الفرق بين المراجعتين لصفحة: «كتاب الأم - المجلد الثامن7»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
تقييم الجودة
 
سطر 5:
صفحة : 2445
 
قال الشافعي رحمه الله: رجم صلى الله عليه وسلم{{ص}} محصنين يهوديين زنيا، ورجم عمر محصنة، وجلد عليه السلام بكرا مائة وغربه عاما وبذلك أقول. فإذا أصاب الحر أو أصيبت الحرة بعد البلوغ بنكاح صحيح فقد أحصنا فمن زنى منهما فحده الرجم حتى يموت ثم يغسل ويصلى عليه ويدفن، ويجوز للإمام أن يحضر رجمه ويترك فإن لم يحصن جلد مائة وغرب عاما عن بلده بالسنة، ولو أقر مرة حد لأن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أمر أنيسا أن يغدو على امرأة فإن اعترفت رجمها، وأمر عمر رضي الله عنه أبا واقد الليثي بمثل ذلك ولم يأمرا بعدد إقراره وفي ذلك دليل أنه يجوز أن يقيم الإمام الحدود وإن لم يحضره، ومتى رجع ترك وقع به بعض الحد أو لم يقع. قال: ولا يقام حد الجلد على حبلى ولا على المريض المدنف ولا في يوم حره أو برده مفرط ولا في أسباب التلف، ويرجم المحصن في كل ذلك إلا أن تكون امرأة حبلى فتترك حتى تضع ويكفل ولدها، وإن كان البكر نضو الخلق إن ضرب بالسيف تلف ضرب بأثكال النخل اتباعا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} ذلك في مثله، ولا يجوز على الزنا واللواط وإتيان البهائم إلا أربعة يقولون: رأينا ذلك منه يدخل في ذلك منها دخول المرود في المكحلة. قال المزني رحمه الله: قلت أنا ولم يجعل في كتاب الشهادات إتيان البهيمة زنا ولا في كتاب الطهارة في مس فرج البهيمة وضوءا. قال: وإن شهدوا متفرقين قبلتهم إذا كان الزنا واحدا، ومن رجع بعد تمام الشهادة لم يحد غيره وإن لم تتم شهود الزنا أربعة فهم قذفة يحدون، فإن رجم بشهادة أربعة ثم رجع أحدهم سألته فإن قال: عمدت أن أشهد بزور مع غيري ليقتل فعليه القود، وإن قال: شهدت ولا أعلم عليه القتل أو غيره أحلف وكان عليه ربع الدية والحد، وكذلك إن رجع الباقون ولو شهد عليها بالزنا أربعة وشهد أربع نسوة عدول أنها عذراء فلا حد، وإن أكرهها على الزنا فعليه الحد دونها ومهر مثلها، وحد العبد والأمة - أحصنا بالزواج أو لم يحصنا- نصف حد الحر والجلد خمسون جلدة. وقال في موضع آخر: أستخير الله في نفيه نصف سنة وقطع في موضع آخر بأن ينفى نصف سنة. قال المزني رحمه الله: قلت أنا وهذا بقوله أولى قياسا على نصف ما يجب على الحر من عقوبة الزنا. قال الشافعي رحمه الله: ويحد الرجل أمته إذا زنت لقول النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}: إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها .
باب ما جاء في حد الذميين
قال الشافعي رحمه الله في كتاب الحدود: وإن تحاكموا إلينا فلنا أن نحكم أو ندع، فإن حكمنا حددنا المحصن بالرجم لأن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} رجم يهوديين زنيا وجلدنا البكر مائة وغربناه عاما. وقال في كتاب الجزية: إنه لا خيار له إذا جاؤوه في حد الله فعليه أن يقيمه لما وصفت من قول الله عز وجل: وهم صاغرون قال المزني رحمه الله: هذا أولى قوليه به إذ زعم أن معنى قول الله تعالى: وهم صاغرون أي تجري عليهم أحكام الإسلام ما لم يكن أمر حكم الإسلام فيه تركهم وإياه.
باب حد القذف
سطر 18:
صفحة : 2446
 
قال الشافعي رحمه الله: القطع في ربع دينار فصاعدا لثبوت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} بذلك، وأن عثمان بن عفان رضي الله عنه قطع سارقا في أترجة قومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما بدينار. قال مالك: هي الأترجة التي تؤكل. قال الشافعي وفي ذلك دلالة على قطع من سرق الرطب من طعام وغيره إذا بلغت سرقته ربع دينار وأخرجها من حرزها، والدينار هو المثقال الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، ولا يقطع إلا من بلغ الاحتلام من الرجال والحيض من النساء أو أيهما استكمل خمس عشرة سنة وإن لم يحتلم أو لم تحض، وجملة الحرز أن ينظر إلى المسروق فإن كان الموضع الذي سرق منه ينسبه العامة إلى أنه حرز في مثل ذلك الموضع قطع إذا أخرجها من الحرز، وإن لم ينسبه العامة إلى أنه حرز لم يقطع، ورداء صفوان كان محرزا باضطجاعه عليه فقطع عليه السلام سارق ردائه. قال الشافعي رحمه الله: وإذا ضم متاع السوق إلى بعض في موضع تبايعاه وربط بحبل أو جعل الطعام في حبس وخيط عليه قطع وهكذا يحرز، وإذا كان يقود قطار إبل أو يسوقها وقطر بعضها إلى بعض فسرق منها أو مما عليها شيئا قطع، وإن أناخها حيث ينظر إليها في صحراء أو كانت غنما فآواها إلى مراح فاضطجع حيث ينظر إليها فهذا حرزها، ولو ضرب فسطاطا وآوى فيه متاعه فاضطجع فسرق الفسطاط والمتاع من جوفه قطع لأن اضطجاعه حرز له ولما فيه إلا أن الأحراز تختلف فيحرز كل بما تكون العامة تحرز مثله، ولو اضطجع في صحراء ووضع ثوبه بين يديه أو ترك أهل الأسواق متاعهم في مقاعد ليس عليها حرز لم يضم ولم يربط، أو أرسل رجل إبله ترعى أو تمضي على الطريق غير مقطورة أو أباتها بصحراء ولم يضطجع عندها، أو ضرب فسطاطا فلم يضطجع فيه فسرق من هذا شيء لم يقطع لأن العامة لا ترى هذا حرزا. والبيوت المغلقة حرز لما فيها وإن سرق منها شيء فأخرج بنقب أو فتح باب أو قلعه قطع، وإن كان البيت مفتوحا لم يقطع، وإن أخرجه من البيت والحجرة إلى الدار والدار للمسروق منه وحده لم يقطع حتى يخرجه من جميع الدار لأنها حرز لما فيها، وإن كانت مشتركة وأخرجه من الحجرة إلى الدار فليست الدار بحرز لأحد من السكان فيقطع، ولو أخرج السرقة فوضعها في بعض النقب وأخذها رجل من خارج لم يقطع واحد منهما، وإن رمى بها فأخرجها من الحرز قطع، وإن كانوا ثلاثة فحملوا متاعا فأخرجوه معا يبلغ ثلاثة أرباع دينار قطعوا وإن نقص شيئا لم يقطعوا، وإن أخرجوه متفرقا فمن أخرج ما يساوي ربع دينار قطع وإن لم يسو ربع دينار لم يقطع، ولو نقبوا معا ثم أخرج بعضهم ولم يخرج بعض قطع المخرج خاصة، وإن سرق سارق ثوبا فشقه أو شاة فذبحها في حرزها ثم أخرج ما سرق فإن بلغ ربع دينار قطع وإلا لم يقطع، ولو كانت قيمة ما سرق ربع دينار ثم نقصت القيمة فصارت أقل من ربع دينار ثم زادت القيمة فإنما أنظر إلى الحال التي خرج بها من الحرز، ولو وهبت له لم أدرأ بذلك عنه الحد، وإن سرق عبدا صغيرا لا يعقل أو أعجميا من حرز قطع وإن كان يقعل لم يقطع، وإن سرق مصحفا أو سيفا أو شيئا مما يحل ثمنه قطع، وإن أعار رجلا بيتا فكان يغلقه دونه فسرق منه رب البيت قطع، ويقطع العبد آبقا وغير آبق، ويقطع النباش إذا أخرج الكفن من جميع القبر لأن هذا حرز مثله.
باب قطع اليد والرجل في السرقة
قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا بعض أصحابنا عن محمد بن عبد الرحمن عن الحرث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال في السارق: إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله . واحتج بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قطع يد السارق اليسرى وقد كان أقطع اليد والرجل. قال الشافعي رحمه الله: فإذا سرق قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت بالنار، فإذا سرق الثانية قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب ثم حسمت بالنار، فإذا سرق الثالثة قطعت يده اليسرى من مفصل الكف ثم حسمت بالنار، فإذا سرق الرابعة قطعت رجله اليمنى من مفصل الكعب ثم حسمت بالنار ويقطع بأخف مؤنة وأقرب سلامة، وإن سرق الخامسة عزر وحبس. ولا يقطع الحربي إذا دخل إلينا بأمان ويضمن السرقة.
باب الإقرار بالسرقة والشهادة عليها
سطر 48:
صفحة : 2448
 
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن أزهر قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} بشارب فقال: اضربوه ، فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب وحثوا عليه التراب، ثم قال: نكبوه فنكبوه ثم أرسله قال: فلما كان أبو بكر سأل من حضر ذلك الضرب فقومه أربعين، فضرب أبو بكر في الخمر أربعين حياته ثم عمر، ثم تتابع الناس في الخمر فاستشار فضرب ثمانين. وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار فقال علي: نرى أن يجلد ثمانين لأنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى أو كما قال، فجلده عمر ثمانين في الخمر. وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: ليس أحد نقيم عليه حدا فيموت فأجد في نفسي شيئا الحق قتله إلا حد الخمر فإنه شيء رأيناه بعد النبي صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، فمن مات منه فديته- إما قال- في بيت المال- وإما قال- على عاقلة الإمام. الشك من الشافعي . قال الشافعي وإذا ضرب الإمام في خمر أو ما يسكر من شراب بنعلين أو طرف ثوب أو رداء أو ما أشبهه ضربا يحيط العلم أنه لم يجاوز أربعين فمات من ذلك فالحق قتله، وإن ضرب أكثر من أربعين بالنعال وغير ذلك فمات فديته على عاقلة الإمام دون بيت المال لأن عمر أرسل إلى امرأة ففزعت فأجهضت ذا بطنها، فاستشار عليا فأشار عليه أن يديه فأمر عمر عليا فقال عمر: عزمت عليك لتقسمنها على قومك. قال المزني رحمه الله: هذا غلط في قوله إذا ضرب أكثر من أربعين فمات فلم يمت من الزيادة وحدها وإنما مات من الأربعين وغيرها، فكيف تكون الدية على الإمام كلها وإنما مات المضروب من مباح وغير مباح? ألا ترى أن الشافعي يقول: لو ضرب الإمام رجلا في القذف إحدى وثمانين فمات أن فيها قولين أحدهما: أن عليه نصف الدية والآخر أن عليه جزءا من أحد وثمانين جزءا من الدية. قال المزني: ألا ترى أنه يقول: لو جرح رجلا جرحا فخاطه المجروح فمات فإن كان خاطه في لحم حي فعلى الجارح نصف الدية لأنه مات من جرحه والجرح الذي أحدثه في نفسه، فكل هذا يدلك إذا مات المضروب من أكثر من أربعين فمات أنه بهما مات فلا تكون الدية كلها على الإمام لأنه لم يقتله بالزيادة وحدها حتى كان معها مباح، ألا ترى أنه يقول فيمن جرح مرتدا ثم أسلم ثم جرح جرحا آخر فمات أن عليه نصف الدية لأنه مات من مباح وغير مباح? قال المزني رحمه الله: وكذلك إن مات المضروب بأكثر من أربعين من مباح وغير مباح. قال الشافعي ولو ضرب امرأة حدا فأجهضت لم يضمنها وضمن ما في بطنها لأنه قتله، ولو حده بشهادة عبدين أو غير عدلين في أنفسهما فمات ضمنته عاقلته لأن كل هذا خطأ منه في الحكم وليس على الجاني شيء. ولو قال الإمام للجالد: إنما أضرب هذا ظلما ضمن الجالد والإمام معا. ولو قال الجالد: قد ضربته وأنا أرى الإمام مخطئا وعلمت أن ذلك رأي بعض الفقهاء ضمن إلا ما غاب عنه بسبب ضربه. ولو قال: اضربه ثمانين فزاد سوطا فمات فلا يجوز فيه إلا واحد من قولين أحدهما: أن عليهما نصفين كما لو جنى رجلان عليه أحدهما بضربة والآخر بثمانين ضمنا الدية نصفين أو سهما من واحد وثمانين سهما. قال: وإذا خاف رجل نشوز امرأته فضربها فماتت فالعقل على العاقلة لأن ذلك إباحة وليس بفرض، ولو عزر الإمام رجلا فمات فالدية على عاقلته والكفارة في ماله. قال: وإذا كانت برجل سلعة فأمر السلطان بقطعها أو أكلة فأمر بقطع عضو منه فمات فعلى السلطان القود في المكره، وقد قيل عليه القود في الذي لا يقتل، وقيل لا قود عليه في الذي لا يقتل وعليه الدية في ماله، وأما غير السلطان يفعل هذا فعليه القود. ولو كان رجل أغلف أو امرأة لم تخفض فأمر السلطان فعذرا فماتا لم يضمن السلطان لأنه كان عليهما أن يفعلا إلا أن يعذرهما في حر شديد أو برد مفرط الأغلب أنه لا يسلم من عذر في مثله فيضمن عاقلته الدية.
باب صفة السوط
سطر 65:
صفحة : 2450
 
قال الشافعي رحمه الله: إذا طلب الفحل رجلا ولم يقدر على دفعه إلا بقتله فقتله لم يكن عليه غرم كما لو حمل عليه مسلم بالسيف فلم يقدر على دفعه إلا بضربة فقتله بالضرب أنه هدر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: من قتل دون ماله فهو شهيد فإذا سقط عنه الأكثر لأنه دفعه عن نفسه بما يجوز له كان الأقل أسقط. قال الشافعي ولو عض يده رجل فانتزع يده فندرت ثنيتا العاض كان ذلك هدرا، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: أيدع يده في فيك تقضمها كأنها في فحل وأهدر ثنيته. قال: ولو عضه كان له فك لحييه بيده الأخرى، فإن عض قفاه فلم تنله يداه كان له أن ينزع رأسه من فيه، فإن لم يقدر فله التحامل عليه برأسه إلى ورائه ومصعدا ومنحدرا، وإن غلبه ضبطا بفيه كان له ضرب فيه بيده حتى يرسله، فإن بعج بطنه بسكين أو فقأ عينه بيده أو ضربه في بعض جسمه ضمن. ورفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه جارية كانت تحتطب فاتبعها رجل فراودها عن نفسها فرمته بفهر أو صخر فقتلته، فقال عمر: هذا قتيل الله والله لا يودي أبدا. قال: ولو قتل رجل رجلا فقال: وجدته على امرأتي فقد أقر بالقود وادعى فإن لم يقم بينة قتل. قال سعد: يا رسول الله أرأيت ن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء? فقال عليه الصلاة والسلام: نعم . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته. قال: ولو تطلع إليه رجل من نقب فطعنه بعود أو رماه بحصاة أو ما أشبهها فذهبت عينه فهي هدر، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} نظر إلى رجل ينظر إلى بيته من جحر وبيده مدرى يحك به رأسه فقال عليه الصلاة والسلام: لو أعلم أنك تنظر لي أو تنظرني لطعنت به في عينك إنما جعل الاستئذان من أجل البصر . ولو دخل بيته فأمره بالخروج فلم يخرج فله ضربه وإن أتى على نفسه. قال المزني رحمه الله: الذي عض رأسه فلم يقدر أن يتخلص من العاض أولى بضربه ودفعه عن نفسه وإن أتى ذلك على نفسه.
باب الضمان على البهائم
قال الشافعي أخبرنا مالك عن الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء دخلت حائطا فأفسدت فيه، فقضى عليه السلام أن على أهل الأموال حفظها بالنهار وما أفسدت المواشي بالليل فهو ضامن على أهلها. قال الشافعي رحمه الله: والضمان على البهائم وجهان. أحدهما: ما أفسدت من الزرع بالليل ضمنه أهلها، وما أفسدت بالنهار لم يضمنوه. والوجه الثاني: إن كان الرجل راكبا فما أصابت بيدها أو رجلها أو فيها أو ذنبها من نفس أو جرح فهو ضامن له لأن عليه منعها في تلك الحال من كل ما أتلفت به أحدا، وكذلك إن كان سائقا أو قائدا، وكذلك الإبل المقطورة بالبعير الذي هو عليه لأنه قائد لها، وكذلك الإبل يسوقها ولا يجوز إلا ضمان ما أصابت الدابة تحت الرجل ولا يضمن إلا ما حملها عليه فوطئته، فأما من ضمن عن يدها ولم يضمن عن رجلها فهذا تحكم، وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} من أن الرجل جبار فهو خطأ لأن الحفاظ لم يحفظوه هكذا. قال: ولو أنه أوقفها في موضع ليس له أن يقفها فيه ضمن، ولو وقفها في ملكه لم يضمن، ولو جعل في داره كلبا عقورا أو حبالة فدخل إنسان فقتله لم يكن عليه شيء. قال المزني: وسواء عندي أذن له في الدخول أو لم يأذن له.
كتاب السير
سطر 77:
صفحة : 2451
 
قال الشافعي رحمه الله: لما مضت بالنبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} مدة من هجرته أنعم الله فيها على جماعات باتباعه حدثت لها مع عون الله قوة بالعدد لم تكن قبلها ففرض الله عليهم الجهاد، فقال تعالى: كتب عليكم القتال وهو كره لكم وقال تعالى: وقاتلوا في سبيل الله مع ما ذكرته فرض الجهاد، ودل كتاب الله عز وجل ثم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم{{ص}} أنه لم يفرض الجهاد على مملوك ولا أنثى ولا على من لم يبلغ لقول الله تعالى: وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله فحكم أن لا مال للملوك. وقال: حرض المؤمنين على القتال فدل على أنهم الذكور. وعرض ابن عمر على النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فرده، وعرض عليه عام الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه، وحضر مع النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} في غزوة عبيد ونساء وغير بالغين فرضخ لهم، وأسهم لضعفاء أحرار وجرحى بالغين فدل أن السهمان إنما تكون لمن شهد القتال من الرجال الأحرار، فدل بذلك أن لا فرض على غيرهم في الجهاد.
باب من له عذر بالضعف والضرر
والزمانة والعذر بترك الجهاد من كتابة الجزية
قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تعالى: ليس على الضعفاء ولا على المرضى الآية. وقال: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء وقال: ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج فقيل الأعرج المقعد والأغلب أنه عرج الرجل الواحدة، وقيل: نزلت في وضع الجهاد عنهم. قال: ولا يحتمل غيره فإن كان سالم البدن قويه لا يجد أهبة الخروج ونفقة من تلزمه نفقته إلى قدر ما يرى لمدته في غزوة فهو ممن لا يجد ما ينفق فليس له أن يتطوع بالخروج ويذع الفرض، ولا يجاهد إلا بإذن أهل الدين وبإذن أبويه لشفقتهما ورقتهما عليه إذا كانا مسلمين، وإن كانا على غير دينه فإنما يجاهد أهل دينهما فلا طاعة لهما عليه. قد جاهد ابن عتبة بن ربيعة مع النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} ولست أشك في كراهية أبيه لجهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، وجاهد عبد الله بن عبد الله بن أبي مع النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وأبوه متخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} ب أحد يخذل من أطاعه. قال: ومن غزا ممن له عذر أو حدث له بعد الخروج عذر كان عليه الرجوع ما لم يلتق الزحفان أو يكون في موضع يخاف إن رجع أن يتلف. قال: ويتوقى في الحرب قتل أبيه، ولا يجوز أن يغزو يجعل من مال رجل ويرده إن غزا به وإنما أجرته من السلطان لأنه يغزو بشيء من حقه. قال: ومن ظهر منه تخذيل للمؤمنين وإرجاف بهم أو عون عليهم منعه الإمام الغزو معهم لأنه ضرر عليهم، وإن غزا لم يسهم له، وواسع للإمام أن يأذن للمشرك أن يغزو معه إذا كانت فيه للمسلمين منفعة. وقد غزا عليه السلام بيهود من بني قينقاع بعد بدر وشهد معه صفوان حنينا بعد الفتح وصفوان مشرك. قال: وأحب أن لا يعطى المشرك من الفيء شيئا ويستأجر إجارة من مال لا مالك له بعينه وهو سهم النبي صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، فإن أغفل ذلك الإمام أعطى من سهم النبي صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، ويبدأ الإمام بقتال من يليه من الكفار وبالأخوف، فإن كان الأبعد الأخوف فلا بأس أن يبدأ به على معنى الضرورة التي يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها، وأقل ما على الإمام أن لا يأتي عام إلا وله فيه غزو بنفسه أو بسراياه على حسن النظر للمسلمين حتى لا يكون الجهاد معطلا في عام إلا من عذر ويغزى أهل الفيء كل قوم إلى من يليهم.
باب النفير، من كتاب الجزية والرسالة
سطر 92:
صفحة : 2452
 
قال الشافعي الحكم في المشركين حكمان، فمن كان منهم أهل أوثان أو من عبد ما استحسن من غير أهل الكتاب لم تؤخذ منهم الجزية وقوتلوا حتى يقتلوا أو يسلموا لقول الله تبارك وتعالى: وقاتلوا المشركين حيث وجدتموهم . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله . ومن كان منهم أهل كتاب قوتلوا حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فإن لم يعطوا قوتلوا وقتلوا وسبيت ذراريهم ونساؤهم وأموالهم وديارهم وكان ذلك كله فيئا بعد السلب للقاتل في الأنفال، قال ذلك الإمام أو لم يقله لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} نفل أبا قتادة يوم حنين سلب قتيله، وما نفله إياه إلا بعد تقضي الحرب، ونفل محمد بن مسلمة سلب مرحب يوم خيبر، ونفل يوم بدر عمدا ويوم أحد رجلا أو رجلين أسلاب قتلاهم، وما علمته صلى الله عليه وسلم{{ص}} حضر محضرا قط فقتل رجل قتيلا في الأقتال إلا نفله سلبه، وقد فعل ذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. قال: ثم يرفع بعد السلب خمسة لأهله وتقسم أربعة أخماسه بين من حضر الوقعة دون من بعدها، واحتج بأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قالا: الغنيمة لمن شهد الوقعة . قال: ويسهم للبرذون كما يسهم للفرس سهمان وللفارس سهم ولا يعطى إلا لفرس واحد، ويرضخ لمن لم يبلغ والمرأة والعبد والمشرك إذا قاتل ولمن استعين به من المشركين، ويسهم للتاجر إذا قاتل، وتقسم الغنيمة في دار الحرب قسمها رسول الله حيث غنمها وهي دار حرب بني المصطلق وحنين. وأما ما احتج به أبو يوسف بأن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قسم غنائم بدر بعد قدومه المدينة، وقوله الدليل على ذلك أنه أسهم لعثمان وطلحة ولم يشهدا بدرا، فإن كان كما قال فقد خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لا يعطى أحدا لم يشهد الوقعة ولم يقدم مددا عليهم في دار الحرب وليس كما قال. قال الشافعي ما قسم عليه السلام غنائم بدر إلا بسير شعب من شعاب الصفراء قريب من بدر، فلما تشاح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} في غنيمتها أنزل الله عز وجل: يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم . فقسمها بينهم وهي له تفضلا، وأدخل معهم ثمانية نفر من المهاجرين والأنصار بالمدينة، وإنما نزلت واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول بعد بدر، ولم نعلمه أسهم لأحد لم يشهد الوقعة بعد نزول الآية، ومن أعطى من المؤلفة وغيرهم فمن ماله أعطاهم لا من الأربعة الأخماس، وأما ما احتج به من وقعة عبد الله بن جحش وابن الحضرمي فذلك قبل بدر ولذلك كانت وقعتهم في آخر الشهر الحرام فتوقفوا فيما صنعوا حتى نزلت: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه وليس مما خالف فيه الأوزاعي في شيء. قال الشافعي ولهم أن يأكلوا ويعلفوا دوابهم في دار الحرب، فإن خرج أحد منهم من دار الحرب وفي يده شيء صيره إلا الإمام، وما كان من كتبهم فيه طب أو ما لا مكروه فيه بيع، وما كان فيه شرك أبطل وانتفع بأوعيته، وما كان مثله مباحا في بلاد الإسلام من شجر أو حجر أو صيد في بر أو بحر فهو لمن أخذه ومن أسر منهم، فإن أشكل بلوغهم فمن لم ينبت فحكمه حكم طفل ومن أنبت فهو بالغ والإمام في البالغين بالخيار بين أن يقتلهم بلا قطع يد ولا عضو أو يسلم أهل الأوثان، ويؤدي الجزية أهل الكتاب أو يمن عليهم أو يفاديهم بمال أو بأسرى من المسلمين أو يسترقهم، فإن استرقهم أو أخذ منهم مالا فسبيله سبيل الغنيمة. أسر رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أهل بدر فقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحرث ومن على أبي عزة الجمحي على أن لا يقاتله فأخفره وقاتله يوم أحد. فدعا عليه أن لا يفلت فما أسر غيره، ثم أسر ثمامة بن أثال الحنفي فمن عليه ثم أسلم وحسن إسلامه، وفدى النبي عليه السلام رجلا من المسلمين برجلين من المشركين. قال: وإن أسلموا بعد الأسر رقوا، وإن أسلموا قبل الأسر فهم أحرار، وإذا التقوا والعدو فلا يولوهم الأدبار. قال ابن عباس: من فر من ثلاثة فلم يفر ومن فر من اثنين فقد فر . قال الشافعي هذا على معنى التنزيل، فإذا فر الواحد من الاثنين فأقل إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة من المسلمين قلت أو كثرت بحضرته أو مبينة عنه فسواء، ونيته في التحرف والتحيز ليعود للقتال
 
