الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الصواعق المرسلة/الفصل العاشر»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obaydb (نقاش | مساهمات)
استيراد تلقائي للمقالات - كتابة على الأعلى
ط تصليح
سطر 18:
فكشف عورات هؤلاء وبيان فضائحهم وفساد قواعدهم من أفضل الجهاد في سبيل الله وقد قال النبي {{صل}} لحسان بن ثابت: "إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن رسوله" وقال: "أهجهم أو هاجهم وجبريل معك" وقال: "اللهم أيده بروح القدس ما دام ينافح عن رسولك" وقال عن هجائه لهم: "والذي نفسي بيده لهو أشد فيهم من النبل" وكيف لا يكون بيان ذلك من الجهاد في سبيل الله وأكثر هذه التأويلات المخالفة للسلف الصالح من الصحابة والتابعين وأهل الحديث قاطبة وأئمه الإسلام الذين لهم في الأمة لسان صدق يتضمن من عبث المتكلم بالنصوص وسوء الظن بها من جنس ما تضمنه طعن الذين يلمزون الرسول ودينه وأهل النفاق والإلحاد لما فيه من دعوى أن ظاهر كلامه إفك ومحال وكفر وضلال وتشبيه وتمثيل أو تخييل ثم صرفها إلى معان يعلم أن إرادتها بتلك الألفاظ من نوع الأحاجي والألغاز لا يصدر ممن قصده نصح وبيان فالمدافعة عن كلام الله ورسوله والذب عنه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله وأنفعها للعبد ومن رزقه الله بصيرة نافذة علم سخافة عقول هؤلاء المحرفين وأنهم من أهل الضلال المبين وأنهم إخوان الذين ذمهم الله بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه الذين لا يفقهون ولا يتدبرون القول وشبههم بالحمر المستنفرة تارة وبالحمار الذي يحمل أسفارا تارة ومن قبل التأويلات المفتراة على الله ورسوله التي هي تحريف لكلام الله ورسوله عن مواضعه فهو من جنس الذين قبلوا قرآن مسيلمة المختلق المفترى وقد زعم أنه شريك لرسول الله {{صل}} وكان رئيسا كبيرا مطاعا بجعله شريكا له في التصديق والطاعة والقبول إن لم يقدمه عليه لا سيما الغالية من الجهمية والباطنية والرافضة والاتحادية فإن عندهم من كلام ساداتهم وكبرائهم ما يضاهون به كلام الله ورسوله وكثيرا ما يقدمونه عليه علما وعملا ويدعون فيه من التحقيق والتدقيق والعلم والعرفان ما لا يثبتون مثله للسنة والقرآن ومن تلبس منهم بالإسلام يقول كلامنا يوصل إلى الله والقرآن وكلام الرسول يوصل إلى الجنة وكلامنا للخواص والقرآن للعوام وكثير منهم يقول كلامنا برهان وطريق القرآن خطابة ومنهم من يقول القرآن والسنة طريق السلامة وكلامنا طريق العلم والتحقيق وكثير منهم يقول لم يكن الصحابة معنيين بهذا الشأن بل كانوا قوما أميين فتحوا البلاد وأقاموا الدين بالسيف وسلموا إلينا النصوص نتصرف فيها ونستنبط منها فلهم علينا مزية الجهاد والزهد والورع ولنا عليهم مزية العلم بالحقائق والتأويل وإن لم يعلموا هذا من قلوبهم والله يشهد به عليهم ويعلمه كامنا في صدورهم يبدو على فلتات لسان من لم يصرح به منهم ومن محققي هؤلاء من يدعي أن الرسل يستفيدون العلم بالله من طريقهم ويتلقونه من مشكاتهم ولكن يخاطبون الناس على قدر عقولهم فلم يصرحوا لهم بالحق ولم ينصحوا لهم به وكل من هؤلاء قد نصب دون الله ورسوله طاغوتا يعول عليه ويدعو عند التحاكم إليه فكلامه عنده محكم لا يسوغ تأويله ولا يخالف ظاهره وكلام الله ورسوله إذا لم يوافقه فهو مجمل متشابه يجب تأويله أو يسوغ فضابط التأويل عندهم ما خالف تلك الطواغيت ومن تدبر هذا الموضع انتفع به غاية النفع وتخلص به من أشراك الضلال فإن الذين يقرون برسالة النبي وفيهم نوع إيمان