الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مستخدم:Obayd/مسودة ه»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obayd (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
Obayd (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
سطر 1:
 
==الطبقة الحادية عشرة==
 
وعدتهم اثنان وسبعون حافظًا <ref> المترجمون سبعة وسبعون، فكأن خمسة منهم ليسوا على شرط الكتاب.</ref>
 
772- 1/11
 
===أبو عوانة===
 
الحافظ الثقة الكبير يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الأسفراييني النيسابوري الأصل صاحب الصحيح المسند المخرج على صحيح مسلم، وله فيه زيادات عدة.
 
طوف الدنيا وعني بهذا الشأن، وسمع يونس بن عبد الأعلى وأحمد بن الأزهر والزعفراني وعلي بن حرب وعمر بن شبة ومحمد بن يحيى الذهلي وعلي بن أشكاب وطبقتهم ومن بعدهم. حدث عنه الحافظ أحمد بن علي الرازي وأبو علي النيسابوري ويحيى بن منصور القاضي وابن عدي والطبراني والإسماعيلي وحسينك الحافظ وخلق، وولده أبو مصعب محمد وابن ابن أخته أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفراييني خاتمة أصحابه. قال الحاكم: وأبو عوانة من علماء الحديث وأثباتهم، سمعت ابنه محمدًا يقول: إنه توفي سنة ست عشرة وثلاثمائة، وقال غيره: قبر أبي عوانة عليه مشهد مبني بأسفرايين يزار وهو بداخل المدينة، وكان هو أول من أدخل كتب الشافعي ومذهبه إلى أسفرايين. أخذ ذلك عن الربيع، والمزني وهو ثقة جليل.
 
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة عن القاسم بن عبد الله بن عمر الشافعي أنا هبة الرحمن بن عبد الواحد بن القشيري أنا أبو محمد البحيري "ح" وأنا أحمد عن أبي المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد أنا عبد الله بن محمد الفراوي أنا عثمان بن محمد المحمي، قالا: أنا أبو نعيم الأزهري أنا أبو عوانة الحافظ نا أحمد بن الأزهر نا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي، {{صلل}}: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا". أخرجه النسائي عن ابن الأزهر فوافقناه بعلو.
 
773- 2/11
 
===الحسن بن صاحب بن حميد===
 
الحافظ أبو علي الشاشي.
 
ذكره صاحب الإرشاد فقال: حافظ كبير مذكور، كتب عن شيوخ خراسان وارتحل إلى العراق والشام ومصر. سمع علي بن خشرم ومحمد بن عوف الطائي وأبا زرعة الرازي وإسحاق الدبري وطبقتهم. روى عنه مثل أبي علي الحافظ ومحمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال وأبي بكر الجعابي وابن المظفر.
 
أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن منير أنا أبو طاهر السلفي أنا إسماعيل بن عبد الجبار نا أبو يعلى الخليلي، حدثني أبو حاتم محمد بن عبد الواحد الحافظ أنا أبو بكر محمد بن علي القفال نا الحسن بن صاحب الشاشي نا يونس بن إبراهيم بعدن نا عبد الحميد بن صالح نا صالح بن عبد الجبار الحضرمي حدثني محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "تعلموا الشعر، فإن فيه حكمًا وأمثالا". هذا حديث منكر غريب، والشاشي وثقه الخطيب وقال: توفي سنة أربع عشرة وثلاثمائة، ويقع حديثه في الغيلانيات عاليا.
 
744- 3/11
 
===ابن حيون===
 
الإمام الحافظ محدث الأندلس أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حيون الحجاري الأندلسي.
 
من أهل وادي الحجارة، مدينة بالأندلس، سمع محمد بن وضاح ومحمد بن عبد السلام الخشني وإسحاق بن إبراهيم الدبري وعلي بن عبد العزيز البغوي وعبد الله بن أحمد بن حنبل وطبقتهم بالأندلس والعراق والحجاز واليمن، وكان من كبار حفاظ عصره لكنه فيه تشيع؛ حدث عنه قاسم بن أصبغ ووهب بن مرة وأحمد بن سعيد بن حزم وخالد بن سعد الأندلسيون؛ قال خالد بن سعد: لو كان الصدق إنسانا لكان ابن حيون، وقال أبو الوليد بن الفرضي: لم يكن بالأندلس قبله أبصر بالحديث منه، ثم قال: توفي سنة خمس وثلاثمائة.
 
قرأت على أبي الحسين اليونيني شيخنا عن أبي الخطاب عمر بن حسن الكلبي أن الوزير أبا عبد الملك مروان بن عبد العزيز التجيبي أخبره قال: قرأت على الحافظ أبي الوليد بن الدباغ في طبقات الحفاظ أنه قال: الطبقة السادسة، فذكر فيهم محمد بن إبراهيم بن حيون الأندلسي.
 
775- 4/11
 
===ابن المنذر===
 
الحافظ العلامة الفقيه الأوحد أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري.
 
شيخ الحرم وصاحب الكتب التي لم يصنف مثلها ككتاب المبسوط في الفقه وكتاب الأشراف في اختلاف العلماء وكتاب الإجماع، وغير ذلك؛ وكان غاية في معرفة الاختلاف والدليل وكان مجتهدا لا يقلد أحدا؛ سمع محمد بن ميمون ومحمد بن إسماعيل الصائغ ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم والربيع بن سليمان وخلقًا كثيرًا؛ حدث عنه أبو بكر بن المقرئ ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطي والحسن بن علي بن شعبان وأخوه الحسين بن علي وآخرون، وعده الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء الشافعية.
 
أخبرنا عمر بن عبد المنعم أنا الكندي سنة ثمان وستمائة كتابة أنا علي بن هبة الله حدثنا أبو إسحاق {{رحمه}} قال: ومنهم أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، مات بمكة سنة تسع أو عشر وثلاثمائة، وصنف في اختلاف العلماء كتبا لم يصنف أحد مثلها واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف، ولا أعلم عمن أخذ الفقه. ما ذكره أبو إسحاق من وفاته لم يصح فإن ابن عمار لقيه وسمع منه في سنة ست عشرة وثلاثمائة؛ وأرخ ابن القطان الفاسي وفاته سنة ثماني عشرة والأول ليس بشيء.
 
أخبرنا جماعة عن عائشة بنت معمر إجازة وسمعه بقراءة ابن المحب الفقيه أحمد بن محمد بن العلاني من إسحاق بن أبي بكر الصفار أنا يوسف بن خليل أنا المؤيد بن الإخوة قالا: أنا سعيد بن أبي الرجاء أنا أبو طاهر الثقفي ومنصور بن الحسين قالا: أنا أبو بكر بن المقرئ أنا محمد بن إبراهيم بن المنذر فقيه مكة نا محمد بن ميمون نا عبد الله بن يحيى البرلسي عن حيوة بن شريح عن ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي {{صلل}} قال: "من جر لنفسه بشيء ليقتلها فإنما يجعلها في النار، ومن طعن نفسه بشيء فإنما يطعنها في النار، ومن اقتحم فإنما يقتحم في النار".
 
وأخبرتنا خديجة بنت الرضى عبد الرحمن بن محمد أنا أبي أنا يحيى الثقفي أنا إسماعيل بن الإخشيد وسعيد بن أبي الرجاء وجماعة قالوا: أنا عبد الرزاق بن عمر أنا محمد بن إبراهيم الحافظ أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم نا ابن وهب أخبرني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن إسحاق أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول: قال رسول الله، {{صلل}}: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة بفرجه ولا يستدبرها". <ref> رواه أبو داود في الطهارة باب4. وابن ماجه في الطهارة باب 18. وأحمد في مسنده "5/ 415، 430".</ref> لم يخرجوه في الكتب، وإسناده جيد، قد روى النسائي لرافع هذا حديثًا.
 
776- 5/11
 
===الوليد بن أبان بن بونة===
 
الحافظ الثقة أبو العباس الأصبهاني صاحب التفسير والمسند الكبير وغير ذلك.
 
سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي وعباس بن محمد الدوري وأحمد بن الفرات وأسيد بن عاصم ويحيى بن عبد الله القزويني وطبقتهم؛ حدث عنه أبو الشيخ والطبراني وأحمد بن عبيد الله بن محمود ومحمد بن عبد الرحمن بن مخلد وأهل أصبهان؛ مات سنة عشر وثلاثمائة. يقع لي حديثه في كتب أبي الشيخ.
 
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر أنا عبد الله بن الحسين أنا أحمد بن محمد أنا بندار بن محمد القاضي أنا عبد الرحمن بن أبي بكر الهمذاني أنا عبد الله بن محمد الحافظ نا الوليد بن أبان نا يعقوب بن سفيان نا موسى بن إسماعيل نا محمد بن راشد حدثني النعمان بن راشد عن عبد الملك بن أبي محذورة عن ابن محيريز عن أبي محذورة أن النبي {{صلل}} أمره أن يؤذن لأهل مكة وأن يدخل في أذانه في الغداة: الصلاة خير من النوم. تابعه مروان بن معاوية عن النعمان.
 
أنبئونا عن زاهر بن أحمد أنا محمد بن أبي ذر أنا ابن عبد الرحيم أنا أبو الشيخ الحافظ نا الوليد بن أبان نا أسيد بن عاصم نا الحسين عن سفيان عن ليث عن مجاهد قال: ما أخذت السموات والأرض من العرش إلا كما تأخذ الحلقة من أرض الفلاة.
 
777- 6/11
 
===الكتاني===
 
الحافظ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن الوليد الأصبهاني نزيل سمرقند.
 
ذكره الحافظ يحيى بن منده في تاريخه لأهل أصبهان غير مطول فقال: كان من أئمة الحديث والمعتمد عليه في معرفة الصحابة والعلل، جالس أبا حاتم الرازي وأبا زرعة ومسلم بن الحجاج وصالح بن محمد جزرة وأخذ عنهم وسكن سمرقند مدة طويلة. قلت: لم أظفر له بتاريخ وفاة.
 
778- 7/11
 
===الخلال===
 
الفقيه العلامة المحدث أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون البغدادي الحنبلي المشهور بالخلال: مؤلف علم أحمد بن حنبل وجامعه ومرتبه. صنف "كتاب السنة" في ثلاث مجلدات و"كتاب العلل" في عدة مجلدات و"كتاب الجامع" وهو كبير جدا؛ سمع الحسن بن عرفة وسعدان بن نصر وحرب بن إسماعيل وأبا بكر المروزي، وتلمذ له، ومحمد بن عوف الحمصي وإسحاق بن سيار النصيبي وخلقًا كثيرًا، رحل إليهم وتغرب زمانا، وتصانيفه تدل على سعة علمه فإنه كتب العالي والنازل.
 
قال أبو بكر بن شهريار: كلنا تبع لأبي بكر الخلال لم يسبقه إلى جمع علم الإمام أحمد أحد قبله. قلت: حدث عنه تلميذه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر الفقيه الملقب بغلام الخلال ومحمد بن المظفر الحافظ وغير واحد، قال الخطيب: جمع علوم أحمد بن حنبل وتطلبها وسافر لأجلها وكتبها وصنفها كتبا ولم يكن فيمن ينتحل مذهب أحمد بن حنبل أحد أجمع لذلك منه، قال لي أبو يعلى بن الفراء: دفن الخلال إلى جنب أبي بكر المروزي. قلت: مات في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وله سبع وسبعون سنة، وقيل: نيف على الثمانين، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا عيسى بن أحمد وحسن بن يونس بقراءتي أخبركما جعفر المقرئ أنا السلفي أنا المبارك بن عبد الجبار أنا عبد العزيز بن علي أنبأنا عبد العزيز بن جعفر أنا أحمد بن محمد بن هارون وأحمد بن محمد الصيدلاني قالا: نا المروزي نا أحمد بن حنبل سمعت سفيان بن عيينة يقول: فكرك في رزق غد يكتب عليك خطيئة.
 
779- 8/1
 
===عبد الله بن عروة===
 
الحافظ المجود أبو محمد الهروي مصنف كتاب الأقضية.
 
سمع أبا سعيد الأشج والحسن بن عرفة ومحمد بن الوليد البسري وهذه الطبقة ببغداد والكوفة والبصرة؛ حدث عنه محمد بن أحمد بن الأزهر أبو منصور اللغوي ومحمد بن عبد الله السياري وأبو منصور محمد بن عبد الله الهروي البزاز، وآخرون. توفي سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.
 
أخبرنا الحسن بن علي بن الخلال أنا عبد الله بن عمر أنا أبو الوقت السجزي أنا أبو إسماعيل الأنصاري أنا علي بن أحمد بن خميرويه أنا محمد بن أحمد بن الأزهر إملاء نا عبد الله بن عروة نا محمد بن الوليد عن غندر عن شعبة عن الحكم عن علي بن الحسين عن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان وعليا بمكة والمدينة وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما فلما رأى علي ذلك أهل بهما فقال: لبيك بحجة وعمرة؛ فقال: تراني أنهى الناس وأنت تفعله؟ قال: لم أكن لأدع سنة رسول الله {{صلل}} بقول أحد من الناس.
 
780- 9/11
 
===الطوسي===
 
الحافظ أبو علي الحسن بن علي بن نصر الخراساني.
 
سمع محمد بن رافع ومحمد بن بشار وإسحاق الكوسج والزبير بن بكار ومحمد بن المثنى الزمن وطبقتهم، روى عنه محمد بن جعفر البستي وأحمد بن محمد بن عبدوس وأبو سهل الصعلوكي وأبو أحمد الحاكم وقال: تكلموا في روايته لكتاب الأنساب للزبير. قلت: وكان يعرف بكردوش "بشين معجمة" حدث بقزوين، وذكره الخليلي فقال: سمعت على عشرة من أصحابه، وله تصانيف تدل على معرفته، وقد روى عنه شيخه أبو حاتم الرازي حكايات، قلت: توفي سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.
 
'''وفيها توفي''' محدث مصر أبو القاسم علي بن الحسن بن خلف بن قديد، وأبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس الدلال النيسابوري، وأبو بكر محمد بن هارون بن حميد بن المجدر ببغداد، وشيخ الصوفية أبو محمد الحريري -برائين- البغدادي.
 
أخبرنا أحمد بن عبد الكريم الواسطي أنا نصر بن جزء أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا إسماعيل بن عبد الجبار بقزوين أنا أبو الفرج محمد بن الحسن الطيبي أنا محمد بن إسحاق الكيساني نا الحسن بن علي بن نصر الطوسي أنا الزبير بن بكار سمعت النضر بن شميل سمعت الخليل بن أحمد النحوي يقول: الرجال أربعة، فرجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك غافل فنبهوه، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذاك جاهل فعلموه، ورجل يدري ويدري أنه يدري فذاك عالم فاتبعوه، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك مائق فاحذروه.
 
781- 10/11
 
===أبو بكر الرازي===
 
الحافظ الإمام محدث نيسابور أحمد بن علي بن الحسين بن شهريار صاحب التصانيف.
 
سكن أبوه مدينة نيسابور فولد له بها أبو بكر، وسمع السري بن خزيمة وأبا حاتم الرازي وعثمان بن سعيد الدارمي وأبا قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي وعبد الله بن أحمد بن أبي مسرة والحسن بن سلام وطبقتهم، وأكبر شيخ لحقه صاحب وكيع إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار، روى عنه رفيقه أبو عبد الله بن الأخرم وأبو علي الحافظ وأبو عمرو بن حمدان، وأبو أحمد الحاكم وآخرون، قال ابن عقدة: هذا كان من الحفاظ، قد سمعت منه. قلت: عاش أربعًا وخمسين سنة ومات بالطابران قصبة طوس في سنة خمس عشرة وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا محمد بن عبد الرحمن أنا أحمد بن علي بن الحسين الحافظ أنا الحسين بن الحكم الحيري بالكوفة أنا الحسن بن الحسين أنا مندل بن علي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا طهر له، ولا دين لمن لا صلاة له، إنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد". تفرد به الحسن بن الحسين الأنصاري، عرف بالعرني وليس بعمدة.
 
782- 11/11
 
===الأرغياني===
 
الحافظ البارع الجوال الزاهد القدوة أبو عبد الله محمد بن المسيب بن إسحاق بن عبد الله النيسابوري الإسفنجي.
 
سمع إسحاق بن منصور ومحمد بن رافع وعبد الجبار بن العلاء وأبا سعيد الأشج ومحمد بن بشار وإسحاق بن شاهين ومحمد بن هاشم البعلبكي وسعيد بن رحمة المصيصي وخلقًا كثيرًا، وسمع بحران من الحسين بن سيار صاحب إبراهيم بن سعد روى عنه إمام الأئمة ابن خزيمة مع تقدمه وأبو عبد الله بن الأخرم وأبو علي الحافظ وأبو إسحاق المزكي والحسين بن علي حسينك وزاهر بن أحمد السرخسي وأبو عمرو بن حمدان وأبو أحمد الحاكم وعدة.
 
قال أبو عبد الله الحاكم: كان من العباد المجتهدين، سمعت غير واحد من مشايخنا يذكرون عنه أنه قال: ما أعلم منبرًا من منابر الإسلام بقي علي لم أدخله لسماع الحديث؛ وسمعت أبا إسحاق المزكي يقول: سمعت محمد بن المسيب يقول: كنت أمشي في مصر وفي كمي مائة جزء في كل جزء ألف حديث؛ وسمعت أبا علي الحافظ يقول: كان محمد بن المسيب يمشي بمصر وفي كمه مائة ألف حديث؛ كان دقيق الخط، وصار هذا كالمشهور من شأنه.
 
قال أبو الحسين الحجاجي: كان محمد بن المسيب يقرأ فإذا قال: قال رسول الله {{صلل}} بكى حتى نرحمه. قال الحاكم: سمعت محمد بن علي الكلابي يقول: بكى محمد بن المسيب حتى عمي. قال محمد بن المسيب: سمعت الحسن بن عرفة يقول: رأيت يزيد بن هارون بواسط من أحسن الناس عينين، ثم رأيته بعين واحده ثم رأيته أعمى، فقلت: يا أبا خالد ما فعلت العينان الجميلتان؟ قال: ذهب بهما بكاء الأسحار. قال أبو إسحاق المزكي: وإنما هذا مثل لمحمد بن المسيب فإنه بكى حتى عمي.
 
قلت: توفي إلى رضوان الله في جمادى الأولى سنة خمس عشرة وثلاثمائة وله اثنتان وتسعون سنة.
 
'''وفيها مات''' أبو الحسن محمد بن الفيض بن محمد الغساني الدمشقي وله ست وتسعون سنة، وأبو جعفر محمد بن الحسن بن حفص الكوفي الأشناني القاضي، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني الشافعي التالف، والأخفش الصغير أبو الحسن علي بن سليمان البغدادي النحوي، رحمهم الله تعالى.
 
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر ثنا أبو روح الهروي أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو سعيد الطبيب أنا أحمد بن محمد بن أحمد البالوي أنا محمد بن المسيب نا إبراهيم بن سعيد الجوهري أنا أبو أسامة نا بريد بن عبد الله نا أبو بردة عن أبي موسى عن النبي {{صلل}} قال: "إن الله إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطًا وسلفًا بين يديها، وإذا أراد الله هلكة أمة عذبها ونبيها حي فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره". <ref> رواه مسلم في الفضائل، حديث 24.</ref> وبه قال: سمعت ابن المسيب يقول: كتب هذا الحديث عني ابن خزيمة؛ ويقال: تفرد به إبراهيم الجوهري.
 
783- 12/11
 
===محمد بن عقيل بن الأزهر بن عقيل===
 
الحافظ الكبير أبو عبد الله البلخي محدث بلخ وعالمها ومصنف المسند والتاريخ والأبواب.
 
طوف وسمع علي بن خشرم وحم بن نوح وعباد بن الوليد الغبري وعلي بن أشكاب وطبقتهم، روى عنه محمد بن عبد الله الهندواني وعبد الرحمن بن أبي شريح. لم تبلغنا أخباره كما ينبغي، توفي في شوال سنة ست عشرة وثلاثمائة.
 
أخبرنا أحمد بن المؤيد المقرئ أنا زكريا بن يحيى أنا أبو الوقت السجزي أخبرتنا بيبي الهرثمية أنا أبو محمد بن أبي شريح أنا محمد بن عقيل أنا حم بن نوح نا سلم بن سالم عن أبي جعفر الرازي عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أن رسول الله - {{صلل}} - أتى سباطة قوم فبال قائما ثم توضأ ومسح على الخفين. هذا حديث غريب.
 
784- 13/11
 
===عبد الله بن محمد بن مسلم===
 
الحافظ الحجة المجود أبو بكر الأسفراييني.
 
سمع محمد بن يحيى الذهلي والحسن بن محمد الزعفراني ويونس بن عبد الأعلى وحاجب بن سليمان المنبجي والعباس بن الوليد العذري وأبا زرعة وابن وارة وطبقتهم، وعنه أبو عبد الله بن الأخرم وأبو علي الحافظ وأبو أحمد الحاكم ومحمد بن الفضل بن خزيمة وأبو أحمد بن عدي وخلق كثير.
 
أخبرنا أحمد بن تاج الأمناء عن أبي روح أنا زاهر أنا أبو سعيد الأديب أنا أبو بكر بن مهران نا عبد الله بن محمد بن مسلم نا يوسف بن مسلم نا خلف بن تميم أنا أبو رجاء عبد الله بن واقد الهروي عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي {{صلل}} قال: "ما من يوم إلا ولله فيه عتقاء يعتقهم من النار إلا يوم الجمعة، فإنه ما فيه ساعة إلا ولله عتقاء يعتقهم من النار" تفرد به أبو رجاء وليس بعمدة.
 
مولده سنة تسع وثلاثين ومائتين، ومات سنة ثماني عشرة وثلاثمائة. قال الحاكم: هو ختن بديل الأسفراييني، كان من الأثبات المجودين في أقطار الأرض.
 
أنبأنا علي بن أحمد وغيره عن يوسف بن المبارك أنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنا أبو بكر الخطيب حدثني أبو الفتح نصر بن إبراهيم ببيت المقدس أنا أبو نصر محمد بن إبراهيم الهاروني الجرجاني أنا أبو بكر أحمد بن علي بن إبراهيم الآبندوني أنا أبو بكر عبد الله بن مسلم الأسفراييني نا محمد بن غالب الأنطاكي نا يحيى بن زياد -هو فهير الرقي- عن طلحة -هو ابن زيد- عن ثور بن يزيد عن يزيد بن شريح عن نعيم بن همار، سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "بئس العبد عبد تجبر واعتدى ونسي الجبار الأعلى، بئس العبد عبد تجبر واختال ونسي الكبير المتعال، بئس العبد عبد طغى وبغى ونسي المبدأ والبلى". غريب جدًّا، وطلحة ضعيف ويزيد لم يدرك نعيمًا.
 
785- 14/11
 
===المنكدري===
 
الحافظ البارع الجوال الإمام أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر ابن عبد الرحمن بن عمر بن الحافظ محمد بن المنكدر القرشي التيمي المدني: نزل البصرة ثم أصبهان ثم الري ونيسابور، ولد في دولة المعتصم، ولقي بمكة عبد الجبار بن العلاء وبالعراق زياد بن يحيى الحساني، وبمصر يونس بن عبد الأعلى، وبالجزيرة علي بن حرب، وبالري أبا زرعة، وبفارس إسحاق بن إبراهيم شاذان، وبالكوفة هارون بن إسحاق الهمداني، وبالشام عبد الحميد بن بكار البيروني والعباس بن الوليد العذري وأقرانهم. جمع فأوعى وصنف وأفاد على لين فيه. روى عنه ابنه الشيخ عبد الواحد ومحمد بن علي بن الشاه ومحمد بن أحمد الحنفي ومحمد بن مأمون الحافظ ومحمد بن خالد المطوعي البخاري ومحمد بن صالح بن هانئ؛ قال الحاكم: ولد بالمدينة ونشأ بالحرمين وسمع عبد الجبار بن العلاء وله أفراد وعجائب، وقال الإدريسي: يقع في حديثه المناكير، ومثله إن شاء الله لا يتعمد الكذب، سألت الحافظ محمد بن أبي سعيد السمرقندي فرأيته حسن الرأي فيه، وسمعته يقول: سمعت المنكدري يقول: أناظر في ثلاثمائة ألف حديث فقلت له: هل رأيت بعد أبي العباس بن عقدة أحفظ من المنكدري؟ قال: لا. قال الحاكم: توفي بمرو سنة أربع عشرة وثلاثمائة {{رحمه ى}}.
 
786- 15/11
 
===بن الجارود===
 
صاحب كتاب المنتقى في الأحكام وهو الحافظ الإمام الناقد أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري المجاور بمكة.
 
سمع أبا سعيد الأشج ومحمد بن آدم وعلي بن خشرم ويعقوب بن إبراهيم الدورقي وعبد الله بن هاشم الطوسي والحسن بن محمد الزعفراني وأحمد بن الأزهر ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ وأحمد بن يوسف السلمي ومحمد بن يحيى وإسحاق الكوسج وزياد بن أيوب وابن عبد الحكم وبجر بن نصر ومحمد بن عثمان بن كرامة وعبد الرحمن بن بشر وخلقًا، وينزل إلى ابن خزيمة، فأما ما ذكره الحاكم من أنه سمع من إسحاق بن راهويه وعلي بن حجر وأحمد بن منيع فلم أجد هذا ولا أراه لحقهم، حدث عنه أبو حامد بن الشرقي ومحمد بن نافع المكي ويحيى بن منصور ودعلج السجزي وأبو القاسم الطبراني ومحمد بن جبريل العجيفي وآخرون، وكان من العلماء المتقنين المجودين، توفي سنة سبع وثلاثمائة.
 
أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل وطائفة إجازة عن أبي جعفر الصيدلاني أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أنا محمد بن ريذة أنا أبو القاسم الطبراني نا عبد الله بن علي الجارودي نا أحمد بن حفص حدثني أبي نا إبراهيم بن طهمان عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس قال: مرت سحابة على رسول الله {{صلل}} فقال: "هل تدرون ما هذا؟" قلنا: السحاب؛ قال: "والمزن"؛ قالوا: والمزن؛ قال: "أو العنان"؛ قلنا: أو العنان؛ فقال: "هل تدرون بعد ما بين السماء إلى الأرض؟" قلنا: لا، قال: "إحدى وسبعون، أو ثنتان أو ثلاث وسبعون"؛ قال: "والتي فوقها مثل ذلك، حتى عدهن سبع سماوات على نحو ذلك؛ ثم: فوق السابعة البحر أسفله من أعلاه مثل ما بين سماء، إلى سماء ثم فوقه ثمانية أوعال ما بين ركبهن وأظلافهن مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم العرش فوق ذلك بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم الله تعالى فوق ذلك فوق العرش".
 
أخبرنا علي بن أحمد أنا علي بن هبة الله أخبرتنا شهدة أنا الحسن بن أحمد الدقاق أنا الحسن بن أحمد أنا دعلج بن أحمد نا عبد الله بن علي الجارود نا الربيع نا الشافعي نا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} قال: "لا يبيع حاضر لباد".
 
787- 16/11
 
===ابن جوصاء===
 
الإمام الحافظ النبيل محدث الشام أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن موسى ابن جوصاء الدمشقي مولى بني هاشم ويقال: مولى محمد بن صالح بن بيهس الكلابي.
 
سمع موسى بن عامر المزني ومحمد بن هاشم البعلي وكثير بن عبيد وعمرو بن عثمان وأبا التقي هشام بن عبد الملك ويونس بن عبد الأعلى وطبقتهم بمصر والشام وجمع وصنف وتكلم على العلل والرجال.
 
وأعلى ما عنده ما روى بن عدي في كامله قال: حدثنا ابن جوصاء نا معاوية بن عبد الرحمن الرحبي سمعت حريز بن عثمان يقول: سألت عبد الله بن بسر عن النبي {{صلل}} فقال: كان في عنفقته شعرات بيض. نعم وحدث عنه الطبراني وحمزة الكناني وأبو علي النيسابوري الزبير الأسداباذي وأبو بكر بن السني وأبو أحمد الحاكم وعبد الوهاب الكلابي وخلق سواهم؛ وثقه الطبراني، وقال أبو علي الحافظ: حدثنا ابن جوصاء -وكان ركنا من أركان الحديث- قال: إسناد خمسين سنة من موت الشيخ إسناد علو.
 
وقال أبو ذر الهروي سمعت أبا مسعود الدمشقي يقول: جاء رجل بغدادي يحفظ إلى ابن جوصاء: فقال له ابن جوصاء كلما أغربت علي حديثا من حديث أهل الشام أعطيتك درهمًا؛ فلم يزل الرجل يلقي عليه ما شاء الله ولا يغرب عليه، فاغتم الرجل لذلك فقال له: لا تجزع؛ وأعطاه لكل حديث ذكره درهمًا، وكان ذا مال كثير. قال الحافظ عبد الغني الأزدي سمعت محمد بن إبراهيم الكرخي يقول: ابن جوصاء بالشام كابن عقدة بالكوفة. قال الدارقطني: أجمع أهل الكوفة أنه لم ير من زمان ابن مسعود إلى زمان ابن عقدة أحفظ منه.
 
قال أبو عمرو النيسابوري الصغير: نزلنا خانا بدمشق العصر ونحن على أن نبكر إلى ابن جوصاء فإذا الخاني يعدو ويقول: أين أبو علي الحافظ؟ فقلت: ههنا، قال: قد جاء الشيخ؛ فإذا ابن جوصاء على بغلة فنزل ثم صعد إلى غرفتنا وسلم على أبي علي ورحب به وذاكره إلى قريب العتمة، ثم قال: يا أبا علي جمعت حديث عبد الله بن دينار؟ قال: نعم، قال فأخرجه فأخذه في كمه وقام، فلما أصبحنا جاءنا رسوله وحملنا إلى منزله فذاكره أبو علي وانتخب عليه إلى المساء، ثم انصرفنا إلى رحلنا وجماعة من الرحالة ينتظرون أبا علي فسلموا عليه ثم ذكروا شأن ابن جوصاء وما نقموا عليه من الأحاديث التي انكروها وأبو علي يسكنهم ويقول: لا تفعلوا، هذا إمام من أئمة المسلمين قد جاز القنطرة.
 
قال حمزة الكناني: عندي عن ابن جوصاء مائتا جزء ليتها كانت بياضًا. وترك حمزة الرواية عنه أصلا. قلت: هذا تعنت من حمزة، والظاهر أنه تبرم بالمائتي جزء لنزولها عند حمزة ولا تنفق عنه فإن ابن جوصاء من صغار شيوخه. وقال أبو عبد الرحمن السلمي سألت الدارقطني عن ابن جوصاء فقال: تفرد بأحاديث ولم يكن بالقوي. قلت: الرجل صدوق حافظ وَهِم في أحاديث مغمورة في سعة ما روى، فمن ذلك حديثه عن أبي التقي عن بقية، أنا ورقاء وابن ثوبان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا حديث: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة". <ref> رواه البخاري في الأذان باب 38. ومسلم في المسافرين حديث 63، 64. والترمذي في الصلاة باب 195. والنسائي في الإمامة باب 60.</ref>
 
قرأته على أحمد بن هبة الله عن أبي روح أنا تميم بن أبي سعيد أنا أبو سعيد الكنجرودي أنا أبو أحمد الحافظ أنا حمد بن عمير، فذكره. الحديث محفوظ وإنما أنكروا على ابن جوصاء ذكر ابن ثوبان في إسناده، قال الطبراني: تفرد بذلك ابن جوصاء وهو من الثقات. قلت: وقد توبع عليه، سقت ذلك في تاريخ الإسلام. قال حمزة بن محمد الحافظ: سمعت ابن جوصاء يقول: كنا ببغداد فتذاكروا حديث أيوب فقلت: أيش أسند جنادة عن عبادة؟ فسكتوا، فقلت: ما أسند عمر بن عمرو الأحموسي؟ فلم يجيبوا. توفي ابن جوصاء في جمادى الأولى سنة عشرين وثلاثمائة وهو في عشر التسعين.
 
'''وفيها توفي''' شيخ الشافعية أبو علي الحسين بن صالح بن خيران، ومسند دمشق أبو العباس عبد الله بن عتاب بن أحمد الزفتي عن ست وتسعين سنة، وأبو القاسم عبد الله بن محمد ابن أخي أبي زرعة الرازي، والإمام أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري في شوال عن تسع وثمانين سنة، وقاضي القضاة أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الأزدي ببغداد عن سبع وسبعين سنة.
 
788- 17/11
 
===أبو عمرو الحيري===
 
الحافظ الإمام الرحال أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص بن مسلم النيسابوري سبط أحمد بن عمرو الحرشي.
 
وكان شيخ نيسابور في الحشمة والثروة والتزكية: سمع محمد بن رافع والذهلي وعبد الرحمن بن بشر وعبد الله بن هاشم وأبا زرعة والرمادي ومحمد بن سعيد العطار وطبقتهم بالعراق والحجاز والجبال وخراسان، وارتحل في الكهولة بالطلبة إلى عثمان الدارمي فقرأ عليه المسند؛ أخذ عنه الحافظ أحمد بن المبارك المستملي مع تقدمه وأبو علي الحافظ ودعلج السجزي وأبو بكر الإسماعيلي ومحمد بن أحمد بن عبدوس ويحيى بن منصور القاضي وخلق كثير. قال الحاكم: سمعت أبا زكريا العنبري يقول: سمعت محمد بن عبد السلام يقول: وقع بين الذهلي وبين ولده حيكان خصومة من شيء فقال أبوه: من ترضى يتوسط بيننا؟ قال: أبو عمرو الحيري؛ فقال: أبو عمرو حجة. فتوسط بينهما فقضى لحيكان، فقبل ذلك محمد بن يحيى. قال الحاكم: مات أبو عمرو في ذي القعدة سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
 
أخبرنا محمد بن أحمد بن الزراد أنا الحسن بن محمد أنا القاسم بن عبد الله أخبرتنا عمتي عائشة بنت أحمد أنا أبو بكر بن خلف أنا أبو عبد الله الحافظ أنا علي بن عيسى نا أبو عمرو الحيري نا محمد بن يحيى نا أبو نعيم نا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن الله حبس عن مكة القتل"؛ قال محمد بن يحيى صحفه أبو نعيم وإنما هو الفيل.
 
789- 18/11
 
===ابن سلم===
 
الحافظ الثبت أبو الحسن علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني.
 
سمع أحمد بن الفرات ومحمد بن يحيى الذهلي وإسماعيل بن يزيد القطان ومحمد بن الوليد البسري وأحمد بن الأزهر ويحيى بن حكيم المقوم وطبقتهم؛ وصنف التصانيف، روى عنه أبو علي الحافظ وأبو أحمد العسال وأبو الشيخ وابن المقرئ وطائفة؛ توفي بالري سنة تسع وثلاثمائة قاله الحاكم.
 
أخبرنا إسحاق الصفار أنا ابن رواحة أنا أبو طاهر السلفي أنا بندار بن محمد أنا عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي أنا أبو محمد بن حيان كتب إلينا علي بن الحسن بن سلم الرازي نا مسروق ثنا إبراهيم بن المنذر حدثني عبد العزيز بن عمران عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة بن عباس قال: الأذان نزل على رسول الله {{صلل}} مع فرض الصلاة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهِ} إسناده ضعيف، ومتنه منكر.
 
وقرأت على فاطمة بنت سليمان أخبرك المسلم بن أحمد أنا علي بن الحسن الحافظ في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة أنا أبو القاسم النسيب أنا محمد بن عبد الرحمن أنا يوسف القاضي أنا علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني بالري أنا أحمد بن سنان نا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي كرب عن جابر سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "ويل للعراقيب من النار". <ref> رواه ابن ماجه في الطهارة باب55. وأحمد في مسنده "2/ 201، 471" "3/ 369، 393".</ref>
 
790- 19/11
 
===الذهبي===
 
الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن حسن بن أبي حمزة البلخي نزيل نيسابور، وبها عقبة.
 
روى عن عمرو بن علي الفلاس وحجاج بن الشاعر ومحمد بن بشار وسلم بن جنادة أحمد بن سعيد الدارمي ومحمد بن يحيى الذهلي وطبقتهم، روى عنه أبو علي الحافظ مع سوء رأيه فيه، ومحمد بن جعفر البستي وأبو أحمد الغطريفي وأبو بكر الإسماعيلي ومحمد بن عبد الله القزاز وأبو محمد المخلدي وآخرون، وقد عمر فقال الإسماعيلي: كان مستهترًا بالشرب. وقال الحاكم: وقع لي من كتبه بخطه وفيها عجائب. توفي سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء عن المؤيد بن محمد الطوسي أنا أبو بكر أحمد بن سهل المساجدي "ح" وأخبرنا أحمد عن القاسم بن عبد الله الصفار وإسماعيل بن عثمان أنا وجيه بن طاهر "ح" وأنا أحمد عن زينب الشعرية أنا محمد بن منصور بن عبد الرحيم الحرضي ووجيه الشحامي، قالوا ثلاثتهم: أنا أبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي أنا الحسن أحمد المخلدي أنا أحمد بن محمد بن أبي حمزة البلخي أنا موسى بن الحكم الشطوي أنا حفص بن غياث عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت: كان النبي {{صلل}} في جنازة صبي من صبيان الأنصار فقالت عائشة: طوبى له، عصفور من عصافير الجنة. فقال النبي، {{صلل}}: "وما يدريك يا عائشة، إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم". <ref> رواه مسلم في القدر حديث 31. وأبو داود في السنة باب 17. والنسائي في الجنائز باب 58.</ref>
 
791- 90/11
 
===السنجي===
 
الحافظ البارع أبو علي الحسين بن محمد بن مصعب بن رزيق المروزي.
 
قال ابن ماكولا: كان يقال: ما بخراسان أكثر حديثا منه. كف بصره. قال: وكان لا يحدث أهل الرأي إلا بعد الجهد. روى أبو علي عن علي بن خشرم وعلي بن عبد الله بن قهزاذ ويحيى بن حكيم المقوم وطبقتهم، حدث عنه زاهر السرخسي أبو حامد النعيمي وطائفة؛ توفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة.
 
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر أنبأنا عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا سعيد بن محمد البحيري أنا زاهر بن أحمد أنا الحسين بن محمد بن مصعب بسنج نا علي بن خشرم نا عيسى بن يونس عن شعبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قالت: كان رسول {{صلل}} إذا عمل عملا أثبته، وكان إذا نام من الليل أو مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، وما رأيته قام ليلة حتى الصباح، ولا صام شهرا متتابعا إلا رمضان.
 
792- 21/11
 
===ابن فطيس===
 
الإمام الحافظ محدث الأندلس أبو عبد الله محمد بن فطيس بن واصل المغافقي، الأندلسي الألبيري.
 
ولد سنة تسع وعشرين ومائتين، وسمع إياد بن عيسى ومحمد بن أحمد العتبي الفقيه وابن مزين، وارتحل كما ذكره بن الفرضي وغيره في سنة سبع وخمسين فسمع يونس بن عبد الأعلى وأحمد ابن أخي ابن وهب ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وكان يقول: لقيت في رحلتي مائتي شيخ وما رأيت فيهم مثل ابن عبد الحكم، وأخذ بأفريقية عن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي وشجرة بن عيسى ويحيى بن عون، وأكثر عن أهل الحرم وأهل مصر والقيروان، وتفقه بالمزني فأدخل الأندلس علما غزيرًا، وكان بصيرًا بفقه مالك وصارت الرحلة إليه من البلاد وعمر دهرًا، صنف "كتاب الروع والأهوال"، و"كتاب الدعاء" قال ابن الفرضي: كان ضابطا نبيلا صدوقا كانت الرحلة إليه، حدثنا عنه غير واحد وتوفي في شوال سنة تسع عشرة وثلاثمائة.
 
قلت: '''وفيها مات''' مسند الشام أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب البتلهي ثم المشغراني خطيبها، ومحدث دمشق أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان القرشي الحافظ وقاضي الأندلس وعالمها أبو الجعد أسلم بن عبد العزيز بن هاشم الأموي المالكي عن نيف وثمانين سنة، والمحدث أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا العدوي البصري ببغداد، وكان كذابًا، وشيخ المعتزلة أبو القاسم عبد الله بن أحمد الكعبي البلخي، وقاضي مصر أبو عبيد علي بن الحسين بن حربويه البغدادي وهو صاحب وجه في المذهب عديم النظير، وعالم سمرقند وواعظها أبو عبد الله محمد بن الفضل بن العباس البلخي، قيل مات في مجلس وعظه في يوم أربع أنفس، وكان آخر من حدث عن قتيبة، وكبير نيسابور المحدث أبو الوفاء مؤمل بن الحسن بن عيسى الماسرجسي سمع الكوسج، وفي الرحلة الزعفراني، قيل: اقترض أمير خراسان منه مرة ألف ألف درهم، وانتقى عليه أبو علي الحافظ أجزاء فبعث إليه بثياب ومائة دينار.
 
793- 22/11
 
===المصعبي===
 
الحافظ الأوحد أبو بشر أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب بن بشر بن فضالة المروزي الفقيه إلا أنه كذاب.
 
حدث عن محمود بن آدم وسعيد بن مسعود وطبقتهما ثم زعم أنه سمع من علي بن خشرم فأنكروا عليه، روى عنه أبو الفتح بن بريدة وابن المظفر وطائفة. قال الدارقطني: كان حافظًا عذب اللسان مجردًا في السنة والرد على المبتدعة لكنه يضع الحديث. وقال ابن حبان: وكان ممن يضع المتون ويقلب الأسانيد لعله قد قلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث، كتبت منها أكثر من ثلاثة آلاف، وفي الآخر ادعى شيوخًا لم يرهم، سألته عن أقدم شيخ له فقال: أحمد بن سيار؛ ثم حدث عن علي بن خشرم فسيرت أنكر عليه فكتب يعتذر إلى علي أنه من أصلب أهل زمانه في السنة وأبصرهم بها وأذبهم لحريمها وأقمعهم لمن خالفها، نسأل الله الستر، مات أبو بشر في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
 
كتب لي الإمام عبد الرحمن بن محمد أن عمر بن طبرزذ أخبرهم أنا أبو غالب أحمد بن الحسن أنا الحسن بن علي أنا محمد بن المظفر البزاز نا أبو بشر أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب حين قدم للحج عن عبد الله بن مصعب عن مصعب بن بشر عن شراحيل بن عبيد -وكان ابن المبارك يقوم له- نا شعبة عن مسعر عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش فقالت يا رسول الله: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟، الحديث.
 
وفي سنة ثلاث وعشرين '''مات''' أبو إسحاق إبراهيم بن حماد بن إسحاق الأزدي العابد الحجة من شيوخ الدارقطني، وهو ابن أخي إسماعيل القاضي ونحوي بغداد أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الواسطي نفطويه، والمحدث أبو علي إسماعيل بن العباس الوراق البغدادي، وعبيد الله بن عبد الرحمن السكري البغدادي وعبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، وعلي بن محمد بن هارون الحميري صاحب أبي كريب، وأبو عبيد المحاملي القاسم بن إسماعيل، وأبو أكتريك محمد بن الحسين السعدي الحمصي ثم الطرابلسي، والمحدث أبو عمران موسى بن العباس الجويني.
 
794- 23/11-
 
===ابن مروان===
 
هو الحافظ الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان القرشي الدمشقي محدث رحال.
 
سمع موسى بن عامر المزني وشعيب بن شعيب بن إسحاق ويونس بن عبد الأعلى وأحمد بن إبراهيم بن ملاس وطبقتهم، وعنه ابنه محمد بن إبراهيم وأبو سليمان بن زبر وابن المقرئ وعبد الوهاب الكلابي وحميد الوراق وآخرون، مات في رجب سنة تسع عشرة وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
795- 24/11
 
===الأعمشي===
 
الإمام الحافظ الثقة أبو حامد أحمد بن حمدون بن أحمد بن عمارة بن رستم النيسابوري.
 
أخبرنا علي بن معاذ ومحمد بن حازم قالا: أنا عبد الرحمن بن نجم أخبرتنا شهدة الكاتبة أنا طريف بن محمد النيسابوري أنا أبو عبد الرحمن عمرو بن محمد بن أحمد البحيري أنا إبراهيم بن محمد المحفوظي نا أحمد بن حمدون نا محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن مسلم وأبو زرعة ويعقوب بن سفيان وعباس بن محمد والصغاني قالوا: ثنا عارم نا حماد بن زيد عن أبان بن تغلب عن الأعمش عن أبي عمرو الشيباني عن أبي مسعود قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من دل على خير كان له كأجر فاعله". رواه مسلم من طريق الأعمش. ويقع لنا حديث أبي حامد أعلى من هذا في فوائد أبي يعلى الصابوني من طريق أبي محمد المخلدي عنه. الأعمشي يلقب أبا تراب وكان قد جمع حديث الأعمش واعتنى به فنسب إليه، وكان يحفظ، ووالده هو حمدون القصار أحد الزهاد الأعلام.
 
سمع محمد بن رافع وعلي بن خشرم وإسحاق الكوسج وعمار بن رجاء الجرجاني وأبا سعيد الأشج ويحيى بن المقوم وطبقتهم؛ روى عنه أبو الوليد الفقيه وأبو علي الحافظ وأبو إسحاق المزكي وأبو سهل الصعلوكي وأبو أحمد الحاكم.
 
قال الحاكم ابن البيع: سمعت أبا علي الحافظ يقول ثنا أحمد بن حمدون أن حلت الرواية عنه؛ فقلت هذا الذي تذكره في أبي تراب من جهة المجون والسخف الذي كان أولشيء أنكرته منه في الحديث؟ قال: بل من جهة الحديث، أنكر منه حديث عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن الفضل؛ قلت: قد حدث به غير مرة، فأخذ بذكر أحاديث حدث بها غيره، فقلت: أبو تراب مظلوم في كل ما ذكرته؛ ثم حدثت أبا الحسين الحجاجي بهذا القول، فرضي بكلامي فيه وقال: القول ما قلته؛ ثم تأملت أجزاء عديدة بخطه فلم أجد فيها حديثًا يكون الحمل فيه عليه، وأحاديثه كلها مستقيمة، وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرت بن خزيمة فسأل أبا حامد الأعمشي: كم روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد؟ وأبو حامد يسرد الترجمة حتى فرغ منها، وابن خزيمة يتعجب؛ وسمعت محمد بن حامد البزاز يقول: دخلنا على الأعمشي وهو عليل فقلنا كيف تجدك؟ قال: بخير لو لا جاري -يعني أبا حامد الجلودي- يدعي أنه محدث عالم ولا يحفظ إلا كتاب عمي القلب، وكتاب النسيان، وكتاب الجهل؛ دخل أمس فقال: يا أبا حامد أما علمت أن زنجويه مات؟ قلت: ي {{رحمه}}؛ قال: واليوم دخلت على مؤمل بن الحسن وهو في النزع، ثم قال: أبا حامد ابن كم أنت؟ قلت: في ست وثمانين سنة، قال: فأنت إذن أكبر من أبيك؛ فقلت: أنا بحمد الله في عافية، قد جامعت البارحة مرتين، واليوم فعلت كذا؛ فقام خجلا. مات الأعمشي في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة {{رحمه ى}}.
 
796- 25/11
 
===محمد بن حمدون بن خالد بن يزيد===
 
الحافظ الكبير أبو بكر النيسابوري أحد الأثبات.
 
سمع محمد بن يحيى وعيسى بن أحمد البلخي وأبا زرعة والربيع المرادي وابن وارة وأمما سواهم، روى عنه محمد بن صالح بن هانئ وأبو علي الحافظ وأبو محمد المخلدي وأبو بكر بن مهران ومحمد بن الفضل بن خزيمة وخلق كثير؛ قال الحاكم: كان من الثقات الأثبات الجوالين في الأقطار، عاش سبعًا وثمانين سنة. قال: وتوفي في ربيع الآخر سنة عشرين وثلاثمائة. وقال الخليلي: حافظ كبير سمع قطن بن عبد الله وأحمد بن حفص بن عبد الله وعدة.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن زينب بنت أبي القاسم أنا محمد بن منصور الحرضي ووجيه بن طاهر "ح" وأنا ابن عساكر عن المؤيد بن محمد أنا أحمد بن سهل المساجدي قالوا: أنا يعقوب بن أحمد نا الحسن بن أحمد إملاء أنا محمد بن حمدون بن خالد بن يزيد نا علي بن عبد الرحمن بن مغيرة المخزومي نا عمران الرملي نا عطاف بن خالد حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي موسى الأشعري قال: عدت الحسن بن علي فوجدت عنده أباه عليا قال: ما جاء بك إلينا؟ ما يولجك علينا؟ قلت: ما إياك أتيت، ولكن أتيت ابن ابنة رسول الله {{صلل}} أعوده؛ قال علي: أما إنه لا يمنعني غضبي عليك أن أحدثك، سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "إذا عاد الرجل أخاه لم يزل يخوض في الرحمة حتى إذا جلس عنده غمرته".
 
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر عن أبي روح البزاز أنا أبو القاسم النيسابوري أنا أبو سعيد الطبيب أنا شافع بن محمد الأسفراييني نا محمد بن حمدون الحافظ نا أبو حذافة المدني نا مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي {{صلل}} قال: "العلم ثلاثة، آية محكمة وسنة قائمة ولا أدري". هذا لم يصح مسندًا ولا هو مما عد في مناكير أبي حذافة السهمي فما أدري كيف هذا؟ وكأنه موقوف.
 
797- 26/11
 
===الطحاوي===
 
الإمام العلامة الحافظ صاحب التصانيف البديعة أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي.
 
وطحا من قرى مصر. سمع هارون بن سعيد الأيلي وعبد الغني بن رفاعة ويونس بن عبد الأعلى وعيسى بن مثرود ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وبحر بن نصر وطبقتهم، روى عنه أحمد بن القاسم الخشاب وأبو الحسن محمد بن أحمد الأخميمي ويوسف الميانجي وأبو بكر بن المقرئ والطبراني وأحمد بن عبد الوارث الزجاج وعبد العزيز بن محمد الجوهري قاضي الصعيد ومحمد بن بكر بن مطروح وآخرون، خرج إلى الشام سنة ثمان وستين ومائتين فتفقه بالقاضي أبي خازم وبغيره.
 
قال ابن يونس: ولد سنة سبع وثلاثين ومائتين وكان ثقة ثبتا فقيها عاقلا، لم يخلف مثله. قال أبو إسحاق الشيرازي في الطبقات: انتهت إلى أبي جعفر رياسة أصحاب أبي حنيفة بمصر، أخذ العلم عن أبي جعفر بن أبي عمران وأبي خازم القاضي وغيرهما وكان أولا شافعيًا يقرأ على المزني فقال له يومًا: والله لا جاء منك شيء؛ فغضب من ذلك وانتقل إلى ابن أبي عمران فلما صنف مختصره قال: رحم الله أبا إبراهيم لو كان حيًّا لكفر عن يمينه.
 
قلت: ناب في القضاء عن أبي عبد الله محمد بن عبدة قاضي مصر بعد السبعين ومائتين، وترقت حاله فحدث أنه حضر رجل معتبر عند القاضي محمد بن عبدة فقال: أيش روى أبو عبيدة بن عبد الله عن أمه عن أبيه؟ فقلت: حدثنا بكار بن قتيبة نا أبو أحمد نا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي عبيدة عن أمه عن أبيه، أن رسول الله {{صلل}} قال: "إن الله ليغار للمؤمن فليغر". وحدثنا به إبراهيم بن أبي داود نا سفيان بن وكيع عن أبيه عن سفيان موقوفًا؛ فقال لي الرجل: تدري ما تقول؟ تدري ما تتكلم به؟ قلت: ما الخبر؟ قال: رأيتك العشية مع الفقهاء في ميدانهم وأنت الآن في ميدان أهل الحديث؛ وقل من يجمع ذلك؛ فقلت: هذا من فضل الله وإنعامه.
 
قلت: صنف أبو جعفر في اختلاف العلماء، وفي الشروط، وفي أحكام القرآن العظيم، وكتاب معاني الآثار، وهو ابن أخت المزني، وأما ابن أبي عمران الحنفي فكان قاضي الديار المصرية بعد القاضي بكار.
 
قال ابن يونس: مات أبو جعفر في مستهل ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة عن بضع وثمانين سنة.
 
'''وفيها توفي''' بمصر شيخها أبو بكر أحمد بن عبد الوارث بن جرير الأسواني العسال، وبهراة أبو علي أحمد بن محمد بن علي بن رزين الباساني، وبأصبهان أبو علي الحسن بن محمد بن النضر بن أبي هريرة، وببغداد أبو عثمان سعيد بن محمد أخو زبير الحافظ، وشيخ المعتزلة أبو هاشم ابن الشيخ أبي علي الجبائي، وشيخ العربية أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي عن ثمانٍ وتسعين سنة، وأبو الحسن محمد بن نوح الجنديسابوري أحد الأثبات، ومكحول البيروتي الحافظ، وسيأتي.
 
أخبرنا الحسن بن علي أنا أبو الفضل الهمداني أنا أبو محمد العثماني أنا علي بن المؤمل أنا أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي أنا محمد بن أنس بن عمر التنوخي في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة: سمعت أبا جعفر الطحاوي نا يزيد بن سنان نا يزيد بن بيان عن أبي الرجال عن أنس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "ما أكرم شاب شيخًا لسنه إلا قيض له عند سنه من يكرمه".
 
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه أنا عمر بن محمد أنا محمد بن عبد الباقي أنا أبو محمد الجوهري إملاء نا ابن المظفر نا الطحاوي نا المزني نا الشافعي نا مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله {{صلل}} يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله {{صلل}} استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان.
 
798- 27/11
 
===ابن سريج===
 
الإمام العلامة شيخ الإسلام القاضي أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج البغدادي قدوة الشافعية.
 
سمع الحسن بن محمد الزعفراني وعلي بن أشكاب وعباس بن محمد الدوري والرمادي وأبا داود السجستاني وطبقتهم، رأيت له فيه تصنيفًا يحتج فيه بالأحاديث ويطرقها عمل من يفهم هذا الشأن، وأما الفقه فهو حامل لوائه وعلم نظرائه، تصدر للاشتغال وتفقه به أئمة أعلام، وحدث عنه أبو القاسم الطبراني وأبو أحمد الغطريفي وأبو الوليد حسان بن محمد وآخرون.
 
ويقع حديثه في جزء الغطريفي عاليا؛ فأنبأنا عبد الرحمن بن أبي عمر الفقيه أنا عمر بن محمد أنا أحمد بن ملوك ومحمد بن عبد الباقي قالا: أنا طاهر بن عبد الله القاضي أنا محمد بن أحمد بجرجان نا أبو العباس بن سريج نا الرمادي نا عبد الرزاق نا معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي أيوب الأنصاري عن أبي بن كعب {{عنه}} قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "الماء من الماء". <ref> رواه مسلم في الحيض، حديث 81، وأبو داود في الطهارة باب 83، والترمذي في الطهارة باب 81.</ref> هذا إسناد صحيح لكن نسخ ذلك.
 
أخبرنا عمر بن عبد المنعم عن أبي اليمن الكندي أنا علي بن عبد السلام أنا الإمام أبو إسحاق في طبقاته قال: ابن سريج يقال له: الباز الأشهب، ولي القضاء بشيراز؛ قال: وكان يفضل على جميع الأصحاب حتى على المزني، وإن فهرست كتبه كانت تشتمل على أربعمائة مصنف، وكان الشيخ أبو حامد الأسفراييني يقول: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه. تفقه على أبي القاسم الأنماطي وأخذ عنه خلق، ومنه انتشر مذهب الشافعي. وقال أبو علي بن خيران: سمعت أبا العباس بن سريج يقول: رأيت كأنا مطرنا كبريتا أحمر فملأت أكمامي وحجري فعبر لي أن أرزق علما عزيزا كعزة الكبريت الأحمر.
 
وقال أبو الوليد الفقيه يقول: سمعت ابن سريج يقول: ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام. قال: وكنا نأتي مجلس ابن سريج سنة ثلاث وثلاثمائة فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي، فإن الله يبعث على كل مائة سنة من يجدد للأمة دينها، والله تعالى بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وعلى رأس المائتين الشافعي، وبعثك على رأس الثلاثمائة ثم أنشا يقول:
 
اثنان قد مضيا وبورك فيهما عمر الخليفة ثم خلف السودد
 
الشافعي الألمعي محمد إرث النبوة وابن عم محمد
 
أبشر أبا العباس أنك ثالث من بعدهم سقيا لنوبة أحمد
 
فصاح أبو العباس وبكى وقال: لقد نعى إلي نفسي. قال حسان: فمات القاضي أبو العباس في تلك السنة. كذا في النسخة سنة ثلاث وكأنها سنة ست تصحفت. وقد كان على رأس المائة الرابعة الإمام أبو حامد الأسفراييني ببغداد، وعلى رأس الخامسة الغزالي وجماعة؛ وقد كان أبو العباس بن سريج صاحب سنة واتباع، بلغني أنه سُئل عن صفات الله تعالى فقال: حرام على العقول أن تمثل الله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الألباب أن تصف إلا ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله -وذكر تمام الفصل. وهو صاحب مسألة الدور في الحلف بالطلاق؛ مات في جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة، وله سبع وخمسون سنة ونصف.
 
799- 28/11
 
===الألبيري===
 
الحافظ الإمام محدث الأندلس أبو جعفر أحمد بن عمرو بن منصور الأندلسي الألبيري.
 
سمع من يونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان ومحمد بن سنجر وعلي بن عبد العزيز البغوي وخلق سواهم، وبلغنا أنه كان بصيرًا بعلل الحديث إمامًا فيه، وإليه كانت الرحلة بالأندلس، ولي خطابة مدينة ألبيرة ويعرف أيضًا بابن عمريل، مات سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
800- 29/11
 
===ابن معدان===
 
الحافظ الرحال المصنف أبو بكر محمد بن أحمد بن راشد بن معدان الثقفي مولاهم الأصبهاني.
 
سمع أحمد بن الفرات وسلم بن جنادة وموسى بن عامر الدمشقي وإبراهيم بن سعيد الجوهري والربيع المرادي وطبقتهم، وحدث ببغداد بمسند أبي داود، روى عنه أبو الشيخ والطبراني وابن المقرئ وآخرون؛ مات بكرمان سنة تسع وثلاثمائة. قال أبو الشيخ: هو محدث ابن محدث، كثير التصانيف.
 
أنبأنا أحمد بن سلامة عن مسعود الجمال أنا الحداد أنا أبو نعيم نا محمد بن أحمد بن عبد الوهاب نا محمد بن أحمد بن راشد نا عبد الله بن أبي رومان الإسكندراني نا ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنك لن تجد فقد شيء تركته لله". <ref>روى صدره الترمذي في القيامة، وانظر البخاري في البيوع</ref> منكر جدًّا، وابن أبي رومان ضعفوه.
 
801- 30/11
 
===مكحول===
 
الحافظ المحدث أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن عبد السلام بن أبي أيوب البيروتي.
 
سمع أبا عمير عيسى بن النحاس ومحمد بن هاشم البعلبكي ومحمد بن إسماعيل بن عيلة وأحمد بن حرب الموصلي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وأحمد بن سليمان الرهاوي وسليمان بن سيف الحراني وأمثالهم، حدث عنه أبو سليمان بن زبر وأبو محمد بن ذكوان البعلبكي وعلي بن الحسين قاضي أذنة وأبو أحمد الحاكم وأبو بكر بن المقرئ وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي وآخرون، وكان من الثقات العالمين بالحديث، توفي في أول شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
 
أخبرنا إسحاق بن طارق الأسدي أنا يوسف بن خليل أنا أبو مسلم بن الإخوة وناصر الويرج قالا: أنا سعيد بن أبي الرجا أنا أحمد بن محمود ومنصور بن الحسين قالا: أنا محمد بن إبراهيم نا مكحول ببيروت نا عبد الله بن هانئ نا ضمرة عن ميسرة بن معبد عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي، {{صلل}}: "ما اجتمع ثلاثة في بدو ولا حضر لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان". <ref> رواه أبو داود في الصلاة باب 46. والنسائي في الإمامة باب 48. وأحمد في مسنده "5/ 96" "6/ 446".</ref> صوابه "مسرة" احتج به أبو داود.
 
802- 31/11
 
===ابن الجباب===
 
الحافظ العلامة شيخ الأندلس: أبو عمر أحمد بن خالد بن يزيد القرطبي المعروف بابن الجباب نسبة إلى بيع الجباب، سمع بقي بن مخلد ومحمد بن وضاح وقاسم بن محمد وإسحاق الدبري باليمن وعلي بن عبد العزيز بمكة، وهذه الطبقة.
 
حدث عنه ولده محمد ومحمد بن أحمد بن أبي دليم وعبد الله بن محمد بن علي الباجي وأهل قرطبة؛ ولد سنة ست وأربعين ومائتين وكان فريد عصره، ذكره القاضي عياض فقال: كان إماما في الفقه لمالك، وكان في الحديث لا ينازع، سمع منه خلق كثير، وصنف مسند مالك، وكتاب الصلاة، وكتاب الإيمان، وكتاب قصص الأنبياء.
 
توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
 
'''وفيها توفي''' قاضي مصر أبو العباس أحمد بن أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة وكان يحفظ تصانيف أبيه، وشيخ الصوفية خير النساج، وأبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي المكي، وشيخ الصوفية أبو علي الروذباري.
 
أنبأنا أبو محمد بن هارون عن ابن بقي عن شريح عن أبي محمد بن حزم نا حمام بن أحمد نا عبد الله بن محمد الباجي نا أحمد بن خالد نا عبيد بن محمد الكشوري نا محمد بن يوسف الحذافي نا عبد الرزاق نا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن الأسود قال: بينا أنا واقف مع عمر بعرفة مر رجل شعره يفوح منه ريح الطيب فقال له عمر: أمحرم أنت؟ قال: نعم، قال: ما هيئتك هيئة محرم، إنما المحرم الشعث الأغبر الأدفر؛ قال: إني قدمت متمتعًا وإنه كان معي أهلي وإنما أحرمت اليوم؛ فقال عمر عند ذلك: لا تمتعوا في هذه الأيام فإني لو رخصت في المتعة لهم لعرسوا بهن في الأراك ثم راحوا بهن حجاجًا.
 
803- 32/11
 
===عبد الملك بن محمد بن عدي===
 
الحافظ الحجة '''أبو نعيم الجرجاني''' الأستراباذي الفقيه.
 
سمع علي بن حرب وعمر بن شبة والربيع بن سليمان المرادي وأحمد بن منصور الرمادي ويزيد بن عبد الصمد وسليمان بن سيف الحراني وطبقتهم فأكثر، وكتب بالحرمين ومصر والشام والعراق والجزيرة وخراسان، وتخرج بأبي زرعة وأبي حاتم، حدث عنه ابن صاعد مع تقدمه وأبو علي الحافظ وأبو محمد المخلدي وأبو إسحاق المزكي وأبو بكر الجوزقي وخلق سواهم.
 
قال الحاكم: كان من أئمة المسلمين، ورد نيسابور وهو قاصد بخارى فأخذ عنه الحفاظ، سمعت الأستاذ أبا الوليد حسان بن محمد يقول: لم يكن في عصرنا من الفقهاء أحفظ للفقهيات وأقوال الصحابة بخراسان من أبي نعيم الجرجاني، ولا بالعراق من أبي بكر بن زياد النيسابوري. قال: وسمعت أبا علي الحافظ يقول: كان أبو نعيم أحد الأئمة، ما رأيت بخراسان بعد ابن خزيمة مثله، كان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما نحفظ نحن المسانيد.
 
وقال الإدريسي: ما أعلم نشأ بأستراباذ مثله في حفظه وعلمه. وقال الخطيب: كان أحد الأئمة ومن الحفاظ لشرائع الدين مع صدق وتيقظ وورع. وقال حمزة السهمي: كان مقدما في الفقه والحديث، وكانت الرحلة إليه، ولد سنة اثنتين وأربعين ومائتين. قال الخليلي: كان من الأئمة في هذا الشأن وله تصانيف، سمع بجرجان إسحاق بن إبراهيم الطلقي وعمار بن رجاء ومحمد بن عيسى الدامغاني، حدثنا عنه جماعة، وله تصانيف في الفقه، وكتاب الضعفاء في عشرة أجزاء، وكان أستاذ عبد الله بن عدي الجرجاني.
 
أخبرنا ابن عساكر أنبأنا المؤيد الطوسي أنا أحمد بن سهل أنا يعقوب بن أحمد نا أبو محمد المخلدي نا أبو نعيم بن عدي نا عمر بن شبة نا عبد الوهاب الثقفي نا أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة. توفي أبو نعيم في آخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
 
804- 33/11
 
===الجويني===
 
الحافظ أبو عمران موسى بن العباس صاحب المسند الصحيح على هيئة صحيح مسلم.
 
سمع عبد الله بن هاشم وأحمد بن الأزهر ومحمد بن يحيى وأحمد بن يوسف السلمي ويونس بن عبد الأعلى وأحمد بن منصور الرمادي وطبقتهم. روى عنه الحسن بن سفيان مع تقدمه وأبو علي الحافظ وأبو سهل الصعلوكي وأبو أحمد الحاكم وأبو محمد المخلدي وخلق سواهم، وكان من نبلاء المحدثين، قال أبو عبد الله الحاكم: هو حسن الحديث بمرة، صنف على كتاب مسلم وصحب أبا زكريا الأعرج بمصر والشام، وسمعت الحسن بن أحمد يقول: كان أبو عمران الجويني في دارنا وكان يقوم الليل ويصلي ويبكي طويلا.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا عبد المعز بن محمد أنا زاهر أنا أحمد بن منصور أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن أنا موسى بن العباس نا عبد الله بن هاشم نا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت لما مرض رسول الله {{صلل}} مرض موته قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس". توفي أبو عمران بجوين في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' الفقيه علي بن محمد بن هارون الحميري الكوفي صاحب أبي كريب، وأخو المحاملي أبو عبيد القاسم بن إسماعيل الضبي، والثقة إسماعيل بن العباس الوراق البغدادي. والعلامة إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكي نفطويه، ومحدث مرو أبو بشر أحمد بن محمد بن عمرو الكندي المصعبي المروزي الحافظ لكنه متهم.
 
805- 34/11
 
===ابن زياد===
 
الحافظ المجود العلامة أبو بكر عبد الله بن زياد بن واصل النيسابوري الفقيه الشافعي صاحب التصانيف.
 
سمع عبد الله بن هاشم الطوسي ومحمد بن يحيى وأحمد بن يوسف ويونس الصدفي والربيع وأبا إبراهيم المزني والزعفراني وعلي بن حرب وأبا زرعة والطبقة، وعنه ابن عقدة وأبو علي النيسابوري وحمزة الكناني وأبو إسحاق بن حمزة والدارقطني وابن المظفر وأبو عمر بن حيويه وأبو حفص الكتاني والمخلص وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيد وخلق كثير.
 
قال الحاكم: كان إمام عصره من الشافعية بالعراق ومن أحفظ الناس للفقهيات واختلاف الصحابة. وقال الدارقطني: ما رأيت أحفظ من ابن زياد، كان يعرف زيادات الألفاظ في المتون، ولما قعد للتحديث قالوا: حدث، قال: بل سلوا أنتم، فسئل عن أحاديث فأجاب فيها وأملاها، وكان قد حدثنا عن يوسف بن سعيد بن مسلم عن حجاج عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي، {{صلل}}: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها"؛ <ref> رواه البخاري في النكاح باب 27. ومسلم في النكاح حديث 37-39. وأبو داود في النكاح باب 12. والترمذي في النكاح باب 30.</ref> ثم إنه قال: وصوابه عن أبي الزبير عن طاوس مرسلا. قال يوسف القواس سمعت أبا زكريا النيسابوري يقول: تعرف من قام أربعين سنة لم ينم الليل، ويتقوت كل يوم بخمس حبات، يصلى صلاة الغداة على طهارة العشاء الآخرة؟ ثم قال: أنا هو، وهذا كله قبل أن أعرف أم عبد الرحمن، أيش أقول لمن زوجني؟ ثم قال: ما أراد إلا الخير.
 
وقال الدارقطني: كنا في مجلس فيه أبو طالب الحافظ والجعابي وغيرهما فجاء فقيه فسأل: من روى عن النبي، {{صلل}} "وجعل تربتها طهورًا"؟ فلم يجيبوه، ثم ذكروا وقاموا فسألوا أبا بكر بن زياد، فقال: نعم؛ حدثنا فلان - وسرد الحديث. والحديث في مسلم. مولد ابن زياد في سنة ثمان وثلاثين ومائتين. وقال ابن قانع: مات في رابع ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاثمائة {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا أبو المعالي الهمذاني أنا الفتح بن عبد السلام أنا هبة الله بن الحسين أنا أحمد بن محمد البزاز نا عيسى بن علي نا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد نا محمد بن يحيى ومحمد بن أشكاب قالا: ثنا وهب بن جرير نا شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: قال عمر {{عنه}}: علي أقضانا، وأُبي أقرأنا.
 
قلت: مات معه في السنة مقرئ العراق أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد العطشى، وإمام الفقهاء الداودية أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن محمد بن المغلس البغدادي الظاهري صاحب التصانيف، ومحدث حمص وقاضيها أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد الكندي، والعلامة الأصولي أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري البصري صاحب التصانيف، ومحدث واسط أبو الحسن علي بن عبد الله بن مبشر، وشيخ الحنفية أبو القاسم علي بن محمد بن كاس النخعي الكوفي وقاضي دمشق، وقاضي الأندلس العلامة أبو عمر أحمد بن بقي بن مخلد، وواعظ المشرق أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن الحسين النيسابوري ابتهر ابن خزيمة بمجلسه وقال: ما رأى أبو القاسم مثل نفسه.
 
806- 35/11
 
===ابن الشرقي===
 
الإمام الحافظ الحجة أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن النيسابوري تلميذ مسلم.
 
سمع محمد بن يحيى وأحمد بن الأزهر وأحمد بن حفص بن عبد الله السلمي وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم وطبقتهم ببلده، ثم ارتحل وأخذ بالري عن أبي حاتم، وبمكة عن عبد الله بن أبي مسرة، وببغداد عن أبي بكر الصاغاني وعبد الله بن محمد بن شاكر، وبالكوفة عن أبي حازم أحمد بن أبي غرزة، وطبقتهم، وصنف الصحيح، وكان فريد عصره حفظًا وإتقانًا ومعرفة، حج مرات. وقد نظر إليه إمام الأئمة ابن خزيمة مرة فقال: حياة أبي حامد تحجز بين الناس وبين الكذب على رسول الله، {{صلل}}. قال الخليلي: سمعت أحمد بن أبي مسلم الفارسي الحافظ سمعت ابن عدي يقول: لم أر أحفظ ولا أحسن سردا من أبي حامد بن الشرقي. كتبت جمعه لحديث أيوب السختياني فكنت أقرأ عليه من كتابي فيقرأ معي حفظًا من أوله إلى آخره. قال السلمي: سألت الدارقطني عن أبي حامد بن الشرقي فقال: ثقة مأمون؛ قلت: لِمَ تكلم فيه ابن عقدة؟ قال سبحان الله، ترى يؤثر فيه مثل كلامه؟ ولو كان بدل ابن عقدة يحيى بن معين؛ قلت: وأبو علي؛ قال: ومن أبو علي حتى يسمع كلامه فيه. قال الخطيب: أبو حامد ثبت حافظ متقن. وقال حمزة السهمي: سألت أبا بكر بن عبدان عن ابن عقدة إذا نقل شيئا في الجرح والتعديل هل يقبل قوله؟ قال: لا يقبل.
 
حدث عنه أبو العباس بن عقدة وأبو أحمد العسال وأبو أحمد بن عدي وأبو علي الحافظ وزاهر بن أحمد وأبو محمد المخلدي وأبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي وآخرون آخرهم أبو الحسن العلوي.
 
مولده في سنة أربعين ومائتين، ومات في شهر رمضان سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وتقدم في الصلاة عليه أخوه أبو محمد عبد الله بن الشرقي.
 
ومات في هذه السنة المسند أبو بكر أحمد بن عبد الله النحاس البغدادي وكيل أبي صخرة، ومسند بغداد أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي راوي الموطأ عن أبي مصعب، ومحدث نيسابور أبو حاتم مكي بن عبدان التميمي، والمقرئ أبو مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني ببغداد.
 
أخبرنا أبو الفضل بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا أبو يعلى إسحاق بن عبد الرحمن أنا أبو بكر الجوزقي أنا أبو العباس الدغولي وأبو حامد بن الشرقي ومكي بن عبدان قالوا: نا عبد الرحمن بن بشر "ح" وأنا أحمد بن هبة الله عن القاسم بن أبي سعد أنا عبد الخالق بن زاهر أنا أبو عمرو المحمي إملاء أنا عبد الرحمن بن إبراهيم أنا أحمد بن محمد بن يحيى الزاهد ثنا عبد الرحمن بن بشر نا بهز نا شعبة حدثني محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب وأبوه أنهما سمعا موسى بن طلحة يخبر عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة؛ فقال القوم: ما له؟ ما له؟ فقال النبي، {{صلل}}: "أرب ما له؛ تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة، وتصل الرحم؛ ذرها". كأنه كان على راحلته. لفظ ابن الشرقي أخرجه "خ م" عن عبد الرحمن.
 
807- 36/11
 
===الدغولي===
 
الحافظ الإمام الفقيه أبو العباس محمد بن عبد الرحمن بن محمد السرخسي الدغولي.
 
سمع عبد الرحمن بن بشر بن الحكم ومحمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي وخلقا كثيرا من طبقتهم وممن بعدهم بخراسان والعراق، روى عنه أبو علي الحافظ وأبو بكر الجوزقي وطائفة، وكان من أئمة هذا الشأن قال له أبو الوليد حسين بن محمد: لم لا تقنت في الصبح؟ قال: لراحة الجسد ومداراة الأهل والولد وسنة أهل البلد. قلت: هذا جواب بالفقيري ولكن كان حقه أن يجيب جواب محدث.
 
وعن أبي أحمد بن عدي قال: ما رأيت مثل أبي العباس الدغولي وقال أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الحافظ خرجنا مع ابن خزيمة إلى سمرقند لتهنئة الأمير الشهيد ولتعزيته عن الأمير الماضي أبي إبراهيم فلما انصرفنا قلت لابن خزيمة: ما رأينا في سفرنا مثل أبي العباس الدغولي؛ فقال ابن خزيمة: ما رأيت أنا مثل أبي العباس. وروى محمد بن العباس أن الدغولي قال: أربع مجلدات لا تفارقني سفرًا ولا حضرًا، كتاب المزني، وكتاب العين، والتاريخ للبخاري، وكليلة ودمنة. قلت مات الدغولي كابن الشرقي في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
 
أخبرتنا زينب بنت كندي ببعلبك أنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن النيسابورية أنا عبد المنعم بن أبي القاسم أنا محمد بن علي الخشاب أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحافظ أنا أبو العباس الدغولي ومكي بن عبدان وعبد الله بن الشرقي قالوا: أنا عبد الله بن هاشم نا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم". متفق عليه.
 
808- 37/11
 
===المحاملي===
 
القاضي الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد ومحدثها أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي البغدادي.
 
ولد في أول سنة خمس وثلاثين ومائتين، وأول سماعه في سنة أربع وأربعين، سمع أبا حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي صاحب مالك، وعمرو بن علي الفلاس وزياد بن أيوب وأحمد بن المقدام العجلي ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ومحمد بن المثنى العنزي وأبا هشام الرفاعي وعبد الرحمن بن يونس السراج والزبير بن بكار وطبقتهم ومن بعدهم فأكثر وصنف وجمع؛ روى عنه دعلج والدارقطني وابن جميع وإبراهيم خرشيد قولة <ref> قولة لقب لابن خرشيد كما في القاموس.</ref> التاجر وابن الصلت الأهوازي وأبو عمر بن مهدي وأبو محمد بن البيع وآخرون.
 
قال الخطيب كان فاضلا دينا صادقا شهد عند القضاة وله عشرون سنة، وولي قضاء الكوفة ستين سنة. وقال ابن جميع الغساني: عند المحاملي سبعون نفسا من أصحاب سفيان بن عيينة. وقال أبو بكر الداودي: كان يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل، واستعفى من القضاء قبل سنة عشرين وثلاثمائة، وكان محمودًا في ولايته، عقد بالكوفة سنة سبعين ومائتين في داره مجلسا للفقه فلم يزل أهل العلم والنظر يختلفون إليه.
 
قال محمد بن الحسين: رأيت في النوم كأن قائلا يقول: إن الله ليدفع عن أهل بغداد البلاء بالمحاملي. قال حمزة بن محمد بن طاهر: سمعت أبا حفص بن شاهين يقول: حضر معنا ابن المظفر مجلس المحاملي فقال لي: يا أبا حفص ما عدمنا من أبي محمد بن صاعد إلا غيبته. يريد أن المحاملي نظير بن صاعد في العلو والثقة. أملى المحاملي مجلسًا كعادته في ثاني عشر ربيع الآخر من سنة ثلاثين وثلاثمائة ثم مرض ومات بعد أحد عشر يومًا، وآخر من روى حديثه عاليا أبو القاسم سبط السلفي.
 
أخبرنا أحمد بن إسحاق الزاهد أنا محمد بن الليث بن شجاع وزيد بن هبة الله ببغداد قالا: أنا أحمد بن عبد الباقي القطان سنة "554" أنا عاصم بن الحسن نا عبد الواحد بن محمد الفارسي نا أبو عبد الله المحاملي نا أحمد بن إسماعيل نا مالك عن ربيعة عن حنظلة بن قيس الزرقي أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال: أما الذهب والورق فلا بأس به.
 
ومات في سنة ثلاثين مسند خراسان أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال النيسابوري، وكبير الصوفية أبو يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري العارف، وإمام الشافعية أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي البغدادي، وقاضي دمشق أبو يحيى زكريا بن أحمد بن المحدث يحيى بن موسى خت البلخي، وأبو هاشم عبد الغافر بن سلامة الحمصي المحدث وهو في عشر المائة، والمحدث عبد الله بن يونس الفيري القرطبي صاحب بقي بن مخلد ومسند أصبهان أبو جعفر محمد بن عمر بن حفص الجورجيري وقدوة العباد أبو صالح الذي ينسب إليه المسجد بشرقي دمشق.
 
809- 38/11
===محمد بن نوح===
 
الحافظ أبو الحسن الجنديسابوري.
 
حدث عن هارون بن إسحاق والحسن بن عرفة وعلي بن حرب وشعيب الصريفيني وطبقتهم، وعنه محمد بن سليمان الربعي وأبو بكر بن شاذان والدارقطني وعيسى بن الوزير وأبو حفص بن شاهين وعدة؛ قال ابن يونس: كان ثقة حافظًا، قدم مصر وكتبنا عنه في سنة أربع وثلاثمائة. وقال الدارقطني: كان ثقة مأمونًا، ما رأيت أصح من كتبه، وكان أسوأ خلقًا من أن يكون غير ثقة. وقال ابن قانع: مات في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
 
أخبرنا أحمد بن إسحاق أنا الفتح بن عبد الله أنا هبة الله بن الحسين أنا أبو الحسين بن النقور نا عيسى بن علي إملاء أنا محمد بن نوح الجنديسابوري فيما قرئ عليه قيل له: حدثكم جعفر بن أحمد العوسجي نا أبو بلال الأشعري نا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزى عن عائشة قالت: أقبل علي يوما فقال رسول الله، {{صلل}}: "هذا سيد المسلمين". فقلت: ألست سيد المسلمين يا رسول الله، قال: "أنا خاتم النبيين رسول رب العالمين". هذا حديث منكر ولعل البلاء من العوسجي.
 
810- 39/11
 
===برداغس===
 
الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن بركة بن الحكم بن إبراهيم اليحصبي القنسريني ثم الحلبي الملقب ببرداغس. حدث عن أحمد بن شيبان الرملي ومحمد بن عوف الطائي ويوسف بن مسلم وهلال بن العلاء وطبقتهم. روى عنه شيخه عثمان بن خرزاذ الحافظ وأبو بكر الربعي وأبو سليمان بن زبر وابن عدي والميانجي وأبو بكر بن المقرئ وعلي بن محمد بن إسحاق الحلبي وأبو بكر بن أبي الحديد وعدد كثير وكان من علماء هذا الشأن قال ابن ماكولا: كان حافظًا. وقال أبو أحمد الحافظ: رأيته حسن الحفظ. وقد روى السهمي عن الدارقطني أنه ضعيف. توفي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. أخبرنا جماعة في كتابهم أن المؤيد ابن الإخوة أنبأهم قال: أنا سعيد بن أبي الرجاء أنا طاهر بن محمود ومنصور بن الحسين قالا: أنا محمد بن إبراهيم بن المقرئ نا محمد بن بركة أبو بكر الحلبي الحافظ نا أحمد بن هاشم الأنطاكي نا عمرو بن عثمان نا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لا نكاح إلا بولي". <ref> رواه البخاري في النكاح باب 36. وأبو داود في النكاح باب 19، والترمذي في النكاح باب 14. وابن ماجه في النكاح باب 15.</ref>
 
811- 40/11
 
===محمد بن مخلد بن حفص===
 
الإمام المفيد الثقة مسند بغداد أبو عبد الله الدوري العطار الخضيب.
 
سمع أبا حذافة السهمي والحسن بن عرفة ويعقوب الدورقي ومسلم بن الحجاج ومحمد بن عثمان بن كرامة وأحمد بن عثمان الأودي وسلم بن جنادة والحسن بن أبي الربيع وعبدوس بن بشر ومحمد بن أشكاب وأحمد بن محمد بن يحيى القطان ومحمد بن الوليد البسري والزعفراني وطبقتهم، كتب ما لا يوصف كثرة وعني بهذا الشأن وصنف وخرج. روى عنه ابن الجعابي والدارقطني وابن الجندي وابن الصلت الأهوازي وأبو عمر بن مهدي وآخرون؛ وكان معروفا بالثقة والصلاح والاجتهاد في الطلب؛ عاش ثمانيا وتسعين سنة، سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة مأمون. قلت: مات في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' بالكوفة هناد بن السري الصغير يروي عن أبي سعيد الأشج وغيره، ومات ببغداد المسند الواعظ يعقوب بن عبد الرحمن الجصاص صاحب الجزأين المرويين، وراوي المسند الكبير أبو بكر بن أحمد بن يعقوب بن شيبة السدوسي البغدادي تفرد عن جده، ومسند البصرة أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني، وآخر من روى حديث بن مخلد عاليا أبو العباس الحجار المعمر.
 
أخبرنا عمر بن غدير أنا عبد الصمد بن محمد أنا علي بن مسلم أنا الحسين بن طلاب أنا محمد بن أحمد بصيداء أنا محمد بن مخلد ببغداد نا عيسى بن أبي حرب نا يحيى بن أبي بكير نا سفيان عن فطر عن أبي الطفيل عن أبي ذر {{عنه}} قال: لقد تركنا رسول الله {{صلل}} وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا وهو يذكرنا منه علمًا.
 
812- 41/11
 
===ابن أبي حاتم===
 
الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام أبو محمد عبد الرحمن ابن الحافظ الكبير أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي.
 
وقيل: إن الحنظلي نسبة إلى درب حنظلة بالري؛ ولد سنة أربعين وارتحل به أبوه فأدرك الأسانيد العالية، سمع أبا سعيد الأشج وعلي بن المنذر الطريقي والحسن بن عرفة وأحمد بن سنان القطان ويونس بن عبد الأعلى ومحمد بن إسماعيل الأحمسي وحجاج بن الشاعر ومحمد بن حسان الأزرق ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه وابن وارة وأبا زرعة وخلائق بالأقاليم، لكنه لم يرحل إلى خراسان؛ روى عنه حسينك التميمي ويوسف الميانجي وأبو الشيخ بن حيان وعلي بن مدرك وأبو أحمد الحاكم وأحمد بن محمد البصير وعبد الله بن محمد بن أسد وحمد بن عبد الله الأصبهاني وإبراهيم وأحمد ابنا محمد بن يزداذ وإبراهيم بن محمد النصراباذي وعلي بن محمد القصار وآخرون.
 
قال أبو يعلى الخليلي: أخذ علم أبيه وأبي زرعة، وكان بحرًا في العلوم ومعرفة الرجال، صنف في الفقه واختلاف الصحابة والتابعين، وكان زاهدا يعد من الأبدال. قلت: كتابه في الجرح والتعديل يقضي له بالرتبة المنيفة في الحفظ، وكتابه في التفسير عدة مجلدات، وله مصنف كبير في الرد على الجهمية يدل على إمامته. قال علي بن أحمد الفرضي: ما رأيت أحدا ممن عرف عبد الرحمن ذكر عنه جهالة قط، ويروى أن أباه كان يتعجب من تعبد عبد الرحمن، ويقول: من يقوى على عبادة عبد الرحمن؟ لا أعرف له ذنبًا. قال ابن أبي حاتم: لم يدعني أبي أطلب الحديث حتى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان. قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الرازي الخطيب في ترجمة عملها لعبد الرحمن: كان {{رحمه}} قد كساه الله بهاء ونورا يسر به من نظر إليه، سمعته يقول: رحل بي أبي سنة خمس وخمسين وما احتلمت بعد، فلما بلغنا ذا الحليفة احتلمت فسر أبي حيث أدركت حجة الإسلام. قال: وسمعت في هذه السنة من محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ. وسمعت علي بن أحمد الخوارزمي يحكي عن ابن أبي حاتم قال: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، نهارنا ندور على الشيوخ وبالليل ننسخ ونقابل، فأتينا يومًا أنا ورفيق لي شيخا فقالوا: هو عليل؛ فرأيت سمكا أعجبنا فاشتريناه فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ فمضينا فلم يزل السمك ثلاثة أيام وكاد أن ينضى فأكلناه نيا لم نتفرغ نشويه؛ ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.
 
ثم قال أبو الحسن: رحل مع أبيه وحج مع محمد بن حماد الطهراني سنة ستين ومائتين ثم رحل بنفسه إلى الشام ومصر سنة اثنتين وستين، ثم رحل إلى أصبهان سنة أربع وستين، قال لي أبو عبد الله القزويني: إذا صليت مع ابن حاتم فسلم نفسك إليه يعمل بها ما شاء. قال أبو الوليد الباجي: ابن أبي حاتم ثقة حافظ.
 
عمر بن إبراهيم الهروي الزاهد نا الحسين بن أحمد الصفار سمعت ابن أبي حاتم يقول: وقع عندنا الغلاء فأنفذ بعض أصدقائي حبوبا من أصبهان فبعته بعشرين ألف أو قال: اشتر لي بها دارًا؛ فانفقتها على الفقراء، وكتبت إليه: اشتريت لك بها قصرًا في الجنة؛ فقال: رضيت إن ضمنت؛ فكتبت على نفسي صكًّا بالضمان، فأريت في المنام: قد قبلنا ضمانك ولا تعد لمثل هذا.
 
قلت الحسين ضعيف. قال محمد بن مهرويه سمعت ابن الجنيد سمعت يحيى بن معين يقول: إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من مائتي سنة. قال محمد: فدخلت على ابن أبي حاتم وهو يحدث بكتاب الجرح والتعديل فحدثته بهذا؛ فبكى وارتعدت يداه وسقط الكتاب وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية.
 
قلت: مات في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' شيخ القراء أبو بكر أحمد بن محمد الأدمي، وأبو الدنيا الأشج عثمان بن خطاب المغربي الكذاب الذي زعم أنه سمع من علي {{عنه}} والمحدث الثقة أبو بكر محمد بن جعفر السامري الخرائطي مصنف المكارم وغير ذلك، وأبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي، وقاضي مصر أبو عبد الله الحسين بن القاضي أبي زرعة محمد بن عثمان الدمشقي.
 
أخبرنا يوسف بن أبي نصر والحسن بن علي قالا: أنا محمد بن عبد الكريم القيسي أنا أبو المعالي بن صابر أنا أبو القاسم النسيب أنا سليم بن أيوب أنا أحمد بن محمد البصير نا عبد الرحمن بن أبي حاتم نا أبو سعيد الأشج نا عيسى بن يونس وأبو أسامة عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله {{صلل}} في قوله تعالى {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}: "يقومون في الرشح إلى أنصاف آذانهم".
 
أنبأنا جماعة قالوا أنا ابن طبرزذ أنا ابن الحصين أنا ابن غيلان أنا أبو إسحاق المزكي أنا عبد الرحمن بن محمد الحنظلي نا هارون بن حميد الواسطي نا الفضل بن عنبسة نا شعبة عن الحكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال النبي، {{صلل}}: "الجار أحق بسقب داره أو أرضه". غريب جدًّا، رواه النسائي عن خياط السنة عن هارون فوقع بدلا عاليًا.
 
813- 42/11
 
===أبو طالب===
 
الحافظ الإمام الثبت أحمد بن نصر بن طالب البغدادي.
 
سمع عباس بن محمد الدوري ويحيى بن عثمان بن صالح المصري وإسحاق بن إبراهيم الدبري وهذه الطبقة، وكتب العالي والنازل حدث عنه أبو عمر بن حيويه وابن المظفر والدارقطني وآخرون: وكان الدارقطني يقول: أبو طالب الحافظ أستاذي. وقال الخطيب: كان ثقة ثبتا حدث عنه عبد الله بن زيدان البجلي وهو أكبر منه. قلت: آخر من حدث عنه أبو طاهر المخلص، وكان موته في شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا ابن أبي عمر إجازة أنا ابن طبرزذ أنا أبو غالب بن البناء نا أبو محمد الجوهري أنا محمد بن المظفر أنا أحمد بن نصر بن حماد نا أبي نا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: كان رسول الله {{صلل}} يطوف على نسائه -قال شعبة أراه يعني في ليلة- في غسل واحد.
 
814- 43/11
 
===العقيلي===
 
الحافظ الإمام أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي صاحب كتاب الضعفاء الكبير.
 
سمع جده لأمه يزيد بن محمد العقيلي ومحمد بن إسماعيل الصائغ وأبا يحيى بن أبي مسرة ومحمد بن أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي ويحيى بن أيوب العلاف ومحمد بن إسماعيل الترمذي وإسحاق بن إبراهيم الدبري وعلي بن عبد العزيز البغوي ومحمد بن خزيمة ومحمد بن موسى البلخي صاحب عبيد الله بن موسى وخلقًا كثيرًا، وكان مقيما بالحرمين؛ حدث عنه أبو الحسن محمد بن نافع الخزاعي ويوسف بن الدخيل المصري وأبو بكر بن المقرئ وآخرون؛ قال مسلمة بن القاسم: كان العقيلي جليل القدر عظيم الخطر ما رأيت مثله وكان كثير التصانيف فكان من أتاه من المحدثين قال: اقرأ من كتابك؛ ولا يخرج أصله فتكلمنا في ذلك، وقلنا: إما أن يكون من أحفظ الناس وإما أن يكون من أكذب الناس؛ فاجتمعنا عليه فلما أتيت بالزيادة والنقص فطن لذلك فأخذ مني الكتاب وأخذ القلم فأصلحها من حفظه فانصرفنا من عنده وقد طابت أنفسنا وعلمنا أنه من أحفظ الناس. وقال الحافظ أبو الحسن بن سهل القطان: أبو جعفر ثقة جليل القدر عالم بالحديث مقدم في الحفظ. توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا الفخر علي وجماعة إجازة عن أسعد بن روح وعائشة بنت معمر قالا: أنا سعيد بن أبي الرجاء أنا أبو طاهر الثقفي ومنصور بن حسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ أنا محمد بن عمرو العقيلي الحافظ أنا محمد بن موسى البلخي نا شداد بن دقيم نا نوح بن أبي مريم عن عمرو بن دينار عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال النبي، {{صلل}}: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".
 
815- 44/11
 
===أبو الفضل===
 
الحافظ الإمام محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن عمار الجارودي الهروي الشهيد أحد علماء الحديث.
 
رأيت له جزءا فيه بضعة وثلاثون حديثًا تتبعها من صحيح مسلم وبين عللها، سمع أحمد بن نجدة والحسين بن إدريس ومعاذ بن المثنى وأحمد بن إبراهيم بن ملحان وأبا العباس السراج، حدث عنه أبو علي الحافظ وأبو الحسين الحجاجي وعبد الله بن سعد النيسابوريون، ومحمد بن أحمد بن حماد الكوفي، ومحمد بن المظفر البغدادي وآخرون، وأخذ عنه اليسير؛ لأنه مات شابًّا، قال الحاكم: سمعت بكير بن أحمد الحداد بمكة يقول: كأني أنظر إلى الحافظ أبي الفضل محمد بن الحسين وقد أخذته السيوف وهو متعلق بيديه جميعا بحلقتي الباب حتى سقط رأسه على عتبة الكعبة سنة ثلاث وعشرين. كذا أرخ، وإنما كان ذلك في سنة سبع عشرة وثلاثمائة، أرخه جماعة، قتلته القرامطة لعنهم الله وأخاه أحمد وقتلوا حول الحرم ألوفا من الحجيج واقتلعوا الحجر وأخذوه معهم. وفي سنة سبع عشرة مات بنيسابور أبو عمرو أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص بن مسلم الحيري المعدل. وببغداد حرمي بن أبي العلاء المكي، والقاضي أبو القاسم بدر بن الهيثم اللخمي عن مائة سنة وست عشرة سنة، وبأصبهان أبو علي الحسن بن محمد الداركي، ومحدثا مصر علي بن أحمد بن سليمان بن الصيقل المعروف بعلان، ومحمد بن زبان بن حبيب الحضرمي.
 
أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم الفقيه أنا محمد بن أبي الفتح بن عصية وزكريا الثعلبي وعبد الرحمن أصيلا "؟" قالوا: أنا أبو الوقت السجزي أنا عبد الله بن أحمد بن الحسين بن إسحاق المروروذي أنا محمد بن عمر بن حفصويه نا أبو الفضل الشهيد نا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي نا علي بن عثمان اللاحقي نا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة سمعت أبا القاسم {{صلل}} يقول: "ذروني ما تركتكم" الحديث.
 
816- 45/11
 
===ابن عبيد===
 
الحافظ الإمام أبو الحسين علي بن محمد بن عبيد بن عبد الله بن حسان البغدادي البزاز.
 
سمع عباسا الدوري ومحمد بن الحسين الحنيني وأحمد بن أبي غرزة الغفاري ويحيى بن أبي طالب وطبقتهم، روى عنه الدارقطني وابن جميع الغساني وأبو الحسين بن المتيم وآخرون، قال الخطيب: كان ثقة حافظًا عارفًا، مات في شوال سنة ثلاثين وثلاثمائة وله ثمان وسبعون سنة.
 
أخبرنا عمر بن عبد المنعم الطائي أنا أبو القاسم بن الحرستاني سنة تسع وستمائة وأنا في الرابعة حاضر أنا علي بن المسلم أنا الحسين بن محمد الخطيب أنا أبو الحسين محمد بن أحمد الغساني نا علي بن محمد ببغداد نا العباس بن محمد نا أزهر السمان عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر أن النبي {{صلل}} قال: "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا"؛ قالوا: وفي نجدنا؛ قال: "هناك الزلازل والفتن وبها -أو قال منها- يطلع قرن الشيطان". هذا حديث صحيح غريب.
 
817- 46/11
 
===محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج===
 
الحافظ الإمام أبو عبد الله القرطبي مسند الأندلس.
 
ارتحل مع قاسم بن أصبغ سنة أربع وسبعين ومائتين، وكان مولده في سنة اثنتين وخمسين ومائتين؛ سمع محمد بن وضاح وأحمد بن أبي خيثمة وإسماعيل القاضي ومحمد بن الجهم السمري ومحمد بن إسماعيل الصائغ وجعفر بن محمد بن شاكر
 
وعلي بن عبد العزيز البغوي ويحيى بن هلال وخلائق. روى عنه عباس بن أصبغ الحجاري وابنه أحمد بن محمد بن عبد الملك وأهل الأندلس، اشتهر اسمه وولي الصلاة بجامع قرطبة وكان بصيرًا بالفقه علامة مفتيا عارفا بالحديث حافظًا له، صنف كتابا في السنن مخرجا على سنن أبي داود، توفي في منتصف شوال سنة ثلاثين وثلاثمائة {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا ابن هارون كتابة عن أبي القاسم بن بقي عن شريح بن محمد عن أبي محمد بن حزم نا حمام بن أحمد أنا عباس بن أصبغ نا ابن أيمن نا أحمد بن زهير نا يحيى بن معين نا حجاج بن محمد نا شريك عن الأعمش عن فضيل بن عمرو وأراه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تمتع رسول الله {{صلل}} فقال عروة: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة؛ فقال ابن عباس: ما تقول عرية؟ قال: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة؛ فقال أراهم سيهلكون، أقول: قال رسول الله {{صلل}} ويقولون أبو بكر وعمر. قال ابن حزم: إنها لعظيمة ما رضي بها قط أبو بكر وعمر {{عنهما}}.
 
818- 47/11
 
===محمد بن يوسف بن بشر===
 
الحافظ الثقة الرحال '''أبو عبد الله الهروي''' الشافعي الفقيه.
 
سمع الربيع بن سليمان المرادي والعباس بن الوليد البيروتي ومحمد بن حماد الطهراني والحسن بن مكرم ومحمد بن عوف الحمصي وطبقتهم بمصر والشام والعراق روى عنه الطبراني والزبير بن عبد الواحد الأسداباذي والقاضي أبو بكر الأبهري وعبد الواحد بن أبي هاشم المقرئ وآخرون خاتمتهم أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد، وثقه أبو بكر الخطيب وغيره، وإنما طلب هذا الشأن وقد تكهل، مات في شهر رمضان سنة ثلاثين وثلاثمائة وقد كمل المائة وتجاوزها بأشهر، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا عبد المعز الهروي وزينب الشعرية قالا: أنا زاهر بن طاهر أنا أبو سعيد الكنجرودي أنا أبو أحمد الحاكم أنا محمد بن يوسف بن بشر الهروي بدمشق أنا محمد بن حماد الطهراني أنا عبد الرزاق عن معمر عن أبي هارون العبدي وعن معاوية بن قرة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد قال ذكر رسول الله {{صلل}} بلاء يصيب هذه الأمة حتى لا يجد أحد ملجأ: "فيبعث الله من عترتي رجلا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورًا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطرها شيئا إلا صبته مدرارا ولا تدع الأرض من نباتها شيئًا إلا أخرجته حتى يتمنى الأحياء الأموات يعيش في ذلك سبع سنين -أو تسع سنين". قلت: الواو في "وعن معاوية" ملحقة في نسختي فيحرر، وأبو هارون تألف.
 
819- 48/11
 
===مموس===
 
حافظ همذان أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يعقوب الهمذاني البزاز لقبه مموس.
 
صاحب رحلة ولقاء، سمع من يحيى بن أبي طالب وأبي قلابة ويحيى بن عبدك وابن ديزيل وابن أبي الدنيا وهلال بن العلاء وأبي زرعة النصري وإسحاق الدبري وابن الزنباع المصري وخلق كثير. وعنه صالح بن أحمد ومحمد بن علي الكرجي القصاب وآخرون، وثقه صالح وغيره، وقال ابن حبان: عنده نحو مائتي حديث تستفاد. مات سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
 
820- 49/11
 
===ابن عقدة===
 
حافظ العصر والمحدث البحر أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم.
 
وكان أبوه نحويا صالحًا يلقب بعقدة، حدث أبو العباس عن أبي جعفر بن عبيد الله بن المنادي والحسن بن علي بن عفان ويحيى بن أبي طالب وعبد الله بن أبي مسرة المكي وأحمد بن عبد الحميد الحارثي والحسن بن مكرم وعبد الله بن أسامة الكلبي وأمم لا يحصون.
 
وكتب العالي والنازل والحق والباطل حتى كتب عن أصحابه وكان إليه المنتهى في قوة الحفظ وكثرة الحديث، وصنف وجمع وألف في الأبواب والتراجم ورحلته قليلة، ولهذا كان يأخذ عن الذين يرحلون إليه، ولو صان نفسه وجود لضربت إليه أكباد الإبل ولضرب بإمامته المثل لكنه جمع فأوعى وخلط الغث بالسمين والخرز بالدر الثمين ومقت لتشيعه.
 
حدث عنه الجعابي والطبراني وابن عدي والدارقطني وأبو حفص الكتاني وابن جميع الغساني وإبراهيم بن خرشيد قولة وأبو عمر بن مهدي الفارسي وأبو الحسن بن الصلت وأبو الحسين بن متيم وخلق كثير. أخبرنا ابن علان ومؤمل البالسي إجازة أنا الكندي أنا الشيباني أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو الحسين أحمد بن محمد الواعظ نا ابن عقدة إملاء نا عبد الله بن الحسين بن الحسن الأشقر سمعت عثام بن علي سمعت سفيان يقول: لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلوب نبلاء الرجال.
 
قلت: ما يملي ابن عقدة مثل هذا إلا وهو غير غال في التشيع، ولكن الكوفة تغلي بالتشيع وتفور، والسني فيها طرفة؛ قال الوزير أبو الفضل بن حنزابة سمعت الدارقطني يقول: أجمع أهل الكوفة أنه لم ير بالكوفة من زمن ابن مسعود إلى زمن ابن عقدة أحفظ منه. قال أبو أحمد الحاكم: قال لي ابن عقدة: دخل البرديجي الكوفة فزعم أنه أحفظ مني فقلت: لا تطول نتقدم إلى دكان وراق ونزن بالقبان من الكتب ما شئت ثم تلقي علينا فنذكره؛ قال: فبقي.
 
قال الحاكم ابن البيع سمعت أبا علي الحافظ يقول: ما رأيت أحفظ لحديث الكوفيين من أبي العباس بن عقدة. وعن ابن عقدة قال: أنا أجيب في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم، حدث بهذا عنه الدارقطني. وعن ابن عقدة قال: أحفظ مائة ألف حديث بأسانيدها. قال عبد الغني سمعت الدارقطني يقول: كان ابن عقدة يعلم ما عند الناس ولا يعلم الناس ما عنده. وقال أبو سعد الماليني: أراد بن عقدة أن ينتقل فكانت كتبه ستمائة حملة. قال ابن عدي: كان ابن عقدة صاحب معرفة وحفظ متقدما في هذه الصناعة إلا أني رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه، ورأيت فيه مجازفات حتى كان يقول: حدثتني فلانة قالت: هذا كتاب فلان قرأت فيه قال: أنا فلان. قال: وكان مقدمًا في الشيعة، ولولا اشتراطي أن أذكر كل من تكلم فيه لما ذكرته للفضل الذي فيه.
 
قال البرقاني قلت للدارقطني: أيش أكبر ما في نفسك من ابن عقدة؟ قال: الإكثار بالمناكير. وسأل السلمي أبا الحسن عنه فقال: حافظ محدث ولم يكن في الدين بقوي، لا أزيد فيه على هذا. وقال حمزة بن محمد طاهر سمعت الدارقطني يقول: هو رجل سوء. وقال أبو عمر بن حيويه: كان ابن عقدة يملي مثالب الصحابة فتركت حديثه. وقال عبدان الأهوازي: خرج ابن عقدة عن معاني أصحاب الحديث ولا يذكر معهم؛ يعي لما كان يظهر من الكثرة. قال ابن عدي سمعت أبا بكر بن أبي غالب يقول: ابن عقدة لا يتدين بالحديث؛ لأنه كان يحمل شيوخًا بالكوفة على الكذب، يسوي لهم نسخا ويأمرهم أن يحدثوا بها ثم يرويها عنهم. قلت: ما علمت ابن عقدة اتهم بوضع متن حديث، أما الأسانيد فلا أدري، وقد أفردت ترجمته في جزء. وقع لي حديثه بعلو.
 
أخبرنا عمر بن القواس أنا عبد الصمد بن محمد القاضي حضورًا أنا جمال الإسلام أبو الحسن أنا أبو نصر بن طلاب أنا محمد بن أحمد بصيداء أنا أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ نا يحيى بن زكريا بن سنان نا علي بن سيف
 
بن عميرة حدثني أبي حدثني العباس بن الحسن بن عبيد الله النخعي حدثني أبى عن ثعلبة أبى بحر عن أنس قال: استضحك النبي {{صلل}} فقال: "عجبت لأمر المؤمن إن الله لا يقضي له قضاء إلا كان خيرًا له". <ref> رواه أحمد في مسنده: "2/ 172" "6/ 15".</ref> غريب جدًّا. ولد ابن عقدة في سنة تسع وأربعين ومائتين ومات في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' بأصبهان أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر اللنباني راوي تصانيف ابن أبي الدنيا، ومسند مصر أبو بكر محمد بن بشر الزنبري العكري، ومسند نيسابور أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن القطان النيسابوري.
 
821- 50/11
 
===ابن الأنباري===
 
الحافظ العلامة شيخ الأدب أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار النحوي.
 
سمع أبا العباس الكديمي وإسماعيل القاضي وأحمد بن الهيثم البزاز وثعلبا وطبقتهم، صنف التصانيف الكثيرة، ويروي بأسانيده ويملي من حفظه، وكان من أفراد الدهر في سعة الحفظ مع الصدق والدين، قال الخطيب: كان صدوقًا دينًا من أهل السنة، صنف في القراءات والغريب والمشكل والوقف والابتداء، حدث عنه أبو عمر بن حيويه وأحمد بن نصر الشذائي وعبد الواحد بن أبي هاشم والدارقطني ومحمد ابن أخي ميمي وأحمد بن محمد بن الجراح وآخرون، قال أبو علي القالي: كان شيخنا أبو بكر يحفظ فيما قيل ثلاثمائة ألف بيت شاهدًا في القرآن. وقال أبو علي التنوخي: كان ابن الأنباري يملي من حفظه، وما أملى من دفتر قط. وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان ابن الأنباري زاهدًا متواضعًا.
 
حكى الدارقطني أنه حضره فصحف في اسم، قال: فأعظمت له أن يحمل عنه وهم وهبته فعرفت مستمليه فلما حضرت الجمعة الأخرى قال ابن الأنباري: إنا صحفنا الاسم الفلاني ونبهنا عليه ذلك الشاب على الصواب. قال محمد بن جعفر التميمي: ما رأيت أحدا أحفظ من ابن الأنباري ولا أغزر من علمه، وحدثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقًا. وقيل كان يأكل القلية ويقول: أبقى على حفظي. وقيل: كان ممن يحفظ عشرين ومائة تفسير بأسانيدها.
 
وقيل: إنه كان يتردد إلى أولاد الراضي بالله يعلمهم فسألته جارية عن تعبير رؤيا فقال: أنا حاقن. ومضى ثم عاد من الغد وقد صار عابرًا، درس كتاب الكرماني. وقيل: إنه أملى غريب الحديث في خمسة وأربعين ألف ورقة. وله كتاب الأضداد كبير جدًّا، وكتاب شرح الكافي في ألف ورقة، وكتاب الجاهليات في سبعمائة ورقة وكان رأسًا في نحو الكوفيين.
 
أخبرنا أبو الغنائم القيسي كتابة أنا أبو اليمن الكندي أنا عبد الله بن أحمد اليوسفي أنا محمد بن علي الهاشمي أنا أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم نا محمد بن القاسم الأنباري نا محمد بن يونس نا أبو عتاب الدلال نا المختار بن نافع أنا أبو حيان التيمي عن أبيه عن علي قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "رحم الله أبا بكر زوجني ابنته، ونقلني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالا؛ رحم الله عمر يقول الحق وإن كان مرًّا، تركه الحق وما له من صديق؛ رحم الله عثمان تستحيه الملائكة؛ رحم الله عليًّا اللهم أدر الحق معه حيث دار". مات ليلة عيد النحر ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وله سبع وخمسون سنة.
 
'''وفيها مات''' المحدث أبو عبد الله أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني ببغداد عن ثلاث وتسعين سنة، ومحدث دمشق أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي، ومصنف العقد أبو عمر أحمد بن عبد ربه القرطبي الأخباري عن اثنتين وثمانين سنة، وشيخ الشافعية أبو سعيد الحسن بن أحمد بن يزيد الإصطخري ببغداد في عشر التسعين، والمحدث أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد بن المطبقي البغدادي من شيوخ بن جميع، والمعمر أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي بنيسابور عن اثنتين وتسعين سنة، وشيخ القراء أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن شنبوذ، وشيخ نيسابور وعالمها القدوة أبو علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي عن نيف وثمانين سنة، والوزير أبو علي بن مقلة، وشيخ الصوفية أبو محمد المرتعش ببغداد رحمة الله عليهم.
 
822- 51/11
 
===محمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن محمد بن سيار===
 
الحافظ الإمام أبو عبد الله البياني الأموي مولاهم القرطبي.
 
سمع أباه وبقي بن مخلد ومحمد بن وضاح، وفي الرحلة من مطين، ومحمد بن عثمان ويوسف بن يعقوب القاضي وأبي عبد الرحمن النسائي وأبي خليفة وخلق، وكان من أئمة هذا الشأن بالأندلس حتى قال أبو محمد الباجي: لم أدرك بقرطبة من الشيوخ أكثر حديثًا منه. وكان عالمًا ثقة رأسًا في عقد الوثائق، حدث عنه ولده أحمد بن محمد وخالد بن سعيد وسليمان بن أيوب وآخرون. مات في آخر سنة سبع أو في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
 
823- 52/11
 
===الطحان===
 
الحافظ المفيد الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن جابر محدث الرملة.
 
سمع العباس بن الوليد البيروتي وإبراهيم بن عبد الله القصار وبكار بن قتيبة ومحمد بن عوف الطائي وسليمان بن سيف الحراني وطبقتهم، وعنه أبو سليمان بن زبر ومحمد بن المظفر وأبو بكر بن المقرئ وأبو الحسين بن جميع وعمر بن علي الأنطاكي وأبو بكر بن أبي الحديد وخلق سواهم، توفي في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' محدث أصبهان أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم المديني، ومحدث مصر أبو بكر أحمد بن مسعود بن عمرو الزنبري، والمحدث أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي صاحب أبي داود. قرأت على أبي حفص الطائي عن أبي القاسم القاضي حضورًا نا أبو الحسن السلمي أنا ابن طلاب أنا ابن جميع نا أحمد بن عمرو الحافظ إملاء نا محمد بن حماد الطهراني نا عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي {{صلل}} زار البيت يوم النحر وصلى الظهر بمنى.
 
824- 53/11
 
===الشهرزوري===
 
الحافظ الجوال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبيد بن جهينة.
 
سمع أبا زرعة الرازي والحسن بن محمد الزعفراني وعمرو بن عبد الله الأودي ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ ومحمد بن عوف الطائي والعباس البيروتي والربيع المرادي وطبقتهم، وكان من أئمة الأثر، حدث عنه أهل الري وقزوين وأحمد بن علي بن حسين الرازي وأبو بكر بن يحيى الفقيه وعلي بن أحمد القزويني وأحمد بن الحسن القزويني وعمر بن أحمد بن شجاع وعدد سواهم، بقي إلى سنة نيف وعشرين وثلاثمائة فيما أظن ولا أكاد أعرفه.
 
825- 54/11
 
===أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري===
 
الحراني الحافظ نزيل الرقة وصاحب تاريخها.
 
سمع علي بن عثمان النفيلي وسليمان بن سيف وأبا الحسن الميموني وعبد الحميد بن المستام وهلال بن العلاء وطبقتهم، حدث عنه أبو أحمد محمد بن عبد الله بن جامع الدهان ومحمد بن جعفر غندر البغدادي وأبو الحسين بن جميع وأبو مسلم الكاتب وآخرون.
 
وبإسنادي إلى ابن جميع نا محمد بن سعيد بالرقة نا أبو عمر عبد الحميد بن محمد حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد حدثني مالك حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة {{عنها}} أن رسول الله {{صلل}} أفرد الحج.
 
توفي الحافظ أبو علي القشيري فيما أرى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
 
'''وفيها توفي''' مسند دمشق أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال السلمي ومسند بغداد الثقة أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش المتوثي القطان، ومسند البصرة المحدث أبو الحسن علي بن إسحاق المادرائي، والوزير المحدث أبو الحسن علي بن عيسى بن الجراح، ومسند نيسابور أبو عثمان عمرو بن عبد الله بن درهم المطوعي، وشيخ الحنابلة مصنف المختصر أبو القاسم عمر بن الحسين البغدادي الخرقي، وصاحب مصر الملك أبو بكر محمد بن طغج الفرغاني الأخشيد، وصاحب المغرب القائم بأمر الله أبو القاسم بن المهدي العبيدي، وشيخ الصوفية أبو بكر الشبلي ببغداد.
 
826- 55/11
 
===ابن علك===
 
هو الحافظ الثقة الفقيه أبو حفص عمر بن أحمد بن علي بن علك المروزي الجوهري من كبار علماء مرو.
 
سمع سعيد بن مسعود وأحمد بن سنان وعباسا الدوري وأبا قلابة الرقاشي ومحمد بن الليث وطبقتهم؛ حدث عنه ابن المظفر والدارقطني وابن شاهين وعلي بن عمر الرازي الفقيه وآخرون ومحمد بن إسحاق الكسائي وهو والد الحافظ عبد الله بن عمر. مات في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. أنبأنا إبراهيم بن علي فيما قرئ عليه وسمعته منه أنا الفخر وأخوه وأبو عبد الله الجزري المؤرخ وأبو عبد الله العاملي وأبو عبد الله الكردي قالوا: أنا داود بن أحمد "ح" وسمعته من ابن القواس عن داود نا محمد بن عمر الأرموي أنا عبد الصمد بن علي أنا علي بن عمر الحافظ نا عمر بن أحمد بن علي الجوهري حين قدم حاجًّا نا محمد بن الليث الجوهري نا يحيى بن إسحاق الكاجغري نا عبد الكبير بن دينار الصائغ عن أبي إسحاق الهمداني عن سليمان الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله {{صلل}} مخرجًا فلم نصب ماء نتوضأ منه ولا نشربه ومع رسول الله {{صلل}} إداوة فيها شيء من ماء فصبه في إناء ووضع كفه عليه ثم قال: "هلم على الوضوء والبركة من الله"، فلقد رأيت ما بين أصبعيه تفجر عيونًا - الحديث تفرد به عبد الكبير ولا نعلم حدث عنه غير يحيى هذا.
 
قال الحليلي: أبو حفص ثقة عالم متفق عليه، روى عنه الكبار، حافظ دين وحدثنا عنه جدي ومحمد بن إسحاق الكسائي؛ قال: وأما ابنه عبد الله فحافظ متفق عليه. قول الحليلي الحق سنة ست وثلاثين.
 
827- 56/11
 
===الشاشي===
 
الحافظ المحدث الثقة أبو سعيد الهيثم بن كليب بن سريج بن معقل المعقلي الشاشي محدث ما وراء النهر ومؤلف المسند الكبير.
 
سمع عيسى بن أحمد العسقلاني البلخي وأبا عيسى الترمذي وزكريا بن يحيى بن أسد المروزي ومحمد بن عبيد الله بن المنادي ويحيى بن جعفر بن الزبرقان وعباسًا الدوري وخلائق، روى عنه أبو عبد الله بن منده وارتحل إليه إلى بخارى، وحدث عنه أيضا علي بن أحمد الخزاعي ومنصور بن نصر الكاغذي وآخرون، أصله من مرو؛ توفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
 
'''وفيها توفي''' كبير الشافعية أبو العباس بن القاص، وحمزة بن القاسم الهاشمي ببغداد، وعلي بن محمد بن مهرويه القزويني، وأبو بكر محمد بن جعفر المطيري الصيرفي، والعلامة أبو بكر محمد بن يحيى الصولي صاحب الكتب.
 
أخبرنا يحيى بن أبي منصور إجازة أنا عبد القادر الحافظ نا مسعود بن الحسن أنا أبو عمرو بن منده أنا أبي أبو عبد الله أنا الهيثم بن كليب نا عيسى بن أحمد نا بقية نا عبد العزيز بن عبد الله العوفي حدثني عمرو بن سعيد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "المتم الصلاة في السفر كالمفطر في الحضر".
 
828- 57/11
 
===ابن المنادي===
 
المحدث الحافظ المقرئ أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن المنادي البغدادي مفيد العراق صاحب الكتب.
 
سمع من جده ومحمد بن عبد الملك الدقيقي وأبي بكر محمد بن إسحاق الصغاني وأبي داود السجستاني وخلق يطول ذكرهم، روى عنه أبو عمر بن حيويه وأحمد بن نصر الشذائي وأحمد بن عبد الرحمن ومحمد بن فارس الغوري وآخرون. قال الخطيب: كان صلب الدين شرس الأخلاق روى اليسير؛ قال: وصنف وجمع. قلت: كان ثقة من كبار القراء.
 
مات في محرم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وله ثمانون سنة إلا سنة.
 
'''وفيها توفي''' مسند نيسابور أبو محمد حاجب بن أحمد بن يراحم الطوسي، ومسند البصرة أبو العباس محمد بن أحمد بن أحمد بن حماد البغدادي الأثرم، وصاحب الذهلي أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني النيسابوري، ومحدث نيسابور أيضًا أبو طاهر محمد بن الحسن بن محمد المحمدأباذي.
 
أخبرنا سليمان بن حمزة القاضي أنا جعفر أنا السلفي أنا جعفر بن أحمد أنا علي بن المحسن أنا محمد بن العباس الخزاز أنا أحمد بن جعفر بن المنادي حدثني عبد الله بن محمد بن أبي محمد اليزيدي أخبرني أخي أبو جعفر أحمد وأخبرني عمي إبراهيم بن محمد قالا: أنا يحيى بن المبارك العدوي اليزيدي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة قالت كان رسول الله {{صلل}} يقرأ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بغير ألف حتى مات. هذا حديث غريب منكر، ويحيى فما علمت أحدا تعرض إليه بلين، وهو في القراءة حجة فالله أعلم.
 
829- 83/11
 
===الأردبيلي===
 
الحافظ المفيد أبو القاسم حفص بن عمر الأردبيلي الرحال.
 
سمع أبا حاتم الرازي ويحيى بن أبي طالب وعبد الملك بن محمد الرقاشي وإبراهيم بن ديزيل وجمع وصنف مع الثقة والفهم، روى عنه أحمد بن طاهر الميانجي وأحمد بن علي بن لال وجماعة، تأخرت وفاته إلى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' قاضي الإسكندرية ومسندها أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي مطر المعافري عن مائة سنة، والقاضي أبو الحسن عمر بن الحسن بن علي الأشناني البغدادي، ومحدث نيسابور أبو عبد الله الصفار، ومسند بغداد أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، ومحدث قزوين أبو داود سليمان بن يزيد الفامي، وصاحب الفلسفة والتباب أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان الفارابي التركي.
 
أخبرنا سليمان بن قدامة الحاكم أنا جعفر بن علي أنا أبو طاهر السلفي أنا الفقيه علي بن أحمد الزنجاني بسراة في صفر سنة ثلاث وخمسمائة أنا القاضي أبو محمد عبد الله بن علي النسفي بأردبيل نا يحيى بن محمد الجعدوي نا حفص بن عمر الحافظ أنا أبو حاتم الرازي نا ثابت بن محمد الزاهد نا الحارث بن النعمان عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "اللهم أحيني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين"؛ فقالت عائشة: لِمَ يا رسول الله؟ قال: "لأنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفًا"، الحديث. أخرج الترمذي وابن ماجه للحارث هذا، وقال البخاري: منكر الحديث.
 
830- 59/11
 
===ابن الأعرابي===
 
الإمام الحافظ الزاهد شيخ الحرم أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم البصري الصوفي صاحب التصانيف.
 
سمع الحسن بن محمد الزعفراني ومحمد بن عبد الملك الدقيقي وعبد الله بن أيوب المخرمي وسعدان بن نصر ومحمد بن عبيد الله بن المنادي وأبا داود السجستاني وخلقًا كثيرًا عمل لهم معجمًا، روى عنه ابن المقرئ وابن منده وأحمد بن محمد بن مفرج القرطبي وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وعبد الله بن محمد بن القطان الدمشقي وأبو الحسين بن جميع وأبو الفتح محمد بن إبراهيم الطرسوسي وعبد الوهاب بن منير المصري وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس وصدقة بن الدلم الدمشقي وخلائق، وكان ثقة ثبتًا عارفًا عابدًا ربانيًّا كبير القدر بعيد الصيت.
 
قال السلمي: سمعت محمد بن الحسن الخشاب سمعت ابن الأعرابي يقول: المعرفة كلها الاعتراف بالجهل، والتصوف كله ترك الفضول، والزهد كله أخذ ما لا بد منه، والمعاملة كلها استعمال الأولى فالأولى، والرضا كله ترك الاعتراض، والعافية كلها سقوط التكلف بلا تكلف. ومن تصانيفه كتاب طبقات النساك. وكان قد صحب الجنيد وأبا أحمد القلانسي وصنف تاريخًا للبصرة كبيرًا، ومن كلامه في ترجمة الثوري أنه مات وهم يتكلمون عنده في شيء سكوتهم عنه أولى؛ لأنه شيء يتكهنون فيه ويتعشقون بظنونهم فإذا كان أولئك كذلك فكيف بمن حدث بعدهم. وقال أيضًا: وإنما كانوا يقولون "جمع" وصورة الجمع عند كل أحد بخلافها عند الآخر، وكذلك صورة الفناء فكانوا يتفقون في الأسماء ويختلفون في معناها؛ لأن ما تحت الاسم غير محصور لأنها من المعارف، وكذلك علم المعرفة غير محصور لا نهاية له ولا لوجوده ولا لذوقه، إلى أن قال: فإذا سمعت الرجل يسأل عن الجمع والفناء أو يجيب فيهما فاعلم أنه فارغ ليس من أهل ذلك إذ أهلهما لا يسألون عنه لعلمهم أنه لا يدرك بالوصف. مولد ابن الأعرابي سنة ست وأربعين ومائتين، ومات في ذي القعدة سنة أربعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
قرأت على محمد بن الحسين القرشي بمصر وعلى يحيى بن أحمد الجذامي بالثغر قالا: أنا محمد بن عماد أنا عبد الله بن رفاعة أنا علي بن الحسن الشافعي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر المالكي أنا أبو سعيد بن الأعرابي نا سعدان بن نصر نا سفيان بن عيينة عن الزهري سمع سهل بن سعد يقول: اطلع رجل من جحر في حجرة النبي {{صلل}} ومعه مدرى يحك به رأسه فقال: "لو أعلم أن تنظر لطعنت به في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل النظر". وبه إلى المالكي أنا أبو طاهر المديني نا يونس بن عبد الأعلى نا سفيان بهذا، وقال: لو أعلم أنك. متفق عليه.
 
831- 60/11
 
===قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف===
 
بن ناصح - أو واضح - الإمام الحافظ محدث الأندلس أبو محمد الأموي مولاهم القرطبي.
 
سمع بقي بن مخلد ومحمد بن وضاح وأصبغ بن خليل ومحمد بن عبد السلام، وبمكة محمد بن إسماعيل الصائغ، وببغداد محمد بن الجهم السمري وجعفر بن محمد بن شاكر وأبا محمد بن قتيبة والحارث بن أبي أسامة وابن أبي الدنيا وأبا إسماعيل السلمي وإسماعيل القاضي -وأكثر عنه، وابن أبي خيثمة- وكتب عنه التاريخ، وبالكوفة إبراهيم بن عبد الله العبسي صاحب وكيع، وفاته أبو داود؛ وصنف سننا على منوال سننه، وصنف مسند مالك، وكتاب بر الوالدين، وكتاب الصحيح على هيئة صحيح مسلم، وله مصنف في الأنساب بديع الحسن، وله كتاب المنتقى في الآثار، وغير ذلك. وذكروا أنه كان بصيرًا بالحديث ورجاله، رأسًا في العربية، فقيهًا مشاورًا، وفي آخر عمره كبر وكثر نسيانه وما اختلط، فأحس بذلك فقطع الرواية صونا لعلمه. روى عنه حفيده قاسم بن محمد وعبد الله بن محمد الباجي الحافظ وعبد الوارث بن سفيان وعبد الله بن نصر ومحمد بن أحمد بن مفرج وأبو عثمان سعيد بن نصر وأحمد بن القاسم التاهرتى والقاسم بن محمد بن عسلون وأبو عمر أحمد بن الحسور وخلق كثير، وانتهى إليه بتلك الديار علو الإسناد والحفظ والجلالة، أثنى عليه غير واحد، ومات بقرطبة في جمادى الأولى سنة أربعين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' عالم ما وراء النهر ومحدثه الإمام العلامة أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث الحارثي البخاري الملقب بالأستاذ جامع مسند أبي حنيفة الإمام وله اثنتان وثمانون سنة، وشيخ العربية أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي الزجاجي صاحب كتاب "الجمل" ببغداد، وإمام الشافعية ببغداد أبو إسحاق المروزي إبراهيم بن أحمد صاحب ابن سريج، وراوي تصانيف ابن أبي الدنيا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي، والمسند أبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي الموصلي، وشيخ الحنفية بالعراق أبو الحسن الكرخي واسمه عبيد الله بن الحسن بن دلال عن ثمانين سنة.
 
أنبأنا عبد الله بن محمد الطائي عن أحمد بن بقي عن شريح بن محمد عن علي بن أحمد أنا أحمد بن قاسم بن محمد بن قاسم حدثني أبي حدثنا جدي قاسم بن أصبغ نا البرتي نا أبو معمر نا عبد الوارث نا حميد بن قيس المكي عن عبد الرحمن بن معاذ وكان من أصحاب النبي {{صلل}} قال: خطبنا رسول الله {{صلل}} بمنى وأمر المهاجرين أن ينزلوا مقدم المسجد وأمر الأنصار أن ينزلوا من وراء المسجد ثم نزل الناس بعد.
 
832- 61/11
 
===علي بن حمشاذ===
 
الحافظ الكبير أبو الحسن النيسابوري صاحب التصانيف.
 
سمع الحسين بن الفضل والفضل الشعراني والحارث بن أبي أسامة وإبراهيم بن ديزيل وإسماعيل القاضي وخلائق، وعنه الحاكم وقرظه وبالغ في تعظيمه، وله المسند في أربعمائة جزء والأحكام في مائتين وستين جزءًا والتفسير في عشر مجلدات. روى عنه أبو أحمد الحاكم وقال: ما رأيت في مشايخنا أثبت في الرواية والتصنيف منه؛ وروى عنه ابن منده وأبو طاهر بن محمش، وقال ولده: ما علمت أبي ترك قيام الليل. مات في شوال سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
833- 62/11
 
===القطان===
 
الحافظ الإمام القدوة أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر القزويني محدث قزوين وعالمها.
 
ولد سنة أربع وخمسين ومائتين وارتحل في هذا الشأن فكتب الكثير، سمع أبا حاتم الرازي وإبراهيم بن ديزيل سفينة ومحمد بن الفرج الأزرق والقاسم بن محمد الدلال والحارث بن أبي أسامة وأبا عبد الله بن ماجه صاحب السنن وإسحاق بن إبراهيم الدبري والحسن بن عبد الأعلى البوسي ويحيى بن عبدك القزويني وخلقًا سواهم، روى عنه الزبير بن عبد الواحد الحافظ وأبو الحسن النحوي وأحمد بن علي بن لال والقاسم بن أبي المنذر الخطيب وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد القزويني وأبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي وآخرون؛ وتلا عليه بحرف الكسائي أحمد بن نصر الشذائي عن قراءته على الحسن بن علي الأزرق.
 
قال الخليلي: أبو الحسن شيخ عالم بجميع العلوم: التفسير والفقه والنحو واللغة، وكان له بنون: محمد وحسن وحسين ماتوا شبابًا، وسمعت جماعة من شيوخ قزوين يقولون: لم ير أبو الحسن مثل نفسه في الفضل والزهد، أدام الصيام ثلاثين سنة، وكان يفطر على الخبز والملح، وفضائله أكثر من أن تعد {{رحمه ى}}.
 
وقال ابن فارس في بعض أماليه: سمعت أبا الحسن القطان بعدما علت سنه يقول: حين رحلت كنت أحفظ مائة ألف حديث، وأنا اليوم لا أقوم على حفظ مائة حديث؛ وسمعته يقول: أصبت ببصري وأظن أني عوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة، قلت: مات سنة خمس وأربعين وثلاثمائة.
 
'''وفيها توفي''' المسند أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب العباداني، وأبو القاسم إسماعيل بن يعقوب بن إبراهيم بن الجراب البغدادي عن ثلاث وثمانين سنة، ومحدث مرو أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي، وشيخ الشافعية أبو علي الحسن بن الحسين بن أبي هريرة البغدادي والمحدث أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي بمصر، وأبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد غلام ثعلب، وأبو بكر محمد بن العباس بن نجيح، وأبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن رستم المادرائي بمصر عن ثمان وثمانين سنة، وأبو بكر مكرم بن أحمد بن مكرم القاضي ببغداد، وأبو الحسن علي بن الحسين المسعودي، صاحب مروج الذهب.
 
أخبرنا أبو محمد بن علوان أنا ابن قدامة "ح" وأنا أبو سعيد الزيني أنا موفق الدين عبد اللطيف قالا: أنا أبو زرعة المقدسي أنا أبو منصور المقومي أنا القاسم بن أبي المنذر أنا أبو الحسن القطان نا أبو عبد الله بن ماجه نا بشر بن هلال الصواف نا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال: وقت لنا في قص الشارب وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة.
 
834- 63/11
 
===خيثمة بن سليمان بن حيدرة===
 
الإمام محدث الشام أبو الحسن القرشي الطرابلسي أحد الثقات.
 
سمع أبا عتبة أحمد بن الفرج الحمصي ومحمد بن عوف الحافظ وإبراهيم بن عبد الله القصار والحسين بن محمد بن أبي معشر ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني صاحب سفيان بن عيينة، وعبد الله بن أبي مرة المكي وإسحاق بن إبراهيم الدبري والعباس بن الوليد البيروتي وطبقتهم، ورحل إلى العراق والحجاز واليمن وجمع وصنف. روى عنه أبو الحسن الصيداوي وتمام الرازي وأبو عبد الله بن منده وأبو نصر بن هارون وأبو عبد الله بن أبي كامل الطرابلسي وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي وخلق كثير.
 
قال ابن أبي كامل: مولده سنة خمسين ومائتين وأما عبيد بن أحمد بن فطيس فقال: سألته عن مولده فقال: سنة سبع وعشرين ومائتين. قلت: الأول أصح. قال الخطيب: خيثمة ثقة ثقة، قد جمع فضائل الصحابة. قال ابن أبي كامل: سمعت خيثمة يقول: ركبت البحر وقصدت جبلة لأسمع من يوسف بن بحر، ثم خرجت إلى أنطاكية فلقينا مركب فقاتلناهم ثم تسلم مركبنا قوم من مقدمه فأخذوني ثم ضربوني وكتبوا أسماءنا فقالوا: ما اسمك؟ قلت: خيثمة؛ فقال: اكتب حمار ابن حمار ولما ضربت سكرت ونمت فرأيت كأني أنظر إلى الجنة وعلى بابها جماعة من الحور العين، فقالت إحداهن: يا شقي أيش فاتك؟ قالت أخرى: أيش فاته؟ قالت: لو قتل كان في الجنة مع الحور، فقالت لها: لأن يرزقه الله الشهادة في عز من الإسلام وذل من الشرك خير له. ثم انتهت؛ قال: ورأيت كان من يقول لي: اقرأ براءة فقرأت إلى قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} قال: فعددت من ليلة الرؤيا أربعة أشهر ففك الله أسري. قال ابن أبي كامل: سمعت خيثمة يقول: رويت بدمشق حديث الثوري عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أن النبي {{صلل}} قال: "اطلبوا الخير عند حسان الوجوه"، فأنكر القاضي زكريا البلخي هذا وبعث فيجا إلى الكوفة يسأل ابن عقدة فكتب إليه: قد كان السري بن يحيى حدث به في تاريخ كذا؛ قال: فطلب البلخي مني الأصل فوجد تاريخه موافقا فاستحلني البلخي فلم أحله قلت: رواه السري عن قبيصة عن سفيان. قال عبيد بن فطيس: توفي خيثمة في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
قال ابن منده: كتبت عن خيثمة بأطرابلس ألف جزء.
 
أخبرنا أحمد بن إسحاق بمصر وإسماعيل بن الفراء والتقي بن مؤمن والعز بن العماد وأبو عبد الله بن الواسطي بسفح قاسيون قالوا: أنا أبو المحاسن محمد بن السيد الصفار أنا أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي الفقيه وأبو محمد هبة الله بن طاوس المقرئ قالوا: أنا أبو القاسم علي بن محمد المصيصي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر أنا خيثمة بن سليمان نا أحمد بن محمد البرتي القاضي نا مسلم بن إبراهيم أنا يزيد بن إبراهيم أنا الحسن قال: كانوا يستحبون ألا يذكروا الله -عز وجل- إلا على طهارة.
 
وفي سنة ثلاث '''مات''' المعمر أبو الحسن علي بن الفضل الستوري السامري خاتمة أصحاب الحسن بن عرفة وهو صدوق، ومحدث الكوفة أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني.
 
835- 64/11
 
===الأصم===
 
الإمام المفيد الثقة محدث المشرق أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأموي مولاهم المعقلي النيسابوري: وكان يكره أن يقال له: الأصم، قال الحاكم: إنما ظهر به الصمم بعد مجيئه من الرحلة، ثم استحكم حتى كان لا يسمع نهيق الحمار. قال: وكان محدث عصره بلا مدافعة سمعته يقول: ولدت سنة سبع وأربعين ومائتين؛ وسمع من أحمد بن يوسف وأحمد بن الأزهر: ففقد ذلك، رحل به أبوه المحدث يعقوب الوراق في سنة خمس وستين فسمع بأصبهان من هارون بن هارون بن سليمان وأسيد بن عاصم، وبمكة من أحمد بن شيبان الرملي، وبمصر من ابن عبد الحكم والربيع وبحر بن نصر وإبراهيم بن منقذ وبكار بن قتيبة، وبعسقلان من أحمد بن الفضل الصائغ وببيروت من العباس بن الوليد، وبدمشق من ابن ملاس ويزيد بن عبد الصمد وبحمص من أبي عتبة الحجازي ومحمد بن عوف الطائي، وبطرسوس من الحافظ أبي أمية، وبالرقة من محمد بن علي بن ميمون، وبالكوفة من الحسن بن علي بن عفان وسعيد بن محمد الحجواني صاحب ابن عيينة وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وببغداد من زكريا بن يحيى المروزي وأبي جعفر بن المنادي والدوري والصاغاني وعدة. وقد حدثنا عنه أبو عبد الله بن الأخرم وأبو بكر الصبغي ويحيى العنبري وأبو الوليد حسان بن محمد وأبو علي الحافظ، وحدث عنه جماعة ما أدركتهم: أبو عمرو الحيري ومؤمل بن الحسن وأبو علي الثقفي. قلت: حدث عنه الحاكم وابن منده فأكثر، وأبو عبد الرحمن السلمي ويحيى بن إبراهيم المزكي وأبو بكر الحيري وأبو سعيد الصيرفي ومحمد بن إبراهيم الجرجاني وأبو صادق محمد بن أحمد بن أبي الفوارس وأبو بكر محمد بن محمد بن رجاء وعبد الرحمن بن محمد بن بالويه وابن محمش الزيادي وأبو زيد عبد الرحمن بن محمد القاضي ومحمد بن محمد بن بالويه وأبو سعيد مسعود بن محمد الجرجاني والحسين بن عبدان التاجر وأحمد بن محمد النوقاني وإسحاق بن محمد السوسي وعلي بن محمد بن محمد الطرازي وأبو بكر محمد بن علي بن حيد وأحمد بن محمد بن الحسين السليطي والحسين بن أحمد المعاذي ومنصور بن الحسين المتوفى مع الطرازي سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، فهما خاتمة أصحابه ما خلا المتفرد في الدنيا بإجازته وهو أبو نعيم الحافظ. قال الحاكم: حدث في الإسلام ستا وسبعين سنة ولم يختلف في صدقه وصحة سماعه وهو بضبط والده، أذن سبعين سنة في مسجده، وكان حسن الخلق سخي النفس، وربما كان يحتاج فيورق ويأكل وكان يكره الأخذ على التحديث وكان وراقه وابنه أبو سعيد يطالبان الناس فيكره ذلك ولا يقدم على مخالفتهم، سمع منه الحسن بن الحسين بن منصور كتاب الرسالة ثم سمعها منه ولد ولده عمرو، ما رأيت الرحالة في بلد أكثر منهم إليه وسمعته يقول: حدثت بكتاب معاني القرآن للفراء سنة نيف وسبعين ومائتين. قال الحاكم: وسمعت محمد بن حامد يقول: سمعت أبا حامد الأعمشي يقول: كتبنا عن أبي العباس بن يعقوب الوراق سنة خمس وسبعين ومائتين في مجلس محمد بن عبد الوهاب الفراء.
 
قالت: وسمعت محمد بن الفضل بن خزيمة قال: سمعت جدي إمام الأئمة وسئل عن كتاب المبسوط للشافعي فقال: اسمعوه من أبي العباس الأصم فإنه ثقة، قد رأيته يسمع بمصر وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: ما بقي لكتاب المسبوط راوٍ غير أبي العباس الوراق، وبلغنا أنه ثقة صدوق. قال الحاكم: قرأت بخط أبي علي الحافظ يحث الأصم على الرجوع عن أحاديث أدخلوها عليه؛ فوقع الأصم: كل من روى عني ذلك فهو كذاب، وليس هذا في كتابي. قال الحاكم: وقرأت بخط أبي عمرو أحمد بن المبارك المستملي، حدثني محمد بن يعقوب بن يوسف الوراق أنا بشر بن بكر، فذكر حديثين. قلت: هذا المستملي كبير يروي عن قتيبة ونحوه ومات سنة أربع وثمانين ومائتين.
 
قال الحاكم: حضرت الأصم يوما خرج ليؤذن للعصر فاستقبل وقال بصوت عالٍ: أنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي، ثم ضحك وضحك الناس ثم أذن؛ وقد خرج علينا في سنة أربع وأربعين فلما نظر إلى كثرة الناس والغرباء قد امتلأت السكة بهم وهم يطرقون له ويحملونه فجلس على جدار المسجد وبكى ثم نظر إلى المستملي وقال: اكتب: نا الصاغاني سمعت أبا سعيد الأشج يقول: سمعت ابن إدريس يقول: أتيت باب الأعمش بعد موته فدققت بابه فأجابتني امرأة هاي هاي، تبكي، وقالت: يا أبا عبد الله ما فعل جماهير العرب التي كانت تأتي هذا الباب؟ ثم بكى الكثير، وقال: كأني بهذه السكة لا يدخلها أحد منكم، فإني لا أسمع وقد ضعف البصر وحان الرحيل وانقضى الأجل؛ فما كان بعد شهر أو أقل حتى كف بصره وانقطعت الرحلة ورجع أمره إلى أن كان يناول قلمًا فإذا أخذ بيده علم أنهم يطلبون الرواية فيقول: نا الربيع، ويسرد أحاديث يحفظها وهي أربعة عشر حديثًا، وسبع حكايات، وصار بأسوأ حال.
 
وتوفي في ربيع الآخر سنة ست وأربعين وثلاثمائة، {{رحمه}}.
 
قلت: '''وفيها مات''' مسند مصر أبو الحسن أحمد بن بهزاذ السيرافي الراوي عن أصحاب ابن وهب، ومسند أصبهان أبو جعفر أحمد بن جعفر بن معبد السمسار، ومسند نيسابور أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس العنزي الطرائفي، ومسند بلاد العجم أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهاني، ومسند بغداد أبو الحسين عبد الصمد بن علي الطستي، ومسند مرو أبو العباس المحبوبي محمد بن أحمد بن محبوب صاحب الترمذي، ومسند البصرة المحدث محمد بن بكر بن داسة التمار صاحب أبي داود، ومسند بخارى المحدث أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة البغدادي بن الجمال، ومسند الأندلس أبو الحزم وهب بن مسرة التميمي صاحب محمد بن وضاح.
 
قرأت على أحمد بن عبد الحميد غير مرة وسمعته من عائشة بنت المجد سنة اثنتين وتسعين وستمائة قالا: أنا العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد قراءة عليه، قالت عائشة: وأنا محضرة، أنا أبو زرعة طاهر بن محمد أنا محمد بن أحمد الساوي أنا أحمد بن الحسن القاضي حدثنا أبو العباس الأصم نا زكريا بن يحيى المروزي ببغداد نا سفيان عن الزهري عن أنس قال: قال رجل: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: "وما أعددت لها؟" فلم يذكر كبيرًا إلا أنه يحب الله ورسوله قال: فقال: "فأنت مع من أحببت".
 
836- 65/11
 
===ابن الأخرم===
 
الإمام الحافظ الكبير أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني النيسابوري بن الأخرم ويعرف أبوه بابن الكرماني.
 
ولد سنة خمسين ومائتين، وصلى على جنازة محمد بن يحيى الذهلي، سمع علي بن الحسن الهلالي وإبراهيم بن عبد الله السعدي ومحمد بن عبد الوهاب الفراء ويحيى بن محمد الذهلي حيكان وخشنام بن الصديق وخلائق بعدهم لكنه ما رحل ولا سمع إلا بنيسابور، روى عنه أبو بكر بن إسحاق الصبغي وحسان بن محمد الفقيه وأبو عبد الله الحاكم ويحيى بن إبراهيم المزكي ومحمد بن إسحاق بن منده وخلائق كثير وكان من أئمة هذا الشأن.
 
قال الحاكم: كان صدر أهل الحديث ببلدنا بعد ابن الشرقي، يحفظ ويفهم، صنف مستخرجًا على الصحيحين، وصنف المسند الكبير وسأله أبو العباس السراج أن يخرج كتابًا على صحيح مسلم ففعل.
 
قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله غير مرة يقول: ذهب عمري في جمع هذا الكتاب -يعني المستخرج على كتاب مسلم وسمعته يندم على تصنيفه المختصر الصحيح المتفق عليه ويقول: من حقنا أن نجهد في زيادة الصحيح- إلى أن قال الحاكم: وكان أبو عبد الله من أنحى الناس ما أخذ عليه لحن قط وله كلام حسن في العلل والرجال، سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: كان ابن خزيمة يقدم أبا عبد الله بن يعقوب على كافة أقرانه ويعتمد قوله فيما يرد عليه وإذا شك في شيء عرضه عليه.
 
أخبرنا أحمد بن المؤيد أنا محمد بن إسحاق الفارسي بالقرافة أنا أبو طاهر الحافظ أنا أبو عبد الله الثقفي أنا أحمد بن موسى الصيرفي أنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ سنة أربع وثلاثمائة، نا محمد بن عبد الوهاب نا جعفر بن عون نا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: طيبت رسول الله {{صلل}} لإحرامه حين أحرم وطيبته بمنى قبل أن يزور البيت.
 
توفي ابن الأخرم الحافظ في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' شيخ القراء ببغداد أبو الحسين أحمد بن عثمان بن ثوبان، ومحدث دمشق الزاهد أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم الأذرعي ومسند بغداد أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك الدقاق، وفقيه مصر أبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد الكناني شيخ الشافعية، ومسند حلب محمد بن عيسى بن الحسن التميمي البغدادي العلاف، والمفسر المحدث العلامة أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري النيسابوري.
 
يقع لنا من عواليه في الثقفيات وغيرها.
 
837- 66/11
 
===عبد المؤمن بن خلف بن طفيل بن زيد بن طفيل===
 
الحافظ الإمام أبو يعلى النسفي التميمي.
 
أخبرنا أبو بكر الأيمي وإسحاق الأسدي قالا: أنا ابن رواحة أنا أبو طاهر الحافظ أنا أحمد بن الحسن الطوسي بمكة أنا أبو سعد عبد الملك بن محمد الحاكم بطوس أنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الأخرس بالطابران أنا أبو مسلم غالب بن علي الرازي أنا أبو نصر محمد بن إسماعيل النسفي أنا عبد المؤمن بن خلف أنا يحيى بن المستفاد أنا وهب بن جعفر أنا جنادة بن مروان الحمصي أنا الحارث بن النعمان ابن أخت سعيد بن جبير سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله، {{صلل}}: "أوحى الله إلى موسى أن من عبادي من لو سألني الجنة بحذافيرها لأعطيته ولو سألني علاقة سوط لم أعطه، أريد أن أدخر له في الآخرة" الحديث. هذا خبر منكر وفي إسناده مجاهيل.
 
وعبد المؤمن ولد سنة سبع وخمسين ومائتين، {{رحمه ى}}.
 
سمع من جده وأبي حاتم الرازي وأبي يحيى بن أبي مسرة المكي وإسحاق بن إبراهيم الدبري وأبي الزنباع روح بن الفرج المصري وعلي بن عبد العزيز البغوي وطبقتهم، وكان من علماء الظاهرية أخذ الكتب عن محمد بن داود الظاهري، وكان شديد الحب للآثار محطًّا على أهل القياس صالحًا ناسكًا متعبدًا، روى عنه عبد الملك بن مروان الميداني وأحمد بن عمار بن عصمة ويعقوب بن إسحاق النسفيون وأبو علي منصور بن عبد الله الهروي وأبو نصر أحمد بن محمد الكلاباذي وآخرون.
 
ولما دخل أبو القاسم الكعبي شيخ المعتزلة نسف أكرموه إلا عبد المؤمن الحافظ فلم يأت إليه، قال الكعبي: نحن نأتيه؛ فلما دخل لم يقم الحافظ ولا التفت من محرابه، فكسر الكعبي خجله بأن قال: بالله عليك أيها الشيخ لا تقم، يعني ودعا له قائمًا وانصرف. قال الحافظ جعفر المستغفري: أنا أبو جعفر محمد بن علي النسفي قال: شهدت جنازة الشيخ أبي يعلى {{رحمه}} بالموصل فغشينا أصوات طبول مثل ما يكون من العساكر حتى ظن جمعنا أن جيشًا قد قدم، فكنا نقول: ليتنا صلينا عليه قبل أن يغشانا هذا، فلما اجتمع قاموا للصلاة وأنصتوا هدأ الصوت كأن لم يكن، ثم إني رأيت في النوم كأن إنسانًا واقف "؟" على رأس درب أبي يعلى وهو يقول: أيها الناس من أراد منكم الطريق المستقيم فعليه بأبي يعلى، أو نحو هذا. مات أبو يعلى في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد عن عبد الرحيم بن أبي سعد أنا عثمان بن علي البيكندي أنا الحسن بن عبد الملك النسفي أنا جعفر بن محمد المستغفري أنا الحسن بن علي بن قدامة أنا عبد المؤمن بن خلف أنا الهيثم بن خالد أنا أبو عثمان سعيد بن المغيرة نا الفزاري عن يزيد بن السمط عن الحكم بن عبيد الأيلي عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول الله، {{صلل}}: "من قرأ في ليلة تنزيل السجدة واقتربت وتبارك كن له نورًا أو حرزًا من الشيطان ورفع في الدرجات".
 
838- 67/11
 
===النجاد===
 
الإمام الحافظ الفقيه شيخ العلماء ببغداد أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل البغدادي الحنبلي.
 
ولد سنة ثلاث وخمسين ومائتين، سمع يحيى بن جعفر بن الزبرقان وأحمد بن ملاعب والحسن بن مكرم وأبا داود السجستاني وأبا بكر بن أبي الدنيا وأحمد بن محمد البرتي وإسماعيل بن إسحاق وهلال بن العلاء وطبقتهم؛ قال الخطيب: كان صدوقًا عارفًا، صنف كتابًا كبيرًا في السنن، وكان له بجامع المنصور حلقة قبل الجمعة للفتوى وحلقة بعدها للإملاء. حدث عنه أبو بكر القطيعي والدارقطني وابن شاهين والحاكم وابن منده وابن رزقويه وأبو الحسين بن بشران وأخوه أبو القاسم وأبو علي بن شاذان وأبو بكر بن مردويه وخلق كثير، وكان أبو الحسن بن رزقويه يقول: أبو بكر النجاد بن صاعدنا. وقال أبو إسحاق الطبري: كان النجاد يصوم الدهر ويفطر كل ليلة على رغيف فيترك منه لقمة فإذا كان ليلة الجمعة تصدق برغيفه واكتفى بتلك اللقم. وقد صنف النجاد كتابًا في الفقه والاختلاف. قال الدارقطني: حدث النجاد من كتاب غيره ما لم يكن في أصوله؛ قال الخطيب: كان قد أضر فلعل بعضهم قرأ عليه ذلك.
 
مات النجاد في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' كبير الصوفية المحدث جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ببغداد، وقاضي مصر ودمشق أبو بكر عبد الله بن محمد بن الحسن ابن الخطيب الشافعي، ومحدث الكوفة أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي.
 
أخبرنا عز الدين إسماعيل بن عبد الرحمن الحنبلي أنا أبو محمد بن قدامة أنا أبو المكارم المبارك محمد البادرائي أنا أبو ياسر محمد بن عبد العزيز الخياط أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو بكر النجاد قال: قرئ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع أنا عبد الوهاب بن عطاء أنا حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن سمرة بن جندب أن النبي {{صلل}} صلى على امرأة ماتت في نفاسها فقام على وسطها. أخرجه البخاري عن أحمد بن أبي سريج عن شبابة عن شعبة عن حسين المعلم فوقع لنا عاليًا بدرجتين.
 
839- 68/11
 
===ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف===
 
الحافظ العلامة أبو القاسم السرقسطي.
 
سمع محمد بن وضاح ومحمد بن عبد السلام الخشني، وبمكة من محمد بن علي الجوهري، وبمصر من النسائي وأحمد بن عمرو البزار؛ قال ابن الفرضي: كان عالمًا مفننًا بصيرًا بالحديث والنحو واللغة والغريب والشعر، قال: وتوفي في رمضان سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة وله خمس وتسعون سنة. هكذا عندي فلعلها: وسبعون. وله مصنفات مفيدة، منها كتاب الدلائل، وقد ولي قضاء سرقسطة وأما ابن يونس فأرخه سنة أربع عشرة وثلاثمائة والأول أصح وكان ابنه من الأذكياء الكبار، مات شابًّا بعد سنة ثلاثمائة.
 
840- 69/11
 
===الحسن بن سعد بن إدريس===
 
الحافظ الكبير الإمام أبو علي الكتامي القرطبي.
 
سمع من بقي بن مخلد فأكثر، وبمكة من علي بن عبد العزيز البغوي، وباليمن من إسحاق الدبري وعبيد الكشوري، وبمصر من يوسف بن يزيد القراطيسي، وبالبصرة من أبي مسلم الكجي؛ وكان علامة مجتهدًا لا يقلد ويميل إلى أقوال الشافعي. قال ابن الفرضي: كان يحضر الشورى فلما رأى الفتيا دائرة على المالكية ترك شهودها؛ سمع منه الناس كثيرًا وكان شيخًا صالحًا ولم يكن بالضابط جدًّا. ولد سنة ثمان وأربعين ومائتين، إلى أن قال: وتوفي يوم الجمعة يوم عرفة، سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة بقرطبة، {{رحمه ى}}.
 
841- 80/11-
 
===الختلي===
 
الحافظ البارع الثقة أبو عبد الله عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد الختلي البغدادي.
 
