الفرق بين المراجعتين لصفحة: «جامع العلوم والحكم/الحديث السادس عشر»
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
اضافة تقييم جودة |
|||
سطر 9:
<div class = prose>
<big>عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رجلًا قال للنبي {{صل}} أوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب .</big> رواه
هذا الحديث خرجه البخاري من طريق أبي الحصين الأسدي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ولم يخرجه مسلم لأن الأعمش رواه عن أبي صالح واختلف عليه في إسناده فقيل عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة كقول أبي حصين وقيل عنه عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري وعند يحيى بن معين أن هذا هو الصحيح وقيل عنه أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد وقيل عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة أو جابر وقيل عنه عن أبي صالح عن رجل من الصحابة غير
وخرج الترمذي هذا الحديث من طريق أبي حصين أيضًا ولفظه جاء رجل إلى النبي {{صل}} فقال يا رسول الله علمني شيئًا ولا تكثر على لعلي أعيه قال لا تغضب فردد ذلك مرارا كل ذلك يقول لا تغضب وفي رواية أخرى لغير الترمذي قال قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة ولا تكثر علي قال لا تغضب فهذا الرجل طلب من النبي {{صل}} أن يوصيه وصية وجيزة جامعة لخصال الخير ليحفظها عنه خشية أن لا يحفظها لكثرتها ووصاه النبي أن لا يغضب ثم ردد هذه المسئلة عليه مرارا والنبي {{صل}} يردد عليه هذا الجواب فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر وأن التحرز منه جماع الخير ولعل هذا الرجل الذي سأل النبي {{صل}} هو أبو الدرداء فقد خرج الطبراني من حديث أبي الدرداء قال قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة قال لا تغضب ولك الجنة وقد روى الأحنف بن قيس عن عمه حارثة بن قدامة أن رجلًا قال يا رسول الله قل لي قولًا وأقلل علي لعلي أعقله قال لا تغضب فأعاد عليه مرارا كل ذلك يقول لا تغضب خرجه الإمام أحمد وفي رواية له أن حارثة بن قدامة قال سألت النبي {{صل}} فذكره فهذا يغلب على الظن أن السائل هو حارثة بن قدامة ولكن ذكر الإمام أحمد عن يحيى القطان أنه قال هكذا قال هشام يعني أن هشاما ذكر في الحديث أن حارثة سأل النبي {{صل}} قال يحيي وهم يقولون إنه لم يدرك النبي {{صل}} وكذا قال العجلي وغيره إنه تابعي وليس
وخرج الإمام أحمد من حديث الزهري عن حميد بن عبدالرحمن عن رجل من أصحاب النبي {{صل}} قال قلت يا رسول الله أوصني قال لا تغضب قال الرجل ففكرت حين قال النبي {{صل}} ما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله ورواه مالك في الموطأ عن الزهري عن حميد
وخرج الإمام أحمد من حديث عبدالله بن عمرو أنه سأل النبي {{صل}} ماذا يباعدني من غضب الله عز وجل قال لا تغضب وقول الصحابي ففكرت فيما قال النبي {{صل}} فإذا الغضب يجمع الشر كله يشهد لما ذكره أن الغضب جماع الشر
قال جعفر بن محمد الغضب مفتاح كل شر وقيل لابن المبارك اجمع لنا حسن الخلق في كلمة قال ترك الغضب وكذا فسر الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه حسن الخلق بترك
وقد روى ذلك مرفوعًا خرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة من حديث أبي العلاء بن الشخير أن رجلًا أتى النبي {{صل}} من قبل وجهه فقال يا رسول الله أي العمل أفضل فقال حسن الخلق ثم أتاه عن يمينه فقال يا رسول الله أي العمل أفضل فقال حسن الخلق ثم أتاه عن شماله فقال يا رسول الله أي العمل أفضل قال حسن الخلق ثم أتاه من بعده يعني من خلفه فقال يا رسول الله أي العمل أفضل فالتفت إليه رسول الله رسول {{صل}} فقال مالك لا تفقه حسن الخلق هو أن لا تغضب إن استطعت وهذا مرسل فقوله {{صل}} لمن استوصاه لا تغضب يحتمل أمرين أحدهما أن يكون مراده الأمر بالأسباب التي توجب حسن الخلق من الكرم والسخاء والحلم والحياء والتواضع والاحتمال وكف الأذى والصفح والعفو وكظم الغيظ والطلاقة والبشر ونحو ذلك من الأخلاق الجميلة فإن النفس إذا تخلقت بهذه الأخلاق وصارت لها عادة أوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه والثاني أن يكون المراد لا تعمل بمقتضى الغضب إذا حصل لك بل جاهد نفسك على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به فإن الغضب إذا ملك شيئًا من بني آدم كان الآمر والناهي له ولهذا المعنى قال الله عز وجل
وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي {{صل}} قال في خطبته ألا إن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أفما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فمن أحس من ذلك بشيء فليلزق
وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي ذر أن النبي {{صل}} قال إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع وقد قيل إن المعنى في هذا أن القائم متهيئ للانتقام والجالس دونه في ذلك والمضطجع أبعد عنه فأمره بالتباعد عنه حالة الانتقام ويشهد لذلك أنه روي من حديث سنان بن سعد عن أنس عن النبي {{صل}} ومن حديث الحسن مرسلًا عن النبي {{صل}} قال الغضب جمرة في قلب الإنسان توقد ألا ترى إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فإذا أحس أحدكم من ذلك شيئًا فليجلس ولا يعدونه الغضب والمراد أنه يحبسه في نفسه ولا يعديه إلى غيره بالأذى بالفعل ولهذا المعنى قال النبي {{صل}} في الفتن إن المضطجع فيها خير من القاعد والقاعدة فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي وإن كان هذا على وجه ضرب المثال في الإسراع في الفتن إلا أن المعنى أن من كان أقرب إلى الإسراع فيها فهو شر ممن كان أبعد عن
وخرج الإمام أحمد من حديث ابن عباس عن النبي قال إذا غضب أحدكم فليسكت قالها ثلاثًا وهذا أيضًا دواء عظيم للغضب لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيرًا من السباب وغيره مما يعظم ضرره فإذا سكت زال هذا الشر كله عنده وما أحسن قول مورق العجلي رحمه الله ما امتلأت غضبًا قط ولا تكلمت في غضب قط بما أندم عليه إذا رضيت وغضب يومًا عمر بن عبدالعزيز فقال له ابنه عبدالملك رحمهما الله أنت يا أمير المؤمنين مع ما أعطاك الله وفضلك به تغضب هذا الغضب فقال له أو ما تغضب يا عبدالملك فقال له عبدالملك وما يغني عني سعة جوفي إذا لم أردد فيه الغضب حتى لا يظهر فهؤلاء قوم ملكوا أنفسهم عند الغضب رضي الله
وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث عروة بن محمد السعدي أنه كلمه رجل فأغضبه فقام فتوضأ ثم قال حدثني أبي عن جدي عطية قال قال رسول الله {{صل}} إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ وروى أبو نعيم بإسناده عن أبي مسلم الخولاني أنه كلم معاوية بشيء وهو على المنبر فغضب ثم نزل فاغتسل ثم عاد إلى المنبر وقال سمعت رسول الله {{صل}} يقول إن الغضب من الشيطان والشيطان من النار والماء يطفيء النار فإذا غضب أحدكم
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي {{صل}} قال ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود عن النبي {{صل}} قال ما تعدون الصرعة فيكم قلنا الذي لا تصرعه الرجال قال ليس ذلك ولكنه الذي يملك نفسه عن
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث معاذ بن أنس الجهني عن النبي {{صل}} قال من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور
وخرج الإمام أحمد من حديث ابن عمر عن النبي {{صل}} قال ما تجرع عبد جرعة أفضل عند الله من جرعة غيظ يكظمها ابتغاء وجه الله تعالى ومن حديث ابن عباس عن النبي {{صل}} قال ما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد ما كظم عبد لله إلا ملأ الله جوفه
وخرج أبو داود معناه من رواية بعض الصحابة عن النبي {{صل}} وقال ملأه الله أمنا وإيمانا وقال ميمون بن مهران جاء رجل إلى سلمان فقال يا أبا عبدالله أوصني قال لا تغضب قال أمرتني أن لا أغضب وإنه ليغشاني ما لا أملك قال فإن غضبت فاملك لسانك ويدك خرجه ابن أبي الدنيا وملك لسانه ويده هو الذي أشار إليه النبي {{صل}} بأمره لمن غضب أن يجلس ويضطجع وبأمره له أن يسكت قال عمر بن عبدالعزيز قد أفلح من عصم عن الهوى والغضب والطمع وقال الحسن أربع من كن فيه عصمه الله من الشيطان وحرمه على النار من ملك نفسه عند الرغبة والرهبة والشهوة والغضب فهذه الأربع التي ذكرها الحسن هي مبدأ الشر كله فإن الرغبة في الشيء هي ميل النفس إليه لاعتقاد نفعه فمن حصل له رغبة في شيء حملته تلك الرغبة على طلب ذلك الشيء من كل وجه يظنه موصلا إليه وقد يكون كثير منها محرما وقد يكون ذلك الشيء المرغوب فيه محرما والرهبة هي الخوف من الشيء وإذا خاف الإنسان من شيء تسبب في دفعه عنه بكل طريق يظنه دافعا له وقد يكون كثير منها محرما والشهوة هي ميل النفس إلى ما يلائمها وتلتذ به وقد تميل كثيرًا إلى ما هو محرم كالزنا والسرقة وشرب الخمر وإلى الكفر والسحر والنفاق والبدع والغضب هو غليان دم القلب طلبا لدفع المؤذي عنه خشية وقوعه أو طلبا للانتقام ممن حصل له منه الأذى بعد وقوعه وينشأ من ذلك كثير من الأفعال المحرمة كالقتل والضرب وأنواع الظلم والعدوان وكثير من الأقوال المحرمة كالقذف والسب والفحش وربما ارتقى إلى درجة الكفر كما جرى لجبلة بن الأيهم وكالأيمان التي لا يجوز التزامها شرعا وكطلاق الزوجة الذي يعقب الندم والواجب على المؤمن أن تكون شهوته مقصورة على طلب ما أباحه الله له وربما تناولها بنية صالحة فأثيب عليها وأن يكون غضبه دفعا للأذى في الدين له أو لغيره وانتقاما ممن عصى الله ورسوله كما قال تعالى