به منهم من يجعل له شريكا في الطاعة كما كان المنافقون يطيعون عبد الله بن أبي رأس المنافقين وكبيرهم وكان كثير ممن في قلبه نوع مرض وإن لم يكن منافقا خالصا يطيعه في كثير من الأمور ويقبل منه كما قال تعالى { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } <ref>[التوبة 47]</ref> والمعنى على أصح القولين وفيكم مستجيبون لهم قابلون منهم كما قال الله تعالى { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ } <ref>[المائدة 42]</ref> أي قابلون له ومن حمل الآية على العيون والجواسيس فقوله ضعيف لوجوه كثيرة ليس هذا موضعها وكما كان أصحاب مسيلمة يقولون إنه شريكه في الطاعة وإنه يقبل منه كما يقبل عن النبي وكان عبد الله بن أبي يقدم سياسته ورأيه على ما جاء به أحيانا ويغضب إذا لم يسمع منه ويغضب له قومه وكذلك رئيس الخوارج السجاد العباد الذي بين عينيه أثر السجود قدم عقله ورأيه على ما جاء به في قسمة المال وزعم أنه لم يعدل فيها وكذلك غلاة الرافضة قدموا عقولهم وآرائهم على ما جاء به وزعموا أنه لم يعدل حيث أمر أبا بكر أن يصلي بالناس وابن عمه حاضر ولم يعدل حيث أثنى على أبي بكر وعمر وعظمهما فأوجب أن الأمة بعده ولوهما دون ابن عمه وكذلك الجهمية قدموا عقولهم وآراءهم على ما جاء به وزعموا أنه لم يعدل في العبارة حيث عدل عن العبارة التي عبروا هم بها عن الله سبحانه وعبر بما أوقع الأمة في اعتقاد التشبيه والتجسيم وحملهم كلفة التأويل وجشمهم مشقته وأوقع الخلاف بين الأمة بتلك العبارات التي عباراتهم بزعمهم أعظم تنزيها لله وأقل إيهاما للمحال منها فهؤلاء وأمثالهم هم السلف لكل خلف يدعي أن لغير الله ورسوله معه حكما في مضمون الرسالة إما في العلميات وإما في العمليات وإما في الإرادات والأحوال وإما في السياسات وأحكام الأموال فيطاع هذا الغير كما يطاع الرسول بل الله يعلم أن كثيرا منهم أو أكثرهم قد قدموا طاعته على طاعة الرسول وكل هؤلاء فيهم شبه من أتباع مسيلمة وابن أبي وذي الخويصرة فلكل خلف سلف ولكل تابع متبوع ولكل مرؤوس رئيس فمن قرن بالرسالة رئاسة مطاعة أو سياسة حاكمة بحيث يجعل طاعتها كطاعة الرسالة ففيهم شبه من اتباع عبد الله بن أبي ومن اعترض على الكتاب والسنة بنوع تأويل من قياس أو ذوق أو عقل أو حال ففيه شبه من الخوارج أتباع ذي الخويصرة ومن نصب طاغوتا دون الله ورسوله يدعو ويحاكم إليه ففيه شبه من أتباع مسيلمة وقد يكون في هؤلاء من هو شر من أولئك كما كان فيهم من هو خير منهم أو مثلهم وهؤلاء كلهم قد أعقبهم هذا الصنيع نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقون ربهم وإنما تبين لهم حقيقته إذا بليت السرائر ومدت الضمائر وبعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور ولا يستقر للعبد قدم في الإسلام حتى يعقد قلبه وسره على أن الدين كله لله لا رب سواه ولا متبوع غيره وأن كلام غيره يعرض على كلامه فإن وافقه قبلناه لا لأنه قاله بل لأنه أخبر به عن الله ورسوله وإن خالفه رددناه واطرحناه ولا يعرض كلامه على آراء القياسيين ولا عقول الفلاسفة والمتكلمين ولا على سياسة الولاة الحاكمين والسلاطين ولا أذواق المتزهدين والمتعبدين بل تعرض هذه كلها على ما جاء به عرض الدراهم المجهول حاملها على أخبر الناقدين فما حكم بصحته منها فهو المقبول وما حكم برده فهو المردود والله الموفق للصواب
 
 
{{الصواعق المرسلة}}
{{هامش2}}
{{الصواعق المرسلة}}
 
[[تصنيف:الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة|{{صفحة فرعية}}]]