الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البداية والنهاية/الجزء السادس/فصل دلائل نبوته من خلال سيرته وأخلاقه»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obaydb (نقاش | مساهمات)
استيراد تلقائي للمقالات - كتابة على الأعلى
ط قالب مرجع داخلي وحذف هامش
سطر 30:
وهذه الفضائل به نالوها، ومنه تعلموها، وهو الذي أمرهم بها لم يكونوا قبل متبعين لكتاب جاء هو بتكميله كما جاء المسيح بتكميل شريعة التوراة، فكانت فضائل أتباع المسيح وعلومهم بعضها من التوراة، وبعضها من الزبور، وبعضها من النبوات، وبعضها من المسيح، وبعضها ممن بعده من الحواريين، ومن بعض الحواريين، وقد استعانوا بكلام الفلاسفة وغيرهم، حتى أدخلوا - لما غيروا من دين المسيح - في دين المسيح أمورا من أمور الكفار المناقضة لدين المسيح.
 
وأما أمة محمد {{صل}} فلم يكونوا قبله يقرؤن كتابا، بل عامتهم ما آمنوا بموسى وعيسى وداود، والتوراة والإنجيل والزبور إلا من جهته، وهو الذي أمرهم أن يؤمنوا بجميع الأنبياء، ويقروا بجميع الكتب المنزلة من عند الله، ونهاهم عن أن يفرقوا بين أحد من الرسل فقال تعالى في الكتاب الذي جاء به: { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون * فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } <ref>[{{مردخ|البقرة: 136-137]</ref>}}.
 
وقال تعالى: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير * لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } <ref>[{{مردخ|البقرة: 285-286]</ref>}}.
 
وأمته عليه السلام لا يستحلون أن يوجدوا شيئا من الدين غير ما جاء به، ولا يبتدعون بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا يشرعون من الدين ما لم يأذن به الله، لكن ما قصه عليهم من أخبار الأنبياء وأممهم اعتبروا به، وما حدثهم أهل الكتاب موافقا لما عندهم صدقوه، ومالم يعلم صدقه ولا كذبه أمسكوا عنه، وما عرفوا بأنه باطل كذبوه، ومن أدخل في الدين ما ليس منه من أقوال متفلسفة الهند والفرس واليونان، أو غيرهم كان عندهم من أهل الإلحاد والابتداع، وهذا هو الدين الذي كان عليه أصحاب رسول الله {{صل}}، والتابعون، وهو الذي عليه أئمة الدين الذين لهم في الأمة لسان صدق، وعليه جماعة المسلمين وعامتهم، ومن خرج عن ذلك كان مذموما مدحورا عند الجماعة.
سطر 46:
والثاني يقتضي أنه كان جاهلا ضالا.
 
ومحمد {{صل}} كان علمه ينافي جهله، وكمال دينه ينافي تعمد الكذب، فالعلم بصفاته يستلزم العلم بأنه لم يكن يتعمد الكذب، ولم يكن جاهلا يكذب بلا علم، وإذا انتفى هذا وذاك، تعين أنه كان صادقا عالما بأنه صادق، ولهذا نزهه الله عن هذين الأمرين بقوله تعالى: { والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى } <ref>[{{مردخ|النجم: 1-4]</ref>}}.
 
وقال تعالى عن الملك الذي جاء به: { إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين } <ref>[{{مردخ|التكوير: 19-21]</ref>}}.
 
ثم قال عنه: { وما صاحبكم بمجنون * ولقد رآه بالأفق المبين * وما هو على الغيب بضنين * وما هو بقول شيطان رجيم * فأين تذهبون * إن هو إلا ذكر للعالمين } <ref>[{{مردخ|التكوير: 22-27]</ref>}}.
 
وقال تعالى: { وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين }، إلى قوله: { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم * يلقون السمع وأكثرهم كاذبون } <ref>[{{مردخ|الشعراء: 192-223]</ref>}}.
 
بين سبحانه أن الشيطان إنما ينزل على من يناسبه ليحصل به غرضه، فإن الشيطان يقصد الشر وهو الكذب والفجور، ولا يقصد الصدق والعدل، فلا يقترن إلا بمن فيه كذب إما عمدا وإما خطأ وفجورا أيضا، فإن الخطأ في الدين هو من الشيطان أيضا.
سطر 58:
كما قال ابن مسعود لما سئل عن مسألة: أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه.
 
فإن رسول الله بريء من تنزل الشياطين عليه في العمد والخطأ، بخلاف غير الرسول فإنه قد يخطئ ويكون خطؤه من الشيطان، وإن كان خطؤه مغفورا له، فإذا لم يعرف له خبرا أخبر به كان فيه مخطئا، ولا أمرا أمر به كان فيه فاجرا، علم أن الشيطان لم ينزل عليه، وإنما ينزل عليه ملك كريم، ولهذا قال في الآية الأخرى عن النبي: { إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين } <ref>[{{مردخ|الحاقة: 40 -43]</ref>}}.
 
انتهى ما ذكره، وهذا عين ما أورده بحروفه.
 
{{هامش}}
</div>
{{البداية والنهاية/الجزء السادس}}
 
[[تصنيف:البداية والنهاية:الجزء السادس|{{صفحة فرعية}}]]