها عيبعيب.
ويقالويقال: قذِيَت عينهُ إذا أصاجها الرَّمدالرَّمد.
وقد يقال في التقديم والتأخير مثلُ قول الشاعرالشاعر: شَرَّ يوميها وأغواه لها رَكِبتْ عَنْز بحِدْج حَملاَ يريديريد: ركبت عَنْز " بحِدْج جملا في شرِّ يوميهايوميها: نصب لأنه ظرفظرف.
وقد يُسمى الشيء باسم الشيء إذا جاورهجاوره.
قال الفرزدقالفرزدق: أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ قولهقوله: لنا قَمراهاقَمراها: يريد الشمس والقمروالقمر.
وكذلك قولُ الناس في العُمرينالعُمرين: أبي بكر وعمروعمر.
الرِّياشيالرِّياشي: يقال أخذ قِضِّتها وكُعْبتها إذا أخذ عُذرتهاعُذرتها.
قال أبو عُبيدةعُبيدة: المَعيون الذي ليس له منظر ولا مخبر والمَعين - الذي قد أصيب بالعينبالعين.
والمعينوالمعين: الماء الظاهرالظاهر.
أبو عُبيدة قالقال: سمعت رُؤبة يقوليقول: أباريق يريد على الريقالريق.
الأصمعي قالقال: لقي أبو عمرو بن العلاء عيسى بن عمرعمر.
فقال لهله: كيف رَحْلك قالقال: ما تزداد إلا مثَالة قالقال: فما هذه المَعيوراء التي تَرْكض يريد ما هذه الحمير التي تَركبتَركب.
قال الأصمعيالأصمعي: إنما يُقاليُقال: اقرأ عليه السلامالسلام.
وأنشدوأنشد: اقرأ على عَصْر الشَّباب تحية وإذا لقيتَ دداً فَقطْنى من دَدِ وقال الفرزدقالفرزدق: وما سبق القيسيُّ من ضَعف عَقله ولكن طَفَت عَلْماء قُلْفة خالدِ " أرادأراد: على الماء فحذف ".
وهذا آخر كتاب سيبويهسيبويه.
وقال بعض الورَّاقينالورَّاقين: رأيتُ يا حمَّاد في الصَّيد أرانباً تؤخذ بالأيْدِي إن ذَوي النَّحو لهم أنفسٌ مَعروفة بالمَكْر والكيد يَضرب عبد الله زيداً وما يُريد عبد الله من زيد وأنشد أبو زيد الأنصاريالأنصاري: يا قرطَ قُرْطَ حُيَيّ لا أبالكمُ ياقُرطُ إنّي عليكم خائفٌ حَذرُ قُلتُمٍ له اهجُ تَميماً لا أبا لكم في فَم قائِل هذا التُّرابُ والحَجَر فإن بيتَ تميم ذو سمعتَ به بيتٌ به رَأست في عِزِّها مُضر ذو هنا في مكان الذي لا يتغيّر عن حاله في جميع الإعرابالإعراب.
وهذه لغة طيء تجعل ذو في مكان الذيالذي.
حُبًّ المُدَامة ذو سمعتَ به لم يُبق فيّ لغيرها فَضلاَ وبعضُ العرب يقوليقول: لا أباك في مكان لا أبا لك " ولأن أبا لك " مضافمضاف.
لذلك بقيت الألف ولو كانت غير مُعربة لقلتلقلت: لا أبَ لك بغير ألفألف: وليس في الإضافة شيء يُشبه هذا لأنه حالَ بين المُضاف والمضاف إليه وقال الشاعرالشاعر: أبالموت الذي لا بدُ أني مًلاقٍ لا أباكِ تُخَوِّفينِي وقال آخرآخر: وقد مات شَمَّاح ومات مُزَرِّد وأَيّ كريم لا أباكِ يُخلَّدُ وأنشد الفرَّاء لابن مالك العُقيليّالعُقيليّ: إذا أنا لم أُومَن عليك ولم يَكُن لقاؤُك إلا من وراءُ وراءُ هذا مثل قولهمقولهم: بين بينبين.