صفحة : 2453
 
المستثنى المخرج من سخط الله، فإن كان هربه على غير هذا المعنى خفت عليه إلا أن يعفو الله أن يكون قد باء بسخط من الله. قال: ونصب رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} على أهل الطائف منجنيقا أو عرادة ونحن نعلم أن فيهم النساء والولدان، وقطع أموال بني النضير وحرقها، وشن الغارة على بني المصطلق غارين وأمر بالبيات والتحريق، وقطع بخيبر وهي بعد النضير وبالطائف وهي آخر غزوة غزاها قط عليه السلام لقي فيها قتالا فبهذا كله أقول. وما أصيب بذلك من النساء والولدان فلا بأس لأنه على غير عمد، فإن كان في دارهم أسارى مسلمون أو مستأمنون كرهت النصب عليهم بما يعم من التحريق والتغريق احتياطا غير محرم له تحريما بينا وذلك أن الدار إذا كانت مباحة فلا يبين أن يحرم بأن يكون فيها مسلم يحرم دمه، ولكن لو التحموا فكان يتكامن التحامهم أن يفعلوا ذلك رأيت لهم أن يفعلوا وكانوا مأجورين لأمرين أحدهما: الدفع عن أنفسهم. والآخر: نكاية عدوهم. ولو كانوا غير ملتحمين فتترسوا بأطفالهم فقد قيل: يضرب المتترس منهم ولا يعمد الطفل، وقد قيل: يكف. ولو تترسوا بمسلم رأيت أن يكف إلا أن يكونوا ملتحمين فيضرب المشرك ويتوقى المسلم جهده، فإن أصاب في هذه الحال مسلما قال في كتاب حكم أهل الكتاب: أعتق رقبة. وقال في موضع آخر من هذا الكتاب: إن كان علمه مسلما فالدية مع الرقبة. قال المزني رحمه الله: ليس هذا عندي بمختلف ولكنه يقول إن كان قتله مع العلم بأنه محرم الدم فالدية مع الرقبة، فإذا ارتفع العلم فالرقبة دون الدية ولذلك قال الشافعي: لو رمى في دار الحرب فأصاب مستأمنا ولم يقصده فليس عليه إلا رقبة، ولو كان علم بمكانه ثم رماه غير مضطر إلى الرمي فعليه رقبة ودية. ولو أدركونا وفي أيدينا خيلهم أو ماشيتهم لم يحل قتل شيء منها ولا عقره إلا أن يذبح لمأكلة، ولو جاز ذلك لغيظهم بقتلهم طلبنا غيظهم بقتل أطفالهم، ولكن لو قاتلونا على خيلهم فوجدنا السبيل إلى قتلهم بأن نعقر بهم فعلنا لأنها تحتهم أداة لقتلنا، وقد عقر حنظلة بن الراهب بأبي سفيان بن حرب يوم أحد فانكسعت به فرسه فسقط عنها فجلس على صدره ليقتله فرآه ابن شعوب فرجع إليه فقتله واستنقذ أبا سفيان من تحته. وقال في كتاب حكم أهل الكتاب: وإنما تركنا قتل الرهبان اتباعا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقال في كتاب السير: ويقتل الشيوخ والأجراء والرهبان، قتل دريد بن الصمة ابن خمسين ومائة سنة في شجار لا يستطيع الجلوس فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} فلم ينكر قتله : قال: ورهبان الديات والصوامع والمساكن سواء، ولو ثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه خلاف هذا لأشبه أن يكون أمرهم بالجد على قتال من يقاتلهم، ولا يتشاغلون بالمقام على الصوامع عن الحرب كالحصون لا يشغلون بالمقام بها عما يستحق النكاية بالعدو وليس أن قتال الحصون حرام، وكما روي عنه أنه نهى عن قطع الشجر المثمر ولعله لأنه قد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقطع على بني النضير وحضره يترك، وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وعدهم بفتح الشام فترك قطعه لتبقى لهم منفعته ذا كان واسعا لهم ترك قطعه. قال المزني رحمه الله: هذا أولى القولين عندي بالحق لأن كفر جميعهم واحد، وكذلك حل سفك دمائهم بالكفر في القياس واحد. قال: وإذا أمنهم مسلم حر بالغ أو عبد يقاتل أو لا يقاتل أو امرأة فالأمان جائز. قال صلى الله عليه وسلم{{ص}}: المسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم . ولو خرجوا إلينا بأمان صبي أو معتوه كان علينا ردهم إلى مأمنهم لأنهم لا يعرفون من يجوز أمانه لهم ومن لا يجوز، ولو أن علجا دل مسلمين على قلعة على أن له جارية سماها فلما انتهوا إليها صالح صاحب القلعة على أن يفتحها لهم ويخلوا بينه وبين أهله ففعل فإذا أهله تلك الجارية فأرى أن يقال للدليل: إن رضيت العوض عوضناك بقيمتها، وإن أبيت قيل لصاحب القلعة أعطيناك ما صالحنا عليه غيرك بجهالة فإن سلمتها عوضناك وإن لم تفعل نبذنا إليك وقاتلناك، فإن كانت أسلمت قبل الظفر أو ماتت عوض ولا يبين ذلك في الموت كما يبين إذا أسلمت. وإن غزت طائفة بغير أمر الإمام كرهته لما في إذن الإمام من معرفته بغزوهم ومعرفتهم، ويأتيه الخبر عنهم فيعينهم حيث يخاف هلاكهم فيقتلون ضيعة. قال الشافعي رحمه الله: ولا أعلم ذلك يحرم عليهم وذلك
 
صفحة : 2454
 
أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} ذكر الجنة فقال له رجل من الأنصار: إن قتلت يا رسول الله صابرا محتسبا? قال: فلك الجنة . قال: فانغمس في العدو فقتلوه. وألقى رجل من الأنصار درعا كان عليه حين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} الجنة ثم انغمس في العدو فقتلوه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}. قال: فإذا حل للمنفرد أن يتقدم على ما الأغلب أنهم يقتلونه كان هذا أكثر مما في الانفراد من الرجل والرجال بغير إذن الإمام. وبعث رسول الله عمرو بن أمية الضمري ورجلا من الأنصار سرية وحدهما، وبعث عبد الله بن أنيس سرية وحده، فإذا سن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أن يتسرى واحد ليصيب غرة ويسلم بالحيلة أو يقتل في سبيل الله فحكم الله تعالى أن ما أوجف المسلمون غنيمة. قال: ومن سرق من الغنيمة من حر أو عبد حضر الغنيمة لم يقطع لأن للحر سهما ويرضخ للعبد، ومن سرق من الغنيمة وفي أهلها أبوه أو ابنه لم يقطع، وإن كان أخوه أو امرأته قطع. قال المزني رحمه الله: وفي كتاب السرقة إن سرق من امرأته لم يقطع. قال: وما افتتح. من أرض موات فهي لمن أحياها من المسلمين، وما فعل المسلمون بعضهم ببعض في دار الحرب لزمهم حكمه حيث كانوا إذا جعل ذلك لإمامهم لا تضع الدار عنهم حد الله ولا حقا لمسلم. وقال في كتاب السير: ويؤخر الحكم عليهم حتى يرجعوا من دار الحرب. قال: ولا أعلم أحدا من المشركين لم تبلغه الدعوة إلا أن يكون خلف الذين يقاتلون أمة من المشركين خلف الترك والخزر لم تبلغهم الدعوة فلا يقاتلون حتى يدعوا إلى الإيمان، فإن قتل منهم أحد قبل ذلك فعلى من قتله الدية. صلى الله عليه وسلم{{ص}} ذكر الجنة فقال له رجل من الأنصار: إن قتلت يا رسول الله صابرا محتسبا? قال: فلك الجنة . قال: فانغمس في العدو فقتلوه. وألقى رجل من الأنصار درعا كان عليه حين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} الجنة ثم انغمس في العدو فقتلوه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}. قال: فإذا حل للمنفرد أن يتقدم على ما الأغلب أنهم يقتلونه كان هذا أكثر مما في الانفراد من الرجل والرجال بغير إذن الإمام. وبعث رسول الله عمرو بن أمية الضمري ورجلا من الأنصار سرية وحدهما، وبعث عبد الله بن أنيس سرية وحده، فإذا سن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أن يتسرى واحد ليصيب غرة ويسلم بالحيلة أو يقتل في سبيل الله فحكم الله تعالى أن ما أوجف المسلمون غنيمة. قال: ومن سرق من الغنيمة من حر أو عبد حضر الغنيمة لم يقطع لأن للحر سهما ويرضخ للعبد، ومن سرق من الغنيمة وفي أهلها أبوه أو ابنه لم يقطع، وإن كان أخوه أو امرأته قطع. قال المزني رحمه الله: وفي كتاب السرقة إن سرق من امرأته لم يقطع. قال: وما افتتح. من أرض موات فهي لمن أحياها من المسلمين، وما فعل المسلمون بعضهم ببعض في دار الحرب لزمهم حكمه حيث كانوا إذا جعل ذلك لإمامهم لا تضع الدار عنهم حد الله ولا حقا لمسلم. وقال في كتاب السير: ويؤخر الحكم عليهم حتى يرجعوا من دار الحرب. قال: ولا أعلم أحدا من المشركين لم تبلغه الدعوة إلا أن يكون خلف الذين يقاتلون أمة من المشركين خلف الترك والخزر لم تبلغهم الدعوة فلا يقاتلون حتى يدعوا إلى الإيمان، فإن قتل منهم أحد قبل ذلك فعلى من قتله الدية.
باب ما أحرزه المشركون من المسلمين
سطر 107:
صفحة : 2455
 
قال الشافعي رحمه الله: لا يملك المشركون ما أحرزوه على المسلمين بحال أباح الله لأهل دينه ملك أحرارهم ونسائهم وذراريهم وأموالهم فلا يساوون المسلمين في شيء من ذلك أبدا، وقد أحرزوا ناقة النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وأحرزتها منهم الأنصارية فلم يجعل لها النبي عليه الصلاة والسلام شيئا وجعلها على أصل ملكه فيها. وأبق لابن عمر عبد وعار له فرس فأحرزهما المشركون ثم أحرزهما عليهم المسلمون فردا عليه. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: مالكه أحق به قبل القسم وبعده. ولا أعلم أحدا خالف في أن المشركين إذا أحرزوا عبدا لمسلم فأدركه وقد أوجف عليه قبل القسم أنه لمالكه بلا قيمة، ثم اختلفوا بعدما وقع في المقاسم فقال منهم قائل بقولنا وعلى الإمام أن يعوض من صار في سهمه مثل سهمه من خمس الخمس وهو سهم النبي صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، وهذا يوافق الكتاب والسنة والإجماع. وقال غيرنا: هو أحق به بالقيمة إن شاء ولا يخلو من أن يكون مال مسلم فلا يغنم أو مال مشرك فيغنم فلا يكون لربه فيه حق، ومن زعم أنهم لا يملكون الحر ولا المكاتب ولا أم الولد ولا المدبر ويمنكون ما سواهم فإنما يتحكم. قال الشافعي وإذا جعل الحربي إلينا بأمان فأودع وباع وترك مالا ثم قتل بدار الحرب فجميع ماله مغنوم. وقال في كتاب المكاتب: مردود إلى ورثته لأنه مال له أمان. قال المزني رحمه الله: هذا عندي أصح لأنه إذا كان حيا لا يغنم ماله في دار الإسلام لأنه مال له أمان فوارثه فيه بمثابته. قال: ومن خرج إلينا منهم مسلما أحرز ماله وصغار ولده. حصر النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} بني قريظة فأسلم ابنا شعبة فأحرز لهما إسلامهما أموالهما وأولادهما الصغار، وسواء الأرض وغيرها، ولو دخل مسلم فاشترى منهم دارا أو أرضا أو غيرها ثم ظهر على الدار كان للمشتري. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: الأرض والدار فيء والرقيق والمتاع للمشتري. وقال الأوزاعي: فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} مكة عنوة فخلى بين المهاجرين وأراضيهم وديارهم. وقال أبو يوسف: لأنه عفا عنهم ودخلها عنوة وليس النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} في هذا كغيره. قال الشافعي: ما دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} عنوة وما دخلها إلا صلحا، والذين قاتلوا وأذن في قتلهم بنو نفاثة قتلة خزاعة وليس لهم بمكة دار إنما هربوا إليها، وأما غيرهم ممن دفع فادعوا أن خالدا بدأهم بالقتال ولم ينفذ لهم الأمان. وادعى خالد أنهم بدؤوه ثم أسلموا قبل أن يظهر لهم على شيء، ومن لم يسلم صار إلى قبول الأمان بما تقدم من قوله عليه الصلاة والسلام: من ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل داره فهو آمن فمال من يغنم ولا يقتدي إلا بما صنع عليه الصلاة والسلام، وما كان له خاصة فمبين في الكتاب والسنة، وكيف يجوز قولهما بجعل بعض مال المسلم فيئا وبعضهم غير فيء أم كيف يغنم مال مسلم بحال. قال المزني رحمه الله: قد أحسن- والله- الشافعي في هذا وجود.
باب وقوع الرجل علي الجارية قبل القسم
سطر 114:
صفحة : 2456
 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: إن وقع على جارية من المغنم قبل القسم فعليه مهر مثلها يؤديه في المغنم، وينهى إن جهل ويعزر إن علم، ولا حد للشبهة لأن له فيها شيئا. قال: وإن أحصوا المغنم فعلم كم حقه فيها مع جماعة أهل المغنم سقط عنه بقدر حصته منها، وإن حملت فهكذا وتقوم عليه إن كان بها حمل وكانت له أم ولد، وإن كان في السبي ابن وأب لرجل لم يعتق عليه حتى يقسمه وإنما يعتق عليه من اجتلبه بشراء أو هبة، وهو لو ترك حقه من مغنمه لم يعتق عليه حتى يقسم. قال المزني رحمه الله: وإذا كان فيهم ابنه فلم يعتق منه عليه نصيبه قبل القسم كانت الأمة تحمل منه من أن تكون له أم ولد أبعد. قال: ومن سبي منهم من الحرائر فقد رقت وبانت من الزوج كان معها أو لم يكن. سبى النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} نساء أوطاس وبني المصطلق ورجالهم جميعا فقسم السبي وأمر أن لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض ولم يسأل عن ذات زوج ولا غيرها، وليس قطع العصمة بينهن وبين أزواجهن بأكثر من استبائهن، ولا يفرق بينها وبين ولدها حتى يبلغ سبع أو ثمان سنين وهو عندنا استغناء الولد عنها وكذلك ولد الولد، فأما الأخوان فيفرق بينهما، وإنما نبيع أولاد المشركين من المشركين بعد موت أمهاتهم إلا أن يبلغوا فيصفوا الإسلام. قال المزني رحمه الله: ومن قوله إذا سبي الطفل وليس معه أبواه ولا أحدهما أنه مسلم، وإذا سبي ومعه أحدهما فعلى دينهما فمعنى هذه المسألة في قوله أن يكون سبي الأطفال مع أمهاتهم فيثبت في الإسلام حكم أمهاتهم ولا يوجب إسلامهم موت أمهاتهم. قال: ومن أعتق منهم فلا يورث كمثل أن لا تقوم بنسبه بينة.
باب المبارزة
قال الشافعي رحمه الله: ولا بأس بالمبارزة وقد بارز يوم بدر عبيدة بن الحرث وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب بإذن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وبارز محمد بن مسلمة مرحبا يوم خيبر بأمر النبي صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، وبارز يومئذ الزبير بن العوام ياسرا وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الخندق عمرو بن عبدود. قال الشافعي رحمه الله: فإذا بارز مسلم مشركا أو مشرك مسلما على أن لا يقاتله غيره وفى بذلك له، فإن ولى عنه المسلم أو جرحه فأثخنه فلهم أن يحملوا عليه ويقتلوه لأن قتالهما قد انقضى ولا أمان له عليهم إلا أن يكون شرط أنه آمن حتى يرجع إلى مخرجه من الصف فلا يكون لهم قتله ولهم دفعه واستنقاذ المسلم منه، فإن امتنع وعرض دونه ليقاتلهم قاتلوه لأنه نقض أمان نفسه. أعان حمزة علي على عتبة بعد إن لم يكن في عبيدة قتال ولم يكن لعتبة أمان يكفون به عنه، ولو أعان المشركون صاحبهم كان حقا على المسلمين أن يعينوا صاحبهم ويقتلوا من أعان عليه ولا يقتلون المبارز ما لم يكن استنجدهم.
باب فتح السواد وحكم ما يوقفه الإمام من الأرض للمسلمين
سطر 124:
صفحة : 2457
 