سمع من والده وإسماعيل القاضي وأبي بكر بن أبي الدنيا وأبي إسماعيل الترمذي وطبقتهم، حدث عنه أبو القاسم بن الثلاج والدارقطني وجماعة آخرهم القاضي أبو عمر الهاشمي. وكان فيما نقل الخطيب يحفظ خمسين ألف حديث ويملي من حفظه، قال: وكان فهما عارفا ثقة حافظًا، سكن البصرة. وقال الدارقطني: كان يذاكر ويصنف ويتعاطى الحفظ. لم أظفر بوفاته. قال أبو القاسم التنوخي: حدثني أبي قال: دخل علينا أبو عبد الله الختلي إلى البصرة وهو صاحب حديث جلد مشهور بالحفظ فجاء وليس معه شيء من كتبه فحدث شهورًا إلى أن لحقته فسمعته يقول: حدثت بخمسين ألف حديث من حفظي إلى أن لحقتني كتبي.
 
842- 71/11
 
===علي بن الفضل بن طاهر بن نصر===
 
الحافظ الثقة الجوال أبو الحسن البلخي.
 
سمع أحمد بن سيار المروزي وأبا حاتم الرازي وأبا قلابة الرقاشي ومحمد بن الفضل البلخي وطبقتهم، وحدث بخراسان وببغداد، فروى عنه الدارقطني وقال: ثقة حافظ، وابن شاهين ويوسف القواس وعبد الله بن عثمان الصفار وآخرون. ذكره الخطيب وقال: كان ثقة حافظًا جوالًا في الحديث صاحب غرائب. قال أبو بكر بن شاذان: توفي في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، يعني ببغداد.
 
أخبرنا أبو إسحاق بن الواسطي في كتابه أنا داود بن ملاعب أنا أبو الفضل الأرموي أنا عبد الصمد بن المأمون نا علي بن عمر الحافظ نا علي بن الفضل بن طاهر نا أحيد بن الحسين البلخي نا أزهر بن سليمان الكاتب أنا أبو الأشهب النخعي عن حصين عن عامر وسعد بن عبيدة قالا: سمعنا المغيرة بن شعبة يقول وهو على المنبر: كنت مع رسول الله {{صلل}} فتبرز لحاجته فلما أقبل تلقيته بإداوة معي وعليه جبة ضيقة الكمين فأخرج يده من الجبة فتوضأ ومسح رأسه وخفيه. روايته من أفراد أبي الحسن.
 
843- 72/11
 
===محمد بن حمدويه بن سهل===
 
'''أبو نصر المروزي''' الحافظ المعروف بالفازي بالفاء، نزيل بغداد.
 
حدث عن أبي داود سليمان بن معبد السنجي ومحمود بن آدم وأبي الموجه وطبقتهم، روى عنه ابن حيويه ويوسف القواس والدارقطني وأبو أحمد بن جامع الدهان، قال البرقاني: حدثني الدارقطني قال: حدثنا محمد بن حمدويه المروزي وعلي بن الفضل بن طاهر، ثقتان نبيلان حافظان. قيل: توفي ابن حمدويه سنة سبع والصحيح ما رواه غنجار الحافظ أنه سمع أبا عمرو عثمان بن محمد بن حمدويه المروزي يقول: توفي أبي بمرو سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.
 
قرأت على أبي الفضل بن تاج الأمناء عن زينب الشعرية أنا وجيه الشحامي أنا أحمد بن محمد بن مكرم سنة ثلاث وستين وأربعمائة أنا محمد بن الحسن العلوي أنا أبو نصر محمد بن حمدويه المروزي أنا عبد الله بن حماد الآملي أنا سعيد بن عفير نا يحيى بن أيوب عن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر قال: قلت: يا رسول الله العمرة واجبة وفريضتها كفريضة الحج؟ قال: "لا، وأن تعتمر خير لك". عبيد الله هذا هو ابن المغيرة، وهذا إسناد صالح لم يروه عن عبيد الله سوى يحيى ويحيى يغرب ويأتي بمناكير؛ وقد احتج مع ذلك به الشيخان، فالله أعلم.
 
844- 73/11
 
{{ع3|غلام ثعلب}}
 
أبو عمر الزاهد الحافظ العلامة اللغوي '''محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم البغدادي''' ويعرف بغلام ثعلب.
 
سمع موسى بن سهل الوشاء وأحمد بن عبيد الله النرسي وإبراهيم بن الهيثم البلدي وأحمد بن سعيد الجمال والكديمي وطبقتهم، ولا أعلمه رحل، روى عنه ابن رزقويه والحاكم وابن منده والقاضي أبو القاسم بن المنذر وأبو الحسين بن بشران وعلي بن أحمد الرزاز وأبو علي بن شاذان وعدة.
 
قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق المؤيدي أخبركم ظفر بن سالم ببغداد أنا هبة الله بن أحمد الشبلي سنة سبع وخمسين وخمسمائة أنا أبو الغنائم محمد بن علي بن الحسن سنة ثمان وسبعين وأربعمائة أنا محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي سنة سبع وأربعمائة نا أبو عمر الزاهد نا موسى بن سهل الوشاء نا إسحاق الأزرق نا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} قال: "لا يصور عبد صورة إلا قيل له يوم القيامة: أحي ما خلقت". قال أبو الحسن بن المرزبان: كان ابن ماسي من دار كعب ينفذ إلى أبي عمر غلام ثعلب وقتا بعد وقت كفايته ما ينفق على نفسه فقطع عنه مدة لعذر ثم أنفذ إليه جملة ما كان في رسمه وكتب إليه يعتذر فرده وأمر من كتب على ظهر رقعته: أكرمتنا فملكتنا ثم أعرضت عنا فأرحتنا. قلت: وإن كان الأمر كما قال لكنه لم يحسن الرد، إذ قد كان تملكه بالإحسان القديم فما تغير التملك، وأما التأخر فجبره المحسن بتكميله وباعتذاره.
 
قال الخطيب: وابن ماسي لا شك أنه إبراهيم بن أيوب والد أبي محمد، وأخبرني عباس بن عمر قال: سمعت أبا عمر الزاهد يقول: ترك قضاء حقوق الإخوان مذلة وفي قضاء حقوقهم رفعة. سمعت غير واحد يحكي عن أبي عمر أن الأشراف والكتاب كانوا يحضرون عنده ليسمعوا منه كتب ثعلب وغيرها وكان له جزء قد جمع فيه فضائل معاوية، وكان لا يترك واحدًا منهم يقرأ عليه شيئًا حتى يبتدئ بقراءة ذلك الجزء. وكان جماعة لا يوثقون أبا عمر في علم اللغة حتى قال لي عبيد الله بن أبي الفتح: يقال: إن أبا عمر كان لو طار طائر لقال: أنا ثعلب عن ابن الأعرابي، ويذكر في معنى ذلك شيئًا. فأما الحديث فرأيت جميع شيوخنا يوثقونه فيه، وأخبرنا علي بن أبي علي عن أبيه قال: ومن الرواة الذين لم نر قط أحفظ منهم أبو عمر غلام ثعلب، أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة لغة، فيما بلغني، وجميع كتبه إنما أملاها بغير تصنيف، ولسعة حفظه اتهم وكان يسأل عن الشيء الذي يقدر السائل أنه وضعه فيجيب عنه ثم يسأله عنه غيره بعد سنة فيجيب بجوابه، أخبرت أنه سئل عن قنطرة صحفت فقيل له: ما الهرطنق؟ فقال: هو كذا؛ قال: فتضاحكوا ولما كان بعد شهور هيأنا من سأله عنها فقال: أليس قد سئلت عن هذه منذ شهور وأجبت؟.
 
قال الخطيب في تاريخه: حكى لي رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن الحسن عمن حدثه أن أبا عمر الزاهد كان يؤدب ولد القاضي أبي عمر محمد بن يوسف فأملى يومًا على الغلام ثلاثين مسألة في اللغة وختمها ببيتين وحضر ابن دريد وابن الأنباري وأبو بكر بن مقسم عند القاضي فعرض عليهم المسائل فقال ابن الأنباري: أنا مشغول بتصنيف "مشكل القرآن" وقال ابن مقسم، فذكر اشتغاله بالقراءات، فقال ابن دريد: هي من وضع أبي عمر، ولا أصل لشيء منها في اللغة. فبلغ أبا عمر فسأل القاضي إحضار دواوين جماعة عينهم له ففتح خزائنه، أخرج تلك الدواوين، فلم يزل أبو عمر يعمد إلى كل مسألة ويخرج لها شاهدًا ويعرضه على القاضي حتى تممها، ثم قال: والبيتان أنشدناهما ثعلب بحضرة القاضي وكتبهما القاضي على ظهر الكتاب الفلاني؛ فأحضر القاضي الكتاب فوجدهما وانتهى الخبر إلى ابن دريد فما ذكر أبا عمر بلفظة حتى مات.
 
ثم قال رئيس الرؤساء، وقد رأيت أشياء كثيرة مما استنكر على أبي عمر ونسب إلى الكذب فيها مدونة في كتب أئمة العلم وخاصة في غريب التصنيف "؟" لأبي عبيد، أو كما قال.
 
وسمعت عبد الواحد بن برهان قال: لم يتكلم في علم اللغة أحد من الأولين والآخرين أحسن من كلام أبي عمر الزاهد. قال: وله غريب الحديث ألفه على مسند أحمد. ولليشكري في أبي عمر قصيدة منها:
 
فلو أنني أقسمت ما كنت كاذبًا بأن لم ير الراءون حبرا يعادله
 
إذا قلت شارفنا أواخر علمه تفجر حتى قلت: هذي أوائله
 
ولد أبو عمر سنة إحدى وستين ومائة، ومات في ذي القعدة سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
علي بن حمشاذ النيسابوري العدل، متقن رحال، ذكرناه في طبقات الشيوخ، ولو نقل إلى هنا لساغ فإن له مسندًا في ثلاثمائة جزء أو أكثر. توفي في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، أكثر عنه الحاكم.
 
845- 74/11
 
===أحمد بن عبيد بن إسماعيل===
 
الحافظ الثقة أبو الحسن البصري الصفار مصنف السنن الذي يكثر أبو بكر البيهقي من التخريج منه في سننه.
 
حدث ببغداد وبالأهواز عن الكديمي ومحمد بن الفرج الأزرق ومحمد بن غالب تمتام وأبي إسماعيل الترمذي وطبقتهم، روى عنه الدارقطني والقاضي أبو عمر الهاشمي وعلي بن القاسم النجاد وأبو الحسين بن جميع وعلي بن أحمد بن عبدان الشيرازي وآخرون، يقال: إنه ابن زوجة الكديمي، قال الدارقطني: كان ثقة ثبتًا صنف المسند وجوده. قلت: سماع ابن عبدان منه كان في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة.
 
أخبرنا عمر بن غدير أنا أبو القاسم بن الحرستاني سنة تسع وستمائة وأنا في الرابعة أنا علي بن المسلم أنا الحسين بن طلاب أنا محمد بن أحمد نا أحمد بن عبيد الصفار ببغداد نا محمد بن غالب نا أبو حذيفة نا سفيان عن يونس عن الحسن عن أبي السفر عن أبي بن كعب عن النبي {{صلل}} قال: "إن الله جعل مطعم ابن آدم مثلا للدنيا".
 
فأما أحمد بن عبيد بن أحمد الصفار فهو أبو بكر الرعيني الحمصي من طبقة البصري يروي عن أحمد بن علي بن سعيد ومحمد بن عبيد الله الكلاعي والحسن بن مسروق وجماعة، مات في سنة ثنتين وخمسين وثلاثمائة، حدث عنه ابن منده والحافظ عبد الغني الأزدي وأبو العباس بن الحجاج وآخرون. ذكرته للتمييز.
 
846- 75/11
 
===ابن ياسين===
 
الحافظ العالم أبو إسحاق أحمد بن محمد بن ياسين الحداد الهروي مؤرخ هراة.
 
سمع عثمان بن سعيد الدارمي وموسى بن أحمد الفريابي ومعاذ بن المثنى وطبقتهم، وروى عنه ابن أبي ذهل ومنصور الخالدي والخليل بن أحمد القاضي وآخرون، تكلموا فيه، قال الخليلي: ليس بالقوي، يروي نسخًا لا يتابع عليها، وتركه الدارقطني، وله عن الفضل بن عبد الله اليشكري. قال السلمي عن الدارقطني: هو شر من أبي بشر المروزي، وكذبهما. قلت: مات ابن ياسين في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنا عم أبي زين الأمناء أنا عمي أبو القاسم الحافظ أنا إسماعيل بن أبي صالح أنا أبو العلاء صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الأزدي القاضي قدم نيسابور أنا منصور بن عبد الله الذهلي نا أحمد بن محمد بن ياسين الحداد أنا الفضل بن عبد الله اليشكري نا مالك بن سليمان نا سعيد بن سالم عن سليمان التيمي عن أنس أن رسول الله {{صلل}} قال: "إن الله شفعني في ثلاثة أصناف، صنف في قلوبهم مثقال حبة خردل من إيمان، وصنف في قلوبهم مثقال حبة شعير من إيمان، وصنف في قلوبهم أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان".
 
أخبرنا علي بن أحمد الهاشمي أنا علي بن بكر القلانسي أنا عبد الأول بن عيسى أنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد نا محمد بن أحمد الجارودي أنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الباساني نا أبو إسحاق بن ياسين إملاء نا عبيد بن محمد الحافظ نا الحسن بن صباح نا جعفر بن عون نا أبو العميس أنا قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا. قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية. قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي {{صلل}} وهو قائم بعرفة يوم جمعة. هذا وقع لنا في مسند عبد بن حميد موافقة عالية لمسلم، وقد رواه البخاري عن الحسن بن الصباح فوقع لنا نازلا بدرجة.
 
847- 76/11
 
===البحري===
 
الحافظ الثقة محدث جرجان قبل ابن عدي، أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن محمد الجرجاني.
 
سمع محمد بن بسام وأبا قلابة الرقاشي وهلال بن العلاء وأبا يحيى بن أبي مسرة وإسحاق الدبري والحارث بن أبي أسامة وطبقتهم، وعنه ابن عدي والإسماعيلي وأبو نصر ولد الإسماعيلي والنعمان بن محمد الجرجاني وحسين بن جعفر وخلق. قال الخليلي: حافظ ثقة مذكور حدثني أربعة نفر من أهل جرجان عنه. قلت: توفي أبو يعقوب البحري سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة.
 
أخبرنا أبو علي بن الخلال أنا جعفر الهمداني أنا أبو طاهر السلفي أنا إسماعيل بن ماكي أنا أبو يعلى الخليلي أنا محمد بن الحسن بن المغيرة والحسين بن جعفر الجرجانيان قالا: أنا إسحاق بن إبراهيم البحري الحافظ نا هلال بن العلاء نا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني نا المغيرة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان قريش ومن يقابلهم يقولون: نحن قطان البيت لا نفيض إلا من منى؛ فأنزل الله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} قال الحاكم: كتب إلي من جرجان إجازة هي عندي.
 
848- 77/11
 
===عمر بن سهل بن إسماعيل===
 
الحافظ المجود أبو حفص وأبو بكر الدينوري القرميسيني.
 
رحال مصنف، حدث عن إبراهيم بن أبي العنبس والحسن بن سلام السواق وأبي قلابة الرقاشي وعبيد بن عبد الواحد وطبقتهم، وعنه أبو القاسم بن ثابت الحافظ وصالح بن أحمد الهمذاني وابن تركان وطائفة من أهل همذان. ذكره أبو يعلى في "الإرشاد" فقال: ثقة إمام عالم متفق عليه سمع شيوخ بغداد والكوفة والجبل والبصرة وكانت له معرفة. قلت: توفي سنة ثلاثين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
قال أبو يعلى: وكان صاحب سنة وعبادة، سمعته عيسى بن أحمد الدينوري يقول: خرج عمر بن سهل الحافظ وبيده قصة فقال لي: أريد أن أصعد إلى تل التوبة وأرفعها إلى الله من جهة جهال الدينور. ففعل وانتقل إلى قرميسين، وسمعت أبا القاسم بن ثابت الحافظ يقول: لم أر مثل عمر بن سهل الحافظ في الديانة.
 
==الطبقة الثانية عشرة==
 
وهم نيف وثمانون إمامًا
 
849- 1/12
 
===أبو بكر الشافعي===
 
الإمام الحجة المفيد محدث العراق محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه البغدادي الشافعي البزاز.
 
مولده بجبل في سنة ستين ومائتين، وأول سماعه سنة ست وسبعين فسمع من موسى بن سهل الوشاء خاتمة أصحاب ابن علية ومحمد بن شداد المسمعي خاتمة أصحاب يحيى القطان وأبي قلابة الرقاشي ومحمد بن الفرج الأزرق ومحمد بن الجهم السمري وعبد الله بن روح المدائني وإسماعيل القاضي وأبي بكر بن أبي الدنيا ومن بعدهم فأكثر، وارتحل في الحديث إلى الجزيرة وإلى مصر وغير ذلك، حدث عنه الدارقطني وعمر بن شاهين وأبو علي بن شاذان وأحمد بن عبد الله بن المحاملي وعبد الملك بن بشران وأبو طالب بن غيلان وخلق كثير. قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا حسن التصانيف جمع أبوابًا وشيوخًا، حدثني ابن مخلد أنه رأى مجلسًا قد كتب عن الشافعي في حياة ابن صاعد، وقال حمزة السهمي: سئل الدارقطني عن أبي بكر الشافعي فقال: ثقة مأمون جبل، ما كان في ذلك الوقت أحد أوثق منه. وقال الدارقطني: هو الثقة المأمون الذي لم يغمز بحال. قلت: مات في ذي الحجة سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.
 
أنبأنا أحمد بن عبد السلام والمسلم بن محمد وعبد الرحمن بن محمد الفقيه وآخرون قالوا: أنا عمر بن محمد أنا ابن الحصين أنا ابن غيلان أنا أبو بكر الشافعي، بأحد عشر جزءا من حديثه، منها قال: حدثنا محمد بن الجهم السمري نا يعلى ويزيد عن إسماعيل عن عامر أنه سئل عن رجل نذر أنه يمشي إلى الكعبة فمشى نصف الطريق ثم ركب، قال: قال ابن عباس: إذا كان عام قابل فليركب ما مشى وليمشِ ما ركب ولينحر بدنة.
 
850-2/12
 
===دعلج بن أحمد بن دعلج===
 
الإمام الفقيه محدث بغداد أبو إسحاق السجزي المعدل.
 
ولد سنة ستين ومائتين وسمع من علي بن عبد العزيز وطائفة بمكة، وهشام بن علي السيرافي وطبقته بالبصرة، ومحمد بن أيوب البجلي بالري، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي وعدة بنيسابور، وعثمان بن سعيد الدارمي بهراة، ومحمد بن ربح وتمتام ببغداد؛ وكان من أوعية العلم وبحور الرواية. روى عنه الدارقطني والحاكم وابن رزقويه وأبو إسحاق الأسفراييني وأبو القاسم بن بشران وعدد كثير، قال الحاكم: أخذ دعلج عن ابن خزيمة المصنفات. قال: وكان يفتي بمذهبه، وكان شيخ أهل الحديث، وله صدقات جارية على أهل الحديث بمكة والعراق وسجستان.
 
قال الحاكم: سمعت الدارقطني يقول: صنف لدعلج المسند الكبير ولم أر في مشايخنا أثبت منه، وسمعت عمر البصري يقول: ما رأيت ببغداد فيمن انتخبت عليه أصح كتبًا منه ولا أحسن سماعًا. قال الحاكم: اشترى دعلج بمكة دار العباسية بثلاثين ألف دينار. قال الخطيب: بلغني أن دعلج بعث المسند إلى ابن عقدة لينظر فيه وجعل بين كل ورقتين دينارًا. قال ابن حيويه: أدخلني دعلج داره وأراني بدرًا من المال مغشاة فقال: خذ منها ما شئت، فشكرته وقلت: أنا في كفاية. وقيل: إن معز الدولة أخذ من تركة دعلج ثلاثمائة ألف دينار. توفي دعلج في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، {{رحمه}}.
 
'''وفيها مات''' محدث البصرة أبو إسحاق الهجيمي عن أزيد من مائة سنة، وراوي السيرة أبو محمد عبد الله بن جعفر بن الورد بمصر، وشيخ القراء أبو بكر النقاش المفسر ببغداد، وأبو جعفر بن دحيم محدث الكوفة، وميمون بن إسحاق صاحب العطاردي، رحمة الله عليهم.
 
أخبرنا علي بن أحمد المقدسي أنا علي بن هبة الله الخطيب أنبأتنا شهدة الكاتبة أنا الحسن بن أحمد الدقاق أنا الحسن بن أحمد البزاز أنا دعلج نا محمد بن غالب نا القعنبي عن مالك عن نافع عن أبي لبابة أن رسول الله {{صلل}} نهى عن قتل الحيات التي تكون في البيوت إلا أن يكون ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يخطفان البصر ويطرحان ما في بطون النساء. رواه معن وأبو مصعب وجماعة إلى قوله "البيوت" فقط.
 
851- 3/12
 
===عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق===
 
الحافظ العالم المصنف أبو الحسين الأموي مولاهم البغدادي صاحب معجم الصحابة.
 
سمع الحارث بن أبي أسامة، إبراهيم بن الهيثم البلدي وإبراهيم الحربي وإسحاق بن الحسن الحربي ومحمد بن مسلمة وإسماعيل بن الفضل البلخي وطبقتهم، وكان واسع الرحلة كثير الحديث، روى عنه الدارقطني وأبو الحسن بن رزقويه وأبو الحسين القطان وأحمد بن علي البادي وأبو علي بن شاذان وأبو القاسم بن بشران وغيرهم؛ قال البرقاني: البغداديون يوثقونه وهو عندي ضعيف، وقال الدارقطني: كان يحفظ ولكنه يخطئ ويصر. وقال الخطيب: نا الأزهري عن أبي الحسن بن الفرات قال: كان ابن قانع قد حدث به اختلاط قبل أن يموت بنحو من سنتين فترك السماع منه قوم في اختلاطه. قال الخطيب: ولد سنة خمس وستين ومائتين؛ وتوفي في شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.
 
أخبرنا أبو سعيد الثغري أنا الموفق عبد اللطيف سنة سبع وعشرين وستمائة أنا عبد الحق اليوسفي أنا علي بن العلاف أنا علي بن الحمامي نا ابن قانع نا إبراهيم بن الهيثم البلدي نا أبو صالح نا معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن كعب بن عياض قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال". رواه أحمد بن عيسى عن ابن وهب عن معاوية وهذا إسناد صالح.
 
أخبرتنا فاطمة بنت محمد بطرابلس أنا عمي أبو القاسم بن رواحة أنا السلفي أنا أبو عبد الله الثقفي أنا يحيى بن إبراهيم أنا أبو الحسين عبد الباقي الحافظ نا محمد بن يحيى القزاز نا أبو عاصم عن ابن جريج عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن". غريب تفرد به أبو عاصم رواه البخاري عن إسحاق عنه.
 
852- 4/12
 
===أبو بكر بن أبي دارم===
 
الحافظ المسند الشيعي أحمد بن محمد بن السري بن يحيى بن السري التميمي الكوفي محدث الكوفة.
 
سمع إبراهيم بن عبد الله الصفار وأحمد بن موسى الحمار الكوفي وموسى بن هارون ومطينا وعدة، وعنه الحاكم وأبو بكر بن مردويه وأبو الحسن بن الحمامي ويحيى بن إبراهيم المزكي وأبو بكر الحيري القاضي وآخرون، جمع في الحط على الصحابة، وكان يترفض، وقد اتهم في الحديث، توفي في المحرم سنة اثنتين وخمسين وقيل سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وكان موصوفًا بالحفظ، له ترجمة سيئة في الميزان ذكرنا فيها ما حدّث به من الإفك المبين، لا رعاه الله.
 
أخبرنا أبو علي الحسن بن علي أنا جعفر بن منير أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو عبد الله الثقفي أنا أبو زكريا المزكي أنا أبو بكر بن أبي دارم بالكوفة نا أحمد بن موسى بن إسحاق أنا أبو نعيم عن زكريا عن الشعبي سمعت النعمان بن بشير يقول: قال رسول الله، {{صلل}}: "الحلال بين والحرام بين وبين ذلك مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، من ترك الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي إلى جنب الحمى يوشك أن يواقعه" الحديث أخرجه البخاري عن أبي نعيم، وأخرجه مسلم عن ابن نمير عن أبيه، كلاهما عن زكريا.
 
853- 5/12
 
===محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور===
 
الحافظ الإمام أبو الحسن النيسابوري التاجر أحد الأئمة كأبيه وعمه عبدوس بن الحسين.
 
سمع محمد بن أيوب البجلي ومحمد بن إبراهيم البوشنجي ويوسف بن يعقوب القاضي وأبا عمر القتات ومحمد بن عمر وقشمرد وطبقتهم بخراسان والجبال والعراق، وجمع فأوعى، وكان ذا صدق وإتقان ومعرفة وإنفاق على الطلبة، صنف الكتب على رسم ابن خزيمة.
 
قال الحاكم: سمعته يقول: عندي عن ابن ناجية والقاسم المطرز ألف جزء وزيادة، وسرت إلى بخارى سنة خمس عشرة فكتبوا عني، وحدث عني أبي وعمي. قال عبد الله بن سعد الحافظ: كتبت على أبي الحسن بن منصور أكثر من ألف حديث استفدتها منه. قال الحاكم: وانتخب عليه أبو علي الحافظ مع تقدمه مائتي جزء، ورأيت مشايخنا يتعجبون من حسن قراءة أبي الحسن للحديث. كف بصره سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، ومات في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
 
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر أنبأنا القاسم بن عبد الله بن عمر بن أحمد الصفار أنا جدي أبو حفص أنا أحمد بن خلف أنا أبو عبد الله الحاكم أخبرني أبو الحسن محمد بن الحسن نا ابن ناجية نا نصر بن علي ومحمد بن موسى الحرشي قالا: نا حماد بن عيسى نا حنظلة بن أبي سفيان سمعت سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر أن رسول الله {{صلل}} كان إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه. أخرجه الحاكم في المستدرك وما هو بالثابت؛ لأنهم ضعفوا حمادًا.
 
854- 6/12
 
===العسال===
 
الحافظ العلامة القاضي أبو أحمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان الأصبهاني العسال صاحب التصانيف.
 
سمع أبا مسلم الكجي ومحمد بن أيوب البجلي وأبا بكر بن أبي عاصم ومحمد بن أسد المديني وإبراهيم بن زهير الحلواني ومحمد بن عبد الله الحضرمي ومحمد بن عثمان العبسي وأبا شعيب الحراني وبكر بن سهل الدمياطي وطبقتهم، وقرأ لنافع عن ابن سهل صاحب الفضل بن شاذان تلا عليه ابنه أبو عامر عبد الوهاب، وحدث عنه أولاده أبو عامر وأبو جعفر أحمد وإبراهيم والعباس وأبو بكر عبد الله وأبو الحسين عامر وأبو أحمد بن عدي وأبو بكر بن المقرئ وابن منده وابن مردويه وابن أبي علي ومحمد بن عبد الله الرباطي وأحمد بن إبراهيم القصار وأحمد بن محمد بن ماجه المؤدب وأبو سعيد النقاش وأبو نعيم الحافظ ومحمد بن علي بن مصعب التاجر وآخرون. قال الباطرقاني: أنا أبو عبد الله بن منده قال: كان أبو أحمد العسال يخلف الطبري في القضاء وكان أحد الأئمة في علم الحديث. قال ابن مردويه: كان العسال يتولى القضاء خلافة لعبد الرحمن بن أحمد الطبري، وهو أحد الأئمة في علم الحديث فهمًا وإتقانًا وأمانة.
 
وقال النقاش أنا أبو أحمد العسال ولم نر مثله في الإتقان والحفظ. وقال أبو بكر بن أبي علي: هو ثقة مأمون، وهو الكبير في الحفظ والإتقان، وقال أبو نعيم: أبو أحمد من الكبار في المعرفة والإتقان والحفظ، صنف في الشيوخ والتفسير وعامة المسند. وقال أبو يعلى في "الإرشاد" له: أبو أحمد العسال حافظ متقن عالم بهذا الشأن، كان على قضاء أصبهان، من شرط الصحاح، لقيت ابنه أحمد بالري.
 
قال ابن مردويه: سمعت أبا أحمد العسال يقول: أحفظ في القراءات خمسين ألف حديث. ويقال: إن أبا أحمد أملى تفسيرًا كبيرًا من حفظه، وقيل: إنه أملى أربعين ألف حديث بأردستان، فلما رجع إلى بلده قابل ذلك فإذا به كما أملى. وقال الخطيب: أخبرنا عبد الله بن أحمد السوذرجاني سمعت ابن منده يقول: كتبت عن ألف شيخ لم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العسال. وقال عبد الرحمن بن منده سمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبعمائة شيخ فلم أر فيهم مثل العسال وأبي إسحاق بن حمزة. وقيل: كان أبو أحمد لا يمس جزءًا إلا على طهارة، وإنه صلى بالختمة في ركعة.
 
ولأبي أحمد أيضًا تاريخ، والمعجم له وكتاب المعرفة في السنة رأيته، وكتاب الرؤية، وكتاب العظمة، وكتاب الرقائق، وكتاب المسند على الأبواب، وكتاب غريب الحديث على الأبواب، وكتاب حروف القراءات وكتاب كرامات الأولياء، وكتاب حديث مالك، وكتاب غسل الجمعة، وأشياء كثيرة، وكان من كبراء أهل بلده وذوي الثروة وكان أبوه من كبار التجار المتمولين، وقف أملاكه على أولاده وكان قد لحق إسماعيل بن عمرو البجلي صاحب مسعر وسمع منه ومات سنة اثنتين وثمانين ومائتين. قال ابن مردويه: مات أبو أحمد العسال في رمضان سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. قال: وكان مولده يوم التروية سنة تسع وستين ومائتين.
 
أخبرنا عيسى بن يحيى الأنصاري أنا منصور بن سند أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى الحافظ أنا عمر بن الهيثم الواعظ نا القاضي أبو أحمد العسال نا موسى بن إسحاق ثنا أحمد بن يونس نا أبو بكر بن عياش عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد {{عنه}} قال استيقظ رسول الله {{صلل}} ذات ليلة فإذا الفأرة قد أخذت الفتيلة وصعدت إلى السقف لتحرق عليه البيت قال: فلعنها وأحل قتلها للمحرم. هذا حديث غريب من الأفراد. يقال: إن العسال روى في معجمه عن أربعمائة نفس، وقد رأيته.
 
أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه عن مسعود بن أبي منصور أنا أبو علي المقرئ أنا أبو نعيم الحافظ نا محمد بن أحمد بن إبراهيم نا محمد بن العباس المؤدب نا عفان نا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من كسب أولادكم".
 
'''توفي''' معه في العام مسند مصر أبو الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين بن السندي الصابوني وله مائة وخمس سنين، ومسند بغداد أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى العطشي الأدمي عن أربع وتسعين سنة، ومسند أصبهان أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى القصار عن سبع وتسعين سنة، ومسند دمشق أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان القرشي مولى خالد بن الوليد، ومسند بغداد أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد العزيز البغوي، الخراساني ابن عم أبي القاسم البغوي وشيخ القراء أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم البغدادي، ومسند بغداد أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن علم الصفار. رحمهم الله.
 
855- 7/12
 
===ابن مظاهر===
 
الحافظ الإمام البارع ذكي زمانه أبو محمد عبد الله بن مظاهر الأصبهاني.
 
كان آية في الحفظ، بلغنا أنه حفظ المسندات كلها ثم شرع في حفظ الموقوفات، سمع يوسف القاضي ومطينا وأبا خليفة الجمحي وطبقتهم ورحل وتعب، حدث عنه رفيقه أبو الشيخ الحافظ، مات شابا لم يمتع بعلومه {{رحمه}}. توفي سنة أربع وثلاثمائة في أيام مشيخته.
 
'''وفيها توفي''' المسند أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخزومي، ومسند مصر المحدث إسحاق بن إبراهيم بن يونس المنجنيقي البغدادي الناسخ، ومسند الموصل أبو الوليد طريف بن عبد الله مولى بني هاشم، ونزيل تنيس أبو صالح القاسم بن الليث بن مسرو الرسعني، وشيخ الصوفية يوسف بن الحسين الرازي المحدث.
 
856- 8/12
 
===أبو العرب===
 
هو الحافظ المؤرخ محمد بن أحمد بن تميم المغربي الأفريقي.
 
من أولاد أمراء الغرب، أخذ عن أصحاب سحنون، ذكره القاضي عياض في الفقهاء المالكية فقال: كان حافظًا لمذهب مالك مفتيا عالمًا غلب عليه علم الحديث والرجال، صنف طبقات أهل أفريقية، وكتاب المحن، وكتاب فضائل مالك، وفضائل سحنون، وكتاب عباد أفريقية، وله كتاب التاريخ في أحد عشر مجلدًا، إلى أن قال: وتوفي في ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. {{رحمه ى}}.
 
857- 9/12
 
===وهب بن مسرة===
 
الحافظ العلامة أبو الحزم التميمي الأندلسي الحجاري المالكي.
 
سمع محمد بن وضاح وعبيد الله بن يحيى وطبقتهما، قال القاضي عياض كان حافظًا للفقه بصيرًا به وبالحديث والرجال والعلل مع ورع وفضل، دارت عليه الفتيا ببلده، يعني وادي الحجارة، وله أوضاع حسنة، قدم قرطبة وأخرجت أصول ابن وضاح التي سمع فيها وسمع منه عالم عظيم، أخذ عنه أبو محمد القلعي ومحمد بن علي بن شيخ وأحمد بن العجوز وأبو عمر أحمد بن الحسور وأحمد بن القاسم التاهرتي وحدث بمسند أبي بكر بن أبي شيبة، بدت منه هفوة في القدر، مات في شعبان سنة ست وأربعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
858- 10/12
 
===القزويني===
 
الحافظ الرحال الثقة أبو عمر محمد بن عيسى بن أحمد بن عبيد الله.
 
نزيل بيت لهيا، سمع ببلده من يوسف بن يعقوب القزويني، وبالري محمد بن أيوب وعلي بن الحسين بن الجنيد، وببغداد إدريس العطار وطبقته، وبمصر أبا عبد الرحمن النسائي وبالبصرة.
 
روى عنه تمام الرازي ووثقه، وأبو محمد بن النحاس ومنير بن أحمد، توفي بعد الأربعين وثلاثمائة.
 
أخبرنا يحيى بن أحمد الجذامي أنا محمد بن عماد "ح" وأنا أبو الحسين بن اليونيني أنا ابن صباح قالا: أنا ابن رفاعة أنا أبو الحسن الخلعي أنا عبد الرحمن بن عمر أنا محمد بن عيسى القزويني نا بهلول بن إسحاق نا سعيد بن منصور نا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "الصيام جنة". <ref> رواه البخاري في الصوم باب2. ومسلم في الصيام حديث 162، 263. وأبو داود في الصيام باب 25.</ref>
 
أنبأنا ابن أبي عمر أنا أبو القاسم الحرستاني أنا عبد الكريم بن حمزة أنا عبد العزيز الكتاني أنا تمام أنا محمد بن عيسى الحافظ أنا إدريس بن جعفر نا أبو بدر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله {{صلل}} قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة". <ref> رواه مسلم في الطهارة حديث 42. والبخاري في الصوم باب 27. وأبو داود في الطهارة باب 25.</ref>
 
859- 11/12
 
===ابن أخي رفيع الصائغ===
 
هو الحافظ الثبت العلامة أبو محمد عبد الله بن محمد بن حسن بن عبد الله بن عبد الملك الكلاعي مولاهم القرطبي الأندلسي.
 
روى عن محمد بن وضاح ومحمد بن عبد السلام وطبقتهما. وقد أدركهما بل سمع من عبيد بن يحيى والأعناقي وطائفة وكان بصيرًا بالرجال والعلل.
 
اختصر مسند بقي وتفسيره وجود، وله تصانيف نافعة، مات في آخر سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
860- 12/12
 
===البلاذري===
 
الإمام الحافظ البارع أبو محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم الطوسي البلاذري الواعظ.
 
قال أبو عبد الله الحاكم: كان واحد عصره في الحفظ والوعظ، كان شيخنا أبو علي الحافظ ومشايخنا يحضرون مجلس وعظه يفرحون بما يذكره على رءوس الملأ من الأسانيد ولم أرهم قط غمزوه في إسناد أو اسم أو حديث، سمع محمد بن أيوب البجلي وتميم بن محمد الحافظ وعبد الله بن محمد بن شيرويه وطبقتهم بخراسان والعراق، وخرج صحيحًا على وضع كتاب مسلم، إلى أن قال: واستشهد بالطابران -وهي مرحلة من نيسابور- في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. قلت: هذا البلاذري الصغير.
 
فأما الكبير فإنه أحمد بن يحيى صاحب التاريخ المشهور من طبقة أبي داود السجستاني حافظ أخباري علامة.
 
أخبرنا طائفة إجازة عن زاهر بن أحمد أنا إسماعيل بن محمد الحافظ أنا أحمد بن خلف أنا أبو عبد الله الحاكم سمعت أبا محمد البلاذري سمعت محمد بن جرير يقول: إنما لقب محمد بن سليمان المصيصي بلوين؛ لأنه كان يبيع الدواب ببغداد فيقول: هذا الفرس له لوين، هذا الفرس له قديد؛ فلقب بلوين.
 
861- 13/12
 
===أبو النصر===
 
الإمام الحافظ شيخ الإسلام محمد بن محمد بن يوسف الطوسي شيخ الشافعية.
 
سمع تميم بن محمد الحافظ والحسين بن محمد القباني ومحمد بن عمرو الحرشي قشمرد وأحمد بن سلمة الحافظ، وفي الرحلة عثمان بن سعيد الدارمي والفضل بن عبد الله بن خرم اليشكري الهروي ومعاذ بن نجدة ومحمد بن أيوب وعلي بن عبد العزيز والحارث بن أبي أسامة وإسماعيل القاضي وأحمد بن موسى بن إسحاق الكوفي ومحمد بن نصر المروزي ولازمه وأكثر عنه وصنف وجمع وخرج الصحيح على كتاب مسلم وكان أحد الأعلام.
 
قال الحاكم: رحلت إليه مرتين وسألته متى يتفرغ للتصنيف مع هذه الفتاوى؟ فقال: جزأت الليل، فثلثه أصنف وثلثه أقرأ القرآن وثلثه للنوم. قال: وكان أماما عابدا بارع الأدب وما رأيت في مشايخنا أحسن صلاة منه، وكان يصوم الدهر ويقوم الليل ويتصدق بما فضل من قوته ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر سمعت أحمد بن منصور الحافظ يقول: أبو النضر يفتي الناس من سبعين سنة أو نحوها، ما أخذ عليه في فتوى قط. قال الحاكم: دخلت طوس وأبو أحمد الحافظ على قضائها فقال لي: ما رأيت قط في بلد من بلاد الإسلام مثل أبي النضر {{رحمه}}. توفي أبو النضر في شعبان سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.
 
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر عن القاسم بن أبي سعد عبد الله بن عمر بن أحمد الصفار أنا جدي أنا أبو بكر بن خلف أنا عبد الله الحاكم أنا أبو النضر الفقيه نا عثمان بن سعيد نا موسى بن إسماعيل نا حماد بن سلمة أنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال: كان رسول الله {{صلل}} يقول: في دعائه: "اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم". إسناده حسن.
 
862- 14/12
 
===الأزدي===
 
الحافظ القاضي الإمام أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي الموصلي صاحب تاريخ الموصل وقاضيها.
 
سمع من إسحاق بن الحسن الحربي ومحمد بن أحمد بن أبي المثنى الموصلي وعبيد بن غنام ومطين وطبقتهم، وكان يعرف بابن زكرة. حدث عنه مظفر بن محمد الطوسي وأبو الحسين بن جميع ونصر بن أبي نصر الطوسي العطار وآخرون، وكان في ذهني أنه توفي قريبًا من سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة واستفدت كثيرًا من تاريخه.
 
أخبرنا عمر بن القواس أنا ابن الحرستاني حضورا أنا جمال الإسلام أنا الحسين بن طلاب أنا محمد بن أحمد الغساني نا يزيد بن محمد الأزدي نا محمد بن عبد الله الحضرمي نا أحمد بن أسد البجلي أنا المحاربي عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن جابر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من نصر أخاه بالغيب نصره الله -عز وجل- في الدنيا والآخرة".
 
863- 15/12
 
===أبو الوليد===
 
حسان بن محمد بن أحمد بن هارون القزويني الأموي النيسابوري الحافظ الفقيه الشافعي أحد الأعلام.
 
قال الحاكم: هو إمام أهل الحديث بخراسان وأزهد من رأيت من العلماء وأعبدهم، تفقه ببغداد على أبي العباس بن سريج، وسمع من أبي عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي والحسن بن سفيان ومحمد بن نعيم وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وطبقتهم بخراسان والعراق.
 
قلت روى عنه الحاكم وأبو طاهر بن محمش وأبو بكر الحيري القاضي وأبو الفضل أحمد بن محمد السهلي الصفار وآخرون، ومن غرائب وجوهه في المذهب أن المصلي إذا كرر الفاتحة مرتين بطلت صلاته وهو خلاف نص الإمام، وقال: الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم وادعى أنه المذهب لصحة الحديث، وهذا لا يتجه؛ لأن الشافعي لم يضعف الخبر وإنما ادعى نسخه.
 
قال الحاكم: صنف أبو الوليد المستخرج على صحيح مسلم وصنف أحكامًا على مذهب الشافعي. قال أبو سعيد الأديب سألت الثقفي قلت: من نسأل بعدك؟ قال: أبا الوليد. قال الحاكم سمعت أبا الوليد يقول: قال أبي: أي كتاب تجمع؟ قلت: أخرج على كتاب البخاري؛ قال: عليك بكتاب مسلم فإنه أكثر بركة فإن البخاري كان ينسب إلى اللفظ. قال ابن الذهبي: ومسلم أيضًا منسوب إلى اللفظ والمسألة مشكلة.
 
وكان أبو الوليد هذا من كبار الأئمة ولما مات رثاه أبو طاهر بن محمش الزيادي بقصيدة ستين بيتًا. قال الحاكم: أرانا الأستاذ أبو الوليد نقش خاتمه: الله ثقة حسان بن محمد، وقال: أرانا عبد الملك بن محمد بن عدي نقش خاتمه: الله ثقة عبد الملك بن محمد، وقال: أرانا الربيع بن سليمان نقش خاتمه: الله ثقة الربيع بن سليمان، وقال: كان نقش خاتم الشافعي: الله ثقة محمد بن إدريس.
 
مات أبو الوليد في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثلاثمائة عن اثنتين وسبعين سنة.
 
'''وفيها مات''' أحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي العطشي، وأبو الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين بن السندي الصابوني، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان المخزومي الدمشقي، وأبو الطاهر عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن عمرويه الصفار عرف بابن علم وأبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن القاسم بن أبي سعد أنبأتنا عائشة بنت أحمد أنا الحسن بن علي البشتي نا يحيى بن إبراهيم المزكي نا الزاهد إمام عصره أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه نا أبو عبد الله البوشنجي نا يحيى بن بكير
 
حدثني الليث عن ابن الهاد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة {{عنها}} قالت: كان رسول الله {{صلل}} يدعو في صلاته: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم". فقيل له: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؛ قال: "إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف". <ref> رواه البخاري في الأذان باب 149. ومسلم في المساجد حديث 129. وأبو داود في الصلاة باب 149. والنسائي في السهو باب 14.</ref>
 
864- 16/12
 
===أبو الحسين الرازي===
 
الحافظ الإمام محدث الشام محمد بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد والد تمام الرازي.
 
سمع محمد بن أيوب بن الضريس ومحمد بن حفص المهرقاني وعلي بن الحسين بن الجنيد وعبد الوهاب بن مسلم بن وارة ومحمد بن جعفر القتات الكوفي وجعفر بن محمد الفريابي والحسن بن سفيان بفسا وطبقتهم، ولحق بدمشق أصحاب هشام، واستوطنها وجمع وألف؛ روى عنه ولده وأبو الحسن بن جهضم وعبد الرحمن بن عمر بن نصر وعقيل بن عبيد الله بن عبدان؛ ذكره عبد العزيز الكتاني في الوفيات فقال: كان ثقة نبيلا مصنفًا. مات في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة. يقع لنا حديثه نازلا.
 
أخبرنا علي بن أحمد في كتابه أنا أبو القاسم القاضي أنا عبد الكريم بن حمزة أنا عبد العزيز بن أحمد أنا تمام بن محمد الحافظ أنا أبي نا أحمد بن محمد بن عبد العزيز الوشاء ببغداد نا أبو معمر القطيعي نا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن سهل بن حرب عن عياض الأشعري عن أبي موسى الأشعري قال: قرأت عند النبي، {{صلل}}: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال: "هم قومك أهل اليمن".
 
865- 17/12
 
===أبو سعيد بن يونس===
 
الحافظ الإمام الثبت عبد الرحمن بن أحمد ابن الإمام يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري صاحب تاريخ مصر.
 
ولد سنة إحدى وثمانين ومائتين، سمع أباه وأحمد بن حماد زغبة وعلي بن سعيد الرازي وعبد الملك بن يحيى بن بكير وأبا عبد الرحمن النسائي وأبا يعقوب المنجنيقي وعبد السلام بن سهل البغدادي وطبقتهم، ولم يرحل ولا سمع بغير مصر لكنه إمام في هذا الشأن متيقظ، روى عنه أبو عبد الله بن منده وأبو محمد بن النحاس وعبد الواحد بن محمد البلخي وآخرون اختصرت تاريخه وعلقت منه أحاديث.
 
توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وله ست وستون سنة.
 
'''وفيها مات''' مفتي دمشق ومسندها أبو الحسن أحمد بن سليمان بن أيوب بن حاتم الأسدي الدمشقي وكان يدرس مذهب الأوزاعي، وببغداد أبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة، وبنيسابور أبو الفضل إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني، وببغداد أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس العقبي الدهقاني، ونحوي العراق أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي النحوي، روى مشيخة الفسوي وتاريخه عنه، ومحدث دمشق أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن راشد البجلي، ومسند الكوفة أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماتي الزبيدي مولاهم.
 
أنبأنا أحمد بن أبي الخير عن يحيى بن يونس عن أحمد بن عبد الجبار الصيرفي عن محمد بن علي الحافظ أنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن أبي يزيد الأزدي أنا عبد الواحد بن محمد بن مسرور البلخي أنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد الحافظ نا عبد الكريم بن إبراهيم المرادي نا حرملة نا ابن وهب أخبرني أبو هانئ عن العباس بن جليد الحجري عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله {{صلل}} قال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى كاد يورثه".
 
أخبرنا سليمان بن أبي عمر أنبأنا محمود بن إبراهيم أنا أبو الخير محمد بن أحمد أنا عبد الوهاب بن محمد أنا أبي أنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد نا إسحاق بن إبراهيم البغدادي نا محمد بن المثنى نا عبد الصمد نا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم قال: رأيت شيخًا يقال له: سرق، فقلت: ما هذا الاسم؟ قال: سمانيه رسول الله، {{صلل}}.
 
866- 18/12
 
===ابن الحداد===
 
العلامة الحافظ شيخ عصره أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الكناني المصري الشافعي صاحب الفروع المشهورة.
 
روى عن أبي الزنباع وأبي يزيد القراطيسي ومحمد بن عقيل الفريابي ومحمد بن جعفر ابن الإمام وأبي عبد الرحمن النسائي، ولزمه وتخرج به وعول عليه وكان من أوعية العلم ذا لسن وفصاحة وبصر بالحديث والفقه والنحو، وكان متعبدًا كثير الصلاة بعيد الصيت، قال ابن زولاق لما ذكره في قضاة مصر قال: كان تقيًّا متعبدًا يحسن علومًا كثيرة: علم القراءات وعلم الحديث والرجال والكنى واختلاف العلماء والنحو واللغة والشعر وأيام الناس، يختم في كل يوم القرآن ويصوم يومًا ويفطر يومًا، كان من محاسن مصر، وكان طويل اللسان حسن الثياب والمركوب غير مطعون عليه في لفظ ولا فعل، وكان صادقًا بالقضاء. صنف كتاب القضاء في أربعين جزءًا، وكتاب الفرائض في نحو مائة جزء، مات عند قدومه من الحج سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وله ثمانون سنة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا الحسن بن علي الجوهري أنا محمد بن أحمد النسابة أنا أبو المعالي بن صابر أنا علي بن الموازيني أنا محمد بن سعدان أنا يوسف بن القاسم القاضي سمعت أبا بكر محمد بن أحمد الحداد سمعت أبا عبد الرحمن النسائي سمعت عبيد الله بن فضالة سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الشافعي إمام.
 
867- 19/12
 
===الأسداباذي===
 
الحافظ المتقن الإمام أبو عبد الله الزبير بن عبد الواحد بن محمد بن زكريا أحد الأئمة.
 
سمع محمد بن نصير الأصبهاني والفضل بن الحباب الجمحي والحسن بن سفيان وعبد الله بن ناجية وعبدان الجواليقي وأبا يعلى الموصلي وأبا العباس السراج وابن قتيبة العسقلاني وطبقتهم، وقد سمع الدارقطني من محمد بن مخلد العطار: نا الزبير بن عبد الواحد قال الحاكم: كان من الصالحين الثقات الحفاظ صنف الأبواب والشيوخ. قلت: حدث عنه أبو عبد الله الحاكم وأبو بكر الجوزقي وأبو عبد الله بن منده ويحيى بن إبراهيم المزكي والقاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي وآخرون. توفي بأسداباذ من أعمال همذان في شهر ذي الحجة سنة سبع وأربعين وثلاثمائة؛ وقد سمع بمصر وبدمشق، قال الخطيب: كان حافظًا متقنًا مكثرًا. أخبرنا ابن علان وغيره كتابة، قالوا: أنا أبو اليمن الكندي أنا أبو منصور القزاز أنا أبو بكر الخطيب أنا الأزهري نا الدارقطني نا محمد بن مخلد العطار نا الزبير بن عبد الواحد حدثني محمد بن بشر وعبد الملك بن محمد الحراني قالا: نا هاشم بن مرثد، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: الشافعي صدوق وليس به بأس.
 
868- 20/12
 
===محمد بن داود بن سليمان===
 
الحافظ الزاهد الحجة شيخ الصوفية أبو بكر النيسابوري.
 
سمع محمد بن عمرو قشمرد ومحمد بن إبراهيم البوشنجي وابن الضريس والنسائي وأمثالهم بخراسان والحجاز والشام ومصر والموصل، وصنف الأبواب والشيوخ وأملى زمانًا، روى عنه الحاكم وابن منده وابن جميع وأبو زكريا المزكي وخلق، وكان يعد من الأولياء، قال الدارقطني: ثقة فاضل. وعنه قال: أكلت في أيام القحط رغيفًا واحدًا في أربعين يومًا بالبصرة، كنت إذا جعت قرأت "يس" بنية الشبع. وقال الخليلي: معروف بالحفظ بين حفظه وعلمه في فوائد أملاها. قلت: توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا عمر بن عبد المنعم أنا عبد الصمد بن محمد حضورًا أنا علي بن المسلم أنا ابن طلاب أنا ابن جميع الغساني نا محمد بن داود ببغداد أنا محمد بن عمرو بن النضر ومحمد بن موسى قالا: نا يحيى بن يحيى التميمي نا عباد بن كثير عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن طلب كسب الحلال فريضة بعد الفريضة". عباد واه.
 
869- 21/12
 
===أبو علي===
 
الحافظ الإمام محدث الإسلام الحسين بن علي بن يزيد بن داود النيسابوري أحد جهابذة الحديث.
 
قال أبو عبد الله الحاكم: هو واحد عصره في الحفظ والإتقان والورع والمذاكرة والتصنيف، سمع إبراهيم بن أبي طالب وعلي بن الحسين وعبد الله بن شيرويه وجعفر بن أحمد الحافظ والحسين بن إدريس ومحمد بن عبد الرحمن السامي والحسن بن سفيان ومحمد بن جعفر الكوفي القتات وأبا خليفة الجمحي ومحمد بن نصير مسند أصبهان والحسن بن الفرج الغزي صاحب يحيى بن بكير، وعمران بن موسى بن مجاشع وأبا عبد الرحمن النسائي وأبا يعلى الموصلي وعبدان الأهوازي وخلائق من طبقتهم بخراسان والحجاز والشام والعراق ومصر والجزيرة والجبال.
 
مولده سنة سبع وسبعين ومائتين وأول سماعه كان في سنة أربع وتسعين وكان في حداثته يشتغل بالصناعة فنصحه بعض العلماء وأشار عليه بطلب العلم لما شاهد من ذكائه. وعن أبي علي قال: دخلت إلى هراة في سنة خمس وتسعين وحضرت أبا خليفة وهو يهدد وكيلا له ويقول: تعود يا لكع؟ فيقول: لا، أصلحك الله؛ فقال: بل أنت لا أصلحك الله، قم عني. قال الحاكم: كنت أرى أبا علي معجبًا بأبي يعلى الموصلي وبإتقانه، قال: كان لا يخفى عليه من حديثه إلا اليسير، ولولا اشتغاله باستماع كتب القاضي أبي يوسف من بشر بن الوليد لأدرك بالبصرة أبا الوليد الطيالسي وسليمان بن حرب.
 
قال الحاكم: كان أبو علي باقعة في الحفظ لا يطاق مذاكرته ولا يفي بمذاكرته أحد من حفاظنا، خرج إلى بغداد ثانيًا في سنة عشر وقد صنف وجمع فأقام ببغداد وما بها أحد أحفظ منه إلا أن يكون أبو بكر الجعابي فإني سمعت أبا علي يقول: ما رأيت ببغداد أحفظ منه وسمعت الحافظ أبا على يقول: كتب عني أبو محمد بن صاعد غير حديث في المذاكرة، وكتب عني ابن جوصا جملة. قلت: وحدث عنه أبو بكر أحمد بن إسحاق الصبغي وأبو الوليد الفقيه وهما أكبر منه وأبو عبد الله بن منده وأبو عبد الله الحاكم وأبو طاهر بن محمش وأبو عبد الرحمن السلمي وطائفة سواهم.
 
قال أبو بكر بن أبي دارم الحافظ: ما رأيت ابن عقدة يتواضع لأحد من الحفاظ كتواضعه لأبي علي النيسابوري. قال الحاكم: وسمعت أبا علي يقول: اجتمعت ببغداد مع أبي أحمد العسال وأبي إسحاق بن حمزة وأبي طالب بن نصر وأبي بكر الجعابي فقالوا: أمل من حديث نيسابور مجلسًا؛ فامتنعت فما زالوا بي حتى أمليت عليهم ثلاثين حديثًا ما أجاب واحد منهم في حديث منها سوى ابن حمزة في حديث واحد، قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت أبا الحسن الدارقطني عن أبي علي النيسابوري فقال: إمام مهذب.
 
أنبأني المسلم بن محمد عن القاسم بن علي أنا أبي أنا أخي أبو الحسين سمعت أبا طاهر السلفي سمعت غانم بن أحمد سمعت أحمد بن الفضل الباطرقاني سمعت ابن منده يقول سمعت أبا علي النيسابوري يقول -وما رأيت أحفظ منه- قال: وما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم. قال عبد الرحمن بن منده سمعت أبي يقول: ما رأيت في اختلاف الحديث والإتقان أحفظ من أبي علي النيسابوري.
 
قال القاضي أبو بكر الأبهري سمعت أبا بكر بن داود يقول لأبي علي النيسابوري: من إبراهيم عن إبراهيم عن إبراهيم؟ فقال: إبراهيم بن طهمان عن إبراهيم بن عامر البجلي عن إبراهيم النخعي. فقال: أحسنت يا أبا علي. قال الحاكم كان أبو علي يقول: ما رأيت في أصحابنا مثل الجعابي حيرني حفظه. قال: فحكيت هذا لأبي بكر فقال: يقول أبو علي هذا وهو أستاذي على الحقيقة. قال الحاكم: توفي في جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. أخبرنا أبو سعيد سنقر الزيني وأبو نصر محمد بن محمد الفارسي قالا: أنا علي بن محمود أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو عبد الله الثقفي أنا أبو عبد الرحمن السلمي إملاء أنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ نا عبد الصمد بن سعيد الحمصي نا الحسين بن خالد عن محمد بن زياد عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله، {{صلل}}: "لا يغلق الرهن".
 
أخبرنا محمد بن حازم أنا محمد بن غسان وأخبرنا أحمد بن هبة الله أنا زين الأمناء "ح" وأنا أبو علي الجوهري أنا مكرم القرشي قالوا: أنا سعيد بن سهل أنا علي بن أحمد المؤذن أنا أبو عبد الرحمن السلمي أنا الحسين بن علي الحافظ أنا محمد بن علي بن الحسن الرقي نا سليمان بن عمرو الرقي نا ابن علية نا روح بن القاسم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي {{صلل}} قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله".
 
870- 22/12
 
===الرامهرمزي===
 
الحافظ الإمام البارع أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الفارسي الرامهرمزي القاضي.
 
صاحب كتاب المحدث الفاصل بين الراوي والواعي في علوم الحديث، سمع أباه ومحمد بن عبد الله الحضرمي الحافظ والقاضي أبا حصين الوادعي ومحمد بن حبان المازني وعبيد بن غنام النخعي والحسن بن المثنى العنبري ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة ويوسف بن يعقوب القاضي وموسى بن هارون وأبا سعيد عبد الله بن الحسن الحراني وأبا خليفة الجمحي وجعفر بن محمد الفريابي وعبدان بن أحمد الأهوازي وطبقتهم، وأول سماعه في سنة تسعين ومائتين، حدث عنه أبو الحسين محمد بن أحمد الصيداوي في معجمه والحسن بن الليث الشيرازي الحافظ وأبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه والقاضي أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النهاوندي وطوائف من أهل فارس، وقع لنا الفاصل من تأليفه وكتاب الأمثال له، وكان من أئمة هذا الشأن ومن تأمل كتابه في علم الحديث لاح له ذلك، ولم أظفر بتاريخ موته وأظنه بقي إلى حدود الخمسين وثلاثمائة، وأما أبو القاسم بن منده فذكر في كتاب الوفيات له أنه عاش إلى قرب الستين وثلاثمائة بمدينة رامهرمز، وقع لي من عواليه حديث واحد.
 
أخبرنا عمر بن عبد المنعم مرات أنا عبد الصمد بن محمد القاضي سنة سبع وستمائة وأنا في الرابعة أنا علي بن المسلم أنا الحسين بن محمد الخطيب أنا محمد بن أحمد الغساني نا الحسن بن عبد الرحمن برامهرمز نا أحمد بن حماد بن سفيان نا عبد الله بن حفص البراد نا يحيى بن ميمون نا أبو الأشهب العطاردي عن الحسن عن أبي أيوب {{عنه}} قال: قال لي رسول الله، {{صلل}}: "يا أبا أيوب ألا أدلك على عمل يرضاه الله، عز وجل؟ أصلح بين الناس إذا تفاسدوا وحبب بينهم إذا تباغضوا". يحيى هذا بصري نزل بغداد تركه الدارقطني وغيره، مات سنة تسعين ومائة وقد أخرج له أبو داود في سننه.
 
871- 23/12
 
===ابن سعد===
 
الحافظ العلامة أبو محمد عبد الله بن أحمد بن سعد النيسابوري الحاجي البزاز أحد الأثبات.
 
ذكره الحاكم وحدث عنه وقال: كتب الكثير وجمع الشيوخ والأبواب والملح ولم يرحل، سمع محمد بن إبراهيم البوشنجي وأحمد بن النضر وإبراهيم بن أبي طالب والسراج وطبقتهم، ثم كتب عن أربع طبقات بعدهم، وقد سألت عنه عبد الله بن شيرويه فقال: ثقة مأمون توفي أبو محمد فجأة في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وهو في عشر الثمانين.
 
أخبرنا أحمد بن تاج الأمناء عن أبي روح البزاز أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو بكر البيهقي نا أبو عبد الله الحافظ حدثني عبد الله بن سعد الحافظ نا محمد بن إسحاق الثقفي نا محمد بن عثمان بن كرامة نا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال أخبرني شريك عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب" الحديث، آخره: "وأكره مساءته". أخرجه البخاري والظاهر أنه لم يروه عن خالد غير ابن كرامة، قال البيهقي: ورواه أيضًا عبد الواحد عن مولاه عروة عن عائشة عن النبي {{صلل}} بمعناه يزيد وينقص.
 
872- 24/12
 
===النقاش===
 
العلامة الرحال الجوال أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي ثم البغدادي المقرئ المفسر أحد الأعلام.
 
كنت قد أهملته لوهنه ثم رأيت أن أذكره وأذكر عجره وبجره، مولده سنة ست وستين ومائتين، قاله ابن أبي الفوارس، قلت: روى عن إسحاق الختلي وأبي مسلم الكجي وإبراهيم بن زهير الحلواني ومحمد بن علي الصائغ المكي وأحمد بن أنس الدمشقي ومطين ومحمد بن عبد الرحمن السامي والحسن بن سفيان وطبقتهم، فأكثر وأغرب وأعجب، وتلا على هارون الدمشقي الأخفش وأبي ربيعة وابن الحباب والحسن بن أبي مهران وعدة، فذكر أن قراءته على ابن أبي مهران في سنة خمس وثمانين ومائتين، قرأ عليه خلق منهم ابن مهران مؤلف الغاية وعبد العزيز الفارسي شيخ الداني، والحمامي والنهرواني وعلي بن جعفر السعيدي وأبو القاسم الزيدي الحراني خاتمة أصحابه، روى عنه شيخه ابن مجاهد وابن شاهين والدارقطني وأبو أحمد القرطبي وأبو علي بن شاذان وخلق. وهو مصنف كتاب شفاء الصدور في التفسير، وكتاب غريب القرآن، والموضح في معاني القرآن، والمناسك، وأخبار القصاص، وذم الحسد، والمعجم الأكبر في أسماء القراء، وكتاب علل القراءات، وكتاب السبعة، وكتاب دلائل النبوة، وأشياء، ومع جلالته ونبله فهو متروك الحديث وحاله في القراءات أمثل، قال أبو عمرو الداني: النقاش مقبول الشهادة. وأما طلحة بن محمد بن جعفر فقال: النقاش يكذب في الحديث والغالب عليه القصص. وقال البرقاني: كل حديثه منكر. وقال اللالكائي: تفسيره إشفاء الصدور لا شفاء الصدور. قلت: يعني مما فيه من الموضوعات. وقال الخطيب: في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة. مات النقاش في شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.
 
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنبلي في كتابه أنا عبد الله بن أحمد الفقيه أنا أبو بكر بن النقور أنا أبو سعيد محمد بن عبد الملك أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد نا أحمد بن عبد الرحيم الجرجاني نا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله، {{صلل}}: "أقرب ما يكون العبد من الله إذا كان ساجدًا". <ref> رواه مسلم في الصلاة حديث 215. والنسائي في المواقيت باب 35. والترمذي في الدعوات باب 118. وأحمد في مسنده 2/ 421.</ref> قرأت على أحمد بن إسحاق أخبركم الفتح بن عبد السلام أن هبة الله بن الحسين أخبرهم قال: أنا أحمد بن محمد البزاز أنا علي بن عيسى إملاء أنا أبو بكر محمد بن الحسن المقرئ حدثني أبو العباس أحمد بن يحيى أنا عمر بن شبة أنا عبيد بن جناد أخبرني عطاء بن مسلم قال: قال السدي: أتيت كربلاء أبيع البز بها فعمل لنا شيخ من طيء طعامًا فتعشينا عنده فذكرنا قتل الحسين فقلت: ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة؛ فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق فأنا ممن شرك في ذلك، فلم نبرح حتى دنا من المصباح ليصلحه وهو يتقد فذهب يخرج الفتيلة بأصبعه فأخذت النار فيها فأخذ يطفئها بريقه فأخذت النار لحيته فعدا فألقى نفسه في الماء فرأيته كأنه حممة.
 
873- 25/12
 
===أبو إسحاق بن حمزة===
 
الحافظ الثبت الكبير إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة الأصبهاني أحد الأعلام.
 
سمع أبا شعيب الحراني ومحمد بن عبد الله مطينا ويوسف بن يعقوب القاضي ومحمد بن عثمان العبسي وأبا خليفة الجمحي وطبقتهم، حدث عنه أبو عبد الله بن منده وعلي بن عبد كويه وأبو بكر بن مردويه وأبو بكر بن أبي علي الذكواني وأبو نعيم الحافظ وخلق كثير، قال أبو نعيم: هو أوحد زمانه في الحفظ، لم نر بعد عبد الله بن مظاهر في الحفظ مثله، جمع الشيوخ والمسند، وجده عمارة هو حمزة بن يسار بن عبد الرحمن بن حفص أخي صاحب الدولة أبي مسلم الخراساني. قال أبو عبد الله بن منده: لم أر أحفظ من أبي إسحاق بن حمزة. وقال أبو جعفر بن أبي السري: سمعت أبا العباس بن عقدة يقول: ما رأيت مثل ابن حمزة في الحفظ. وقال الحاكم: كان في عصرنا جماعة بلغ المسند المصنف على التراجم لكل واحد منهم ألف جزء، منهم إبراهيم بن حمزة والحسين بن محمد الماسرجسي.
 
قال أبو نعيم: مات في سابع رمضان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. قلت: عاش ثمانين سنة أو نحوها، وأبوه من كبار مشيخة أصبهان. أخبرنا أحمد بن سلامة إجازة عن مسعود بن أبي منصور أنا أبو علي المقرئ أنا أبو نعيم نا أبو إسحاق بن حمزة نا أبو جعفر الحضرمي نا عبادة بن زياد نا يونس بن أبي يعفور عن أبيه سمعت ابن عمر، سمعت عمر يقول: سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي". قال الحاكم في معرفة مزكي الأخبار: كان ابن حمزة يفي بمذاكرة مسانيد الصحابة ترجمة ترجمة. اعترف له بالتفرد بحفظ المسند أبو بكر بن الجعابي وأبو علي النيسابوري ومشايخنا، سألت أبا عبد الله بن منده عن وفاته فقال: سنة تسع وخمسين، قلت: الأول أصح.
 
سمعت الفقيه أبا القاسم الداركي يقول: جمع الصاحب بن عباد حفاظ بلدنا بأصبهان: العسال والطبراني وابن حمزة وغيرهم وحضرت وكان قد قدم عليه ابن الجعابي فأخذوا في مذاكرة الأبواب ثم ثنوا بذكر تراجم الشيوخ فظهر العجز في كل منهم عن حفظ أبي إسحاق ومذاكرته. قال الحاكم: وسمعت أبا علي الحافظ يقول: كان أبو عبيد بن حربويه انصرف من قضاء مصر فقدم بغداد وكان يروي عن الأشعث وعمر بن شبة، ثم ارتقى إلى بندار وأبي موسى فلما قدم حدث عن أبي الربيع الزهراني وإبراهيم بن الحجاج السامي وكان إبراهيم بن محمد بن حمزة يختص به فقال لي إبراهيم: إن أبا عبيد قال له: قد عزمت أن أحدث عن أبي الوليد والحوضي فقلت: الله الله أيها القاضي، فإنا نرجم.
 
874- 26/12
 
===أحمد بن منصور بن عيسى===
 
الإمام الحافظ الفقيه أبو أحمد الطوسي الأديب.
 
ذكره الحاكم فبالغ في وصفه وقال: ورد نيسابور مرات وقل من رأيت من المشايخ أجمع منه، سمع عبد الله بن شيرويه وإبراهيم بن إسحاق الأنماطي وطبقتهما، ولقد وردت طوس وأبو أحمد الحافظ بها على القضاء فسمعته يقول: إني لأتبجح بأحمد بن منصور أن يكون رجوعي في السؤال عن المشايخ إليه. ثم قال الحافظ أبو عبد الله: توفي أبو أحمد سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
875- 27/12
 
===الطبراني===
 
الحافظ الإمام العلامة الحجة بقية الحفاظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني مسند الدنيا.
 
ولد سنة ستين ومائتين، وسمع في سنة ثلاث وسبعين وهلم جرا بمدائن الشام والحرمين واليمن ومصر وبغداد والكوفة والبصرة وأصبهان والجزيرة وغير ذلك، وحدث عن ألف شيخ أو يزيدون.
 
وصنف المعجم الكبير، وهو المسند سوى مسند أبي هريرة فكأنه أفرده في مصنف، والمعجم الأوسط في ست مجلدات كبار على معجم شيوخه يأتي فيه عن كل شيخ بما له من الغرائب والعجائب، فهو نظير كتاب الأفراد للدارقطني بيَّن فيه فضيلته وسعة روايته، وكان يقول: هذا الكتاب روحي، فإنه تعب عليه، وفيه كل نفيس وعزيز ومنكر، وصنف المعجم الصغير وهو عن كل شيخ له حديث واحد، وصنف أشياء كثيرة وكان من فرسان هذا الشأن مع الصدق والأمانة، سمع هاشم بن مرثد الطبراني وأبا زرعة الثقفي وإسحاق الدبري وإدريس العطار وبشر بن موسى وحفص بن عمر سنجة ألف، وعلي بن عبد العزيز البغوي ومقدام بن داود الرعيني ويحيى بن أيوب العلاف وأبا عبد الرحمن النسائي وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ونظراءهم، وحرص عليه في صباه أبوه ورحل به وكان يروي عن دحيم وغيره.
 
مولد الطبراني بعكا في صفر من سنة ستين وأمه عكاوية وله كتاب الدعاء في مجلد كبير، وكتاب المناسك، وكتاب عشرة النساء، وكتاب السنة، وكتاب الطوالات، وكتاب النوادر، وكتاب دلائل النبوة، وكتاب مسند شعبة، وكتاب مسند سفيان، وعمل أسانيد جماعة من الكبار، وله كتاب حديث الشاميين، وكتاب الأوائل، وكتاب الرمي، وله تفسير كبير وأشياء لم نقف عليها.
 
حدث عنه أبو خليفة الجمحي وابن عقدة وأحمد بن محمد الصحاف وهؤلاء من شيوخه وأبو بكر بن مردويه والفقيه أبو عمر محمد بن الحسين البسطامي والحسين بن أحمد بن المرزبان وأبو بكر بن أبي علي الذكواني وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي وأبو نعيم الحافظ وأبو الحسين بن فادشاه ومحمد بن عبيد الله بن شهريار وعبد الرحمن بن أحمد الصفار وأبو بكر بن ريذة خاتمة أصحابه، وبقي بعده عامين عبد الرحمن بن الذكوان يروي عنه بالإجازة.
 
ذكر تواليف الطبراني، سماها ولم ير أكثرها الحافظ يحيى بن منده: معجمه، مائتا جزء. معجمه الأوسط، ثلاث مجلدات. معجمه الصغير، مجلد. مسند العشرة، ثلاثون جزءًا. مسند الشاميين، مجلدات. النوادر، مجلد. معرفة الصحابة، مجلد. فوائده، عشرة أجزاء. مسند أبي هريرة، كبير. مسند عائشة. التفسير، كبير. دلائل النبوة، مجلد. الدعاء. السنة، مجلد. الطوالات، مجلد. حديث شعبة، مجلد. حديث الأعمش، مجلد. الأوزاعي، مجلد. شيبان، مجلد. أيوب، مجلد. عشرة النساء، جزء. مسند أبي ذر، جزءان. الرؤية، جزء. الجود، جزء. العلم الألوية، جزء. فضل رمضان، جزء. الفرائض، جزء. الرد على المعتزلة، جزء. الرد على الجهمية، جزء. مكارم الأخلاق العزاء، جزء. الصلاة على رسول الله، {{صلل}}، جزء. المأموم، جزء. الغسل، جزء. فضل العلم، جزء. ذم الرأي، جزء. تفسير الحسن، جزءان. الزهري عن أنس، جزءان. ابن المنكدر عن جابر، جزء. مسند أبي إسحاق السبيعي. حديث يحيى بن أبي كثير. حديث مالك بن دينار. ما روى الحسن عن أنس. حديث ربيعة. حديث حمزة الزيات. حديث مسعر. حديث أبي سعد البقال. طرق حديث من كذب علي، جزء. النوح، جزء. مسند ابن جحادة، من اسمه عباد، من اسمه عطاء، من اسمه شعبة. أخبار عمر بن عبد العزيز. عبد العزيز بن رفيع. مسند روح بن القاسم. فضل عكرمة. أمهات النبي، {{صلل}}. مسند عمارة بن غزية، وطلحة بن مصرف، وجماعة. مسند العبادلة، كبير. أحاديث أبي عمرو بن العلاء. غرائب مالك، جزء. أبان بن تغلب، جزء. حريث بن أبي مطر. وصية أبي هريرة. مسند الحارث العكلي. فضائل الأربعة الراشدين، جزءان. مسند ابن عجلان. كتاب الأشربة. كتاب الطهارة. كتاب الإمارة. عشرة النساء. مسند أبي أيوب الأفريقي. مسند زياد الجصاص. مسند زافر. وأشياء عدة.
 
قال الذكواني: سئل الطبراني عن كثرة حديثه فقال: كنت أنام على البواري ثلاثين سنة. قال أبو نعيم: دخل الطبراني أصبهان سنة تسعين وسمع وسافر ثم قدمها فاستوطنها ستين سنة. وقال ابن مردويه: قدم الطبراني سنة عشر فقبله أبو علي بن رستم العامل وضمه إليه وجعل له معلومًا من دار الخراج وكان يتناوله إلى أن مات. قال أبو عمر بن عبد الوهاب السلمي: سمعت الطبراني: لما قدم ابن رستم من فارس أعطاني خمسمائة درهم فلما كان في آخر أمره أخذ يتكلم في أبي بكر وعمر {{عنهما}} ببعض الشيء فخرجت ولم أعد إليه بعد.
 
قال ابن فارس صاحب اللغة: سمع الأستاذ ابن العميد يقول: ما كنت أظن في الدنيا كحلاوة الوزارة والرئاسة التي أنا فيها حتى شاهدت مذاكرة الطبراني وأبي بكر الجعابي بحضرتي وكان الطبراني يغلبه بكثرة حفظه وكان أبو بكر يغلبه بفطنته حتى ارتفعت أصواتهما إلى أن قال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي؛ فقال: هات. قال: أنا أبو خليفة أنا سليمان بن أيوب، وحدث بحديث فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيوب ومني سمعه أبو خليفة فأسمعه مني عاليًا؛ فخجل الجعابي فوددت أن الوزارة لم تكن وكنت أنا الطبراني وفرحت كفرحه.
 
قال جعفر بن أبي السري: سألت ابن عقدة أن يعيد لي فوتًا وشددت عليه فقال: من أين أنت؟ قلت: من أصبهان، فقال: ناصبة، فقلت: لا تقل هذا فيهم فقهاء ومتشيعة فقال: شيعة معاوية؟ قلت: بل شيعة علي {{عنه}} وما فيهم إلا من علي أعز عليه من عينه وأهله، فأعاد علي ما فاتني ثم قال لي: سمعت من سليمان بن أحمد اللخمي؟ فقلت: لا أعرفه؛ فقال: يا سبحان الله؛ أبو القاسم ببلدكم وأنت لا تسمع منه وتؤذيني هذا الأذى، ما أعرف له نظيرًا.
 
وقال: أتعرف إبراهيم بن محمد بن حمزة؟ قلت: نعم، قال: ما رأيت مثله في الحفظ. قال ابن منده: الطبراني أحد الحفاظ المذكورين، حدث عن أحمد بن عبد الرحيم البرقي ولم يحتمل سنة لقيه. قلت: نعم، ولكن ما أراده الطبراني ولا قصد الرواية عنه، إنما روى عن عبد الرحيم بن البرقي السيرة وغير ذلك فغلط في اسمه وسماه باسم أخيه بلا شك، والخطب في ذلك يسير، وقد نبه على ذلك الحافظ أبو العباس أحمد بن منصور الشيرازي، فإنه قال: كتبت عن الطبراني ثلاثمائة ألف حديث وهو ثقة إلا أنه كتب بمصر عن شيخ وكان له أخ سماه باسمه غلطًا.
 
قال سليمان بن إبراهيم الحافظ: قال الباطرقاني: كان ابن مردويه سيئ الرأي في الطبراني؛ ثم قال سليمان: فقال له أبو نعيم: كم كتبت عنه؟ فأشار إلى حزم؛ فقال أبو نعيم: فمن رأيت مثله؟ فلم يقل شيئًا. قال الحافظ الضياء: قد ذكر ابن مردويه في تاريخه الطبراني فما ضعفه. قلت: فدل على أنه تبين له أنه صدوق. قال أبو نعيم: توفي لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ستين وثلاثمائة. قلت: استكمل مائة عام وعشرة أشهر، وحديثه قد ملأ البلاد، فإن في زمان إسماعيل بن محمد التيمي الحافظ كان رائجًا سمعه الطلبة، ثم في زمان ابن ناصر وأبي العلاء الهمذاني نفق سوقه وسمعوه كثيرًا، ثم في زمن أبي موسى المديني عد من أعلى ما يسمع، وسمع الحافظ عبد الغني إذ ذاك المعجم الكبير وحصله؛ ثم ارتحل ابن خليل والضياء وهؤلاء وتنافسوا في سماعه، وفي سنة ست وستمائة انفرد بعلوه أسعد بن سعيد وامتلأت الأجزاء والتخاريج منه.
 
أخبرنا ابن أبي الخير وجماعة كتابة عن أبي جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أنا ابن ريذة أنا أبو القاسم الطبراني نا عبد الله بن محمد بن أبي مريم نا الفريابي نا إسرائيل عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن أبيه أن امرأة خرجت على عهد رسول الله {{صلل}} تريد الصلاة فلقيها رجل فقضى حاجته منها، فصاحت فانطلق فمر عليها رجل فقالت: ذاك الرجل فعل بي كذا وكذا، فأخذوا ذلك الرجل الذي ظنت، فقالوا: هذا؟ قالت: نعم، هو هذا، فأتوا به إلى النبي {{صلل}} فلما أمر به قام صاحبها الذي وقع عليها فقال: أنا صاحبها، فقال: "ادن مني فقد غفر الله لك"، وقال للآخر قولًا حسنًا، فقالوا: أنرجمه؟ فقال: "لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة قبل منهم". هذا حديث منكر جدًّا على نظافة إسناده، صححه الترمذي ورواه عن الذهلي عن محمد بن يوسف فوقع لنا بدلًا عاليًا.
 
876- 28/12
 
===الزيدي===
 
الحافظ الإمام أبو أحمد حامد بن أحمد بن محمد بن أحمد المروزي المشهور بالزيدي؛ لاعتنائه بحديث زيد بن أبي أنيسة.
 
استوطن طرسوس مرابطًا، وحدث ببغداد عن محمد بن نصر بن شيبة وأبي رجاء محمد بن حمدويه وأحمد بن سورة المراوزة وعلي بن الحسن بن سلم الأصبهاني ومحمد بن العباس الدمشقي؛ روى عنه محمد بن إسماعيل الوراق والدارقطني وابن الثلاج وابن جميع الغساني؛ وقد انتقى على خيثمة الأطرابلسي وغيره، مات في الكهولة. قال الخطيب: كان ثقة مذكورًا بالفهم، موصوفًا بالحفظ. قال طلحة بن محمد بن جعفر: مات أبو أحمد الزيدي الحافظ سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة. وكذا أرَّخه ابن الثلاج ومحمد بن الفياض وزاد: في رمضان.
 
وقال أبو سعيد بن يونس: مات حامد بن محمد أبو أحمد المروزي الزيدي وكان يحفظ ويفهم في رمضان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ببغداد. قال الخطيب: والأول أصح، وبلغني أن مولده سنة اثنتين وثمانين ومائتين. ومات معه جماعة ذكروا مع ابن الأنباري.
 
أخبرنا ابن القواس أنا ابن الحرستاني أنا ابن المسلم أنا ابن طلاب أنا ابن جميع نا حامد بن محمد أبو أحمد الحافظ نا محمد بن عمران بن موسى نا محمد بن يحيى القصري نا بشر بن عباد عن عزرة بن ثابت عن مطرف الوراق عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي رسول الله {{صلل}} بثلاث؛ الوتر قبل النوم وصيام ثلاثة أيام من كل شهر والغسل يوم الجمعة. غريب.
 
877- 29/12
 
===خالد بن سعد===
 
الحافظ العلامة أبو القاسم الأندلسي القرطبي.
 
سمع محمد بن فطيس وسليمان بن قريش وسعيد بن عثمان الأعناقي وطاهر بن عبد العزيز وخلقًا، وليس هو من أهل هذه الطبقة إلا بقدم موته، صنف كتاب رجال الأندلس، وكان إمامًا حجة مقدمًا على حفاظ زمانه بقرطبة يعد من الأذكياء، قيل: إنه حفظ من مرة واحدة عشرين حديثًا. وبلغنا أن المستنصر صاحب الأندلس كان يقول: إذا فاخرنا أهل المشرق بيحيى بن معين فاخرناهم بخالد بن سعد؛ وقيل: إن خالدًا كان بذيء اللسان ينال من أعراض الناس؛ سامحه الله. توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.
 
أخبرنا جماعة إذنا عن الإمام أبي محمد المقدسي أنا أبو الفتح بن البطي أنا أبو عبد الله الحميدي أنا أبو عمر بن عبد البر في كتابه أنا قاسم بن محمد نا خالد بن سعد أنا أحمد بن عمر نا ابن سنجر نا الفضل بن دكين نا شريك فذكره، يعني: فذكر عن الكلبي عن حميضة بن الشمردل عن الحارث بن قيس: أسلمت وعندي ثماني نسوة فأتيت النبي {{صلل}} فأمرني أن أختار منهن أربعًا.
 
878- 30/12
 
===ابن أبي عثمان===
 
الحافظ الإمام أبو سعيد أحمد بن أبي بكر محمد ابن الحافظ الكبير أبي عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري النيسابوري.
 
سمع أبا عمرو الخفاف وعبد الله بن شيرويه والحسن بن سفيان والهيثم بن خلف الدوري وحامد بن شعيب والقاسم بن الفضل الرازي وطبقتهم بخراسان والعراق والجبال، وكان ذا أموال وحشمة وفضائل، روى عنه الحاكم كثيرًا وقال: صنف التفسير الكبير، والصحيح المخرج على كتاب مسلم، وغير ذلك. قال: ولما خرج إلى بغداد خرج بعسكر كثير وأموال واجتمع عليه ببغداد خلق كثير مجاهدون، استشهد بطرسوس سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وعاش خمسًا وستين سنة.
 
879- 31/12
 
===ابن حبان===
 
الحافظ الإمام العلامة أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد بن سهيد بن هدية بن مرة بن سعد بن يزيد بن مرة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي البستي صاحب التصانيف: سمع الحسين بن إدريس الهروي وأبا خليفة الجمحي وأبا عبد الرحمن النسائي وعمران بن موسى بن مجاشع والحسن بن سفيان وأبا يعلى الموصلي وأحمد بن الحسن الصوفي وجعفر بن أحمد الدمشقي وأبا بكر بن خزيمة وأممًا لا يحصون من مصر إلى خراسان، حدث عنه الحاكم ومنصور بن عبد الله الخالدي وأبو معاذ عبد الرحمن بن محمد بن رزق الله وأبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون الزوزني ومحمد بن أحمد بن منصور النوقاتي وخلق.
 
قال أبو سعد الإدريسي: كان على قضاء سمرقند زمانًا وكان من فقهاء الدين وحفاظ الآثار، عالمًا بالطب والنجوم وفنون العلم، صنف المسند الصحيح، والتاريخ، وكتاب الضعفاء، وفقه الناس بسمرقند. وقال الحاكم: كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ ومن عقلاء الرجال، قدم نيسابور فسمع من عبد الله بن شيرويه وغيره، ورحل إلى بخارى فلحق عمر بن محمد بن بجير، ثم ورد نيسابور سنة أربع وثلاثين وسار إلى قضاء نسا، ثم انصرف إلينا سنة سبع فأقام بنيسابور وبنى الخانقاه وقرئ عليه جملة من مصنفاته ثم خرج من نيسابور إلى وطنه سجستان عام أربعين، وكانت الرحلة إليه لسماع كتبه.
 
وقال الخطيب: كان ثقة نبيلًا فهمًا. وقد ذكره أبو عمرو بن الصلاح في طبقات الشافعية، وقال: ربما غلط الغلط الفاحش في تصرفاته. قال ابن حبان في كتاب الأنواع: لعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ. وقال أبو إسماعيل الهروي: سألت يحيى بن عمار عنه فقال: نحن أخرجناه من سجستان، كان له علم ولم يكن له كبير دين، قدم علينا فأنكر الحد لله فأخرجناه. قال ابن الذهبي: كلاهما مخطئ؛ إذ لم يأت نص بإثبات الحد ولا بنفيه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
 
قال أبو إسماعيل: سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد، سمعت أبي يقول: أنكروا على ابن حبان قوله: النبوة: العلم والعمل؛ فحكموا عليه بالزندقة وهجر، وكتب فيه إلى الخليفة فكتب بقتله. قلت: وهذا أيضًا له محمل حسن ولم يرد حصر المبتدأ في الخبر، ومثله: الحج عرفة. فمعلوم أن الرجل لا يصير حاجًّا بمجرد الوقوف بعرفة وإنما ذكر مهم الحج ومهم النبوة، إذ أكمل صفات النبي العلم والعمل، ولا يكون أحد نبيًّا إلا أن يكون عالمًا عاملًا. نعم النبوة موهبة من الله تعالى لمن اصطفاه من أولي العلم والعمل لا حيلة للبشر في اكتسابها أبدًا، وبها يتولد العلم النافع والعمل الصالح، ولا ريب أن إطلاق ما نقل عن أبي حاتم لا يسوغ، وذلك نفس فلسفي. مات أبو حاتم بن حبان في شوال سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وهو في عشر الثمانين.
 
أنبأنا المسلم بن محمد أنا الكندي أنا الشيباني أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو معاذ عبد الرحمن بن محمد السجستاني سنة ثلاث عشرة وأربعمائة قدم علينا حاجًّا أنا أبو حاتم التميمي أنا أبو خليفة أنا القعنبي عن شعبة عن منصور عن ربعي عن أبي مسعود أن النبي {{صلل}} قال: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت". <ref> رواه البخاري في الأنبياء باب 54. وأبو داود في الأدب باب 6. وابن ماجه في الزهد باب 17.</ref>
 
وأخبرني أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أنا زاهر أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن منصور النوقاتي أنا أبو حاتم محمد بن حبان نا أحمد بن الحسن الصوفي نا يحيى بن معين نا عبدة عن هشام بن عروة عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن عمر الأزدي عن ابن مسعود عن النبي {{صلل}} قال: "يحرم على النار كل هين لين قريب سهل". <ref> رواه الترمذي في القيامة باب 45.</ref> وأخبرناه عاليًا الأبرقوهي أنا ابن صرما وغيره أنا الأرموي أنا ابن النقور أنا علي السكري أنا أحمد الصوفي، فذكره.
 
قرأت على القاضي أبي الفضل بن قدامة أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أنا أبو روح عبد المعز أن تميمًا الجرجاني أخبرهم أنبأنا علي بن محمد البحاثي أنا محمد بن أحمد الزوزني أنا محمد بن حبان نا الحسن بن سفيان نا يزيد بن صالح اليشكري ومحمد بن أبان الواسطي قالا: نا جرير بن حازم، سمعت أبا رجاء العطاردي، سمعت ابن عباس وهو على المنبر يقول: قال رسول الله، {{صلل}}: "لا يزال أمر هذه الأمة قوامًا أو مقاربًا ما لم يتكلموا في الولدان والقدر". هذا حديث صالح الإسناد غريب، لم أجده في الكتب الستة.
 
قرأت على الحسن بن علي الأمين، أخبركم ابن اللتي أنا أبو الوقت أنا أبو إسماعيل الأنصاري أنا عبد الصمد بن محمد بن محمد بن صالح أنا أبي أنا محمد بن حبان، سمعت أسامة بن أحمد بمصر، سمعت ابن السرح، سمعت عبد الرحمن بن القاسم، سمعت مالكًا يقول: ما أحد ممن تعلمت العلم منه إلا صار إلي حتى سألني عن أمر دينه.
 
ومات معه في السنة مسند مصر أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عطية بن الحدال عن أربع وثمانين سنة، وحامل لواء الشعر أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكوفي عُرف بالمتنبي، ومسند نيسابور أبو العباس محمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي عن مائة سنة وأربع سنين، ومقرئ بغداد أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم العطار.
 
أنبأنا يحيى بن الصيرفي أنا عبد القادر الحافظ أنا مسعود الثقفي أنا أبو عمرو بن منده أنا أبي أنا أبو حاتم بن حبان نا عمر بن محمد بن بجير نا ابن السرح أنا ابن وهب نا بكر بن مضر عن الأوزاعي قال: بلغني أن الله إذا أراد بقوم شرًّا ألزمهم الجدل ومنعهم العمل.
 
880- 32/12
 
===ابن علان===
 
الحافظ العالم محدث خراسان أبو الحسن علي بن الحسن بن عَلّان الحراني صاحب تاريخ الجزيرة.
 
سمع أبا يعلى الموصلي ومحمد بن جرير وعبد الله بن زيدان البجلي ومحمد بن محمد الباغندي وسعيد بن هاشم الطبراني وطبقتهم، وكان واسع الرحلة كثير الطلب. حدث عنه أبو عبد الله بن منده وتمام الرازي وأحمد بن محمد بن الحاج الأشبيلي وأبو القاسم عبد الرحمن بن الطُّبيز وأبو العباس محمد بن السمسار وآخرون، قال الحافظ عبد العزيز الكتاني: كان ثقة حافظًا نبيلًا، توفي يوم عيد الأضحى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
 
أخبرنا يحيى بن أحمد الجذامي ومحمد بن الحسين المعدل قالا: أنا محمد بن عماد أنا عبد الله بن رفاعة أنا علي بن الحسن أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحاج أنا علي بن الحسن بن علان نا أبو يعلى أحمد بن علي نا غسان بن الربيع عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة قال: أخذ علقمة بيدي، وأخذ ابن مسعود بيد علقمة، وأخذ النبي {{صلل}} بيد ابن مسعود في التشهد: التحيات لله، إلى قوله: عبده ورسوله.
 
881- 33/12
 
===ابن الجعابي===
 
الحافظ البارع فريد زمانه قاضي الموصل أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي البغدادي ابن الجعابي.
 
سمع محمد بن الحسن بن سماعه ويوسف بن يعقوب القاضي ومحمد بن يحيى المروزي ويحيى بن محمد الحنائي وعبد الله بن محمد البلخي وأبا خليفة الجمحي ومحمد بن حبان وجعفر الفريابي وطبقتهم، وتخرج بأبي العباس بن عقدة، وصنف الأبواب والشيوخ والتاريخ، حدث عنه الدارقطني وابن شاهين وابن رزقويه ومحمد بن الحسين بن الفضل القطان وأبو عبد الله الحاكم والقاضي أبو عمر الهاشمي وأبو نعيم الحافظ وهو خاتمة أصحابه، ولد في صفر سنة أربع وثمانين ومائتين. قال أبو علي النيسابوري: ما رأيت في المشايخ أحفظ من عبدان ولا رأيت في أصحابنا أحفظ من أبي بكر بن الجعابي، وذاك أني حسبته من البغداديين الذين يحفظون شيخًا واحدًا وترجمة واحدة أو بابًا واحدًا فقال لي أبو إسحاق بن حمزة يومًا: يا أبا علي لا تغلط، ابن الجعابي يحفظ حديثًا كثيرًا؛ قال: فخرجنا يومًا من عند ابن صاعد فقلت له: يا أبا بكر، أيش أسند الثوري عن منصور؟ فمر في الترجمة فما زلت أجره من مصر إلى حديث الشام إلى العراق إلى أفراد الخراسانيين وهو يجيب، إلى أن قلت: فأيش روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد بالشركة؟ فذكر بضعة عشر حديثًا، فحيرني حفظه. قال أبو الفضل القطان: سمعت ابن الجعابي يقول: دخلت الرقة وكان لي ثَمَّ قمطر من كتب، فجاء غلامي مغمومًا وقال: ضاعت الكتب؛ فقلت: يا بني لا تغتمّ، فإن فيها مائتي ألف حديث لا يشكل عليَّ حديث منها، لا إسناده ولا متنه.
 
قال أبو علي التنوخي: ما شاهدنا أحدًا أحفظ من أبي بكر بن الجعابي، وسمعت من يقول: إنه يحفظ مائتي ألف حديث ويجيب في مثلها، كان يفضل الحفاظ بأنه كان يسوق المتون بألفاظها، وأكثر الحفاظ يتسمحون في ذلك، وكان إمامًا في معرفة العلل وثقات الرجال وتواريخهم وما يطعن على الواحد منهم، لم يبقَ في زمانه من يتقدمه.
 
أنبأنا ابن علان وغيره قالوا: أنا أبو اليمن أنا الشيباني أنا الخطيب، حدثني الحسن بن محمد الأشقر، سمعت أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي غير مرة يقول: سمعت ابن الجعابي يقول: أحفظ أربعمائة ألف حديث، وأذاكر بستمائة ألف حديث. قال أبو القاسم التنوخي: تقلد ابن الجعابي قضاء الموصل فلم يحمد. وذكر الخطيب عن رجاله أن ابن الجعابي كان يشرب في مجلس ابن العميد. وقال السلمي: سألت الدارقطني عنه فقال: خلط، وذكر مذهبه في التشيع. وكذا روى الحاكم عن الدارقطني قال: وحدثني ثقة أنه خلا به نائمًا وكتب على رجله قال: فكنت أراه ثلاثة أيام لم يمسه الماء. قال الأزهري: إن ابن الجعابي لما مات أوصى بأن تحرق كتبه فأحرقت وكان فيها كتب للناس، قال: فحدثني أبو الحسين بن البواب أنه كان له عنده مائة وخمسون جزءًا فذهبت في جملة ما أحرق.
 
مسعود السجزي نا الحاكم، سمعت الدارقطني قال: أخبرت بعلة الجعابي فقمت إليه فرأيته يحرق كتبه فأقمت عنده حتى ما بقي منه شيء ومات من ليلته. أبو ذر الهروي، سمعت أحمد بن عبدان الحافظ يقول: وقع إلي جزء من حديث ابن الجعابي فحفظت منه خمسة أحاديث فأجابني فيها ثم قال لي: من أين لك هذا؟ قلت: من جزئك؛ قال: إن شئت ألقِ علي المتن وأجيبك في إسناده أو ألقِ علي الإسناد وأجيبك في المتن.
 
الخطيب: سمعت ابن رزقويه قال: كان ابن الجعابي يمتلئ مجلسه وتمتلئ السكة التي يملي فيها والطريق، ويحضره ابن المظفر والدارقطني ويملي الأحاديث بطرقها من حفظه. قال أبو علي الحافظ: قلت لابن الجعابي: قد وصلت إلى الدينور فهلا جئت نيسابور؟ قال: هممت به ثم قلت: أذهب إلى قوم عجم لا يفهمون عني ولا أفهم عنهم. قال الحاكم: قلت للدارقطني: بلغني عن ابن الجعابي أنه تغير عما عهدنا، قال: وأي تغير؟ قلت: بالله هل اتهمته؟ قال: إي والله؛ ثم ذكر أشياء فقلت: وصح لك أنه خلط الحديث؟ قال: إي والله؛ قلت: حتى خفت أنه ترك المذهب؟ قال: ترك الصلاة والدين.
 
وقال محمد بن عبيد الله المسبحي: كان ابن الجعابي المحدث قد صحب قومًا من المتكلمين فسقط عند أهل الحديث، وأمر عند موته أن تحرق دفاتره بالنار فاستقبح ذلك منه، وصل إلى مصر ودخل إلى الأخشيد ثم مضى إلى دمشق فوقفوا على مذهبه فشردوه فخرج هاربًا. قال ابن شاهين: دخلت أنا وابن المظفر والدارقطني على ابن الجعابي وهو مريض فقلت له: من أنا؟ فقال: سبحان الله ألستم فلانًا وفلانًا، وسمانا، فدعونا وخرجنا ومشينا خطوات وسمعنا الصائح بموته ورجعنا لغد فرأينا كتبه تل رماد.
 
قال الأزهري: كانت سكينة نائحة الرافضة تنوح في جنازته. وقال أبو نعيم: قدم ابن الجعابي أصبهان سنة تسع وأربعين، يعني: وسمعوا منه.
 
وللشاعر محمد بن سكرة في ابن الجعابي:
 
ابن الجعابي ذو سجايا محمودة منه مستطابه
 
رأى الرئا والنفاق حظا في ذي العصابة وذي العصابه
 
يعطي الإمامي ما اشتهاه ويثبت الأمر في القرابه
 
حتى إذا غاب عنه أنحى يثبت الأمر في الصحابه
 
وإن خلا الشيخ بالنصارى رأيت سمعان أو مرابه
 
قد فطن الشيخ للمعاني فالغر من لامه وعابه
 
أخبرنا إسحاق الأسدي أنا يوسف الحافظ أنا أبو المكارم التيمي "ح" وأنبأنا أحمد بن سلامة عن التيمي أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم الحافظ نا محمد بن عمر بن سلم نا محمد بن النعمان السلمي نا هدبة نا حزم بن أبي حزم، سمعت الحسن يقول: بئس الرفيق الدينار والدرهم لا ينفعانك حتى يفارقاك. توفي ابن الجعابي ببغداد في رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
 
882- 34/12
 
===ابن علك===
 
الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن أحمد بن عَلَّك المروزي الجوهري، من نقاد أئمة الحديث بمرو.
 
سمع أباه، وكان حافظًا تقدم في كتابنا، ومحمد بن أيوب بن الضريس ومحمد بن إبراهيم البوشنجي والفضل بن محمد الشعراني وعبد الله بن أحمد بن حنبل وابن ناجية والدغولي وخلائق، ارتحل به والده، حدث عنه أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي وأبو بكر البرقاني والحاكم وعدة. قال الخليلي: مات بعد الستين وثلاثمائة. ثم قال: هو حافظ متفق عليه.
 
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن أنا ابن قدامة أنا ابن البطي أنا أحمد بن خيرون "ح" وأخبرنا إسماعيل أنا محمد بن خلف "ح" وأخبرنا عبد الخالق القاضي وابن الفراء قالا: أنا البهاء عبد الرحمن قال: أخبرتنا شهدة أنا محمد بن عبد السلام قال: أنا أبو بكر البرقاني، قرأت على عبد الله بن عمر بن علك حدثكم عبد الله بن أحمد بن حنبل نا عباد بن موسى نا إبراهيم بن سعد أخبرني أبي عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي {{صلل}} أنه كان يقرأ في الفجر يوم الجمعة: "ألم تنزيل"، و"هل أتى على الإنسان". أخرجه مسلم.
 
883- 35/12
 
===الصكوكي===
 
الحافظ الكبير أبو بكر محمد بن زكريا بن الحسين النسفي.
 
حدث عن محمد بن نصر المروزي وصالح بن محمد جزرة ومحمد بن إبراهيم البوشنجي وطبقتهما، أرخه جعفر المستغفري فقال: كان حافظًا مصنفًا للأبواب عارفًا بحديث أهل بلده، مات في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
884- 36/12
 
===ابن رميح===
 
الحافظ الإمام الجوال أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح بن عصمة النخعي النسوي ثم المروزي صاحب التصانيف.
 
روى عن أبي خليفة الجمحي وعمر بن أبي علان وعبد الله بن زيدان وأبي العباس السراج وابن شيرويه وعبد الله بن محمود المروزي وعمر بن بجير ومحمد بن الفضل السمرقندي وابن قتيبة العسقلاني وطبقتهم، وصنَّف وألَّف وأكثر الترحال، قال الحاكم: قدم نيسابور فعقدت له المجلس وقرأت عليه صحيح البخاري، وقد أقام باليمن بصعدة مدة، ثم قدم وأكرموه وأكثروا عليه ببغداد، وما المثل فيه إلا كما قال ابن معين: لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه. ثم قال الحاكم: سألت أبا سعيد المقام بنيسابور فقال: على من أقيم؟ فوالله لو قدرت لم أفارق سدتك، ثم قال: ما الناس بخراسان إلا كما أنشدني بعضهم:
 
كفى حزنًا أن المروءة عطلت وأن ذوي الألباب في الناس ضيع
 
وأن ملوكًا ليس يحظى لديهم من الناس إلا من يغني ويصفع
 
حدث عنه الدارقطني والحاكم وابن رزقويه وأبو علي بن دوما وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو القاسم عبد الرحمن السراج، واستدعاه أمير صعدة من بغداد فأدركته المنية بالبادية فمات بالجحفة. وثقه الحاكم وأبو الفتح بن أبي الفوارس. وقال أبو زرعة محمد بن يوسف الكشي وأبو نعيم: كان ضعيفًا. قال الخطيب: والأمر عندنا بخلاف ذلك، فإن ابن رُمَيْح ثقة ثبت لم يختلف شيوخنا الذين لقوه في ذلك. توفي سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
 
أخبرنا بلال المغيثي ومحمد بن عبد الرحيم قالا: أنا عبد الوهاب بن رواح "ح" وأنا سنقر الحلبي ومحمد بن محمد الفارسي قالا: أنا علي بن محمود قال: أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو عبد الله الثقفي أنا أبو عبد الرحمن السلمي إملاء سنة عشر وأربعمائة ثنا أحمد بن محمد بن رميح نا عمر بن سعيد بن حاتم نا إسماعيل بن مخلد نا عبيد بن يعيش حدثني منصور بن وردان عن أبي حمزة الثمالي عن عكرمة عن ابن عباس قال: خطبنا رسول الله {{صلل}} في مسجد الخيف فقال: " نَضَّرَ الله امرأً سمع منا حديثًا" <ref> رواه أبو داود في العلم باب 10. والترمذي في العلم باب 7. وابن ماجه في المقدمة باب 18.</ref> وذكر الحديث.
 
885- 37/12
 
===أحمد بن طاهر بن النجم===
 
الحافظ المتقن أبو عبد الله الميانجي.
 
رحل وسمع أبا مسلم الكجي وعبد الله بن أحمد بن حنبل ويحيى بن محمد الحنائي وأحمد بن هارون البرديجي الحافظ وطبقتهم، وتبصر في هذا العلم بسعيد بن عمرو البرذعي. حدث عنه عبد الله بن أبي زرعة القزويني ويعقوب بن يوسف الأردبيلي وأحمد بن الحسين التراسي المراغي وأحمد بن فارس اللغوي، وكان ابن فارس يقول: ما رأى ابن النجم مثل نفسه ولم أرَ مثله. حكاه الحافظ سعد بن علي. قال الخليلي: توفي بعد الخمسين وثلاثمائة.
 
قرأت على أحمد بن عبد الكريم بمصر أخبركم نسر بن جزء في سنة ثلاث وعشرين وستمائة أنا أبو طاهر السلفي أنا سعد بن علي المصري وعلي بن هبة الله بالمراغة قالا: أنا أحمد بن الحسين بن علي التراسي نا أحمد بن طاهر الميانجي نا يحيى بن محمد بن البختري نا عبيد الله بن معاذ نا المعتمر بن سليمان قال: قال أبي: نا أنس بن مالك أن رجلين عطسا عند النبي {{صلل}} فشمت -أو فسمت- أحدهما وترك الآخر، فقال رجل: يا رسول الله تركت الآخر؟ قال: "لأن هذا حمد الله وهذا لم يحمد الله"، أو كما قال.
 
886- 38/12
 
===حمزة بن محمد بن علي بن العباس===
 
الحافظ الزاهد العالم أبو القاسم الكناني المصري محدث مصر.
 
سمع أبا عبد الرحمن النسائي والحسن بن أحمد بن الصيقل وعمران بن موسى بن حميد الطبيب ومحمد بن سعيد السراج وسعيد بن عثمان الحراني وأبا يعلى الموصلي ومحمد بن داود بن عثمان الصدفي وعبدان الأهوازي وخلائق، وأكثر التطواف وجمع وصنف، وهو مملي مجلس البطاقة، روى عنه ابن منده وعبد الغني بن سعيد الأزدي وأبو الحسن الدارقطني ومحمد بن عمر بن خطاب والحسين بن الحسن اللواز والفقيه علي بن محمد أبو الحسن القابسي وأحمد بن محمد بن الحاج وعلي بن حِمَّصة الحراني خاتمة أصحابه وآخرون، قال الحاكم: وحمزة المصري على تقدمه في معرفة الحديث كان أحد من يذكر بالزهد والورع والعبادة، سمع أبا خليفة والنسائي وأقرانهما. وقال الحافظ عبد الغني: كل شيء لحمزة ففي سنة خمس، ولد سنة خمس وسبعين ومائتين، وأول ما سمع منه سنة خمس وتسعين، ورحل سنة خمس وثلاثمائة.
 
وقال الصوري: كان حمزة ثبتًا حافظًا. وقال ابن زولاق: حدثني الحافظ قال: رحلت سنة خمس فدخلت حلب وقاضيها أبو عبد الله محمد بن عبدة فكتبت عنه فكان يقول: لو عرفتك بمصر لملأت ركابيك ذهبًا؛ فيقال: إنه أعطاه مائتي دينار ترحل بها إلى العراق.
 
قال أبو عمر بن عبد البر: سمعت عبد الله بن محمد بن أسد، سمعت حمزة الكناني يقول: خرجت حديثًا واحدًا عن النبي {{صلل}} من نحو مائتي طريق فداخلني لذلك من الفرح غير قليل وأعجبت بذلك فرأيت يحيى بن معين في المنام فقلت: يا أبا زكريا خرجت حديثًا من مائتي طريق؛ فسكت عني ساعة ثم قال: أخشى أن يدخل هذا تحت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}. وقال ابن منده: سمعت حمزة بن محمد الحافظ يقول: كنت أكتب الحديث ولا أكتب "وسلم" فرأيت النبي {{صلل}} في المنام فقال لي: "أما تختم الصلاة علي في كتابك؟".
 
أنبأني الخضر بن حمويه وطائفة عن القاسم بن عساكر أنا أبي أنا ابن الأكفاني أنا سهل بن بشر، سمعت علي بن عمر الحراني، سمعت حمزة بن محمد وجاءه غريب فقال: عساكر المعز قد وصلوا إلى الإسكندرية؛ فقال: اللهم لا تحيني حتى تريني الرايات الصفر؛ فمات حمزة ودخل عسكرهم بعد موته بثلاثة أيام. قال أبو القاسم يحيى بن علي الطحان: سمعت منه، ومات في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
 
أخبرنا إسماعيل بن الفراء أبو الحسين ابن الفقيه قال: أنا صباح أنا ابن رفاعة أنا أبو الحسين الخلعي أنا عبد الرحمن بن عمر أنا حمزة بن محمد الحافظ، سمعت الصيدلاني، سمعت عباسًا الدوري، سمعت يحيى بن معين يقول: إذا رأيت الرجل يخرج من منزله بلا محبرة ولا قلم يطلب الحديث، فقد عزم على الكذب. قلت: حمزة وأبو أحمد بن عدي والإسماعيلي والدارقطني هم أهل الطبقة السابعة من كتاب ابن المفضل.
 
887- 39/12
 
===عمر البصري===
 
الحافظ المفيد أبو حفص عمر بن جعفر بن عبد الله بن أبي السري الوراق.
 
كتب الناس كثيرًا بالعراق بانتخابه وكان يدري هذا الفن، حدث عن الحسن بن المثنى والفضل بن الحباب وعبدان الأهوازي ومحمد بن جرير الطبري وهذه الطبقة؛ حدث عنه أبو الحسن بن رزقويه والحاكم بن البيع وأبو سعيد النقاش وعلي بن أحمد الرزاز وطائفة.
 
أخبرنا المؤمل بن محمد البالسي والمسلم بن علان كتابة قالا: أنا الكندي أنا الشيباني أنا الخطيب أبو بكر أنا ابن رزقويه أنا عمر بن جعفر نا الفضل بن عمرو حدثنا أبو الوليد نا شعبة عن أبي إسحاق وأبي الحسن عن البراء أن رسول الله {{صلل}} أوصى رجلا إذا أخذ مضجعه أن يقول: "أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك". هكذا هو مختصر، وكان الدارقطني تتبع خطأ عمر البصري فيما انتقاه على أبي بكر الشافعي خاصة وعمل في ذلك رسالة. وقد كان أبو محمد الحسن السبيعي يقول: هو كذاب. وقال ابن أبي الفوارس: حدث بشيء يسير وكانت كتبه رديئة. قال الحاكم: سمعت عمر بن جعفر البصري يقول: بتّ عند ابن عقدة فأخذ يذاكرني بشيء لا أهتدي إليه فقلت: أيش عند أيوب عن الحسن؟ فذكر حديثين؛ فقلت: تحفظ عن أيوب عن الحسن عن أبي برزة أن رجلا أغلظ لأبي بكر الحديث، فبقي وكبرت؛ فقال: اذكر لي سنده؛ فقلت: أنا عبدان أنا محمد بن عبيد بن حساب أنا سفيان بن موسى عن أيوب. مات سنة سبع وخمسين وثلاثمائة عن سبع وسبعين سنة.
 
888- 40/12
 
===الآجري===
 
الإمام المحدث القدوة أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادي مصنف كتاب الشريعة في السنة، والأربعين، وغير ذلك.
 
سمع أبا مسلم الكجي وأبا شعيب الحراني وخلف بن عمرو العكبري وأحمد بن يحيى الحلواني وجعفرًا الفريابي وطائفة سواهم، روى عنه أبو الحسن الحمامي وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس وأبو الحسين بن بشران وأخوه أبو القاسم وأبو نعيم الحافظ وخلق كثير من الحجاج والمغاربة، وكان مجاورًا بمكة، وكان عالمًا عاملًا صاحب سنة واتباع، قال الخطيب: كان دينًا ثقة له تصانيف، توفي بمكة في المحرم سنة ستين وثلاثمائة، رحمة الله عليه.
 
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله أنا زين الأمناء الحسن بن محمد أنا المبارك بن علي البزاز سنة سبع وخمسين وخمسمائة أنا علي بن محمد العلاف أنا عبد الملك بن محمد أنا أبو بكر الآجري نا أبو بكر محمد بن الليث الجوهري نا محمد بن عبيد المحاربي نا قبيصة بن الليث الأسدي عن مطرف بن طريف عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي {{عنه}} قال: نهى رسول الله {{صلل}} أن يرفع الرجل صوته بالقراءة قبل العتمة وبعدها.
 
889- 31/12
 
===سعيد بن القاسم بن العلاء===
 
أبو عمرو البرذعي نزيل طراز من بلاد الترك.
 
حجَّ وحدث ببغداد عن محمد بن حبان بن الأزهر البصري ومحمد بن يحيى بن منده وعبد الله بن الحسين الشاماتي ومحمد بن جعفر الكرابيسي وطبقتهم. وعنه الدارقطني وأبو علي بن فضالة الرازي شيخ الخطيب وأحمد بن عبد الرحمن الشيرازي وجماعة، قال أبو نعيم: كان أحد الحفاظ، حدثنا عنه محمد بن إسماعيل الوراق ببغداد. وقال الحاكم: جاء نعيه في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة.
 
أخبرنا ابن عساكر عن عبد المعز أنا زاهر أنا أبو سعيد الكنجرودي أنا السيد أبو الحسن محمد بن علي الهمذاني نا سعيد الحافظ بطراز نا ظفر بن الليث نا محمد بن خالد بن فريان نا أبو همام الدلال نا خارجة بن مصعب عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا: "ليس في أمتي رئاء ولا كبر إذا وضعوا جباههم في الأرض، فإن كان يرائي فإن التوحيد في القلب لا يرى". هذا حديث منكر آفته ظفر أو شيخه.
 
890- 42/12
 
===ابن السكن===
 
الحافظ الحجة أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغدادي نزيل مصر.
 
ولد سنة أربع وتسعين ومائتين، سمع أبا القاسم البغوي وسعيد بن عبد العزيز الحلبي ومحمد بن محمد بن بدر الباهلي وأبا عروبة الحراني ومحمد بن يوسف الفربري وابن جوصا وطبقتهم من جيحون إلى النيل، وعني بهذا الشأن وجمع وصنف وبعد صيته، روى عنه أبو عبد الله بن منده وعبد الغني بن سعيد وعلي بن محمد الدقاق وعبد الله بن محمد بن أسد القرطبي وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج وأبو جعفر بن عون الله وآخرون، ووقع كتابه الصحيح المنتقى إلى أهل الأندلس. توفي في المحرم سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.
 
كتب إلينا أحمد بن سلامة الحداد عن محمد بن حمد الأرتاحي أن علي بن الحسين الموصلي أنبأهم قال: أنبأنا الحافظ عبد الرحيم بن أحمد البخاري أنا عبد الرحمن بن عمر البزاز نا أبو علي سعيد بن عثمان الحافظ نا عبد الوهاب بن عيسى الحافظ أنا عبد الوهاب بن عيسى البغدادي نا إسحاق بن أبي إسرائيل نا حاتم بن إسماعيل نا عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد ومحمد ابني عبيد عن أبي حاتم قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". <ref> رواه الترمذي في النكاح باب 3.</ref> أبو حاتم صحابي ما روى سوى هذا، قاله أبو علي.
 
891- 43/12
 
===القصاب===
 
الحافظ الإمام أبو أحمد محمد بن علي بن محمد الكرجي المجاهد.
 
وإنما عرف بالقصاب لكثرة ما أهرق من دماء الكفار في الغزوات. وكان والده يروي عن علي بن حرب الطائي وطبقته، وروى هو عن محمد بن إبراهيم الطيالسي وعبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي ومحمد بن العباس الأخرم وجعفر بن أحمد بن فارس والحسن بن يزيد الدقاق وخلق كثير، وصنف كتاب ثواب الأعمال، وكتاب عقاب الأعمال، وكتاب السنة، وكتاب تأديب الأئمة، وغير ذلك. روى عنه ابناه أبو الحسن علي وأبو الفرج عمار وأبو منصور المظفر بن محمد بن الحسين البروجردي وغيرهم، ولم أظفر بوفاته وكأنه بقي إلى قريب الستين وثلاثمائة فالله أعلم، وفيه يقول أبو الحسن الكرجي:
 
وفي الكرج الغراء أوحد عصره أبو أحمد القصاب غير مغالب
 
تصانيفه تبدي غزير علومه فلست ترى علمًا له غير سارب
 
وهو القائل في كتاب السنة: كل صفة وصف الله بها نفسه أو وصف بها نبيه فهي صفة حقيقة لا مجازًا. قلت: نعم لو كانت صفاته مجازًا لتحتم تأويلها ولقيل: معنى البصر كذا، ومعنى السمع كذا، ومعنى الحياة كذا، ولفسرت بغير السابق إلى الأفهام، فلما كان مذهب السلف إمرارها بلا تأويل، علم أنها غير محمولة على المجاز وأنها حق بيّن.
 
892- 44/12
 
===ابن السني===
 
الحافظ الإمام الثقة أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الدينوري مولى جعفر بن أبي طالب الهاشمي.
 
ويعرف بابن السني صاحب كتاب عمل اليوم والليلة، وراوي سنن النسائي؛ سمع النسائي وأبا خليفة الجمحي وزكريا الساجي وعمر بن أبي غيلان والباغندي وأبا يعقوب المنجنيقي وجماهر بن محمد الزملكاني وعبد الله بن زيدان البجلي وأبا عروبة الحراني، وأكثر الترحال، روى عنه حمد بن عبد الله الأصبهاني ومحمد بن علي العلوي وعلي بن عمر الأسداباذي وأحمد بن الحسين الكسار وآخرون.
 
قال القاضي أبو زرعة روح بن محمد سبط ابن السني: سمعت عمي علي بن أحمد بن محمد يقول: كان أبي يكتب الحديث فوضع القلم في أنبوبة المحبرة ورفع يديه يدعو الله تعالى فمات {{رحمه ى}}، وذلك في آخر سنة أربع وستين وثلاثمائة. قلت: كان ديِّنًا خيرًا صدوقًا، اختصر السنن وسماه "المجتبى" عاش بضعًا وثمانين سنة، وقع لنا من طريقه ما اجتباه من السنن.
 
قرأت على أحمد بن عبد الكريم الواسطي أخبركم عبد العزيز بن باقا أنا أبو زرعة أنا عبد الرحمن بن حمد أنا أحمد بن الحسين القاضي أنا أبو بكر بن السني نا أحمد بن شعيب نا قتيبة عن مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر أن أعرابيًّا بايع رسول الله {{صلل}} فأصابه وعك بالمدينة فجاء إلى رسول الله {{صلل}} فقال: يا رسول الله أقلني بيعتي؛ فأبى، فخرج الأعرابي فقال رسول الله، {{صلل}}: "إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها".
 
893- 45/12
 
===ابن عدي===
 
الإمام الحافظ الكبير أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك الجرجاني.
 
ويعرف أيضًا بابن القطان صاحب كتاب الكامل في الجرح والتعديل، كان أحد الأعلام، ولد سنة سبع وسبعين ومائتين، وسمع سنة تسعين، وارتحل أولًا سنة سبع وتسعين، وسمع بهلول بن إسحاق الأنباري ومحمد بن عثمان بن أبي سويد ومحمد بن يحيى المروزي وعبد الرحمن بن القاسم بن الرواس الدمشقي وأنس بن السلم وأبا خليفة الجمحي والحسن بن سفيان وأبا عبد الرحمن النسائي وعمران بن مجاشع وعبدان الأهوازي وأبا يعلى الموصلي والحسن بن محمد المدني صاحب يحيى بن بكير والحسن بن الفرج الغزي وخلائق؛ وعنه أبو العباس بن عقدة شيخه وأبو سعد الماليني والحسن بن رامين ومحمد بن عبد الله بن عبد كويه وحمزة بن يوسف السهمي وأبو الحسين أحمد بن العالي وآخرون، وهو مصنف في الكلام على الرجال عارف بالعلل.
 
قال أبو القاسم بن عساكر: كان ثقة على لحن فيه. قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني أن يصنف كتابًا في الضعفاء؛ فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ فقلت: بلى؛ قال: فيه كفاية لا يزاد عليه. قلت: وقد صنف ابن عدي على أبواب مختصر المزني كتابًا سماه "الانتصار". قال حمزة السهمي: كان حافظًا متقنًا لم يكن في زمانه أحد مثله، تفرد برواية أحاديث وهب منها لابنيه عدي وأبي زرعة وتفردا بها عنه، قال الخليلي: كان عديم النظير حفظًا وجلالة، سألت عبد الله بن محمد الحافظ: أيهما أحفظ، ابن عدي أو ابن قانع؟ فقال: زر قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي بن قانع. قال الخليلي: وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحدا مثل أبي أحمد بن عدي، وكيف فوقه في الحفظ. وكان أحمد قد لقي الطبراني وأبا أحمد الحاكم، وقد قال لي: كان حفظ هؤلاء تكلفًا وحفظ ابن عدي طبعًا، زاد معجمه على ألف شيخ.
 
أخبرنا إسحاق الصفار أنا ابن رواحة أنا السلفي أنا أحمد بن محمد بن مردويه أنا علي بن عمر الأسداباذي أنا أبو بكر ابن السني أخبرني إبراهيم بن محمد بن الضحاك نا محمد بن سنجر نا أسد بن موسى نا بكر بن خنيس عن ضرار بن عمرو عن ابن سيرين أو غيره عن الأحنف بن قيس سمع عمر يقول لحفصة: أنشدك بالله هل تعلمين أن رسول الله {{صلل}} كان يضع ثيابه ليغتسل فيأتيه بلال فيؤذنه للصلاة فما يجد ثوبًا يخرج فيه إلى الصلاة حتى يلبس ثوبه فيخرج فيه إلى الصلاة؟ قال أبو الوليد الباجي: ابن عدي حافظ لا بأس به. قال حمزة بن يوسف: توفي أبو أحمد في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وثلاثمائة، وصلى عليه الإمام أبو بكر الإسماعيلي.
 
أخبرنا أبو الحسن الحسيني أنا ابن روزبة أنا أبو الوقت الماليني أنا أبو إسماعيل الأنصاري أنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أبي بكر البوشنجي نا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ نا الفضل بن الحباب نا أبو عمر الحوضي عن الحارث بن وجيه عن مالك بن دينار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "تحت كل شعرة جنابة، ألا فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر". <ref> رواه أبو داود في الطهارة باب 97. والترمذي في الطهارة باب 78. وابن ماجه في الطهارة باب 106.</ref>
 
894- 46/12
 
===الآبندوني===
 
الحافظ الإمام أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم بن يوسف الجرجاني، رفيق ابن عدي في رحلته.
 
وآبندون من قرى جرجان، نزل بغداد وحدث عن أبي خليفة الجمحي والحسن بن سفيان وقاسم المطرز وأبي يعلى الموصلي ومحمد بن الحسن بن قتيبة وأبي العباس السراج وطبقتهم. وعنه أبو بكر البرقاني وأبو العلاء الواسطي وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا له تصانيف، وكان عسرًا في الحديث. قال الحاكم: كان أحد أركان الحديث. وقال البرقاني: كان محدثًا زاهدًا متقللًا من الدنيا لم يكن يحدث غير إنسان واحد فقيل له في ذلك فقال: أصحاب الحديث فيهم سوء أدب وإذا اجتمعوا يتحدثون ولا أصبر على ذلك. قال البرقاني: أعطاني كسرًا وقال: بلّها بماء الباقلاني فوقعت عليها باقلاتان فرفعهما الباقلاني وقال: هذا الشيخ يعطيني في الشهر دانقًا حتى أبلّ له الكسر. وقد روى عنه رفيقه أبو بكر الإسماعيلي وإبراهيم بن شاه المروزي وأبو نعيم الحافظ. وقيل: إنه عاش خمسًا وتسعين سنة، مات سنة ثمان وستين وثلاثمائة.
 
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن أنا أبو محمد بن قدامة أنا يحيى بن ثابت أنا أبي "ح" قال: وأنا ابن البطي أنا أحمد بن الحسن قالا: أنا أبو بكر البرقاني قال: قرئ على الإسماعيلي وأبي بكر بن مالك وسمعته من الآبندوني قالوا: أنا أبو خليفة نا أبو الوليد نا شعبة أخبرني أنس بن سيرين، سمعت ابن عمر يقول: طلق ابن عمر امرأته فذكر عمر ذلك للنبي {{صلل}} فقال: "ليراجعها فإذا طهرت فليطلقها". فقلت له: احتسبت بها؟ قال: "فمه؟". وفي حديث الآبندوني: "فليطلقها إن شاء". رواه مسلم من حديث شعبة.
 
وبه قال: سمعت عبد الله بن إبراهيم أنا أبو خليفة أنا أبو الوليد نا شعبة عن جبلة بن سحيم، سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله، {{صلل}}: "من جر ثوبه من مخيلة، فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة". أخرجه مسلم. وبه سمعت عبد الله بن يوسف الجرجاني وهو من أجلة شيوخي حدث عنه أبو بكر الإسماعيلي.
 
895- 47/12
 
===الحجاجي===
 
الحافظ أبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب بن إسماعيل بن حجاج النيسابوري المقرئ العبد الصالح.
 
قرأ على ابن مجاهد ببغداد وسمع عمر بن أبي غيلان وعبد الله بن إسحاق المدائني ومحمد بن جرير الطبري وأبا العباس السراج وابن خزيمة وأحمد بن محمد الماسرجسي وعلي بن العباس المقانعي وعلان بن الصيقل المصري وأبا جهم المشغراني وابن جوصاء وخلائق، قال الحاكم: صنف العلل والأبواب والشيوخ. روى عنه أبو علي الحافظ وأبو بكر بن المقرئ وابن منده والحاكم وأبو بكر البرقاني وأبو حازم العبدوي وآخرون.
 
قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: ما في أصحابنا أحد أفهم ولا أثبت من أبي الحسين، أنا ألقبه بعفان. قال الحاكم: هو لعمري كما قال أبو علي فإن فهمه كان يزيد على حفظه، وكان في الكهولة يمتنع عن الرواية، فلما بلغ الثمانين لزمه أصحابنا بالليل والنهار حتى سمعوا منه كتاب العلل له وهو نيف وثمانون جزءًا وسمعوا منه الشيوخ وسائر المصنفات، صحبته نيفًا وعشرين سنة بالليل والنهار فما أعلم أني علمت أن الملك كتب عليه خطيئة، وحدثنا أبو علي الحافظ في مجلسه قال: حدثني أبو الحسين بن يعقوب وهو أثبت من حدثنا عنه اليوم، فذكر حديثًا. قال: وتوفي في خامس ذي القعدة سنة ثمانٍ وستين وثلاثمائة عن ثلاث وثمانين سنة، {{رحمه ى}}. أخبرنا بلال المغيثي أنا ابن رواح أنا أبو طاهر الحافظ أنا القاسم بن الفضل نا محمد بن الحسين إملاء ثنا محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ نا أيوب بن سليمان البزاز نا جعفر بن نوح نا محمد بن عيسى الطباع نا عبثر بن القاسم عن العلاء بن ثعلبة عن طاوس عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". <ref> الترمذي في القيامة باب 60. وأحمد في مسنده 3/ 153، وانظر البيوع في البخاري</ref>
 
896- 48/12
 
===أبو الشيخ===
 
حافظ أصبهان ومسند زمانه الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري، صاحب المصنفات السائرة، ويعرف بأبي الشيخ.
 
ولد سنة أربع وسبعين ومائتين، وسمع في سنة أربع وثمانين وهلم جرا وكتب العالي والنازل ولقي الكبار، سمع من جده لأمه الزاهد محمود بن الفرج وإبراهيم بن سعدان ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص الهمذاني رئيس أصبهان ومحمد بن أسد المديني وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي وأبي بكر بن أبي عاصم وإسحاق بن إسماعيل الرملي وأبي خليفة الجمحي وأحمد بن الحسن الصوفي وأبي يعلى الموصلي وأبي عروبة الحراني، وكان مع سعة علمه وغزارة حفظه صالحًا خيرًا قانتًا لله صدوقًا، حدث عنه أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي وأبو بكر بن مردويه وأبو سعد الماليني وأبو نعيم ومحمد بن علي بن سمويه المؤدب وسفيان بن حسنكويه وحفيده محمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ والفضل بن محمد القاساني وأبو طاهر بن عبد الرحيم الكاتب وخلق كثير.
 
قال ابن مردويه: ثقة مأمون، صنف التفسير والكتب الكثيرة في الأحكام وغير ذلك. وقال أبو بكر الخطيب: كان حافظًا ثبتًا متقنًا، وروي عن بعض العلماء قال: ما دخلت على الطبراني إلا وهو يمزح أو يضحك، وما دخلنا على أبي الشيخ إلا وهو يصلي. قال أبو نعيم: كان أحد الأعلام، صنف الأحكام والتفسير، وكان يفيد عن الشيوخ ويصنف لهم ستين سنة وكان ثقة. قلت: وروى عنه أبو بكر بن المقرئ وقال: نا عبد الله بن محمد القصير.
 
وأخبرني علي بن عبد الغني المعدل كتابة أنه سمع يوسف بن خليل الحافظ يقول: رأيت في النوم كأني دخلت مسجد الكوفة فرأيت شيخًا طوالًا لم أر شيخًا أحسن منه فقيل لي: هذا أبو محمد بن حيان؛ فتبعته وقلت: أنت أبو محمد بن حيان؟ قال: نعم، قلت: أليس قدمت؟ قال: بلى؛ قلت: فبالله ما فعل الله بك؟ قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ} الآية. فقلت: أنا يوسف بن خليل جئت لأسمع حديثك وأحصل كتبك، فقال: سلمك الله، وفقك الله. ثم صافحته فلم أر شيئا قط ألين من كفه فقبلتها ووضعتها على عيني.
 
قال أبو نعيم: توفي في سلخ المحرم سنة تسع وستين وثلاثمائة، قلت: '''وفيها مات''' من كبار شيوخ الحديث أبو محمد بن ماسي البغدادي، ومخلد بن جعفر الباقرحي، والعلامة أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي شيخ نيسابور. ووقع لنا الكثير من كتب أبي الشيخ {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا أبو الفضل بن طارق أنا أبو الحجاج الحافظ أنا ناصر بن محمد أنا جعفر بن عبد الواحد أنا أبو طاهر محمد بن أحمد أنا عبد الله بن محمد أبو الشيخ نا أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم نا أبو الوليد نا سلم بن زرير، سمعت أبا رجاء العطاردي نا عمران بن حصين قال: كنا مع رسول الله {{صلل}} في سفر فأدلج ليلتهم حتى إذا كان في وجه الصبح عرس رسول الله {{صلل}} فغلبتهم أعينهم حتى ارتفعت الشمس، الحديث.
 
897- 49/12
 
===الإسماعيلي===
 
الإمام الحافظ الثبت شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الإسماعيلي الجرجاني كبير الشافعية بناحيته.
 
ولد سنة سبع وسبعين ومائتين، وسمع سنة تسع وثمانين وبعدها من إبراهيم بن زهير الحلواني وحمزة بن محمد الكاتب ويوسف بن يعقوب القاضي وأحمد بن محمد بن مسروق ومحمد بن يحيى المروزي والحسن بن علويه وجعفر بن محمد الفريابي ومحمد بن عبد الله الحضرمي وابن أبي شيبة ومحمد بن الحسن بن سماعة وأبي خليفة الجمحي وبهلول بن إسحاق الأنباري وعبدان وأبي يعلى وابن خزيمة وخلق.
 
وله معجم مروي، وصنف الصحيح وأشياء كثيرة، من جملتها مسند عمر {{عنه}} هذَّبه في مجلدين طالعته وعلقت منه وابتهرت بحفظ هذا الإمام وجزمت بأن المتأخرين على إياس من أن يلحقوا المتقدمين في الحفظ والمعرفة، حدث عنه الحاكم البرقاني وحمزة السهمي وأبو حازم العبدوي والحسين بن محمد الباساني وأبو الحسن محمد بن علي الطبري والحافظ أبو بكر محمد بن إدريس الجرجرائي وعبد الواحد بن منير المعدل وسبط الإسماعيلي أبو عمر وعبد الرحمن بن محمد الفارسي وخلق سواهم.
 
قال حمزة بن يوسف: سمعت الدارقطني يقول: كنت عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر الإسماعيلي فلم أرزق. قال حمزة: وسمعت أبا محمد الحسن بن علي الحافظ بالبصرة يقول: كان الواجب للشيخ أبي بكر أن يصنف لنفسه سننا ويختار ويجتهد؛ فإنه كان يقدر عليه لكثرة ما كان كتب ولغزارة علمه وفهمه وجلالته، وما كان ينبغي له أن يتقيد بكتاب محمد بن إسماعيل؛ فإنه كان أجلَّ من أن يتبع غيره، أو كما قال. قال الحاكم: كان الإسماعيلي واحد عصره وشيخ المحدثين والفقهاء، أجلهم في الرياسة والمروءة والسخاء، ولا خلاف بين علماء الفريقين وعقلائهما فيه. قال حمزة السهمي: سألني الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بمصر عن الإسماعيلي وسيرته وتصانيفه، فكنت أخبره بما صنف من الكتب وجمع من المسانيد والمقلين وتخريجه على كتاب البخاري وجميع سيرته فيعجب من ذلك، وقال: لقد كان رزق من العلم والجاه والصيت الحسن. قال حمزة: وسمعت جماعة منهم الحافظ ابن المظفر، يحكون جودة قراءة أبي بكر وقالوا: كان مقدمًا في جميع المجالس، كان إذا حضر مجلسًا لا يقرأ غيره. قلت: وقال أبو بكر في معجمه: كتبت في صغري الإملاء بخطي في سنة ثلاث وثمانين ومائتين ولي يومئذٍ ست سنين، فهذا يدلك على أن أبا بكر حرص عليه أهله في الصغر. وقد أخذ عنه الفقه ولده أبو سعد وعلماء جرجان.
 
أخبرنا إسماعيل بن عميرة المقدسي أنا أبو محمد الفقيه أنا مسعود بن عبد الواحد أنا صاعد بن سيار أنا علي بن محمد الجرجاني أنا حمزة بن يوسف الحافظ أنا الإسماعيلي قال: اعلموا -رحمكم الله- أن مذهب أهل الحديث الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وقبول ما نطق به كتاب الله وما صحت به الرواية عن رسول الله {{صلل}} لا معدل عن ذلك، ويعتقدون أن الله مدعو بأسمائه الحسنى، موصوف بصفاته التي وصف بها نفسه ووصفه بها نبيه، خلق آدم بيده ويداه مبسوطتان بلا اعتقاد كيف، واستوى على العرش بلا كيف، وذكر سائر الاعتقاد.
 
قال القاضي أبو الطيب الطبري: رحلت قاصدًا إلى أبي بكر وهو حي فمات قبل أن ألقاه. قال حمزة: وسمعته يقول: لما ورد نعي محمد بن أيوب الرازي بكيت وصرخت ومزَّقت القميص ووضعت التراب على رأسي فاجتمع علي أهلي وقالوا: ما أصابك؟ قلت: نعي إلي محمد بن أيوب، منعتموني الارتحال إليه؟ قال: فسلوني وأذنوا لي في الخروج وأصحبوني خالي إلى نسا إلى الحسن بن سفيان، ولم يكن ههنا شعرة، وأشار إلى وجهه.
 
قلت: كان موت محمد بن أيوب بن الضريس في سنة أربع وتسعين، ولا يسد مسده الحسن في العلو. نعم، لقي بالعراق نظراءه. قال: وخرجت إلى العراق في سنة ست وتسعين في صحبة بعض أقربائي. وقال حمزة السهمي: سمعت الإسماعيلي: كتبت بخطي عن أحمد بن خالد الدامغاني إملاء في سنة ثلاث وثمانين ومائتين وأنا ابن ست سنين ولا أذكر صورته. قلت: قد جمع مع إمامته في علم الحديث والفقه رفعة الأسانيد والتفرد ببلاد العجم.
 
وقال حمزة: مات في رجب في غرَّته من سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة عن أربع وتسعين سنة.
 
قلت: '''وفيها مات''' شيخ القراء أبو العباس الحسن بن سعيد المطوعي بإصطخر عن مائة وسنتين، ومفتي القيروان أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن التبان المالكي، والعلَّامة القدوة أبو زيد محمد بن أحمد المروزي شيخ الشافعية، والقدوة أبو عبد الله محمد بن خفيف الصوفي شيخ بلاد فارس، رحمة الله عليهم أجمعين.
 
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن العدل أنا أبو محمد بن قدامة سنة ست عشرة وستمائة أنا محمد بن عبد الباقي أنا أبو الفضل بن خيرون "ح" وأخبرنا إسماعيل أنا أبو محمد أنا يحيى بن ثابت بن بندار أنا أبي قالا: أنا أبو بكر البرقاني نا أبو بكر الإسماعيلي نا محمد بن يحيى بن سليمان نا عاصم بن علي نا شعبة عن الحكم عن ذر عن عبد الرحمن بن أبزى قال: جاء رجل إلى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد الماء، فقال عمار بن ياسر: أما تذكر أنا كنا في سرية فأجنبت أنا وأنت فأما أنت فلم تصلِّ وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت فذكرت ذلك للنبي {{صلل}} فقال: "إنما كان يكفيك هكذا" وضرب بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه. أخرجه الشيخان من وجوه عن شعبة هكذا ورواه النضر بن شميل عن شعبة عن الحكم، ويقول الحكم فيه: وقد سمعته من ابن عبد الرحمن بن أبزى، وزاد فيه: فقال عمر: اتق الله يا عمار؛ فقال: يا أمير المؤمنين، إن شئت لما جعل الله علي من حقك لا أحدث به أحدًا. قال بعضهم: كيف ساغ لعمار أن يقول مثل هذا؟ أفيحل له كتمان العلم؟ والجواب: أن هذا ليس من كتمان العلم فإنه حدث به واتصل ولله الحمد بنا وحدث في مجلس أمير المؤمنين وإنما لاطف عمر بهذا لعلمه بأنه كان ينهى عن الإكثار من الحديث خوف الخطاء ولئلا يتشاغل الناس به عن القرآن.
 
898- 50/12
 
===السبيعي===
 
الحافظ العلَّامة أبو محمد الحسن بن أحمد بن صالح الهمداني السبيعي الحلبي.
 
وإليه ينسب درب السبيعي الذي بحلب، سمع محمد بن حبان البصري وعبد الله بن ناجية وقاسم بن زكريا المطرز وعمر بن محمد الكاغذي ومحمد بن جرير الطبري وأحمد بن هارون البرديجي وعمر بن أيوب السقطي وطبقتهم، روى عنه الدارقطني وأبو محمد عبد الغني الأزدي وأبو بكر البرقاني وأبو طالب بن بكير وأبو نعيم الحافظ وأبو العلاء الواسطي والشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان الشيعي وآخرون، وكان عسرًا في الرواية، زعر الأخلاق، من أئمة هذا الشأن على تشيع فيه، وثقه أبو الفتح بن أبي الفوارس.
 
قال ابن أسامة الحلبي: لو لم يكن للحلبيين من الفضيلة إلا الحسن بن أحمد السَّبِيعي لكفاهم، كان وجيهًا عند الملك سيف الدولة، وكان يزور السبيعي في داره. قال: وصنف له كتاب التبصرة في فضل العترة المطهرة، وكان له بين العامة سوق. قال: وهو الذي وقف حمام السبيعي على العلوية.
 
قال جعفر بن أبي الحسن الهمداني: أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو غالب محمد بن الحسن وجماعة قالوا: أنا أبو طالب محمد بن الحسين بن أحمد بن بكير أنا الحسن بن أحمد السبيعي الحافظ بقراءة الدارقطني أنا محمد بن حبان أنا سليمان الشاذكوني أنا عيسى بن يونس عن مجالد عن الشعبي عن جابر قال: سألت النبي {{صلل}} عن صيد البازي فقال: "إذا أمسك عليك فكل".
 
قال الحاكم: سألت السبيعي عن حديث إسماعيل بن رجاء فقال: له قصة، قرأ علينا ابن ناجية مسند فاطمة بنت قيس فدخلت على الباغندي فقال: من أين جئت؟ قلت: من مجلس ابن ناجية، قال: فما قرأ؟ قلت: أحاديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس؛ فقال: مر لكم حديث إسماعيل بن رجاء عن الشعبي؟ فنظرت في الجزء فلم أجده فقال: اكتب، ذكر أبو بكر بن أبي شيبة، فقلت: عمن ومنعته التدليس؟ فقال: حدثني محمد بن عبيدة الحافظ أنا محمد بن المعلى الأثرم أنا أبو بكر محمد بن بشر العبدي عن مالك بن مغول عن إسماعيل بن رجاء عن الشعبي عن فاطمة، قصة الطلاق والسكنى والنفقة؛ ثم انصرفت إلى حلب وكان عندنا بغدادي فذكرت له هذا فخرج إلى الكوفة وذاكر ابن عقدة فكتب عنه هذا الحديث عني عن الباغندي، ثم اجتمعت مع فلان -يعني الجعابي- فذاكرته بهذا فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بعد سنين بدمشق فاستعادني إسناده تعجبًا، ثم اجتمعنا ببغداد فذكرنا هذا الباب، فقال: ثناه علي بن إسماعيل الصفار أنا أبو بكر الأثرم أنا ابن أبي شيبة؛ ولم يدر أن الأثرم هذا غير ذاك، فذكرت قصتي لفلان المفيد وأتى عليه سنون فحدث بالحديث عن الباغندي، ثم قال السبيعي: المذاكرة تكشف عوار من لا يصدق. قال الخطيب: كان أبو محمد السبيعي ثقة حافظًا مكثرًا عسرًا في الرواية، ولما كان بأخرة عزم على التحديث والإملاء فتهيأ لذلك فمات، وحدثت عن الدارقطني قال: سمعت أبا محمد السبيعي يقول: قدم علينا الوزير ابن حنزابة إلى حلب فتلقاه الناس فعرف أني محدث فقال لي: تعرف إسنادا فيه أربعة من الصحابة؟ فذكرت له حديث عمر في العمالة، فعرف لي ذلك وصارت لي به عنده منزلة. قلت: هذه الحكاية سمعها الحافظ عبد الغني بن سعيد من الدارقطني. ومات أبو محمد السبيعي في سابع ذي الحجة من سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. قرأت على إسحاق بن طارق أنا يوسف بن خليل أنا خليل بن بدر "ح" وأنبأنا أحمد بن سلامة أنبأنا يوسف بن خليل أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم الحافظ نا الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي نا أحمد بن الصقر بن ثوبان نا محمد بن موسى الحرشي نا عمر بن سنان حدثنا يونس بن عبيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة {{عنها}} أنها كانت تغسل رأس رسول الله {{صلل}} وهو معتكف، يصغي رأسه إليها في حجرتها وهي حائض.
 
899- 51/12
 
===الآبري===
 
الحافظ الإمام أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري السجستاني، مصنف كتاب مناقب الشافعي.
 
وآبر قرية من قرى سجستان، رحل وسمع أبا العباس السراج وأبا بكر بن خزيمة وأبا عروبة الحراني ومحمد بن يوسف الهروي ومكحولًا البيروتي ومحمد بن الربيع الجيزي وطبقتهم حدث عنه علي بن بشرى الليثي ويحيى بن عمار السجستاني وجماعة، مات في شهر رجب سنة ثلاث وستين وثلاثمائة وهو في عشر الثمانين.
 
أخبرنا أبو علي الأمين أنا عبد الله بن عمر أنا عبد الأول أنا عبد الله بن محمد أنا أبو يعقوب والحسن بن يحيى قالا: أنا محمد بن خلاد بن جعفر السجستاني أنا محمد بن الحسين الآبُرِّي نا أبو عروبة نا المسيب بن واضح نا خلف بن تميم قال: قال رجل لسفيان: ذهب الناس وبقينا على حمر دبرة؛ فقال سفيان: ما أحسن حالها إن كانت على الطريق.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنا عبد الرحيم بن أبي سعد إجازة أنا هبة الرحمن بن القشيري أنا مسعود بن ناصر الركاب أنا علي بن بشرى الليثي بقراءتي أنا محمد بن الحسين بن إبراهيم لفظًا سنة سبع وخمسين وثلاثمائة نا عبد الملك بن محمد بجرجان نا عمار بن رجاء نا أبو داود الحفري عن سفيان عن الأسود بن قيس عن ثعلبة بن عباد عن سمرة أن النبي {{صلل}} خطب حين انكسفت الشمس فقال: "أما بعد".
 
900- 52/12
 
===الماسرجسي===
 
الحافظ البارع أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى بن ماسرجس الماسرجسي النيسابوري، صاحب المسند الأكبر.
 
سمع جده أحمد بن محمد وأبا بكر بن خزيمة وأبا العباس السراج وابن الشرقي فمن بعدهم بخراسان ومصر والشام والعراق.
 
قال الحاكم: هو سفينة عصره في كثرة الكتابة، ارتحل إلى العراق في سنة إحدى وعشرين وأكثر المقام بمصر وصنف المسند الكبير مهذبًا معللًا في ألف جزء وثلاثمائة جزء، وجمع حديث الزهري جمعًا لم يسبقه أحد، وكان يحفظه مثل الماء، وصنف الأبواب والشيوخ والمغازي والقبائل، وخرج على صحيح البخاري كتابًا، وعلى صحيح مسلم، وأدركته المنية قبل الحاجة إلى إسناده ودفن علم كثير بدفنه، وسمعته يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلم بن الحجاج القشيري يقول: صنفت هذا المسند -يعني صحيحه- من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. وقال الحاكم في موضع آخر: صنف أبو علي حديث الزهري فزاد على محمد بن يحيى الذهلي، قال: وعلى التخمين يكون مسنده بخطوط الورَّاقين في أكثر من ثلاثة آلاف جزء، فعندي أنه لم يصنف في الإسلام مسند أكبر منه، وعقد أبو محمد بن زياد مجلسًا عليه لقراءته، وكان مسند أبي بكر الصديق بخطه في بضعة عشر جزءًا بعلله وشواهده فكتبه النساخ في نيف وستين جزءًا، مولده سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين، وتوفي في تاسع رجب سنة خمس وستين وثلاثمائة، وصلى عليه ابن أخيه الفقيه أبو الحسن الماسرجسي.
 
901- 53/12
 
===الزعفراني===
 
الحافظ الإمام أبو سعيد الحسين بن محمد بن علي الأصبهاني المعروف بالزعفراني.
 
سمع أبا القاسم البغوي وأبا محمد بن صاعد والحسين بن علي بن زيد وطبقتهم، روى عنه أبو بكر بن أبي علي وأبو نعيم وطائفة، قال أبو نعيم: كان بندار بلدنا في كثرة الأصول والحديث، وكان صاحب معرفة وإتقان، صنف المسند والتفسير والشيوخ وأشياء، توفي سنة تسع وستين وثلاثمائة. وممن روى عن الزعفراني، عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الكرخي، يقع حديثه في الأربعين للرئيس الثقفي.
 
قرأت على أحمد بن محمد الأيمي مرات أخبركم يوسف بن خليل، وأجازه لي ابن أبي الخير قالا: أنا مسعود الجمال سماعًا ليوسف وإجازة للآخر أنا أبو علي المقرئ أنا أبو نعيم الحافظ نا الحسين بن محمد نا الحسين بن علي بن زيد قال: نا محمد بن عمرو بن حنان نا بقية عن أبي فروة الرهاوي عن مكحول عن شداد بن أوس قال: قال النبي، {{صلل}}: "حسبي الله ونعم الوكيل أمان كل خائف".
 
902- 54/12
 
===النقاش===
 
الحافظ الإمام الجوال أبو بكر محمد بن علي بن حسن المصري نزيل تنيس.
 
ولد سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وسمع محمد بن جعفر الإمام نزيل دمياط والقاسم بن الليث الرسعني وأبا عبد الرحمن النسائي وأبا يعقوب المنجنيقي وعمر بن أبي غيلان البغدادي وأبا يعلى الموصلي وعبدان الأهوازي وجماهر بن محمد الزملكاني وطبقتهم، وسمع النقاش أيضًا من أبي العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي والحسن بن الفرج العزى وعبد الله بن إسحاق المدائني. ارتحل إليه الدارقطني إلى تنيس وكان منزويًا بها فلهذا لم ينتشر حديثه، روى عنه الدارقطني والحسين بن جعفر الكللي ويحيى بن علي بن الطحان وإبراهيم بن علي الغازي والحسن بن عمر بن جماعة الإسكندراني والقاضي علي بن الحسين بن جابر التنيسي وآخرون، وكان من علماء الحديث وهو راوي نسخة فليح التي سمعناها على أصحاب السخاوي، توفي في رابع شعبان سنة تسع وستين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الخطيب ومحمد بن المظفر السقطي قالا: أنا علي بن محمد المقرئ أنا أبو طاهر السلفي أنا الخليل بن عبد الجبار بقزوين أنا علي بن الحسين القاضي بتنيس أنا أبو بكر محمد بن علي النقاش سنة ثمان وستين وثلاثمائة نا أبو صالح القاسم بن الليث نا المعافى بن سليمان الرسعني أنا فليح بن سليمان عن نافع قال: كان عبد الله يكثر الإهلال ويرفع صوته به ويقول: إن من إكمال الحج رفع الصوت بالإهلال.
 
أخبرنا إسماعيل بن الفراء أنا ابن صباح أنا ابن رفاعة أنا الخلعي أنا الحسن بن جعفر الكللي نا أبو بكر محمد بن علي بن الحسن التنيسي نا أبو بكر أحمد بن محمد بن سلام نا الحسين بن بحر نا عون بن عمارة نا أبو العلاء واسمه عمرو بن العلاء نا ابن سرح وهو صالح عن عمران بن حطان عن عائشة أن النبي {{صلل}} قال: "يؤتى بالقاضي يوم القيامة فيلقى من الهول قبل الحساب ما يودُّ لو أنه لم يقضِ بين اثنين في تمرة". عون ضعيف وصالح غير صالح؛ لأنه خارجي.
 
903- 55/12
 
===الحسن بن رشيق===
 
الإمام المحدث مسند بلده، أبو محمد العسكري المصري المعدل.
 
حدث عن أبي عبد الرحمن النسائي وأحمد بن زغبة ومحمد بن عثمان بن سعيد السراج ومحمد بن رزيق بن جامع والمفضل بن محمد الجندي وأبي دجانة أحمد بن إبراهيم المعافري وأحمد بن محمد بن عبد العزيز المعلم وأبي الزقزاق صاحب يحيى بن بكير وخلق كثير، روى عنه الدارقطني وعبد الغني بن سعيد وأبو محمد بن النحاس وإسماعيل بن عمرو المقرئ ويحيى بن الطحان المؤرخ ومحمد بن المغلس الداودي ومحمد بن جعفر بن أبي الذكر وعلي بن ربيعة التميمي وأبو القاسم علي بن محمد الفارسي ومحمد بن الحسين الطفال وخلق من المصريين والمغاربة.
 
قال أبو القاسم بن الطحان في تاريخه: روى عن خلق لا أستطيع ذكرهم، فما رأيت عالمًا أكثر حديثًا منه، قال لي: ولدت في صفر سنة ثلاث وثمانين ومائتين، ومات في جمادى الآخرة سنة سبعين وثلاثمائة.
 
قلت: '''وفيها مات''' عالم الحنفية وصاحب التصانيف أبو بكر أحمد بن علي الرازي صاحب أبي الحسن الكرخي يروي في كتبه عن الأصم وابن قانع، والمحدث المسند أبو سهل بشر بن أحمد الأسفراييني عن نيف وتسعين سنة، وشيخ العربية بحلب أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، ومسند أصبهان المقرئ الإمام أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك القباب، وصاحب اللغة أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري الهروي صاحب التهذيب.
 
أخبرنا أبو علي بن الخلال أنا مكرم القرشي أنا حمزة بن أسد أنا سهل بن بشر الأسفراييني سنة تسع وسبعين وأربعمائة أنا محمد بن الحسين الطفال نا الحسن بن رشيق نا علي بن سعيد بن بشير نا عبد العزيز بن يحيى نا سليمان بن بلال عن محمد بن عقبة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "يخرج الدجال على حمار أقمر، ما بين أذنيه سبعون باعًا، ومعه سبعون ألف يهودي عليهم الطيالسة الخضر حتى ينزلوا كوم أبي الحمراء".
 
904- 56/12
 
===غندر===
 
الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن جعفر بن الحسين البغدادي الوراق.
 
سمع الحسن بن علي المعمري وأبا بكر بن الباغندي وأبا عروبة الحراني وأبا الجهم المشغراني وأبا جعفر الطحاوي وطبقتهم بالعراق والشام والجزيرة ومصر، حدث عنه الحاكم وابن جميع الصيداوي وأبو عبد الرحمن السلمي وعمر بن أبي سعد الهروي وأبو نعيم الأصبهاني وآخرون، قال الحاكم: أقام عندنا سنين يفيدنا وخرج لي أفراد الخراسانيين ممن حدثني في سنة ست وستين، ثم دخل إلى أرض الترك وكتب من الحديث ما لم يتقدمه فيه أحد كثرة، ثم استدعى من مرو إلى الحضرة ببخارى ليحدث بها فأدركه أجله في المفازة سنة سبعين وثلاثمائة.
 
أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن محمد القيسي وغيره إجازة عن الكندي سماعًا أنا أبو منصور الشيباني أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو نعيم الحافظ نا أبو بكر محمد بن جعفر بن حسين غندر قدم علينا نا الحافظ أبو علي محمد بن سعيد بالرقة أنا عبد الله بن محمد بن عيشون نا محمد بن سليمان بن أبي داود نا داود بن الزبرقان عن مطر الوراق عن هارون بن عنترة عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن ابن مسعود عن النبي {{صلل}} قال: "ذهاب البصر مغفرة للذنوب، وذهاب السمع مغفرة للذنوب، وما نقص من الجسد فعلى قدر ذلك". غريب جدًّا.
 