وقال محمود الوراقالوراق: مزَج للصدودُ وصالهنّ فكان أمراً بَيْنَ بَيْنَ وقال الفرزدقالفرزدق: وإذا الرّجال رأوا يزيدَ رأيتهم خُضُعَ الرِّقاب نواكسَ الأبصارِ قال أبو العبّاس محمد بن يزيد النَّحويّالنَّحويّ: في هذا البيت شيء مُسْتطرف عند أهل النَّحوالنَّحو.
وذلك أنه جمع فاعل على فواعل وإذا كان هكَذا لم يكن بين المُذكر والمُؤنث فَرْق لأنك تقولتقول: ضاربة وضوارب ولا يقال في المذكر فواعل إلا في موضعين وذلك قولهمقولهم: فوارس وهوالك ولكنّه اضطر في الشّعر فأخرجه عن الأصل ولولا الضرورة ما جاز لهله.
وقال أبو غَسَّان " رَفيع بن سَلَمة " تلميِذ أبي عُبيدة " المعروف بدَمَاذ يخاطب أبا عثمان النحويَّ المازنيّ ": تَفكَّرْتُ في النَّحو حتى مَلِل تُ وأَتعبتُ نفسي له والبَدنْ وأتعبْت بَكْراً وأصحابَه بكلّ المَسائل في كلّ فَن سِوَى أنَّ باباً عليه العَفا ءُ لِلْفاء ياليتَهُ لم يَكُن فكنتُ بظاهره عالماً وكنتُ بباطِنه ذا فَطَن وللواو بابٌ إلى جَنْبه من المَقْت أحسبُهُ قد لُعن إذا قلتُ هاتُوا لما يُقا ل لستُ بآتيك أو تَأتين " أَجِيبُوا لما قِيلَ هذا كذا على النَّصب قالُوا لإضمارِ أن وما إنْ رأيتُ لها مَوْضعاً فأَعْرفَ ما قِيلَ إلاّ بفن
===باب في الغريب والتقعيب===
دخل أبو عَلْقمة على أَعْينَ الطبيب فقالفقال: أصلحك الله أَكلتُ من لحوم هذه الجَوازل وطَسِئْت طَسْأَة فأصابني وَجَعٌ بين الوابلة ودأية العُنق فلم يزل يَنْمو ويَرْبُو حتى خالَطَ الخِلْب والشَّراسيف فهل عندك دواء قالقال: نعم خذ خَرْبَقاً وسلفقاً وشِبْرقاً فزَهْزِقه " وزَقْزقه " و اغسله بماء ذَوْب واشربه فقال له أبو عَلقمةعَلقمة: لم أفهمكَ فقالفقال: ما أفهمتُك إلاَّ كما أَفهمتنيأَفهمتني.
وقال له مرّة أُخرىأُخرى: إني أجد مَعْمعة وقَرْقرة فقالفقال: أمّا معمعة فلا أعرفها وأما القرقرةالقرقرة: فضُراط لم يَنْضَجيَنْضَج.
وقال أبو الأسوَد الدّؤلي لأبي عَلْقمةعَلْقمة: ما حال ابنك قالقال: أخذته الحمَّى فطَبَختْه طبخاً ورَضَخته رَضْخاً " وفَتَخته فَتْخاً " فتركته فَرْخاً قالقال: فما فعلت زوجتُه التي كانت تُشارّه وتُهارّه وُتمارّه وتزارّه قالقال: طَلَّقهاطَلَّقها.
فتزوَّجت بعده فَحَظِيت وبظَيت فقال لهله: قد عَرفنا " حَظِيت " فما " بظَيت " قالقال: حرف من الغريب لم يَبْلغك فقالفقال: يابن أخي كل حَرْف لا يعرفه عمُّك فاستره كما تَستر السِّنور خُرْأهاخُرْأها.
ودعا أبو عَلْقمة بحَجَّام يَحْجِمهُ فقال لهله: أنْقِ غَسْلَ المحاجم واشدُد قصب المَلازم وأرْهف ظُبات المشَارِط وأسْرع الوضْع وَعجِّل النَّزع ولْيكُن شَرْطُكم وَخْزا ومَصَّك نَهْزا ولا تَرُدَّن آتياَ ولا تُكْرِهن آبياًآبياً.
فوضع الحجّام مَحاجمه في جُونته ومضى عنهعنه.