قال الشافعي رحمه الله: ولا أعرف ما أقول في أرض السواد إلا بظن مقرون إلى علم، وذلك أني وجدت أصح حديث يرويه الكوفيون عندهم في السواد ليس فيه بيان، ووجدت أحاديث من أحاديثهم تخالله منها: أنهم يقولون إن السواد صلح، ويقولون إن السواد عنوة، ويولون بعض السواد صلح وبعضه عنوة، ويقولون إن جرير بن عبد الله البجلي وهذا أثبت حديث عندهم فيه. قال الشافعي أخبرنا الثقة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير قال: كانت بجبلة ربع الناس فقسم لهم ربع السواد فاستغلوه ثلاث أو أربع سنين- شك الشافعي- ثم قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعي فلانة بنت فلان- امرأة منهم قد سماها ولم يحضرني ذكر اسمها- قال عمر: لولا أني قاسم مسؤول لتركتكم على ما قسم لكم، ولكني أرى أن تردوا على الناس. قال الشافعي: وكان في حديثه وعاضني من حقي فيه نيفا وثمانين دينارا، وكان في حديثه فقالت فلانة: قد شهد أبي القاثسية وثبت سهمه ولا أسلم حتى تعطيني كذا وكذا فأعطاها إياه. قال الشافعي رحمه الله: ففي هذا الحديث دلالة إذ أعطى جريرا عوضا من سهمه، والمرأة عوضا من سهم أبيها على أنه استطاب أنفس الذين أوجفوا عليه فتركوا حقوقهم منه فجعله وقفا للمسلمين، وقد سبى النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} هوازن وقسم الأربعة الأخماس بين الموجفين، ثم جاءته وفود هوازن مسلمين فسألوه أن يمن عليهم وأن يرد عليهم ما أخذ منهم، فخيرهم النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} بين الأموال والسبي فقالوا: خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا فنختار أحسابنا، فترك النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} حقه وحق أهل بيته، فسمع بذلك المهاجرون فتركوا له حقوقهم، وسمع بذلك الأنصار فتركوا له حقوقهم، ثم بقي قوم من المهاجرين والأنصار فأمر فعرف على كل عشرة واحدا ثم قال: ائتوني بطيب أنفس من بقي فمن كره فله علي كذا وكذا من الإبل إلى وقت ذكره. قال: فجاءوه بطيب أنفسهم إلا الأقرع بن حابس وعتيبة بن بدر فإنهما أتيا ليعيرا هوازن فلم يكرههما صلى الله عليه وسلم{{ص}} على ذلك حتى كانا هما تركا بعد بأن خدع عتيبة عن حقه، وسلم لهم عليه السلم حق من طاب نفسا عن حقه. قال: وهذا أولى الأمرين بعمر عندنا في السواد وفتوحه إن كان عنوة لا ينبغي أن يكون قسم إلا عن أمر عمر لكبر قدره، ولو يفوت عليه ما انبغى أن يغيب عنه قسمه ثلاث سنين، ولو كان القسم ليس لمن قسم له ما كان له منه عوض ولكان عليهم أن يردوا الغلة- والله أعلم- كيف كان. وهكذا صنع صلى الله عليه وسلم{{ص}} في خيبر وبني قريظة لمن أوجف عليها أربعة أخماس والخمس لأهله، فمن طاب نفسا عن حقه فجائز للإمام نظرا للمسلمين أن يجعلوا وقفا عليهم تقسم غلته فيهم على أهل الفيء والصدقة، وحيث يرى الإمام ومن لم يطب نفسا فهو أحق بماله، وأي أرض فتحت صلحا على أن أرضها لأهلها يؤدون فيها خراجا فليس لأحد أخذها من أيديهم، وما أخذ من خراجها فهو لأهل الفيء دون أهل الصدقات لأنه فيء من مال مشرك، وإنما فرق بين هذه المسألة والمسألة قبلها أن ذلك وإن كان من مشرك فقد ملك المسلمون رقبة الأرض أفليس بحرام أن يأخذ منه صاحب صدقة ولا صاحب فيء ولا غني ولا فقير لأنه كالصدقة الموقوفة يأخذها من وقفت عليه? ولا بأس أن يكتري المسلم من أرض الصلح كما يكتري دوابهم، والحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}: لا ينبغي لمسلم أن يؤدي الخراج ولا لمشرك أن يدخل المسجد الحرام إنما هو خراج الجزية وهذا كراء.
باب الأسير يؤخذ عليه العهد أن لا يهرب، أو على الفداء
سطر 134:
صفحة : 2458
 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تعالى: ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . وروي مسندا أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله . قال: ولما أتى كتاب النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} إلى كسرى مزقه فقال صلى الله عليه وسلم{{ص}}: يمزق ملكه . قال: وحفظنا أن قيصر أكرم كتابه ووضعه في مسك فقال صلى الله عليه وسلم{{ص}}: يثبت ملكه . قال الشافعي رحمه الله: ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} الناس فتح فارس والشام، فأغزى أبو بكر الشام على ثقة من فتحها لقول النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} ففتح بعضها وتم فتحها في زمن عمر، وفتح عمر رضي الله عنه العراق وفارس. قال الشافعي رحمه الله تعالى: فقد أظهر الله دين نبيه صلى الله عليه وسلم{{ص}} على سائر الأديان بأن أبان لكل من تبعه أنه الحق وما خالله من الأديان فباطل، وأظهره بأن جماع الشرك دينان دين أهل الكتاب ودين أميين، فقهر النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} الأميين حتى دانوا الإسلام طوعا وكرها، وقتل من أهل الكتاب وسبى حتى دان بعضهم بالإسلام وأعطى بعض الجزية صاغرين وجرى عليهم حكمه صلى الله عليه وسلم{{ص}}. قال: فهذا ظهوره على الدين كله. قال: ويقال ويظهر دينه على سائر الأديان حتى لا يدان لله إلا به وذلك متى شاء الله. قال: وكانت قريش تنتاب الشام انتيابا كثيرا وكان كثير من معاشهم منه وتأتي العراق، فلما دخلت في الإسلام ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} خوفها من انقطاع معاشها بالتجارة من الشام والعراق إذا فارقت الكفر ودخلت في الإسلام مع خلاف ملك الشام والعراق لأهل الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم{{ص}}: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده . فلم يكن بأرض العراق كسرى ثبت له أمر بعده. قال: إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده، وأجابهم عليه الصلاة والسلام على نحو ما قالوا وكان كما قال عليه السلام. وقطع الله الأكاسرة عن العراق وفارس وقيصر ومن قام بعده بالشام. وقال في قيصر: يثبت ملكه فيثبت له ملكه ببلاد الروم إلى اليوم وتنحى ملكه عن الشام وكل هذا متفق يصدق بعضه بعضا.
كتاب مختصر الجامع من كتاب الجزية
وما دخل فيه من اختلاف الأحاديث ومن كتاب الواقدي واختلاف الأوزاعي وأبي حنيفة رحمة الله عليهم
باب من يلحق بأهل الكتاب
قال الشافعي رحمه الله تعالى: انتوت قبائل من العرب قبل أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم{{ص}} وينزل عليه القرآن فدانت دين أهل الكتاب، فأخذ عليه الصلاة والسلام الجزية من أكيدر دومة، وهو رجل يقال إنه من غسان أو من كندة ومن أهل ذمة اليمن وعامتهم عرب ومن أهل نجران وفيهم عرب، فدل ما وصفت أن الجزية ليست على الأحساب وإنما هي على الأديان، وكان أهل الكتاب المشهور عنده العامة أهل التوراة من اليهود والإنجيل من النصارى وكانوا من بني إسرائيل، وأحطنا بأن الله تعالى أنزل كتبا غير التوراة والإنجيل والفرقان بقوله تعالى: أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى وقال تعالى: وإنه لفي زبر الأولين فأخبر أن له كتابا سوى هذا المشهور. قال: فأما قول أبي يوسف لا تؤخذ الجزية من العرب فنحن كنا على هذا أحرص، ولولا أن نأثم بتمني باطل لوددناه كما قال وأن لا يجري على عربي صغار، ولكن الله أجل في أعيننا من أن نحب غير ما حكم الله به تعالى. قال: والمجوس أهل كتاب دانوا بغير دين أهل الأوثان وخالفوا اليهود والنصارى في بعض دينهم كما خالفت اليهود والنصارى في بعض دينهم، وكانت المجوس في طرف من الأرض لا يعرف السلف من أهل الحجاز من دينهم ما يعرفون من دين اليهود والنصارى حتى عرفوه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أخذها من مجوس هجر. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هم أهل كتاب بدلوا فأصبحوا وقد أسرى بكتابهم، وأخذها منهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما . قال الشافعي رحمه الله: والصابئون والسامرة مثلهم يؤخذ من جميعهم الجزية، ولا تؤخذ الجزية من أهل الأوثان ولا ممن عبد ما استحسن من غير هل الكتاب.
باب الجزية علي أهل الكتاب والضيافة وما لهم وعليهم
سطر 146:
صفحة : 2459
 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: أمر الله تعالى بقتال المشركين من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهو صاغرون، قال: والصغار أن تؤخذ منهم الجزية وتجري عليهم أحكام الإسلام، ولا نعلم النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} صالح أحدا على أقل من دينار، فمن أعطى منهم الجزية غنيا كان أو فقيرا في كل سنة قبل منه ولم يزد عليه، ولم يقبل منه أقل من دينار من غني ولا فقير فإن زادوا قبل منهم. وقال في كتاب السير ما يدل على أنه لا جزية على فقير حتى يستغني. قال المزني: والأول أصح عندي في أصله وأولى عندي بقوله. وإن صالحوا على ضيافة ما وظفت ثلاثا، قال: ويضيف الموسر كذا والوسط كذا ويسمى ما يطعمونهم خبز كذا وأدم كذا، ويعلفون ثوابهم من التبن والشعير كذا، ويضيف من مر به من واحد إلى كذا وأين ينزلونهم من فضول منازلهم أو في كنائسهم أو فيما يكن من حر وبرد، ولا يؤخذ من امرأة ولا مجنون حتى يفيق، ولا مملوك حتى يعتق، ولا صبي حتى ينبت الشعر تحت ثيابه أو يحتلم أو يبلغ خمس عشرة سنة فيلزمه الجزية كأصحابه، وتؤخذ من الشيخ الفاني والزمن، ومن بلغ وأمه نصرانية وأبوه مجوسي أو أمه مجوسية وأبوه نصراني فجزيته جزية أبيه لأن الأب هو الذي عليه الجزية لست أنظر إلى غير ذلك، فأيهم أفلس أو مات فالإمام غريم يضرب مع غرمائه، وإن أسلم وقد مضى بعض السنة أخذ منه بقدر ما مضى منها، ويشترط عليهم أن من ذكر كتاب الله تعالى أو محمدا صلى الله عليه وسلم{{ص}} أو دين الله بما لا ينبغي أو زنى بمسلمة أو أصابها باسم نكاح أو فتن مسلما عن دينه أو قطع عليه الطريق أو أعان أهل الحرب بدلالة على المسلمين أو آوى عينا لهم فقد نقض عهده وأحل دمه وبرئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله عليه الصلاة والسلام، ويشترط عليهم أن لا يسمعوا المسلمين شركهم وقولهم في عزير والمسيح، ولا يسمعونهم ضرب ناقوس وإن فعلوا عزروا ولا يبلغ بهم الحد، ولا يحدثوا في أمصار الإسلام كنيسة ولا مجمعا لصلاتهم، ولا يظهروا فيها حمل خمر ولا إدخال خنزير، ولا يحدثون بناء يتطولون به بناء المسلمين، وأن يفرقوا بين هيئتهم في الملبس والمركب وبين هيئات المسلمين، وأن يعقدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يدخلوا مسجدا ولا يسقوا مسلما خمرا ولا يطعموه خنزيرا، فإن كانوا في قرية يملكونها منفردين لم نتعرض لهم في خمرهم وخنازيرهم ورفع بنيانهم، وإن كان لهم بمصر المسلمين كنيسة أو بناء طائل لبناء المسلمين لم يكن للمسلمين هدم ذلك وتركوا على ما وجدوا ومنعوا إحداث مثله وهذا إذا كان المصر للمسلمين أحيوه أو فتحوه عنوة، وشرط هذا على أهل الذمة وإن كانوا فتحوا بلادهم على صلح منهم على تركهم ذلك خلوا وإياه، ولا يجوز أن يصالحوا على أن ينزلوا بلاد الإسلام يحدثوا فيه ذلك، ويكتب الإمام أسماءهم وحلاهم في ديوان ويعرف عليهم عرفاء لا يبلغ منهم مولود ولا يدخل فيهم أحد من غيرهم إلا رفعه إليه، وإذا أشكل عليه صلحهم بعث في كل بلاد فجمع البالغون منهم ثم يسألون عن صلحهم، فمن أقر بأقل الجزية قبل منه ومن أقر بزيادة لم يلزمه غيرها، وليس للإمام أن يصالح أحدا منهم على أن يسكن الحجاز بحال، ولا يبين أن يحرم أن يمر ذمي بالحجاز مارا لا يقيم بها أكثر من ثلاث ليال وذلك مقام مسافر لاحتمال أمر النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} بإجلائهم عنها أن لا يسكنوها، ولا بأس أن يدخلها الرسل لقوله تعالى: وإن أحد من المشركين استجارك الآية. ولولا أن عمر رضي الله عنه أجل من قدم المدينة منهم تاجرا ثلاثة أيام لا يقيم فيها بعد ثلاث لرأيت أن لا يصالحوا على أن لا يدخلوها بحال، ولا يتركوا يدخلونها إلا بصلح كما كان عمر رضي الله عنه يأخذ من أموالهم إذا دخلوا المدينة، ولا يترك أهل الحرب يدخلون بلاد الإسلام تجارا، فإن دخلوا بغير أمان ولا رسالة غنموا، فإن دخلوا بأمان وشرط عليهم أن يؤخذ منهم عشر أو أقل أو أكثر أخذ، فإن لم يكن شرط عليهم لم يؤخذ منهم شيء وسواء كانوا يعشرون المسلمين إذا دخلوا بلادهم أو يخمسونهم أو لا يعرضون لهم، وإذا اتجروا في بلاد المسلمين إلى أفق من الآفاق لم يؤخذ منهم في السنة إلا مرة كالجزية، وقد ذكر عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب أن يؤخذ مما ظهر من أموالهم وأموال المسلمين وأن يكتب لهم براءة إلى مثله من الحول، ولولا أن عمر رضي
 
صفحة : 2460
 
الله عنه أخذه منهم ما أخذناه ولم يبلغنا أنه أخذ من أحد في سنة إلا مرة. قال: ويؤخذ منهم ما أخذ عمر من المسلمين ربع العشر ومن أهل الذمة نصف العشر ومن أهل الحرب العشر اتباعا له على ما أخذ. قال المزني رحمه الله: قد روى الشافعي رحمه الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حديث صحيح الإسناد أنه أخذ من النبط من الحنطة والزيت نصف العشر يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة ومن القطنية العشر. قال الشافعي ولا أحسبه أخذ ذلك منهم إلا بشرط. قال: ويحدد الإمام بينه وبينهم في تجاراتهم ما يبين له ولهم وللعامة ليأخذهم به الولاة، وأما الحرم فلا يدخله منهم أحد بحال كان له بها مال أو لم يكن، ويخرج الإمام منه إلى الرسل، ومن كان بها منهم مريضا أو مات أخرج ميتا ولم يدفن بها. وروى أنه سمع علا عددا من أهل المغازي يروون أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: لا يجتمع مسلم ومشرك في الحرم بعد عامهم هذا .له عنه أخذه منهم ما أخذناه ولم يبلغنا أنه أخذ من أحد في سنة إلا مرة. قال: ويؤخذ منهم ما أخذ عمر من المسلمين ربع العشر ومن أهل الذمة نصف العشر ومن أهل الحرب العشر اتباعا له على ما أخذ. قال المزني رحمه الله: قد روى الشافعي رحمه الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حديث صحيح الإسناد أنه أخذ من النبط من الحنطة والزيت نصف العشر يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة ومن القطنية العشر. قال الشافعي ولا أحسبه أخذ ذلك منهم إلا بشرط. قال: ويحدد الإمام بينه وبينهم في تجاراتهم ما يبين له ولهم وللعامة ليأخذهم به الولاة، وأما الحرم فلا يدخله منهم أحد بحال كان له بها مال أو لم يكن، ويخرج الإمام منه إلى الرسل، ومن كان بها منهم مريضا أو مات أخرج ميتا ولم يدفن بها. وروى أنه سمع علا عددا من أهل المغازي يروون أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: لا يجتمع مسلم ومشرك في الحرم بعد عامهم هذا .
باب في نصارى العرب تضعف عليهم الصدقة ومسلك الجزية
سطر 160:
صفحة : 2461
 
قال الشافعي رحمه الله: إن نزلت بالمسلمين نازلة بقوة عدو عليهم- وأرجو أن لا ينزلها الله بهم- هادنهم الإمام على النظر للمسلمين إلى مدة يرجو إليها القوة عليهم لا تجاوز مدة أهل الحديبية التي هادنهم عليها عليه الصلاة والسلام وهي عشر سنين، فإن أراد أن يهادن إلى غير مدة على أنه متى بدا له نقض الهدنة فجائز، وإن كان قويا على العدو لم يهادنهم أكثر من أربعة أشهر لقوله تعالى لما قوي الإسلام: براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين الآية. وجعل النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} لصفوان بعد فتح مكة بسنين أربعة أشهر لا أعلمه زاد أحد بعد قوة الإسلام عليها، ولا يجوز أن يؤمن الرسول والمستأمن إلا بقدر ما يبلغان حاجتهما، ولا يجوز أن يقيم بها سنة بغير جزية، ولا يجوز أن يهادنهم على أن يعطيهم المسلمون شيئا بحال لأن القتل للمسلمين شهادة، وأن الإسلام أعز من أن يعطي مشرك على أن يكف عن أهله لأن أهله قاتلين ومقتولين ظاهرون على الحق إلا في حال يخافون الاصطلام فيعطون من أموالهم أو يفتدى مأسورا فلا بأس لأن هذا موضع ضرورة، وإن صالحهم الإمام على ما لا يجوز فالطاعة نقضه كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} في النساء وقد أعطى المشركين فيهن ما أعطاهم في الرجال ولم يستثن، فجاءته أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مسلمة مهاجرة فجاء أخواها يطلبانها فمنعها منهما وأخبر أن الله منع الصلح في النساء وحكم فيهن غير حكمه في الرجال، وبهذا قلنا لو أعطى الإمام قوما من المشركين الأمان على أسير في أيديهم من المسلمين أو مال ثم جاؤوه لم يحل له إلا نزعه منهم بلا عوض، وإن ذهب ذاهب إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} رد أبا جندل بن سهيل إلى أبيه وعياش بن أبي ربيعة إلى أهله قيل له: أهلوهم أشفق الناس عليهم وأحرصهم على سلامتهم ولعلهم يقونهم بأنفسهم مما يؤذيهم فضلا عن أن يكونوا متهمين على أن ينالوهم بتلف أو عذاب وإنما نقموا منهم دينهم فكانوا يشحمون عليهم بترك دينهم كرها وقد وضع الله المأثم في إكراههم، أو لا ترى أن النساء إذا أريد بهن الفتنة ضعفن ولم يفهمن فهم الرجال وكان التقية تسعهن وكان فيهن أن يصيبهن أزواجهن وهن حرام عليهن? قال: وإن جاءتنا امرأة مهادنة أو مسلمة من دار الحرب إلى موضع الإمام فجاء سوى زوجها في طلبها منع منها بلا عوض، وإن جاء زوجها ففيها قولان. أحدهما: يعطى ما أنفق وهو ما دفع إليها من المهر. والآخر: لا يعطى، وقال في آخر الجواب وأشبهها أن لا يعطوا عوضا. قال المزني: هذا أشبه بالحق عندي وليس لأحد أن يعقد هذا العقد إلا الخليفة أو رجل بأمره لأنه يلي الأموال كلها وعلى من بعده من الخلفاء إنفاذه، ولا بأس أن يصالحهم على خرج على أراضيهم يكون في أموالهم مضمونا كالجزية، ولا يجوز عشور ما زرعوا لأنه مجهول.
باب تبديل أهل الذمة دينهم
سطر 170:
صفحة : 2462
 
قال الشافعي رحمه الله: وإذا نقض الذين عقدوا الصلح عليهم أو جماعة منهم فلم يخالفوا الناقض بقول أو فعل ظاهر أو اعتزال بلادهم أو يرسلون إلى الإمام أنهم على صلحهم فللإمام غزوهم وقتل مقاتلتهم وسبي فراريهم وغنيمة أموالهم، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} ببني قريظة، عقد عليهم صاحبهم فنقض ولم يفارقوه وليس كلهم أشرك في المعونة على النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وأصحابه ولكن كلهم لزم حصنه فلم يفارق الناقض إلا نفر منهم، وأعان على خزاعة وهم في عقد النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} ثلاثة نفر من قريش فشهدوا قتالهم، فغزا النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قريشا عام الفتح بغدر ثلاثة نفر منهم وتركهم معونة خزاعة وإيوائهم من قاتلها. قال: ومتى ظهر من مهادنين ما يدل على خيانتهم نبذ إليهم عهدهم وأبلغهم مأمنهم ثم هم حرب. قال الله تعالى: وإما من قوم خيانة الآية.
باب الحكم في المهادنين والمعاهدين
وما أتلف من خمرهم وخنازيرهم وما يحل منهم وما يرد قال الشافعي رحمه الله تعالى: لم أعلم مخالفا من أهل العلم بالسير أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} لما نزل المدينة وادع يهود كافة على غير جزية، وأن قول الله عز وجل: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم إنما نزلت فيهم، ولم يقروا أن يجري عليهم الحكم. وقال بعضهم: نزلت في اليهوديين اللذين زنيا وهذا أشبه بقول الله عز وجل: وكيف يحكمونك وعندهم التوراة الآية. قال: وليس للإمام الخيار في أحد من المعاهدين الذين يجري عليهم الحكم إذا جاءوه في حد الله تعالى، وعليه أن يقيمه لما وصفت من قول الله تعالى: وهم صاغرون . قال المزني رحمه الله: هذا أشبه من قوله في كتاب الحدود: لا يحدون وأرفعهم إلى أهل دينهم. قال الشافعي رحمه الله: وما كانوا يدينون به فلا يجوز حكمنا عليهم بإبطاله، وما أحدثوا مما ليس بجائز في دينهم وله حكم عندنا أمضي عليهم. قال: ولا يكشفون عن شيء مما استحلوه مما لم يكن ضررا على مسلم أو معاهد أو مستأمن غيرهم، وإن جاءت امرأة رجل منهم تستعدي بأنه طلقها أو آلى منها حكمت عليه حكمي على المسلمين، وأمرته في الظهار أن لا يقربها حتى يكفر رقبة مؤمنة كما يؤدي الواجب من حد وجرح وأرش وإن لم يكفر عنه وأنفذ عتقه ولا أفسخ نكاحه لأن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عفا عن عقد ما يجوز أن يستأنف ورد ما جاوز العدد إلا أن يتحاكموا وهي في عدة فنفسخه، وهكذا كل ما قبض من ربا أو ثمن خمر أو خنزير ثم أسلما أو أحدهما عفي عنه، ومن أراق لهم خمرا أو قتل لهم خنزيرا لم يضمن لأن ذلك حرام ولا ثمن لمحرم، فإن قيل: فأنت تقرهم على ذلك? قيل: نعم وعلى الشرك بالله وقد أخبر الله تعالى أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله فهو حرام لا ثمن له وإن استحلوه. قال: وإذا كسر لهم صليب من ذهب لم يكن فيه غرم، وإن كان من عود وكان إذا فرق صلح لغير الصليب فما نقص الكسر العود، وكذلك الطنبور والمزمار، ويجوز للنصراني أن يقارض المسلم وأكره للمسلم أن يقارض النصراني أو يشاركه وأكره أن يكري نفسه من نصراني ولا أفسخه، وإذا اشترى النصراني مصحفا أو دفترا فيه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فسخته، ولو أوصى ببناء كنيسة لصلاة النصارى فمفسوخ، ولو قال ينزلها المارة أجزنه وليس في بنائها معصية إلا بأن تبنى لصلاة النصارى، ولو قال اكتبوا بثلثي التوراة والإنجيل فسخته لتبديلهم قال الله تعالى: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم .
كتاب الصيد والذبائح
سطر 182:
صفحة : 2463
 
قال الشافعي رحمه الله: كل معلم من كلب وفهر ونمر وغيرها من الوحش وكان إذا أشلى استشلى وإذا أخذ حبس ولم يأكل فإنه إذا فعل هذا مرة بعد مرة فهو معلم، وإذا قتل فكل ما لم يأكل فإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه. وذكر الشعبي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقول: فإذا أكل فلا تأكل . قال: وإذا جمع البازي أو الصقر أو العقاب أو غيرها مما يصيد أن يدعى فيجيب ويشلى فيطير ويأخذ فيحبس مرة بعد مره فهو معلم، فإن قتل فكل وإذا أكل ففي القياس أنه كالكلب. قال المزني: رحمه الله: ليس البازي كالكلب لأن البازي وصفه إنما يعلم بالطعم وبه يأخذ الصيد والكلب يؤدب على ترك الطعم والكلب يضرب أدبا ولا يمكن ذلك في الطير فهما مختلفان فيؤكل ما قتل البازي لأن أكل، ولا يؤكل ما قتل الكلب إذا أكل لنهي النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن ذلك. قال الشافعي: وإذا أرسل أحببت له أن يسمي الله تعالى فإن نسي فلا بأس لأن المسلم يذبح على اسم الله، ولو أرسل مسلم ومجوسي كلبين متفرقين أو طائرين أو سهمين فقتلا فلا يؤكل، وإذا رمى أو أرسل كلبه على الصيد فوجده قتيلا فالخبر عن ابن عباس والقياس أن لا يأكله لأنه يمكن أن يكون قتله غيره. وقال ابن عباس: كل ما أصميت ودع ما أنميت. وما أصميت: هو ما قتله وأنت تراه، وما أنميت: ما غاب عنك فقتله إلا أن يبلغ منه مبلغ الذبح فلا يضره ما حدث بعده. وإذا أدرك الصيد ولم يبلغ سلاحه أو معلمه ما يبلغ الذبح فأمكنه أن يذبحه فلم يفعل فلا يأكل كان معه ما يذبح به أو لم يكن، فإن لم يمكنك أن تذبحه ومعك ما نذكيه به ولم تفرط حتى مات فكل، ولو أرسل كلبه أو سهمه وسمى الله تعالى وهو يرى صيدا فأصاب غيره فلا بأس بأكله من قبل أنه رأى صيدا ونواه وإن أصاب غيره، وإن أرسله ولا يرى صيدا ونوى فلا يأكل ولا تعمل النية إلا مع عين ترى، ولو كان لا يجوز إلا ما نواه بعينه لكان العلم يحيط أن لو أرسل سهما على مائة ظبي أو كلبا فأصاب واحدا فالواحد المصاب غير منوي بعينه، ولو خرج الكلب إلى الصيد من غير إرسال صاحبه فزجره فانزجر وأشلاه فاستشلى فأخذ وقتل أكل، وإن لم يحدث غير الأمر الأول فلا يأكل وسواء استشلاه صاحبه أو غيره ممن تجوز ذكاته، وإذا ضرب الصيد فقطعه قطعتين أكل وإن كانت إحدى القطعين أقل من الأخرى، ولو قطع منه يدا أو رجلا أو أذنا أو شيئا يمكن لو لم يزد على ذلك أن يعيش بعده ساعة أو مدة أكثر منها ثم قتله بعد برميته أكل كل ما كان ثابتا فيه من أعضائه، ولم يأكل العضو الذي بان وفيه الحياة لأنه عضو مقطوع من حي وحيي بعد قطعه، ولو مات من قطع الأول أكلهما معا لأن ذكاة بعضه ذكاة لكله. ولا بأس أن يصيد المسلم بكلب المجوسي ولا يجوز أكل ما صاد المجوسي بكلب مسلم لأن الحكم حكم المرسل وإنما الكلب أداة، وأي أبويه كان مجوسيا فلا أرى تؤكل ذبيحته. وقال في كتاب النكاح: ولا ينكح إن كانت جارية وليست كالصغيرة يسلم أحد أبويها لأن الإسلام لا يشركه الشرك والشرك يشركه الشرك، ولا يؤكل ما قتلته الأحبولة كان فيها سلاح أو لم يكن لأنها ذكاة بغير فعل أحد. والذكاة وجهان أحدهما: ما كان مقدورا عليه من إنسي أو وحشي لم يحل إلا بأن يذكى، وما كان ممتنعا من وحشي أو إنسي فما قدرت به عليه من الرمي أو السلاح فهو به ذكي. وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}}: ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه إلا ما كان من سن أو ظفر لأن السن عظم من الإنسان والظفر مدى الحبش، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أنه جعل ذكاة الإنسي مثل ذكاة الوحشي إذا امتنع. قال: ولما كان الوحشي يحل بالعقر ما كان ممتنعا فإذا قدر عليه لم يحل إلا بما يحل به الإنسي كان كذلك الإنسي إذا صار كالوحشي ممتنعا حل بما يحل به الوحشي. قال: ولو وقع بعير في بئر وطعن فهو كالصيد، ولو رمى صيدا فكسره أو قطع جناحه ورماه آخر فقتله كان حراما وكان على الرامي الأخر قيمته بالحال التي رماه بها مكسورا أو مقطوعا. قال المزني رحمه الله: معنى قول الشافعي عندي في ذلك أنه إنما يغرم قيمته مقطوعا لأنه رماه فقطع رأسه أو بلغ من مقاتله ما يعلم أنه قتله دون جرح الجناح، ولو كان جرحا كالجرح الأول ثم أخذه ربه فمات في يديه فقد مات من جرحين فعلى الثاني قيمة جرحه مقطوع الجناح الأول
 