فأما غندر الأول فقد ذكر مع يحيى القطان وذويه.
 
وأما غندر الثالث فهو صوفي محدث جوال لقي الجنيد وطبقته وكتب الحديث وسكن مصر وهو الشيخ أبو الطيب محمد بن جعفر بن دران البغدادي غندر، سمع أبا خليفة الجمحي وإبراهيم بن عبد الله المخزومي وأبا يعلى الموصلي، حمل عنه الدارقطني وأبو حفص الكتاني وطائفة سواهما، توفي سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
 
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي أنا الحسن بن يحيى المخزومي أنا عبد الله بن رفاعة أنا علي بن الحسن القاضي أنا عبد الرحمن بن عمر البزاز نا محمد بن جعفر بن دران أنا الحسن بن الطيب نا قتيبة نا معلى بن هلال عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن ولا يحبهما منافق". هذا حديث غير صحيح ومعلى متهم بالكذب وباغض الشيخين، معثر لا خير فيه.
 
وأما غندر الرابع فهو أبو علي محمد بن جعفر، وذكره الخطيب ولم يؤرخه، حدث عنه أحمد بن الفرج بن حجاج وابن جميع الصيداوي، وكان موصوفًا بالحفظ، وعندي أنه شيخ أبي نعيم الحافظ المذكور.
 
أخبرنا عمر بن غدير أنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي حضورًا أنا ابن المسلم الفقيه أنا أبو نصر الخطيب أنا أبو الحسين الغساني نا محمد بن جعفر الحافظ غندر أنا الحسن بن شبيب أنا هدبة أنا حماد عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة {{عنه}} أن النبي {{صلل}} أمر بالمضمضة والاستنشاق.
 
أما غندر الخامس فهو شيخ قديم الوفاة، وهو أبو الحسين محمد بن جعفر بن عبد الرحمن الرازي غندر نزيل طبرستان، روى عن أبي حاتم الرازي وعلي بن الحسين بن الجنيد الحافظين ومحمد بن أيوب البجلي.
 
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق أنا عبد السلام بن أبي الفرج السرفولي حضورًا أنا شهردار بن شيرويه الديلمي أنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع أنا حميد بن مأمون أنا أحمد بن عبد الرحمن الحافظ أنا محمد بن جعفر بن حمويه بالري نا محمد بن جعفر بن عبد الرحمن غندر الرازي سنة ثلاثين وثلاثمائة حدثنا محمد بن أيوب "ح" وأنبأنا بعلو عبد الرحمن بن محمد الفقيه وجماعة قالوا: أنا عمر بن محمد المعلم أنا هبة الله بن الحصين أنا أبو طالب محمد بن محمد أنا أبو بكر الشافعي نا محمد بن غالب قالا: أنا يحيى بن هاشم نا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله {{صلل}} كان يحب الحلواء والعسل. رواه جماعة عن هشام بن عروة، ويحيى ليس بثقة.
 
أما غندر السادس فهو محمد بن جعفر البغدادي أبو بكر الفامي يعرف بغندر، ذكره الخطيب فقال: أنا بشرى بن عبد الله الرومي نا أبو بكر محمد بن جعفر غندر مولى فاتن المقتدري سنة ستين وثلاثمائة نا أبو شاكر مسرة بن عبد الله، فذكر حديثًا منكرًا، ثم قال الخطيب: ومسرة ذاهب الحديث.
 
أما غندر السابع فهو أبو بكر محمد بن جعفر بن العباس النجار غندر، سمع ابن المجدر وأبا محمد بن صاعد وأبا حامد الحضرمي، روى عنه الحسن بن محمد الخلال، وقال فيما حكاه الخطيب عنه: كان يلقب غندرا أو يحفظ القرآن، إلى أن قال: وتوفي في المحرم سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.
 
أما غندر الثامن فهو أحمد بن آدم الجرجاني الخلنجي غندر، يروي عن ابن المديني وغيره.
 
أما غندر التاسع فهو محمد بن المهلب الحراني أبو الحسين خال الشيرازي، لقبه غندر، قال ابن عدي: كان يكذب، لقي النفيلي.
 
عاشرهم محمد بن يوسف بن بشير الهروي، قيل: إن الخطيب ذكر أنه يلقب بغندر.
 
905- 57/12
 
===الغزال===
 
الحافظ الإمام المقرئ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل ابن مخلد الأصبهاني صاحب التصانيف في القراءات والوقف والابتداء وفي الحديث.
 
سمع محمد بن علي الفرقدي وعبدان الأهوازي ومحمد بن زبان المصري وعلي بن أحمد بن عجلان والقاسم بن عيسى العطار الدمشقي وطبقتهم، حدث عنه أبو سعد الماليني وعبد العزيز بن أحمد بن فاذويه وأبو نعيم الحافظ وأبو بكر بن أبي علي الذكواني وأبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الأديب وآخرون؛ قال أبو نعيم: هو أحد من يرجع إلى حفظه ومعرفته، وله مصنفات، مات في آخر ربيع سنة تسع وستين وثلاثمائة.
 
قرأت على الحسن بن علي أخبركم جعفر الهمداني عن أبي طاهر الحافظ أنا أحمد بن عبد الله الخرقي أنا عبد العزيز بن أحمد بن فاذويه نا الحافظ محمد بن عبد الرحمن الغزال نا محمد بن علي بن مخلد نا إسماعيل بن عمرو البجلي نا إسماعيل بن زكريا وحبان بن علي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تذاكروا الحديث لا يتفلت منكم، إنه ليس بمنزلة القرآن، إن القرآن محفوظ مجموع، وإنكم إن لم تذاكروا الحديث تفلت منكم، ولا يقولن أحدكم: حدثت أمس ولا أحدث اليوم، بل حدث أمس وحدث اليوم وحدث غدًا، عندي للغزال حديث في سفينة خميس حرا للسبط.
 
906- 58/12
 
===ابن السقاء===
 
الحافظ الإمام محدث واسط أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي.
 
سمع أبا خليفة الجمحي وإسحاق بن خالويه البابسيري وزكريا الساجي وأبا يعلى الموصلي ومحمود بن محمد الواسطي وأحمد بن يحيى التستري الحافظ وطبقتهم، روى عنه الدارقطني وأبو الفتح يوسف القواس وأبو العلاء محمد بن علي القاضي وعلي بن أحمد الرزاز وعلي بن عبد الصمد بن عبيد الله الهاشمي الخطيب والقاضي أبو جعفر محمد بن إسماعيل العلوي وأبو نصر علي بن سعيد بن علي الشافعي المتوفى سنة خمس وأربعين وأربعمائة خاتمة أصحابه وأبو نعيم الأصبهاني وآخرون؛ قال أبو العلاء: سمعت ابن المظفر والدارقطني يقولان: لم نر مع ابن السقاء كتابًا وإنما حدثنا حفظًا. وقال علي بن محمد الطيب الجلَّابي في تاريخه: ابن السقاء من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين، توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.
 
أخبرنا أحمد بن عبد الحميد أنا عبد الله بن أحمد الفقيه سنة ثماني عشرة وستمائة أنا علي بن بعونا أنا أبو نعيم محمد بن إبراهيم الجماري أنا أحمد بن مظفر العطار نا عبد الله بن محمد بن عثمان نا أبو خليفة نا مسدد نا أبو عوانة عن زيد بن جبير: سألت ابن عمر قلت: من أين يجوز أن أعتمر؟ قال: فرضها رسول الله {{صلل}} لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن.
 
قال السلفي: سألت الحافظ خميسًا الحوزي عن ابن السقاء فقال: هو من مزينة مضر ولم يكن سقاء بل لقب له، من وجوه الواسطيين وذوي الثروة والحفظ، رحل به أبوه فأسمعه من أبي خليفة وأبي يعلى وابن زيدان البجلي والمفضل بن الجندي وبارك الله في سنه وعلمه، واتفق أنه أملى حديث الطير فلم تحتمله نفوسهم فوثبوا به وأقاموه وغسلوا موضعه فمضى ولزم بيته فكان لا يحدث أحدًا من الواسطيين؛ فلهذا قل حديثه عندهم، وتوفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة حدثني ذلك شيخنا أبو الحسن المغازلي.
 
907- 59/12
 
===عمر بن بشران بن محمد بن بشر بن مهران===
 
الحافظ أبو حفص السكري أخو جد أبي الحسين بن بشران.
 
سمع أحمد بن الحسن الصوفي وعبد الله بن زيدان البجلي والبغوي وطبقتهم، قال الخطيب: ثنا عنه البرقاني وسألته عنه فقال: ثقة ثقة، كان حافظًا عارفًا كثير الحديث، وبقي إلى سنة سبع وستين وثلاثمائة.
 
908- 60/12
 
===الأزدي===
 
الحافظ العلامة أبو الفتح محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بريدة الموصلي نزيل بغداد.
 
حدث عن أبي يعلى ومحمد بن جرير والباغندي وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وأبي عروبة الحراني وطبقتهم، وعنه إبراهيم بن عمر البرمكي وأبو نعيم الحافظ وأحمد بن الفتح بن فرغان وآخرون. قال الخطيب: كان حافظًا، صنف في علوم الحديث، وسألت البرقاني عنه فضعفه، حدثني النجيب عبد الغفار الأرموي قال: رأيت أهل الموصل يوهنونه ولا يعدونه شيئًا.
 
قلت: له مصنف كبير في الضعفاء، وهو قوي النفس في الجرح، وهاه جماعة بلا مستند طائل. مات في سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. أخبرنا أبو المعالي محمد بن عبد السلام بن مطهر ابن القاضي أبي سعيد بن أبي عصرون التميمي الشافعي أنا أبي الفقيه أبو العباس سنة أربع وعشرين وستمائة أنا جدي "ح" وأنا أبو المعالي أنا عبد الرحمن بن أبي القاسم الصوري أنا القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري قالا: أنا علي بن أحمد بن طوق التغلبي أنا أبو الحسن أحمد بن الفتح الموصلي نا محمد بن الحسين الأزدي نا محمد بن جرير الطبري نا محمد بن مرزوق نا أشعث بن شبيب عن أبي سليمان الكوفي عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته، تقول: اللهم اغفر لنا وله". هذا حديث منكر، وأبو سليمان هو داود بن عبد الجبار، قال ابن معين: ليس بثقة.
 
909- 61/12
 
===حسينك===
 
الحافظ الإمام النبيل أبو أحمد الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي النيسابوري.
 
ويعرف أيضًا بابن منينة، وهو بحُسَيْنَك أشهر، من كبار أهل خراسان، كان يبعثه ابن خزيمة إذا تخلف عن مجلس السلطان لينوب عنه، وكان يعزه ويقدمه على أولاده، سمع ابن خزيمة والعباس الثقفي وعمر بن أبي غيلان وأبا القاسم البغوي وعبد الله بن زيدان البجلي وطبقتهم، حدث عنه الحاكم وأبو بكر البرقاني وأبو حفص بن مسرور وأبو سعيد الكنجرودي وعدة.
 
قال الخطيب: كان ثقة حجة. وقال الحاكم: الغالب على سماعه الصدق وهو شيخ العرب في بلدنا ومن ورث الثروة القديمة، وسلفته جملة صحبته حضرًا وسفرًا فما رأيته ترك قيام الليل من نحو ثلاثين سنة فكان يقرأ كل ليلة سبعًا، وكانت صدقاته دارة سرًّا وعلانية، اخرج مرة عشرة من الغزاة بآلتهم بدلا عن نفسه، ورابط غير مرة، وأول سماعه في سنة خمس وثلاثمائة. قال الخطيب: مات في ربيع الآخر سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.
 
قرأت على أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو سعيد الكنجرودي أنا أبو أحمد التميمي نا أبو قريش محمد بن جمعة نا أبو سعيد الأشج حدثني عقبة بن خالد عن أبي سعد البقال عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ثوبان قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من قال حين يمسي: رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينا وبمحمد {{صل}} نبيًّا كان حقًّا على الله أن يرضيه". غريب تفرد به عقبة فأخرجه الترمذي من حديثه وحسنه.
 
910- 62/12
 
===ابن مهران===
 
الحافظ الإمام الزاهد القدوة شيخ الإسلام أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران البغدادي.
 
سمع أبا القاسم البغوي والباغندي وأبا عروبة الحراني وابن جوصاء الدمشقي وابن صاعد وأبا حامد بن بلال وخلقًا من الخراسانيين والشاميين، ثم دخل بخارى وسمرقند فسكن هناك نحوًا من ثلاثين سنة، وصنف المسند الكبير على الرجال، روى عنه الحاكم وأبو العلاء الواسطي وعلي بن محمد الحذاء وأحمد بن محمد الكاتب وآخرون.
 
قال ابن أبي الفوارس: صنف أبو مسلم أشياء كثيرة، وكان ثقة زاهدًا ما رأيت مثله. قال الخطيب: جمع أحاديث المشايخ والأبواب، وكان متقنًا حافظًا مع ورع وزهد وتدين، ذكره أبو العلاء يومًا فأطنب في وصفه وقال: كان الدارقطني والشيوخ يعظمونه. وقال الحاكم: دخلت مرو وما وراء النهر ولم ألقه، وفي سنة خمس وستين في الحج طلبته في القوافل فأخفى نفسه، فحججت سنة سبع وستين وعندي أنه بمكة فقالوا: هو ببغداد، فاستوحشت من ذلك وتطلَّبته فلم أظفر به، ثم قال لي أبو نصر الملاحمي ببغداد: هنا شيخ من الأبدال تشتهي أن تراه؟ قلت: بلى، فذهب بي فأدخلني خان الصباغين، فقالوا: اخرج، فقال أبو نصر: تجلس في هذا المسجد فإنه يجيء، فقعدنا وأبو نصر لم يذكر لي من الشيخ فأقبل أبو نصر ومعه شيخ نحيف ضعيف برداء فسلم عليَّ فاتهمت أنه أبو مسلم الحافظ فبينا نحن نحدثه قلت له: وجد الشيخ ههنا من أقاربه أحدًا؟ قال: الذين أردت لقاءهم انقرضوا، فقلت: هل خلف إبراهيم ولدًا، أعني أخاه إبراهيم الحافظ؟ فقال: ومن أين عرفت أخي؟ فسكت، فقال لأبي نصر: من هذا الكهل؟ قال: أبو فلان، فقام إلي وقمت إليه وشكا شوقه وشكوت مثله فاشتفينا من المذاكرة وجالسته مرارًا ثم ودعته يوم خروجي فقال: يجمعنا الموسم، فإن علي أن أجاور بمكة، ثم حج سنة ثمان وستين وجاور إلى أن مات وكان يجهد ألا يظهر لحديث ولا لغيره. قلت: توفي سنة خمس وسبعين وثلاثمائة. أنبأنا المسلم بن محمد أنا الكندي أنا الشيباني أنا أبو بكر الخطيب أخبرني محمد بن علي المقرئ أنا أبو مسلم بن مهران نا عبد المؤمن بن خلف، سمعت صالح بن محمد، سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن رجلين مائتي ألف حديث؛ إبراهيم الفراء وابن أبي شيبة عبد الله.
 
'''وفيها توفي''' الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر البحيري النيسابوري المحدث، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد العسكري الدقاق ببغداد، وأبو القاسم عبد العزيز بن جعفر الخرقي البغدادي، وشيخ الشافعية ببغداد وأبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله الداركي، ومحدث بغداد ومسندها الإمام أبو حفص عمر بن محمد بن علي بن الزيات البغدادي عن تسعين سنة وكان يحتمل أن يذكر في الحفاظ وشيخ مالكية العراق القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري وهو في عشر التسعين، ومحدث الشام القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي وقد قارب تسعين سنة، وأبو الليث نصر بن محمد السمرقندي الفقيه الحنفي صاحب تنبيه الغافلين.
 
911- 63/12
 
===ابن حرارة===
 
الحافظ العلامة الجوال، أبو الحسن محمد ابن المحدث أحمد بن علي بن أسد البرذعي الأسدي.
 
قال الخليلي: أحمد يعرف أبوه بحرارة، وابنه محمد ارتحل إلى العراق ومصر والشام، وسمع حامد بن شعيب والبغوي وابن جوصاء وعبد الله بن وهب الدينوري وطبقتهم، إلى أن قال: ورد قزوين والري فروى من حفظه زيادة على ثلاثين ألف حديث، ولم يكن معه ورقة، وفي أماليه غرائب وكلام يستفاد، حدث عنه شيوخنا، ومات بقزوين سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. وروى الخليلي عن الحسن بن جعفر الطيبي عنه.
 
912- 64/12
 
===الغطريفي===
 
الحافظ المتقن الإمام أبو أحمد محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن السري بن الغطريف بن الجهم الغِطريفي العبدي الجرجاني الرباطي، مصنف الصحيح على المسانيد.
 
سمع أبا خليفة حتى استوعب ما عنده والحسن بن سفيان وعمران بن موسى بن مجاشع وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وابن ناجية وابن خزيمة وطبقتهم، حدث عنه رفيقه أبو بكر الإسماعيلي في صحيحه بأكثر من مائة حديث، فمرة يقول: نا محمد بن أحمد العبدي، والعبقسي، ومحمد بن أبي حامد. وكان أبو أحمد من علماء المحدثين ومتقنيهم صوامًا قوامًا صالحًا ثقة، قال الخليلي: كان أمير الغزاة بدهستان، وصنف على صحيح البخاري. حدث عنه حمزة بن يوسف السهمي وأبو نعيم الأصبهاني والقاضي أبو الطيب الطبري والسري بن إسماعيل بن أبي بكر الإسماعيلي. مات أبو أحمد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، رحمة الله عليه.
 
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه وغيره إجازة قالوا: أنا عمر بن محمد المؤدب أنا أحمد بن محمد بن ملوك الوراق ومحمد بن عبد الباقي البزاز قالا: أنا طاهر بن عبد الله الفقيه نا أبو أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة نا أبو خليفة نا عثمان بن الهيثم نا عوف عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لو كان العلم معلقًا بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس".
 
توفي مع أبي أحمد في السنة أبيض بن محمد بن أبيض الفهري خاتمة أصحاب النسائي بمصر، وشيخ العربية أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي صاحب التصانيف وله تسع وثمانون سنة، ومحدث بغداد أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ الثقفي الوراق عن خمس وتسعين سنة، وشيخ القراء بالأندلس أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الأنطاكي الشافعي، ومسند بخارى أبو عمرو محمد بن صابر البخاري المؤذن، آخر من حدث عن صالح بن محمد الحافظ، رحمة الله عليهم.
 
913- 65/12
 
===ابن المقرئ===
 
محدث أصبهان الإمام الرَّحَّال الحافظ الثقة أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان الأصبهاني الخازن المشهور بابن المقرئ صاحب المعجم الكبير والأربعين حديثًا.
 
سمع محمد بن نصير المديني ومحمد بن علي الفرقدي وعدة بأصبهان، والصوفي وعمر بن أبي غيلان ببغداد، وأبا يعلى بالموصل، وعبدان بالأهواز، وأبا عروبة بحران، ومحمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان، وعبد الله بن زيدان بالكوفة، وأحمد بن يحيى الحافظ بتستر، وإسحاق بن أحمد الخزاعي بمكة، وعبد الله بن محمد بن سلم بالقدس، وسعيد بن عبد العزيز بدمشق، ومحمد بن المعافى بصيداء، ومكحولًا ببيروت، ومأمون بن هارون بعكا، ومحمد بن عمير بالرملة، ومضاء بن عبد الباقي بأذنة، وجعفر بن أحمد بن سنان بواسط، ومحمد بن علي بن روح بعسكر مكرم، ومحمد بن تمام البهراني بحمص، والحسين بن عبد الله القطان بالرقة، ومحمد بن زبان بمصر، ومحمد بن قربا بعسقلان، وأممًا سواهم وهم في معجمه؛ وقد صنف مسند أبي حنيفة وخرج لنفسه الفوائد؛ حدث عنه أبو إسحاق بن حمزة وأبو الشيخ بن حيان وأبو بكر بن مردويه وحمزة السهمي وأبو نعيم وأبو طاهر بن عبد الرحمن وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه ومنصور بن الحسين وأحمد بن محمود الثقفي وأحمد بن محمد بن النعمان الصائغ وخلق كثير.
 
قال ابن مردويه: هو ثقة مأمون صاحب أصول. وقال أبو نعيم: محدث كبير ثقة صاحب مسانيد، سمع ما لا يحصى كثرة. وقال أبو طاهر أحمد بن محمود: سمعت ابن المقرئ يقول: طفت الشرق والغرب أربع مرات. وروى اثنان عن ابن المقرئ قال: مشيت بسبب نسخة مفضل بن فضالة سبعين مرحلة ولو عرضت على خبَّاز برغيف لم يقبلها. وقال أبو طاهر بن سلمة: سمعت ابن المقرئ يقول: دخلت بيت المقدس عشر مرات، وحججت أربعًا، أقمت بمكة خمسة وعشرين شهرًا.
 
وروي عن أبي بكر بن أبي علي قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة فضاق بنا الوقت فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت القبر وقلت: يا رسول الله الجوع؛ فقال لي الطبراني: اجلس فإما أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وأبو الشيخ فحضر الباب علوي ففتحنا له فإذا معه غلامان بقفتين فيهما شيء كثير وقال: شكوتموني إلى النبي {{صلل}} رأيته في النوم فأمرني بحمل شيء إليكم. وقد أفرد الحافظ أبو موسى المديني ترجمة ابن المقرئ فقال: نا معمر بن الفاخر نا عمي، سمعت أبا نصر بن أبي الحسن يقول: سمعت ابن سلامة يقول: قيل للصاحب بن عباد: أنت رجل معتزلي وابن المقرئ محدث وأنت تحبه؟ قال: لأنه كان صديق والدي وقيل: مودة الآباء قرابة الأبناء، ولأني كنت نائما فرأيت النبي {{صلل}} في النوم يقول لي: "أنت نائم وولي من أولياء الله على بابك؟" فانتبهت فدعوت البواب وقلت: من بالباب؟ قال: أبو بكر بن المقرئ.
 
قال أبو عبد الله بن مهدي: سمعت ابن المقرئ يقول: مذهبي في الأصول مذهب أحمد بن حنبل وأبي زرعة الرازي. قلت: سمع ابن المقرئ في نحو من خمسين مدينة، وقد انتقيت من معجمه أربعين حديثًا بلدية له، وكان خازن كتب الصاحب إسماعيل بن عباد. ولم يقع لنا من عواليه بالإجازة سوى جزء مأمون، الذي انفرد في الدنيا بعلوه أبو سعد المديني وعاش ابن المقرئ ستا وتسعين سنة. مات في شوال سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' شيخ القراء بنيسابور أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران مصنف الغاية، ومسند خراسان أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي راوي صحيح البخاري، ومقرئ مصر أبو عدي عبد العزيز بن علي بن محمد بن الفرج ابن الإمام المصري، وقاضي القضاة أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف البغدادي، ومسند العراق أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري العوفي صاحب جعفر الفريابي، وشيخ القراء بقزوين علي بن أحمد بن صالح القزويني خاتمة من روى عن يوسف بن عاصم الرازي، عن ثمانٍ وتسعين سنة، وعالم المالكية وفقيههم بقرطبة أبو بكر محمد بن يبقى بن زُرب القرطبي.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله وسليمان بن قدامة وجماعة عن محمد بن عبد الواحد المديني أنا إسماعيل بن علي الحمامي أنا أبو مسلم محمد بن علي أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم أنا أبو عروبة نا بندار نا عبد الوهاب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي {{صلل}} قضى باليمين مع الشاهد. أخرجه الترمذي وابن ماجه عن بندار.
 
914- 66/12
 
===أبو أحمد الحاكم===
 
محدث خراسان الإمام الحافظ الجهبذ محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الكرابيسي صاحب التصانيف.
 
وهذا هو الحاكم الكبير مؤلف كتاب الكنى، سمع أحمد بن محمد الماسرجسي ومحمد بن شادل وابن خزيمة والباغندي والبغوي والسراج ومحمد بن إبراهيم الغازي وعبد الله بن زيدان البجلي ومحمد بن الفيض الغساني وأبا عروبة الحراني وطبقتهم، روى عنه الحاكم أبو عبد الله وأبو عبد الرحمن السلمي ومحمد بن أحمد الجارودي وأبو بكر أحمد بن علي بن منجويه وأبو حفص بن مسرور ومحمد بن علي بن محمد الجصاص وصاعد بن محمد القاضي وأبو سعيد الكنجرودي وأبو عثمان البحيري الأصبهاني وخلق سواهم.
 
قال الحاكم: هو إمام عصره في هذه الصنعة، كثير التصنيف، مقدم في معرفة شروط الصحيح والأسامي والكنى، طلب الحديث وهو ابن نيف وعشرين سنة، وسمع بالعراق والجزيرة والشام، إلى أن قال: ولم يدخل مصر، وكان مقدمًا في العدالة أولًا ثم ولي القضاء سنة ثلاث وثلاثين، إلى أن قلد قضاء الشاش فحكم بها أربع سنين وأشهرًا، ثم قلد قضاء طوس فكنت أدخل إليه والمصنفات بين يديه فيحكم ثم يقبل على الكتب، ثم أتى نيسابور سنة خمس وأربعين ولزم مسجده ومنزله مفيدًا مقبلًا على العبادة والتصنيف، وأريد غير مرة على القضاء والتزكية فيستعفي، وكفَّ بصره سنة ست وسبعين، ثم توفي وأنا غائب، في ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وله ثلاث وتسعون سنة، رحمة الله عليه.
 
قال الحاكم في تاريخه: كان أبو أحمد من الصالحين الثابتين على سنن السلف، ومن المنصفين فيما يعتقده في أهل البيت والصحابة، قلد القضاء في أماكن، وصنف على كتابي الشيخين وعلى جامع أبي عيسى، قال لي: سمعت عمر بن علك يقول: مات محمد بن إسماعيل ولم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والزهد والورع، بكى حتى عمي. قال الحاكم: وصنف أبو أحمد كتاب العلل، والمخرج على كتاب المزني، وكتابًا في الشروط، وصنف الشيوخ والأبواب، إلى أن قال: وهو حافظ عصره بهذه الديار. قال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرت مع الشيوخ عند أمير خراسان نوح بن نصر فقال: من يحفظ منكم حديث أبي بكر في الصدقات؟ فلم يكن أحد منهم يحفظه وكان عليَّ خلقان وأنا في آخر الناس فقلت لوزيره: أنا أحفظه، فقال: ههنا فتى من نيسابور يحفظه؛ فقدمت فوقهم ورويت الحديث؛ فقال الأمير: مثل هذا لا يضيع؛ فولاني قضاء الشاش.
 
وقال الحاكم: تغيَّر حفظه لما كبر ولم يختلط قط، وسمعته يقول: كنت بالري وهم يقرءون على ابن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل فقلت لابن عبدويه الوراق: هذه ضحكة، أراكم تقرءون كتاب التاريخ للبخاري على شيخكم على الوجه وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم، فقال: يا أبا أحمد، إن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما تاريخ البخاري قالا: هذا علم لا يستغنى عنه، ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا، فأقعدا عبد الرحمن يسألهما عن رجل بعد رجل وزادا فيه ونقصا. وسمعته يقول: سمعت أبا الحسين الغازي يقول: سألت البخاري عن أبي غسان فقال: عَمَّ تسأل عنه؟ قلت: شأنه في التشيع، فقال: هو على مذهب أئمة أهل بلده الكوفيين، ولو رأيتم عبيد الله وأبا نعيم وجميع مشايخنا الكوفيين لما سألتمونا عن أبي غسان. وسمعته يقول: سمعت أبا الحسين الغازي، سمعت عمرو بن علي، سمعت يحيى بن سعيد يقول: عجبًا من أيوب السختياني يدع ثابتًا البناني لا يكتب عنه. قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء عن عبد المعز بن محمد أنا تميم بن أبي سعيد القصار أنا أبو سعيد الكنجرودي سنة تسع وأربعين وأربعمائة أنا أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ أنا أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي نا إسحاق الحنظلي أنا عبد العزيز بن محمد نا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله {{صلل}} قال: "من أشرك بالله فليس بمحصن". قال أبو أحمد: لا أعلم حدث به غير إسحاق عن الدراوردي عن عبيد الله.
 
وفي سنة ثمان وسبعين مات من كبار الشيوخ القاضي أبو القاسم بشر بن محمد بن محمد بن ياسين النيسابوري، والقاضي العلامة أبو سعيد الخليل بن أحمد السجزي الواعظ الحنفي قاضي سمرقند عن تسعين سنة إلا سنة، وشيخ الحنفية بما وراء النهر عبد الكريم بن محمد بن موسى البخاري الميغي الزاهد وميغ من قرى بخارى، وشيخ المالكية بالعراق أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن الجلاب توفي كهلًا، وأسند من بقي بمصر أبو بكر عتيق بن موسى بن هارون الأزدي الحاتمي، عنده عن أبي الزقزاق الموطأ بسماعه من يحيى بن بكير، ومحدث بغداد أبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس الوراق صاحب الأمالي، وصدر هراة ورئيسها أبو عبد الله محمد بن العباس بن أبي ذهل الضبي المحدث، رحمة الله عليهم.
 
915- 67/12
 
===المفيد===
 
العالم الشهير محدث جرجرايا، أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب: وصفه أبو نعيم الأصبهاني بالحفظ وارتحل إليه، وقال الخطيب: حدثني محمد بن عبد الله عنه أنه قال: موسى بن هارون سماني المفيد. قلت: فهذه العبارة أول ما استعملت لقبًا في هذا الوقت قبل الثلاثمائة، والحافظ أعلى من المفيد في العرف، كما أن الحجة فوق الثقة. وقال المحدث محمد بن أحمد الروياني: لم أرَ أحدا أحفظ من المفيد. وقال الماليني: كان المفيد رجلًا صالحًا. قلت: لكنه متهم، حدث عن أحمد بن عبد الرحمن السقطي عن يزيد بن هارون، ولا يدرى من ذا؟ فكان يقول: سمعت منه سنة خمس وتسعين؛ وروى موطأ القعنبي، عن الحسن بن عبيد الله عن القعنبي، والآخر لعله ما وجد أبدًا؛ وروى عن أبي شعيب الحراني ومحمد بن يحيى المروزي وعلي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب وموسى بن هارون وخلائق؛ وقد تجاسر البرقاني وأخرج عنه في صحيحه، واعتذر بأن الحديث المذكور لم يسمعه من غيره، وسئل عنه فقال: ليس بحجة، قد حدثنا بالموطأ عن رجل عن القعنبي، فلما رجعت قال لي أبو بكر بن أبي سعد: أخلف الله نفقتك؛ فدفعت الموطأ إلى بعض العامة وأعطاني بدله بياضًا.
 
قال أبو الوليد الباجي: أبو بكر المفيد أنكرت عليه أسانيد ادَّعاها. قلت: آخر من حدث عنه الحسن بن غالب المقرئ أحد الضعفاء أيضًا، وعاش المفيد نيفا وتسعين سنة، توفي سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة.
 
قرأت على أحمد بن سباع أنا عتيق بن أبي الفضل سنة إحدى وأربعين وستمائة أنا أبو القاسم الحافظ أنا أبو غالب بن البناء وأخوه يحيى قالا: أنا الحسن بن غالب المقرئ أنا محمد بن أحمد المفيد بجرجرايا إملاء نا عثمان بن الخطاب، سمعت عليًّا، سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". هذا مما لا أفرح بعلوه لعلمي بأن هذا الكذاب ما رأى عليًّا {{عنه}} أصلا، ولا والله رأى من رآه.
 
916- 68/12
 
===محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى===
 
الحافظ الإمام الثقة أبو الحسين البغدادي محدث العراق.
 
ولد سنة ست وثمانين ومائتين وأول ما سمع في سنة ثلاثمائة، سمع أحمد بن الحسن الصوفي وحامد بن شعيب وقاسم بن زكريا وعمر بن أبي غيلان والباغندي ومحمد بن جرير وعبد الله بن زيدان البجلي وأبا عروبة الحراني وعلي بن أحمد علان ومحمد بن خريم الدمشقي والحسين بن محمد بن جمعة وطبقتهم بالعراق والجزيرة ومصر والشام، وجمع وألف وعن مضايق هذا الفن لم يتخلف، روى عنه الدارقطني وابن شاهين وأبو الفتح بن أبي الفوارس والماليني والبرقاني وأبو نعيم والحسن بن محمد الخلال وعلي بن المحسن وعبد الوهاب بن برهان وأبو محمد الجوهري وخلق كثير.
 
يقال: إنه من ولد سلمة بن الأكوع، وكان يقول: لا أتيقن ذلك. قال الخطيب: كان ابن المظفر فهمًا حافظًا صادقًا. وقال البرقاني: كتب الدارقطني عن ابن المظفَّر ألوف حديث. وقال ابن أبي الفوارس: سألت ابن المظفر عن حديث الباغندي عن ابن زيد المذاري عن عمرو بن عاصم، فقال: ما هو عندي؛ قلت: لعله عندك؛ قال: لو كان عندي لكنت أحفظه، عندي عن الباغندي مائة ألف حديث ما فيها هذا. قال القاضي محمد بن عمر الداودي: رأيت الدارقطني يعظم ابن المظفر ويبجله ولا يسند بحضرته.
 
وقال الخطيب: حدثني محمد بن علي الصوري، حدثنا بعض الشيوخ أنه حضر مجلس ابن معروف القاضي فجاء أبو الفضل الزهري فقام ابن المظفر عن مكانه وأجلس الزهري، وقال: أيها القاضي، هذا الشيخ من ولد عبد الرحمن بن عوف {{عنه}} وهو محدث وآباؤه محدثون إلى عبد الرحمن، وقال: ثنا والد هذا، ونا فلان عن جد هذا محمد بن عبيد الله، ونا فلان عن جدهم عبيد الله بن سعد، ولم يزل يروي عن كل واحد من آبائه حديثًا حتى انتهى إلى عبد الرحمن بن عوف، {{عنه}}.
 
قال السلمي: سألت الدارقطني عن ابن المظفر فقال: ثقة مأمون؛ فقلت: يقال: إنه يميل إلى تشيع؛ فقال: قليلًا بمقدار ما لا يضر إن شاء الله. وقال أبو الوليد الباجي: ابن المظفر حافظ فيه تشيع. قال إبراهيم بن محمد الرعيني: قدم علينا ابن المظفر وكان أحول أشج فحضر عند عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني فقال له: إن هذا الذي تمليه علينا هو عندنا كثير بالعراق، نريد حديث مصر؛ فكان ذلك مبدأ ما أخرج القزويني حديث عمرو بن الحارث، فكان منه ما كان من نكير الناس عليه حتى قال الدارقطني: وضع القزويني لعمرو أكثر من مائة حديث.
 
قال العتيقي: توفي ابن المظفر في يوم الجمعة في شهر جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وثلاثمائة.
 
قلت: '''وفيها مات''' إمام اللغة بالأندلس أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي، ومحدث دمشق الإمام المفيد أبو سليمان محمد بن عبد الله بن أحمد بن زبر الربعي صاحب الوفيات، عنده عن البغوي ومحمد بن الفيض، وأبو الحسين محمد بن النضر الموصلي بن النحاس راوي المعجم عن أبي يعلى الموصلي، والمعمر أبو بكر هلال بن محمد بن محمد بن هلال الرأي البصري خاتمة من روى عن الكجي.
 
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه كتابة أنا عمر بن محمد أنا أحمد بن الحسن أنا الحسين بن علي أنا محمد بن المظفر نا محمد بن محمد بن سليمان نا عبد الحميد بن بيان نا هشيم عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من سمع النداء فلم يجب الصلاة فلا صلاة له". <ref> رواه ابن ماجه في المساجد باب 17.</ref> قلت: لم يقل "إلا من عذر".
 
917- 69/12
 
===أبو حفص بن الزيات===
 
الحافظ الثقة المسند عمر بن محمد بن علي بن يحيى البغدادي الناقد.
 
سمع جعفر الفريابي وإبراهيم بن شريك وابن ناجية وأحمد بن الحسن الصوفي وعمر بن أبي غيلان وطبقتهم ومن بعدهم، وعنه البرقاني وأبو محمد الخلال وأبو القاسم التنوخي والجوهري وخلق؛ قال البرقاني: كان والله ثقة قديم السماع مصنفًا. وقال ابن أبي الفوارس: كان ثقة متقنًا أمينًا، وقد جمع أبوابًا وشيوخًا. وقال العتيقي: مات في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، مولده سنة ست وثمانين ومائتين. قال: وكان ثقة صاحب حديث يحفظ.
 
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه إجازة أنا عمر بن محمد أنا محمد بن عبد الباقي أنا عمر بن الحسين الخفاف أنا عمر بن محمد الزيات أنا حمزة بن محمد الكاتب قراءة عليه نا نعيم بن حماد نا أبو أمية الثقفي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من بكر يوم الجمعة وابتكر وغسل واغتسل ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام واستمع وأنصت ولم يلغ حتى يصلي الجمعة، كفاه الله ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام". تفرد به أبو أمية وهو إسماعيل بن يعلى أحد الضعفاء، وللمتن إسناد آخر صالح.
 
918- 70/12
 
===ابن السمسار===
 
الحافظ الثقة المفيد محدث الشام، أبو العباس محمد بن موسى بن الحسين الدمشقي.
 
حدث عن محمد بن خريم وأحمد بن جوصاء وأبي الدحداح أحمد بن محمد وعبد الله بن محمد السري الحمصي الحافظ وأبي الجهم بن طلاب وأبي عبد الله المحاملي وابن مخلد وطبقتهم، حدث عنه تمام الرازي ومكي بن المعمر ومحمد بن عوف المزني وأخوه أبو الحسن محمد بن السمسار وآخرون، قال عبد العزيز الكتاني: كان ثقة نبيلًا حافظًا كتب القناطير. وقال الميداني: توفي في رمضان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.
 
919- 71/12
 
===بصلة===
 
هو الحافظ الإمام أبو الحسين محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني رحَّال جوَّال.
 
سمع عمران بن موسى بن مجاشع السختياني وابن خزيمة وابن جوصاء وأبا العباس السراج وطبقتهم، وحدث بأماكن، روى عنه أبو نعيم الحافظ وغيره، لم أدرِ متى توفي، وبقي إلى بعد الستين وثلاثمائة.
 
920- 72/12
 
===أحمد بن موسى بن عيسى===
 
الحافظ أبو الحسن بن أبي عمران الجرجاني الوكيل.
 
قال حمزة السهمي: كان وكيلًا على باب القضاة، روى عن عمران بن موسى السختياني وأحمد بن محمد بن عبد الكريم وأحمد بن حفص السعدي وعبد الرحمن بن عبد المؤمن وطبقتهم، وكان قد كتب الكثير من المسانيد والسنن والتواريخ وجمع الشيوخ والأبواب والطرق وكان له فهم ودراية، روى مناكير عن شيوخ مجاهيل لم يتابعه عليها أحد فأنكروا عليه وكذبوه وكان له أصول جياد عن السختياني وغيره، سمعت أبا محمد المنيري يقول: رأيته في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بكثرة كتبي الحديث والصلاة على النبي، {{صلل}}. مات في ذي القعدة سنة ثمان وستين وثلاثمائة. قلت: وفي نسخة سنة ثمان وسبعين فالله أعلم. قلت: وروى عنه أبو سعيد النقاش وحلف أنه كان يضع الحديث.
 
921- 73/12
 
===صالح بن أحمد===
 
بن محمد بن أحمد بن صالح بن عبد الله بن قيس بن هذيل بن يزيد بن العباس بن الأحنف بن قيس الحافظ الكثير الصدق، المعمر أبو الفضل التميمي الهمذاني السمسار.
 
حدث عن أبيه وعلي بن الحسن بن سعد ومحمد بن بلبل وأحمد بن محمد بن أويس ومحمد بن مراد بن حمويه والقاسم بن أبي صالح وعبد الرحمن بن أبي حاتم وعدة، روى عنه طاهر بن ماهلة وحمد بن عمر الزجاج وأحمد بن زنجويه العمري وطاهر بن أحمد الإمام وأحمد بن الحسين بن رسل وأبو الفتح بن أبي الفوارس وآخرون. ذكره شيرويه في تاريخه فقال: كان ركنًا من أركان الحديث ثقة حافظًا ديِّنًا لا يخاف في الله لومة لائم، وله مصنفات غزيرة، توفي في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، والدعاء عند قبره مستجاب. وقال الخطيب: كان حافظًا فهمًا ثقة ثبتًا، صنف كتاب الطبقات للهمذانيين وكتاب سنن التحديث، أخبرنا عنه محمد بن الفرج وعلي بن طلحة المقرئ.
 
قرأت على أحمد بن عبد الكريم المحتسب أنا نصر بن جزو أنا أبو طاهر بن سلفة، سمعت حمد بن نصر الحافظ، سمعت علي بن حميد الذهلي، سمعت طاهر بن عبد الله بن ماهلة الحافظ، سمعت حمد بن عمر الزجاج يقول: لما أملى صالح بن أحمد الحافظ بهمذان كانت له رحى، فباعها بسبعمائة دينار ونثرها على محابر أصحاب الحديث.
 
ومات مع صالح في السنة الأديب أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي صاحب الترسل والنظم والنثر ولم يسلم، ومسند همذان أبو القاسم جبرائيل بن محمد بن سيدول المعدل سمع عن البغوي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن محارب الإصطخري ثم البغدادي، والفقيه علي بن عبد الملك بن دهثم بنيسابور، رويا عن أبي خليفة ولينا، وصاحب التصانيف أبو الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي صاحب ابن دريد.
 
922- 74/12
 
===محمد بن أحمد بن حماد بن سفيان===
 
محدث الكوفة ومفيدها، أبو الحسن الكوفي الحافظ.
 
حدث عن عبد الله بن زيدان البجلي وعلي بن العباس المقانعي وطبقتهما وعمر دهرًا، روى عنه القاضي أبو العلاء الواسطي وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي وأحمد بن محمد العتيقي وآخرون، مات أيضًا في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
 
أنا الحسن بن علي أنا جعفر بن منير أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو ياسر محمد بن عبد العزيز الخياط أنا أبو القاسم بن بشران نا أبو الحسن محمد بن أحمد بن حماد بن سفيان بالكوفة نا محمد بن الحسن الأنصاري نا القاسم بن خليفة نا سعيد -يعني ابن زكريا- عن الزبير بن سعيد الهاشمي عن عبد الحميد بن سالم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر، لم يصبه عظيم من البلاء". هذا حديث منكر، والزبير ضعيف.
 
923- 75/12
 
===ابن شاهين===
 
الحافظ الإمام المفيد المكثر محدث العراق، أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد البغدادي، الواعظ المعروف بابن شاهين صاحب التصانيف.
 
سمع محمد بن محمد بن الباغندي ومحمد بن هارون بن المجدر وأبا خبيب العباس بن البرتي وشعيب بن محمد الذارع وأبا القاسم البغوي وأبا علي محمد بن سليمان المالكي وطبقتهم، وله رحلة إلى دمشق لقي فيها أبا إسحاق بن أبي ثابت وطبقته. مولده سنة سبع وتسعين ومائتين وسمع سنة ثمان وثلاثمائة.
 
روى عنه أبو سعد الماليني وأبو بكر البرقاني وأبو القاسم التنوخي وأبو محمد الخلال وأبو محمد الجوهري وأبو الحسين بن المهتدي بالله وخلق كثير وابنه عبيد الله بن عمر. قال ابن ماكولا: ثقة مأمون سمع بالشام وفارس والبصرة، جمع الأبواب والتراجم وصنَّف شيئًا كثيرًا، قال أبو الحسين بن المهتدي بالله: قال لنا ابن شاهين: صنفتُ ثلاثمائة مصنف وثلاثين مصنفًا، منها التفسير الكبير ألف جزء، ومنها المسند ألف وثلاثمائة جزء، والتاريخ مائة وخمسون جزءًا، والزهد مائة جزء. قال محمد بن عمر الداودي القاضي: سمعت ابن شاهين يقول: حسبت ما اشتريت به الحبر إلى هذا الوقت فكان سبعمائة درهم. قلت: تفسيره على ما ذكر لي شيخنا عماد الدين الحزامي بواسط في نحو من ثلاثين مجلدًا. قال الأزهري: وابن شاهين ثقة عنده عن البغوي سبعمائة جزء. وقال ابن أبي الفوارس: ثقة مأمون صنف ما لم يصنفه أحد.
 
قال حمزة السهمي: سمعت الدارقطني يقول: ابن شاهين يلج على الخطاء وهو ثقة. قال الخطيب: سمعت محمد بن عمر الداودي يقول: ابن شاهين ثقة يشبه الشيوخ إلا أنه كان لحَّانًا ولا يعرف الفقه، وكان إذا ذكر له مذهب أحد يقول: أنا محمدي المذهب، رأيته يومًا اجتمع مع الدارقطني فما نطق حرفًا هيبة وخوفًا أن يخطئ بحضرة أبي الحسن، قال لي أبو الحسن يومًا: ما أعمى قلب ابن شاهين، حمل إليَّ تفسيره وسألني أن أصلح ما أجد فيه، فرأيته قد نقل تفسير أبي الجارود في موضع جعله عن أبي الجارود عن زياد بن المنذر، وإنما هو أبو الجارود زياد بن المنذر. وقال البرقاني: قال لي ابن شاهين: جميع ما صنفته لم أعارضه بالأصول، يعني ثقة بنفسه. قال البرقاني: لم أكثر عنه زهدًا فيه. وقال الأزهري: كان عند ابن شاهين عن البغوي سبعمائة جزء وسمعته يقول: أنا أكتب ولا أعارض.
 
قال العتيقي: مات في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. قلت: مات بعد الدارقطني بأيام.
 
ومات قبلهما بأشهر زاهد بغداد ومحدثها الصادق أبو الفتح يوسف بن عمر بن مسرور القواس عن خمس وثمانين سنة، وشاعر بغداد محمد بن عبد الله بن الحسن بن سكرة الهاشمي العباسي؛ والقاضي علي بن الحسين بن بندار الأزدي بمصر، والصاحب إسماعيل بن عباد الطالقاني وزير صاحب العجم، ومحدث مصر أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس.
 
أنبأنا المسلم بن علان أنا أبو اليمن الكندي أنا عبد الله بن أحمد بن يوسف أنا أبو الحسين محمد بن علي الهاشمي لفظًا نا أبو حفص عمر بن أحمد الحافظ نا محمد بن محمد بن سليمان أنا عبد الله بن عمران العابدي أنا الدراوردي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله، عز وجل".
 
أخبرنا إسماعيل بن الفراء وعبد الحافظ قالا: أنا عبد الله بن أحمد الفقيه أنا أبو العز محمد بن محمد بن مواهب أنا أبو الحسين بن الطيوري أنا محمد بن علي العشاري أنا أبو حفص بن شاهين نا عبد الله بن سليمان نا عباد بن يعقوب نا عمر بن ثابت عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "ألا أدلّكم على ما يكفر الله به الخطيئات ويزيد به في الحسنات؟" قلنا: بلى يا رسول الله؛ قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى هذه المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة".
 
924- 76/ 12
 
===أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج===
 
الحافظ الثقة المعمر أبو بكر الشيرازي محدث الأهواز.
 
حدث عن محمد بن محمد الباغندي وأبي القاسم البغوي وأحمد بن محمد بن السكن البغدادي وبكر بن أحمد الزهري وهذه الطبقة العالية، وأول سماعه في سنة أربع وثلاثمائة، وكان مولده في سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وكان من كبار الأئمة، سأله حمزة السهمي عن أحوال الرجال، روى عنه حمزة بن يوسف المذكور وأبو الحسن بن صخر الأزدي والقاضي علي بن عبيد الله الكسائي الهمذاني نزيل مصر وعبد الوهاب الغندجاني أخذ عنه تاريخ البخاري، وكان يقال له: الباز الأبيض. توفي في شهر صفر سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، وله خمس وتسعون سنة.
 
أخبرنا أبو علي بن القلانسي أنا أبو المنجا بن اللتي أنا أبو الوقت السجزي أنا أبو إسماعيل الأنصاري أنا إسماعيل بن محمد الحرنفتي أنا أحمد بن عبدان الحافظ نا عبد الله بن سليمان بن الأشعث نا هارون بن محمد بن بكار أنا محمد بن عيسى نا ثور عن خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر قالا: أتينا العرباض بن سارية وهو الذي نزل فيه: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} فسلمنا عليه وقلنا: أتينا زائرين وعائدين ومقتبسين، وذكر الحديث.
 
925- 77/12
 
===الدارقطني===
 
الإمام شيخ الإسلام حافظ الزمان، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الحافظ الشهير، صاحب السنن.
 
مولده سنة ست وثلاثمائة، وسمع البغوي وابن أبي داود وابن صاعد والحضرمي وابن دريد وابن نيروز وعلي بن عبد الله بن مبشر ومحمد بن القاسم المحاربي وأبا علي محمد بن سليمان المالكي وأبا عمر القاضي وأبا جعفر أحمد بن البهلول وابن زياد النيسابوري وبدر بن الهيثم القاضي وأحمد بن القاسم الفرائضي وأبا طالب الحافظ وخلائق ببغداد والبصرة والكوفة وواسط، وارتحل في كهولته إلى مصر والشام وصنف التصانيف الفائقة، حدث عنه الحاكم وأبو حامد الأسفرايينى وتمام الرازي والحافظ عبد الغني الأزدي وأبو بكر البرقاني وأبو ذر الهروي وأبو نعيم الأصبهاني وأبو محمد الخلال وأبو القاسم بن المحسن وأبو طاهر بن عبد الرحيم والقاضي أبو الطيب الطبري وأبو بكر بن بشران وأبو القاسم حمزة السهمي وأبو محمد الجوهري وأبو الحسين بن الآبنوسي وعبد الصمد بن المأمون وأبو الحسين بن المهتدي بالله وأمم سواهم.
 
قال الحاكم: صار الدَّارَقُطْنِي أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع وإمامًا في القرَّاء والنحويين، وأقمت في سنة سبع وستين ببغداد أربعة أشهر وكثر اجتماعنا فصادفته فوق ما وصف لي وسألته عن العلل والشيوخ، وله مصنفات يطول ذكرها فأشهد أنه لم يخلف على أديم الأرض مثله. وقال الخطيب: كان فريد عصره وإمام وقته وانتهى إليه علم الأثر والمعرفة بالعلل وأسماء الرجال مع الصدق والثقة وصحة الاعتقاد والاضطلاع من علوم كالقراءات، فإن له فيها مصنفًا سبق فيه إلى عقد الأبواب قبل فرش الحروف، وتأسى القراء به بعده، ومن ذلك المعرفة بمذاهب الفقهاء، بلغني أنه درس الفقه على أبي سعيد الإصطخري، ومنها المعرفة بالآداب والشعر فقيل: كان يحفظ دواوين جماعة، وحدثني حمزة بن محمد بن طاهر أنه كان يحفظ ديوان السيد الحميري؛ ولهذا نسب إلى التشيع. قال ابن الذهبي: ما أبعده من التشيع. قال الخطيب: وحدثني الأزهري قال: بلغني أن الدارقطني حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفار وقعد ينسخ جزءًا والصفار يملي فقال رجل: لا يصح سماعك وأنت تنسخ؛ فقال: فهمى للإملاء خلاف فهمك، أتحفظ كم أملى الشيخ؟ قال: لا أدري، قال: أملى ثمانية عشر حديثًا، الحديث الأول عن فلان عن فلان، ومتنه كذا وكذا، والثاني عن فلان عن فلان ومتنه كذا وكذا، ومر في ذلك حتى أتى على الأحاديث، فتعجب الناس منه، أو كما قال. قال رجاء بن محمد المعدل: قلت للدارقطني: هل رأيت مثل نفسك؟ فقال: قال الله تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}؛ قال: فألححت عليه فقال: لم أر أحدًا جمع ما جمعت. وقال أبو ذر الحافظ: قلت للحاكم: هل رأيت مثل الدارقطني؟ فقال: هو لم يرد مثل نفسه، فكيف أنا؟ رواها الخطيب أبو بكر في تاريخه عن أبي الوليد الباجي عن أبي ذر. وكان عبد الغني إذا ذكر الدارقطني قال: أستاذي.
 
قال القاضي أبو الطيب الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث. وقال الخطيب: قال لي أبو القاسم الأزهري: كان الدارقطني ذكيًّا إذا ذكر شيئًا من العلم أي نوع كان، وجد عنده منه نصيب وافر، لقد حدثني محمد بن طلحة النعالي أنه حضر مع الدارقطني دعوة فجرى ذكر الأكلة فاندفع الدارقطني يورد نوادر الأكلة حتى قطع أكثر ليلته بذلك. قال الأزهري: رأيت الدارقطني أجاب ابن أبي الفوارس عن علة حديث أو اسم، فقال: يا أبا الفتح ليس بين الشرق والغرب من يعرف هذا غيرى.
 
قال الخطيب في ترجمة الدارقطني: سألت البرقاني: هل كان أبو الحسن يملي عليك العلل من حفظه؟ قال: نعم، وأنا الذي جمعتها وقرأها الناس من نسختي؛ وحدثنا العتيقي قال: حضرت مجلس الدارقطني وجاءه أبو الحسن البيضاوي برجل غريب وسأله أن يملي عليه أحاديث فأملى عليه من حفظه مجلسًا يزيد أحاديثه على العشرين، متون جميعها: نعم الشيء الهدية أمام الحاجة. فانصرف الرجل ثم جاءه بعد وقد أهدى له شيئًا فقربه إليه فأملى عليه من حفظه سبعة عشر حديثًا متونها: إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه.
 
قلت: هنا يخضع للدارقطني ولسعة حفظه الجامع لقوة الحافظة ولقوة الفهم والمعرفة، وإذا شئت أن تبين براعة هذا الإمام الفرد فطالع العلل له فإنك تندهش ويطول تعجبك. قال السلمي: سمعت الدارقطني يقول: ما شيء أبغض إليَّ من الكلام. قال ابن طاهر: اختلفوا ببغداد فقال قوم: علي أفضل من عثمان {{عنهما}} فتحاكموا إلى الدارقطني قال: فأمسكت وقلت: الإمساك خير، ثم لم أر لدينى السكوت وقلت: عثمان أفضل لاتفاق جماعة أصحاب رسول الله {{صلل}} على هذا، وهو قول أهل السنة وهو أول عقد يحل من الرفض.
 
قال ابن طاهر: للدارقطني مذهب خفي في التدليس يقول فيما لم يسمعه من البغوي: قرئ على أبي القاسم البغوي حدثكم فلان. قال يوسف القواس: كنا نمر إلى البغوي والدارقطني صبي يمشي خلفنا بيده رغيف عليه كامخ. قال أبو ذر الحافظ: سمعت أن الدارقطني قرأ كتاب النسب على مسلم العلوي، فقال له الأديب المعيطي: أنت يا أبا الحسن أجرأ من خاصي الأسد، تقرأ مثل هذا الكتاب مع ما فيه من الشعر والأدب فلا يؤخذ عليك فيه لحنة؟ حكاها الخطيب عن الأزهري فقال: مسلم بن عبيد الله العلوي كان يروي الكتاب عن الخضر بن داود عن الزبير.
 
قال عبد الغني: أحسن الناس كلامًا على الحديث ابن المديني في زمانه وموسى بن هارون في وقته والدارقطني في وقته. الصوري: سمعت رجاء بن محمد يقول: كنا عند الدارقطني وهو يصلي فقرأ القارئ نسير بن ذعلوق فصيره بَشيرًا، فسبح الدارقطني فقال: بشير، فسبح الدارقطني فقال: يسير فتلا الدارقطني: {نْ وَالْقَلَمِ} وحكى حمزة نحوها وأن القارئ قرأ عمرو بن سعيد فسبح الدارقطني فوقف القارئ فتلا: {يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ}. قال الخطيب: حدثني أبو نصر بن ماكولا قال: رأيت كأني أسأل عن حال الدارقطني في الآخرة فقيل لي: ذاك يدعى الإمام في الجنة. قلت: أخذ الدارقطني الحروف عن ابن مجاهد وتلا على النقاش وابن ثوبان وأحمد بن محمد الديباجي وعلي بن ذاويه القزاز وتصدر في آخر أيامه للإقراء أيضًا. توفي في ثامن ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
 
أخبرنا إبراهيم بن علي الفقيه إجازة أنا داود بن ملاعب أنا محمد بن عمر القاضي أنا عبد الصمد بن علي أنا علي بن عمر الحافظ نا علي بن عبد الله بن مبشر نا محمد بن حرب النشائي نا علي بن يزيد الصدائي عن فطر عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن علقمة قال: قال علي: عهد إليَّ النبي، {{صلل}}: "إن الأمة ستغدر بك من بعدي". وبه قال الدارقطني: غريب من حديث أبي عمران عن أبي شبل عن علي {{عنه}} تفرد به حكيم وتفرد به عنه فطر بن خليفة وتفرد به علي الصدائي عن فطر، ولا نعلم حدث به غير محمد بن حرب ولم نكتبه إلا عن شيخنا وكان ثقة.
 
926- 78/12
 
===ابن النحاس===
 
المصري الحافظ الإمام الصدوق أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى بن الجراح بن النحاس المصري نزيل نيسابور.
 
أول سماعه كان في سنة خمس وثلاثمائة وكتب بمصر والحجاز والعراق والشام وأصبهان وخراسان والجبال وخوزستان، وكان ذا رحلة واسعة وهمة عالية ومعرفة جيدة إلا أن كتبه كانت ذهبت فحدث من حفظه وأملى سنين كثيرة. حدث عن أبي القاسم البغوي وأبي عروبة الحراني وأبي بكر بن أبي داود وأبي نعيم بن عدي وعلي بن أحمد علان المصري وأبي العباس الدغولي، روى عنه الحاكم وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو نعيم الأصبهاني وأبو عثمان البحيري وغيرهم، قال الحاكم: حدث من حفظه بأحاديث وهو حافظ كان يتحرى الصدق في مذاكرته. ثم قال: وتوفي في آخر سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وله خمس وثمانون سنة.
 
قرأ على أبي الفضل يحيى بن علي التميمي وأجازه لي عن أبي القاسم بن صصرى أنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ أنا عبد المنعم بن عبد الكريم أنا سعيد بن محمد العدل نا أحمد بن محمد بن عيسى المصري الحافظ من حفظه نا عبد الله بن محمد نا يحيى الحماني نا الفضل بن أبي الصهباء عن بكير بن عتيق عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر أن النبي {{صلل}} قال: "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين". <ref> رواه الترمذي في ثواب القرآن باب 25. والدارمي في فضائل القرآن باب 6.</ref> بكير كوفي محله الصدق وفضل لا أعرفه.
 
927- 79/12- ابن زَبْر الحافظ المفيد المصنف أبو سليمان محمد بن عبد الله بن أحمد بن ربيعة الربعي، محدث دمشق وابن قاضيها أبي محمد بن زبر.
 
حدث عن أبي القاسم البغوي وجماهر بن محمد الزملكاني ومحمد بن خريم ومحمد بن الفيض الغساني وسعيد بن عبد العزيز ومحمد بن الربيع الجيزي وأبي بكر بن أبي داود وأبيه أبي محمد وطبقتهم، روى عنه تمام الرازي وعبد الغني بن سعيد ومحمد وأحمد ابنا عبد الرحمن بن أبي نصر ومحمد بن عوف المزني وأبو نصر بن الجبان وآخرون؛ قال علي بن موسى السمسار، وقال أبو سليمان: كان أبو جعفر الطحاوي قد نظر في أشياء من تصانيفي وباتت عنده وتصفحها فأعجبته وقال لي: يا أبا سليمان، أنتم الصيادلة ونحن الأطباء. وقال الكتاني: حدثنا عنه عدة وكان يملي بالجامع وكان ثقة مأمونًا نبيلًا، مات في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وثلاثمائة. قلت: وله كتاب الوفيات، مشهور على السنين وحكى عنه أبو نصر بن الجبان أنه رأى الحق تعالى في النوم، فذكر أنه رأى نورًا.
 
==الطبقة الثالثة عشرة==
 
من كتاب تذكرة الحفاظ وقد سميت منهم بضعة وسبعين إمامًا، وقسمت الطبقة طبقتين أولاهما: ثمانٍ وأربعون، والثانية: خمس وعشرون نفسًا. <ref> القسم الأول من هذه الطبقة هكذا "13/ 1" والثاني "13/ 2". والمترجمون في الثاني ستة وعشرون أي: بزيادة واحد عما قال </ref>
 
928- 1/13/1
 
===أبو زرعة الكشي===
 
الحافظ الإمام محمد بن يوسف بن محمد الجنيد الجرجاني.
 
وكَشّ قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان، سمع أبا نعيم بن عدي وأبا العباس الدغولي ومكي بن عبدان وعبد الرحمن بن أبي حاتم وطبقتهم بخراسان والعراق والحرمين؛ روى عنه أبو العلاء محمد بن علي الواسطي وأبو القاسم الأزهري وعبد العزيز الأزجي؛ قال حمزة بن يوسف الحافظ: جمع أبو زرعة هذا الأبواب والمشايخ، وكان يحفظ ويفهم، أملى علينا بالبصرة ثم إنه جاور بمكة إلى أن توفي بها في سنة تسعين وثلاثمائة.
 
أخبرنا عيسى بن محمد المغازي أنا جعفر بن علي أنا أبو طاهر الحافظ أنا أبو طاهر الحنائي عن أبي الفضل محمد بن أحمد السعدي نا عبد الغني بن سعيد الحافظ حدثني أبو زرعة محمد بن يوسف الجرجاني بمكة بعد جهد وعناء قال: قرئ على محمد بن عبد الرحمن الدغولي وأنا أسمع حدثكم محمد بن مشكان نا يزيد بن أبي حكيم نا سفيان نا زائدة بن قدامة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن أبي أوفى قال: غزونا مع النبي {{صلل}} سبع غزوات نأكل الجراد فيها. غريب والمشهور حديث الثوري عن أبي يعفور العبدي عن ابن أبي أوفى، وأما حديثه عن زائدة ففرد.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنا زين الأمناء الحسن بن محمد أنا سعيد بن سهل الخوارزمي نا علي بن أحمد المؤدب إملاء أنا أبو إسحاق الأسفراييني نا الإسماعيلي نا الفضل بن الحباب نا أبو الوليد والحوضي قالا: نا شعبة عن أبي يعفور سمع ابن أبي أوفى يقول: غزوت مع رسول الله {{صلل}} سبع غزوات نأكل معه الجراد.
 
929- 2/13/1
 
===أبو زرعة اليمني===
 
وهو أبو زرعة الأستراباذي محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن بندار الحافظ.
 
وعرف باليمني لسكناه باليمن مدة، سمع علي بن الحسين بن معدان القاري صاحب إسحاق بن راهويه، وسمع أبا العباس السراج وأبا عروبة الحراني وأبا القاسم ابن بنت منيع وطبقتهم، وله رحلة واسعة ومعرفة جيدة، روى عنه أبو سعد الإدريسي وحمزة السهمي وطائفة، وبقي إلى حدود التسعين وثلاثمائة وهو من أهل الطبقة الماضية وقياسه الذكر مع الإسماعيلي ونحوه وإنما عملته هنا لموافقته للكشي في الكنية.
 
أخبرنا محمد بن محمد بن السلم أنا الحسن بن محمد أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا محمد بن محمد المديني نا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن اليزدي أنا أبو زرعة محمد بن إبراهيم بأستراباذ أنا أبو العباس السراج، قلت لقتيبة: أخبركم مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"؟ <ref> رواه البخاري في الأذان باب 30. ومسلم في المساجد حديث 249. والنسائي في الإمامة باب 42. والموطأ في الجماعة حديث 1. </ref> فأقر به وقال: نعم.
 
930- 3/13/1
 
===أبو زرعة الرازي الصغير===
 
واسمه أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن الحكم.
 
من علماء الحديث والراحلين في علوه، سمع أبا عبد الله المحاملي وعبد الرحمن بن أبي حاتم ومحمد بن مخلد وأبا حامد بن بلال وعلي بن أحمد الفارسي نزيل بلخ وعبد الله بن محمد بن يعقوب شيخ بخارى وأبا العباس الأصم وأبا الفوارس السندي المصري وأبا الحسين محمد بن عبد الله الرازي والد تمام وخلائق، وعنه تمام الرازي والحسين بن محمد الفلاكي وعبد الغني بن سعيد الأزدي وحمزة بن يوسف السهمي وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي وأبو زرعة روح بن محمد وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي وعلي بن المحسن التنوخي وآخرون.
 
قال الخطيب: كان حافظًا متقنًا ثقة جمع الأبواب والتراجم، وقال ابن المحسن: سألته عن مولده فقال: رحلت إلى العراق أول مرة سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ولي أربع عشرة سنة. قلت: له تصانيف كثيرة يروي فيها المناكير كغيره من الحفاظ ولا يبين حالها وذلك مما يزري بالحافظ، وقد سأله حمزة السهمي عن أحوال الرواة. وبلغنا أنه مات بطريق مكة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا أبو الحسين اليونيني أنا جعفر بن علي أنا السلفي أنا المعمر بن محمد الحبال بالكوفة أنا أبو الطيب أحمد بن علي الجعفري أنا أبو زرعة أحمد بن الحسين الحافظ نا حامد بن حماد بن المبارك بنصيبين نا إسحاق بن سيار نا محمد بن عبد الملك بن جابر نا أبو الفضل قال: قال لي هشام بن عروة: تشرب النبيذ؟ قلت: نعم؛ قال: فلا تشربه؛ فإن أبي حدثني عن عائشة، أن رسول الله {{صلل}} قال: "كل مسكر حرام أوله وآخره". أبو الفضل لا أعرفه.
 
931- 4/13/1
 
===أبو زرعة الرازي الأصغر===
 
روح بن محمد القاضي.
 
سبط الحافظ أبي بكر بن السني، سمع أبا الحسين الصفار وجعفر بن عبد الله الفناكي وابن فارس اللغوي وأبا زرعة أحمد بن الحسين المذكور وإسحاق بن سعد النسوي وحسينك التميمي وأبا حامد أحمد بن الحسين المروزي وطائفة، قال الخطيب: قدم علينا فحدث ببغداد وكتبت عنه بالكرج أيضًا، وكان صدوقًا فهمًا أديبًا شافعيًّا، ولي قضاء أصبهان وبلغني موته في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة بالكرج، قلت: إنما كتبته استطرادًا، سمع السلفي من أصحابه.
 
932- 5/13/1- أبو زرعة الدمشقي الصغير هو المحدث محمد بن عبد الله بن عبد الله بن أبي دجانة عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري، وهو ابن ابن أخي الحافظ أبي زرعة الدمشقي.
 
حدث عن الحسين بن محمد بن جمعة وإبراهيم بن دحيم وطائفة، روى عنه تمام الرازي وأبو علي بن مهنا. توفي قبل الستين وثلاثمائة. علقناه استطرادًا.
 
933- 6/13/1
 
===أبو زرعة الأستراباذي===
 
أحمد بن بندار بن محمد بن مهران العيشي القاضي الفقيه قاضي أسِتراباذ.
 
كتب بأردبيل عن حفص بن عمر بن زبلة الحافظ وتفقه ببغداد على ابن أبي هريرة فيما قال أبو سعد الإدريسي، مات سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
 
934- 7/13/1
 
===محمد بن حارث بن أسد===
 
الحافظ، أبو عبد الله الخشني القيرواني المغربي.
 
تحمل عن أحمد بن نصر وأحمد بن زياد وقاسم بن أصبغ بالأندلس وأحمد بن عبادة، استوطن الأندلس بقرطبة وتمكن من صاحبها الحكم بن عبد الرحمن المستنصر وصنف له كتبًا منها كتاب الاتفاق والاختلاف في مذهب مالك، وكتاب الفتيا، وكتاب تاريخ الأندلس، وكتاب تاريخ الإفريقيين، وكتاب النسب؛ قال أبو الوليد بن الفرضي: بلغني أنه صنف للمستنصر مائة ديوان، إلى أن قال: وكان شاعرًا بليغًا لكنه يلحن، وكان مُغرًى بالكيمياء واحتاج بعد موت الحكم إلى أن جلس في حانوت يبيع الأدهان. روى عنه أبو بكر بن حوبيل وغيره، ومات في صفر سنة إحدى وستين وثلاثمائة. هكذا في النسخة وهذا خطأ؛ فإن المستنصر عاش بعد هذا الوقت فلعلها سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة فيحرر هذا ويتقن.
 
935- 8/13/1
 
===ابن السقاء===
 
الحافظ الإمام أبو علي محمد بن علي بن الحسين الأسفراييني، تلميذ أبي عوانة الحافظ.
 
رحل وسمع أبا عروبة الحراني ومحمد بن زبان المصري ويحيى بن صاعد وأبا الحسن بن جوصاء وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي وطبقتهم، وكان فقيهًا شافعيًّا واعظًا صالحًا ديِّنًا؛ روى عنه الحاكم وغيره، وهو والد علي بن محمد السقاء شيخ البيهقي، روى عنه ابنه أيضًا وأبو سعيد محمد بن أحمد المروزي الكرابيسي؛ قال الحاكم: هو من المعروفين بكثرة الحديث والرحلة والتصنيف وصحبة الصالحين ومن الحفاظ الجوالين.
 
أخبرنا تاج الدين علي بن أحمد أنا ابن روزبة أنا أبو الوقت السجزي أنا أبو إسماعيل الأنصاري أنا أحمد بن محمد ببوشنج أنا أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن شاذان الحافظ إملاء بأسفرايين نا زكريا بن يحيى المقدسي بها نا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي نا محمد بن عبد الرحمن القشيري أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه رأى رجلًا ناوله رجل ريحانًا فرده فأخذه ابن عمر فقبله ووضعه على عينيه ثم قال: سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "إن هذه الرياحين الطيبة من نبت الجنة، فإذا نُووِل أحدكم منها شيئًا فلا يرده". هذا حديث منكر والقشيري تالف.
 
قلت: ومن طبقته سميه الحافظ محمد بن الحسين البلخي رحال، وروى عن محمد بن المعافى الصدراوي ونحوه، حدث عنه الحافظ محمد بن أحمد الجارودي.
 
مات ابن السقاء سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، رحمة الله عليه.
 
936- 9/13/1
 
===يحيى بن مالك بن عائذ===
 
الحافظ الكبير أبو زكريا الأندلسي.
 
سمع عبد الله بن يونس الفيري وأبا عمر بن عبد ربه القرطبي وطائفة، وارتحل فأدرك أبا سهل بن زياد القطان ودعلج بن أحمد وابن قانع وطبقتهم، حدث عنه الحسن بن رشيق شيخه ويحيى بن علي بن الطحان ومحمد بن أحمد بن القاسم بن المحاملي وأبو الوليد بن الفرضي وآخرون، أملى بجامع قرطبة، قال التنوخي في نشواره: حضرت مجلس صاحب الأغاني أبي الفرج فقال: لم نسمع بمن مات فجأة على المنبر، فقال شيخ أندلسي قد لزم أبا الفرج اسمه يحيى بن عائذ: إنه شاهد في جامع بلده بالأندلس خطيب البلد وقد صعد يوم الجمعة ليخطب، فلما بلغ يسيرًا من الخطبة خرَّ ميتًا فوق المنبر، فأنزل وطلبوا في الحال من خطب. قال أبو إسحاق الحبال: مات ابن عائذ بالأندلس في شعبان سنة ست وسبعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
937- 10/13/1
 
===بن ينال===
 
الحافظ الإمام أبو الحسن بن علي محمد بن ينال العكبري.
 
سمع في الكبر من أحمد بن الفضل بن خزيمة ومحمد بن جعفر العسكري وعدة، روى عنه علي بن عبد العزيز بن علي الأزجي؛ قال عبد بن علي الأسدي: سمع بن ينال وتعلم الخط وهو كبير ورزقه الله من المعرفة والفهم شيئًا كثيرًا؛ توفي سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
 
938- 11/13/1
 
===ابن الباجي===
 
الحافظ الحجة العلامة محدث الأندلس، أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة بن رفاعة اللخمي الإشبيلي، ويعرف بابن الباجي.
 
سمع من محمد بن عبد الله بن الفوق وعبد الله بن يونس الفيري حمل عنه مصنف أبي بكر بن أبي شيبة وسيد أبيه الزاهد وسعيد بن جابر الإشبيلي ومحمد بن عمر بن لبابة وأسلم بن عبد العزيز ومحمد بن فطيس وعثمان بن جرير الإلبيري وطبقتهم، قال ابن الفرضي: كان حافظًا ضابطًا لم ألقَ مثله في الضبط، سمعت منه الكثير بقرطبة، ثم رحلت إليه إلى إشبيلية مرتين سنة ثلاث وسبعين والتي بعدها، وروى الناس عنه كثيرًا وسمع منه جماعة من أقرانه، توفي في شهر رمضان سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة، وله سبع وثمانون سنة.
 
أخبرنا عبد الله بن محمد الطائي فيما كتب إلي عن أبي القاسم أحمد بن يزيد عن شريح بن محمد عن أبي محمد بن حزم نا حمام بن أحمد نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي نا أحمد بن خالد نا عبيد بن محمد الكشوري نا محمد بن يوسف نا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن سالم قال: سئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها، فقيل له: إنك تخالف أباك، فقال: إن أبي لم يقل الذي يقولون، الحديث.
 
939- 12/13/1
 
===ابن مسرور===
 
الحافظ الجوال أبو الفتح عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن مسرور البلخي.
 
سمع الحسين بن محمد المطبقي وأقرانه ببغداد، وأبا بكر أحمد بن سليمان بن زبان وطبقتهم بدمشق، وأبا سعيد بن يونس وأبا عمر محمد بن يوسف الكندي وخلقًا بمصر، وكتب الكثير، روى عنه الحافظ عبد الغني الأزدي وعمر بن الخضر الثمانيني وأحمد بن عمر بن سعد بن قديد وآخرون، استوطن مصر مدة، ومات في ذي الحجة سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
940- 13/13/1
 
===ابن أبي ذهل===
 
الحافظ المتقن الرئيس الأنبل، أبو عبد الله محمد بن العباس بن أحمد بن عصم الضبي الهروي العصمي.
 
سمع محمد بن معاذ الماليني ويحيى بن صاعد وحاتم بن محبوب وأبا عمرو بن محمد ومؤمل بن الحسن الماسرجسي وعبد الرحمن بن أبي حاتم وطبقتهم، ولحق البغوي وهو في الموت فلم يسمع منه، روى عنه الدارقطني وأبو الحسين الحجاجي وهما من أقرانه، وقد ذهبا في الطبقة الماضية، والحاكم وإسحاق بن أبي إسحاق القراب وأهل هراة، وكان صدرًا معظمًا كبير الشأن كثير الإفضال على المحدثين والأخيار كثير الأموال.
 
قال الحاكم: صحبته حضرًا وسفرًا فما رأيت أحسن وضوءًا ولا صلاة منه ولا رأيت في مشايخنا أحسن تضرعًا وابتهالًا منه، قيل لي: إن عشر غلته يبلغ ألف حمل، وحدثني أبو أحمد الكاتب أن النسخة التي بأسامي من يمونهم أبو عبد الله بن أبي ذهل بهراة تزيد على خمسة آلاف بيت، وعرضت عليه ولايات جليلة فأبى، قال أبو النضر الفامي: لأبي عبد الله صحيح خرجه على صحيح مسلم وتفقه ببغداد، ولم يجتمع لرئيس بهراة ما اجتمع له من السيادة.
 
قال الخطيب: كان ثقة نبيلًا من ذوي الأقدار العالية، سمعت البرقاني يقول: كان ملك هراة تحت أمر ابن أبي ذُهل لقدره وأبوته. قال الحاكم: مولده سنة أربع وتسعين ومائتين، واستشهد في صفر سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة، فأخبرني من صحبه أنه دخل الحمام فلما خرج ألبس قميصًا ملطخًا فانتفخ ومات شهيدًا {{رحمه}}. قال الخطيب: أول سماعه سنة تسع وثلاثمائة.
 
أخبرنا علي بن أحمد أنا علي بن روزبة أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الله بن محمد أنا أحمد بن محمد بن العالي سنة سبع عشرة وأربعمائة نا الرئيس محمد بن العباس العصمي إملاء نا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر القرشي نا أحمد بن مهران نا أبو إسحاق إسماعيل بن عمرو الكوفي نا سفيان الثوري عن الأجلح عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي {{صلل}} بعث عليًّا في سرية وبعث معه رجلًا يكتب الأخبار. غريب فرد.
 
941- 14/13/1
 
===ابن مفرج===
 
الحافظ الإمام القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى بن مفرج الأموي مولاهم الأندلسي القرطبي. ويكنى أيضًا أبا بكر، ويعرف أيضًا بابن الفنتوري، نسبة إلى فنت أورية قرية بقرطبة.
 
سمع أبا سعيد بن الأعرابي بمكة، وقاسم بن أصبغ بقرطبة، وخيثمة بن سليمان بأطرابلس، ومحمد بن الصموت بمصر، وأبا الميمون بن راشد بدمشق، وبالمدينة وجدة وصنعاء وزبيد وبيت المقدس، وطبقتهم.
 
روى عنه الحافظ أبو سعيد بن يونس وهو شيخه وأبو الوليد بن الفرضي وإبراهيم بن شاكر وعبد الله بن الربيع التميمي وأبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي وخلق كثير. شيوخه مائتان وثلاثون نفسًا.
 
ذكر ابن الفرضي في تاريخه أن ابن مُفَرِّج اتصل بصاحب الأندلس وكان ذا مكانة عنده، صنف له عدة كتب فولاه القضاء. قال: وكان حفظًا بصيرًا بالرجال وأحوالهم أكثر الناس عنه. قال أبو عمر أحمد بن محمد بن عفيف: كان أبو عبد الله بن مفرج من أغنى الناس بالعلم وأحفظهم للحديث، ما رأيت مثله في هذا الفن، من أوثق المحدثين وأجودهم ضبطًا. قال الحميدي: هو القاضي أبو عبد الله، وقيل: أبو بكر، حافظ جليل مصنف له كتب في الفقه وفقه التابعين، فمما صنف كتاب فقه الحسن في سبع مجلدات، وفقه الزهري في عدة أجزاء، وجمع مسند قاسم بن أصبغ في مجلدات. قال ابن الفرضي: مات في رجب سنة ثمانين وثلاثمائة وله ست وستون سنة.
 
أنبأنا أحمد بن عبد السلام التميمي والمسلم بن محمد عن القاسم بن علي أنا أبي أنا نصر الله بن محمد الفقيه "ح" وأنبئت عن أبي القاسم بن صصرى عن نصر الله أن الفقيه نصر بن إبراهيم حدثه قال: أنا أبو القاسم صادق بن خلف أنا أبو بكر محمد بن الفراء الفقيه نا إبراهيم بن محمد بن حسين قال: قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج القاضي: أخبرك منصور بن أحمد الهروي نا أحمد بن جعفر السمسار حدثني عيسى بن موسى عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي حدثني بعض الحكماء قال: خرجت أريد الرباط حتى إذا كنت بالعريش إذا بمظلة فيها رجل قد ذهبت يداه ورجلاه وبصره وإذا هو يقول: اللهم إني أحمدك حمدًا يوافي محامد خلقك، إذ فضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلًا، وذكر القصة. يونس عن أبي القاسم بن بقي أنا شريح بن محمد إذنًا عن أبي محمد بن حزم نا حمام بن أحمد نا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي نا أبو زيد المروزي "ح" وأخبرنا عاليًا يوسف بن أبي نصر وعبد الله بن قوام قالا: أنا الحسين بن أبي بكر أنا عبد الأول أنا أبو الحسن الداودي أنا عبد الله بن أحمد أنا الفربري أنا البخاري نا يحيى بن بكير نا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم أن ابن عمر قال: تمتع رسول الله {{صلل}} بالعمرة إلى الحج وأهدى وساق الهدي من ذي الحليفة، الحديث.
 
942- 15/13/1
 
===أحمد بن منصور بن ثابت===
 
الحافظ الرحال العالم، أبو العباس الشيرازي.
 
حدث عن عبد الله بن جعفر بن فارس الأصبهاني والقاسم بن القاسم السياري والطبراني وأبي محمد الرامهرمزي وعدة، روى عنه أبو نصر الإسماعيلي وتمام الرازي والحاكم أبو عبد الله وعدة، قال الحاكم: جمع هذا من الحديث ما لم يجمعه أحد وصار له القبول بشيراز بحيث يضرب به المثل. وقال الدارقطني: أدخل الشيرازي هذا بمصر على شيوخ أحاديث وأنا بمصر. قال يحيى بن منده الحافظ: الذي صنع ذلك آخر اسمه أحمد بن منصور، قال: كانا أخوين والغلط وقع في اسمه وعن أحمد بن منصور الحافظ قال: كتبت عن الطبراني ثلاثمائة ألف حديث.
 
وقال الحسين بن أحمد الشيرازي: لما مات أحمد بن منصور الحافظ جاء إلى أبي رجل فقال: رأيته في النوم وهو في المحراب واقف بجامع شيراز وعليه حلة وعلى رأسه تاج مكلل بالجوهر فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأكرمني وأدخلني الجنة؛ فقلت: بماذا؟ قال: بكثرة صلاتي على رسول الله، {{صلل}}. مات سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
 
أنبأنا علي بن أحمد أنا عبد الصمد بن محمد أنا عبد الكريم بن حمزة أنا عبد العزيز بن أحمد أنا تمام بن محمد نا أبو العباس أحمد بن منصور بن محمد الشيرازي الحافظ نا الحسين بن أحمد بن المبارك الطوسي نا سيار بن الحسن أنا عبد الرحمن بن جبلة نا جعفر بن سليمان عن داود بن أبي هند عن أنس، وحميد عن أنس أن النبي {{صلل}} لبى بحجة عمرة معًا.
 
وقد مر سميه أحمد بن منصور الطوسي الحافظ مع الطبراني.
 
943- 16/13/1
 
===المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد===
 
الحافظ العلامة القاضي ذو الفنون، أبو الفرج النهرواني بن طراز الفقيه الجريري المفسر صاحب الكتب.
 
وكان على مذهب محمد بن جرير الطبري، سمع البغوي وابن أبي داود وابن صاعد وأبا حامد الحضرمي وأبا سعيد العدوي والمحاملي وخلائق، وقرأ بالروايات على ابن شنبوذ وغيره، قرأ عليه أحمد بن مسرور والخبازي وأبو ثعلب الملجم وأبو العلاء الواسطي وغيرهم. حدث عنه أبو القاسم الأزهري وأبو الطيب الطبري وأحمد بن عمر بن روح وأبو علي محمد بن الحسين الجازري وخلق.
 
قال الخطيب: كان من أعلم الناس في وقته بالفقه والنحو واللغة وأصناف الأدب، ولي القضاء بباب الطاق، كان على مذهب ابن جرير، وبلغنا عن أبي محمد البافي الفقيه أنه كان يقول: إذا حضر القاضي أبو الفرج فقد حضرت العلوم كلها. وروى الخطيب: نا القاضي أبو حامد الدلوي قال: كان أبو محمد البافي يقول: لو أوصى رجل بثلث ماله لأعلم الناس، لوجب أن يدفع إلى المعافى.
 
قال الخطيب: سألت البرقاني عن المعافى فقال: كان أعلم الناس وكان ثقة لم أسمع منه. وقيل: كان المعافى قليل الشيء متعففًا. قال الحميدي: قرأت بخط المعافى بن زكريا قال: حججت وكنت بمنى فسمعت مناديًا ينادي: يا أبا الفرج! قلت: لعله يريدني، ثم نادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا! فهممت أن أجيبه، ثم إنه نادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني! فبادرت وقلت: لبيك ها أنا ذا؛ قال: لعلك من نهروان الشرق؟ قلت: نعم؛ قال: نحن نريد نهروان الغرب؛ فعجبت من هذا الاتفاق.
 
قلت: وللمعافى تفسير كبير في ست مجلدات فيه مخبئات وفوائد نفيسة. مات النهرواني في ذي الحجة وله خمس وثمانون سنة، وله كتاب الجليس والأنيس، فيه عجائب. مات سنة تسعين وثلاثمائة، {{رحمه ى}}.
 
'''وفيها مات''' مسند بغداد المقرئ أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتاني وله تسعون سنة، ومسند الأندلس أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن التجيبي القرطبي لحق ببغداد إسماعيل الصفار، والمسند أبو الحسين محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي الدقاق ببغداد، ومسند مصر الشيخ محمد بن جعفر بن رميل.
 
قرأت على عمر بن عبد المنعم عن زيد بن الحسن أنا محمد بن عبد الباقي أنا محمد بن أحمد بن محمد النرسي أنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد بن طراز نا أبو القاسم البغوي نا وهب بن بقية أنا خالد الشيباني عن عون بن عبد الله عن أخيه عبيد الله عن أبي هريرة عن النبي {{صلل}} قال: "إن في الجمعة لساعة لا يسأل الله فيها عبد مؤمن شيئًا إلا استجاب له".
 
944- 17/13/1
 
===الرقي===
 
الحافظ الجوال أبو بكر محمد بن يوسف بن يعقوب المفيد المؤرخ، ويقال أبو عبد الله.
 
سمع أبا سعيد بن الأعرابي بمكة، وعبد الله بن عمر بن شوذب بواسط، وخيثمة الأطرابلسي بالشام، وإسماعيل الصفار ببغداد، وأبا محمد بن فارس بأصبهان وطبقتهم؛ حدث عنه ابن جميع -وهو أكبر منه- في معجمه وأحمد بن الحسن الطيان والحافظ عبد الغني بن سعيد وأبو العلاء الواسطي وعبد العزيز الأزجي ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي وآخرون؛ غمزه أبو بكر الخطيب ورماه بالكذب واتهمه بحديث رواه عن الطبراني بإسناد الصحاح متنه: "يجيء المحدثون يوم القيامة بأيديهم المحابر" وذكر الحديث، ثم إنه قال: الحمل في وضعه على الرَّقي. قلت: رواه أبو المحاسن الروياني: نا أبو محمد عبد الله بن جعفر الخياري الحافظ نا أبو بكر بصيداء نا الطبراني نا إسحاق نا عبد الرزاق نا معمر عن قتادة عن أنس مرفوعًا، فذكره. مات الرقي سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
 
أنبأنا أحمد بن أبي الخير أنبأنا هبة الله بن مسعود أنا علي بن الحسين الفراء أنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ نا عبد الغني بن سعيد الأزدي نا أبو بكر محمد بن يوسف الرقي أن سليمان بن أحمد حدثهم نا الدبري نا عبد الرزاق عن الثوري نا أبو سعيد البصري أنه سمع الحسن يذكر عن عقيل بن أبي طالب أنه تزوج امرأة من بني جشم فقيل: بالرفاء والبنين؛ فقال: لا تقولوا ذلك فإن رسول الله {{صلل}} نهى عن ذلك، وأمرنا أن نقول: "بارك الله لك وبارك عليك". قال عبد الغني: أبو سعيد البصري هو الحسن بن دينار، وقيل: هو يزيد بن إبراهيم.
 
945- 18/13/1
 
===الجوزقي===
 
الحافظ الإمام الأوحد أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني المعدل محدث نيسابور وصاحب الصحيح المخرج على صحيح مسلم، وهو ابن أخت المحدث أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي.
 
روى عن أبي العباس السراج شيئًا قليلًا وعن أبي نعيم بن عدي الجرجاني وأبي العباس الدغولي ومكي بن عبدان وأبي حامد بن الشرقي وأبي سعيد بن الأعرابي وإسماعيل الصفار وأبي حاتم الوسقندي وخلق كثير، وكان قد رحل مع خاله وبرع وتقدم وصنف.
 
قال الحاكم: انتقيت له فوائد في عشرين جزءًا ثم بعد ذا ظهر سماعه من السراج. قلت: روى عنه الحاكم وأبو سعيد الكنجرودي وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري ومحمد بن علي الخشاب وسعيد بن أبي سعيد العيار وأحمد بن منصور بن خلف المغربي وآخرون.
 
وجوزق قرية من قرى نيسابور. وله كتاب المتفق والمفترق، وله كتاب المتفق الكبير يكون ثلاثمائة جزء، رواه عنه أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وروى عن أبي بكر الجَوْزَقي قال: أنفقت في طلب الحديث مائة ألف درهم ما كسبت به درهمًا. قلت: وله أربعون حديثًا سمعناها بعلو. قال الحاكم: توفي في شوال سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة وله اثنتان وثمانون سنة.
 
أخبرتنا زينب بنت كندي ببعلبك عن زينب بنت أبي القاسم أن أبا المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري أخبرهم أنا أبو سعيد محمد بن علي أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي الحافظ أنا أبو العباس الدغولي ومكي بن عبدان وعبد الله بن محمد بن الشرقي قالوا: أنا عبد الله بن هاشم نا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم". <ref> رواه البخاري في الجنائز باب 6. ومسلم في البر حديث 150. والترمذي في الجنائز باب 64. والنسائي في الجنائز باب 25.</ref>
 
946- 19/13/1
 
===ابن الفرات===
 
الحافظ الإمام البارع أبو الحسن محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات البغدادي.
 
سمع أبا عبد الله المحاملي ومحمد بن مخلد وابن البختري وطبقتهم فأكثر وجوَّد وجمع فأوعى حتى قال الخطيب: بلغني أنه كان عنده عن علي بن محمد المصري الواعظ وحده ألف جزء وأنه كتب مائة تفسير ومائة تاريخ، حدثنا عنه أحمد بن علي البادي ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة وأبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي وغيرهم. قال: وحدثني الأزهري أن ابن الفرات خلف ثمانية عشر صندوقًا مملوءة كتبًا أكثرها بخطه. ثم قال: وكتابه هو الحجة في صحة النقل وجودة الضبط ولم يزل يسمع إلى أن مات؛ وقال لي العتيقي: هو ثقة مأمون ما رأيت أحسن قراءة منه للحديث. وقال غيره: مات في شوال سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وعاش بضعًا وستين سنة.
 
قرأت بخط السلفي عام أربعة وثلاثين، سمعت جعفر بن أحمد السراج يقول: سمعت أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ يقول: أبو الحسن بن الفرات غاية في ضبطه، حجة في نقله.
 
947- 20/13/1
 
===أحمد بن أبي الليث نصر بن محمد===
 
الحافظ، أبو العباس النصيبي المصري.
 
لا أعرف هذا الرجل غير أن الحاكم قال: قدم نيسابور وهو باقعة في الحفظ شبهت مذاكرته بالسحر، وكان يتقشف ويجالس الصالحين، سمع أبا هاشم الكتاني وأحمد بن عبد الرحيم القيسراني بالشام، وأبا عبد الله الحليمي وأبا علي الصفار ببغداد، ومحمد بن يعقوب الأصم بنيسابور، وأصحاب يونس بن عبد الأعلى بمصر، إلى أن قال: مات سنة ست وثمانين وثلاثمائة، ذهب إلى ما وراء النهر وأقبل على الأدب والشعر ودخل في الأعمال السلطانية، ثم اجتمعت به هناك وحفظه كما كان، فكنت أتعجب منه. قلت: روى عنه الحاكم وغيره.
 
948- 21/13/1
 
===الطوسي===
 
الحافظ أبو الفضل نصر بن محمد بن أحمد بن يعقوب العطار. وهو ابن أبي نصر الطوسي.
 
ولد سنة عشر وثلاثمائة تقريبًا، وسمع أبا محمد عبد الله بن محمد بن الشرقي وأبا حامد بن بلال وأبا بكر محمد بن الحسين القطان ومحمد بن مخلد العطار وأبا عبد الله المحاملي وأبا العباس بن عقدة وطبقتهم، وبدمشق أيضًا أبا علي بن حبيب الحصائري وابن زبان الكندي، وبمكة أبا سعيد بن الأعرابي، وبمصر محمد بن وردان العامري، وبالرملة الربيع بن سلامة، وبمكة ومنبج وحران ومواضع، روى عنه الحاكم وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو نعيم وأبو سعيد الكنجرودي وآخرون.
 
قال الحاكم: هو أحد أركان الحديث بخراسان مع ما يرجع إليه من الدين والزهد والسخاء والتعصب لأهل السنة، أول رحلته كانت إلى مرو إلى الليث بن محمد، وما خلف بالطابران يوم مات مثله، وأما في علوم الصوفية وأخبارهم ولقي شيوخهم، فإنه توفي يوم توفي ولم يخلف بخراسان مثله في التقدم واللقي.
 
قلت: كان قد صحب الشبلي، ومات في المحرم سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة.
 
ومات فيها محدث بغداد الحجة المأمون أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسين بن شاذان البغدادي البزاز والد المحدث أبي علي بن شاذان، وأبو الحسن علي بن حسان الجديلي خاتمة أصحاب مطين، والعلامة أبو محمد عبد الله بن عطية الدمشقي المفسر إمام مسجد باب الجابية، وجعفر بن عبد الله بن فناكي راوية مسند الروياني عنه.
 
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء أنبأنا عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا محمد بن عبد الرحمن أنا أبو الفضل نصر بن محمد بن أحمد العطار أنا أحمد بن الحسين بن محمد بن الأزهر بمصر نا يوسف بن يزيد الفراطيسي نا الوليد بن موسى نا منبه بن عثمان عن عروة بن رويم عن الحسن عن أنس عن النبي {{صلل}} قال: "إن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب". فسألناه عن ثوابهم وعن مؤمنهم قال: "على الأعراف وليسوا في الجنة مع أمة محمد، {{صلل}} ". قلنا: وما الأعراف؟ قال: "حائط الجنة تجري فيه الأنهار، وتنبت فيه الأشجار والثمار". هذا حديث منكر جدًّا.
 
949- 22/13/1
 
===ابن بكير===
 
الحافظ الإمام أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي الصيرفي.
 
سمع أبا جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وأبا عمرو بن السماك وأبا بكر النجاد وطبقتهم، حدث عنه أبو حفص بن شاهين شيخه وأبو العلاء الواسطي وأبو القاسم التنوخي وعبيد الله الأزهري وأبو الحسين بن المهتدي بالله وآخرون، قال الأزهري: سمعت أبا عبد الله بن بكير يقول: هذا الحديث كتبه عني محمد بن إسماعيل الوراق وأبو الحسن الدارقطني. قال الأزهري: كنت أحضر عنده وبين يديه أجزاء فأنظر فيها فيقول: أيما أحب إليك، تذكر لي متن ما تريد من هذه الأجزاء حتى أخبرك بإسناده أو تذكر إسناده حتى أخبرك بمتنه؟ فكنت أذكر له المتون فيحدثني بأسانيدها كما هي حفظًا، فعلت هذا معه مرارًا كثيرة، وكان ثقة لكنهم حسدوه وتكلموا فيه. وقال ابن أبي الفوارس: كان يتساهل في الحديث ويلحق في بعض أصول الشيوخ ما ليس منها ويصل المقاطيع. مات ابن بكير في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، وله إحدى وستون سنة.
 
أخبرنا أحمد بن إسحاق أنا نصر بن عبد الرزاق القاضي قال: قرأت على شيخنا أبي الفتح نصر بن فتيان بن المثنى، أخبركم هبة الله بن الحصين أنا علي بن المحسن نا الحسين بن أحمد بن بكير أنا أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق نا عمي البهلول بن إسحاق، سمعت أبي، سمعت جدي حسان بن سنان يقول: رأيت أنس بن مالك بواسط فقال: من أين أنت؟ قلت: من الأنبار، قال: وفِيمَ قدمت؟ قلت: قدمت متظلمًا إلى الحجاج على عاملنا، فمسح يده على ظهري ثم قال: سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر".
 
950- 23/13/1
 
===الخطابي===
 
الإمام العلامة المفيد المحدث الرحال، أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، صاحب التصانيف.
 
سمع أبا سعيد بن الأعرابي بمكة وإسماعيل بن محمد الصفار وطبقته ببغداد، وأبا بكر بن داسة بالبصرة، وأبا العباس الأصم وطبقته بنيسابور؛ روى عنه الحاكم وأبو حامد الأسفراييني وأبو نصر محمد بن أحمد البلخي الغزنوي وأبو مسعود الحسين بن محمد الكرابيسي وأبو عمرو محمد بن عبد الله الرزجاهي وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي وأبو عبيد الهروي اللغوي وأبو الحسين عبد الغافر الفارسي وخلق سواهم.
 
ووهم أبو منصور الثعالبي في اليتيمة حيث سماه أحمد بن محمد؛ أقام مدة بنيسابور يصنف، فعمل غريب الحديث، وكتاب معالم السنن، وكتاب شرح الأسماء الحسنى، وكتاب العزلة، وكتاب الغنية عن الكلام وأهله؛ وغير ذلك، وكان ثقة متثبتًا من أوعية العلم قد أخذ اللغة عن أبي عمر الزاهد ببغداد، والفقه عن أبي علي بن أبي هريرة والقفال، وله شعر جيد.
 
قرأت على شهدة العامرية أخبركم جعفر بن علي أنا السلفي نا أبو المحاسن الروياني، سمعت أبا نصر البلخي، سمعت أبا سليمان الخطابي، سمعت أبا سعيد بن الأعرابي ونحن نسمع عليه هذا الكتاب -يعني سنن أبي داود- يقول: لو أن رجلًا لم يكن معه من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله ثم هذا الكتاب، لم يحتج معهما إلى شيء من العلم ألبتة.
 
أخبرنا أحمد بن سلامة إجازة عن عبد الغني بن سرور الحافظ أنا إسماعيل بن غانم أنا عبد الواحد بن إسماعيل أنا محمد بن أحمد نا حمد بن محمد بن إبراهيم أنا محمد بن بكر نا أبو داود أنا محمد بن حزابة نا إسحاق بن منصور نا أسباط عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي {{صلل}} قال: "الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن". <ref> رواه أبو داود في الجهاد باب 157. وأحمد في مسنده "1/ 166، 167" "4/ 91".</ref>
 
قال القراب: توفي الخطابي ببست في شهر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة.
 
قلت: '''وفيها مات''' المحدث الإمام أبو النضر شافع بن محمد ابن الحافظ أبي عوانة الأسفراييني الرحال لقي ابن جوصاء وطبقته، ومحدث بروجرد القاضي أبو الحسين عبيد الله بن سعيد البروجردي لقي الباغندي وابن جرير الطبري، والشيخ أبو الفضل عبيد الله بن محمد الفامي النيسابوري شيخ العيار، ومقرئ مصر أبو حفص عمر بن عراك الحضرمي، ومقرئ العراق أبو الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، والعلامة الأديب أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي ببغداد، ومسند مرو القاضي أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي الفقيه عن مائة سنة، ومقرئ مصر وعالمها الإمام أبو بكر محمد بن علي الأدفوي المفسر، ومسند مكة أبو يعقوب يوسف بن الدخيل تلميذ العقيلي.
 
951- 24/13/1
 
===ابن عابد===
 
الحافظ الإمام أبو عمر أحمد بن محمد بن عابد الأسدي الأندلسي القرطبي.
 
سمع أحمد بن سعيد بن حزم ومحمد بن معاوية بن الأحمر وأحمد بن مطرف، وحدث باليسير فإنه مات في الكهولة.
 
قال ابن الفرضي: مات في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
 
قلت: '''وفيها مات''' محدث نيسابور أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي المعدل، وعالم سرخس الفقيه أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي وله ست وسبعون سنة، لحق البغوي في رحلته، وعالم المغرب أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني صاحب الرسالة، ومقرئ مصر أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون الحلبي ومسند بغداد أبو القاسم عبيد الله بن محمد ابن حبابة، وراوية الصحيح أبو الهيثم محمد بن مكي الكشميهني المروزي، يوم عرفة.
 
952- 25/13/1
 
===الزهري===
 
الحافظ الناقد أبو محمد الحسن بن علي بن عمر البصري ويعرف بابن غلام الزُّهري.
 
كان في هذا الحين، سأله الحافظ حمزة السهمي عن الرجال والجرح والتعديل، لم أظفر له بترجمة، سمع من أبي القاسم البغوي وابن صاعد ومحمد بن الحسين بن مكرم والقاسم بن عباد وعلي بن عبد الله بن الفضل وخالد بن النضر وأحمد بن يعقوب المتوثي وطبقتهم، وكان حيًّا في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة، روى عنه حمزة بن يوسف الحافظ أبو الحسن بن صخر الأزدي، ومحمد بن طلحة الخزاعي، وطائفة.
 
قرأت على أبي بكر بن عمر الفقيه أخبركم الحسن بن أحمد الزاهد ببيت المقدس أنا أبو طاهر السلفي نا أبو طاهر محمد بن محمد النهاوندي إملاء بالبصرة نا محمد بن طلحة بن المغيرة الخزاعي نا الحسن بن علي الحافظ نا أحمد بن يعقوب المتوثي نا بندار نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} نهى عن بيع الولاء وعن هبته. رواه عدة عن سفيان الثوري، وقد أخرجه "خ" عن أبي نعيم عن الثوري، فوقع لنا بدلًا نازلًا بدرجة، ولله الحمد.
 
953- 26/13/1
 
===ابن حنزابة===
 
الوزير الكامل الحافظ المفيد الإمام، أبو الفضل جعفر ابن الوزير الكبير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن حسن بن الفرات البغدادي نزيل مصر.
 
وزر أبوه للمقتدر في آخر دولته، ووزر الحافظ أبو الفضل لصاحب مصر كافور الخادم، وحدث عن محمد بن هارون الحضرمي ومحمد بن زهير الأيلي والحسن بن محمد الداركي وأبي بكر الخرائطي ومحمد بن سعيد الحمصي وعدة، وكان يذكر أنه سمع من البغوي مجلسًا، ويذكر ويقول: من جاءني به أغنيته. وعزم على عمل المسند؛ ولذلك رحل إليه الدارقطني وأقام عنده مدة وأعطاه جملة، وللدارقطني في كتاب المدبج عنه أحاديث، ولعبد الغني عنه رواية. مولده سنة ثمان وثلاثمائة.
 
قال السلفي: كان من الحفاظ الثقات المتبجحين بصحبة المحدثين مع جلالة ورئاسة، يملي ويروي في حال الوزارة، عندي من أماليه ومن كلامه على الحديث وحسن تصرفه الدال على حدة فهمه ووفور علمه. وقد روى عنه حمزة الكتاني مع تقدمه، وقيل: إنه وزر بعد موت كافور وصادر وفعل ثم اضطربت عليه الأمور فاختفى ونهبت داره ثم صودر ونزح إلى الشام سنة ثمان وخمسين ثم بعد مدة رجع إلى مصر، وروى عنه الحافظ عبد الغني؛ وبلغنا أن أبا الفضل كان يفطر وينام نومة ثم ينهض ويتوضأ ويصلي إلى الغداة.
 
وقال المسبحي: لما غسل أبو الفضل جعل في فيه ثلاث شعرات من شعر النبي {{صلل}} أخذها بمال عظيم وكانت عنده في درج ذهب مختوم بمسك. والحنزابة أمه كانت أم ولد، والده الفضل، وفي اللغة الحنزابة هي القصيرة الغليظة، ونقل فدفن بالمدينة النبوية في دار اشتراها قريبة جدًّا من المسجد. قال ابن طاهر المقدسي: رأيت عند الحبال كثيرًا من الأجزاء التي خرجت لابن حِنْزَابة وفيها الجزء الموفى ألفًا من مسند كذا، والجزء الموفى خمسمائة من مسند كذا، أنفق أموالا عظيمة في البر. مات في ثالث عشر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشاني خاتمة من روى الصحيح عن الفربري، وبمصر أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن حميد بن رزيق البغدادي عنده المحاملي وطبقته، وشاعر العراق أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج البغدادي صاحب المجون، وفقيه الظاهرية العلامة أبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخرزي، تخرج به البغاددة، قال الصيمري: ما رأيت فقيهًا أنظر منه ومن الشيخ أبي حامد، ومسند بغداد أبو القاسم عيسى بن علي الوزير صاحب تلك الأمالي، ومسند مصر المؤمل بن أحمد بن محمد الشيباني البغدادي البزاز سمع البغوي وثقه الخطيب.
 
954- 27/13/1
 
===الأَصيلي===
 
الحافظ الثبت العلامة أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن محمد الأندلسي.
 
تفقه بقرطبة وسمع من ابن المشاط ومحمد بن السليم ولقي وهب بن مسرة بوادي الحجارة، وبمصر القاضي أبا الطاهر الذهلي وابن حيويه النيسابوري والفقيه أبا إسحاق بن شعبان، وبمكة أبا بكر الآجري، وببغداد أبا بكر الشافعي وأبا علي بن الصواف، وأتقن، أخذ الصحيح عن أبي زيد المروزي، وتفقه على أبي بكر الأبهري ووعى علمًا جمًّا؛ قال القاضي عياض: قال الدارقطني: حدثني أبو محمد الأصيلي ولم أرَ مثله. ثم قال عياض: كان من حفاظ مذهب مالك ومن العالمين بالحديث وعلله ورجاله، وكان ينكر الغلو في كرامات الأولياء ويثبت منها ما صح ودعاء الصالحين؛ ولي قضاء سرقسطة ثم ترك وبقي على الشورى بقرطبة. قلت: وكان رأسًا في الحديث والسنن وفقه السلف، له كتاب كبير سماه: الدلائل في اختلاف العلماء. حمل الناس عنه وكان في خلقه حدة، {{رحمه ى}}. مات في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وشيَّعه الخلائق.
 
'''وفيها مات''' بمصر المحدث أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب صاحب كتاب المروءة، ومسند هراة أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري صاحب البغوي، ونحوي العراق أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، والعلامة القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني الشاعر المحسن، والمحدث الجوال أبو العباس الوليد بن بكر السرقسطي.
 
أنبأنا عبد الله بن محمد الطائي عن أبي القاسم بن بقي أنا شريح بن محمد أنا علي بن أحمد الحافظ إذنًا نا حمام بن أحمد نا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي نا أبو زيد المروزي "ح" وأخبرنا بعلو درجتين عبد الله بن قوام وطائفة قالوا: أنا الحسين بن المبارك أنا عبد الأول أنا أبو الحسن المظفري أنا عبد الله بن حمويه قالا: أنا أبو عبد الله الفربري أنا البخاري نا يحيى بن بكير نا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم أن ابن عمر قال: تمتع رسول الله {{صلل}} بالعمرة إلى الحج وساق الهدي من ذي الحليفة، الحديث.
 
955- 28/13/1
 
===خلف بن القاسم بن سهل===
 
الحافظ الإمام، أبو القاسم الأندلسي بن الدباغ.
 
ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، سمع محمد بن معاوية الأموي وأحمد بن الشامة، وبمصر أبا محمد بن الورد وسلمة بن الفضل والطبقة، وبمكة بكيرًا الحداد وأبا بكر الآجري وأبا الحسن الخزاعي، وبدمشق علي بن أبي العقب وأبا الميمون بن راشد. وكان من الحفاظ المحققين، صنف حديث مالك وحديث شعبة وكتابًا في الزهد، وقرأ بالروايات على جماعة منهم أحمد بن صالح صاحب ابن مجاهد؛ حدث عنه جماعة من الأندلسيين منهم أبو عمرو الداني وأبو عمر بن عبد البر وكان ابن عبد البر لا يقدم عليه أحدًا من شيوخه، توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
 
'''وفيها مات''' بأصبهان أبو جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان الأبهري صاحب جزء لوين، والمقرئ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري ببغداد، وشيخ اللغة أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، ومسند بغداد أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن البغدادي المخلص، والسيد أبو الحسن محمد بن علي العلوي الهمذاني ببخارى.
 
أنبأنا طائفة قالوا: أنبأنا أبو الفرج بن الجوزي أنا ابن ناصر أنا الحميدي أنبأنا أبو عمر الحافظ نا خلف بن القاسم نا محمد بن إبراهيم بن إسحاق نا محمد بن محمد الباهلي نا إسحاق بن أبي إسرائيل نا حماد بن زيد عن كثير بن شنظير عن عطاء عن جابر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "خمروا الآنية وأوكوا الأسقية وأجيفوا الأبواب وكفوا صبيانكم عند المساء، فإن للجن انتشارًا وخطفة". <ref> رواه البخاري في بدء الخلق باب 11، 16. وفي الأشربة باب 22. ومسلم في الأشربة حديث 97. وأبو داود في الأشربة باب 22. والترمذي في الأطعمة باب 15.</ref>
 
أخبرنا محمد بن عطاء الله بالإسكندرية أنا عبد الرحمن بن مكي أنا خلف بن عبد الملك في كتابه أنا أبو محمد عن أبي عمر الحافظ نا خلف بن القاسم نا محمد بن موسى نا أحمد بن علي بن شعيب نا محمد بن حفص نا الجراح بن يحيى نا عمر بن عمرو، سمعت عبد الله بن بسر يقول: قال رسول الله، {{صلل}}: "الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله وصلاة على رسول الله {{صلل}} ثم يدعو فيستجاب لدعائه". هذا حديث منكر.
 
956- 29/13/1
 
===الكلاباذي===
 
الحافظ الإمام أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين البخاري.
 
وكلاباذ محلة من بخارى، سمع الهيثم بن كليب الشاشي وعلي بن محتاج وأبا جعفر محمد بن محمد البغدادي الجمال وأبا يعلى عبد المؤمن بن خلف ومحمد بن محمود عنبر النسفيين وعبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي وخلقًا كثيرًا، روى عنه جعفر بن محمد المستغفري، وقال: هو أحفظ من كان بما وراء النهر في زمانه، مات في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة عن خمس وسبعين سنة.
 
وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو نصر الكلاباذي الكاتب من الحفاظ حسن الفهم والمعرفة عارف بصحيح البخاري، كتب بما وراء النهر وبخراسان والعراق، ووجدت شيخنا الدارقطني قد رضي فهمه ومعرفته، وهو متقن ثبت لم يخلف بما وراء النهر مثله. ثم روى عنه الحاكم شيئًا، وحديثه قليل الوقوع لنا، وقد حدث عنه الدارقطني في كتاب المدبج، وله مصنف مشهور في معرفة من أخرج له البخاري في صحيحه.
 
قال الخطيب: ثقة حافظ حدث ببغداد في حياة الدارقطني، وكان يُثنَى عليه.
 
ومات معه في السنة البديع أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني الأديب مصنف المقامات، وشيخ همذان ومحدثها ومفتيها أبو بكر أحمد بن علي بن أحمد بن لال الشافعي، له رحلة لقي فيها ابن الأعرابي وعمر تسعين سنة، وصاحب تلك الأمالي القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون البغدادي الضبي، ومفتي بغداد أبو محمد عبد الله بن محمد البخاري المعروف بالبافي صاحب أبي علي بن أبي هريرة، وشاعر بغداد أبو الفرج عبد الواحد بن نصر المخزومي الببغاء، وأبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن الصيدلاني آخر الثقات من أصحاب ابن صاعد. قال السلفي: أنا بكتاب الإرشاد في معرفة رجال البخاري خالد التاجر بأصبهان عن عبد الملك بن الحسن بن سياوش الكازروني عن مؤلفه أبي نصر الكلاباذي.
 
أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن منير أنبأنا أبو طاهر السلفي أنا أبو العلاء أحمد بن عمر بن سهلويه أنا يوسف بن الحسين الرازي نا أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ نا أحمد بن نصر البخاري نا الحسين بن محمد القمي نا عبد الرحيم بن حبيب البغدادي نا بقية بن الوليد، سمعت الأوزاعي يقول: لبس الصوف في السفر سنة وفي الحضر بدعة.
 
957- 30/12/1
 
===البصير===
 
الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الرازي الضرير.
 
وكان ولد أعمى وكان يتوقد ذكاء، استملى على الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم وسمع من أحمد بن محمد بن حسين بن معاوية صاحب أبي زرعة وارتحل إلى بخارى وإلى نيسابور، وسمع أبا حامد بن بلال وأبا العباس الأصم.
 
وقد حدث ببغداد وانتخب عليه الدارقطني ووثقه الخطيب؛ روى عنه أبو القاسم الأزهري ومحمد بن عبد الملك بن بشران وحميد بن المأمون والفقيه سليم الرازي وآخرون؛ وكان عارفًا بهذا الشأن، قال الخليلي: سمعته يقول: كنت أستملي لابن أبي حاتم، إلى أن قال: وسمع ببلخ من الحافظ عبد الله بن محمد بن طرخان، وببخارى من محمود بن إسحاق صاحب أبي عبد الله البخاري، ومن أبي عبد الله الحارثي الأستاذ؛ قال: وكان عارفًا بأحاديثه حافظًا، وهو آخر من مات بالري من أصحاب ابن أبي حاتم. قلت: مات في رمضان سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
 
أخبرنا يوسف بن الوبار أنا محمد بن عبد الكريم القيسي أنا أبو المعالي بن صابر أنا أبو القاسم النسيب أنا سليم بن أيوب أنا أحمد بن محمد البصير أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم أنا أحمد بن سنان نا أبو معاوية نا الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر" قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". متفق على ثبوته.
 
'''وفيها مات''' معه مسند أصبهان أبو علي الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان البغدادي نزيل أصبهان عن أربع وتسعين سنة، ومقرئ مصر أبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون مصنف التذكرة، ومسند زمانه أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي البغدادي الكاتب، وشيخ قرطبة القدوة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن أبي زمنين المري.
 
958- 31/13/1
 
===الحليمي===
 
العلامة البارع رئيس أهل الحديث بما وراء النهر، أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي.
 
صاحب وجوه حسان في المذهب، وكان من أذكياء زمانه ومن فرسان النظر، له يد طولى في العلم والأدب؛ أخذ عن الأستاذ أبي بكر القفال وأبي بكر الأردني، وسمع أبا بكر محمد بن أحمد بن خَنْب وخلف بن محمد الخيام وبكر بن محمد المروزي الدخمسيني وطائفة؛ مولده سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة فقيل: بجرجان فحمل ونشأ ببخارى، وقيل: بل ولد ببخارى، له تصانيف مفيدة، حدث عنه أبو عبد الله الحاكم مع تقدمه ونبله والحافظ أبو زكريا عبد الرحيم البخاري وأبو سعيد الكنجرودي وآخرون؛ وهو من فرسان هذا الشأن مع أن له فيه عملًا جيدًا؛ يقع لي حديثه عاليًا. توفي في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة، وفيها توفي أئمة كما سنورده.
 
أخبرنا المسند الجليل شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء سنة خمس وتسعين وستمائة بقراءة أبي الحجاج الحافظ عن عبد المعز بن محمد قال: أنا أبو القاسم المستملي أنا أبو سعد أحمد بن عبد الرحمن النيسابوري أنا الإمام أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي أنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي نا أحيد بن الحسين نا مقاتل بن إبراهيم نا نوح بن أبي مريم عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك {{عنه}} قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لصاحب القرآن دعوة مستجابة عند ختمه".
 
نوح الجامع مع جلالته في العلم ترك حديثه، وكذلك شيخه مع عبادته، فكم من إمام في فن مقصر عن غيره كسيبويه مثلًا إمام في النحو ولا يدري ما الحديث، ووكيع إمام في الحديث ولا يعرف العربية، وكأبي نواس رأس في الشعر عري من غيره، وعبد الرحمن بن مهدي إمام في الحديث لا يدري ما الطب قط، وكمحمد بن الحسن رأس في الفقه ولا يدري ما القراءات، وكحفص إمام في القراءة تالف في الحديث.
 
"وللحروب رجال يعرفون بها".
 
وفي الجملة: وما أوتوا من العلم إلا قليلًا، وأما اليوم فما بقي من العلوم القليلة إلا القليل في أناس قليل، ما أقل من يعمل منهم بذلك القليل، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
 
959- 32/13/1
 
===ابن منده===
 
الإمام الحافظ الجوال محدث العصر، أبو عبد الله محمد ابن الشيخ أبي يعقوب إسحاق ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن أبي زكريا يحيى بن منده.
 
وهو إبراهيم بن الوليد بن سندة بن بطة بن أستندار بن جهاربخت وقيل: اسم أستندار فيرزان وهو الذي أسلم وقت افتتاح الصحابة أصبهان وولاؤه لعبد القيس، وكان مجوسيًّا وكان من النواب على بعض أعمال أصبهان، الأصبهاني العبدي.
 
حدث منده بشيء يسير ومات في دولة المعتصم، وروى ولده يحيى الحديث وحفيده، وكان من الحفاظ، مات سنة إحدى وثلاثمائة، وقد مر، يروي عنه أبو الشيخ كثيرًا، وابنه إسحاق روى عن عبد الله بن محمد بن النعمان وجماعة، وابنه الحافظ صاحب الترجمة مكثر عنه، مات سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة. ولد أبو عبد الله سنة عشر وثلاثمائة وقيل: في التي تليها، سمع أباه وعم أبيه عبد الرحمن بن يحيى وأبا علي الحسن بن أبي هريرة وطائفة بأصبهان، ومحمد بن الحسين القطان وعبد الله بن يعقوب الكرماني وأبا علي الميداني وأبا حامد بن بلال وخلقًا بنيسابور، وأبا سعيد بن الأعرابي بمكة، والهيثم بن كليب بسمرقند، وخيثمة بن سليمان وطبقته بالشام، وأبا جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وعدة ببغداد، وأبا الطاهر المديني وبابته بمصر، وغير ذلك، وعدة شيوخه الذين سمع وأخذ عنهم ألف وسبعمائة شيخ، وله إجازة من الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره، ولما رجع من الرحلة الطويلة كانت كتبه عدة أحمال حتى قيل: إنها كانت أربعين حملًا، وما بلغنا أن أحدًا من هذه الأمة سمع ما سمع ولا جمع ما جمع، وكان ختام الرحالين وفرد المكثرين مع الحفظ والمعرفة والصدق وكثرة التصانيف.
 
حدث عنه شيخه أبو الشيخ وأبو عبد الله الحاكم وأبو عبد الله غنجار وأبو سعد الإدريسي وتمام الرازي وحمزة السهمي وأبو نعيم وأحمد بن الفضل الباطرقاني وأحمد بن محمود الثقفي وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن بندار وأبو عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء وأولاده عبد الرحمن وعبد الوهاب وعبيد الله وآخرون؛ قال الباطرقاني: نا أبو عبد الله إمام الأئمة في الحديث، لقاه الله رضوانه.
 
قلت: أول ما رأيت أنه سمع في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، وأول ارتحاله قبل الثلاثين أو فيها إلى نيسابور. قال الحاكم: التقينا ببخارى سنة إحدى وستين وقد زاد زيادة ظاهرة، ثم جاءنا إلى نيسابور سنة خمس وسبعين ذاهبًا إلى وطنه، قال شيخنا أبو علي الحافظ: بنو منده أعلام الحفاظ في الدنيا قديمًا وحديثًا، ألا ترون إلى قريحة أبي عبد الله؟ وقيل: إن أبا نعيم ذكر له ابن منده فقال: كان جبلًا من الجبال.
 
قال أبو عبد الله بن أبي ذهل: سمعت أبا عبد الله بن منده يقول: لا يخرج الصحيح إلا من ينزل أو يكذب؛ يعني أن شيوخ المتأخرين لا يرتقون إلى درجة الصحة فيكذب المحدث إن خرج عنهم. وقيل: كان أبو عبد الله إذا قيل له: فاتك سماع كذا، يقول: ما فاتنا من البصرة أكثر. قلت: لم يدخلها؛ لأنه ارتحل إلى مسندها علي بن إسحاق الماذرائي فنُعِيَ إليه قبل دخولها فتألم ورجع عنها. وله كتاب معرفة الصحابة، قال الحافظ ابن عساكر: له فيه أوهام كثيرة.
 
قال أبو نعيم الحافظ في تاريخه في ترجمة ابن منده: هو حافظ من أولاد المحدثين اختلط في آخر عمره فحدث عن أبي أسيد وابن أخي أبي زرعة وابن الجارود بعد أن سمع منه أن له عنهم إجازة، وتخبط في أماليه، ونسب إلى جماعة أقوالًا في المعتقدات لم يعرفوا بها؛ نسأل الله الستر والصيانة. قلت: لا يعبأ بقولك في خصمك للعداوة المشهورة بينكما، كما لا يعبأ بقوله فيك فقد رأيت لابن منده مقالًا في الحط على أبي نعيم من أجل العقيدة أقذع فيه، وكل منهما صدوق غير متهم بحمد الله في الحديث. قال أحمد الباطرقاني: كتب إمام دهره أبو أحمد العسال إلى ابن منده وهو بنيسابور في حديث أشكل عليه، فأجابه بإيضاحه وبيان علته. وحكى غير واحد عن أبي إسحاق بن حمزة قال: ما رأيت مثل أبي عبد الله بن منده.
 
أنبأنا الفخر علي وجماعة عن زاهر بن أحمد أنا الحسين بن عبد الملك قال: كتب إلي عبد الرحمن بن أبي عبد الله أن أباه كتب عن أربعة مشايخ أربعة آلاف جزء وهم: ابن الأعرابي والأصم وخيثمة والهيثم بن كليب. وسمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبعمائة. قال جعفر المستغفري: ما رأيت أحدًا أحفظ من أبي عبد الله بن منده، سألته يومًا: كم يكون سماعات الشيخ؟ قال: تكون خمسة آلاف منّ. قلت: المنّ يجيء عشرة أجزاء كبار.
 
وقال أحمد بن جعفر الحافظ: كتبت عن أزيد من ألف شيخ ما فيهم أحفظ من ابن منده. وقال أبو إسماعيل الأنصاري شيخ هراة: أبو عبد الله بن منده سيد أهل زمانه. قال الباطرقاني: سمعت أبا عبد الله يقول: طفت الشرق والغرب مرتين. ونقل أبو زكريا بن منده في تاريخه عن أبيه وعمه وغيرهم أن أبا عبد الله قال: ما افتصدت قط ولا شربت دواء قط وما قبلت من أحد شيئًا قط. قلت: مدائنه التي ارتحل إليها من الإسكندرية إلى الشاش، وما دخل البصرة ولا هراة ولا فارس ولا سجستان ولا أذربيجان. قال أبو زكريا بن منده: كنت مع عمي عبيد الله في طريق نيسابور فلما بلغنا بئر مجة "؟" حكى لي عمي قال: كنت أسير يومًا فعرض لي شيخ جمال فقال: كنت قافلًا عن خراسان مع أبي فلما وصلنا إلى هنا إذ نحن بأربعين وقرًا من الأحمال، فظننا أن ذلك ثياب فإذا خيمة صغيرة فيها شيخ وإذا هو والدك، فسأله بعضنا: ما هذه الأحمال؟ فقال: هذا متاع قلَّ من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله، {{صلل}}. ثم ذكر لي عمي بعد ذلك فقال: كنت قافلًا عن خراسان ومعي عشرون وقرًا من الكتب فنزلت فيها عند البئر اقتداء بالوالد.
 
قلت: توفي ابن منده في سلخ ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، أرخه أبو نعيم واستوفينا ذكر أبي عبد الله في كتاب آل منده، ولقد كنت أتحسر على لقي العلامة نجم الدين أبي عبد الله بن حمدان في سنة أربع وتسعين لأجل علو حديث ابن منده عنده ولم يقع لي بالاتصال.
 
فأنبأنا يحيى بن أبي منصور الفقيه في سنة أربع وتسعين وستمائة أنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ سنة خمس وستمائة أنا أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي أنا أبو عمرو بن منده أنا أبي أنا أبو بكر محمد بن القاسم بن كوفي الكراني نا أبو صالح يحيى بن واقد نا هشيم عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال: سألت رسول الله {{صلل}} فقلت: يا رسول الله، يأتيني الرجل فيسألني البيع وليس عندي ما أبيعه، أفأبتاعه له من السوق؟ فقال: "لا تبع ما ليس عندك".
 
فأهل الطبقة الثامنة من كتاب أربعين الطبقات للحافظ ابن المفضل هم ابن منده والحاكم وعبد الغني بن سعيد وأبو مسعود الدمشقي.
 
960- 33/13/1
 
===السليماني===
 
الحافظ المحدث المعمر أبو الفضل أحمد بن علي بن عمرو البيكندي البخاري شيخ ما وراء النهر.
 
ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، سمع محمد بن حمدويه بن سهل المروزي فكان آخر من روى في الدنيا عنه وعن غيره، وسمع من علي بن سحنويه وعلي بن إبراهيم بن معاوية وأبي العباس الأصم النيسابوريين، ومحمود بن إسحاق الخزاعي وصالح بن زهير ومحمد بن صابر ابن كاتب البخاريين وعلي بن إسحاق الماذرائي البصري وعبد الله بن جعفر بن فارس الأصبهاني؛ وصنف وجمع وتقدم في الحديث، ذكره ابن السمعاني في الأنساب وقال: السليماني نسبة إلى جده لأمه أحمد بن سليمان البيكندي، له التصانيف الكبار، وكان يصنف في كل جمعة شيئًا ثم يدخل من قرية بيكند إلى بخارى ويحدث بما صنف، روى عنه الحافظ جعفر بن محمد المستغفري وولده أبو ذر محمد بن جعفر وجماعة بتلك الديار، إلى أن قال: وتوفي في ذي القعدة سنة أربع وأربعمائة وله ثلاث وتسعون سنة. قلت: وقفت له على تأليف في أسماء الرجال وعلقت منه.
 
وأخبرنا الحسن بن علي أنا عبد الله بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الله بن محمد الحافظ أنا محمد بن محمد بن إسماعيل السيرجاني أنا أحمد بن علي الحافظ ببيكند نا محمد بن إبراهيم بن عيسى الخوارزمي الشافعي نا محمد بن إسحاق الدمشقي حدثني محمد بن حمدان البلخي نا محمد بن نهشل المروزي نا موسى بن مسعود عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير قال: ولد الزنى لا يكتب الحديث.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد الرحيم بن السمعاني أنا عثمان بن علي البيكندي أنا أبو الخطاب محمد بن إبراهيم بن علي الكعبي إملاء سنة ثمانين وأربعمائة نا أبو سهل أحمد بن علي الأبيوردي نا أحمد بن عمرو السليماني أنا عبد العزيز بن أحمد السمرقندي نا أبو الفضل محمد بن إبراهيم السمرقندي ثنا عيسى بن ميناء نا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله {{صلل}} قال: "لا يفتح أحد على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر".
 
961- 34/13/1
 
===الشيرازي===
 
الإمام الحافظ الفقيه أبو علي الحسن بن أحمد بن محمد بن الليث الكشي ثم الشيرازي، من كبار الأئمة ببلاد فارس.
 
ارتحل وسمع من إسماعيل الصفار وأبي جعفر بن البختري وعبد الله بن درستويه وجماعة ببغداد، ومن أبي العباس الأصم وأبي عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم بنيسابور، ومن الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي الحافظ بفارس.
 
ذكره أبو عبد الله الحاكم فأثنى عليه وقال: هو متقدم في معرفة القراءات حافظ للحديث رحال، قدم علينا أيام الأصم ثم قدم علينا سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وسمعت منه. وذكره أبو عمرو بن الصلاح في طبقات الشافعية مختصرًا وقال: هو والد الليث وأبي بكر. وذكره أبو عبد الله الصفار في طبقات أهل شيراز وأثنى عليه كثيرًا ثم قال: ومن أصحابه زيد بن محمد بن خلف الحافظ ومحمد بن موسى الحافظ وأحمد بن عبد الرحمن المقرئ الحافظ. قلت: ولحق ابن طاهر المقدسي بشيراز أصحابه فسمع من علي بن محمد الشاهد عنه.
 
ثم قال: وتوفي في ثامن عشر رمضان سنة خمس وأربعمائة. قال: وابنه أبو بكر محمد بن الحسن الشيرازي سمع بأصبهان من أبي بكر بن المقرئ وبقي إلى سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وقيل: إن ابنه مات سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة. قلت: وكأنه الليث الولد الآخر.
 
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ أنا ابن خليل أنا مسعود الجمال أنا أبو علي الحداد أنا أبو طالب علي بن محمد بن بكر الغازي نا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن محمد بن الليث الصفار نا إسماعيل بن محمد نا سعدان بن نصر نا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "الكمأة من المن الذي أنزل على بني إسرائيل، وماؤها شفاء للعين". <ref> رواه البخاري في تفسير سورة 2 باب 4 وفي الطب باب 20. ومسلم في الأشربة حديث 158، 159، 162. والترمذي في الطب باب 22.</ref>
 
962- 35/13/1
 
===الحاكم===
 
الحافظ الكبير إمام المحدثين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري، المعروف بابن البيع صاحب التصانيف.
 
ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في ربيع الأول، طلب الحديث من الصغر باعتناء أبيه وخاله، فسمع سنة ثلاثين ورحل إلى العراق وهو ابن عشرين وحج ثم جال في خراسان وما وراء النهر، وسمع بالبلاد من ألفي شيخ أو نحو ذلك، وقد رأى أبوه مسلمًا.
 
روى عن أبيه ومحمد بن علي بن عمر المذكر وأبي العباس الأصم وأبي جعفر محمد بن صالح بن هانئ ومحمد بن عبد الله الصفار وأبي عبد الله بن الأخرم وأبي العباس بن محبوب وأبي حامد بن حسنويه والحسن بن يعقوب البخاري وأبي النضر محمد بن محمد بن يوسف وأبي الوليد حسان بن محمد وأبي عمرو بن السماك وأبي بكر النجاد وأبي محمد بن درستويه وأبي سهل بن زياد وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب وعلي بن محمد بن عقبة الشيباني وأبي علي الحافظ وانتفع بصحبته، وما زال يسمع حتى سمع من أصحابه.
 
حدث عنه الدارقطني وأبو الفتح بن أبي الفوارس وأبو العلاء الواسطي ومحمد بن أحمد بن يعقوب وأبو ذر الهروي وأبو يعلى الخليلي وأبو بكر البيهقي وأبو القاسم القشيري وأبو صالح المؤذن والزكي عبد الحميد البحيري وعثمان بن محمد المحمي وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي وخلائق، وقد قرأ القراءات على ابن الإمام ومحمد بن أبي منصور الصرام وأبي علي بن النقار الكوفي وأبي عيسى بكار البغدادي، وقرأ المذهب على أبي علي بن أبي هريرة وأبي سهل الصعلوكي وأبي الوليد حسان بن محمد، وكان يذاكر الجعابي والدارقطني ونحوهما، وقد سمع منه من شيوخه أحمد بن أبي عثمان الحيري وأبو إسحاق المزكي، وأعجب ما رأيت أن أبا عمر الطلمنكي -وسيأتي في هذه الطبقة- قد كتب في علوم الحديث للحاكم ابن البيع في سنة تسع وثمانين وثلاثمائة عن شيخ له عن آخر عن الحاكم.
 
أخبرنا أبو الفضل بن تاج الأمناء أنبأنا أبو المظفر بن السمعاني أنا الحسين بن علي الشحامي وعبد الله بن محمد الصاعدي قالا: أنا أبو الفضل محمد بن عبيد الله الزاهد أنا محمد بن عبد الله الحافظ أنا أبو العباس محمد بن يعقوب نا الحسن بن علي بن عفان أنا أبو أسامة عن الجريري عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة: أكان رسول الله {{صلل}} يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يقدم من مغيبه. أخرجه مسلم عن يحيى عن يزيد بن زريع عن الجريري، ورواه أيضًا من طريق كهمس عن عبد الله بن شقيق.
 
قرأت على الحسن بن علي الأمين أخبركم جعفر الهمداني أنا السلفي، سمعت إسماعيل بن عبد الجبار بقزوين قال: سمعت الخليل بن عبد الله الحافظ يقول: فذكر الحاكم وقال: له رحلتان إلى العراق والحج، ناظر الدارقطني فرضيه وهو ثقة واسع العلم بلغت تصانيفه قريبا من خمسمائة جزء، إلى أن قال: وتوفي سنة ثلاث وأربعمائة. قلت: هذا وهم في وفاته ثم قال: سألني في اليوم الثاني لما دخلت عليه ويقرأ عليه في فوائد العراقيين: سفيان الثوري عن أبي سلمة عن الزهري عن سهل بن سعد، حدث الاستئذان، فقال: من أبو سلمة؟ قلت: هو المغيرة بن مسلم السراج؛ قال: وكيف يروي المغيرة عن الزهري؟ فبقيت؛ ثم قال: قد أمهلتك أسبوعًا؛ قال: فتفكرت ليلتي فلما وقعت في أصحاب الجزيرة تذكرت محمد بن أبي حفصة فإذا كنيته أبو سلمة؛ فلما أصبحت حضرت مجلسه وقرأت عليه نحو مائة حديث فقال لي: هل تذكرت فيما جرى؟ فقلت: نعم، هو محمد بن أبي حفصة؛ فتعجب وقال: أنظرت في حديث سفيان لأبي عمرو البحيري؟ فقلت: لا، وذكرت له ما أممت في ذلك، فتحير وأثنى علي. ثم كنت أسأله فقال لي: إذا ذاكرت في باب لا بد من المطالعة لكبر سني، فرأيته في كل ما ألقي عليه بحرًا؛ وقال لي: اعلم أن خراسان وما وراء النهر لكل بلد تاريخ صنفه عالم منها ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم يصنفوا فيه شيئًا فدعاني ذلك إلى أن صنفت تاريخ النيسابوريين فتأملته ولم يسبقه إلى ذلك أحد.
 
قال الحاكم في علوم الحديث في أواخره: أخبرني خلف نا خلف نا خلف نا خلف نا خلف، فأولهم الأمير خلف بن أحمد السجزي، والثاني أبو صالح خلف بن محمد البخاري يعني الخيام، والثالث خلف بن سليمان النسفي صاحب المسند، والرابع خلف بن محمد الواسطي كردوس، والخامس خلف بن موسى بن خلف. قال الحاكم: وقد سمعته من أبي صالح بإسناده، لم يذكر المتن.
 
فقرأته على أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا إسحاق بن عبد الرحمن قال: أنا الأمير خلف بن أحمد بن محمد بن خلف نا خلف بن محمد بن إسماعيل نا خلف بن سليمان نا خلف بن محمد كردوس نا خلف بن موسى العمي نا أبي عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "كل بني آدم حسود وبعض الناس أفضل في الحسد من بعض، ولا يضر حاسدًا حسده ما لم يتكلم بلسانه أو يعمل باليد". هذا حديث غريب منكر.
 
قال الخطيب أبو بكر: أبو عبد الله الحاكم كان ثقة، كان يميل إلى التشيع فحدثني إبراهيم بن محمد الأرموي وكان صالحًا عالمًا قال: جمع الحاكم أحاديث وزعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم منها: حديث الطير، و "من كنت مولاه فعلي مولاه"، فأنكرها عليه أصحاب الحديث فلم يلتفتوا إلى قوله.
 
قال الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، سمعت أبا عبد الرحمن الشاذياخي الحاكم يقول: كنا في مجلس السيد أبي الحسن، فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير فقال: لا يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من علي {{عنه}} بعد النبي {{صلل}}.
 
قلت: ثم تغير رأي الحاكم وأخرج حديث الطير في مستدركه؛ ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شان المستدرك بإخراجها فيه. وأما حديث الطير فله طرق كثيرة جدًّا قد أفردتها بمصنف ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل. وأما حديث: "من كنت مولاه..." فله طرق جيدة وقد أفردت ذلك أيضًا.
 
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أبو عبد الله الحاكم هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق معرفته. يقال له الضبي؛ لأن جدته هي سبطة عيسى بن عبد الرحمن الضبي، ووالدة عيسى هذا هي منوية بنت إبراهيم بن طهمان الفقيه، وبيته بيت الصلاح والورع والتأذين في الإسلام، لقي أبا عبد الله الثقفي وأبا محمد بن الشرقي ولم يسمع منهما، وسمع من أبي طاهر المحمدآباذي وأبي بكر بن القطان ولم يقع بمسموعه منهما، وتصانيفه المشهورة تطفح بذكر شيوخه وقرأ على قراء زمانه، وتفقه على أبي الوليد وأبي سهل الأستاذ، واختص بصحبة إمام وقته أبي بكر الصبغي فكان يراجعه في السؤال والجرح والتعديل والعلل، وذاكر مثل الجعابي وأبي علي الماسرجسي، واتفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبًا من ألف جزء من تخريج الصحيحين، والعلل، والتراجم، والأبواب، والشيوخ، ثم المجموعات مثل معرفة علوم الحديث ومستدرك الصحيحين وتاريخ نيسابور، وكتاب مزكي الأخبار، والمدخل إلى علم الصحيح، وكتاب الإكليل، وفضائل الشافعي، وغير ذلك، ولقد سمعت مشايخنا يذكرون أيامه ويحكون أن مقدمي عصره مثل الصعلوكي والإمام ابن فورك وسائر الأئمة يقدمونه على أنفسهم ويراعون حق فضله ويعرفون له الحرمة الأكيدة، ثم أطنب في تعظيمه وقال: هذه جمل يسيرة وهو غيض من فيض سيره وأحواله، ومن تأمل كلامه في تصانيفه وتصرفه في أماليه ونظره في طرق الحديث أذعن بفضله واعترف له بالمزية على من تقدمه وإتعابه من بعده وتعجيزه اللاحقين عن بلوغ شأوه، عاش حميدًا ولم يخلف في وقته مثله.
 
قال الحافظ أبو حازم العبدوي: سمعت الحاكم يقول، وكان إمام أهل الحديث في عصره: شربت ماء زمزم وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف. قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني: أيهما أفضل، ابن منده أو ابن البيع؟ فقال: ابن البيع أتقن حفظًا.
 
أبو صالح المؤذن أنا مسعود بن علي السجزي نا أبو بكر بن فورك نا محمد بن أحمد بن جعفر البحيري الحافظ أنا أحمد بن محمد بن الفضل بن مطرف الكرابيسي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة نا محمد بن عبد الله بن حمدويه الحافظ نا النجاد نا محمد بن عثمان نا الحماني نا سعير بن الخمس عن عبيد الله عن القاسم عن عائشة عن النبي {{صلل}} قال: "إن بلالًا يؤذن بليل" الحديث. ثم قال السجزي: وأخبرناه الحاكم فذكره.
 
أبو موسى المديني الحافظ أنا هبة الله بن عبد الله نا أبو بكر الخطيب نا الأزهري نا الدارقطني حدثني محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري نا محمد بن جعفر النسوي نا الخليل بن محمد النسوي نا خداش بن مخلد نا يعيش بن هشام نا مالك عن الزهري عن أنس مرفوعًا: "ما أحسن الهدية أمام الحاجة". هذا باطل، وإنما رواه الموقري الواهي عن الزهري مرسلًا.
 
سمعت أبا الحسين اليونيني أنا أبو محمد عبد العظيم الحافظ، سمعت علي بن المفضل الحافظ، سمعت أحمد بن محمد الحافظ، سمعت محمد بن طاهر الحافظ، سمعت سعد بن علي الزنجاني الحافظ بمكة وقلت له: أربعة من الحفاظ تعاصروا أيهم أحفظ؟ قال: من؟ قلت: الدارقطني ببغداد، وعبد الغني بمصر، وابن منده بأصبهان، والحاكم بنيسابور، فسكت فألححت عليه فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما عبد الغني فأعلمهم بالأنساب، وأما ابن منده فأكثرهم حديثًا مع معرفة تامة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفًا.
 
قال ابن طاهر: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث رافضي خبيث، ثم قال ابن طاهر: كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفًا عن معاوية وآله، متظاهرًا بذلك ولا يعتذر منه.
 
قلت: أما انحرافه عن خصوم علي فظاهر، وأما أمر الشيخين فمعظم لهما بكل حال فهو شيعي لا رافضي، وليته لم يصنف المستدرك فإنه غض من فضائله بسوء تصرفه.
 
قال الحافظ أبو موسى: كان الحاكم دخل الحمام واغتسل وخرج فقال: آه، فقبض روحه وهو متزر لم يلبس قميصه بعد، وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري. توفي الحاكم في صفر سنة خمس وأربعمائة، {{رحمه ى}}.
 
963- 36/13/1
 
===أبو عبد الرحمن السلمي===
 
الحافظ العالم الزاهد شيخ المشايخ، محمد بن الحسين بن محمد بن موسى النيسابوري الصوفي، الأزدي الأب السلمي الأم، نسب إلى جده القدوة أبي عمرو إسماعيل بن نجيد ابن محدث نيسابور أحمد بن يوسف السُّلَمي.
 
سمع أبا العباس الأصم وأحمد بن محمد بن عبدوس ومحمد بن المؤمل الماسرجسي ومحمد بن أحمد بن سعيد الرازي صاحب ابن وارة والحافظ أبا علي النيسابوري وخلقًا كثيرًا وكتب العالي والنازل، وصنف وجمع وسارت بتصانيفه الركبان؛ حمل عنه القشيري والبيهقي وأبو صالح المؤذن ومحمد بن يحيى المزكي وأبو عبد الله الثقفي وعلي بن أحمد بن الأخرم المؤذن ومحمد بن إسماعيل التفليسي وخلق سواهم إلا أنه ضعيف؛ قال الخطيب: محله كبير وكان مع ذلك صاحب حديث مجودًا، جمع شيوخًا وتراجم وأبوابًا، وعمل دويرة للصوفية، وصنف للصوفية سننًا وتفسيرًا وتاريخًا. قلت: ألف حقائق التفسير، فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية، نسأل الله العافية.
 
قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري: كان السلمي غير ثقة، وكان يضع للصوفية الأحاديث. وقال عبد الغافر في تاريخ نيسابور: بلغ فهرست تصانيفه المائة أو أكثر، وكتب الحديث بمرو ونيسابور والعراق والحجاز، مولده في سنة ثلاثين وثلاثمائة. قلت: قد سأل أبا الحسن الدارقطني عن خلق من الرجال سؤال عارف بهذا الشأن. مات في شعبان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
 
أخبرنا بلال المغيثي أنا ابن رواح "ح" وأنا سنقر الزيني وأبو نصر الفارسي قالا: أنا علي بن محمود قالا: أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو القاسم بن الفضل أنا محمد بن الحسين أنا أبو أحمد محمد بن محمد بن حسين الشيباني نا أحمد بن حماد بن زغبة نا حامد بن يحيى البلخي نا سفيان حدثني عمرو بن دينار عن أبي سلمة عن أم سلمة أن الزبير خاصم رجلًا، فقضى رسول الله {{صلل}} للزبير فقال الرجل: إنما قضى له أنه ابن عمته؛ فأنزل الله هذه الآية: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية. تفرد به حامد البلخي بهذا الإسناد.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنا عمي زين الأمناء "ح" وأنا محمد بن حازم أنا ابن غسان "ح" وأنا حسن بن علي أنا مكرم قالوا: أنا أبو المظفر الفلكي أنا علي بن أحمد المديني أنا أبو عبد الرحمن السلمي نا أحمد بن محمد بن عبدوس نا عثمان بن سعيد أنا القعنبي نا الدراوردي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم إن شئت؛ ولكن ليعزم وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظم عليه شيء أعطاه".
 
964- 37/13/1
 
===عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان===
 
الحافظ الإمام المتقن النسابة، أبو محمد الأزدي المصري مفيد تلك الناحية.
 
سمع من عثمان بن محمد السمرقندي وأحمد بن بهزاذ السيرافي، سماعه منه في سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وإسماعيل بن يعقوب الجراب وعبد الله بن جعفر بن الورد وأحمد بن إبراهيم بن جامع وأحمد بن إبراهيم بن عطية ويعقوب بن مبارك وحمزة بن محمد الحافظ، وبالشام من أبي بكر الميانجي والفضل بن جعفر المؤذن وأبي سليمان بن زبر وطبقتهم. روى عنه محمد بن علي الصوري ورشا بن نظيف وأبو عبد الله القضاعي وعبد الرحمن بن أحمد البخاري وأبو علي الأهوازي وأبو إسحاق النعماني الحبال وخلق كثير.
 
ولد سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وكان أبوه من كبار الفرضيين، قال البرقاني: سألت الدارقطني لما قدم من مصر: هل رأيت في طريقك من يفهم شيئًا من العلم؟ قال: ما رأيت في طول طريقي إلا شابًّا بمصر يقال له: عبد الغني، كأنه شعلة نار، وجعل يفخم أمره ويرفع ذكره. قال منصور بن علي الطرسوسي: لما أراد الدارقطني الخروج من عندنا من مصر، خرجنا نودعه وبكينا، فقال لنا: تبكون وعندكم عبد الغني بن سعيد وفيه الخلف؟ وقال عبد الغني: لما رددت على أبي عبد الله الحاكم الأوهام التي في المدخل إلى الصحيح، بعث إليَّ يشكرني ويدعو لي، فعلمت أنه رجال عاقل.
 
قال العتيقي: كان عبد الغني إمام زمانه في علم الحديث وحفظه ثقة مأمونًا، ما رأيت بعد الدارقطني مثله. قال البرقاني: ما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد الغني المصري. وقال الصوري: قال لي عبد الغني: ابتدأت بعمل كتاب "المؤتلف والمختلف" فقدم علينا الدارقطني فأخذت عنه أشياء كثيرة منه، فلما فرغت عنه سألني أن أقرأه ليسمعه مني فقلت: عنك أخذت أكثره، فقال: لا تقل هذا، فإنك أخذته عني مفرقًا وقد أوردته مجموعًا وفيه أشياء عن شيوخك؛ فقرأته عليه. ذكر عبد الغني، أبو الوليد الباجي فقال: حافظ متقن. فقلت لأبي ذر: أحدث عنه؟ فقال: لا، إن شاء الله على معنى التأكيد، وذلك لأنه كان له اتصال ببني عبيد.
 
قال الحبال: توفي في سابع صفر سنة تسع وأربعمائة؛ وقيل: كان لعبد الغني جنازة عظيمة تحدث بها الناس، ونودي له: هذا نافي الكذب عن رسول الله، {{صلل}}.
 
ومات معه في العام مسند العراق أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن متيم الواعظ الذي قال الخطيب: لم أكتب عن أقدم سماعًا منه، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن الصلت الأهوازي ثم البغدادي، ومسند خراسان أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني الصوفي، ومسند واسط أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خزفة الصيدلاني، ومسند قزوين أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر الخطيب راوي سننن بن ماجه.
 
أخبرنا عيسى بن عبد الرزاق أنا جعفر بن علي أنا أبو طاهر بن سلفة، سمعت جعفر بن أحمد اللغوي، سمعت محمد بن علي الصوري الحافظ، سمعت عبد الغني بن سعيد الأزدي، سمعت أبا القاسم الحسين بن عبد الله القرشي، سمعت بيانًا الزاهد يقول: من كان يسره ما يضره متى يفلح؟
 
أنبأنا أحمد بن سلامة عن هبة الله بن علي أنا علي بن الحسين أنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ أنا عبد الغني بن سعيد أنا أبو حفص عمر بن محمد العطار نا إبراهيم بن دنوقا نا زكريا بن عدي نا بشر بن المفضل عن غالب القطان عن بكر عن أنس قال: كنا نصلي مع رسول الله {{صلل}} في شدة الحر، فإذا أراد أحدنا أن يسجد على الأرض بسط ثوبه فسجد عليه. غالب هو ابن خطاف، فتحه الدارقطني، أخرجه "خ" عن مسدد وغيره ومسلم عن يحيى بن يحيى جميعًا عن بشر نحوه.
 
965- 38/13/1
 
===ابن مردويه===
 
الحافظ الثبت العلامة، أبو بكر أحمد بن موسى بن مَرْدويه الأصبهاني، صاحب التفسير والتاريخ وغير ذلك: روى عن أبي سهل بن زياد القطان وميمون بن إسحاق وعبد الله بن إسحاق الخراساني ومحمد بن عبد الله بن علم الصفار وإسماعيل الخطبي ومحمد بن علي بن دحيم الشيباني وأحمد بن عبد الله بن دليل وإسحاق بن محمد بن علي الكوفي ومحمد بن أحمد بن علي الأسواري وأحمد بن عيسى الخفاف وأحمد بن محمد بن عاصم الكراني وطبقتهم.
 
روى عنه أبو القاسم عبد الرحمن بن منده وأخوه عبد الوهاب وأبو الخير محمد بن أحمد بن ررا وأبو منصور محمد بن شكرويه وأبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن سليم وأبو عبد الله الثقفي الرئيس وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد المصري وخلق كثير، وعمل المستخرج على صحيح البخاري، وكان قيمًا بمعرفة هذا الشأن، بصيرًا بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف.
 
ولد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ومات لست بقين من رمضان سنة عشر وأربعمائة، يقع عواليه في الثقفيات وغيرها.
 
'''وفيها مات''' المسند إبراهيم بن مخلد الباقرحي البغدادي، ومسند دمشق أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر بن نصر الشيباني، ومسند نيسابور العلامة أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، وأبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه المزكي، لحق أبا بكر القطان، ومسند الوقت أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي ببغداد، ومحدث هراة العلامة القاضي أبو منصور محمد بن محمد بن عبد الله الأزدي، وصاحب الناسخ والمنسوخ أبو القاسم هبة الله بن سلامة البغدادي.
 
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد أنا جعفر بن علي وأحمد بن محمد بن محمود وعلي بن سلامة وعبد الله بن الحسين قالوا: أنا أبو طاهر بن سلفة أنا القاسم بن الفضل نا أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ إملاء نا أبو علي أحمد بن محمد بن عاصم نا عمرو بن سعيد العسكري نا عباد بن صهيب نا موسى بن عبيدة نا محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنه لا يسألها لي عبد مؤمن إلا كنت له شهيدًا يوم القيامة، أو شفيعًا وشهيدًا". <ref> رواه مسلم في الصلاة حديث 11. وأبو داود في الصلاة باب 36. والترمذي في المناقب باب 1. والنسائي في الأذان باب 37.</ref>
 
966- 39/13/1
 
===غنجار===
 
الحافظ العالم محدث ما وراء النهر، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل البخاري، صاحب تاريح بخارى.
 
حدث عن خلف بن محمد الخيام وسهل بن عثمان السلمي وأبي عبيد أحمد بن عروة الكرميني ومحمد بن حفص بن أسلم وإبراهيم بن هارون الملاحمي والحسن بن يوسف بن يعقوب ومحمد بن محمد بن صابر وخلق كثير، ولم يرحل؛ حدث عنه أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي، ولم أظفر بترجمته كما ينبغي، ومات في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
 
'''وفيها مات''' المسند أبو عبد الله الحسين بن عمر بن برهان الغزال ببغداد، ومسند مرو أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن عبد الله بن أبي الجراح الجراحي راوي جامع الترمذي، ومحدث بغداد أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزقويه البزاز، ومسند مصر أبو العباس منير بن أحمد بن الحسن بن منير الخشاب العدل، لقي علي بن عبد الله بن أبي مطر الإسكندراني قال الحبال: ثقة، لا يجوز عليه تدليس.
 
أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر الهمداني أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو علي البرداني وأبو الحسين الصيرفي قالا: أنا هناد القاضي أنا محمد بن أحمد الحافظ أنا أبو يحيى أحمد بن محمد بن إبراهيم السمرقندي نا محمد بن نصر المروزي نا أبو جعفر عبد الله بن محمد المسندي نا حرمي بن عمارة نا شعبة عن واقد بن محمد، سمعت أبي يحدث عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله". <ref> رواه البخاري في الإيمان باب 17، 28. ومسلم في الإيمان حديث 32-36. وأبو داود في الجهاد باب 95. والنسائي في الزكاة باب 3.</ref>
 
وبه إلى محمد بن أحمد غُنْجار قال: أنا أبو نصر أحمد بن عمرو نا أحمد بن خالد بن الخليل نا محمد بن أحمد بن حفص نا أبي قال: قال أفلح بن محمد: قلت لابن المبارك: إني أكره الصفة يا أبا عبد الرحمن، عنى صفة الرب، عز وجل. فقال: أنا أشد الناس كراهة لذلك، ولكن إذا نطق الكتاب بشيء قلنا به، وإذا جاءت الآثار بشيء جسرنا عليه.
 
967- 40/13/1
 
===ابن أبي الفوارس===
 
الحافظ المجود، أبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن فارس بن سهل البغدادي.
 
ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة، وسمع في سنة ست وأربعين من أحمد بن الفضل بن خزيمة وجعفر الخلدي ودعلج السجزي وأبي بكر النقاش وعيسى بن بكار المقرئ وأبي علي بن الصواف وطبقتهم، وارتحل إلى بلاد فارس وخراسان وأصبهان والبصرة، وجمع وصنف، قال الخطيب: كان ذا حفظ وأمانة، مشهورًا بالصلاح، انتخب على المشايخ، حدث عنه أبو بكر البرقاني وأبو سعد الماليني، وقرأت عليه قطعة من حديثه وكان يملي في جامع الرصافة، مات في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
 
قلت: وحدث عنه أبو علي بن البناء وأبو الحسين بن المهتدي بالله ومالك بن أحمد البانياسي وآخرون؛ قال أبو عبد الله الحاكم: أول سماع ابن أبي الفوارس من أبي بكر النجاد.
 
أنبأنا علي بن أحمد أنا عمر بن محمد أنا عبد الخالق بن عبد الصمد أنا عبد الواحد بن علي نا محمد بن أحمد بن أبي الفوارس إملاء أنا أبو عمرو بن حمدان نا الحسن بن سفيان نا محمد بن أبي بكر نا حماد عن ثابت عن أنس قال: جاء زيد يشكو زينب، فجعل رسول الله {{صلل}} يقول: "اتق الله وأمسك عليك زوجك". قال: وكانت تفخر على أزواج النبي {{صلل}} تقول: زوجكن أهلكن وزوجني الله من فوق سبع سموات. سمعناه في صحيح البخاري نازلًا قال: ثنا أحمد أنا محمد بن أبي بكر المقدمي فذكره.
 
أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عميرة الصالحي أنا الإمام أبو محمد بن قدامة أنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي أنا مالك بن أحمد نا أبو الفتح بن أبي الفوارس الحافظ إملاء ثنا أحمد بن جعفر بن سلم نا الأبار نا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت عبدان يقول: قال عبد الله بن المبارك: الإسناد عندي من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل له: من حدثك؟ بقي.
 
968- 41/13/1
 
===الجارودي===
 
الحافظ الإمام أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد الهروي.
 
سمع حامد بن محمد الرفاء ومحمد بن عبد الله السليطي وأبا إسحاق القراب وعبد الله بن الحسين النضري وسليمان بن أحمد الطبراني وإسماعيل بن نجيد السلمي ومحمد بن علي بن حامد وأحمد بن محمد بن سلمويه النيسابوري وعمر بن محمد بن جعفر الأهوازي وخلائق، وله رحلة واسعة؛ روى عنه عطاء بن عبد الواحد المليحي وشيخ الإسلام عبد الله بن محمد الحافظ وأهل هراة، وكان شيخ الإسلام ربما روى عنه فيقول: أخبرنا إمام أهل المشرق أبو الفضل الجارودي.
 
قال أبو نصر الفامي: كان عديم النظير في العلوم خصوصًا في حفظ الحديث، وكان متقللًا من الدنيا متعففًا وحيدًا في ورعه، قد رأى بعض الناس رسول الله {{صلل}} في النوم فأوصاه بزيارة قبر الجارودي وقال: إنه كان فقيرًا سنيًّا. وقال بعض أهل العلم: الجارودي أول من سنَّ بهراة تخريج الفوائد وشرح حال الرجال والتصحيح. قال ابن طاهر: سمعت أبا إسماعيل الأنصاري يقول: سمعت الجارودي يقول: رحلت إلى الطبراني فقربني وأدناني وكان يتعسر في الرواية فقلت له: أيها الشيخ تتعسر عليَّ وتبذل للغير؟ قال: لأنك تعرف قدر هذا الشأن؛ مات الجارودي في شوال سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
 
'''وفيها مات''' محدث همذان أبو نصر حمد بن عمر الزجاج لقي أصحاب الكجي، وأبو القاسم صدقة بن محمد الدلم القرشي الدمشقي يروي عن أبي سعيد بن الأعرابي، وعالم الأندلس أبو المطرف عبد الرحمن بن مروان الأنصاري القنازعي المالكي، ومسند الأندلس في عصره الإمام المقرئ أبو القاسم عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن حواسي الفارسي ثم البغدادي عن اثنتين وتسعين سنة لقي إسماعيل الصفار وابن داسة، وملك الكتابة أبو الحسن علي بن هلال البغدادي ابن البواب، وإمام الرفض الشيخ المفيد، واسمه محمد بن محمد بن النعمان البغدادي ابن المعلم، وأبو سهل محمود بن عمر العكبري.
 
أخبرنا الحسن بن علي أنا عبد الله بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا أبو إسماعيل الحافظ ثنا محمد بن أحمد بن محمد الجارودي إملاء نا عبد الله بن عمر بن محمد القاضي بأصبهان نا محمد بن العباس الأخرم نا محمد بن منصور الطوسي نا زيد بن الحباب نا سفيان الثوري عن أسامة بن زيد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله {{صلل}} لا يسرد سردكم هذا، يتكلم بكلام فصل يحفظه كل من سمعه.
 
وبه إلى الجارودي أخبرنا أبو إسحاق القراب نا أبو يحيى الساجي نا أبو داود السجزي نا أحمد بن حنبل نا الشافعي نا مالك عن ابن عجلان عن أبيه قال: إذا أغفل العالم لا أدري أصيبت مقاتله. هذا الأثر غالب إسناده حفاظ، وهم من أبي إسماعيل الأنصاري إلى ابن عجلان، والله أعلم.
 
969- 42/13/1
 
===تمام===
 
ابن الحافظ أبي الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الإمام الحافظ محدث الشام، أبو القاسم الرازي ثم الدمشقي.
 
ولد بدمشق سنة ثلاثين وثلاثمائة، وسمع أباه وخيثمة الأطرابلسي وأبا الحسن بن حذيم وأبا الميمون بن راشد وأبا علي أحمد بن محمد بن فضالة والحسن بن حبيب الحصائري وأبا يعقوب الأذرعي ومحمد بن حميد الحوراني وخلقًا كثيرًا، وتلا القرآن على أحمد بن عثمان غلام السباك، حدث عنه عبد الوهاب الكلابي شيخه وأبو الحسين الميداني وأبو علي الأهوازي والحسن بن علي اللباد وعبد العزيز بن أحمد الكتاني وأحمد بن محمد العتيقي وأحمد بن عبد الرحمن الطرائفي وآخرون؛ قال أبو علي الأهوازي: ما رأيت مثله في معناه، كان عالمًا بالحديث ومعرفة الرجال. وقال أبو بكر الحداد: ما لقينا مثله في الحفظ والخير.
 
وقال الحافظ الكتاني: توفي أستاذنا تمام الحافظ في ثالث المحرم سنة أربع عشرة وأربعمائة. قال: وكان ثقة لم أرَ أحفظ منه في حديث الشاميين.
 
قلت: '''وفيها توفي''' ببغداد المسند أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد المخزومي الغضائري، وبطرابلس محدثها أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل العبسي الطرابلسي المعدل، والمحدث أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن فنجويه الثقفي الدينوري بنيسابور، وشيخ الحرم أبو الحسن علي بن عبد الله بن فنجويه الثقفي الدينوري بنيسابور وشيخ الحرم أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمداني صاحب كتاب بهجة الأسرار، وشيخ أصبهان الفقيه القدوة أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن ميلة الأصبهاني الفرضي، وأبو القاسم علي بن محمد بن علي بن يعقوب الإيادي ببغداد، ومسند البصرة القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي من ولد جعفر بن سليمان الأمير، مات في ذي القعدة عن اثنتين وتسعين سنة، ومسند بغداد أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، ومسند نيسابور أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي صاحب الأمالي، وأبو سعيد النقاش، وستراه.
 
أخبرنا عمر بن عبد المنعم أنا عبد الصمد بن محمد في كتابه أنا عبد الكريم بن حمزة سنة خمس وعشرين وخمسمائة أنا عبد العزيز بن أحمد الحافظ أنا تمام بن محمد الحافظ نا أبو علي الحسن بن حبيب أنا العباس بن الوليد البيروتي أنا محمد بن شعيب بن شابور نا معان بن رفاعة عن أبي الزبير عن جابر قال: أمر رسول الله {{صلل}} سعد بن معاذ أن يكتوي في أكحله حين رمته بنو النضير، فاكتوى. معان لين اختلف فيه.
 
970- 43/13/1
 
===ابن الباجي===
 
الحافظ الكبير العلامة، أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد علي اللخمي الإشبيلي، ويعرف بابن الباجي.
 
سمع من أبيه كتاب المصنف لابن أبي شيبة رواه له عن عبد الله بن يونس الفيري عن بقي بن مخلد عنه وارتحل بولده محمد إلى مصر فلقي أبا بكر المهندس وطبقته، مولده سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.
 
قال أبو عبد الله الخولاني: كان أبو عمر عارفًا بالحديث ووجوهه إمامًا مشهورًا لم تر عيني مثله محدثًا سمتًا ووقارًا، رحل ولقي شيوخًا جلة، ولي قضاء إشبيلية مدة يسيرة ثم ارتحل إلى قرطبة فسكنها ونشر بها العلم، أخذنا عنه كثيرًا، توفي في المحرم سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وشهدت جنازته في حفل عظيم. قال عبد الغني الأزدي في مشتبه النسبة: أبو عمر هذا كتب عني وكتبت عنه. قلت: وحدث عنه أيضًا أبو عمر بن عبد البر.
 
أنبئنا عن ابن الجوزي عن ابن ناصر عن الحميدي عن أبي عمر بن عبد البر، قرأت على أحمد بن عبد الله بن محمد أن الحسن بن إسماعيل حدثهم نا عبد الملك بن بحر، نا محمد بن إسماعيل بن سالم نا سنيد نا حجاج عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس أن النبي {{صلل}} اشترط عليهن فيما يمتحنهن ألا ينحن نياحة الجاهلية ولا يخلون بالرجال في البيوت. وقال: كان يحفظ غريبي الحديث لأبي عبيد وابن قتيبة حفظًا حسنًا وشُووِرَ في الأحكام وهو ابن ثماني عشرة سنة وجمع له أبوه علوم أهل الأرض فلم يحتج إلى أحد ورحل متأخرًا فلقي المهندس وأبا العلاء بن ماهان، إلى أن قال: وكان فقيه عصره وإمام زمانه، لم أر مثله، كملت عليه مصنف ابن أبي شيبة في سنة خمس وتسعين وكان إمامًا في الأصول والفروع. قلت: روى عنه ابنه محمد وهم بيت علم ورواية.
 
971- 44/13/1
 
===النقاش===
 
الحافظ الإمام أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي الأصبهاني الحنبلي.
 
سمع جده لأمه أحمد بن الحسن بن أيوب التميمي وعبد الله بن عيسى الخشاب وأبا محمد بن فارس وأحمد بن معبد السمسار وأبا أحمد العسال وطبقتهم، وببغداد أبا بكر الشافعي وابن مقسم وعمر بن سلم وأبا علي بن الصواف ونحوهم، وبالبصرة أبا إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي وفاروقًا الخطابي وحبيب بن الحسن القزاز، وبالكوفة نذير بن جناح المحاربي وصباح بن محمد النهدي وطبقتهم، وبمرو حاضر بن محمد الفقيه وعدة، وبجرجان أبا بكر الإسماعيلي وذويه، وبهراة أبا حامد أحمد بن محمد بن حسنويه، وبالدينور أبا بكر بن السني، وبالحرمين ونيسابور وهمذان ونهاوند، وجمع وصنف وأملى وروى الكثير مع الصدق والديانة والجلالة، رأيت له طبقات الصوفية، حدث عنه أحمد بن عبد الغفار بن أشتة والفضل بن علي الحنفي وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف وعدد كثير، وقع لنا غير جزء من أماليه وكتاب القضاء له، توفي في رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة عن نيف وثمانين عامًا، {{رحمه}}.
 
أخبرنا علي بن محمد بن علي وعبد الدائم بن أحمد وأحمد بن هبة الله قالوا: أنا علم الدين علي بن محمود أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا محمد بن عبد الواحد المصري أنا أبو سعيد محمد بن علي الحافظ سنة عشر وأربعمائة نا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي نا محمد بن الحسين الحنيني أنا عبد العزيز بن محمد الأزدي نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاث مرات، وليستعذ بالله من الشيطان، ولا يذكرها لأحد فإنه لن يضره". هذا حديث حسن غريب، وأصله محفوظ عن النبي {{صلل}} ولكن بدل "لا يذكرها" "ليتحول عن جنبه الذي كان عليه". فهذا التحول في حق من استفاق في الليل وهو يريد النوم، أما في حق من قام من نومه وتذكر الرؤيا في نهاره بعد قيامه فلا يبقى له انقلاب عن جانبه.
 
972- 45/13/1
 
===ابن فطيس===
 
الحافظ الثبت العلامة قاضي الجماعة أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ القرطبي.
 
حدث عن أبي عيسى الليثي وأبي عبد الله بن مفرج وأحمد بن عون الله وخلق من طبقتهم، وأجاز له من مصر الحسن بن رشيق، ومن بغداد القاضي أبو بكر الأبهري، وكان من جهابذة الحديث عارفًا بالرجال كان يملي من حفظه، وجمع من الكتب ما لم يجمعه أحد فقيل: إن كتبه بيعت بأربعين ألف دينار، روى عنه الصاحبان أبو إسحاق الطليطلي وأبو جعفر بن ميمون وأبو عبد الله بن عابد وسراج القاضي وأبو عمر بن عبد البر وأبو عمر بن الحذاء وعدد كثير.
 
صنف كتاب أسباب النزول في مائة جزء، وصنف كتاب فضائل الصحابة في مائة جزء، وكتاب معرفة التابعين في مائة وخمسين جزءًا، والناسخ والمنسوخ في ثلاثين جزءًا، وكتاب الإخوة في أربعين جزءًا، وكتاب دلائل الرسالة في عشرة أسفار، وأشياء يطول ذكرها بالأسانيد له.
 
ولد سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة وعمل الوزارة مرة. مات في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة، وله أربع وخمسون سنة.
 
'''وفيها مات''' الوزير الأديب أبو علي أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب الأندلسي والد الحافظ العلامة أبي محمد علي بن أحمد، والإمام أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن الخضر السوسنجردي ببغداد عن نيف وثمانين سنة، وأبو محمد الحسن بن الحسين بن علي النوبختي الكاتب، والشيعي المعتزلي عبدة بن مبشر الواسطي، وزاهد العراق أبو عمرو عثمان بن عيسى الباقلاني، وخطيب دمشق المقرئ أبو الحسن علي بن داود الداراني، ومسند الشام المحدث الجوال أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن جميع الغساني الصيداوي بها عن ست وتسعين سنة، والنحوي المقرئ مسند العراق أبو الحسن محمد بن جعفر بن هارون بن النجار التميمي الكوفي آخر من روى عن محمد بن الحسين الأشناني عن مائة عام، وإمام الفرائض أبو الحسين محمد بن عبد الله بن اللبان المصري، وعالم الكوفة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي الهرواني وله سبع وتسعون سنة، ومسند الأندلس أبو بكر يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود القرطبي عرف بابن وجه الجنة عن ثمان وتسعين سنة وهو أكبر شيخ لابن حزم، وشيخ همذان أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن تركان التميمي الخفاف عن خمس وثمانين سنة، وفيها أو بعدها المعمر أبو العباس أحمد بن الحسين بن أحمد بن زنبيل راوي التاريخ الصغير للبخاري عن ابن الأشقر عنه.
 
973- 46/13/1
 
===الإدريسي===
 
الحافظ العالم أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الأستراباذي محدث سمرقند ومصنف تاريخها وتاريخ أستراباذ.
 
سمع أبا العباس الأصم وأبا نعيم محمد بن الحسن الأستراباذي وأبا سهل هارون بن أحمد وأبا أحمد بن عدي وطبقتهم، وألف الأبواب والشيوخ؛ روى عنه أبو علي الشاشي وأبو عبد الله الخبازي وأبو مسعود أحمد بن محمد البجلي وأبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الكنجرودي وأحمد بن محمد العتيقي وعلي بن المحسن التنوخي وآخرون، وثقه الخطيب. توفي سنة خمس وأربعمائة مع الحاكم.
 
'''وفيها مات''' مسند الحرم أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي بمكة عن ثلاث وتسعين سنة، ومسند بغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت القرشي العبدي المجبر وله إحدى وتسعون سنة، ومقرئ بغداد أبو بكر بن شاذان الواعظ ومسند أصبهان أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جولة الأبهري، وقاضي قضاة بغداد أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأسدي بن الأكفاني عن تسع وثمانين سنة، سمع المحاملي وطبقته، وشيخ الشافعية بالبصرة عبد الواحد بن حسين أبو القاسم الصيمري شيخ الماوردي، أظن وفاته في هذا الوقت، ومسند دمشق العدل أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد السلمي عن ست وتسعين سنة، وفقيه العصر بالدينور القاضي أبو القاسم يوسف بن أحمد بن كج من كان يضرب به المثل في حفظ مذهب الشافعي، ومحدث جرجان وصدرها أبو نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الإسماعيلي لقي الأصم.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن أبي روح الهروي أنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو سعيد الكنجرودي أنا عبد الرحمن بن محمد بن محمد قدم حاجًّا نا يوسف بن محمد بسمرقند نا القاسم بن حنبل السرخسي نا إسحاق بن إسماعيل السمرقندي نا معروف بن حسان السمرقندي عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من ربى شجرة حتى تنبت كان له كأجر قائم الليل صائم النهار، وكأجر غازٍ في سبيل الله دهره". هذا باطل متنًا، ومعروف واه وإسناده ظلمات، والله أعلم.
 
974- 47/13/1
 
===الأسفراييني===
 
الحافظ البارع أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الحديثي الرحال.
 
وكانت رحلته في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، حمل عن أبي أحمد بن عدي وطبقته؛ قال أبو مسعود البجلي: سمعت الحاكم يقول: أشهد على أبي بكر الأسفراييني أنه يحفظ من حديث مالك وشعبة والثوري ومسعر أكثر من عشرين ألف حديث.
 
قلت: توفي سنة ست وأربعمائة وقد شاخ ولم يبلغنا إخباره كما في النفس وكان من فرسان الحديث.
 
'''وفيها مات''' شيخ الشافعية أبو حامد أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد الأسفراييني ببغداد عن اثنتين وستين سنة، وشيخ الصوفية بنيسابور الأستاذ أبو علي الحسن بن علي الدقاق، ومسند نيسابور أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي شيخ الطب، ومسند الحرم أبو القاسم عبيد الله بن محمد السقطي البغدادي، سمع ابن البختري والطبقة، وشيخ العراق أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ عنده المحاملي، ومسند أصبهان أبو الفرج عثمان بن أحمد البرجي، وعالم نيسابور أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني الأصولي، والشريف الرضي نقيب العلوية أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي الشيعي.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا سعيد بن محمد البحيري سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الحافظ أنا أحمد بن إسحاق بأصبهان نا محمد بن زكريا الغزال نا عمر بن يحيى القرشي أنا شعبة عن ثور عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "قلوب ابن آدم تلين في الشتاء، وذلك أن الله خلق آدم من طين والطين يلين في الشتاء". هذا حديث غير صحيح مركب على شعبة وعمر بن يحيى لا أعرفه تركه أبو نعيم.
 
وبه إلى الأسفراييني أنا محمد بن عبد الرحمن الهمذاني نا محمد بن يونس نا بدل بن المحبر نا شعبة عن أبي الزبير عن جابر {{عنه}} قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". هذا حديث منكر عجيب ما أتى به سوى الكديمي وليس بعمدة.
 
975- 48/13/1
 
===الشيرازي===
 
الحافظ الإمام الجوال أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى الفارسي صاحب كتاب الألقاب.
 
سمع أبا القاسم الطبراني بأصبهان، وأبا بحر البربهاري وطبقته ببغداد، وعبد الله بن عدي بجرجان، ومحمد بن الحسن السراج بنيسابور، وعبد الله بن عمر بن علك بمرو، وسعيد بن القاسم المطوعي ببلاد الترك، ومحمد بن محمد بن صابر ببخارى، وسمع بالبصرة وواسط وشيراز وعدة مدائن، روى عنه محمد بن عيسى الهمذاني وأبو مسلم بن عروة وحميد بن المأمون وآخرون.
 
قال شيرويه: أخبرنا عنه أبو الفرج البجلي قال: كان صدوقًا حافظًا يحسن هذا الشأن جيدًا، خرج من عندنا سنة أربع وأربعمائة إلى شيراز وأخبرت أنه مات بها في سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وذكره جعفر المستغفري فقال: كان يفهم ويحفظ كتبت عنه بنسف وسمعته يقول: وقع بيني وبين الحافظ ابن البيع منازعة فيمن قال عمرو بن زرارة وعمر بن زرارة فقال: هما واحد؛ فحاكمته إلى أبي أحمد الحاكم فقلنا: ما يقول الشيخ فيمن قال: عمرو بن زرارة وعمر بن زرارة واحد؟ فقال: من هذا الطفل الذي لا يفصل بينهما؟
 
وقال أبو القاسم بن منده: مات الشيرازي في شوال سنة سبع وأربعمائة.
 
قلت: فيها مات ببغداد أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف البزاز وكان يملي من حفظه، سمع محمد بن جعفر بن المطيري، وشيخ نيسابور الواعظ أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الخركوشي الزاهد صاحب التفسير والتصانيف.
 
أخبرنا أحمد بن إسحاق أنا عبد السلام بن أبي الفرج السرقولي بأبرقوه سنة ثماني عشرة وستمائة وأنا حاضر أنا شهردار بن شيرويه أنا أحمد بن عمر البيع أنا أبو غانم حميد بن مأمون أنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الحافظ سنة خمس وتسعين وثلاثمائة أنا عبد الله بن عمر بن علك أنا الفضل بن محمد الشعراني نا سعدويه نا هشيم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عمرو بن سعيد بن العاص حدثني سيابة بن عاصم، سمعت النبي {{صلل}} يقول يوم حنين: "أنا ابن العواتك". فسألنا الفضل فقال: كان للنبي {{صلل}} ست جدات اسمهن عاتكة. هذا صحيح غريب.
 
==طبقة أخرى صغرى==
 
976- 1/13/2
 
===خلف بن محمد بن علي بن حمدون الواسطي===
 
الحافظ الكبير صاحب الأطراف.
 
سمع أبا بكر القطيعي وطبقته ببغداد، وأبا بكر الإسماعيلي وطبقته بجرجان، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه وطبقته بهراة، وعبد الله بن محمد بن السقاء وغيره بواسط؛ قال الخطيب: كتب الناس بانتخابه وكان له فضل ومعرفة ثم تشاغل بالتجارة وترك النظر في العلم إلى أن مات، وكان رفيق أبي الفتح بن أبي الفوارس في الرحلة وله رحلة إلى مصر والشام. قلت: روى عنه أبو عبد الله الحاكم مع تقدمه وأبو علي الأهوازي وأبو القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري وجماعة، ثم استوطن الرملة وتعانى التجارة؛ جود تصنيف أطراف الصحيحين، وأفاد ونبه، وهو أقل أوهامًا من أطراف أبي مسعود الدمشقي؛ ذكره الحاكم فقال: كان حافظًا لحديث شعبة وغيره. وقال أبو نعيم: صحبناه بنيسابور وأصبهان. قلت: مات بعد عام أربعمائة. قال الخطيب: سمعت الأزهري يقول: كان خلف حافظًا وكان ابن أبي الفوارس أستاذه.
 
أخبرنا ابن علان وجماعة إجازة قالوا: أنا الكندي أنا الشيباني أنا أبو بكر الخطيب أخبرني عبد الله بن أبي الفتح أنا خلف بن محمد أنا الحسن بن أحمد بن محمد بن عيسى التستري بها أنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الطوسي نا أحمد بن صالح بن رسلان الفيومي بمكة نا ذو النون بن إبراهيم المصري نا فضيل بن عياض عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "تجافوا عن ذنب السخي، فإن الله آخذ بيده كلما عثر عثرة".
 
977 2/13/2
 
===أبو مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي===
 
الحافظ. مصنف كتاب الأطراف، وأحد من برز في هذا العلم: سمع من محمد بن عبد الله بن محمد بن السقاء وغيره بواسط، ومن أصحاب مطين بالكوفة، ومن أبي بكر القباب وطبقته بأصبهان، ومن أصحاب أبي خليفة الجمحي بالبصرة، ومن أصحاب ابن خزيمة بنيسابور، ومن أبي بكر أحمد بن عبدان الشيرازي؛ قال الخطيب: سافر الكثير وكتب ببغداد عن أصحاب أبي سعيد الحراني وبالبصرة والأهواز وواسط وخراسان وأصبهان، وكان له عناية بالصحيحين روى قليلا على سبيل المذاكرة. قال: وكان صدوقًا دينًا ورعًا فهمًا صلى عليه أبو حامد الأسفراييني وكان وصيه، حدثني العتيقي أنه مات في سنة إحدى وأربعمائة.
 
قلت: حدث عنه أبو ذر الهروي وحمزة السهمي وأحمد بن محمد العتيقي وأبو القاسم اللالكائي وآخرون، وقلما روى لأنه مات في الكهولة، مات في رجب سنة أربعمائة، وقيل: في سنة إحدى وأربعمائة، {{رحمه ى}}. وقد وقفت على جزء له في أحاديث معللة تنبئ بحفظه ونقده.
 
أخبرنا أبو الغنائم بن علان وغيره إذنًا قالوا: أنا الكندي أنا القزاز أنا أبو بكر الخطيب أنا هبة الله بن الحسن الطبري نا إبراهيم بن محمد الحافظ أنا عبيد الله بن محمد المزني نا الوليد بن أبان الواسطي المقرئ نا النضر بن سلمة أنا عبد الله بن عمر الفهري عن عبد الله بن عمر عن أخيه يحيى بن عمر حدثني أخي عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} لما أتى وادي محسر حرك راحلته وقال {{عهس}}: "عليكم بحصى الخذف". وبه قال الخطيب: ونا أبو العلاء الواسطي نا به المزني لكنه قال: ابن عمرو الفهري.
 
أنبأنا أحمد بن سلامة عن يحيى بن أسعد عن أحمد بن عبد الجبار الصيرفي قال: كتب إلي أحمد بن عبد الجبار العتيقي نا أبو مسعود الحافظ حدثني أبو بكر أحمد بن عبيد الله بن القاسم بنهر الدير نا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن حمويه بالبصرة سنة خمس وتسعين ومائتين نا أبو الوليد نا يعلى بن الحارث المحاربي نا إياس بن سلمة قال: قال أبي: كنا نصلي مع رسول الله {{صلل}} الجمعة وليس للحيطان فيء يستظل به. رواه "م" عن إسحاق الحنظلي عن أبي الوليد، تابعه وكيع عن يعلى.
 
978- 3/13/2
 
===الماليني===
 
الحافظ العالم الزاهد أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري الهروي الماليني الصوف،ي ويعرف أيضًا بطاوس الفقراء.
 
سمع بخراسان والشام والعراق ومصر وغير ذلك، حدث عن عبد الله بن عدي وأبي بكر القطيعي ومحمد بن عبد الله السليطي وإسماعيل بن نجيد السلمي وأبي الشيخ الحافظ والحسن بن رشيق المصري والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي ومحمد بن أحمد بن علي بن النعمان الرملي وطبقتهم، وجمع وحصل من المسانيد الكبار شيئًا كثيرًا وكان ثقة متقنًا صاحب حديث ومن كبار الصوفية، له كتاب أربعين الصوفية حدث عنه الحافظ عبد الغني وتمام الرازي وأبو حازم العبدوي وأبو بكر البيهقي وأبو بكر الخطيب وأبو نصر عبيد الله السجزي والقاضي أبو عبد الله القضاعي ومحمد بن أحمد بن شبيب الكاغذي وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي والقاضي أبو الحسن الخلعي وآخرون.
 
قال حمزة السهمي: دخل الماليني جرجان في سنة أربع وستين ورحل رحلات كثيرة إلى أصبهان وما وراء النهر ومصر والحجاز. ثم قال: وتوفي سنة تسع وأربعمائة. فوهم، بل توفي سنة اثنتي عشرة وقد ذكره ابن الصلاح في طبقات الشافعية.
 
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد أنا جعفر الهمداني أنا أبو طاهر الحافظ أنا المبارك بن عبد الجبار، سمعت عبد العزيز بن علي الأزجي يقول: أخذت من أبي سعد الماليني أجرة النسخ والمقابلة خمسين دينارًا في دفعة واحدة.
 
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي أنا محمد بن عماد أنا عبد الله بن رفاعة السعدي أنا علي بن الحسن الفقيه أنا أبو سعد الماليني أنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن خميرويه نا أحمد بن نجدة نا أحمد بن عبد الله بن يونس نا الليث عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} سابق بين الخيل يرسلها من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر وكان أمدها من الثنية إلى مسجد بني زريق وأن عبد الله بن عمر كان يسابق بها.
 
قال أبو إسحاق الحبال: توفي الماليني يوم الثلاثاء السابع عشر من شوال سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
 
قلت: '''وفيها مات''' القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن رامين الأستراباذي ببغداد وجماعة قد ذكروا.
 
979- 4/13/2
 
===العبدوي===
 
الحافظ الإمام محدث نيسابور أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه بن سدوس بن علي بن عبد الله ابن الإمام عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المسعودي العبدوي النيسابوري الأعرج.
 
سمع إسماعيل بن نجيد ومحمد بن عبد الله بن عبدة السليطي وأبا عمرو بن مطر وأبا الحسن السراج وأبا بكر الإسماعيلي وأبا الفضل بن خميرويه وأبا أحمد الغطريفي، ارتحل إلى هراة وإلى جرجان ولحق ببغداد عيسى ابن الوزير وطبقته.
 
حدث عنه أبو الفتح بن أبي الفوارس وأبو القاسم التنوخي وأحمد بن عبد الواحد الوكيل وأبو صالح المؤذن وأبو بكر الخطيب وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة صادقًا حافظًا عارفًا. قلت: ومن آخر من روى عنه الرئيس أبو عبد الله الثقفي.
 
قال أبو علي الوخشي: مات يوم عيد الفطر سنة سبع عشرة وأربعمائة. قال أبو محمد السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب: يقول لم أر أحدًا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين أبي نعيم وأبي حازم العبدوي. قلت: كان أبوه أحمد قد أسمعه في الصبا من الصبغي وحامد الرفاء فلم يحدث عنهما تورعًا. وقد قال أبو صالح المؤذن: سمعت أبا حازم الحافظ يقول: كتبت بخطي عن عشرة من شيوخي عشرة آلاف جزء، عن كل واحد ألف جزء.
 
قلت: '''توفي''' معه في العام قاضي القضاة ببغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي وكان عفيفًا نزهًا رئيسًا عاش ثمانيًا وثمانين سنة امتنع من الرواية، وبدمشق أبو الحسين أحمد بن محمد بن سلامة الستيتي بن الطحان لقي خيثمة، وشيخ الشافعية بمرو أبو بكر عبد الله بن أحمد القفال المروزي، ومسند بغداد أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري، ومقرئ العصر أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي ببغداد، والمعمر أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري البزاز راوي نسخة علي بن حرب، ومحدث دمشق أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون الغساني بن الجندي إمام الجامع ثقة يروي عن خيثمة.
 
أخبرنا علي بن عثمان اللمتوني أنا أحمد بن محمد الصابوني "ح" وأنا أبو الحسين اليونيني وغيره قالوا: أنا جعفر بن علي قالا: أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو عبد الله الثقفي أنا أبو حازم الحافظ إملاء نا أبو عمرو بن مطر نا إبراهيم بن علي نا يحيى بن يحيى قلت لمالك: حدثك عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة {{عنه}} أن رسول الله {{صلل}} كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة رسول الله {{صلل}} من أبي العاص بن الربيع فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها؟ قال: نعم.
 
980- 5/13/2
 
===البرقاني===
 
الإمام الحافظ شيخ الفقهاء والمحدثين أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني الشافعي شيخ بغداد.
 
سمع من أبي العباس بن حمدان بخوارزم، ومن أبي علي بن الصواف وأبي بكر بن الهيثم وطبقتهم ببغداد، ومن أبي بكر الإسماعيلي بجرجان، ومن محمد بن عبد الله بن خميرويه بهراة، ومن أبي عمرو بن حمدان بنيسابور، ومن أبي بكر بن أبي الحديد بدمشق، ومن عبد الغني الأزدي وابن النحاس بمصر؛ وصنف التصانيف وخرج على الصحيحين؛ حدث عنه أبو عبد الله الصوري وأبو بكر البيهقي والخطيب وأبو إسحاق الشيرازي الفقيه وأبو القاسم بن أبي العلاء وسليمان بن إبراهيم الحافظ وأبو طاهر أحمد بن الحسن الكرخي وأبو الفضل بن خيرون ويحيى بن بندار ومحمد بن عبد السلام الشافعي الأنصاري وآخرون.
 
قال الخطيب: كان ثقة ورعًا ثبتًا لم نر في شيوخنا أثبت منه، عارفًا بالفقه له حظ من علم العربية كثير، صنف مسندًا ضمنه ما اشتمل عليه صحيح البخاري ومسلم، وصنف حديث الثوري وشعبة وعبيد الله بن عمر وعبد الملك بن عمير وبيان بن بشر ومطر الوراق، ولم يقطع التصنيف حتى مات، وكان حريصًا على العلم منصرف الهمة إليه، سمعته يقول لرجل من الفقهاء الصلحاء: ادع الله لي أن ينزع شهوة الحديث من قلبي، فإن حبه قد غلب عليَّ فليس لي اهتمام إلا به.
 
وقال أبو القاسم الأزهري: البرقاني إمام، إذا مات ذهب هذا الشأن. وقال الخطيب: سمعت محمد بن يحيى الكرماني الفقيه يقول: ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني. وسألت الأزهري قلت: هل رأيت شيخا أتقن من البرقاني؟ قال: لا. وقال أبو محمد الخلال: هو نسيج وحده. وقال الخطيب: أنا ما رأيت شيخًا أثبت منه. وقال أبو الوليد الباجي: هو ثقة حافظ.
 
وذكر الشيخ أبو إسحاق في طبقات الشافعية فقال: ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وسكن بغداد وبها مات في أول رجب سنة خمس وعشرين وأربعمائة. ثم قال: تفقه في حداثته وصنف في الفقه ثم اشتغل في علم الحديث فصار فيه إماما. قال البرقاني: دخلت أسفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم فضاعت الدنانير وبقي الدرهم فدفعته إلى خباز فكنت آخذ منه كل يوم رغيفين وآخذ من بشر بن أحمد جزءًا فأكتبه وأفرغه بالعشي، فكتبت ثلاثين جزءًا ونفد ما عند الخباز فسافرت. قال الخطيب: حدثني أحمد بن غانم وكان صالحًا قال: نقلت البرقاني من بيته فكان معه ثلاثة وستون سفطًا وصندوقان كل ذلك مملوء كتبًا.
 
قلت: وتوفي معه في السنة، سنة خمس وعشرين مسند العراق أبو علي الحسن بن أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان البغدادي البزاز وله سبع وثمانون سنة، ومسند همذان أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن بندار بن شبانة، ومسند دمشق أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر الجوبري، ومحدث دمشق ومفيدها أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمران الجبان المزي الشروطي، قال الكتاني: توفي أستاذنا أبو نصر بن الجبان في شوال وصنف كتبًا كثيرة، ومسند أصبهان أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم بن مصعب التاجر.
 
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن أنا أبو محمد بن قدامة أنا يحيى بن ثابت أنا أبي "ح" قال ابن قدامة: وأنا محمد بن عبد الباقي أنا أحمد بن الحسن قالا: أنا أبو بكر أحمد بن محمد الخوارزمي قرأت على أبي العباس بن حمدان: حدثكم الحسن بن علي السري نا أحمد بن يونس نا عاصم بن محمد حدثني واقد بن محمد حدثني سعيد بن مرجانة قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله، {{صلل}}: "أيما امرئ مسلم أعتق امرأً مسلمًا، استنقذ الله بكل عضو منه عضوًا من النار". <ref> رواه البخاري في العتق باب 1. ومسلم في العتق حديث 24. وأحمد في مسنده "2/ 525".</ref>
 
قال سعيد: فانطلق بالحديث إلى علي بن الحسين فعمد إلى عبد له قد أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف فأعتقه. أخرجه البخاري عن محمد صاعقة عن داود بن رشيد عن الوليد بن مسلم عن محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن علي بن الحسين عن سعيد بن مرجانة. فكأن شيخنا سمعه من صاحب الفربري، عندي مصافحات البرقاني بالسماع العالي ولله المنة.
 
981- 6/13/2
 
===ابن الفرضي===
 
الحافظ الإمام الحجة أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر القرطبي صاحب تاريخ الأندلس.
 
أخذ عن أبي عبد الله بن مفرج الحافظ وأبي جعفر بن عون "الله" وخلف بن القاسم وعباس بن أصبغ وخلق كثير من أهل الجزيرة، وحج فسمع من أبي بكر أحمد بن محمد ابن المهندس والحسن بن إسماعيل الضراب وأبي مسلم الكاتب ويوسف بن الدخيل المكي وأبي محمد بن أبي زيد المغربي وأحمد بن نصر الداودي وطبقتهم؛ وله تصنيف مفرد في شعراء أهل الأندلس، وكتاب في المؤتلف والمختلف، وكتاب في مشتبه النسبة، وغير ذلك. روى عنه أبو عمر بن عبد البر وقال: كان فقيهًا عالمًا في جميع فنون العلم وفي الحديث والرجال، أخذت معه عن أكثر شيوخي وكان حسن الصحبة والمعاشرة قتلته البربر فيمن قتلوا وبقي ملقى في داره ثلاثة أيام.
 
وقال أبو مروان بن حيان: لم نر مثل ابن الفَرَضي بقرطبة في سعة الرواية وحفظ الحديث ومعرفة الرجال والافتنان في العلوم والأدب البارع، مولده سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وحج سنة اثنتين وثمانين، وجمع من الكتب كثيرًا، ولي قضاء بلنسية، وكان حسن البلاغة والخط، تقلد قراءة الكتب للدولة.
 
قال الحميدي: نا أبو محمد علي بن أحمد الحافظ أخبرني أبو الوليد بن الفرضي قال: تعلقت بأستار الكعبة وسألت الله الشهادة ثم انحرفت قال: فتفكرت في هول القتل فندمت وهممت أن أرجع فأستقيل الله فاستحييت. قال أبو محمد: فأخبرني من رآه بين القتلى ودنا منه فسمعه يقول بصوت ضعيف: لا يكلم أحد في سبيل الله -والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا، اللون لون الدم والريح ريح المسك، كأنه يعيد ذلك الحديث على نفسه، ثم قضى على أثر ذلك. وقال ابن حبان: قتل يوم أخذ قرطبة ثم ووري متغبرًا من غير غسل ولا كفن ولا صلاة. وقال [[ابن حزم]]: هذا له:
 
إن الذي أصبحت طوع يمينه إن لم يكن قمرا فليس بدونه
 
ذلي له في الحب من سلطانه وسقام جسمي من سقام جفونه
 
وقال [[أبو عمر بن عبد البر]]: أنشدنا أبو الوليد لنفسه:
 
أسير الخطايا عند بابك واقف على وجل مما به أنت عارف
 
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبها ويرجوك فيها فهو راج وخائف
 
ومن ذا الذي يرجى سواك ويتقى وما لك في فصل القضاء مخالف
 
فيا سيدي لا تخزني في صحيفتي إذا نشرت يوم الحساب الصحائف
 
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما يصد ذوو ودي ويجفو المؤالف
 
لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي أرجى لإسرافي فإني لتالف
 
قتل سنة ثلاث وأربعمائة.
 
'''وفيها مات''' ببغداد المسند أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن هشام الصرصري أحد الثقات، وشيخ الحنابلة أبو عبد الله الحسن بن حامد البغدادي الوراق، وصاحب التصانيف وعالم ما وراء النهر القاضي الحليمي، والمسند أبو علي الحسين بن محمد بن محمد الروذباري الطوسي راوي سنن أبي داود، وفقيه أهل المغرب أبو الحسن القابسي، وعالم العراق القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن الباقلاني الأصولي صاحب الكتب، وكان من أوعية العلم.
 
982- 7/13/2
 
===القابسي===
 
الحافظ المحدث الفقيه الإمام علامة المغرب، أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري الفروي.
 
أخذ بأفريقية عن ابن مسرور الدباغ ودارس بن إسماعيل، وبمصر عن حمزة بن محمد الحافظ وأبي زيد المروزي وهذه الطبقة، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وكان حافظًا للحديث والعلل بصيرًا بالرجال عارفًا بالأصلين رأسًا في الفقه وكان ضريرًا وكتبه في نهاية الصحة، كان يضبطها له ثقات أصحابه، والذي ضبط له الصحيح بمكة على أبي زيد صاحبه أبو محمد الأصيلي.
 
ذكره حاتم الطرابلسي فقال: كان زاهدًا ورعًا لم أر بالقيروان أحدًا إلا معترفًا بفضله، تفقه عليه أبو عمران الفاسي وأبو القاسم الكبيدي وعتيق السوسي وغيرهم، وله تواليف بديعة ككتاب الممهد في الفقه وأحكام الديانات، والمنقذ من شبه التأويل، وكتاب المنبه للفطن من غوائل الفتن، وملخص الموطأ، وكتاب المناسك، وعقائد، وسوى ذلك وإنما قيل له: القابسي لأن عمه كان يشد عمامته شد أهل قابس.
 
وممن روى عنه أبو محمد عبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري شيخ الرازي، والحافظ أبو عمرو الداني وقال: أخذ القراءة عرضًا عن أبي الفتح بن بدهن، وعليه كان اعتماد قراء أهل القيروان، ثم قطع الإقراء لما بلغه أن تلميذًا له أقرأ الوالي ثم أعمل نفسه في الفقه حتى صار إمام زمانه، كتبت عنه شيئًا كثيرًا، ارتحل سنة اثنتين وخمسين فغاب خمسة أعوام. قال حاتم: توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة بمدينة القيروان وبات عند قبره خلق كثير وضربت الأخبية لهم ورثته الشعراء، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا قاضي القضاة علم الدين محمد بن أبي بكر الشافعي أنا أحمد بن عمر بن جعفر الباهي أنا عثمان بن حسن الكلبي أنا خلف بن عبد الملك الحافظ أنا أبو محمد بن عتاب نا حاتم بن محمد أنا أبو الحسن القابسي أنا علي بن محمد بن مسرور أنا أحمد بن أبي سليمان نا سحنون بن سعيد نا عبد الرحمن بن القاسم نا مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أمه عن عائشة أن رسول الله {{صلل}} أمر أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت.
 
983- 8/13/2
 
===الوليد بن بكر بن مخلد===
 
الحافظ العالم الرحال، أبو العباس العمري الأندلسي السرقسطي.
 
رحل من أقصى الأندلس إلى خراسان وحدث بكتاب معرفة الرجال لأحمد بن عبد الله العجلي عن علي بن أحمد بن الخصيب، وحدث عن الحسن بن رشيق ويوسف الميانجي وأبي بكر الربعي وأحمد بن جعفر الرملي. روى عنه الحافظ عبد الغني المصري وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي وأبو الطيب أحمد بن علي الكوفي وأبو الحسن العتيقي وأبو سعد السمان وأحمد بن منصور بن خلف المغربي والحسن بن جعفر السلماسي وغيرهم، وله شعر جيد. قال أبو الوليد بن الفرضي: كان إمامًا في الحديث والفقه عالمًا باللغة والعربية، لقي في رحلته فيما ذكر أزيد من ألف شيخ، وكان أبو علي الفارسي يرفعه ويثني عليه خيرًا.
 
وقال أبو عبد الله الحاكم: سكن نيسابور مدة، وهو مقدم في الأدب شاعر فائق، توفي بالدينور في رجب سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. وقال الحافظ عبد الغني: هو الغمري بغين معجمة حدثنا بتاريخ العجلي. وقال الحسن بن شريح: هو عمري ولكنه دخل أفريقية وبقي ينقط العين حتى يسلم -يعني من دولة الرفض- قال: وهو مؤدبي وقال: إذا رجعت إلى الأندلس جعلت النقطة التي على العين ضمة. قال الخطيب: ثقة كثير السماع ذكره ابن الدباغ في طبقات الحفاظ.
 
أخبرنا قاضي القضاة أبو الربيع بن قدامة وعيسى بن أبي محمد العطار قالا: أنا جعفر بن أبي الحسن أنا أبو طاهر الحافظ أنا ثابت بن بندار المقرئ أنا الحسن بن جعفر السلماسي أنا الوليد بن بكر أنا علي بن أحمد الهاشمي نا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي حدثني أبي نا داود بن يحيى بن يمان عن أبيه عن سفيان قال: ما بالكوفة شاب أعقل من أبي أسامة. وحدثني أبي أحمد قال: مات أبو أسامة بالكوفة في شوال سنة إحدى ومائتين وحضرت جنازته وصلى عليه محمد بن إسماعيل بن علي الهاشمي وكبر عليه أربعًا. قلت: محمد هذا هو ابن عم المنصور.
 
984- 9/13/2
 
===السرخسي===
 
الحافظ الرحال أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر.
 
قال الخطيب: سمع وكتب الكثير ولم يروِ إلا اليسير، روى عن أبي محمد بن السقاء وكان ثقة.
 
أنبأنا أبو الغنائم العلاني أنا أبو اليمن الكندي أنا أبو منصور القزاز أنا أبو بكر الخطيب حدثني الخلال لفظًا أنا علي أحمد السرخسي الحافظ من حفظه وما كتبت عنه سواه نا عبد الله بن عثمان الواسطي "ح" وبه قال الخطيب، ونا القاضي نا عبد الله، سمعت أبا هاشم أيوب بن محمد خطيبنا بواسط، سمعت أبا عثمان المازني يقول: نا سيبويه عن الخليل بن أحمد عن ذر عن الحارث عن علي {{عهس}} قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة". قال الخطيب: والخليل لم يلحق ذرًَّا. قال الخلال: مات السرخسي في جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وثلاثمائة.
 
985- 10/13/2
 
===البحيري===
 
الحافظ الإمام الثقة أبو عمرو محمد ابن الشيخ أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير بن نوح النيسابوري المزكي.
 
سمع أباه صاحب ابن خزيمة والقاضي يحيى بن منصور وعبد الله بن محمد الكعبي ومحمد بن المؤمل بن الحسن وأبا بكر القطيعي وطبقتهم، وله أربعون حديثًا وقعت لي بعلو، وأربعون أخرى رواهما عنه ولده أبو عثمان البحيري؛ وحدث عنه أبو العلاء الواسطي ومحمد بن شعيب الروياني؛ قال الحاكم: كان من حفاظ الحديث المبرزين في المذاكرة، توفي في شعبان سنة ست وتسعين وثلاثمائة عن ثلاث وستين سنة.
 
قرأت على أحمد بن هبة الله عن زينب الشعرية أنا عبد المنعم بن القشيري أنا سعيد بن محمد أنا أبي أبو عمرو أنا أبو حامد أحمد بن الحسن الجلودي نا علي بن الحسن الدارابجردي نا عبد المجيد -هو ابن أبي رواد- نا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "يا أيها الناس إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه، فلا تستبطئوا الرزق، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم". <ref> رواه ابن ماجه في التجارات باب 2.</ref>
 
986- 11/3/2
 
===اللالكائي===
 
الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي الحافظ الفقيه الشافعي محدث بغداد.
 
سمع جعفر بن عبد الله بن فناكي وأبا القاسم عيسى بن علي الوزير وأبا طاهر المخلص وأبا الحسن بن الجندي وعلي بن محمد القصار والعلاء بن محمد وطبقتهم، وتفقه بأبي حامد الأسفراييني؛ قال الخطيب: كان يفهم ويحفظ، وصنف كتابًا في السنة، وكتابًا في رجال الصحيحين، وكتابًا في السنن، وعاجلته المنية: خرج إلى الدينور فأدركه أجله بها في رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة.
 
قلت: حدث عنه أبو بكر الخطيب وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي وغير واحد، قال الخطيب: حدثني علي بن الحسين بن جد العكبري قال: رأيت هبة الله الطبري في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال كلمة خفية: بالسنة.
 
قلت: وفي سنته مات بأصبهان المسند أبو علي أحمد بن إبراهيم بن يزداذ غلام محسن، وبنيسابور العلامة الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأسفراييني صاحب التصانيف ركن الدين، والمسند الإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله النيسابوري السراج، وبدمشق المحدث أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني، وقيل: إنه كتب بقنطار حبر، وقد ضعف؛ وبنسا مفتيها أبو بكر محمد بن زهير بن أخطل الشافعي، سمع الأصم وعدة، وببغداد المسند أبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد بن الروزبهان صاحب علي بن الفضل السقوري، وبأصبهان شيخ الصوفية أبو منصور معمر بن أحمد بن محمد بن زياد، ومحدث دمشق أبو الحسن مكي بن محمد بن الغمر التميمي، لقي في رحلته القطيعي.
 
أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الوهاب التنوخي بالثغر أنا مظفر بن عبد الملك أنا أحمد بن محمد الحافظ "ح" وأنا العز بن الفراء أنا الشيخ الموفق سنة ست عشرة وستمائة أنا أبو الفتح بن البطي قالا: أنا أحمد بن علي الصوفي أنا هبة الله بن الحسن الحافظ أنا عبد الله بن مسلم وعمرو بن زكار قالا: نا أبو عبد الله المحاملي نا محمد بن عثمان بن كرامة نا خالد بن مخلد نا سليمان بن بلال حدثني شريك بن عبد الله عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن الله تعالى يقول: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب". <ref> رواه البخاري في الرقاق باب 38.</ref>
 
وأخبرناه الأبرقوهي أنا ابن سابور أنا عبد العزيز الأدمي أنا رزق الله التميمي أنا ابن مهدي نا ابن مخلد نا ابن كرامة بهذا، وقال: فقد آذنني. رواه البخاري في صحيحه عن ابن كرامة، ورواه أبو العباس الثقفي عن ابن كرامة، فهؤلاء الأربعة من الثقات رووه عن محمد، وهو مما انفرد به وليس هو في مسند أحمد على كبره.
 
987- 12/13/2
 
===اليزدي===
 
الحافظ الإمام البارع أبو بكر أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن منجويه الأصبهاني اليزدي نزيل نيسابور.
 
سمع أبا بكر الإسماعيلي وأبا بكر بن المقرئ وأبا مسلم عبد الرحمن بن محمد بن شهدل وأبا عبد الله بن منده وأبا عمرو بن حمدان وهذه الطبقة، روى عنه الحسن بن ثعلب الشيرازي وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي وأبو القاسم عبد الرحمن بن منده وسعيد البقال وعلي بن أحمد الأخرم المؤذن وأبو بكر الخطيب وأبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤذن وعدة.
 
روى عنه أبو إسماعيل الأنصاري مرة فقال: أنا أبو بكر الأصبهاني، أحفظ من رأيت من البشر. وقال أيضًا: رأيت في حضري وسفري حافظًا ونصفًا، فالحافظ أحمد بن علي الأصبهاني وأما نصف حافظ فأحمد بن محمد الجارودي. قال أبو زكريا بن منده: كتب عنه عمي عبد الرحمن كتاب السنة له الذي خرجه على سنن أبي داود، وكان عمي يثني عليه كثيرا، وقد سمعت منه المسندات الثلاثة التي للحسن بن سفيان.
 
قلت: وقد صنف أيضًا على الصحيحين وعلى جامع أبي عيسى، وكان إمامًا في هذا الشأن واسع الحفظ ارتحل إلى بخارى وسمرقند وهراة وجرجان والري ونيسابور وما أراه وصل إلى العراق؛ مات في خامس المحرم سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة وله إحدى وثمانون سنة.
 
'''وفيها مات''' فقيه العراق أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان البغدادي القدوري شيخ الحنفية، والعلامة أبو علي الحسن بن شهاب العكبري الحنبلي صاحب الخط البديع، قال: كنت أنسخ ديوان المتنبي وأبيعه بمائتي درهم، وشيخ الفلسفة الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا البخاري، مات بهمذان عن ثلاث وخمسين سنة، ومسند بغداد أبو عمرو عثمان بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف، ومحدث دمشق ومفيدها أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الحنائي الزاهد القدوة، ومفتي بغداد الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي الحنبلي مصنف الإرشاد، وشيخ الصوفية أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن باكويه بشيراز، وشاعر وقته أبو الحسن مهيار بن مرزويه الديلمي الكاتب.
 
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حازم المقدسي أنا محمد بن غسان أنا سعيد بن سهل الزاهد أنا علي بن أحمد المديني المؤذن أنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ أنا محمد بن أحمد النحوي أنا الحسن بن سفيان أنا أبو بكر بن أبي شيبة أنا إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء بن السائب عن حكيم بن أبي يزيد عن أبيه قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "دعوا الناس فليرزق الله بعضهم من بعض، وإذا استنصح الرجل الرجل فلينصحه". هذا حديث فرد مداره على عطاء وليس لأبي يزيد سوى هذا الحديث. أخرجه أحمد بن حنبل وبقي بن مخلد في مسنديهما.
 
988
 
===أحمد بن علي===
 
الحافظ أبو بكر الرازي ثم الأسفراييني، ثقة مفيد.
 
خرج لجماعة من الشيوخ وعني بهذا الشأن وحدث عن زاهر بن أحمد الفقيه وشافع بن محمد وأبي محمد المخلدي وأبي الفضل محمد بن أحمد الخطيب المروزي. روى عنه أبو صالح المؤذن وغيره؛ مات قبل الثلاثين وأربعمائة.
 
قرأت على أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أنا أبو القاسم المستملي أنا الإمام أحمد البيهقي أنا أبو حامد أحمد بن علي الأسفراييني أنا زاهر بن أحمد نا أبو بكر بن زياد نا عبد الرحمن بن بشر نا يحيى بن سعيد عن سليمان التيمي نا بكر بن عبد الله عن أبي رافع أن ليلى بنت العجماء مولاته قالت: هي يهودية وهي نصرانية وكل مملوك لها محرر إن لم يطلق امرأته، إن تفرق بينهما، فأبى فانطلقت معه إلى ابن عمر فقال ابن عمر: كفري عن يمينك وخلي بين الرجل وامرأته، الحديث.
 
989- 14/13/2
 
===عطية بن سعيد===
 
الحافظ شيخ الإسلام، أبو محمد الأندلسي المغربي القفصي الصوفي.
 
قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءات عن جماعة، وعرض بالأندلس على أبي الحسن علي بن محمد بن بشر، وبمصر على عبد الله بن الحسين -يعني السامري- ودخل الشام والعراق وخراسان وكتب الحديث الكثير وكان ثقة كتب معنا بمكة عن أحمد بن فراس. وقال الخطيب: قدم بغداد وحدث عن زاهر السرخسي وعلي بن الحسين الأذني حدثني عنه أبو الفضل بن المهدي وقال: كان زاهدًا لا يضع جنبه إنما ينام محتبيًا قلت: وسمع بما وراء النهر الصحيح من إسماعيل بن حاجب صاحب الفربري ورواه بمكة، وسمع بالأندلس من الإمام عبد الله بن محمد الباجي، وسمع بالقيروان من عبد الله بن خيران ونحوهم، فأكثر وبرع في هذا الشأن.
 
قال الحميدي: أقام بنيسابور مدة وكان صوفيًّا على قدم التوكل والإيثار، عاد إليه أصحاب السلمي. وقال عبد العزيز بن بندار الشيرازي: صحبته مدة ببغداد وكان من الإيثار والكرم على أمر عظيم يقتصر على فوطة ومرقعة، وكان قد جمع كتبًا حملها على بخاتي كثيرة فرافقته وخرجنا إلى الياسرية وليس معه إلا وطاؤه وركوته ومرقعته فعجبت من حاله، فلما بلغنا المنزلة ذهبنا نتخلل الرفاق فإذا شيخ خراساني حوله حشم فقال لنا: انزلوا بمجلسنا؛ فأحضر سفرة فأكلنا وقمنا، فلم يزل على هذه الحال يتفق لنا كل يوم من يطعمنا ويسقينا إلى مكة وما حملنا شيئًا. وحدث بصحيح البخاري بمكة وكان يتكلم على الرجال وأحوالهم فيتعجب من حضر، وتوفي بمكة سنة ثمان وأربعمائة أو نحوها. قال الحميدي: له كتاب في تجويز السماع فكان كثير من المغاربة يتحامونه لذلك، وصنف طرق حديث المغفر في أجزاء عدة. نا أبو غالب بن بشران نا عطية نا القاسم بن علقمة نا بهز، فذكر حديثًا. قلت: رزق القبول الوافر بنيسابور، وسكنها مدة.
 
أخبرنا أبو الفضل بن تاج الأمناء أنا أبو المظفر بن السمعاني أنا عثمان بن علي البيكندي نا أبو الخطاب محمد بن إبراهيم الطبري إملاء سنة ثمانين وأربعمائة نا مكي بن عبد الرزاق نا عطية بن سعيد الزاهد بمكة نا علي بن الحسن الصقلي، سمعت عبد الواحد بن محمد الأصبهاني، سمعت أبا الحسن بن هند الفارسي يقول: اجتهد لا تفارق باب سيدك بحال؛ فإنه ملجأ للكل، فمن فارق تلك السدة لا يرى بعدها لقدميه قرارًا ولا مقامًا.
 
990- 15/13/2
 
===حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن أحمد===
 
الحافظ الإمام الثبت، أبو القاسم القرشي السهمي الجرجاني من ذرية هشام بن العاص، {{عنه}}.
 
أول سماعه بجرجان كان في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة من أبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام، وأول رحلته كان في سنة ثمان وستين، دخل أصبهان والري وبغداد والبصرة والكوفة وواسط والأهواز والشام ومصر والحجاز وغير ذلك.
 
حدث عن ابن عدي والصرام والإسماعيلي وأبي بكر بن المقرئ وابن ماسي وأبي حفص الزيات والدارقطني وأحمد بن عبدان وأبي محمد بن غلام الزهري وأبي الفضل بن حنزابة الوزير وأبي زرعة محمد بن يوسف الكشي وأبي زرعة أحمد بن الحسين الرازي وأبي زرعة الأستراباذي وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي وخلائق، وصنف التصانيف، وجرح وعدل وصحح وعلل.
 
روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤذن وأبو القاسم القشيري وأبو القاسم إسماعيل بن مسعدة وأبو بكر بن خلف الشيرازي وإبراهيم بن عثمان الجرجاني والمفيد علي بن محمد الزبحي وروى الخطيب عن رجل عنه. توفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وبعضهم أرخه سنة ثمانٍ.
 
و'''مات''' في سنة سبع العلامة أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي المفسر في المحرم، والمحدث أبو عبد الله محمد بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي بنيسابور، سمع حامدًا الرفاء ورحل، والحافظ أبو الفضل علي بن الحسين الفلكي، وأخرته إلى الطبقة الآتية.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد المعز البزاز أنا زاهر بن طاهر نا علي بن محمد الجرجاني نا حمزة بن يوسف أنا محمد بن عبد الرحمن الطلقي نا أبو نعيم عبد الملك بن محمد أنا علي بن عثمان بن نفيل نا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفرًا من أصحاب رسول الله {{صلل}} فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عملنا به، فأنزل الله: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} قال عبد الله بن سلام: قرأها علينا رسول الله {{صلل}} هكذا، قال أبو سلمة: قرأها علينا ابن سلام وذكر سلسلة قراءتها إلى زاهر.
 
991- 16/13/ 2
 
{{ع3|ابن ميمون وأبو إسحاق بن شنظير}}
 
الصاحبان الحافظان أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد بن عبيدة الأموي الطليطلي المعروف '''بابن ميمون'''، ورفيقه ونظيره '''أبو إسحاق بن شنظير''': سمع ابن ميمون بطليطلة من عبد الله بن أمية وخلق، وبقرطبة مع صاحبه أبي إسحاق من أبي جعفر بن عون الله وأبي عبد الله بن مفرج وعباس بن أصبغ وأبي محمد بن عبد المؤمن، وارتحلا إلى المشرق فحجا وسمعا من أبي بكر المهندس وأبي عدي عبد العزيز بن علي ابن المقرئ وأبي بكر الأدفوي وخلائق، ثم رجع ابن ميمون إلى بلده ورحل الناس إليه؛ قال ابن مظاهر: كان من أهل العلم والفهم حافظًا للفقه راوية للحديث دقيق الذهن في جميع العلوم ذا أخلاق وآداب مع الفضل والزهد الفائق والورع مقبلا على طريق الآخرة لم يتأهل، قلما يجوز عليه في كتبه مع كثرتها وهم ولا خطأ، كانت كتبه وكتب صاحبه أصح كتب بطليطلة، مات في شعبان سنة أربعمائة وصلى عليه صاحبه، عاش سبعًا وأربعين سنة.
 
992- 17/13/2
 
{{ع3|أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حسين بن شنظير الأموي}}
 
وصاحبه الحافظ الأوحد '''أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حسين بن شنظير الأموي'''.
 
قال ابن بشكوال: كانا كفرسي رهان في العناية الكاملة بالعلم والبحث على الرواية وضبطها، سمعا بطليطلة من لحق بها، وبقرطبة ومصر والحجاز، كان أبو إسحاق صوامًا قوامًا ورعًا غلب عليه علم الحديث ومعرفة طرقه، إلي أن قال: وكان سنيًّا منافرًا لأهل البدع، ما رئي أزهد منه ولا أوقر مجلسًا، رحل الناس إليهما ثم انفرد أبو إسحاق بالمجلس. توفي يوم النحر سنة اثنتين وأربعمائة وله خمسون عامًا.
 
993- 18/13/1
 
===أبو نعيم===
 
الحافظ الكبير محدث العصر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران المهراني الأصبهاني الصوفي الأحول، سبط الزاهد محمد بن يوسف البناء.
 
ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وأجاز له مشايخ الدنيا سنة نيف وأربعين وثلاثمائة وله ست سنين، فأجاز له من واسط المعمر عبد الله بن عمر بن شوذب، ومن نيسابور شيخها أبو العباس الأصم، ومن الشام شيخها خيثمة بن سليمان الأطرابلسي، ومن بغداد جعفر الخلدي وأبو سهل بن زياد وطائفة تفرد في الدنيا بإجازتهم، كما تفرد بالسماع من خلق، ورحلت الحفاظ إلى بابه لعلمه وحفظه وعلو أسانيده، أول ما سمع في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة من مسند أصبهان المعمر أبي محمد بن فارس، وسمع من أبي أحمد العسال وأحمد بن معبد السمسار وأحمد بن بندار العشار وأحمد بن محمد القصار وعبد الله بن الحسن بن بندار وأبي بكر بن الهيثم البندار وأبي بحر بن كوثر وأبي بكر بن خلاد النصيبي وحبيب القزاز وأبي بكر الجعابي وأبي القاسم الطبراني وأبي بكر الآجري وأبي علي بن الصواف وإبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم الكوفي وعبد الله بن جعفر الجابري وأحمد بن الحسن اللكي وفاروق الخطابي وأبي الشيخ بن حيان وخلائق بخراسان والعراق، فأكثر وتهيأ له من لقي الكبار ما لم يقع لحافظ؛ روى عنه كوشيار بن لياليزور الجيلي ومات قبله ببضع وثلاثين سنة، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني وأبو سعد الماليني والحفاظ: الخطيب وأبو صالح المؤذن وأبو علي الوخشي وأبو بكر محمد بن إبراهيم العطار وسليمان بن إبراهيم وهبة الله بن محمد الشيرازي ومحمد بن الحسن البكري بآمل، وبنجير بن عبد الغفار بهمذان، وأبو بكر محمد بن سباسي القاضي وجماعة بالري، وأبو بكر الأرموي بتنيس، وأبو بكر السمنطاري بصقلية، وأبو عمرو بن القنابط بالأندلس ونوح بن نصر الفرغاني ويوسف بن الحسن التفكري وأبو الفضل حمد الحداد وأخوه أبو علي المقرئ وعبد السلام بن أحمد القاضي المفسر ومحمد بن بيا وأبو سعد المطرز وغانم البرجي وأبو منصور محمد بن عبد الله الشروطي وخلق كثير سمع منهم السلفي، وأبو طاهر عبد الواحد بن محمد الدشتي الذهبي خاتمة أصحابه.
 
قال الخطيب: لم أر أحدًا أطلق عليه اسم الحافظ غير أبي نعيم وأبي حازم العبدوي. قال علي بن المفضل الحافظ: قد جمع شيخنا السلفي أخبار أبي نعيم فسمى نحوًا من ثمانين نفسًا حدثوه عنه، وقال: لم يصنف مثل كتابه "حلية الأولياء" سمعناه على أبي المظفر القاشاني عنه سوى فوت يسير. قال أحمد بن محمد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته مرحولًا إليه، لم يكن في أفق من الآفاق أحد أحفظ منه ولا أسند منه، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده وكل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريد إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء، وكان لا يضجر، لم يكن له غذاء سوى التسميع والتصنيف.
 
وقال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي الحافظ أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد شرقًا ولا غربًا أعلى إسنادًا منه ولا أحفظ منه، وكانوا يقولون: لما صنف كتاب الحلية حمل الكتاب في حياته إلى نيسابور فاشتروه بأربعمائة دينار، وقد روى الإمام أبو عبد الرحمن السلمي مع تقدمه في طبقات الصوفية له: أخبرنا عبد الواحد بن أحمد الهاشمي أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله أنا محمد بن علي بن حبيش ببغداد، فذكر حديثًا.
 
ومن هذا الأنموذج ما رواه بصور الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي قال: أنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن خنيس الفقيه بصور قال: أنا أبو بكر عتيق بن علي بن داود الصقلي السمنطاري الزاهد مؤلف كتاب "دليل القاصدين" أنا أبو نعيم، فذكر حديثًا رواه أبو الحجاج الحافظ.
 
أنا محمد بن عبد الخالق الأموي أنا علي بن المفضل الحافظ أنا عبد الوهاب بن محمد بن عبد العزيز البرقي أنا عمر بن يوسف القيسي بن الحذاء أنا عتيق بن علي أنا أبو نعيم نا ابن خلاد نا محمد بن غالب التمتام نا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي {{صلل}} قال: "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله".
 
ويقع لنا أعلى بدرجات في موطأ أبي مصعب وفي نسخة أبي الجهم عن الليث بن سعد. السلفي: سمعت محمد بن عبد الجبار الفرساني يقول: حضرت مجلس أبي بكر بن أبي علي المعدل في صغري مع أبي، فلما فرغ من إملائه قال إنسان: من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم فليقم؛ وكان مهجورًا في ذلك الوقت بسبب المذهب، وكان بين الحنابلة والأشعرية تعصب زائد يؤدي إلى فتنة وقال وقيل وصداع، فقام إلى ذلك الرجل أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام وكاد أن يقتل.
 
قال أبو القاسم بن عساكر: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أن السلطان محمود بن سبكتكين لما استولى على أصبهان أمَّر عليها واليًا ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي فقتلوه فرد إليها السلطان وأمنهم حتى اطمأنوا ثم هجم عليهم يوم الجمعة وهم في الجامع فقتل منهم مقتلة عظيمة، فسلم أبو نعيم مما جرى عليهم وكان ذلك من كرامته، يعني أنه كان مختفيًا. قال الحافظ ابن طاهر المقدسي: سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: رأيت بخط أبي بكر الخطيب، سألت محمد بن إبراهيم العطار مستملي أبي نعيم عن جزء محمد بن عاصم: كيف قرأته على أبي نعيم؟ قال: أخرج إليَّ نسخته، وقال: هو سماعي؛ فقرأته عليه.
 
قال الخطيب: قد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها، منها أنه يقول في الإجازة: أخبرنا من غير أن يبين. قال الحافظ ابن النجار: جزء محمد بن عاصم قد رواه الأثبات عن أبي نعيم، والحافظ الصدوق إذا قال: هذا الكتاب سماعي، جاز أخذه عنه بإجماعهم.
 
قلت: وقول الخطيب: كان يتساهل في الإجازة، إلى آخره، فهذا ربما فعله نادرا فإني رأيته كثيرًا ما يقول: كتب إلى جعفر بن الخلدي، و:كتب إلى أبي العباس الأصم، و: أنا أبو الميمون بن راشد في كتابه، ولكني رأيته يقول: أنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه، فالظاهر أن هذا إجازة. وحدثني أبو الحجاج الحافظ أنه رأى بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي قال: وجدت أبي الحجاج يوسف بن خليل أنه قال: رأيت أصل سماع أبي نعيم بجزء محمد بن عاصم.
 
قلت: فبطل ما تخيله الخطيب. قال يحيى بن منده الحافظ: سمعت أبا الحسين القاضي يقول: سمعت عبد العزيز النخشبي يقول: لم يسمع أبو نعيم مسند الحارث بن أبي أسامة بتمامه من ابن خلاد فحدث به كله، قال ابن النجار: وهم في هذا فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة وعليها خط أبي نعيم يقول: سمع مني فلان إلى آخر سماعي من هذا المسند من ابن خلاد؛ فلعله روى باقيه بالإجازة؛ ثم تمثل ابن النجار ببيت:
 
لو رجم النجم جميع الورى لم يصل الرجم إلى النجم
 
ولأبي نعيم تصانيف مشهورة ككتاب معرفة الصحابة، وكتاب دلائل النبوة في مجلدين، وكتاب المستخرج على البخاري، والمستخرج على مسلم، وكتاب تاريخ أصبهان، وصفة الجنة، وكتاب الطب، وكتاب فضائل الصحابة، وكتاب المعتقد، وأشياء صغار سمعنا بعضها يعمل فيها الواهيات ويكاسر عنها كدأب غيره من المحدثين، والله الموعد. ولأبي عبد الله بن منده حط على أبي نعيم صعب من قبل المذهب، كما للآخر حط عليه لا ينبغي أن يلتفت إلى ذلك للواقع الذي بينهما.
 
مات أبو نعيم في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة عن أربع وتسعين سنة، فهو والبرقان وأبو ذر والصوري أهل الطبقة التاسعة من أربعين الطبقات لابن المفضل.
 
'''وفيها مات''' مسند العراق الواعظ أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران البغدادي، والأديب أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث التميمي الأصبهاني بنيسابور، والمفسر أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير الذي قرأ عليه الخطيب صحيح البخاري في ثلاثة مجالس، وعالم المغرب أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي نزيل القيروان.
 
أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه عن مسعود بن أبي منصور "ح" وقرأت على أحمد بن محمد المؤدب أنا ابن خليل أنا مسعود أنا أبو علي المقرئ أنا أبو نعيم الحافظ نا أحمد بن جعفر السمسار نا أحمد بن عصام نا وهب بن جرير نا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} نهى عن آطام المدينة أن تهدم. غريب.
 
994- 19/13/2
 
===الطلمنكي===
 
الحافظ الإمام المقرئ أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله بن لب بن يحيى المعافري الأندلسي، عالم أهل قرطبة.
 
ولد سنة أربعين وثلاثمائة وأول ما وجدت له في سنة اثنتين وستين، روى عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله الليثي وأبي بكر الزبيدي وأبي عبد الله بن مفرج وأحمد بن عون الله وأبي محمد عبد الله بن محمد بن علي الباجي وخلف بن محمد الخولاني وابن بشر الأنطاكي، وحج فأخذ عن أبي طاهر محمد بن محمد العجيفي بمكة ويحيى بن الحسين المطلبي بالمدينة، وأبي بكر الأدفوي وأبي حفص بن عراك وأبي بكر المهندس وأبي الطيب بن غلبون وأبي القاسم الجوهري وأبي العلاء بن ماهان، وبدمياط عن محمد بن يحيى بن عمار، وبالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد وأحمد بن رحمون ورجع إلى الأندلس بعلم جمّ.
 
روى عنه أبو عمر بن عبد البر وأبو محمد بن حزم وعبد الله بن سهل الأندلسي وغيرهم، وكان رأسًا في علم القرآن: حروفه وإعرابه وناسخه ومنسوخه وأحكامه ومعانيه، وكان ذا عناية تامة بالحديث ومعرفة الرجال حافظًا للسنن إمامًا عارفًا بأصول الديانة عالي الإسناد ذا هدى وسمت واستقامة، قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضًا عن أبي الحسن الأنطاكي وأبي الطيب بن غلبون ومحمد بن الحسين بن النعمان، وسمع من الأدفوي ولم يقرأ عليه، وكان فاضلًا ضابطًا شديدًا في السنة؛ قال خلف بن بشكوال: كان سيفًا مجردًا على أهل الأهواء والبدع قامعًا لهم، غيورًا على الشريعة، شديدًا في ذات الله، أقرأ الناس الحديث محتسبًا ويسمع الحديث وأمَّ بمسجد "متعه؟" ثم خرج إلى الثغر فتجول فيه وانتفع الناس بعلمه وقصد بلده في آخر عمره فتوفي بها، أخبرني إسماعيل بن عيسى بن بقي الججاري عن أبيه خرج علينا الطَّلَمَنْكي يومًا ونحن نقرأ عليه فقال: اقرءوا وأكثروا، فإني لا أتجاوز هذا العام؛ قلنا: لمه، يرحمك الله؟ قال: رأيت البارحة من ينشدني في النوم:
 
اغتنموا البر بشيخ ثوى يرحمه السوقة والصيد
 
قد ختم العمر بعيد مضى ليس له من بعده عيد
 
فتوفي في ذلك العام في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة. قال: كان زعرًا في إنكار المنكر فقام عليه طائفة من المخالفين وشهدوا عليه بأنه حروري يرى وضع السيف في صالحي الناس وكانوا خمسة عشر شاهدًا من الفقهاء والنبهاء، فنصره قاضي سرقسطة في عام خمس وعشرين وهو القاضي محمد بن عبد الله بن فربون "؟" فأشهد على نفسه بإسقاط الشهود.
 
و'''توفي''' معه في العام مقرئ بغداد أبو محمد الحسن بن علي بن الصقر البغدادي الكاتب عن أربع وتسعين سنة والأستاذ العلامة أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي بأسفرايين وكان يشتغل في سبعة عشر فنًّا، وشيخ الأندلس قاضي الجماعة أبو الوليد يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن الصفار القرطبي عن إحدى وتسعين سنة، ومقرئ مصر إسماعيل بن عمرو بن شداد الحداد.
 
أنبأنا عبد الله بن هارون الطائي أنا أحمد بن يزيد البقوي في كتابه عن شريح بن محمد عن أبي محمد بن حزم الحافظ أنا أحمد بن محمد الطلمنكي نا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج نا محمد بن أيوب بن الصموت نا أحمد بن عمرو البزار نا محمد بن المثنى نا معاذ بن هشام نا أبي عن قتادة عن الأسود بن سريع عن النبي {{صلل}} قال: "يعرض على الله الأصم والأحمق والهرم الذي مات في الفترة، فيقول الأصم: جاء الإسلام ولا أسمع شيئًا" <ref> رواه أحمد في مسنده "4/ 24".</ref> وذكر الحديث. هذا غريب منقطع. وجاء عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن الأسود، ولكن قتادة لم يلق الأحنف ولا سمع منه.
 
995
 
===القراب===
 
الحافظ الإمام محدث خراسان، أبو يعقوب إسحاق بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن السرخسي ثم الهروي.
 
له المصنفات الكبيرة الدالة على حفظه وسعة علمه، ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، وسمع العباس بن الفضل النضروي وجده لأمه محمد بن عمر بن حفصويه وأبا الفضل محمد بن عبد الله السياري وعبد الله بن أحمد بن حمويه وزاهر بن أحمد الفقيه وأحمد بن عبد الله النعيمي والخليل بن أحمد السجزي وأبا الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن حمزة والحسين بن أحمد الشماخي الصفار وأبا منصور محمد بن عبد الله البزاز فمن بعدهم حتى ينزل في الرواية إلى أصحابه؛ حدث عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي وأبو الفضل أحمد بن أبي عاصم الصيدلاني والحسين بن محمد بن مت وخلق، واحتج به أبو إسماعيل الأنصاري في الجرح والتعديل.
 
قال أبو النضر الفامي: زاد عدة شيوخه على ألف ومائتي شيخ وله تاريخ السنين في مجلدين، صنفه في وفيات أهل العلم من أيام النبي {{صلل}} إلى سنة موته وهي سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وله كتاب "نسيم المهج" وكتاب "الأنس والسلوة" وكتاب "شمائل العباد" إلى أن قال: وكان زاهدًا متقللًا من الدنيا {{رحمه}}.
 
أخبرنا الحسن بن علي الجوهري أنا عبد الله بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا أبو إسماعيل الحافظ أنا أبو يعقوب الحافظ أنا الخليل بن أحمد نا ابن منيع نا طالوت بن عباد نا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن بلال بن يقطر عن أبي بكرة أن رسول الله {{صلل}} أُتي بدنانير من أرض فكان يقسمها وكان كلما قبض قبضة نظر عن يمينه كأنه يؤامر أحدًا وعنده رجل أسود مطموم الشعر عليه ثوبان أبيضان بين عينيه أثر السجود فقال: يا محمد ما عدلت هذا اليوم في القسمة؛ فغضب رسول الله {{صلل}} فقال: "من يعدل عليكم بعدي؟" فقالوا: يا رسول الله ألا نقتله؟ قال: "لا". ثم قال: "هذا وأصحابه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لا يتعلقون من الإسلام بشيء".
 
996- 21/13/2
 
===المستغفري===
 
الحافظ العلامة المحدث، أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر بن الفتح النسفي صاحب التصانيف.
 
روى عن زاهر بن أحمد السرخسي وإبراهيم بن لقمان وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي صاحب ابن الضريس وعلي بن محمد بن سعيد السرخسي وجعفر بن محمد البخاري وخلائق، وكان صدوقًا في نفسه لكنه يروي الموضوعات في الأبواب ولا يوهيها، حدث عنه الحسن بن أحمد السمرقندي والحسن بن عبد الملك النسفي وإسماعيل بن محمد النوحي الخطيب وآخرون.
 
له كتاب معرفة الصحابة، وكتاب تاريخ نسف، وتاريخ كش، وكتاب الدعوات، وكتاب المنامات، وكتاب الخطب النبوية، وكتاب دلائل النبوة، وكتاب فضائل القرآن، وكتاب الشمائل، مولده بعد الخمسين وثلاثمائة، ومات بنسف في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
 
'''وفيها مات''' زاهد الأندلس حماد بن عمار القرطبي عن مائة عام، سمع من أبي عيسى الليثي، وفقيه خراسان القاضي أبو العلاء صاعد بن محمد الأستوائي الحنفي، ومسند بغداد أبو القاسم عبد الباقي بن محمد بن أحمد الطحان، ومسند نيسابور أبو حسان محمد بن أحمد بن جعفر المزكي، والمسند أبو بكر محمد بن عمر بن بكير النجار ببغداد.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله عن أبي المظفر السمعاني نا عثمان بن علي البيكندي ببخارى أنا أبو علي الحسن بن عبد الملك النسفي أنا جعفر بن محمد بن المستغفر الحافظ أنا محمد بن أحمد بن علي نا محمد بن إسحاق بن خزيمة نا يعقوب الدورقي نا خلف بن الوليد نا إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال: كان النبي {{صلل}} يصلي نحوًا من صلاتكم لكنه كان يخفف الصلاة، كان يقرأ في صلاة الفجر بالواقعة ونحوها.
 
أخبرنا أبو الحسين الحافظ أنا جعفر المقرئ أنا أبو طاهر الحافظ أنا إسماعيل بن محمد الحافظ بأصبهان، سمعت الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، سمعت أبا العباس المستغفري الحافظ، سمعت ابن منده الحافظ يقول: إذا وجدت في إسناد زاهدًا، فاغسل يدك من ذلك الحديث.
 
997- 22/13/2
 
===أبو ذر الهروي===
 
الإمام العلامة الحافظ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير الأنصاري المالكي ابن السماك شيخ الحرم.
 
سمع أبا الفضل بن خميرويه وبشر بن محمد المزني وعدة بهراة، وأبا محمد بن حمويه وزاهر بن أحمد بسرخس، وأبا إسحاق المستملي ببلخ، وأبا الهيثم الكشميهني بمرو، وأبا بكر هلال بن محمد بن محمد وشيبان بن محمد الضبعي بالبصرة، وأبا الفضل الزهري وأبا الحسن الدارقطني وأبا عمر بن حيويه ببغداد، وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي بدمشق، وأبا مسلم الكاتب بمصر، وجاور بمكة وألف معجمًا لشيوخه وعمل الصحيح وصنف التصانيف؛ روى عنه ولده عيسى وعلي بن محمد بن أبي الهول وموسى بن عيسى الصقلي وعبد الله بن الحسن التنيسي وأبو صالح النيسابوري المؤذن وعلي بن بكار الصوري وأحمد بن محمد القزويني وأبو الطاهر إسماعيل بن سعيد النحوي وأبو الحسين بن المهتدي بالله وأبو الوليد الباجي وعبد الله بن سعيد الشنتجالي وعبد الحق بن هارون السهمي وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي وأبو شاكر أحمد بن علي العثماني وخلائق، وبالإجازة أبو بكر الخطيب وأبو عمر بن عبد البر وأحمد بن عبد القادر اليوسفي وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن غلبون الخولاني. ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة تقريبًا.
 
قال الخطيب: قدم أبو ذر بغداد وأنا غائب فحدث بها وحج وجاور، ثم تزوج في العرب وسكن السروات فكان يحج كل عام ويحدث ويرجع، وكان ثقة ضابطًا دينًا. وقال أبو علي بن سكرة: توفي في عقب شوال سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. وقال الخطيب: في ذي القعدة. قال أبو الوليد الباجي في كتاب فرق الفقهاء عند ذكر أبي بكر الباقلاني: لقد أخبرني أبو ذر وكان يميل إلى مذهبه فسألته: من أين لك هذا؟ قال: كنت ماشيًا مع الدارقطني فلقينا القاضي أبا بكر فالتزمه الدارقطني وقبَّل وجهه وعينيه، فلما افترقا قلت: من هذا؟ قال: هذا إمام المسلمين والذابّ عن الدين، القاضي أبو بكر بن الطيب. فمن ذلك الوقت تكررت إليه.
 
قال الحسن بن بقي المالقني: حدثني شيخ قال: قيل لأبي ذر: أنت هروي فمن أين تمذهبت بمذهب مالك ورأي الأشعري؟ قال: قدمت بغداد، فذكر نحوًا مما تقدم، وقال: واقتديت بمذهبه. قال ابن المفضل الحافظ: روى لنا السلفي شيخنا عن أبي بكر الطريثيثي بسماعه منه عدة أحاديث، وعن أبي شاكر النعماني حديثًا واحدًا سمعه منه، وسمعنا من السلفي جميع الصحيح بإجازته من أبي مكتوم بن أبي ذر، وكان شيخنا أبو عبيد أحمد بن زيادة الله الغفاري سمع الكتاب بمكة من أبي مكتوم، فسمعت عليه أكثره وأجاز لي ما بقي من آخره. وآخر من حدث عن أبي مكتوم، أبو الحسن علي بن حميد بن عمار الأنصاري ولي منه إجازة. وقرأت الكتاب كله على شيخنا أبي طالب صالح بن سند بسماعه من الطرطوشي عن أبي الوليد الباجي عن أبي ذر، قال: وقرأته بكماله على أبي القاسم مخلوف بن علي القروي عن أبي الحجاج يوسف بن عبد العزيز بن نادر اللخمي عن علي بن سليمان النقاش عن أبي ذر.
 
قال أبو علي الغساني الحافظ: أنا أبو القاسم أحمد بن خلف الباجي أخبرني أبي أن الفقيه أبا عمران القابسي مضى إلى مكة وقد كان قرأ على أبي ذر شيئًا، فوافق أبا ذر في السراة موضع سكناه فقال لخازن كتبه: أخرج إليَّ من كتبه ما أنسخه ما دام غائبًا فإذا حضر قرأته عليه، فقال الخازن: لا أجترئ علي هذا؛ ولكن هذه المفاتيح إن شئت أنت فخذ وافعل ذلك؛ فأخذها وأخرج ما أراد فسمع أبو ذر بالسراة بذلك فركب وطرق إلى مكة وأخذ كتبه وأقسم ألا يحدثه، فلقد أخبرت أن أبا عمران كان بعد إذا حدث عن أبي ذر شيئًا مما كان حدثه قبل يروي عن اسم أبي ذر ويقول: أنا أبو عيسى، وبذلك كانت العرب تكنيه باسم ولده. قلت: هذه الحكاية تدل على زعارة الشيخ والصاحب.
 
وقال عبد الغافر في تاريخ نيسابور: كان أبو ذر زاهدًا ورعًا عالمًا سخيًّا لا يدخر شيئًا وصار من كبار مشيخة الحرم مشارًا إليه في التصوف، خرَّج على الصحيحين تخريجًا حسنًا وكان حافظًا كثير الشيوخ. قلت: وله أيضًا مستدرك لطيف في مجلد على الصحيحين -علقت كثيرًا منه- يدل على حفظه. قال القاضي عياض: لأبي ذر كتاب كبير مخرج على الصحيحين، وكتاب السنة والصفات، وكتاب الجامع، وكتاب الدعاء، وكتاب فضائل القرآن، وكتاب دلائل النبوة، وكتاب شهادة الزور، وكتاب فضائل مالك، وكتاب العيدين، ثم أرخ موته سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، والصواب سنة أربع.
 
أخبرنا أبو الحسن الغرَّافي أنا أبو الحسن بن روزبة أنا عبد الأول بن عيسى أنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد قال: عبد بن أحمد بن محمد بن السماك الحافظ صدوق تكلموا في رأيه، سمعت منه حديثًا واحدًا عن شيبان بن محمد عن أبي خليفة عن علي بن المديني حديث جابر بطوله في الحج، قال لي: اقرأه علي حتى تعتاد قراءة الحديث؛ وهو أول حديث قرأته على الشيخ وناولته الجزء، فقال: لست على وضوء فضعه.
 
قلت: '''توفي''' معه في عام أربعة: المسند شعيب بن عبد الله بن المنهال بمصر، وعالم المغرب أبو محمد عبد الله بن غالب بن تمام الهمداني المالكي بسبتة، ومسند الأندلس أبو البركات محمد بن عبد الواحد القرشي الزبيري المكي عن سبع وثمانين سنة، وشيخ القراء علي بن طلحة البصري ببغداد.
 
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود بن عبد اللطيف السلمي أنا أبي سنة أربع وثلاثين وستمائة حضورًا أنا القاضي أبو سعد عبد الله بن محمد التميمي أنا محمد بن الحسن المزرقي أنا أبو الحسين محمد بن علي الهاشمي أنا عبد بن أحمد الحافظ بقراءتي أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه أنا أحمد بن نجدة نا سعيد بن منصور نا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن جرير بن عبد الله قال: سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "من لم يرحم من في الأرض لم يرحمه من في السماء". صحيح الإسناد.
 
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران أنا أحمد بن طاوس أنا حمزة بن كروس سنة خمسين وخمسمائة أنا نصر بن إبراهيم الفقيه أنا أبو ذر عبد بن أحمد كتابة أن بشر بن محمد المزني حدثهم إملاء نا الحسين بن إدريس نا العباس بن الوليد الدمشقي أنا الوليد بن الوليد نا ابن ثوبان عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي {{صلل}} قال: "إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول إلى الحول المقبل، فإذا كان أول يوم من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش فشققت ورق الجنة عن الحور العين، فقلن: يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجًا تقر بهم أعيننا وتقر أعينهم بنا". قال الفقيه نصر: تفرد به الوليد بن الوليد العبسي وقد تركوه. قلت: وهاه الدارقطني وقوّاه أبو حاتم.
 
998- 23/12/1
 
===الربعي===
 
الحافظ المقرئ الإمام أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن ميمون الدمشقي، ويعرف بابن أبي زروان.
 
سمع الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي وأحمد بن عتبة بن مكين والعباس بن محمد بن حيان ومحمد بن علي بن أبي فروة وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي وطبقتهم، وقرأ القرآن تحريرًا لقراءة الشاميين على الإمام علي بن داود الداراني وعلي بن زهير، حدث عنه أبو سعد السمان الحافظ ونجاء بن أحمد وعبد العزيز الكتاني والحسن بن أبي الحديد وآخرون، وعاش ثلاثًا وسبعين سنة. ذكره الكتاني فقال: كان يحفظ ألف حديث بأسانيدها من حديث ابن جوصاء، ويحفظ كتاب غريب الحديث لأبي عبيد، وانتهت إليه الرياسة في قراءة الشاميين، وكان ثقة مأمونًا، إلى أن قال: ومات في صفر سنة ست وثلاثين وأربعمائة.
 
قلت: فيها '''مات''' شيخ اللغة بالأندلس أبو غالب تمام بن غالب بن التياني القرطبي وشيخ الحنفية العلامة المحدث أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري ببغداد عن خمس وثمانين سنة، وعالم الإمامية أبو طالب علي بن الحسين بن موسى الحسيني الشريف المرتضى واضع كتاب نهج البلاغة، وفقيه الأندلس العلامة العابد أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن ميقل المرسي بها، وشيخ المعتزلة العلامة أبو الحسين البصري محمد بن علي بن الطيب ببغداد.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء سنة أربع وتسعين وستمائة قال: كتب إلينا المؤيد بن محمد من نيسابور عن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أحمد السلمي أنا جدي في سنة خمس وسبعين وأربعمائة أنا علي بن الحسن الرَّبعي سنة ست وعشرين أنا الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي بحمص سنة سبع وثمانين وثلاثمائة أنا العباس بن الخليل بحمص أنا نصر بن خزيمة بن علقمة بن محفوظ بن علقمة أخبرني أبي عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ عن عبد الرحمن بن عائذ، حدثني جبير بن نفير قال: قال عوف بن مالك: قال النبي، {{صلل}}: "إن الأنبياء يتكاثرون بأممهم غير موسى، وأنا أرجو أن أكثره، ولقد أعطي خصلات، مكث يناجي ربه أربعين يومًا ولا ينبغي لمتناجيين أن يتناجيا أكثر من نحوها، ولا يصعق مع الناس".
 
999- 24/13/2
 
===الخلال===
 
الحافظ المفيد الإمام الثقة أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن بن علي البغدادي، وكنية أبيه أبو طالب.
 
ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، سمع أبا بكر القطيعي وأبا سعيد الحرفي وأبا الحسين بن المظفر وأبا بكر الوراق وأبا عبد الله بن العسكري وأبا عمر بن حيويه وأبا بكر بن شاذان وأبا علي محمد بن أحمد العطشي وأبا حفص عمر بن محمد الزيات وأبا الفتح القواس وأبا الحسن بن لؤلؤ الوراق وخلائق؛ روى عنه الخطيب وأبو الحسين بن الطيوري وأخوه أبو سعد وجعفر بن أحمد السراج والمعمر بن أبي عمامة الواعظ وجعفر بن المحسن السلماسي وعلي بن عبد الواحد الدينوري وآخرون.
 
أخبرنا أبو الحسن البعلي وأبو علي الأمين قالا: أنا جعفر أنا السلفي، سمعت المبارك بن عبد الجبار، سمعت محمد بن علي الصوري يقول: ما رأت عيناي بعد عبد الغني بن سعيد أحفظ من أبي محمد الخلال البغدادي. قال أبو بكر الخطيب: كتبنا عنه وكان ثقة له معرفة بينة، وخرج المسند على الصحيحين وجمع أبوابًا وتراجم كثيرة، ومات في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
 
قلت: فيها مات بدمشق المسند أبو علي الحسن بن علي بن الحسن بن شواش الكتاني المقرئ مشرف الجامع، وأبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري المحدث ببغداد، والمسند أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال المصري، ومسند الأندلس أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن عائذ المعافري القرطبي لقي في رحلته المهندس.
 
أخبرنا عيسى بن أبي محمد أنا جعفر بن منير نا أحمد بن محمد الحافظ أنا أبو سعيد محمد بن عبد الملك بن أسد أنا أبو محمد الخلال حدثني علي بن أحمد السرخسي الحافظ من حفظه نا عبد الله بن عثمان الواسطي، سمعت أبا هاشم أيوب بن محمد خطيبنا بواسط، سمعت أبا عثمان المازني يقول: ثنا سيبويه عن الخليل بن أحمد عن ذر بن عبد الله الهمداني عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة".
 
كتب إليّ أبو حامد محمد بن عبد الكريم الأنصاري الخطيب أنا أبو البركات الحسن بن محمد الشافعي أنا عمي أبو الحسين هبة الله بن الحسن "ح" وقرأت على إسحاق بن أبي بكر الأسدي أخبركم يوسف بن خليل أنا عبد الخالق بن عبد الوهاب قالا: أنا علي بن عبد الواحد الدينوري نا أبو محمد الخلال إملاء أنا علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ أنا إبراهيم بن هاشم البغوي سنة ثلاث وتسعين ومائتين نا علي بن الحسن بن شقيق نا الحسين بن واقد نا عبد الله بن بريدة، سمعت أبي، سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر". <ref> رواه الترمذي في الإيمان باب 9. والنسائي في الصلاة باب 8. وابن ماجه في الإقامة باب 77. وأحمد في مسنده "5/ 346".</ref> سقط منه شيخ البغوي.
 
1000- 25/13/2
 
===ابن حمدان===
 
الحافظ المجود، أبو طاهر محمد بن أحمد بن علي بن حمدان الخراساني، أحد الرحالين المصنفين.
 
صحب أبا عبد الله الحاكم وتخرج به، وسمع من أبي بكر الطرازي والحافظ أبي بكر الجوزقي وأبي الحسين القنطري وأبي طاهر بن خزيمة وزاهر بن أحمد الفقيه وإبراهيم بن محمد بن موسى السرخسي ونحوهم بنيسابور، وجعفر بن فناكي بالري، والحافظ أحمد بن علي السليماني ببيكند، ومحمد بن أحمد الغنجار ببخارى، وأبي سعد الإدريسي بسمرقند، وعلي بن محمد بن عمر الفقيه بالري، وأبي الفضل محمد بن أبي الحسين الحدادي بمرو؛ رأيت له مسند بهز بن حكيم وطرق حديث الطير، سمع منه أبو سعيد محمد بن أحمد بن حسين النيسابوري في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.
 
أخبرنا أحمد بن عبد الكريم بن الأغلاقي أنا نصر بن جرو أنا أبو طاهر السلفي أخبرنا محمد بن أبي منصور البزاز بالري أنا محمد بن أحمد بن حمدان الحافظ أنا محمد بن الحسين القاضي بمرو نا إسحاق بن إبراهيم التاجر العدل نا يوسف بن عيسى نا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي بكر، يعني ابن عمرو بن حزم، أنه سمع أنسًا يحدث عن النبي {{صلل}} أنه قال: "يتبع الميت ثلاث؛ أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله". <ref> رواه البخاري في الرقاق باب 42. ومسلم في الزهد حديث 5. والترمذي في الزهد: 46. والنسائي في الجنائز باب 52.</ref>
 
1001- 26/13/2
 
===النعيمي===
 
الحافظ العلامة أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم البصري، نزيل بغداد.
 
روى عن أحمد بن محمد بن العباس الأسفاطي وأحمد بن عبيد الله النهرديري ومحمد بن عدي المنقري وأبي أحمد العسكري ومحمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ وعبد الله بن أليسع الأنطاكي وعلي بن عمر السكري وابن المظفر وخلق؛ قال الخطيب: كتبت عنه وكان حافظًا عارفًا متكلمًا شاعرًا.
 
أنبأنا أبو الغنائم القيسي أنا الكندي أنا الشيباني أنا الخطيب أخبرني علي بن أحمد النعيمي أنا محمد بن أحمد بن الفيض الأصبهاني -ثقة- نا علي بن عبد الحميد الغضائري نا الحسين بن الحسن المروزي نا بشر بن السري، عن سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول الله، {{صلل}}: "إنما جعل الطواف بالبيت والسعي لإقامة ذكر الله، عز وجل". رواه البرقاني عن النعيمي في جمعه لحديث الثوري، والصواب: عن الثوري عن عبيد الله بن أبي زياد عن القاسم، كذا يرويه وكيع وأبو نعيم عن الثوري.
 
قال الخطيب: حدثني الأزهري قال: وضع النعيمي على ابن المظفر حديثًا عن أشعث ثم تنبه أصحاب الحديث على ذلك، فخرج النعيمي عن بغداد وغاب حتى مات ابن المظفر ومات من عرف قصته ثم عاد إلى بغداد، وسمعت الصوري يقول: لم أر ببغداد أحدًا أكمل من النعيمي، قال: قد جمع معرفة الحديث والكلام والأدب ودرس شيئًا من فقه الشافعي. قال: وكان البرقاني يقول: هو كامل في كل شيء لولا بأو فيه. مات النعيمي في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وأظنه بلغ التسعين.
 
(تمت الطبقة الثالثة عشرة.)
 
==الطبقة الرابعة عشرة==
 
وهم ثلاثون حافظًا
 
1002- 1/14
 
===الصوري===
 
الحافظ العلامة الأوحد، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن محمد بن دحيم الساحلي.
 
سمع أبا الحسين بن جميع وأبا عبد الله بن أبي كامل الأطرابلسي ومحمد بن عبد الصمد الزرافي ومحمد بن جعفر الكلاعي وعدة بالشام، وعبد الغني بن سعيد الحافظ وعبد الرحمن بن عمر النحاس وعبد الله بن محمد بن بندار وخلقا بمصر، وصحب عبد الغني وتخرج به ولحق ببغداد أبا الحسن بن مخلد البزاز وأحمد بن طلحة المنقي وأبا علي بن شاذان وطبقتهم؛ حدث عنه أبو بكر الخطيب والقاضي أبو عبد الله الدامغاني وجعفر بن أحمد السراج وأبو القاسم بن بيان وأبو الحسين بن الطيوري وسعد الله بن صاعد الرحبي وآخرون، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو سعد بن الطيوري. مولده سنة ست أو سبع وسبعين وثلاثمائة، وسمع وقد كبر ولو طلب في الحداثة لأدرك إسنادًا.
 
قال الخطيب: وكان من أحرص الناس على الحديث وأكثرهم كتبًا له وأحسنهم معرفة به، ولم يقدم علينا أحد أفهم منه لعلم الحديث، وكان دقيق الخط صحيح النقل، حدثني أنه كان يكتب في الوجهة من ثمن الكاغذ الخراساني ثمانين سطرًا وكان مع كثرة طلبه صعب المذهب في الأخذ، ربما كرر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرات، وكان يسرد الصوم إلا الأعياد وذكر أن الحافظ عبد الغني كتب عنه أشياء في تصانيفه وصرح باسمه في بعضها ومرة قال: حدثني الورد بن علي.
 
قال الخطيب: كان صدوقًا كتب عني وكتبت عنه ولم يزل ببغداد حتى توفي بها. قال أبو الوليد الباجي: الصوري أحفظ من رأيناه. قال غيث بن علي الأرمنازي: رأيت جماعة من أهل العلم يقولون: ما رأينا أحفظ من الصوري. وقال عبد المحسن الشيحي: ما رأيت مثله، كان كأنه شعلة نار بلسان كالحسام القاطع. قال السلفي: كتب الصوري صحيح البخاري في سبعة أطباق من الورق البغدادي ولم يكن له سوى عين واحدة.
 
قال: وذكر أبو الوليد الباجي في كتاب فرق الفقهاء: نا أبو عبد الله محمد بن علي الوراق -وكان ثقة متقنًا- أنه شاهد أبا عبد الله الصوري وكان فيه حسن خلق ومزاح وضحك لم يكن وراء ذلك إلا الخير والدين ولكنه كان شيئًا جبل عليه ولم يكن في ذلك بالخارق للعادة، فقرأ يومًا جزءًا على أبي العباس الرازي وعنَّ له أمر أضحكه وكان بالحضرة جماعة من أهل بلده فأنكروا عليه وقالوا: هذا لا يصلح ولا يليق بعلمك وتقدمك أن تقرأ حديث رسول الله {{صلل}} وأنت تضحك؛ وكثروا عليه وقالوا: شيوخ بلدنا لا يرضون بهذا. فقال: ما في بلدكم شيخ إلا يحب أن يقعد بين يدي ويقتدي بي، ودليل ذلك أني قد صرت معكم على غير موعد فانظروا إلى أيّ حديث شئتم من حديث رسول الله {{صلل}} اقرءوا إسناده لأقرأ متنه أو اقرءوا متنه حتى أخبركم بإسناده.
 
ثم قال الباجي: لزمت الصوري ثلاثة أعوام فما رأيته تعرض للفتوى. قال المبارك بن عبد الجبار: كتبت عن عدة فما رأيت فيهم أحفظ من الصوري، كان يكتب بفرد عين وكان متفننًا يعرف من كل علم، وقوله حجة، وعنه أخذ الخطيب علم الحديث. قلت: وله شعر رائق ومحبة في السنة.
 
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العلوي أنا أبو الحسن علي بن إسماعيل بن جبارة الأديب بالقاهرة سنة اثنتين وثلاثين وستمائة أنا أبو طاهر أحمد بن أبي أحمد الحافظ أنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي أنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ أنا أبو محمد النحاس أنا أبو بكر محمد بن أحمد الحراني نا هاشم بن مرثد الطبراني نا المعافى -هو ابن سليمان- نا موسى بن أعين عن عبد الله عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي {{صلل}} قال: "تجوزوا في الصلاة، فإن خلفكم الضعيف والكبير وذا الحاجة". <ref> رواه البخاري في الأدب 75. والدارمي في الصلاة باب 46. وأحمد في مسنده "2/ 472" "5/ 273".</ref> هذا حديث صحيح، وعبد الله هو ابن بشر إن شاء الله.
 
أخبرنا محمد بن علي الصالحي ومحمد بن علي السلمي قالا: أنا البهاء عبد الرحمن أنا أحمد بن الحسن بن سلامة المنبجي الفقيه أنا أبو القاسم بن بيان "ح" وأنبأنا أحمد بن أبي الخير عن ابن كليب عن ابن بيان أنا محمد بن علي الصوري أنا عبد الرحمن بن عمر التجيبي أنا أبو عمرو أحمد بن سلمة بن الضحاك الهلالي أنا المقدام بن داود الرعيني نا أبو زرعة عبد الأحد بن الليث بن عاصم القتباني عن عثمان بن الحكم الجذامي. "قال المقدام": وحدثني عمي سعيد بن عيسى نا الليث بن عاصم القتباني حدثني عثمان بن الحكم حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب حدثني عروة عن عائشة قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله {{صلل}} من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبّب إليه الخلاء، فكان يلحق بغار حراء فيتحنث فيه -وهو التعبد- الأيام ذوات العدد، الحديث.
 
أخبرنا أبو الحسين اليونيني أنا جعفر أنا السلفي أنا المبارك بن عبد الجبار أنشدنا محمد بن علي الصوري الحافظ لنفسه:
 
قل لمن عاند الحديث وأضحى عائبا أهله ومن يدّعيه
 
أبعلم تقول هذا أبن لي أم بجهل فالجهل خلق السفيه
 
أيعاب الذين هم حفظوا الد ين من الترهات والتمويه
 
وإلى قولهم وما قد رووه راجع كل عالم وفقيه
 
قال الخطيب: توفي الصوري في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، {{رحمه ى}}.
 
1003- 2/14
 
===ابن ماما===
 
الحافظ الأوحد، أبو حامد أحمد بن محمد بن أحيد بن ماما الأصبهاني، صاحب تصانيف وبصر بالحديث.
 
وحدث عن عبد الرحمن بن شريح الهروي وأبي علي إسماعيل بن حاجب الكشاني وأبي نصر محمد بن أحمد الملاحمي والإمام أبي عبد الله الحليمي وطبقتهم، ولم يصل إلى العراق، له ذيل على تاريخ بخارى للغنجار، ويعز وقوع حديثه إلينا. توفي في شعبان سنة ست وثلاثين وأربعمائة {{رحمه ى}}، أحسبه سكن ما وراء النهر.
 
1004- 3/14
 
===مسعود بن علي بن معاذ بن محمد بن معاذ===
 
الحافظ المفيد، الإمام أبو سعيد السجزي ثم النيسابوري الوكيل، تلميذ أبي عبد الله الحاكم.
 
وله عنه سؤالات وقد أكثر عنه جدًّا، سمع أبا محمد بن الرومي وأبا علي الخالدي وعبد الرحمن بن أبي إسحاق المزكي وطبقتهم. روى شيئًا يسيرًا ولم يطل عمره، روى عنه رفيقه مسعود بن ناصر السجزي الركاب، توفي سنة ثمان وثلاثين أو سنة تسع وأربعمائة. ذكر الشك هكذا عبد الغافر بن إسماعيل.
 
1005- 4/14
 
===أبو نصر السجزي===
 
الحافظ الإمام علم السنة، عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي البكري، نزيل الحرم ومصر وصاحب "الإبانة الكبرى" في مسألة القرآن.
 
وهو كتاب طويل في معناه، دال على إمامة الرجل وبصره بالرجال والطرق.
 
حدث عن أحمد بن فراس العبقسي وأبي عبد الله الحاكم وأبي أحمد الفرضي وحمزة المهلبي ومحمد بن محمد بن محمد بن بكر الهزاني وأبي عمر بن مهدي وعلي بن عبد الرحيم السوسي وأبي الحسين أحمد بن محمد المجبر وأبي محمد بن النحاس وأبي عبد الرحمن السلمي وعبد الصمد بن زهير بن أبي جرادة الحلبي صاحب ابن الأعرابي وهذه الطبقة. وكانت رحلته بعد الأربعمائة فسمع بخراسان والحجاز والشام والعراق ومصر، حدث عنه أبو إسحاق الحبال وسهل بن بشر الأسفراييني وأبو معشر المقرئ الطبري وإسماعيل بن الحسن العلوي وأحمد بن عبد القادر اليوسفي وجعفر بن يحيى الحكاك وجعفر بن أحمد السراج وخلق سواهم، وهو راوي الحديث المسلسل بالأولية.
 
قال ابن طاهر المقدسي: سألت الحافظ أبا إسحاق الحبال عن أبي نصر السَّجْزي والصوري، أيهما أحفظ؟ فقال: كان السجزي أحفظ من خمسين مثل الصوري؛ ثم قال الحبال: كنت يومًا عند أبي نصر السجزي فدق الباب فقمت ففتحته فدخلت امرأة وأخرجت كيسًا فيه ألف دينار فوضعته بين يدي الشيخ وقالت: أنفقها كما ترى؛ قال: ما المقصود؟ قالت: تتزوجني ولا حاجة لي في الزوج ولكن لأخدمك؛ فأمرها بأخذ الكيس وأن تنصرف؛ فلما انصرفت قال: خرجت من سجستان بنية طلب العلم ومتى تزوجت سقط عني هذا الاسم، وما أوثر على ثواب طلب العلم شيئًا.
 
قلت: مات بمكة في المحرم سنة أربع وأربعين وأربعمائة {{رحمه ى}}، وقد روينا المسلسل من طريقه في غير هذا الكتاب.
 
1006- 5/14
 
===الداني===
 
الحافظ الإمام شيخ الإسلام أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي مولاهم، القرطبي المقرئ صاحب التصانيف.
 
وعرف بالداني لسكناه بدانية، قال: ولدت سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وابتدأت بطلب العلم سنة ست وثمانين ورحلت إلى المشرق سنة سبع وتسعين فكنت بالقيروان أربعة أشهر ودخلت مصر في شوالها فمكثت بها سنة وحججت ورجعت إلى الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
 
قلت: قرأ بالروايات على عبد العزيز بن جعفر الفارسي وغيره بقرطبة، وعلى أبي الحسن بن غلبون وخلف بن خاقان المصري وأبي الفتح فارس بن أحمد، وسمع من أبي مسلم الكاتب وهو أكبر شيخ له وأحمد بن فراس العبقسي وعبد الرحمن بن عثمان القشيري وحاتم بن عبد الله البزاز وأحمد بن فتح بن الرسان وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس المصري وأبي الحسن علي بن محمد القابسي وخلق كثير بالحجاز ومصر والمغرب والأندلس، تلا عليه خلق منهم أبو الدؤاد مفرج الإقبالي وأبو داود بن نجاح وأبو الحسين بن التنار وأبو الحسن بن الدوش، وحدث عنه خلق كثير منهم خلف بن إبراهيم الطليطلي.
 
قال أبو محمد بن عبيد الله الحجري الحافظ: أبو عمرو الداني ذكر بعض الشيوخ أنه لم يكن في عصره ولا بعد عصره أحد يضاهيه في حفظه وتحقيقه وكان يقول: ما رأيت شيئًا قط إلا كتبته ولا كتبته إلا حفظته ولا حفظته فنسيته. قال ابن بشكوال: كان أبو عمرو أحد الأئمة في علم القراءات ورواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه، وجمع في ذلك كله تواليف حسانًا، وله معرفة بالحديث وطرقه وأسماء رجاله، وكان حسن الخط والضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن، وكان أديبًا فاضلًا ورعًا سنيًّا. وقال المغامي: كان أبو عمرو مجاب الدعوة مالكي المذهب. وقال الحميدي: محدث مكثر ومقرئ متقدم. قلت: إلى أبي عمرو المنتهى في إتقان القراءات، والقراء خاضعون لتصانيفه واثقون بنقله في القراءات والرسم والتجويد والوقف والابتداء وغير ذلك، وله مائة وعشرون مصنفًا.
 
روى عنه بالإجازة رجلان: أحمد بن محمد بن عبد الله الخولاني وأبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي حمزة، وقد استوفيت أخباره في تاريخ القراء وفي تاريخي الكبير، وكانت وفاته بدانية في نصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، رحمة الله عليه. وقع لنا القراءات من طريقه تلاوة وسماعًا.
 
1007- 6/14
 
===السمان===
 
الحافظ الكبير المتقن، أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين بن زنجويه الرازي.
 
سمع عبد الرحمن بن محمد بن فضالة وأبا طاهر المخلص وأحمد بن إبراهيم بن فراس المكي وعبد الرحمن بن أبي نصر الدمشقي وأبا محمد بن النحاس المصري وطبقتهم. روى عنه أبو بكر الخطيب وعبد العزيز الكتاني وابن أخيه طاهر بن الحسين وأبو علي الحداد وآخرون.
 
قال المطهر بن علي العلوي المرتضى: سمعت أبا سعد السمان إمام المعتزلة يقول: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام. وقال الكتاني: كان السمان من الحفاظ الكبار زاهدًا عابدًا يذهب إلى الاعتزال. وقال أبو القاسم بن عساكر: سألت أبا منصور بن عبد الرحيم بن المظفر بالري عن وفاة أبي سعد السمان فقال: سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة؛ قال: وكان عدلي المذهب يعني معتزليًّا؛ قال: وكان له ثلاثة آلاف وستمائة شيخ، وصنف كتبًا كثيرة، ولم يتأهل قط. قلت: هذا العدد لشيوخه لا أعتقد وجوده ولا يمكن.
 
قال عمر العليمي: وجدت على ظهر جزء: مات الزاهد أبو سعد السمان شيخ العدلية وعالمهم ومحدثهم في شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وكان إمامًا بلا مدافعة في القراءات والحديث والرجال والفرائض والشروط عالمًا بفقه أبي حنيفة وبالخلاف بينه وبين الشافعي وعالمًا بفقه الزيدية وكان يذهب مذهب أبي هاشم الجبائي، دخل الشام والحجاز والمغرب وقرأ على ثلاثة آلاف شيخ. قال: وكان يقال في مدحه: إنه ما شاهد مثل نفسه وكان تاريخ الزمان وشيخ الإسلام. قلت: بل شيخ الاعتزال ومثل هذا عبرة فإنه مع براعته في علوم الدين ما تخلص بذلك من البدعة.
 
قرأت على عيسى بن أبي محمد والحسن بن علي وسليمان بن أبي عمر الحاكم أخبركم جعفر الهمذاني أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو علي المقرئ أنا أبو سعد الحافظ أنا كوهي بن الحسن نا محمد بن هارون الحضرمي نا محمد بن سهل بن عسكر نا عبد الرزاق قال: ما رأيت أحسن صلاة من ابن جريج أخذ عن عطاء وأخذ عطاء عن ابن الزبير وأخذ ابن الزبير عن أبي بكر الصديق وأخذها أبو بكر عن النبي {{صلل}} وأخذها النبي {{صلل}} عن جبرائيل " {{عهس}} " وأخذها جبرائيل عن الله، عز وجل.
 
أخبرنا الحسن بن علي سنة أربع وتسعين أنا جعفر بن علي أنا أحمد بن محمد أنا علي بن الحسين بن محمد بن مردك بالري سنة إحدى وخمسمائة أنا إسماعيل بن علي الحافظ أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس بمكة أنا إسماعيل بن العباس الوراق نا علي بن حرب نا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي قال: خير هذه الأمة بعد نبيها {{صلل}} أبو بكر، وعمر.
 
1008- 7/14
 
===الخليلي===
 
القاضي الحافظ الإمام أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني، مصنف كتاب "الإرشاد في معرفة المحدثين".
 
سمع من علي بن أحمد بن صالح القزويني ومحمد بن إسحاق الكسائي والقاسم بن علقمة وأبي حفص الكتاني ومحمد بن سليمان بن يزيد الفامي وأبي طاهر المخلص وأبي الحسين الخفاف وأبي عبد الله الحاكم، وأجاز له أبو بكر بن المقرئ وأبو حفص بن شاهين وعلي بن عبد الرحمن البكائي من الكوفة، وأبو أحمد الغطريفي من جرجان، وأبو عمرو بن حمدان من نيسابور.
 
حدث عنه أبو بكر بن لال أحد شيوخه وابنه أبو زيد واقد بن الخليل وإسماعيل بن ماكي القزويني وآخرون، وكان ثقة حافظًا عارفًا بكثير من علل الحديث ورجاله عالي الإسناد كبير القدر، ومن نظر في كتابه عرف جلالته؛ سمعت كتابه من ابن الخلال عن الهمداني عن السلفي عن ابن ماكي عنه، وله فيه أوهام جمة كأنه كتبه من حفظه، توفي في آخر سنة ست وأربعين وأربعمائة.
 
أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن أبي الحسن أنا أبو طاهر السلفي أنا إسماعيل بن عبد الجبار أنا أبو يعلى الخليلي نا أحمد بن محمد الزاهد نا عبد الملك بن عدي نا الحسن بن محمد بن الصباح نا الشافعي نا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي {{صلل}} صلى بهم صلاة الكسوف ركعتين، كل ركعتين بركوعين وسجودين. تفرد به الشافعي.
 
وبه إلى الخليلي قال: نا الحسن بن عبد الرزاق نا علي بن إبراهيم بن سلمة القزويني نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي حدثني سليمان بن داود الهاشمي نا الشافعي، بإسناده مثله.
 
وتوفي مع الخليلي الرئيس أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي عمرو بن أبي الفراتي بنيسابور، ومقرئ الشام أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي، والإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن التيمي الأصبهاني بن اللبان، ومقرئ الأندلس أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن سعد القرطبي، ومسند دمشق أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي.
 
1009- 8/14
 
===الفلكي===
 
الحافظ البارع أبو الفضل علي بن الحسين بن أحمد بن الحسن الهمذاني المشهور بالفلكي.
 
رحال حافظ بصير بالفن، حدث عن أبي الحسن بن رزقويه وأبي الحسين بن بشران والقاضي أبي بكر الحيري وأبي سعيد الصيرفي وطبقتهم.
 
قال ابن شيرويه في الطبقات: حدثنا عنه الحسني والميداني، وكان حافظًا متقنًا يحسن هذا الشأن جيدًا جيدًا، صنف كتاب الطبقات في الرجال فجاء في ألف جزء، ومات بنيسابور قديمًا وما متع بما جمع فسمعت حمزة بن أحمد يقول: سمعت شيخ الإسلام أبا إسماعيل الأنصاري يقول: ما رأت عيناي من البشر أحدًا أحفظ من ابن الفلكي وكان صوفيًّا. قلت: مات بنيسابور في شعبان سنة سبع وعشرين وقيل: سنة ثمان وعشرين وأربعمائة كهلًا وقد كان جده محتشمًا بارعًا في علم الفلك والحساب؛ ولذا قيل له: الفلكي.
 
1010- 9/14
 
===أبو مسعود البجلي===
 
الحافظ الجوال أحمد ابن المحدث الصالح محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان الرازي.
 
مولده بنيسابور في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وأمه من طبرستان وأقام مدة بجرجان، سمع أبا عمرو بن حمدان وحسينك بن علي التميمي وزاهر بن أحمد السرخسي ومحمد بن الفضل بن أبي بكر بن خزيمة وأبا النضر محمد بن أحمد بن سليمان الشرمغولي وأبا بكر محمد بن محمد بن أحمد الطرازي وأبا الحسين القنطري الخفاف وأبا محمد المخلدي وأبا بكر بن لال وأبا الحسن بن فراس المكي وأبا الحسين بن فارس اللغوي وخلائق.
 
وجمع وصنف في الأبواب، ثم عالج التجارة والسفر؛ حدث عنه يحيى بن الحسن بن شراعة وعبد الواحد بن أحمد الخطيب الهمذانيان وأبو الحسن علي بن محمد الجرجاني وطريف النيسابوري وإسماعيل بن عبد الغافر وعبد الرحمن بن محمد التاجر وآخرون. وثقه جماعة.
 
أخبرنا محمد بن قايماز الطحان وفاطمة بنت جوهر قالا: أنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك، زاد محمد: وأبو المنجا عبد الله بن عمر قالا: أنا أبو الفتوح محمد بن محمد الطائي أنا أبو عمرو الفضل بن أحمد بن متويه الزاهد أنا الحافظ أبو مسعود أحمد بن محمد البجلي أنا أبو علي زاهر بن أحمد أنا محمد بن وكيع الطوسي الفازي -بفاء وزاي قرية من قرى طوس- نا محمد بن أسلم نا محمد بن عبيد نا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} قال: "ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده" متفق عليه. مات ببخارى في المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
 
'''وفيها مات''' شيخ الأدب أبو العلاء بن سليمان المعري، وشيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني، وأبو الحسن علي بن خلف بن بطال القرطبي صاحب شرح البخاري، ومقرئ خراسان أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد النيسابوري الخبازي، وشيخ الرفض أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي.
 
1011- 10/14
 
===هبة الله محمد بن علي===
 
الحافظ أبو رجاء الشيرازي الكاتب.
 
سمع من الحسن بن أحمد بن الليث الحافظ محدث شيراز، وبأصبهان من علي بن ميلة الفرضي وأبي سعيد النقاش، وببغداد من أبي الحسين بن بشران وابن الفضل القطان وطائفة واستوطن مصر؛ قال الخطيب: كان ثقة بفهم، مات في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة، {{رحمه ى}}.
 
1012- 11/14
 
===الزهراوي===
 
الحافظ الإمام محدث الأندلس، أبو حفص عمر بن عبيد الله الذهلي القرطبي الزهراوي.
 
كتب بقرطبة وإشبيلية والزهراء عن عبد الوارث بن سفيان وأبي محمد بن أسد وأبي المطرف بن فطيس وأبي عبد الله بن أبي زمنين وعبد السلام بن السمح وسلمة بن سعيد، وكتب إليه بالإجازة أبو الحسن القابسي، وكان معنيًّا بالرواية؛ حدث عنه محمد بن غياث وأبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ وأبو علي الغساني وآخرون؛ وكان ثقة متقنًا متصاونًا قاله ابن مهدي، ويقال: إنه اختلط في آخر عمره.
 
قال أبو مروان الطبني: حدثني أبو حفص الزهراوي قال: شددت في البيت ثمانية أحمال كتب لأنقلها فلم يتم حتى انتهبها البربر. مات في صفر سنة أربع وخمسين وأربعمائة وعاش ثلاثًا وتسعين سنة.
 
'''وفيها مات''' القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قاضي مصر وصاحب الشهاب، والإمام القدوة أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار الرازي المقرئ الجوال، والمقرئ أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن أبي شمس النيسابوري وله أربعون حديثًا، ومسند الآفاق أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري ببغداد وكان آخر أصحاب القطيعي، ونحوي مصر أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ الجوهري.
 
1013- 12/14
 
===ابن عبد البر===
 
الإمام شيخ الإسلام حافظ المغرب، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي.
 
ولد سنة ثمان وستين وثلاثمائة في ربيع الآخر وطلب الحديث قبل مولد الخطيب بأعوام، حدث عن خلف بن القاسم وعبد الوارث بن سفيان وعبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ومحمد بن عبد الملك بن صيفون وعبد الله بن محمد بن أسد الجهني ويحيى بن وجه الجنة وأحمد بن فتح الرسان وسعيد بن نصر والحسين بن يعقوب البجاني وأبي عمر أحمد بن الحسور وعدة، وأجاز له من مصر المسند أبو الفتح بن سيبخت والحافظ عبد الغني، ومن مكة أبو القاسم عبيد الله بن السقطي، وساد أهل الزمان في الحفظ والإتقان.
 
قال أبو الوليد الباجي: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر في الحديث. وقال ابن حزم: التمهيد لصاحبنا أبي عمر لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلا فكيف أحسن منه، وكتاب الاستذكار وهو اختصار التمهيد، وله تواليف لا مثل لها في جمع معانيها، منها الكافي على مذهب مالك خمسة عشر مجلدًا، ومنها كتاب الاستيعاب في الصحابة ليس لأحد مثله، ومنها كتاب جامع بيان العلم وفضله. قلت: وله كتاب الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو، وكتاب بهجة المجالس نوادر وشعر، وله كتاب التفصي لحديث الموطأ، وكتاب الإنباه عن قبائل الرواة، وكتاب الانتقاء لمذاهب الثلاثة العلماء: مالك وأبي حنيفة والشافعي، والبيان في تلاوة القرآن، والأجوبة الموعبة، وكتاب الكنى، وكتاب المغازي، وكتاب القصد والأمم في أنساب العرب والعجم، وكتاب الشواهد في إثبات خبر الواحد، وكتاب الإنصاف في أسماء الله تعالى، وكتاب الفرائض، وغير ذلك. قال ابن سكرة: سمعت أبا الوليد الباجي يقول: أبو عمر أحفظ أهل المغرب.
 
أنبأنا أبو محمد الجزائري أنا عثمان بن حسن بن دحية قراءة أنا أبو عبد الله بن زرقون سماعًا أنا موسى بن أبي تليد قراءة عليه "ح" قال ابن دحية: وأنا خلف بن بشكوال وابن الجد قالا: نا أبو محمد بن عتاب قالا: ثنا أبو عمر بن عبد البر بكتاب التفصي. وقال الغساني: سمعت ابن عبد البر يقول: لم يكن أحد ببلدنا مثل قاسم بن محمد وأحمد بن خالد الجباب، قال الغساني: ولم يكن ابن عبد البر بدونهما ولا متخلفًا عنهما، وكان من النمر بن قاسط طلب وتقدم ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه ولزم أبا الوليد بن الفرضي ودأب في طلب الحديث وافتنَّ به وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة في علم النسب والأخبار، جلا عن وطنه فكان في الغرب مدة ثم تحول إلى شرق الأندلس فسكن دانية وبلنسية وشاطبة وبها توفي، وذكر غير واحد أن أبا عمر ولي قضاء أشبونة مدة. قلت: أعلى ما عنده كتاب الزعفراني سمعه من ابن صيفون أنا ابن الأعرابي عنه، وسنن أبي داود سمعه من ابن عبد المؤمن أنا ابن داسة عن المؤلف، وانتهى إليه مع إمامته علو الإسناد.
 
حدث عنه أبو العباس الدلائي وأبو محمد بن أبي قحافة وأبو الحسن بن مفوز وأبو علي الغساني وأبو عبد الله الحميدي وأبو بحر سفيان بن العاص ومحمد بن فتوح الأنصاري وأبو داود سليمان بن أبي القاسم المقرئ وآخرون. وكان دينًا صينًا ثقة حجة صاحب سنة واتباع، وكان أولًا ظاهريًّا أثريًّا ثم صار مالكيًّا مع ميل كثير إلى فقه الشافعي. قال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي، رحمة الله عليه.
 
قال أبو داود المقرئ: مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة، واستكمل خمسًا وتسعين سنة وخمسة أعوام.
 
قلت: '''وفيها مات''' الخطيب ببغداد، ومسند نيسابور أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري عن تسع وثمانين سنة، والرئيس الكبير أبو علي حسان بن سعيد المخزومي المتيعي المروروذي، ومسند مرو أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي الهروي، ومسند بغداد أبو الغنائم محمد بن علي بن علي بن الدجاجي، والمعمر أبو بكر بن أبي الهيثم عبد الصمد المروزي عن ست وتسعين سنة وهو آخر أصحاب أبي سعيد بن عبد الوهاب الرازي، والمسند أبو علي محمد بن وشاح مولى أبي تمام الزينبي، رافضي معتزلي عنده عوالٍ.
 
كتب إلينا أبو المجد عبد الرحمن بن عمر العقيلي الحاكم أنا عمر بن علي بن قسام الحنفي بحلب أنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري أنا أبو الحسن بن موهب أنا يوسف بن عبد الله النمري الحافظ أنا خلف بن القاسم نا الحسن بن رشيق أنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس أنا محمد بن عبد الأعلى ثنا سلمة بن رجاء عن الوليد بن جميل عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الخير". هذا حديث غريب والوليد صاحب مناكير.
 
قرأت على أبي الحسين الحافظ أخبركم علي بن سلامة أنا أبو القاسم الرعيني أنا ابن هذيل نا أبو داود أنا أبو عمر بن عبد البر أنا سعيد بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن وضاح نا يحيى بن يحيى نا مالك عن يحيى بن سعيد أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه عن جده قال: بايعنا رسول الله {{صلل}} على السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.
 
1014- 13/14
 
===البيهقي===
 
الإمام الحافظ العلامة شيخ خراسان، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي البيهقي، صاحب التصانيف.
 
ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة في شعبان، وسمع أبا الحسن محمد بن الحسين العلوي وأبا عبد الله الحاكم وأبا طاهر بن محمش وأبا بكر بن فورك وأبا علي الروذباري وعبد الله بن يوسف بن بانويه وأبا عبد الرحمن السلمي وخلقًا بخراسان، وهلال بن محمد الحفار وأبا الحسين بن بشران وابن يعقوب الإيادي وعدة ببغداد، والحسن بن أحمد بن فراس وطائفة بمكة، وجناح بن نذير وجماعة بالكوفة، ولم يكن عنده سنن النسائي ولا جامع الترمذي ولا سنن ابن ماجه، بل كان عنده الحاكم فأكثر عنه وعنده عوالٍ ومسانيد وبُورك له في علمه لحسن قصده وقوة فهمه وحفظه.
 
وعمل كتبًا لم يسبق إلى تحريرها؛ منها الأسماء والصفات وهو مجلدان، والسنن الكبير عشر مجلدات، والسنن والآثار أربع مجلدات، وشعب الإيمان مجلدان، ودلائل النبوة ثلاث مجلدات، والسنن الصغير مجلدان، والزهد مجلد، والبعث مجلد، والمعتقد مجلد، والآداب مجلد، ونصوص الشافعي ثلاث مجلدات، والمدخل مجلد، والدعوات مجلد، والترغيب والترهيب مجلد، وكتاب الخلافيات مجلدان، والأربعون الكبرى، والأربعون الصغرى، وجزء في الرؤية ومناقب الشافعي مجلد، ومناقب أحمد مجلد، وكتاب الأسرى، وكتب عديدة لا أذكرها.
 
قال عبد الغافر في تاريخه: كان البيهقي على سيرة العلماء قانعا باليسير متجملا في زهده وورعه. وعن إمام الحرمين أبي المعالي قال: ما من شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي، فإن له المنة على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه.
 
قال أبو الحسن عبد الغافر في ذيل تاريخ نيسابور: أبو بكر البيهقي الفقيه الحافظ الأصولي الدين الوَرِع واحد زمانه في الحفظ وفرد أقرانه في الإتقان والضبط من كبار أصحاب الحاكم ويزيد عليه بأنواع من العلوم. كتب الحديث وحفظه من صباه وتفقه وبرع وأخذ في الأصول وارتحل إلى العراق والجبال والحجاز ثم صنف، وتواليفه تُقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه وبيان علل الحديث ووجه الجمع بين الأحاديث، طلب منه الأئمة الانتقال من الناحية إلى نيسابور لسماع الكتب، فأتى في سنة إحدى وأربعين وعقدوا له المجلس لسماع كتاب المعرفة وحضره الأئمة، وكان على سيرة العلماء قانعًا باليسير. وقال شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن البيهقي: نا أبي قال: حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب -يعني كتاب معرفة السنن والآثار- وفرغت من تهذيب أجزاء منه، سمعت الفقيه محمد بن أحمد وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم تلاوة وأصدقهم لهجة يقول: رأيت الشافعي في النوم وبيده جزء من هذا الكتاب وهو يقول: قد كتبت اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء أو قال: قرأتها ورآه يعيد ذلك. قال: وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني الشافعي قاعدًا في الجامع على سرير وهو يقول: استفدت اليوم من كتاب الفقيه حديث كذا وكذا؛ وأخبرنا والدي، سمعت الفقيه أبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول: سمعت الفقيه محمد بن عبد العزيز المروزي يقول: رأيت في المنام كأنّ تابوتًا علا في السماء يعلوه نور فقلت: ما هذا؟ قال: هذه تصنيفات أحمد البيهقي. ثم قال شيخ القضاة: وسمعت الحكايات الثلاث من الثلاثة المذكورين.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد أنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن أنا محمد بن إسماعيل الفارسي أنا أبو بكر البيهقي أنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد أنا أبو بكر بن حجة نا أبو الوليد نا عمرو بن العلاء اليشكري عن صالح بن سرج عن عمران بن حطان عن عائشة قالت: قال رسول الله، {{صلل}}: "يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقضِ بين اثنين في تمرة قط".
 
قلت: حضر في أواخر عمره من بيهق إلى نيسابور، وحدث بكتبه، ثم حضره الأجل في عاشر جمادى الأولى من سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، فنقل في تابوت فدفن ببيهق، هي ناحية من أعمال نيسابور على يومين منها، وخُسروجِرد هي أم تلك الناحية.
 
حدث عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري بالإجازة وأبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد وولده إسماعيل بن أحمد وأبو عبد الله الفراوي وأبو القاسم الشحامي وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي وعبد الجبار بن عبد الوهاب الدهان وعبد الجبار بن محمد الخواري وأخوه عبد الحميد بن محمد وخلق كثير.
 
'''وفيها مات''' معه المسند أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن شمة الأصبهاني صاحب ابن المقرئ وفقيه العراق القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء الحنبلي وقد قارب الثمانين، والعارف فرج الزنجاني ويلقب بأخي، وصاحب المحكم أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي الضرير، فابن عبد البر والخطيب والبيهقي وابن ماكولا هم الطبقة العاشرة الأخيرة من كتاب الطبقات لابن المفضل، بدأ الأربعين بالزهري وختم بابن ماكولا.
 
1015- 14/14
 
===الخطيب===
 
الحافظ الكبير الإمام محدث الشام والعراق أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي '''البغدادي'''، صاحب التصانيف.
 
ولد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وكان والده خطيب قرية درزيجان من سواد العراق ممن سمع وقرأ القرآن على الكتاني فحرص على ولده هذا وأسمعه في الصغر سنة ثلاث وأربعمائة ثم ألهم طلب هذا الشأن ورحل فيه إلى الأقاليم وبرع وصنف وجمع وسارت بتصانيفه الركبان وتقدم في عامة فنون الحديث.
 
سمع أبا الحسن بن الصلت الأهوازي وأبا عمر بن مهدي وأبا الحسين بن المتيم والحسين بن الحسن الجواليقي وابن رزقويه وابن أبي الفوارس وهلالًا الحفار وإبراهيم بن مخلد الباخرجي والموجودين ببغداد. وارتحل سنة اثنتي عشرة إلى البصرة فسمع أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي راوية السنن وعلي بن القاسم الشاهد والحسن بن علي النيسابوري وسمع بنيسابور أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج والقاضي أبا بكر الحيري وطبقتهما. وسمع بأصبهان أبا الحسن بن عبدكويه ومحمد بن عبد الله بن شهريار وأبا نعيم الحافظ وطبقتهم، وسمع بالدينور أبا نصر الكسار وطائفة، وبهمذان محمد بن عيسى وطائفة، وبالكوفة والري والحرمين ودمشق والقدس وصُور وغير ذلك، وكان مجيئه إلى دمشق سنة خمس وأربعين وأربعمائة ثم حج ثم قدم الشام سنة إحدى وخمسين فسكنها إحدى عشرة سنة.
 
روى عنه البرقاني شيخه وأبو الفضل بن خيرون والفقيه نصر المقدسي وأبو عبد الله الحميدي وعبد العزيز الكتاني وأبو نصر بن ماكولا، وعبد الله بن أحمد السمرقندي والمبارك ابن الطيوري ومحمد بن مرزوق الزعفراني وأبو بكر بن الخاضبة وأبي النرسي وأبو القاسم النسيب وهبة الله بن الأكفاني وعلي بن أحمد بن قيس الغساني ومحمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي وأبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي وعبد الكريم بن حمزة وطاهر بن سهل الأسفراييني وهبة الله بن عبد الله الشروطي وأبو السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي وعبد الرحمن بن محمد الشيباني القزاز، وأبو منصور بن خيرون المقرئ ويوسف بن أيوب الهمذاني نزيل مصر، وخلق يطول عدهم، وكان من كبار الشافعية، تفقه بأبي الحسن بن المحاملي، وبالقاضي أبي الطيب.
 
وقال: أول ما سمعت في المحرم سنة ثلاث واستشرت البرقاني في الرحلة إلى عبد الرحمن بن النحاس بمصر أو أخرج إلى نيسابور فقال: إن خرجت إلى مصر إنما تخرج إلى رجل واحد فإن فاتك ضاعت رحلتك، وإن خرجت إلى نيسابور ففيها جماعة، فخرجت إلى نيسابور وكنت كثيرًا أذاكر البرقاني بالأحاديث فيكتبها عني ويضمنها جموعه وحدث عني وأنا أسمع.
 
قال ابن ماكولا: كان أبو بكر الخطيب آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفة وحفظًا وإتقانًا وضبطًا لحديث رسول الله {{صلل}} وتفننًا في علله وأسانيده وعلمًا بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحه. ثم قال: ولم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثله، وسألت الصوري عن الخطيب وأبي نصر السجزي ففضل الخطيب تفضيلًا بينًا. وقال مؤتمن الساجي: ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني مثل الخطيب. وقال أبو علي البرداني: لعل الخطيب لم ير مثل نفسه. وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه: أبو بكر الخطيب يشبه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه.
 
قال أبو سعد السمعاني: كان الخطيب مهيبًا وقورًا ثقة متحببًا حجة حسن الخط كثير الضبط فصيحًا ختم به الحفاظ. قال: وقرأ بمكة على كريمة الصحيح في خمسة أيام، وخرج من بغداد بعد فتنة البساسيري لتشوش الحال إلى الشام، سمعت الخطيب مسعود بن محمد بمرو قال: سمعت الفضل بن عمر النسوي يقول: كنت بجامع صور عند الخطيب فدخل عليه علوي وفي كمه دنانير فقال: هذا الذهب تصرفه في مهماتك؛ فقطب وقال: لا حاجة لي فيه، فقال: كأنك تستقله ونفض كمه على سجادة الخطيب وقال: هي ثلاثمائة دينار، فخجل الخطيب وقام وأخذ سجادته وراح. فما أنسى عز خروجه وذل العلوي وهو يجمع الدنانير.
 
قال أبو زكريا التبريزي: كنت أقرأ على الخطيب بحلقته بجامع دمشق كتب الأدب المسموعة له وكنت أسكن منارة الجامع فصعد إليّ وقال: أحببت أن أزورك فتحدثنا ساعة ثم أخرج ورقة وقال: الهدية مستحبة اشترِ بهذه أقلامًا وقام فإذا خمسة دنانير؛ ثم صعد نوبة أخرى ووضع نحوًا من ذلك، وكان إذا قرأ الحديث يسمع صوته في آخر الجامع، كان يقرأ معربًا صحيحًا.
 
قال السمعاني: سمعت من ستة عشر من أصحابه سمعوا منه ببغداد سوى نصر الله المصيصي فسماعه منه بدمشق، وسوى يحيى بن علي الخطيب فسماعه منه بالأنبار، أبو محمد بن الآبنوسي: سمعت الخطيب يقول: كل من ذكرت فيه أقاويل الناس من جرح وتعديل فالتعويل على ما أخرت. قال ابن شافع: خرج الخطيب فقصد صور وبها عز الدولة أحد الأجواد وتقرب منه فانتفع به وأعطاه مالًا كثيرًا، انتهى إليه الحفظ والإتقان والقيام بعلوم الحديث.
 
قال ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحدث عن أبي الفضل بن خيرون أو غيره أن الخطيب ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله ثلاث حاجات أخذًا بالحديث: "ماء زمزم لما شرب له" فالحاجة الأولى أن يحدث بتاريخ بغداد بها، الثانية أن يملي الحديث بجامع المنصور، الثالثة أن يدفن عند بشر الحافي؛ فقضى الله له ذلك. قال غيث الأرمنازي: نا أبو الفرج الأسفراييني قال: كان الخطيب معنا في الحج فكان يختم كل يوم قريب الغياب قراءة ترتيل ثم يجتمع عليه الناس وهو راكب فيقولون: حدثنا، فيحدث. وقال عبد المحسن الشيحي: عادلت الخطيب من دمشق إلى بغداد فكان له في كل يوم وليلة ختمة.
 
قال السمعاني: له ستة وخمسون مصنفًا؛ التاريخ، الجامع، الكفاية، السابق واللاحق، شرف أصحاب الحديث مجيليد، المتفق والمفترق مجلد كبير، تلخيص المتشابه مجلد كبير، تالي التلخيص في أجزاء، الفصل والوصل مجلد، المكمل في المهمل مجلد، الموضح مجلد، التطفيل مجيليد، الأسماء المهمة مجلد، الفقيه والمتفقه مجلد، الرواة عن مالك مجلد، تمييز متصل الأسانيد مجلد، البخلاء مجيليد، الفنون مجيليد، كتاب البسملة وأنها من الفاتحة جزء، الجهر بها جزءان، غنية المقتبس في تمييز الملتبس مجلد، من وافقت كنيته اسم أبيه ثلاثة أجزاء، من حدث ونسي جزء، الحيل ثلاثة أجزاء، الأسماء المبهمة جزء، رواية الأبناء عن آبائهم جزء، المؤتنف لتكملة المؤتلف والمختلف، الرحلة جزء، اقتضاء العلم جزء، الاحتجاج بالشافعي جزء، مبهم المراسيل مجلد، مقلوب الأسماء مجلد، العمل بشاهد ويمين جزء، أسماء المدلسين أربعة أجزاء، تقييد العلم ثلاثة أجزاء، القول في النجوم جزء، ما روى الصحابة عن التابعين جزء، صلاة التسبيح جزء، صوم يوم الشك جزء، إجازة المجهول جزء.
 
قلت: ومعجم الرواة عن شعبة مجلد، المؤتلف والمختلف مجلد كبير، مسند محمد بن سوقة أربعة أجزاء، المسلسلات ثلاثة أجزاء، الرباعيات ثلاثة أجزاء، طرق قبض العلم ثلاثة أجزاء، غسل الجمعة ثلاثة أجزاء، وغير ذلك.
 
أنشدني أبو الحسين اليونيني أنشدنا أبو الفضل الهمداني أنشدنا السلفي لنفسه، وقد رواها السمعاني في الذيل عن يحيى بن سعدون عن السلفي قال:
 
تصانيف ابن ثابت الخطيب ألذ من الصبي الغض الرطيب
 
يراها إذ رواها من حولها رياضا للفتى اليقظ اللبيب
 
ويأخذ حسن ما قد ضاع منها بقلب الحافظ الفطن الأريب
 
فأية راحة ونعيم عيش توازي كتبها بل أي طيب
 
قال أبو الحسن الهمذاني: مات هذا العلم بوفاة الخطيب، وقد كان رئيس الرؤساء تقدم إلى الوعاظ والخطباء ألا يرووا حديًثا حتى يعرضوه على أبي بكر، وأظهر بعض إليهود كتابًا بإسقاط النبي {{صلل}} الجزية عن الخيابرة وفيه شهادة الصحابة، فعرضه الوزير على أبي بكر فقال: هذا مزوّر، قيل: من أين قلت هذا؟ قال: فيه شهادة معاوية، وهو أسلم عام الفتح بعد خيبر، وفيه شهادة سعد بن معاذ ومات قبل خيبر بسنين.
 
قال شجاع الذهلي: والخطيب إمام مصنف حافظ لم يدرك مثله.
 
قال سعيد المؤدب: قلت للخطيب عند لقائي له: أنت الحافظ أبو بكر؟ فقال: أنا أحمد بن علي الخطيب، انتهى الحفظ إلى الدارقطني. قال ابن الآبنوسي: كان الخطيب يمشي وفي يده جزء يطالعه؛ وقيل: كان الخطيب يقول: من صنف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس. قال ابن طاهر في المنثور: أخبرنا مكي الرميلي قال: كان سبب خروج الخطيب من دمشق أنه كان يختلف إليه صبي مليح فتكلم فيه الناس وكان أمير البلد رافضيًّا متعصبًا فجعل ذلك سببًا للفتك بالخطيب، فأمر صاحب شرطته أن يأخذ الخطيب بالليل ويقتله وكان سنيًّا، فقصده تلك الليلة في جماعته فأخذه وقال له بما أمر به ثم قال: لا أجد لك حيلة إلا أنك تفر منا وتهجم دار الشريف بن أبي الحسن العلوي وأنا لا أطلبك وأرجع إلى الأمير فأخبره، ففعل ذلك، فأرسل الأمير إلى الشريف أن يبعث به فقال له: أيها الأمير أنت تعرف اعتقادي فيه وفي أمثاله، وليس في قتله مصلحة وهو مشهور بالعراق، إن قتلته قتل به جماعة من الشيعة وخربت المشاهد، قال: فماذا ترى؟ قال: أرى أن تخرجه من بلدك؛ فأمر بإخراجه فذهب إلى صور واقام بها مدة.
 
وقال ابن السمعاني: خرج من دمشق في صفر سنة سبع وخمسين فقصد صور وكان يزور منها القدس ويعود، إلى أن سافر إلى العراق سنة اثنتين وستين وذهب إلى طرابلس ثم إلى حلب وبقي بها أيامًا. وقال المؤتمن الساجي: تحاملت الحنابلة على الخطيب حتى مال إلى ما مال إليه. وقال ابن عساكر: سعى بالخطيب حسين الدمنشي إلى أمير الجيوش وقال: هو ناصبي يروي فضائل الصحابة والعباس في جامع دمشق. وقيل: إن الخطيب قدم بغداد وظهر بجزء فيه سماع القائم بأمر الله فأتى دار الخلافة يستأذن في قراءة الجزء، فقال الخليفة: هذا رجل كبير وليس غرضه السماع فانظروا هل له حاجة؟ فسألوه ما حاجته؟ قال: أن يؤذن لي في أن أملي بجامع المنصور، وذكر القصة. قال ابن طاهر: سألت هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي: هل كان الخطيب كتصانيفه في الحفظ؟ قال: لا، كنا إذا سألنا عن شيء أجابنا بعد أيام وإن ألححنا عليه غضب، كانت له بادرة وحشة.
 
أخبرنا أبو علي بن الخلال أنا جعفر أنا أبو طاهر الحافظ نا محمد بن مرزوق الزعفراني نا الحافظ أبو بكر الخطيب قال: أما الكلام في الصفات فإن ما روي منها في السنن الصحاح مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والفصل إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين، ودين الله بين الغالي فيه والمقصر عنه، والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ويحتذي في ذلك حذوه ومثاله، وإذا كان معلوم أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فإذا قلنا: لله يد وسمع وبصر فإنما هي صفات أثبتها الله تعالى لنفسه، ولا نقول: إن معنى اليد القدرة ولا إن معنى السمع والبصر العلم ولا نقول: إنها جوارح ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ونقول: إنما وجب إثباتها؛ لأن التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
 
وقال ابن النجار في ترجمة الخطيب: نشأ ببغداد وقرأ القرآن بالروايات وتفقه وعلق شيئًا من الخلاف، وآخر من حدث عنه بالسماع محمد بن عمر الأرموي القاضي. قلت: وآخر من حدث عنه بالإجازة مسعود بن الحسن الثقفي الذي انفردت بإجازته عجيبة بنت الباقِداري، ثم طعن أبو موسى المديني في نقل إجازة الخطيب لمسعود فتورع الرجل عنها.
 
قال أبو منصور علي بن علي الأمير: كتب الخطيب إلى القائم: إني إذا مت يكون مالي لبيت المال فليؤذن لي حتى أفرقه على من شئت، فأذن له ففرقها على المحدثين. قال ابن ناصر: حدثتني أمي أن أبي حدثها قال: دخلت على الخطيب في مرضه فقلت له يومًا: يا سيدي إن ابن خيرون لم يعطني من الذهب شيئًا الذي أمرته أن يفرقه على أصحاب الحديث؛ فرفع الخطيب رأسه من المخدة وقال: خذ هذه بارك الله لك فيها، فكان فيها أربعون دينارًا.
 
وقال مكي الرميلي: مرض الخطيب في رمضان من سنة ثلاث وستين في نصفه إلى أن اشتد به الحال في أول ذي الحجة، ومات يوم سابعه وأوصى إلى أبي الفضل بن خيرون ووقف كتبه على يده وفرق ماله في وجوه البر وشيعه القضاة والخلق، وأمهم أبو الحسين بن المهتدي بالله ودفن بجنب بشر الحافي. قال ابن خيرون: دفن بباب حرب وتصدق بماله وهو مائتا دينار وأوصى بأن يتصدق بثيابه وكان بين يدي جنازته جماعة ينادون: هذا الذي كان يذب عن رسول الله، {{صلل}}، هذا الذي كان ينفي الكذب على رسول الله، {{صلل}}، هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله، {{صلل}}، وختم على قبره عدة ختمات.
 
وقال عبد العزيز الكتاني: ورد كتاب جماعة أن الحافظ أبا بكر مات في سابع ذي الحجة، وكان أبو إسحاق الشيرازي ممن حمل جنازته، قال إسماعيل بن أبي سعد الصوفي: كان أبو بكر بن زهراء الصوفي برباطنا قد أعد لنفسه قبرًا إلى جانب قبر بشر الحافي وكان يمضي إليه في كل أسبوع وينام فيه ويقرأ فيه القرآن كله، فلما مات الخطيب وكان أوصى أن يدفن إلى جنب بشر الحافي فجاء المحدثون إلى ابن زهراء، وسألوه أن يدفنوا الخطيب في قبره وأن يؤثره به فامتنع فجاءوا إلى أبي فأحضره وقال: أنا لا أقول لك أعطهم القبر، ولكن لو أن بشرًا الحافي في الأحياء وأنت إلى جانبه فجاء أبو بكر الخطيب ليقعد دونك أكان يحسن بك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا، بل كنت أقوم وأجلسه؛ قال: فهكذا ينبغي أن يكون الساعة، فطاب قلبه وأذن لهم. قال علي بن الحسين بن جدا: رأيت بعد موت الخطيب كأن شخصًا قائمًا بحذائي فأردت أن أسأله عن الخطيب فقال لي ابتداء: انزل وسط الجنة حيث يتعارف الأبرار.
 
قال غيث الأرمنازي: قال مكي الرميلي: كنت ببغداد نائمًا في ليلة ثاني عشر في ربيع الأول سنة ثلاث وستين، فرأيت كأنا عند الخطيب لقراءة تاريخه على العادة والشيخ نصر بن إبراهيم المقدسي عن يمينه وعن يمين نصر رجل سألت عنه فقيل: هذا رسول الله {{صلل}} جاء ليسمع التاريخ، فقلت في نفسي: هذه جلالة لأبي بكر. قال غيث: أنشدنا الخطيب لنفسه:
 
إن كنت تبغي الرشاد محضًا لأمر دنياك والمعاد
 
فخالف النفس في هواها إن الهوى جامع الفساد
 
أخبرنا المسلم بن محمد ومؤمل بن محمد ويوسف الشيباني في كتابهم قالوا: أنا أبو اليمن الكندي أنا أبو منصور الشيباني أنا أبو بكر الحافظ أنا أحمد بن محمد بن أحمد الأهوازي أنا محمد بن جعفر المطيري نا الحسن بن عرفة نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن عبيد الله بن عمر عن أسامة بن زيد عن عراك بن مالك عن أبي هريرة عن النبي {{صلل}} قال: "ليس في الخيل والرقيق زكاة إلا أن في الرقيق صدقة الفطر".
 
1016- 15/14
 
===ابن حزم===
 
الإمام العلامة الحافظ الفقيه المجتهد، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد مولى يزيد بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، الفارسي الأصل الأموي اليزيدي القرطبي الظاهري صاحب التصانيف.
 
كان جدهم خلف أول من دخل إلى الأندلس، ولد أبو محمد بقرطبة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وسمع من أبي عمر أحمد بن الحسور ويحيى بن مسعود بن وجه الجنة ويوسف بن عبد الله القاضي وحمام بن أحمد القاضي ومحمد بن سعيد بن نبات وعبد الله بن ربيع التميمي وعبد الله بن محمد بن عثمان وأبي عمر الطلمنكي وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد وعبد الله بن يوسف بن نامي وخلق سواهم.
 
روى عنه أبو عبد الله الحميدي فأكثر وابنه أبو رافع الفضل وطائفة، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن شريح بن محمد، وأول سماعه في سنة أربعمائة. وكان إليه المنتهى في الذكاء والحفظ وسعة الدائرة في العلوم، وكان شافعيًَّا ثم انتقل إلى القول بالظاهر ونفى القول بالقياس وتمسك بالعموم والبراءة الأصلية، وكان صاحب فنون فيه دين وتورع وتزهد وتحرّ للصدق، وكان أبوه وزيرًا جليلًا محتشمًا كبير الشأن.
 