وسَمِع أعرابيّ أبا المَكْنون النَّحوي " في حَلْقته " وهو يقول في دعاء الاستسقاءالاستسقاء: اللهم ربنا وإلهنا ومولانا فصلِّ على محمد نبيّنا " اللهم " ومن أراد بنا سُوءا فأحِطْ ذلك السوء به كإِحاطة القلائد بأعناق الولائد ثم أَرْسخه على هامَتِه كرسُوخ السِّجِّيل على هام أصحاب الفيل اللهم اسقنا غَيْثاً مُغيثا " مَرِيئا " مَرِيعا مُجلْجلا مُسْحَنفرا " هَزِجا " سَحَّا سفُوحا طَبَقا غَدقا مُثْعَنْجرا ناقعا لعامَّتنا وغيرَ ضار لخاصَّتنالخاصَّتنا.
فقال الأعرابيّالأعرابيّ: يا خليفة نوح هذا الطًّوفان وربِّ الكعبة دعني حتى آوي إلى جَبَل يَعْصمني من الماءالماء.
وسَمعه مرة أخرى يقول في يوم بردبرد: إن هذا يوم بلّة عَصبْصب بارد هِلَّوْف فارتعد الأعرابي وقالوقال: والله هذا مما يَزيدني بردابردا.
وخطب أبو بكر المَنْكور فأغرب في خُطبته وتقَعَّر في كلامه وعند أصل المِنبر رجلٌ من أهل الكوفة يقال له حَنش فقال لرجل إلى جَنبهجَنبه: إني لأبغض الخطيب يكون فَصيحاً بليغاً مًتَقعِّراًمًتَقعِّراً.
وسمعه أبو بكر المنكور الخطيبُالخطيبُ.
فقال لهله: ما أحوجك يا حنش إلى مُدَحْرج مَفْتول لي الجلاز لَدْن المَهزّة عظيم الثّمرة تُؤخذ به من مَغْرِز العنق إلى عَجْب الذًنب " فتُعلَى به " فتَكْثُر له وقال حبيب الطائيالطائي: فما لك بالغريب يدٌ ولكن تَعاطيكَ الغَرِيبَ من الغَرِيبِ أمَا لو أن جهلك عاد عِلْما إذاً لرسختَ في عِلْم الغُيوب ومن قولنا نَمدح رجلا باستسهال اللفظ وحُسن الكلامالكلام: قَولٌ كأن فَرِيدَه لسِحْر على ذهن الَّلبيب لا يَشمئز على اللّسا نِ ولا يَشِذّ عن القُلوب لم يَغْلُ في شَنِع الًّلغا تِ ولا توَحّش بالغريب سَيف تَقَلّد مثْلَهُ عَطْفَ القَضيب على القَضيب هذا تُجَذّ بهِ الرِّقَا بُ وَذا تُجَذّ به الخُطُوب
===باب في تكليف الرجل ما ليس من طبعه===
قالواقالوا: ليس الفِقْه بالتفقُه ولا الفَصاحة بالتفصُّح لأنه لا يَزيد مُتَزيّد في كلامه إلا لنَقْص يَجده في نَفْسهنَفْسه.
ومما اتفقت عليه العربُ والعجمُ قولهمقولهم: الطَّبع أمْلكأمْلك.
وقال حَفْص بنُ النُّعمانالنُّعمان: المَرْء يَصْنع نَفْسه فمتى ما تَبْلًهُ يَنْزع إلى العِرْقالعِرْق.