صفحة : 2464
 
ونصف قيمته مجروحا جرحين لأن قتله مقطوع الجناحين من فعله وفعل مالكه. قال: ولو كان ممتنعا بعد رمية الأول يطير إن كان طائرا أو يعدو إن كان دابة ثم رماه الثاني فأثبته كان للثاني، ولو رماه الأول بهذه الحال فقتله ضمن قيمته للثاني لأنه صار له دونه. قال المزني: رحمه الله: ينبغي أن يكون قيمته مجروحا الجرحين الأولين في قياس قوله، ولو رمياه معا فقتلاه كان بينهما نصفين، ولو رماه الأول ورماه الثاني ولم يمر أبلغ به الأول أن يكون ممتنعا أو غير ممتنع جعلناه بينهما نصفين، ولو رمى طائرا فجرحه ثم سقط إلى الأرض فأصبناه ميتا لم ندر أمات في الهواء أم بعد ما صار إلى الأرض أكل لأنه لا يوصل إلى أن يكون مأخوذا إلا بالوقوع، ولو حرم هذا حرم كل طائر رمي فوقع فمات، ولكنه لو وقع على جبل فتردى عنه كان مترديا لا يؤكل إلا أن تكون الرمية قد قطعت رأسه أو ذبحته أو قطعته باثنتين فيعلم أنه لم يترد إلا مذكى، ولا يؤكل ما قتله الرمي إلا ما خرق برقته أو قطع بحده، فأما ما جرح بثقله فهو وقيذة، وما نالته الجوارح فقتلته ولم تدمه احتمل معنيين. أحدهما: أن لا يؤكل حتى يجرح قال الله تعالى: من الجوارح . والآخر: أنه حل. قال المزني: الأول أولاهما به قياسا على رامي الصيد أو ضاربه لا يؤكل إلا أن يجرحه. قال الشافعي رحمه الله: ولو رمى شخصا يحسبه حجرا فأصاب صيدا فلو أكله ما رأيته محرما كما لو أخطأ شاة فذبحها لا يريدها وكما لو ذبحها وهو يراها خشبة لينة، ومن أحرز صيدا فأفلت منه فصاده غيره فهو للأول وكل ما أصابه حلال في غير حرم مما يكون بمكة من حمامها وغيره فلا بأس إنما نمنع بحرمه بغيره من حرم أو إحرام، ولو تحول من برج إلى برج فأخذه كان عليه رده، ولو أصاب ظبيا مقرطا فهو لغيره. قال الشافعي رحمه الله: ولو شق السبع بطن شاة فوصل إلى معاها ما يستيقن أنها إن لم تذك ماتت فذكيت فلا بأس بأكلها لقول الله عز وجل: والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم والذكاة جائزة بالقرآن. قال المزني: رحمه الله: وأعرف من قوله أنها لا تؤكل إذا بلغ بها ما لا بقاء لحياتها إلا حياة المذكى وهو قول المدنيين وهو عندي أقيس لأني وجدت الشاة تموت عن ذكاة فتحل وعن عقر فتحرم، فلما وجدت الذي أوجب الذبح موتها وتحليلها لا يبدلها أكل السبع لها ولا يرد بها كان ذلك في القياس إذا أوجب السبع موتها وتحريمها لم يبدلها الذبح لها، ولا أعلم خلافا أن سبعا لو قطع ما يقطع المذكي من أسفل حلقها أو أعلاه ثم ذبحت من حيث لم يقطع السبع من حلقها أنها ميتة، ولو سبق الذابح ثم قطع السبع حيث لم يقطع الذابح من حلقها أنها ذكية وفي هذا على ما قلت دليل. وقد قال الشافعي: ولو أدرك الصيد ولم يبلغ سلاحه أو معلمه ما يبلغ الذابح فأمكنه أن يذبحه فلم يفعل فلا يأكل. قال المزني رحمه الله: وفي هذا دليل أنه لو بلغ ما يبلغ الذابح أكل. قال المزني رحمه الله: ودليل آخر من قوله قال في كتاب الديات: لو قطع حلقوم رجل ومريئه أو قطع حشوته فأبانها من جوفه أو صيره في حال المذبوح ثم ضرب آخر عنقه فالأول قاتل دون الآخر. قال المزني رحمه الله: فهذه أدلة على ما وصفت من قوله الذي هو أصح في القياس من قوله الآخر وبالله التوفيق. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وكل ما كان يعيش في الماء من حوت أو غيره فأخذه مكانه، ولو كان شيئا تطول حياته فذبحه لاستعجال موته ما كرهته وسواء من أخذه من مجوسي أو وثني لا ذكاة له، وسواء ما لفظه البحر وطفا من ميتته أو أخذ حيا. أكل أبو أيوب سمكا طافيا وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: أحلت لنا ميتتان ودمان الميتتان الحوت والجراد، والدمان- أحسبه قال- الكبد والطحال. وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} هو الطهور ماؤه الحل ميتته وقال الله جل ثناؤه: أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وهذا عموم فمن خص منه شيئا فالمخصوص لا يجوز عند أهل العلم إلا بسنة أو إجماع الذين لا يجهلون ما أراد الله. قال المزني رحمه الله: ولو جاز أن يحرم الحوت وهو ذكي لأنه طفا لجاز أن يحرم المذكي من الغنم إذا طفا وفي ذلك دليل، وبالله التوفيق.نصف قيمته مجروحا جرحين لأن قتله مقطوع الجناحين من فعله وفعل مالكه. قال: ولو كان ممتنعا بعد رمية الأول يطير إن كان طائرا أو يعدو إن كان دابة ثم رماه الثاني فأثبته كان للثاني، ولو رماه الأول بهذه الحال فقتله ضمن قيمته للثاني لأنه صار له دونه. قال المزني: رحمه الله: ينبغي أن يكون قيمته مجروحا الجرحين الأولين في قياس قوله، ولو رمياه معا فقتلاه كان بينهما نصفين، ولو رماه الأول ورماه الثاني ولم يمر أبلغ به الأول أن يكون ممتنعا أو غير ممتنع جعلناه بينهما نصفين، ولو رمى طائرا فجرحه ثم سقط إلى الأرض فأصبناه ميتا لم ندر أمات في الهواء أم بعد ما صار إلى الأرض أكل لأنه لا يوصل إلى أن يكون مأخوذا إلا بالوقوع، ولو حرم هذا حرم كل طائر رمي فوقع فمات، ولكنه لو وقع على جبل فتردى عنه كان مترديا لا يؤكل إلا أن تكون الرمية قد قطعت رأسه أو ذبحته أو قطعته باثنتين فيعلم أنه لم يترد إلا مذكى، ولا يؤكل ما قتله الرمي إلا ما خرق برقته أو قطع بحده، فأما ما جرح بثقله فهو وقيذة، وما نالته الجوارح فقتلته ولم تدمه احتمل معنيين. أحدهما: أن لا يؤكل حتى يجرح قال الله تعالى: من الجوارح . والآخر: أنه حل. قال المزني: الأول أولاهما به قياسا على رامي الصيد أو ضاربه لا يؤكل إلا أن يجرحه. قال الشافعي رحمه الله: ولو رمى شخصا يحسبه حجرا فأصاب صيدا فلو أكله ما رأيته محرما كما لو أخطأ شاة فذبحها لا يريدها وكما لو ذبحها وهو يراها خشبة لينة، ومن أحرز صيدا فأفلت منه فصاده غيره فهو للأول وكل ما أصابه حلال في غير حرم مما يكون بمكة من حمامها وغيره فلا بأس إنما نمنع بحرمه بغيره من حرم أو إحرام، ولو تحول من برج إلى برج فأخذه كان عليه رده، ولو أصاب ظبيا مقرطا فهو لغيره. قال الشافعي رحمه الله: ولو شق السبع بطن شاة فوصل إلى معاها ما يستيقن أنها إن لم تذك ماتت فذكيت فلا بأس بأكلها لقول الله عز وجل: والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم والذكاة جائزة بالقرآن. قال المزني: رحمه الله: وأعرف من قوله أنها لا تؤكل إذا بلغ بها ما لا بقاء لحياتها إلا حياة المذكى وهو قول المدنيين وهو عندي أقيس لأني وجدت الشاة تموت عن ذكاة فتحل وعن عقر فتحرم، فلما وجدت الذي أوجب الذبح موتها وتحليلها لا يبدلها أكل السبع لها ولا يرد بها كان ذلك في القياس إذا أوجب السبع موتها وتحريمها لم يبدلها الذبح لها، ولا أعلم خلافا أن سبعا لو قطع ما يقطع المذكي من أسفل حلقها أو أعلاه ثم ذبحت من حيث لم يقطع السبع من حلقها أنها ميتة، ولو سبق الذابح ثم قطع السبع حيث لم يقطع الذابح من حلقها أنها ذكية وفي هذا على ما قلت دليل. وقد قال الشافعي: ولو أدرك الصيد ولم يبلغ سلاحه أو معلمه ما يبلغ الذابح فأمكنه أن يذبحه فلم يفعل فلا يأكل. قال المزني رحمه الله: وفي هذا دليل أنه لو بلغ ما يبلغ الذابح أكل. قال المزني رحمه الله: ودليل آخر من قوله قال في كتاب الديات: لو قطع حلقوم رجل ومريئه أو قطع حشوته فأبانها من جوفه أو صيره في حال المذبوح ثم ضرب آخر عنقه فالأول قاتل دون الآخر. قال المزني رحمه الله: فهذه أدلة على ما وصفت من قوله الذي هو أصح في القياس من قوله الآخر وبالله التوفيق. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وكل ما كان يعيش في الماء من حوت أو غيره فأخذه مكانه، ولو كان شيئا تطول حياته فذبحه لاستعجال موته ما كرهته وسواء من أخذه من مجوسي أو وثني لا ذكاة له، وسواء ما لفظه البحر وطفا من ميتته أو أخذ حيا. أكل أبو أيوب سمكا طافيا وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: أحلت لنا ميتتان ودمان الميتتان الحوت والجراد، والدمان- أحسبه قال- الكبد والطحال. وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} هو الطهور ماؤه الحل ميتته وقال الله جل ثناؤه: أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وهذا عموم فمن خص منه شيئا فالمخصوص لا يجوز عند أهل العلم إلا بسنة أو إجماع الذين لا يجهلون ما أراد الله. قال المزني رحمه الله: ولو جاز أن يحرم الحوت وهو ذكي لأنه طفا لجاز أن يحرم المذكي من الغنم إذا طفا وفي ذلك دليل، وبالله التوفيق.
 
سطر 197:
صفحة : 2466
 
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} كان يضحي بكبشين. وقال أنس: وأنا أضحي أيضا بكبشين. وقال أنس في غير هذا الحديث: ضحى النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} بكبشين أملحين. وذبح أبو بردة بن نيار قبل أن يذبح النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} يوم الأضحى فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أمره أن يعود لضحية أخرى، فقال أبو بردة: لا أجد إلا جذعا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}: إن لم تجد إلا جذعا فاذبحه . قال الشافعي رحمه الله: فاحتمل أمره بالإعادة أنها واجبة، واحتمل على معنى أنه إن أراد أن يضحي فلما قال عليه السلام: إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا . دل على أنها غير واجبة، وبلغنا أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان كراهية أن يرى أنها واجبة. وعن ابن عباس أنه اشترى بدرهمين لحما فقال: هذه أضحية ابن عباس . قال: وأمر من أراد أن يضحي أن لا يمس من شعره شيئا اتباعا واختيارا بدلالة السنة. وروت عائشة أنها كانت تفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقلدها هو بيده ثم يبعث بها فلم يحرم عليه شيء أحله الله له حتى نحر الهدي. قال الشافعي رحمه الله: والأضحية سنة تطوع لا نحب تركها وإذا كانت غير فرض، فإذا ضحى الرجل في بيته فقد وقع ثم اسم أضحية. قال: يجوز في الضحايا الجذع من الضأن والثني من الإبل والبقر والمعز ولا يجوز دون هذا من السن، والإبل أحب إلي أن يضحى بها من البقر والبقر من الغنم، والضأن أحب إلي من المعز، والعفراء أحب إلي من السوداء، وزعم بعض المفسرين أن قول الله جل ثناؤه: ذلك ومن يعظم شعائر الله استسمان الهدي واستحسانه. قال: ولا يجوز في الضحايا العوراء البين عورها، ولا العرجاء البين عرجها، ولا المريضة البين مرضها، ولا العجفاء التي لا تنقى، وليس في القرن نقص فيضحي بالجلحاء والمكسورة القرن أكبر منها دمي قرنها أو لم يدم، ولا تجزىء الجرباء لأنه مرض يفسد لحمها، ولا وقت للذبح يوم الأضحى إلا في قدر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وذلك حين حلت الصلاة وقدر خطبتين خفيفتين وإذا كان هذا القدر فقد حل الذبح لكل أحد حيث كان، فأما صلاة من بعده فليس فيها وقت. قال: والذكاة في الحلق واللبة وهي ما لا حياة بعده إذا قطع، وكمالها بأربع الحلقوم والمريء والودجين، وأقل ما يجزئ من الذكاة أن يبين الحلقوم والمريء وإنما أريد بفري الأوداج لأنها لا تفرى إلا بعد قطع الحلقوم والمريء. والودجان عرقان قد ينسلان من الإنسان والبهيمة ثم يحيا، وموضع النحر في الاختيار في السنة في اللبة، وموضع الذبح في الاختيار في السنة أسفل مجامع اللحيين، فإذا نحرت بقرة أو ذبح بعير فجائز. قال عمر وابن عباس: الذكاة في الحلق واللبة، وزاد عمر ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق ونهى عن النخع. قال: وأحب أن لا يذبح المناسك التي يتقرب بها إلى الله عز وجل إلا مسلم، فإن ذبح مشرك تحل ذبيحته أجزأ على كراهيتي لما وصفت، وذبح من أطاق الذبح من امرأة حائض وصبي من المسلمين أحب إلي من ذبح النصراني واليهودي، ولا بأس بذبيحة الأخرس وأكره ذبيحة السكران والمجنون في حال جنونه ولا يتبين أنها حرام، ولا تحل ذبيحة نصارى العرب وهو قول عمر. قال: وأحب أن يوجه الذبيحة إلى القبلة ويقول الرجل على ذبيحته باسم الله، ولا أكره الصلاة عل رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لأنهما إيمان بالله. قال عليه الصلاة والسلام: أخبرني جبريل عن الله جل ذكره أنه قال: من صلى عليك صليت عليه. قال: فإن قال اللهم منك وإليك فتقبل مني فلا بأس هذا دعاء فلا أكرهه. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} من وجه لا يثبت أنه ضحى بكبشين فقال في أحدهما بعد ذكر الله: اللهم عن محمد وآل محمد وفي الآخر: اللهم عن محمد وأمة محمد . قال الشافعي فإذا ذبحها فقطع رأسها فهي ذكية ولو ذبحها من قفاها، فإن تحركت بعد قطع الرأس أكلت وإلا لم تؤكل، وإذا أوجبها أضحية وهو أن يقول هذه أضحية وليسر شراؤها والنية أن يضحي بها إيجابا لها فإذا أوجبها لم يكن له أن يبدلها بحال، وإن باعها فالبيع مفسوخ، وإن فاتت بالبيع فعليه أن يشتري بجميع قيمتها مكانها، فإن بلغ أضحيتين اشتراهما لأن ثمنها بدل منها، وإن بلغ أضحية وزاد
 
صفحة : 2467
 
شيئا لا يبلغ أخرى ضحى بأضحية وأسلك الفضل مسلك الأضحية وأحب إلي لو تصدق به، وإن نقص عن أضحية فعليه أن يزيد حتى يوفيه أضحية لأنه مستهلك للضحية فأقل ما يلزمه أضحية مثلها، فإن ولدت الأضحية ذبح معها ولا يشرب من لبنها إلا الفضل عن ولدها ولا ما ينهك لحمها ولو تصدق به كان أحب إلي، ولا يجز صوفها وإن أوجبها هديا وهو تام ثم عرض له نقص وبلغ المنسك أجزأ إنما أنظر في هذا كله إلى يوم يوجبه ويخرج من ماله إلى ما جعله له، وإن أوجبه ناقصا ذبحه ولم يجزه، ولو ضلت بعدما أوجبها فلا بدل وليست بأكثر من هدي التطوع يوجبه صاحبه فيموت، ولا يكون عليه بدق ولو وجدها وقد مضت أيام النحر كلها صنع بها كما يصنع في النحر كما لو أوجب هديها العام وأخرها إلى قابل، وما أوجبه على نفسه لوقت ففات الوقت لم يبطل الإيجاب، ولو أن مضحيين ذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه ضمن كل واحد منهما ما بين قيمة ما ذبح حيا ومذبوحا وأجزأ عن كل واحد منهما ضحيته وهديه، فإذا ذبح ليلا أجزأه والضحية نسك مأذون في أكله وإطعامه وادخاره وأكره بيع شيء منه والمبادلة به، ومعقول ما أخرج لله عز وجل أن لا يعود إلى مالكه إلا ما أذن الله عز وجل فيه ثم رسوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فاقتصرنا على ما أذن الله فيه ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ومنعنا البيع على أصل النسك أنه لله، ولا تجوز الأضحية لعبد ولا مدبر ولا أم ولد لأنهم لا يملكون، وإذا نحر سبعة بدنة أو بقرة في الضحايا أو الهدي كانوا من أهل بيت واحد أو شتى فسواء وذلك يجزي، وإن كان بعضهم مضحيا وبعضهم مهديا أو مفتديا أجزأه لأن سبع كل واحد منهم يقوم مقام شاة منفردة وكذلك لو كان بعضهم يريد بنصيبه لحما لا أضحية ولا هديا. وقال جابر بن عبد الله: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يوم الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة. قال الشافعي رحمه الله: وهم شتى. قال: والأضحى جائز يوم النحر وأيام منى كلها إلى المغيب لأنها أيام نسك. قال المزني رحمه الله: وهو قول عطاء والحسن. أخبرنا علي بن معبد عن هشيم عن يونس عن الحسن أنه قال: يضحي أيام التشريق كلها. وحدثنا علي بن معبد عن هشيم عن الحجاج عن عطاء أنه كان يقول: يضحي في أيام التشريق.ئا لا يبلغ أخرى ضحى بأضحية وأسلك الفضل مسلك الأضحية وأحب إلي لو تصدق به، وإن نقص عن أضحية فعليه أن يزيد حتى يوفيه أضحية لأنه مستهلك للضحية فأقل ما يلزمه أضحية مثلها، فإن ولدت الأضحية ذبح معها ولا يشرب من لبنها إلا الفضل عن ولدها ولا ما ينهك لحمها ولو تصدق به كان أحب إلي، ولا يجز صوفها وإن أوجبها هديا وهو تام ثم عرض له نقص وبلغ المنسك أجزأ إنما أنظر في هذا كله إلى يوم يوجبه ويخرج من ماله إلى ما جعله له، وإن أوجبه ناقصا ذبحه ولم يجزه، ولو ضلت بعدما أوجبها فلا بدل وليست بأكثر من هدي التطوع يوجبه صاحبه فيموت، ولا يكون عليه بدق ولو وجدها وقد مضت أيام النحر كلها صنع بها كما يصنع في النحر كما لو أوجب هديها العام وأخرها إلى قابل، وما أوجبه على نفسه لوقت ففات الوقت لم يبطل الإيجاب، ولو أن مضحيين ذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه ضمن كل واحد منهما ما بين قيمة ما ذبح حيا ومذبوحا وأجزأ عن كل واحد منهما ضحيته وهديه، فإذا ذبح ليلا أجزأه والضحية نسك مأذون في أكله وإطعامه وادخاره وأكره بيع شيء منه والمبادلة به، ومعقول ما أخرج لله عز وجل أن لا يعود إلى مالكه إلا ما أذن الله عز وجل فيه ثم رسوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فاقتصرنا على ما أذن الله فيه ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ومنعنا البيع على أصل النسك أنه لله، ولا تجوز الأضحية لعبد ولا مدبر ولا أم ولد لأنهم لا يملكون، وإذا نحر سبعة بدنة أو بقرة في الضحايا أو الهدي كانوا من أهل بيت واحد أو شتى فسواء وذلك يجزي، وإن كان بعضهم مضحيا وبعضهم مهديا أو مفتديا أجزأه لأن سبع كل واحد منهم يقوم مقام شاة منفردة وكذلك لو كان بعضهم يريد بنصيبه لحما لا أضحية ولا هديا. وقال جابر بن عبد الله: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يوم الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة. قال الشافعي رحمه الله: وهم شتى. قال: والأضحى جائز يوم النحر وأيام منى كلها إلى المغيب لأنها أيام نسك. قال المزني رحمه الله: وهو قول عطاء والحسن. أخبرنا علي بن معبد عن هشيم عن يونس عن الحسن أنه قال: يضحي أيام التشريق كلها. وحدثنا علي بن معبد عن هشيم عن الحجاج عن عطاء أنه كان يقول: يضحي في أيام التشريق.
 