وكان لأبي محمد كتب عظيمة لا سيما كتب الحديث والفقه وقد صنف كتابًا كبيرًا في فقه الحديث سماه: الإيصال إلى فهم كتاب الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام والحلال والحرام والسنة والإجماع، أورد فيه أقوال الصحابة فمن بعدهم والحجة لكل قول، وهو كبير جدًّا. وله كتاب الإحكام في أصول الأحكام مجلدان، وكتاب المحلى في الفقه على مذهبه واجتهاده مجلد، وشرحه هو المحلى في ثماني مجلدات، وكتاب [[الفصل في الملل والنحل]] ثلاث مجلدات، وكتاب إظهار تبديل اليهود والنصارى للكتابين التوراة والإنجيل، وكتاب التقريب لحد المنطق ولا مدخل إليه بألفاظ أهل العلم لا بألفاظ أهل الفلسفة ومثله بالأمثلة الفقهية. أخذ المنطق عن محمد بن الحسن المذحجي وأمعن فيه، فبقي فيه قسط من نحلة الحكماء.
 
قال أبو حامد الغزالي: وجدت في أسماء الله تعالى كتابًا ألفه أبو محمد بن حزم يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه. وقال صاعد بن أحمد: كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام، وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان، ووفور حظه من البلاغة والشعر، ومعرفته بالسنن والآثار والأخبار، أخبرني ولده الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربعمائة مجلد تحتوي على نحو من ثمانين ألف ورقة. قال الحميدي: كان أبو محمد حافظًا للحديث وفقهه، مستنبطًا للأحكام من الكتاب والسنة، متفننًا في علوم جمة، عاملًا بعلمه ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ وكرم النفس والتدين، وكان له في الأدب والشعر نفس واسع وباع طويل، ما رأيت من يقول الشعر على البديهة أسرع منه، وشعره كثير جمعته على حروف المعجم.
 
قال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر أحمد من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر ثم وزر للمظفر بن المنصور ووزر أبو محمد للمستظهر بالله عبد الرحمن بن هشام ثم نبذ الوزارة وأقبل على العلم وبرع في المنطق ثم أعرض عنه وأقبل على علوم الإسلام فنال ما لم ينله أحد. وقال أليسع بن حزم الغافقي: أما محفوظ أبي محمد فبحر عجاج وماء ثجاج يخرج من بحره مرجان الحكم وينبت بثجاجه ألفاف النعم في رياض الهمم، لقد حفظ علوم المسلمين وأربى على أهل كل دين، وألف الملل والنحل، كان أولا يلبس الحرير، ولا يرضى من المكانة إلا بالسرير، مدح المعتمد فأجاد وقصد بلنسية وبها المظفر أحد الأطواد، حدثني عنه عمر بن واجب قال: بينما نحن عند أبي ببلنسية وهو يدرس المذهب إذا بأبي محمد بن حزم يسمعنا ويتعجب ثم سأل الحاضرين عن شيء من الفقه جووب عليه فاعترض فيه فقال له بعض الحضار: هذا العلم ليس من منتحلاتك، فقام وقعد ودخل منزله فعكف، ووكف منه وابل فما كف، وما كان بعد أشهر قريبة حتى قصدنا إلى ذلك الموضع فناظر أحسن مناظرة قال فيها: أنا أتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب.
 
قال القاضي [[أبو بكر بن العربي]]، وقد حط في كتاب القواصم والعواصم على الظاهرية: هي أمة سخيفة تسورت على مرتبة ليست لها وتكلمت بكلام لم تفهمه تلقفوه من إخوانهم الخوارج حيث تقول: لا حكم إلا لله، وكان أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلما عدت وجدت القول بالظاهر قد ملأ به المغرب سخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم، نشأ وتعلق بمذهب الشافعي ثم انتسب إلى داود ثم خلع الكل واستقل بنفسه وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع ويحكم ويشرع ينسب إلى دين الله ما ليس فيه ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرًا للقلوب عنهم وخرج عن طريق المشبهة في ذات الله تعالى وصفاته فجاء فيه بطوام واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل فإذا طالبهم بالدليل كاعوا فيتضاحك مع أصحابه منهم وعضدته الرياسة بما كان عنده من أدب ونسبة كان يوردها على الملوك فكانوا يحملونه ويحمونه لما كان يلقى إليهم في شبه البدع والشرك وفي حين عودي من الرحلة ألفيت حضرتى منهم طافحة ونار ضلالهم لائحة فقاسيتهم مع غير أقران وفي عدم أنصار إلى حسان "؟" يطئون عقبي، تارة تذهب لهم نفسي، وأخرى تنكسر لهم ضرسي، وأنا ما بين إعراض عنهم وتشغيب بهم وقد جاءني رجل بجزء لابن حزم سماه نكت الإسلام، فيه دواهٍ، فجردت عليه نواهي، وجاء آخر برسالة في الاعتقاد فنقضتها برسالة الغرة، والأمر أفحش من أن ينقض، يقولون: لا قول إلا ما قال الله ولا نتبع إلا رسول الله، فإن الله لم يأمر بالاقتداء بأحد ولا بالاهتداء بهدي بشر، فيجب أن يتحققوا أنهم ليس لهم دليل، وإنما هي سخافة وتهويل.
 
قال كاتبه: صدق القائل: لا تنهَ عن خلق وتأتي مثله، ثم قال: فأوصيكم بوصيتين ألا تستدلوا عليهم وطالبوهم بالدليل، فإن المبتدع إذا استدللت عليه شغب، وإذا طالبته بالدليل لم يجد إليه سبيلا.
 
فأما قولهم: لا قول إلا ما قال الله، فحق ولكن أرني ما قال الله. وأما قولهم: لا حكم إلا لله، فغير مسلم على الإطلاق بل من حكم الله أن يجعل الحكم لغيره مما قاله وأخبر به، فصح أن رسول الله {{صلل}} قال: "وإذا حاصرت أهل حصن فلا تُنزلهم على حكم الله، فإنك لا تدري ما حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك". وصح قوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء..." الحديث.
 
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم والمغني للشيخ الموفق. قال أبو الخطاب بن دحية: كان ابن حزم قد برص من أكل اللبان وأصابه زمانة وعاش اثنتين وسبعين سنة إلا أشهرًا.
 
قال أبو محمد عبد الله بن محمد بن العربي: أخبرني ابن حزم أن سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة فدخل المسجد فجلس ولم يركع، فقال له رجل: قم فصلِّ تحية المسجد، وكان ابن ست وعشرين سنة؛ قال: فقمت وركعت فلما رجعنا من الجنازة جئت المسجد فبادرت بالتحية فقال لي: اجلس ليس ذا وقت صلاة، يعني بعد العصر، فانصرفت حزينًا وقلت للأستاذ الذي رباني: دلني على دار الفقيه أبي عبد الله بن دحون، فقصدته وأعلمته بما جرى عليَّ فدلني على الموطأ فبدأت عليه قراءة، ثم تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره ثلاثة أعوام وبدأت بالمناظرة.
 
ثم قال ابن العربي: صحبت ابن حزم سبعة أعوام وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب الفصل وقرأنا عليه من كتاب الإيصال سبع مجلدات في سنة ست وخمسين وهو أربعة وعشرون مجلدًا. قال أبو مروان بن حيان: كان ابن حزم حامل فنون، من حديث وفقه وجدل ونسب وما يتعلق بأذيال الأدب مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة، من المنطق والفلسفة، وله كتب كثيرة لم يخل فيها من غلط لجرأته في التسور على الفنون لا سيما المنطق، فإنهم زعموا أنه زل هنالك وضل في سلوك المسالك وخالف أرسطو واضعه مخالفة من لم يفهم غرضه، ولا ارتاض ومال أولًا في النظر إلى الشافعي، وناضل عنه حتى وسم به فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء وعيب بالشذوذ، ثم عدل إلى الظاهر فنقحه وجادل عنه ولم يكن يلطف صدعه بما عنده بتعريض ولا بتدريج، بل يصك به معارضه صك الجندل، وينشقه إنشاق الخردل، فينفر عنه القلوب، ويقع به الندوب، حتى استهدف إلى فقهاء وقته فتمالئوا عليه وأجمعوا على تضليله، وشنعوا عليه وحذروا سلاطينهم من فتنه، ونهوا عوامهم عن الدنو منه فطفق الملوك يقصونه ويسيرونه عن بلادهم إلى أن انتهوا به منقطع أثره وهي بلدة من بادية لبلة وهو في ذلك غير مرتدع ولا راجع، يبث علمه لمن ينتابه من بادية بلده من أصاغر الطلبة الذين لا يخشون فيه الملامة، يسمعهم ويفقههم ويدارسهم. كمل من مصنفاته وقر بعير لم يجاوز أكثرها عتبة باديته لزهد الفقهاء فيها حتى لأحرق بعضها بإشبيلية ومزقت علانية وأكثر معايبه زعموا عند المنصف له جهله بسياسة العلم التي هي أعوص إيعابه وتخلفه عن ذلك على قوة سبحه في غماره، وعلى ذلك فلم يكن بالسليم من اضطراب رائه ومغيب شاهد علمه عنه عند لقائه إلى أن يحرك بالسؤال فيفجر منه بحر علم لا تكدره الدلاء.
 
قلت: هذا القائل منصف فأين كلامه من كلام أبي بكر بن العربي وهضمه لمعارف ابن حزم؟
 
وقال ابن حيان: وكان مما يزيد في شنآنه تشيعه لأمراء بني أمية ماضيهم وباقيهم واعتقاده بصحة إمامتهم حتى نسب إلى النصب، إلى أن قال: ومن تواليفه كتاب الصادع في الرد على من قال بالتقليد، وكتاب شرح أحاديث الموطأ، وكتاب الجامع في صحيح الحديث باختصار الأسانيد، وكتاب التلخيص والتخليص في المسائل النظرية، وكتاب منتقى الإجماع، وكتاب كشف الالتباس لما بين الظاهرية وأصحاب القياس.
 
قلت: وله السيرة النبوية في مجلد، وتصانيفه كثيرة فمنها أنه قال: صنفت كتابًا فيما خالف فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي جمهور العلماء وما انفرد به كل واحد، ولم يسبق إلى ما قاله. ذكر اسم هذا الكتاب هو في أثناء الفرائض من المحلى، ولا ريب أن الأئمة الكبار تقع لهم مسائل ينفرد المجتهد بها ولا يعلم أحد سبقه إلى القول بتلك المسألة، قد تمسك فيها بعموم أو بقياس أو بحديث صحيح عنده، والله أعلم.
 
وقد ذكر لابن حزم قول من يقول: أجل المصنفات الموطأ؛ فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم الصحيحان، وصحيح سعيد بن السكن، والمنتقى لابن الجارود، والمنتقى لقاسم بن أصبغ. ثم بعد هذه الكتب كتاب أبي داود، وكتاب النسائي، ومصنف قاسم بن أصبغ، ومصنف الطحاوي، ومسند البزار، ومسند ابن أبي شيبة، ومسند أحمد بن حنبل، ومسند ابن راهويه، ومسند الطيالسي، ومسند الحسن بن سفيان، ومسند سنجر، ومسند عبد الله بن محمد المسندي، ومسند يعقوب بن شيبة، ومسند علي بن المديني، ومسند ابن أبي غرزة، وما جرى مجرى هذه الكتب التي أفردت لكلام رسول الله {{صلل}} صرفًا. ثم بعدها التي فيها كلامه وكلام غيره، مثل مصنف عبد الرزاق، ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة، ومصنف بقي بن مخلد، وكتاب محمد بن نصر المروزي، وكتاب أبي بكر بن المنذر الأكبر والأصغر. ثم مصنف حماد بن سلمة، ومصنف سعيد بن منصور، ومصنف وكيع، ومصنف الفريابي، وموطأ مالك بن أنس، وموطأ ابن أبي ذئب، وموطأ ابن وهب، ومسائل أحمد بن حنبل، وفقه أبي عبيد، وفقه أبي ثور.
 
قلت: ابن حزم رجل من العلماء الكبار فيه أدوات الاجتهاد كاملة، تقع له المسائل المحررة والمسائل الواهية كما يقع لغيره، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله {{صلل}}. وقد امتحن هذا الرجل وشدد عليه وشرد عن وطنه وجرت له أمور وقام عليه الفقهاء لطول لسانه واستخفافه بالكبار، ووقوعه في أئمة الاجتهاد بأفج عبارة وأفظ محاورة وأبشع رد، وجرى بينه وبين أبي الوليد الباجى مناظرة ومنافرة. قال أبو العباس بن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقين.
 
وقال أبو بكر محمد بن طرخان التركي: قال لي الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن العربي: توفي ابن حزم بقريته وهي على خليج البحر الأعظم في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين. وقال غيره: مات ليومين بقيا من شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة، أرخه في سنة ست غير واحد.
 
'''وفيها مات''' مفتي الحنفية ببخارى العلامة شمس الأئمة أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني صاحب التصانيف في شعبان، والعلامة المتكلم أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان العكبري النحوي، ومسند بغداد أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي عن تسعين سنة، ومحدث نيسابور المفيد أبو سعيد محمد بن علي بن محمد النيسابوري الخشاب في عشر الثمانين.
 
كتب إلينا أبو محمد بن هارون من تونس سنة سبعمائة قال: أنبأنا أبو القاسم أحمد بن يزيد القاضي أنا أبو الحسن شريح بن محمد الرعيني إجازة عن أبي محمد بن حزم قال: أنا يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود أنا قاسم بن أصبغ نا إبراهيم بن عبد الله نا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "الصوم جنة".
 
1017- 16/14
 
===الدربندي===
 
الحافظ الإمام الجوال، أبو الوليد الحسن بن محمد بن علي البلخي.
 
سمع أبا عبد الله الغنجار وأبا الحسين بن بشران ببغداد، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي بدمشق وطبقتهم فأكثر. حدث عنه أبو بكر الخطيب وأبو علي الحداد وأبو القاسم الشحامي وأبو عبد الله الفراوي وعبد المنعم بن القشيري وآخرون. توفي بسمرقند في شهر رمضان سنة ست وخمسين أيضًا.
 
قال ابن النجار: رحل من ما وراء النهر إلى الإسكندرية، وكان رديء الحفظ لكنه مكثر صدوق، وسمع ببلخ من علي بن محمد الخزاعي، وبنيسابور أبا زكريا المزكي، وبهراة أبا منصور الأزدي، وبأستراباذ بندار بن محمد، وبالبصرة أبا عمر الهاشمي، وبهمذان محمد بن عيسى، وبمصر ابن نظيف. قال عبد الغافر: طوف أبو الوليد البلاد، وحصل الأسانيد والغرائب.
 
أخبرنا أحمد بن تاج الأمناء عن أبي روح الهروي أنا زاهر بن طاهر أنا أبو الوليد الحسن بن محمد البلخي أنا أبو القاسم الحسن بن محمد الأنباري أنا محمد بن أحمد بن المسور نا أبو عمرو المقدام بن داود نا علي بن معبد العبدي أنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي عن حذيفة أن النبي {{صلل}} قال: "والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابًا من عنده ثم لتدعنّه، فلا يستجيب لكم". أخرجه الترمذي وحسنه من طريق إسماعيل والدراوردي.
 
1018- 17/14
 
===النخشبي===
 
الحافظ الإمام المفيد الرحال عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم، صاحب جعفر بن محمد المستغفري.
 
سمع منه وفي الرحلة من أبي طالب بن غيلان ومحمد بن حسين الحراني وأبي بكر بن ريذة وأبي الفرج الطناجيري وخلائق بخراسان والعراق وأصبهان ودمشق، ودخل أصبهان سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
 
حدث عنه أبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي وسهل بن بشر الأسفراييني. قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد العزيز النخشبي فجعل يعظمه ويعظم أمره جدًّا ويقول: ذاك النخشبي، ذاك النخشبي، كان حافظًا كبيرًا. وقال السلفي: سألت المؤتمن الحافظ عن عبد العزيز النخشبي فقال: كان الحفاظ مثل الصوري والخطيب يحسنون الثناء عليه ويرضون فهمه، حصل له بأرض مصر وما والاها الإسناد. وقال الحافظ يحيى بن منده: كان عبد العزيز أوحد زمانه في الحفظ والإتقان، لم ير مثله في الحفظ في عصرنا، دقيق الخط سريع الكتابة والقراءة حسن الخلق. توفي بنخشب سنة سبع وخمسين وأربعمائة. قال أبو القاسم بن عساكر: توفي في سنة ست وخمسين بنخشب، وقيل: مات بسمرقند، {{رحمه ى}}.
 
1019- 18/14
 
===عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق===
 
الحافظ الإمام الجوال أبو زكريا التميمي البخاري.
 
سمع ببخارى وبخراسان والعراق والشام واليمن ومصر وأفريقية، حدث عن الإمام أبي عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي وأبي يعلى حمزة المهلبي وأبي عمر بن مهدي وأبي محمد بن البيع وهلال الحفار وتمام الرازي وعبد الغني بن سعيد الأزدي، وخلق كثير.
 
روى عنه عبد الوهاب بن عبد الله بن الحباب شيخه والفقيه نصر المقدسي ومشرف بن علي التمار، وجميل بن الحسن المادرائي وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي في مشيخته وآخرون، مولده سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. وأكبر شيخ لقيه إبراهيم بن محمد بن يزداذ بالري، حدثه عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، وذلك في مشيخة الرازي.
 
أنبأني ابن علان وجماعة قالوا: أنبأنا القاسم بن علي بن الحسن أنا أبي أنا علي بن المسلم أنا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله المري قال: حدثني عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري أنا أحمد بن علي بن نصر الكاتب أنا أبو نصر أحمد بن سهل أنا قيس بن أنيف نا محمد بن صالح نا محمد بن سليمان المكي نا عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي أن رسول الله {{صلل}} قال: "اغسلوا ثيابكم وخذوا من شعوركم واستاكوا وتزينوا؛ فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك، فزنت نساؤهم". هذا لا يصح وإسناده ظلمة.
 
قال السلفي: كان أبو زكريا من الحفاظ الأثبات، توفي سنة إحدى وستين وأربعمائة.
 
'''وفيها مات''' مسند مصر أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي، ومقرئ مصر أبو الحسين نصر بن عبد العزيز الشيرازي، ومحدث بخارى أبو حفص عمر بن منصور البزاز، سمع من ابن حاجب الكشاني والكبار.
 
قرأت على الحسن بن علي أخبركم جعفر بن منير أنا عبد الله بن عبد الرحمن الديباجي أنا أبو جعفر أحمد بن يحيى بن الجارود نا الحافظ عبد الرحيم بن أحمد إملاء أنا محمد بن إبراهيم المصري ببيت المقدس نا أبو الحسن أحمد بن سلام الطرسوسي نا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الطرسوسي نا يعلى ومحمد ابنا عبيد قالا: أنا الأعمش عن خيثمة عن سويد بن غفلة سمعت عليًّا يقول: إذا حدثتكم عن رسول الله {{صلل}} بشيء، فإني والله لأن أخر من السماء فتخطفني الطير أحب إليّ من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيننا فإن الحرب خدعة. رواه مسلم.
 
أخبرنا عبد الله ابن الحافظ أنا محمد بن إسماعيل أنا ابن ياسين أنا محمد بن أحمد أنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ أنا إبراهيم بن محمد بن يزداذ ببخارى أنا ابن أبي حاتم أنا أبو سعيد الأشج نا وكيع عن الأعمش عن "الشعبي عن" النعمان بن بشير عن النبي {{صلل}} قال: "مثل الواقع في حدود الله والمداهن فيها كمثل قوم ركبوا سفينة فاستهموا عليها فركب قوم علوها وقوم سفلها، فكانوا إذا استقوا آذوهم وأصابوهم بالماء فقالوا: قد آذيتمونا تمرون علينا فأعطوا رجلًا فأسًا ينقب عندهم نقبًا. قالوا: ما هذا؟ قالوا: تأذيتم بنا فننقب عندنا نقبا نستقي منه، فإن تركوهم هلكوا وهلكوا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا نجوا". هذا حديث صحيح غريب.
 
1020- 19/14
 
===العطار===
 
الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني المستملي العطار، مستملي أبي نعيم الحافظ.
 
سمع بالبصرة أبا عمر الهاشمي وعلي بن القاسم النجاد، وببغداد أبا القاسم الحرفى وطبقته، وبأصبهان أبا سعيد النقاش وأبا بكر بن مردويه وطبقتهم. قال أبو سعد السمعاني: هو حافظ عظيم الشأن عند أهل بلده، أملى عدة مجالس. وقال الدقاق في رسالته: كان من الحفاظ يملي من حفظه. قلت: حدث عنه سعيد بن أبي الرجاء والحسين بن عبد الملك الخلال وفاطمة بنت محمد البغدادي والمعمر إسماعيل بن علي الحمامي وعدة، توفي في صفر سنة ست وستين وأربعمائة.
 
'''وفيها توفي''' المسند أبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي النيسابوري صاحب أبي محمد المخلدي، ومسند مرو أبو سهل محمد بن أحمد بن عبيد الله الحفصي صاحب الكشميهني، وعالم صقلية ومفتيها عبد الحق بن محمد بن هارون المالكي بإسكندرية، ومحدث دمشق ومفتيها الحافظ عبد العزيز بن أحمد التميمي الكتاني الصوفي عن سبع وسبعين سنة. قال ابن ماكولا: مكثر متقن، والمحدث المفيد الجوال أبو مسلم عمر بن علي الليثي البخاري كهلًا.
 
أخبرنا إذنًا جماعة قالوا: أنا المؤيد بن عبد الرحيم أنا سعيد بن أبي الرجاء أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الحافظ سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة أنا أبو عمر الهاشمي نا عيسى بن إبراهيم نا أبو يوسف القلوسي نا عمرو بن سفيان القطعي نا الحسن بن عجلان عن ليث عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا جاء إلى النبي {{صلل}} فقال: يا رسول الله، إني حملت أمي على عنقي فرسخين في رمضاء شديدة لو ألقيت مضغة من لحم نضجت، فهل أديت شكرها؟ قال: "لعل ذلك أن يكون بطلقة واحدة". سمعه المزي والبرزالي من ابن محفوظ الرسعني بسماعه من عبد العزيز بن هلال سنة ثلاث عشرة وستمائة بسماعه من المؤيد سنة ست وستمائة.
 
أنا عبد الواسع بن عبد الكافي كتابة عن أحمد بن أبي نصر بن الصباغ وأبي الغنائم محمد بن شهريار قالا: أنا إسماعيل بن علي الحمامي أنا محمد بن إبراهيم بن علي العطار نا علي بن القاسم نا أبو روق الهزاني نا زياد بن يحيى نا مالك بن سعد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إنما أنا رحمة مهداة". رواه وكيع عن الأعمش فوقفه.
 
وأخبرناه عاليًا أبو المعالي الأبرقوهي أنا المبارك بن أبي الجود أنا أحمد ابن أبي غالب أنا عبد العزيز بن علي أنا أبو طاهر المخلص نا يحيى بن محمد نا زياد بن يحيى، فذكره بزيادة: يا أيها الناس.
 
1021- 20/14
 
===السكري===
 
هو الحافظ أبو سعد علي بن موسى النيسابوري، المشهور بالسكري الذي انتخب لأبي سعيد الكنجرودي تيك الأجزاء الخمسة.
 
سمع من جده عبد الله بن عمر السُّكّري والقاضي أبي بكر الحيري ومحمد بن موسى الصيرفي وأبي حسان المزكي ومحمد بن إبراهيم وطبقتهم. حدث عنه إسماعيل بن أبي صالح المؤذن ويوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد وهبة الرحمن بن القشيري وغيرهم، وهو معدود في حفاظ خراسان، حج وتوفي في أيامه سنة خمس وستين وأربعمائة.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا إسماعيل بن عثمان أنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، سمعت أبا سعد علي بن موسى السكري، سمعت أبا الفضل عمر بن إبراهيم، سمعت أبا أحمد الغطريفي، سمعت أبا خليفة، سمعت عبد الرحمن بن بكر، سمعت الربيع بن مسلم، سمعت محمد بن زياد، سمعت أبا هريرة، سمعت أبا القاسم {{صلل}} يقول: "أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار". أخرجه مسلم عن عبد الرحمن.
 
1022- 21/14
 
===المؤذن أبو صالح===
 
أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد النيسابوري، الحافظ محدث وقته بخراسان.
 
سمع أبا نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفراييني وأبا الحسن العلوي وأبا يعلى المهلبي وأبا طاهر بن محمش والحاكم أبا عبد الله وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وخلقًا كثيرًا من أصحاب الأصم، ثم ارتحل فسمع حمزة بن يوسف السهمي بجرجان، وأبا القاسم بن بشران ببغداد، والمسدد الأملوكي بدمشق، وأبا نعيم الحافظ بأصبهان، والحسن بن الأشعث بمنبج، وأبا ذر الهروي بمكة، وصحب الأستاذ أبا علي الدقاق وأحمد بن نصر الطالقاني وعمل مسودة لتاريخ مرو، روى عنه ولده إسماعيل بن أبي صالح وأبو القاسم الشحامي وأخوه وجيه وعبد الكريم بن الحسن البسطامي وأبو عبد الله الفراوي وعبد المنعم بن القشيري وأبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد وآخرون.
 
قال عبد الغافر بن إسماعيل في تاريخه: أبو صالح المؤذن الأمين المتقن المحدث الصوفي نسيج وحده في طريقته وجمعه وإفادته، ما رأينا مثله في حفظ القرآن وجمع الأحاديث، سمع الكثير، وجمع الأبواب والشيوخ، وأذن حسبة سنين عدة، وكان يحث على معرفة الحديث ولم أتمكن من جمع هذا التاريخ إلا من مسوداته ومجموعاته، فهي المرجوع إليها، إلى أن قال: ولو ذهبت أشرح منه ما رأيت منه، لسودت أوراقًا جمة ولم أنتهِ إلى استيفاء ذلك، سمعت منه جميع الحلية لأبي نعيم ومعجم الطبراني ومسند الطيالسي. وقال زاهر الشحامي: خرج أبو صالح ألف حديث عن ألف شيخ له. وقال الخطيب: كتب عني أبو صالح وكتبت عنه وهو ثقة، قال لي: أول سماعي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. قلت: هو أعلى إسنادًا من الصوري المذكور في أول الطبقة.
 
وكان مولده في سنة ثمان وثمانين. قال أبو سعد السمعاني: هو صوفي حافظ متقن نسيج وحده في الجمع والإفادة، أذن مدة احتسابًا ووعظ في الليل وشيخ على المدرسة البيهقية، وكانت تحت يده وقاف الكتب والأجزاء الحديثية فيتعهد حفظها ويأخذ صدقات التجار والأكابر ويوصلها إلى المستحقين.
 
قال أبو بكر محمد بن يحيى المزكي: ما يقدر أحد أن يكذب في الحديث هنا وأبو صالح حي. وقال أبو المظفر منصور بن السمعاني: إذا دخلتم على أبي صالح فادخلوا بالحرمة، فإنه نجم الزمان ونسيج وقته. قال أبو سعد السمعاني: رأى أبا صالح بعض الصالحين ليلة موته وكان النبي {{صلل}} قد أخذ بيده وقال: "جزاك الله عنى خيرًا فنعما قمت بحقي ونعما نشرت من سنتي". قال عبد الغافر: توفي في سابع رمضان سنة سبعين وأربعمائة.
 
قلت: '''وفيها مات''' مسند العراق أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور البغدادي البزاز عن تسعين سنة، والمعمر أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن حمدوه الرزاز المقرئ خاتمة من روى عن ابن سمعون، ومسند دمشق وخطيبها أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب القرشي، والمسند أبو القاسم عبد الله ابن الحافظ أبي محمد الخلال البغدادي عن خمس وثمانين سنة، وشيخ الحنابلة الشريف أبو جعفر عبد الخالق بن أبي موسى الهاشمي البغدادي عن تسع وخمسين سنة، ونحوي بغداد أبو الحسن محمد بن هبة الله بن الوراق الضرير، ومحدث أصبهان أبو القاسم بن منده، وسأذكره.
 
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد أنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد سنة أربع وعشرين وستمائة أنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ سنة تسع وخمسين أنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن أنا والدي أنا أبو الحسن محمد بن الحسين أنا أبو القاسم عبيد الله بن إبراهيم المزكي نا محمد بن عبد الوهاب الفراء نا الحسين بن الوليد عن قيس عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال: قدم وفد جهينة على النبي {{صل}} فقام غلام يتكلم فقال النبي، {{صلل}}: "أين الكبر؟" غريب جدًّا.
 
1023- 22/14
 
===عبد الرحمن بن منده===
 
هو الحافظ العالم المحدث، أبو القاسم عبد الرحمن ابن الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني.
 
ولد سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وانفرد بإجازة زاهر بن أحمد السرخسي، وسمع الكثير من أبيه، وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قولة وإبراهيم بن محمد الحلاب وأبي جعفر بن المرزبان الأبهري وأبي ذراين الطبراني وخلق بأصبهان، وأبي عمر بن مهدي وأبي محمد بن البيع وهلال الحفار ببغداد، وابن خزقة الواسطي بواسط، وأبي الحسن بن جهضم الصوفي بمكة، وأبي بكر الحيري، وأبي سعيد الصيرفي بنيسابور، لكنه لم يرو عن الحيري كما فعل شيخ الإسلام الهروي، وصنف كثيرًا وعني بهذا الشأن وتعب، وغيره أتقن منه وأحفظ.
 
قال أبو عبد الله الدقاق: مولد الشيخ السديد عبد الرحمن في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة في السنة التي مات فيها ابن المقرئ، وفضائله ومناقبه أكثر من أن تعد، إلى أن قال: وأقول أنا ومن أنا لنشر فضله: كان صاحب خلق وفتوة وسخاء وبهاء، والإجازة كانت عنده قوية، وكان يقول: ما رويت حديثًا إلا على سبيل الإجازة كي لا أوبق فأدخل في كتاب أهل البدعة، وله تصانيف كثيرة، وردود جمة على المبتدعين والمتحرفين في الصفات وغيرها.
 
قال أبو سعد السمعاني: لعبد الرحمن إجازة من زاهر بن أحمد ومحمد بن عبد الله الجوزقي وعبد الرحمن بن أبي شريح وجماعة، أخبرنا عنه أبو نصر الغازي وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي وأبو عبد الله الحسين بن الخلال وأبو بكر الباغبان وأبو عبد الله الدقاق وجماعة كثيرة. قال أبو علي الدقاق: سمعت أبا القاسم هبة الله يقول: قرأت ببغداد على أبي أحمد الفرضي جزءًا فأردت أخذ خطه بذلك فقال: يا بنى لو قيل لك بأصبهان: ليس هذا خط فلان؛ بم كنت أنت تجيبه؟ ومن كان يشهد لك؟ قال: فبعد ذلك لم أطلب من شيخ خطا.
 
قال أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب: كان عمي سيفًا على أهل البدع وهو أكبر من أن يثني عليه مثلي، كان والله آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر في الغدو والآصال ذاكرًا، ولنفسه في المصالح قاهرًا، أعقب الله من ذكره بالشر الندامة، وكان عظيم الحلم كثير العلم، ولد سنة ثلاث وثمانين. قرأت عليه قول شعبة: من كتبت عنه حديثًا فأنا له عبد؛ فقال: من كتب عني حديثًا فأنا له عبد. قال السمعاني: سمعت الحسين بن عبد الملك يقول: سمعت عبد الرحمن يقول: قد تعجبت من حالي مع الأقربين والأبعدين، فإني وجدت بالآفاق التي قصدتها أكثر من لقيته بها موافقًا كان أو مخالفًا دعاني إلى مساعدته على ما يقوله وتصديق قوله والشهادة له في فعله على قبول ورضا، فإن كنت صدقته سماني موافقًا وإن وقفت في حرف من قوله أو شيء من فعله سماني مخالفًا، وإن ذكرت في واحد منهما أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك سماني خارجيا، وإن رويت حديثًا في التوحيد سماني مشبهًا، وإن كان في الرؤية سماني سالميا؛ وأنا متمسك بالكتاب والسنة، متبرئ إلى الله من الشبه والمثل والضد والند والجسم والأعضاء والآلات، ومن كل ما ينسب إلي ويدعى علي من أن أقول في الله تعالى شيئًا من ذلك أو قلته أو أراه أو أتوهمه أو أتحراه أو أنتحله.
 
وقال الدقاق في رسالته: أول شيخ سمعت منه عبد الرحمن فرزقني الله ببركته، وحسن نيته فهم الحديث، وكان جذعًا في أعين المخالفين ولا يخاف في الله لومة لائم، إلى أن قال: ووصفه أكثر من أن يحصى. ذكر أبو بكر أحمد بن هبة الله اللوردجاني أنه سمع أبا القاسم الزنجاني بمكة يقول: حفظ الله الإسلام برجلين: عبد الرحمن بن منده، وعبد الله بن محمد الأنصاري الهروي.
 
قال السمعاني: سمعت الحسن بن محمد بن الرضى العلوي يقول: سمعت خالي أبا طالب بن طباطبا يقول: كنت أشتم أبدًا عبد الرحمن بن منده فرأيت عمر {{عنه}} في المنام، وفي يده يد رجل عليه جبة زرقاء وفي عينيه نكتة، فسلمت عليه فلم يرد علي، وقال: لم تشتم هذا إذا سمعت باسمه؟ فقيل لي: هذا أمير المؤمنين عمر، وهذا عبد الرحمن بن منده، فانتبهت فأتيت أصبهان وقصدت الشيخ عبد الرحمن فلما دخلت عليه صادفته على النعت الذي رأيت في المنام وعليه جبة زرقاء، فلما سلمت عليه قال: وعليك السلام يا أبا طالب، وقبلها ما رآني ولا رأيته، فقال قبل أن أنطق: شيء حرمه الله ورسوله، يجوز لنا أن نحله؟ فقلت: اجعلني في حل، وناشدته الله وقبلت بين عينيه، فقال: جعلتك في حل فيما يرجع إليّ.
 
قال المؤيد ابن الإخوة: سمعت عبد اللطيف بن أبي سعد البغدادي، سمعت صاعد بن سيار الهروي، سمعت أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري يقول في عبد الرحمن بن منده: كانت مضرته في الإسلام أكثر من منفعته. قال السمعاني: سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول، وسألته عن عبد الرحمن بن منده فتوقف ساعة فراجعته فقال: سمع الكثير وخالف أباه في مسائل، وأعرض عنه مشايخ الوقت، وما تركني أبي أسمع منه، كان أخوه خيرًا منه.
 
وقال يحيى بن منده: إن عمه عبد الرحمن مات في سادس شوال سنة سبعين وأربعمائة، وصلى عليه أبي وشيعه من لا يعلم عددهم إلا الله. وقد حدث في سنة سبع وأربعمائة، أخذ عنه علي بن مقرن.
 
أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن منير أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا يحيى بن عبد الوهاب العبدي أنا الإمام عمي أنا أحمد بن علي الأصبهاني أنا أبو أحمد الحافظ أنا محمد بن محمد بن يوسف البخاري القاضي نا محمد بن إسماعيل البخاري نا الفريابي نا إسرائيل عن أبي الجويرية عن معن بن يزيد السلمي قال: دفع أبي يزيد إلى رجل دنانير يتصدق بها فدخلت المسجد فأعطانيها فأتيت بها أبي فقال: ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله {{صلل}} فقال: "لك ما أخذت يا معن، ولك ما نويت يا يزيد".
 
أخبرنا القاسم بن مظفر عن محمود بن منده أنا مسعود بن الحسن سنة ست وخمسين أنا عبد الرحمن بن محمد إجازة أنا أحمد بن محمد بن موسى الأهوازي ببغداد أنا الحسين بن إسماعيل المحاملي أنا سلم بن جنادة أنا أبو معاوية وابن نمير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "أيما مؤمن سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة". رواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه، وعند العز الصيقل حديث عن يوسف بن المبارك الخفاف أنا أبو سعيد أحمد بن محمد البغدادي، أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن منده وأبو المظفر الكوسج وابن شكرويه ومحمد بن أحمد بن سلة قالوا: أنا أبو علي الحسن بن علي البغدادي نا أحمد بن موسى نا أحمد بن حرب نا مورق بن سخيت أنا أبو هلال عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي، {{صلل}} قال: "الندم توبة". <ref> رواه ابن ماجه في الزهد باب 30. وأحمد في مسنده "1/ 376، 423".</ref>
 
أخبرتنا زينب بنت يحيى أنا علي بن حجاج أنا علي بن الحسن الحافظ سنة سبع وخمسين وخمسمائة أنا محمد بن غانم بن أحمد الحداد أنا عبد الرحمن بن محمد أنا أبي أبو عبد الله أنا خيثمة نا سليمان بن عبد الحميد البهراني نا حيوة بن شريح نا بقية أخبرني ضبارة بن عبد الله بن مالك سمع أباه يحدث عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير أن أباه حدثه عن سفيان بن أسد الحضرمي أنه سمع رسول الله {{صلل}} يقول: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك بما هو لك مصدق، وأنت له كاذب". <ref> رواه أبو داود في الأدب 71. وأحمد في مسنده "4/ 183".</ref>
 
1024- 23/14
 
===الكتاني===
 
الإمام المحدث المتقن مفيد دمشق ومحدثها، أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن علي التميمي الدمشقي الصوفي.
 
سمع الكثير وجمع فأوعى ونسخ ما لا يوصف كثرة، سمع صدقة بن الدلم صاحب أبي سعيد بن الأعرابي وتمام بن محمد الرازي، وأبا نصر بن هارون وعبد الرحمن بن أبي نصر وطبقتهم ببلده، وسمع من أبي الحسن بن الحمامي ومحمد بن الروزبهان وعلي بن أحمد بن داود الرزاز وطبقتهم ببغداد، وأحمد بن الصباح وأخيه محمد ببلده، وسمع بالموصل ونصيبين ومنبج وأماكن، وألف وجمع ويحتمل أن يوصف بالحفظ في وقته، ولو كان موجودًا في زماننا لعد من الحفاظ.
 
حدث عنه أبو بكر الخطيب والحميدي وعمر الرواسي وأبو القاسم النسيب وهبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة وأبو القاسم بن السمرقندي وأحمد بن عقيل الفارسي ويحيى بن علي القرشي القاضي وآخرون، مولده سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وأول سماعه في سنة سبع وأربعمائة.
 
قال ابن ماكولا: كتب عني وكتبت عنه وهو مكثر متقن.
 
وقال الخطيب في فوائد النسب: ثقة أمين، ووصفه ابن الأكفاني بالصدق والاستقامة وسلامة المذهب ودوام التلاوة، وحدثني أن شيخه أبا القاسم عبيد الله الأزهري سمع منه ببغداد، ودخلت عليه في مرض موته فقال: أنا أشهدكم أني قد أجزت لكل من هو مولود الآن في الإسلام. قلت: قد حدث عنه بهذه الإجازة طائفة منهم محفوظ بن صصرى التغلبي. توفي في جمادى الآخرة سنة ست وستين وأربعمائة، ألف الوفيات على السنين.
 
أخبرنا الحسن بن علي الأمين أنبأتنا كريمة بنت عبد الوهاب بن علي القرشية أنا أبي أنا علي بن المسلم الفقيه لفظًا سنة خمس وعشرين وخمسمائة أنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأخبرنا المسلم بن أحمد الكعكي قالا: أنا عبد الرحمن بن عثمان التميمي أنا أحمد بن سليمان القاضي إملاء نا أبو زرعة نا أحمد بن صالح نا ابن وهب حدثني محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من سعادة ابن آدم رضاه بما يقضي الله واستخارة الله، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما يقضي الله وتركه استخارة الله". تابعه جماعة عن محمد بن سعد بن أبي وقاص.
 
1025- 24/14
 
===الوخشي===
 
الحافظ الإمام الجوال أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن جعفر البلخي.
 
ووخش قرية من أعمال بلخ، سمع من تمام الرازي وطبقته بدمشق، ومن أبي عمر بن مهدي وطبقته ببغداد، ومن أبي عمر الهاشمي وطبقته بالبصرة، ومن أبي محمد بن النحاس ونحوه بمصر، ومن أبي بكر الحيري ونحوه بخراسان، ومن أبي القاسم علي بن أحمد الخزاعي ببلخ، ومن أبي نعيم الحافظ بأصبهان، روى عنه عمر بن محمد بن علي السرخسي وعمر بن علي المحمودى وجماعة، وحدث عنه الخطيب وهو من أقرانه.
 
قال الحافظ عبد العزيز النخشبي: كان الوخشي يتهم بالقدر وسئل عنه إسماعيل بن محمد التيمي فقال: حافظ كبير؛ وقد روى عنه الحسن بن علي البلخي الحسيني سنن أبي داود. قال أبو سعد السمعاني: كان الوخشي حافظًا فاضلا ثقة حسن القراءة رحل إلى العراق والجبال والشام والثغور ومصر وذاكر الحفاظ. قلت: والأجزاء الوخشيات الخمسة من انتقائه لأبي نعيم الحافظ، وقال عمر بن علي السرخسي: كنت مراهقًا وقت موت الوخشي فحضرته فلما وضع في القبر، سمعنا صيحة فقيل: خرجت الحشرات من المقبرة وكان في طرفها وادٍ انحدرت إليه، وأبصرت العقارب والخنافس وهي منحدرة في الوادي والناس ما يتعرضون لها.
 
قال السمعاني: توفي في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وأربعمائة ببلخ عن ست وثمانين سنة وسمعت عمر السرخسي يقول: ورد نظام الملك علينا ببلخ فقيل له: إن بقرية يقال لها وخش شيخًا سمع الكثير وله رحلة ومعرفة، فاستدعاه وأقعده في المدرسة وقرأ عليه السنن لأبي داود وغير ذلك فقال الوخشي يومًا: سمعت ورحلت وقاسيت المشاق والذل ورجعت إلى وخش وما عرف أحد قدري ولا فهم ما حصلته فقلت: أموت ولا ينتشر ذكري ولا يترحم أحد عليّ، فسهل الله ووفق نظام الملك حتى بنى هذه المدرسة وأجلسني فيها حتى أحدث، لقد كنت بعسقلان أسمع من ابن مصحح وغيره فضاقت علي النفقة وبقيت أيامًا بلا أكل فأخذت لأكتب فعجزت فذهبت إلى دكان خباز وقعدت بقربه لأشم رائحة الخبز وأتقوى بها، ثم فتح الله تعالى عليّ. قال يحيى بن منده: الوخشي قدم أصبهان سنة سبع عشرة ورحل منها سنة إحدى وأربعين، كثير السماع قليل الرواية أحد الحفاظ عارف بعلوم الحديث خبير بأطراف من اللغة والنحو.
 
أخبرتنا زينب بنت كندي ببعلبك أنبأنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي في سنة أربع عشرة وستمائة قال: أنا القاضي بهاء الدين عمر بن علي المحمودي سنة ست وأربعين وخمسمائة نا القاضي أبو علي الحسن بن علي الحافظ من حفظه في صفر سنة إحدى وسبعين وأربعمائة أنا أبو القاسم تمام بن محمد الحافظ بدمشق أنا القاضي أبو الحسن أحمد بن أيوب بن حذلم نا أبو زرعة النصري نا عمر بن حفص بن غياث نا أبي نا الأعمش حدثني إبراهيم قال الأسود: كنا جلوسًا عند عائشة فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها فقالت عائشة، {{عنها}}: لما مرض رسول الله {{صلل}} مرضه الذي مات منه فحضرت الصلاة فأوذن بها {{صلل}} فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" وذكر الحديث.
 
1026- 25/14
 
===الزنجاني===
 
الإمام الثبت الحافظ القدوة أبو القاسم سعد بن علي بن محمد بن علي بن الحسين، شيخ الحرم الشريف.
 
سمع أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء والحسين بن ميمون الصدفي بمصر، وعلي بن سلامة بغزة، ومحمد بن أبي عبيد بزنجان، وعبد الرحمن بن يحيى بن ياسر الجوبري وأبا القاسم بن الطبيز بدمشق وهذه الطبقة، حدث عنه أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وأبو المظفر منصور بن عبد الجبار السمعاني ومكي بن عبد السلام الرميلي وهبة الله بن فاخر ومحمد بن طاهر المقدسي وعبد المنعم بن أبي القاسم القشيري وآخرون.
 
قال أبو سعد السمعاني: سمعت بعض مشايخا يقول: كان جدك أبو المظفر عزم أن يجاور بمكة في صحبة سعد الإمام فرأى ليلة والدته كأنها كاشفة رأسها تقول: يا بني بحقي عليك إلا رجعت إلى مرو، فإني لا أطيق فراقك، فانتبهت مغمومًا وقلت: أشاور سعد بن علي، فأتيته ولم أقدر من الزحام أن أكلمه فلما قام تبعته فالتفت إلي وقال: يا أبا المظفر العجوز تنتظرك، ودخل البيت؛ فعرفت أنه تكلم على ضميري فرجعت تلك السنة.
 
وعن ثابت بن أحمد قال: رأيت أبا القاسم الزنجاني في النوم فقال لي مرتين: إن الله يبني لأهل الحديث بكل مجلس يجلسونه بيتًا في الجنة.
 
قال أبو سعد: طاف الزنجاني الآفاق ثم جاور وصار شيخ الحرم وكان حافظًا متقنًا ورعًا كثير العبادة صاحب كرامات وآيات، إلى أن قال: وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف ويقبلون يده أكثر مما يقبلون الحجر الأسود. ابن طاهر مما سمعه السلفي منه: سمعت الحبال يقول: كان عندنا سعد بن علي ولم يكن على وجه الأرض مثله في عصره، سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول ذلك.
 
وقال محمد بن طاهر الحافظ: ما رأيت مثل الزنجاني، سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: لم يكن في الدنيا مثل سعد بن علي في الفضل. قال الإمام أبو الحسن الكرخي الفقيه: سألت ابن طاهر عن أفضل من رأى فقال: سعد الزنجاني وعبد الله بن محمد الأنصاري. قلت: فأيهما أفضل؟ فقال: عبد الله كان متقنًا، وأما الزنجاني فكان أعرف بالحديث منه، وذلك أني كنت أقرأ على عبد الله فأترك شيئًا لأجربه ففي بعض يرد وفي بعض يسكت، والزنجاني كنت إذا تركت اسم رجل يقول: تركت بين فلان وفلان فلانًا.
 
قال أبو سعد السمعاني: صدق، كان سعد أعرف بحديثه لقلته، وعبد الله كان مكثرًا. قال ابن طاهر: سمعت الفقيه هياج بن عبيد يقول: يوم لا أرى فيه سعدًا لا أعتد أني عملت خيرًا؛ وكان هياج يعتمر كل يوم ثلاث عمر.
 
قال ابن طاهر: لما عزم سعد على المجاورة عزم على نيف وعشرين خصلة أن يفعلها من العبادات، فبقي أربعين سنة ولم يخل منها بواحدة، وكان يملي الحديث بمكة ولم يكن غيره يملي حين حكم المصريون على مكة وإنما كان يملي سرا في بيته. قلت: لأنهم كانوا من خبثاء الرافضة وأعداء الحديث.
 
قال ابن طاهر: دخلت على الشيخ سعد وأنا ضيق الصدر من رجل شيرازي فقبلت يده فقال لي ابتداء: يا أبا الفضل لا يضيق صدرك، عندنا في بلاد العجم مثل يضرب يقال: بخل أهوازي، وحماقة شيرازي، وكثرة كلام رازي؛ ودخلت عليه في أول سنة سبعين لما عزمت على الخروج إلى العراق أودعه ولم يكن عنده خبر من عزمى فقال:
 
أراحلون فنبكي أم مقيمونا فقلت: ما أمر الشيخ لا نتعداه؛ فقال: علام عزمت؟ فقلت: أريد ألحق مشايخ خراسان؛ فقال: تدخل خراسان وتبقى بها ويفوتك مصر فيبقى في قلبك، فاخرج إليها ومنها إلى العراق وخراسان؛ ففعلت وكان في ذلك البركة. وسمعته يقول وقد جرى ذكر الصحيح الذي خرجه أبو ذر الهروي فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب وليس من شرط الصحيح.
 
سئل عنه إسماعيل الحافظ التيمي فقال: إمام كبير عارف بالسنة. مات الزنجاني في أول سنة إحدى وسبعين وأربعمائة أو في آخر التي قبلها، عاش تسعين عامًا فإنه ولد في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة أو التي قبلها. ولو سمع في الحداثة لأدرك إسنادًا عاليًا وإنما سماعاته في الكهولة.
 
ومات معه في السنة الوخشي المذكور، وعالم بغداد الفقيه أبو علي الحسين بن أحمد ابن البناء الحنبلي صاحب التواليف، ومسند بغداد أبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب الأزجي العطار وكيل الخليفة عن سبع وثمانين سنة، ومسند بغداد أيضًا أبو القاسم الأنماطي ابن بنت السكري عن ثلاث وثمانين سنة، وياعن المخلص، ومسند هراة أبو عاصم الفضل بن يحيى الفضيلي الهروي، وشيخ العربية أبو بكر عبد القاهر بن محمد الجرجاني، وعالم همذان أبو الفضل محمد بن عثمان بن زيرك القومساني، ومسند مرو أبو الحسين محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله الصفار راوي الصحيح عن الكشميهني.
 
أخبرنا أبو بكر بن عمر النحوي أنا الحسن بن أحمد الزاهد ببيت المقدس أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو القاسم مختار بن علي المقرئ بالأهواز سنة خمسمائة أنا سعد بن علي الحافظ بمكة أنا أبو القاسم عبد الحميد بن عبد القاهر الأرسوفي نا أبو أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم القيسراني حدثني عمي أحمد بن عبد الرحيم نا أحمد بن إسماعيل البزاز نا عبيد الله بن هانئ نا أبي عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي {{صلل}} قال: "من أصبح معافى في بدنه آمنًا في سربه عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا". هذا حديث غريب ما علمت في نقلته جرحًا لكني لا أعرف هانئًا، وأما المتن فمعروف.
 
وقد كان الحافظ سعد بن علي هذا من رءوس أهل السنة وأئمة الأثر وممن يعادي الكلام وأهله ويذم الآراء والأهواء، فنسأل الله أن يختم لنا بخير وأن يتوفانا على الإيمان والسنة، فلقد قل من يتمسك بمحض السنة بل تراه يثني على السنة وأهلها وقد تلطخ ببدع الكلام ويجسر على الخوض في أسماء الله وصفاته وبادر إلى نفيها وبالغ "بزعمه" في التنزيه، وإنما كمال التنزيه تعظيم الرب -عز وجل- ونعته بما وصف به نفسه تعالى. وله قصيدة في السنة أولها:
 
تدبر كلام الله واعتمد الخبر ودع منك رأيًا لا يلائمه الأثر
 
ونهج الهدى فالزمه واقتد بالألى هم شهدوا التنزيل علك تنجبر
 
وكن موقفا أنا وكل مكلف أمرنا بقفو الحق والأخذ بالحذر
 
فمن خالف الوحي المبين بعقله فذاك امرؤ قد خاب حقا وقد خسر
 
وفي ترك أمر المصطفى فتنة فذر خلاف الذي قد قال واسأله واعتبر
 
وما أجمعت فيه الصحابة حجة فتلك سبيل المؤمنين لمن سبر
 
ففي الأخذ بالإجماع فاعلم سعادة كما في شذوذ القول نوع من الخطر
 
1027- 26/14
 
===الباجي===
 
الحافظ العلامة ذو الفنون، أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعيد بن أيوب بن وارث التجيبي القرطبي الذهبي، صاحب التصانيف.
 
أصله من مدينة بطليوس فانتقل جده إلى باجة المدينة التي بقرب إشبيلية فنسب إليها وليس هو من باجة القيروان التي ينسب إليها الحافظ أبو محمد الباجي المذكور؛ ولد أبو الوليد سنة ثلاث وأربعمائة، وحمل عن يونس بن عبد الله القاضي ومكي بن أبي طالب ومحمد بن إسماعيل وأبي بكر محمد
 
بن الحسن بن عبد الوارث؛ وارتحل سنة ست وعشرين فحج وجاور ثلاثة أعوام ملازمًا لأبي ذر الحافظ وكان يسافر معه إلى سراة بني شبابة ويخدمه، ثم رحل إلى بغداد ودمشق ففاته أبو القاسم بن بشران وسمع أبا القاسم بن الطبيز وعلي بن موسى السمسار والسكن بن جميع الصيداوي وأبا طالب عمر بن إبراهيم الرهري وأبا طالب بن غيلان وأبا القاسم عبيد الله الأزهري ومحمد بن علي الصوري وطبقتهم، وتفقه بالقاضي أبي الطيب الطبري والقاضي أبي عبد الله الحسين الصيمري وأبي الفضل بن عمروس المالكي وأقام بالموصل سنة على أبي جعفر السمناني فأخذ عنه علم العقليات فبرع في الحديث وعلله ورجاله، وفي الفقه وغوامضه وخلافه، وفي الكلام ومضايقه، ورجع إلى الأندلس بعد ثلاثة عشر عامًا بعلم جم حصله مع الفقر والتعفف.
 
روى عنه الحافظان أبو بكر الخطيب وأبو عمر بن عبد البر وهما أكبر منه وأبو عبد الله الحميدي وعلي بن عبد الله الصقلي وأحمد بن علي بن غزلون والحافظ أبو علي الصدفي وولده الإمام أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد الزاهد وأبو بكر الطرطوشي وأبو علي بن سهل السبتي وأبو بحر سفيان بن العاص ومحمد بن أبي الخير القاضي وخلق سواهم، وتفقه به الأصحاب.
 
قال القاضي عياض: آجر أبو الوليد نفسه ببغداد لحراسة درب وكان لما رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذهب للغزل ويعقد الوثائق، قال لي أصحابه: كان يخرج إلينا للإقراء وفي يده أثر المطرقة؛ إلى أن فشا علمه وهيئت الدنيا له وعظم جاهه وأجزلت صلاته حتى مات عن مال وافر وكان يستعمله الأعيان في ترسلهم ويقبل جوائزهم، ولي القضاء بمواضع من الأندلس، وصنف كتاب المنتقى في الفقه، وكتاب المعاني في شرح الموطأ، جاء في عشرين مجلدًا عديم النظير. قال: وقد كان صنف كتابًا كبيرًا جامعًا بلغ فيه الغاية سماه: كتاب الاستيفاء، وله كتاب الإيماء في الفقه خمس مجلدات، وكتاب السراج في الخلاف لم يتم، ومختصر المختصر في مسائل المدونة، وله كتاب اختلاف الموطآت، وكتاب في الجرح والتعديل، وكتاب التسديد إلى معرفة التوحيد، وكتاب الإشارة في أصول الفقه، وكتاب أحكام الفصول في أحكام الأصول، وكتاب الحدود، وكتاب شرح المنهاج، وكتاب سنن الصالحين وسنن العابدين، وكتاب سبيل المهتدين، وكتاب فرق الفقهاء، وكتاب التفسير لم يتم، وكتاب سنن المنهاج، وترتيب الحجاج.
 
وقال أبو نصر بن ماكولا: أما الباجي ذو الوزارتين أبو الوليد ففقيه متكلم أديب شاعر سمع بالعراق ودرس الكلام وصنف، إلى أن قال: وكان جليلا رفيع القدر والخطر قبره بالمرية.
 
وقال أبو علي بن سكرة: ما رأيت مثل أبي الوليد الباجي وما رأيت أحدًا على سمته وهيئته وتوقير مجلسه، ولما كنت ببغداد قدم ولده أبو القاسم فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاة الشامي فقلت له: أدام الله عزك هذا ابن شيخ الأندلس؛ فقال: لعله ابن الباجي؟ قلت: نعم؛ فأقبل عليه.
 
قال القاضي عياض: كثرت القالة في أبي الوليد لمداخلته للرؤساء، ولي قضاء أماكن تصغر عن قدره كأربولة فكان يبعث إليها خلفاءه وربما أتاها المرة ونحوها، وكان في أول امره مقلا حتى احتاج في سفره إلى القصد بشعره واستجار نفسه مدة مقامه ببغداد فيما سمعته مستفيضًا لحراسة درب؛ وقد جمع ابنه شعره وكان ابتدأ كتاب الاستيفاء في الفقه لم يصنع منه سوى كتاب الطهارة في مجلدات. قال: ولما قدم الأندلس وجد لكلام ابن حزم طلاوة إلا أنه كان خارجًا عن المذهب ولم يكن بالأندلس من يشتغل بعلمه فقصرت ألسنة الفقهاء عن مجادلته وكلامه واتبعه على رأيه جماعة من أهل الجهل وحل بجزيرة ميورقة فرأس بها واتبعه أهلها، فلما قدم أبو الوليد كلموه في ذلك فرحل إليه وناظره وشهر باطله، وله معه مجالس كثيرة؛ ولما تكلم أبو الوليد في حديث الكتابة يوم الحديبية الذي في البخاري قال بظاهر لفظه، فأنكر عليه الفقيه أبو بكر بن الصائغ وكفره بإجازة الكتب على رسول الله {{صلل}} النبي الأمي وأنه تكذيب بالقرآن، فتكلم في ذلك من لم يفهم الكلام حتى أطلقوا عليه الفتنة وقبحوا عند العامة ما أتى به وتكلم به خطباؤهم في الجمع، وقال شاعرهم:
 
برئت ممن شرى دنيا بآخرة وقال إن رسول الله قد كتبا وصنف أبو الوليد رسالة بين فيها أن ذلك غير قادح في المعجزة فرجع بها جماعة. قلت: ما كل من عرف أن يكتب اسمه فقط بخارج عن كونه أميًّا؛ لأنه لا يسمى كاتبًا، وجماعة من الملوك قد أدمنوا في كتابة العلامة وهم أميون، والحكم للغلبة لا للصورة النادرة، فقد قال، {{عهس}}: "إنا أمة أمية"؛ أي: أكثرهم كذلك لندور الكتابة في الصحابة، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ}. قلت: وهو القائل:
 
إذا كنت أعلم علمًا يقينًا بأن جميع حياتي كساعة
 
فلم لا أكون ضنينا بها وأجعلها في صلاح وطاعة
 
وأما الحافظ ابن عساكر فذكر أن أبا الوليد قد كان أتى من باجة القيروان تاجرًا يختلف إلى الأندلس. قلت: هذا أقوى مما ابتدأنا به وسار الباجيان نسبتهما إلى مكان واحد. قال ابن سكرة: مات بالمرية في تاسع عشر رجب سنة أربع وسبعين وأربعمائة، رحمة الله عليه.
 
أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ أنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد الوهاب بن إسماعيل بن مكي الزهري الفقيه بقراءتي أنا جدي أبو طاهر بن عوف أنا أبو بكر محمد بن الوليد الفهري أنا القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف أنا يونس بن عبد الله الصفار مناولة أنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله الليثي أنا عم أبي عبيد الله بن يحيى بن يحيى أنا أبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} قال: "إن الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله". متفق عليه من حديث مالك.
 
وسمعت عاليًا من أحمد بن هبة الله عن المؤيد الطوسي أنا هبة الله السندي أنا سعيد بن محمد البحيري أنا زاهر بن أحمد الفقيه نا أبو إسحاق الهاشمي نا أبو مصعب الزهري نا مالك، بهذا.
 
وسمعناه عاليًا من عدة، فقرأته بنابلس على عبد الحافظ بن بدران أنا ابن الزبيدي وموسى بن عبد القادر قالا: أنا أبو الوقت أنا محمد بن أبي مسعود أنا ابن أبي شريح أنا أبو القاسم البغوي نا العلاء بن موسى نا ليث بن سعد عن نافع عن عبد الله عن رسول الله {{صلل}} أنه قال: "إن الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
 
ومات في سنة أربع وسبعين معه المقرئ الجليل أبو محمد أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان الدقاق أخو أبي الغنائم، والمعمر أبو بكر أحمد بن هبة الله بن محمد بن صدقة الرحبي الدباس عن مائة وأربع سنين، وكان يذكر أن أصوله على ابن سمعون والمخلص ذهبت في النهب، ومسند العراق أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري البندار، وعالم المالكية أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن العجوز الكتامي السبتي، ومحدث نيسابور العالم المفيد أبو بكر محمد بن أبي زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي النيسابوري وكان يروي عن خمسين من أصحاب الأصم.
 
1028- 27/14
 
{{ع3|أبو إسماعيل الهروي}}
 
شيخ الإسلام الحافظ الإمام الزاهد '''أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن علي بن جعفر بن منصور بن مت الأنصاري الهروي'''، من ذرية أبي أيوب الأنصاري {{عنه}}.
 
ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وسمع جامع أبي عيسى من عبد الجبار بن محمد الجراحي وسمع من أبي منصور محمد بن محمد الأزدي والحافظ أبي الفضل محمد بن أحمد الجارودي وأبي منصور أحمد بن أبي العلاء ويحيى بن عمار السجستاني ومحمد بن جبريل الماحي وأحمد بن علي بن منجويه الحافظ وأبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي وعلي بن محمد بن محمد الطرازي وأحمد بن محمد السليطي أصحاب الأصم، ومن القاضي أبي بكر الحيري ولم يحدث عنه وأكثر عن أبي يعقوب القراب وطبقته، وصنف الأربعين، وكتاب الفاروق، في الصفات، وكتاب ذم الكلام وأهله، وكتاب منازل السائرين، وأشياء، وكان سيفًا مسلولًا على المخالفين وجذعًا في أعين المتكلمين وطودًا في السنة لا يتزلزل وقد امتحن مرات.
 
قال ابن طاهر: وسمعته يقول بهراة: عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي: ارجع عن مذهبك، لكن يقال لي: اسكت عمن خالفك؛ فأقول: لا أسكت؛ وسمعته يقول: أحفظ اثني عشر ألف حديث أسردها سردًا. قال أبو النضر الفامي: كان إسماعيل بكر الزمان وواسطة عقد المعاني وصورة الإقبال في فنون الفضائل وأنواع المحاسن منها نصرة الدين والسنة من غير مداهنة ولا مراقبة لسلطان ولا وزير، وقد قاسى بذلك قصد الحساد في كل وقت وسعوا في روحه مرارًا وعمدوا إلى إهلاكه أطوارًا، فوقاه الله شرهم وجعل قصدهم أقوى سبب لارتفاع شأنه.
 
قلت: تخرج به خلق كثير وفسر القرآن مدة وفضائله كثيرة؛ ورأيت أهل الاتحاد يعظمون كلامه في منازل السائرين، ويدعون أنه موافقهم ذائق لوجدهم ورامز لتصوفهم الفلسفي، وأنى يكون ذلك وهو من دعاة السنة وعصبة آثار السلف؟ ولا ريب أن في منازل السائرين أشياء من محط المحو والفناء وإنما مراده بذلك الفناء الغيبة عن شهود السوي ولم يرد عدم السوي في الخارج.
 
وفي الجملة هذا الكتاب لون آخر غير الأنموذج الذي أصفق عليه صوفية التابعين ودرج عليه نساك المحدثين، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. وله قصيدة في السنة سمعناها، غالبها جيد. وله مجلد في مناقب الإمام أحمد بن حنبل سمعناه من ابن القواس عن الكندي إجازة عن الكروجي عنه.
 
حدث عنه المؤتمن الساجي وابن طاهر المقدسي وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي وعبد الصبور بن عبد السلام الهروي وعبد الملك الكروجي وحنبل بن علي البخاري وأبو الفتح محمد بن إسماعيل الفامي وعبد الجليل بن أبي سعد المعدل وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وآخرون، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الفتح نصر بن سيار.
 
قال السلفي: وسألت المؤتمن عن أبي إسماعيل الأنصاري فقال: كان آية في لسان التذكير والتصوف من سلاطين العلماء، سمع ببغداد من أبي محمد الخلال وغيره، يروي في مجالسه أحاديث بالأسانيد وينهى عن تعليقها عنه وكان بارعًا في اللغة حافظًا للحديث. قرأت عليه كتاب ذم الكلام وقد روى فيه حديثًا عن علي بن بشرى عن أبي عبد الله بن منده عن إبراهيم بن مرزوق، فقلت له: هذا هكذا؟ قال: نعم؛ وإبراهيم هو شيخ الأصم وطبقته، وهو إلى الآن في كتابه على الخطأ كذا قلت: وهكذا سقط عليه رجلان من حديثين مخرجين من جامع الترمذي نبهت عليهما في نسختي وهو على الخطأ في غير نسخة. قال المؤتمن: وكان يدخل على الأمراء والجبابرة فما يبالي بهم ويرى الغريب من المحدثين فيبالغ في إكرامه، قال لي مرة: هذا الشأن شأن من ليس له شأن سوى هذا الشأن، يعني طلب الحديث؛ وسمعته يقول: تركت الحيري لله؛ قال: وإنما تركته؛ لأني سمعت منه شيئًا يخالف السنة.
 
قال الحسين بن علي الكتبى: خرج شيخ الإسلام لجماعة الفوائد بخطه إلى أن ذهب بصره فكان يأمر فيما يخرجه لمن يكتبه عنه ويصحح هو، وقد تواضع بأن خرج لي فوائد ولم يبق أحد ممن خرج لي سواه. قال ابن طاهر: سمعته يقول: إذا ذكر التفسير فإنما أذكره من مائة وسبعة تفاسير؛ وسمعته ينشد على منبره:
 
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
 
وسمعته يقول: قصدت أبا الحسن الخرقاني الصوفي ثم عزمت على الرجوع فوقع في نفسي أن أقصد أبا حاتم بن خاموش الحافظ بالري وألتقيه وكان مقدم أهل السنة بالري، وذلك أن السلطان محمودًا لما دخل الري وقتل بها الباطنية منع الكل من الوعظ غير أبي حاتم، وكان من دخل الري يعرض اعتقاده عليه، فإن رضيه أذن له في الكلام على الناس وإلا منعه؛ فلما قربت من الري كان معي رجل في الطريق من أهلها فسألني عن مذهبي فقلت: حنبلي، فقال: مذهب ما سمعت به وهذه بدعة، وأخذ بثوبي وقال: لا أفارقك إلى الشيخ أبي حاتم، فقلت: حيرة. فذهب بي إلى داره وكان له ذلك اليوم مجلس عظيم فقال: هذا سألته عن مذهبه فذكر مذهبًا لم أسمع به قط؛ قال: وما ذاك؟ قال: قال: أنا حنبلي؛ فقال: دعه فكل من لم يكن حنبليًّا فليس بمسلم، فقلت: الرجل كما وصف لي؛ ولزمته أيامًا وانصرفت.
 
قال ابن طاهر: حكى لي أصحابنا أن السلطان ألب أرسلان قدم هراة معه وزيره نظام الملك، فاجتمع إليه أئمة الفريقين الحنفية والشافعية للشكوى من الأنصاري ومطالبته بالمناظرة، فاستدعاه الوزير فلما حضر قال: إن هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك فإن يكن الحق معك رجعوا إلى مذهبك، وإن يكن الحق معهم فإما أن ترجع أو تسكت عنهم؛ فقام الأنصاري وقال: أناظر على ما في كمى؛ قال: وما في كمك؟ قال: كتاب الله، وأشار إلى كمه اليمين؛ وسنة رسول الله، وأشار إلى كمه اليسار، وكان فيه الصحيحان فنظر الوزير إليهم مستفهمًا لهم فلم يكن فيهم من ناظره من هذه الطريق، وسمعت أحمد بن أميرجة خادم الأنصاري يقول: حضرت مع الشيخ للسلام على الوزير نظام الملك وكان أصحابنا كلفوه الخروج إليه وذلك بعد المحنة ورجوعه من بلخ "قلت: كان قد غرب إلى بلخ" قال: فلما دخل عليه أكرمه وبجله وكان هناك أئمة من الفريقين فاتفقوا عني أن يسألوه بين يدي الوزير فقال العلوي الدبوسي: يأذن الشيخ لإمام أن أسأل، قال: سل، قال: لم نلعن أبا الحسن الأشعري؟ فأطرق الوزير، فلما كان بعد ساعة قال له الوزير: أجبه؛ قال: لا أعرف أبا الحسن وإنما ألعن من لم يعتقد أن الله في السماء وأن القرآن في المصحف وأن النبي اليوم ليس بنبي؛ ثم قام وانصرف فلم يمكن أحدًا أن يتكلم من هيبته؛ فقال الوزير للسائل: هذا أردتم؛ أن نسمع ما كان يذكره بهراة بآذاننا وما عسى أن أفعل به؟ ثم بعث إليه بصلة وخلع فلم يقبلها وسار من فوره إلى هراة.
 
قال: وسمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان ألب أرسلان هراة في بعض قدماته اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه ودخلوا على أبي إسماعيل وسلموا عليه وقالوا: ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج ونسلم عليه فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك، وكانوا قد تواطئوا على أن حملوا معهم صنمًا من نحاس صغيرًا وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ وخرجوا وقام إلى خلوته ودخلوا على السلطان واستغاثوا من الأنصاري وأنه مجسم وأنه يترك في محرابه صنما يزعم أن الله على صورته وإن بعث الآن السلطان يجده فعظم ذلك على السلطان وبعث غلامًا ومعه جماعة فدخلوا الدار وقصدوا المحراب فأخذوا الصنم ورجع الغلام بالصنم فبعث السلطان من أحضر الأنصاري، فأتى فرأى الصنم والعلماء والسلطان قد اشتد غضبه؛ فقال السلطان له: ما هذا؟ قال: هذا صنم يعمل من الصفر شبه اللعبة؛ قال: لست عن ذا أسألك؟ قال: فعم يسألني السلطان؟ قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا، وأنك تقول: إن الله على صورته، فقال الأنصاري بصولة وصوت جهوري: سبحانك هذا بهتان عظيم، فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه، فأمر به فأخرج إلى داره مكرمًا، وقال لهم: اصدقوني، وهددهم فقالوا: نحن في يد هذا الرجل في بلية من استيلائه علينا بالعامة، فأردنا أن نقطع شره عنا، فأمر بهم ووكل بكل واحد منهم وصادرهم وأهانهم.
 
قال أبو الوقت عبد الأول: دخلت نيسابور وحضرت على الأستاذ أبي المعالي الجويني فقال: من أنت؟ قلت: خادم الشيخ أبي إسماعيل الأنصاري فقال: {{عنه}}، قلت: اسمع ترضي هذا الإمام عن هذا الإمام، وإياك وسماع سب هذا الإمام من الإنعام. قال ابن طاهر: سمعت أبا إسماعيل يقول: كتاب أبي عيسى الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم قلت: ولم؟ قال: لأنهما لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبينها فيصل إلى فائدته كل فقيه وكل محدث.
 
قال ابن السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عن عبد الله بن محمد الأنصاري فقال: إمام حافظ.
 
وقال عبد الغافر بن إسماعيل: كان على حظ تام من معرفة العربية والحديث والتواريخ والأنساب إمامًا كاملًا في التفسير حسن السيرة في التصوف غير مشتغل بكسب مكتفيًا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في العام مرة أو مرتين على رأس الملأ فيحصل على ألوف من الدنانير وأعداد من الثياب والحلي فيأخذها ويفرقها على اللحام والخباز وينفق منها، ولا يأخذ من السلاطين ولا من أركان الدولة شيئًا، وقلما يرى عنهم ولا يدخل عليهم ولا يبالي بهم فبقي عزيزًا مقبولا قبولا أتم من الملك مطاع الأمر نحوًا من ستين سنة من غير مزاحمة، وكان إذا حضر المجلس لبس الثياب الفاخرة وركب الدواب الثمينة ويقول: إنما أفعل هذا إعزازًا للدين ورغمًا لأعدائه حتى ينظروا إلى عزي وتجملي فيرغبوا في الإسلام؛ ثم إذا انصرف إلى بيته عاد إلى المرقعة والقعود مع الصوفية في الخانقاه يأكل معهم ولا يتميز بحال. وعنه أخذ أهل هراة التبكير بالفجر وتسمية أولادهم في الأغلب بعبد المضاف إلى أسماء الله تعالى.
 
قال أبو سعد السمعاني: كان مظهرًا للسنة داعيًا إليها محرضًا عليها وكان مكتفيًا بما يباسط به المريدين، ما كان يأخذ من الظلمة شيئًا وما كان يتعدى إطلاق ما ورد في الظواهر من الكتاب والسنة معتقدًا ما صح وغير مصرح بما يقتضيه تشبيه؛ وقال: من لم ير مجلسي وتذكيري فطعن فيّ، فهو مني في حل.
 
وقال أبو النضر الفامي: توفي أبو إسماعيل في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وقد جاوز أربعًا وثمانين سنة.
 
قلت: فيها توفي راوي الجامع أبو بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي الهروي، ومسند خراسان أبو عمرو عثمان بن محمد بن عبيد الله المحمي المزكي، ومسند أصبهان أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن ماجه الأبهري.
 
قرأت على محمد بن قايماز الدقيقي والحسن بن علي القلانسي وعلى أبي محمد الحافظ: أخبركم عبد الله بن عمر أنا عبد الأول بن عيسى أنا عبد الله بن محمد الأنصاري أنا عبد الجبار بن الجراح أنا محمد بن أحمد بن محبوب نا أبو عيسى الترمذي نا قتيبة ثنا ابن عيينة عن محمد بن المنكدر وسالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لم أجد هذا في كتاب الله". هذا حديث حسن غريب تفرد به ابن عيينة أخرجه "د ت ق" ولكن رواه "ق" عن نصر بن علي فلم يجود إسناده عن سفيان فقال: عن سالم أو زيد بن أسلم عن عبيد الله عن أبيه.
 
1029- 28/14
 
===الحبال===
 
الحافظ الإمام المتفنن محدث مصر، أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني مولاهم التجيبي بن أبي الطيب الفراء الكتبي الوراق المصري.
 
قال ابن سكرة: حدثني أنه ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وأنه سمع من الحافظ عبد الغني سنة سبع وأربعمائة. قلت: وسمع من أحمد بن عبد العزيز بن شرثال صاحب المحاملي، وهو أكبر شيخ له، وعبد الرحمن بن عمر النحاس ومحمد بن أحمد بن شاكر القطان ومحمد بن ذكوان التنيسي ابن بنت عثمان بن محمد السمرقندي وأحمد بن الحسين بن جعفر النخالي العطار وأحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي ومنير بن أحمد الخشاب والخطيب بن عبد الله ومحمد بن محمد النيسابوري صاحب الأصم وأبي عبد الله بن نظيف وخلق سواهم، وجمع لنفسه عوالي سفيان بن عيينة وغير ذلك، وهو من أولاد عبيد القاضي ابن النعمان العبيدي وكان يتعانى التجارة في الكتب ولهذا حصل عنده من الأصول والأجزاء ما لا يوصف كثرة.
 
روى عنه أبو عبد الله الحميدي وإبراهيم بن الحسن العلوي النقيب وعبد الكريم بن سوار التككي وعطاء بن هبة الله الإخميمي ووفاء بن دينار النابلسي ويوسف بن محمد الأردبيلي ومحمد بن محمد بن جماهر الطليطلي ومحمد بن إبراهيم البكري الطليطلي وأبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسي وأبو الفضل محمد بن بيان الأنباري وأبو بكر محمد بن عبد الباقي قاضي المرستان وخلق سواهم، وروى عنه بالإجازة الخطيب وأبو علي الصدفي وابن الأكفاني وإسماعيل بن السمرقندي وآخرون، وعمل له الشريف عز الدين ترجمة في جزء كبير، وآخر من روى عنه بالإجازة محمد بن ناصر الحافظ، وكان المصريون الباطنية قد منعوه من الرواية وأخافوه وتهددوه فلم ينتشر من حديثه كثير شيء، قال أبو علي بن سكرة الصدفي: منعت من الدخول عليه إلا بشرط أن لا يسمعني ولا يكتب إجازة فأول ما فاتحته الكلام خلط في كلامه وأجابني على غير سؤالي حذرًا من أن أكون مدسوسًا عليه حتى باسطته وأعلمته أني من أهل الأندلس أريد الحج فأجاز لي لفظًا وامتنع من غير ذلك.
 
قال ابن ماكولا: كان الحبال ثقة ثبتًا ورعًا خيرًا، ذكر أنه مولى لابن النعمان قاضي القضاة ثم حدث عنه ابن ماكولا وذكر أنه ثبته في غير شيء، وروى عنه أبو بكر الخطيب بالإجازة ثم قال: وحدثني عنه أبو عبد الله الحميدي. وقد أتى إلى أبي إسحاق طالب حديث قبل أن يمنع ليسمعوا منه جزءًا فأخرج به عشرين نسخة وناول كل واحد نسخة يعارض بها، قال محمد بن طاهر الحافظ: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: كان عندنا بمصر رجل يسمع معنا الحديث وكان متشددًا وكان يكتب السماع على الأصول فلا يكتب اسم أحد حتى يستحلفه أنه سمع الجزء ولم يذهب عليه منه شيء، وسمعته يقول: كنا يومًا نقرأ على شيخ جزءًا فقرأنا قوله، {{عهس}}: "لا يدخل الجنة قتات"، وكان في الجماعة رجل يبيع القت -وهو علف الدواب- فقام وبكى وقال: أتوب إلى الله؛ فقيل له: ليس هو ذاك؛ لكنه النمام الذي ينقل الحديث من قوم إلى قوم؛ فسكن وطابت نفسه.
 
ثم قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبال لا يخرج أصله من يده إلا بحضوره، يدفع الجزء إلى الطالب فيكتب منه قدر جلوسه، وكان له بأكثر كتبه نسخ عدة، ولم أر أحدًا أشد أخذًا منه ولا أكثر كتبًا منه. وكان مذهبه في الإجازة أن يقدمها على الإخبار يقول: أجاز لنا فلان ولا يقول: أخبرنا فلان إجازة؛ يقول: ربما سقط إجازة فيبقى إخبارًا فإذا بدأ بها لم يقع شك؛ وسمعته يقول: خرج الحافظ أبو نصر السجزي على أكثر من مائة لم يبق منهم غيرى، قال ابن طاهر: خرج له عشرين جزءًا في وقت الطلب وكتبها في كاغذ عتيق فسألت الحبال، فقال: هذا من الكاغذ الذي كان يحمل إلى الوزير من سمرقند وقع إلي من كتبه قطعة فكنت إذا رأيت ورقة بيضاء قطعتها إلى أن اجتمع لي هذا القدر. قال ابن طاهر: لما قصدت الحبال وكانوا وصفوه لي بحليته وسيرته وأنه يخدم نفسه فكنت في بعض الأسواق ولا أهتدي إلى أين أذهب، فرأيت شيخًا على الصفة واقفًا على دكان عطار وكمه ملأى من الحوائج فوقع في نفسي أنه هو، فلما ذهب سألت العطار: من هذا الشيخ؟ قال: وما تعرفه؟ هذا أبو إسحاق الحبال؛ فتبعته وبلغته رسالة سعد بن علي الزنجاني، فسألني عنه وأخرج من جيبه جزءًا صغيرًا فيه الحديثان المسلسلان أحدهما المسلسل بالأولية فقرأهما علي وأخذت عليه الموعد كل يوم في جامع عمرو بن العاص إلى أن خرجت. قلت: لقيه في سنة سبعين، وسمع منه القاضي أبو بكر في سنة ست وسبعين، وإنما منعوه من التحديث بعد ذلك. توفي سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، عن إحدى وتسعين سنة.
 
'''وفيها مات''' رئيس نيسابور وقاضيها أبو نصر أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد الصاعدي، يروي عن أبي بكر الحيري وطبقته، ومفتي سرخس الإمام أبو حامد أحمد بن محمد بن محمد الشجاعي، والخطيب أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي بكر بن أبي الحديد السلمي الدمشقي، ومسند أصبهان القاضي أبو منصور محمد بن أحمد بن شكرويه، والخطيب أبو الخير محمد بن أحمد بن عبد الله بن ررا الأصبهاني، ومؤلف كتاب بستان العارفين المحدث أبو الفضل محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطبسي.
 
أخبرنا أبو الفهم تمام بن أحمد السلمي أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن قدامة الفقيه سنة سبع عشرة وستمائة "ح" وأخبرنا سنقر الحلبي أنا عبد اللطيف بن يوسف، قالا: أنا محمد بن عبد الباقي الحاجب أنا محمد بن أبي نصر الحافظ حدثني إبراهيم بن سعيد النعماني ويده على كتفي أنا أبو سعد أحمد بن محمد الحافظ ويده على كتفي، فذكر حديثًا لا أحب أن أرويه لأنه موضوع، متنه: حدثني رسول الله {{صلل}} ويده على كتفي، حدثنا الصادق الناطق ويده على كتفي، جبرائيل، {{عهس}}.
 
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وعلي بن أحمد كتابة قالا: أنا عمر بن محمد أنا محمد بن عبد الباقي سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة قال: قرأت على أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد بمصر سنة خمس وسبعين أنا أحمد بن عبد العزيز بن أحمد سنة سبع وأربعمائة نا القاضي أبو عبد الله المحاملي نا العباس بن يزيد البحراني نا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "تدرون ما الشجرة الطيبة؟" فأردت أن أقول: هي النخلة، فنظرت فإذا أنا أصغر القوم فسكتُّ، فقال النبي، {{صلل}}: "هي النخلة".
 
أخبرنا أحمد بن يحيى بن طي وإبراهيم بن حاتم ببعلبك قالا: أنا سليمان بن رحمة أنا أبو القاسم البوصيري أنا مرشد بن يحيى أنا أبو إسحاق الحبال لفظًا أنا عبد الرحمن بن عمر أنا إسماعيل بن يعقوب بن الجراب سنة "339" نا إسماعيل القاضي نا محمد بن المثنى نا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عبد الله بن الحارث أن أبا حليمة معاذًا كان يصلي على النبي {{صلل}} في القنوت.
 
1030- 29/14
 
===ابن شغبة===
 
الحافظ المحدث الزاهد، أبو القاسم عبد الملك بن علي بن خلف بن محمد بن النضر بن شَغَبة -بالتحريك- الأنصاري البصري.
 
حدث عن أبي عمر الهاشمي والحسن بن بشار النيسابوري ويوسف بن غسان وعلي بن هارون التميمي وغيرهم، روى عنه أبو علي بن سكرة والمحدث أبو نصر الغازل وجابر الأنصاري، وأبو نصر بن ماكولا وعبد الله بن السمرقندي وأبو غالب الماوردي وآخرون.
 
قال السمعاني: شيخ حافظ متقن ثقة مكثر حضر ابن ماكولا مجلس إملائه؛ وقال ابن سكرة: أدركته وقد ترك كل شيء وأقبل على العبادة، صادفته يدعو ويبكي بعد الصبح فقرأت عليه شيئًا من الحديث، ورزق الشهادة في آخر عمره وكان عنده جملة من سنن أبي داود عن الهاشمي. قلت: قتل في سنة أربع وثمانين وأربعمائة.
 
'''وفيها مات''' أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي الذكواني الأصبهاني عن تسعين سنة، والمسند أبو الحسن علي بن الحسن بن قريش ببغداد سمع ابن الصلت الأهوازي، وشيخ القراء بمرو أبو نصر محمد بن أحمد بن علي بن حامد الكركانجي صاحب الحمامي، ومسند قزوين أبو منصور محمد بن الحسين بن الهيثم المقومي، وقاضي القضاة بنيسابور أبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسين الناصحي الحنفي سمع الحيري.
 
ويقع لنا حديث ابن شغبة نازلا قرأت على يوسف بن أبي الزهر الحافظ أخبركم إبراهيم بن نمر القرشي أنا عبد الرحمن بن سالم أنا عبد القادر الحافظ نا المبارك بن عبد الله بن محمد البرذعي أنا محمد بن محمد ابن أخي طلحة ثنا عبد الملك بن شغبة نا علي بن أحمد البزاز نا محمد بن أحمد بن محمويه نا محمد بن إبراهيم الصوري "..." الفريابي عن ابن ثوبان عن حسان بن عطية عن أبي كبشة عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". أخرجه الترمذي عن محمد بن يحيى عن الفريابي فوقع لنا نازلا بدرجتين.
 
1031- 14/30
 
===سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان===
 
الحافظ الإمام محدث أصبهان، أبو مسعود الأصبهاني الملنجي.
 
ولد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، وسمع أبا عبد الرحمن الجرجاني وأبا سعد أحمد بن محمد الماليني وأبا بكر بن مردويه وعبد الله بن أحمد بن جولة الأبهري وأبا نعيم الحافظ وخلائق بأصبهان، انفرد عن بعضهم، وأبا بكر بن هارون المنقي وأبا القاسم الحرفي وأبا علي بن شاذان والبرقاني وطبقتهم ببغداد؛ سمع منه شيخه أبو نعيم وحدث عنه إسماعيل بن محمد التيمي وأبو سعد البغدادي وأبو نصر الغازي وهبة الله بن طاوس المقرئ وشرف بن عبد المطلب الحسيني وأبو جعفر محمد بن الحسن الصيدلاني ومحمد بن عبد الواحد المغازلي ورجاء بن حامد المعداني ومسعود الثقفي وآخرون، وبقي أصحابه إلى قريب السبعين وخمسمائة، وقد حدث عنه من القدماء أبو بكر الخطيب في تاريخه ومات قبله ببضع وعشرين سنة. وقال السمعاني: كانت له معرفة بالحديث جمع الأبواب وصنف التصانيف واستخرج على الصحيحين، وسألت عنه أبا سعد البغدادي فقال: لا بأس به، ووصفه بالرحلة والجمع والكثرة، وقال: كنا يومًا في مجلسه وهو يملي فقام سائل وطلب فقال: من شؤم السائل أن يسأل أصحاب المحابر. وقال السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه فقال: حافظ، وأبوه حافظ؛ وقال أبو عبد الله الدقاق في رسالته: سليمان بن إبراهيم الحافظ له الرحلة والكثرة، وأبوه إبراهيم يعرف بالفهم والحفظ، وهما من أصحاب أبي نعيم، تكلم في إتقان سليمان، والحفظ هو الإتقان لا الكثرة. قال السمعاني: وسألت أبا سعد البغدادي مرة أخرى عن سليمان فقال: شنع عليه أصحاب الحديث في جزء ما كان له به سماع وسكت أنا عنه.
 
وقال الحافظ أبو زكريا بن منده: في سماعه كلام، سمعت من الثقات أن له أخًا يسمى إسماعيل كان أكبر منه فحك اسمه وأثبت اسم نفسه مكانه وهو شيخ شره لا يتورع لحان وقاح؛ قلت: الظاهر أن سليمان صدوق وينبغي أن يتأنى في كلام أصحاب ابن منده في أصحاب أبي نعيم، فبينهم إحن.
 
أجاز لنا المسلم بن محمد والمؤمل بن محمد وغيرهما قالوا: أنا الكندي أنا الشيباني أنا أبو بكر الحافظ أنا سليمان بن إبراهيم نا محمد بن إبراهيم نا محمد بن الحسين القطان نا إبراهيم بن الحارث البغدادي نا يحيى بن أبي بكير نا زهير نا أبو إسحاق عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله {{صلل}} قال: والله ما ترك رسول الله {{صلل}} عند موته دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا، إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضًا جعلها صدقة. وأخبرناه محمد بن حسن الأرموي أخبرتنا كريمة عن محمد بن الحسن الصيدلاني أنا سليمان الحافظ، مثله.
 
أخرجه البخاري عن إبراهيم بن الحارث، توفي سليمان في شهر ذي القعدة سنة ست وثمانين وأربعمائة عن تسعين سنة.
 
'''وفيها مات''' أبو الفضل حمد بن أحمد بن الحسن الأصبهاني الحداد أخو أبي علي المقرئ، وقيل: في سنة ثمان، ومسند بغداد أبو الفضل عبد الله بن علي بن زكري الدقاق الكاتب عن ست وثمانين سنة، وشيخ الشام الزاهد الفقيه أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي الشيرازي الحنبلي الواعظ، والملقب بشيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الأموي الهكاري، والمسند أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف آخر أصحاب ابن أبي الفوارس، وخطيب الأنبار أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الأخضر الأنباري خاتمة من روى عن أبي أحمد الفرضي، ومسند نيسابور أبو المظفر موسى بن عمران الأنصاري خاتمة أصحاب أبي الحسن العلوي، وأبو الليث نصر بن الحسن الشكتي بسمرقند وقد حدث بالأندلس بصحيح مسلم.
 
1032- 31/14
 
===الحسكاني===
 
القاضي المحدث أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي العامري النيسابوري الحنفي الحاكم، ويعرف بابن الحذاء الحافظ.
 
شيخ متقن ذو عناية تامة بعلم الحديث، وهو من ذرية الأمير عبد الله بن عامر بن كريز الذي افتتح خراسان زمن عثمان وكان معمرًا عالي الإسناد، صنف "في الأبواب" وجمع وحدث عن جده "أحمد" وعن أبي الحسن العلوي وأبي عبد الله الحاكم وأبي طاهر بن محمش وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وأبي الحسن بن عبدان وابن فنجويه الدينوري وأيى الحسن علي بن السقاء وأبي عبد الله بن باكويه وخلق، وينزل إلى أبي سعيد الكنجرودي ونحوه، اختص بصحبة أبي بكر بن الحارث الأصبهاني النحوي وأخذ عنه. وأخذ أيضًا عن الحافظ أحمد بن علي بن منجويه، وتفقه على القاضي أبي العلاء صاعد بن محمد، وما زال يسمع ويجمع ويفيد، وقد أكثر عنه المحدث عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي وذكره في تاريخه لكن لم أجده ذكر له وفاة. وقد توفي بعد السبعين وأربعمائة؛ ووجدت له مجلسًا يدل على تشيعه وخبرته بالحديث وهو تصحيح خبر رد الشمس لعلي {{عنه}} وترغيم النواصب الشمس.
 
فأما أبو سعد عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حسكويه فشيخ لعبد الخالق الشحامي تأخر إلى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، ووالده أبو بكر صاحب الخفاف فشيخ لوالد عبد الخالق بن زاهر المذكور.
 
أخبرنا إسحاق بن يحيى الآمدي أنا الحسن بن عباس بن أبي طاهر التميمي سنة خمس وخمسين وستمائة أنا أبو سعد عبد الواحد بن علي بن محمد بن حمويه بالسميساطية أنا وجيه بن طاهر سنة ثمان وخمسمائة أنا الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني الحذاء أنا عبد الله بن يوسف الأصبهاني أنا عبد الرحمن بن يحيى الزهري بمكة نا مسعود بن مسروق نا وكيع عن القاسم بن حبيب عن عكرمة عن ابن عباس {{عنه}} قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "صنفان من أمتي ليس تنالهم شفاعتي: المرجئة والقدرية" قاسم واهٍ.
 
==الطبقة الخامسة عشرة==
 
وعدتهم أربعون حافظًا: <ref> المترجمون فيها ستة وأربعون </ref>
 
1033- 1/15
 
===ابن ماكولا===
 
الأمير الكبير الحافظ البارع أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن علي بن محمد بن دلف بن الأمير الجواد أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي الجرباذقابي ثم البغدادي مصنف الإكمال وغير ذلك، وعجل بطن من بكر بن وائل ثم من ربيعة أخي مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
 
قال: ولدت في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة بعكبرا؛ سمع بشرى بن عبد الله الفاتني وعبيد الله بن عمر بن شاهين وأبا طالب بن غيلان وأبا الطيب الطبري وأبا منصور محمد بن محمد السواق وأحمد بن محمد العتيقي وأبا بكر بن بشران وعبد الصمد بن محمد بن مكرم وخلائق ببغداد، وأبا القاسم الحنائي وطبقته بدمشق، وأحمد بن القاسم بن ميمون المصري بمصر، وسمع بما وراء النهر وخراسان والجبال والجزيرة والسواحل ولقي الحفاظ والأعلام.
 
حدث عنه أبو بكر الخطيب شيخه والفقيه نصر المقدسي وأبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي ومحمد بن عبد الواحد الدقاق وشجاع الذهلي والحميدي ومحمد بن طرخان التركي وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي وأبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي وعلي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب وآخرون.
 
أخبرنا الحافظ أبو الحجاج القضاعي أنه قرأ بالثغر على محمد بن عبد الخالق الأموي: أخبرك علي بن المفضل الحافظ أنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ أنا أبو الغنائم النرسي الحافظ أنا أبو نصر علي بن هبة الله العجلي الحافظ -ولم أسمع منه غيره- حدثني أبو بكر أحمد بن مهدي نا أبو حازم العبدوي نا أبو عمرو بن مطر نا إبراهيم بن يوسف الهسنجاني نا أبو الفضل صاحب أحمد بن حنبل نا زهير بن حرب نا يحيى بن معين نا علي بن المديني نا عبيد الله بن معاذ نا أبي نا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة عن عائشة قالت: كن أزواج النبي {{صلل}} يأخذن من رءوسهن حتى يكون كالوفرة.
 
أنبأنيه عبد الواسع الأبهري نا أبو إسحاق بن الخشوعي نا أبو القاسم الحافظ نا أبو القاسم النسيب نا أبو بكر الخطيب، فذكره. قلت: هو أحمد بن مهدي، وزاد في آخره: قال الهسنجاني: نا عبيد الله بن معاذ، فذكره. قال الخطيب: ورواه محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل عن إبراهيم بن يوسف عن الفضل بن زياد عن أحمد.
 
وأنا المؤمل بن محمد وابن علان قالا: أنا الكندي أنا السيناني أنا أبو بكر الخطيب قال: كتب إلي أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني من مصر وحدثني أبو نصر علي بن هبة الله عنه أنا أحمد بن محمد بن الأزهر السمناوي أنا أحمد بن يعلى بن عيسى الوشاء أنا موسى بن عيسى بالرملة -بغدادي- سنة خمسين ومائتين نا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن فيقول: من أبكى هذا اليتيم الذي واريت والديه تحت الثرى، من أسكته فله الجنة". قال الخطيب: منكر جدًّا ورجاله معروفون سوى موسى فإنه مجهول.
 
قلت: هو واضعه. قال شيرويه في طبقاته: كان الأمير يعرف بالوزير سعد الملك بن ماكولا، قدم رسولا مرارًا، سمعت منه وكان حافظًا متقنًا عني بهذا الشأن، ولم يكن في زمانه بعد الخطيب أحد أفضل منه، حضر مجلسه الكبار من شيوخنا وسمعوا منه. وقال الحافظ بن عساكر: وزر أبوه للقائم أمير المؤمنين وولي عمه قضاء القضاة ببغداد وهو الحسين بن علي. قال: ولدت في شهر شعبان سنة إحدى وعشرين. قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب، وقال: حتى أكشفه، وما راجعت بن ماكولا في شيء إلا وأجابني حفظًا كأنه يقرأ من كتاب.
 
قال أبو الحسن محمد بن مرزوق: لما بلغ الخطيب أن بن ماكولا أخذ عليه في كتابه "المؤتنف" وصنف في ذلك تصنيفًا وحضر عنده بن ماكولا سأله الخطيب عن ذلك فأنكر ولم يقر وأصرّ وقال: هذا لم يخطر ببالي؛ وقيل: إن التصنيف كان في كمه فلما مات الخطيب أظهره وهو الكتاب الملقب بمستمر الأوهام. قلت: ملكته وهو كتاب نفيس يدل على تبحر بن ماكولا وإمامته. قال بن طاهر: سمعت أبا إسحاق الحبال يمدح أبا نصر بن ماكولا ويثني عليه ويقول: دخل مصر في زي الكتبة فلم نرفع به رأسًا، فلما عرفناه كان من العلماء بهذا الشأن.
 
قال السمعاني: كان بن ماكولا لبيبًا حافظًا عارفًا يرشح للحفظ حتى كان يقال له الخطيب الثاني، وكان نحويًّا مجودًا وشاعرًا مبرزًا جزل الشعر فصيح العبارة صحيح النقل ما كان في البغداديين في زمانه مثله، طاف الدنيا وأقام ببغداد. قال بن النجار في ترجمة بن ماكولا: أحب العلم من الصبا وطلب الحديث وأتقن الأدب، وله النظم والنثر والمصنفات، نفذه المقتدي بالله رسولا إلى سمرقند وبخارى لأخذ البيعة له على ملكهما طمغان الخان. قال هبة الله بن المبارك بن الدواتي: اجتمعت بالأمير بن ماكولا فقال لي: خذ جزأين من الحديث فاجعل متون هذا الجزء لأسانيد الجزء الآخر ومتونه لأسانيد الأول حتى أرده إلى حالته الأولى. قال أبو طاهر بن سلفة: سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب فقال: جبل لا يسأل عن مثله، ما رأينا مثله، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال إلا يرجع إلى كتابه.
 
وأخبرنا أبو علي بن الخلال أنا جعفر أنا السلفي قال: سألت شجاعًا الذهلي عن بن ماكولا فقال: كان حافظًا فهمًا ثقة صنف كتابًا في علم الحديث. وقال مؤتمن الساجي: لم يلزم بن ماكولا طريق أهل العلم فلم ينتفع بنفسه.
 
قال بن عساكر: سمعت إسماعيل بن السمرقندي يذكر أن بن ماكولا كان له غلمان أتراك أحداث فقتلوه بجرجان سنة نيف وسبعين وأربعمائة. وقال بن ناصر: قتل الحافظ بن ماكولا وقد كان سافر نحو كرمان ومعه مماليكه الأتراك فقتلوه وأخذوا ماله في سنة خمس وسبعين وأربعمائة؛ هكذا نقل بن النجار. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت بن ناصر يقول: قتل بن ماكولا بالأهواز إما في سنة ست أو سبع وثمانين وأربعمائة. وقال السمعاني: خرج من بغداد إلى خوزستان وقتل هناك بعد الثمانين.
 
وقال أبو الفرج بن الجوزي في المنتظم: قتل سنة خمس وسبعين وقيل: سنة ست وثمانين. وقال غيره: قتل في سنة تسع وسبعين؛ وقيل: في سنة سبع وثمانين بخوزستان، حكى هذين القولين القاضي بن خلكان.
 
ومن شعره:
 
قوض خيامك عن دار أهنت بها وجانب الذل إن الذل مجتنب
 
وارحل إذا كانت الأوطان مضيعة فالمندل الرطب في أوطانه حطب
 
وله:
 
ولما توافقنا تباكت قلوبنا فممسك دمع يوم ذاك كساكبه
 
فيا كبدي الحرى ألبسي ثوب حسرة فراق الذي تهوينه فد كساك به
 
قلت: يعز وقوع حديث الأمير بن ماكولا، سمعت من عدة وأجازوا لنا عن أبي الحسن بن المقير، وأنبئونا عن الحافظ أبي محمد بن الأخضر، كلاهما عن محمد بن ناصر الحافظ عن كتاب أبي نصر الأمير إليه "ح" وأنبأنا أحمد بن سلامة أنبأنا الأرتاحي أنبأنا أبو الحسن بن الفراء عن بن ماكولا أنا مظفر بن الحسن الهمذاني سبط بن لال أنا جدي أبو بكر أحمد بن علي الحافظ أنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ أنا محمد بن علي بن الشاه نا أبو بكر محمد بن إبراهيم البغدادي بأنطاكية نا محمد بن عبد الرحمن بن بحير الحميري بمصر أنا خالد بن نجيح نا سفيان الثوري عن بن جريج عن فافاه عن الأعمش عن مجاهد عن عائشة {{عنها}} عن النبي {{صلل}} قال: "لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا". <ref> رواه البخاري في الجنائز باب 97. ومسلم في فضائل الصحابة حديث 221، 222. وأبو داود في السنة باب 10. والترمذي في البر باب 51.</ref>
 
قال الشيرازي: فافاه هو أبو معاوية الضرير؛ وقال الأمير: بل هو إسماعيل الكندي شيخ لبقية. وأما الحديث ففي صحيح البخاري عن آدم وعلي في الجنائز والرقاق عن شعبة، ووقع لنا متصلا عاليًا في كتاب الألقاب للشيرازي، ووقع لنا أعلى بخمس درج أيضًا حتى كأني رويته عن الشيرازي.
 
134- 2/15
 
===بن خيرون===
 
الحافظ العالم الناقد، أبو الفضل أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون البغدادي بن الباقلاني.
 
سمع أبا علي بن شاذان وأبا بكر البرقاني وأحمد بن عبد الله بن المحاملي وأبا عمر بن دوست العلاف وأبا القاسم الحرفي وأبا القاسم بن بشران وأبا يعلى أحمد بن عبد الواحد وخلائق بعدهم حتى سمع من أقرانه، أجاز له أبو الحسين بن المتيم وأبو الحسن بن الصلت الأهوازي وطائفة تفرد بإجازتهم، روى عنه شيخه أبو بكر الخطيب وأبو علي بن سكرة وأبو عامر العبدوي وأبو القاسم بن السمرقندي وإسماعيل بن محمد الحافظ وأبو بكر القاضي وإسماعيل بن سعد الصوفي وأبو الفضل بن ناصر وعبد الوهاب الأنماطي وأبو الفتح بن البطي وخلق كثير.
 
ذكره السمعاني فقال: ثقة عدل متقن واسع الرواية كتب بخطه الكثير وكان له معرفة بالحديث، سمعت أبا منصور بن خيرون يقول: كتب عمي أبو الفضل عن بن شاذان ألف جزء. سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: ما رئي مثل أبي الفضل بن خيرون لو ذكرت له كتبه وأجزاءه التي سمعها يقول لك عمن سمع وبأي طريق سمع، وكان يذكر الشيخ وما يرويه وما ينفرد به.
 
وقال أبو منصور: كتبوا مرة لعمي: الحافظ، فغضب وضرب عليه وقال: من أنا حتى يكتب لي: الحافظ. قلت: وأقرأ الناس بالروايات وكان تلا على أبي العلاء الواسطي وعلي بن طلحة البصري وغيرهما. قرأ عليه بن أخيه أبو منصور مؤلف "المفتاح" وأبو علي بن سكرة.
 
وكان يقال: هو في زمانه كيحيى بن معين في زمانه؛ إشارة إلى كلامه في شيوخ العصر جرحًا وتعديلًا مع الإنصاف. قال أبو طاهر السلفي: كان كيحيى بن معين في وقته. وقد ذكرت في "ميزان الاعتدال" كلام بن طاهر فيه بكلام مردود وأنه كان يلحق بخطه أشياء في تاريخ الخطيب وبينا أن الخطيب أذن له في ذلك وخطه فمشهور وهو بمنزلة الحواشي فكان ماذا؟
 
توفي في رجب سنة ثمان وثمانين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة وشهر.
 
'''وفيها مات''' شيخ العراق المسند الإمام رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي رئيس الحنابلة في جمادى الأولى عن ثمان وثمانين سنة، روى عن بن المتيم وطبقته، والعلامة شيخ المعتزلة أبو يوسف عبد السلام بن محمد القزويني ببغداد وقد سمع قبل الأربعمائة وتفسيره في أكثر من ثلاثمائة مجلد، وأبو القاسم الفضل بن أبي حرب أحمد بن محمد الجرجاني ثم النيسابوري عنده بن محمش، ومقرئ المغرب أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الحصري الشاعر، وأبو سعيد بن محمد بن علي بن أبي صالح البغوي الدباس من رواة الترمذي، وقاضي القضاة العلامة الصالح أبو بكر محمد بن المظفر الشامي الحموي ببغداد عن ثمان وستين سنة، ومسند هراة أبو سهل نجيب بن ميمون الواسطي راوية أبي علي الخالدي، والحافظ أبو عبد الله الحميدي.
 
أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل أنا الإمام عبد الله بن أحمد قال: قرأت على محمد بن عبد الباقي أخبركم أحمد بن الحسن بن خيرون أنا الحسن بن أحمد بن شاذان أنا عبد الله بن إسحاق الخراساني نا أحمد بن عبيد نا علي بن عاصم وعبد الوهاب بن عطاء عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن نبيشة الخير قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "أنا كنا نهيناكم أن تأكلوا لحومها فوق ثلاث حتى تسعكم، وقد جاء الله بالسعة فكلوا وادخروا الآن، وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله، عز وجل". <ref> رواه البخاري في الأضاحي باب 16. ومسلم في الأضاحي حديث 28، 29، 33. وأبو داود في الأضاحي باب 9. والنسائي في الجنائز باب 100.</ref> ليس لنبيشة الهذلي في الصحيح سواه، رواه مسلم عن بن نمير عن بن علية عن الحذاء فقال: عن أبي قلابة عن أبي المليح الهذلي ولا تأثير لهذة العلة فإنه في الصحيح أيضًا من طريق هشيم عن الحذاء عن أبي المليح نفسه، وقال: لقيت أبا المليح فحدثني به كذلك، وأخرجه النسائي أيضًا.
 
1035- 3/15
 
===الحسيني===
 
الحافظ الإمام الشريف المعظم المرتضى أبو المعالي ذو الشرفين، محمد بن محمد بن زيد بن علي العلوي البغدادي نزيل سمرقند.
 
سمع أبا القاسم الحرفي وأبا علي بن شاذان وأحمد بن عبد الله المحاملي وطلحة بن الصقر وأبا بكر البرقاني وعبد الملك بن بشران ومحمد بن عيسى الهمذاني وخلقًا، وتخرج بالخطيب ولازمه.
 
حدث عنه جعفر بن محمد المستغفري شيخه والخطيب ويوسف بن أيوب الهمذاني وزاهر بن طاهر المستملي وهبة الله بن سهل السندي وأبو الأسعد هبة الرحمن بن القشيري وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحيري وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب، حدث هذا عنه بالإجازة، وخاتمة من سمع منه هو أبو المعالي المديني الخطيب.
 
قال أبو سعد السمعاني: هو أفضل علوي في عصره، له المعرفة التامة بالحديث وكان يرجع إلى عقل وافر ورأي صائب برع بالخطيب في الحديث نقل عنه الخطيب أظن في كتاب البخلاء، رزق حسن التصنيف وسكن في آخر عمره سمرقند ثم قدم بغداد وأملى بها وحدث بأصبهان ثم رد إلى سمرقند.
 
سمعت يوسف بن أيوب الزاهد يقول: ما رأيت علويًّا أفضل منه وأثنى عليه وكان من الأغنياء المذكورين، وكان كثير الإيثار ينفذ في العام إلى جماعة من الأئمة الألف دينار والخمسمائة دينار وأكثر إلى كل واحد فربما بلغ ذلك عشرة آلاف دينار، ويقول: هذا زكاة مالي وأنا غريب ففرقوا على من تعرفون استحقاقه وكل من أعطيتموه فاكتبوا له خطًّا وأرسلوه حتى أعطيه من عشر الغلة. قال: وكان يملك قريبًا من أربعين قرية خالصة له بنواحي كش وله في كل قرية وكيل أمين من رئيس بسمرقند. هكذا ذكر السمعاني وقد بالغ وهذا نظير ملك كبير.
 
ثم قال: وسمعت أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك وكان من أصحاب الشريف، وسمعته يقول: إن الشريف أنشأ بستانًا عظيمًا فطلب صاحب ما وراء النهر الخاقان خضر أن يحضر دعوته في البستان فقال الشريف لحاجب الخاقان: لا سبيل إلى ذلك، فألح عليه فقال: لكن لا أحضر ولا أهيئ له آلة الفسق والفساد ولا أعصي الله، فغضب الملك وأراد أن يمسكه فاختفى عند وكيل له نحوًا من شهر فنودي عليه في البلاد فلم يظفروا به ثم أظهروا ندمًا على ما فعلوا ليطمئن وألح عليه أهله في الظهور فجلس على ما كان مدة ثم إن الملك نفذ إليه ليشاوره في أمر، فلما حصل عنده أخذه وسجنه واستأصل أمواله وضياعه فصبر وحمد الله، وقال: من يكون من أهل بيت رسول الله {{صلل}} لا بد أن يبتلى وأنا ربيت في النعمة وكنت أخاف أن يكون وقع خلل في نسبي، فلما وقع هذا فرحت وعلمت أن نسبي متصل.
 
قال لي أبو المعالي: فسمعنا أنهم منعوه من الطعام حتى مات جوعًا، وهو من ولد زين العابدين علي بن الحسين، {{عنهم}}. قال السمعاني: قال أبو العباس الجوهري: رأيت السيد المرتضى بعد موته وهو في الجنة وبين يديه طعام وقيل له: ألا تأكل؟ قال: لا حتى يجيء ابني فإنه غدًا يجيء، فانتبهت وذلك في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين، فقتل ولده أبو الرضى في ذلك اليوم. وكان مولد السيد المرتضى في سنة خمس وأربعمائة.
 
قال: واستشهد بعد سنة ست وسبعين وقيل: في سنة ثمانين، قتله الخاقان خضر بن إبراهيم، وكان السيد قد قدم إلى القائم بأمر الله رسولا من الخاقان قلت: وقع لي من تصانيفه كتاب "فرحة المتعلم" سمعناه عاليًا.
 
أخبرنا محمد بن هبة الله أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد أنا أبو الأسعد بن القشيري أنا أبو المعالي محمد بن محمد الحسيني الحافظ أنا الحسن بن أحمد الفارسي أنا محمد بن العباس بن نجيح أنا عبد الملك بن محمد أنا بشر بن عمر وسعيد بن عامر قالا: نا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: أتيت رسول الله {{صلل}} وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير.
 
1036- 4/15
 
===بن مردويه الصغير===
 
هو الحافظ الإمام المفيد أبو بكر أحمد بن محمد بن الحافظ الكبير أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني، أحد شيوخ السلفي.
 
لم يلحق جده وسمع أبا بكر بن أبي علي وابن عبدكويه وأبا نعيم. توفي بعد السبعين وأربعمائة في سنة ثمان، {{رحمه ى}}.
 
1037- 5/15
 
===بن سمكويه===
 
الإمام الحافظ المفيد، أبو الفتح محمد بن أحمد بن عبد الله بن سمكويه الأصبهاني، نزيل هراة.
 
أكثر وحصل الأصول، ورحل وسمع ببغداد من أبي محمد الخلال وطبقته، وبنيسابور من أبي حفص بن مسرور وطبقته، وبأصبهان من أصحاب بن المقرئ، وبشيراز من الحافظ أبي بكر بن أبي علي، وبسمرقند من مسندها بن شاهين السمرقندي؛ وصنف في الأبواب، مولده سنة تسع وأربعمائة وكان صالحًا ناسكًا يتبرك بدعائه.
 
روى عنه إسماعيل بن محمد الحافظ وأبو عبد الله الدقاق فقال في رسالته: كان لابن سمكُويه الكثرة الوافرة في كتب الحديث، ووهمه أكثر من فهمه، خرج إلى نيسابور بصحبة عبد العزيز النخشبي ثم رحل إلى ما وراء النهر وأقام بهراة سنين يورق صادفته بها وبيني وبينه ما كان من الحقد والحسد. قلت: توفي بنيسابور في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين السنة التي مات فيها الحبال.
 
1038- 6/15
 
===الحكاك===
 
الحافظ الإمام المفيد أبو الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم التميمي المكي، ويعرف بابن الحكاك.
 
سمع أبا ذر الهروي وأبا بكر محمد بن إبراهيم الأردستاني وأبا الحسن بن صخر وأبا نصر السجزي وطبقتهم، وببغداد بن النقور وطبقته، وخرج لابن النقور أربعة أجزاء.
 
قال بن النجار: كان موصوفًا بالمعرفة والحفظ والإتقان والفقه والصدق وكان يترسل من أمير مكة بن أبي هاشم إلى الخلفاء والملوك ويتولى قبض الأموال منهم ويحمل كسوة البيت. روى عنه إسماعيل بن السمرقندي وابن ناصر وصالح بن شافع الجيلي وأبو الفتح بن البطي ويحيى بن عبد الباقي الغزال.
 
قال السلفي: سمعت أبا الحسين بن الطيوري قال: سألت الخطيب عند قدومه من حجه: أرأيت هناك من يقيم الحديث؟ قال: لا، إلا شابًّا يقال له جعفر بن الحكاك. وقال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن جعفر بن الحكاك فقال: صحب أبا نصر السجزي وأبا ذر وكان ذا معرفة. وقال اليونارتي: كان من الفضلاء الأثبات. وقال عبد الوهاب الأنماطي: ثقة مأمون. وقال أبو علي الصدفي: قرأت عليه ببغداد كثيرًا وكان يفهم الحديث جيدًا. ولد سنة ست عشرة، ومات في صفر سنة خمس وثمانين وأربعمائة ببغداد أرخه شجاع، يكتب حديثه من مشيخة أبي الفتح بن البطي.
 
أخبرنا القاسم بن محمد الحافظ أنا أحمد بن إبراهيم أنا عبد اللطيف بن عبد الوهاب أنا محمد بن عبد الباقي أنا جعفر بن يحيى التميمي الحكاك نا محمد بن الحسين نا محمد بن أحمد بن عبد الله نا إسحاق الدبري نا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أخبرني عبيد الله عن بن عباس أن رسول الله {{صلل}} خرج في شهر رمضان من المدينة معه عشرة آلاف من المسلمين حتى بلغ الكديد وهو ما بين عسفان وقديد، فأفطر وأفطر المسلمون معه فلم يصوموا من بقية رمضان شيئًا. أخرجاه من حديث عبد الرزاق.
 
أخبرنا عمر بن عبد المنعم الطائي في سنة ثلاث وتسعين وستمائة عن أبي اليمن الكندي أنا محمد بن ناصر الحافظ أنا جعفر بن يحيى الحكاك أنا أبو الحسن محمد بن علي بن محمد الأزدي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة بمكة نا عمر بن سيف نا محمد بن دليل نا عبد الله بن خبيق قال: قال بشر بن الحارث: النظر في وجه الظالم غيظ والأحمق سخنة العين والبخيل قساوة القلب.
 
1039- 7/15
 
===هبة الله بن عبد الوارث بن علي===
 
الحافظ المفيد الجوال، أبو القاسم الشيرازي.
 
سمع بخراسان والعراق والحرمين واليمن ومصر والشام والجزيرة وفارس والجبال، وحدث عن أبي بكر محمد بن الحسن بن الليث الشيرازي وأحمد بن عبد الباقي بن طوق الموصلي وأبي جعفر بن المسلمة وعبد الرزاق بن شمة وأحمد بن الفضل الباطرقاني وطبقتهم، وصنف تاريخ شيراز.
 
قال السمعاني: كان ثقة صالحًا خيرًا كثير العبادة مشتغلا بنفسه خرج وأفاد واستفاد، انتفع الطلبة بصحبته وبقراءته، قدم بغداد في سنة سبع وخمسين، روى لنا عنه أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب المروزي وعمر بن أحمد بن الصفار وأحمد بن ياسر المقرئ وأبو نصر محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني وإسماعيل بن محمد الحافظ وأبو بكر اللفتواني وغيرهم، سكن في الآخر مرو حتى مات. قال بن عساكر: حدث عنه الفقيه نصر المقدسي وغيث بن علي وهبة الله بن طاوس وأبو نصر اليونارتي.
 
ثم قال: نا بن طاوس نا هبة الله الشيرازي نا أبو زرعة أحمد بن يحيى الخطيب بشيراز إملاء نا الحسن بن سعيد المطوعي المقرئ نا أبو مسلم الكجي، فذكر حديثًا.
 
قال عبد الغافر في تاريخه: هو شيخ عفيف صوفي فاضل، طاف البلاد وسمع الكثير وخطه مشهور، وكان كثير الفوائد؛ قال محمد بن محمد الفاشاني: كنت إذا مضيت إلى أبي القاسم هبة الله بالرباط أخرجني إلى الصحراء وقال: اقرأ هنا فالصوفية يتبرمون ممن يشتغل بالعلم والحديث، يقولون: يشوشون علينا أوقاتنا.
 
قال أبو الفتيان الدهستاني: مات هبة الله بمرو سنة ست وثمانين وأربعمائة. وقال اليونارتي: مات في شهر رمضان سنة خمس وثمانين مبطونًا. وقال مؤتمن الساجي: بذل نفسه في طلب الحديث جدًّا، أخرجت له جزأين في صلاة الضحى ففرح بهما شديدًا. قال الفاشاني: قام ليلة موته سبعين مرة أو أقل، كل نوبة يغتسل في النهر إلى أن مات على طهارة.
 
1040- 8/15
 
===مسعود بن ناصر بن أبي زيد عبد الله بن أحمد===
 
الحافظ الفقيه الرحال، أبو سعيد السجزي الركاب صاحب المصنفات.
 
سمع بسجستان من علي بن بشرى الليثي وأبي سعيد عثمان النوقاتي، وبهراة من محمد بن عبد الرحمن الدباس وسعيد بن العباس القرشي ومنصور بن محمد بن محمد الأزدي، وبنيسابور من أبي حسان محمد بن أحمد المزكي وأبي سعيد النصروي وأبي حفص بن مسرور، وببغداد من أبي طالب بن غيلان وأبي محمد الخلال وأبي القاسم التنوخي، وبأصبهان من بن ريذة صاحب الطبراني وخلق كثير.
 
حدث عنه محمد بن عبد العزيز العجلي وعبد الواحد بن الفضل الطوسي وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي وأبو الأسعد بن القشيري وطائفة وأبو بكر الخطيب شيخه.
 
قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: لم أر في المحدثين أجود إتقانًا ولا أحسن ضبطًا منه. وقال بن النجار: قدم مسعود السجزي بغداد فسمع من بشرى الفاتني -وذكر جماعة- سمع منه الصوري شيخه. وقال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي: كان متقنًا ورعًا قصير اليد، زجى عمره كذلك إلى أن ارتبطه نظام الملك ببيهق مدة ثم بطوس للاستفادة منه. وقال أحمد بن ثابت الطرقي: سمعت بن الخاضبة يقول: كان مسعود قدريا سمعته يقرؤها: "فحج آدم موسى" بالنصب. قال المؤتمن: كان يرجع إلى هداية وإتقان وحسن ضبط. قلت: توفي في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وأربعمائة.
 
أخبرنا أحمد بن محمد المفيد أنا يوسف بن خليل ثنا مسعود بن أبي منصور نا الحسن بن أحمد المقرئ أنا مسعود بن ناصر الركاب أنا عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد النوقاتي أنا أبي أبو عمر نا أبو بكر محمد بن إبراهيم الخياط نا أحمد بن محمد بن ياسين نا أبو غياث نا أحمد بن محمد بن دينار النيسابوري عن أزهر السمان عن بن سيرين عن أبي هريرة {{عنه}} عن النبي {{صلل}} قال: "تفكهوا وكلوا البطيخ؛ فإن حلاوتها من الجنة". هذا حديث منكر لم يحدث به أزهر أصلا.
 
1041- 9/15
 
===الحميدي===
 
الحافظ الثبت الإمام القدوة، أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد بن يصل الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي الظاهري.
 
وميورقة جزيرة تجاه شرق الأندلس، سمع بالأندلس ومصر والشام والعراق والحرم وسكن بغداد وكان من كبار تلامذة بن حزم، قال: ولدت قبل سنة عشرين وأربعمائة.
 
حدث عن بن حزم فأكثر وعن أبي عبد الله القضاعي وأبي عمر بن عبد البر وأبي زكريا عبد الرحيم البخاري وأبي القاسم الحنائي الدمشقي وعبد الصمد بن المأمون وأبي بكر الخطيب وأبي جعفر بن المسلمة وأبي غالب بن بشران الأموي، ولم يزل يسمع ويكثر ويجد حتى كتب عن أصحاب الجوهري وابن المذهب وسمع بأفريقية كثيرًا ولقي بمكة كريمة المروزية أول رحلته، وأول رحلته كانت في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. قال محمد بن طرخان: سمعت الحميدي يقول: كنت أحمل للسماع على الكتف سنة خمس وعشرين وأربعمائة، فأول ما سمعت من الفقيه أصبغ بن راشد وكنت أفهم ما يقرأ عليه وكان تفقه على أبي محمد بن أبي زيد، أصل أبي من قرطبة من محلة تعرف بالرصافة فسكن جزيرة ميورقة فولدت فيها. وقال يحيى بن البناء: كان الحميدي من اجتهاده ينسخ بالليل في الحر، فكان يجلس في إجانة ماء يتبرد به. وقال الحسن بن محمد بن خسرو: جاء أبو بكر بن ميمون فدق على الحميدي وظن أنه قد أذن له، فدخل عليه فوجده مكشوف الفخذ فبكى الحميدي وقال: والله لقد نظرت إلى موضع لم ينظره أحد منذ عقلت.
 
قال الأمير بن ماكولا: لم أر مثل صديقنا الحميدي في نزاهته وعفته وورعه وتشاغله بالعلم، صنف تاريخ الأندلس. وقال يحيى بن إبراهيم السلماسي: قال أبي: لم تر عيناي مثل الحميدي في فضله ونبله وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم؛ قال: وكان ورعًا ثقة إمامًا في الحديث وعلله ورواته متحققًا في علم التحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث بموافقة الكتاب والسنة فصيح العبارة متبحرًا في علم الأدب والعربية والترسل، وله كتاب الجمع بين الصحيحين، وتاريخ الأندلس، وجمل تاريخ الإسلام، وكتاب الذهب المسبوك في وعظ الملوك، وكتاب الترسل، وكتاب مخاطبات الأصدقاء، وكتاب حفظ الجار، وكتاب ذم النميمة، وله شعر رصين في المواعظ والأمثال. قال السلفي: سألت أبا عامر العبدري عن الحميدي فقال: لا يرى قط مثله وعن مثله لا يسأل، جمع بين الفقه والحديث والأدب ورأى علماء الأندلس وكان حافظًا. وعن الحميدي قال: صيرني الشهاب شهابًا وهو كان يقصد في سماعه كثيرًا، قال أبو علي الصدفي: كان يدلني على الشيوخ وكان متقللا من الدنيا يمونه بن رئيس الرؤساء ثم جرت لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه وكان يبيت عند بن رئيس الرؤساء كل ليلة، وحدثني أبو بكر بن الخاضبة أنه ما سمع يذكر الدنيا قط.
 
وقال بن طرخان: سمعت الحميدي يقول: ثلاثة كتب من علوم الحديث يجب الاهتمام بها؛ كتاب العلل وأحسن ما وضع فيها كتاب الدارقطني، وكتاب المؤتلف والمختلف وأحسن ما وضع فيه الإكمال للأمير بن ماكولا، وكتاب وفيات المشايخ، وليس فيه كتاب، وقد كنت أردت أن أجمع في ذلك كتابًا فقال لي الأمير: رتبه على حروف المعجم بعد أن ترتبه على السنين. قال بن طرخان: فاشتغل بالصحيحين إلى أن مات. قلت: وقد قبلنا إشارة الأمير وعملنا "تاريخ الإسلام" على ما رسم الأمير. قال الحميدي في تاريخه: أنا أبو عمر بن عبد البر أنا عبد الله بن محمد الجهني بمصنف النسائي قراءة عليه عن حمزة الكناني عنه. قال القاضي عياض: أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الأندلسي الأزدي سمع بميورقة من أبي محمد بن حزم قديمًا وكان يتعصب له ويميل إلى قوله وكان قد أصابته فيه فتنة ولما شدد على بن حزم خرج الحميدي إلى المشرق.
 
قلت: روى عنه يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد ومحمد بن طرخان وأبو عامر العبدري وإسماعيل بن محمد الطلحي ومحمد بن علي الجلابي والحسين بن الحسن المقدسي وأبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد بن خميس والحافظ محمد بن ناصر وإسماعيل بن السمرقندي وصديق بن عثمان التبريزي وأبو إسحاق بن نبهان الغنوي وأبو الفتح محمد بن البطي وشيخه أبو بكر الخطيب وآخرون. وكان صاحب حديث كما ينبغي علمًا وعملًا وكان ظاهريًّا ويسر ذلك بعض الإسرار. مات في سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وأمهم عليه الإمام أبو بكر الشاشي بجامع القصر ودفن بمقبرة باب أبرز بقرب قبر الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ثم إنهم نقلوه بعد سنتين إلى مقبرة باب حرب فدفن عند بشر الحافي. ونقل الحافظ بن عساكر أن الحميدي كان أوصى إلى الأجل مظفر بن رئيس الرؤساء أن يدفنه عند بشر فخالف وصيته، فلما كان بعد مدة رآه في النوم يعاتبه على تفوح، فنقله في صفر سنة إحدى وتسعين وكان كفنه جديدًا وبدنه طريًّا تفوح منه رائحة الطيب، رحمة الله عليه. ووقف كتبه.
 
قرأت على أبي الفهم بن أحمد السلمي أخبركم أبو محمد بن قدامة، وقرأت على أبي سعيد الحلبي أخبركم عبد اللطيف بن يوسف قال: أنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي أنا محمد بن أبي نصر الحافظ سنة خمس وثمانين وأربعمائة أنا أبو القاسم منصور بن النعمان بمصر بقراءتي ثنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق لفظًا ثنا علي بن عبد الحميد الغضائري -وهو آخر من حدث عن الغضائري- أنا عبد الله بن معاوية الجمحي نا الحماد أن حماد بن سلمة وحماد بن زيد قالا: نا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "تسحروا؛ فإن في السحور بركة". أخرجه بن ماجه من طريق حماد بن زيد، وهو غريب من حديث حماد بن سلمة، وهو في صحيح مسلم من طريق بن علية وغيره عن عبد العزيز.
 
ومن شعر الحميدي:
 
طريق الزهد أفضل ما طريق وتقوى الله بادية الحقوق
 
فثق بالله يكفك واستعنه يعنك وذر بنيات الطريق
 
وله:
 
لقاء الناس ليس يفيد شيئا سوى الهذيان من قيل وقال
 
فاقلل من لقاء الناس إلا لأخذ العلم أو إصلاح حال
 
وله:
 
كلام الله عز وجل قولي وما صحت به الآثار ديني
 
وما اتفق الجميع عليه بدءا وعودا فهو عن حق مبين
 
فدع ما صد عن هذا وخذها تكن منها على عين اليقين
 
1042- 10/15
 
===بن مفوز===
 
الحافظ المجود الإمام أبو الحسن طاهر بن مفوز بن أحمد بن مفوّز المعافري الشاطبي، تلميذ أبي عمر بن عبد البر: أكثر عنه، وكان من أثبت الناس فيه وأنقلهم عنه، وسمع من أبي العباس بن دلهاث وأبي الوليد الباجي وأبي شاكر الخطيب وأبي الفتح السنكتي السمرقندي وطبقتهم، وسمع بقرطبة من حاتم بن محمد وأبي مروان بن حيان وكان موصوفًا بالذكاء وسعة العلم، شهر بحفظ الحديث وإتقانه وكان حسن الخط كثير الضبط ذا فضل وورع وصيانة ووقار وتقوى، وأما أخوه عبد الله فكان زاهد زمانه بالأندلس. مولد طاهر في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، حدث عنه الحافظ أبو علي بن سكرة وغيره، وكانت وفاته في رابع شعبان سنة أربع وثمانين وأربعمائة، {{رحمه ى}}.
 
1043- 11/15
 
===طاهر النيسابوري===
 
الحافظ أبو محمد، ويقال اسمه: عبد الصمد بن أحمد بن علي السليطي.
 
ولد بالري ونشأ بها وطلب الحديث وكتب بخطه المضبوط الجيد ما لا يوصف. سمع أبا عبيد صخر بن محمد الطوسي بالري وعبد الكريم بن أحمد المطري بساوة وعبد الملك بن عبد الغفار البصري وخلقًا بهمذان وقدم بغداد فسمع من أبي علي بن المذهب والقاضي أبي الطيب وأبي القاسم التنوخي وانتقى على الجوهري وحدث، روى عنه بن الطيوري وابن بدران الحلواني ومحمد بن الحسين المرزوقي، وسكن همذان ومات بظاهرها. قال شيرويه: كان أحد من عني بهذا الشأن حسن العبارة كثير الرحلة صدوقا جمع شيئًا كثيرًا في سائر العلوم ما رأيت فيمن رأيت أكثر كتبًا وسماعًا منه عاجله الموت. قال يحيى بن منده: هو أحد الحفاظ صحيح النقل يفهم الحديث ويحفظه، قال أبو جعفر محمد بن أبي علي الحافظ: سمعت مسعود بن ناصر السجزي يقول: أشهد أن كل كتاب بغدادي عند عبد الصمد السليطي، كلها غارة ونهب من نهب البساسيري ببغداد لا ينتفع بها دينًا ولا دنيا، قال بن السمعاني: توفي طاهر بهمذان سنة اثنتين وثمانين أربعمائة.
 
1044- 12/15
 
===بن الخاضب===
 
ة الحافظ الإمام القدوة مفيد بغداد، أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي بن منصور البغدادي الدقاق.
 
حدث عن مؤدبه أبي طالب عمر بن محمد بن الدلو، حدثه عن أبي عمر بن حيويه في سنة ست وأربعين وأربعمائة، وحدث عن أبي جعفر بن المسلمة والحافظ عبد الرحيم بن أحمد البخاري والحافظ أبي بكر الخطيب وأبي الحسين بن النقور والصريفيني وأحمد بن علي الدينوري وإمام جامع دمشق عبد الصمد بن محمد بن تميم ومحمد بن مكي بن عثمان الأزدي صادفه ببيت المقدس وأبي الغنائم محمد بن الغراء، وقرأ الكثير وكتب وخرج وأفاد مع الديانة والعبادة وصحة القراءة وحسنها؛ روى عنه أبو علي بن سكرة محمد بن طاهر المقدسي وأبو الفتح بن البطي وآخرون، قال بن سكرة: كان محبوبًا إلى الناس كلهم فاضلا حسن الذكر ما رأيت مثله على طريقته، وكان لا يأتيه مستعير كتابًا إلا أعطاه أو دله عليه، وسمعت أبا الوفاء بن عقيل الحنبلي الإمام يقول، وذكر شدة أصابته بمطالبة طولب بها وأنه كانت له عند ذلك خلوات يدعو ربه فيها ويناديه فقرأ على مناجاته: ولئن قلت لي يا رب: هل واليت لي وليا؟ أقول: نعم يا رب، أبو بكر بن الخاضبة، ولئن قلت: هل عاديت في عدوا؟ فأقول: نعم، يا رب ولم يسمه؛ قال: فأخبرت بن الخاضبة بقوله فقال: أعز الله الشيخ.
 
أخبرنا المقداد بن أبي القاسم في كتابه أنبأنا أبو البقاء عبد الله بن الحسين النحوي في كتابه سنة إحدى عشرة وستمائة أنا أبو الفتح بن البطي أنا محمد بن أحمد الحافظ أنا أبو الحسين بن المهتدي بالله ثنا عبيد الله بن محمد نا عبد الله بن محمد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا خالد بن مخلد أنا سليمان بن بلال نا أبو حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخله الصائمون يوم القيامة لا يدخله معه أحد غيرهم، فإذا دخل آخرهم أُغلق". رواه "خ" عن خالد بن مخلد و"م" عن بن أبي شيبة.
 
أخبرنا أبو محمد بن محمد الحافظ أنا أحمد بن إبراهيم أنا عبد اللطيف الطبري أنا بن البطي أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي نا أحمد بن علي بن ثابت نا بن أبي الفوارس نا الحسين بن أحمد الهروي الصفار قال: كنت يومًا عند الشبلي فسأله بعض المتصوفة: الرجل يسمع قولا فلا يفهمه فيتواجد عليه؟ فأنشأ يقول:
 
رب ورقاء هتوف بالضحى ذات شجو صدحت في فنن
 
فبكائي ربما أرقها وبكاها ربما أرقني
 
ولقد أشكو فما أفهمها ولقد تشكو فما تفهمني
 
غير أني بالجوى أعرفها وهي أيضًا بالجوى تعرفني
 
قال أبو سعد بن السمعاني: نسخ بن الخاضبة صحيح مسلم بالأجرة سبع مرات.
 
قال بن طاهر: ما كان في الدنيا أحد أحسن قراءة للحديث من بن الخاضبة في وقته، لو سمع بقراءته إنسان يومين لما مل قراءته. قال السلفي: سألت أبا الكرم خميسًا الحوزي عن بن الخاضبة فقال: كان علامة في الأدب قدوة في الحديث جيد اللسان جامعًا لخلال الخير ما رأيت ببغداد من أهلها أحسن قراءة للحديث منه ولا أعرف بما يقوله. قال بن النجار: كان بن الخاضبة ورعًا تقيًّا زاهدًا ثقة محبوبًا إلى الناس روى اليسير. وقال علي بن محمد الفصيحي: ما رأيت في أصحاب الحديث أقوم باللغة من بن الخاضبة. وقال السلفي: سألت أبا عامر العبدري عنه فقال: كان خير موجود في وقته، وكان لا يحفظ إنما يعول على الكتب. وقال بن طاهر: سمعت بن الخاضبة، وكنت ذكرت له أن بعض الهاشميين حدثني بأصبهان أن أبا الحسين بن المهتدي بالله يرى الاعتزال، فقال: لا أدري ولكن أحكي لك، لما كان سنة الغرق وقعت داري على قماشي وكتبي ولم يكن لي شيء وكان عندي الوالدة والزوجة والبنات فكنت أنسخ وأنفق عليهن، فأعرف أني كتبت صحيح مسلم في تلك السنة سبع مرات، فلما كان ليلة من الليالي رأيت كأن القيامة قامت ومنادٍ ينادى: أين بن الخاضبة؟ فأحضرت فقيل لي: ادخل الجنة، فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجلي على الأخرى وقلت: استرحت والله من النسخ، فرفعت رأسي فإذا ببغلة في يد غلام فقلت: لمن هذه؟ قال: للشريف أبي الحسين الغريق، فلما أصبحت نعي إلينا الشريف. قال بن عساكر: سمعت أبا الفضل محمد بن محمد بن عطاف يحكي أنه طلع في بعض بني الرؤساء ببغداد أصبع زائدة، فاشتد ألمه ليلة فدخل عليه بن الخاضبة فمسح عليها وقال: أمرها يسير، فلما كانت تلك الليلة نام وانتبه فوجدها قد سقطت، أو كما قال. توفي بن الخاضبة في ثاني ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة وكانت جنازته مشهودة وختم على قبره ختمات.
 
'''وفيها مات''' المحدث المسند أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد بن الباقلاني الكرخي ببغداد عن ثلاث وسبعين سنة، ومقرئ بغداد أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السمرقندي عن إحدى وثمانين سنة، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن السراج البغدادي، والمحدث القاضي أبو محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني مصنف مناقب الشافعي، والمحدث المفيد أبو منصور عبد المحسن بن محمد بن علي الشيحي السفار، وإمام اللغة بالأندلس أبو مروان عبد الملك بن سراج بن عبد الله الأموي مولاهم القرطبي، ومسند أصبهان ورئيسها أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي شيخ السلفي عن بضع وتسعين سنة، ومسند هراة وزاهدها الإمام أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري، وأول سماعه في سنة سبع وأربعمائة، وشيخ المشايخ أبو منصور معمر بن أحمد بن محمد بن أحمد اللنباني الأصبهاني، وفقيه خراسان أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني المروزي الحنفي ثم الشافعي عن ثلاث وستين سنة، والعلامة ذو النون أبو الوليد هشام بن أحمد الكناني الوقشي، ووقش قرية على بريد من طليطلة.
 
1045- 13/15
 
===الحرمي===
 
نزيل هراة، الإمام القدوة المفيد أبو سعد محمد بن الحسن بن محمد المكي الحافظ.
 
سمع بمصر من محمد بن الحسين الطفال وأبي الفتح بن باشاذ وعلي بن حمصة الحراني وعلي بن بقاء الوراق، وبمكة أبا نصر السجزي وعبد العزيز بن بندار الشيرازي، وببغداد أبا جعفر بن المسلمة والخطيب وهذه الطبقة، وكان من عباد المحدثين.
 
قال محمد بن أبي علي الهمذاني: كان أبو سعد الحَرَمي من الأوتاد، لم أر بعيني أحفظ منه.
 
وقال الواعظ أبو حامد بن الخياط: إن كان لله بهراة أحد من أوليائه فهو هذا، وأشار إلى الحرمي.
 
مات الحرمي بهراة في شعبان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.
 
'''وفيها مات''' محدث الثغر أبو العباس أحمد بن إبراهيم الرازي بن الخطاب الشافعي ووالد صاحب السداسيات، ومسند أصبهان أبو العباس أحمد بن عبد الغفار بن أشتة الكاتب، ومحدث أصبهان أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن شيرويه الأصبهاني الحافظ عن ست وسبعين سنة، ومحدث دمشق أبو الفرج سهل بن بشر الأسفراييني عن اثنتين وثمانين سنة، ومسند الوقت أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الهاشمي الزينبي النقيب عن ثلاث وتسعين سنة، والمسند أبو الفتح عبد الواحد بن علوان بن عقيل الشيباني ببغداد، ومسند العجم السلار الرئيس أبو الحسن مكي بن منصور بن محمد بن علان الكرجي، والمعمر المسند أبو الحسن هبة الله بن عبد الرزاق بن محمد الأنصاري. سمع من هلال الحفار.
 
أخبرنا أبو الحسين اليونيني وأبو علي الأمين قالا: أنا أبو الفضل الهمداني أنا أبو طاهر السلفي أنا المؤتمن بن أحمد، سمعت أبا سعد الحرمي الحافظ بهراة يقول: لا يصبر على الخل إلا دوده، يعني: لا يصبر على الحديث إلا أهله.
 
1046- 14/15
 
===مكي بن عبد السلام بن الحسين===
 
الحافظ الإمام أبو العباس الرميلي المقدسي، أحد الجوالين.
 
سمع محمد بن يحيى بن سلوان المازني وأبا عثمان بن ورقاء وعبد العزيز بن أحمد النصيبي وعبد العزيز بن الضراب وأبا القاسم بن الحنائي وعبد الباقي بن فارس وأبا جعفر بن المسلمة وأبا الغنائم بن المأمون والحسين بن أحمد الطرابلسي، ورحل إلى مصر ودمشق وطرابلس وبغداد والبصرة والكوفة وواسط والموصل وآمد وميافارقين وغير ذلك، سمع منه هبة الله الشيرازي وعمر الرواس، وحدث عنه محمد بن علي بن محمد المهرجاني بمرو وأبو سعد عمار بن طاهر بهمذان وأبو القاسم بن السمرقندي ببغداد وجمال الإسلام أبو الحسن السلمي وحمزة بن كروس بدمشق وآخرون، مولده في أول سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. قال بن النجار: مكي من الحفاظ ورحل وحصل وكان مفتيًا في مذهب الشافعي سمع بن سلوان.
 
قال المؤتمن الساجي: كانت الفتاوى تجيئه من مصر ومن الساحل ودمشق، وقيل: إنه شرع في تأليف تاريخ بيت المقدس ولما دخلت الفرنج وملكوا بيت المقدس في شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة أسروا الرميلي ونودي عليه في البلاد ليفك بألف دينار لما عرفوا أنه من علماء المسلمين، فلم يفتكه أحد فقتل صبرًا بظاهر أنطاكية وكان صدوقًا متثبتًا يكاد أن يعد من الحفاظ. وقال غيث الأرمنازي: قتلوه بالحجارة في ثاني عشر شوال سنة اثنتين وتسعين عند بيروت. قلت: وقتلوا في بيت المقدس نحوًا من سبعين ألفًا ودام في أيديهم تسعين سنة فافتتحه السلطان صلاح الدين.
 
'''وفيها مات''' مقرئ دمشق أبو البركات بن طاوس عن تسع وسبعين سنة، والمسند أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن يوسف، ومسند بلخ أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد الخليلي الدهقان وله مائة سنة وسنة، والعلامة أبو تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي بنيسابور، ومسند مصر القاضي أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي الشافعي عن ثمانٍ وثمانين سنة والمسند أبو الحسن بن أيوب ببغداد.
 
1047- 15/15
 
===السمرقندي===
 
الحافظ الإمام الرحال، أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن قاسم بن جعفر الكوخميثني.
 
ولد سنة تسع وأربعمائة وصحب الحافظ جعفر بن محمد المستغفري فأكثر عنه وتخرج به، سمع من عبد الصمد العاصمي وحمزة بن محمد الجعفري، وبنيسابور أبا حفص بن مسرور وأبا عثمان العابوني وأبا سعيد الكنجرودي وببخارى وبلخ، وصنف التصانيف. روى عنه إسماعيل بن محمد التيمي ووجيه الشحامي وهبة الرحمن بن القشيري ومحمد بن جامع خياط الصوف والجنيد القائني وخلق، وأكبر شيخ له منصور الكاغذي.
 
قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عنه فقال: إمام حافظ سمع وجمع وصنف. وقال عمر بن محمد النسفي في كتاب القند: الإمام الحافظ قوام السنة أبو محمد السمرقندي نزيل نيسابور، لم يكن في زمانه في فنه مثله في الشرق والغرب، له كتاب بحر الأسانيد في صحاح المسانيد، جمع فيه مائة ألف حديث لو رتب وهذب لم يقع في الإسلام مثله وهو ثمانمائة جزء. وقال عبد الغافر الفارسي: هو عديم النظير في حفظه استوطن نيسابور وهو مكثر عن المستغفري. مات في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وله اثنتان وثمانون سنة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا إسحاق بن يحيى أنا الحسن بن عباس أنا عبد الواحد بن حمويه أنا وجيه بن طاهر أنا الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ أنا أبو طالب حمزة بن محمد الحافظ أنا محمد بن أحمد الحافظ نا أبو صالح الكرابيسي نا صالح بن محمد نا أبو الصلت الهروي نا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن بن عباس عن رسول الله {{صلل}} قال: "أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأتِ عليًّا". هذا الحديث غير صحيح وأبو الصلت هو عبد السلام متهم.
 
1048- 16/15
 
===البرداني===
 
الحافظ الإمام المتقن، أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسن البغدادي.
 
ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة، وسمع من أبي طالب بن غيلان وأبي طالب العشاري وأبي إسحاق البرمكي وأبي محمد الجوهري وأبي الحسن القزويني وعبد العزيز بن علي الأزجي وأبي يعلى الفراء وأبي بكر الخطيب وخلق سواهم، وما أظنه رحل. قال السمعاني: كان أحد المبرزين في صنعة الحديث وكان حنبليًّا، استملى للقاضي أبي يعلى.
 
روى عنه إسماعيل بن محمد الحافظ. قلت: قد جمع مجلدًا في المنامات النبوية وسمعنا منتقاه على الأمين الأسدي عن الساوي عن السلفي عنه، وقد سأله السلفي عن كشف أحوال جماعة فأجاب وأجاد.
 
قال السلفي: كان أبو علي أحفظ وأعرف من شجاع الذهلي، وكان ثقة نبيلا له مصنفات.
 
قلت: وحدث عنه أيضًا الوزير علي بن مراد وأحمد بن المقرب. قرأت بخط أبي علي البرداني قال: أنا عثمان بن محمد بن دوست العلاف إجازة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة '''وفيها مات'''، أنبأ أبو بكر الشافعي، فذكر حديثًا.
 
مات أبو علي في شوال سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.
 
'''وفيها مات''' محدث أصبهان المفيد الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني لم يلحق جده، والمسند أبو المعالي ثابت بن بندار البغدادي البقال المقرئ، وشيخ الحرم المحدث المفتي أبو عبد الله الحسين بن علي الطبري عن ثمانين سنة، والشريف المسند أبو الفضل محمد بن عبد السلام بن أحمد الأنصاري، ومسند خراسان أبو علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي النيسابوري.
 
أخبرنا محمد بن أبي بكر الأسدي أنا يوسف بن محمود أنا أحمد بن محمد الحافظ قال: قرأت على أبي علي أحمد بن محمد الحافظ أنا محمد بن عبد الملك أنا الحسين بن عمر أنا حامد بن شعيب نا يحيى بن أيوب العابد نا إسماعيل بن جعفر أخبرني سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس عن أبيه عن بن عباس قال: كشف رسول الله {{صلل}} الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه فقال: "اللهم هل بلغت -ثلاث مرات- أنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة" الحديث.
 
1049- 17/15
 
===الغساني===
 
الحافظ الإمام الثبت محدث الأندلس أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الجياني الأندلسي.
 
ولد في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة وحمل عن حكيم بن محمد الحداني وحاتم بن محمد الأطرابلسي وأبي عمر بن عبد البر وأبي شاكر عبد الواحد الفيري وأبي عبد الله بن عتاب والمحدث أبي عمرو بن الحذاء وسراج بن عبد الله القاضي وأبي الوليد الباجي وأبي العباس بن دلهاث وعدة، ولم يخرج من الأندلس وكان من جهابذة الحفاظ البُصَراء بصيرًا بالعربية واللغة والشعر والأنساب، صنف في ذلك كله، ورحل الناس إليه وعوَّلوا في النقل عليه وتصدر بجامع قرطبة وأخذ عنه الأعلام. قال هذا وأكثر منه خلف بن بشكوال وقال: أنا عنه غير واحد ووصفوه بالجلالة والحفظ والنباهة والتواضع والصيانة.
 
قال السهيلي في الروض: حدثني أبو بكر بن طاهر عن أبي علي الغساني أن أبا عمر بن عبد البر قال له: أمانة الله في عنقك متى عثرت على اسم من أسماء الصحابة لم أذكره إلا ألحقته في كتابي يعني "الاستيعاب". وقال ابن بشكوال: سمعت الحسن بن مغيث قال: كان أبو علي من أكمل من رأيت علمًا بالحديث ومعرفة بطرقه وحفظًا لرجاله، عانى كتب اللغة وأكثر من رواية الأشعار وجمع من سعة الرواية ما لم يجمعه أحد أدركناه وصحح من الكتب ما لم يصححه غيره من الحفاظ فكتبه حجة بالغة، جمع كتابًا في رجال الصحيحين سماه "تقييد المهمل وتمييز المشكل" وهو كتاب حسن مفيد أخذه الناس عنه.
 
قال ابن بشكوال: سمعناه على القاضي أبي عبد الله بن الحجاج عنه، لزم بيته مدة لزمانة لحقته. قلت: روى عنه تقييده محمد بن محمد بن الحكم الباهلي شيخ السلفي والعثماني. وممن روى عنه محمد بن أحمد بن إبراهيم الجياني الملقب بالبغدادي وأبو علي بن سكرة الصدفي وأبو العلاء زهر بن عبد الملك الإيادي وعبد الله بن أحمد بن سماك الغرناطي وعبد الرحمن بن أحمد بن أبي ليلى الأنصاري الحافظ ويوسف بن يبقى النحوي وخلائق سواهم، آخرهم مسند مراكش محمد بن عبد الله بن خليل القيسي سمع منه هذا صحيح مسلم، وبقي إلى سنة سبعين وخمسمائة. توفي الأستاذ أبو علي في ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.
 
أخبرنا الحسن بن علي أنا جعفر بن علي أنا أبو محمد العثماني أنا محمد بن محمد الباهلي أنا أبو علي الغساني أنا حكيم بن محمد نا أبو بكر بن إسماعيل نا أبو القاسم البغوي إملاء بمكة سنة عشر وثلاثمائة، نا هدبة بن خالد حدثنا المبارك بن فضالة عن ثابت عن أنس أن رسول الله {{صلل}} قال: "ما تحابّ رجلان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبًّا لصاحبه".
 
1050- 18/15
 
===عمر بن علي بن أحمد بن الليث بن أحمد بن الليث===
 
أبو مسلم الليثي البخاري الحافظ الجوال.
 
سمع الكثير ونسخ واستكتب وصنف وجمع، سمع ببخارى من أبي سهل عبد الكريم بن عبد الرحمن الكلاباذي وعلي بن أحمد بن خنباج التميمي ومحمد بن محمد بن حاضر الهراس ويوسف بن منصور السياري الحافظ الصفار وعبد الملك بن علي الإمام وعدة، وبسمرقند المطهر بن محمد الخاقاني ومحمد بن جعفر الطبسي، وبكش عبد العزيز بن أحمد الحلواني، وببلخ أبا عمر محمد بن أحمد المستملي، وبغزنة المحدث المظفر بن حسين وعلي بن محمد اللبّان الدينوري والعيار، وبهراة عطاء بن أحمد وعدة، وببوشنج منصور بن العباس التميمي، وبمرو أبا عمرو محمد بن عبد العزيز القنطري وأبا غانم الكراعي، وبنيسابور بن مسرور وأبا الحسين الفارسي ومحمد بن عبد العزيز الحيري الحافظ وخلقًا، وبأصبهان عبد الرحمن بن منده وطبقته، وبهمذان محمد بن عثمان القومساني، ودخل بغداد سنة ستين فسمع عبد الصمد بن المأمون وأقرانه؛ روى عنه أبو الحسن بن الطيوري وعبد الله بن المجلي وأبو غالب بن البناء.
 
قال المؤتمن الساجي: كان حسن المعرفة شديد العناية بالصحيح. وقال شجاع الذهلي: كان يحفظ ويفهم ويعرف شيئًا من علم الحديث، وكان قريب الأمر في الرواية.
 
وقال خميس الحوزي: قال: كتبت وكتب لي عشر رواحل، وأثنى عليه أبو بكر بن الخاضبة. قال أبو زكريا بن منده: هو أحد من يدعي الحفظ إلا أنه كان يدلس وكان متعصبًا لأهل البدع أحول شرهًا وقاحًا كلما هاجت ريح قام معها، وصنف مسند الصحيحين.
 
كتب إلي أحمد بن سلامة عن خليل بن بدر، سمعت محمد بن عبد الواحد الدقّاق الحافظ يقول: من الحفاظ الذين شاهدتهم أبو مسلم الليثي، قدم علينا أصبهان وكان أحفظ من رأيت للكتابين جمع بين الصحيحين في أربعين مشرسة كل واحدة منها قريبة من مجلد.
 
وقال شيرويه الديلمي: قدم علينا ولم يقض لي السماع منه وكان يحفظ ويدلس، حدثني عنه أبو القاسم بن النضر، مات بخوزستان سنة ست وستين وأربعمائة. وقال أبو الفضل بن خيرون: مات بالأهواز سنة ثمان وستين، سمعت منه وسمع مني وكان فيه تمايل عن أهل العلم وعجب بنفسه.
 
1051- 19/15
 
===أبو الفتيان===
 
عمر بن عبد الكريم بن سعدويه بن مهمت الدهستاني الرواسي الحافظ الجوال.
 
سمع أبا حفص بن مسرور وأبا الحسين الفارسي وأبا عثمان الصابوني وطبقتهم بنيسابور، والقاضي أبا يعلى الحنبلي وابن المسلمة وابن النقور ببغداد، والحافظ أبا مسعود البجلي وغيره بدهستان، وسمع بدمشق ومصر ومرو والجزيرة، وسمع بحران من مبادر بن علي بن مبادر، وصنف وجمع وأكثر جدًّا وكان إمامًا مبرزًا في هذا الفن. روى عنه شيخه أبو بكر الخطيب وأبو حامد الغزالي وصحح عليه الصحيحين وأبو حفص عمر بن محمد الجرجاني ومحمد بن عبد الواحد الدقاق والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي وهبة الله بن الأكفاني وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ ومحمد بن الحسن الجويني ومحمد بن يحيى فقيه نيسابور وآخرون، وروى عنه السلفي بالإجازة.
 
خرج من طوس إلى مرو لزيارة الإمام أبي بكر السمعاني وقد كان استدعاه ليأخذ عنه ويستفيد منه فسار فأدركته المنية بسرخس في ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسمائة كما هو مؤرخ على بلاطة قبره.
 
قال الحافظ أبو جعفر محمد بن علي الهمذاني: ما رأيت في تلك الديار أحفظ من أبي الفتيان، لا، بل في الدنيا كلها، كان كتابًا جوالًا دار الدنيا في طلب الحديث، لقيته بمكة ورأيت الشيوخ يثنون عليه ويحسنون القول فيه، ثم لقيته بجرجان وصار من إخواننا.
 
قال أبو بكر السمعاني: قال لي إسماعيل بن محمد بن الفضل بأصبهان: كان عمر خريج أبي مسعود البجلي، سمعته يقول: دخل أبو مسعود دهستان فاشترى من أبي رأسًا ودخل المسجد يأكله، فبعثني أبي إليه فقال لي: تعرف شيئًا؟ قلت: لا، فقال لأبي: سلمه إليَّ، فسلمني إليه فحملني إلى نيسابور وأفادني وانتهى أمره إلى حيث انتهى.
 