يأيها المُتحلَي غيرَ شيمته ومِن شَمَائله التَّبديلُ والمَلَقُ ارْجع إلى خِيمك المَعروف دَيْدَنُة إنَّ التخلّق يأتي دُونه الخُلُق وقال آخرآخر: وَمَن يَبتدع ما ليس مِن خِيم نَفْسه يَدَعْه ويَغْلِبه على النَّفس خِيمُها وقال آخرآخر: كلُّ امرىءٍ راجِعٌ يوماً لِشِيمَته وإنْ تَخَلًقَ أخلاقاً إلى حِين وقال الخرَيميالخرَيمي: يُلاَم أبو الفَضل في جُوده وهَلْ يَمْلِك البَحرُ أَلاّ يَفِيضَا وقال أبو الأسود الدُّؤليالدُّؤلي: ولائمةٍ لامَتكَ يا فَيْضُ في النَّدَى فقُلْتُ لها هل يَقْدَح اللَّوْمُ في البَحْرِ أَرَادَتْ لتَثْني الفَيْضَ عن عادة النَّدَى ومَن ذا الذي يَثْنى السحابَ عن القَطْرِ وقالَ حَبيبحَبيب: تَعَوَّد بَسْط الكفِّ حتى لَوَ انه ثَناها لِقَبْضٍ لم تُجبْه أَنامِلُه وقال آخرآخر: وقالواوقالوا: إن مَلِكاً من ملوك فارس كان له وزير حازم مُجرِّب فكان يُصْدِر عن رأيه ويَتعرف اليُمْن في مَشُورته ثم إنّه هَلَكَ ذلك الملكُ وقام بعده ولدٌ له مُعجَب بنفسه مًستبدٌّ برأيه " فلم يُنزل ذلك الوزيرَ منزلته ولا آهْتَبل رأيَه " ومَشورته فَقيل لهله: إن أباك كان لا يَقِطع أمراً دونه فقالفقال: كان يَغْلَط فيه وسأمتحنه بنَفْسيبنَفْسي.
فأرسل إليه فقال لهله: أيّهما أغْلبُ على الرجلالرجل: الأدبُ أو الطبيعة فقال له الوزيرالوزير: الطبيعةً أغلبُ لأنها أصلٌ والأدب فَرْعٌ وكلّ فَرْع يَرْجع إلى أصلهأصله.
فدعا " الملكُ " بسُفرته فلما وُضعت أقبلت سَنانيرُ بأَيديها الشَّمعُ فوقفت حول السُّفرة فقال للوزيرللوزير: اعتبر خَطَأَكَ وضَعْفَ مَذْهبك متى كان أبو هذه السنانير شَمَّاعاًشَمَّاعاً.
فسكت عنه الوزير وقالوقال: أَمْهلني في الجواب إلى الليلة المُقبلة فقالفقال: ذلك لكلك.
فخَرج الوزيرُ فدعا بغُلام له فقالفقال: التمسْ لي فأْراً واربطه في خَيط وجئْني به فأتاه به الغلامُ فعقده في سَبَنِيَّة وطرحه في كُمّه ثم راح من الغد إلى الملك فلما حضرت سُفرته أقبلت السنانير بالشَّمع حتى حَفّت بها فحلّ الوزيرُ الفأرَ من سَبنيَّته ثم ألقاه إليها فاستبقت السنانيرُ إليه ورَمت الشمعَ حتى كاد البيتُ يضطرم عليهم ناراًناراً.
فقال الوزيرُالوزيرُ: كيف رأيتَ غَلَبة الطَّبيعة على الأدب ورُجوعَ الفَرْع إلى أصله قالقال: صدقت ورجع إلى ما كان أبوه عليه معه فإنما مَدار كل شيء على طبعه والتكلُّف مَذْموم من كل وجهوجه.
قال الله " تبارك وتعالى " لنبيّه {{صل}}: قل يا محمدمحمد: " ومَا أَنَا مِنَ المُتَكلِّفين ".
وقالواوقالوا: من تَطبّعِ بغير طبعه نَزَعَتْه العادةُ حتى تردَّه إلى طَبْعه كما أنّ الماءَ إذا أَسْخَنته ثم تركته " ساعة " عاد إلى طَبعه من البرودة والشجرةَ المُرّة لو طليتها بالعسل لا تُثمر إلا مُرًّامُرًّا.
===باب في ترك المشاراة والمماراة===
دخل السّائبِ بن صَيْفيّ على النبي {{صل}} فقالفقال: أَتعرفني يا رسول اللهّ قالقال: وكيف لا أعرف شريكي في الجاهليَّة الذي كان لا يُشارى ولا يُمارىيُمارى.
وقال ابن المُقفَّعالمُقفَّع: المُشاراة والمُماراة يُفْسدان الصَّداقة القديمة ويَحُلان العقدة الوثيقة وأيسر ما فيها أنهما ذَرِيعة إلى المُنافسة والمُغالبةوالمُغالبة.