صفحة : 2468
 
?باب العقيقة قال الشافعي أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن عبيد الله بن أبي يزيد عن سباع بن وهب عن أم كرز قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أسأله عن لحوم الهدي فسمعته يقول: عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة لا يضركم ذكرانا كن أو إناثا وسمعته يقول: أقروا الطير على مكناتها . قال الشافعي رحمه الله: فيعق عن الغلام وعن الجارية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}.
باب ما يحرم من جهة ما لا تأكل العرب
من معاني الرسالة ومعان أعرف له وغير ذلك قال الشافعي رحمه الله: قال الله جل ثناؤه: يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات . وقال في النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}: ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث . وإنما خوطب بذلك العرب الذين يسألون عن هذا ونزلت فيهم الأحكام، وكانوا يتركون من خبيث المآكل ما لا يترك غيرهم. قال الشافعي وسمعت أهل العلم يقولون في قول الله عز وجل: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية. يعني مما كنتم تأكلون، ولم يكن الله عز وجل ليحرم عليهم من صيد البر في الإحرام إلا ما كان حلالا لهم في الإحلال - والله أعلم- فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بقتل الغراب والحدأة والعقرب والحية والفأرة والكلب العقور دل ذلك على أن هذا مخرجه، ودل على معنى آخر أن العرب كانت لا تأكل مما أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قتله في الإحرام شيئا، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن أكل كل ذي ناب من السباع، وأحل الضبوع ولها ناب وكانت العرب تأكلها وتدع الأسد والنمر والذئب تحريما له بالتقذر، وكان الفرق بين ذوات الأنياب أن ما عدا منها على الناس لقوته بنابه حرام وما لم يعد عليهم بنابه الضبع والثعلب وما أشبههما حلال، وكذلك تترك أكل النسر والبازي والصقر والشاهين وهي مما يعدو على حمام الناس وطائرهم، وكانت تترك مما لا يعدو من الطائر الغراب والحدأة والرخمة والبغاثة، وكذلك تترك اللحكاء والعظاء والخنافس فكانت داخلة في معين الخبائث وخارجة من معنى الطيبات فوافقت السنة فيما أحلوا وحرموا مع الكتاب ما وصفت، فانظر ما ليس فيه نص تحريم ولا تحليل فإن كانت العرب تأكله فهو داخل في جملة الحلال والطيبات عندهم لأنهم كانوا يحللون ما يستطيبون وما لم يكونوا يأكلونه باستقذاره فهو داخل في معنى الخبائث، ولا بأس بأكل الضب وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فعافه فقيل: أحرام هو يا رسول الله? قال: لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأكل منه بين يديه وهو ينظر إليه ولو كان حراما ما تركه وأكله.
باب كسب الحجام
قال الشافعي رحمه الله: ولا بأس بكسب الحجام فإن قيل: فما معنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} السائب عن كسبه وإرخاصه في أن يطعمه رقيقه وناضحه? قيل: لا معنى له إلا واحد وهو أن المكاسب حسنا ودنيئا فكان كسب الحجام دنيئا فأحب له تنزيه نفسه عن الدناءة لكثرة المكاسب التي هي أجمل منه، فلما زاده فيه أمره أن يعلفه ناضحه ويطعمه رقيقه تنزيها له لا تحريما عليه، وقد حجم أبو طيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فأمر له بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه ولو كان حراما لم يعطه رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لأنه لا يعطي إلا ما يحل إعطاؤه ولآخذه ملكه. وقد روي أن رجلا ذا قرابة لعثمان قدم عليه فسأله عن معاشه فذكر له غلة حجام أو حجامين، فقال: إن كسبكم لوسخ أو قال لدنس أو لدنيء أو كلمة تشبهها.
باب ما لا يحل أكله وما يجوز للمضطر من الميتة من غير كتاب
سطر 219:
صفحة : 2469
 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولا يحل أكل زيت ماتت فيه فأرة ولا بيعه ويستصبح به، فإن قيل: كيف ينتفع به ولا يبيعه? قيل: قد ينتفع المضطر بالميتة ولا يبيعها وينتفع بالطعام في دار الحرب ولا يبيعه في تلك الحال. قال: وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن ثمن الكلب وأباح الانتفاع به في بعض الأحوال فغير مستنكر أن ينتفع الرجل بالزيت ولا يبيعه في هذه الحال. قال: ولا يحل من الميتة إلا إهابها بالدباغ ويباع، ولا يأكل المضطر من الميتة إلا ما يرد نفسه فيخرج به من الاضطرار. قال: في كتاب اختلاف أبي حنيفة وأهل المدينة: بهذا أقول. وقال فيه: وما هو بالبين من قبل أن الشيء حلال وحرام فإذا كان حراما لم يحل منه شيء، وإذا كان حلالا فقد يحتمل أن لا يحرم منه شبع ولا غيره لأنه مأذون له فيه. قال المزني رحمه الله: قوله الأول أشبه بأصله لأنه يقول: إذا حرم الله عز وجل شيئا فهو محرم إلا ما أباح منه بصفة، فإذا زالت الصفة زالت الإباحة. قال المزني: ولا خلاف أعلمه أن ليس له أن يأكل من الميتة وهو بادي الشبع لأنه ليس بمضطر، فإذا كان خائفا على نفسه فمضطر فإذا أكل منها ما يذهب الخوف فقد أمن فارتفع الاضطرار الذي هو علة الإباحة. قال المزني رحمه الله: وإذا ارتفعت العلة ارتفع حكمها ورجع الحكم كما كان قبل الاضطرار وهو تحريم الله عز وجل الميتة من ليس بمضطر، ولو جاز أن يرتفع الاضطرار ولا يرتفع حكمه جاز أن يحدث الأضرار ولا يحدث حكمه وهذا خلاف القرآن. وقال الشافعي فيما وضعه بخطه: لا أعلمه سمع منه إن مر المضطر بتمر أو زرع لم أر بأسا أن يأكل ما يرد به جوعه ويرد قيمته، ولا أرى لصاحبه منعه فضلا عنه وخفت أن يكون أعان على قتله إذا خاف عليه بالمنع الموت. قال الشافعي رحمه الله: ولو وجد المضطر ميتة وصيدا وهو محرم أكل الميتة، ولو قيل يأكل الصيد ويفتدي كان مذهبا. قال المزني رحمه الله: الصيد محرم لغيره وهو الإحرام ومباح لغير محرم، والميتة محرمة لعينها لا لغيرها على كل حلال وحرام فهي أغلظ تحريما، فإحياء نفسه بترك الأغلظ وتناول الأيسر أولى به من ركوب الأغلظ وبالله التوفيق. وخالف الشافعي المدني والكوفي في الانتفاع بشعر الخنزير وفي صوف الميتة وشعرها فقال: لا ينتفع بشيء من ذلك.
كتاب السبق والرمي
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر قال الشافعي رحمه الله: الخف الإبل والحافر والخيل والنصل كل نصل من سهم أو نشابة، والأسباق ثلاثة: سبق يعطيه الوالي أو غير الوالي من ماله وذلك أن يسبق بين الخيل إلى غاية فيجعل للسابق شيئا معلوما إن شاء جعل للمصلي والثالث والرابع، فهذا حلال لمن جعل له ليست فيه علة. والثاني: يجمع وجهين وذلك مثل الرجلين يريدان أن يستبقا بفرسيهما ولا يريد كل واحد منهما أن يسبق صاحبه ويخرجان سبقين فلا يجوز إلا بالمحلل وهو أن يجعل بينهما فرسا ولا يجوز حتى يكون فرسا كفؤا للفرسين لا يأمنان أن يسبقهما، ويخرج كل واحد منهما ما تراضيا عليه يتواضعانه على يدي رجل يثقان به أو يضمنانه، ويجري بينهما المحلل فإن سبقهما كأن السبقان له إن سبق أحدهما المحلل أحرز السابق ماله وأخذ سبق صاحبه، وإن أتيا مستويين لم يأخذ أحدهما من صاحبه شيئا، والسبق أن يسبق أحدهما صاحبه وأقل السبق أن يسبق بالهادي أو بعضه أو الكتد أو بعضه وسواء لو كانوا مائة وأدخلوا بينهم محللا فكذلك. والثالث: أن يسبق أحدهما صاحبه فإن سبقه صاحبه أخذ السبق وإن سبق صاحبه أحرز سبقه،
 
صفحة : 2470
سطر 237:
مختصر الأيمان والنذور وما دخل فيهما من الجامع من كتاب الصيام
ومن الإملاء ومن مسائل شتي سمعتها لفظا قال الشافعي رحمه الله: من حلف بالله أو باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة، ومن حلف بغير الله فهي يمين مكروهة وأخشى أن تكون معصية لأن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} سمع عمر يحلف بأبيه فقال عليه السلام: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فقال عمر: والله ما حلفت بها بعد ذاكرا ولا آثرا . قال الشافعي رحمه الله: وأكره الأيمان على كل حال إلا فيما كان لله عز وجل طاعة، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فالاختيار أن يأتي الذي هو خير ويكفر لأمر رسول الله بذلك، ومن قال: والله لقد كان كذا ولم يكن أثم وكفر واحتج بقول الله تعالى: ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى ، نزلت في رجل حلف لا ينفع رجلا فأمره الله أن ينفعه، وبقول الله جل ثناؤه في الظهار: إنهم ليقولون منكرا من القول وزورا ثم جعل فيه الكفارة، وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه . فقد أمره بالحنث عامدا وبالتكفير، ودل إجماعهم أن من حلف في الإحرام عمدا أو خطأ أو قتل صيدا عمدا أو خطأ في الكفارة سواء على أن الحلف بالله وقتل المؤمن عمدا أو خطأ في الكفارة سواء. قال الشافعي: وإن قال: أقسمت بالله فإن كان يعني حلفت قديما فليست بيمين حادثة، وإن أراد بها يمينا فهي يمين، وإن قال: أقسم بالله فليس بيمين فإن قال: أقسم بالله فإن أراد بها يمينا فهي يمين وإن أراد بها موعدا فليست بيمين كقوله سأحلف. قال المزني رحمه الله: وفي الإملاء هي يمين، وإن قال: لعمر الله فإن لم يرد بها يمينا فليست بيمين، ولو قال: وحق الله أو وعظمته أو وجلال الله أو وقدرة الله فلذلك كله يمين نوى بها يمينا أو لا نية له، إن لم يرد يمينا فليست بيمين لأنه يحتمل أن يقول وحق لله واجب وقدرة الله ماضية لا أنه يمين، ولو قال: بالله أو تالله فهي يمين نوى أو لم ينو. وقال في الإملاء: تالله يمين. وقال في القسامة: ليست بيمين قال المزني رحمه الله: وقد حكى الله عز وجل يمين إبراهيم عليه السلام: وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين . قال المزني رحمه الله: فإن قال: ألله لأفعلن فهذا ابتداء كلام لا يمين إلا أن ينوي بها، فإن قال: أشهد بالله فإن نوى اليمين فهي يمين وإن لم ينو يمينا فليست بيمين لأنها تحتمل أشهد بأمر الله، ولو قال أشهد ينويه يمينا لم يكن يمينا، ولو قال: أعزم بالله ولا نية له لم يكن يمينا لأن معناها أعزم بقدرة الله أو بعون الله على كذا وإن أراد يمينا فهي يمين، ولو قال: أسألك بالله أو أعزم عليك بالله لتفعلن فإن أراد المستحلف بها يمينا فهي يمين وإن لم يرد بها شيئا فليست بيمين، ولو قال: على عهد الله وميثاقه فليست بيمين إلا أن ينوي يمينا لأن لله عليه عهدا أن يؤدي فراضه وكذلك ميثاق الله بذلك وأمانته.
باب الاستثناء في الأيمان
سطر 251:
صفحة : 2473
 
قال الشافعي رحمه الله: ومن حلف على شيء وأراد أن يحنث فأحب إلي لو لم يكفر حتى يحنث، فإن كفر قبل الحنث بغير الصيام أجزأه، وإن صام لم يجزه لأنا نزعم أن لله على العباد حقا في أموالهم. وتسلف النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} من العباس صدقة عام قبل أن يدخل، وأن المسلمين قدموا صدقة الفطر قبل أن يكون الفطر فجعلنا الحقوق في الأموال قياسا على هذا، فأما الأعمال التي على الأبدان فلا تجزئ إلا بعد مواقيتها كالصلاة والصوم.
باب من حلف بطلاق امرأته أن يتزوج عليها
سطر 261:
صفحة : 2474
 
قال الشافعي ويجزئ في كفارة اليمين مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، وإنما قلنا يجزي هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أتى بعرق فيه تمر فدفعه إلى رجل وأمره أن يطعمه ستين مسكينا، والعرق فيما يقدر خمسة عشر صاعا وذلك ستون مدا فلكل مسكين مد في كل بلاد سواء، ولا أرى أن يجزي دراهم وإن كانت أكثر من قيمة الأمداد، وما اقتات أهل البلدان من شيء أجزأهم منه مد، ويجزي أهل البادية مد أقط. قال المزني رحمه الله: أجاز الأقط هاهنا ولم يجزه في الفطرة، وإذا لم يكن لأهل بلاد قوت من طعام سوى اللحم أدوا مدا مما يقتات أترب البلدان إليهم، ويعطي الرجل الكفارة والزكاة من لا تلزمه النفقة عليه من قرابته وهم من عدا الولد والوالد والزوجة إذا كانوا أهل حاجة فهم أحق بها من غيرهم، وإن كان ينفق عليهم تطوعا ولا يجزئه إلا أن يعطي حرا مسلما محتاجا، ولو علم أنه أعطى غيرهم فعليه عندي أن يعيد، ولا يطعم أقل من عشرة مساكين واحتج على من قال: إن أطعم مسكينا واحدا مائة وعشرين مدا في ستين يوما أجزأه وإن كان في أقل من ستين لم يجزه. فقال: أراك جعلت واحدا ستين مسكينا فقد قال الله: وأشهدوا ذوي عدل منكم فإن شهد اليوم شاهد بحق ثم عاد من الغد فشهد به فقد شهد بها مرتين فهو كشاهدين، فإن قال: لا يجوز لأن الله عز وجل ذكر العمد. قيل: وكذلك ذكر الله للمساكين العمد. قال الشافعي رحمه الله: ولو أطعم تسعة وكسا واحدا لم يجزه حتى يطعم عشرة كما قال الله عز وجل: أو كسوتهم . قال: ولو كانت عليه كفارة ثلاثة أيمان مختلفة فأعتق وأطعم وكسا ينوي الكفارة ولا ينوي عن أيها العتق ولا الإطعام ولا الكسوة أجزأه، وأيها شاء أن يكون عتقا أو طعاما أو كسوة كان وإن لم يشأ فالنية الأولى تجزئه. قال: ولا يجزي كفارة حتى يقم النية قبلها أو معها، ولو كفر عنه رجل بأمره أجزأه وهذه كهبته إياها من ماله ودفعه إياها بأمره كقبض وكيله لهبته لو وهبها له، وكذلك إن قال: أعتق عني فولاؤه للمعتق عنه لأنه قد ملكه قبل العتق وكان عتقه مثل القبض كما لو اشتراه فلم يقبضه حتى أعتقه كان العتق كالقبض، ولو أن رجلا كفر عن رجل بغير أمره فأطعم أو أعتق لم يجزه وكان هو المعتق لعبده فولاؤه له وكذلك لو أعتق عن أبويه بعد الموت إذا لم يكن ذلك بوصية منهما، ولو صام رجل عن رجل بأمره لم يجزه لأن الأبدان تعبدت بعمل فلا يجزي أن يعمله غيرها إلا الحج والعمرة للخبر الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وبأن فيهما نفقة، ولأن الله تبارك وتعالى إنما فرضهما على من وجد السبيل إليهما والسبيل بالمال، ومن اشترى مما أطعم أو كسا أجزته ولو تنزه عن ذلك كان أحب إلي، ومن كان له مسكن لا يستغني عنه هو وأهله وخادم أعطى من الكفارة والزكاة، وإن كان في مسكنه فضل عن خادمه وأهله الفضل الذي يكون به غنيا لم يعط، وإذا حنث موسرا ثم أعسر لم أر الصوم يجزي عنه وآمره احتياطا أن يصوم، فإذا أيسر كفر وإنما أنظر في هذا إلى الوقت الذي يحنث فيه، ولو حنث معسرا فأيسر أحببت له أن يكفر ولا يصوم، وإن صام أجزأ عنه لأن حكمه حين حنث حكم الصيام. قال المزني: وقد قال في الظهار إن حكمه حين يكفر، وقد قال في جماعة العلماء: إن تظاهر فلم يجد ماء فلم يصم ولم يدخل في الصلاة بالتيمم حتى وجد الرقبة والماء إن فرضه العتق والوضوء، وقوله في جماعة العلماء أولى به من انفراط عنها. قال: ومن له أن يأخذ من الكفارة والزكاة فله أن يصوم وليس عليه أن يتصدق ولا يعتق فإن فعل أجزأه، وإن كان غنيا وماله غائب عنه لم يكن له أن يكفر حتى يحضر ماله إلا بالإطعام أو الكسوة أو العتق.
باب ما يجزي من الكسوة في الكفارة
سطر 304:
صفحة : 2478
 
قال الشافعي رحمه الله: من حلف بعتق مما يملك وله أمهات أولاد ومدبرون وأشقاص من عبيد عتقوا عليه إلا المكاتب إلا أن ينوب لأن الظاهر أن المكاتب خارج من ملكه بمعنى وداخل فيه بمعنى وهو محول بينه وبين أخذ ماله واستخدامه وأرش الجناية عليه ولا زكاة عليه في ماله ولا زكاة الفطر في رقيقه، وليس كذا أم ولد ولا مدبره، ولو حلف بعتق عبده ليضربنه غدا فباعه اليوم فلما مضى غد اشتراه فلا يحنث لأن الحنث إذا وقع مرة لم يحنث ثانية، ولو قال لعبده: أنت حر إن بعتك، فباعه بيعا ليس ببيع خيار فهو حر حين عقد البيع، وإنما زعمته من قبل أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} جعل المتبابعين بالخيار ما لم يتفرقا، قال: وتفرقهما بالأبدان فقال: فكان لو أعتقه عتقا فيعتق بالحنث. ولو قال: إن زوجتك أو بعتك فأنت حر، فزوجه أو باعه بيعا فاسدا لم يحنث.
باب جامع الأيمان الثاني
سطر 311:
صفحة : 2479
 
قال الشافعي رحمه الله: وإذا حلف لا يأكل الرؤوس فأكل رؤوس الحيتان أو رؤوس الطير أو رؤوس شيء يخالف رؤوس الغنم والإبل والبقر لم يحنث من قبل أن الذي يعرف الناس إذا خوطبوا بأكل الرؤوس إنما هي ما وصفنا، إلا أن يكون بلاد لها صيد يكثر كما يكثر لحم الأنعام في السوق وتميز رؤوسها فيحنث في رؤوسها وكذلك البيض وهو بيض الدجاج والأوز والنعام الذي يزايل بائضه حيا فأما بيض الحيتان فلا لكون هكذا، ولو حلف لا يأكل لحما حنث بلحم الإبل والبقر والغنم والوحش والطير لأنه كله لحم ولا يحنث في لحم الحيتان لأنه ليس بالأغلب، ولو حلف أن لا يشرب سويقا فأكله أو لا يأكل خبزا فماثه فشربه أو لا يشرب شيئا فذاقه فدخل بطنه لم يحنث، ولو حلف لا يأكل سمنا فأكله بالخبز أو بالعصيدة أو بالسويق حنث لأن السمن لا يكون مأكولا إلا بغيره إلا أن يكون جامدا فيقدر على أن يأكله جامدا مفردا، وإذا حلف لا يأكل هذه التمرة فوقعت في تمر فإن أكله إلا تمرة أو هلكت منه تمرة لم يحنث حتى يستيقن أنه أكلها والورع أن يحنث نفسه، وإذا حلف أن لا يأكل هذه الحنطة فطحنها أو خبزها أو قلاها فجعلها سويقا لم يحنث لأنه لم يأكل ما وقع عليه اسم قمح، ولو حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما ولا شحما فأكل لحما أو رطبا فأكل تمرا أو تمرا فأكل رطبا أو زبدا فأكل لبنا لم يحنث لأن كل واحد منها غير صاحبه، ولو حلف لا يكلم رجلا ثم سلم على قوم والمحلوف عليه فيهم لم يحنث إلا أن ينويه، ولو كتب إليه كتابا أو أرسل إليه رسولا فالورع أن يحنث ولا يبين ذلك لأن الرسول والكتاب غير الكلام. قال المزني رحمه الله: هذا عندي به وبالحق أولى قال الله جل ثناؤه: آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا إلى قوله: بكرة وعشيا فأفهمهم ما يقوم مقام الكلام ولم يتكلم، وقد احتج الشافعي بأن الهجرة محرمة فوق ثلاث فلو كتب أو أرسل إليه وهو يقدر على كلامه لم يخرجه هذا من الهجرة التي يأثم بها. قال المزني رحمه الله: فلو كان الكتاب كلاما لخرج به من الهجرة فتفهم. قال الشافعي رحمه الله: ولو حلف لا يرى كذا إلا رفعه إلى قاض فرآه فلم يمكنه رفعه إليه حتى مات ذلك القاضي لم يحنث حتى يمكنه فيفرط وإن عزل، فإن كانت نيته أن يرفعه إليه إن كان قاضيا فلا يجب رفعه إليه وإن لم يكن له نية خشيت أن يحنث إن لم يرفعه إليه، ولو حلف ماله مال وله عرض أو دين حنث إلا أن يكون نوى غير ذلك فلا يحنث. قال: ولو حلف ليضربن عبده مائة سوط فجمعها فضربه بها فإن كان يحيط العلم أنها ماسته كلها بر، وإن أحاط أنها لم تماسه كلها لم يبر، وإن شك لم يحنث في الحكم ويحنث في الورع، واحتج الشافعي بقول الله عز وجل: وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث . وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بأثكال النخل في الزنا وهذا شيء مجموع غير أنه إذا ضربه بها ماسته. قال المزني رحمه الله: هذا خلاف قوله لو حلف ليفعلن كذا لوقت إلا أن يشاء فلان فإن مات أو غبي عنا حتى مضى الوقت حنث. قال المزني رحمه الله: وكلا ما يبر به شك فكيف يحنث في أحدهما ولا يحنث في الآخر. فقياس قوله عندي أن لا يحنث بالشك. قال الشافعي: ولو لم يقل ضربا شديدا بأي ضرب ضربه إياه لم يحنث لأنه ضاربه، ولو حلف لا يهب له هبة فتصدق عليه أو نحله أو أعمره فهو هبة، فإن أسكنه فإنما هي عارية لم يملكه إياها فمتى شاء رجع فيها وكذلك إن حبس عليه، ولو حلف أن لا يركب دابة العبد فركب دابة العبد لم يحنث لأنها ليست له إنما اسمها مضاف إليه. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال مالي في سبيل الله أو صدقة على معاني الأيمان فمذهب عائشة رضي الله عنها وعدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وعطاء والقياس أن عليه كفارة يمين. وقال: من حنث في المشي إلى بيت الله ففيه قولان أحدهما: قول عطاء كفارة يمين ومذهبه أن أعمال البر لا تكون إلا ما فرض الله أو تبررا يراد به الله عز وجل. قال الشافعي: والتبرر أن يقول: لله علي إن شفاني أن أحج نذرا فأما إن لم أقضك حقك فعلي المشي إلى بيت الله فهذا من معاني الأيمان لا معاني النذور. قال المزني رحمه الله: قد قطع بأنه قول عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} والقياس، وقد قال في غير هذا الموضع: لو قال لله علي نذر حج إن شاء فلان فشاء لم يكن عليه شيء
 
صفحة : 2480
سطر 318:
باب النذور
قال الشافعي رحمه الله: من نذر أن يمشي إلى بيت الله لزمه إن قدر على الشي وإن لم يقدر ركب وأهراق دما احتياطا من قبل أنه إذا لم يطق شيئا سقط عنه، ولا يمشي أحد إلى بيت الله إلا أن يكون حاجا أو معتمرا، وإذا نذر الحج ماشيا مشى حتى يحل له النساء ثم يركب، وإذا نذر أن يعتمر ماشيا مشى حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق أو يقصر ولو فاته الحج حل ماشيا وعليه حج قابل ماشيا. ولو قال: علي أن أمشي لم يكن عليه المشي حتى يكون برا فإن لم ينو شيئا فلا شيء عليه لأنه ليس في المشي إلى غير مواضع التبرر بر وذلك مثل المسجد الحرام، وأحب لو نذر إلى مسجد المدينة أو إلى بيت المقدس أن يمشي، واحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى . ولا يبين لي أن يجب كما يبين لي أن واجبا المشي إلى بيت الله، وذلك أن البر بإتيان بيت الله عز وجل فرض والبر بإتيان هذين نافلة، ولو نذر أن يمشي إلى مسجد مصر لم يجب عليه، ولو نذر أن ينحر بمكة لم يجزئه بغيرها، ولو نذر أن ينحره بغيرها لم يجزئه إلا حيث نذر لأنه وجب لمساكين ذلك البلد، وإذا نذر أن يأتي إلى موضع من الحرم ماشيا أو راكبا فعليه أن يأتي الحرم حاجا أو معتمرا، ولو نذر أن يأتي عرفة أو مرا أو منى أو قريبا من الحرم لم يلزمه، ولو نذر أن يهدي متاعا لم يجزئه إلا أن يتصدق به على مساكين الحرم، فإن كانت نيته أن يعلقه سترا على البيت أو يجعله في طيب البيت جعله حيث نواه، وإذا نذر أن يهدي مالا يحمل من الأرضين والدور باع ذلك وأهدى ثمنه، ومن نذر بدنة لم يجزئه إلا ثنى أو ثنية والخصي يجزي، وإذا لم يجد بدنة فبقرة ثنية، فإن لم يجد فسبع من الغنم تجزي ضحايا، وإن كانت نيته على بدنة من الإبل لم يجزئه من البقر والغنم إلا بقيمتها، ولو نذر عدد صوم صامه متفرقا أو متتابعا، ولو نذر صيام سنة بعينها صامها إلا رمضان فإنه يصومه لرمضان ويوم الفطر والأضحى وأيام التشريق ولا قضاء عليه فيها، وإن نذر سنة بغير عينها قضى هذه الأيام كلها. وإن قال: لله علي أن أحج عامي هذا حال بينه وبينه عدو أو سلطان فلا قضاء عليه، وإن حدث به مرض أو خطأ عدد أو نسيان أو توان قضاه. ولو قال: لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم ليلا فلا صوم عليه وأحب لو صام صبيحته. ولو قدم نهارا هو فيه صائم تطوعا كان عليه قضاؤه لأنه نذر، وقد يحتمل القياس أن لا يكون عليه القضاء من قبل أنه لا يصلح بأن يكون فيه صائما عن نذره. قال المزني: يعني أنه لا صوم لنذره إلا بنية قبل الفجر ولم يكن له سبيل إلى أن يعلم أن عليه صوما إلا بعد مقدمه. قال المزني: قضاؤه عندي أولى به. قال المزني: وكذلك الحج إذا أمكنه قبل موته. فرض الله عز وجل صوم شهر رمضان بعينه فلم يسقط بعجزه عنه بمرضه. قال المزني رحمه الله: قال الله: فعدة من أيام أخر وأجمعوا أنه لو أغمي عليه الشهر كله فلم يعقل فيه أن عليه قضاءه والنذر عنده واجب فقضاؤه إذا أمكنه وإن ذهب وقته واجب، وقد قطع بهذا القول في موضع آخر. قال الشافعي: ولو أصبح فيه صائما من نذر غير هذا أحببت أن يعود لصومه لنذره ويعود لصومه لقدوم فلان، ولو نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا فقدم يوم الاثنين فعليه أن يصوم كل اثنين يستقبله إلا أن يكون يوم فطر أو أضحى أو تشريق فلا يصومه ولا يقضيه. وقال في كتاب الصوم: عليه القضاء. قال المزني رحمه الله: لا قضاء أشبه بقوله لأنها ليست بوقت لصوم عنده لفرض ولا لغيره، وإن نذر صومها نذر معصية وكذلك لا يقضي نذر معصية.
 