قال بن نقطة: سمع غير واحد من أهل العلم أن أبا الفتيان سمع من ثلاثة آلاف شيخ وستمائة شيخ. وقال خزيمة بن علي المروزي الأديب: سقطت أصابع عمر الرواسي في الرحلة من شدة البرد. وقال الدقاق في رسالته: إن عمر حدث بطوس بصحيح مسلم من غير أصله وهذا أقبح شيء عند المحدثين، وحدثني أن مولده بدهستان في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وأنه سمع منه الحافظ هبة الله بن عبد الوارث في سنة ست وخمسين، قال الرواسي: أريد أن أخرج إلى مرو وسرخس على طريقي وقد قيل: إنها مقبرة العلم فلا أدري كيف يكون حالي بها؟ فمات بها. قال بن طاهر وغيره: الرواسي نسبة إلى بيع الرءوس.
 
قال بن ماكولا: كتب الرواسي عني وكتبت عنه ووجدته ذكيًّا. قال السمعاني: سمعت أحمد بن محمد السرخسي يقول: لما قدم عمر الرواسي حدث بسرخس وأملى فحضره جماعة كثيرة فقال: أنا أكتب أسماء الجماعة على الأصل بخطي، وفي المجلس الثاني إذا حضرت الجماعة أثبت أسماءهم كلهم عن ظهر قلب وما أحتاج أن أسألهم؛ وقيل: كانوا نحوًا من سبعين نفسًا.
 
قال عبد الغافر بن إسماعيل: عمر الرواسي مشهور عارف بطرق الحديث كتب الكثير وجمع الأبواب وصنف وكان سريع الكتابة، كان على سيرة السلف مقلا معيلا، خرج من نيسابور إلى طوس فأكرمه الغزالي وأنزله عنده وقرأ عليه الصحيح ثم سرحه.
 
قلت: ومات معه في سنة ثلاث مسند أصبهان أبو سعد محمد بن محمد بن أحمد بن سيده المطرز عن اثنتين وتسعين سنة، ومسند بغداد أبو بكر أحمد بن المظفر بن الحسين بن سوسن التمار وله أيضًا ثنتان وتسعون سنة.
 
أخبرنا أبو المعالي محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي الجذامي بالإسكندرية ثنا جدي أنا أبو طاهر الحافظ قال: كتب إلي أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الحافظ نا أحمد بن محمد البجلي الحافظ ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب الزرقي -وزرق من قرى مرو- ثنا أبو حامد أحمد بن عيسى بن مهدي إملاء ثنا محمد بن رزام المروزي ثنا محمد بن أيوب الهنائي ثنا حميد بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن دلهم عن بن عباس {{عنهما}} قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من حفظ على أمتي حديثًا واحدًا كان له أجر أحد وسبعين نبيًّا صديقًا". قال أبو الفتيان: كتبه عني أبو بكر الخطيب الحافظ بصور. قلت: هذا مما تحرم روايته إلا مقرونًا بأنه مكذوب من غير تردد وقبح الله من وضعه وإسناده مظلم وفيهم بن رزام كذاب لعله آفته.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد عن محمد بن صاعد بن سعيد الطوسي أنا أبي أنا عمر بن أبي الحسن الحافظ إملاء بطوس أنا أحمد بن عبد الرحيم النيسابوري أنا أبو الحسين الخفاف أنا السراج ثنا قتيبة أنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس أن النبي {{صلل}} كان أخف الناس صلاة في تمام.
 
وأخبرنا بن عساكر وابن أبي عصرون عن أبي روح الهروي أنا محمد بن إسماعيل أنا المحلم بن إسماعيل أنا الخليل بن أحمد السجزي ثنا محمد بن إسحاق السراج، فذكره، رواه مسلم عن قتيبة.
 
1052- 20/15
 
===شجاع بن فارس بن حسين بن فارس بن الحسين بن غريب===
 
الحافظ الإمام، أبو غالب الذهلي الشيباني السهروردي البغدادي الحريمي.
 
ولد سنة ثلاثين وأربعمائة، وسمع أبا طالب بن غيلان وعبد العزيز بن علي الأزجي وأبا محمد بن المقتدر الأمين وأبا محمد الجوهري وأبا جعفر بن المسلمة وأبا بكر الخطيب فمن بعدهم إلى أن نزل وسمع من أصحاب أبي القاسم بن بشران ومن أقرانه، حدث عنه إسماعيل بن السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي وابن ناصر وعمر بن ظفر وأبو طاهر السلفي وسليمان بن جروان وآخرون.
 
قال أبو سعد السمعاني: نسخ بخطه كثيرًا من التفسير والحديث والفقه ما لم ينسخه أحد من الوراقين، قال لي عبد الوهاب الأنماطي: دخلت يومًا فقال لي: توبتي؛ فقلت: من أي شيء؟ قال: كتبت شعر بن الحجاج بخطي سبع مرات. قال عبد الوهاب: قلما يوجد بلد من بلاد الإسلام إلا فيه بخطه شيء. وكان مفيد وقته ببغداد ثقة سديد السيرة أفنى عمره في الطلب وكان قد عمل مسودة تاريخ بغداد، ذيل به على تاريخ الخطيب فغسله في مرض موته. قلت: للسلفي سؤالات لشجاع عن المشايخ سمعناه متصلا. مات في ثالث جمادى الأولى سنة سبع وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' المقرئ المسند أبو بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني ببغداد وهو في عشر التسعين، وشيخ المالكية أبو العباس أحمد بن محمد بن عروس ببغداد عن أربع وتسعين سنة له إجازة من بن شاذان، والعلامة مؤلف المستظهري في المذهب أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي الشافعي ببغداد وله ثمان وسبعون سنة، والعلامة شيخ الأدب أبو المظفر محمد بن أبي العباس أحمد بن محمد الأموي المعافري الأبيوردي الشاعر، وأبو بكر محمد بن عيسى اللخمي بن اللبانة شاعر الأندلس، والحافظان بن طاهر والمؤتمن الساجي.
 
أخبرنا أبو علي الحسن بن علي أنا أبو الحسن بن المفر "ح" وأنا محمد بن بلغزا أنا البهاء عبد الرحمن قالا: أنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن الشيباني أنا شجاع بن فارس ومحمد بن الحسين الإسكاف قالا: أنا محمد بن علي الخياط -زاد شجاع فقال: وأنا وأبو طالب العشاري وأبو سعد بن السبط قالوا- ثنا أحمد بن محمد بن دوست ثنا الحسين بن صفوان ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ثنا الحسن بن عبد العزيز عن ضمرة عن بن شوذب قال: اجتمع مالك بن دينار ومحمد بن واسع فتذاكرا العيش، فقال مالك: ما شيء أفضل من أن يكون للرجل غلة يعيش فيها؛ فقال محمد: طوبى لمن وجد غداء ولم يجد عشاء، ووجد عشاء ولم يجد غداء وهو عن الله راضٍ والله عنه راضٍ.
 
1053- 21/15
 
===- محمد بن طاهر بن علي===
 
الحافظ العالم المكثر الجوال، أبو الفضل المقدسي، ويعرف بابن القيسراني الشيباني: سمع ببلده من الفقيه نصر وأبي عثمان بن ورقاء وعدة، وببغداد أبا محمد الصريفيني وأبا الحسين بن النقور وطبقتهما وبمكة الحسن بن عبد الرحمن الشافعي وسعد بن علي الزنجاني، وبمصر من أبي إسحاق الحبال، وبالثغر من الحسين بن عبد الرحمن الصفراوي، وبتنيس من علي بن الحسين بن الحداد حدثه عن جده عن الوشى"؟" عن عيسى بن حماد زغبة، وبدمشق من أبي القاسم بن أبي العلاء، وبحلب من الحسن بن مكي، وبالجزيرة من عبد الوهاب بن محمد التميمي صاحب أبي عمر بن مهدي، وبأصبهان من عبد الوهاب بن منده، وبنيسابور من الفضل بن المحب وبهراة من محمد بن أبي مسعود الفارسي، وبجرجان من إسماعيل بن مسعدة، وبآمد من قاسم بن أحمد الأصبهاني الخياط، حدثه عن بن جشنس عن بن صاعد؛ ولقي بأستراباذ علي بن عبد الملك الحفصي صاحب هلال الحفار، وببوشنج عبد الرحمن بن محمد بن عفيف، وبالبصرة عبد الملك بن شغبة، وبالدينور بن عباد صاحب أبي بكر بن لال، وبالري إسماعيل بن علي صاحب أبي زكريا المزكي، وبسرخس محمد بن المظفر حدثه عن رجل عن محمد بن حمدويه المروزي، وبشيراز علي بن محمد الشروطي، حدثه عن أبي الليث عن أبي جعفر بن البختري، ولقي بقزوين محمد بن إبراهيم العجلي صاحب أبي عمر بن مهدي، وبالكوفة أبا القاسم حسين بن محمد، وبالموصل هبة الله بن أحمد المقرئ وبمرو المهربندقشائي، وسمع بمروالروذ والرحبة ونوقان والحرمين ونهاوند وهمذان وواسط وسلوة وأسدآباذ والأنبار وأسفرايين وآمل والأهواز وبسطام وخسروجرد وغير ذلك. روى عنه شيرويه بن شهردار وأبو جعفر بن أبي علي وأبو نصر الغازي وعبد الوهاب الأنماطي وابن ناصر والسلفي وولده أبو زرعة ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي وآخرون.
 
قال أبو القاسم بن عساكر: سمعت محمد بن إسماعيل الحافظ يقول: أحفظ من رأيت بن طاهر، وقال أبو زكريا بن منده: كان بن طاهر أحد الحفاظ حسن الاعتقاد جميل الطريقة صدوقًا عالمًا بالصحيح والسقيم كثير التصانيف لازمًا للأثر، قال السلفي: سمعت بن طاهر يقول: كتبت الصحيحين وسنن أبي داود سبع مرات بالأجرة، وسنن بن ماجه عشر مرات بالري.
 
قال السمعاني: سألت أبا الحسن الكرخي الفقيه عن بن طاهر فقال: ما كان على وجه الأرض له نظير وكان داودي المذهب، قال: اخترت مذهب داود، قلت: لم؟ قال: كذا اتفق، فسألته: من أفضل من رأيت؟ فقال: سعد الزنجاني وعبد الله الأنصاري، قال أبو مسعود عبد الرحيم الحاجي: سمعت بن طاهر يقول: بلت الدم في طلب الحديث مرتين مرة ببغداد ومرة بمكة، كنت أمشي حافيًا في الحر فلحقني ذلك، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث، وكنت أحمل كتبي على ظهري، وما سألت في حال الطلب أحدًا، كنت أعيش على ما يأتي، وقيل: كان يمشي دائمًا في اليوم والليلة عشرين فرسخًا وكان قادرًا على ذلك، وقد ذكره الدقاق في رسالته فحط عليه وقال: كان صوفيا ملامتيا سكن الري ثم همذان، له كتاب "صفوة التصوف" وله أدنى معرفة بالحديث في باب شيوخ البخاري ومسلم وغيرهما. قلت: هو أحفظ منك بكثير يا هذا؛ ثم قال: وذكر لي عند الإباحة قلت: بل الرجل مسلم معظم للآثار، وإنما كان يرى إباحة السماع لا الإباحة المطلقة التي هي ضرب من الزندقة والانحلال. وقال بن ناصر: بن طاهر لا يحتج به، صنف في جواز النظر إلى المرد وكان يذهب مذهب الإباحة. قلت: معلوم جواز النظر إلى الملاح عند الظاهرية وهو منهم.
 
قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عن بن طاهر فتوقف ثم أساء الثناء عليه، وسمعت بن عساكر يقول: جمع بن طاهر أطراف الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأخطأ في مواضع خطأً فاحشًا. قال بن ناصر: كان لحنة ذا تصحيف قرأ وإن جبينه ليتقصد عرقًا بالقاف، فقلت: بالفاء، فكابرني.
 
قال السلفي: كان فاضلا يعرف لكنه لحنة، قال لي المؤتمن: كان عند شيخ الإسلام بهراة، فكان الشيخ يحرك رأسه فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
 
قال بن طاهر: مولدي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة في شوال، وأول سماعي في سنة ستين، ودخلت إلى بغداد في سنة سبع وستين، ثم رجعت وأحرمت من بيت المقدس بحجة.
 
قال بن عساكر: مصنفاته كثيرة لكنه كثير الوهم، وله شعر حسن وكان لا يحسن النحو. قال المبارك بن كامل: أنشدني بن طاهر لنفسه:
 
ساروا بها كالبدر في هودج يميس محفوفًا بأترابه
 
فاستعبرت تبكي فعاتبتها خوفًا من الواشي وأصحابه
 
وقلت لا تبكي على هالك بعدك ما يبقى على ما به
 
للموت أبواب وكل الورى لا بد أن يدخل من بابه
 
وأحسن الموت بأهل الهوى من مات من فرقة أحبابه
 
قال شيرويه في تاريخ همذان: بن طاهر سكن همذان وبنى بها دارًا، وكان ثقة حافظًا عالمًا بالصحيح والسقيم حسن المعرفة بالرجال والمتون كثير التصانيف جيد الخط لازمًا للأثر بعيدًا عن الفضول والتعصب خفيف الروح قوي السير في السفر. قال شجاع الذهلي: مات بن طاهر عند قدومه بغداد من الحج يوم الجمعة في ربيع الأول. وقال أبو المعمر: في نصف ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة.
 
أخبرنا القاضي أبو محمد صالح بن ثامر الفرضي أنا يوسف بن خليل أنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي "ح" وأنبأنا أحمد بن أبي الخير عن الطرسوسي أنا محمد بن طاهر الحافظ لفظًا في سنة ست وخمسمائة أنا الفضل بن عبد الله المفسر أنا أبو الحسين أحمد بن محمد الزاهد ثنا أبو العباس السراج ثنا غياث بن جعفر ثنا سفيان عن عثمان بن أبي سليمان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة {{عنه}} عن النبي {{صلل}} قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين قبل أن يجلس". <ref> رواه البخاري في الصلاة باب 60. ومسلم في المسافرين حديث 68-70. والترمذي في الصلاة باب 117، 118. والنسائي في المساجد باب 36.</ref> هذا حديث صحيح متفق على أن الأمر فيه أمر ندب رواه الأئمة من طريق مالك بن أنس وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وغيرهما عن عامر بن عبد الله، وروايتنا هذه غريبة والله أعلم.
 
1054- 22/15
 
===بن مرزوق===
 
هو الحافظ المتقن أبو الخير عبد الله بن مرزوق الهروي، مولى شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري.
 
ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. وسمع أبا عمر المليحي ومولاه أبا إسماعيل وأحمد بن أبي نصر الكوفاني وعدة بهراة، وأبا القاسم بن البسري وأبا نصر الزينبي ببغداد، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف بالطبسين، ويحيى بن الحسين الشريف بالري، وعبد الرحمن بن منده وطبقته بأصبهان، وبهمذان والكوفة وواسط، وعني بهذا الشأن، وكان موصوفًا بالحفظ والمعرفة وحسن السيرة، وكان به صمم فلما شاخ اشتد ذلك، سمع منه آحاد الطلبة واستوطن أصبهان.
 
قال إسماعيل الحافظ: هو حافظ للحديث متقن. قال أبو موسى المديني: ثنا الحافظ الزاهد العالم أبو الخير الهروي وكان ثقيل الأذن. قال: ومات في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة. وقال اليونارتي: صحب أبو الخير الحفاظ وثافنهم، ذو إتقان وطلب وحبّ للحديث وهو مقبل على شأنه.
 
1055- 23/15
 
===الموتمن بن أحمد بن علي بن الحسين===
 
الحافظ الحجة أبو نصر الربعي الديرعاقولي ثم البغدادي، المعروف بالساجي محدث بغداد.
 
سمع أبا الحسين بن النقور وعبد العزيز بن علي الأنماطي وأبا القاسم بن البسري وعبد الله بن الحسن الخلال وأبا نصر الزينبي وإسماعيل بن مسعدة وطبقتهم ببغداد، وكان أولا قد سمع من أبي بكر الخطيب بصور، ومن أبي عثمان بن ورقاء ببيت المقدس، والحسن بن مكي الشيزري بحلب، وسمع بأصبهان أبا عمرو بن منده وطبقته، وبنيسابور أبا بكر بن خلف وطبقته، وبهراة شيخ الإسلام أبا إسماعيل وطبقته، وبالبصرة أبا علي التستري وطبقته، وأكب على الطلب ببغداد مدة ثم تزهد وانقطع وأقبل على شأنه. روى عنه سعد الخير الأندلسي وابن ناصر وأبو المعمر الأنصاري ومحمد بن أبي بكر الشيحي وأبو طاهر السلفي وأبو سعد بن البغدادي ومحمد بن علي بن فولاد وآخرون. قال أبو الوقت: كان شيخ الإسلام إذا رأى المؤتمن قال: لا يمكن أحد أن يكذب على رسول الله {{صلل}} ما دام هذا حيا. وقال الضياء بن هبة الله: سألت السلفي عن المؤتمن الساجي فقال: حافظ متقن لم أر أحسن قراءة للحديث منه، تفقه في صباه على الشيخ أبي إسحاق وكتب الشامل بخطه عن بن الصباغ ثم خرج إلى الشام وسكن القدس زمانا، وقال لي: إنه سمع من الخطيب حديثًا واحدًا ولم يكن عنده به نسخة، انتفعت بصحبته، وقال أبو نصر الفاهي: أقام المؤتمن بهراة نحو عشر سنين وقرأ الكثير وكتب جامع الترمذي ست مرات وكان فيه صلف وقناعة وعفة واشتغال بما يعنيه. قال أبو بكر السمعاني: ما رأيت بالعراق من يفهم الحديث غير رجلين: المؤتمن ببغداد وإسماعيل التيمي بأصبهان.
 
وقال يحيى بن منده: قدم الساجي وسمع من أبي كتاب "معرفة الصحابة" وكتاب "التوحيد" و"الأمالي" وحديث بن عيينة لجدي، فلما أخذ في قراءة "غرائب شعبة" وبلغ إلى حديث عمر في لبس الحرير كان الوالد في حال الانتقال إلى الله وقضى نحبه عند انتهاء ذلك بعد العشاء الآخرة هذا ما رأينا، ثم قدم بن طاهر وقرأنا عليه جزءًا من مجموعاته فيه: سمعت أصحابنا بأصبهان يقولون: إنما تمم الساجي كتاب "معرفة الصحابة" على أبي عمرو بعد موته وذلك أنه كان يقرأ عليه وهو في النزع ومات وهو يقرأ وكان يصاح به تريد أن تغسل الشيخ، فلما سمعت هذه الحكاية قلت: ما جرى ذلك، يجب أن يصلح هذا فإنه كذب. وأما قراءة "معرفة الصحابة" فكان قبل موت الوالد بشهرين؛ وكان المؤتمن -والله- ورعًا زاهدًا صابرًا على الفقر، {{رحمه ى}}.
 
قال بن ناصر: سألت المؤتمن عن مولده فقال: في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة وتوفي في صفر سنة سبع وخمسمائة وصليت عليه، وكان عالمًا فهمًا ثقة مأمونًا.
 
سمعت أبا الحسين اليونيني أنا جعفر أنا السلفي، سمعت المؤتمن الساجي يقول: ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من أبي بكر الخطيب. وسمعت المؤتمن يقول: كان أبو بكر -يعني الخطيب- يقول: من صنف فقد جعل عقله في طبق يعرضه على الناس.
 
1056- 24/15
 
===الأعمش الحافظ الإمام الأديب أبو العلاء حمد بن نصر بن أحمد بن محمد بن معروف الهمذاني، شيخ حافظ ثقة مكثر.
 
سمع بهمذان من عبيد الله بن الحافظ بن منده وأبي مسلم بن غزو النهاوندي وأبي محمد بن ماهلة وطبقتهم، وكان مولده في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
 
روى عنه أبو طاهر السلفي وأبو العلاء العطار والطائي وجماعة وكان مع بصره بهذا الشأن عارفًا بفقه أحمد بن حنبل ناصرًا للسنة عالمًا بالعربية وافر الجلالة بهمذان أملى عدة مجالس من حفظه.
 
قال أبو سعد السمعاني: أجاز لي مروياته وكان عارفًا بالحديث حافظًا ثقة سمع الكثير بنفسه وأملى وحدث، ثم سمى شيوخه.
 
قرأت على أحمد بن عبد الكريم بن عبد الأعلاقي أخبركم نصر بن جرو قال: أنا أحمد بن محمد الحافظ، سمعت حمد بن نصر الحافظ بهمذان، سمعت علي بن حميد الحافظ، سمعت طاهر بن عبد الله الحافظ، سمعت أحمد بن عمر الزجاج الحافظ يقول: لما أملى صالح بن أحمد الحافظ بهمذان كانت له أرض فباعها بسبعمائة دينار ونثرها على محابر أصحاب الحديث. حدث بهذه الحكاية أبو سعد السمعاني عن شيخ سماه عن السلفي فكأني سمعتها من أبي سعد. قال السمعاني: مات حمد في عاشر شوال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' أمير المؤمنين المستظهر بالله أحمد بن المقتدي، وشمس الأئمة أبو الفضل بكر بن محمد بن علي الأنصاري الجابري البخاري الزرنجري مفتي ما وراء النهر وكان تلميذ شمس الأئمة السرخسي وشمس الأئمة الحلواني، وببغداد شيخ الحنفية أيضًا العلامة نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الهاشمي الزينبي راوي الصحيح عن كريمة المروزية، والعلامة الأصولى أبو القاسم سلمان بن ناصر الأنصاري النيسابوري عن سن عالية، والمسند المعمر أبو العلاء عبيد بن محمد القشيري النيسابوري عن خمس وتسعين سنة وهو خاتمة من روى عن عبد القاهر بن طاهر الأصولى، والمعمر أبو عبد الله عيسى بن شعيب السجزي والد أبي الوقت عن أزيد من مائة عام، تفرد بالسماع من علي بن بشري، والعلامة المعمر أبو عبد الله محمد بن عتيق التميمي القيرواني الأشعري المقرئ المعروف بابن أبي كدية قرأ على بن نفيس بمصر والحافظ محمود بن الفضل الأصبهاني.
 
أخبرتنا فاطمة بنت جوهر أنا بن الزبيدي أنا أبو الفتوح الطائي أنا زين الحفاظ حمد بن نصر أنا عبد الرحمن بن غزو العطار أنا أحمد بن فراس بمكة ثنا محمد بن إبراهيم الديبلي ثنا الحسين بن الحسن المروزي أنا محمد بن أبي عدي ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: أهديت لرسول الله {{صلل}} حلة من حرير فجعل أصحابه يلمسونها ويتعجبون من لينها، فقال رسول الله، {{صل}}: "مناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل أو خير مما ترون". أخرجاه من حديث شعبة.
 
1057- 25/15
 
===بن منده===
 
الحافظ العالم المسند أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن الحافظ الشيخ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني العبدي.
 
سمع أباه وعميه: عبد الرحمن الحافظ وعبيد الله التاجر وأبا بكر بن ريذة صاحب الطبراني وأبا طاهر بن عبد الرحيم صاحب أبي الشيخ وأبا العباس أحمد بن محمد القصاص وأحمد بن محمود الثقفي ومحمد بن علي الجصاص وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه وأبا الفتح علي بن محمد الدليلي ومحمد بن علي بن الحسين والجوزداني وأبا بكر أحمد بن منصور المغربي وسعيدًا العيار وأبا الوليد الحسن بن محمد الدربندي وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي الزاهد وأبا بكر البيهقي وخلقًا كثيرًا، وله إجازة من أبي طالب بن غيلان وجماعة، حج سنة ثمان وتسعين وأربعمائة وأملى ببغداد، ومن مسموعاته كتاب "المعجم الكبير" للطبراني من بن ريذة. حدث عنه عبد الوهاب الأنماطي ويحيى بن عبد الغافر بن الصباغ وعلي بن أبي تراب وابن ناصر والسلفي وعبد الحق اليوسفي وأبو محمد بن الخشاب وخلق، آخرهم موتا محمد بن إسماعيل الطرسوسي.
 
ذكره أبو سعد السمعاني وقال: هو جليل القدر وافر الفضل واسع الرواية ثقة حافظ مكثر صدوق كثير التصانيف حسن السيرة بعيد عن التكلف أوحد بيته في عصره خرج التاريخ لنفسه ولجماعة من شيوخنا وأجاز لي مسموعاته، وسألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه فأثنى عليه ووصفه بالحفظ والمعرفة والدراية، وسمعت محمد بن أبي نصر الفتواني الحافظ يقول: بيت بني منده بدئ بيحيى وختم بيحيى. قرأت بخط اليونارتي: مولد يحيى بن منده في شوال سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وكتب إلى معمر بن الفاخر أنه توفي يوم النحر سنة إحدى عشرة، وقيل: توفي في ثاني عشر ذي الحجة.
 
'''وفيها مات''' شيخ القراء خطيب قرطبة أبو القاسم خلف بن إبراهيم بن النخاس عن أربع وثمانين سنة، وشيخ بغداد أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف اليوسفي، ومسند أصبهان أبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرحي الأصبهاني عن أربع وتسعين سنة، ومسند العراق أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكرجي الكاتب، خاتمة من سمع من بن شاذان.
 
أخبرنا محمد بن يوسف الأديب أنا عبد الوهاب بن طاهر أنا أبو طاهر السلفي ثنا يحيى بن عبد الوهاب الحافظ إملاء بانتخابي أنا أبو طاهر أحمد بن محمود أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الخازن نا أحمد بن عمر بن يوسف بن جوصا ثنا معاوية بن عمرو ثنا حريز بن عثمان قلت لعبد الله بن بسر: هل كان في رأس رسول الله {{صلل}} من شيب؟ قال: كان في رأسه شعرات بيض، كان إذا أدهن يتغيبن.
 
1058- 26/15
 
===محمود بن الفضل بن محمود===
 
الحافظ العالم مفيد الجماعة، أبو نصر الأصبهاني الصباغ، نزيل بغداد.
 
سمع عبد الرحمن بن منده وأخاه عبد الوهاب وأبا الفضل البزاني وأبا بكر بن ماجه وعائشة بنت الحسن الوركانية وطبقتهم، روى اليسير وقد كتب بخطه السريع الرفيع ما لا يوصف كثرة وكان حميد الطريقة مفيدًا للغرباء نسخ الكتب المطولة.
 
قال شيرويه الديلمي: قدم علينا همذان وكان حافظًا ثقة يحسن هذا الشأن حسن السيرة عارفًا بالأسماء والنسب مفيدًا للطلبة. وقال غيره: لحق ببغداد رزق الله التميمي وطرادًا الزينبي وطبقتهما وأصحاب أبي طالب بن غيلان فمن دونهم حتى كتب عن أصحاب أبي القاسم بن البسري ونحوه.
 
روى عنه بن ناصر وأبو الفتح بن عبد السلام الكاتب والمبارك بن كامل وغيرهم. قال السلفي: كان رفيقنا محمود بن الفضل يطلب الحديث ويكتب العالي والنازل فعاتبته في كتبه النازل فقال: والله إذا رأيت سماع هؤلاء لا أقدر على تركه؛ فرأيته بعد موته فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بهذا، وأخرج من كمه جزءًا. مات محمود بن الفضل في جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
 
1059- 27/15
 
===ابن سكرة===
 
الإمام الحافظ البارع، أبو علي الحسين بن محمد بن فيرة بن حيون الصدفي السرقسطي الأندلسي.
 
سمع القاضي أبا الوليد الباجي وطائفة، وببلنسية من أبي العباس بن دلهاث العذري، وبالمرية محمد بن سعدون القروي، ثم حج سنة إحدى وثمانين وأربعمائة فدخل على أبي إسحاق الحبال فأجاز له، ولم يقدر على السماع لمنع المصريين الخلفاء للحبال، وسمع بالبصرة من عبد الملك بن شغبة وحفص بن محمد العباداني وعدة، وببغداد علي بن الحسين بن قريش وعاصم بن الحسن ومالك بن أحمد البانياسي وأبا عبد الله الحميدي، وبواسط أبا المعالي محمد بن عبد السلام بن أحمولة، وبالأنبار أبا الحسن بن الأخضر الخطيب؛ وتفقه على أبي بكر الشاشي وأخذ بدمشق عن الفقيه نصر المقدسي، ورجع إلى الأندلس بعلم جم فنزل مرسية وتصدر للإفادة والإقراء بجامعها ورحل الناس إليه؛ وكان عالمًا بالقراءات تلا على أصحاب الحمامي؛ وله الباع الطويل في الرجال والعلل والأسماء والجرح والتعديل، مليح الخط متقن الضبط حافظًا للمتن والإسناد قائمًا على إقراء الصحيحين وجامع أبي عيسى.
 
ولي قضاء مرسية ثم استعفى منه وأقبل على نشر العلم وتأليفه وكان صالحًا عاملًا بعلمه حليمًا متواضعًا. قال ابن بشكوال: هو أجل من كتب إلي بالإجازة. قال القاضي عياض في أول المشيخة التي خرجها لأبي علي عن مائة وستين شيخًا: إن أبا علي أكره على القضاء فوليه ثم اختفى حتى أُعفي عنه. قال: وقرأ بروايات فتلا لقالون على رزق الله التميمي وقرأ بروايات على أبي الفضل بن خيرون وذكر أن الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي كتب عنه ثلاثة أحاديث.
 
قلت: روى عنه بن صابر الدمشقي وأخوه وأبو المعالي محمد بن يحيى القرشي والقاضي عياض فسمع منه عياض صحيح مسلم وقال: حدثنا به عن أبي العباس العذري عن أحمد بن الحسن بن بدران الرازي، إلى أن قال: واستشهد أبو علي في وقعة قندة بثغر الأندلس لست بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وخمسمائة، وله نحو من ستين سنة، وكان عيشه من كسب بضاعة مع ثقات إخوانه.
 
قلت: فيها توفي المسند أبو المعالي أحمد بن علي بن البخاري البغدادي البزاز يقال له: بن البخوري أو بن المبخر، كان يبخر الناس يوم الجمعة، عاش أبو المعالي أربعًا وثمانين سنة وعنده بن غيلان؛ ومقرئ الإسكندرية أبو علي الحسن بن خلف بن سمة القزويني، والعلامة أبو نصر عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري، ومقرئ الأندلس أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع المريي، ومسند دمشق أبو الحسن علي بن الحسين السلمي بن الموازيني، ومسند أصبهان أبو منصور محمد بن إسماعيل الصيرفي الأشقر الأصبهاني عن ثلاث وتسعين سنة، رحمهم الله تعالى.
 
أخبرنا القاضي معين الدين علي بن أبي العباس بالثغر قال: قرأت على الحافظ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الأنصاري سنة ست وأربعين وستمائة عن الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله أنا أبو الفضل عياض بن موسى القاضي ثنا حسين بن علي الصدفي أنا أبو الوليد سليمان بن خلف ثنا أبو ذر الحافظ ثنا أبو محمد السرخسي وأبو إسحاق وأبو الهيثم قالوا: ثنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا قتيبة ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله {{صلل}} قال: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا، حتى كنت من القرن الذي كنت منه". ووقع لنا في الصحيح أعلى بثلاث درج.
 
1060- 28/15
 
===بن مفوز===
 
الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوز المعافري الشاطبي.
 
حدث عن عمه طاهر الحافظ وأبي علي الغساني فأكثر جدًّا وعن محمد بن الفرج الطلاعي وأبي مروان بن سراج وطبقتهم، وله إجازة من أبي عمر بن الحذاء والقاضي أبي الوليد الباجي؛ وكان حافظًا عارفًا متقنًا ضابطًا عارفًا بالأدب وفنونه حدث بقرطبة وخلف شيخه أبا علي الحافظ في الإفادة؛ وله رد على بن حزم رأيته. مات في سنة خمس عشرة وخمسمائة عن اثنتين وأربعين سنة.
 
1061- 29/15
 
===الدقاق===
 
الحافظ المفيد الرحال، أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد الأصبهاني.
 
كان يقول: عرفت بين المحدثين بصديقي أبي علي الدقاق، سألوني: بأي شيء نكتب تعريف سماعك؟ فقلت: بالدقاق؛ ومولدي بمحلة جرواآن سنة بضع وثلاثين وأربعمائة، وسمعت من أبي المظفر عبد الله بن شبيب وأحمد بن الفضل الباطرقاني وعبد الرحمن بن أحمد الرازي المقرئ وسعيد العيار وعبد الرحمن بن منده، وسمعت من ستة من أصحاب بن المقرئ، وأول ما أمليت بسرخس في سنة أربع وسبعين، سمعت من الإمام أبي عبد الله العميري، ودخلت لطلب الحديث طوس وهراة وبلخ ومرو وبخارى وسمرقند وكرمان وجرجان ونيسابور، فما زال يعد حتى سمى مائة وعشرين مكانا؛ ثم قال: فأما الذين كتبت عنهم بأصبهان فأكثر من ألف إن شاء الله والذين في الرحلة فأكثر من ألف أخرى. وكان الدقاق صالحًا فقيرًا متعففًا صاحب سنة واتباع إلا أنه كان يبالغ في تعظيم عبد الرحمن شيخه ويؤذي الأشعرية.
 
قال السلفي: سمعت إسماعيل بن محمد الحافظ يقول: ما أعرف أحدًا أحفظ لغرائب الأحاديث وغرائب الأسانيد من أبي عبد الله الدقاق. قلت: حدث عنه أبو طاهر السلفي وأبو سعيد محمد بن عبد الواحد الصائغ وخليل بن أبي الرجاء الرازي وطائفة. قال عبد الرحمن بن أبي الوفاء فيما أنبأنا بن الخلال عن كريمة سماعًا عنه قال: توفي الحافظ أبو عبد الله الدقاق ليلة الجمعة سادس شوال سنة ست عشرة وخمسمائة.
 
قلت: فيها مات المسند أبو علي الحسن بن محمد بن إسحاق الباخرحي ببغداد عن تسع وسبعين سنة، والمسند الكبير أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي عن بضع وثمانين سنة، والعلامة شيخ الأدب أبو محمد القاسم بن علي بن محمد الحرامي البصري الحريري صاحب المقامات، وشيخ المقرئين أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف الصقلي مصنف "التجريد" بالإسكندرية، والحافظ أبو محمد السمرقندي، ومحيي السنة أبو محمد البغوي.
 
أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه عن خليل بن بدر أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ سماعًا في سنة خمس عشرة وخمسمائة أخبرني المفتي أبو بكر محمد بن محمد الزرنجري ببخارى أنا أبو سهل أحمد بن علي أنا بن حاجب ثنا بن مطر ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عبد السلام بن مطهر ثنا عمر بن علي عن معن بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي {{صلل}} قال: "أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى يبلغه ستين سنة". <ref> رواه البخاري في الرقاق باب 5.</ref> وأخبرنا محمد بن عبد الرحيم القرشي أنا عبد الوهاب بن علي أنا أبو طاهر بن سلفة أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ أنا عبد الواحد بن أحمد المؤدب أنا أبو أحمد بن يعقوب أنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم ثنا أحمد بن منيع ثنا هشيم أنا مغيرة عن الشعبي عن بن عباس أن رسول الله {{صلل}} شرب من ماء زمزم وهو قائم.
 
1062- 30/15
 
===البغوي===
 
الإمام الحافظ الفقيه المجتهد محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء الشافعي صاحب "معالم التنزيل" و"شرح السنة" و"التهذيب" و"المصابيح" وغير ذلك.
 
تفقه على القاضي حسين صاحب التعليقة وحدث عنه وعن أبي عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي وأبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ويعقوب بن أحمد الصيرفي وعلي بن يوسف الجويني وأبي الحسن محمد بن محمد الشيرزي.
 
روى عنه أبو منصور محمد بن أسعد العطاري المعروف بحفدة، وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي وأهل مرو، وبورك له في تصانيفه لقصده الصالح فإنه كان عن العلماء الربانيين، كان ذا تعبد ونسك وقناعة باليسير، وكان يأكل كسرة وحدها فعذلوه فصار يأكلها بزيت، وكان أبوه يعمل الفراء ويبيعها، ولعل محيي السنة بلغ ثمانين سنة، ويلقبونه أيضًا ركن الدين وآخر من روى عنه بالإجازة أبو المكلام فضل الله بن محمد النوقاتي شيخ حي إلى حدود الستمائة وأجاز لشيخنا الفخر علي المقدسي. وتوفي محيي السنة بمدينة مروالروذ في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة ودفن عنه شيخه القاضي حسين.
 
أخبرنا عمر بن إبراهيم بن حسين الكاتب وعبد الخالق بن عبد السلام الشافعي وأحمد بن محمد بن سعد وإسماعيل بن عبد الرحمن وأحمد بن عبد الرحمن وأحمد بن عبد الحميد بن قدامة وخديجة بنت الرضى قالوا: أنا محمد بن الحسين بن بهرام الصوفي أنا محمد بن أسعد العطاري سنة سبع وستين وخمسمائة أنا محيي السنة الحسين بن مسعود الفقيه أنا أبو الحسن محمد بن محمد أنا أبو علي زاهر بن أحمد أنا إبراهيم بن عبد الصمد أنا أبو مصعب عن مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري قال له: "إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوتك -أو صوت المؤذن- جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة"؛ <ref> رواه البخاري في الأذان باب 5. والنسائي في الأذان باب 14. وأحمد في مسنده "3/ 35، 43".</ref> قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله، {{صلل}}.
 
1063- 31/15
 
===شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرة===
 
المحدث الحافظ مفيد همذان ومصنف تاريخها ومصنف كتاب "الفردوس".
 
سمع يوسف بن محمد بن يوسف المستملي وسفيان بن الحسين بن فنجويه وعبد الحميد بن الحسن الفقاعي وأبا الفضل محمد بن عثمان القومساني وأبا الفرج علي بن محمد الجريري وأحمد بن عيسى الدينوري وخلائق بهمذان، وعبد الوهاب بن منده وطبقته بأصبهان، وأبا منصور عبد الباقي بن محمد العطار وأبا القاسم بن البسري وخلقًا ببغداد، وبقزوين وأماكن؛ قال يحيى بن منده: هو شاب كيس حسن الخلق والخلق ذكي القلب صلب في السنة قليل الكلام قلت: هو حسن المعرفة، وغيره أتقن منه، روى عنه ابنه شهردار ومحمد بن الفضل الأسفراييني ومحمد بن أبي القاسم الساوي والحافظ أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل والحافظ أبو العلاء أحمد بن الحسن بن أحمد العطار والحافظ أبو موسى المديني وآخرون.
 
أخبرنا محمد بن قايماز أنا الحسين بن مبارك وعبد الله بن عمر قالا: أنا أبو الفتوح الطائي أنا شيرويه بن شهردار الديلمي الحافظ أنا إبراهيم بن محمد القفال أنا إبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قولة أنا أبو سعيد بن الأعرابي بمكة أنا أحمد بن يحيى بن المنذر ثنا أبي ثنا أبو العطوف عن الزهري أن أبا سلمة أخبره عن أبي هريرة، سمعت النبي {{صلل}} يقول: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". توفي في تاسع عشر رجب سنة تسع وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' المحتسب أبو عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني صاحب المجالس، وخطيب صور ومحدثها أبو الفرج غيث بن علي الصوري الأرمنازي عن ست وستين سنة كتب عنه شيخه أبو بكر الخطيب، والمفيد أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي ببغداد أحد من رحل وتعب، ومعجمه في مجلد لكنه متهم.
 
1064- 32/15
 
===النرسي===
 
الحافظ محدث الكوفة، أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الكوفي المقرئ ويلقب بأبي النرسي.
 
سمع محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي ومحمد بن إسحاق بن فدويه وأبا طاهر محمد بن العطار ومحمد بن محمد بن حازم وعدة بالكوفة، وكريمة المروزية بمكة، وأبا إسحاق البرمكي وأبا عبد الله بن حبيب القادسي وأحمد بن محمد الزعفراني وأحمد بن محمد بن قفرجل وأبا منصور بن السواق وأبا القاسم التنوخي وطبقتهم ببغداد، ومن جماعة بالشام، ونسخ الكتب وصنف وخرج لنفسه المعجم.
 
روى عنه الفقيه نصر المقدسي والحميدي وابن الخاضبة والسلفي وابن ناصر ومعالي بن أبي بكر الكياني ومسلم بن ثابت النحاس ومحمد بن حيدرة بن عمر والزيدي وأبو الفرج بن كليب إجازة وخلق كثير، كان يقول: ما بالكوفة أحد من أهل السنة والحديث إلا أنا، وكان ينوب عن خطيب الكوفة ويتردد كثيرًا إلى بغداد؛ مولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة ورحل وهو بن عشرين سنة، وأول سماعه سنة اثنتين وأربعين. ذكره عبد الوهاب بن الأنماطي فوصفه بالحفظ والإتقان، وقال: كانت له معرفة ثاقبة. وقال محمد بن علي بن فولاد الطبري: سمعت أبا الغنائم الحافظ يقول: كنت أقرأ القرآن على المشايخ وأنا صبي فقيل لي: أنت أبي؛ لجودة قراءتي. قلت: قرأ لعاصم على شيخه العلوي عن قراءته على القاضي أبي عبد الله الجعفي، قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري. قال بن ناصر: كان النرسي حافظًا ثقة متقنا ما رأينا مثله، كان يتهجد ويقوم الليل، قرأ عليه بن سلفة حديثًا فأنكره وقال: ليس هذا من حديثي؛ فكلمه في ذلك فقال: أعرف حديثي كله لأني نظرت فيه مرارًا فما يخفى علي منه شيء، وكان يقدم كل سنة من سنة ثمان وتسعين في رجب ويقيم ببغداد إلى بعد العيد وينسخ بالأجرة يستعين بذلك على العيال، وكان أبو عامر العبدري يثني عليه ويقول: ختم هذا الشأن بأبي النرسي، {{رحمه ى}}.
 
مرض أبي ببغداد فحمل إلى الكوفة فأدركه الأجل بالحلة وحمل إلى الكوفة ميتًا فدفن بها في شعبان سنة عشر وخمسمائة. '''وفيها مات''' خميس الحوزي وأبو بكر السمعاني، ومسند خراسان أبو بكر عبد الغافر بن محمد الشيرازي التاجر خاتمة أصحاب أبي بكر الحيري، ومسند العراق أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز عن سبع وتسعين سنة، ومقرئ بغداد أبو الخير المبارك بن الحسين الغسال الأديب عن نيف وثمانين سنة، وفقيه بغداد أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني الأزجي الحنبلي صاحب التصانيف عن ثمان وسبعين سنة، ومسند الشام أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد الحنائي الدمشقي، ومسند أذربيجان أبو القاسم محمود بن سعادة الهلالي السلماسي وقد قارب المائة، ومسند هراة أبو الفتح نصر بن أحمد بن إبراهيم الحنفي الزاهد بقية المسندين، يقال: إن شيخ الإسلام خرج له ثلاث مجلدات.
 
أخبرنا عيسى بن أبي محمد أنا جعفر بن علي أنا أبو طاهر الحافظ أنا أبو الغنائم النرسي أنا محمد بن إسحاق أنا علي بن عبد الرحمن البكائي ثنا أبو جعفر الحضرمي وأبو حصين الوداعي إملاء سنة تسعين ومائتين قالا: ثنا أحمد بن يونس ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه قال: يا رسول الله، مررت برجل فلم يُقْرِني ولم يُضِفْني ثم مر بي فأجزيه أم أُقريه؟ قال: "بل أقرِه".
 
1065- 33/15
 
===الحوزي===
 
الحافظ الإمام محدث واسط أبو الكرم خميس بن علي بن أحمد الواسطي.
 
سمع علي بن محمد النديم وأبا القاسم بن البسري البندار وأبا نصر الزينبي وهبة الله بن الجلخت وطبقتهم بواسط وبغداد، وكتب وجمع وجرح وعدل، روى عنه أبو الجوائز سعد بن عبد الكريم وأحمد بن سالم المقرئ وعبد الوهاب بن الحسن الفرضي وأبو طاهر السلفي وأبو بكر عبد الله بن عمران الباقلاني مقرئ العراق وآخرون.
 
قال السلفي: سألت خميسًا الحوزي عن أهل واسط المتأخرين فأجابني؛ وكان السلفي يثني عليه ويقول: كان عالمًا ثقة يملي من حفظه على حال من أسأله عنه وكان لا يؤبه له، والحوز قرية شرقي واسط. قال بن نقطة: سمع من عبد العزيز بن علي الأنماطي وطبقته، وكان له معرفة بالحديث والأدب. قال: ومولده في شعبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، ومات في شعبان أيضًا سنة عشر وخمسمائة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر الصفار أنا أبو الهاشم بن رواحة أنا أبو طاهر السلفي أنا خميس بن علي بواسط أنا عبد الباقي بن محمد بن غالب أنا أحمد بن محمد الجندي ثنا بن صاعد ثنا الحسين بن الحسن المروزي ثنا بن أبي عدي عن حميد عن أنس قال: واصل رسول الله {{صلل}} فواصل رجال من أصحابه فنهاهم، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا ثم رأوا الهلال فقال: "لو مد لي من الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم، إني لست مثلهم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني". هذا حديث صحيح.
 
1066- 34/15
 
===بن السمرقندي===
 
الحافظ الإمام الثقة أبو عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث مفيد بغداد، وأخو أبي القاسم إسماعيل.
 
مولده بدمشق ومنشؤه بها ثم ببغداد، سمع أبا بكر الخطيب وعبد العزيز الكتاني وأبا نصر بن طلاب وأبا الحسين بن النقور وطبقتهم، وبنيسابور من الفضل بن المحب وطائفة، وبأصبهان أبا منصور بن شكرويه، وعني بهذا الشأن وكتب وتعب وكان يفهم شيئًا كثيرًا من هذا العلم مع الصدق والإتقان وكان يقرأ للوزير النظام على الشيوخ ويفيده عنهم، عمل لنفسه المعجم في ثمانية أجزاء وروى الكثير، سئل عنه السلفي فقال: كان فاضلا عالمًا ثقة ذا ألسن، وكان أبو محمد قد رزق حظا من الأدب، إذا قرأ أعرب وأغرب.
 
قال عبد الغافر بن إسماعيل: شاب حافظ بالغ في الحفظ حديد الخاطر خفيف الروح لطيف المحاورة كان حافظ وقته. وقال الدقاق: صحب بن السمرقندي الخطيب وتلمذ له وكان ممن يتعصب للأشعرية. قلت: معلوم أنه سمع من الخطيب وأما أن يكون تلمذ له فلا يلحق هذا، وقد سمع بدمشق من أبي القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي ومحمد بن مكي الأزدي، روت عنه بنته كمال والسلفي، وذكر بن كامل ويحيى بن يوش، وآخرون. مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ومات ببغداد في ربيع الآخر سنة ست عشرة وخمسمائة. أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي أنا نصر بن عبد الرزاق القاضي أنا محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق أنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن أبي الأشعث السمرقندي أنا أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد أنا جدي محمد بن جعفر السامري ثنا عمران بن موسى المؤذن ثنا محمد بن عمران ثنا سعيد بن عبيد الله الوصافي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي قال: دخل سواد بن قارب على عمر بن الخطاب فقال: ناشدتك الله يا سواد، هل تحسن من كهانتك شيئًا؟ قال: سبحان الله يا أمير المؤمنين، ما استقبلت أحدًا من جلسائك ما استقبلتني به؛ قال: سبحان الله يا سواد، ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، وذكر الحديث.
 
1067- 35/15
 
===بن الحداد===
 
الحافظ الإمام مفيد أصبهان، أبو نعيم عبيد الله بن الشيخ أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الأصبهاني.
 
سمع أبا عمرو بن منده وأبا طاهر أحمد بن محمد النقاش وحمد بن ولكيز وسليمان بن إبراهيم الحافظ وهذه الطبقة، ورحل فسمع أبا بكر بن خلف وموسى بن عمران الأنصاري وأبا عبد الله العميري ونجيب بن ميمون الواسطي وأبا الغنائم بن أبي عثمان وأبا عبد الله بن طلحة الثعالبي ورزق الله التميمي وخلقًا.
 
قال محمد بن عبد الواحد الدقاق في رسالته: وبأصبهان لي صديق وهو أبو نعيم بن الحداد أحد العلماء في فنون كثيرة، بلغ مبلغ الإمامة بلا مدافعة، وله عندي أيادٍ كثيرة وجمع ما لم يجمعه أحد من أقرانه من الكتب الكثيرة والسماعات، صدوق في جمعه وكتبه، أمين في قراءته. مولد عبيد الله سنة ثلاث وستين وأربعمائة، ومات في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وخمسمائة، روى عنه نويس قليل، ولعفيفة الفارقانية المعمرة إجازة منه بمروياته.
 
ومات معه في السنة مسند بغداد المقرئ أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن الطيوري أخو أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، والمسند أبو محمد حمزة بن العباس بن علي العلوي الحسيني الأصبهاني، والمسند أبو نهشل عبد الصمد بن أحمد العنبري الأصبهاني، وأبو الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله الخطيب، والمحدث المجود أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني البغدادي عن خمس وسبعين سنة، ومسند مصر أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني ثم المصري، والعالم المسند أبو عمران موسى بن أبي تليد الشاطبي.
 
أخبرنا جماعة إجازة عن عفيفة بنت أحمد ثنا أبو نعيم عبيد الله بن الحسن خطا ثنا عبد الرحمن بن أحمد الواحدي ثنا أبو عبد الرحمن السلمي أنا محمد بن عبد الله الأصبهاني الصفار ثنا أحمد بن مهدي ثنا ثابت بن محمد ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر عن النبي {{صلل}} قال: "لا يقطع الصلاة الكشر، ولكن تقطعها القرقرة". تفرد به ثابت وهو غريب.
 
أنبئت عن محمد بن مكي الأصبهاني الحنبلي قال: قيل: ناظر أبو نعيم الحداد شهردار بن شيرويه وكان قد تأخر عن أبي علي الحداد لسماع كتاب مسلم على أبي الحسن النيسابوري فقال: سبحان الله، تركت العوالي عند أبي واشتغلت بالنوازل؛ فقال: ليس عند أبيك صحيح مسلم وهو عال؛ فقال: نعم، ولكن عنده المخرج عليه لأبي نعيم وفيه عامة عواليه، فإذا سمعت تلك من أبي كأنك سمعتها من عبد الغافر الفارسي، ولو شئت أقول: كأنك سمعت بعضها من الجلودي، وإن شئت قلت: كأنك سمعتها من بن سفيان لم أكذب، وإن شئت قلت: كأنك سمعتها من مسلم. قال: وفيه أحاديث أعلى من هذا إذا سمعتها من أبي فكأنك والبخاري ومسلمًا قد سمعتموها من شيخ واحد، ومن جملتها حديث المستورد في شأن الزهراء، يعني: "إنما فاطمة بضعة مني".
 
1068- 36/15
 
===السمعاني===
 
الإمام الحافظ الأوحد، أبو بكر محمد بن أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي السمعاني المروزي، والد الحافظ أبي سعد.
 
سمع أباه العلامة أبا المظفر وأبا الخير محمد بن أبي عمران الصفار وأبا القاسم الزهري وعبد الله بن أحمد الطاهري وأبا الفتح عبيد الله الهاشمي وعدة بمرو، وأبا علي نصر الله بن أحمد الخشنامي وعلي بن أحمد المؤذن وعبد الواحد بن أبي القاسم القشيري بنيسابور، وأبا الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري وثابت بن بندار البقال والمبارك بن الطيوري وطبقتهم ببغداد، وأبا البقاء الحبال وغيره بالكوفة، وبالحرمين وغير ذلك؛ وكان أحد فرسان الحديث، وعظ بالنظامية ببغداد وقرأ تاريخها على أبي محمد بن الآبنوسي، ثم ارتحل إلى همذان فسمع بها من شيوخها، وبأصبهان من أبي بكر أحمد بن محمد الحافظ بن مردويه وطبقته.
 
ذكر ولده له ترجمة حسنة وقال: رحل بي وبأخي سنة تسع وخمسمائة إلى نيسابور فسمعنا من الشيروي وقد أملى مائة وأربعين مجلسًا بجامع مرو وكل من رآها اعترف له أنه لم يسبق إلى مثلها، وكان يعظ ويروي في وعظه الحديث بأسانيده، وقد طلب مرة من أهل المجلس لقراء مجلسه فجاءه لهم من الحاضرين ألف دينار، وسمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل يقول: لو صرف والدك همته إلى هدم هذا الجدار لسقط. قال أبو سعد، وقيل له في مجلس الوعظ: إنه يضع -يعني الأسانيد- في الحال: فنحن لا نعرف؛ وكتبوا له بذلك رقعة؛ فنظر فيها وروى حديث: "من كذب عليّ متعمدًا" من نيف وتسعين طريقًا، ثم قال: إن كان أحد يعرف فقولوا له يكتب عشرة أحاديث بأسانيدها ويخلط الأسانيد ويسقط منها فإن لم أميزها فهو كما يدعي؛ ففعلوا ذلك امتحانا فرد كل اسم إلى موضعه. فهذا اليوم الذي طلب لقراء مجلسه فحصل لهم ألف دينار. قال: هذا معنى ما حدثنا به شيخنا محمد بن أبي بكر السنجي.
 
قلت: روى عنه رفيقه أبو طاهر السلفي وأبو الفتوح الطائي وأهل مرو، وقال ولده: نشأ في عبادة وتحصيل وبرع في الأدب وكان متصرفًا في فنون بما يشاء وبرع في الفقه والخلاف وزاد على أقرانه بعلم الحديث ومعرفة الرجال والأنساب والتاريخ وطرز فضله بمجالس تذكيره الذي يصدع صم الصخور عند تحذيره ونفق سوق تقواه عند الملوك والأكابر إلى أن قال: ومات في صفر سنة عشر وخمسمائة وله ثلاث وأربعون سنة.
 
ولما حج هو والسلفي ظفرا بأبي مكتوم عيسى بن أبي ذر فتهاونا فسارع في النفر الأول ورجع إلى موطنه سراة بني شبابة وفاتهما، فتحزن تاج الإسلام أبو بكر فأخذ السلفي يسليه ويقول: ما كان معه سوى صحيح البخاري وأنت في إسناده مثله. قلت: ولا كان البخاري معه، بل قد كان باعه لأمير مغربي سمعه منه فبذل له مالًا وأخذه منه.
 
أخبرنا محمد بن قايماز بقراءتي أنا أبو المنجي بن اللتي أنا أبو الفتوح محمد بن محمد الطائي أنا تاج الإسلام محمد بن منصور أنا عمر بن المبارك نا عبد الملك بن محمد نا عبد الله بن محمد بن إسحاق نا أبو يحيى بن أبي مسرة أنا خلاد بن يحيى أنا قطر بن خليفة عن القاسم بن أبي بزة، سمعت أبا الطفيل قال: قيل لعلي، {{عنه}}: هل ترك رسول الله {{صلل}} كتابًا عندكم؟ قال: ما ترك كتابًا نكتمه إلا شيئًا في علاقة سيفي، فوجدنا صحيفة صغيرة فيها: "لعن الله من تولى غير مواليه، لعن الله من أهلَّ لغير الله، لعن الله من زحزح منار الأرض". أخرجه مسلم من حديث شعبة عن بن أبي بزة.
 
1069- 37/15
 
===ابن عطية===
 
الإمام الحافظ المتقن أبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عطية المحاربي الغرناطي الأندلسي، والد العلامة المفسر أبي محمد بن عبد الحق بن غالب.
 
قال ابن بشكوال: روى عن أبيه والحسن بن عبيد الله الحضرمي المقرئ ومحمد بن حارث النحوي ومحمد بن أبي غالب القروي ومحمد بن نعمة والحافظ أبي علي الغساني، وحج سنة تسع وستين وأربعمائة ولقي أبا مكتوم بن أبي ذر وأبا عبد الله الحسين بن علي الطبري فحمل عنهما الصحيحين، وأخذ بمصر عن أبي الفضل عبد الله بن الحسين الجوهري، وبالمهدية عن محمد بن معاذ التميمي، ورأى أبا عمر بن عبد البر، وكان حافظًا للحديث وطرقه وعلله، عارفًا بأسماء رجاله ونقلته، ذاكرًا لمتونه ومعانيه.
 
ثم قال: قرأت بخط بعض أصحابنا أنه سمع أبا بكر بن عطية يذكر أنه كرر على صحيح البخاري سبعمائة مرة، وكان أديبًا شاعرًا لغويًّا دينًا فاضلًا أكثر الناس عنه، وكف بصره في آخر عمره، وكتب إلينا بإجازة ما رواه، ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، قال: وتوفي بغرناطة في جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وخمسمائة.
 
قلت: كان آخر من روى عنه عبد الحق بن بونة.
 
قلت: '''وفيها توفي''' العلامة أبو الفضل أحمد بن محمد النيسابوري الميداني النحوي الأصولي صاحب التصانيف، ومسند سمرقند الخطيب أبو إبراهيم إسحاق بن محمد بن إبراهيم النحوي النسفي الحنفي، وشيخ الشافعية بمصر أبو الفتح سلطان بن إبراهيم بن مسلم المقدسي عن بضع وسبعين سنة، والمعمر أبو طاهر عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن الهيثم الأصبهاني الذهبي الصباغ المعروف بالدشتج، خاتمة أصحاب أبي نعيم الحافظ، ومسند نيسابور الشيخ أبو القاسم الفضل بن محمد بن أحمد أبي منصور الأبيوردي العطار.
 
مات ولده عبد الحق صاحب التفسير سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
 
1070- 38/15
 
===الإسحاقي===
 
الحافظ العالم المحدث أبو العلاء صاعد بن سيار بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الهروي الدهان.
 
حدث لما حج ببغداد عن أبي سعيد عبد الرحمن بن أبي عاصم وأبي إسماعيل الأنصاري وأبي عامر الأزدي وعلي بن فضال المجاشعي الأديب وعبد الله بن عطاء البغاوزجاني وطبقتهم، قرأ عليه الحافظ بن ناصر جامع أبي عيسى فسمعه منه أبو الفتوح بن كليب؛ قال أبو سعد السمعاني: كان حافظًا متقنًا واسع الرواية كتب الكثير وجمع الأبواب وعرف الرجال ولي عنه إجازة، وحدثنا عنه بن ناصر وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل وأبو المعمر الأنصاري وجماعة، قال: ومات بقرية غورج على باب هرارة في ذي القعدة سنة عشرين وخمسمائة.
 
أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة عن أبي الفرج بن كليب أنا صاعد بن سيار الحافظ بجميع الجامع أنا أبو عامر الهروي وأبو الفضل المسعودي قالا: أنا عبد الجبار بن محمد ثنا أبو العباس المحبوبي أنا أبو عيسى الترمذي ثنا علي بن حجر نا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس أن رسول الله {{صلل}} قال: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم أو موضع يده في الجنة خير من الدنيا وما فيها". <ref> رواه البخاري في الجهاد باب 5. والترمذي في فضائل الجهاد باب 17. وأحمد في مسنده "2/ 482، 483".</ref>
 
وقال أبو موسى المديني: أنا الحافظ أبو العلاء صاعد بن سيار الإسحاقي، قدم علينا أصبهان.
 
قلت: وفي سنته توفي مسندان شهيران بالأندلس؛ أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب القرطبي عن سبع وثمانين سنة لقي الكبار، وأبو بحر سفيان بن العاص بن أحمد بن العاص الأسدي نزيل قرطبة، وقاضي الجماعة بقرطبة شيخ المالكية أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي صاحب التصانيف، والمعمر الإمام مسند مصر أبو عبد الله محمد بن بركات بن هلال السعيدي النحوي راوي الصحيح عن كريمة وله مائة سنة وأشهر، وشيخ المالكية بالثغر أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي عن سبعين سنة، رحمة الله عليهم أجمعين.
 
1071- 39/15
 
===الشنتريني===
 
الحافظ الإمام المحقق أبو محمد عبد الله بن أحمد بن سليمان بن سعيد بن يربوع الأندلسي الشنتريني ثم الإشبيلي، محدث قرطبة.
 
سمع من محمد بن أحمد بن منظور صحيح البخاري، وسمع من حاتم بن محمد وأبي محمد بن خزرج وأبي مروان بن سراج وأبي علي الغساني وطبقتهم، وأجاز له أبو العباس بن دلهاث العذري. قال خلف بن بشكوال: كان حافظًا للحديث وعلله عارفًا برجاله وبالجرح والتعديل ضابطًا ثقة كثير الحديث، صحب أبا علي الغساني واختص به، وكان أبو علي يفضله ويصفه بالذكاء والمعرفة، صنف "الأقليد في بيان الأسانيد" و"كتاب معرفة أسانيد الموطأ" و"كتاب البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من النقصان" و"كتاب المنهاج" في رجال مسلم سمعت منه، ومات في صفر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وله ثمان وسبعون سنة.
 
قلت: '''وفيها مات''' عالم ما وراء النهر أبو علي الحسين بن علي بن أبي القاسم اللامشي السمرقندي الحنفي، ومسند نيسابور أبو القاسم سهل بن إبراهيم المسجدي الشيعي.
 
1072- 40/15
 
===العبدري===
 
الإمام الحافظ العلامة أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجي القرشي العبدري الميورقي الأندلسي نزيل بغداد.
 
وكان من أعيان الحفاظ ومن فقهاء الظاهرية، سمع أبا عبد الله مالك بن أحمد البانياسي ورزق الله التميمي وأبا الفضل بن خيرون وطراد بن محمد الزينبي ويحيى بن أحمد السيبي وأبا عبد الله الحميدي وطبقتهم، قال القاضي أبو بكر بن العربي في معجمه: أبو عامر العبدري هو أنبل من لقيته.
 
وقال بن ناصر: كان فهمًا عالمًا متعففًا وكان يذهب إلى أن المناولة كالسماع. وقال السلفي في معجمه: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام، متصرفًا في فنون من العلوم أدبًا ونحوًا ومعرفة بالأنساب، وكان داودي المذهب قرشي النسب كتب عني وكتبت عنه، مولده بقرطبة. وقال أحمد بن أبي بكر البندنيجي: لما دفنوا أبا عامر العبدري قال بن ناصر: خلا لك الجو فبيضي واصفري، مات أبو عامر حافظ حديث رسول الله، {{صلل}}، من شاء فليقل ما شاء.
 
قال الحافظ بن عساكر: كان أبو عامر داوديًّا، وكان أحفظ شيخ لقيته ذكر أنه دخل دمشق، سمعته يقول وقد جرى ذكر الإمام مالك فقال: جلف جاف ضرب هشام بن عمار بالدرة. وقرأت عليه الأموال لأبي عبيد فقال: ما كان إلا حمارًا مغفلًا لا يعرف الفقه، فاجتمعنا عند بن السمرقندي في سماع الكامل فنقل فيه عن السعدي فقال العبدري: يكذب إنما هو إبراهيم الجوزجاني؛ فقلت: وهو السعدي؛ فقلت: كم يتحمل منك سوء الأدب؟ وعدد أقواله، فغضب وارتعد، وقال: كان بن الخاضبة والبرداني يخافانني فآل أمري إلى هذا؛ فقال السمرقندي: هذا بذاك؛ وقلت: إنما نحترمك ما احترمت الأئمة، فقال: والله لقد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممن تقدم؛ وإني لأعلم من صحيح البخاري ومسلم ما لم يعلما؛ فقلت مستهزئًا: فعلمك إذًا إلهام؛ وهاجرته قال: وكان سيئ الاعتقاد، يعتقد من أحاديث الصفات ظاهرها، بلغني أنه قال في {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} وضرب على ساقه فقال: ساق كساقي هذه.
 
قلت: هذه حكاية منقطعة، وهذا قول الضلال المجسمة، وما أعتقد أن بلغ بالعبدري هذا. ثم قال: وبلغني أنه قال: إن أهل البدع يحتجون بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي: في الإلهية، أما في الصورة فهو مثلي ومثلك. قلت: تعالى الله عن ذلك وتقدس وهذا لا يتفوه به مؤمن، فإن الله تعالى لا مثل له أبدًا. قال: ثم تلا قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} أي: في الحرمة، إلى أن قال بن عساكر: وكان شنيع الصورة، زري اللباس.
 
قال أبو سعد بن السمعاني: حافظ مبرز في صناعة الحديث داودي المذهب ونسخ الكثير وكان يسمع وينسخ. وقال بن ناصر: كان يتحدث وقت السماع ويقول: يكفيني حضور المجلس؛ ومذهبه في القرآن مذهب سوء، مات في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
 
قلت: حدث عنه الحافظ بن عساكر بعد ذاك الحط ويحيى بن يوش وأبو الفتح المندائي.
 
ومعه مات أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت الذي ادعى أنه المهدي المعصوم، ومات مسند أصبهان إسماعيل بن الفضل بن الإخشيد السراج، ومقرئ بغداد وشاعرها أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس البارع، ومسندة الوقت بأصبهان فاطمة بنت عبد الله بن أحمد أم الخير الجوزدانية خاتمة من روى عن بن ريزة، والمسند أبو الأعز قراتكين بن أسعد البغدادي، ومسند مرو المعمر أبو منصور محمد بن علي بن محمود المروزي الكراعي، ومحدث دمشق الأمير أبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاري بن الأكفاني جامع "الوفيات" وله ثمانون سنة، والمسند أبو سعد هبة الله بن القاسم بن عطاء المهراني النيسابوري.
 
أنبأنا أحمد بن سلامة الحداد عن يحيى بن أسعد أنا أبو عامر الحافظ سنة سبع عشرة "ح" وأنا سنقر الحلبي بها أنا عبد اللطيف بن يوسف والأنجب الحمامي ومحمد بن محمد بن السباك وعلي بن أبي الفخار وابن القبيطي قالوا: أنا أبو الفتح بن البطي قالا: أنا مالك بن أحمد ثنا أحمد بن محمد الصلتي ثنا إبراهيم بن عبد الصمد ثنا عبيد بن أسباط ثنا أبي ثنا الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله {{صلل}} عن ثمن الكلب وكسب البغي.
 
1073- 41/15
 
===عبد الغافر بن إسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد===
 
الحافظ المفيد اللغوي، الإمام أبو الحسن الفارسي ثم النيسابوري، مصنف تاريخ نيسابور وكتاب "مجمع الغرائب" و"المفهم لشرح مسلم".
 
كان من أعيان المحدثين بصيرًا باللغات فصيحًا بليغًا عذب العبارة؛ ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ولحق إجازة أبي سعيد الكنجرودي وجماعة، وأجاز له من بغداد أبو محمد الجوهري وسمع من جده لأمه الأستاذ أبي القاسم القشيري وأحمد بن منصور المغربي وأحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي وأبي حامد أحمد بن الحسن الأزهري والفضل بن المحب وأبي نصر عبد الرحيم بن علي التاجر ومحمد بن عبد الله الصرام وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري وجدته فاطمة بنت الدقاق وخلق كثير؛ تفقه بإمام الحرمين لزمه مدة أربع سنين، ورحل إلى خوارزم وإلى الهند ثم ولي خطابة نيسابور وعاش ثمانيًا وسبعين سنة، حدث عنه أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار وطائفة، روى عنه أبو القاسم بن عساكر بالإجازة، مات سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' المحدث العلامة قاضي الجماعة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خلف بن الحجاج التجيبي القرطبي؛ عظمه ابن بشكوال.
 
1074- 42/15
 
===الغازي===
 
الحافظ الإمام محدث أصبهان، أبو نصر أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله: ولد بأصبهان في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. قال بن السمعاني.
 
ثقة دين حافظ واسع الرواية كتب الكثير وحصل الكتب، ما رأيت في شيوخي أكثر رحلة منه، سمع أبا الحسين بن النقور وعبد الرحمن بن منده وأبا عمرو بن منده وأبا القاسم بن البسري والفضل بن المحب النيسابوري وشيخ الإسلام الهروي وأبا عامر الأزدي وأبا علي التستري وأمثالهم؛ حدث عنه السمعاني والسلفي وأبو موسى المديني والمؤيد بن الأخوة ومحمود بن أحمد المصري وآخرون. قال أبو طاهر السلفي: كان من أهل المعرفة والحفظ سمعنا بقراءته كثيرًا وأملى شيئًا عليَّ. وقال السمعاني: سمعت عليه الكثير ونقلت من تاريخه وكان جماعة من أصحابنا يفضلونه على الحافظ إسماعيل بن محمد التيمي في الإتقان والمعرفة، ولم يبلغ هذا الحد لكنه كان أعلى سندًا من التيمي؛ وكان لا يفرق بشيء بين السماع والإجازة، يعني أنهما عنده في الاحتجاج سواء لا أنه يجعلها هي ذات السماع. ثم قال: وتوفي في ثالث رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
 
قلت: '''وفيها مات''' الفقيه محدث الأندلس أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن حافظ الأندلس بقي بن مخلد القرطبي، والفقيه أبو سعد إسماعيل بن المحدث أبي صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، والإمام أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الأصبهاني الخلال الأديب، ورفيقه المسند أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي السمسار في الأملاك، والمسند أبو المظفر عبد المنعم بن الشيخ أبي القاسم القشيري، والأمير أبو منصور علي بن علي بن عبيد الله البغدادي بن سكينة، وفقيه الكرج أبو الحسن محمد بن عبد الملك بن محمد الكرجي الشافعي، ومحدث الأندلس أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث بن يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث القرطبي عن خمس وثمانين سنة.
 
أخبرنا أحمد بن العماد عبد الحميد أنا أحمد بن محمد الفقيه أنا زاهر بن أبي طاهر أنا أبو نصر الحافظ أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو الحسن السكري ثنا حامد بن شعيب ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا بن علية عن أيوب عن قتادة عن أنس أن النبي {{صلل}} وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين.
 
1075- 43/15
 
===التيمي===
 
الحافظ الكبير شيخ الإسلام أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي القرشي التيمي الطلحي الأصبهاني، الملقب بقوام السنة صاحب "الترغيب والترهيب" وغير ذلك.
 
ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. سمع أبا عمرو بن منده وعائشة بنت الحسن وإبراهيم بن محمد الطيار وأبا منصور بن شكرويه وابن ررا الإمام وأبا عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد وأصحاب بن منده وابن خرشيد قولة وأبا بكر بن مردويه، ورحل إلى بغداد فلقي أبا نصر الزينبي وطبقته، وبنيسابور أبا نصر محمد بن سهل السراج وطبقته، وسمع بعدة مدائن وجاور سنة وأملى وصنف وتكلم في الرجال وأحوالهم؛ حدث عنه أبو سعد السمعاني والسلفي وأبو القاسم بن عساكر وأبو موسى المديني ويحيى بن محمود الثقفي وعبد الله بن محمد بن حميد الخباز وأبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكوي وأبو نجيح فضل الله بن عثمان وأبو المجد زاهر الثقفي والمؤيد بن الأخوة وخلق.
 
قال أبو موسى: أبو القاسم الحافظ إمام أئمة وقته وأستاذ علماء عصره وقدوة أهل السنة في زمانه حدثنا عنه جماعة في حال حياته، أصمت في صفر سنة أربع وثلاثين ثم فلج بعد مدة، ومات يوم الأضحى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة واجتمع في جنازته جمع لم أر مثلهم كثرة، وكان أبوه أبو جعفر صالحًا ورعًا سمع من سعيد العيار وقرأ القرآن على أبي المظفر بن شبيب ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، إلى أن قال: ووالده من أولاد طلحة أحد العشرة، {{عنهم}}.
 
وقال أبو موسى: قال: وسمعت من عائشة وأنا بن أربع سنين، وسمع من أبي القاسم بن عليك سنة إحدى وستين. قال: ولا أعلم أحدًا عاب عليه قولا ولا فعلا ولا عانده أحد إلا ونصره الله، وكان نزه النفس عن المطامع لا يدخل على السلاطين ولا على من اتصل بهم، قد أخلى دارًا من ملكه لأهل العلم مع خفة ذات يده ولو أعطاه الرجل الدنيا بأسرها لم يرتفع عنده، أملى ثلاثة آلاف وخمسمائة مجلس وكان يملي على البديهة.
 
قال يحيى بن منده: كان حسن الاعتقاد جميل الطريقة قليل الكلام ليس في وقته مثله. قال عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون: ما رحل إلى بغداد بعد الإمام أحمد أحفظ وأفضل من الإمام إسماعيل. وقال أبو موسى المديني في ذكر من هو على رأس المائة الخامسة: لا أعلم أحدًا في ديار الإسلام يصلح لتأويل الحديث إلا إسماعيل الحافظ. قلت: هذا تكلف فإن الرجل ما كان في رأس المائة قد اشتهر؛ وروي عن إسماعيل قال: ما رأيت في عمري أحدًا يحفظ حفظي. قال أبو موسى: وقد قرأ أبو القاسم بالروايات على جماعة من القراء، وأما التفسير والمعاني والإعراب فقد صنف فيه كتابًا بالعربية والفارسية، وأما علم الفقه فقد سرت فتاواه في البلد والرساتيق.
 
أبو المناقب محمد بن حمزة العلوي: حدثنا الإمام الكبير بديع وقته وقريع دهره أبو القاسم إسماعيل بن محمد، فذكر حديثًا. ويذكر عن أبي القاسم تعبده وتهجده.
 
قال أبو موسى: سمعت من يحكي عنه في اليوم الذي قدم بولده ميتًا وجلس للتعزية، جدد الوضوء في ذلك اليوم مرات نحو الثلاثين كل ذلك يصلي ركعتين. وسمعت بعض أصحابه أنه كان يملي شرح صحيح مسلم عند قبر ولده أبي عبد الله ويوم تمامه عمل مائدة وحلاوة كثيرة.
 
وكان ابنه أبو عبد الله ولد سنة خمسمائة ونشأ وصار إمامًا في اللغة والعلوم حتى ما كان يتقدمه أحد في الفصاحة والبيان والذكاء وكان أبوه يفضله على نفسه في اللغة وجريان اللسان، وكان أملى جملة من شرح الصحيحين، وله تصانيف كثيرة مع صغره، مات بهمذان سنة ست وعشرين وبعده أبوه، وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كنا مع الشيخ أبي القاسم فالتفت إلى أبي مسعود الحافظ فقال: أطال الله عمرك، فإنك تعيش طويلا ولا ترى مثلك. فهذا من كراماته، إلى أن قال أبو موسى: وله التفسير في ثلاث مجلدات سماه "الجامع" وله تفسير آخر في أربع مجلدات، و"الموضح" في التفسير في ثلاث مجلدات، وكتاب "المعتمد" في التفسير عشر مجلدات، وكتاب "السنة" مجلد، وكتاب "سيرة السلف" مجلد ضخم، وكتاب "دلائل النبوة" مجلد، و"المغازي" مجلد وأشياء كثيرة.
 
قال بن ناصر الحافظ: حدثني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أخي إسماعيل الحافظ حدثني أحمد الأسواري الذي تولى غسل عمي وكان ثقة، أنه أراد أن ينحي عن سوءته الخرقة لأجل الغسل قال: فجبذها إسماعيل بيده وغطى فرجه فقال الغاسل: أحياة بعد موت؟ قال أبو سعد السمعاني: هو أستاذي في الحديث وعنه أخذت هذا القدر وهو إمام في الحديث والتفسير واللغة والأدب عارف بالمتون والأسانيد، كنت إذا سألته عن المشكلات أجاب في الحال وذهب أكثر أصوله في آخر عمره وأملى بالجامع قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس، وكان أبي يقول: ما رأيت بالعراق من يعرف الحديث ويفهمه غير اثنين: إسماعيل الجوزي بأصبهان، والمؤتمن ببغداد.
 
قال أبو سعد: تلمذت له وسألته عن أحوال جماعة، وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه وقال: رأيته وقد ضعف وساء حفظه. قال الدقاق في رسالته: كان عديم النظير لا مثل له في وقته، كان ممن يضرب به المثل في الصلاح والرشاد. وقال السلفي: كان فاضلا في العربية ومعرفة الرجال. وقال أبو عامر العبدري: ما رأيت أحدًا قط مثل إسماعيل، ذاكرته فرأيته حافظًا للحديث عارفًا بكل علم متفننًا استعجل علينا بالخروج. سمع السلفي هذا القول من أبي عامر، ثم قال: وسمعت أبا الحسين بن الطيوري يقول: ما قدم علينا من خراسان مثل إسماعيل بن محمد، {{رحمه ى}}.
 
قلت: توفي معه في سنة خمس البديع أبو علي أحمد بن سعد العجلي الهمذاني الفقيه عن سبع وسبعين سنة، والعلامة أبو عبد الله جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب القيسي القرطبي اللغوي عن نيف وثمانين سنة، والمحدث أبو الحسن رزين بن معاوية بن عمار العبدري السرقسطي مؤلف جامع الصحاح، جاور بمكة وسمع من الطبري وابن أبي ذر، والمسند أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني البغدادي ويعرف بابن زريق القزاز، والمسند أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه بن أحمد الشاذياخي، والمسند أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة الأسدي العكبري، وأخوه أبو منصور عبد الجبار، ومسند الدنيا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري الحنبلي البزاز ويعرف بقاضي المرستان وبابن صهرهبة، وشيخ الصوفية أبو يعقوب يوسف بن أيوب الهمذاني نزيل مرو.
 
أخبرنا محمد بن عمر بن محمود الفقيه أنا محمد بن عبد الهادي ثنا يحيى بن محمود أنا جدي لأمي إسماعيل بن محمد الحافظ أنا عبد الرحمن بن محمد بن زياد أنا أحمد بن محمد بن المرزبان ثنا محمد بن إبراهيم بن الحكم ثنا محمد بن سليمان ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن القاسم عن عائشة {{عنها}} قالت: قال رسول الله، {{صلل}}: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد". <ref> رواه البخاري في الصلح باب 5. ومسلم في الأقضية حديث 17. وابن ماجه في المقدمة باب 2.</ref>
 
1076- 45/15
 
===الأنماطي===
 
الحافظ العالم محدث بغداد أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد البغدادي.
 
ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وسمع أبا محمد بن هزارمرد الصريفيني وأبا الحسين بن النقور وأبا القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي وعلي بن أحمد البندار فمن بعدهم، وكتب الكتب وسمع العالي والنازل حتى أنزف على بن الطيوري جميع ما عنده.
 
روى عنه بن ناصر والسلفي وابن عساكر وأبو موسى المديني وأبو سعد السمعاني وأبو الفرج بن الجوزي وأبو أحمد بن سكينة وعبد العزيز بن الأخضر وأحمد بن أزهر وعبد العزيز بن مينا وأحمد بن الديبقي وعبد الوهاب بن أحمد بن هدبة خاتمة أصحابه.
 
قال السمعاني: هو حافظ ثقة متقن واسع الرواية دائم البشر سريع الدمعة عند الذكر حسن المعاشرة، جمع الفوائد وخرج التخاريج، لعله ما بقي جزء مروي إلا وقد قرأه وحصل نسخته، ونسخ الكتب الكبار مثل "الطبقات لابن سعد" و"تاريخ الخطيب" وكان متفرغًا للحديث إما أن يقرأ عليه أو ينسخ شيئًا وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة وصنف في ذلك، قرأت عليه الجعديات ومسند يعقوب الفسوي والذي عنده من مسند يعقوب السدوسي وانتقاء البقال على المخلص.
 
قال السلفي: كان عبد الوهاب رفيقنا حافظًا ثقة لديه معرفة جيدة. قال بن ناصر: كان بقية الشيوخ سمع الكثير وكان يفهم، مضى مستورًا وكان ثقة ولم يتزوج قط. وقال بن الجوزي: كنت أقرأ عليه وهو يبكي فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته وكان على طريقة السلف انتفعت به ما لم أنتفع بغيره. وقال أبو موسى في معجمه: هو حافظ عصره ببغداد، مات في حادي عشر المحرم سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
 
قلت: '''وفيها مات''' ببغداد المسند أبو المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن البدن الصفار عن ست وثمانين سنة، ومسند أصبهان أبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد الأصبهاني التاجر، والمسند أبو الحسن محمد بن أحمد بن أحمد بن صرما الدقاق البغدادي بن عمة الحافظ بن ناصر، ومقرئ بغداد الخطيب أبو بكر محمد بن الخضر بن إبراهيم المحولي، وأبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر بن الشهرزوري الموصلي، وشيخ العربية والاعتزال أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري بخوارزم.
 
أخبرنا أبو الحسن بن البخاري في كتابه أنا عمر بن محمد أنا الحافظ عبد الوهاب أنا عبد الله بن محمد الخطيب أنا أبو القاسم عبيد الله بن حباية أنا أبو القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد ثنا يزيد بن إبراهيم التستري ثنا محمد بن سيرين أن أم عطية قالت: توفيت إحدى بنات رسول الله {{صلل}} فأمرنا أن نغسلها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن وأن نجعل في الغسلة الآخرة شيئًا من سدر وكافور. هذا حديث من عوالي الصحاح أخرجه النسائي بنزول عن عبد الملك بن شعيب بن الليث عن أبيه عن جده عن يحيى بن أيوب عن مالك بن أنس عن أيوب السختياني عن بن سيرين، فكأن شيخنا سمعه من النسائي وصافحه به.
 
1077- 45/15
 
===أبو سعد بن البغدادي===
 
الحافظ الإمام المحدث أحمد بن محمد بن الحسن بن علي الأصبهاني.
 
ولد سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وسمع أبا القاسم وأبا عمرو ابني أبي عبد الله بن منده وحمد بن ولكيز ومحمد بن أحمد بن ماجه الأبهري ومحمد بن أحمد بن أسد وأبا منصور بن شكرويه وطبقتهم، ورحل إلى بغداد وهو بن ست عشرة سنة مسارعًا لإدراك أبي نصر الزينبي فتلقاه نعيه فبكى وصاح ولطم على رأسه وقال: من أين لي علي بن الجعد عن شعبة؟ ثم سمع من عاصم بن الحسن ومالك البانياسي والموجودين وقد سمع من محمود بن جعفر الكوسج عن جده الحسن بن علي البغدادي، وأكبر شيخ له الشيخ عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ حدث عنه بن ناصر والسلفي وأبو موسى وابن الجوزي وعمر بن طبرزذ ومحمد بن علي القبيطي وخلق آخرهم وفاة محمد بن محمد بن بدر الراذاني.
 
قال أبو سعد السمعاني: ثقة حافظ دين خير حسن السيرة صحيح العقيدة على طريقة السلف تارك للتكلف كان ربما خرج إلى السوق وعلى رأسه طاقية رأيته في طريق الحج وقد تغير ويبس شدقه من الصوم في القيظ وكان يملي في بعض الأوقات وقد نزع قميصه. قال أبو سعد في معجمه: حافظ تام المعرفة يحفظ جميع صحيح مسلم وكان يملي الأحاديث من حفظه.
 
قال أبو سعد: قدم أبو سعد بن البغدادي مرة في الحج فاستقبله خلق كثير من أصبهان وهو على فرس، فكان يسير سيرهم حتى قارب أصبهان فركض الفرس وترك الناس إلى أن وصل البلد وقال: أردت السنة؛ وكان مطبوعًا حلو الشمائل استمليت عليه بالحرمين وكتب عني وخرج إليّ يومًا وقال: أوقفتك، قلت: الوقوف على باب المحدث عز؛ فقال: لك بهذه الكلمة أستاذ؟ قلت: لا، قال: فأنت أستاذها.
 
قال الحافظ عبد الله بن مرزوق: أبو سعد البغدادي شعلة نار. وقال معمر بن الفاخر: كان أبو سعد يحفظ صحيح مسلم وكان يتكلم على الأحاديث بكلام مليح. وقال بن النجار: أبو سعد إمام في الحديث وفي الزهد واعظ كتب عنه شجاع الذهلي، وكان إذا أكل طعامًا اغرورقت عيناه بالدموع، ثم يأكل ويقول: كان داود {{عهس}} يأكل ويبكي.
 
قال أبو الفتح محمد بن علي النطنزي: كنت ببغداد فاقترض مني أبو سعد البغدادي عشرة دنانير فاتفق أني دخلت على السلطان مسعود بن محمد فذكرت له ذلك فبعث معي إليه خمسمائة دينار ففرحت وجئته بها فأبى أن يأخذها. قال بن الجوزي: حج أبو سعد إحدى عشرة حجة وتردد مرارًا وسمعت منه كثيرًا ورأيت أخلاقه اللطيفة ومحاسنه الجميلة. قلت: حدث ببغداد بكتاب معرفة الصحابة لابن منده، أجازه لنا الإمام أبو زكريا يحيى بن الصيرفي بسماعه من القبيطي بسماعه منه. توفي في رجوعه من الحج بنهاوند في ربيع الأول سنة أربعين وخمسمائة وحمل إلى أصبهان.
 
'''وفيها توفي''' مسند نيسابور أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن البحيري صاحب البيهقي، والعلامة أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الجواليقي اللغوي إمام الخليفة المقتفي، وأبو عبد الله الحسين بن الحسن المقدسي الحنفي نزيل بغداد لحق أبا القاسم بن البسري.
 
أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه إجازة أنا علي بن محمد بن حمزة سنة سبع وستمائة ببغداد أنا أحمد بن محمد أنا أبو سهل أحمد بن أحمد بن ولكيز الصيرفي سنة ثمان وستين وأربعمائة ثنا محمد بن إسحاق الحافظ أنا أحمد بن سليمان بن أيوب ثنا أبو زرعة ثنا يحيى الوحاظي ثنا سعيد بن بشير ثنا قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن يزيد بن رافع قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إياكم والحمرة، فإنها أحب الزينة إلى الشيطان". عبد الرحمن هذا مختلف في صحبته.
 
1078- 46/15
 
===اليونارتي===
 
الحافظ المجود أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني.
 
و"يونارت" قرية على باب أصبهان، كان أحد أئمة هذا الشأن، ذكره الحافظ بن عساكر فرجحه على إسماعيل بن محمد التيمي، كان سريع الكتابة حسن القراءة مليح التخريج، سمع أبا بكر بن ماجه الأبهري وأبا منصور بن شكرويه وطبقتهما ببلده، وأدرك أبا بكر بن خلف الشيرازي بنيسابور، ولقي بهراة أبا عامر محمود بن القاسم الأزدي وطبقته، وببلخ أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، ولقي ببغداد أبا عبد الله النعالي وأحمد بن عبد القادر اليوسفي والحسين بن علي بن البسري وطبقتهم. قال السمعاني: قال لي إسماعيل بن محمد الحافظ: ما كان لليونارتي كبير معرفة غير أنه كان لطيف الأجزاء. قال بن النجار: قدم اليونارتي بغداد سنة أربع وعشرين وخمسمائة وحدث بها بجامع الترمذي وأملى بها وجمع لنفسه المعجم في عدة أجزاء وكان موصوفًا بالمعرفة والدراية، روى عنه الفقيه أبو الفتح نصر بن فتيان بن المفتي وعرفة بن البقلي وأحمد بن صالح بن شافع ومظفر بن علي الخياط ولم يحدثني عنه سواه. قلت: وروت عنه فاطمة بنت سعد الخير. قال السمعاني: سمعت أبا علي بن الوزير يقول: ما سمعت صوتًا في قراءة الحديث أحسن ولا أطيب من صوت اليونارتي. قال السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ فقال: رحل اليونارتي إلى بن خلف الشيرازي وكان آخر من رحل إليه ثم رحل بعده عبد الرحمن بن أحمد الباغباني مع أبيه فقال: دخلت نيسابور وأنا أعدو إلى بيت أحمد بن خلف فلقيت اليونارتي فعاتبني وقال: تعال أطعمك أولا، فقدم طعامًا وأكلنا وأخرج لي مسموعاته من بن خلف وقال: مات ودفنته. قال عبد الرحمن: فكادت مرارتي تنشق. قال بن النجار: قرأت بخط معمر بن الفاخر على مجلس لأبي نصر اليونارتي: كان {{رحمه}} مجدا في السنة سريع الكتابة سريع القراءة حسن الخط حسن الخلق كثير الرحل كثير التلاوة حسن العارة كان يقرأ القرآن من سورة ويكتب القرآن ويقرأ من سورة أخرى. مولد اليونارتي في آخر سنة ست وستين وأربعمائة، ومات في شوال سنة سبع وعشرين وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' مسند بغداد أبو غالب أحمد بن أبي علي الحسن بن أحمد بن البناء البغدادي الحنبلي، والفقيه العلامة أبو العباس أحمد بن سلامة بن عبيد الله بن الرطبي الكرخي تلميذ الإمامين بن الصباغ وأبي إسحاق، والإمام الكبير العلامة أبو الفتح أسعد بن أبي نصر الميهني الشافعي، والعلامة شيخ الحنابلة أبو الحسن علي بن عبيد الله بن نصر الزاغوني، ومسند نيسابور أبو سعيد محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد الصاعدي الرئيس القاضي يروي عن عمر بن مسرور، والإمام المسند أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي مقرئ بغداد، والإمام أبو خازم محمد بن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي.
 
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم نا محمد بن عبد الواحد الحافظ أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير أنا الحسن بن محمد الحافظ أنا نجيب بن ميمون بهراة أنا منصور بن عبد الله الخالدي أنا عبد الله بن محمد بن موسى النيسابوري ثنا أليسع بن زيد بمكة سنة اثنتين وثمانين ومائتين ثنا سفيان عن حميد عن أنس قال: خدمت رسول الله {{صلل}} فما قال لي لشيء كسرته: لم كسرته؟ وذكر الحديث. تفرد به أليسع، وليس بمعتمد.
 
(تمت الطبقة الخامسة عشرة.)
 
==الطبقة السادسة عشرة==
 
من كبار الحفاظ، والجملة خمس عشرة نفسًا:
 
1079- 1/16
 
===محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر===
 
الحافظ الإمام محدث العراق أبو الفضل السلامي.
 
توفي أبوه شابا وهذا صغير فكفله جده لأمه الفقيه أبو حكيم الخبري وأسمعه الحديث وأحفظه الختمة، مولده في سنة سبع وستين وأربعمائة، وسمع من أبي القاسم علي بن البسري وأبي طاهر بن أبي الصقر وعاصم بن الحسن ومالك البانياسي وأبي الغنائم بن أبي عثمان ورزق الله التميمي وطراد الزينبي وأبي عبد الله النعالي وابن البطر فمن بعدهم إلى أن ينزل إلى أصحاب الجوهري وابن المهتدي بالله، وعني بهذا الفن وبالغ في الطلب بعد أن برع في اللغة وحصل الفقه والنحو.
 
قال بن الجوزي: كان ثقة حافظًا ضابطًا من أهل السنة لا مغمز فيه تولى تسميعي وسمعت بقراءته مسند أحمد والكتب الكبار، وعنه أخذت علم الحديث وكان كثير الذكر سريع الدمعة. قال السمعاني: كان يحب أن يقع في الناس فردّ بن الجوزي على السمعاني وقبح قوله وقال: صاحب الحديث يجرح ويعدل أفلا يفرق بين الجرح والغيبة؟ ثم هو قد احتج بكلامه في كثير من التراجم في التاريخ. ثم أخذ بن الجوزي يحط على أبي سعد وينسبه إلى التعصب البارد على الحنابلة، وليس الأمر كذلك، ولا ريب أن بن ناصر متعصب في الحط على بعض الشيوخ فدع الانتصار، فأبو سعد أعلم بالتاريخ وأحفظ منك ومن شيخك، وقد قال في بن ناصر: إنه ثقة حافظ دين متقن ثبت لغوى عارف بالمتون والأسانيد كثير الصلاة والتلاوة غير أنه يحب أن يقع في الناس وهو صحيح القراءة والنقل. وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين من أبي طاهر الأنباري. قال بن النجار: كانت له إجازات قديمة من جماعة كابن النقور وابن هزارمرد الصريفيني والحافظ بن ماكولا وغيرهم أخذها له بن ماكولا في رحلته.
 
قرأت بخط الحافظ الضياء: أجاز لابن ناصر، أبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك في سنة ثمان وستين وأربعمائة، وأبو صالح المؤذن وفاطمة بنت الدقاق والفضل بن المحب، وسرد جماعة. قال بن النجار: كان ثقة ثبتًا حسن الطريقة متدينًا فقيرًا متعففًا نظيفًا نزهًا، وقف كتبه وخلف ثيابًا خليعة وثلاثة دنانير، ولم يعقب، سمعت بن سكينة وابن الأخضر وغيرهما يكثرون الثناء عليه ويصفونه بالحفظ والإتقان والديانة والمحافظة على السنن والنوافل، وسمعت جماعة من شيوخي يذكرون أن بن ناصر وابن الجواليقي كانا يقرآن الأدب على أبي زكريا التبريزي ويطلبان الحديث فكان الناس يقولون: يخرج بن ناصر لغوي بغداد، وابن الجواليقي محدثها، فانعكس الأمر وانقلب. قلت: قد كان بن ناصر أيضًا رأسًا في اللغة. قال: وسمعت بن سكينة يقول: قلت لابن ناصر: أريد أن أقرأ عليك ديوان المتنبي وشرحه لأبي زكريا، فقال: إنك دائمًا تقرأ علي الحديث مجانًا وهذا شعر ونحن نحتاج إلى نفقة. فأعطاني أبي خمسة دنانير فدفعتها إليه وقرأت عليه الكتاب.
 
وقال السلفي: سمع بن ناصر معنا كثيرًا وهو شافعي أشعري، ثم انتقل إلى مذهب أحمد في الأصول والفروع ومات عليه، وله جودة حفظ وإتقان وحسن معرفة وهو ثبت إمام. وقال أبو موسى المديني: هو مقدم أصحاب الحديث في وقته ببغداد. بن النجار: قرأت بخط بن ناصر وأخبرنيه يحيى بن الحسين عنه سماعًا قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد أبي منصور الخياط واشتغلت بالأدب على التبريزي فجئت يومًا لأقرأ الحديث فقال: يا بني تركت قراءة القرآن واشتغلت بغيره عُدْ واقرأ عليّ ليكون لك إسناد؛ فعدت عليه في سنة اثنتين وتسعين ولبثت أقول كثيرًا: اللهم بين لي أي المذاهب خير؛ وكنت مرارًا قد مضيت إلى القيرواني المتكلم في كتاب التمهيد للباقلاني وكأن من يردني عن ذلك فرأيت في المنام كأني قد دخلت المسجد إلى أبي منصور وبجنبه رجل عليه ثياب بيض ورداء على عمامته يشبه الثياب الريقية دُري اللون عليه نور وبهاء فسلمت عليه وجلست بين يديهما، ووقع في نفسي للرجل هيبة وإنه رسول الله {{صلل}} فلما جلست التفت إليَّ وقال لي: عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ، ثلاث مرات، فانتبهت مرعوبًا وجسمي يرجف فقصصت ذلك على والدتي وبكرت إلى الشيخ لأقرأ عليه فقصصت عليه الرؤيا فقال: يا ولدي ما مذهب الشافعي إلا حسن ولا أقول لك اتركه، ولكن لا تعتقد اعتقاد الأشعري؛ فقلت: ما أريد أن أكون نصفين، وأنا أشهدك وأشهد الجماعة أنني اليوم على مذهب أحمد بن حنبل في الأصول والفروع؛ فقال لي: وفقك الله؛ ثم أخذت في سماع كتب أحمد ومسائله والتفقه على مذهبه، وذلك في رمضان سنة ثلاث وتسعين.
 
قلت: روى عنه السلفي وابن عساكر وأبو موسى والسمعاني وابن الجوزي وابن سكينة وابن الأخضر وعبد الرزاق ويحيى بن الربيع الفقيه والكندي ومحمد بن البناء الصوفي ومحمد بن غنيمة الفقيه وداود بن ملاعب وعبد العزيز بن أحمد الناقد وموسى بن عبد القادر وأحمد بن ظفر بن هبيرة وأحمد بن صرما وأبو منصور بن عفيجة والحسن بن الأمير السيد وخلائق؛ وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن بن المقير؛ ومما تخبط فيه بن مسدي المجاور أنه قرأ على بن المقير عن بن ناصر قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الواحد بن أحمد المليحي، فذكر من الجعديات. والمليحي فقد مات قبل مولد بن ناصر بأربع سنين.
 
توفي بن ناصر في ثاني عشر شعبان سنة خمسين وخمسمائة. وقال بن الجوزي: حدثني الفقيه أبو بكر بن الحضرمي قال: رأيت بن ناصر فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، وقال: قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في زمانك؛ لأنك رئيسهم وسيدهم.
 
قلت: وفي سنة خمسين مات أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن العصائدي بنيسابور في عشر التسعين، والمعمر الخطيب أبو الحسن علي بن محمد المشكاني راوي التاريخ الصغير للبخاري، والمسند أبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب ببغداد، ومقرئ العراق أبو الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري مصنف "المصباح" ومفتى خراسان الفقيه محمد بن يحيى صاحب الغزالي بل قبلها، وقاضي مصر أبو المعالي محمد بن جميع القرشي الشافعي مصنف كتاب "الذخائر" في المذهب، والواعظ أبو زكريا يحيى بن إبراهيم السلماسي بها.
 
أخبرتنا زينب بنت عمر ببعلبك عن أحمد بن ظفر أنا محمد بن ناصر الحافظ أنا محمد بن أحمد بن أبي الصقر سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة أنا الحسين بن ميمون الصدفي بمصر أنا محمد بن عبد الله النيسابوري ثنا أحمد بن شعيب الحافظ ثنا قتيبة ثنا الليث عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله {{صلل}} قال: "ما من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة". <ref> رواه البخاري في الاعتصام باب 1. ومسلم في الإيمان حديث 239.</ref>
 
1080- 2/16
 
===البطروجي===
 
العلامة الحافظ الثقة أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الباري الأندلسي.
 
حمل عن أبي علي الغساني ومحمد بن فرج الطلاعي وأبي الحسن القيسي وخازم بن محمد وخلف بن إبراهيم المقرئ وابن النخاس وطبقتهم، وتفنن في العلوم، روى عنه خلف بن بشكوال وأبو محمد بن عبيد الله الحجري وأبو الحسن محمد بن عبد العزيز الشقوري ومحمد بن إبراهيم بن الفخار ويحيى بن محمد الفهري وآخرون.
 
قال ابن بشكوال: كان من أهل الحفظ للحديث والفقه والرجال والتواريخ مقدمًا في ذلك على أهل عصره وقال غيره: له مصنفات مشهورة وكان عارفًا بالرجال وتراجمهم، وكان إذا سئل عن شيء فكأنما الجواب على طرف لسانه يورد المسألة بنصها لقوة حافظته، لم يكن في الأندلسيين في وقته مثله لكنه كان نزر العربية خاملا لخفة فيه.
 
قال ابن بشكوال: مات لثلاث بقين من المحرم سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
 
قلت: مات فيها الفقيه أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن علي الآبنوسي الشافعي الوكيل ببغداد وله تصانيف وعلو إسناد، والمسند أبو بكر أحمد بن علي بن الأشقر البغدادي الدلال، وشيخ القراء بالعراق أبو محمد دعوان بن علي بن حماد الجبي الضرير، والعلامة أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي الغرناطي المفسر، والمسند أبو القاسم علي ابن الإمام أبي نصر عبد السيد بن محمد بن الصباغ البغدادي، ومحدث بغداد أبو حفص عمر بن ظفر المغازلي الملقن عن إحدى وثمانين سنة، والمسند أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حسن الطرائفي في عشر المائة، ومحدث واسط القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الطيب بن الجلابي، ومفيد بغداد أبو البقاء محمد بن محمد بن معمر بن طبرزذ، ومسند الشام العلامة أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي عن أربع وتسعين سنة ومحدث همذان أبو بكر هبة الله بن الفرج ابن أخي الطويل، ونحوي بغداد الشريف أبو السعادات هبة الله بن علي بن الشجري العلوي.
 
1081- 3/16
 
===ابن العربي===
 
العلامة الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الإشبيلي.
 
ولد سنة ثمان وستين وأربعمائة، ورحل مع أبيه إلى المشرق، وسمع أبا عبد الله بن طلحة النعالي وطراد بن محمد الزينبي ونصر بن البطر وطبقتهم ببغداد، وأبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبا الفضل بن الفرات وطبقتهما بدمشق، وخاله الحسن بن عمر الهوزني وطائفة بالأندلس، والقاضي أبا الحسن الخلعي ومحمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي وعدة بمصر، والحافظ مكي بن عبد السلام الرميلي ببيت المقدس؛ وتخرج بالإمام أبي حامد الغزالي والعلامة أبي زكريا التبريزي والفقيه أبي بكر الشاشي، وجمع وصنف وبرع في الأدب والبلاغة وبعد صيته.
 
روى عنه عبد الخالق بن أحمد اليوسفي وابن صابر الدمشقي وأخوه وأحمد بن خلف الإشبيلي القاضي والحسن بن علي القرطبي وأبو بكر محمد بن عبد الله ابن الجد الفهري ومحمد بن إبراهيم بن الفخار ومحمد بن يوسف بن سعادة ومحمد بن علي الكتامي ومحمد بن جابر الثعلبي ونخبة بن يحيى الرعيني والحافظ أبو القاسم السهيلي وعبد المنعم بن يحيى بن الحلوف الغرناطي وعلي بن أحمد بن لبال الشريشي وخلق كثير، وآخر من روى عنه بالإجازة في سنة ست عشرة وستمائة أبو الحسن علي بن أحمد الشقوري وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر، وقد سمع بمكة من أبي عبد الله الحسين الطبري وأدخل الأندلس علمًا شريفًا وإسنادًا منيفًا، وكان متبحرًا في العلم ثاقب الذهن عذب العبارة موطأ الأكناف كريم الشمائل كثير الأموال، ولي قضاء إشبيلية فحمد وأجاد السياسة وكان ذا شدة وسطوة ثم عزل فأقبل على التصنيف ونشر العلم، أثنى عليه ابن بشكوال بأكثر من هذا وقال: أخبرني أنه رحل إلى المشرق سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وسمعت بإشبيلية منه وقرطبة كثيرًا.
 
وقال غيره: كان أبوه من علماء الوزراء فصيحًا مفوهًا شاعرًا ماهرًا اتفق موته بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين فرجع ولده أبو بكر إلى الأندلس وكان أبو بكر أحد من بلغ رتبة الاجتهاد فيما قيل. قال ابن النجار: حدث ببغداد بيسير، وصنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتواريخ، واتسع حاله وكثر إفضاله ومدحته الشعراء وعلى إشبيلية سور أنشأه من ماله.
 
وذكره أبو يحيى أليسع بن حزم وبالغ في تعظيمه وتقريظه قال: فولي القضاء فمحن، وجرى في إعراض الإمارة فلحق وأصبح تتحرك بآثاره الألسنة، ويأتي بما أجراه القدر عليه النوم والسنة، وما أراد إلا خيرًا نصب الشيطان عليه شباكه وسكن الإدبار حراكه، فأبداه للناس صورة تذم وسوءة تبلى لكونه تعلق بأذيال الملك ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحربهم بل داهن، ثم انتقل إلى قرطبة معظمًا مكرمًا حتى حول إلى العدوة فقضى نحبه.
 
قرأت بخط ابن مسدي في معجمه: أنا أحمد بن محمد بن مفرج البناني سمعت الحافظ ابن الجد وغيره يقولون: حضر فقهاء إشبيلية أبو بكر بن المرجي وفلان وفلان حضر معهم ابن العربي فتذاكروا حديث المغفر فقال ابن المرجي: لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري؛ فقال ابن العربي: قد رويته من ثلاث عشرة طريقًا غير طريق مالك؛ فقالوا: أفدنا هذا؛ فوعدهم ولم يخرج لهم شيئًا وفي ذلك يقول خلف بن حبر الأديب:
 
يا أهل حمص ومن بها أوصيكم بالبر والتقوى وصية مشفق
 
فخذوا عن العربي أسمار الدجى وخذوا الرواية عن إمام متقي
 
إن الفتى حلو الكلام مهذب إن لم يجد خبرًا صحيحًا يخلق
 
قلت: هذه حكاية ساذجة لا تدل على جرح صحيح، ولعل القاضي وهم وسرى فكره إلى حديث فظنه هذا والشعراء يخلقون الإفك.
 
قال ابن بشكوال: توفي ابن العربي بالعدوة بفاس في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. وفيها أرخه الحافظ ابن المفضل والقاضي ابن خلكان، وفي تاريخ ابن النجار في نسخة نقلت منها: سنة ست وأربعين؛ والأول الصحيح.
 
وفي سنة ثلاث مات المعمر أبو تمام أحمد بن أبي العز محمد بن المختار ابن المؤيد بالله العباسي التاجر السفار المعروف بابن الخص بنيسابور وهو راوي "صفة المنافق" بتلك الديار، والفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي الرقي، والمحدث الرحال أبو علي الحسن بن مسعود ابن الوزير الدمشقي كهلا بمرو، والمسند أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان الدمشقي، وقاضي القضاة الأكمل أبو القاسم علي بن نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي الهاشمي، وأبو غالب محمد بن علي ابن الداية صاحب ابن المسلمة، ومفيد بغداد المكثر الجماعة أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الظفري الخفاف عن ثلاث وخمسين سنة، والمسند أبو الدر ياقوت الرومي السفار الراوي عن الصريفيني، والزاهد الشهيد أبو الحجاج يوسف بن دوناس الفندلاوي المالكي المقبور بمقبرة باب الصغير.
 
أخبرنا محمد بن جابر أنا أبو العباس أحمد بن الغماز بقراءتي أنا أبو الربيع بن سالم الحافظ أنا عبد الرحمن بن محمد بن خنيس ثنا الحافظ أبو بكر محمد بن العربي أنا طراد بن محمد ثنا هلال بن محمد ثنا الحسين بن يحيى ثنا أبو الأشعث ثنا بشر بن المفضل ثنا شعبة عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر عن النبي {{صلل}} قال: "من جر ثوبًا من ثيابه من مخيلة، فإن الله لا ينظر إليه". وأخبرناه عاليًا إسماعيل بن عبد الرحمن أنا أبو محمد بن قدامة أنا خطيب الموصل وشهدة وتجني الوهبانية قالوا: أنا طراد.
 
1082- 4/16
 
===السلفي===
 
الحافظ العلامة شيخ الإسلام أبو طاهر عماد الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني الجرواآني.
 
وجرواآن من محال أصبهان، وسلفة لقب لجده أحمد، ومعناه الغليظ الشفة، كان أبو طاهر لا يحرر عام مولده، وقد قال: كتبوا عني بأصبهان في أول سنة اثنتين وتسعين وأنا ابن سبع عشرة سنة أو نحوها، ليس في وجهي شعرة. وقال أيضًا: أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين وكنت ابن عشر.
 
قلت: أول سماعه في سنة ثمانين، سمع الرئيس القاسم بن الفضل الثقفي عبد الرحمن بن محمد بن يوسف القصري وسعيد بن محمد الجوهري ومكي بن منصور السلار ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني وأبا مطيع الصحاف وأبا العباس بن أشتة وخلائق بأصبهان، ورحل إلى بغداد سنة ثلاث وتسعين فسمع من نصر بن البطر، وفرح بلقيه، ومن أبي بكر الطوسي والحسين بن علي بن البسري وطبقتهم، وبالكوفة من أبي البقاء الحبال، وبمكة من الحسين بن علي الطبري، وبالمدينة أبا الفرج القزويني، وبالبصرة من محمد بن جعفر العسكري، وبزنجان من أبي بكر أحمد بن محمد بن زنجويه، وبهمذان من أبي غالب أحمد بن محمد العدل، وبالري من صاحب البحر أبي المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الشافعي، وبقزوين من إسماعيل بن عبد الجبار المالكي، وبمراغة من سعد بن علي المصري، وبدمشق من أبي طاهر الحنائي، وبنهاوند من أبي منصور محمد بن عبد الرحمن بن غزو، وبأبهر من أبي سعيد عبد الرحمن بن ملكان الشافعي، وبواسط من أبي نعيم بن زيزب، وبسلماس من محمد بن سعادة الهلالي، وبالحلة من محمد بن الحسن بن فدويه الكوفي، وبشهرستان من أبي الفتح أحمد بن محمد بن رشيد الأدمي، وبالإسكندرية من أبي القاسم بن الفحام الصقلي؛ وبقي في الرحلة بضع عشرة سنة، وسمع ما لا يوصف كثرة، ونسخ بخطه الصحيح السريع وهو في غضون ذلك يقرأ القرآن والفقه والعربية وغير ذلك وكان متقنًا متثبتًا دينًا خيرًا حافظًا ناقدًا مجموع الفضائل انتهى إليه علو الإسناد.
 
وروى الحفاظ عنه في حياته؛ وله ثلاثة معاجم؛ معجم لمشيخة أصبهان في مجلد يكونون أزيد من ستمائة شيخ، ومعجم لمشيخة بغداد وهو كبير، ومعجم لباقي البلاد سماه معجم السفر؛ ركب من بلد صور في البحر إلى الإسكندرية في سنة إحدى عشرة فاستوطنها خمسًا وستين سنة إلى أن مات ما خرج منها سوى خرجته إلى القاهرة للسماع من أبي الصادق مرشد بن يحيى المديني وطبقته.
 
سمع منه أبو علي البرداني الحافظ والكبار، وحدث عنه الحافظ محمد بن طاهر ومات قبله بستين عامًا والمحدث سعد الخير الأندلسي وأبو العز محمد بن علي المُلقاباذي والضياء بن هبة الله ابن عساكر ويحيى بن سعدون القُرطُبي وخلق مثلهم ممن مات قبله، وقد روى عنه القاضي عياض بالإجازة ومات قبله بدهر؛ وممن روى عنه الحافظ عبد الغني المقدسي وعلي بن المفضل وربيعة اليمني وعبد القادر الرهاوي؛ والشيوخ، ابن راحج المقدسي وعبد القوي بن الجباب وعبد الغافر المحلي والفخر الفارسي والحسن بن أحمد الأوقي ومحمد بن عماد ومرتضى بن حاتم وأبو القاسم الصفراوي وأبو الفضل الهمذاني وعبد الرحيم بن الطفيل ويوسف بن المخيلي ومنصور بن الدماغ والعلم بن الصابوني وعبد الوهاب بن رواح ويوسف الساوي وأبو الحسين بن الجميزي وأبو القاسم بن رواحة وأبو القاسم عبد الرحمن بن مكي سبط السلفي وخلائق، وأبو بكر محمد بن السفاقسي وعاش في حضور....... المسلسل بالأولية إلى سنة أربع وخمسين، وبقي بعدهم طائفة كعثمان ابن خطيب القرافة وغير واحد بالإجازة.
 
قال الأوقي: سمعته يقول: لي ستون سنة ما رأيت منارة الإسكندرية إلا من هذه الطاقة.
 
قال ابن المفضل: عدة شيوخ الحافظ بأصبهان فوق الستمائة شيخ، وخرج إلى بغداد وله عشرون سنة أو أقل أو أكثر فمشيخته في بغداد في خمسة وثلاثين جزءًا؛ قال: وله تصانيف كثيرة، وكان ينظم الشعر ويثيب من يمدحه، إلى أن قال: ولقي في القراءات ابن سوار وأبا منصور الخياط وأبا الخطاب بن الجراح، سمعته يقول: متى لم يكن الأصل بخطي لم أفرح به.
 
وكان جيد الضبط كثير البحث عما يشكل، وكان أوحد زمانه في علم الحديث وأعرفهم بقوانين الرواية والتحديث، جمع بين علو الإسناد وعلو الانتقاد وبذلك تفرد عن أبناء جنسه؛ قال السمعاني في الذيل: أبو طاهر ثقة ورع متقن ثبت فهم حافظ له حظ من العربية كثير الحديث حسن البصيرة فيه.
 
أنبأنا جماعة عمن سمع أبا سعيد عبد الكريم بن محمد الحافظ ثنا أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ، سمعت محمد بن طاهر المقدسي، سمعت أبا طاهر الأصبهاني وكان من أهل الصنعة يقول: كان أبو حازم العبدوي إذا روى عن أبي سعد الماليني يقول: ثنا أحمد بن حفص الحدثي، هذا أو نحوه.
 
قال أبو سعد: وقد صحب السلفي والدي ببغداد مدة ثم ركب من صور في البحر إلى مصر وأجاز لي. وعن ابن ناصر قال: كان السلفي ببغداد كأنه شعلة نار في التحصيل. قال عبد القاهر الرهاوي: كان له عند ملوك مصر الجاه والقوة والكلمة النافذة مع مخالفته لهم في المذهب، وكان لا يبدو منه جفوة لأحد ويجلس للحديث ولا يشرب ماء ولا يبزق ولا يتورك ولا يبدو له قدم وقد جاوز المائة، بلغني أن سلطان مصر حضر عنده ليسمع فشرع يتحدث مع أخيه فزبرهما وقال: أيش هذا؟ نقرأ الحديث وأنتما تتحدثان. وبلغني أنه مدة مقامه بالإسكندرية ما خرج إلى فرجة إلا مرة واحدة، وما تكاد تدخل إلا تراه مطالعًا في شيء وكان حليمًا.
 
ولما دخل الثغر رآه الفضلاء والكبراء فاستحسنوا علمه وأخلاقه وآدابه فأكرموه وخدموه. وحدثني بعض رفقائي عن ابن شافع قال: السلفي شيخ العلماء. وسمعت بعض فضلاء همذان يقول: السلفي أحفظ الحفاظ. قال ابن عساكر: سمعت بقراءة السلفي من جماعة ولم أظفر بالسماع منه.
 
تزوج في الإسكندرية امرأة ذات بستان وحصلت له ثروة بعد فقر وتصوف وصارت له بالثغر وجاهة وبنى له العادل علي بن إسحاق بن السلار أمير مصر مدرسة ووقف عليها. قال عبد القادر: كان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر أزال من جواره منكرات كثيرة، رأيته منع القراء بالألحان وقال: هذه القراءة بدعة، اقرءوا ترتيلا، فقرءوا.
 
نقلت من خط الحافظ عبد الغني نقل خطوط المشايخ للسلفي بالقراءات وأنه قرأ بحرف عاصم على أبي سعد المطرز، وقرأ لحمزة والكسائي على أبي محمد بن أبي نصر القصار، وقرأ لقالون على نصر بن محمد الشيرازي، ولقنبل على عبد الله بن أحمد الخرقي، وقد قرأ عليهم في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وبعدها. وقال ابن نقطة: كان السلفي جوالا في الآفاق حافظًا ثقة متقنًا أحضروا له نسخة سعد الخير بالمجتبى للنسائي ليرويه فاجتذبها من يد القارئ بغيظ وقال: لا أحدث إلا من أصلي.
 
قال ابن المفضل: حفظت أسماء وكنى ثم ذاكرت السلفي فجعل يذكرها حفظًا، وقال: ما هذا مليح، أنا شيخ كبير في هذه البلدة لا يذاكرني أحد وحفظي هكذا. قال العماد في الخريدة: طوف السلفي بلادًا وشدت إليه الرحال وتبرك به الملوك والأقيال وله شعر ورسائل ومصنفات.
 
قال الحافظ عبد العظيم: كان السلفي مغرى بجمع الكتب وما حصل له من المال يخرجه في ثمنها، كان عنده خزائن كتب لا يتفرغ للنظر فيها فعفنت وتلصقت لنداوة البلد فكانوا يخلصونها بالفأس فتلف أكثرها. ومما شوهد بخطه: مولدي سنة اثنتين وسبعين تخمينًا لا يقينًا. قال حماد بن هبة الله: سمعت السلفي يقول: دخلت بغداد في شوال سنة ثلاث وتسعين، فساعة دخولي لم يكن لي هم إلا ابن البطر فذهبت إليه وكان شيخًا عسرًا فقلت: قد جئت من أصبهان لأجلك، فقال: اقرأ، وجعل الراء غينًا، فقرأت عليه وأنا متكئ من دماميل، فقال: أبصر ذا الكلب، فاعتذرت بالدماميل وبكيت من قوله وقرأت سبعة عشر حديثًا وخرجت ثم قرأت عليه نحوًا من خمسة وعشرين جزءًا، ولم يكن بذاك.
 
أخبرنا ابن علان إجازة عن القاسم بن علي ابن عساكر أنا أبي أنشدنا أبو سعد السمعاني بدمشق أنشدنا أبو العز محمد بن علي أنشدنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ لنفسه بميافارقين:
 
إن علم الحديث علم رجال تركوا الابتداع للاتباع
 
فإذا جن ليلهم كتبوه وإذا أصبحوا غدوا للسماع أنشدنا بعلو أبو الحسين اليونيني أنا جعفر بن علي أنشدنا السلفي، فذكرهما. قال الوجيه عيسى بن عبد العزيز اللخمي: توفي السلفي صبيحة الجمعة خامس ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة وله مائة وست سنين وحدث ليلة موته، وهو يرد اللحن الخفي على القارئ وصلى الصبح ومات فجأة. قلت: لم يبلغ مائة وست سنين بل مائة وسنتين أو نحو ذلك مع الجزم بأنه كمل المائة.
 
قال ابن خلكان القاضي: كانت ولادته سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة تقريبًا.
 
ومات معه في العام الشريف أبو المفاخر سعيد بن الحسين الهاشمي العباسي المامرني النيسابوري راوي صحيح مسلم بمصر، والمسند أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن صابر الأزدي الدمشقي بها، والمسند أبو الفهم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن أبي العجائز الأزدي بدمشق، والعلامة حجة العرب أبو الحسن علي بن عبد الرحيم بن الحسين العصار السلمي ببغداد وآخرون.
 
أخبرنا علي بن محمد الحافظ أنا أحمد بن محمد البصري أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا القاسم بن الفضل أنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد القاضي إملاء أنا عبد الله بن جعفر بن أحمد ثنا أحمد بن عصام ثنا أبو عامر العقدي ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية". أخرجه مسلم من حديث الثوري.
 
1083- 5/16
 
===عياض===
 
بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض القاضي العلامة عالم المغرب، أبو الفضل اليحصبي السبتي الحافظ: مولده بسبتة في سنة ست وسبعين وأربعمائة وأصله أندلسي، تحول جده إلى فاس ثم سكن سبتة، أجازه القاضي الحافظ أبو علي الغساني، وكان يمكنه السماع منه وهو ابن عشرين سنة وإنما دخل القاضي إلى الأندلس بعد موته فأخذ عن محمد بن حمدين وأبي علي بن سكرة وأبي الحسين بن سراج وأبي محمد بن عتاب وهشام بن أحمد وأبي بحر بن العاص وخلق وتفقه بأبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله المسيلي، وصنف التصانيف التي سارت بها الركبان واشتهر اسمه وبعد صيته.
 
قال ابن بشكوال: هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم استقضى بسبتة مدة طويلة حمدت سيرته فيها ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة فلم تطل مدته فيها وقدم علينا قرطبة فأخذنا عنه.
 
قال الفقيه محمد بن حمادة السبتي: جلس القاضي للمناظرة وله نحو من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمس وثلاثون سنة، فسار بأحسن سيرة، كان هينًا من غير ضعف صليبًا في الحق، تفقه على أبي عبد الله التميمي وصحب أبا إسحاق بن جعفر الفقيه ولم يكن أحد بسبتة في عصره أكثر تواليف منه.
 
وله كتاب "الشفاء في شرف المصطفى" وكتاب "ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك" وكتاب "العقيدة" وكتاب "شرح حديث أم زرع" وكتاب "جامع التاريخ" الذي أربى على جميع المؤلفات جمع فيه أخبار ملوك الأندلس والمغرب واستوعب فيه أخبار سبتة وعلماءها، وله كتاب "مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار" من الموطأ والصحيحين، إلى أن قال: وحاز من الرياسة في بلده ومن الرفعة ما لم يصل إليه أحد قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعًا وخشية لله، وله من المؤلفات الصغار أشياء لم نذكرها.
 
قال القاضي شمس الدين بن خلكان: هو إمام الحديث في وقته وأعرف الناس بعلومه وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، قال: ومن تصانيفه كتاب "الإكمال في شرح مسلم" كمل به كتاب "المعلم" للمازري ومنها كتاب "مشارق الأنوار" في تفسير غرائب الحديث، وكتاب "التنبيهات" فيه فوائد وغرائب، وكل تواليفه بديعة، وله شعر حسن، فمنه ما رواه عنه ابنه قاضي دانية أبو عبد الله محمد بن عياض:
 
انظر إلى الزرع وخاماته تحكى وقد ماست أمام الرياح
 
كتيبة خضراء مهزومة شقائق النعمان فيها جراح قلت: روى عنه خلق كثير منهم عبد الله بن محمد الأشيري وأبو جعفر بن القصير الغرناطي وأبو القاسم خلف بن بشكوال وأبو محمد بن عبيد الله الحجري ومحمد بن الحسن الجابري. قال ابن بشكوال: توفي القاضي عياض مغربًا عن وطنه في وسط سنة أربع وأربعين وخمسمائة. قال ولده محمد: توفي في ليلة الجمعة نصف الليلة التاسعة من جمادى الآخرة ودفن بمراكش.
 
قلت: '''وفيها مات''' العلامة أبو جعفر أحمد بن علي بن أبي جعفر البيهقي صاحب التصانيف، وقاضي تُستر القاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن حسين الأرجاني شاعر وقته، والمسند أبو المحاسن سعد بن علي بن الموفق الهروي، والإمام أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد المرادي القُرطُبي محدث حلب.
 
أخبرنا القاضي معين الدين علي بن أحمد بن أبي الحسن بالإسكندرية أنا محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الأنصاري بقراءتي عن عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحافظ "ح" وأنا أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن عمران الحضرمي أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقي مرارًا أنا محمد بن عبد الله الأزدي أنا محمد بن الحسن بن عطية الجابري قالا: أنا عياض بن موسى الحافظ قال: ثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى التميمي وأبو الوليد هشام بن أحمد الفقيه قالا: ثنا أبو علي الغساني ثنا أبو عمر النمري ثنا ابن عبد المؤمن ثنا أبو بكر التمار ثنا أبو داود ثنا محمد بن سلمة ثنا ابن وهب عن حيوة وابن لهيعة وسعيد بن أبي أيوب عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو أنه سمع النبي {{صلل}} يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ؛ فإنه من صلى عليَّ مرة صلى الله عليه عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة". <ref> رواه البخاري في الأذان باب 7. ومسلم في الصلاة حديث 10، 11. والترمذي في الصلاة باب40. والنسائي في الأذان باب 35-37.</ref>
 
1084- 6/16
 
===الرشاطي===
 
عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن أحمد الحافظ النسابة أبو محمد اللخمي المري المعروف بالرشاطي.
 
قال أبو جعفر بن الزبير: روى عن أبي علي الغساني وأبي الحسن ابن أخي الدش وأبي علي الصدفي وابن فتحون وجماعة وألف كتابه الحافل المسمى ب "اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب رواة الآثار" وكتاب "الإعلام لما في المختلف والمؤتلف للدارقطني من الأوهام" وانتصاره من القاضي أبي محمد بن عطية وغير ذلك وكان ضابطًا محدثًا متقنًا إمامًا مفيدًا ذاكرًا للرجال حافظًا للتاريخ والأنساب فقيهًا بارعًا أحد الجلة المشار إليهم، روى عنه أبو محمد عبيد الله وأحمد بن حبر وابن مضا وابن خالد بن رفاعة وأبو محمد عبد الرحيم وأبو بكر بن أبي حمزة، واستشهد عند دخول العدو المرية في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وكان مولده في سنة ست وأربعمائة، وقال ابن عاف: في سنة خمس وستين وأربعمائة؛ والأول أصح.
 
1085
 
===الجوزقاني===
 
الحافظ الإمام أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن حسين بن جعفر الهمذاني مصنف كتاب "الأباطيل".
 
وهو محتوٍ على أحاديث موضوعة وواهية طالعته واستفدت منه مع أوهام فيه، وقد بين بطلان أحاديث واهية بمعارضة أحاديث صحاح لها، سمع عبد الرحمن بن حمد الدوني وهو أكبر شيخ له ويحيى بن أحمد الغضائري ومحمد بن طاهر المقدسي وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن وشيرويه بن شهردار الديلمي وأحمد بن عباد البروجردي وأبا زكريا يحيى بن منده وعبد الملك بن بنجير وحمد بن نصر وطائفة سواهم، ومن صغار شيوخه عبد الخالق بن أحمد اليوسفي، روى هذا الكتاب عنه ابن أخته نجيب بن غانم الطيان فحدث به نجيب في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
 
وأما الجوزقاني صاحب الترجمة فلا أعلم متى توفي، ثم رأيته في تاريخ ابن النجاروان بن مشق ضبط وفاته في سادس عشر رجب سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. قال ابن النجار: وجوزقان ناحية من همذان كتب وحصل وصنف عدة كتب في علم الحديث منها كتاب "الموضوعات" أجاد تصنيفه روى لنا عنه عبد الرزاق الجيلي.
 
1086- 8/16
 
===الفامي===
 
الحافظ أبو النصر عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان بن منصور الهروي محدث هراة.
 
ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة بهراة، وسمع أبا عبد الله محمد بن علي العميري ونجيب بن ميمون الواسطي وأبا عامر محمود بن القاسم الأزدي وشيخ الإسلام أبا إسماعيل الأنصاري وعدة، وفي الرحلة من أبي القاسم بن الحصين وهبة الله بن علي البخاري، ذكره السمعاني في تاريخه فقال: كان ببغداد حسن السيرة جميل الطريقة دمث الأخلاق كثير الصدقة والصلاة دائم الذكر متوددًا متواضعًا، له معرفة بالحديث والأدب يكرم الغرباء ويفيدهم عن الشيخ وكان ثقة مأمونًا كتبت عنه بهراة ونواحيها، مات في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمسمائة. قلت: لقبه ثقة الدين، وروى عنه الحافظان ابن عساكر والسمعاني وأبو روح عبد المعز الهروي، وله تاريخ صغير.
 
'''وفيها مات''' المسند أبو المعالي أحمد بن محمد بن عثمان المذاري ببغداد سمع أبا علي بن البناء، والمسند الفقيه أبو سعد عمر بن علي بن الحسين المحمودي البلخي صاحب الوخشى، والمسند نوشتكين بن عبد الله الرضواني البغدادي، ومسند خراسان الخطيب أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن أبي القاسم القشيري.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء عن عبد المعز بن محمد أنا الحافظ ثقة الدين أبو النضر عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي أنا زيد بن الفضل أنا علي بن أبي طالب الخوارزمي أنا أبو علي الرفاء ثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا سفيان عن الزهري عن أنس أن النبي {{صلل}} نهى عن الدباء والمزفت أن ينتبذ فيه.
 
1087- 9/16
 
===ابن الدباغ===
 
الحافظ أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيرة، وقيل: إبراهيم بدل عمر، اللخمي الأندلسي الأندي محدث مرسية، لا بل محدث الأندلس.
 
استوعب أخباره ابن الزبير فقال: هو أحد الأئمة المهرة المتقنين في صناعة الحديث وجهابذة النقاد اعتمد أبا علي بن سكرة وأكثر عنه وعن أبي عبد الله أحمد بن محمد الخولاني وابن عتاب وخلف بن إبراهيم بن النحاس وعبد القادر بن محمد الصدفي، واعتمده الناس فيما قيد لإمامته وإتقانه، وعول عليه الجُلة، وكان من آخر أئمة المحدثين بالأندلس وكان سمحًا مؤثرًا على قلة ذات يده، نزه النفس، ولي خطابة مرسية وقتًا ثم ولي قضاء دانية.
 
قال أبو العطاء وهب بن نذير: هو خاتمة أئمة المحدثين، وله تواليف، أكثر عنه ابن بشكوال وأبو بكر بن أبي جمرة، وقال ابن بشكوال: روى عن أبي علي الصدفي كثيرًا ولازمه طويلا، وأخذ عنه جماعة من شيوخنا وكان من أنبل أصحابنا وأعرفهم بطريقة الحديث وأسماء الرجال وأزمانهم وضعفائهم وثقاتهم وأعمارهم وآثارهم، من أهل العناية الكاملة بتقييد العلم ولقاء الشيوخ، لقي منهم كثيرًا وكتب عنهم، شُوور في الأحكام ببلده ثم خطب به وقتًا، وقال لي: إن مولده سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
 
قلت: حدث عنه ابن بشكوال والوزير أبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز التجيبي البلنسي وأحمد بن أبي المطرف البلنسي وأحمد بن سلمة اللورقي ومحمد بن أبي الحسن بن هذيل وآخرون. وله جزء لطيف في أسماء الحفاظ، عاش خمسًا وستين سنة رأيت برنامجه وفيه كتب كبار كثيرة من مروياته.
 
أخبرنا أبو الحسين اليونيني أنا أبو الخطاب عمر بن حسين الكلبي أنا القاضي أبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز التجيبي ثنا الحافظ أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز اللخمي قال: الطبقة الأولى من أئمة المحدثين محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. قلت: فبدأ به إلى أن ختم الجزء بأبي طاهر السلفي. توفي ابن الدباغ في سنة ست وأربعين وخمسمائة كالذي قبله، وأعلى شيء عنده الموطأ قرأه على الخولاني في حدود سنة إحدى وخمسمائة بسماعه من عثمان بن أحمد القشطالي صاحب أبي عيسى بن عبد الله الليثي وسمع من ابن سكرة الصحيحين وسنن الدارقطني والموطأ وسنن أبي داود والعلل للدارقطني ومائة جزء من مسند يعقوب السدوسي ومسند البزار في تسعين جزءًا وجامع الترمذي وغير ذلك، الجميع سمعه من أبي علي حتى إنه سمع منه كتاب الغريبين للهروي والسنن للباجي ومعجم ابن قانع ومعظم تاريخ ابن أبي خيثمة، وسمع النسائي من ابن عتاب ومسند أبي بكر بن أبي شيبة سمعه من يونس بن مغيث. فأنبأني أحمد بن سلامة عن أبي جعفر أحمد بن علي القرطبي قال: أنا أبو الوليد بن الدباغ سماعًا لجميع الموطأ بقراءة أبي قال: قرأته على الخولاني بسنده، والكتاب سماع التاج بن أبي جعفر سمعه منه المحدث أبو محمد الحرائري.
 
1088- 10/16
 
===السبحي===
 
الحافظ الإمام محدث مرو وخطيبها أبو طاهر محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن أبي سهل المروزي السبحي.
 
مولده بقرية سبح الكبيرة في حدود سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وسمع الكثير ورحل وتفقه أولا على العلامة أبي المظفر السمعاني وعبد الرحمن الزاز؛ قال أبو سعد السمعاني: كان إمامًا ورعًا متهجدًا متواضعًا سريع الدمعة، سمع إسماعيل بن محمد الزاهري ومحمد بن علي الشاشي الفقيه وعلي بن أحمد المديني الأخرم ونصر الله بن أحمد الخشنامي والشريف محمد بن عبد السلام الأنصاري وثابت بن بندار البقال وجعفر بن أحمد السراج وأبا البقاء المعمر بن محمد الحبال والحافظ أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه الأصبهاني وأبا سعد المطرز وعبد الرحمن بن أحمد الدوني وطبقتهم بخراسان وبغداد والكوفة والحجاز وأصبهان، وكان رفيق والدي في الرحلة ومن أخص أصحابه نسخ لنفسه ولغيره، وله معرفة بالحديث وهو ثقة دين قانع بما هو فيه كثير التلاوة حج مع والدي وسمعت من لفظه الكثير وكان يلي الخطابة في الجامع الأقدم.
 
قلت: سمع منه عبد الرحيم بن أبي سعد مع والده "صحيح مسلم" و"النسائي" و"الرقاق" لابن المبارك و"الحلية" لأبي نعيم والأحاديث الألف لشيخه أبي المظفر السمعاني، مات في شوال سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' شيخ الصوفية بمرو الخطيب أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكشميهني خاتمة من روى عن أبي الخير محمد بن عمران الروزي صحيح البخاري، وشيخ بغداد القدوة المعمر أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن أحمد بن الطلاية، ومفيد بغداد الإمام أبو الفرج عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف اليوسفي عن أربع وثمانين سنة، والمحدث الصادق أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل الكروجي الهروي المجاور، والمسند أبو المعالي الفضل ابن المحدث سهل بن بشر الأسفراييني ثم الدمشقي الملقب بالأثير، والمسند أبو طالب محمد بن عبد الرحمن بن محمد الحيري الكنجرودي النيسابوري الجزباراني عن ست وثمانين سنة، ومسند بغداد أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن أبي شريك الحاسب صاحب ابن النقور، وبركة والشام القدة أبو الحسين بن أبي عبد الله بن حمزة الزاهد المقدسي بحلب، والمسند أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود السوسي بدمشق، وشاعر العصر العلامة أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير بن خالد القيسراني، والأديب البارع أبو الحسين أحمد بن منير بن أحمد الطرابلسي الرفاء الشاعر المحسن، والعلامة أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني صاحب الملل والنحل ومفتي خراسان الإمام أبو سعد محمد بن يحيى بن أبي منصور الشافعي النيسابوري ميحي الدين تلميذ الغزالي، فسبحانه ورث الأرض ومن عليها.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله بقراءتي عن عبد الرحيم بن عبد الكريم أنا أبو طاهر السبحي أنا فقيه الشاش أبو بكر محمد بن علي بن حامد قدم علينا أنا أبو الفضل الكاغذي أنا الهيثم بن كليب ثنا أبو قلابة ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من سألكم فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه".
 
1089- 11/16
 
===كوتاه===
 
الحافظ الإمام المفيد أبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الأصبهاني الملقب بكوتاه.
 
سمع أبا بكر بن ماجه الأبهري ورزق الله التميمي والرئيس أبا عبد الله الثقفي وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني وطبقتهم فأكثر.
 
قال أبو موسى المديني: أوحد وقته في علمه مع حسن طريقته وتواضعه، حدثنا لفظًا وحفظًا على منبر وعظه سنة سبع عشرة، وقال لي: ولدت سنة ست وسبعين وأربعمائة.
 
قال السمعاني: هو من أولاد المحدثين حسن السيرة مكرم للغرباء فقير قنوع صحب والدي مدة مقامه بأصبهان وسمع بقراءته الكثير، وله معرفة بالحديث وهو من مقدمي أصحاب شيخنا إسماعيل الحافظ حضرت مجلس أماليه، وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه ثناء حسنًا ويفخم أمره ويصفه بالحفظ والإتقان. قلت: وسمع بنيسابور من عبد القاهر الشيروي، وببغداد من طائفة، وكان يقول: ينزل بذاته فهجره شيخه إسماعيل لإطلاق هذه العبارة، وقد روى عنه الحافظ ابن عساكر والحافظ يوسف الشيرازي، وبالإجازة كريمة الزبيرية.
 
أنبئونا عمن سمع أبا سعد الحافظ ثنا عبد الخالق بن زاهر ثنا صاعد بن سنان الحافظ ثنا عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بمدينة النبي {{صلل}} أنا روح بن محمد أنا أبو الحسن الجرجاني أنا ابن خُرَّزاد ثنا علي بن روحان ثنا أحمد بن سنان سمعت شيبان بن يحيى يقول: ما أعلم طريقًا إلى الجنة أقصد ممن يسلك طريق الحديث. وقد بقيت كريمة بعد صاعد مائة وعشرين سنة، وهذا يدخل في فن السابق واللاحق.
 
أخبرنا محمد بن الحسن الفقيه أخبرتنا كريمة أنا عبد الجليل بن محمد في كتابه أنا رزق الله بن عبد الوهاب أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب ثنا صالح بن موسى ثنا يحيى بن يحيى قرأت على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله {{صلل}} قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة المغرب، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون". <ref> رواه البخاري في المواقيت باب 16. ومسلم في المساجد حديث 210. والنسائي في الصلاة باب 21. والموطأ في السفر حديث 82.</ref>
 
توفي كوتاه الحافظ بأصبهان في شعبان سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' مسند زمانه الإمام أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي ببغداد عن خمس وتسعين سنة، والمسند أبو الحسن علي ابن عساكر بن سرور الدمشقي الخشاب بدمشق، والعلامة أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور بن الصفار النيسابوري، ومقرئ واسط وإمام جامعها أبو الفتح المبارك بن أحمد بن زريق الحداد الواسطي، والمسند الأديب أبو المحاسن مسعود بن محمد بن غانم الهروي وله إجازة القشيري.
 
1090- 12/16
 
===السمعاني===
 
الحافظ البارع العلامة تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم ابن الحافظ تاج الإسلام معين الدين أبي بكر محمد ابن العلامة المجتهد أبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر التميمي السمعاني المروزي، صاحب التصانيف.
 
ولد في شعبان سنة ست وخمسمائة وحمله والده إلى نيسابور في آخر سنة تسع فلحق بحضوره المعمر عبد الغفار بن محمد الشيرازي، وعبيد بن محمد القشيري وعدة، وحضر بمرو على أبي منصور محمد بن علي نافلة الكراعي، فمات أبوه سنة عشر وتربى مع أعمامه وأهله وحفظ القرآن والفقه ثم حبب إليه هذا الشأن وعني به ورحل إلى الأقاليم النائية؛ وسمع من أبي عبد الله الفراوي وزاهر الشحامي وطبقتهما بنيسابور، والحسين بن عبد الملك الخلال وسعيد بن أبي الرجاء وطبقتهما بأصبهان، وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وطبقته ببغداد، وعمر بن إبراهيم العلوي بالكوفة، وأبي الفتح المصيصي بدمشق، وببخارى وسمرقند وبلخ؛ وعمل المعجم في عدة مجلدات، وكان ذكيًّا فهمًا سريع الكتابة مليحها درس وأفتى ووعظ وأملى وكتب عمن دب ودرج، وكان ثقة حافظًا حجة واسع الرحلة عدلًا دينًا جميل السيرة حسن الصحبة كثير المحفوظ.
 
قال ابن النجار: سمعت من يذكر أن عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ وهذا شيء لم يبلغه أحد، وكان مليح التصانيف كثير النشوار والأناشيد لطيف المزاح ظريفًا حافظًا واسع الرحلة ثقة صدوقًا دينًا سمع منه مشايخه وأقرانه وحدثنا عنه جماعة. قلت: روى عنه ولده عبد الرحيم مفتي مرو وأبو القاسم ابن عساكر وابنه القاسم وعبد الوهاب ابن سكينة وعبد الغفار بن منينا وأبو روح عبد العزيز بن محمد الهروي وأبو الضوء شهاب الشذباني والافتخار عبد المطلب الحلبي وأبو الفتح محمد بن محمد الصائغ وخلق.
 
ذكر تصانيفه: نقل أسماءها ابن النجار من خطه، منها "الذيل" على تاريخ الخطيب أربعمائة طاقة، "تاريخ مرو" خمسمائة طاقة، "أدب الطلب" مائة وخمسون طاقة، "الإسفار عن الأسفار" خمس وعشرون طاقة، "الإملاء والاستملاء" خمس عشرة طاقة، "معجم البلدان" خمسون طاقة، "معجم الشيوخ" ثمانون طاقة، "تحفة المسافر" مائة وخمسون طاقة، "الهداية" خمس وعشرون طاقة، "عز العزلة" سبعون طاقة، "الأدب واستعمال الحسب" خمس طاقات، "المناسك" ستون طاقة، "الدعوات" أربعون طاقة، "الدعوات النبوية" خمس عشرة طاقة، "غسل اليدين" خمس طاقات، "أفانين البساتين" خمس عشرة طاقة، "دخول الحمام" خمس عشرة طاقة، "صلاة التصبيح" عشر طاقات، "التحايا" ست طاقات، "تحفة العيد" ثلاثون طاقة، "فضل الديك" خمس طاقات، "الرسائل والوسائل" خمس عشرة طاقة، "صوم البيض" خمس عشرة طاقة، "سلوة الأحباب" خمس طاقات، "التحبير في المعجم الكبير" ثلاثمائة طاقة، "فرط الغرام إلى ساكني الشام" خمس عشرة طاقة، "مقام العلماء بين يدي الأمراء" إحدى عشرة طاقة، "المسارات والمصافحة" ثلاث عشرة طاقة، "ذكرى حبيب رحل، وبشرى مشيب نزل" عشرون طاقة، "الأمالي الخمسمائة" مائتا طاقة، ""فوائد الموائد" مائتا طاقة، "فضل الهر" ثلاث طاقات"، "ركوب البحر" سبع طاقات، "الهريسة" ثلاث طاقات، "وفيات المتأخرين" خمس عشرة طاقة، ""الأنساب" ثلاثمائة وخمسون طاقة"، "الأمالي" ستون طاقة، "بخار بخور البخاري" عشرون طاقة، "تقديم الجفان إلى الضيفان" سبعون طاقة، "صلاة الضحى" عشر طاقات، "الصدق في الصداقة"، "الريح في التجارة"، "رفع الارتياب عن كتابة الكتاب" أربع طاقات، "النزوع إلى الأوطان" خمس وثلاثون طاقة، "تخفيف الصلاة" في طاقتين، "لفتة المشتاق إلى ساكن العراق" أربع طاقات، "من كنيته أبو سعد" ثلاثون طاقة، "فضائل الشام" في طاقتين، "فضل ياسين" في طاقتين.
 
وقد ذهب أبو سعد إلى بيت المقدس وزاره والنصارى يومئذ ولاته، وذكر في كتاب التحبير تراجم شيوخه فأفاد وأجاد طالعته، مات في ربيع الأول في أوله سنة اثنتين وستين وخمسمائة بمرو، وله ست وخمسون سنة.
 
'''وفيها مات''' مسند هراة أبو محمد عبد الجليل بن أبي سعد المعدل راوي جزء بيبي الهرثمية عنها، وخطيب دمشق وفقيهها أبو البركات الخضر بن شبل بن عبد الحارثي الشافعي عن ست وسبعين سنة، ومسند سجستان الإمام أبو عروية عبد الهادي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مأمون السجستاني الذي ارتحل إليه عبد القادر الرهاوي، وفقيه دمشق وفرضيها جمال الأئمة علي بن الحسين بن الحسن بن الماسح الكلابي عن أربع وسبعين سنة، ومحدث المشرق المعمر أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي ثم البلخي الفقيه عن سبع وثمانين سنة، والشيخ أبو عاصم قيس بن محمد السويقى بأصبهان لقي في حجه أبا الحسن بن العلاف، وواعظ مصر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن ثابت الكيزاني، ومسند بغداد أبو المعالي محمد بن محمد بن محمد بن الحباب اللحاس الحريمي العطار وله سماع في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، والشيخ أبو طالب المبارك بن علي بن خضير الصيرفي ببغداد، والمسند أبو الفضل المبارك بن المبارك بن صدقة السمسار سمع من طراد، والمسند أبو محمد عبد الواحد بن الحسين بن البارزي ببغداد سمع النعالي وعدة، والمسند أبو الحسن علي بن مهدي الهلالي الطيب بدمشق، ومسند العراق أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن هلال الدقاق عن إحدى وتسعين سنة، ومسند الوقت الرئيس أبو الفرج مسعود بن الحسن بن القاسم بن الفضل الثقفي الأصبهاني في رجب عن مائة سنة.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنا عبد المعز بن محمد إجازة أنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد أنا عبد الغافر بن محمد حضورًا أنا أبو بكر الحيري ثنا أبو العباس المعقلي ثنا زكريا بن يحيى ثنا ابن عيينة عن الزهري عن أنس قال: قال رجل: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال: "ما أعددتَ لها؟" فلم يذكر كبيرًا إلا أنه يحب الله ورسوله، قال: "فأنت مع من أحببتَ".
 
1091- 13/16
 
===معمر بن عبد الواحد===
 
بن رجاء بن عبد الواحد بن محمد بن الفاخر الحافظ الإمام مفيد أصبهان، أبو أحمد القرشي العبشمي السمري الأصبهاني المعدل الواعظ.
 
ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وسمع أبا الفتح أحمد بن محمد الحذاء وأبا المحاسن الروياني الفقيه وغانمًا البرجي وأبا علي الحداد وطبقتهم، وارتحل إلى بغداد فسمع أبا القاسم بن الحصين وأبا العز بن كادش وقاضي المرستان، وارتحل إلى بغداد سبع مرات وأسمع بها أولاده.
 
حدث عنه أبو سعد السمعاني وابن الجوزي والحافظ عبد الغني وابن قدامة والسهروردي وعمر بن جابر وابن الأخضر وأبو الحسن بن المقير وآخرون؛ وروى عنه بالإجازة الرشيد بن مسلمة؛ قال السمعاني: شاب كيس حسن العشرة سخي النفس متودد قاضٍ للحوائج أكثر ما سمعت بأصبهان كان بإفادته يدور معي من بكرة إلى الليل، شكر الله سعيه، ثم كان ينفذ إلي الأجزاء لأكتبها ويكتب لي وفاة الشيوخ وحدثني بجزء انتقاه لي عن شيوخه.
 
قال ابن الجوزي: كان معمر من الحفاظ الوعاظ له معرفة حسنة بالحديث كان يخرج ويملي سمعت منه بالمدينة النبوية. وقال ابن النجار: كان سريع الكتابة موصوفًا بالحفظ والمعرفة والصلاح والثقة والورع والمروءة، صنف كثيرًا في الحديث والتواريخ والمعاجم وكان معظمًا بأصبهان ذا قبول ووجاهة، مات ببادية الحجاز في ذي القعدة سنة أربع وستين وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' الواعظ أبو الحسن سعد الله بن نصر بن الدجاجي البغدادي المقرئ، والعالم المحدث الجوال أبو محمد عبد الخالق بن أسعد الدمشقي الحنفي صاحب المعجم، ومسند قرطبة أبو مروان عبد الرحمن بن محمد بن قزمان الفقيه عن خمس وثمانين سنة، وشيخ القراء العلامة القدوة أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل البلنسي عن ثلاث وتسعين سنة، وقاضي دمشق الإمام زكي الدين علي ابن القاضي المنتخب محمد بن الزكي بن يحيى بن علي بن عبد العزيز القرشي الشافعي عن سبع وخمسين سنة ببغداد بعد حجه، ومسند بغداد أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد البطي الحاجب عن سبع وثمانين سنة، وزاهد العراق أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الفارقي العارف.
 
أخبرنا العز بن الفراء بدمشق والعماد عبد الحافظ بنابلس قالا: ثنا الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ست عشرة وستمائة أنا معمر بن عبد الواحد أنا أبو الفتح الحداد أنا ابن عبدكويه أنا الطبراني ثنا علي بن عبد العزيز ثنا القعنبي ثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لله أشد فرحًا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها". <ref> رواه البخاري في الدعوات باب 3. ومسلم في التوبة حديث 1-8. والترمذي في القيامة باب 49.</ref>
 
1092- 14/16
 
===أبو الخير===
 
الحافظ المتقن عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن حمدان بن موسى الأصبهاني.
 
قال ابن النجار: كان من حفاظ الحديث، سمعت جماعة من أصبهان يقولون: إنه كان يحفظ الصحيحين، وكانوا يفضلونه على الحافظ أبي موسى بالحفظ. قال ابن النجار: سمع الكثير وقرأ بنفسه وكتب، وكان موصوفًا بالفضل ومعرفة الحديث قدم بغداد في شبابه وفي كبره، حدث عن غانم بن محمد البرجي وأبي علي الحداد وجعفر الثقفي ومحمد بن عبد الواحد الدقاق وعبد الواحد بن محمد الدشنج وهبة الله بن الحصين وأبي العز بن كادش وخلق، أملى بجامع القصر باستملاء شيخنا ابن الأخضر وسألته عنه فأثنى عليه ووصفه بالحفظ والمعرفة وقال: كانوا يفضلونه على معمر بن الفاخر. قلت: وحدث عنه الحافظ عبد الغني والشيخ الموفق.
 
قال ابن النجار: أخرج لي شيخنا أبو عبد الله الحنبلي بأصبهان محضرًا في أبي الخير بن موسى وطلب من المشايخ أن يكتبوا حاله فيه، ففيه خط إسماعيل بن محمد الحافظ وأبي نصر الغازي ومحمد بن أبي نصر اللفتواني وأبي مسعود كوتاه وغيرهم كلهم شهدوا أنه لا يحتج بنقله ولا يقبل قوله ولا يوثق به في ديانته وسوء سيرته.
 
وقرأت في جزء بخط عبيد الله بن محمد بن عبد اللطيف الخُجندي سؤالا سأله الحافظ أبو موسى المديني عن إجازات البغداديين لمسعود بن الحسن الثقفي وهم ابن المأمون وأبو الحسين بن المهتدي بالله وأبو بكر الخطيب وابن النقور وتمام العشرة الذين نقلهم عبد الرحيم بن موسى وأحال على مواضع فطلبت فلم توجد وتكلم الناس في ذلك وسأله أيضًا عن إجازات ابن هاجر، وكتب أبو موسى الجواب: اغترت الأغرار بهذه الإجازات وضيعوا أوقاتهم في القراءة بها وبتسويف المدعي لها بإظهارها إلى أن تحقق بطلانها بعد طول المدة، والرجوع إلى الحق أولى، فمن قرأ بإجازة هؤلاء على الرئيس فقد ضل سعيه وخاب أمله وبطل عمله، وقد أشهد الرئيس على نفسه ببطلان بعضها. قرأت بخط الحافظ الضياء سمعت الإمام عبد الله الجبائي يقول: كان أبو الخير يحفظ البخاري ويقول: من أراد أن يقرأ الإسناد حتى أقرأ المتن ومن أراد أن يقرأ المتن حتى أقرأ أنا الإسناد. ولد أبو الخير في صفر سنة خمسمائة، ومات في شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' مسند القراء أبو الفضل أحمد بن محمد بن سنيف الدارقزي، وجعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني، وملك النجاة أبو نزار الحسن بن صافي؛ ومسند أصبهان أبو جعفر محمد بن الحسن بن الحسين الصيدلاني.
 
قرأت على عبد الحافظ بن بدران أخبركم عبد الله بن أحمد الفقيه أنا أبو الخير عبد الرحيم بن محمد أنا أبو علي الحداد أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر النردي أنا محمد بن إسحاق الحافظ وعلي بن أحمد بن هارون قالا: أنا محمد بن يعقوب أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا ابن وهب أخبرني سفيان الثوري سمع أيمن بن نابل يحدث أن قدامة بن عبد الله قال: رأيت رسول الله {{صلل}} يرمي الجمرة لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك لفظ على الأردستاني.
 
وقرأت بخط الشيخ الضياء: سمعت الإمام أبا عبد الله محمد بن سعيد بأصبهان يقول: أرسل إليّ ابن الحافظ أبي العلاء من همذان يسألني عن أبي الخير بن موسى: أيش صح عندك فيه من أجل الجرح؟ فأرسلت: عندي درج فيه تعديله، والتعديل والله أعلم أقرب. ثم قال: لأنه تكلم فيه أبو موسى الحافظ من أجل إجازات الرئيس مسعود فحسب، وقال: جاء الحافظ أبو موسى إلى جدي يعني المصلح فقال: تتكلم في أبي الخير؟ قال: لا أفعل، أو قال: لم يتبين لي جرحه، إنه يتتبع أمالي يعني غلطه.
 
1093- 15/16
 
===أبو العلاء الهمذاني===
 
الحافظ العلامة المقرئ شيخ الإسلام الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل العطار شيخ همذان.
 