وقال عبدُ الرحمن بنُ أبي ليْلىليْلى: لا تُمارِ أخاك فإمّا أن تُغْضِبه وإما أن تَكْذِبهتَكْذِبه.
وقال الشاعرالشاعر: فإيَّاك إيَّاك المِرَاءَ فإنه إلى السَّبّ دَعّاءٌ وللصَّرْم جالبُ وقال عبد الله بن عَبّاسعَبّاس: لا تُمار فقيهاً ولا سَفيهاً فإنّ الفقيهَ يَغلبك والسفيه يُؤذيكيُؤذيك.
وقال {{صل}}: سِبَاب المُؤمن فُسوق وقِتاله كُفْركُفْر.
===باب في سوء الأدب===
دخل عُرْوة بن مَسعود الثَقفيّ على النبي {{صل}} فجعل يُحدَثه ويُشير بيده إليه حتى تَمسّ لحيته والمُغيرة بن شُعبة واقفٌ على رأس رسول الله {{صل}} بيده السيفُ فقال لهله: اقبض يدك عن لِحْيَة رسول الله {{صل}} قبل أن لا ترجع إليكإليك.
فَقبض عُروة يدهيده.
وعُروة هذا " هو " عظيم القريتين الذي قالت " فيه " قريشقريش: لَولا نُزِّل هذا القرآنُ على رجُل من القَرْيتين عظيمعظيم.
ويقال إنه الوليد بن المغيرة المخزوميّالمخزوميّ.
ولما قَدِم وفدُ تميم على النبي {{صل}} ناداه رجل " منهم " من وراء الجدارالجدار: يا محمد اخرج إليناإلينا.
فأنزل الله تعالىتعالى: " إنّ الذينَ يُنَادُونَكَ مِن ورَاء الحُجُراتِ أكثرُهم لا يَعْقِلُون ".
وفي قراءة ابن مسعودمسعود: " بنو تميمٍ أكثرُهم لا يَعْقلون ".
وأنزل الله في ذلكذلك: " لا تَجْعَلوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَينَكم كدُعاء بَعْضكم بَعْضاً ".
ونظر أبو بكر " الصدِّيق رضي الله عنه إلى " رجل يَبيع ثَوْباً فقال لهله: أتبيع الثوبَ قالقال: لا عافاك اللهّ قالقال: لقد علمتم لو تتعلّمونتتعلّمون! قلقل: لا وعافاك اللهالله.
وخطب الحسن في دَمدَم.
فأجابه صاحب الدم فقالفقال: قد وضعتُ ذلك الدم لله ولوُجوهكمولوُجوهكم.
قال له الحسنالحسن: ألا قلتقلت: قد وضعتُ ذلك لله خالصاً وذكر إعرابيّ رجلاً بسوء الأدب فقالفقال: إن حدّثتَه سابقَك إلى ذلك الحديث وإن تركتَه أخذ في لمن الدِّيار بقُنَة الحِجْرِ فأنشدها حتى أتى على آخرهاآخرها.
فقال له المهديُّالمهديُّ: ذَهب والله مَن كان يقول هذا فقال لهله: كما ذَهب والله من يُقال فيهفيه.
فاستجهله واستَحمقَهواستَحمقَه.
ولما رَفع قُطْرُبٌ النحوي كتابه في القران إلى المأمون أمرَ له بجائزة وأذن لهله.
فلما دخل عليه قالقال: قد كانت عِدَةُ أمير المؤمنين أرفع من جائزتهجائزته.
فغَضب المأمون وهَمَّ بهبه.
فقال له سهل بن هارونهارون: يا أمير المؤمنينالمؤمنين: إنه لم يَقُل بذات نَفْسه وإنما غَلب عليه الحَصرَالحَصرَ.
ألا تراه كيف يَرْشَح جبينُه ويكْسِر أصابعه فَسَكَن غضبُ المأمون واستجهله واستحمقه وكان الحسنُ اللؤلئيّ ليلةً عند المؤمون بالرقَّة وهو يُسامره إذ نَعَس المأمونً والحسن يُحَدِّثه فقال لهله: نَعَست يا أمير المؤمنينالمؤمنين.