سطر 330:
صفحة : 2482
 
قال الشافعي: أحب أن يقضي القاضي في موضع بارز للناس لا يكون دونه حجاب، وأن يكون في غير المسجد لكثرة الغاشية والمشاتمة بين الخصوم في أرفق الأماكن به وأحراها أن لا تسرع ملالته فيه، وأنا لإقامة الحد في المسجد أكره. قال الشافعي: ومعقول في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: لا يحكم الحاكم ولا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان أنه أراد أن يكون القاضي حين يحكم في حال لا يتغير فيها خلقه ولا عقله، والحاكم أعلم بنفسه فأي حال أتت عليه تغير فيها عقله أو خلقه انبغى له أن لا يقضي حتى يذهب، وأي حال صار إليه فيها سكون الطبيعة واجتماع العقل حكم، وإن غيره مرض أو حزن أو فرح أو جوع أو نعاس أو ملالة ترك، وأكره له البيع والشراء خوف المحاباة بالزيادة ويتولاه له غيره. قال: ولا أحب أن يتخلف عن الوليمة إما أن يجيب كلا وإما أن يترك كلا ويعتذر ويسألهم التحليل ويعود المرضى ويشهد الجنائز ويأتي مقدم الغائب، وإذا بان له من أحد الخصمين لدد نهاه، فإن عاد زجره ولا يحبسه ولا يضربه إلا أن يكون في ذلك ما يستوجبه، ويشاور قال الله عز وجل: وأمرهم شورى بينهم وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم{{ص}}: وشاورهم في الأمر . قال الحسن: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن مشاورتهم لغنيا ولكنه أراد أن يستن بذلك الحكام بعده، ولا يشاور إذا نزل به المشكل إلا عالما بالكتاب والسنة والآثار وأقاويل الناس والقياس ولسان العرب، ولا يقبل وإن كان أعلم منه حتى يعلم كعلمه أن ذلك لازم له من حيث لم تختلف الرواية فيه أو بدلالة عليه أو أنه لا يحتمل وجها أظهر منه. قال الشافعي رحمه الله: فأما أن يقلده فلم يجعل الله ذلك لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}. قال: ويجمع المختلفين لأنه أشد لتقصيه وليكشف بعضهم على بعض وإن لم يكن في عقله ما إذا عقل القياس عقله وإذا سمع الاختلاف ميزه فلا ينبغي أن يقضي ولا لأحد أن يستقضيه، ولا يجوز له أن يستحسن بغير قياس ولو جاز ذلك لجاز أن يشرع في الدين. والقياس قياسان أحدهما: أن يكون في معنى الأصل فذلك الذي لا يحل لأحد خلافه. والآخر: أن يشبه الشيء الشيء من أصل ويشبه الشيء من أصل غيره فيشبهه هذا بهذا الأصل ويشبهه الآخر بأصل غيره. وموضع الصواب في ذلك عندنا أن ينظر فإن أشبهه أحدهما في خصلتين والآخر في خصلة ألحقه بالذي أشبهه في الخصلتين. قال الله عز وجل في داود وسليمان: ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما . قال الحسن: لولا هذه الآية لرأيت أن الحكام قد هلكوا ولكن الله حمد هذا لصوابه وأثنى على هذا باجتهاده. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر قال الشافعي: فأخبره أنه يثاب على أحدهما أكثر مما يثاب على الآخر، فلا يكون الثواب فيما لا يسع ولا في الخطأ الموضوع. قال المزني رحمه الله: أنا أعرف أن الشافعي قال: لا يؤجر على الخطأ وإنما يؤجر على قصد الصواب وهذا عندي هو الحق. قال الشافعي رحمه الله: من اجتهد من الحكام فقضى باجتهاده ثم رأى أن اجتهاده خطأ أو ورد على قاض غيره فسواء، فما خالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو ما في معنى هذا رده وإن كان يحتمل ما ذهب إليه ويحتمل غيره لم يرده وحكم فيما استأنف بالذي هو الصواب عنده، وليس على القاضي أن يتعقب حكم من قبله وإن تظلم محكوم عليه ممن قبله نظر فيه فرده أو أنفذه على ما وصفت. وإذا تحاكم إليه أعجمي لا يعرف لسانه لم تقبل الترجمة عنه إلا بعدلين يعرفان لسانه، وإذا شهد الشهود عند القاضي كتب حلية كل رجل ورفع في نسبه إن كان له أو ولاية إن كانت له، وسأله عن صناعته وكنيته إن كانت له، وعن مسكنه وعن موضع بياعته ومصلاه. قال الشافعي رحمه الله: وأحب إذا لم يكن لهم سدة عقول أن يفرقهم ثم يسأل كل واحد منهم على حدته عن شهادته واليوم الذي شهد فيه والموضع ومن فيه ليستدل على عورة إن كانت في شهادته، وإن جمعوا الحال الحسنة والعقل لم يفعل بهم ذلك، وأحب أن يكون أصحاب مسائله جامعين للعفاف في الطعمة والأنفس وافري العقول براء من الشحناء بينهم وبين الناس أو الحيف عليهم أو الحيف على أحد بأن يكونوا من أهل الأهواء والعصبية أو المماطلة للناس، وأن يكونوا جامعين للأمانة في أديانهم لا يتغفلون بأن يسألوا الرجل عن عدوه فيخفي حسنا
 
صفحة : 2483
سطر 355:
الشهادات في البيوع
مختصر من الجامع من اختلاف الحكام والشهادات ومن أحكام القرآن ومن مسائل شتى سمعتها منه لفظا قال الشافعي: قال الله عز وجل: وأشهدوا إذا تبايعتم فاحتمل أمره جل ثناؤه أمرين: أحدهما: أن يكون مباحا تركه. والآخر حتما يعصي من تركه بتركه. فلما أمر الله عز وجل في آية الدين والدين تبايع بالإشهاد وقال فيها: فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته دل على أن الأولى دلالة على الحظ لما في الإشهاد من منع الظالم بالجحود أو بالنسيان ولما في ذلك من براءات الذمم بعد الموت لا غير، وكل أمر ندب الله إليه فهو الخير الذي لا يعتاض منه من تركه، وقد حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أنه بايع أعرابيا فرسا فجحده بأمر بعض المنافقين ولم يكن بينهما إشهاد فلو كان حتما ما تركه صلى الله عليه وسلم{{ص}}.
باب عدة الشهود وحيث لا يجوز فيه النساء
سطر 362:
صفحة : 2486
 
قال الشافعي: ودل الله جل ثناؤه على أن لا يجوز في الزنا أقل من أربعة لقوله: لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء وقال سعد: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء. فقال: نعم . وجلد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثلاثة لما لم يقم الرابع. وقال الله جل ثناؤه في الإمساك والفراق: وأشهدوا ذوي عدل منكم فانتهى إلى شاهدين، ودل على ما دل قبله من نفي أن يجوز فيه إلا رجال لا نساء معهم لأنه لا يحتمل إلا أن يكونا رجلين. وقال الله جل ثناؤه في آية الدين: فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان . ولم يذكر في شهود الزنا ولا الفراق ولا الرجعة امرأة، ووجدنا شهود الزنا يشهدون على حد لا مال، والطلاق والرجعة تحريم بعد تحليل وتثبيت تحليل لا مال، والوصية إلى الموصى إليه قيام بما أوصى به إليه لا أن له مالا، ولا أعلم أحدا من أهل العلم خالف في أنه لا يجوز في الزنا إلا الرجال وأكثرهم قال: ولا في الطلاق ولا في الرجعة إذا تناكر الزوجان، وقالوا ذلك في الوصية فكان ذلك كالدلالة على ظاهر القرآن، وكان أولى الأمور بأن يصار إليه ويقاس عليه. والدين مال فما أخذ به المشهود له مالا جازت فيه شهادة النساء مع الرجال وما عدا ذلك فلا يجوز فيه إلا الرجال. قال الشافعي رحمه الله: وفي قول الله تبارك وتعالى: فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان . وقال: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى دلالة على أنه لا تجوز شهادة النساء حيث يجزن إلا مع الرجل، ولا يجوز منهن إلا امرأتان فصاعدا، وأصل النساء أنه قصر بهن عن أشياء بلغها الرجال أنهم جعلوا قوامين عليهن وحكاما ومجاهدين، وأن لهم السهمان من الغنيمة دونهن وغير ذلك فالأصل أن لا يجزن، فإذا أجزن في موضع لم يعد بهن ذلك الموضع وكيف أجازهن محمد بن الحسن في الطلاق والعتاق وردهن في الحدود? قال الشافعي رحمه الله: وفي إجماعهم على أن لا يجزن على الزنا ولم يستنبن في الإعواز من الأربعة دليل على أن لا يجزن في الوصية إذ لم يستنبن في الإعواز من شاهدين. وقال بعض أصحابنا: إن شهدت امرأتان لرجل بمال حلف معهن، ولقد خالله عدد أحفظ ذلك عنهم من أهل المدينة وهذا إجازة النساء بغير رجل فيلزمه أن يجيز أربعا فيعطي بهن حقا، فإن قال إنهما مع يمين رجل فيلزمه أن لا يجيزهما مع يمين امرأة والحكم فيهما واحد. قال الشافعي رحمه الله: وكان القتل والجراح وشرب الخمر والقذف مما لم يذكر فيه عدد الشهود فكان ذلك قياسا على شاهدي الطلاق وغيره مما وصفت. قال: ولا يحل حكم الحاكم الأمور عما هي عليه، أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أنه يقضي بالظاهر ويتولى الله عز وجل السرائر فقال: من قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار فلو شهدا بزور أن رجلا طلق امرأته ثلاثا ففرق الحاكم بينهما كانت له حلالا غير أنا نكره أن يطأها فيحدا، ويلزم من زعم أن فرقته فرقة تحرم بها على الزوج يحل لأحد الشاهدين أن يتزوجها فيما بينه وبين الله عز وجل أو يقول: لو شهدا له بزور أن هذا قتل ابنه عمدا فأباح له الحاكم دمه أن يريق دمه ويحل له فيما بينه وبين الله عز وجل.
باب شهادة النساء لا رجل معهن
سطر 391:
صفحة : 2489
 
قال الشافعي أخبرنا عبد الله بن الحرث بن عبد الملك المخزومي عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قضى باليمين مع الشاهد. قال عمرو في الأموال، ورواه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قضى باليمين مع الشاهد، ومن حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قضى باليمين مع الشاهد، ورواه عن علي وأبي بن كعب وعمر بن عبد العزيز وشريح. قال الشافعي رحمه الله: فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} باليمين مع الشاهد، وقال عمرو: وهو الذي روى الحديث في الأموال، وقال جعفر بن محمد من رواية مسلم بن خالد في الدين والدين مال دل ذلك على أنه لا يقضى بها في غير ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أو مثل معناه. قال الشافعي رحمه الله: والبينة في دلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بيتان، بينة كاملة هي بعدد شهود لا يحلف مقيمها معها، وبينة ناقصة العمد في المال يحلف مقيمها معها. قال: فكل ما كان من مال يتحول إلى مالك من مالك غيره حتى يصير فيه مثله أو في مثل معناه قضى فيه بالشاهد مع اليمين، وكذلك كل ما وجب به مال من جرح أو قتل لا قصاص فيه أو إقرار أو غير ذلك مما يوجب المال، ولو أتى قوم بشاهد أن لأبيهم على فلان حقا أو أن فلانا قد أوصى لهم فمن حلف منهم مع شاهده استحق مورثه أو وصيته دون من لم يحلف، وإن كان فيهم معتوه وقف حقه حتى يعقل فيحلف أو يموت فيقوم وارثه مقامه فيحلف ويستحق، ولا يستحق أخ بيمين أخيه وليس الغريم ولا الموصى له من معنى الوارث في شيء وإن كانوا أولى بمال من عليه اليمين فليس من وجه أنهم يقومون مقامه ولا يلزمهم ما يلزم الوارث من نفقة عبيده الزمني، ألا ترى أنه لو ظهر له مال سوى ماله الذي يقال للغريم احلف عليه كان للورثة أن يعطوه من ذلك المال الظاهر الذي لم يحلف عليه الغريم? قال: وإذا حلف الورثة فالغرماء أحق بمال الميت، ولو أقام شاهدا أنه سرق له متاعا من حرز يسوي ما تقطع فيه اليد واستحق ولا يقطع لأن الحد ليس بمال كرجل قال: امرأتي طالق وعبدي حر إن كنت غصبت فلانا هذا العبد فيشهد له عليه بغصبه شاهد فيحلف ويستحق الغصب ولا يثبت عليه طلاق ولا عتق لأن حكم الحنث غير حكم المال. قال: ولو أقام شاهدا على جارية أنها له وابنها ولد منه، حلف وقضي له بالجارية وكانت أم ولده بإقراره لأن أم الولد مملوكة ولا يقضى له بالابن لأنه لا يملكه على أنه ابنه. قال المزني رحمه الله: وقال في موضع آخر: يأخذها وولدها ويكون ابنه. قال المزني رحمه الله: وهذا أشبه بقوله الآتي لم يختلف وهو قوله: لو أقام شاهدا على عبد في يدي رجل يسترقه أنه كان عبدا له فأعتقه ثم غصبه هذا بعد العتق حلف وأخذه وكان مولى له. قال المزني رحمه الله: فهو لا يأخذه مولاه على أنه يسترقه كما أنه لا يأخذ ابنه على أنه يسترقه، فإذا أجازه في المولى لزمه في الابن. قال: ولو أقام شاهدا أن أباه تصدق عليه بهذه الدار صدقة محرمة موقوفة وعلى أخوين له فإذا انقرضوا فعلى أولادهم أو على المساكين، فمن حلف منهم ثبت حقه وصار ما بقي ميراثا، فإن حلفوا معا خرجت الدار من ملك صاحبها إلى من جعلت له حياته ومضى الحكم فيها لهم، فمن جاء بعدهم ممن وقفت عليه إذا ماتوا قام مقام الوارث، وإن لم يحلف إلا واحد فنصيبه منها وهو الثلث صدقة على ما شهد به شاهده ثم نصيبه على من تصدق به أبوه عليه بعده وبعد أخويه، فإن قال الذين تصدق به عليهم بعد الاثنين: نحن نحلف على ما أبى يحلف عليه الاثنان ففيها قولان. أحدهما: أنه لا يكون لهم إلا ما كان للاثنين قبلهم. والآخر: أن ذلك لهم من قبل أنه إنما يملكون إذا حلفوا بعد موت الذي جعل لهم ملك إذا مات وهو أصح القولين وبه أقول والله أعلم. ولو قال: وعلى أولادهم وأولاد أولادهم ما تناسلوا قال: فإذا حدث ولد نقص من له حق في الحبس ويوقف حق المولود حتى يبلغ فيحلف فيأخذ أو يدع فيبطل حقه ويرد كراء ما وقف له من حقه على الذين انتقصوا من أجله حقوقهم سواء بينهم، فإن مات من المنتقص حقوقهم أحد في نصف عمر الذي وقف له إلى أن يبلغ رد حصة الموقف على من معه في الحبس وأعطي ورثة الميت منهم بقدر ما استحق مما رد عليه بقدر حقه. قال المزني: أصل قول الشافعي أن
 
صفحة : 2490
سطر 402:
صفحة : 2491
 
ولد قبل جده فباعه فأبق أنك تحلفه لقد باعه بريئا من الإباق على البت. قال: ما يجد الناس بدا من هذا غير أن الزهري أنكرها. قلت: فقد قضى بها حين ولى أرأيت ما رويت عن علي من إنكاره على معقل حديث بروع أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} جعل لها المهر والميراث ورد حديثه ومع علي زيد وابن عمر? فهل رعدت شيئا بالإنكار فكيف يحتج بإنكار الزهري? وقلت له: وكيف حكمت بشهادة قابلة في الاستهلال وهو ما يراه الرجال? أم كيف حكمت على أهل محلة وعلى عواقلهم بدية الموجود قتيلا في محلتهم في ثلاث سنين وزعمت أن القرآن يحرم أن يجوز أقل من شاهد وامرأتين وزعمت أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} تدل على أن اليمين براءة لمن حلف فخالفت في جملة قولك الكتاب والسنة? أرأيت لو قال لك أهل المحلة: أتدعي علينا فأحلف جميعنا وأبرئنا? قال: لا أحلفهم إذا جاوزوا خمسين رجلا ولا أبرئهم بإيمانهم وأغرمهم. قلت: فكيف جاز لك هذا? قال: روينا هذا عن عمر بن الخطاب رحمة الله عليه. فقلت: فإن قيل لك لا يجوز على عمر أن يخالف الكتاب والسنة وقال عمر نفسه البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه قال: لا يجز أن أتهم من أثق به ولكن أقول بالكتاب والسنة وقول عمر على الخاص قلت: فلم لم يجز لنا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ما أجزت لنفسك من عمر? قلت: وقد رويتم أن عمر كتب فجلبهم إلى مكة وهو مسيرة اثنين وعشرين يوما فأحلفهم في الحجر وقضى عليهم بالدية فقالوا: ما وقت أموالنا أيماننا ولا أيماننا أموالنا. فقال: حقنتم بأيمانكم دماءكم فخالفتم في ذلك عمر فلا أنتم أخذتم بكل حكمه ولا تركتموه ونحن نروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بالإسناد الصحيح أنه بدأ في القسامة بالمدعين. فلما لم يحلفوا قال: تبرئكم يهود بخمسين يمينا. وإذ قال تبرئكم يهود فلا يكون عليهم غرم، ويروى عن عمر أنه بدى المدعى عليهم ثم رد اليمين على المدعين، وهذان جميعا يخالفان ما رويتم عنه، وقد أجزتم شهادة أهل الذمة وهم غير الذين شرط الله عز وجل أن تجوز شهادتهم ورددتم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} في اليمين مع الشاهد. قال: فإنا أجزنا شهادة أهل الذمة بقول الله عز وجل: أو آخران من غيركم قلت: سمعت من أرضى يقول من غير قبيلتكم من المسلمين ويحتج بقول الله جل وعز: تحبسونهما من بعد الصلاة ؛ قلت: والمنزل فيه هذه الآية رجل من العرب فأجزت شهادة مشركي العرب بعضهم على بعض. قال: لا إلا شهادة أهل الكتاب. قلت: فإن قال قائل لا إلا شهادة مشركي العرب فما الفرق? فقلت له: أفتجيز اليوم شهادة أهل الكتاب على وصية مسلم كما زعمت أنها في القرآن? قال: لا لأنها منسوخة. قلت: بماذا? قال: بقول الله عز وجل: وأشهدوا ذوي عدل منكم . قلت: فقد زعمت بلسانك أنك خالفت القرآن إذ لم يجز الله إلا مسلط فأجزت كافرا وقال لي قائل: إذا نص الله حكما في كتابه فلا يجوز أن يكون سكت عنه وقد بقي منه شيء، ولا يجوز لأحد أن يحدث فيه ما ليس في القرآن قلت: فقد نص الله عز وجل الوضوء في كتابه فأحدث فيه المسح على الخفين، ونص ما حرم من النساء وأحل ما وراءهن فقلت: لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ونص المواريث فقلت: لا يرث قاتل ولا مملوك ولا كافر وإن كانوا ولدا أو والدا، ونص حجب الأم بالإخوة فحجبتها بأخوين، ونص للمطلقة قبل أن تمس نصف المهر ورفع العدة فقلت: إن خلا بها ولم يمسها فلها المهر وعليها العدة فهذه أحكام منصوصة في القرآن. فهذا عندك خلاف ظاهر القرآن، واليمين مع الشاهد لا يخالف ظاهر القرآن شيئا والقرآن عربي فيكون عاما يراد به الخاص، وكل كلام احتمل في القرآن معاني فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} تدل على أحد معانيه موافقة له لا مخالفة للقرآن.
قال الشافعي رحمه الله: ومما تركنا من الحجة عليهم أكثر مما كتبناه وبالله التوفيق.
سطر 410:
صفحة : 2492
 