مولده سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، قرأ بالروايات على أبي علي الحداد وأكثر عنه ولازمه مدة، وعلى مقرئ واسط أبي العز القلانسي وأبي عبد الله البارع وأبي بكر المزرفي وطائفة، وسمع من أبي القاسم بن بيان وأبي علي بن نبهان وابن الحصين وخلائق ببغداد، وأبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وطائفة بنيسابور؛ ثم رحل ثاني مرة إلى بغداد فأسمع ابنه، ثم قدم بعد الثلاثين وخمسمائة فأكثر، ثم بعد عام أربعين؛ قرأ عليه بالروايات أبو أحمد ابن سكينة وأبو الحسن بن الدباس ومحمد بن محمد بن الكيّال؛ وحدث عنه أبو المواهب بن صصرى والحافظ عبد القادر والحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي ومحمد بن محمود الحمامي، ومحمد والقاضي علي والقاضي عبد الحميد بنو ابن بنيمان، وهم أسباطه، وآخرون وخاتمة أصحابه بالإجازة أبو الحسن بن المقير.
 
قال أبو سعد السمعاني: حافظ متقن ومقرئ فاضل حسن السيرة مرضي الطريقة عزيز النفس سخي بما يملكه مكرم للغرباء يعرف القراءات والحديث والأدب معرفة حسنة سمعت منه.
 
وقال عبد القادر الحافظ: شيخنا أبو العلاء أشهر من أن يعرف بل تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة على ما بلغنا من السير، أربى على أهل زمانه في كثرة السماعات مع تحصيل أصول ما سمع، وجودة النسخ وإتقان ما كتبه بخطه، ما كان يكتب شيئًا إلا منقطًا معربًا، وأول سماعه من عبد الرحمن بن محمد الدوني في سنة خمس وتسعين وأربعمائة، برع على حفاظ عصره في حفظ ما يتعلق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسير، ولقد كان يومًا في مجلسه فجاءته فتوى في عثمان {{عنه}} فكتب من حفظه ونحن جلوس درجًا طويلًا في إخباره، وله تصانيف منها "زاد المسافر" في خمسين مجلدًا، وكان إمامًا في القرآن وعلومه وحصل من القراءات ما أنه صنف فيه العشرة، والمفردات، وصنف في الوقف والابتداء وفي التجويد والماءات والعدد ومعرفة القراء وهو نحو من عشر مجلدات، استحسنت تصانيفه وكتبت ونقلت إلى خوارزم وإلى الشام. وبرع عنده جماعة كثيرة في القراءات، وكان إذا جرى ذكر القراء يقول: فلان مات عام كذا، مات فلان في سنة كذا، وفلان يعلو إسناده على فلان بكذا.
 
وكان إمامًا في النحو واللغة، سمعت أن من جملة ما حفظ "كتاب الجمهرة" وخرج له تلامذة في العربية أئمة يقرءون بهمذان، وبعض أصحابه رأيته، فكان من محفوظاته كتاب "الغريبين" للهروي، إلى أن قال: وكان مهينًا للمال باع جميع ما ورثه وكان من أبناء التجار فأنفقه في طلب العلم حتى سافر إلى بغداد وأصبهان مرات ماشيًا يحمل كتبه على ظهره.
 
سمعته يقول: كنت أبيت ببغداد في المساجد وآكل خبز الدخن. وسمعت أبا الفضل بن بنيمان الأديب يقول: رأيت أبا العلاء في مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم؛ لأن السراج كان عاليًا، إلى أن قال: فعظم شأنه في القلوب حتى إن كان يمر في همذان فلا يبقى أحد رآه إلا قام ودعا له حتى الصبيان واليهود.
 
وربما كان يمضي إلى بلدة مشكان يصلي بها الجمعة فيتلقاه أهلها خارج البلد، المسلمون على حدة واليهود على حدة يدعون له إلى أن يدخل البلد، وكان يفتح عليه من الدنيا جمل فلم يدخرها بل ينفقها على تلامذته وكان عليه رسوم لأقوام وما كان يبرح عليه ألف دينار همذانية أو أكثر من الدين مع كثرة ما كان يفتح عليه.
 
وكان يطلب لأصحابه من الناس ويعز أصحابه ومن يلوذ به ولا يحضر دعوة حتى يحضر جماعة أصحابه، وكان لا يأكل من أموال الظلمة ولا يقبل منهم مدرسة قط ولا رباطًا وإنما كان يقرئ في داره ونحن في مسجده سكان، وكان يقرئ نصف نهاره الحديث ونصفه القرآن والعلم، وكان لا يغشى السلاطين ولا تأخذه في الله لومة لائم ولا يمكن أحدًا يعمل في مجلس منكر ولا سماعًا فكان ينزل كل إنسان منزلته حتى تألفت القلوب على محبته وحسن الذكر له في الآفاق البعيدة حتى أهل خوارزم الذين هم معتزلة مع شدته في الحنبلية.
 
وكان حسن الصلاة ولم أر أحدًا من مشايخنا أحسن صلاة منه، وكان متشددًا في أمر الطهارة لا يدع أحدًا يمس مداسه، وكان ثيابه قصارًا وأكمامه قصارًا وعمامته نحو سبع أذرع، وكانت السنة شعاره ودثاره اعتقادًا وفعلًا بحيث إنه كان إذا دخل مجلسه رجل فقدم رجله اليسرى كلفه أن يرجع فيقدم اليمنى، لا يمس الأجزاء إلا على وضوء، ولا يدعو شيئًا قط إلا مستقبل القبلة تعظيمًا لها، إلى أن قال: سمعت من أثق به عن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي أنه قال في الحافظ أبي العلاء لما دخل نيسابور: ما دخل نيسابور مثلك.
 
وسمعت الحافظ أبا القاسم علي بن الحسن يقول، وذكر رجلا من أصحابه رحل: إن رجع ولم يلق الحافظ أبا العلاء ضاعت رحلته.
 
مات أبو العلاء في جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' المسند النقيب أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر العلوي ببغداد، وأبو الحسن دهبل بن علي بن كارة الحريمي الحنبلي سمع الحسين بن البُسري، وشيخ العربية أبو محمد سعيد بن المبارك بن الدهان البغدادي، والمسند أبو محمد عبد الله بن هبة الله بن محمد بن النرسي، ومسند المغرب أبو الحسن علي بن أحمد بن أبي بكر بن حنين الكتاني القرطبي ثم الفاسي عن ثلاث وتسعين سنة وملك الشام العادل نور الدين محمود بن زنكي التركي.
 
أخبرنا أبو سعيد صبيح بن عبد الله فنى صواب بمصر أنا علي بن أبي عبد الله النجاد أنا أبو العلاء الهمذاني مكاتبة أنا أبو علي المقرئ أنا أبو نعيم الحافظ ثنا أحمد بن خلاد ثنا محمد بن غالب ثنا القعنبي عن مالك عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد أو عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل..." <ref> رواه البخاري في الأذان باب 26. ومسلم في الزكاة حديث 91. والترمذي في الزهد باب 53. والموطأ في الشعر حديث 14.</ref> وذكر الحديث.
 
أخبرنا أحمد بن إسحاق أنا نصر بن عبد الرزاق ببغداد أنبأنا الحافظ أبو العلاء الهمذاني أنا أبو علي محمد بن محمد الهاشمي أنا عبد الله بن عمر أنا أبو بحر محمد بن الحسن أنا علي بن الفضل الواسطي أنا يزيد بن هارون أنا أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي عن ربعي عن حذيفة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "المعروف كله صدقة، وإن آخر ما تعلق به الجاهلية من كلام النبوة: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت". <ref>انظر البخاري في الأدب باب 78. وسنن أبي داود في الأدب باب 6. وابن ماجه في الزهد باب 17. والموطأ في السفر حديث 14.</ref>
 
1094- 16/16
 
===ابن عساكر===
 
الإمام الحافظ الكبير محدث الشام فخر الأئمة ثقة الدين، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشافعي، صاحب التصانيف والتاريخ الكبير.
 
ولد في أول سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وسمع في سنة خمس وخمسمائة باعتناء أبيه وأخيه الإمام ضياء الدين هبة الله؛ فسمع أبا القاسم النسيب وقوام بن زيد وسبيع بن قيراط وأبا طاهر الحنائي وأبا الحسن بن الموازيني وطبقتهم بدمشق، ورحل في سنة عشرين فسمع أبا القاسم بن الحصين وأبا الحسن الدينوري وأبا العز بن كادش وأبا غالب بن البناء وأبا عبد الله البارع وقاضي المرستان وطبقتهم ببغداد، وعبد الله بن محمد الغزال بمكة، وعمر بن إبراهيم الزيدي بالكوفة، وأبا عبد الله الفراوي وهبة الله ابن السيدي وعبد المنعم بن القشيري وطبقتهم بنيسابور، وسعيد بن أبي الرجاء والحسين عبد الملك الخلال وطبقتهما بأصبهان، ويوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد بمرو، وتميم بن أبي سعيد الجرجاني وطبقته بهراة؛ وعمل الأربعين البلدانية، وعدد شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ، ونيف وثمانون امرأة.
 
سمع منه معمر بن الفاخر وأبو العلاء الهمذاني وأبو سعد السمعاني والكبار وحدث عنه ولده القاسم وأبو جعفر القرطبي وزين الأمناء أبو البركات ابن عساكر وأخوه الشيخ فخر الدين وابن أخيه عز الدين النسابة والحافظ عبد القادر الرهاوي وأبو القاسم بن صصرى ويونس بن محمد الفارقي الخطيب وأبو نصر الشيرازي ومحمد ابن أخي أبي البيان وأبو إسحاق إبراهيم بن الخشوعي وعبد العزيز أخوه ويونس بن منصور السقباني ومحمد بن رومي الجرداني ومحمد بن غسان الحمصي والمسلم بن أحمد المازني وذاكر الله الشعيري وعبد الرحمن بن راشد البيت سوائي وعمر بن عبد الوهاب بن البراذعي وعتيق السلماني والشيخ بهاء الدين علي بن الجميزي ورشيد الدين بن مسلمة وسديد الدين مكي بن علان وخلق كثير.
 
وقد روى عنه أبو سعد السمعاني ومات قبل ابن علان بسبعين سنة. عمل "تاريخ دمشق" في ثمانين مجلدًا، و"الموافقات" في ست مجلدات، و"الأطراف الأربعة" أربع مجلدات، و"عوالي مالك" في خمسين جزءًا، و"غرائب مالك" عشرة أجزاء، و"المعجم" مجلد، و"مناقب الشبان" خمسة عشر جزءًا، و"فضل أصحاب الحديث" مجلد، و"السباعيات" سبعة أجزاء، و"تبيين كذب المفتري" مجلد، و"فضل الجمعة" أربعة أجزاء، و"الأربعين الطوال" ثلاثة أجزاء، و"عوالي شعبة" مجلد، و"الزهادة في الشهادة" مجلد، و"عوالي الثوري" مجلد، و"أربعي الجهاد"، و"أربعي البلدان"، و"أربعي المساواة"، و"مسند أهل داريا" مجلد، و"من وافقت كنيته كنية زوجته" مجيليد، و"شيوخ النبل" مجلد، و"حديث أهل صنعاء الشام" مجيليد، و"حديث أهل البلاط" كذلك، و"فضل عاشوراء" ثلاثة أجزاء، و"كتاب الزلازل" ثلاثة أجزاء، و"المصاب بالولد" جزءان، و"قبض العلم" جزء، و"فضل مكة"، و"فضل المدينة"، و"فضل القدس"، و"فضل عسقلان"، "وتاريخ المزة"، و"فضل الربوة" و"فضل مقام إبراهيم"، و"جزء الحميريين" و"جزء كفر سوسية"، و"جزء كفر بطنا"، و"جزء المنيحة"، و"سعد"، و"عدة أجزاء القرى" هكذا، و"جزء حديث الهبوط"، و"الجواهر في الأبدال" ثلاثة أجزاء؛ وأملى في أبواب العلم أربعمائة مجلس وثمانية، وخرج لجماعة منهم رفيقه أبو سعد السمعاني، خرج له "أربعين المصافحات"، وللفراوي "أربعين مساواة" وعمل بعض "كتاب الأبدال" لنفسه ولو تم لجاء في عشرين مجلدًا.
 
قال السمعاني: أبو القاسم حافظ ثقة متقن دين خير حسن السمت جمع بين معرفة المتن والإسناد وكان كثير العلم غزير الفضل صحيح القراءة متثبتًا رحل وتعب وبالغ في الطلب وجمع ما لم يجمعه غيره وأربى على الأقران، دخل نيسابور قبلي بشهر، سمعت معجمه والمجالسة للدينوري، كان قد شرع في التاريخ الكبير لدمشق.
 
قال ابن الحاجب فيما قرأت بخطه: حدثني زين الأمناء قال: حدثني ابن القزويني عن والده مدرس النظامية أبي الخير قال: حكى لنا الفراوي قال: قدم ابن عساكر فقرأ علي ثلاثة أيام فأكثر وأضجرني وآليت على نفسي أن أغلق بابي، فلما أصبحنا قدم علي شخص فقال: أنا رسول رسول الله {{صلل}} إليك؛ قلت: مرحبًا بك، فقال: قال لي في النوم: "امض إلى الفراوي وقل له: قدم بلدكم رجل شامي أسمر اللون يطلب حديثي، فلا تمل منه".
 
قال القزويني: فوالله ما كان الفراوي يقوم حتى يقوم الحافظ. وقال المحدث بهاء الدين القاسم: كان أبي {{رحمه}} مواظبًا على الجماعة والتلاوة، يختم كل جمعة ويختم في رمضان كل يوم ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحيي ليلة النصف والعيدين بالصلاة والذكر، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب.
 
قال لي: لما حملت بي أمي قيل لها في منامها: تلدين غلامًا يكون له شأن. وحدثني أن أباه رأى رؤيا معناها يولد لك ابن يحيي الله به السنة، وحدثني أنه كان يقرأ على شيخ فقال: قدم علينا أبو علي ابن الوزير فقلنا: ما رأينا مثله. ثم قدم علينا ابن السمعاني فقلنا: ما رأينا مثله، حتى قدم علينا هذا فلم نر مثله.
 
قال سعد الخير: ما رأيت في سن ابن عساكر مثله.
 
قال القاسم ابن عساكر: سمعت التاج المسعودي يقول: سمعت أبا العلاء الهمذاني يقول لرجل استأذنه في الرحلة قال: إن عرفت أحدًا أفضل مني فحينئذ آذن لك أن تسافر إليه، إلا أن تسافر إلى ابن عساكر فإنه حافظ كما يجب.
 
وحدثني أبو المواهب بن صصرى قال: لما دخلت همذان قال لي الحافظ أبو العلاء: أنا أعلم أنه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو خالق الناس ومازجهم كما أصنع إذًا لاجتمع عليه الموافق والمخالف. وقال لي يومًا: أي شيء فتح له؟ وكيف الناس له؟ قلت: هو بعيد من هذا كله لم يشتغل منذ أربعين سنة إلا بالجمع والتسميع حتى في نزهته وخلواته. قال: الحمد لله، هذا ثمرة العلم، إلا أنا حصل لنا هذا المسجد والدار والكتب، هذا يدل على قلة حظ أهل العلم في بلادكم ثم قال لي: ما كان يسمى أبو القاسم إلا شعلة نار ببغداد من ذكائه وتوقده وحسن إدراكه.
 
قال أبو المواهب: كنت أذاكر أبا القاسم الحافظ عن الحفاظ الذين لقيهم فقال: أما بغداد فأبو عامر العبدري، وأما أصبهان فأبو نصر اليونارتي، لكن إسماعيل بن محمد الحافظ كان أشهر. فقلت: فعلى هذا ما كان رأى سيدنا مثل نفسه؛ قال: لا تقل هذا، قال الله: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} قلت: فقد قال الله تعالى: {أَمَّا بنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} فقال: لو قال قائل: إن عيني لم تر مثلي لصدق.
 
ثم قال أبو المواهب: وأنا أقول: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في الصف الأول إلا من عذر والاعتكاف في شهر رمضان وعشر ذي الحجة وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة وأباها بعد أن عرضت عليه، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم.
 
قال لي: لما عزمت على التحديث والله المطلع أني ما حملني على ذلك حب الرياسة والتقدم بل قلت: متى أروي كل ما سمعت؟ وأي فائدة في كوني أخلفه صحائف؟ فاستخرت الله واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد وطفت عليهم فكلهم قالوا: من أحق بهذا منك؟ فشرعت في ذلك منذ ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
 
قال القاسم: حدثني أبي قال: قال لي جدي القاضي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي: اجلس إلى سارية حتى يجلس إليك؛ فلما عزمت على ذلك مرض وعجز عن المجيء. سمعت أبا الحسين علي بن محمد الحافظ، سمعت الحافظ أبا محمد المنذري يقول: سألت شيخنا أبا الحسن علي بن المفضل الحافظ عن أربعة تعاصروا: أيهم أحفظ؟ فقال: من؟ قلت: الحافظ ابن ناصر وابن عساكر؟ فقال: ابن عساكر. فقلت: الحافظ أبو موسى المديني وابن عساكر؟ قال: ابن عساكر؛ فقلت: الحافظ أبو طاهر السلفي وابن عساكر؟ فقال: السلفي شيخنا. قلت: يعني أنه ما أحب أن يصرح بتفضيل ابن عساكر بل لوّح بتفضيل شيخه بأنه شيخه، ثم أبو موسى أحفظ من السلفي مع أن السلفي من بحور الحديث وعلمائه؛ وكان شيخنا أبو الحجاج المزي يميل إلى أن ابن عساكر ما رأى حافظًا مثل نفسه.
 
قال الحافظ عبد القادر: ما رأيت أحفظ من ابن عساكر. وقال ابن النجار: أبو القاسم إمام المحدثين في وقته، انتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والثقة والمعرفة التامة وبه ختم هذا الشأن. فقرأت بخط الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه أنا أبو القاسم الدمشقي الحافظ بمنى، وكان أحفظ من رأيت من طلبة الحديث والشبان وكان شيخنا إسماعيل بن محمد الإمام يفضله على جميع من لقيناهم، قدم أصبهان ونزل في داري، وما رأيت شابا أورع ولا أحفظ ولا أتقن منه، وكان مع ذلك فقيهًا أديبًا سنيًّا جزاه الله خيرًا وكثر في الإسلام مثله وإني كثيرًا سألته عن تأخره عن المجيء إلى أصبهان فقال: لم تأذن لي أمي.
 
قال القاسم: توفي أبي في حادي عشر رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، ورئي له منامات حسنة ورثي بقصائد وقبره يزار بباب الصغير.
 
قلت: '''وفيها توفي''' شيخ شيزر العلامة مجد الدين أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد حفدة الطوسي العطاري الشافعي الأصولي الواعظ صاحب محيي السنة والغزالي، والمسند أبو حنيفة محمد بن عبيد الله الخطيبي الأصبهاني عن ثلاث وثمانين سنة، وفقيه واسط أبو جعفر هبة الله بن يحيى بن البوقي الواسطي العطار.
 
قرأت على أحمد بن هبة الله ابن تاج الأمناء أخبركم الفقيه أبو محمد عبد الجبار بن عبد الغني بن محمد الحرستاني سنة ثلاث وعشرين وستمائة أنا أبو القاسم الحافظ أنا زاهر بن طاهر أنا أبو بكر أحمد بن الحسين أنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل الصفار ثنا عبد الله بن محمد بن شاكر ثنا عفان أنا شعبة ثنا أبو إسحاق قال: اتقوا الله واعملوا خيرًا، فإنى سمعت عبد الله بن معقل يقول: سمعت عدي بن حاتم يقول: سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "اتقوا النار ولو بشق تمرة". متفق عليه من حديث شعبة وزهير بن معاوية.
 
1095- 17/16
 
===أبو موسى المديني===
 
الحافظ الكبير شيخ الإسلام محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر الأصبهاني صاحب التصانيف.
 
ولد في ذي القعدة سنة إحدى وخمسمائة وسمع حضورًا باعتناء أبيه، ثم سمع الكثير ورحل وعني بهذا الشأن، وحضوره عند أبي سعيد المطرز وهو ابن سنتين، وسمع من أبي منصور محمد بن عبد الله بن مندويه وغانم البرجى وأبي علي الحداد وأبي الفتح محمد بن عبد الله بن خوردست ومحمد بن عبد الله الشرابي بليزة وأبي الرجاء محمد بن أبي زيد ومحمد بن طاهر المقدسي الحافظ وأبي زكريا بن منده وهبة الله بن الحسن الأبرقوهي وهبة الله بن الحصين البغدادي وطبقتهم وتخرج بأبي القاسم التيمي وغيره؛ له التصانيف النافعة الكثيرة والمعرفة التامة والرواية الواسعة انتهى إليه تقدم في هذا الشأن مع علو الإسناد؛ حدث عنه أبو سعد السمعاني وأبو بكر محمد بن موسى الحازمي وعبد الغني بن عبد الواحد وعبد القادر بن عبد الله الرهاوي ومحمد بن مكي الأصبهاني وأبو نجيح محمد بن معاوية المقرئ والناصح عبد الرحمن بن الحنبلي وآخرون، وروى عنه بالإجازة عبد الله بن بركات الخشوعي وطائفة.
 
قال الدبيثي: عاش أبو موسى حتى صار أوحد وقته وشيخ زمانه إسنادًا وحفظًا. قال السمعاني: سمعت منه وكتب عني، وهو ثقة صدوق. وقال عبد القادر: حصل من المسموعات بأصبهان ما لم يحصل لأحد في زمانه وانضم إلى ذلك الحفظ والإتقان، وله التصانيف التي أربى فيها على المتقدمين مع الثقة والعفة له شيء يسير يترقح به وينفق منه ولا يقبل من أحد شيئًا قط، أوصى إليه غير واحد بمال فرده ويقال له: فرقه على من ترى، فيمتنع. وكان فيه من التواضع بحيث إنه يقرئ الصغير والكبير ويرشد المبتدئ، رأيته يحفظ الصبيان القرآن في الألواح، وكان يمنع من يمشي معه فعلت ذلك مرة معه فزبرني، وترددت إليه نحوًا من سنة ونصف فما رأيت منه ولا سمعت عنه سقطة تعاب عليه، وكان أبو مسعود كوتاه يقول: أبو موسى كنز مخفي.
 
ومن تصانيفه: كتاب "معرفة الصحابة" الذي استدرك به على أبي نعيم الحافظ، وكتاب "الطوالات" جودها ولم يسبق إلى مثلها مع كثرة ما فيها من الواهي والموضوع، وكتاب "تتمة الغريبين" يدل على براعته في لسان العرب، وكتاب "اللطائف"، وكتاب "عوالي التابعين"، وأشياء وفنون وقد عرض من حفظه كتاب "علوم الحديث" للحاكم على إسماعيل الحافظ.
 
قال الحسين بن بوحز الباوري: كنت في مدينة الخان فسألني سائل عن رؤيا فقال: رأيت كأن رسول الله {{صلل}} توفي؛ فقلت: إن صدقت رؤياك يموت إمام لا نظير له في زمانه، فإن مثل هذا المنام رئي حال وفاة الشافعي والثوري وأحمد بن حنبل. قال: فما أمسينا حتى جاءنا الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى. وعن عبد الله بن محمد الخجندي قال: لما مات أبو موسى لم يكادوا أن يفرغوا حتى جاء مطر عظيم في الحر الشديد، وكان الماء قليلًا بأصبهان.
 
قال محمد بن محمود الرويدشتي: توفي الحافظ أبو موسى في تاسع جمادى الأولى في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
 
قلت: '''وفيها توفي''' الحافظ السهيلي، والحافظ عبد الحق الأزدي، والحافظ أبو سعد محمد بن عبد الواحد الأصبهاني الصائغ عن أربع وثمانين سنة، والإمام أبو طاهر إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف الزهري العوفي الإسكندراني المالكي عن ست وتسعين سنة، والقدوة شيخ أهل حران حيوة بن قيس بن رحال الأنصاري الزاهد، والمسند أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن الحسين السبي ثم المصري الجيار ويعرف بابن نخيسة بمصر، والمسند أبو محمد عبد الرزاق بن نصر بن المسلم الدمشقي النجار عن أربع وثمانين سنة، ومسند العراق أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن نجا بن شاتيل البغدادي الدباس عن اثنتين وتسعين سنة، ومقرئ مصر أبو الجيوش عساكر بن علي بن إسماعيل الشافعي النحوي، والمحدث الإمام أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي الميانشي المجاور، ومسند دمشق أبو المجد الفضل بن الحسين بن إبراهيم الحميري المعروف بالبانياسي عن ست وثمانين سنة، والشيخ الزاهد أبو الفتح محمود بن أحمد بن علي المحمودي بن الصابوني بمصر.
 
أخبرنا محمد بن علي الصالحي أنا عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي سنة ثمان وعشرين وستمائة أنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم الحافظ أنا أبو إسحاق بن حمزة أنا عبدان. "ح" وبه إلى أبي نعيم؛ وثنا الحسين بن محمد بن رزيق الخياط ثنا محمد بن محمد بن سليمان قالا: أنا هشام بن عمار أنا صدقة بن خالد أنا عبد الرحمن بن جابر أنا عيطة بن قيس عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري أخبرني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري، والله ما كذبني، أنه سمع رسول الله {{صلل}} يقول: "ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم تروح عليهم سارحة فيأتيهم رجل لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيبيتهم الله تعالى ويضع العلم عليهم ويمسخ آخرون قردة وخنازير إلى يوم القيامة" أخرجه البخاري عن هشام عن غير سماع، وأخرجه أبو داود من طريق بشر بن بكر التنيسي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بنحوه. والمعازف اسم لكل ما يعزف به، كالطنبور والزمر والشبابة وغير ذلك من آلات الملاهي.
 
1096- 18/16
 
===الزاغولي===
 
الحافظ البركة أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن يعقوب المروزي الأرزي.
 
وزاغول قرية أو محلة من بنجدية، ذكره أبو سعد السمعاني وأنه تفقه على أبي بكر السمعاني والموفق بن عبد الكريم الهروي، وسمع من أبي الفتح نصر بن إبراهيم الحنفي ومحيي السنة البغوي وعيسى بن شعيب السجزي وغيرهم، حدث عنه أبو سعد وولده أبو المظفر.
 
قال أبو سعد: كان صالحًا خشن العيش قانعًا باليسير عارفًا بالحديث وطرقه اشتغل بطلبه وجمعه طول عمره وجمع وصنف، وكان عارفًا باللغة كتب الكثير ورحل إلى هراة وسمعت منه وبقراءته وجمع كتابًا كبيرًا أكثر من أربعمائة مجلد يشتمل على التفسير والحديث والفقه واللغة سماه "قيد الأوابد". مولده بعد السبعين وقبل الثمانين وأربعمائة. وقال أبو سعد في معجم ولده: ولد سنة اثنتين وسبعين ومات في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
 
أنبأنا أحمد بن هبة الله فيما حدث به عن عبد الرحيم بن أبي سعد أنا عبد الله الأرزي لفظًا أنا أبو الفتح الحنفي بهراة أنا محمد بن عبد الرحمن الدباس ثنا أبو علي الرفاء أنا علي بن عبد العزيز ثنا داود بن عمرو ثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله {{صلل}} يجنب وينام ولا يمس ماءً.
 
(تمت الطبقة السادسة عشرة.)
 
==الطبقة السابعة عشرة==
 
وعدتهم أربع وعشرون نفسًا:
 
1097- 117/17
 
===ابن بشكوال===
 
الحافظ الإمام المتقن، أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشْكُوال بن يوسف بن داحة الأنصاري الأندلسي محدث الأندلس ومؤرخها.
 
ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وسمع أباه وأبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب فأكثر، وأبا بحر بن العاص وأبا الوليد بن رشد الفقيه وأبا الوليد بن طريف وأبا القاسم بن بقي وشريح بن محمد والقاضي أبا بكر بن العربي وطبقتهم، وأجاز له أبو علي بن سكرة الصدفي وأبو القاسم بن منظور، ومن بغداد هبة الله بن أحمد الشبلي وآخرون، وصنف معجمًا لنفسه. قال أبو عبد الله الأبار: كان متسع الرواية شديد العناية بها عارفًا بوجوهها حجة مقدمًا على أهل وقته حافظًا حافلًا أخباريًّا تاريخيًّا ذاكرًا لأخبار الأندلس، سمع العالي والنازل وأسند عن شيوخه أزيد من أربعمائة كتاب بين صغير وكبير، ورحل إليه الناس وأخذوا عنه وحدثنا جماعة عنه ووصفوه بصلاح الدخلة وسلامة الباطن وصحة التواضع وصدق الصبر للطلبة وطول احتمال، ألف خمسين تأليفًا في أنواع العلم، وولي بإشبيلية قضاء بعض جهاتها نيابة لابن العربي وعقد الشروط ثم اقتصر على إسماع العلم وعلى هذه الصناعة وهي كانت بضاعته؛ والرواة عنه لا يحصون، منهم الحافظ أبو بكر بن خير وأبو القاسم القنطري وأبو بكر بن سمحون وأبو الحسن بن الضحاك وكلهم مات قبله.
 
قلت: ومنهم أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد وأحمد بن عبد المجيد المالقي وأحمد بن محمد بن الأصلع وأبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي وأحمد بن عياش المرسي وأحمد بن أبي حجة القيسي وثابت بن محمد الكلاعي ومحمد بن إبراهيم بن صلتان ومحمد بن عبد الله بن الصفار وموسى بن عبد الرحمن الغرناطي وأبو الخطاب بن دحية وأخوه أبو عمرو؛ وممن روى عنه بالإجازة أبو الفضل الهمذاني وأبو القاسم سبط السلفي.
 
====ذكر تصانيفه====
 
"صلة تاريخ ابن الفرضي" في مجلدين، "غوامض الأسماء المبهمة" عشرة أجزاء، كتاب "معرفة العلماء الأفاضل" في مجلدين، "طرق حديث المغفر" ثلاثة أجزاء، كتاب "الحكايات المستغربة" مجلد، كتاب "القربة إلى الله بالصلاة على نبيه، {{صلل}} "، "ذكر من روى الموطأ عن مالك" في جزأين، "أخبار الأعمش" في ثلاثة أجزاء، "ترجمة النسائي" جزء، "أخبار المحاسبي" جزء، "أخبار إسماعيل القاضي" جزء، "أخبار ابن وهب" جزء، "أخبار أبي المطرف القنازعي" جزء، "قضاة قرطبة" ثلاثة أجزاء، "المسلسلات" جزء، "حديث من كذب عليّ بطرقه"، "أخبار ابن المبارك" جزءان، "أخبار ابن عيينة" جزء ضخم، وغير ذلك.
 
وقد استوعب ترجمته ابن الزبير ومنها: كان {{رحمه ى}} يؤثر الخمول والقنوع بالدون من العيش ولم يتدنس بخطة تحطّ من قدره حتى لم يجد أحد إلى كلام فيه من سبيل، إلى أن قال: وآخر من روى عنه بسماع شيخنا أبو الحسين بن السراج، وبإجازة مجردة أبو القاسم أحمد بن محمد البلوي. توفي في ثامن شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة عن أربع وثمانين سنة ودفن بمقبرة الإمام يحيى بن يحيى الليثي.
 
وفيها: توفي زاهد العراق الشيخ أحمد بن علي بن الرفاعي بالبطائح عن تسع وسبعين سنة، والشيخ أبو طالب الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاوس بدمشق، ومسند الوقت خطيب الموصل أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي في شهر رمضان عن اثنتين وتسعين عامًا، وعالم دمشق قطب الدين مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري الشافعي.
 
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عطاء الله بن المظفر الإسكندراني بها أنا عبد الرحمن بن مكي سنة ست وأربعين وستمائة عن خلف بن عبد الملك الحافظ أنا أبو بكر المعافري أنا أحمد بن علي الحلواني أنا طاهر بن عبد الله القاضي ثنا أبو أحمد الغطريفي ثنا أبو خليفة ثنا عبد الرحمن بن سلام ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق الهمداني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "أكثروا الصلاة عليّ؛ فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشرًا". <ref> رواه النسائي في الأذان باب 27. وأحمد في مسنده: "2/ 168، 372".</ref>
 
أخبرنا إسحاق ابن الوزير أنا الحافظ عبد العظيم أنا محمد بن الحسن بن أبي علي المالقي أنا خلف بن عبد الملك قال: قرأت على عبد الرحمن بن محمد بن عتاب أنا حاتم بن محمد التميمي أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس أنا إبراهيم بن رحمون السنجاري أنا محمد بن مسلمة أنا موسى الطويل ثنا مولاي أنس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "طوبى لمن رآني ومن رأى من رآني ومن رأى من رأى من رآني". <ref> رواه أحمد في مسنده "5/ 248، 257، 264".</ref>
 
1098- 2/17
 
===ابن الجوزي===
 
الإمام العلامة الحافظ عالم العراق وواعظ الآفاق، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ المفسر صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم.
 
وعرف جدهم بالجوزي بجوزة كانت في داره بواسط لم يكن بواسط جوزة سواها. ولد تقريبًا سنة عشر وخمسمائة أو قبلها، وأول سماعه في سنة ست عشرة.
 
سمع أبا القاسم بن الحصين وعلي بن عبد الواحد الدينوري وأبا عبد الله الحسين بن محمد البارع وأبا السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن والفقيه أبا الحسن بن الزاغوني وهبة الله بن الطبر وأبا غالب بن البناء وأبا بكر محمد بن الحسين المزرفي وأبا غالب محمد الحسن الماوردي وخطيب أصبهان أبا القاسم عبد الله بن محمد وابن السمرقندي وأبا الوقت السجزي وابن ناصر وعدة، جملتهم سبع وثمانون نفسًا، وكتب بخطه ما لا يوصف كثرة ووعظ في حدود سنة عشرين وخمسمائة وإلى أن مات. حدث عنه ابنه الصاحب محيي الدين وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن فرغلي والحافظ عبد الغني وابن الدبيثي وابن النجار وابن خليل والتقي اليلداني وابن عبد الدائم والنجيب عبد اللطيف وخلق سواهم، وبالإجازة الشيخ شمس الدين بن أبي عمرو الفخر علي وأحمد بن سلامة الحداد والقطب أحمد بن عبد السلام العصروني والخضر بن حمويه الجويني ولي من خمستهم إجازة وهو آخر من حدث عن الدينوري والمتوكلي.
 
====ومن تصانيفه====
 
كتاب "المغني" في علوم القرآن كبير جدًّا، وكتاب "زاد المسير" أربع مجلدات، و"تذكرة الأريب" في اللغة، و"الوجوه والنظائر" مجلد، و"فنون الأفنان" مجلد، "جامع المسانيد" سبع مجلدات، "الحدائق" مجلدان، "نقي النقل" مجلد كبير، "عيون الحكايات" مجلدان، "التحقيق في مسائل الخلاف" مجلدان، "مشكل الصحاح" أربع مجلدات، "الموضوعات" مجلدان، "الواهيات" ثلاث مجلدات، "الضعفاء" مجلد، "تلقيح فهوم أهل الأثر" مجلد، "المنتظم في التاريخ" عشر مجلدات كبار، "المذهب في المذهب" مجلد، "الانتصار في مسائل الخلاف" مجلدان، "الدلائل في مشهور المسائل" مجلدان، "المواقيت في الخطب الوعظية" مجلد، "نسيم السحر" مجلد، "المنتخب" مجلد، "المدهش في المحاضرة" مجلد، "صفوة الصفوة" أربع مجلدات، "أخبار الأخيار" مجلد، "أخبار النساء" مجلد، "مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن" مجلد، "المقعد المقيم" مجلد، "ذم الهوى" مجلد، "تلبيس إبليس" مجلد، "صيد الخاطر" ثلاث مجلدات، "الأذكياء" مجلد، "المغفلين" مجلد، "منافع الطب" مجلد، "صبا نجد" مجلد، "المزعج" مجلد، "المطرب" مجلد، "الملهب" مجلد، "منتهى المشتهى" مجلد، "فنون الألباب" مجلد، "الظرفاء" مجلد، "سلوة الأحزان" مجلد، "منهاج القاصدين" مجلدان، "الوفا بفضائل المصطفى" مجلدان، "مناقب الصديق" مجلد، "مناقب عمر" مجلد، "مناقب علي" مجلد، "مناقب عمر بن عبد العزيز" مجلد، "مناقب سعيد بن المسيب" مجلد، "مناقب الحسن" جزءان، "مناقب الثوري" مجلد، "مناقب أحمد" مجلد، "مناقب الشافعي" مجلد، "مناقب جماعة" في أجزاء، "موافق المرافق" مجلد، وأشياء كثيرة يطول شرحها كاختصاره فنون ابن عقيل في بضعة عشر مجلدًا وما علمت أحدًا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل، مات أبوه وله ثلاث سنين فربته عمته، وأقاربه تجار في النحاس وربما كتب اسمه في السماع عبد الرحمن بن علي الصفار لذلك.
 
ولما ترعرع حملته عمته إلى الحافظ ابن ناصر فاعتنى به وأسمعه الكثير، حصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحد قط وحضر مجالسه ملوك ووزراء بل وخلفاء من وراء الستر، ويقال: في بعض المجالس حضره مائة ألف فيما قيل، والظاهر أنه كان يحضره نحو العشرة الآلاف مع أنه قد قال غير مرة: إن مجلسه حزر بمائة ألف، فلا ريب إن كان هذا قد وقع فإن أكثرهم لا يسمعون مقالته.
 
قال سبطه: سمعت جدي يقول على المنبر: كتبت بإصبعي ألفي مجلد وتاب على يدي مائة ألف وأسلم على يدي عشرون ألفًا. قال: وكان يختم في كل أسبوع ختمة ولا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس. ثم سرد سبطه مصنفاته فذكر منها "درة الإكليل" في التاريخ أربع مجلدات و"فضائل العرب" مجلد "شذور العقود" مجلد "الأمثال" مجلد "المنفعة في المذاهب الأربعة" مجلدان "المختار من الأشعار" عشر مجلدات "التبصرة" في الوعظ ثلاثة مجلدات "رءوس القوارير" مجلدان، إلى أن قال: ومجموع تصانيفه مائتان ونيف وخمسون كتابًا.
 
====ومن بدائع كلامه====
 
عقارب المنايا تلسع، وخدران جسم الأمل يمنع الإحساس، وماء الحياة في إناء العمر يرشح بالأنفاس. وقال لوليّ أمر: اذكر عند القدرة عدل الله فيك وعند العقوبة قدرة الله عليك، وإياك أن تشفي غيظك بسقم دينك. وقال لصاحب له: أنت في أوسع العذر من التأخير عني لثقتي بك وفي أضيقه من شوقي إليك. وقال رجل: ما نمت البارحة من شوقي إلى المجلس قال: لأنك تريد الفرجة وإنما ينبغي الليلة ألا تنام. وقام إليه رجل فقال: يا سيدي تريد كلمة ننقلها عنك، أيما أفضل أبو بكر أو علي؟ فقال له: اقعد فقعد، ثم قام فأعاد مسألته فأقعده، ثم قام فقال: اقعد فأنت أفضل من كل رجل. وسأله آخر هذه المسألة وكان للشيعة ظهور فقال: أفضلهما من كانت ابنته تحته، فألقى هذا القول في أودية الاحتمال ورضي الفريقان بجوابه. وسأله آخر: أيما أفضل أُسبح أم أستغفر؟ فقال: الثوب الوسخ أحوج إلى الصابون من البخور. وذكر في حديث: "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين"؛ فقال: إنما طالت أعمار الأوائل لطول البادية، فلما شارف الركب بلدًا لإقامة قيل: حثوا المطيّ.
 
ومن كلامه: من قنع طاب عيشه، ومن طمع طال طيشه. وقال في وعظه: يا أمير المؤمنين، إن تكلمت خفت منك وإن سكت خفت عليك، فأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك، أقول قول الناصح: اتق الله، خير من قول القائل: أنتم أهل بيت مغفور لكم. وقال: يفتخر فرعون بملك مصر بنهر ما أجراه، ما أجراه. وإليه المنتهى في النثر والنظم الوعظي.
 
وقد سقت كراسًا من أخباره في تاريخ الإسلام وقد نالته محنة في أواخر عمره؛ وشوا إلى الخليفة عنه بأمر اختلف في حقيقته فجاءه من شتمه وأهانه وختم على داره وشتت عياله ثم أخذ في سفينة إلى واسط فحبس بها في بيت وبقي يغسل ثوبه ويطبخ، ودام على ذلك خمس سنين وما دخل فيها حمامًا.
 
قام عليه الركن عبد السلام بن عبد الوهاب الجيلي تجاه الوزير ابن القصاب وكان الركن سيئ النحلة أحرقت كتبه بإشارة ابن الجوزي وأعطي مدرسة الجيلي فعمل الركن عليه وقال لابن القصاب الشيعي: أين أنت من ابن الجوزي فإنه ناصبي ومن أولاد أبي بكر؛ فمكن الركن من الشيخ فجاء وسبه وأنزل معه في سفينة لا غير وعلى الشيخ غلالة بلا سراويل وعلى رأسه تجفيفة وكان ناظر واسط شيعيًّا فقال له الركن: مكني من عدوي هذا لأرميه في مطمورة فزجره وقال: يا زنديق أفعل هذا بمجرد قولك؟ هات خط الخليفة والله لو كان على مذهبي لبذلت نفسي في خدمته فرد الركن إلى بغداد ثم كان السبب في خلاص الشيخ أن ابنه يوسف نشأ واشتغل وعمل وتوصل فشفعت أم الخليفة في الشيخ فأطلق.
 
وقد قرأ بواسط وهو ابن ثمانين سنة بالعشر على ابن الباقلاني وتلا معه ولده يوسف، نقل ذلك ابن نقطة عن القاضي محمد بن أحمد بن الحسن.
 
قال الموفق عبد اللطيف: كان ابن الجوزي لطيف الصورة حلو الشمائل رخيم النغمة موزون الحركات والنغمات لذيذ المفاكهة يحضر مجلسه مائة ألف أو يزيدون لا يضيع من زمانه شيئًا يكتب في اليوم أربعة كراريس، وله في كل علم مشاركة، ولكنه كان في التفسير من الأعيان، وفي الحديث من الحفاظ، وفي التاريخ من المتوسعين، ولديه فقه كافٍ، وأما السجع الوعظي فله فيه ملكة قوية.
 
وله في الطب "كتاب اللقط" مجلدان وكان يراعي حفظ صحته وتلطيف مزاجه وما يفيد عقله قوة وذهنه حدة، جل غذائه الفراريج والمزاوير ويعتاض عن الفاكهة بالأشربة والمعجونات، ولباسه أفضل لباس الأبيض الناعم الطيب وله ذهن وقاد وجواب حاضر ومجون ومداعبات حلوة ولا ينفك من جارية حسناء. قرأت بخط الموقاني أن ابن الجوزي شرب البلاذر فسقطت لحيته فكانت قصيرة جدا وكان يخضبها بالسواد إلى أن مات.
 
وكان كثير الغلط فيما يصنفه فإنه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره. قلت: نعم، له وهم كثير في تواليفه يدخل عليه الداخل من العجلة والتحويل إلى مصنف آخر ومن أن جُل علمه من كتب صحف ما مارس فيها أرباب العلم كما ينبغي.
 
وكانت جنازته مشهودة شيّعه الخلائق يوم الجمعة ثالث عشر شهر رمضان إلى مقبرة باب حرب سنة سبع وتسعين وخمسمائة وقد قارب التسعين.
 
'''وفيها مات''' مسند أصبهان القاضي المعمر أبو المكارم أحمد بن عيسى محمد بن محمد بن اللبان الأصبهاني وقد نيف على التسعين، ومفيد بغداد المحدث المكثر أبو القاسم تميم بن أحمد بن أحمد بن كرم البندنيجي ثم الأزجي عن اثنتين وخمسين سنة سمع من أبي الوقت، والمسند أبو محمد عبد الله بن المبارك بن هبة الله بن الطويل الدارقزّي، والمسند عبد الرحمن بن أبي الكرم محمد بن ملاح الشط عن بضع وتسعين سنة، والمسند الواعظ عمر بن علي بن عمر أبو علي الحربي عن أربع وثمانين سنة، والمسند الكبير أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني الأصبهاني الخباز وله مائة سنة كاملة، والعلامة الوزير البليغ عماد الدين محمد بن محمد بن حامد الكاتب بدمشق عن ثمان وسبعين سنة، وشيخ القراء أبو عبد الله محمد بن محمد بن هارون الحلبي ويعرف بابن الكمال عن بضع وثمانين سنة، ومقرئ العراق أبو شجاع محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي بن المقرون، وقد نيف على الثمانين.
 
أنبأني جماعة عن أبي الفرج الحافظ وأنا أبو بكر بن عباس أنا يوسف الواعظ أنا جدي لأمي أبو الفرج أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله الأصبهاني سنة عشرين وخمسمائة أنا عبد الرزاق بن شمة أنا أبو بكر بن المقرئ أنا أبو يعلى وعبد الله بن محمد قالا: ثنا علي بن الجعد أنا شعبة وهشيم وحماد بن سلمة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: كان رسول الله {{صلل}} إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث". صحيح رواه مسلم وغيره.
 
1099- 3/17
 
===السهيلي===
 
الحافظ العلامة البارع أبو القاسم وأبو زيد عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ بن حسين بن سعدون، ويكنى أيضًا أبا الحسن.
 
ولد الخطيب أبي محمد ابن الإمام الخطيب أبي عمر الخثعمي الأندلسي المالقي الضرير صاحب التصانيف المؤنقة، مولده سنة بضع وخمسمائة.
 
أخذ القراءات عن أبي داود الصغير سليمان بن يحيى وأخذ بعضها عن أبي منصور بن الخير، وسمع من أبي عبد الله بن معمر والقاضي أبي بكر بن العربي وشريح بن محمد وأبي عبد الله بن مكي وأبي عبد الله بن نجاح الذهبي وطائفة، وأجاز له أبو عبد الله ابن أخت غانم وناظر في كتاب سيبويه على أبي الحسين بن الطراوة وسمع منه كثيرًا من كتب الأدب، عُمِي وهو ابن سبع عشرة سنة حمل الناس عنه، وصنف كتاب "الروض الأنف" كالشرح للسيرة النبوية فأجاد وأفاد وذكر أنه استخرجه من مائة وعشرين مصنفًا، وله كتاب "الإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء الأعلام"، وله "كتاب الفرائض" وغير ذلك وكان إمامًا في لسان العرب يتوقد ذكاء وقد استدعي من مالقة إلى مراكش ليأخذوا عنه، سمع منه أبو الخطاب بن دحية وجماعة، قال ابن دحية: كان يتسوغ بالعفاف ويتبلغ بالكفاف حتى نما خبره إلى صاحب مراكش فطلبه وأحسن إليه وأقبل عليه وأقام بها نحوًا من ثلاثة أعوام.
 
وأما سهيل المنسوب إليها فقرية قريبة من بلد مالقة سميت بالكوكب سهيل؛ لأنه لا يرى في جميع بلاد الأندلس إلا من جبل مطل على هذه القرية يرتفع نحو درجتين ويغيب، وبلغنا أن السهيلي ولي قضاء الجماعة فحمدت سيرته. كذا وجدت على ظهر كتاب فرائضه وأنه ولد بإشبيلية سنة ثمان وخمسمائة. توفي بمراكش في الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، {{رحمه ى}}.
 
قال أبو جعفر بن الزبير: كان السهيلي واسع المعرفة غزير العلم نحويا متقدما لغويا عالما بالتفسير وصناعة الحديث عارفا بالرجال والأنساب عارفا بعلم الكلام وأصول الفقه حافظا للتاريخ القديم والحديث ذكيا نبيها صاحب اختراعات واستنباطات مستغربة.
 
روى عنه أبو الحجاج ابن الشيخ والحافظ أبو محمد القرطبي وابنا حوط الله وأبو محمد بن غلبون وأبو عمرو بن عيشون وأبو الحسين بن السراج وأبو محمد بن عطية وأبو الحسن الشاري وأبو الخطاب بن خليل، وهو آخر من حدث عنه وله شعر كثير.
 
أخبرنا محمد بن جابر أنا يحيى بن إبراهيم المعافري بقراءتي أنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن السراج أنا الحافظ أبو القاسم السهيلي أنا الحافظ أبو بكر بن العربي ثنا سعيد بن عبد الله بن أبي الرجاء عن أبي نعيم الحافظ أنا أحمد بن يوسف العطار ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا الحسن بن موسى عن ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد حدثني أبي أن رسول الله {{صلل}} أول ما أوحي إليه أتاه جبريل فعلمه الوضوء، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه. وبه قال السهيلي وحدثنا به أبو بكر محمد بن طاهر عن أبي علي الغساني عن أبي عمر النمري عن أحمد بن قاسم عن قاسم بن أصبغ عن الحارث بن أبي أسامة.
 
1100- 4/17
 
===عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين بن سعيد===
 
الحافظ العلامة الحجة أبو محمد الأزدي الإشبيلي، ويعرف أيضًا بابن الخراط.
 
روى عن شريح بن محمد وأبي الحكم بن برجان وعمر بن أيوب وأبي بكر بن مدير وأبي الحسن طارق بن يعيش وطاهر بن عطية وجماعة، كتب إليه بالإجازة الحافظ أبو بكر ابن عساكر وجماعة سكن بجاية وقت الفتنة التي زالت منها الدولة اللمتونية فنشر بها علمه، وصنف التصانيف واشتهر اسمه وبعُد صيته ولي خطابة بجاية.
 
ذكره الحافظ أبو عبد الله الأبار فقال: كان فقيهًا حافظًا عالمًا بالحديث وعلله عارفًا بالرجال موصوفًا بالخير والصلاح والزهد والورع ولزوم السنة والتقلل من الدنيا مشاركًا في الأدب وقول الشعر، صنف في الأحكام نسختين كبرى وصغرى، سبقه إلى مثل ذلك أبو العباس بن مروان الشهير بلبلة فحظي عبد الحق دونه، وله في الجمع بين الصحيحين مصنف، وله مصنف كبير جمع فيه بين الكتب الستة، وله كتاب "المعتل من الحديث" وكتاب في الرقائق، ومصنفات أخرى، إلى أن قال: وله في اللغة كتاب حافل ضاهى به "كتاب الغريبين" للهروي حدثنا عنه جماعة من شيوخنا، ولد سنة عشر وخمسمائة. وقال ابن الزبير: سنة أربع عشرة وخمسمائة وتوفي ببجاية بعد محنة نالته من قِبَل الدولة في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. قلت: وممن روى عنه خطيب القدس أبو الحسن علي بن محمد المعافري وأبو الحجاج ابن الشيخ وأبو عبد الله بن يقيمش وآخرون.
 
أخبرنا محمد بن عبد الكريم المقرئ أنا علي بن محمد شيخنا في سنة خمس وثلاثين وستمائة أنا مجد الدين محمد بن أحمد بن غالب الأزدي سنة ست وثمانين وخمسمائة أنا أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد أنا أبو علي الصدفي أنا عبد الله بن طاهر التميمي أنا أبو بكر محمد بن عبد الله النيسابوري المقرئ وغيره قالوا: أنا علي بن أحمد الخزاعي أنا الهيثم بن كليب ببخارى ثنا أبو عيسى الترمذي ثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود ثنا شعبة عن قتادة، سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدث عن أبي سعيد قال: كان رسول الله {{صلل}} أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهه.
 
قال أبو العباس بن فرتون: ثنا أبو العباس العزفي بسبتة قال: أنبأنا عبد الحق ثنا عبد العزيز بن خلف بن مدير ثنا أبو العباس بن دلهاث العذري ثنا محمد بن نوح بمكة أنا أبو القاسم الطبراني، فذكره حديثًا ومن شعره:
 
إن في الموت والمعاد لشغلًا وادكارًا لذي النهى وبلاغا
 
فاغتنم خطتين قبل المنايا صحة الجسم يا أخي والفراغا
 
وله:
 
واهًا لدنيا ولمغرورها كم شابت الصفو بتكديرها
 
أي امرئ أمن في سربه ولم ينله سوء مقدورها
 
وكان في عافية جسمه من مس بلواها وتغييرها
 
وعنده بلغة يوم فقد حيزت إليه بحذافيرها
 
وقد سمع عبد الحق من أبي القاسم بن عطية صحيح مسلم، قال: أنا محمد بن بشر أنا أبو علي الصدفي أنا ابن دلهاث العذري عن الرازي، فالصدفي والمؤيد الطوسي سواء، فنحن في إسناد الصحيح أعلى من الحافظ عبد الحق بدرجة؛ وقد كتب إليّ بالأحكام الصغرى له من تونس أبو محمد بن هارون الطائي قال: أنا بها أبو الحسن بن أبي نصر بسماعه من المصنف. قال ابن الزبير: كان يزاحم فحول الشعراء ولم يطلق عنانه في نطقه.
 
1101- 5/17
 
===ابن حبيش===
 
القاضي الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن يوسف الأنصاري الأندلسي المربي نزيل مرسية وحُبَيْش هو خاله نسب إليه.
 
ولد بالمريّة سنة أربع وخمسمائة، وقرأ بالروايات على أحمد بن عبد الرحمن القصبي وأبي القاسم بن أبي رجاء البلوي والأصبغ بن أليسع، وتفقه بأبي القاسم بن وردان وأبي الحسن بن نافع، وسمع منهما ومن أبي عبد الله بن وضاح وعبد الحق بن غالب وعلي بن إبراهيم الأنصاري وأبي الحسن بن موهب، وارتحل إلى قرطبة فلحق بها يونس بن مغيث فسمع منه ومن جعفر بن محمد بن مكي وقاضي الجماعة محمد بن أصبغ والقاضي أبي بكر بن العربي، وأخذ الأدب عن محمد بن أبي زيد النحوي فبرع في النحو، ولما تغلبت الروم على المريّة سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة خرج إلى مرسية ثم سكن جزيرة شقر وولي القضاء والخطابة بها ثنتي عشرة سنة ثم نقل إلى خطابة مرسية وولي القضاء بها عام خمسة وسبعين وخمسمائة فحمدت أحكامه مع ضيق في خلقه، وكان من أعلام الحديث بالأندلس بارعًا في معرفة غريبه، ولم يكن أحد يجاريه في معرفة الرجال قال الأبار: سمعت أبا سليمان بن حوط الله يقول: سمعت أبا القاسم بن حبيش يقول: إنه مر عليه وقت يذكر فيه تاريخ أحمد بن أبي خيثمة أو أكثره، ولهُ خطب حسان. وقال ابن الزبير: هو أعلم أهل طبقته بصناعة الحديث وأبرعهم في ذلك مع مشاركته في علوم، وكان من العلماء العاملين أمعن الناس في الأخذ عنه.
 
قال أبو عبد الله بن عباد: كان عالمًا بالقراءات إمامًا في علم الحديث عارفًا بعلله واقفًا على رجاله لم يكن بالأندلس من يجاريه فيه، أقرّ له بذلك أهل عصره، مع تقدمه في اللغة والأدب واستقلاله بغير ذلك من جميع الفنون، قال: وكان له حظ من البلاغة والبيان صارمًا في أحكامه جزلا في أموره، تصدر للإقراء والتسميع والعربية، وكانت الرحلة إليه في زمانه، وطال عمره، وله "كتاب المغازي" في عدة مجلدات حمله عنه الناس.
 
قال الأبار: مات بمرسية في رابع عشر صفر سنة أربع وثمانين وخمسمائة عن ثمانين سنة، وكاد يهلك أناس من الزحمة على نعشه. قلت: حمل عنه خلق كثير منهم أحمد بن محمد الطرسوسي وأبو سليمان بن حوط الله ومحمد بن وهب الفهري ومحمد بن الحسن اللخمي الداني ومحمد بن إبراهيم بن صلتان ومحمد بن أحمد بن حيون المرسي ومحمد بن محمد بن أبي السداد ونذير بن وهب وعبد الله بن الحسن المالَقي بن القُرطبي وعمر بن دحية وأخوه وعلي بن يوسف بن الشريك وعلي بن أبي العافية القسطلي؛ وروى عنه بالإجازة الأستاذ أبو علي الشلوبين.
 
ومات معه في العام الأمير الكبير مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الشيرازي حامل لواء الأبطال وشاعر الشام عن سبع وتسعين سنة، والمحدث المفيد أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي وقد شاخ، والمعمر أبو القبائل عشير بن علي بن أحمد الجبلي ثم المصري عن مائة سنة وسنتين، وشيخ الحنفية ببخارى عماد الدين أبو جعفر عمر بن أبي بكر بن محمد الأنصاري الزَّرَنجري ولد العلامة شمس الأئمة وله سبعون عامًا، والإمام المحدث الجوال تاج الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي الخراساني الصوفي بدمشق عن اثنين وستين عامًا، وشاعر العراق أبو الفتح محمد بن عبيد الله بن التعاويذي، والمسند أبو عبد الله محمد بن علي بن صدقة الحَرّاني التاجر، والمسند العالم أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي الأصبهاني، رحمة الله عليهم.
 
أخبرنا ابن جابر أنا قاضي الجماعة أحمد بن محمد بن حسن الخزرجي حدثني أبو الربيع الكُلاعي الحافظ ثنا عبد الرحمن بن محمد بن حبيش أنا يونس بن مغيث ومحمد بن الأصبغ القاضي قالا: قرأنا على محمد بن الفرج الفقيه "ح" وكتب إلينا عاليًا أبو محمد هارون بن يونس أنا أحمد بن يزيد أنا محمد بن عبد الحق ثنا محمد بن الفرج أنا يونس بن عبد الله عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله بن يحيى عن أبي مروان عبيد الله بن يحيى بن يحيى عن أبيه عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقّلة، إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت".
 
1102- 6/17
 
===ابن الفخار===
 
الحافظ الإمام الأوحد أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن خلف الأندلسي المالقي.
 
ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة، سمع أبا بكر بن العربي ولازمه واختص به وأبا جعفر البطروجي وأبا عبد الله بن الأحمر وشريح بن محمد وأبا مرود بن مسرّة ومحمد بن محمد بن عبد الرحمن القرشي وطبقتهم، قال الأبار: كان صدرًا في الحفاظ مقدمًا معروفًا يسرد المتون والأسانيد مع معرفة بالرجال وحفظ للغريب، سمع منه جُلة وحدث عنه أئمة، سمعت أبا سليمان بن حوط الله يقول عن ابن الفخار: إنه حفظ في شبيبته سنن أبي داود فأما في مدة لقائي إياه فكان يذكر صحيح مسلم، وكان موصوفًا بالورع والفضل مسلمًا له في جلالة القدر ومتانة العدالة، استدعي إلى حضرة السلطان بمراكش ليسمع عليه بها فتوفي هناك في شعبان سنة تسعين وخمسمائة.
 
قلت: '''وفيها توفي''' الإمام أبو الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني ثم القزويني الواعظ ببغداد عن ثمان وسبعين سنة، والمحدث الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الأنصاري البَلنسي الزاهد صاحب السلفي كتب شيئًا كثيرًا، وأبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الهمذاني الجوهري الواعظ، والمحدث المفيد أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن الحبقبق القرشي الزبيري الدمشقي الشروطي والد كريمة، وشيخ القراء الإمام أبو محمد القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي بمصر عن اثنتين وخمسين سنة، والفقيه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الأصبهاني المعروف بالمصلح من أصحاب الحداد، رحمة الله عليهم أجمعين.
 
هؤلاء المغاربة لا يكاد يقع لنا حديثهم إلا بنزول ثم هم نازلون في الإسناد فيبقى نزول على نزول، وبالله الاستعانة.
 
1103- 7/17
 
===الشيرازي===
 
الإمام الحافظ الرحال أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن إبراهيم الصوفي مفيد بغداد وشيخ الصوفية بالرباط الأرجواني وصاحب الأربعين البلدية.
 
ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة ببغداد، وأسمعه أبوه من إسماعيل بن السمرقندي ويحيى بن الطراح وأبي الحسن بن عبد السلام والحافظ أبي سعد بن البغدادي وطلب بنفسه فسمع من الكروجي وابن ناصر وطبقتهما، وبالكوفة من أبي الحسن بن غبرة، وبكرمان من أبي الوقت عبد الأول، وبالبصرة من عبد الله بن عمر بن سليخ، وبواسط من القاضي أحمد بن بختيار المندّائي، وبهراة من عبد الجليل بن أبي سعيد، وبنيسابور من أبي بكر محمد بن علي الطوسي، وببلخ من أبي شجاع البسطامي، وبأصبهان من المعمر إسماعيل بن علي الحمامي، وبهمذان من نصر بن المظفر البرمكي، وبدمشق من أبي المكارم بن هلال. أجاد تصنيف الأربعين وأبان عن حفظ، وله رحلة واسعة وكان صدوقًا موثقًا؛ كتب عنه أبو المواهب الحافظ ووثقه ابن الدبيثي؛ وكان ظريفًا حلو المحاضرة توصل إلى الدولة وذهب رسولا عن الخليفة إلى الأطراف وارتفعت رتبته وكثر ماله، روى شيئًا يسيرًا تقع لنا روايته بالإجازة. توفي في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمسمائة كهلا في مبدأ سن الشيخوخة.
 
'''وفيها توفي''' مسند أصبهان أبو العباس أحمد بن أبي منصور أحمد بن محمد بن ينال الترك شيخ الصوفية عن نيف وتسعين سنة، تفرد بالرواية عن أبي مطيع الصحاف، ومحدث دمشق أبو الحسين أحمد بن حمزة بن أبي الحسن علي الموازيني السلمي الدمشقي عن ثمانين سنة، والفقيه أبو الفضل أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحضرمي الإسكندراني أخو القاضي محمد، وشيخ الإسلام قاضي القضاة شرف الدين أبو سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون التميمي الموصلي الشافعي بدمشق. كتب إلينا محمد بن محمد بن مناقب أن محمد بن أبي جعفر أخبرهم قراءة عليه عن يوسف بن أحمد الحافظ أنا عبد الله بن عمر بن سليخ بمربد البصرة عند قبر الزبير {{عنه}} ثنا جعفر بن محمد القرشي لفظًا أنا أبو عمر الهاشمي ثنا علي بن إسحاق ثنا علي بن حرب ثنا سفيان عن عمرو سمع جابر بن عبد الله {{عنهما}} قال: لما نزلت: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}، قال النبي، {{صلل}}: "أعوذ بوجهك" {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: "أعوذ بوجهك" {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قال: "هذا أهون أو أيسر". هذا حديث صحيح هو عندي أعلى من هذا في الثقفيات وغيرها، أخرجه البخاري عن علي بن عبد الله عن ابن عيينة.
 
أنبأنا أبو اليمن ابن عساكر أنا محمد بن أبي جعفر أنا يوسف بن أحمد بمكة أنا إسماعيل بن أحمد الأشعثي وعلي بن هبة الله قالا: أنا أحمد بن محمد البزاز ثنا عبيد الله بن حبابة ثنا أبو القاسم البغوي ثنا هدبة ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن النبي {{صلل}} عاد رجلا قد صار مثل الفرخ فقال له: "هل دعوت بشيء؟" قال: نعم، قلت: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجّله لي في الدنيا؛ فقال رسول الله، {{صلل}}: "سبحان الله، هلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". رواه مسلم.
 
1104- 8/17
 
===أبو المواهب===
 
محدث دمشق ومفيدها الحافظ الإمام الحسن بن أبي الغنائم هبة الله بن محفوظ بن حسن بن محمد بن حسن بن أحمد بن الحسين بن صصرى الربعي التغلبي البلدي الأصل، الدمشقي المعدل.
 
ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وكان اسمه نصر الله فغيره.
 
سمع جده أبا البركات ونصر الله بن محمد المصيصي وهو أعلى شيخ له وعبدان بن رزين وعلي بن حيدرة وأبا القاسم بن البن الأسدي ونصر بن أحمد السوسي وأبا يعلى حمزة بن الحبوبي وأبا يعلى حمزة بن كرّوس وأبا يعلى حمزة بن أسد التميمي وصحب الحافظ ابن عساكر وتخرّج به وأكثر عنه وعني بهذا الشأن وكتب العالي والنازل وجمع وصنف، وارتحل فسمع بحماة من ابن ظفر، وبحلب من أبي طالب بن العجمي، وبالموصل من الحسن بن علي الكعبي وسليمان بن محمد بن خميس، وببغداد هبة الله الدقاق وابن البطي، وبهمذان الحافظ أبا العلاء العطار، وبأصبهان محمد بن أحمد بن ماشاذة، وبتبريز محمد بن أسعد حفدة.
 
حدث عنه ولده أمين الدين سالم وآحاد الطلبة فقل ما روى لأنه لم يعمر، عمل معجمه في ستة عشر جزءًا، وصنف كتاب "فضائل الصحابة" و"فضائل بيت المقدس" و"عوالي ابن عيينة" و"رباعيات التابعين"، ولما وقع الحريق في الكلاسة احترقت له جملة كتب. وثقه أبو عبد الله الدبيثي وغيره، وكان حسن الطريقة لين الجانب سمحًا كريمًا نبيلًا مليح الخط عاش تسعًا وأربعين سنة، ارتحل ثاني مرة إلى بغداد بابنه سالم فأسمعه من ابن شاتيل وطبقته.
 
أنبئت عن أبي الغنائم سالم بن أبي المواهب أنا أبي أنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بحلب أنا علي بن أحمد العمري أنا طلحة بن علي ثنا أحمد بن سلمان ثنا أحمد بن ملاعب ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني ثنا إبراهيم بن الزبرقان عن الشيباني عن المغيرة بن عبد الله اليشكُري عن قزعة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد بيت المقدس". <ref> رواه البخاري في الصلاة في مسجد مكة باب 1، 6. ومسلم في الحج 415، 511. والترمذي في الصلاة باب 126.</ref> أنبأنا عاليًا أحمد بن سلامة عن عبد المنعم بن كليب أنا علي العمري إجازة إن لم يكن سماع، فذكره.
 
أخبرنا أبو محمد بن أبي بداس الحافظ أنا إسماعيل بن إسحاق بن الحسين أنا جدي أنا أخي أبو المواهب الحافظ أنا أبو الفتح المصيصي أنا محمد بن أحمد أنا محمد بن إبراهيم اليزدي ثنا محمد بن الحسين القطان ثنا إبراهيم بن الحارث ثنا يحيى بن أبي بكر ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله {{صلل}} أخي جويرية قال: والله ما ترك رسول الله {{صلل}} عند موته دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضًا جعلها صدقة. أخرجه "خ" عن إبراهيم بن الحارث.
 
توفي سنة ست وثمانين وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' العلامة أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن غالب الأنصاري القرطبي المقرئ بن الشراط عن خمس وسبعين سنة، والإمام المقرئ أبو الطيب عبد المنعم بن يحيى بن خلف الحميري الغرناطي المعروف بابن الخلوف، والمقرئ أبو عبد الله محمد بن جعفر بن أحمد بن حميد بن مأمون البلنسي، والمسند الفقيه أبو عبد الله محمد بن سعيد بن أحمد بن سعيد الأنصاري الإشبيلي الملكي المعروف بابن زرقون عن أربع وثمانين سنة، والعلامة المعمر أبو بكر محمد بن عبد الله بن يحيى بن الجد الفهري الإشبيلي المقرئ، الفقيه الحافظ عن تسعين سنة وأشهر، والمحدث أبو الفضل مسعود بن علي بن النادر البغدادي عن سبعين سنة.
 
1105- 9/17
 
===الزيدي===
 
الإمام القدوة الحافظ العابد أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن عمر بن سالم بن عبيد الله بن الحسن العلوي الحسيني، من ولد زيد بن علي البغدادي الشافعي المحدث، أحد الأئمة الزهّاد.
 
قطع أوقاته في العبادة والعلم والكتابة والدرس والطلب حتى مكن الله منزلته في القلوب وأحبه الخاص والعام حتى كان يقصده الكبار للزيارة والتبرك كان ربانيا متألها متواضعا حسن الخلق والخلق حلو العبارة جوادا مفضلا.
 
سمع الكثير وكتب وحصل الأصول الكثيرة حتى صار له من المصنفات والمسانيد والأجزاء شيء كثير فوقفه بمسجده الذي استجده وشاركه في وقفه رفيقُه صليح البصري وكانا على طريقة جميلة من حسن الصحبة، سمع ابن ناصر وابن الزاغوني ونصر بن نصر العُكبري ومحمد بن عبيد الله الرطبي وأبا الوقت السجزي وخلائق حتى كتب عن أصحاب ابن الحصين والقاضي أبي بكر حتى عن أقرانه وعمن هو دونه، وقل ما روى، سمع منه إبراهيم بن الشعار وأبو الخطاب العليمي وعمر بن أحمد بن بكرون وداود بن علي بن المسلمة.
 
وقال عبد الواحد بن مسعود بن الحصين: سمعت الشريف الزاهد علي بن أحمد الزيدي يقول: اجعل النوافل كالفرائض والمعاصي كالكفر والشهوات كالسم ومخالطة الناس كالنار والغذاء كالدواء.
 
وقال أبو البركات عمر بن أحمد: ولد أخي أبو الحسن سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وبخط أبي المحاسن عمر بن علي القرشي قال: وممن مات في شوال سنة خمس وسبعين وخمسمائة في هذا الطاعون الشريفُ الزاهد وليّ الله أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي وكان عالمًا حافظًا عارفًا له المجاهدات الكثيرة والمعرفة التامة والأحوال والكرامات مما حدثني به الثقات وشاهدته فلو أثبته لقام من ذلك كراريس، ومات عن قريب من سبع وأربعين سنة، وكان رفيقي في السماع سنين كثيرة، مات يوم الثلاثاء سادس عشر من الشهر ودفن ليلا بموضع وقفه جوار مسجده. قال ابن الدبيثي: سمعت شيخنا ابن الأخضر يعظم شأنه ويثني عليه ويصف زهده ودينه، مات وأبواه حيان، وقيل: إن الوزير عضد الدين بن المسلمة لما عاد إلى الوزارة بعث إلى أبي الحسن الزيدي بألف دينار كان نذرها إن عاد إلى الوزارة، فلما سمع بذلك المستضىء الخليفة بعث إلى الشريف بألف دينار أخرى. وبعثت إليه بنفشا أم الخليفة بألف أخرى، فلم يتصرف في ذلك واشترى كتبًا كثيرة فوقفها وبنى مسجدًا.
 
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ في كتابه عن محمد بن محمود الحافظ أنا داود بن علي بن المسلمة أنا علي بن الزيدي أنا أبو المظفر محمد بن أحمد العباسي ومحمد بن أحمد التميمي قالا: أنا أبو نصر الزينبي أنا محمد بن عمر ثنا عبد الله البغوي ثنا أحمد بن حنبل، وحدثنا زهير وسريج بن يونس وابن المقرئ قالوا: ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: مر رسول الله {{صلل}} برجل يعظ أخاه في الحياء، فقال النبي، {{صلل}}: "الحياء من الإيمان". متفق على صحته.
 
1106- 10/17
 
===الحازمي===
 
الإمام الحافظ البارع النسابة أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم الهمذاني.
 
ولد سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وسمع من أبي الوقت السجزي حضورًا ومن شهردار بن شيرويه الديلمي وأبي زرعة المقدسي والحافظ أبي العلاء الهمذاني ومعمر بن الفاخر، وقدم بغداد فسمع من أبي الحسين عبد الحق بن يوسف وعبد الله بن عبد الصمد العطار، وبالموصل من الخطيب أبي الفضل الطوسي، وبواسط من أبي طالب المحتسب، وبالبصرة محمد بن طلحة المالكي، وبأصبهان أبا الفتح الخرقي وأبا العباس الترك وأبا موسى الحافظ، وبالحرمين والشام والجزيرة، وكتب الكثير وصنف وجوده. قال الدبيثي: قدم بغداد وسكنها وتفقه بها في مذهب الشافعي وجالس العلماء وتميز وفهم وصار من أحفظ الناس للحديث وأسانيده ورجاله مع زهد وتعبّد ورياضة وذكر. صنف في الحديث عدة مصنفات، وأملى عدة مجالس وكان كثير المحفوظ حلو المذاكرة يغلب عليه معرفة أحاديث الأحكام، أملى طرق الأحاديث التي في "المهذب" وأسندها ولم يتمه. وذكره ابن النجار فقال: كان من الأئمة الحفاظ العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله، ألف كتاب "الناسخ والمنسوخ" وكتاب "عجالة المبتدئ في الأنساب" و"المؤتلف والمختلف" في أسماء البلدان وأسند أحاديث "المهذب" لأبي إسحاق، وكان ثقة حجة نبيلًا زاهدًا عابدًا ورعًا ملازمًا للخلوة والتصنيف وبث العلم، أدركه أجله شابا، سمعت محمد بن محمد بن محمد بن غانم الحافظ يقول: كان شيخنا الحافظ أبو موسى يفضل أبا بكر الحازمي على عبد الغني المقدسي ويقول: ما رأيت شابا أحفظ منه.
 
مات في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وخمسمائة. قال ابن النجار: سمعت بعض الأئمة يذكر أن الحازمي كان يحفظ كتاب "الإكمال" في المؤتلف والمختلف ومشتبه النسبة وكان يكرر عليه، وبخط أبي الخير القزويني يسأل الحازمي: ما يقول سيدنا الإمام الحافظ في كذا وكذا؟ وقد أجاب الحازمي بأحسن جواب.
 
قال ابن النجار: سمعت أبا القاسم المقرئ جارنا يقول، وكان صالحًا: كان الحازمي في رباط البديع وكان يدخل بيته في كل ليلة يطالع ويكتب إلى الفجر فقال البديع للخادم: لا تدفع إليه الليلة بزرًا للسراج فلعله يستريح الليلة، فلما جنّ الليل اعتذر إليه الخادم لانقطاع البزر فدخل بيته وصف قدميه ولم يزل يصلي ويتلو إلى أن طلع الفجر وكان الشيخ خرج ليعلم خبره فوجده في الصلاة.
 
أخبرنا أبو الحمد الوراق أنا عبد الله بن الحسن الخطيب سنة اثنتين وأربعين وستمائة أنا محمد بن موسى الحافظ قرأت على محمد بن ذاكر أخبرك حسن بن أحمد القارئ أنا محمد بن أحمد الكاتب أنا علي بن عمر ثنا يعقوب بن إبراهيم البزاز ثنا العباس بن يزيد ثنا غسان بن مضر ثنا أبو سلمة سألت أنس بن مالك: أكان رسول الله {{صلل}} يستفتح بالحمد لله رب العالمين؟ فقال: إنك لتسألني عن شيء لم أحفظه، وما سألني عنه أحد قبلك. قلت: أكان رسول الله {{صلل}} يصلي في النعلين؟ قال: نعم.
 
1107- 11/17
 
===أبو المحاسن القرشي===
 
القاضي الإمام الحافظ عمر بن علي بن الخضر بن عبد الله بن علي الزبيري الدمشقي محدث بغداد.
 
سمع بدمشق أبا الدر ياقوت بن عبد الله الرومي، وأبا القاسم بن البن، وأبا طالب عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي بحلب، وأبا الوقت السجزي وأبا جعفر العباس وأبا المظفر بن التريكي وأبا محمد بن المادح وخلائق ببغداد، حتى نزل إلى أصحاب القاضي أبي بكر وابن السمرقندي، وصحب الشيخ أبا النجيب السهروردي وقاضي القضاة روح بن الحديثي واستنابه على قضاء الحريم الطاهري، ونفذ رسولا عن الديوان العزيز إلى صاحب الشام نور الدين وما كان له ثلاثون سنة؛ سمع منه القاضي أبو بكر الباقداري وأحمد بن أحمد البندنيجي وأبو الفتوح بن الحصري وابنه أبو بكر عبد الله بن عمر.
 
ذكره ابن الدبيثي في تاريخه فقال: ثقة حافظ عني بطلب الحديث وبالسماع والكتابة وكتب ببلده، وبحلب وحرّان والموصل والحرمين وبغداد، ورزق الفهم في الحديث وأجاز لي مروياته؛ مولده بدمشق في سنة ست وعشرين وخمسمائة، وتوفي في ذي الحجة سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
 
قلت: '''وفيها توفي''' أمير المؤمنين المستضىء بأمر الله حسن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي العباسي، ومسندة بغداد أم عتب تجني الوهبانية، والمحدث أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق اليوسفي، والمسند الواعظ أبو المعالي بن خلدون بدمشق.
 
1108- 12/17
 
===ابن خير===
 
الإمام الحافظ شيخ القراء، أبو بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الإشبيلي.
 
أتقن القراءات على شريح بن محمد واختص به حتى ساد أهل بلده وسمع منه ومن أبي مروان الباجي والقاضي أبي بكر بن العربي، وبقرطبة من أبي جعفر بن عبد العزيز وابن عمه أبي بكر وأبي القاسم بن بقي وابن مغيث وابن أبي الخصال وطائفة سواهم، قال الأبار: كان مكثرًا إلى الغاية بحيث إنه سمع من رفاقه وشيوخه أكثر من مائة نفس، لا نعلم أحدًا من طبقته مثله، وتصدر بإشبيلية للإقراء والإسماع وحمل الناس عنه كثيرًا وكان مقرئًا مجودًا ومحدثًا متقنًا وأديبًا نحويًّا لغويًّا واسع المعرفة رضيًّا مأمونًا، لما مات بِيعت كتبه بأغلى الأثمان لصحتها ولم يكن له نظير في هذا الشأن مع الحظ الأوفر من علم اللسان، توفي في ربيع الأول من سنة خمس وسبعين وخمسمائة وكانت جنازته مشهودة وعاش ثلاثًا وسبعين سنة.
 
1109- 13/17
 
===أبو عمر بن عياد يوسف بن عبد الله بن سعيد بن أبي زيد===
 
الأستاذ المحدث الحافظ أبو عمر الأندلسي الريي المقرئ أحد الأعلام.
 
أخذ القراءة عن أبي عبد الله بن أبي إسحاق وقدم بلنسية سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ولقي بها أعلام المقرئين أبا مروان بن الصيقل وأبا الحسن بن هذيل وأبا الحسن بن النعمة وسمع من أبي الوليد الدباغ وطارق بن نفيس وعدة.
 
وأجاز له أبو القاسم بن وردان وأبو محمد بن عطية وكان معنيًّا بصناعة الحديث جماعة للأجزاء والدواوين معدودًا في الأثبات المكثرين كتب العالي والنازل ولقي الكبار ولو اعتنى بهذا من أوائل عمره لبذ الأقران وفاق الأصحاب وكان يحفظ أخبار المشايخ وينقب عنهم ويضبط وفياتهم ويدون قصصهم أنفق عمره في ذلك.
 
وكان قد شرع في تذييل "صلة ابن بشكوال" وصنف "كتاب الكفاية في مراتب الرواية" و"كتاب المرتضى في شرح المنتقى" لابن الجارود وشرح "الشهاب" والأربعين في الحشر والأربعين في العبادات وغير ذلك، روى عنه ابنه أبو محمد وأبو الحجاج بن عبدة وأبو محمد بن غلبون وغيرهم، وكان من أهل التواضع والخير والعلم، استشهد عند كبسة العدولرية يوم العيد سنة خمس وسبعين أيضًا وعاش سبعين سنة، ذكره الأبار.
 
1110- 14/17
 
===القاسم===
 
ابن الحافظ الكبير أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ المحدث الفاضل بهاء الدين أبو محمد ابن عساكر الدمشقي، مصنف "فضائل القدس".
 
ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وسمع أباه وعمه الضياء بن هبة الله وجد أبويه أبا الفضل يحيى بن علي القرشي وجمال الإسلام علي بن المسلم السلمي ويحيى بن بطريق الطرسوسي وأبا طالب علي بن عبد الرحمن الصوري وأحمد بن محمد الهاشمي صاحب السميساطي وهبة الله بن طاوس وأبا الدر ياقوت الرومي وأبا الفتح نصر الله بن محمد المصيصي وخلقًا كثيرًا وأجاز له أبو عبد الله الفراوي والحسن بن عبد الملك الخلال وطبقتهما.
 
وكان محدثًا صدوقًا متوسط المعرفة مكرمًا للغرباء له أنسة بالحديث وخطه ضعيف رديء، قال الحافظ المنذري: قلت لشيخنا ابن المفضل أقول: ثنا القاسم بن علي الحافظ -بالكسر- صفة لأبيه؛ فقال: قل بالضم، اجتمعت به بالمدينة فأملى عليّ أحاديث من حفظه ثم بعث إلي أصوله فقابلتها فوجدتها سواء. وقيل: كان كيسًا ظريفًا مزاحًا.
 
قال العز النسابة: كان أحب ما إليه المزاح؛ وقال ابن نقطة: ثقة لكن خطه لا يشبه خط أهل الضبط. وقال الحافظ عبد الرحمن بن مقرن: حدثني المحدث بدي الحنفي قال: قرأت على القاسم ابن عساكر: ثنا ابن لهيعة؛ فردّ بالضم فراجعته فلم يرجع. قلت: من ضم مثل هذا ضمه إلى الشيوخ لا إلى الحفاظ ولكن بقيت الحافظ عليه لقبًا له، وقد نسخ بخطه تاريخ أبيه.
 
وصنف كتابًا في الجهاد، وأملى مجالس وخرج لنفسه الأبدال العالية نقاها من مصنف والده، وكان يبالغ في التعصب لمقالة أبي الحسن الأشعري من غير أن يحققها، ولي مشيخة الديار النورية بعد أبيه وإلى أن مات فما أخذ من الجامكية شيئًا بل جعله مرصدًا لمن يقدم عليه من الطلبة.
 
روى عنه أبو المواهب بن صصرى وأبو الحسن بن المفضل وأبو محمد الرّهاوي واليلداني وابن خليل والشيخ عز الدين عبد السلام والتاج عبد الوهاب بن زين الأمناء وعبد الغني بن بنين القتالي والقاضي عماد الدين بن عبد الكريم بن الحرستاني والحافظ زين الدين خالد وفراس العسقلاني ومجد الدين محمد ابن عساكر وتقي الدين بن أبي اليسر وأبو بكر بن النشبي والكمال عبد العزيز بن عبد وأجاز لأحمد بن سلامة والمسلم بن علان.
 
مات في تاسع صفر سنة ستمائة.
 
'''وفيها مات''' الإمام منتخب الدين أبو الفتوح أسعد بن محمود بن خلف العجلي الأصبهاني الشافعي عن خمس وثمانين سنة، والمسند أبو المعمر بقاء بن عمر بن حند الأزجي الدقاق، والمسند أبو القاسم شجاع بن معالي بن شدفيني القصباني عن بضع وثمانين سنة، والعلامة المسند أبو سعد عبد الله بن عمر بن أحمد الصفار النيسابوري الشافعي عن اثنتين وتسعين سنة، والحافظ الكبير عبد الغني المقدسي، والعلامة ركن الدين الطاوسي صاحب الطريقة واسمه العراقي بن محمد بن العراقي، مات بهمذان وكان يضرب به المثل في المناظرة، والمسندة أم عبد الكريم فاطمة بنت سعد الخير بن محمد الأنصارية بمصر، وأبو المعالي محمد بن صافي النقاش عن اثنتين وثمانين سنة، والمسند أبو طاهر لاحق بن أبي الفضل بن فيدرة الحريمي الصوفي عن ثمان وثمانين سنة، عنده المسند كله عن ابن الحصين.
 
أخبرنا المسلم بن محمد وأحمد بن سلامة إذنًا عن القاسم ابن الحافظ أنا أبو القاسم يحيى بن بطريق أنا محمد بن مكي الأزدي أنا ميمون بن حمزة العلوي ثنا أبو بكر أحمد بن عبد الوارث العسالي ثنا عيسى بن حماد نا الليث عن يزيد بن أبي حبيب أنا خالد بن كثير الهمداني حدثه أن السري بن إسماعيل الكوفي حدثه أن الشعبي حدثه سمع النعمان بن بشير يقول: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن من الحنطة خمرًا، ومن الشعير خمرًا، ومن الزبيب خمرًا، ومن العسل خمرًا، وأنا أنهى عن كل مسكر". غريب جدا، أخرجه ابن ماجه عن محمد بن رمح عن الليث، وهو مخرج في السنن الأربعة من طريق أخرى.... وإبراهيم بن مهاجر وغيرهما عن الشعبي كذلك، وقد رواه أيضًا جماعة عن الشعبي فقال: عن ابن عمر عن عمر قوله، وهذا هو المعروف.
 
1111- 15/17
 
===ابن عبيد الله===
 
الحافظ المتقن المقرئ شيخ المغرب أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبيد الله الحجري حجر ذي رعين الأندلسي المريي نزيل سبتة.
 
ولد سنة خمس وخمسمائة وسمع من أبي عبد الله بن زعينة صحيح مسلم وسمع من أبي القاسم بن ورد وأبي الحسن بن اللوان وأبي الحسن بن موهب الحداني، ولقي بقرطبة أبا القاسم بن بقي وأبا الحسن بن مغيث وابن مكي والحافظ أبا جعفر البطروجي وأبا بكر بن العربي، وأخذ بإشبيلية عن أبي الحسن شريح وأحمد بن عبد الله بن صالح المقرئ.
 
وقرأ الصحيح في سنة أربع وثلاثين على شريح فحضره ثلاثمائة نفر، عن أبيه وابن منظور عن أبي ذر الحافظ، وسمع أيضًا من محمد بن عبد العزيز الكلابي وجعفر بن محمد البرجي ويحيى بن خلف بن الخلوف وإبراهيم بن مروان ويوسف بن علي القضاعي، وعني بهذا الشأن، وكان غاية في الورع والصلاح والعدالة، قاله الأبار.
 
ثم قال: ولي الصلاة والخطبة بجامع المرسية وكان يعرف القراءات ودعي إلى القضاء فأبى وانتقل بعد تغلب العدو إلى مرسية ثم تحول إلى فاس واستقر في سبتة يقرئ فيها ويحدث حتى بعُد صيته وعلا ذكره وارتحلوا إليه، إلى أن قال: وكان له بصر بصناعة الحديث موصوفًا بجودة الفهم، استدعي إلى مراكش وسمع منه السلطان، ثنا عنه عالم بن الجلة.
 
قلت: روى عنه أبو عمر ومحمد بن محمد بن عيشون ومحمد بن أحمد الأندرشي بن اليتيم ومحمد بن محمد اليحصبي ومحمد بن عبد الله بن الصفار القرطبي والشرف محمد بن عبد الله المَرَسي ومحمد بن أحمد بن محرز وعبد الرحمن بن القاسم السراج وأبو الخطاب بن دحية وأخوه عثمان وعلي بن الفخار الشريشي ويوسف بن محمد الأندي وأبو الحسن علي بن محمد الشاري وإبراهيم بن عامر الطوسي ومحمد بن الجرج نزيل الثغر ومحمد بن عبد الله الأزدي، وهذا الأزدى بقي إلى سنة ستين وستمائة وأظنه آخر أصحابه.
 
قال أبو الربيع بن سالم الحافظ: كان وقت وفاة أبي محمد بن عبيد الله قحط مضر فلما وضع على شفير القبر توسلوا به إلى الله في إغاثتهم فسقوا في تلك الليلة مطرًا وابلًا وما اختلف الناس إلى قبره مدة الأسبوع إلا في الوحل والطين.
 
قلت: كان قرأ بالسبع على شريح ويحيى بن الخلوف وأبي جعفر بن الباذش؛ تلا عليه بالروايات أبو الحسن الشاري. قال ابن فرتون: وظهرت له كرامات. قال غيره: مات في آخر المحرم سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
 
'''وفيها مات''' أبو العباس أحمد بن أبي منصور محمد بن محمد بن الزبرقان الأصبهاني عن إحدى وتسعين سنة، والمسند أبو القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف، ومقرئ مصر أبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي، ومقرئ العراق أبو جعفر عبد الله بن أحمد الواسطي صاحب أبي عبد الله البارع، والمسند أبو المحاسن محمد بن الحسن الأصبهاني التاجر المعروف بالأصفهبذ وقد قارب الثمانين، ومقرئ الغرب أبو الحسن نجبة بن يحيى الرعيني الإشبيلي صاحب شريح. أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ أنا محمد بن إبراهيم الأنصاري أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الحافظ أنا أحمد بن محمد بن أحمد بن بقي وأبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن البطروجي قالا: ثنا محمد بن الفرج الفقيه ثنا يونس بن عبد الله القاضي أنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله أنا عم أبي عبيد الله بن يحيى بن يحيى الليثي ثنا أبي ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله {{صلل}} قال: "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله".
 
1112- 16/17
 
===عبد الغني بن عبد الواحد===
 
بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر الحافظ الإمام محدث الإسلام، تقي الدين أبو محمد المقدسي الجماعيلي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي صاحب التصانيف.
 
ولد في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة هو وابن خالته الشيخ الموفق بجماعيل، واصطحبا مدة في أول اشتغالهما ورحلتهما. سمع أبا المكارم بن هلال بدمشق، وهبة الله بن هلال وابن البطي وطبقتهما ببغداد، وأبا طاهر السلفي بالثغر، وأقام عليه ثلاثة أعوام ولعله كتب عنه ألف جزء، وأبا الفضل الطوسي بالموصل، وعبد الرزاق بن إسماعيل القومساني بهمذان، والحافظ أبا موسى المديني وأقرانه بأصبهان، وعلي بن هبة الله الكاملي بمصر؛ وكتب ما لا يوصف كثرة وما زال ينسخ ويصنف ويحدث ويعبد الله حتى أتاه اليقين.
 
روى عنه ولداه أبو الفتح وأبو موسى وعبد القادر الرّهاوي والشيخ موفق الدين والضياء وابن خليل والفقيه اليونيني وابن عبد الدائم وعثمان بن مكي الشارعي وأحمد بن حامد الأرتاحي وإسماعيل بن عزون وعبد الله بن علاق ومحمد بن مهلهل الجيتي، وهو آخر من سمع منه، بقي إلى سنة أربع وسبعين، وبقي بعده بالإجازة أحمد بن أبي الخير شيخنا.
 
قال ابن النجار: حدث بالكثير وصنف في الحديث تصانيف حسنة وكان غزير الحفظ من أهل الإتقان والتجويد قيمًا بجميع فنون الحديث، إلى أن قال: وكان كثير العبادة ورعًا متمسكًا بالسنة على قانون السلف، تكلم في الصفات والقرآن بشيء أنكره أهل التأويل من الفقهاء وشنعوا عليه، فعقد له مجلس بدار السلطان بدمشق فأصر وأباحوا قتله فشفع فيه أمراء الأكراد على أن يبرح من دمشق فذهب إلى مصر وأقام بها خاملا إلى حين وفاته.
 
قرأت بخط الحافظ أبي موسى المديني: يقول أبو موسى، عفا الله عنه: قل من قدم علينا من الأصحاب من يفهم هذا الشأن كفهم الإمام ضياء الدين عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي زاده الله توفيقًا وقد وفق لتبيين هذه الغلطات، يعني التي في كتاب معرفة الصحابة لأبي نعيم، إلى أن قال: ولو كان الدارقطني في الأحياء وأمثاله لصوبوا فعله، وقل من تفهم في زماننا لما فهمه.
 
قال الحافظ الضياء: ثم سافر الحافظ إلى أصبهان وكان خرج وليس معه إلا قليل فلوس فسهل الله تعالى من حمله وأنفق عليه فأقام بأصبهان مدة وحصل بها الكتب الجيدة، وكان ليس بالأبيض الأمهق يميل إلى سمرة حسن الثغر كث اللحية واسع الجبين عظيم الخلق تام القامة كأن النور يخرج من وجهه ضعف بصره من كثرة الكتابة والبكاء.
 
وصنف "المصباح" في ثمانية وأربعين جزءًا، مشتملًا على أحاديث الصحيحين، وكتاب "نهاية المراد" في السنن نحو مائتي جزء لم يبيضه، كتاب "المواقيت" مجلد، كتاب "الجهاد" مجلد، "الروضة" أربعة أجزاء، "فضائل خير البرية" مجلد، "الذكر" جزءان، "الإسراء" جزءان، "التهجد" جزءان، "المحنة" ثلاثة أجزاء "صلات الأحياء إلى الأموات" جزءان، "الصفات" جزءان، "الفرح" جزءان، "فضل مكة" أربعة أجزاء وتصانيف كثيرة، جزء "غنية الحفاظ في مشكل الألفاظ" مجلدان، "الحكايات" أزيد من مائة جزء.
 
ومما ألفه بلا إسناد "العمدة" جزءان، "الأحكام" ستة أجزاء "درر الأثر" تسعة أجزاء، "الكمال" عشر مجلدات، إلى أن قال: وكان لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا ذكره له وبيّنه، ولا يسأل عن رجل إلا قال: هو فلان ابن فلان، وبين نسبته، فأقول: كان أمير المؤمنين في الحديث، سمعته يقول: نازعني رجل في حديث بحضرة أبي موسى فقال: هو في البخاري؛ قلت: ليس هو فيه، فكتب الحديث في رقعة ورفعها إلى أبي موسى يسأله فناولني أبو موسى الرقعة وقال: ما تقول؟ فقلت: ما هو في البخاري؛ فخجل الرجل.
 
وقال الضياء: سمعت إسماعيل بن ظفر يقول: جاء رجل إلى الحافظ عبد الغني فقال: رجل حلف بالطلاق: إنك تحفظ مائة ألف حديث؛ فقال: لو قال أكثر لصدق. وشاهدت الحافظ غير مرة بجامع دمشق يسأله بعض الحاضرين وهو على المنبر يقول: اقرأ لنا أحاديث من غير الجزء فيقرأ الأحاديث علينا بأسانيدها عن ظهر قلبه، وقيل له: لم لا تقرأ دائمًا من غير كتاب؟ فقال: أخاف العجب؛ وسمعت أبا محمد عبد العزيز الشيباني يقول: سمعت التاج الكندي يقول: لم يكن بعد الدارقطني مثل الحافظ عبد الغني المقدسي.
 
قال الفقيه محمود بن همام: سمعت الكندي يقول: لم ير الحافظ عبد الغني مثل نفسه. وقال ربيعة اليمني: قد رأيت أبا موسى المديني، وهذا الحافظ عبد الغني أحفظ منه. وقال الضياء: كل من رأيت من المحدثين يقول: ما رأينا مثل عبد الغني؛ وهو الذي حرضني على السفر إلى مصر وبعث معنا ابنه عبد الرحمن وهو ابن عشر سنين وهو سفّر إسماعيل بن ظفر وأعطاه فسار إلى أصبهان وإلى خراسان، وحرض يوسف بن خليل على الرحلة؛ وكان يقرأ الحديث ليلة الخميس وبعد الجمعة بجامع دمشق ويجتمع خلق ويبكي الناس كثيرًا ثم يطوّل لهم الدعاء، سمعت الواعظ أبا الحسن بن نجا على المنبر بالقرافة يقول: قد جاء الحافظ وهو يريد أن يقرأ الحديث فاشتهى أن تحضروا مجلسه ثلاث مرات وبعدها أنتم تعرفونه وتحصل لكم الرغبة فيه؛ فجلس أول يوم بجامع القرافة وحضرت فقرأ أحاديث بأسانيدها حفظًا وقرأ أخرى ففرح الناس به، ثم سمعت ابن نجا يقول: حصل مرادي في أول مجلس، إلى أن قال: وكان لا يضيع شيئًا من زمانه، كان يصلي الفجر ويلقن القرآن وربما لقن الحديث ثم يقوم فيتوضأ ويصلي ثلاثمائة ركعة بالفاتحة والمعوذتين إلى قبيل الظهر فينام نومة فيصلي الظهر ويشتغل بالتسميع أو النسخ إلى المغرب فيفطر إن كان صائمًا ويصلي إلى العشاء ثم ينام إلى نصف الليل أو بعده ثم يتوضأ ويصلي ثم يتوضأ ويصلي إلى قريب الفجر، وربما توضأ سبع مرات أو أكثر ويقول: تطيب لي الصلاة ما دامت أعضائي رطبة، ثم ينام نومة يسيرة قبل الفجر وهذا دأبه.
 
قال الشيخ الموفق: كان رفيقي وما كنا نستبق إلى خير إلا سبقني إليه إلا القليل، وكمل الله فضيلته بابتلائه بأذى أهل البدعة وقيامهم عليه ورزق العلم وتحصيل الكتب الكثيرة إلا أنه لم يعمر حتى يبلغ غرضه في روايتها ونشرها. قال الضياء: وكان لا يرى منكرًا إلا غيره بيده أو بلسانه، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، ثم رأيته مرة يريق خمرًا فسل صاحبه السيف فلم يخف وكان قويًّا فأخذ السيف من يد الرجل وكان يكسر الشبابات والطنابير.
 
وشاهدت بخطه يقول: والملك العادل ما رأيت منه إلا الجميل أقبل عليّ وقام لي والتزمني ودعوت له فقلت: عندنا قصور يوجب التقصير؛ فقال: ما عندك تقصير ولا قصور، وذكر أمر السنة فقال: ما عندك شيء يعاب في أمر الدين والدنيا، ولا بد للناس من حاسد؛ وبلغني عنه بعد ذلك أنه ذكر عنده العلماء فقال: ما رأيت مثل فلان، دخل علي فخيل لي أنه أسد قد دخل علي.
 
قال الضياء: وكان المبتدعة قد أوغروا صدر العادل على الحافظ وتكلموا فيه عنده وكان بعضهم يقول: ربما يقتله إذا دخل عليه، فسمعت أن بعضهم بذل في قتل الحافظ خمسة آلاف دينار. قال الضياء: سمعت أبا بكر بن أحمد الطحان يقول: جعلوا الملاهي عند درج جيرون فجاء الحافظ فكسر كثيرًا منها وصعد المنبر، فجاءه رسول القاضي يطلبه ليناظره في الدف والشبابة فقال: ذاك حرام ولا أمشي إليه إن كان له حاجة يجيء هو؛ قال: فعاد الرسول فقال: لا بد من مجيئك قد عطلت هذه الأشياء على السلطان، فقال: ضرب الله رقبته ورقبة السلطان؛ فمضى الرسول فخفنا من فتنة فما أتى أحد بعد؛ سمعت محمود بن سلامة الحراني بأصبهان يقول: كان الحافظ بأصبهان يخرج فيصطف الناس في السوق ينظرون إليه؛ ولو أقام بأصبهان مدة وأراد أن يملكها لملكها، يعني: من حبهم له ورغبتهم فيه. قال الضياء: وكنا بمصر نخرج معه للجمعة فلا نقدر نمشي معه من زحمة الناس يتبركون به ويجتمعون حوله، وكان جوادًا كريمًا لا يدخر شيئًا ولا درهمًا، وقيل: كان يخرج في الليل بقفات الدقيق فإذا فتحوا ترك ما معه ومضى لئلا يعرف، وربما كان عليه ثوب مرقع.
 
سمعت بدر بن محمد الجذري يقول: ما رأيت أحدًا أكرم من الحافظ، لقد أوفى عني غير مرة. وسمعت سليمان الأشعري يقول: بعث الأفضل إلى الحافظ بنفقة وقمح كثير ففرق الجميع.
 
وحكى رجل أنه شاهد الحافظ في الفلاء بمصر ثلاث ليالٍ يؤثر بعشائه ويطوي. قال الضياء: فتح له بمصر أشياء كثيرة من الذهب وغيره. سمعت الرضى عبد الرحمن بن محمد أنه سمع الحافظ يقول: سألت الله أن يرزقني حال الإمام أحمد، فقد رزقني صلاته، قال: ثم ابتلي بعد ذلك وامتحن. سمعت الإمام أبا عبد الله بن أبي الحسن الجبائي يقول: أخذ الحافظ عبد الغني على أبي نعيم في مائتين وتسعين موضعًا فطلبه الصدر بن الخجندي وأراد هلاكه فاختفى الحافظ.
 
وسمعت محمود بن سلامة يقول: ما أخرجناه إلا في إزار. وسمعت الحافظ يقول: كنا نسمع بالموصل كتاب الضعفاء للعقيلي فأخذني أهل الموصل وحبسوني وأرادوا قتلي من أجل ذكر رجل فيه فجاءني رجل طويل بسيف فقلت: لعله يقتلني وأستريح، قال: فلم يصنع شيئًا ثم أطلقت. وكان يسمعه معه ابن البرني فأخذ الكراس الذي فيه ذكر الرجل ففتشوا الكتاب فلم يجدوا شيئًا فأطلق.
 
أخبرنا عبد الحميد بن أحمد، سمعت الضياء يقول: كان الحافظ يقرأ الحديث بدمشق ويجتمع الخلق عليه فحسد وشرعوا يعملون لهم وقتًا في الجامع ويقرأ عليهم الحديث فهذا ينام وهذا قلبه غير حاضر فلم تشتف قلوبهم فشرعوا في مكيدة فأمروا الناصح أن يعظ بعد الجمعة تحت قبة النسر وقت جلوس الحافظ، فأخر الحافظ معتاده إلى العصر، فلما كان في بعض الأيام والناصح قد فرغ فدسوا رجلا ناقض العقل من بني عساكر فقال للناصح ما معناه؟ إنك تقول الكذب على المنبر فضرب الرجل وهرب وخبئ في الكلاسة ومشوا إلى الوالي وقالوا: هؤلاء الحنابلة ما قصدهم إلا الفتنة، وهم، وهم، واعتقادهم، ثم جمعوا كبراءهم ومضوا إلى القلعة وقالوا للوالي: نشتهي أن يحضر عبد الغني. وسمع مشايخنا فانحدروا، خالي الموفق وأخي الشمس والفقهاء وقالوا: نحن نناظرهم، وقالوا للحافظ: اقعد لا تجئ فإنك حاد ونحن نكفيك، فاتفق أنهم أخذوا الحافظ ولم يعلم أصحابنا فناظروه وكان أجهلهم يغري به، فاحتد وكانوا قد كتبوا شيئًا من اعتقادهم وكتبوا فيه خطوطهم ثم قالوا له: اكتب خطك، فلم يفعل؛ فقالوا للوالي: قد اتفق الفقهاء كلهم وهذا يخالف؛ فبعث الأسارى فرفعوا منبره وخزانه ودرابزين وقالوا: نريد أن لا تجعل في الجامع صلاة إلا للشافعية وكسروا منبر الحافظ ومنعنا من صلاة الظهر، فجمع الناصح السوقة وغيرهم وقال: إن لم يخلونا نصلي صلينا بغير اختيارهم؛ فبلغ ذلك القاضي وكان صاحب الفتنة فأذن لهم وحمت الحنفية مقصورتهم بجماعة من الجند، ثم إن الحافظ ضاق صدره ومضى إلى بعلبك فأقام بها مدة وتوجه إلى مصر فبقي بنابلس مدة، إلى أن قال: وجاء الملك الأفضل وأخذ مصر ثم رد إلى دمشق فصادف الحافظ وأكرمه ونفذ يوصي به بمصر
 
فتلقى بالبشر والإكرام وكان بمصر كثير من المخالفين لكن رائحة السلطان كانت تمنعهم، ثم جاء العادل وأخذ مصر وأكثروا عنده على الحافظ فطلب ثم أكرمه العادل وبقي الحافظ بمصر وهم لا يتركون الكلام فيه، فلما أكثروا عزم الكامل على إخراجه ثم اعتقل في داره سبع ليالٍ، فسمعت التقي أحمد بن محمد بن عبد الغني يقول: حدثني الشجاع بن أبي ذكري الأمير قال: قال لي الكامل: هنا فقيه قالوا: إنه كافر؛ قلت: ما أعرفه؛ قال: بلى، هو محدث؛ فقلت: لعله الحافظ عبد الغني؟ فقال: هو هو؛ فقلت: أيها الملك، العلماء أحدهم يطلب الآخرة والآخر يطلب الدنيا، وأنت هنا باب الدنيا فهل جاء إليك؟ أو أرسل إليك ورقة؟ قال: لا؛ قلت: والله هؤلاء يحسدونه؛ فقال: جزاك الله خيرًا كما عرفتني. قال الضياء: بلغني أن الحافظ أمر أن يكتب اعتقاده فكتب: أقول كذا لقول الله كذا، وأقول كذا لقول النبي {{صلل}} كذا، حتى فرغ من المسائل؛ فلما وقف عليها الكامل قال: أيش أقول في هذا؟ يقول: بقول الله ورسوله؛ فخلى عنه.
 
وسمعت أحمد بن محمد بن عبد الغني يقول لي: رأيت أخاك الكمال عبد الرحيم في النوم فقلت: أين أنت؟ فقال: في جنة عدن، فقلت: أيما أفضل الحافظ عبد الغني أو الشيخ أبو عمر؟ فقال: ما أدري، أما الحافظ فكل ليلة جمعة ينصب له كرسي تحت العرش يقرأ عليه الحديث وينثر عليه الدر وهذا نصيبي منه؛ وأشار إلى كمه.
 
سمعت أبا موسى يقول: مرض والدي أيامًا ووضأته وقت الصباح فقال لي: يا عبد الله صل بنا وخفف؛ فصليت بالجماعة وصلى معنا جالسًا ثم قال: اقرأ عند رأسي يس فقرأتها وقلت: هنا دواء تشربه؛ فقال: ما بقي إلا الموت؛ فقلت: ما تشتهي شيئًا؟ قال: أشتهي النظر إلى وجه الله الكريم؛ فقلت: ما أنت عني راض؟ قال: بلى؛ وجاءوا يعودونه وجعلوا يتحدثون ففتح عينه وقال: ما هذا؟ اذكروا الله، قولوا: لا إله إلا الله ثم دخل درع النابلسي فقمت لأناوله كتابًا من جانب المسجد، فرجعت وقد توفي {{رحمه ى}} يوم الاثنين الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ستمائة.
 
قلت: '''وفيها توفي''' المذكورون في ترجمة القاسم. وترجمه الحافظ الضياء أربع كراريس بسماعنا من ابن خولان عنه.
 
أنبأنا أحمد بن سلامة الدمشقي عن عبد الغني بن عبد الواحد في كتابه أنا حيدرة بن عمر بن إبراهيم العلوي أنا طراد بن محمد أنا أحمد بن محمد بن حسنون ثنا أبو جعفر محمد بن عمرو إملاء ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا أبو سنان حدثني حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أعمل العمل سرًّا فإذا اطلع عليه أعجبني؟ قال رسول الله، {{صلل}}: "لك أجران: أجر السر وأجر العلانية". رواه الأعمش عن حبيب وأرسله، أخرجه أبو عيسى في جامعه عن محمد بن المثنى عن أبي داود.
 
1113 - 17/17
 
===الباقداري===
 
الحافظ العالم المحدث أبو بكر محمد بن أبي غالب بن أحمد بن مرزوق البغدادي الضرير.
 
قدم من باقدار في صباه وتلا على جماعة وسمع الحديث من أبي محمد سبط الخياط وأبي بكر بن الزاغوني وابن ناصر وطبقتهم فأكثر، قال ابن الدبيثي: انتهى إليه معرفة رجال الحديث وحفظه وكان المعتمد عليه فيه.
 
وقال أبو الفتوح بن الحصري: كان آخر من بقي من حفاظ الحديث من الأئمة. قال ابن الدبيثي: سمعت غير واحد من شيوخنا يذكرون أبا بكر الباقداري ويصفونه بالحفظ ومعرفة الرجال والمتون مع كونه ضريرًا مقصورًا إلا أنه كان حفظة حسن الفهم، بلغني أن ابن ناصر كان يراجعه في أشياء ويصير إلى قوله. وقال أبو محمد المنذري: كان أحد حفاظ بغداد المشهورين بمعرفة الرجال والتقدم مع ضرره. قلت: توفي في آخر سنة خمس وسبعين وخمسمائة كهلا، وقد انتهى علو الرواية إلى ابنته عجبيبة في وقتها.
 
أنبأنا أبو حامد بن الصابوني وعدة عن محمد بن سعيد الحافظ أنا عبد الله بن عمر الوكيل أنا أبو بكر محمد بن أبي غالب الحافظ أنا أبو بكر بن الزاغوني وسعيد بن البناء وابن المادح قالوا: أنا أبو نصر الزينبي أنا محمد بن عمر الوراق أنا عبد الله بن أبي داود ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا سعد -وهو ابن الصلت- ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال: توفيت زينب بنت رسول الله {{صلل}} فخرج بجنازتها وخرجنا معه فرأيناه كئيبًا حزينًا ثم دخل قبرها فخرج ملتمع اللون، فسألناه عن ذلك فقال: "إنها كانت امرأة مسقامة، فذكرت شدة الموت وضغطة القبر فدعوت الله فخفف عنها". قرأته على أبي المعالي الزهري الزاهد عن أكمل بن أبي الأزهر سماعًا أنا سعيد بن البناء، مثله.
 
1114- 18/17
 
===ابن الحضري===
 
الإمام الحافظ المفيد شيخ القراء برهان الدين أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج محمد بن علي البغدادي الحنبلي، نزيل مكة وإمام الحطيم.
 
تلا بالروايات على ابن الشهرزوري ولعله آخر من قرأ عليه، وسمع من أبي الوقت وابن الزاغوني وأبي طالب العلوي وأبي محمد بن المادح وهبة الله بن السبل وابن البطي وأبي زرعة المقدسي وخلق كثير، وعني بالفن أتم عناية ونسخ الكثير، وكان يفهم ويفيد مع الثقة والدين.
 
قال ابن النجار: قرأ بالروايات على جماعة -وسماهم- وكان حافظًا حجة نبيلًا من أعلام الدين جم العلم كثير المحفوظ كثير التعبد والتهجد. وقال المنذري: حصل من الأدب طرفًا حسنًا، وكان يسمع ويقرأ ويفيد الغرباء وغيرهم، جاور عشرين سنة.
 
قال الدبيثي: كان ذا معرفة بهذا الشأن ونعم الشيخ كان عبادة وثقة. وقال ابن نقطة: حافظ ثقة مكثر متقن. قلت: روى عنه الثلاثة والبرزالي وابن خليل وتاج الدين علي بن القسطلاني وخلق والحافظ ضياء الدين، وقال: توفي شيخنا الحافظ الإمام -إمام الحرم- أبو الفتوح بالمهجم في المحرم سنة تسع عشرة وستمائة، {{رحمه ى}}.
 
قال ابن مسدي: قصد اليمن فأدركه الأجل بالمهجم في ربيع الآخر، كذا قال. وقال: وكان أحد الأئمة الأثبات مشارًا إليه بالحفظ. قلت: آخر من بقي من أصحابه شيخنا المقداد القيسي سمع منه سنن أبي داود وغير ذلك.
 
أخبرنا المقداد إجازة أنا نصر بن محمد الحافظ أنا أبو طالب العلوي أنا أبو علي التستري أنا أبو عمر الهاشمي أنا أبو علي اللؤلؤي ثنا أبو داود ثنا محمد بن كثير ثنا همام عن علي بن زيد عن أم محمد عن عائشة أن النبي {{صلل}} كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ إلا يتسوك قبل أن يتوضأ.
 
1115- 19/17
 
===ابن الأخضر===
 
الإمام الحافظ المسند محدث العراق، أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك الجنابذي ثم البغدادي.
 
ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة وسمع باعتناء والده من القاضي أبي بكر الأنصاري وأبي القاسم بن السمرقندي ويحيى بن الطراح وعبد الوهاب الأنماطي، ثم طلب بنفسه وسمع من الأرموي وابن ناصر وأبي الوقت وابن البطي ومن بعدهم، ونسخ وحصل الأصول الثمينة، وصنف وجمع وأفاد ونفع وحدث نحوًا من ستين عامًا، وكان ذا حلقة بجامع القصر؛ وتواليفه تدل على معرفته وحفظه، وكان ثقة صالحًا عفيفًا دينًا. قال ابن الدبيثي: لم أر في شيوخنا أوفر شيوخًا منه ولا أغزر سماعًا، حدث بجامع القصر دهرًا.
 
قلت: وكان والده قد سمع من إسماعيل بن ملة وحج سنة خمس وثلاثين وعمره أربعون سنة فعدم في الطريق. قال ابن نقطة: كان شيخنا ثقة ثبتًا مأمونًا كثير السماع واسع الرواية صحيح الأصول منه تعلمنا واستفدنا، ما رأينا مثله. قال ابن النجار: بالغ شيخنا أبو محمد حتى قرأ على شيوخنا وصنف في كل فن، وكانت له حلقة بجامع القصر يقرأ به كل جمعة بعد الصلاة، وكان أول سماعه في سنة ثلاثين بإفادة أبيه وأبي الحسن بن بكردوس، كتب لنفسه وتوريقًا للناس في شبابه، وكان له حانوت للبزبخان الخليفة، كنت أقرأ عليه به، حدث بجميع مروياته به، سمع منه عمر بن علي القرشي وكتب عنه في معجمه، كان ثقة حجة نبيلًا ما رأيت في شيوخنا سفرًا ولا حضرًا مثله في كثرة مسموعاته ومعرفته لمشايخه وحسن أصوله وحفظه وإتقانه وكان أمينًا ثخين الستر دينًا عفيفًا أريد على أن يشهد عند القضاة فامتنع، وكان من أحسن الناس خلقًا وألطفهم طبعًا من محاسن البغداديين وظرفائهم ما يمل جليسه منه.
 
قلت: حدث عنه ابن الدبيثي وابن نقطة وابن النجار والضياء والبرزالي وابن خليل والزين النابلسي وأحمد بن محمد بن بنيمان الهمذاني ومحمد بن نصر بن الجيلي وعلي بن مهران سبط العاقولي وعلي بن عدلان الموصلي وعلي بن زريق وأحمد بن الحسين الخليلي ومحمد بن سعيد النشف والفقيه يحيى بن الصيرفي والنجيب عبد اللطيف وأخوه العز والنجيب مقداد القيسي والعلم قاسم بن أحمد الأندلسي وولده علي بن الأخضر وآخرون، وآخر من روى عنه بالإجازة الكمال عبد الرحمن بن المكبر. توفي سادس شوال سنة إحدى عشرة وستمائة هو والحافظ ابن المفضل.
 
أخبرنا المقداد بن أبي القاسم المعدل كتابة أنا عبد العزيز بن محمود الحافظ سنة إحدى عشرة ببغداد أنا محمد بن عبد الباقي الأنصاري أنا أبو إسحاق البرمكي حضورًا أنا أبو محمد بن ماسي أنا أبو مسلم الكجي ثنا الأنصاري وأبو عاصم قالا: أنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "ويل للذي يحدث ليضحك منه القوم فيكذب، ويل له، ويل له". هذا حديث صالح الإسناد من العوالي، أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي في كتبهم من حديث عبد الله بن المبارك وإسماعيل بن علية ويحيى بن سعيد القطان عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده، {{عنه}}. قال الترمذي: هذا حديث، هذا حسن قلت: وهو نص في تحريم الكذب، فإن حدث القوم مما يضحكهم من غير كذب فلا بأس بالقليل منه.
 
1116- 20/17
 
===عبد الرزاق===
 
ابن الشيخ القدوة أبي محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي الإمام المحدث الحافظ الزاهد، أبو بكر الحنبلي، محدث بغداد.
 
ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وسمع الكثير بإفادة أبيه، ثم طلب بنفسه وعني بهذا الشأن وحصل الأصول، سمع من محمد بن صرما وأبي الفضل الأرموي وأبي القاسم بن البناء والحافظ أبي الفضل بن ناصر وأبي بكر بن الزغواني وأبي الكرم بن الشهرزوري وطبقتهم وكان يقال له: الحلبي، نسبه إلى الحلبة وهي محلة شرقي بغداد، ذكره الحافظ محمد بن عبد الواحد الحنبلي فقال: لم أر ببغداد أحدًا في تيقظه وتحريه مثله. وذكره الإمام شهاب الدين أبو شامة في تاريخه فقال: كان زاهدًا عابدًا ثقة مقتنعًا باليسير.
 
قلت: حدث عنه أبو عبد الله بن الدبيثي وأثنى عليه، ومجد الدين بن النجار والضياء المقدسي والنجيب عبد اللطيف والتقي اليلداني وابنه قاضي القضاة أبو صالح وآخرون. وأجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمرو الفخر علي وابن شيبان وطائفة. مات في شوال سنة ثلاث وستمائة.
 
'''وفيها مات''' المسند أبو إسماعيل داود بن محمد بن ماشاذة الأصبهاني، والمسند أبو القاسم سعيد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاف المؤدب ببغداد، ومسند الوقت أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني بأصبهان عن أربع وتسعين سنة، والمسند مخلص الدين محمد بن معمر الفاخر القرشي بأصبهان، رحمهم الله تعالى.
 
قرأت على محمد بن إسحاق أخبركم أبو صالح نصر بن عبد الرزاق القاضي ببغداد قال: قرأت على والدي أبي بكر وأمة الكريم أخبركما جدي الشيخ عبد القادر بن أبي صالح "ح" وأخبرنا أبو جعفر بن المقير وجماعة قالوا: أنا يحيى بن أبي السعود أخبرتنا شهدة بنت الأبري قالا: ثنا أبو غالب محمد بن الحسن ثنا الحسن بن أحمد ثنا عثمان بن السماك ثنا محمد بن الحسين بن أبي الحنين ثنا ابن الأصبهاني أنا شريك عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن صعصعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن تمت قبل منه سائر عمله، وإن نقصت قال: انظروا هل له من تطوع فأكملوها به". <ref> رواه الترمذي في المواقيت باب 188. والنسائي في الصلاة باب 9. وابن ماجه في الإقامة باب 202.</ref> فهذا النقص في الصلاة يشتمل على نقص عدد الصلوات ونقص ذاتها وماهيتها، فيكمل الله هذا وهذا بالنوافل بلطفه وكرمه فله الحمد.
 
1117- 21/17
 
===عبد القادر بن عبد الله===
 
الحافظ الإمام الرحال أبو محمد '''الرهاوي''' الحنبلي محدث الجزيرة.
 
ولد بالرهاء سنة ست وثلاثين وخمسمائة ونشأ بالموصل وكان مملوكًا لبعض المواصلة السفارين فأعتقه فطلب العلم وأقبل على الحديث فسمع من مسعود بن الحسن الثقفي والحسن بن العباس الرستمي وأبي جعفر محمد بن الحسن الصيدلاني ورجاء بن حامد ومحمود فورجة وإسماعيل بن شهريار ومعمر بن الفاخر وعبد الرحيم بن أبي الوفاء وعلي بن عبد الصمد بن مردويه وأقرانهم بأصبهان، والحافظ أبي العلاء ومحمد بن بنيمان بهمذان، وأبي زرعة المقدسي، ولحق بهراة عبد الجليل بن أبي سعد خاتمة أصحاب بيبي الهرثمية، وبمرو من مسعود بن محمد المروزي، وبنيسابور من أبي بكر محمد بن علي بن محمد الطوسي وطبقته، وبسجستان من أبي عروبة عبد الهادي بن محمد بن عبد الله الزاهد، وببغداد من أبي علي أحمد بن محمد الرحبي وأبي محمد الخشاب وخلق، وبواسط من هبة الله بن مخلد الأزدي وأبي طالب المحتسب، وبالموصل من أبي الفضل الطوسي ويحيى بن سعدون القرطبي، وبدمشق من أبي القاسم الحافظ ومحمد بن بركة الصلحي، وبمصر من محمد بن علي الرحبي وابن بري، وبالإسكندرية من السلفي؛ وعمل الأربعين المتباينة الأسانيد في مجلد كبير يدل على تبحره وسعة علمه.
 
قال ابن نقطة: كان عالمًا ثقة مأمونًا صالحًا إلا أنه كان عسرًا في الرواية لا يكثر عنه إلا من أقام عنده. قال يوسف بن خليل: كان حافظًا ثبتًا كثير السماع كثير التصنيف متقنًا ختم به علم الحديث. قال أبو محمد المنذري: كان حافظًا ثقة راغبًا في الانفراد عن أرباب الدنيا. وقال أبو شامة: كان صالحًا مهيبًا زاهدًا ناسكًا خشن العيش ورعًا.
 
قلت: حدث عنه ابن نقطة والزكي البرزالي والضياء وابن خليل والصريفيني وإسماعيل بن ظفر والشهاب القوصي وعبد الرحمن بن سالم الأنباري وأبو العباس بن عبد الدائم وأبو زكريا بن الصيرفي وعامر القلعي وعبد العزيز بن الصيقل والفقيه أبو عبد الله بن حمدان وغيرهم، وله أوهام نبهت على مواضع منها في الأربعين له، ومع حفظه ومعرفته فغيره أتقن، وتكرر في تباين الأسانيد أربعة مواضع.
 
توفي الحافظ الرهاوي بحران في ثاني جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وستمائة.
 
'''وفيها توفي''' المسند أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب البغدادي السباك الصوفي في شوال فجأة، سمع عبد الوهاب الأنماطي، والمسند أبو العباس أحمد بن يحيى بن بركة بن الديبقي البغدادي البزاز، والمسند أبو الفضل سليمان بن محمد بن علي الموصلي، والمسند الرحلة أبو محمد عبد العزيز بن معالي بن غنيمة بن منينا، والشريف أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن هبة الله الهاشمي المنصوري، وشيخ الصعيد القدوة أبو الحسن علي بن حميد بن الصباغ، والشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن موهوب بن البناء الصوفي، وكمال الدين أبو الفتوح محمد بن علي بن المبارك بن الحلاحلي السفار، والمسند أبو القاسم موسى بن سعيد بن هبة الله بن الصيقل الهاشمي عنده إسماعيل بن السمرقندي، والمسند يحيى بن ياقوت بن الفراش المجاور.
 
أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه ثنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ أنا مسعود بن الحسن الأصبهاني بها أنا إبراهيم بن محمد الطيار ومحمد بن أحمد السمسار قالا: أنا إبراهيم بن عبد الله التاجر ثنا الحسين بن إسماعيل القاضي ثنا ابن أبي مذعور ثنا يزيد بن زريع ثنا روح بن القاسم ثنا محمد بن المنكدر عن جابر قال: أتيت أبا بكر أسأله فمنعني، ثم أتيته أسأله فمنعني، ثم أتيته أسأله فمنعني، فقلت: إما أن تبخل وإما أن تعطيني، فقال: أتبخلني وأي داء أدوأ من البخل؟ ما أتيتني من مرة إلا وأنا أريد أن أعطيك ألفًا، قال: فأعطاني ألفًا وألفًا وألفًا.
 
1118- 22/17
 
===ابن عات===
 
الحافظ الإمام الثقة، أبو عمر أحمد بن هارون بن أحمد بن جعفر بن عات النفزي الشاطبي.
 
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة كان من حفاظ الأندلس، ذكره الأبار فقال: سمع العلامة أبا محمد وأبا الحسن بن هذيل وعلم بن عبد العزيز وطبقتهم، وبالإسكندرية من أبي طاهر السلفي وابن عوف الزهري. قال أبو محمد المنذري: سمع أيضًا محمد بن يوسف بن سعادة وعاشر بن محمد ومخلوف بن جارة، وكان شيخنا ابن المفضل يذكره بكثرة الحفظ والميل إلى تحصيل المعارف. قال الأبار: كان أحد الحفاظ يسرد المتون ويحفظ الأسانيد عن ظهر قلب لا يخل منها بشيء موصوفًا بالدراية والرواية، يغلب عليه الورع والزهد على منهاج السلف يأكل الخشن ويلبس الخشن وربما أذن في المساجد، له تواليف دالة على سعة حفظه مع حظ من النثر والنظم، حدثونا عنه وأجاز لي مروياته، توجه غازيًا فشهد وقعة العقاب التي أفضت إلى خراب الأندلس بالدائرة على المسلمين فيها، فعدم {{رحمه}} في صفر سنة تسع وستمائة. قلت: وقع لي من مروياته نازلا.
 
ومات بعده في العام شيخ القراء بالأندلس أبو جعفر أحمد بن علي بن يحيى بن عون الله الداني الحصار، والمحدث المفيد أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن هراة القفصي الشافعي وقفصة بلدة بقرب القيروان، والإمام المحدث الجوال أبو نزار ربيعة بن الحسن بن علي الحضرمي اليمني الذماري الشافعي عن أربع وثمانين سنة، والمقرئ المحدث المسند أبو شجاع زاهر بن رستم البغدادي الشافعي بمكة، ومسند همذان أبو الفضل عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن أبي زيد بن المعزم الهمذاني، وإمام العربية أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خروف الحضرمي الإشبيلي، والمحدث المسند أبو الفرج محمد بن علي بن حمزة بن فارس الحراني ثم البغدادي بن القبيطي.
 
1119- 23/17
 
===علي الإسكندراني===
 
بن المفضل بن علي بن مفرج بن حاتم بن حسن بن جعفر الحافظ العلامة المفتي شرف الدين أبو الحسن ابن القاضي الأنجب أبي المكارم المقدسي، ثم الإسكندراني المالكي.
 
ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة وتفقه بالثغر على الإمام الصالح ابن بنت معافى وأبي الطاهر بن عوف وعبد السلام بن عتيق السفاقسي وأبي طالب اللخمي وسمع منهم ومن الحافظ السلفي فأكثر عنه وانقطع إليه وتخرج به وبطلبته، وسمع أيضًا من القاضي أبي عبيد نعمة بن زيادة الله الغفاري شيخ معمر حدثه عن عيسى بن أبي ذر الهروي ثم السروي سمع منه في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة صحيح البخاري سوى قطعة يسيرة من آخره، وسمع من بدر الخداداذي وعبد الرحمن بن خلف الله المقرئ، وعبد الله بن بري النحوي وعلي بن هبة الله الكاملي ومحمد بن علي الرحبي وخلق بالثغر والفسطاط والحرمين، وناب في الحكم بالإسكندرية مدة، ودرس بمدرسته ثم تحول إلى القاهرة ودرس بالمدرسة التي أنشأها الصاحب ابن شكر إلى أن مات، وكان من أئمة المذهب العارفين به ومن حفاظ الحديث.
 
له تصانيف مفيدة، رأيت له في سنة ست وثمانين وستمائة كتابًا في الصيام بأسانيده، وكان ذا ورع ودين مع أخلاق رضية ومشاركة في الفضائل.
 
روى عنه الزكيان المنذري والبرزالي والرشيد الآمدي والعلم عبد الحق بن الرصاص والشرف عبد الملك بن نصر الفهري اللغوي والمجد علي بن وهب القشيري المالكي وإسحاق بن بلكويه الصوفي والحسن بن عثمان القابسي محتسب الثغر والجمال محمد بن سليمان الواري ومحمد بن مرتضى بن حاتم والشهاب القوصي والقاضي الشرف أبو حفص السبكي والنجيب أحمد بن محمد السفاقسي ومحمد بن عبد الخالق بن طرخان والمحيي عبد الرحيم بن الدميري وآخرون. ذكره الحافظ المنذري فقال: كان {{رحمه}} جامعًا لفنون من العلم حتى قال بعض الفضلاء لما مر به على السرير ليدفن: رحمك الله يا أبا الحسن، قد كنت أسقطت عن الناس فروضًا. قال: وتوفي في مستهل شعبان سنة إحدى عشرة وستمائة ودفن بسفح المقطم.
 
'''وفيها مات''' مسند الأندلس أبو القاسم أحمد بن محمد بن أبي المطرف بن جرج الفرضي عن اثنين وسبعين عامًا، عنده سنن النسائي بكماله سماعًا من البطروجي، وشيخ الحنابلة في زمانه ببغداد أبو بكر محمد بن معالي بن غنيمة بن الحلاوي عن ثمانين سنة وله سماع من الكروجي ونحوه.
 
أخبرنا العدل المعمر أبو المحاسن يوسف بن حسن بن القابسي أنا علي بن المفضل الحافظ إجازة وأبو القاسم الصفراوي سماعًا قالا: أنا أبو طاهر السلفي أنا أبو عبد الله الثقفي ثنا محمد بن الفضل بمكة ثنا عبد الله بن جعفر بن محمد بمصر ثنا يحيى بن أيوب العلاف ثنا يحيى بن بكير حدثني الليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن أيوب بن موسى أن عبد الله بن عبيد بن عمير أخبره أن ثابتًا البناني أخبره أن أنس بن مالك قال: إن رسول الله {{صلل}} قال: "لبيك بحجة وعمرة معًا". هذا حديث غريب جدًّا من حديث هؤلاء بعضهم عن بعض، وقع لي عاليًا جدًّا في كتاب أحمد بن سلامة عن أحمد بن محمد التيمي: أنا أبو علي المقرئ أنا أبو نعيم الحافظ نا أبو بكر بن خلاد نا محمد بن الفرج نا عبد الله بن بكر السهمي نا حميد عن أنس أن النبي {{صلل}} قال: "لبيك بحجة وعمرة".
 
1120- 24/17
 
===ربيعة بن الحسن بن علي===
 
الحافظ المحدث الرحال اللغوي، أبو نزار الحضرمي الصنعاني الذماري الشافعي.
 
ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة وتفقه باليمن وركب البحر إلى جزيرة كيش فسمع بأصبهان وهمذان وبغداد وأتقن الفقه بأصبهان، وسمع القاسم بن الفضل الصيدلاني وأبا الفضل محمد بن سهل المقرئ ورجاء بن حامد المعداني وعبد الله بن علي الطامذي وإسماعيل بن شهريار وعبد الجبار بن الصالحاني ومعمر بن الفاخر وأبا مسعود وعبد الرحيم الحاجي وعدة، وأخذ ببغداد عن ابن الخشاب وشهدة، وبالثغر عن أبي طاهر السلفي، وبدمشق ومصر والحرمين وكتب الكثير.
 
روى عنه الزكيان البرزالي والمنذري والضياء المقدسي وابن خليل الأدمي والتقي اليلداني والشهاب القوصي ومحمد بن النشبي وخلق، قال المنذري: كتبت عنه قطعة صالحة وكانت أصوله أكثرها باليمن، وهو أحد من لقيته ممن يفهم هذا الشأن، وكان عارفًا باللغة معرفة حسنة، كثير التلاوة والتعبد والانفراد. وقال عمر بن الحاجب فيما قرأت بخطه: كان ربيعة إمامًا عالمًا حافظًا ثقة أديبًا شاعرًا حسن الخط ذا دين وورع، ولد بشبام من قرى حضرموت. قال القوصي في معجمه: أنشدنا أبو نزار لنفسه:
 
ببيت لهيا بساتين مزخرفة كأنها سرقت من دار رضوان
 
أجرت جداولها ذوب اللجين على حصى من الدر مخلوط بعقيان
 
والطير تهتف وفي الأغصان صادحة كضاربات مزامير وعيدان
 
وبعد هذا لسان الحال قائلة ما أطيب العيش في أمن وإيمان
 
مات في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة تسع وستمائة.
 
أخبرنا أحمد بن سلامة عن الحافظ أبي نزار إجازة بمروياته. وأخبرنا إسحاق الوزيري ثنا أبو محمد المنذري أنا أبو نزار الصنعاني أنا رجاء بن حامد بأصبهان ثنا سليمان بن إبراهيم أبو مسعود وعبد الرزاق بن عبد الكريم قالا: أنا محمد بن إببراهيم بن جعفر ثنا محمد بن الحسين القطان ثنا أحمد بن يوسف ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا سليمان بن بلال ثنا يحيى بن سعيد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي {{صلل}} كان على جبل حراء فتحرك فقال: "اسكن حراء، فما عليك إلا نبيّ أو صديق أو شهيد". وكان عليه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص، {{عنهم}}. وفي هذه السنة معه توفي جماعة ذكروا مع ابن عات.
 
1121- 25/17
 
===التجيبي===
 
الحافظ الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن سليمان المرسي، محدث تلمسان.
 
أخذ القراءات عن أبي أحمد بن معطي وأبي الحجاج الثغري وأبي عبد الله بن الفرس وسمع منهم ومن أبي محمد بن عبيد الله، ورحل وحج وأطال الغيبة فأكثر عن السلفي والناس، وذكر أن السلفي دعا له بطول العمر وقال له: تكون محدث المغرب إن شاء الله؛ وقد سمع بمكة من علي بن حميد الطرابلسي، وببجاية من الحافظ عبد الحق؛ وأخذوا عنه بسبتة في حياة شيوخه سنة أربع وسبعين، ثم استوطن تلمسان وخرج وصنف وعمل معجم شيوخه في مجلد ورحل إليه المحدثون.
 
قال الأبار في تاريخه: كان عدلًا خيرًا حافظًا للحديث ضابطًا، وغيره أضبط منه، روى عنه أكابر أصحابنا وبعض شيوخنا لعلو سنده وعدالته، وأجاز لي من مروياته. ألف أربعين حديثًا في المواعظ، وأربعين حديثًا في القضاء وفضله، وأربعين حديثًا في الحب لله، وأربعين في الصلاة على رسول الله، {{صلل}}، وأشياء سوى ذلك.
 
مات في جمادى الأولى سنة عشر وستمائة عن سبعين سنة.
 
قلت: '''وفيها توفي''' تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن ابن عساكر والد العز النسابة عن ثمان وستين سنة وقد خرج لنفسه مشيخة حسنة، وشيخ الأندلس خطيب قرطبة أبو جعفر يحيى بن الحميري واسمه أحمد بن إبراهيم، لقي الكبار ونيف على الثمانين، وشيخ الحنابلة الفخر إسماعيل بن علي غلام ابن المنى ببغداد، والمعمر أبو عبد الله الحسين بن سعيد بن شنيف الدارقزي عن خمس وثمانين سنة، والمسند عبد الجليل بن أبي غالب بن مندويه الأصبهاني نزيل دمشق، ومسند الموصل مهذب الدين علي بن أحمد بن علي بن هبل الطبيب، والمعمرة عين الشمس بنت أحمد بن أبي الفرج الثقفية الأصبهانية عن تسعين سنة، والمفيد محدث أصبهان أبو عبد الله محمد بن مكي بن أبي الرجاء الحنبلي.
 
(تمت الطبقة السابعة عشرة.)
 
==الطبقة الثامنة عشرة==
 
وعدتهم ستة وعشرون:
 
1122- 1/18
 
===ابن القرطبي===
 
الحافظ المفيد محدث مالقة وخطيبها أبو بكر وأبو محمد عبد الله بن الحسن بن أحمد الأنصاري المالقي.
 
سمع أباه أبا علي وأبا بكر بن الجد وأبا القاسم بن حبيش وأبا عبد الله بن زرقون وطبقتهم، واختص بالسهيلي ولازمه وتخرج به، وأجاز له أبو الحسن بن هذيل وأبو مروان بن قزمان وعني بهذا الشأن وكتب العالي والنازل.
 
قال الأبار في ترجمته: كان من أهل المعرفة التامة بصناعة الحديث والبصر بها والإتقان والحفظ لا سيما الرجال والتقدم في ذلك مع المعرفة بالقراءات والمشاركة في العربية وقد نوظر عليه في كتاب سيبويه، ورث براعة الحديث عن أبيه ولم يكن أحد يدانيه في الحفظ والجرح والتعديل إلا أفرادًا من عصره، وقال أبو محمد بن حوط الله: المحدثون بالأندلس ثلاثة: أبو محمد القرطبي، وأبو الربيع بن سالم، وسكت، فكأنه عنى نفسه؛ وكان ابن القرطبي كريم الخلال محببًا إلى الناس معظمًا في نفوس الخاصة والعامة أخذ الناس عنه وانتفعوا به. قال ابن الأبار: فاتني أن ألقاه، توفي بمالقة في ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وستمائة. قلت: لم يبلغ ستين سنة ولا أعلم أن عندي شيئًا من طريقه إلا أن يكون بالإجازة. قال ابن الزبير: هو الحافظ أبو محمد القرطبي روى عن أبي القاسم بن دحمان والسهيلي وأبيه وعنهم أخذ القراءات والعربية وأخذ منه خلق يطول تعدادهم، وكان محدثًا حافلًا مفيدًا ضابطًا حافظًا إمامًا في وقته نحويًّا أديبًا لغويًّا كاتبًا شاعرًا متقنًا عارفًا بالقراءات وطرقها فقيهًا مدركًا زاهدًا ورعًا عابدًا عاملًا رحل الناس إليه واعتمدوا إمامته اخترمته المنية قبل التعمير، مولده في ذي القعدة سنة ست وخمسين وخمسمائة، تصدر للإقراء بمالقة وله نحو من عشرين سنة ورحل إلى غرناطة وإشبيلية وسبتة ومرسية وولي خطابة مالقة، روى عنه المحدث أبو عبد الله بن الطراز وأبو القاسم بن الطيلسان وجماعة، صنف جزءًا في قراءة نافع. قال ابن الزبير: ومن شعر أبي محمد القرطبي:
 
سهرت أعين ونامت عيون لأمور تكون أو لا تكون
 
فاطرد الهم ما استطعت عن النفس فحملانك الهموم جنون
 
إن ربًّا كفاك بالأمس ما كا ن سيكفيك في غد ما يكون
 
1123- 2/18
 
===ابن حوط الله===
 
الحافظ الإمام محدث الأندلس، أبو محمد عبد الله بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان بن عمر بن حوط الله الأنصاري الحارثي الأندلسي الأندي.
 
مولده بأندة سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتلا بالسبع على والده وبادر إلى بلنسية فسمع بعض حروف ورش من ابن هذيل.
 
وذلك نصف كتاب الإيجاز ولم يجز له وارتحل إلى مرسية فسمع من أبي القاسم بن حبيش وأبي عبد الله بن حميد وقيد اللغة والنحو عن ابن حميد وسمع بمالقة من أبي زيد السهيلي، وبغرناطة من عبد المنعم بن الفرس وأبي بكر بن أبي زمنين، وبإشبيلية من أبي بكر بن الجد وأبي عبد الله بن زرقون، وبقرطبة من خلف بن بشكوال، وبسبتة من أبي محمد بن عبيد الله، وبمراكش من أبي العباس أحمد بن مضاء، وأجاز له خلق منهم أبو الطاهر إسماعيل بن عوف الإسكندري وأبو طاهر الخشوعي وطائفة.
 
قال الأبار: اعتنى أبو محمد من صغره إلى كبره بالطلب، روى العالي والنازل وكان إمامًا في هذا الشأن بصيرًا به معروفًا بالإتقان حافظًا لأسماء الرجال، ألف كتابًا في ذكر شيوخ البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي والترمذي نزع فيه منزع أبي نصر الكلاباذي لكن لم يكمله، وكان كثير الأسفار فتفرقت أصوله، ولو قعد للتصنيف لعظم النفع به، ولم يكن في زمانه أحد أكثر سماعًا منه ومن أخيه المحدث أبي سليمان، وكان له الشفوف على أخيه في العربية والتفنن في غير ذلك، والتميز بإنشاء الخطب وتحبير الرسائل وقرض الشعر.
 
أقرأ بقرطبة القرآن والنحو واستأدبه المنصور صاحب المغرب لبنيه فأقرأهم بمراكش ونال وجاهة متصلة ودنيا عريضة وولي قضاء إشبيلية وقرطبة ومرسية وكان حميد السيرة محببًا إلى الناس جزلًا مهيبًا في الحق على حدة فيه وربما أوقعته فيما يكره، أخذ الناس عنه.
 
توفي بغرناطة وهو يقصد مرسية متوليًا قضاءها ثانيًا، في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وستمائة.
 
وأخوه الحافظ المفيد داود بن سليمان جال مع أخيه ببلاد الأندلس وبالغا في طلب العلم والأخذ عن الشيوخ حتى اجتمع لهما ما لم يجتمع لأحد من شيوخهما.
 
أبوهما أبو داود أخذ القراءات السبع عن سبعة شيوخ، وقرأ على محمد بن أحمد الشيباني صاحب خلف بن النحاس بقراءة الحرميين وأبي عمرو.
 
1124- 3/18
 
===ابن الأثير===
 
الإمام العلامة الحافظ فخر العلماء عز الدين أبو الحسن علي بن الأثير أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري المحدث اللغوي صاحب "التاريخ" و"معرفة الصحابة" و"الأنساب" وغير ذلك، وأخو العلامة مجد الدين صاحب "جامع الأصول" والوزير ضياء الدين نصر الله صاحب كتاب "المثل السائر".
 
مولده بجزيرة ابن عمر سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وسمع من خطيب الموصل أبي الفضل الطوسي ويحيى الثقفي وغيرهما بالموصل، ومن عبد المنعم بن كليب ويعيش بن صدقة وابن سكينة ببغداد، وأبي القاسم بن صصرى وزين الأمناء بدمشق، وروى عنهم في تصانيفه، وحدث بالموصل ودمشق وحلب، روى عنه ابن الدبيثي والقوصي ومجد الدين العقيلي وشرف الدين ابن عساكر وسنقر القضائي وآخرون.
 
وكانت داره مجمع الفضلاء، وكان مكملا في الفضائل علامة نسابة أخباريًّا عارفًا بالرجال وأنسابهم لا سيما الصحابة مع الأمانة والتواضع والكرم، قدم الشام رسولًا وقد شرع في تاريخ كبير للموصل ولم يتمه، ومدينته جزيرة ابن عمر هي منسوبة إلى الرئيس الأجل عبد العزيز بن عمر البرقعيدي الذي بناها، قاله ابن خلكان، وقيل: أنشأها أوس وكامل ابنا عمر بن أوس التغلبي، نقله ابن المستوفي مؤرخ إربل، وقيل: منسوبة إلى أمير العراق يوسف بن عمر الثقفي.
 
مات ابن الأثير في أواخر شهر شعبان سنة ثلاثين وستمائة. وفيها توفي جماعة يأتون في ترجمة ابن الحاجب.
 
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنا علي بن أبي الكرم سنة خمس وعشرين وستمائة أنا عبد الله بن أبي نصر أنا جعفر بن محمد القارئ أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو عمرو بن السماك ثنا الحسن بن مكرم ثنا عثمان -هو ابن عمر- ثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أخبر الفضل بن العباس أن رسول الله {{صلل}} لبى حتى رمى جمرة العقبة. هذا حديث صحيح عالٍ.
 
1125- 4/18
 
===ابن خلفون===
 
الحافظ محمد بن إسماعيل بن محمد بن خلفون الإمام المجود أبو بكر الأزدي الأندلسي الأونبي، نزيل إشبيلية.
 
ذكره الحافظ أبو عبد الله الأبار فقال: ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة وسمع من أبي بكر بن الجد وأبي عبد الله بن زرقون وأبي بكر النيار وجماعة، وكان بصيرًا بصناعة الحديث حافظًا للرجال متقنًا، له كتاب سماه "المنتقى" في رجال الحديث في خمسة أسفار، وله كتاب "المفهم في شيوخ البخاري ومسلم" وكتاب في علوم الحديث، وغير ذلك. وولي القضاء ببعض النواحي فشكر في قضائه، أخذ عنه جماعة وكان أهلًا لذلك، مات في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وستمائة، {{رحمه ى}}.
 
قال ابن الزبير: اعتنى بالرواية والنقل اعتناءً تامًّا، عكف على ذلك عمره وكان حافظًا للأسانيد والرجال عارفًا بهم سمع من خلق، روى عنه أبو جعفر بن الطباع.
 
1126- 5/18
 
===العز===
 
ابن الحافظ هو الإمام المحدث المفيد الحافظ عز الدين أبو الفتح محمد بن عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي الصالحي الحنبلي.
 
ولد سنة ست وستين وخمسمائة في أحد الربيعين، ونشأ في صغره باعتناء أبيه في هذا الشأن فارتحل إلى بغداد وهو ابن أربع عشرة سنة فسمع من أبي الفتح بن شاتيل ونصر الله القزاز وطبقتهما وتفقه على أبي الفتح بن المنى، وسمع بدمشق من أبي المعالي بن صابر والخضر بن طاوس والفضل بن البانياسي ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وبأصبهان من أبي الفضائل عبد الرحيم بن محمد بن الكاغذي ومسعود الجمال وأبي المكارم اللبان، وبمصر من أبي القاسم البوصيري وعدة. روى عنه ابناه تقي الدين أحمد وعز الدين عبد الرحمن والحافظ ضياء الدين والشهاب القوصي والشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن محمد والشيخ فخر الدين علي وآخرون.
 
قال ابن النجار: كتب بخطه كثيرًا وسمعنا بقراءته الكثير واستنسخ وحصل الأصول وكان يعيرني ويفيدني عن الشيوخ ويفضل، وكان من أئمة المسلمين حافظًا للحديث متنًا وإسنادًا، عارفًا بمعانيه وغريبه، متقنًا لتراجم المحدثين مع ثقة وديانة وتودد ومروءة. قال الضياء المقدسي: كان {{رحمه}} فقيهًا حافظًا ذا فنون وكان أحسن الناس قراءة وأسرعهم ثقة متقنًا سمحًا جوادًا غزير الدمعة عند القراءة، وكان يتكلم في مسائل الخلاف كلامًا حسنًا ثم ساق له الضياء منامات حسنة دالة على أنه سعيد، {{رحمه}}. مات في شوال سنة ثلاث عشرة وستمائة.
 
قال لنا رشيد بن كامل الفقيه: قرأت على أبي العرب القوصي أخبركم العز محمد ابن الحافظ سنة عشر وستمائة بجامع حبر فذكر حديثًا.
 
وتوفي معه في العام مسند الشام العلامة تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي المقرئ النحوي الحنفي عن ثلاث وتسعين سنة، والقاضي ثقة الملك أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مجلي بن حسين الرملي المصري الشافعي خطيب جامع الحاكم، ومسند الأندلس أبو محمد عبد الرحمن بن علي بن أحمد الزهري الإشبيلي راوي صحيح البخاري عن شريح.
 
أخبرنا عمر بن عبد المنعم أنا محمد بن عبد الغني الحافظ في كتابه أنا عبد الله بن صابر أنا أبو القاسم النسيب أنا سليم بن أيوب ثنا أبو أحمد الفرضي ثنا الصولي ثنا الغلابي عن عبيد الله ابن عائشة قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامل له: اتق الله؛ فإن التقوى هي التي لا يقبل غيرها ولا يرحم إلا أهلها ولا يثاب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل.
 
1127- 6/18
 
===الملاحي===
 
الحافظ الإمام المحدث أبو القاسم محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن مفرج الغافقي الأندلسي الغرناطي.
 
والملاحة من قرى غرناطة، ولد قبل سنة خمسين وخمسمائة وكان من كبار الحفاظ.
 
قال الأبار: سمع من والده ومن أبي الحسن بن كوثر وأبي خالد بن رفاعة وعبد الحق بن بونة وأبي القاسم بن سمحون وخلق، وأجاز له أبو عبد الله بن زرقون وأبو زيد السهيلي وأبو طاهر الخشوعي وأبو الطاهر بن عوف الإسكندراني، وكتب عن الكبار والصغار وبالغ عمره في الاستكثار وكان حافظًا للرواة عارفًا بأخبارهم.
 
صنف تاريخًا في علماء إلبيرة، وألف كتاب أنساب الأمم والعرب والعجم وسماه "كتاب الشجرة"، و"الأربعين" حديثًا بلغ فيه الغاية من الاحتفال ويشهد له بحفظ أسماء الرجال، وزاد على من تقدمه، وله استدراك على الحافظ أبي عمر بن عبد البر في الصحابة وكان مكثرًا عن أبي محمد بن الفرس أخذ الناس عنه وكان أهلًا لذلك، توفي {{رحمه}} في شعبان سنة تسع عشرة وستمائة.
 
'''وفيها مات''' القاضي المحدث مكين الدين أبو طالب أحمد بن عبد الله بن الحسين بن حديد الكناني الإسكندراني، والمسند أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد الأزجي البناء، والمقرئ مسند القراء أبو محمد عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أبي رجاء البلوي اللبسي عن خمس وثمانين سنة، ومسند الموصل أبو بكر بن عمر بن العويش النيار المقرئ، وشيخ اليونسية الشيخ يونس بن يوسف بن صاعد الشيباني القني والقنية من حساب ماردين.
 
1128- 7/18
 
===ابن الأنماطي===
 
الحافظ البارع مفيد الشام تقي الدين أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن الأنماطي المصري الشافعي.
 
مولده في حدود سنة سبعين وخمسمائة وسمع القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي وأبا القاسم البوصيري وابن سكينة وأبا الفتح المندائي ومحمد بن عبد المولى اللبني وشجاعًا المدنجي وأبا طاهر الخشوعي وأبا محمد ابن عساكر وحنبل بن عبد الله وكتب بخطه المليح الرشيق ما لا يوصف كثرة.
 
قال ابن النجار: اشتغل من صباه وتفقه وقرأ الأدب وقدم دمشق سنة ثلاث وتسعين، ثم حج سنة إحدى وستمائة فذهب إلى بغداد وكانت له عناية وافرة وحرص تام وجد واجتهاد مع معرفة كاملة وحفظ وحذق ونقد وفصاحة وسرعة قلم واقتدار على النظم والنثر، كان بعيد الشبيه معدوم النظير في وقته كتبت عنه وكتب عني، وقال لي: ولدت في ذي القعدة سنة سبعين.
 
وقال عمر بن الحاجب: كان إمامًا ثقة حافظًا مبرزًا فصيحًا حصل ما لم يحصله غيره وكان سهل العارية يعير إلى البلاد وعنده فقه وأدب، إلى أن قال: وكان نزه السر سألت عنه الحافظ الضياء فقال: حافظ ثقة مفيد إلا أنه كثير الدعابة مع المرد. قلت: روى عنه البرزالي والقوصي والمنذري والكمال الضرير والصدر البكري وولده أبو بكر محمد بن الأنماطي، وقلما روي أنه مات قبل رواج الرواية. قال الشيخ الضياء: بات في عافية وأصبح لا يقدر على الكلام أيامًا، ومات في رجب سنة تسع عشرة وستمائة.
 
أخبرنا محمد بن مكي القرشي ثنا محمد بن هبة الله القاضي أنا إسماعيل بن عبد الله الحافظ بمدينة الرسول {{صلل}} أنا أبو القاسم البوصيري "ح" وأنا أحمد بن سلامة عن البوصيري أنا مرشد بن يحيى أنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعد ثنا عبد الرحمن بن عمر ثنا إسماعيل بن يعقوب ثنا إسماعيل القاضي ثنا يحيى ثنا زيد بن الحباب أخبرني ابن لهيعة حدثني بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم الحضرمي عن أبي شريح حدثني رويفع الأنصاري أنه سمع النبي {{صلل}} يقول: "من قال: اللهم صلِّ على محمد وأنزله المقعد المقرب منك يوم القيامة، وجبت له الشفاعة".
 
1129- 8/18
 
===الضياء===
 
الإمام العالم الحافظ الحجة محدث الشام شيخ السنة ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي '''المقدسي''' ثم الدمشقي، الصالحي الحنبلي، صاحب التصانيف النافعة.
 
ولد سنة تسع وستين وخمسمائة.
 
وأجاز له السلفي وشهدة وسمع من أبي المعالي بن صابر وأبي المجد البانياسي وأحمد بن الموازيني وعمر بن علي الجويني ويحيى الثقفي وطبقتهم بدمشق، وأبي القاسم البوصيري وطبقته بمصر، والمبارك بن المعطوش وابن الجوزي وطبقتهما ببغداد، وأبي جعفر الصيدلاني وطبقته بأصبهان، وعبد الباقي بن عثمان بهمذان والمؤيد الطوسي وطبقته بنيسابور، وعبد المعز بن محمد البزاز بهراة، وأبي المظفر بن السمعاني بمرو؛ ورحل مرتين إلى أصبهان وسمع بها ما لا يوصف كثرة وحصل أصولا كثيرة.
 
ونسخ وصنف وصحح ولين وجرح وعدل وكان المرجوع إليه في هذا الشأن، قال تلميذه عمر بن الحاجب: شيخنا أبو عبد الله شيخ وقته ونسيج وحده علمًا وحفظًا وثقة ودينًا، من العلماء الربانيين وهو أكبر من أن يدل عليه مثلي، كان شديد التحري في الرواية مجتهدًا في العبادة كثير الذكر منقطعًا متواضعًا سهل العارية.
 
رأيت جماعة من المحدثين ذكروه فأطنبوا في حقه ومدحوه بالحفظ والزهد، سألت الزكي البرزالي عنه فقال: ثقة جبل حافظ دين. قال ابن النجار: حافظ متقن حجة عالم بالرجال ورع تقي ما رأيت مثله في نزاهته وعفته وحسن طريقته، وقال الشرف بن النابلسي: ما رأيت مثل شيخنا الضياء.
 