وخرج الطبراني من حديث أنس مرفوعًا ثلاث من أخلاق الإيمان من إذا غضب لم يدخله غضبه في باطل ومن إذا رضي لم يخرجه رضاه من حق ومن إذا قدر لم يتعاط ما ليس له وقد روي عن النبي {{صل}} أنه أخبر عن رجلين ممن كان قبلنا كان أحدهما عابدا، وكان الآخر مسرفا على نفسه، وكان العابد يعظه فلا ينتهي فرآه يومًا على ذنب استعظمه فقال والله لا يغفر الله لك فغفر للمذنب وأحبط عمل العابد وقال أبو هريرة لقد تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرت فكان أبو هريرة يحذر الناس أن يقولوا مثل هذه الكلمة في غضب وقد خرجه الإمام أحمد وأبو داود فهذا غضب لله ثم تكلم في حال غضبه لله بما لا يجوز وحتم على الله بما لا يعلم فأحبط الله عمله فكيف بمن تكلم في غضبه لنفسه ومتابعة هواه بما لا يجوز وفي صحيح مسلم عن عمران بن حصين أنهم كانوا مع النبي {{صل}} في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها فسمع النبي {{صل}} فقال خذوا متاعها ودعوها وفيه أيضًا عن جابر قال سرنا مع رسول الله {{صل}} في غزوة ورجل من الأنصار على ناضح له فتلدن عليه بعض التلدن فقال له سر يلعنك الله فقال رسول الله {{صل}} انزل عنه فلا يصحبنا ملعون لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم فهذا كله يدل على أن دعاء الغضبان قد يجاب إذا صادف ساعة إجابة وأنه ينهى عن الدعاء على نفسه وأهله وماله في الغضب وأما ما قاله مجاهد في قوله تعالى
وفي مسند الإمام أحمد عن خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت أنها راجعت زوجها فغضب فظاهر منها، وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه وضجر وأنها جاءت إلى النبي {{صل}} فجعلت تشكو إليه ما تلقى من سوء خلقه فأنزل الله آية الظهار وأمره رسول الله {{صل}} بكفارة في قصة طويلة وخرجها ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي العالية أن خولة غضب زوجها فظاهر منها فأتت النبي {{صل}} فأخبرته بذلك وقالت إنه لم يرد الطلاق فقال النبي {{صل}} ما أراك إلا حرمت عليه وذكر القصة بطولها وفي آخرها قال فحول الله الطلاق فجعله ظهارا فهذا الرجل ظاهر في حال غضبه، وكان النبي {{صل}} يرى حينئذ أن الظهار طلاق وقد قال إنها حرمت عليه بذلك يعني لزمه الطلاق فلما جعله الله ظهارا مكفرا ألزمه بالكفارة ولم يلغه وروى مجاهد عن ابن عباس أن رجلًا قال له إني طلقت امرأتي ثلاثًا وأنا غضبان فقال ابن عباس لا يستطيع أن يحل لك ما حرم الله عليك عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك خرجه الجوزجاني والدارقطني بإسناد على شرط
وخرج القاضي إسماعيل بن إسحاق في كتاب أحكام القرآن بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت اللغو في الأيمان ما كان في المراء والهزل والمزاحة والحديث الذي لا يعقد عليه القلب وأيمان الكفارة على كل يمين حلفت عليها على جد من الأمر في غضب أو غيره لتفعلن أو لتتركن فذلك عقد الأيمان فيها الكفارة وكذا رواه وهب عن يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة وهذا من أصح الأسانيد وهذا يدل على أن الحديث المروي عنها مرفوعًا لا طلاق ولا عتاق في إغلاق إما أنه غير صحيح أو إن تفسيره بالغضب غير صحيح وقد صح عن غير واحد من الصحابة أنهم أفتوا أن يمين الغضبان منعقدة وفيها الكفارة وما روي عن ابن عباس مما يخالف ذلك فلا يصح إسناده قال الحسن طلاق السنة أن يطلقها واحدة طاهرًا من غير جماع وهو بالخيار ما بينه وبين أن تحيض ثلاث حيض فإن بداله أن يراجعها كان أملك بذلك فإن كان غضبان ففي ثلاث حيض أو في ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض ما يذهب غضبه وقال الحسن لقد بين الله لئلا يندم أحد في طلاق كما أمره الله خرجه القاضي إسماعيل وقد جعل كثير من العلماء الكنايات مع الغضب كالصريح في أنه يقع بها الطلاق ظاهرا ولا يقبل تفسيرها مع الغضب بغير الطلاق ومنهم من جعل الغضب مع الكنايات كالنية فأوقع بذلك الطلاق في الباطن أيضًا فكيف يجعل الغضب مانعا من وقوع صريح
</div>
|