فانتبه فقالفقال: سُوقيٌ وربِّ الكعبة يا غلام خُذ بيدهبيده.
ودخل أبو النًجْم على هشام بن عبد الملك بأرْجوزته التي أوّلهاأوّلها: الحمد لله الوَهُوب المُجْزِل وهي من أجود شِعْرهشِعْره.
" فاستحسنها هشام وأصغى إليها " فلما أتى على قولهقوله: والشمسُ في الجوِّ كعَيْن الأحْول غَضب هشام وكان أحولَ فأَمر بصفْع قَفاه وإخراجهوإخراجه.
ودخل كُثَيِّر عَزّة على يَزيد بن عبد الملك فبينا هو يُحدِّثه إذ قالقال: يا أمير المؤمنين ما معنى قول إذا الأرْطَى تَوَسَّد أبرديْه خُدُودُ جوازيء بالرمْل عِينِ فقال له يزيديزيد: وماذا على أمير المؤمنين ألا يعرفَ ما قال هذا الإعرابيّ الجِلْف مثلُك واستحمقه وأمر بإخْراجهبإخْراجه.
ودخل كُثَيِّر عَزّة على عبد العزيز بن مَرْوَان فأنشده مِدحَته التي يقول فيهافيها: وأنتَ فلا تُفْقَدْ ولا زال مِنْكًم إمامٌ يُحيَّا في حِجَاب مُسَدَّنِ أشَمُّ منَ الغادين في كُلِّ حُلَّة يَميسون في صَبْغ من العَصب مُتْقن لهم أُزُرٌ حُمْرُ الحَواشي يَطَوْنَها بأقدامِهم في الحَضرميّ المُلَسَّن فاستَحْسنَها وقال لهله: سَلْ حاجَتك فقالفقال: تُولَيني مكانَ ابن رُمَّانة كاتبك فقال لهله: ويلكويلك! ذا كاتبٌ وأنت شاعر فكيف تَقوم مَقامه وتَسُد مَسدَّه فلما خرج من عنده ندم وقالوقال: عَجِبتُ لأخذِي خَطَة العَجْز بعدما تَبَينَّ من عبد العزيز قَبُولُها لئن عاد عبدُ العزيز بمثْلها وأَمْكنني منها إذاً لا أقولها ووقف الأحنف بنُ قيس ومحمدٌ بن الأشعث بباب معاوية فأذِن للأحنف ثم لمحمد بن الأشعث فأسرع محمدٌ في مشْيته حتى دَخل قبل الأحنفالأحنف.
فلما رآه مُعاوية قال لهله: والله إنِّي ما أذنتُ له قبلَك وأنا أريد أن تَدْخل قبلَه وإنّا كما نَلى أمورَكم كذلك نلى أدبكم ولا يزيد مُتَزَيِّد في أمره إلا لنقْص يجده في نَفْسِهنَفْسِه.
وقال عبدُ الملك بن مروانمروان: ثلاثة لا يَنبغي للعاقل أن يَستخِفَّ بهمبهم: العُلماء والسُّلطان والإخْوانوالإخْوان.
فمن اْستخفَّ بالعُلماء أفْسد دينَه ومَن استخفَّ بالسُّلطان أفسد دُنياه ومن استخفَّ بالإخوان أفسد مرُوءتهمرُوءته.
وقال أبو الزِّنادالزِّناد: كنتُ كاتباً لعُمر بن عبد العزيز فكان يكتب إلى عبد الحميد عامله على المدينة في المَظالم فيُراجعه فيها فكتَب " إليه ": إنه يُخيَّل إلي أَنِّي لو كتبتُ إليك أن تُعطِي رجلاً شاةٍ لكتبتَ إليّإليّ: أضأنا أم مَعزاً ولو كتبتُ إليك بأحدهما لكتبتَ إليَّإليَّ: أذكراً أم أنثى ولو كتبتُ إليك بأحدهما لكتبتلكتبت: أصغيراً أم كبيراً فإذا كتبتُ إليك في مَظْلمة " فنَفِّذ أمري " ولا تراجعني فيهافيها.