قال الشافعي رحمه الله: من ادعى مالا فأقام عليه شاهدا أو ادعي عليه مال أو جناية خطأ بأن بلغ ذلك عشرين دينارا أو ادعى عبد عتقا تبلغ قيمته عشرين دينارا أو ادعى جراحة عمد صغرت أو كبرت أو في طلاق أو لعان أو حد أو رد يمين في ذلك فإن كان الحكم بمكة كانت اليمين بين المقام والبيت، وإن كان بالمدينة كانت على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، وإن كانت ببلد غير مكة والمدينة أحلف بعد العصر في مسجد ذلك البلد بما تؤكد به الأيمان، ويتلى عليه إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا الآية. قال: وهذا قول حكام المكيين ومفتيهم، ومن حجتهم فيه أن عبد الرحمن بن عوف رأى قوما يحلفون بين المقام والبيت. فقال: أعلى دم? قالوا: لا. قال: أفعلى أمر عظيم? قالوا: لا. قال: لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام. قال فذهبوا إلى أن العظيم من الأموال ما وصفت من عشرين دينارا فصاعدا. قال ابن أبي مليكة: كتب إلي ابن عباس في جاريتين ضربت إحداهما الأخرى أن أحبسهما بعد العصر ثم أقرأ عليهما إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ففعلت فاعترفت، قال: واستدللت بقول الله جل ثناؤه تحبسونهما من بعد الصلاة. قال المفسرون: صلاة العصر على تأكيد اليمين على الحالف في الوقت الذي تعظم فيه اليمين، وبكتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه يحلف عند المنبر منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم،{{ص}}، وما بلغني أن عمر حلف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} في خصومة بينه وبين رجل، وأن عثمان ردت عليه اليمين على المنبر فاتقاها وقال: أخاف أن توافق قدر بلاء فيقال بيمينه، قال وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وأصحابه وأهل العلم ببلدنا دار السنة والهجرة، وحرم الله عز وجل وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} اقتدينا. والمسلمون البالغون رجالهم ونساؤهم وأحرارهم وعبيدهم ومماليكهم يحلفون كما وصفنا، ويحلف المشركون وأهل الذمة والمستأمنون كل واحد منهم بما يعظم من الكتب وحيث يعظم من المواضع مما يعرفه المسلمون وما يعظم الحالف منهم مثل قوله: والله الذي أنزل التوراة على موسى، والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى وما أشبه هذا، ولا يحلفون بما يجهل معرفته المسلمون، ويحلف الرجل في حق نفسه وفيما عليه بعينه على البت مثل أن يدعي عليه براءة من حق له فيحلف بالله إن هذا الحق ويسميه لثابت عليه ما اقتضاه ولا شيئا منه ولا مقتضى بأمر يعلمه ولا أحال به ولا بشيء منه ولا أبرأه منه ولا من شيء منه بوجه من الوجوه وإنه لثابت عليه إلى أن حلف بهذا اليمين، وإن كان حقا لأبيه حلف في نفسه على البت وفي أبيه على العلم، وإن أحلف قال: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ثم ينسق اليمين، ولا يقبل منه اليمين إلا بعد أن يستحلفه الحاكم، واحتج بأن ركانة قال للنبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}: إني طلقت امرأتي البتة والله ما أردت إلا واحدة فقال النبي عليه السلام: والله ما أردت إلا واحدة? فردها إليه وهذا تجويزا لليمين في الطلاق والرجعة في طلاق البتة.
باب الامتناع من اليمين
سطر 422:
صفحة : 2493
 
قال الشافعي رحمه الله: ولا يقوم النكول مقام إقرار في شيء حتى يكون معه يمين المدعي، فإن قيل: فكيف أحلفت في الحدود والطلاق والنسب والأموال وجعلت الأيمان كلها تجب على المدعى عليه وجعلتها كلها ترد على المدعي? قيل: قلته استدلالا بالكتاب والسنة ثم الخبر عن عمر حكم الله على القاذف غير الزوج بالحد ولم يجعل له مخرجا منه إلا بأربعة شهداء، وأخرج الزوج من الحد بأن يحلف أربعة أيمان ويلتعن بخامسة فيسقط عنه الحد ويلزمها إن لم تخرج منه بأربعة أيمان والتعانها، وسن بينهما الفرقة ودرأ الله عنهما الحد بالأيمان والتعانه، وكانت أحكام الزوجين وإن خالفت أحكام الأجنبيين في شيء فهي مجامعة لها في غيره وذلك أن اليمين فيه جمعت درء الحد عن الرجل والمرأة وفرقة ونفي ولد فكان هذا الحد والفراق والنفي معا داخلة فيها، ولا يحق الحد على المرأة حين يقذفها الزوج إلا بيمينه وتنكل عن اليمين، ألا ترى أن الزوج لو لم يلتعن حد بالقذف ولترك الخروج منه باليمين ولم يكن على المرأة حد ولا لعان? أو لا ترى أن النبي قال الشافعي قال للأنصاريين: تحلفون وتستحقون دم صاحبكم فلما لم يحلفوا رد الأيمان على يهود ليبرؤوا بها فلما لم يقبلها الأنصاريون تركوا حقهم. أو لا ترى عمر جعل الأيمان على المدعى عليهم فلما لم يحلفوا ردها على المدعين? وكل هذا تحويل يمين من موضع قد ندبت فيه إلى الموضع الذي يخالفه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: وعلى المدعى عليه اليمين . ولا يجوز أن تكون على مدعى عليه دون غيره إلا بخبر لازم وهما لفظان من رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه مخرجهما واحد فكيف يجوز أن يقال: إن جاء المدعي بالبينة أخذ وإن لم يأت بها حدث له حكم غيرها وهو استحلاف من ادعى عليه? وإن جاء المدعى عليه باليمين برئ وإن لم يأت بها لزمه ما نكل عنه ولم يحدث له حكم غيرها? ويجوز رد اليمين كما حدث للمدعي إن لم يأت بها حكم غيره وهو اليمين. وإذ حول النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} اليمين حيث وضعها فكيف لم تحول كما حولها.
مختصر من كتاب الشهادات وما دخله من الرسالة
سطر 431:
صفحة : 2494
 
قال الشافعي: ليس من الناس أحد نعلمه إلا أن يكون قليلا يمحض الطاعة والمروءة حتى لا يخلطهما بمعصية، ولا يمحض المعصية وترك المروءة حتى لا يخلطهما شيئا من الطاعة والمروءة، فإذا كان الأغلب على الرجل الأظهر من أمره الطاعة والمروءة قبلت شهادته، وإذا كان الأغلب الأظهر من أمره المعصية وخلاف المروءة ردت شهادته، ولا يقبل الشاهد حتى يثبت عنده بخبر منه أو بينة أنه حر، ولا تجوز شهادة جار إلى نفسه ولا دافع عنها ولا على خصم لأن الخصومة موضع عداوة ولا لولد بنيه ولا لولد بناته وإن سفلوا ولا لآبائه وأمهاته وإن بعدوا ولا من يعرف بكثرة الغلط أو الغفلة، ولو كنت لا أجيز شهادة الرجل لامرأته لأنه يرثها ما أجزت شهادة الأخ لأخيه إذا كان يرثه، ولا أرد شهادة الرجل من أهل الأهواء إذا كان لا يرى أن يشهد لموافقه بتصديقه وقبول يمينه، وشهادة من يرى كذبه شركا بالله ومعصية تجب بها النار أولى أن تطيب النفس بقبولها من شهادة من يخفف المأثم فيها، وكل من تأول حراما عندنا فيه حد أو لا حد فيه لم نرد بذلك شهادته، ألا ترى أن ممن حمل عنه الدين وجعل علما في البلدان منهم من يستحل المتعة والدينار بالدينارين نقدا وهذا عندنا وغيرنا حرام، وأن منهم من استحل سفك الدماء ولا شيء أعظم منه بعد الشرك، ومنهم من تأول فاستحل كل مسكر غير الخمر وعاب على من حرمه ولا نعلم أحدا من سلف هذه الأمة يقتدي به ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل وإن خطأه وضلله، واللاعب بالشطرنج والحمام بغير قمار وإن كرهنا ذلك أخف حالا. قال المزني رحمه الله: فكيف يحد من شرب قليلا من نبيذ شديد ويجيز شهادته? قال الشافعي رحمه الله: ومن شرب عصير العنب الذي عتق حتى سكر وهو يعرفها خمرا ردت شهادته لأن تحريمها نص، ومن شرب سواها من المنصف أو الخليطين فهو آثم ولا ترد شهادته إلا أن يسكر لأنه عند جميعهم حرام. قال الشافعي: وأكره اللعب بالنرد للخبر. وإن كان يديم الغناء ويغشاه المغنون معلنا فهذا سفه ترد به شهادته، وإن كان ذلك يقل لم ترد، فأما الاستماع للحداء ونشيد الأعراب فلا بأس به. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} للشريد: أمعك من شعر أمية شيء? قال: نعم. قال: هيه فأنشده بيتا. فقال: هيه حتى بلغت مائة بيت. وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} الحداء والرجز وقال لابن رواحة: حرك بالقوم فاندفع يرجز. قال المزني رحمه الله: سمعت الشافعي يقول: كان سعيد بن جبير يلعب بالشطرنج استدبارا فقلت له: كيف يلعب بها استدبارا. قال: يوليها ظهره ثم يقول: بأي شيء وقع فيقول بكذا فيقول أوقع علية بكذا. قال: وإذا كان هكذا كان تحسين الصوت بذكر الله والقرآن أولى محبوبا. قال الشافعي: رحمه الله: وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أنه قال: ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الترنم بالقرآن وسمع النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عبد الله بن قيس يقرأ فقال: لقد أوتي هذا من مزامير آل داود . قال الشافعي رحمه الله: لا بأس بالقراءة بالألحان وتحسين الصوت بأي وجه ما كان، وأحب ما يقرأ إلي حدرا وتحزينا. قال المزني رحمه الله: سمعت الشافعي يقول: لو كان معنى يتغنى بالقرآن على الاستغناء لكان يتغانى وتحسين الصوت هو يتغنى ولكنه يراد به تحسين الصوت. وقال: وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه، والعصبية المحضة أن يبغض الرجل لأنه من بني فلان فإذا أظهرها ودعا إليها وتألف عليها فمردود، وقد جمع الله تبارك وتعالى المسلمين بالإسلام وهو أشرف أنسابهم فقال جل ثناؤه: إنما المؤمنون إخوة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: كونوا عباد الله إخوانا فمن خالف أمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ردت شهادته. والشعر كلام فحسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه وفضله على الكلام أنه سائر، وإذا كان الشاعر لا يعرف بشتم الناس وأذاهم ولا يمتدح فيكثر الكذب المحض ولا يتشبب بامرأة بعينها ولا يشهرها بما يشينها فجائز الشهادة. وإن كان على خلاف ذلك لم تجز، ويجوز شهادة ولد الزنا في الزنا والمحمود فيما حد فيه والقروي على البدوي والبدوي على القروي إذا كانوا عمولا، وإذا شهد صبي أو عبد أو نصراني بشهادة فلا يسمعها واستماعه لها تكلف، وإن بلغ الصبي وأعتق العبد وأسلم النصراني ثم شهدوا بها بعينها
 
صفحة : 2495
سطر 464:
صفحة : 2497
 
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: البينة على المدعي . قال الشافعي أحسبه قال ولا أثبته قال: واليمين على المدعى عليه . قال: وإذا ادعى الرجل الشيء في يدي الرجل فالظاهر أنه لمن هو في يديه مع يمينه لأنه أقوى سببا، فإن استوى سببهما فهما فيه سواء، فإن أقام الذي ليس في يديه البينة قيل لصاحب اليد البينة التي لا تجر إلى أنفسها بشهادتها أقوى من كينونة الشيء في يديك وقد يكون في يديك ما لا تملكه فهو له لفضل قوة سببه على سببك، فإن أقام الآخر بينة قيل قد استويتما في الدعوى والبينة والذي الشيء في يديه أقوى سببا فهو له لفضل قوة سببه، وهذا معتدل على أصل القياس والسنة على ما قلنا في رجلين تداعيا دابة وأقام كل واحد منهما البينة أنها دابته نتجها فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} للذي هو في يديه. قال: وسواء التداعي والبينة في النتاج وغيره، وسواء أقام أحدهما شاهدا وامرأتين. والآخر عشرة إن كان بعضهم أرجح من بعض، وإن أراد الذي قامت عليه البينة أن أحلف صاحبه مع بينته لم يكن ذلك له إلا أن يدعي أنه أخرجه إلى ملكه فهذه دعوى أخرى فعليه اليمين، ولو ادعى أنه نكح امرأة لم أقبل دعواه حتى يقول: نكحتها بولي وشاهدي عدل ورضاها، فإن حلفت برئت وإن نكلت حلف وقضى له بأنها زوجة له. قال الشافعي: والأيمان في الدماء مخالفة لغيرها لا يبرأ منه إلا بخمسين يمينا وسواء النفس والجرح في هذا نقتله ونقصه منه بنكوله ويمين صاحبه. قال المزني رحمه الله: قطع في الإملاء بأن لا قسامة بدعوى ميت ولكن يحلف المدعى عليه ويبرأ، فإن أبى حلف الأولياء واستحقوا دمه، وإن أبوا بطل حقهم. وقال في كتاب اختلاف الحديث من ادعى دما ولا دلالة للحاكم على دعواه كالدلالة التي قضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بالقسامة أحلف المدعى عليه كما يحلف فيما سوى الدم. قال المزني رحمه الله: وهذا به أشبه. وفى ليل آخر حكم النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} في القسامة بتبدئة المدعي لا غيره، وحكم فيما سوى ذلك بتبدئة يمين المدعى عليه لا غيره، فإذا حكم الشافعي فيما وصفت بتبدئة المدعى عليه ارتفع عدد أيمان القسامة. قال الشافعي: والدعوى في الكفالة بالنفس والنكول ورد اليمين كهي في المال إلا أن الكفالة بالنفس ضعيفة، ولو أقام بينة أنه أكراه بينا من داره شهرا بعشرة وأقام المكتري البينة أنه اكترى منه الدار كلها ذلك الشهر بعشرة فالشهادة باطلة ويتحالفان ويترادان فإن كان سكن فعليه كراء مثلها، ولو ادعى دارا في يدي رجل فقال ليست بملك لي وهي لفلان فإن كان حاضرا صيرتها له وجعلته خصما عن نفسه، وإن كان غائبا كتب إقراره وقيل للمدعي: أقم البينة، فإن أقامها قضى بها على الذي هي في يديه ويجعل في القضية أن المقر له بها على حجته. قال المزني رحمه الله: قد قطع بالقضاء على غائب وهو أولى بقوله. قال الشافعي: ولو أقام رجل بينة أن هذه الدار كانت في يديه أمس لم أقبل قد يكون في يديه ما ليس له إلا أن يقيم بينة أنه أخذها منه، ولو أقام بينة أنه غصبه إياها وأقام آخر البينة أنه أقر له بها فهي للمغصوب ولا يجوز إقراره فيما غصب. قال الشافعي: وإذا ادعى عليه شيئا كان في يدي الميت حلف على علمه. وقال في كتاب ابن أبي ليلى: وإذا اشتراه حلف على البت.
باب الدعوى في الميراث من اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى
سطر 484:
باب في القافة ودعوى الولد
من كتاب الدعوى والبينان ومن كتاب نكاح قديم قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أعرف السرور في وجهه فقال: ألم تري أن مجزرا المدجلي نظر إلى أسامة وزيد عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض . قال الشافعي فلو لم يكن في القافة إلا هذا انبغى أن يكون فيه دلالة أنه علم، ولو لم يكن علما لقال له لا تقل هذا لأنك إن أصبت في شيء لم آمن عليك أن تخطئ في غيره، وفي خطئك قذف محصنة أو نفي نسب، وما أقره إلا أنه رضيه ورآه علما ولا يسر إلا بالحق صلى الله عليه وسلم{{ص}}. ودعا عمر رحمه الله قائفا في رجلين ادعيا ولدا فقال: لقد اشتركا فيه فقال عمر للغلام: وال أيهما شئت. وشك أنس في ابن له فدعيا له القافلة. قال الشافعي رحمه الله: وأخبرني عدد من أهل العلم من المدينة ومكة أنهم أدركوا الحكام يفتون بقول الشافعي رحمه الله: ولم يجز الله جل ثناؤه نسب أحد قط إلا إلى أب واحد ولا رسوله عليه السلام.
 
سطر 501:
باب أخذ الرجل حقه ممن يمنعه إياه
قال الشافعي: وكانت هند زوجة لأبي سفيان، وكانت القيم على ولدها لصغرهم بأمر زوجها، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لما شكت إليه أن تأخذ من ماله ما يكفيها وولدها بالمعروف، فمثلها الرجل يكون له الحق على الرجل فيمنعه إياه فله أن يأخذ من ماله حيث وجده بوزنه أو كيله، فإن لم يكن له مثل كانت قيمته دنانير أو دراهم، فإن لم يجد له مالا باع عرضه واستوفى من ثمنه حقه، فإن قيل فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: أد إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك . قيل: إنه ليس بثابت، ولو كان ثابتا لم نكن الخيانة ما أذن بأخذه هم، وإنما الخيانة أن آخذ له درهما بعد استيفائه درهمي فأخونه بدرهم كما خانني في درهمي فليس لي أن أخونه بأخذ ما ليس لي وإن خانني.
باب عتق الشرك في الصحة والمرض والوصايا في العتق
سطر 508:
صفحة : 2501
 
قال الشافعي: من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبلغ قيمة العبد قوم عليه قيمة عدل وأعطى شركاءه حصصهم وعتق العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق، وهكذا روى ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}. قال الشافعي ويحتمل قوله في عتق الموسر وأعطى شركاءه حصصهم وعتق العبد معنيين أحدهما: أنه يعتق بالقول وبدفع القيمة. والآخر: أن يعتق بقول الموسر ولو أعسر كان العبد حرا واتبع بما ضمن وهذا قول يصح فيه القياس. قال المزني: وبالقول الأول قال في كتاب الوصايا في العتق. وقال في كتاب اختلاف الأحاديث: يعتق يوم تكلم بالعتق، وهكذا قال في كتاب اختلاف ابن أبي ليلى وأبي حنيفة. وقال أيضا: فإن مات المعتق أخذ بما لزمه من أرش المال لا يمنعه الموت حقا لزمه كما لو جنى جناية والعبد حر في شهادته وحدوده وميراثه وجناياته قبل القيمة ودفعها. قال المزني: وقد قطع بأن هذا المعنى أصح. قال المزني: وقطعه به في أربعة مواضع أولى به من أحد قولين لم يقطع به، وهو القياس على أصله في القرعة أن العتق يوم تكلم بالعتق حتى أقرع بين الأحياء والموتى فهذا أولى بقوله. قال المزني رحمه الله: قد قال الشافعي لو أعتق الثاني كان عتقه باطلا وفي ذلك دليل لو كان ملكه بحاله لو عتق بإعتاقه إياه، وقوله في الأمة بينهما أنه إن أحبلها صارت أم ولد له إن كان موسرا كالعتق، وأن شريكه إن وطئها قبل أخذ القيمة كان مهرها عليه تاما وفي ذلك قضاء لما قلنا، ودليل آخر لما كان الثمن في إجماعهم ثمنين أحدهما في بيع عن تراض يجوز فيه التغابن والآخر قيمة متلف لا يجوز فيه التغابن وإنما هي على التعديل والتقسيط، فلما حكم النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} على المعتق الموسر بالقيمة دل على أنها قيمة متلف على شريكه يوم أتلفه فهذا كله قضاء لأحد قوليه على الآخر وبالله التوفيق. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال أحدهما لصاحبه وصاحبه موسر أعتقت نصيبك، وأنكر الآخر عتق نصيب المدعي ووقف ولاؤه لأنه زعم أنه حر كله وادعى قيمة نصيبه على شريكه فإن ادعى شريكه مثل ذلك عتق العبد وكان له ولاؤه. قال: وفيها قول آخر إذا لم يعتق نصيب الأول لم يعتق نصيب الآخر لأنه إنما يعتق بالأول. قال المزني: قد قطع بجوابه الأول أن صاحبه زعم أنه حر كله وقد عتق نصيب المقر بإقراره قبل أخذه قيمته فتفهم. ولا خلاف أن من أقر بشيء يضره لزمه ومن ادعى حقا لم يجب له وهذا مقر للعبد بعتق نصيبه فيلزمه ومدع على شريكه بقيمته لا تجب له. ومن قوله: وجميع من عرفت من العلماء أن لو قال لشريكه بعتك نصيبي بثمن وسلمته إليك وأنت موسر وإنك قبضته وأعتقته وأنكر شريكه أنه مقر بالعتق لنصيبه نافذ عليه مدع الثمن لا يجب له فهذا وذاك عندي في القياس سواء، وهذا يقضي لأحد قوليه على الآخر. قال المزيني: وقد قال الشافعي لو قال أحدهما لصاحبه: إذا أعتقته فهو حر، فأعتقه كان حرا في مال المعتق، وسواء كان بين مسلمين أو كافرين أو مسلم وكافر. قال المزني: وقد قطع بعتقه قبل دفع قيمته، ودليل آخر من قوله أنه جعل قيمته يوم تكلم بعتقه فدل أنه في ذلك الوقت حر قبل دفع قيمته. قال الشافعي وإذا أدى الموسر قيمته كان له ولاؤه وإن كان معسرا عتق نصيبه وإن كان شريكه على ملكه يخدمه يوما ويترك لنفسه يوما فما اكتسب لنفسه فهو له، وإن مات وله وارث ورثه بقدر ولائه، فإن مات له مورث لم يرث منه شيئا. قال المزني: القياس أن يرث من حيث يورث. وقد قال الشافعي: إن الناس يرثون من حيث يورثون وهذا وذاك في القياس سواء. قال الشافعي: فإن قال قائل: لا تكون نفس واحدة بعضها عبدا وبعضها حرا كما لا تكون امرأة بعضها طالقا وبعضها غير طالق. قيل له: أتتزوج بعض امرأة كما تشتري بعض عبد أو تكاتب المرأة كما لكاتب العبد أو يهب امرأته كما يهب عبده فيكون الموهوب له مكانه? تال: لا. قيل: فما أعلم شيئا أبعد من العبد مما قسته عليه. قال الشافعي: ولو أعتق شريكان لأحدهما النصف وللآخر السدس معا أو وكلا رجلا فأعتق عنهما معا كان عليهما قيمة الباقي لشريكيهما سواء، لا أنظر إلى كثير الملك ولا قليله. قال المزني: هذا يقضي لأحد قوليه في الشفعة أن من له كثير ملك وقليله في الشفعة سواء. قال الشافعي: وإذا اختلفا في قيمة العبد ففيها قولان أحدهما: أن القول قول المعتق. والثاني: أن القول قول
 
صفحة : 2502
سطر 516:
باب في عتق العبيد لا يخرجون من الثلث
قال الشافعي: ولو أعتق رجل ستة مملوكين له عند الموت لا مال له غيرهم، جزئوا ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم كما أقرع النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} في مثلهم، وأعتق اثنين ثلث الميت وأرق أربعة للوارث، وهكذا كل ما لم يحتمل الثلث أقرع بينهم ولا سعاية لأن في إقراع رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بينهم وفي قوله إن كان معسرا فقد عتق منه ما عتق إبطالا للسعايه من حديثين ثابتين. وحديث سعيد بن أبي عروبة في السعاية ضعيف وخالله شعبة وهشام جميعا ولم يذكروا فيه استسعاء وهما أحفظ منه.
باب كيفية القرعة بين المماليك وغيرهم
سطر 536:
صفحة : 2504
 