وكتب أبو جعفر إلى سَلْم بن قُتيبة يأمره بهَدْم دور مَن خَرج مع إبراهيم " بن عبد الله " وعَقْر نخلهم فكتب إليهإليه: بأيّ ذلك تَبدأ بالدُّور أو بالنّخل فكتب إليه أبو جعفرجعفر: إنِّي لو أمرتك بإفساد تَمرهم لكتبتَلكتبتَ: بأيّ ذلك نبدأ بالصَّيْحاني أم بالبَرْنِيّ وعَزله وولّى محمد بن سليمانسليمان.
" ولمحمود الورّاقالورّاق: كم قد رأيتَ مَساءةً من حيثُ تَطْمع أن تُسَرّا ولربما طَلب الفَتى لأخيه مَنْفعة فَضَرا " ودخل عَدِيّ بن أرْطأة على شرَيح القاضي فقال لهله: أين أنت أصلحك الله قالقال: بينك وبين الحائط قالقال: اسمع منِّي قالقال: قُلْ نَسمع قالقال: إني رَجل من أهل الشام قالقال: مكان سَحيق قالقال: وتزوّجتُ عندكم قالقال: بالرِّفاء والبَنين قالقال: وأردتُ أن أرحِّلها قالقال: الرَّجلُ أحقُّ بأهله قالقال: وشرَطتُ لها دارها قالقال: الشَرْط أَمْلك قالقال: فاحكم الآن بيننا قالقال: قد فعلتُ قالقال: فعلى مَن حكمتَ قالقال: على ابن أمّك قالقال: بشهادة من قال بشهادة ابن أخت خالتك - أراد شُريح إقرارَه على نفسه بالشَّرْطِ - وكان شِريح صاحب تعريض عويصعويص.
ودخل شريك بنُ عبد الله على إسماعيل وهو يتَبخَر بعود فقال للخادمللخادم: جئنا بعود لأبي عبد اللهالله.
فجاء بِبَربط فقال له إسماعيلإسماعيل: اكْسِرْه " ويلك "! وقال لشَريكلشَريك: أخَذُوا البارحةَ في الحرس رجلاً ومعه هذا البَرْبطالبَرْبط.
وقال بعض الشعراء في عيّ الخادمالخادم: وَمَتَى أدْعها بكأْسٍ من الما ء أتَتْني بصَحْفَة وزبِيبِ وقال حَبيبٌ في بني تَغْلِب من أهل الجَزِيرة يَصفُهم بالجفاء وقِلَةِ الأدب مع كرم النُّفوسالنُّفوس: لا رِقَّةُ الحَضَرِ اللَّطيف غَذَتْهمُ وتَباعدُوا عن فِطْنة الأعْراب فإذا كشفتَهمُ وجدتَ لديهمُ كَرَم النُّفوس وقِلَّة الآدابَ وكان فَتًى يُجالسُ الشَّعْبيّ وكان كثيرَ الصَّمت فالتفت إلى الشَّعبيّ فقال لهله: إني لأجد في قَفاي حِكِّة أفتأمُرني بالحِجامة فقال الشَعبِيُّالشَعبِيُّ: الحمدُ لله الذي حوَلنا من الفِقْه إلى الحِجامةالحِجامة.
" قالقال: وأتى أحمدَ بن الخَصيب بعضُ المتظلّمين يوماً فأخرج رِجْلَه من الرِّكاب فَركله بهابها.
فقال فيه قلْ للخليفَةِ يابن عَمِّ محمدٍ اشْكُل وزيرَك إنَّه رَكَّالُ " وبعثَ رجلٌ من التّجار وكيلاً له إلى رَجل من الأشراف يَقْتضيه مالاً عليه فَرَجَع إليه مَضروباَ فقال لهله: ويلكويلك! مالك قالقال: سَبك فسببته فضَرَبَنيفضَرَبَني.
قالقال: وما قال لك قال قالقال: أدخَل الله هَنَ الحِمار في حِرِ أمَ مَن أرسلك قالقال: دَعْني مِن افترائه عليّ وسَبّه لي وأخبرني كيف جعلتَ أنتَ لأيْرِ الحِمار من الحُرْمة ما لمِ تجعله لِحِر أمّ مَن أرسلك هلا قلتَقلتَ: أيْر الحِمار في هَنِ أم مَن أرْسلك
{{العقد الفريد/الجزء الثاني}}
|