قال الشافعي: أخبرنا محمد بن الحسن عن يعقوب عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب قال الشافعي: وفي قوله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: فإنما الولاء لمن أعتق دليل أنه لا ولاء إلا لمعتق والذي أسلم النصراني على يديه ليس بمعتق فلا ولاء له، ولو أعتق مسلم نصرانيا أو نصراني مسلما فالولاء ثابت لكل واحد منهما على صاحبه ولا يتوارثان لاختلاف الدين، ولا يقطع اختلاف الدين الولاء كما لا يقطع النسب. قال الله جل ثناؤه: ونادى نوح ابنه وإذ قال إبراهيم لأبيه . فلم يقطع النسب باختلاف الدين فكذلك الولاء، ومن أعتق سائبة فهو معتق وله الولاء، ومن ورث من يعتق عليه أو مات عن أم ولد له فله ولاؤهم وإن لم يعتقهم لأنهم في معنى من أعتق، والمعتق السائبة معتق وهو أكثر من هذا في معنى المعتقين فكيف لا يكون له ولاؤه. قال: فالمعتق سائبة قد أنفذ الله له العتق لأنه طاعة وأبطل الشرط بأن لا ولاء له لأنه معصية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: الولاء لمن أعتق . قال الشافعي: وإذا أخذ أهل الفرائض فرائضهم ولم يكن لهم عصبة قرابة من قبل الصلب كان ما بقي للمولي المعتق، ولو ترك ثلاثة بنين اثنان لأم فهلك أحد الاثنين لأم وترك مالا وموالي فورث أخوه لأبيه وأمه ماله وولاء مواليه ثم هلك الذي ورث المال وولاء المولي وترك ابنه وأخاه لأبيه فقال ابنه: قد أحرزت ما كان أبي أحرزه، وقال أخوه: إنما أحرزت المال وأما ولاء الموالي فلا. قال الشافعي: الأخ أولى بولاء الموالي وقضى بذلك عثمان بن عفان رحمة الله عليه، ثم الأقرب فالأقرب من العصبة أولى بميراث الموالي، والإخوة للأب والأم أولى من الإخوة للأب، وإن كان جد وأخ لأب وأم أو لأب فقد اختلف أصحابنا في ذلك فمنهم من قال: الأخ أولى وكذلك بنو الأخ وإن سفلوا، ومنهم من قال: هما سواء ولا يرث النساء الولاء ولا يرثن إلا من أعتقن أو أعتق من أعتقن.
مختصر كتابي المدبر من جديد وقديم
سطر 543:
صفحة : 2505
 
قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وعن أبي الزبير سمعا جابر بن عبد الله يقول: دبر رجل منا غلاما ليس له مال غيره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}: من يشتريه مني? . فاشتراه نعيم بن النحام. فقال عمرو: سمعت جابرا يقول: عبد قبطي مات عام أول في إمارة ابن الزبير، زاد أبو الزبير يقال له يعقوب. قال الشافعي: وباعت عائشة مدبرة لها سحرتها. وقال ابن عمر: المدبر من الثلث. وقال مجاهد: المدبر وصية يرجع فيه صاحبه متى شاء، وباع عمر بن عبد العزيز مدبرا في دين صاحبه. وقال طاوس: يعود الرجل في مدبره. قال الشافعي: فإذا قال الرجل لعبده أنت مدبر أو أنت عتيق أو محرر أو حر بعد موتي أو متى مت أو متى دخلت الدار فأنت حر بعد موتي فدخل فهذا كله تدبير يخرج من الثلث ولا يعتق في مال غائب حتى يحضر، ولو قال: إن شئت فأنت حر متى مت فشاء فهو مدبر، ولو قال: إذا مت فشئت فأنت حر، أو قال: أنت حر إذا مت إن شئت، فسواء قدم المشيئة أو أخرها لا يكون حرا إلا أن يشاء. ولو قال شريكان في عبد: متى متنا فأنت حر لم يعتق إلا بموت الآخر منهما. ولو قال سيد المدبر: قد رجعت في تدبيرك أو نقضته أو أبطلته لم يكن ذلك نقضا للتدبير حتى يخرجه من ملكه. وقال في موضع آخر: إن قال إن أدى بعد موتي كذا فهو حر أو وهبه هبة بتات قبض أو لم يقبض ورجع فهذا رجوع في التدبير. قال المزني: هذا رجوع في التدبير بغير إخراج له من ملكه، وذلك كله في الكتاب الجديد. وقال في الكتاب القديم: لو قال: قد رجعت في تدبيرك أو في ربعك أو في نصفك كان ما رجع عنه رجوعا في التدبير وما لم يرجع عنه مدبرا بحاله. وقال المزني وهذا أشبه بقوله بأصله وأصح لقوله إذا كان المدبر وصية فلم لا يرجع في الوصية، ولو جاز له أن يخالف بين ذلك فيبطل الرجوع في المدبر ولا يبطله في الوصية لمعنى اختلفا فيه جاز بذلك المعنى أن يبطل بيع المدبر ولا يبطل في الوصية فيصير إلى قول من لا يبيع المدبر، ولو جاز أن يجمع بين المدبر والأيمان في هذا الموضع جاز إبطال عتق المدبر لمعنى الحنث لأن الأيمان لا يجب الحنث بها على ميت، وقوله في الجديد والقديم بالرجوع فيه كالوصايا معتدل مستقيم لا يدخل عليه منه كبير تعليل. قال الشافعي: وجناية المدبر كجناية العبد يباع منه بقدر جنايته والباقي مدبر بحاله، ولو ارتد المدبر أو لحق بدار الحرب ثم أوجف المسلمون عليه فأخذه سيده فهو على تدبيره، ولو أن سيده ارتد فمات كان ماله فيئا والمدبر حرا، ولو دبره مرتدا ففيه ثلاثة أقاويل أحدها: أنه يوقف فإن رجع فهو على تدبيره، وإن قتل فالتدبير باطل وماله فيء لأنا علمنا أن ردته صيرته ماله فيئا. والثاني: أن التدبير باطل لأن ماله خارج منه إلا بأن يرجع، وهذا أشبه الأقاويل بأن يكون صحيحا فيه أقول. والثالث: أن التدبير ماض لأنه لا يملك عليه ماله إلا بموته. وقال في كتاب الزكاة إنه موقوف فإن رجع وجبت الزكاة وإن لم يرجع وقتل فلا زكاة. وقال في كتاب المكاتب: إنه إن كاتب المرتد عبده قبل أن يوقف ماله فالكتابة جائزة. قال المزني: أصحها عندي وأولاها به أنه مالك لماله لا يملك عليه إلا بموته لأنه أجاز كتابة عبده وأجاز أن ينفق من ماله على من يلزم المسلم نفقته، فلو كان ماله خارجا منه لخرج المدبر مع سائر ماله، ولما كان لولده ولمن يلزمه نفقته حق في مال غيره مع أن ملكه له بإجماع قبل الردة فلا يزول ملكه إلا بإجماع وهو أن يموت، ولو قال لعبده: متى قدم فلان فأنت حر فقدم والسيد صحيح أو مريض عتق من رأس المال، وجناية المدبر جناية عبد. قال: ولا يجوز على التدبير إذا جحد السيد إلا عدلان.
باب وطء المدبرة وحكم ولدها
سطر 594:
بيع المكاتب وشراؤه وبيع كتابته
وبيع رقبته وجوابان فيه قال الشافعي: وبيع المكاتب وشراؤه والشفعة له وعليه فيما بينه وبين سيده والأجنبي سواء إلا أن المكاتب ممنوع من استهلاك ماله وأن لبيع بما لا يتغابن الناس بمثله ولا يهب إلا بإذن سيده ولا يكفر في شيء من الكفارات إلا بالصوم، وإن باع فلم يفترقا حتى مات المكاتب وجب البيع. وقال في كتاب البيوع: إذا مات أحد المتبايعين قام وارثه مقامه ولا يبيع بدين ولا يهب لثواب وإقراره في البيع جائز، ولو كانت له على مولاه دنانير ولمولاه عليه دنانير فجعلا ذلك قصاصا جاز، ولو كانت له عليه ألف درهم من نجومه حالة وله على السيد مائة دينار حالة فأراد أن يجعلا الألف بالمائة قصاصا لم يجز، وكذلك لو كان دينه عليه عرضا وكتابته نقدا. قال: وإن أعتق عبده أو كاتبه بإذن سيده فأدى كتابته ففيها قولان: أحدهما: لا يجوز لأن الولاء لمن أعتق. والثاني: أنه يجوز. وفي الولاء قولان: أحدهما: أن ولاءه موقوف فإن عتق المكاتب الأول كان له وإن لم يعتق حتى يموت فالولاء لسيد المكاتب من قبل أنه عبد لعبده عتق. والثاني: أن الولاء لسيد المكاتب بكل حال لأنه عتق في حين لا يكون له بعتقه ولاؤه، فإن مات عبد المكاتب المعتق بعد ما يعتق وقف ميراثه في قول من وقف الميراث كما وصفت، فإن عتق المكاتب الذي أعتقه فله إن مات أو عجز فلسيد المكاتب إذا كان حيا يوم يموت وإن كان ميتا فلورثته من الرجال ميراثه. وفي القول الثاني لسيد المكاتب لأن ولاءه له، وقال في الإملاء على كتاب مالك: إنه لو كاتب عبده فأدى لم يعتق كما لو أعتقه لم يعتق. قال المزني: هذا عندي أشبه. قال الشافعي: وبيع نجومه مفسوخ فإن أدى إلى المشتري كتابته بأمر سيده عتق كما يؤدي إلى وكيله فيعتق. قال: وليس للمكاتب أن يشتري من يعتق عليه لو كان حرا وله أن يقبلهم إن أوصى له بهم ويكتسبون على أنفسهم ويأخذ فضل كسبهم وما أفادوا، فإن مرضوا أو عجزوا عن الكسب أنفق عليهم، وإن حنوا لم يكن له أن يفديهم وبيع منهم بقدر جناياتهم، ولا يجوز بيع رقبة المكاتب فإن قيل: بيعت بريرة، قيل هي المساومة بنفسها عائشة رضي الله عنها والمخبرة بالعجز بطلبها أوقية والراضية بالبيع، فإن قيل: فما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} لعائشة: اشترطي لهم الولاء? قلت أنا: للشافعي في هذا جوابان أحدهما: يبطل الشرط ويجيز العتق ويجعله خاصا. وقال في موضع آخر: هذا من أشد ما يغلط فيه وإنما جاء به هشام وحده وغيره قد خالله وضعفه. قال المزني: هذا أولى به لأنه لا يجوز في صفة النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} في مكانه من الله عز وجل ينكر على ناس شرطا باطلا ويأمر أهله بإجابتهم إلى باطل وهو على أهله في الله أشد وعليهم أغلظ. قال المزني: وقد يحتمل أن لو صح الحديث أن يكون أراد اشترطي عليهم أن لك إن اشتريت وأعتقت الولاء أي لا تغريهم واللغة تحتمل ذلك، قال الله جل ثناؤه: لهم اللعنة وقال: أن عليهم لعنة الله ، وكذلك قال تعالى: أم من يكون عليهم وكيلا وقال: إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها أي فعليها. وقال: ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض فقامت لهم مقام عليهم فتفهم رحمك الله.
باب كتابة النصراني
سطر 656:
باب ما خرج من كتاب الوضوء
أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه أخبرنا مالك بن أنس عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة رجل من آل ابن الأزرق أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} هو الطهور ماؤه الحل ميتته.
أنبأنا الثقة عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا أو خبثا.
أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إذا شرب الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبع مرات.
 
صفحة : 2516
 
أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات.
أنبأنا ابن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن أو أخراهن بالتراب.
أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام عن فاطمة عن أسماء قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن دم المجط يصيب الثوب فقال حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم رشيه وصلي فيه.
أخبرنا الربيع عن الشافعي في أول الكتاب.
حدثنا سفيان بن عيينة أخبرنا هشام بن عروة أنه سمع امرأته فاطمة بنت المنذر تقول سمعت جدتي أسماء ابنة أبي بكر تقول سألت النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن دم الحيضة فذكر مثله.
أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء ابنة أبي بكر قالت سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقالت يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع فقال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} لها إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحة بالماء ثم تصل فيه.
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي حبيبة أو ابن حبيبة عن داود بن الحصين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أنة سئل أنتوضأ بما أفضلت الحمر قال نعم وبما أفضلت السباع كلها.
أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن قتادة أو أبي قتادة الشك من الربيع أن أبا قتادة دخل فسكبت له وضوءا فجاءت هرة فشربت منه قالت فرآني أنظر إليه فقال أتعجبين يا بنت أخي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم أو الطوافات.
أنبأنا الثقة عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} مثله أو مثل معناه.
أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} كان يغتسل من القدح وهو الفرق وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد.
أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول أن الرجال والنساء كانوا يتوضؤون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}.
أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} من إناء واحد.
أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنها أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} من إناء واحد.
أخبرنا سفيان عن عاصم عن معاذة العدوية عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} من إناء واحد فربما قلت له ابق لي أبق لي.
أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال مر النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} بشاة ميتة قد كان أعطاها مولاة لميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال فهلا انتفعتم بجلدها قالوا يا رسول الله إنها ميتة قال إنما حرم أكلها.
أخبرنا الربيع أنبأنا الشافعي أنبأنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} ما على أهل هذه لو أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به قالوا يا رسول الله إنها ميتة قال إنما حرم أكلها.
أخبرنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم أنه سمع ابن وعلة سمع ابن عباس رضي الله عنهما سمع النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقول أيما إهاب دبغ فقد طفر.
أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إذا دبغ الإهاب فقد طهر.
أخبرنا مالك عن ابن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أمه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت.
أخبرنا مالك عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم.
 
صفحة : 2517
 
أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده.
أخبرنا مالك وابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن تدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده.
أخبرنا الثقة عن حميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ينتظرون العشاء فينامون أحسبه قال قعودا حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون.
أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان ينام قاعدا ثم يصلي ولا يتوضأ.
أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال قبلة الرجل امرأته أو جسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء.
أخبرنا سفيان حدثنا الزهري أخبرني عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد قال شكى إلي النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} الرجل يخيل إليه الشيء في الصلاة فقال لا ينفتل حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وهو يبول فسلم عليه الرجل فرد عليه السلام فلما جاوزه ناداه النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال إنما حملني على الرد عليك خشية أن تذهب فتقول إني سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فلم يرد علي فإذا رأيتني على هذه الحالة فلا تسلم علي فإنك إن تفعل لا أرد عليك.
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة قال مررت على النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه ثم وضع يده على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد علي السلام قال أبو العباس الأصم رحمه الله: هذان الحديثان ليسا في كتاب الوضوء ولكن أخرجتهما فيه لأنه موضعه وفي هذا الموضع من كتاب الوضوء قال الشافعي رضي الله عنة وروى أبو الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بال فتيمم فأخرجت الحديث بتمامه لهذه العلة.
أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه? قال علي فإن عندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فأنا استحيي أن أسأله قال المقداد: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن ذلك فقال إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة.
أخبرنا مالك عن عبد الله بن بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول دخلت على مروان بن الحكهم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان: ومن مس الذكر الوضوء فقال عروة: ما علمت ذلك فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقول: إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ.
أخبرنا سليمان بن عمرو ومحمد بن عبد الله عن يزيد بن عبد الملك الهاشمي عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أنه قال: إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينه وبينه شيء فليتوضأ.
حدثنا عبد الله بن نافع وابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ وزاد ابن نافع فقال عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} مثله قال الشافعي رضي الله عنه: سمعت غير واحد من الحفاظ يروونه لا يذكرون فيه جابرا.
أخبرني القاسم بن عبيد الله أظنه عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: إذا مست المرأة فرجها توضأت.
أخبرنا سفيان عن الزهري عن رجلين أحدهما جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.
 
صفحة : 2518
 
أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إنما أنا لكم مثل الوالد فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائط ولا بول وليستنج بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة وأن يستنجي الرجل بيمينه.
أخبرنا سفيان أخبرني هشام بن عروة قال أخبرني أبو وجزة عن عمران بن حدير عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: في الاستنجاء بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع.
أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء والسواك عند كل صلاة.
أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي عتيق عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب.
أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: إذا استيقظ أحدكم من منامه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإنه لا يدري أين باتت يده.
أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}: إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده قال أبو العباس الأصم إنما أخرجت حديث مالك على حدة وحديث سفيان على حدة لأن الشافعي رضي الله عنه قبل ذلك ذكره عنهما جميعا على لفظ حديث مالك.
أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن زيد وابن علية عن أيوب عن ابن سيرين عن عمر وابن وهب الثقفي عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته وخفيه.
أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} توضأ فحسر العمامة ومسح مقدم رأسه أو قال ناصيته بالماء.
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن علي بن يحيى عن ابن سيرين عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} مسح ناصيته أو قال مقدم رأسه بالماء.
أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال لعبد الله بن زيد الأنصاري هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يتوضأ فقال عبد الله بن زيد: نعم فدعا بوضوء فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين ومضمض واستنشق ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى الموضع الذي بدأ منه ثم غسل رجليه.
أخبرنا يحيى بن سليم.
حدثني أبو هاشم إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه رضي الله عنه قال كنت وافد بني المنتفق أو في وفد بني المنتفق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فأتيناه فلم نصادفة وصادفنا عائشة رضي الله عنها فأتتنا بقناع فيه تمر والقناع الطبق فأكلنا وأمرت لنا بحريرة فصنعت ثم أكلنا فلم نلبث أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال هل أكلتم شيئا هل أمر لكم بشيء فقلنا: نعم لم نلبث أن دفع الراعي غنمه فإذا بسخلة تيعر فقال هيه يا فلان ما ولدت قال بهمة قال فاذبح لنا مكانها شاة ثم انحرف إلي وقال لي لا تحسبن ولم يقل لا تحسبن أنا من أجلك ذبحناها لنا غنم مائة لا نريد أن تزيد فإذا ولد الراعي بهمة ذبحنا مكانها شاة قلت: يا رسول الله إن لي امرأة في لسانها شيء يعني البذاء فقال طلقها إذن قلت إن لي منها ولدا ولها صحبة قال فمرها يقول عظها فإن يكن فيها خير فستقبل ولا تضربن ظعينتك ضربك أمتك قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما.
أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وحانت صلاة العصر والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بوضوء فوضع في ذلك الإناء يده وأمر الناس أن يتوضؤوا منة قال فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم.
 
سطر 723:
 
أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه توضأ بالسوق فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دعي لجنازة فدخل المسجد ليصلي عليها فمسح على خفيه ثم صلى عليها.
أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فأدخل يده في الإناء فاستنشق ومضمض مرة واحدة ثم أدخل يده وصب على وجهه مرة واحدة وصب على يديه مرة واحدة ومسح رأسه وأذنيه مرة واحدة.
أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى عن أبي عن عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} توضأ فغسل وجهه ثلاثا ويديه مرتين مرتين ومسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدا منه ثم غسل رجليه.
أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن حمران أن عثمان رضي الله عنه توضأ بالمقاعد ثلاثا ثلاثا ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقول: من توضأ وضوئي هذا خرجت خطاياه من وجهه ويديه ورجليه.
أخبرنا عبد الله بن نافع عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار في أسامة بن زيد قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وبلال فذهب لحاجته ثم خرجا قال أسامة فسألت بلالا ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال بلال ذهب لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ثم مسح برأسه ومسح على الخفين.
أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عباد بن زياد أن عروة بن المغيرة أخبره أن المغيرة بن شعبة أخبره أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} غزوة تبوك قال المغيرة فتبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قبل الغائط فحملت معه أداوة قبل الفجر فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أخذت أهريق على يديه من الأداوة وهو يغسل يديه ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثم ذهب يحسر جبته عن ذراعيه فضاق كما جبته عن ذراعيه فأدخل يديه في الجبة حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم توضأ ثم مسح على خفيه ثم أقبل. قال المغيرة فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف يصلي لهم فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} إحدى الركعتين معه وصلى مع الناس الركعة الآخرة فلما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وأتم صلاته فأفزع ذلك المسلمين وأكثروا التسبيح فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} صلاته أقبل عليهم ثم قال أحسنتم أو قال أصبتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها قال ابن شهاب وحدثني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن حمزة بن المغيرة بنحو حديث عباد قال المغيرة فأردت تأخير عبد الرحمن فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} دعه.
أخبرنا سفيان بن عيينة عن حصين وزكريا ويونس عن الشعبي عن عروة بن المغيرة عن المغيرة بن شعبة قال قلت يا رسول الله أمسح على الخفين قال نعم إذا أدخلتهما وهما طاهرتان.
أخبرنا عبد الوهاب الثقفي حدثني المهاجر أبو مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أرخص للمسافر أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة.
أخبرنا سفيان عن عاصم بن بهدلة عن زرقال أتيت صفوان بن عسال فقال ما جاء بك قلت ابتغاء العلم قال إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب قلت إنه حاك في نفسي المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرءا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فأتيتك أسألك هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} في ذلك شيئا قال نعم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم.
أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة قالت جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت قال نعم إذا رأت الماء.
أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن زبيد بن الصلت انه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الجرف فنظر فإذا هو قد احتلم وصلى ولم يغتسل فقال والله ما أراني إلا قد احتلمت وما شعرت وصليت وما اغتسلت قال فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه ونضح ما لم ير وأذن وأقام ثم صلى بعد ارتفاع الضحى متمكنا.
سطر 737:
صفحة : 2520
 
أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم قال دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} المسجد يوم الجمعة وعمر بن الخطاب يخطب فقال عمر: أية ساعة هذه فقال يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت فقال عمر الوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} كان يأمر بالغسل.
أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديهما ثم يفيض الماء على جلده كله.
أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله فقلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفانقضة لغسل الجنابة قال لا إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين أو قال فإذا أنت قد طهرت.
أخبرنا ابن عيينة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} إذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثم يغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يشرب شعره الماء ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات.
أخبرنا سفيان عن جعفر عن أبيه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} كان يغرف على رأسه ثلاثا وهو جنب.
أخبرنا سفيان عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي عن أمه صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} تسأله عن الغسل من المحيض فقال خذي فرصة من مسك فتطهري بها فقالت كيف أتطهر بها قال تطهري بها قالت كيف أتطهر بها قال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} سبحان الله سبحان الله واستتر بثوبه تطهري بها فاجتذبتها وعرفت الذي أراد فقلت لها تتبعي بها آثار الدم يعني الفرج.
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عباد بن منصور عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن الحصين أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أمر رجلا كان جنبا أن يتيمم ثم يصلي فإذا وجد الماء اغتسل يعني وذكر حديث أبي ذر إذا وجدت الماء فامسه جلدك.
أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة قال الشافعي والجرف قريب من المدينة.
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية عن الأعرج عن ابن الصمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} تيمم فمسح وجهة وذراعيه.
أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام قال الشافعي وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين أحدهما منقطع والآخر عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}.
أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك يقول بال أعرابي في المسجد فعجل الناس إليه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عنه وقال: صبوا عليه دلوا من ماء.
أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال دخل أعرابي المسجد فقال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لقد تحجرت واسعا قال فما لبث أن بال في ناحية المسجد فكأنهم عجلوا عليه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} ثم أمر بذنوب من ماء أو سجل من ماء فأهريق عليه ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} علموا ويسروا ولا تعسروا.
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عثمان بن أبي سليمان أن مشركي قريش حين أتوا المدينة في فداء أسراهم كانوا يبيتون في المسجد منهم جبير بن مطعم قال جبير فكنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}.
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبيد الله بن طلحة بن كريز عن الحسن عن عبد الله بن معقل أو مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إذا أدركتم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة وإذا أدركتم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن من جن خلقت ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها.
 
[[تصنيف:كتاب الأم]]