قلت: ثنا عنه القاضي تقي الدين وابن الموازيني وابن الفراء والنجم الشعراوي وابن الخباز والتقي بن مؤمن وعثمان النساج وابن الخلال والدشتي وأبو بكر بن عبد الدائم وعيسى السمسار وسالم القاضي وآخرون. وقد استوفيت سيرته وتواليفه في التاريخ الكبير، عاش أربعًا وسبعين سنة، وتوفي إلى رضوان الله في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
 
أخبرنا عثمان بن إبراهيم المقرئ أنا أبو عبد الله الحافظ أنا عبد الواحد بن القاسم أن فاطمة بنت عبد الله أخبرتهم أنا ابن ريذة أنا أبو القاسم الطبراني ثنا محمود بن الفرج ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ثنا فضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت عن البراء قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من قضى نهمته من الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة، ومن مد عينه إلى زينة المترفين كان مهينًا في ملكوت السماء، ومن صبر على القوت الشديد صبرًا جميلًا أسكنه الله من الفردوس حيث شاء". هذا حديث غريب إسناده متصل لين. قال الطبراني: تفرد به البجلي.
 
1130- 9/18
 
===ابن القطان===
 
الحافظ العلامة الناقد قاضي الجماعة، أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم الحميري الكتامي الفاسي، الشهير بابن القطان.
 
سمع أبا عبد الله محمد بن الفخار فأكثر عنه وأبا الحسن بن الفرات وأبا جعفر بن يحيى الخطيب وأبا ذر الخشني وطبقتهم.
 
قال الأبار في ترجمته: كان من أبصر الناس بصناعة الحديث وأحفظهم لأسماء رجاله وأشدهم عناية بالرواية رأس طلبة العلم بمراكش ونال بخدمة السلطان دنيا عظيمة، وله تواليف، حدث ودرس، إلى أن قال: ومات وهو على قضاء سجلماسة في ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وستمائة.
 
قال ابن مسدي: كان معروفًا بالحفظ والإتقان، ومن أئمة هذا الشأن مصري الأصل مراكشي الدار كان شيخ شيوخ أهل العلم في الدولة المؤمنة فتمكن من الكتب وبلغ غاية الأمنية، ولي قضاء الجماعة في أثناء تقلب الدولة فنقمت عليه أغراض انتهكت فيها أعراض، إلى أن قال: سمع أبا عبد الله بن زرقون وأبا بكر بن الجد وعدة، عاقت الفتن المدلهمة عن لقائه وقد أجاز لي مروياته قلت: طالعت كتابه المسمى ب "الوهم والإيهام" الذي وضعه على الأحكام الكبرى لعبد الحق يدل على حفظه وقوة فهمه، لكنه تعنت في أحوال رجال فما أنصف بحيث إنه أخذ يلين هشام بن عروة ونحوه.
 
مات عام وفاته المسند أبو نصر أحمد بن الحسين بن عبد الله بن أبي نصر أحمد بن هبة الله بن محمد النرسي البيع ببغداد، والمسند أبو الفضل عبد السلام بن عبد الله بن أحمد بن بكران الداهري الخفاف، وأبو الرضا محمد بن أبي الفتح المبارك بن عبد الرحمن بن عصية الكندي الجدي، وشيخ العربية زين الدين يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي، والخطيب بدر الدين يونس بن محمد بن محمد الفارقي الدمشقي؛ رحمة الله عليهم.
 
1131- 10/18
 
===أبو موسى===
 
الفقيه الحافظ جمال الدين عبد الله ابن الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي المقدسي الصالحي الحنبلي.
 
ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وسمع من عبد الرحمن بن علي الخرقي وإسماعيل الجنزوي وأبي طاهر الخشوعي ورحل به أخوه الحافظ عز الدين فسمع من عبد المنعم بن كليب والمبارك بن المعطوش ومسعود الجمال وخليل الراراني وأبي المكارم اللبان وخلق كثير، وبمصر من أبي عبد الله الأرتاحي وابنة سعد الخير، ثم ارتحل ثانيًا إلى العراق فسمع من أبي الفتح المندائي وذويه، ومن منصور الفراوي والمؤيد الطوسي بنيسابور، وبالموصل وإربل والحرمين وكتب بخطه شيئًا كثيرًا، وصنف وأفاد وقرأ القرآن على عمه الشيخ العماد، والفقه على الشيخ الموفق والعربية على أبي البقاء الضرير.
 
قرأت بخط ابن الحاجب: سألت الحافظ ضياء الدين عن أبي موسى فقال: حافظ ثقة دين متقن وسألت زكي الدين البرزالي عنه فقال: حافظ دين متميز، وقال الضياء: كانت قراءته سريعة صحيحة مليحة. وقال ابن الحاجب: لم يكن في عصرنا أحد مثله في الحفظ والمعرفة والأمانة، كان متواضعًا مهيبًا وقورًا جوادًا سمحًا وافر العقل له القبول التام مع العبادة والورع والمجاهدة.
 
قرأت بخط الحافظ الضياء: اشتغل بالفقه والحديث وصار علمًا في وقته، رحل ثانيًا ومشى على رجليه كثيرًا وصار قدوة وانتفع الناس بمجالسه التي لم يسبق إلى مثلها. قلت: حدث عنه الضياء والشيخ شمس الدين والشيخ الفخر والشمس بن حازم والشمس بن الواسطي ونصر الله بن عياش ونصر الله وسعد الخير ابنا النابلسي وعدة، وآخر من حدث عنه بالإجازة القاضي تقي الدين الحنبلي.
 
قال أبو الفتح بن الحاجب: لو اشتغل أبو موسى حق الاشتغال ما سبقه أحد ولكنه تارك، وسمعت أبا عبد الله الحافظ يصف ما قاسى أبو موسى من الشدائد -الجوع والعري- في رحلته بنيسابور وأصبهان. قال أبو المظفر بن الجوزي: كان الجمال ابن الحافظ أحواله مستقيمة حتى خالط الصالح إسماعيل فتغير ومرض في بستان الصالح وفيه مات {{رحمه ى}}.
 
قرأت بخط محمد بن سلام: عقد أبو موسى مجلس التذكير ورغب الناس في حضوره وكان جمَّ الفوائد يطرز مجلسه بالبكاء والخشوع وإظهار الجزع، وسمعت أبا الفرج بن العلاء الفقيه الحنبلي يقول: كان أبو موسى كثير الميل إلى السلاطين. قال الضياء: مات يوم الجمعة خامس رمضان سنة تسع وعشرين وستمائة.
 
أخبرنا نصر الله بن محمد أبو الفتح الحداد نا عبد الله بن عبد الغني الحافظ في سنة ثمان وعشرين وستمائة أنا خليل بن بدر الراراني أنا الحسن بن أحمد الحداد أنا أحمد بن عبد الله الحافظ أنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن شعيب ثنا أبو المعافى محمد بن وهب الحراني ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن مالك بن أنس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "رحم الله عبدًا كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال أو جاه فاستحله قبل أن يؤخذ وليس ثَمّ دينار ولا درهم، فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته، وإن لم تكن له حسنات وضع من سيئات صاحبه عليه". غريب صالح الإسناد فرد.
 
1132- 11/18
 
===ابن خليل===
 
الحافظ المفيد الإمام الرحال مسند الشام شمس الدين أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي الأدمي محدث حلب.
 
مولده سنة خمس وخمسين وخمسمائة وتشاغل بالسبب وصار ابن ثلاثين سنة ثم حبب إليه طلب الحديث فانصبَّ إليه بكليته وكتب ما لا يوصف، فسمع بدمشق من يحيى الثقفي وطبقته وتخرج بالحافظ عبد الغني، وسمع ببغداد من يحيى بن يوش وذاكر بن كامل وأبي منصور بن عبد السلام وأبي الفرج بن كليب، وبأصبهان من خليل بن بدر ومسعود الجمال ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي وأبي الفضائل عبد الرحيم الكاغذي وطبقتهم، وبمصر أبا القاسم البوصيري وطبقته؛ وشيوخه نحو خمسمائة نفس في ثلاثة أجزاء سمعتها من صاحبه أحمد بن محمد الحافظ، وحدثنا عنه أيضًا الحافظ شرف الدين عبد المؤمن ومحمد بن سليمان المعري وشرف الدين محمود التاذفي ومحمد بن جوهر المقرئ وأبو الحسن الغرافي وأيوب ومحمد وإسحاق بنو النحاس والقاضي تاج الدين صالح القوصي وأبو بكر الدشتي وإسماعيل وإبراهيم وعبد الرحمن بنو ابن العجمي والعفيف الآمدي وطاهر بن عبد الله بن العجمي وجماعة سواهم، وآخر من بقي من أصحابه إبراهيم بن العجمي.
 
سئل أبو إسحاق الصريفيني عنه فقال: حافظ ثقة عالم بما يقرأ عليه لا يكاد يفوته اسم رجل. وسئل الحافظ الضياء عنه فقال: حافظ سمع وحصل الكثير وهو صاحب رحلة وتطواف. قال عمر بن الحاجب الحافظ: هو أحد الرحالين بل أوحدهم فضلًا وأوسعهم رحلة نقل بخطه المليح ما لا يدخل تحت الحصر وهو طيب الأخلاق مرضي الطريقة متقن ثقة حافظ. قلت: خرج لنفسه ثمانيات وعوالي وفوائد سمعناها وهو يدخل في شرط الصحيح وقد تفرد بشيء كثير لخراب أصبهان.
 
توفي في عاشر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وستمائة عن ثلاث وتسعين سنة.
 
'''وفيها توفي''' محدث الإسكندرية المسند أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح بن رواح الأزدي عن أربع وتسعين سنة، والمسند العدل فخر القضاة أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحباب التميمي السعدي المصري عن سبع وثمانين سنة، ومسند بغداد المحدث أبو محمد إبراهيم بن محمود بن سالم بن الخير الأزجي الحنبلي عن خمس وثمانين سنة، والمسند أبو القاسم علي بن سالم بن أبي بكر اليعقوبي الضرير، والفقيه المفتي أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أبي السعادات الدباس الحنبلي سمعا من ابن شاتيل، والمسند أبو منصور مظفر بن عبد الملك بن عتيق الفهري بن القوي، وأخو صاحب الترجمة أبو محمد يونس بن خليل الأدمي في المحرم عن تسع وثمانين سنة، والمحدث العالم مجد الدين محمد بن محمد بن عمر الأسفراييني الصوفي بن الصفار بدمشق.
 
أخبرنا عبد الرحمن وإبراهيم وإسماعيل بنو صالح بن هاشم ومحمد بن سليمان بن معالي وأحمد بن محمد المؤدب وعبد المحسن والقاضي عز الدين عبد العزيز ثنا محمد بن أبي جرادة وإسحاق بن طارق سماعًا قالوا: ثنا يوسف بن خليل الحافظ ثنا خليل بن بدر بأصبهان أنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم الحافظ ثنا أبو بكر أحمد بن يوسف ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا سليمان التيمي عن أنس قال: بلغني أن النبي {{صلل}} قال لمعاذ بن جبل: "من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة".
 
1133- 12/18
 
===ابن نقطة===
 
الحافظ الإمام المتقن محدث العراق معين الدين أبو بكر محمد بن عبد الغني بن أبي بكر بن شجاع البغدادي الحنبلي، ابن نقطة.
 
ولد سنة نيف وسبعين وخمسمائة وكان أبوه من صلحاء العراق فطلب أبو بكر الحديث وسمع من يحيى بن يوش، وفاته ابن كليب، ثم سمع سنة ستمائة من عبد الوهاب ابن سكينة وابن طبرزذ وأبي الفتح المندائي فمن بعدهم ببغداد، وعفيفة الفارقانية وزاهر بن أحمد وأبي الفخر أسعد بن روح ومحمود بن أحمد المضري وطبقتهم بأصبهان، ومنصور الفراوي والمؤيد الطوسي بنيسابور، وعبد القادر الرهاوي بحران، والتاج الكندي وطبقته بدمشق، والافتخار الهاشمي بحلب، وعبد القوي بن الحباب بمصر، ومحمد بن عماد بالثغر، وخلائق.
 
ونسخ الكثير وحصل الأصول وجمع وصنف وبرع في هذا الشأن؛ سئل الحافظ الضياء عنه فقال: حافظ دين ثقة صاحب مروءة وكرم. وقال أبو عبد الله البرزالي: ثقة دين مفيد. وسئل ابن نقطة عن نقطة فقال: هي جارية ربت جد أبي.
 
قلت: روى عنه الزكي المنذري والسيف بن المجد وعبد الكريم بن منصور الأثري والشرف حسين بن إبراهيم الإربلي وعثمان بن الحاجب وأبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الغني وعز الدين أحمد بن إبراهيم الفاروثي وابنه الليث ابن نقطة.
 
وهو مصنف كتاب "التقييد في رواة الكتب والمسانيد" وكتاب المستدرك على إكمال أبي نصر بن ماكولا ينبئ بإمامته وحفظه، وكان متقنًا محققًا مليح الخط له سمت ووقار وفيه دين وقناعة قفا أثر والده في الزهد والتقشف ولم ألق أحدًا يروي لي عنه.
 
مات في الثاني والعشرين من صفر سنة تسع وعشرين وستمائة.
 
'''وفيها توفي''' أبو القاسم أحمد بن أحمد بن أبي غالب البغدادي الأمير بن الشمذي عنده جزء أبي الجهم، وإمام النظامية أبو المعالي أحمد بن عمر بن أحمد بن بكرون النهرواني، والقاضي شرف الدين إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد الشيباني بن الموصلي الحنفي بدمشق عن خمس وثمانين سنة، والإمام المسند أبو علي الحسن بن المبارك بن محمد بن الزبيدي البغدادي الحنفي، وأبو محمد عبد الصمد بن داود بن محمد المصري الغفاري، وأبو محمد عبد الغفار بن شجاع التركماني المحلي الشروطي، وأبو محمد عبد اللطيف بن عبد الوهاب بن محمد الطبري البغدادي المؤذن، والعلامة موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي الموصلي الأصل عن اثنتين وسبعين سنة، ومسند الوقت أبو حفص عمر بن كرم بن أبي الحسين الدينوري البغدادي الحنبلي الحمامي وله تسعون سنة، ومقرئ الإسكندرية أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي عن تسع وسبعين سنة.
 
حدثني قاسم بن محمد الأندلسي الحافظ أنا أحمد بن إبراهيم الواسطي ثنا أبو بكر محمد بن عبد الغني ابن نقطة الحافظ سنة ثمان وعشرين ببغداد أخبرتنا عفيفة بنت أحمد أخبرتنا فاطمة أنا أبو بكر بن ريذة أنا أبو القاسم الطبراني ثنا أحمد بن إبراهيم بن فيل ثنا أبو توبة ثنا الحسن بن أيوب عن عبد الله بن بسر قال: كان النبي {{صلل}} يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة. الحسن لم أعرفه بعد.
 
1134- 13/18
 
===الدبيثي===
 
الإمام الحافظ الثقة المقرئ، مؤرخ العراق أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي سعيد بن يحيى بن علي بن حجاج الدُّبَيثي ثم الواسطي الشافعي المعدل.
 
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وسمع من أبي طالب الكتاني وهبة الله بن قسام وعدة بواسط، وتلا بالعشر على خطيب شافيا وابن الباقلاني وسمع ببغداد من ابن شاتيل والقزاز وأبي العلاء بن عقيل وعبد المنعم الفراوي وهذه الطبقة، وقرأ على جماعة وتفقه على أبي الحسن بن البوقي وقرأ الأصول والخلاف والنحو وعني بالحديث وكتب العالي والنازل وصنف تاريخًا كبيرًا لواسط، وتاريخًا لبغداد ذيل به على السمعاني وعمل معجمًا لشيوخه.
 
وكان مشرف الوقف العام ثم إنه استعفي من منصب العدالة وتركه ضجرًا ولزم الرواية والإقراء. قال ابن النجار: سكن بغداد وحدث بتصانيفه وقل أن جمع شيئًا إلا وأكثره على ذهنه، وله معرفة بالحديث والأدب والشعر وهو سخي بكتبه وأصوله صحبته عدة سنين فما رأيت منه إلا الجميل والديانة وحسن الطريقة وما رأت عيناي مثله في حفظ التواريخ والسير وأيام الناس، {{رحمه}}. قلت: روى عنه ابن النجار وابن نقطة وزكي الدين البرزالي وعلي بن محمد الكازروني والشيخ عز الدين الفاروثي والشيخ جمال الدين الشريشي وتاج الدين الغرافي وعدة، وبالإجازة القاضي تقي الدين المقدسي وقد سمع منه من شيوخه المحدث أحمد بن طارق الكركي وأبو طالب بن عبد السميع وكانت رحلته في سنة ست وسبعين وخمسمائة في ربيع الأول. قال ابن النجار: أضر بأخرة وتوفي ثامن ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وستمائة، قال: ولقد مات عديم النظير في فنه.
 
قلت: '''وفيها مات''' قاضي دمشق شمس الدين أبو العباس أحمد بن الخليل بن سعادة الخوي الأصولي الشافعي، والرئيس صفي الدين أبو العلاء أحمد بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله التنوخي الدمشقي، وأبو البقاء إسماعيل بن محمد بن يحيى البغدادي المؤدب راوي مسند إسحاق، ومسند شيراز العلامة علاء الدين أبو سعد ثابت بن أحمد بن محمد الخُجندي الأصبهاني عن تسع وثمانين سنة حضر الصحيح على الوقت وبه ختم حديثه، والمسند أبو علي الحسين بن يوسف بن حسن الصنهاجي الشاطبي ثم الإسكندراني وهو أقدم شيخ للدمياطي، والعدل أمين الدين أبو الغنائم سالم ابن الحافظ أبي المواهب حسن بن هبة الله بن صصرى التغلبي الدمشقي عن ستين سنة، والقاضي عبد الحميد بن عبد الرشيد بن علي بن بنيمان الهمذاني سبط الحافظ أبي العلاء، والمسند أبو القاسم عبد الرحمن بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل الدمشقي ثم المصري، وإمام الربوة أبو محمد عبد العزيز بن بركات بن إبراهيم بن طاهر الخشوعي، وشيخ بغداد المقرئ الإمام عبد العزيز بن دلف بن أبي طالب البغدادي الناسخ، والمفيد الإمام الأديب شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن عبد الكريم البغدادي الكاتب عن ثمان وخمسين سنة، والشيخ تقي الدين محمد بن طرخان بن أبي الحسن السلمي الدمشقي، والزاهد أبو طالب محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر السلمي الدمشقي، ومحتسب دمشق رشيد الدين أبو الفضل محمد بن عبد الكريم بن يحيى بن شجاع القيسي بن الهادي، وفخر الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن نصر النوقاني عن ست وثمانين سنة، ومحدث إربل ومؤرخها الأديب الإمام شرف الدين أبو البركات المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب بن المستوفي، والعلامة الصاحب ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري صاحب المثل السائر.
 
قرأت على علي بن أحمد الهاشمي أنا محمد بن سعيد بن يحيى الحافظ ببغداد سنة ثلاث وثلاثين وستمائة أنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد القزاز بقراءتي أنا المبارك بن عبد المبارك بن عبد الجبار الصيرفي نا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي حدثني حمدون بن أحمد بن سلم ثنا عبيد الله ابن عائشة ثنا دريد بن مجاشع عن غالب القطان عن مالك بن دينار عن الأحنف بن قيس قال: قال عمر بن الخطاب، {{عنه}}: يا أحنف من كثر صخبه قلت هيبته، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن مزح استخف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.
 
1135- 14/18
 
===الكلاعي===
 
الإمام الحافظ العالم البارع محدث الأندلس وبليغها، أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم بن حسان الحميري الكلاعي البلنسي.
 
ولد سنة خمس وستين وخمسمائة، قال أبو عبد الله الأبار: سمع ببلنسية أبا العطاء بن نذير وأبا الحجاج بن أيوب وارتحل فسمع أبا القاسم بن حبيش وأبا بكر بن الجد وأبا عبد الله بن زرقون وأبا عبد الله بن الفخار وأبا محمد بن عبيد الله وأبا محمد بن بونة وأبا الوليد بن رشد وأبا محمد بن الفرس وأبا عبد الله بن عروس وأبا محمد بن جهور ونجبة بن يحيى وخلقًا سواهم، وأجاز له أبو العباس بن مضا وأبو محمد عبد الحق الأزدي صاحب الأحكام وآخرون، وعني أتم عناية بالتقييد والرواية وكان إمامًا في صناعة الحديث بصيرًا به حافظًا حافلًا عارفًا بالجرح والتعديل ذاكرًا للمواليد والوفيات يتقدم أهل زمانه في ذلك وفي حفظ أسماء الرجال خصوصًا من تأخر زمانه وعاصره، كتب الكثير وكان خطه لا نظير له في الإتقان والضبط مع الاستبحار في الأدب والاشتهار بالبلاغة فردًا في إنشاء الرسائل مجيدًا في النظم خطيبًا فصيحًا مفوهًا مدركًا حسن السرد والمساق لما يقوله مع الشارة الأنيقة والزي الحسن، وهو كان المتكلم عن الملوك في زمانه في المجالس المبين عنهم لما يريدونه على المنبر في المحافل، ولي خطابة بلنسية في أوقات.
 
وله تصانيف مفيدة في فنون عديدة، ألف كتاب "الاكتفاء في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفاء" في أربع مجلدات، وله مؤلف حافل في معرفة الصحابة والتابعين لم يكمله، وكتاب "مصباح الظلم" بشبه الشهاب، وكتاب "أخبار البخاري"، وكتاب "الأربعين" وغير ذلك، وإليه كانت الرحلة للأخذ عنه، انتفعت به في الحديث كل الانتفاع، أخذت عنه كثيرًا.
 
قلت: حدث عنه أبو العباس أحمد بن الغماز قاضي تونس وطائفة. قال ابن مسدي: لم ألق مثله جلالة ونبلا ورئاسة وفضلا وكان إمامًا مبرزًا في فنون من منقول ومعقول ومنثور وموزون جامعًا للفضائل، برع في علوم القرآن والتجويد، أما الأدب فكان ابن بجدته وأبا نجدته، وهو ختام الحفاظ ندب لديوان الإنشاء فاستعفي، أخذ القراءات عن أصحاب ابن هذيل وارتحل واختص بأبي القاسم بن حبيش بمرسية، أكثرت عنه.
 
قال الأبار: كان {{رحمه ى}} أبدًا يحدثنا أن السبعين منتهى عمره لرؤيا رآها، وهو آخر الحفاظ والبلغاء بالأندلس، استشهد بكائنة أينشة على ثلاثة فراسخ من مرسية مقبلا غير مدبر في العشرين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وستمائة، {{رحمه ى}}.
 
قال الحافظ المنذري: توفي شهيدًا بيد العدو قال: وكان مولده بظاهر مرسية في مستهل رمضان سنة خمس وستين، سمع ببلنسية ومرسية وإشبيلية وغرناطة وشاطبة ومالقة وسبتة ودانية، وجمع المجاميع تدل على غزارة علمه وكثرة حفظه ومعرفته بهذا الشأن، كتب إلينا بالإجازة سنة أربع عشرة.
 
قلت: توفي معه في العام المحدث العالم الملك المحسن يمين الدين أحمد ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب عن سبع وخمسين سنة، والزاهد أبو محمد إسحاق بن أحمد بن غانم العلثي القوال المعروف، ومحدث مصر وجيه الدين أبو اليمن بركات بن ظافر ابن عساكر الأنصاري المصري، والفقيه الموفق حمد بن أحمد بن محمد بن صديق الحراني، وأبو طاهر الخليل بن أحمد بن علي الجوسقي الصرصري، والمسند أبو منصور سعيد بن محمد بن ياسين السفار، والإمام ناصح الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن نجم ابن شرف الإسلام عبد الوهاب ابن الإمام الشيخ أبي الفرج بن الشيرازي الحنبلي الأنصاري، وفقيه حران ناصح الدين عبد القادر بن عبد القاهر بن عبد المنعم الحنبلي، والفقيه شرف الدين بن عبد القادر بن أبي عبد الله محمد بن الحسن بن البغدادي المصري الشافعي، وأبو القاسم عبد اللطيف ابن الأديب شاعر العراق محمد بن عبد الله التعاويذي، وخطيب بلنسية أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الله بن خيرة المقرئ، والمسند أبو نزار عبد الواحد بن نزار بن عبد الواحد البغدادي الجمال في عشر التسعين، والمسند أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر بن معالي البغدادي بن كية، والمحدث المؤرخ مسند العراق أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر بن حسين بن القطيعي عن ثمان وثمانين سنة، والمسند أبو الحسن مرتضى بن أبي الجود حاتم بن المسلم الحارثي المصري عن خمس وثمانين سنة، والمسند أبو بكر هبة الله بن عمر بن حسن بن كمال الحلاج عنده هبة الله بن الشبلي، والمعمرة أم عبد الله ياسمين بنت سالم بن علي بن البيطار، سمعت أيضًا من ابن الشبلي.
 
أخبرنا محمد بن جابر أنا أحمد بن محمد بن حسن القاضي بتونس أنا العلامة أبو الربيع بن سالم الحافظ أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الحجري أنا محمد بن عبد العزيز بن زغيبة الكلابي أنا أبو العباس أحمد بن عمر العذري أنا أحمد بن الحسن الرازي أنا محمد بن عيسى بن عمرويه أنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم ثنا عبد الله بن مسلمة ثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة قالت: طيبت رسول الله - {{صلل}} - بيدي لحرمه حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت. وأنبأناه عاليًا أحمد بن هبة الله وزينب بنت عمر عن المؤيد الطوسي أنا محمد بن الفضل أنا عبد الغافر بن محمد أنا ابن عمرويه المذكور.
 
1136- 15/18
 
===ابن دحية الكلبي===
 
الإمام العلامة الحافظ الكبير، أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي بن محمد، الملقب بالجميل -بتشديد الياء المفتوحة- ابن فرج بن خلف الأندلسي الداني الأصل السبتي.
 
وكان يكتب عن نفسه: ذو النسبين بين دِحية والحسين. قال الأبار: كان يذكر أنه من ولد دحية الكلبي وأنه سبط أبي البسام الحسيني، سمع بالأندلس أبا القاسم بن بشكوال وأبا عبد الله بن المجاهد وأبا بكر بن الجد وأبا عبد الله بن زرقون وأبا بكر بن جعفر اللمتوني وأبا القاسم بن حبيش وطبقتهم، وكان بصيرًا بالحديث معنيًّا بتقييده مكبًّا على سماعه حسن الخط معروفًا بالضبط، له حظ وافر من اللغة ومشاركة في العربية وغيرها، ولي قضاء دانية ثم صرف لسيرة نقمت عليه فرحل عنها وحمل بتلمسان عن قاضيها ابن أبي حيون، وحدث بتونس في سنة خمس وتسعين وحج وكتب بالمشرق وبأصبهان وبالعراق ونيسابور. قلت: أدرك أبا جعفر الصيدلاني وأبا الفتح الفراوي والحافظ أبا الفرج بن الجوزي وعاد إلى مصر. قال الأبار: أدب الكامل فنال دنيا عريضة وصنف ودرس وله كتاب "النص المبين في المفاضلة بين أهل صفين" وكتب إلي بالإجازة سنة ثلاث عشرة وستمائة.
 
قلت: وسمع بمصر من البوصيري وطبقته وسمع مسند الإمام أحمد بواسط من الندائي وسمع معجم الطبراني كله من الصيدلاني وحدث في سنة ستمائة بالموطأ وسمعه منه أبو عمرو بن الصلاح وزعم -ولم تدخل في الأذن دعواه- أنه قرأ صحيح مسلم من حفظه على بعض شيوخه وكان معروفًا على كثرة علمه وفضائله بالمجازفة والدعاوى العريضة.
 
قال الحافظ الضياء: لقيته بأصبهان ولم أسمع منه شيئًا ولم يعجبني حاله، كان كثير الوقيعة في الأئمة، أخبرني إبراهيم السنهوري أنه دخل المغرب وأن مشايخ أهل المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفه. ثم قال الضياء: وقد رأيت منه غير شيء مما يدل على ذلك.
 
وقال القاضي ابن واصل: كان أبو الخطاب مع فرط معرفته وحفظه متهمًا بالمجازفة في النقل فبلغ ذلك الملك الكامل فأمره أن يعلق شيئًا على كتاب الشهاب فعلق كتابًا تكلم فيه على أسانيده وأراه الكامل، فقال له الكامل بعد أيام: ضاع مني الكتاب فعلق لي مثله، ففعل فجاء متنافيًا للأول فعلم السلطان صحة ما قيل عنه وعزله من دار الحديث، فولى مكانه أخاه الإمام أبا عمرو اللغوي.
 
قال ابن نقطة: كان أبو الخطاب موصوفًا بالمعرفة والفضل لم أره إلا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها، فذكر لي أبو القاسم بن عبد السلام -ثقة- قال: نزل عندي ابن دحية فجعل يقول: أحفظ صحيح مسلم وجامع الترمذي، فأخذت خمسة أحاديث من الترمذي وخمسة من المسند وخمسة من الموضوعات وجعلتها جزءًا وعرضتها عليه فلم يعرف منها شيئًا.
 
وقال ابن خلكان: قدم إربل فصنف لملكها كتاب المولد ومدحه بقصيدة مطلعها: لولا الوشاة وهم أعداؤنا وهموا، ثم ظهرت القصيدة أنها في ديوان الأسعد بن مماتي، قرأت بخط ابن مسدي: كان والد أبي الخطاب تاجرًا يعرف بالكلبي -بين الباء والفاء- وهو اسم موضع بدانية، كان أبو الخطاب يكتب أولا: الكلبي معًا، إشارة إلى الموضع وإلى النسب وكان علامة زمانه قلت: كان مدلسًا يستعمل "حدثنا" فيما هو إجازة، لم ألق من يحدثني عنه. وسمعنا بإجازته من الحافظ شرف الدين الحنبلي. قرأت موته في ليلة رابع عشر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وعاش نيفًا وثمانين سنة.
 
'''وفيها مات''' الجمال أبو حمزة أحمد بن عمر ابن الشيخ أبي عمر المقدسي عن أربع وستين سنة، والفقيه الملك أبو العباس ابن الخطيب محمد بن أحمد اللخمي العزفي صاحب سبتة، والمسندة أم الحياء زهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر ببغداد، والمعمر أبو الربيع سليمان بن أحمد بن علي الشارعي المقرئ ابن المغربل تلميذ الكيزاني، والفقيه وجيه الدين عبد الخالق بن إسماعيل بن الحسن التنيسي، والمسند الشيخ عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن الدمشقي النساج، وخطيب زملكا عبد الكريم بن خلف بن نبهان الأنصاري، والشيخ عفيف الدين علي بن عبد الصمد بن محمد بن الرماح المصري النحوي، والمسند الكبير أبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة البغدادي القلانسي، والمسند فخر الدين محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي، وأبو بكر محمد بن محمد بن أبي المفاخر المأموني المقرئ الضرير بمصر، والمسند أبو الفتح نصر الله بن عبد الرحمن بن مكارم الأنصاري الدمشقي، وقاضي القضاة عماد الدين نصر بن عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر الجيلي الحنبلي عن سبعين سنة، رحمة الله عليهم أجمعين.
 
1137- 16/18
 
===البرزالي===
 
الإمام المفيد الحافظ الرحال محدث الشام زكى الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يداس البرزالي الإشبيلي.
 
ولد تقريبًا في سنة سبع وسبعين وخمسمائة وقدم للحج سنة اثنتين وستمائة فألهم سماع العلم وكتابته، فسمع من الحافظ ابن المفضل وجماعة، وبمكة من زاهر بن رستم ويونس الهاشمي، وبدمشق من الكندي وطبقته، وبأصبهان من عين الشمس بنت الثقفي والموجودين، وبنيسابور من منصور والمؤيد وزينب، وبهراة من أبي روح عبد المعز البزاز، وبمرو وهمذان وبغداد وحران وإربل والموصل وكتب عمن دب ودرج ونسخ الكثير وعمل المعجم الكبير وخرج لخلق كثير، سكن دمشق وأعقب بها وأمَّ بمسجد فلوس مدة وكان كيسًا متواضعًا بسامًا مفيدًا سهل العارية.
 
قال زكي الدين المنذري: وفي ليلة الرابع عشر من شهر رمضان توفي الحافظ أبو عبد الله البرزالي بحماة وهو في سن الكهولة، وقال: وكتب الكثير وخرج لجماعة وكان يحفظ ويذاكر مذاكرة حسنة، صحبنا مدة بالقاهرة عند شيخنا ابن المفضل وسمعت منه وسمع مني. قلت: روى عنه أبو حامد بن الصابوني وعمر بن يعقوب الإربلي وأبو المجد بن العديم وجمال الدين محمد بن واصل وأبو الفضل ابن عساكر ومحمد بن يوسف الذهبي وأبو علي بن الخلال وغيرهم، وبرزالة قبيلة قليلة.
 
توفي في رمضان المذكور سنة ست وثلاثين وستمائة.
 
'''وفيها مات''' الزاهد أبو العباس أحمد بن علي بن محمد القسطلاني ثم المصري عن سبع وسبعين سنة، وأبو المعالي سعد بن المسلم بن مكي بن علان القيسي الدمشقي، والمحدث الرحال أبو الخير بدل بن أبي المعمر التبريزي عن أربع وثمانين سنة، والمسند المقرئ أبو الفضل جعفر بن علي بن هبة الله الهمداني الإسكندراني بدمشق عن تسعين سنة، والطبيب أبو علي حسان بن أبي القاسم بن حسان المهدوي ثم الإسكندراني، وشيخ الإسكندرية الإمام الكبير جمال الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحميد بن إسماعيل الصفراوي المالكي عن اثنتين وتسعين سنة، ومحدث نصيبين الشيخ عسكر بن عبد الرحيم بن عسكر العدوي، والمسند أبو الفضل محمد بن محمد بن الحسن بن السباك، وشيخ الحنفية بدمشق العلامة جمال الدين محمود بن أحمد بن عبد السيد البخاري بن الحصري.
 
قرأت على محمد بن يوسف الإربلي حدثكم محمد بن يوسف الحافظ أنا محمد بن محمد بن أبي الرجاء بأصبهان أخبرتنا فاطمة بنت أبي سعد قالت: أنا سعيد بن أبي سعيد العيار، فذكر أحاديث. وأخبرنا أحمد بن هبة الله أنا محمد بن يوسف الحافظ أخبرتنا زينب الشعرية "ح" وأخبرنا أحمد عنها أن إسماعيل بن أبي القاسم أخبرها أنا عمر بن مسرور ثنا محمد بن سليمان الصعلوكي ثنا أبو العباس السراج ثنا أبو كريب ثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي قيس الأودي عن سويد بن غفلة عن علي {{عنه}} عن النبي {{صلل}} قال: "يخرج في آخر الزمان قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرّميّة، قتالهم حق على كل مسلم". <ref> رواه البخاري في المناقب باب 25. ومسلم في المسافرين حديث 275. وأبو داود في السنة باب 28.</ref>
 
1138- 17/18
 
===ابن الرومية===
 
الحافظ الناقد أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج بن عبد الله الأموي مولاهم، الأندلسي الإشبيلي الزهري النباتي العشاب، مصنف كتاب "الحافل" الذي ذيل به على كتاب "الكامل" لابن عدي، وكان فقيهًا ظاهريًّا.
 
ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة، وسمع من أبي عبد الله بن زرقون وأبي بكر بن الجد وأحمد بن جمهور ومحمد بن علي التجيبي وأبي ذر الخشني ثم حج ورحل إلى العراق وسمع من أصحاب الفراوي وأبي الوقت.
 
قال الأبار: كان ظاهريًّا متعصبًا لابن حزم بعد أن كان مالكيًّا وكان بصيرًا بالحديث والرجال، له مجلد مفيد فيه استلحاق على الكامل، وكان له بالنبات والحشائش معرفة فاق بها أهل العصر وجلس في دكان يبيعها، سمع منه جل أصحابنا، قال الحافظ المنذري: لقيته بمصر بعد عوده وحدث بأحاديث من حفظه وجمع مجاميع لم يتفق لي السماع منه. قلت: وكتب عنه ابن نقطة وقال: كان ثقة حافظًا صالحًا. قلت: وله كتاب "التذكرة" في معرفة مشيخته وألف كتاب "المعلم بما زاد البخاري على مسلم".
 
قال ابن فرتون: أفرد بعض تلامذته له سيرة فذكر أنه مات فجأة في سلخ ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وستمائة ورثاه غير واحد. قلت: روى عنه أبو بكر الموميائي وأبو إسحاق البلفقي وطائفة.
 
ومات معه ابن الدبيثي وقد مضى، قال ابن الزبير: كان ظاهري المذهب إلا أنه على دين وورع ومعرفة وإيثار، متحرفًا بالصيدلة.
 
1139- 18/18
 
===ابن الطيلسان===
 
الحافظ الإمام محدث الأندلس، أبو القاسم القاسم بن أحمد بن محمد بن سليمان الأنصاري القرطبي.
 
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة أو نحوها، ذكره الأبار فقال: روى عن جده لأمه أبي القاسم بن الشراط وأبي العباس بن مقدام وأبي محمد عبد الحق الخزرجي وأبي الحكم بن حجاج وجماعة من شيوخنا، وأجاز له عبد المنعم بن الفرس وأبو القاسم بن سمجون وشيوخه ينيفون على المائتين تصدَّر للإقراء والإسماع وكان له معرفة بالقراءات والعربية متقدمًا في صناعة الحديث متفننًا، له من المصنفات كتاب "ما ورد من الأمر في شربة الخمر"، وكتاب "بيان المنن على قارئ الكتاب والسنن"، وكتاب "الجواهر المفصلات في الأحاديث المسلسلات"، وكتاب "غرائب أخبار المسندين ومناقب آثار المهتدين"، وكتاب "أخبار صلحاء الأندلس". أخذ عنه جماعة من أكابر أصحابنا وكان أهلا لذلك.
 
خرج من قرطبة وقت أخذ الفرنج لها فنزل بمالقة وولي خطابتها إلى أن توفي في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وستمائة.
 
كتب إلينا ابن هارون من أفريقية أنه سمع من ابن الطيلسان غير شيء من كتاب الوعد والإنجاز في عوالي الحديث وأجاز له ما يجوز له روايته وكتب له: سأل مني فلان أن أجيز له ما رويته وجمعته فأجبته أسمى الله قدره وأعلى ذكره اهتبالا لسؤاله وامتثالا للطاعة التي لا تجب إلا لمثاله فأجزت له ولابنه أحمد بارك الله فيه وأقر به عين أبيه في سنة إحدى وأربعين وستمائة.
 
قلت: '''وفيها توفي''' الصدر تاج الدين أحمد ابن القاضي شمس الدين أبي نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي بدمشق عن إحدى وسبعين سنة، والصدر نجم الدين الحسن بن سالم بن علي بن سلام الدمشقي عن سبع وسبعين سنة، والشيخ حاطب بن عبد الكريم بن أبي علي الحارثى المِزّي، والمحدث المقرئ أبو القاسم سليمان بن عبد الكريم الأنصاري الدمشقي، والمسند أبو المنصور ظافر بن طاهر بن شحم الإسكندراني المطرز، وشيخ الشيوخ تاج الدين أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن حمويه الجويني بدمشق، والقاضي الرفيع الجيلي عبد العزيز بن عبد الواحد الجيلي بدمشق مقتولا، والشيخ قمر بن هلال بن بطاح القطيفي، والنفيس أبو البركات محمد بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصاري الحموي الضرير، والصدر جمال الدين أبو الفضل يوسف بن عبد المعطي بن منصور بن المحبلي الغساني الإسكندراني عن أربع وسبعين سنة.
 
1140- 19/18
 
===ابن النجار===
 
الحافظ الإمام البارع مؤرخ العصر مفيد العراق محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن بن النجار البغدادي
 
صاحب التصانيف: ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وسمع يحيى بن يوش وعبد المنعم بن كليب وذاكر بن كامل والمبارك بن المعطوش وابن الجوزي وطبقتهم.
 
وأول شيء سمع وله عشر سنين وأول عنايته بالطلب وهو ابن خمس عشرة سنة، وتلا بالروايات الكثيرة على أبي أحمد ابن سكينة وغيره، وسمع بأصبهان من عين الشمس الثقفية وجماعة، وبنيسابور من المؤيد وزينب، وبهراة من أبي روح، وبدمشق من الكندي، وبمصر من الحافظ ابن المفضل وخلائق، وجمع فأوعى وكتب العالي والنازل وخرج لغير واحد، وجمع تاريخ مدينة السلام وذيل به واستدرك على الخطيب وهو ثلاثمائة جزء، وكان من أعيان الحفاظ الثقات مع الدين والصيانة والنسك والفهم وسعة الرواية، حدث عنه أبو حامد بن الصابوني وأبو العباس الفاروثي وأبو بكر الشريشي وأبو الحسن الغرافي وأبو الحسن بن بلبان وأبو عبد الله بن القزاز الحداني وآخرون، وبالإجازة أبو العباس بن الظاهري وتقي الدين الحنبلي وأبو المعالي بن البالسي. قال ابن الساعي: كانت رحلة ابن النجار سبعًا وعشرين سنة واشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ، ألف "كتاب القمر المنير في المسند الكبير" ذكر كل صحابي وما له من الحديث، وكتاب "كنز الإمام في السنن والأحكام" وكتاب "المؤتلف والمختلف" ذيل به على ابن ماكولا، وكتاب "المتفق والمفترق" وكتاب "أنساب المحدثين إلى الآباء والبلدان" وكتاب "العوالي" وكتاب "المعجم" وكتاب "جنة الناظرين في معرفة التابعين" وكتاب "العقد الفائقي" وكتاب "الكمال" في الرجال، وقرأت عليه ذيل التاريخ عمله في ستة عشر مجلدًا وله كتاب "الدرر الثمينة في أخبار المدينة" وكتاب "روضة الأولياء في مسجد إيلياء" وكتاب "نزهة الورى في ذكر أم القرى" وكتاب "الأزهار في أنواع الأشعار" وكتاب "عيون الفوائد" ستة أسفار، وكتاب "مناقب الشافعي"، إلى أن قال: أوصى إليّ ووقف كتبه بالنظامية فنفذ إليّ الشرابي لتجهيز جنازته ورثاه جماعة وكان {{رحمه}} من محاسن الدنيا، توفي في خامس شعبان سنة ثلاث وأربعين وستمائة، {{رحمه ى}}.
 
أخبرنا علي بن أحمد الحسيني أنا محمد بن محمود الحافظ سنة ثلاث وثلاثين وستمائة أنا عبد المعز بن محمد بهراة "ح" وأنا أحمد بن هبة الله عن عبد المعز أن يوسف بن أيوب الزاهد أخبرهم أنا أحمد بن علي الحافظ أنا أحمد بن عبد الله الحافظ أنا حبيب بن الحسن أنا عبد الله بن أيوب أنا أبو نصر التمار أنا حماد عن علي بن الحكم عن عطاء عن أبي هريرة {{عنه}} قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من كتم علمًا علمه الله، ألجمه الله تعالى بلجام من نار". <ref> رواه ابن ماجه في المقدمة باب 24. وأحمد في مسنده "2/ 499، 508".</ref>
 
1141- 20/18
 
===ابن الصلاح===
 
الإمام الحافظ المفتي شيخ الإسلام تقي الدين أبو عمرو عثمان ابن المفتي صلاح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري الشافعي، صاحب كتاب [[مقدمة ابن الصلاح|علوم الحديث]].
 
ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وتفقه على والده بشهرزور ثم اشتغل بالموصل مدة، قال القاضي شمس الدين: فبلغني أنه كرر عليه جميع المهذب ولم يطر شاربه، ثم صار معيدًا عند العلامة العماد بن يونس. قلت: وسمع من عبيد الله بن السمين ونصر الله بن سلامة ومحمود بن علي الموصلي وعبد المحسن بن الطوسي وارتحل إلى بغداد فسمع من أبي أحمد ابن سكينة وعمر بن طبرزذ، وبهمذان من أبي الفضل بن المعزم، وبنيسابور من منصور والمؤيد وزينب وطبقتهم، وبمرو من أبي المظفر بن السمعاني وجماعة، وبدمشق من القاضي جمال الدين عبد الصمد بن الحرستاني والشيخ موفق الدين المقدسي والشيخ فخر الدين ابن عساكر، وبحلب من أبي محمد بن علوان، وبحران من الحافظ عبد القادر؛ ودرس بالمدرسة الصلاحية ببيت المقدس فلما هدم المعظم سور البلد قدم دمشق ودرس بالرواحية، ثم ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية، ثم تدريس الشامية الصغرى، وصنف وأفتى وتخرج به الأصحاب وكان من أعلام الدين.
 
قال ابن خلكان: كان أحد فضلاء عصره في التفسير والحديث والفقه وله مشاركة في عدة فنون وكانت فتاواه مسدودة وهو أحد شيوخي الذين انتفعتُ بهم، أقمتُ عنده مدة للاشتغال ولازمته سنة اثنتين وثلاثين، وله إشكالات على الوسيط. قال أبو حفص بن الحاجب في معجمه: إمام ورع وافر العقل حسن السمت متبحر في الأصول والفروع بارع في الطلب حتى صار يضرب به المثل واجتهد في نفسه في الطاعة والعبادة.
 
قلت: وكان سلفيًّا حسن الاعتقاد كافًّا عن تأويل المتكلمين مؤمنًا بما ثبت من النصوص غير خائض ولا معمق، وكان وافر الجلالة حسن البزة كثير الهيبة موقرًا عند السلطان والأمراء، تفقه به الأئمة: شمس الدين عبد الرحمن بن نوح وكمال الدين سلار وكمال الدين إسحاق وتقي الدين بن رزين والقاضي وغيرهم.
 
حدث عنه فخر الدين عمر الكرخي ومجد الدين بن المهتار والشيخ تاج الدين عبد الرحمن والشيخ زين الدين الفارقي والقاضي شهاب الدين الجوري والخطيب شرف الدين الفراوي والشهاب محمد بن شرف والصدر محمد بن حسن الأرموي والعماد بن البالسي والشرف محمد ابن الخطيب الآباري وناصر الدين محمد بن المهتار والقاضي أبو العباس أحمد بن علي الجيلي والشهاب أحمد بن العفيف وآخرون.
 
انتقل إلى الله في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة وكثر التأسف لفقده وحمل نعشه على الرءوس وكان على جنازته هيبة وخشوع فصلوا عليه بجامع دمشق وشيعوه عند باب الفرج ورجع الخلائق لمكان حصار الخوارزمية لدمشق فخرج عشرة من أصحابه مشمرون ودفنوه بمقابر الصوفية وقبره ظاهر يزار وعاش ستا وستين سنة، رحمة الله عليه.
 
'''وفيها توفي''' مفتي الحنابلة الإمام تقي الدين أحمد بن محمد ابن الحافظ عبد الغني المقدسي الصالحي عن اثنتين وخمسين سنة، والمسند أبو بكر عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن النحال البغدادي، وخطيب المقادسة شرف الدين عبد الله بن أبي عمر بن قدامة الحنبلي، والمحدث مفيد بغداد أبو منصور عبد الله بن محمد بن أبي محمد بن الوليد البغدادي، والفقيه أبو سليمان عبد الرحمن ابن الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، ومحدث حران المفيد سراج الدين عبد الرحمن بن عمر بن شحانة الحراني، ومحدث الإسكندرية المفيد المتقن أسد الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن مقرب الكندي، والأديب البارع أمين الدين عبد المحسن بن حمود بن المحسن التنوخي الكاتب، والعدل عبد المنعم بن محمد بن محمد بن حمزة بن أبي المضاء بحماة، دمشقي، والعدل ضياء الدين عتيق بن أبي الفضل السلماني، ومسند الوقت أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن منصور بن المقير الأزجي النجار بمصر عن سبع وتسعين سنة، والعلامة علم الدين علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي شيخ القراء بدمشق، والصدر عز الدين النسابة محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن ابن عساكر، والإمام المحدث تاج الدين أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أبي جعفر القرطبي، ومسند بغداد أبو بكر محمد بن سعيد بن أبي البقاء موفق الدين بن الخازن الصوفي، وظهير الدين محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحباب أبو إبراهيم السعدي المالكي، والإمام فخر الدين محمد بن عمر بن عبد الكريم الحميري بن المالكي الدمشقي، ومفتى الحنابلة الضياء محاسن بن عبد الملك بن علي التنوخي الحموي، والمحدث المفيد أبو العز مفضل بن علي بن عبد الواحد القرشي الشافعي، والعلامة منتخب الدين منتخب بن أبي العز بن رشيد الهمذاني النحوي بدمشق، وأبو غالب منصور بن أحمد بن محمد بن محمد المرانبي بن المعوج، والصاحب شهاب الدين يعقوب بن محمد بن علي الشيباني بن المجاور، وشيخ العربية موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش الأسدي الحلبي، وخلق كثير وهي سنة الخوارزمية.
 
أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الفزاري المقرئ الخطيب المحدث النحوي ثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الحافظ أخبرتنا أم المؤيد زينب بنت أبي القاسم الشعرية، وسمعته من زينب الكندية وابن أبي عصرون عنها أن إسماعيل بن أبي القاسم أخبرها أنا عبد الغافر بن محمد ثنا بشر بن أحمد ثنا داود بن الحسين ثنا يحيى بن يحيى أنا عبد الله بن محمد بن أبي فروة عن يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة".
 
وقد أخرجه مسلم بإسناد آخر عن بكير بن الأشج عن بسر فقال: عن زينب الثقفية، بدل أبي هريرة.
 
في الحديث دليل على تحريم إتيان المرأة المسجد متطيبة ولو كانت عجوزًا، وقد قال {{صلل}}: "طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه، وطيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه". رواه النسائي <ref> في كتاب الزينة باب 32. وأبو داود في النكاح باب 49. وأحمد في مسنده "2/ 541".</ref> ولكن إذا أرادت المرأة أن تطيب بالمسك والعنبر فلتلزم بيتها إلى أن يذهب ريح الطيب.
 
1142- 21/18
 
===الصريفيني===
 
الحافظ المتقن العالم تقي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الأزهر بن أحمد بن العراقي الصَّريفيني الحنبلي، نزيل دمشق.
 
مولده سنة إحدى وثمانين وخمسمائة وعني بهذا الشأن ورحل فيه إلى خراسان وأصبهان والشام والجزيرة، وصحب الحافظ عبد القادر الرهاوي وتخرج به. وسمع من المؤيد الطوسي وعبد المعز الهروي وعلي بن منصور الثقفي وحنبل بن عبد الله الرصافي وعمر بن طبرزذ وأبي اليمن الكندي وأبي محمد بن الأخضر وطبقتهم؛ روى عنه الحافظ ضياء الدين المقدسي وابن الحلوانية، وأبو المجد بن العديم، والشيخ تاج الدين الفزاري وأخوه، والشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والفخر ابن عساكر، وآخرون.
 
قال الحافظ المنذري: كان ثقة حافظًا صالحًا له جموع حسنة لم يتمها. وقال الحافظ عز الدين بن الحاجب: إمام ثبت صدوق واسع الرواية سخي النفس مع القلة سافر الكثير وكتب وأفاد، وكان يرجع إلى فقه وورع، ولي مشيخة دار الحديث بمنبج ثم تركها وسكن حلب فولي مشيخة دار الحديث الشدادية، سألت الشيخ الضياء عنه فقال: إمام حافظ ثقة حسن الصحبة له معرفة بالفقه. قال ابن الحاجب: قرأ القرآن على والده وعلى الشيخ عوض الصريفيني وتفقه على الشيخ عبد الله بن أحمد التواريخي وقرأ علم الأدب على هبة الله بن عمرو الدوري.
 
مات بدمشق في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وستمائة وله ستون عامًا.
 
'''وفيها مات''' مسند العراق أبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي القبيطي شيخ المستنصرية، ومسندة الشام أم الفضل كريمة بنت المحدث عبد الوهاب بن علي بن الخضر القرشية الزبيرية عن خمس وتسعين سنة، والمسند أبو محمد أغر بن كرم الحربي ويعرف بابن الإسكاف عن ست وثمانين سنة، والمسند أبو القاسم حمزة بن عمر بن عتيق بن أوس الأنصاري الغزال بالإسكندرية، والشيخ ضياء الدين عبد الحق بن خلف بن عبد الحق الدمشقي الحنبلي، والعدل مخلص الدين أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمن ابن المسند عبد الواحد بن هلال الأزدي الدمشقي، وأبو الوفاء عبد الملك بن عبد الحق بن الحنبلي الدمشقي، وأبو الرضا علي بن زيد بن علي بن مفرج الجذامي التسارسي الإسكندراني الخياط، والمعمر المسند أبو التمام علي بن أبي الفخار هبة الله بن محمد الهاشمي وقد جاوز التسعين، والقاضي شمس الدين أبو الفتح عمر بن أسعد بن المنجا التنوخي عن أربع وثمانين سنة، والمحدث الإمام الرحال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن محارب القيسي الغرناطي ثم الإسكندراني بها عن بضع وثمانين سنة، رحمة الله عليهم.
 
أخبرنا محمد بن داود سنة سبعمائة ببيت الآبار ثم بكفر بطنا أنا إبراهيم بن محمد بن الأزهر وعثمان بن عبد الرحمن والحسن بن محمد ويحيى بن علي ومحمد بن محمد بن عمر ومفضل بن علي ومحمد بن حميد وعلي بن يوسف قالوا: أنا المؤيد ابن محمد الطوسي "ح" وأخبرنا ابن داود أنا عتيق بن سلامة أنا أبو القاسم الحافظ "ح" وأنا ابن داود أنا محمد بن أبي جعفر وأحمد بن مميل قالا: أنا محمد بن صدقة "ح" وأنا ابن داود أنا محمد بن علي العسقلاني أنا منصور بن عبد المنعم "ح" وأنبأنا القاسم بن غنيمة أنا المؤيد قالوا: أنا محمد بن الفضل أنا عبد الغافر بن محمد "ح" وأخبرنا ابن داود أنا أبو الحسن السخاوي أنا أبو القاسم الشاطبي ثنا علي بن هذيل أنا سليمان بن نجاح أنا أبو العباس العذري أنا أحمد بن الحسن الرازي قالوا: ثنا ابن عمرويه أنا إبراهيم بن محمد ثنا مسلم بن الحجاج ثنا قتيبة ثنا ليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله {{صلل}} واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله، {{صلل}}: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله" فذكر الحديث.
 
1143- 22/18
 
===اللاردي===
 
الإمام الحافظ العلامة أبو عبد الله محمد بن عتيق بن علي التجيبي الغرناطي المعروف باللاردي، صاحب التصانيف.
 
روى عن أبيه الإمام أبي بكر وأبي عبد الله بن حميد، مولده سنة ثلاث وستين وخمسمائة، قال أبو عبد الله الأبار: ولي القضاء وصنف، فمن تواليفه كتاب "أنوار المصباح في الجمع بين الكتب الستة الصحاح" وكتاب "مطالع الأنوار في شمائل المختار" وكتاب "النكت الكافية" في الاستدلال على مسائل الخلاف الحديث وكتاب "منهاج العمل في صناعة الجدل" وكتاب "المسالك النورية في المقامات الصوفية"، توفي في حدود سنة ست وأربعين وستمائة، {{رحمه ى}}.
 
1144- 23/18
 
===المنذري===
 
عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة بن سعد الحافظ الكبير الإمام الثبت شيخ الإسلام زكي الدين أبو محمد المنذري، الشامي ثم المصري.
 
مولده في غرة شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وقرأ القرآن وتأدب وتفقه ثم طلب هذا الشأن وبرع فيه، سمع أبا عبد الله الأرتاحي وعبد المجيب بن زهير وإبراهيم بن البتيت وأبا الجود غياث بن فارس والحافظ أبا الحسن المقدسي وتخرج به وصحبه، وسمع بالمدينة النبوية من الحافظ جعفر بن أمورسان، وبدمشق من عمر بن طبرزذ ومحمد بن الرتف والتاج الكندي وطبقتهم، وبحران والإسكندرية والرها وبيت المقدس، وعمل معجمه في مجلد واختصر صحيح مسلم وسنن أبي داود وصنف في المذهب.
 
حدث عنه شيوخنا الدمياطي وابن الظاهري وأبو الحسين اليونيني وأبو عبد الله بن القزاز وإسماعيل بن نصر الله وعلم الدين سنجر الدواداري وقاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد والعماد محمد بن الجرائدي وإسحاق بن الوزيري وخلق سواهم.
 
درس بالجامع الظافري بالقاهرة ثم ولي مشيخه الدار الكاملية وانقطع بها ينشر العلم عشرين سنة. قال الشريف عز الدين الحافظ: كان شيخنا زكي الدين عديم النظير في علم الحديث على اختلاف فنونه عالمًا بصحيحه وسقيمه ومعلوله وطرقه متبحرًا في معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله قيمًا بمعرفة غريبه وإعرابه واختلاف ألفاظه إمامًا حجة ثبتًا ورعًا متحريًا فيما يقوله متثبتًا فيما يرويه قرأت عليه قطعة حسنة من حديثه وانتفعت به انتفاعًا كثيرًا. قلت: وقد قرأ بالسبع على شيخ من أصحاب أبي الجود في حياة أبي الجود، وأول سماعه كان في سنة إحدى وتسعين وكان ذا نسك وتزهد. قال شيخنا عبد المؤمن الحافظ: هو شيخي ومخرجي، أتيته مبتدئًا وفارقته معيدًا له في الحديث.
 
قال: وتوفي في رابع ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة.
 
قلت: '''وفيها توفي''' تحت السيف أمم لا يحصون ببغداد، منهم خليفة الوقت المستعصم بالله، وتوفي بالإسكندرية العلامة المحدث أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصاري القرطبي عن ثمان وسبعين سنة، والمحدث المفيد الرحال صدر الدين أبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمد البكري التيمي الصوفي، والعلامة شرف الدين أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي اللغوي بدمشق، وخطيب بيت الآبار عماد الدين داود بن عمر بن يوسف بن يحيى المقدسي، والملك الناصر داود بن المعظم عيسى بن العادل، والصاحب البهاء زهير محمد بن علي المهلبي الشاعر، وأبو الفضل عبد العزيز بن عبد الوهاب بن بيان الكفرطابي الدمشقي الرام الزاهد، والمسند أبو عمرو عثمان بن علي بن عبد الواحد الفرسي ابن خطيب القرافة الناسخ، والشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي المغربي، والمحدث المفيد شمس الدين علي بن المظفر بن القاسم الربعي النشبي الدمشقي، وأبو حفص عمر بن أبي نصر بن عوة الخزرجي التاجر، والأديب البليغ موفق الدين أبو المعالي القاسم بن هبة الله بن محمد أبي الحديد المدائني، والمقرئ العلامة شعلة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أحمد بن الحسين الموصلي الحنبلي عن ثلاث وثلاثين سنة، والمحدث أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الجرج التلمساني بالإسكندرية، والمسند خطيب مرو الفقيه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد المقدسي الحنبلي، وشيخ القراء أبو عبد الله محمد بن حسن بن محمد بن يوسف الفاسي بحلب، والمقرئ المسند المعمر عفيف الدين المرجا بن الحسن بن علي بن هبة الله بن سقير الواسطي التاجر عن خمس وتسعين سنة، والمحدث الفاضل نجيب الدين أبو الفتح نصر الله بن أبي العز بن الشقشقة الشيباني الدمشقي الصفار، والعلامة الأديب الزاهد جمال الدين يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور الصرصري الحنبلي الضرير سيد الشعراء، والعلامة الصاحب محيي الدين يوسف ابن الشيخ الإمام جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي.
 
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم المقرئ أنا عبد العظيم بن عبد القوي الحافظ أنا أبو عبد الله محمد بن حمد سماعًا في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة أنا علي بن الحسين الموصلي إذنا أنا علي بن الحسن بن قاسم أنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق القاضي ثنا أبو عبد الله المحاملي ثنا يعقوب عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة {{عنها}} أن النبي {{صلل}} كان إذا اعتكف يدني إليّ رأسه فأرجّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان.
 
1145- 24/18
 
===اليونيني===
 
الشيخ الفقيه الحافظ الإمام القدوة، تقي الدين أبو عبد الله محمد بن أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أحمد بن علي البعلبكي الحنبلي.
 
مولده سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بيونين ولبس الخرقة من الشيخ عبد الله البطائحي صاحب الشيخ عبد القادر، وصحب الشيخ عبد الله اليونيني، وتفقه بالشيخ الموفق وبرع في الخط المنسوب، وسمع من أبي طاهر الخشوعي وأبي التمام القلانسي وحنبل الرصافي والحافظ عبد الغني وأبي اليمن الكندي وغيرهم.
 
روى عنه ابناه الحافظ أبو الحسين والمؤرخ قطب الدين، وأبو عبد الله بن أبي الفتح وموسى بن عبد العزيز الأدمي وإبراهيم بن حاتم الزاهد ومحمد بن المحب وعلي بن الشاطبي وأبو عبد الله بن الزراد وعبد الرحيم بن الحبال وأبو إسحاق بن القرشية وخلق سواهم، وكان والده مرخمًا ببعلبك ثم بدمشق فمات ونشأ الفقيه يتيمًا بالكشك مع والدته فأسلمته نشابيا ثم حفظ القرآن وجود الكتابة ثم حفظ الجمع بين الصحيحين للحميدي بكماله، ذكره الحافظ عمر بن الحاجب فأطنب في وصفه فأسهب وأغرب وأعرب فقال: اشتغل بالفقه والحديث إلى أن صار إمامًا حافظًا، إلى أن قال: لم ير في زمانه مثل نفسه في كماله وبراعته. جمع بين علمي الشريعة والحقيقة وكان حسن الخلق والخلق نفاعًا للخلق مطرحًا للتكلف، من جملة محفوظه "الجمع بين الصحيحين للحميدي" وحدثني أنه حفظ صحيح مسلم جميعه وكرر عليه في أربعة أشهر وكان يكرر علي أكثر مسند أحمد من حفظه وأنه كان يحفظ في الجلسة الواحدة ما يزيد على سبعين حديثًا، وقال ولده قطب الدين: حفظ الجمع بين الصحيحين وحفظ صحيح مسلم في أربعة أشهر وحفظ سورة الأنعام في يوم واحد وحفظ ثلاث مقامات من الحريرية في بعض يوم، وكان الأشرف يحترمه ويعظمه وكذلك أخوه الصالح وقدم في أواخر عمره دمشق فخرج الملك الناصر يوسف إلى زيارته بزاوية الفرنثي وتأدب معه.
 
قلت: كان الشيخ الفقيه كبير القدر يذكر بالكرامات والأحوال، وكان أهل بعلبك يسمعون بقراءته على المشايخ الواردين عليهم كالقزويني والبهاء المقدسي وابن رواحة الحموي، وقد سقت أخباره وأوراده في تاريخ الإسلام، توفي في تاسع عشر رمضان سنة ثمان وخمسين وستمائة.
 
'''وفيها مات''' قاضي القضاة صدر الدين أحمد ابن قاضي القضاة شمس الدين يحيى بن هبة الله بن سني الدولة التغلبي الدمشقي الشافعي ببعلبك، والمسند أبو إسحاق إبراهيم بن خليل الأدمي أخو الحافظ شمس الدين شهيدًا تحت السيف بكائنة حلب، والمسند أبو طالب تمام بن أبي بكر بن السروري الدمشقي، والمعظم أبو المفاخر توران شاه ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، والمحدث الحافظ مفيد أهل الصلاحية محب الدين عبد الله بن أحمد بن أبي بكر المقدسي كهلا، والمسند أبو محمد عبد الله بن بركات بن إبراهيم بن الخشوعي، والمسند عماد الدين عبد المجيد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة الصالحي، والفقيه المسند أبو طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أبي طالب بن العجمي الحلبي، والمسند الفقيه أبو عبد الله محمد بن عبد الهادي بن يوسف أخو العماد استشهد بساوة، والمحدث المفيد فخر الدين محمد بن يوسف الكنجي قتل بجامع دمشق لدبره وفضوله، وضياء الدين أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد القزويني ثم الحلبي بحلب بعد الكائنة بشهرين، والمسند أبو الكرم بن عبد المنعم بن قاسم الأنصاري الأرتاحي بمصر، رحمة الله عليهم.
 
أخبرنا محمد بن أبي الفتح وموسى بن عبد العزيز ببعلبك سنة ثلاث وتسعين وستمائة قالا: أنا محمد بن أبي الحسين الفقيه قال: قرأت على بركات بن إبراهيم بدمشق أنا عبد الكريم بن حمزة "ح" وأخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل في سنة اثنتين وتسعين وستمائة أنا البهاء عبد الرحمن أنا إسماعيل بن علي بقراءتي أنا هبة الله بن أحمد وعبد الكريم قالا: أنا أبو الحسين محمد بن مكي الأزدي أنا أبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب أنا أبو القاسم البغوي ثنا شيبان ثنا عمارة ثنا أبو غالب عن أبي أمامة قال: كان رسول الله {{صلل}} يوتر بتسع، حتى إذا بدن وكثر لحمه أوتر بسبع وصلى ركعتين وهو جالس يقرأ فيهما: {إِذَا زُلْزِلَتِ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}.
 
1146- 25/18
 
===الرشيد===
 
الإمام الحافظ الثقة المجود رشيد الدين، أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله بن علي بن مفرج القرشي الأموي النابلسي ثم المصري العطار المالكي.
 
ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة، سمع أباه وعمه عبد الرحمن وأبا القاسم البوصيري وإسماعيل بن ياسين وأبا طاهر بن بنان وعلي بن حمزة الكاتب وعبد اللطيف بن أبي سعد والشهاب محمد بن يوسف الغزنوي وابن نجا الواعظ وفاطمة بنت سعد الخير وخلقًا، وبدمشق الكندي وابن الحرستاني وعدة، وبمكة والمدينة والثغر وتخرج بالحافظ ابن المفضل، وألف معجم شيوخه وانتخب وأفاد وتقدم في فن الحديث، وكان ثقة مأمونًا متقنًا حافظًا حسن التخريج، ذكره الشريف عز الدين فقال: كان حافظًا ثبتًا انتهت إليه رياسة الحديث بالديار المصرية ووقف كتبه، صحبته مدة.
 
قلت: روى عنه الدمياطي وابن الظاهري وابن اليونيني وشعبان الإربلي وأبو العباس بن صصرى والقاضي الزين عبد الرحيم الساعاتي وعبد القادر الصعبي وعبد الرحمن بن يعيش السبتي وداود بن يحيى الحريري وخلق سواهم، وقد ولي مشيخة الكاملية ستة أعوام.
 
وتوفي بمصر في ثاني جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وستمائة.
 
'''وفيها توفي''' المحدث الرحال المتقن ضياء الدين أبو جعفر أحمد بن محمد بن صابر القيسي المالكي عن سبع وثلاثين سنة، وأبو الطاهر إسماعيل بن صارم بن علي الكناني الحناط بمصر شنق نفسه، وشيخ الشيوخ الإمام شرف الدين عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن الأنصاري الحموي الشافعي، وقاضي القضاة عماد الدين أبو الفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني خطيب دمشق، ومحدث دمشق ضياء الدين علي بن محمد بن محمد بن علي بن البالسي غريبًا بمصر وله سبع وخمسون سنة، والمسند أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن علي الأنصاري البزاز البابشرقي، والمحدث الإمام العالم محيي الدين يحيى بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن سراقة الأنصاري الشاطبي بمصر عن سبعين سنة، وأبو المظفر يوسف بن يعقوب الإربلي الذهبي في عشر الثمانين، والقدوة العارف شيخ الإسكندرية أبو القاسم بن منصور القباري، رحمة الله عليهم.
 
أخبرنا محمد بن محمد بن عبد المنعم الطائي بمنين سنة ست وتسعين وستمائة أنا يحيى بن علي الحافظ بمصر أنا إسماعيل بن صالح أنا محمد بن أحمد الرازي أنا محمد بن الحسين الطفال أنا محمد بن حيوية أنا محمد بن جعفر بن أعين ثنا عمرو بن مرزوق أنا شعبة عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس أن رسول الله {{صلل}} قال: "أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وشهادة الزور، أو قول الزور". أخرجاه عن محمد بن الوليد عن غندر عن شعبة، وفي هذا الوقت كان عدد كثير من المحدثين والطلبة لهم اعتناء بهذا الشأن وفيهم من يكتب له: الحافظ والإمام، لم أر إيرادهم هنا لقلة بضاعتهم من علم الحديث، فمن أحب الوقوف على أخبارهم فلينظر في تاريخي الكبير.
 
1147- 26/18
 
===البكري===
 
المحدث العالم المفيد الرحال المصنف صدر الدين أبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك القرشي التيمي البكري النيسابوري ثم الدمشقي، المحتسب الصوفي سفير الدولة ابن أبي عبد الله ابن شيخ الشيوخ أبي الفتوح.
 
مولده بدمشق سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وسمع بمكة قديمًا من جده لأمه أبي حفص الميانشي، وبدمشق من حنبل وابن طبرزذ، وبنيسابور من المؤيد ابن محمد وزينب الشعرية، وبهراة من أبي روح عبد المعز بن محمد، وبمرو من أبي المظفر بن السمعاني، وبأصبهان من أبي الفتوح محمد بن الجنيد وعين الشمس الثقفية وحفصة بنت حمكا، وببغداد من عبد العزيز بن الأخضر، وبمصر والموصل وهمذان وإربل، وعني بهذا الشأن وعمل أربعي البلدان، وطرق: "من كذب عليّ"، وشرع في عمل تاريخ ذيل لدمشق وغير ذلك.
 
وحدث بالكتب الطوال، سمع منه الشيخ تقي الدين بن الصلاح، وروى عنه الدمياطي والعماد بن البالسي والبدر بن التوزي وأبو الفتح القرشي وأبو عبد الله بن الزراد وتاج الدين أحمد بن مزين والزين أبو بكر المري وخلق سواهم، ولي حسبة دمشق ومشيخة الشيوخ وعظم في دولة المعظم وليس هو بالقوي، ضعفه عمر بن الحاجب فقال: كان إمامًا عالمًا لسنًا فصيحًا مليح الشكل أحد الرحالين إلا أنه كان كثير الدعاوى عنده مداعبة ومجون، داخل الأمراء وجدد مظالم، سألت الحافظ ابن عبد الواحد عنه فقال: بلغني أنه كان يقرأ على الشيوخ، فإذا أتى على كلمة مشكلة تركها ولم يبينها وسألت الزكي البرزالي عنه فقال: كان كثير التخليط. قلت: ثم في الآخر صلح حاله وابتلي بالفالج قبل موته بسنوات ثم تحول في آخر عمره إلى مصر فمات بها في ذي الحجة سنة ست وخمسين وستمائة.
 
أخبرنا أبو بكر بن يوسف المقرئ أنا الحسن بن محمد التيمي أنا عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا أحمد بن الحسين أنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو العباس المحبوبي بمرو ثنا سعيد بن مسعود ثنا النضر بن شميل ثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير، سمعت أبا سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله {{صلل}} قال: "إن أصدق بيت قاله الشاعر: ألا كل شيء ما خلا الله باطل" رواه البخاري من طريق غندر عن شعبة.
 
(تمت الطبقة الثامنة عشرة.)
 
==الطبقة التاسعة عشرة==
 
وعدتهم اثنا عشر رجلًا، رحمهم الله تعالى:
 
1148- 1/19
 
{{ع3|أحمد بن عيسى}}
 
السيف الإمام الحافظ الأوحد البارع الصالح سيف الدين أبو العباس '''أحمد بن المجد عيسى ابن الشيخ موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي''' الصالح الحنبلي.
 
مولده سنة خمس وستمائة، سمع من جده الكثير ومن أبى اليمن الكندي وأبي القاسم بن الحرستاني وأبي البركات الملاعي وأحمد بن عبد الله العطار وطبقتهم، وببغداد من الفتح بن عبد السلام وعلي بن نورندان وأبي علي الجواليقي وأصحاب ابن ناصر وأبي الوقت وكتب العالي والنازل.
 
وجمع وصنف وكان ثقة حافظًا ذكيًّا متيقظًا مليح الخط عارفًا بهذا الشأن عاملا بالأثر صاحب عبادة وإنابة وكان تام المروءة أمَّارًا بالمعروف قوالًا بالحق ولو طال عمر لساد أهل زمانه علمًا وعملًا، ف {{رحمه}} ورضي عنه. عاش ثمانيًا وثلاثين سنة ومحاسنه جمة.
 
أخبرنا أحمد بن محمد المؤدب أنا أحمد بن عيسى الحافظ ثنا محمد بن أبي المعالي بن عبدون الصوفي بدمشق وغيره قالوا: أنا أبو بكر الزاغوني أنا أبو القاسم بن البسري ثنا المخلص أبو طاهر ثنا البغوي ثنا أبو نصر التمار والعيش قالا: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات".
 
هذا حديث صحيح غريب أخرجه مسلم عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن حماد ويرويه أيضًا حماد عن خاله حميد الطويل، وهو ثبت في حميد وثابت. ألف السيف {{رحمه ى}} مجلدًا كبيرًا في الرد على الحافظ محمد بن طاهر المقدسي لإباحته للسماع وفي أماكن من كتاب ابن طاهر في صفوة أهل التصوف، وقد اختصرت هذا الكتاب على مقدار الربع، وانتفعت كثيرًا بتعاليق الحافظ سيف الدين.
 
1149- 2/19
 
===خالد بن يوسف بن سعد بن حسن بن مفرج===
 
الإمام المفيد المحدث الحافظ زين الدين أبو البقاء النابلسي ثم الدمشقي.
 
مولده سنة خمس وثمانين وخمسمائة بنابلس، ونشأ بدمشق فسمع من أبي محمد القاسم ابن عساكر ومحمد بن الخصيب وحنبل الرصافي وعمر بن طبرزذ وطائفة، وببغداد من أبي محمد بن الأخضر والحسين بن سنيف وعبد العزيز بن منينا وطبقتهم، وكتب ورحل وحصل أصولًا نفيسة ونظر في اللغة وكان ذا إتقان وفهم ومعرفة وعلم وكان ثقة متثبتًا ذا نوادر ومزاح وكان يحفظ جملة كثيرة من الغريب وأسماء الرجال وكناهم وله صورة كبيرة، ينطوي على صدق وزهد وأمانة، ولي مشيخة الحديث بأماكن، وكان أسمر ربعة وبه عرج.
 
حدث عنه الشيخ تاج الدين وأخوه الخطيب شرف الدين والشيخ محيي الدين النووي والشيخ تقي الدين القشيري وأبو عبد الله الملقن والبرهان الذهبي والكمال ابن النحاس وصالح بن عربشاه ومحيي الدين يحيى بن المقدسي وآخرون.
 
توفي في سلخ جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وستمائة.
 
'''وفيها توفي''' المحدث الإمام معين الدين إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز القرشي الدمشقي عن ستين سنة، والشيخ نظام الدين عبد الله بن يحيى بن الفضل بن الحسين بن البانياسي عن بضع وثمانين سنة، والشيخ أبو عمر عبد الرحمن بن أحمد بن ناصر بن طعان الدمشقي الطريفي الصفار، ونجيب الدين أبو العشائر فراس بن علي بن زيد الكناني العسقلاني ثم الدمشقي عن ثمانين سنة، وقاضي القضاة بدر الدين يوسف بن حسن بن علي السنجاري الشافعي بمصر عن خمس وثمانين سنة، والشيخ أبو القاسم الحواري الزاهد شيخ بلاد السواد.
 
أخبرنا محمد بن سلامة المقرئ وإبراهيم بن نمر القرشي قالا: ثنا خالد بن يوسف الحافظ أنا القاسم بن علي سنة تسع وتسعين "ح" وأنبأني المسلم بن محمد وغيره قالوا: ثنا القاسم أنا أبو الدر ياقوت الرومي أنا عبد الله بن محمد الخطيب ثنا محمد بن عبد الرحمن ثنا عبد الله بن محمد ثنا طالوت بن عباد أنا فضال بن جبير، سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله {{صلل}} يقول: "اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا ائتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف؛ غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم". فضال ضعفه أبو حاتم.
 
1150- 3/19
 
===ابن مسدي===
 
الحافظ العلامة الرحال، أبو بكر محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن مسدي الأزدي المهلبي الأندلسي الغرناطي.
 
أحد من عني بهذا الشأن، كتب عن خلق بالأندلس في سنة نيف وعشر، وارتحل بعد العشرين ولحق بحلب أبا محمد بن علوان الأستاذ، وبدمشق أبا القاسم بن صصرى، وبمصر الفخر الفارسي، وبالثغر محمد بن عباد، وبتونس وتلمسان، وعمل معجمًا في ثلاث مجلدات كبار رأيته وطالعته وعلقت منه كراريس، وله تصانيف كثيرة وتوسع في العلوم وتفنن، وله اليد البيضاء في النظم والنثر ومعرفة بالفقه وغير ذلك وفيه تشيع وبدعة.
 
روى عنه الأمير علم الدين الدواداري ومجد الدين عبد الله بن محمد الطبري وغير واحد وشيخنا الدمياطي في معجمه. حكى لي المحدث عفيف الدين بن المطري أنه سمع التقي المعمري يقول: سألت أبا عبد الله بن النعمان المزالي عن ابن مسدي فقال: ما نقمنا إلا أنه تكلم في أم المؤمنين عائشة، {{عنها}}. ثم حدثني العفيف أن ابن مسدي كان يداخل الزيدية بمكة فولوه خطابة الحرم فكان ينشئ الخطب في الحال، وأكثر كتبه عند الزيدية ثم أراني عفيف الدين له قصيدة نحوًا من ستمائة بيت ينال فيها من معاوية وذويه، ورأيت بعض الجماعة يضعفونه في الحديث، وأنا قرأت له أوهامًا قليلة في معجمه، وقد خرج لابن الحميري فوهم، خرج له من رابع المحامليات عن شهدة، وهذا خطأ. وممن روى عنه أبو اليمن ابن عساكر وعفيف الدين بن مزروع، وكان شيخنا رضي الدين بن إبراهيم إمام المقام ممن يمتنع الرواية عنه. و"مسدي" بالفتح وياء ساكنة ومنهم من يضمه وينون. قتل ابن مسدي بمكة غيلة وطل دمه في سنة ثلاث وستين وستمائة عن نحو من سبعين سنة. كتب إلي الإمام عبد الله بن محمد بن محمد المكي أنه قرأ على أبي بكر بن مسدي قصيدته هذه:
 
يا ذا الذي لم يزل في ملكه أزلا ماذا أقول ولا أحصي الثناء ولا
 
علوت قدرا فما قدر العقول وقد عقلتها فيك عن مفهوم قول علا
 
لا هم فينا دليل منك يرشدنا إليك لم ننحرف عن حرف من والى
 
فلا طريق إلى تحقيق معرفة إلا لمجهلة حيث المجاز فلا
 
حمى منيع فلا يرقى لمعقله إلا بسلم تسليم لمن عقلا
 
سبحانك الكل دل الكل منك على معنى الخصوص فحسب العلم ما جهلا
 
ظهرت في كل شيء نجتليه كما بطنت في كل معنى دق محتملا
 
يا أولًا لا لحد بل لبدأتنا يا آخرًا لا انتهاء بل لنا فبلى
 
عرفتني بك إذ عرفتني بي في ضرب المثال فلم أضرب لك المثلا
 
حصلت منك على كنز اليقين فما يفنى على الدهر بالإنفاق ما حصلا
 
من ضل يحسب أعراضا يعددها فحسبي الله لا أبغي به بدلا
 
1151-19/4
 
===ابن سيد الناس===
 
الإمام الحافظ العلامة الخطيب أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى ابن سيد الناس اليعمري الأندلسي الإشبيلي، عالم المغرب.
 
ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وسمع صحيح البخاري من أبي محمد الزهري صاحب شريح وتلا بحرف نافع على أبي نصر بن عظيمة فيما قيل، وسمع أيضًا من أبي الصبر أيوب الفهري وطبقته، وله إجازة من أهل الشام والعراق، أكبر من أجاز له القاضي جمال الدين أبو القاسم بن الحرستاني وثابت بن مشرف، وجمع وصنف، ذكره القاضي عز الدين الشريف في وفياته فقال: كان أحد حفاظ الحديث المشهورين وفضلائهم المذكورين وبه ختم هذا الشأن بالمغرب، كتب إلينا بالإجازة من تونس، وبها توفي في رجب سنة تسع وخمسين وستمائة، وتوفي والده سنة ثماني عشرة وستمائة. قلت: الحافظ أبو بكر هو جد صاحبنا الحافظ فتح الدين محدث مصر، رأيت لأبي بكر "كتاب بيع أمهات الأولاد" في مجلد يدل على سيلان ذهنه وسعة حفظه وسعة إمامته، وقد كان شيخنا أبو محمد بن هارون مسند المغرب لازم مجلس الخطيب أبي بكر للفقه والنظر وسمع من لفظه صحيح البخاري وتفسير أحاديث أملاها من صدره وكان ظاهريا علامة. قال ابن الزبير: أجاز له نحوًا من أربعمائة، انتقل إلى حصن القصر ثم إلى طنجة وأقرأ بجامعها وأم وخطب به ثم انتقل إلى بجاية فخطب بجامعها ثم طلب إلى تونس فدرس بها. وكان ظاهري المذهب على طريقة أبي العباس النباتي إلا أن النباتي اشتهر بالورع والفضل التام.
 
كتب إليّ بالإجازة ابنا ابن هارون ثنا أبو بكر اليعمر الحافظ أنا أبو محمد الزهري أنا أبو الحسن بن شريح أنا ابن منظور أنا أبو ذر بالجامع الصحيح عن مشايخه الثلاثة عن الفربري.
 
توفي في العام أبو العباس أحمد بن حامد بن أحمد بن حمد الأرتاحي المصري المقرئ الحنبلي عن خمس وثمانين سنة، والمحدث الفقيه مدرس الحورية شرف الدين أبو محمد الحسن بن عبد الله ابن الحافظ عبد الغني المقدسي الصالحي عن أربع وخمسين سنة، والمحدث القدوة سيف الدين سعيد بن المطهر الباخرزي شيخ خراسان، والواعظ الإمام جمال الدين عثمان بن مكي بن عثمان بن إبراهيم السعدي الشارعي عن بضع وسبعين سنة، والمسند ضياء الدين محمد بن الحسن بن أبي عبد الله النعال البغدادي بمصر عن أربع وثمانين سنة، والمسند صائن الدين محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى بن مغنين المتيجي الإسكندراني، والقاضي كمال الدين محمد ابن قاضي القضاة عبد الملك بن عيسى بن درباس الماراني المصري الشافعي عن ثلاث وثمانين سنة، وزكي الدين مكي بن عبد الرزاق بن يحيى الزبيدي المقدسي ثم الدمشقي، وسلطان الشام الناصر يوسف ابن الملك العزيز محمد بن غازي في أسر هولا شهيدًا.
 
'''الأبار''' العلامة البليغ المنشئ الحافظ المحدث، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي: ذكرته في الممتع.
 
1152- 5/19
 
===الرسعني===
 
الإمام المحدث الرحال الحافظ المفسر عالم الجزيرة عز الدين أبو محمد عبد الرازق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف الجزري.
 
مولده برأس عين سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وسمع ببغداد من عبد العزيز بن منينا وطبقته، وبدمشق من أبي اليمن الكندي وطبقته، وببلده من أبي المجد القزويني؛ وعني بهذا العلم وجمع وصنف تفسيرًا حسنًا رأيته يروي فيه بأسانيده، وصنف كتاب مقتل الشهيد الحسين {{عهس}} وكان إمامًا متقنًا ذا فنون وأدب.
 
روى عنه ولده العدل شمس الدين محمد والدمياطي في معجمه وغير واحد، وبالإجازة أبو المعالي الأبرقوهي، وتأخر عبد الغني بن عروة المأجن وكان قد سمع منه جزء الأنصاري؛ كانت له حرمة وافرة عند الملك بدر الدين صاحب الموصل.
 
قرأت بخط الحافظ أحمد بن المجد قال: عبد الرازق الرسعني حفظ "المقنع" لجدي وسمع بدمشق وغيرها من الكندي والخضر بن كامل وأبي القاسم بن الحرستاني وأبي الفتوح بن الجلاجلي ابن قدامة، وببغداد من الداهري وعمر بن كرم. قلت: وسمع أيضًا بحلب من الافتخار عبد المطلب وقدم مرة دمشق رسولا فقرأ عليه جمال الدين محمد بن الصابوني جزءًا، وله شعر رائق، ولي مشيخة دار الحديث بالموصل وكان من أوعية العلم والخير؛ توفي في سنة إحدى وستين وستمائة.
 
'''وفيها توفي''' بدمشق الإمام فخر الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن رزمان الحنفي راوي نسخة وكيع، والمسند أبو علي الحسن بن علي بن منتصر الفاسي ثم الإسكندراني الكتبي، وشيخ الحرم الخطيب أبو الربيع سليمان بن خليل بن إبراهيم الكناني العسقلاني الأصل وكان مولده قبل موت جده لأمه عمر الميانشي المحدث قبيل الثمانين وخمسمائة، والمفتي جمال الدين عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري ثم الدمشقي الحنبلي، وشيخ القراء تقي الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله بن يحيى الفاشري الشافعي في شوالها، والمسند الكبير أثير الدين عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري القباني الناسخ عن ست وثمانين سنة، والمسند أبو الحسن علي بن إسماعيل بن طلحة المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، وشيخ القراء بقية السلف كمال الدين علي بن شجاع بن سالم العباسي المصري الضرير عن تسع وثمانين سنة، وشيخ القراء سيف المناظرين علم الدين القاسم بن أحمد بن أبي السداد الأندلسي اللورقي بدمشق عن أربع وثمانين سنة.
 
أخبرنا محمود بن عقيل أنا عبد المؤمن الحافظ قال: قرأت على عبد الرازق بن رزق الله بالموصل أنا محمد بن الحسين أنا محمد بن أسعد أنا أبو محمد البغوي أنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا هشيم أنا أبو هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد، سمعت أبا ذر يقسم قسمًا أن هذه الآية: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} نزلت في الذين برزوا يوم بدر: حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث؛ وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة.
 
وقع لنا هذا الحديث في ثاني المحامليات عاليًا بأربع درجات: ثنا محمود بن خداش ثنا هشيم بهذا.
 
أنشدني محمود بن أبي بكر الفقيه ثنا علي بن عبد العزيز قال: أنشدنا عز الدين عبد الرازق بن رزق الله لنفسه:
 
حفظت لفظًا عظيم الوعظ يوقظ من ظمأ لظى وشواظ الحظ والوسن
 
من يكظم الغيظ يظفر بالظلال ومن يظعن على الظلم يظلل راكد السفن
 
لا تنظر الظن والفظ الغليظ ولا تظهره ظهر ظهور تحظ بالإحن
 
انظر تظاهر من لم ينتظر خلبت عظامه ظفر الظلماء والمحن
 
فهذه أربع يا صاح قد حصرت ما في القرآن من الظاءات فامتحن
 
1153- 6/19
 
===ابن الحاجب===
 
الحافظ العالم المفيد، علم الطلبة عز الدين أبو الفتح عمر بن محمد بن منصور الأميني الدمشقي.
 
سمع وقت وفاة ابن ملاعب من هبة الله بن الخضر بن هبة الله بن طاوس وموسى بن عبد الله وموسى بن عبد القادر وابن أبي لقمة وطبقتهم بدمشق، ومن الفتح بن عبد السلام وطبقته ببغداد، ومن عبد القوي بن الحباب ونحوه بمصر، وسمع بالإسكندرية وإربل والموصل وحلب والحرمين، وكتب العالي والنازل وحصل الأصول وعمل المعجم عن ألف ومائة وثمانين شيخًا، وعمل معجم الأماكن التي سمع بها وبالغ في الطلب، وعمل الأربعين المصافحات.
 
قال أبو محمد المنذري: يقال: إنه لم يبلغ أربعين سنة، وكان فهمًا متيقظًا محصلًا جمع مجاميع وكانت له همة جيدة، شرع في تصنيف تاريخ لدمشق مذيلًا على تاريخ ابن عساكر. وذكره السيف بن المجد فقال: خرجه خالي الضياء ثم طلب وسافر، سمع منه الزكي البرزالي وأبو موسى الرعيني والجمال بن الصابوني، وانتقى كثيرًا على المشايخ. قال ابن المجد: رأيت ابن الحاجب حين قدم بغداد صام أول يوم قدمها لما قيل له: الفتح باق، وكان يصوم كثيرًا يستعين به على الطلب، أقام ببغداد أشهرًا لا ونى ولا فتر، كان يسمع ويكتب وكانوا يتعجبون منه ومن كثرة علمه.
 
قرأت بخط الحافظ الضياء: توفي في ثامن عشر من شعبان سنة ثلاثين وستمائة صاحبنا الشاب الحافظ أبو حفص عمر بن الحاجب بدمشق ولم يبلغ الأربعين. قال: وكان دينًا خيرًا ثبتًا متيقظًا قد فهم وجمع. قلت: وممن سمع منه شيخه الحافظ إبراهيم الصريفيني، وكان جده الحاجب منصور بن مسرور حاجب صاحب بصرى أمين الدولة.
 
'''وفيها توفي''' القاضي بهاء الدين إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد التنوخي المعمري ثم الدمشقي عن خمس وستين سنة، والأجل شمس الدين إسماعيل بن سليمان بن إيداش الدمشقي الحنفي بن السلار عن ثمان وثمانين سنة، عنده الصائن، وبالقدس الزاهد العابد أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الأوقي صاحب السلفي، وببغداد المسند أبو محمد الحسن ابن الأمير السيد علي بن مرتضى العلوي الحسيني صاحب ابن ناصر، والمسند صفي الدين أبو بكر بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن محمد بن باقا البغدادي التاجر بمصر وله خمس وسبعون سنة، والمسند أبو القاسم علي ابن العلامة أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي البغدادي الناسخ عن ثمانين إلا سنة، وخطيب بلد أوريولة من الأندلس أبو الحسن علي بن محمد بن يبقى الأنصاري، وقد حج وسمع من السلفي، والملك مظفر الدين كوكبري بن علي التركماني صاحب إربل عن إحدى وثمانين سنة، والإمام المحدث المفيد أبو عبد الله محمد بن الحسن بن سالم بن سلام الدمشقي عن إحدى وعشرين سنة، وكان قد حفظ علوم الحديث للحاكم وحدث عن ابن ملاعب، والمسند أبو بكر محمد بن عمر بن أبي بكر بن النحال البغدادي بن الخياط، والأديب شاعر وقته أبو المحاسن محمد بن نصر الله بن عنين بدمشق، والمسند أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن أبي السنان الموصلي الشافعي، والظهير أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أبي عبد الله بن الدامغاني الحنفي الصوفي بحلب عن ثمان وسبعين سنة.
 
أخبرنا محمد بن علي الحافظ في كتابه أنا عمر بن محمد الحافظ أنا عبد السلام بن عبد الرحمن ابن سكينة أنا محمود فورجة، فذكر حديثًا من جزء لوين. ثم قرأت بخط ابن الحاجب أن مولده في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وعاش سبعا وثلاثين سنة.
 
1154- 7/19
 
===الرُّعَيْني===
 
الحافظ الإمام المتقن، أبو موسى عيسى بن سليمان بن عبد الله الأندلسي المالقي الرندي، نشأ برندة.
 
سمع بمالقة أبا محمد بن القرطبي وأبا العباس بن الخيار، وسمع بحصن أصطبة من إبراهيم بن علي الخولاني وحج وتوسع في الرحلة وسمع بدمشق من أبي محمد بن البن وطبقته فأكثر. ذكره الأبار فقال: كان ضابطًا متقنًا كتب الكثير ثم امتحن في صدره بأسر العدو، فذهب أكثر ما جلب، وولي خطابة مالقة، أجاز لي مروياته.
 
مات في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وستمائة عن إحدى وخمسين سنة. قال عمر بن الحاجب: كان محدثًا حافظًا متفننًا أديبًا نبيلًا ساكنًا وقورًا نزهًا وافر العقل محتاطًا في النقل، سألت الضياء الحافظ عنه فقال: حبر عالم متيقظ ما في طلبة زمانه مثله. وقال لي أبو عبد الله البرزالي: ثقة ثبت حدثنا من حفظه: أنا إبراهيم بن علي أنا أبو مروان عبد الرحمن بن قزمان ثنا محمد بن فرج بن الطلاع، فذكر حديثًا من الموطأ. وقال ابن الزبير: إنه أخذ بمكة عن يونس العصار وأقام بتلك البلاد نيفًا وعشرين سنة ثم قدم، وأخذ عنه جلة من كبار أصحابنا، وكان ضابطًا مفيدًا متقنًا عارفًا بالرجال والأسانيد نقادًا فاضلًا، ألف معجمه وألف كتابًا في الصحابة وجلب كثيرًا مما لم يكن وصل المغرب، وكان قدومه في آخر سنة إحدى وثلاثين، أخذ عنه ابن فرتون بسبتة؛ قدم لإمامة الجامع بمالقة فمرض قبل الشروع وتوفي، وأخذ عنه أبو عبد الله الطنحالي وحميد الزاهد، ووقفت على خطه بأخذه عن يوسن الهاشمي.
 
قلت: '''وتوفي معه''' المسندون الثقات: أبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح بن حسين المخزومي المصري المعدل بدمشق، وأبو عبد الله محمد بن عماد بن محمد بن الحسين الخزرجي الحراني التاجر بالإسكندرية، والقاضي شرف الدين علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن حبان التجيبي المحلي، وأبو الحسن علي بن الحسن بن أحمد بن رشيد البزاز البغدادي، والمقرئ تقي الدين علي بن المبارك بن باسويه الواسطي الشافعي بدمشق، وشيخ الشيوخ شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الله بن عمويه البكري السهروردي عن ثلاث وتسعين سنة، والشيخ وجيه الدين محمد بن أبي غالب بن زهير بن محمد الأصبهاني شعرانة صاحب أبي الوقت، والإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أبي سعد المديني راوي جزء مأمون، وسيف الدولة محمد بن غسان بن عاقل بن نجاد الأنصاري بدمشق عن ثمانين سنة، وأبو الوفاء محمود بن إبراهيم بن سفيان بن إبراهيم بن عبد الوهاب ابن الحافظ أبي عبد الله بن منده العبدي بأصبهان تحت السيف في أمم لا يحصون، فمنهم أبو الفتوح محمد بن محمد بن أبي المعالي الوثابي الأصبهاني عن ثمان وسبعين سنة، وأبو القاسم جامع بن إسماعيل بن غانم الصوفي المعروف ببالة، وفيها توفي قاضي القضاة بحلب الإمام العلامة بهاء الدين يوسف بن رافع بن تميم بن شداد الأسدي الشافعي عن ثلاث وتسعين سنة.
 
1155- 8/19
 
===ابن الجوهري===
 
المحدث الحافظ الرحال مفيد الشام، شرف الدين أبو العباس أحمد بن محمود بن إبراهيم بن نبهان الدمشقي.
 
سمع من أبي المجد القزويني والمسلم بن أحمد المازني وطبقتهما بدمشق، وببغداد من عمر بن كرم ومحمد بن أحمد القطيعي وطبقتهما، وبالثغر ابن الصفراوي وطبقته، وجلب معه الشيخ أبا الفضل جعفر بن علي الهمذاني وأكثر بحلب عن ابن خليل؛ وكتب ما لا يوصف كثرة واستنسخ وأنفق ميراثه في طلب هذا الشأن، وكان صدوقًا متقنًا نبيهًا غزير الإفادة نظيف الأجزاء، وكان قليل الضبط، انتفعنا بأجزائه، أدركه الأجل قبل محل الرواية وما أراه حدث بشيء؛ توفي في صفر سنة ثلاث وأربعين وستمائة المشهورة بسنة الخوارزمية.
 
1156- 9/19
 
===ابن الكماد===
 
الحافظ الحجة الواعظ القدوة، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن هارون السبتي، محدث المغرب.
 
مولده في حدود الثمانين وخمسمائة، سمع أبا عبد الله التجيبي وأبا الحجاج ابن الشيخ وأبا ذر الخشني وطبقتهم. قرأت في تاريخ الحافظ ابن الزبير قال: وأبو إسحاق أحفظ من لقيته لحديث رسول الله، {{صلل}}، ولقد ذكر لي شيخنا أبو الخطاب بن خليل على جلالته وسنه أنه لم يلق أحدًا أحفظ من ابن الكماد، كان في حفظ الحديث آية من الآيات. قال ابن الذهبي: يعني المتون، قال: ولما قدم الأندلس الواعظ أبو نعيم بن راضية قافلًا من المشرق مرتكبًا في وعظه طرائق تلحينية يركبها على أبيات رقاق أرق من النسيم، ويقرأ بين يديه قراء قد أحكم تدريبهم فاستجابت العامة له، فلما وعظ بإشبيلية وبها ابن الكماد أنكر ذلك وأبدأ فيه وأعاد وحمله ذلك على أن وعظ على المنبر على سنن السلف، وفعله إلى أن مات فحضرت مجالسه وسمعته يسرد أحاديث ويتبعها بفقه وبيان لما يعرض فيها ويورد من الخلاف ما يلائم الحال، وكان عيشه من نفقة الإخوان وهداياهم. توفي سنة ثلاث وستين وستمائة.
 
وقال في صلة الصلة: كان أحفظ أهل زمانه للحديث وأذكرهم للتاريخ والرجال والجرح والتعديل يقوم على الكتب الخمسة قيامًا حسنًا ويتكلم على أسانيدها ومتونها ويستوفي خلاف الفقهاء ويميل إلى الطائفتين وكان فيه إقدام على تغيير المنكر.
 
قلت: من محفوظاته سنن أبي داود، روى عنه أبو جعفر بن الزبير وأبو إسحاق الغافقي وغيرهما، وتوفي معه زين الدين خالد وقد مر.
 
1157- 10/19
 
===أبو شامة===
 
الإمام الحافظ العلامة المجتهد ذو الفنون، شهاب الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان المقدسي ثم الدمشقي الشافعي المقرئ النحوي.
 
مولده سنة تسع وتسعين وخمسمائة وكمل القراءات وهو حدث على الشيخ علم الدين السخاوي، وسمع الصحيح من داود بن ملاعب وأحمد بن عبد الله السلمي وسمع مسند الشافعي من الشيخ موفق الدين المقدسي وسمع بالإسكندرية من عيسى بن عبد العزيز المقرئ وحبب إليه طلب الحديث سنة بضع وثلاثين، فسمع أولًا من كريمة وأبي إسحاق بن الخشوعي وطائفة وأتقن علم اللسان وبرع في القراءات، وعمل شرحًا نفيسًا للشاطبية، واختصر تاريخ دمشق مرتين.
 
وله كتاب "الروضتين في أخبار الدولتين" و"كتاب الذيل" عليهما وتصانيفه كثيرة مفيدة، ولي مشيخة إقراء بالتربة الأشرفية ومشيخة الحديث بالدار الأشرفية، روى عنه الشيخ أحمد اللبان وبرهان الدين الإسكندراني وشرف الدين الفراوي الخطيب وشهاب الدين الكفري وعلي بن المهيار وولده أبو الهدى أحمد، وكان مع براعته في العلوم متواضعًا تاركًا للتكلف ثقة في النقل كان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة.
 
توفي في تاسع عشر رمضان سنة خمس وستين وستمائة، {{رحمه ى}}، '''وفيها توفي''' الإمام كمال الدين أحمد بن نعمة بن أحمد بن جعفر النابلسي الشافعي خطيب دمشق عن ست وثمانين سنة، والقدوة الزاهد أبو محمد إسماعيل بن محمد بن أبي بكر الكوراني، وقاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن خلف بن بدر العلامي، والمفتي تاج الدين علي بن أبي العباس أحمد بن علي بن القسطلاني، والشيخ ضياء الدين يوسف بن عمر بن يوسف بن يحيى المقدسي ابن خطيب بيت الآبار عن أربع وثمانين سنة، والشيخ شمس الدين يوسف بن مكتوم بن أحمد التفيسي الحوراني ثم الدمشقي عن إحدى وثمانين سنة.
 
أخبرنا علي بن يوسف المصري أنا عبد الرحمن بن إسماعيل الفقيه سنة خمس وستين وستمائة "ح" وأنا محمد بن علي الواسطي قالا: أنا أبو محمد بن قدامة أنا المبارك بن محمد وأبو الفتح بن البطي قالا: وأنا نصر بن أحمد وأنا أبو محمد البيع ثنا أبو عبد الله المحاملي ثنا محمد بن عمرو الباهلي ثنا أبو ضمرة ثنا حميد عن أنس قال: ما دخل رسول الله {{صلل}} من سفر فرأى جدر المدينة فكان على دابة إلا حركها تباشرًا بالمدينة. إسناده قوي.
 
1158- 11/19
 
===النابلسي===
 
الإمام الحافظ الأديب مفيد الطلبة، شرف الدين أبو المظفر يوسف بن الحسن بن بدر بن الحسن بن مفرج النابلسي الدمشقي الشافعي.
 
ولد سنة ثلاث وستمائة، وأجاز له من العراق أبو الفتح المندائي وأبو حفص بن طبرزذ وجماعة وطائفة، وسمع الكثير من ابن البن وأبي المجد والمجد القزويني وأبي القاسم بن صصرى وزين الأمناء ونحوهم، وببغداد من عبد السلام الزهري وعمر بن كرم وابن القطيعي وطبقتهم، وبحلب ومصر وكتب الكثير.
 
وجمع وصنف وخطه طريقة حلوة معروفة، خرج لنفسه الموافقات، روى لنا عنه ابن أبي الفتح كتاب "شمائل الزهاد" لابن عقيل، روى عنه الدمياطي والنجم بن الخباز وأبو الحسن بن العطار وأبو الحسن بن البصير وطائفة، وقرأ عليه جملة كثيرة المحدث أبو إسحاق بن الكيال؛ وكان ثقة حافظًا متيقظًا حسن المذاكرة مشهورًا بالحديث حسن الديانة رضي الأخلاق له نظم رائق كثير، ولي مشيخة دار الحديث النورية، توفي في المحرم سنة إحدى وسبعين وستمائة.
 
'''وفيها توفي''' أبو البركات أحمد بن عبد الله بن محمد بن النحاس الأنصاري الإسكندراني عن بضع وثمانين سنة، والمحدث المفيد كمال الدين أحمد بن أبي الفضائل بن أبي المجد الحموي بن الدخميسي بالهند، والعلامة تاج الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن العماد محمد بن يونس الموصلي صاحب "التعجيز"، والخطيب المسند أبو الفتح عبد الهادي بن عبد الكريم بن علي القيسي المصري خطيب جامع المقياس، ومفتي بغداد كمال الدين علي بن محمد بن محمد بن محمد بن وضاح الحنبلي، وفقيه المغرب العلامة أبو الحسن علي المتيوي المالكي، والمحدث الرحال شمس الدين محمد بن عبد المنعم بن عماد بن هامل الحراني بدمشق عن ثمان وستين سنة، وخطيب بيت الآبار موفق الدين محمد ابن الخطيب عمر بن يوسف بن يحيى المقدسي.
 
أخبرنا علي بن إبراهيم الشافعي أنا يوسف بن حسن الحافظ أنا عمر بن كرم أنا نصر بن نصر "ح" وأخبرنا أبو المعالي القرافي أنا عبد الله بن محمد القلانسي بشيراز أنا عبد العزيز بن محمد قالا: أنا رزق الله بن عبد الوهاب التميمي أنا أبو عمر بن مهدي أنا محمد بن مخلد أنا محمد بن عثمان أنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن الله -عز وجل- قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنني بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، فلئن سألني عبدي لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه". أخرجه البخاري عن محمد بن عثمان بن كرامة فوافقناه، وهو من أغرب شيء في الصحيح، ما أتى به سوى ابن كرامة، رواه أيضًا القاضي المحاملي وأبو العباس السراج.
 
1159- 12/19
 
===ابن الصابوني===
 
الإمام المحدث الحافظ مفيد الطلبة جمال الدين أبو حامد محمد ابن الشيخ علم الدين علي بن محمود بن أحمد بن الصابوني المحمودي، شيخ الدار النورية.
 
ولد سنة أربع وستمائة، سمع من القاضي أبي القاسم بن الحرستاني وأبي البركات بن ملاعب وأبي عبد الله بن البناء الصوفي وأبي المحاسن بن السيد، ثم طلب الحديث وبالغ وكتب وجمع وخرج فأخذ عن ابن البن وابن صصرى والموفق عبد اللطيف وابن باقا وعلي بن رحال وعلي بن الجمل وطبقتهم وخرج لغير واحد، وكان صحيح النقل مليح الخط له مجلد مفيد في المؤتلف والمختلف ذيل به على ابن نقطة، وليس هو بالبارع في هذا الشأن، ثم إنه قبل موته بسنة أو سنتين تغير ثم اختلط على ما بلغني؛ قال شيخنا ابن أبي الفتح: اختلط قبل أن يموت بسنة، وكان من كبار العدول.
 
روى عنه الدمياطي والمزي والبرزالي وقاضي القضاة ابن صصرى وأبو الحسن بن العطار وأبو إسحاق الذهبي وطائفة سواهم وأجاز لي مروياته في سنة ثلاث وسبعين.
 
أنبأنا محمد بن علي أنا عبد الصمد بن محمد أنا طاهر بن سهل سنة خمس وعشرين وخمسمائة أنا محمد بن مكي أنا علي بن محمد الحلبي ثنا محمد بن إبراهيم بن نيروز ثنا محمد بن المثنى ثنا يحيى بن زكريا الطائي ثنا شعيب بن الحبحاب عن أنس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "إن أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة". تفرد به الطائي ولا أعرفه.
 
توفي في نصف ذي القعدة سنة ثمانين وستمائة ودفن بسفح قاسيون.
 
'''وفيها توفي''' شيخ زمانه بالموصل الإمام القدوة موفق الدين أحمد بن يوسف بن حسن الشيباني الكواشي المفسر عن تسعين سنة، وشيخ الأندلس الخطيب أبو جعفر أحمد بن علي بن الطباع الغرناطي المقرئ وقد قارب الثمانين، والمسند أمين الدين القاسم بن أبي بكر بن غنيمة الإربلي راوي الصحيح، والمسند كمال الدين عبد الرحيم بن عبد الملك المقدسي عن بضع وثمانين سنة، وقاضي القضاة تقي الدين محمد بن الحسين بن رزين العامري بن الحموي، وقاضي القضاة نجم الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن يحيى بن هبة الله بن سني الدولة الدمشقي، ومسند العراق شهاب الدين محمد بن يعقوب بن أبي الدثنة عن إحدى وتسعين سنة، ومسند دمشق محيي الدين أبو الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن علان القيسي الكاتب عن ست وثمانين سنة، وانقرض في هذا الحين عدة من المحدثين بمصر ودمشق وغيرهما ممن كان لهم طلب وتحصيل في الجملة، وقد ذكرتهم في تاريخ الإسلام، وبالله أتأيد.
 
(تمت الطبقة التاسعة عشرة.)
 
==الطبقة العشرون==
 
وفيها عشرة رجال:
 
1160- 1/20
 
===ابن العمادية===
 
الإمام الحافظ المفيد الرحال، وجيه الدين أبو المظفر منصور بن سليم بن منصور بن فتوح الهمداني الإسكندراني الشافعي، محتسب الثغر.
 
ولد سنة سبع وستمائة، وسمع من محمد بن عماد والصفراوي وجعفر الهمداني وطبقتهم، وفي الرحلة من ابن روزبة والقطيعي وابن الخازن وطبقتهم، وبمصر من علي بن مختار وبابته، وبدمشق من مكرم، وبحماة من ابن رواحة، وبحلب من يعيش النحوي، وبحران من حمد بن صديق، وبمكة من أبي النعمان التبريزي.
 
وصنف المعجم و"الأربعين البلدانية" وتاريخ بلده في مجلدين وغير ذلك، وعني بالحديث وفنونه ورجاله وبالفقه وكان موصوفًا بالديانة والثقة والمروءة، وكان محسنًا إلى الرحالة لين الجانب، كتب عنه الدمياطي وعز الدين الحسيني والقاضي سعد الدين الحارثي وغيرهم ولم يخلف بعده في الثغر مثله، سمعت من أخويه لأمه: أبي القاسم ووجهية.
 
أخبرنا علي بن عبد المحسن الهاشمي في كتابه أنا منصور بن سليم الحافظ بقراءتي أنا علي بن أبي الفخار أنا أحمد بن مقرب أنا طراد ثنا هلال أنا الحسين بن يحيى ثنا أحمد بن المقدام ثنا خالد بن الحارث ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري أن وفد عبد قيس لما قدموا على رسول الله {{صلل}} قالوا: يا رسول الله، إنا حي من ربيعة وبيننا وبينك كفار مضر ولا نقدر عليك إلا في الشهر الحرام، الحديث، رواه مسلم من حديث أبي سعيد.
 
توفي في الحادي والعشرين من شوال سنة سبع وسبعين وستمائة.
 
'''وفيها توفي''' المحدث أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الغني بن النشو القرشي الدمشقي عن خمس وستين سنة، والمحدث الصاحب شرف الدين إسماعيل بن أحمد بن علي الشيباني الآمدي المعروف بابن التيتي مؤلف تاريخ آمد، وشيخ القراء رشيد الدين أبو بكر بن أبي الدر المكيني الدمشقي، والفقيه زهير بن عمر بن زهير الحنبلي بزرع عن خمس وثمانين سنة، وشيخ الحنفية قاضي القضاة شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الأذرعي عن ثمان وسبعين سنة، والأجل نجم الدين علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن هبة الله بن الشيرازي أحد رواة المسند عن حنبل، والفخر عثمان بن محمد بن الحاجب منصور الأميني بمصر، سمع أخوه من هبة الله بن طاوس وخلق، والشيخ تقي الدين عمر بن يعقوب بن عثمان الإربلي الذهبي الصوفي، والعلامة الأوحد أبو الحسين محمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري الأندلسي قاضي غرناطة، والشيخ شرف الدين نصر بن عبد المنعم بن حواري التنوخي الدمشقي الحنفي، رحمة الله عليهم.
 
كتب إلى عمر بن محمد العتبي أنا ابن العمادية بالأربعين البلدانية قراءة أنا أبو بكر بن علي العدل بجدة أنا محمد بن عبد العزيز الخطيب أنا الحافظ أبو محمد المصري "ح" وأنبأنا يحيى بن أبي منصور قالا: أنا زيد بن الحسن أنا أبو بكر الأنصاري أنا أبو إسحاق البرمكي أنا ابن ماسي ثنا الكجي ثنا الأنصاري حدثني حميد عن أنس أن الربيع عمته لطمت جارية فكسرت سنها، فأمرهم النبي {{صلل}} بالقصاص.
 
1161- 2/20
 
===ابن الساعي===
 
الإمام المؤرخ البارع تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب بن عثمان بن عبد الله البغدادي، خازن كتب المستنصرية وصاحب التصانيف.
 
صحب ابن النجار، وسمع من جماعة وذيل على الكامل لابن الأثير وعمل تاريخًا لشعراء زمانه و"مناقب الخلفاء" و"تاريخ الوزراء" و"تاريخ نساء الخلفاء" و"سيرة الخليفة الناصر" وغير ذلك، وكان يحصل له من الدولة ذهب جيد على عمل هذه التواليف وعمر واشتهر اسمه وعاش اثنتين وثمانين سنة، ومات في رمضان سنة أربع وسبعين وستمائة وما هو من أحلاس الحديث بل عداده في الأخباريين وقد طول الظهير الكازروني ترجمته وسرد تصانيفه وهي كثيرة، وذكر أنه لبس من السهروردي، {{رحمه}}.
 
'''وفيها توفي''' المؤرخ سعد الدين بن تاج الدين عبد الله بن عمر بن علي ابن الشيخ الزاهد محمد بن حمويه الحموي ثم الدمشقي الصوفي وله اثنان وثمانون عامًا، ومسند وقته أبو الفتح عثمان بن هبة الله بن عبد الرحمن بن مكي بن أبي الطاهر بن عوف الزهري المالكي بالإسكندرية وهو خاتمة أصحاب ابن موقا، والمفتي الزاهد ظهير الدين محمود بن عبيد الله بن أحمد الزنجاني الصوفي بدمشق وله سبع وسبعون سنة، والمحدث الإمام مكين الدين أبو الحسن بن عبد العظيم بن أبي الحسن بن أحمد المصري المعروف بابن الحصني عن أربع وسبعين سنة، رحمة الله عليهم.
 
1162- 3/20
 
===النواوي===
 
الإمام الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء، محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحزامي الحوراني الشافعي، صاحب التصانيف النافعة.
 
مولده في المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة وقدم دمشق سنة تسع وأربعين فسكن في الرواحية يتناول خبز المدرسة، فحفظ التنبيه في أربعة أشهر ونصف وقرأ ربع المهذب حفظًا في باقي السنة على شيخه الكمال إسحاق بن أحمد ثم حج مع أبيه وأقام بالمدينة النبوية شهرًا ونصفًا ومرض أكثر الطريق، فذكر شيخنا أبو الحسن بن العطار أن الشيخ محيي الدين ذكر له أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسًا على مشايخه شرحًا وتصحيحًا؛ درسين في الوسيط، ودرسًا في المهذب، ودرسًا في الجمع بين الصحيحين، ودرسًا في صحيح مسلم، ودرسًا في اللمع لابن جني، ودرسًا في إصلاح المنطق، ودرسًا في التصريف، ودرسًا في أصول الفقه، ودرسًا في أسماء الرجال، ودرسًا في أصول الدين؛ قال: وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل ووضوح عبارة وضبط لغة وبارك الله تعالى في وقتي، وخطر لي أن أشتغل في الطب واشتريت "كتاب القانون" فأظلم قلبي وبقيت أيامًا لا أقدر على الاشتغال فأفقت على نفسي وبعت القانون فأنار قلبي.
 
قلت: سمع من الرضى بن البرهان وشيخ الشيوخ عبد العزيز بن محمد الأنصاري وزين الدين بن عبد الدائم وعماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني وزين الدين خالد بن يوسف وتقي الدين بن أبي اليسر وجمال الدين بن الصيرفي وشمس الدين بن أبي عمر وطبقتهم، وسمع الكتب الستة والمسند والموطأ وشرح السنة للبغوي وسنن الدارقطني وأشياء كثيرة وقرأ الكمال للحافظ عبد الغني على الزين خالد، وشرح في أحاديث الصحيحين على المحدث أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى المرادي وأخذ الأصول على القاضي التفليسي وتفقه على الكمال إسحاق المغربي وشمس الدين عبد الرحمن بن نوح وعز الدين عمر بن سعد الإربلي والكمال سلار الإربلي.
 
وقرأ النحو على الشيخ أحمد المصري وغيره وقرأ على ابن مالك كتابًا من تصنيفه ولازم الاشتغال والتصنيف ونشر العلم والعبادة والأوراد والصيام والذكر والصبر على العيش الخشن في المأكل والملبس ملازمة كلية لا مزيد عليها ملبسه ثوب خام وعمامته شبختانية صغيرة، تخرج به جماعة من العلماء منهم الخطيب صدر الدين سليمان الجعفري وشهاب الدين أحمد بن جعوان وشهاب الدين الأربدي وعلاء الدين بن العطار، وحدث عنه ابن أبي الفتح والمزي وابن العطار.
 
أخبرنا علي بن إبراهيم ثنا يحيى بن شرف الفقيه أنا خالد بن يوسف "ح" وأجازت لي ست العرب بنت يحيى قالا: أنا أبو اليمن الكندي أنا المبارك بن الحسين أنا علي بن أحمد أنا محمد بن عبد الرحمن أنا عبد الله ثنا شيبان ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "من طلب الشهادة صادقًا من قلبه، أعطيها ولو لم تصبه". أخرجه مسلم عن شيبان.
 
قال ابن العطار: ذكر لي شيخنا {{رحمه ى}} أنه كان لا يضيع له وقتًا لا في ليل ولا في نهار إلا في اشتغال حتى في الطرق، وأنه دام على هذا ست سنين ثم أخذ في التصنيف والإفادة والنصيحة وقول الحق. قلت: مع ما هو عليه من المجاهدة بنفسه والعمل بدقائق الورع والمراقبة وتصفية النفس من الشوائب ومحقها من أغراضها كان حافظًا للحديث وفنونه ورجاله وصحيحه وعليله رأسًا في معرفة المذهب.
 
قال شيخنا الرشيد بن المعلم: عذلت الشيخ محيي الدين في عدم دخوله الحمام وتضييق العيش في مأكله وملبسه وأحواله، وخوفته من مرض يعطله عن الاشتغال فقال: إن فلانًا صام وعبَد الله حتى اخضر جلده وكان يمنع من أكل الفواكه والخيار ويقول: أخاف أن يرطب جسمي ويجلب النوم، وكان يأكل في اليوم والليلة أكلة ويشرب شربة واحدة عند السحر.
 
قال ابن العطار: كلمته في الفاكهة فقال: دمشق كثيرة الأوقاف وأملاك من تحت الحجر والتصرف لهم لا يجوز إلا على وجه الغبطة لهم، ثم المعاملة فيها على وجه المساقاة وفيها خلاف فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك؟ وقد جمع ابن العطار سيرته في ست كراريس. فمن تصانيفه "شرح صحيح مسلم" و"رياض الصالحين" و"الأذكار" و"الأربعين" و"الإرشاد" في علوم الحديث و"التقريب" مختصرة و"كتاب المبهمات" و"تحرير الألفاظ" للتنبيه و"العمدة في تصحيح التنبيه" و"الإيضاح" في المناسك مجلد، وله ثلاثة مناسك سواه و"التبيان" في آداب حملة القرآن، وفتاواه مجموعة في مجيليد و"الروضة" أربعة أسفار و"شرح المهذب" إلى باب المصراة في أربع مجلدات وشرح قطعة من البخاري وقطعة من الوسيط، وعمل قطعة من الأحكام، وجملة كثيرة من الأسماء واللغات، ومسودة في طبقات الفقهاء، ومن التحقيق في الفقه إلى باب صلاة المسافر.
 
وكان لا يقبل من أحد شيئًا إلا في النادر ممن لا يشتغل عليه، أهدى له فقير إبريقًا فقبله، وعزم عليه الشيخ برهان الدين الإسكندراني أن يفطر عنده فقال: أحضر الطعام إلى هنا ونفطر جملة فأكل من ذلك وكان لونين، وربما جمع الشيخ بعض الأوقات بين إدامين، وكان يواجه الملوك والظلمة بالإنكار ويكتب إليهم ويخوفهم بالله تعالى، كتب مرة: من عبد الله يحيى النواوي سلام الله ورحمته وبركاته على المولى المحسن ملك الأمراء بدر الدين، أدام الله له الخيرات وتولاه بالحسنات وبلغه من خيرات الدنيا والآخرة كل آماله وبارك له في جميع أحواله آمين، وينهى إلى العلوم الشريفة من أهل الشام في ضيق وضعف حال بسبب قلة الأمطار، وذكر فصلا طويلا وفي طي ذلك ورقة إلى الملك الظاهر فرد جوابها ردًّا عنيفًا مؤلمًا فتنكدت خواطر الجماعة.
 
وله غير رسالة إلى الملك الظاهر في الأمر بالمعروف، وكان شيخنا ابن فرح يشرح على الشيخ في الحديث فقال: نوبة الشيخ محيي الدين قد صار إلى ثلاث مراتب، كل مرتبة لو كانت لشخص لشدت إليه الرحال، العلم والزهد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سافر الشيخ فزار بيت المقدس وعاد إلى نوى فمرض عند والده فحضرته المنية فانتقل إلى رحمة الله في الرابع والعشرين من رجب سنة ست وسبعين وستمائة وقبره ظاهر يزار. أرخه الشيخ قطب الدين اليونيني وقال: كان أوحد زمانه في العلم والورع والعبادة والتقلل وخشونة العيش واقف الملك الظاهر بدار العدل غير مرة فحكي عن الملك الظاهر أنه قال: أنا أفزع منه. ولي مشيخة دار الحديث قلت: وليها سنة خمس وستين بعد أبي شامة إلى أن مات. وقال الشيخ شمس الدين بن الفخر الحنبلي: كان إمامًا بارعًا حافظًا متقنًا علومًا جمة، وصنف التصانيف الجمة وكان شديد الورع والزهد تاركًا لجميع الرغائب من المأكول إلا ما يأتيه به أبوه من كعك وتين، وكان يلبس الثياب الرثة المرقعة ولا يدخل الحمام وترك الفواكه جميعها ولم يتناول من الجهات درهمًا، {{رحمه ى}}.
 
'''وفيها توفي''' شيخ القرّاء كمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس التيمي الإسكندراني الدمشقي عن ثمانين سنة، والإمام المسند زكي الدين زكي بن حسن بن عمر البيلقاني المتكلم باليمن، وشيخ الأئمة المقرئ مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش البغدادي الحنبلي، والواعظ البارع نجم الدين علي بن علي بن أسفنديار بن موفق الدين البغدادي بدمشق عاش ستين سنة، والشيخ شمس الدين قاضي القضاة أبو بكر محمد بن العماد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي بمصر عن أربع وسبعين سنة، رحمة الله عليهم.
 
1163- 4/20
 
===المحب===
 
الإمام المحدث المفتي فقيه الحرم، محب الدين أبو العباس
 
أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الطبري ثم المكي الشافعي، مصنف "الأحكام الكبرى": ولد سنة خمس عشرة وسمع من أبي الحسن بن المقير وابن الجميزي وشعيب الزعفراني وعبد الرحمن بن أبي حرمي وجماعة وتفقه ودرس وأفتى وصنف وكان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز.
 
روى عنه الدمياطي من نظمه وأبو الحسن بن العطار وأبو محمد بن البرزالي وآخرون، وكان إمامًا صالحًا زاهدًا كبير الشأن، روى عنه أيضًا ولده قاضي مكة جمال الدين محمد وحفيده الإمام مجد الدين قاضي مكة وكتب إليّ بمروياته. توفي في جمادي الآخرة سنة أربع وسبعين وستمائة.
 
'''وفيها توفي''' الإمام الكبير عز الدين أحمد بن إبراهيم بن عمر المصطفوي الفاروثي بواسط، وشيخ الشافعية شرف الدين أحمد بن أحمد المقدسي خطيب دمشق، والصدر المؤرخ عز الدين محفوظ بن معتوق بن البزوري عن بضع وستين سنة، وشيخ منين أبو الرجال بن مري الزاهد، والمسند أبو الفهم بن أحمد السلمي، والصدر نجم الدين أبو بكر محمد بن عياش التميمي الجوهري ودفن بمدرسته، رحمة الله عليهم.
 
أنبأنا أحمد بن عبد الله الفقيه أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن بختيار بن المندائي بالمسجد الحرام أنا الحسن بن علي بن السوادي أنا الطريثيثي إجازة أنا داعي ابن مهدي إجازة أنا عبد الرحمن بن محمد الأستراباذي أنا أبو أحمد القطان ثنا جعفر بن أحمد بن بيان ثنا عثمان بن عيسى الطباع ثنا طلحة بن زيد عن زرارة بن أعين عن جابر الجعفي عن محمد بن علي عن جابر قال: قال رسول الله، {{صلل}}: "أكل الطين يورث النفاق". هذا الحديث ليس بصحيح، يشبه أن يكون موضوعًا تداوله قوم ليسوا بثقات.
 
1164- 5/20
 
===الأبيوردي===
 
الإمام المحدث الحافظ المفيد زين الدين أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي بكر الأبيوردي الصوفي الشافعي، نزيل القاهرة.
 
ولد سنة إحدى وستمائة ظنًّا، وطلب الحديث في كهولته فسمع من كريمة الزبيرية والسخاوي والضياء الحافظ وطبقتهم وأصحاب السلفي وابن عساكر ثم نزل إلى أصحاب البوصيري والخشوعي ثم نزل إلى أصحاب ابن باقا وابن الزبيدي وكتب الكثير وتعب وسوَّد المعجم وقلما روى، عوضه الله بالعفو والمغفرة.
 
قال الشريف في الوفيات: كان حريصًا على التحصيل، صابرًا على كلف الاستفادة سمعت منه، وكان من أهل الدين والصلاح والعفاف وله فهم وفيه تيقّظ خرج معجمه ووقف أجزاءه وكتبه، وتوفي في حادي عشر جمادى الأولى سنة سبع وستين وستمائة. قلت: روى عنه الدمياطي بيتين من نظمه وقال: توفي بخانقاه سعيد السعداء.
 
'''وفيها توفي''' الإمام الزاهد تقي الدين أحمد بن عبد الواحد بن مري الحوراني بالمدينة النبوية عن أربع وثمانين سنة، والمسند زين الدين إسماعيل بن عبد القوي بن عزون الأنصاري، والإمام مجد الدين عبد المجيد بن أبي الفرج الروذراوري اللغوي بدمشق، وشيخ الصعيد الإمام مجد الدين علي بن وهب بن مطيع القشيري المالكي بن دقيق العيد عن خمس وثمانين سنة، وشيخ الشافعية بمصر نصير الدين أبو البركات المبارك بن يحيى بن الطباخ المصري عن ثمانين سنة، ومدرس الحنبلية بدمشق الشيخ تاج الدين مظفر بن عبد الكريم بن نجم بن الحنبلي، رحمة الله عليهم أجمعين.
 
1165- 6/20
 
===الإسعردي===
 
الإمام المحدث الحافظ مفيد القاهرة، تقي الدين أبو القاسم عبيد بن محمد بن عباس بن محمد.
 
مولده بإسعِرد سنة اثنتين وعشرين وستمائة وتحول إلى مصر مع والده، فسمع من علي بن مختار العامري والحسن بن دينار الصائغ ويوسف بن المجتلي وابن المقير وابن رواح وعدة وهبة الله بن محمد بن المقدسي وحمزة الغزال والسبط بالإسكندرية، والرشيد بن مسلمة وطائفة بدمشق، كتب الكثير وبرع في التخريج وأسماء الرجال والعالي والموافقة وانتخب لجماعة، طالعت من عمله مشيخة القاضي ابن الخويي وانتخبت من ذلك أشياء مفيدة، وكان ثقة صالحًا، كان شيخنا ابن الظاهري يثني عليه ويقدمه على سائر الطلبة، سمع منه ابن الظاهري وابن عثمان والحارثي وابنه الإمام شمس الدين والمزي والحلبي والبرزالي واليعمري وابن سامة، توفي في شعبان سنة اثنتين وتسعين وستمائة وله سبعون سنة.
 
'''وفيها توفي''' المسند كمال الدين أحمد بن محمد عبد القادر بن النصبي الحلبي بها، وشيخ القراء جمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن داود بن ظافر العسقلاني الفاضلي بدمشق عن سبعين سنة، والإمام القدوة مسند الوقت تقي الدين إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل بن الواسطي الصالحي الحنبلي، والشيخ الزاهد إبراهيم ابن الشيخ عبد الله بن يونس الأرمني ثم الصالحي، والصاحب المنشئ محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر الجذامي الكاتب، وشيخ القراء بالثغر مكين الدين أبو محمد عبد الله بن منصور بن علي اللخمي المعروف بالأسمر، وراوي جامع ابن عيسى أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن ترجم بن حازم المازني المصري وله تسعون عامًا، والقاضي عز الدين أبو الفتح عمر بن محمد ابن الشيخ الأستاذ أبي محمد بن علوان الأسدي الحلبي وله إحدى وسبعون سنة، والمعمر ناصر الدين علي بن محمود بن قرقين ببعلبك عن اثنتين وتسعين سنة، والمسند سيف الدين علي بن الرضى عبد الرحمن بن محمد الحنبلي الصالحي عن خمس وسبعين سنة.
 
1166- 7/20
 
===الدمياطي===
 
شيخنا الإمام العلامة الحافظ الحجة الفقيه النسابة شيخ المحدثين، شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن التوني الدمياطي الشافعي، صاحب التصانيف.
 
مولده في آخر سنة ثلاث عشرة وستمائة، وتفقه بدمياط وبرع ثم طلب الحديث فارتحل إلى الإسكندرية فسمع بها من علي بن زيد النسارسي وظافر بن شحم ومنصور بن الدباغ وعدة، وبمصر من ابن المقير وعلي بن مختار ويوسف بن المجتلي وطبقتهم، وببغداد من أبي نصر بن العليق وإبراهيم بن الخير وخلق، وبحلب من أبي القاسم بن رواحة وطائفة، وحمل عن ابن خليل -حمل- دابة كتبًا وأجزاء وسمع بحماة من صفية القرشية، وبماردين من عبد الخالق النشتبري، وبحران من عيسى الحناط.
 
وكتب العالي والنازل وجمع فأوعى، وسكن دمشق فأكثر بها عن ابن مسلمة وغيره، ومعجم شيوخه يبلغ ألفًا وثلاثمائة إنسان، وكان صادقًا حافظًا متقنًا جيد العربية غزير اللغة واسع الفقه رأسًا في علم النسب دينًا كيسًا متواضعًا بسامًا محببًا إلى الطلبة مليح الصورة نقي الشيبة كبير القدر، سمعت منه عدة أجزاء منها "السراجيات الخمسة" و"كتاب الخيل" له وكتاب "الصلاة الوسطى" له.
 
سمعت أبا الحجاج الحافظ ما رأيت أحدًا أحفظ منه لهذا الشأن يقول: ما رأيت في الحديث أحفظ من الدمياطي. وقد حدثنا أبو الحسين اليونيني في مشيخته عن الدمياطي وقاضي القضاة علم الدين بن الأخنائي وقاضي القضاة علاء الدين علي القونوي والمحدث أبو الثناء المنبجي، وممن يروي عنه الإمام أبو حيان الأندلسي والإمام أبو الفتح اليعمري والإمام علم الدين البرزالي والإمام قطب الدين عبد الكريم والإمام فخر الدين النويري والإمام تقي الدين السبكي، رحمة الله عليهم أجمعين.
 
توفي فجأة بعد أن قرئ عليه الحديث فأصعد إلى بيته مغشيًّا عليه، فتوفي في ذي القعدة سنة خمس وسبعمائة وكانت جنازته مشهودة؛ ومن علومه القراءات السبع تلا بها على الكمال العباسي الضرير.
 
'''وفيها توفي''' مفتي البلاد الحلبية قاضي القضاة شمس الدين محمد بن محمد بن بهرام الدمشقي الشافعي عن ثمانين سنة، ومسند الإسكندرية المعمر المقرئ الأوحد شرف الدين أبو الحسين يحيى بن أحمد بن عبد العزيز بن الصواف الجذامي المالكي في شعبان عن ست وتسعين سنة، وشيخ القراء بحماة بدر الدين محمد بن أيوب التأذفي الحلبي الحنفي صاحب أبي عبد الله الفاسي عن سبع وسبعين سنة، وخطيب دمشق ومحدثها ونحويها ومقرئها شرف الدين أحمد بن إبراهيم بن سباع الفراوي الشافعي عن خمس وسبعين سنة، ومحدث حمص القاضي بدر الدين محمد بن مسعود بن أيوب الحلبي التوزي، ومسندة مصر أم عبد الله زينب بنت سليمان بن إبراهيم بن رحمة، الإسعردية عن بضع وثمانين سنة.
 
أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ أنا علي بن أبي الفتح وعلي بن أبي الفضائل وأبو القاسم بن أبي علي وابن أبي حمزة وأبو محمد بن أبي المنصور قالوا: أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا القاسم بن الفضل أنا علي بن محمد الفقيه أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم المديني ثنا محمد بن مسلم بن وارة حدثني عاصم بن يزيد العمري ثنا عبد الله بن عبد العزيز، سمعت ابن شهاب يحدث عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري {{عنه}} أن النبي {{صلل}} قال: "لا تحضر الملائكة من اللهو شيئًا إلا ثلاثة: لهو الرجل مع امرأته وإجراء الخيل والنضال". عبد الله هو الليثي مدني ضعفه أبو حاتم.
 
1167- 8/20
 
===ابن الظاهري===
 
شيخنا الإمام المحدث الحافظ الزاهد مفيد الجماعة، جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن قيماز الحلبي مولى الملك الظاهر غازي بن يوسف.
 
مولده في شوال سنة ست وعشرين وستمائة بحلب، سمع من ابن اللتي والإربلي وكريمة وابن رواحة وابن يعيش وصفية الحموية والضياء المقدسي وشعيب الزعفراني ويوسف الساوي والنشتبري وخلق كثير بحلب ودمشق والحرمين ومصر وماردين وحران والإسكندرية وحمص.
 
وجمع أربعي البلدان وكتب شيئًا كثيرًا وخرج لجماعة كثيرة، سمع أولاده منه وأصحابه، وله إجازة من زكريا العلبي وابن روزبة وإسماعيل بن باتكين وطبقتهم، وكان ثقة خيرًا حافظًا سهل العبارة مليح الانتخاب خبيرًا بالموافقات والمصافحات، لا يلحق في جودة الانتقاء وقد تفقه بأبي حنيفة وتلا بالسبع وكان ذا وقار وسكينة وشكل تام ونفس زكية وكرم وحياء وتعفف وانقطاع قل من رأيت مثله، ما اشتغل بغير الحديث إلى أن مات وشيوخه يبلغون سبعمائة شيخ، نزلت عليه بزاويته بالمفس وأكثرت عنه وانتفعت بأجزائه أحسن الله إليه، سمع منه الحافظ علم الدين أزيد من مائتي جزء وأخذ عنه المزي والحلبي واليعمري والرحالون.
 
توفي في السادس والعشرين من ربيع الأول سنة ست وتسعين وستمائة، وكان قد جاءته ضربة سيف على عنقه في كائنة حلب ووقع بين القتلى ثم سلم فكان في عنقه ميلة منها، {{رحمه ى}}.
 
'''وفيها توفي''' المسند زين الدين أحمد بن عبد الكريم بن غازي الأعلاقي بمصر عن ست وثمانين سنة، والعلامة ضياء الدين جعفر بن محمد بن عبد الرحيم الحسيني الشافعي المصري عن ثمان وسبعين سنة، والقاضي تاج الدين عبد الخالق بن عبد السلام بن سعيد بن علوان المعري ثم البعلي الشافعي شيخنا عن ثلاث وتسعين سنة، والمحدث الإمام عفيف الدين بن عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري بالمدينة، وقاضي القضاة عز الدين عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض المقدسي الحنبلي بمصر عن خمس وستين سنة، والمحدث الإمام ضياء الدين بن عيسى بن يحيى بن أحمد الأنصاري السبتي الصوفي بالقاهرة عن ثلاث وثمانين سنة، والإمام شمس الدين محمد بن حازم بن حامد المقدسي الصالحي الحنبلي عن ست وسبعين سنة، ومفتي مكة أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن خليل بن إبراهيم الأموي الشافعي عن ثلاث وستين سنة، والفقيه محيي الدين يحيى بن محمد بن عبد الصمد بن العدل السلمي الزيداني المقدسي بها وله أربع وستون سنة، والعدل بدر الدين يوسف بن عبد الله بن محمد بن عطاء الأذرعي ثم الصالحي عن سبع وسبعين سنة، والمعمر أبو تغلب بن أحمد بن أبي تغلب الفاروثي التاجر بدمشق عن إحدى وتسعين سنة.
 
قرأت على أحمد بن محمد الحافظ أنا عبد الله بن الحسين أنا أحمد بن محمد الحافظ أنا الحسن بن أحمد أنا أحمد بن عبد الله الحافظ أنا محمد بن يعقوب الأصم في كتابه ثنا عباس الدوري ثنا الأسود بن عامر ثنا هريم بن سفيان عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر {{عنهما}} قال: كانت الحربة تركز مع رسول الله {{صلل}} في أسفاره، فتجعل بين يديه يصلي إليها.
 
1168- 9/20
 
===ابن دقيق العيد===
 
الإمام الفقيه المجتهد المحدث الحافظ العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المنفلوطي الصعيدي المالكي والشافعي، صاحب التصانيف: ولد في شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة بقرب ينبع من الحجاز، سمع من ابن المقير لكنه شك في كيفية الأخذ وحدث عن ابن الجميزي وسبط السلفي والحافظ زكي الدين وجماعة قليلة، وبدمشق عن ابن عبد الدائم وأبي البقاء خالد بن يوسف وخرج لنفسه أربعين تساعية.
 
وصنف "شرح العمدة" وكتاب "الإلمام"، وعمل "كتاب الإمام في الأحكام" ولو كمل تصنيفه وتبييضه لجاء في خمسة عشر مجلدًا، وعمل كتابًا في علوم الحديث، وكان من أذكياء زمانه واسع العلم كثير الكتب مديمًا للسهر مكبًّا على الاشتغال ساكنًا وقورًا ورعًا قل أن ترى العيون مثله.
 
سمعت من لفظه عشرين حديثًا وأملى علينا حديثًا، وله يد طولى في الأصول والمعقول وخبرة بعلل المنقول، ولي قضاء الديار المصرية سنوات إلى أن مات، وكان في أمر الطهارة والمياه في نهاية الوسوسة، {{عنه}}.
 
روى عنه قاضي القضاة علاء الدين القونوي وقاضي القضاة علم الدين بن الأخنائي والحافظ قطب الدين الحلبي وطائفة سواهم، وتخرج به أئمة.
 
قال الحافظ قطب الدين الحلبي: كان الشيخ تقي الدين إمام أهل زمانه وممن فاق بالعلم والزهد على أقرانه عارفًا بالمذهبين إمامًا في الأصلين حافظًا متقنًا في الحديث وعلومه ويضرب به المثل في ذلك، وكان آية في الحفظ والإتقان والتحري شديد الخوف دائم الذكر لا ينام الليل إلا قليلا ويقطعه فيما بين مطالعة وتلاوة وذكر وتهجد حتى صار السهر له عادة وأوقاته كلها معمورة لم ير في عصره مثله.
 
صنف كتبًا جليلة كمل تسويد كتاب الإمام وبيض منه قطعة، وشرح مقدمة المطرزي في أصول الفقه، وله "الأربعون" في الرواية عن رب العالمين و"الأربعون" لم يذكر فيها إلا عن عالم، وشرح بعض الإلمام شرحًا عظيمًا، وشرح بعض مختصر ابن الحاجب في الفقه لمالك، لم أر في كتب الفقه مثله.
 
عزل نفسه من القضاء غير مرة ثم يسأل ويعاد، وبلغني أن السلطان حسام الدين لما طلع إليه الشيخ قام للقيه وخرج عن مرتبته، وكان كثير الشفقة على المشتغلين كثير البر لهم. سمع ابن الجميزي وابن رواح وأحمد بن محمد بن الحباب والسبط، أتيته بجزء سمعه من ابن رواح والطبقة بخطه فقال: حتى أنظر، ثم عدت إليه فقال: هو بخطي محقق ولكن ما أحقق السماع له ولا أذكره، إلى أن قال قطب الدين: وبلغني أن جده لأمه الشيخ الإمام المحقق تقي الدين بن المقترح، وكان يشدد في الطهارة ويبالغ، توفي في صفر سنة اثنتين وسبعمائة.
 
'''وفيها توفي''' مفتي نابلس شيخنا فخر الدين علي بن عبد الرحمن بن عبد المنعم النابلسي الحنبلي، والمسند عبد الحميد بن أحمد بن خولان البناء بزملكا عن بضع وثمانين سنة، والمسند شرف الدين بقية السلف أبو حفص عمر بن محمد بن عمر بن خواجا إمام الفارسي ثم الدمشقي وله تسع وثمانون سنة، والمسند الأمين بدر الدين أبو علي الحسن بن علي بن أبي بكر بن يونس بن الخلال الدمشقي وله ثلاث وسبعون سنة وشهر، والمحدث العلامة نجم الدين موسى بن إبراهيم بن يحيى الصفراوي الصالحي الحنبلي شيخ العالمية، وشيخ القراء الخطيب برهان الدين إبراهيم بن فلاح بن محمد بن حاتم الجذامي الإسكندراني الشافعي بدمشق، والمسند المقرئ شمس الدين بن محمد بن قايماز مولى بشر الطحان الدمشقي عن ثلاث وثمانين سنة، ومسند بلاد المغرب أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي القرطبي الأديب عن تسع وتسعين سنة.
 
حدثنا محمد بن علي الحافظ قال: قرأت على أبي الحسن علي بن هبة الله الشافعي أن أبا طاهر السلفي أخبرهم أنا القاسم بن الفضل أنا علي بن محمد أنا إسماعيل الصفار أنا محمد بن عبد الملك أنا يزيد بن هارون أنا عاصم قال: سألت أنسًا: أحرّم رسول الله {{صلل}} المدينة؟ قال: نعم، هي حرام حرمها الله ورسوله، لا يختلى خلاها، فمن لم يعمل بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. أخرجاه من طرق عن عاصم الأحول.
 
1169- 10/20
 
===ابن الزبير===
 
الإمام الحافظ العلامة شيخ القراء والمحدثين بالأندلس، أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن زبير بن عاصم الثقفي العاصمي الغرناطي النحوي.
 
ولد سنة سبع وعشرين وستمائة وجمع بالسبع على أبي الحسن علي بن محمد الشاري صاحب لابن عبيد الله الحجري وعلى أبي الوليد إسماعيل بن يحيى الأزدي العطار صاحب محمد بن حسنون الحميري، وسمع في سنة خمس وأربعين وبعدها من سعيد بن محمد الحفار وأبي زكريا يحيى بن أبي الغصن وإسحاق بن إبراهيم بن عامر الطوسي -بفتح الطاء- ومحمد بن عبد الرحمن بن جوير البلنسي وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الكماد وخلق كثير، وسمع السنن الكبرى للنسائي من أبي الحسن الشاري بسماعه لجميعه من أبي محمد بن عبيد الله، وعني بهذا الشأن ونظر في الرجال. وخرج وألف وعمل تاريخًا للأندلسيين ذيل به على الصلة لابن بشكوال، وأفاد الناس في القراءات وعللها ومعرفة طرقها، وأحكم العربية وتصدر مدة وتخرج به الأصحاب، أخذ عنه الإمام أبو حيان النحوي وأبو القاسم محمد بن محمد بن سهل وأبو عبد الله محمد بن القاسم بن رمان وأبو عبد الله بن المرابط النازل ببيت المقدس وصاحبنا أبو القاسم بن عمران الحضرمي السبتي وعدة، ورأيت إجازته بالسبع لابن سهل وقد صدرها بخطبة فائقة الحسن من إنشائه، توفي سنة ثمان وسبعمائة بغرناطة.
 
'''وفيها توفي''' بقية المسندين أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين السلمي بن الموازيني بدمشق عن أربع وتسعين سنة، والمعمرة المسندة أم عبد الله فاطمة بنت سليمان بن عبد الكريم الأنصاري المقرئ بدمشق وقد اشرفت على التسعين، والمسند جمال الدين أحمد بن إسماعيل بن عبد القوي بن عزون بمصر له سماع في سنة خمس وعشرين وستمائة، ومسند العراق شيخ المستنصرية شرف الدين إسماعيل بن علي بن الطبال الأزجي وله سبع وثمانون سنة ونصف، والمسند جمال الدين إبراهيم بن علي بن محمد بن أحمد بن حمزة بن الحبوبي الثعلبي بمصر، والإمام محدث القاهرة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن سامة الطائي المقدسي الحنبلي كهلا، وشيخ القراء جمال الدين إبراهيم بن غالي البدوي الحميري بدمشق عن نحو من ستين سنة، والمسند شهاب بن علي المحسني صاحب ابن رواح، والمسند فخر الدين يوسف بن أحمد بن عيسى المشهدي الصوفي كهلا بمصر، وأم عمر خديجة بنت عمر بن أحمد بن أبي جرادة بحماة عن بضع وثمانين سنة.
 
'''وقد قل من يعتني بالآثار ومعرفتها في هذا الوقت''' في مشارق الأرض ومغاربها على رأس السبعمائة، أما المشرق وأقاليمه فغلق الباب وانقطع الخطاب والله المستعان، وأما المغرب وما بقي من جزيرة الأندلس فيندر من يعتني بالرواية كما ينبغي فضلا عن الدراية.
 
(تمت الطبقة العشرون.)
 
==الطبقة الحادية والعشرون==
 
وفيها ثمانية أسماء:
 
'''النواوي''' شيخ الإسلام محيي الدين: هو سيد أهل هذه الطبقة وإنما ذكرته في الطبقة العشرين لتقدم موته، رحمة الله تعالى عليه.
 
1170- 1/21
 
===ابن فرح===
 
شيخنا الإمام العالم الحافظ الزاهد شيخ المحدثين، شهاب الدين أبو العباس أحمد بن فرح بن أحمد اللخمي الإشبيلي الشافعي، نزيل دمشق.
 
ولد سنة أربع وعشرين وستمائة وأسرته الفرنج ثم نجاه الله وحج وسمع بمصر من شيخ الشيوخ عبد العزيز الأنصاري والإمام عز الدين بن عبد السلام وطبقتهما، وبدمشق من ابن عبد الدائم والكرماني وفراس العسقلاني وابن أبي اليسر وخلق سواهم.
 
وعني بهذا الشأن ثم أقبل على تقييد الألفاظ وفهم المتون ومذاهب العلماء، وكانت له حلقة إقراء للحديث وفنونه حضرت مجالسه، ونعم الشيخ كان علمًا وفضلًا ووقارًا وديانة واستحضارًا واستبحارًا وثقة وصدقًا وتعففًا وقصدًا، تخرج به جماعة وكتب الكثير من الفقه والحديث، وانتقل إلى رحمة الله تعالى حميدًا مفيدًا بمنزله في تربة أم الصالح، مبطونًا في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين الملقبة بسنة قازان، إذ أخذ الشام.
 
'''وفيها توفي''' خلق عظيم بدمشق، منهم العلامة شمس الدين محمد بن عبد القوي المقدسي الحنبلي النحوي عن سبعين سنة، والمقرئ الزاهد الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحسن بن المقير شهيدًا بوقعة قازان بوادي الخزندار وقد جاوز السبعين، والشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز اليونيني شهيدًا بالصالحية عن نيف وثمانين سنة، والمعمر أمير الحاج عماد الدين يوسف بن أبي نصر الشقاري الدمشقي المدفون بالنيرب عن تسعين سنة، ومفتي الحنابلة الشيخ التقي عبد الله بن محمد بن جبارة المرداوي بالصالحية، وهدية بنت عبد الحميد بن محمد بن سعد، وإبراهيم بن عنبر المارداتي الأسمر، وأبو حامد بن محمد الحراني مؤذن مسجد جراح، والأمير التواشي المعمر حسام الدين بلال المغيثي الأسود، وقاضي القضاة الشامية إمام الدين عمر بن عبد الرحمن القزويني الشافعي بمصر وقد انجفل إليها؛ وعدم بعد الوقعة قاضي القضاة حسام الدين الحسن بن أحمد الرازي ثم الرومي الحنفي، ومات الشيخ عبد الدائم بن أحمد بن ربح المجحي الصالحي، والإخوان علي وعمر ابنا زين الدين أحمد بن عبد الدائم وعبد الرحمن بن عمر بن صومع الديرقانوني والشيخ أحمد بن زيد الحمال الصالحي والعماد عبد الولي بن علي السماقي، ومسند الشام شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد ابن عساكر عن خمس وثمانين سنة، والمؤدب الصالح عيسى بن بركة بن والي الصالحي، والشيخ أحمد بن نوال الرصافي، والشيخ علي بن مطر بن ربح المجحي البقلي والمعمرة صفية بنت عبد الرحمن بن عمرو المناوي الفراء، وزوجها وابن عمها المعمر إبراهيم بن أبي الحسن بن عمرو الفراء، والشيخ أحمد بن محمد بن المجاهد يروي عن ابن صصرى، وخديجة بنت تقي الدين محمد بن محمود بن المراتبي والشمس محمد بن مظفر بن قايماز السقطي، والمسند أبو العباس أحمد بن سليمان بن أحمد الحراني ثم الصالحي راوي الصحيح عن ابن روزبة، والإمام عز الدين عبد العزيز بن محمد بن عبد الحق بن خلف المعدل، والخطيب الكبير موفق الدين أبو المعالي محمد بن محمد بن الفضل بن حبيش النهراني الحموي وقد قارب الثمانين، ومسندة بعلبك زينب بنت عمر بن كندي الدمشقية، والمحدث اللغوي كمال الدين عبد الله بن علي بن كبار الكركي نقيب السبع، والمحدث مقدم الجيوش علم الدين سنجر التركي الدواداري في عشر الثمانين بحصن الأكراد، والأجلّ مؤيد الدين علي بن إبراهيم بن يحيى ابن خطيب عقربا، وعماد الدين إبراهيم ابن القاضي نجم الدين أحمد بن محمد بن خلف الصالحي الماسح، وموفق الدين محمد بن يوسف المقدسي الحنبلي الشاهد، والعلامة النجم أحمد بن مكي البعلبكي الشيعي، والكاتبة العاملة أمة العزيز خديجة بنت يوسف بن غنيمة البغدادي، والإمام شمس الدين محمد بن سليمان بن حمائل بن غانم المقدسي مدرس العصرونية، والمفتي شهاب الدين أحمد بن محمد بن جعوان الشافعي كهلا، والبدر حسن بن علي بن يوسف بن هود الأندلسي الزاهد الاتحادي في عشر السبعين.
 
والعدل شرف الدين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن هلال الأزدي، والشيخ محيي الدين أبو بكر بن عبد الله بن عمر ابن خطيب بيت الآبار، والمفتي شمس الدين محمد ابن الشيخ الفخر البعلبكي، والمعمر الشريف شمس الدين محمد بن هاشم بن البهاء عبد القادر بن عقيل العباسي عن أربع وتسعين سنة، والطيب نجم الدين أحمد بن أبي بكر بن محمد بن حمزة الهمذاني ثم الدمشقي بن الحنبلي.
 
ومدرس القليجية الشيخ بهاء الدين أيوب بن أبي بكر بن النحاس الحنفي عن نيف وثمانين سنة، والمفتي جمال الدين عبد الرحيم بن عمر بن عثمان الشيباني الباجربقي الشافعي والد الشيخ الضال، وكبير العدول بهاء الدين محمد بن يوسف ابن الحافظ البرزالي عن ثلاث وستين سنة، وشيخ الأدباء جمال الدين عمر بن إبراهيم بن حسين بن العقيمي عن أربع وتسعين سنة، والمحدث تقي الدين محمد بن سعيد المدني الأسمر بالقاهرة، وشيخنا الحسام آقوش الافتخاري، وزين الدين محمد بن عبد الغني بن عبد الكافي بن الحرستاني الذهبي المعروف بالنحوي وقد نيف على السبعين؛ لأنه حضر على ابن صباح، والقاضي عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القضاة محيي الدين بن الزكي مدرس العزيزية كهلا.
 
والمفتي الكبير شمس الدين محمد بن الصدر سليمان بن أبي العز الحنفي وقد تاب عن والده في الحكم وكان من أبناء التسعين، والشيخ الجمال عبيد الله بن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر المقدسي العلاف، والمسند البقية شمس الدين محمد بن علي بن أحمد بن فضل بن الواسطي الصالحي.
 
ومات بتدمر القاضي أبو طالب محمد بن الحسن بن علي بن إسماعيل الغساني التدمري عن سبع وثمانين سنة.
 
ومات بتونس شيخ الوقت أبو محمد عبد الله بن محمد المرجاني الواعظ، ومات بمصر المشايخ المسندون: الصدر زين الدين محمد بن عبد الوهاب بن الحباب السعدي، والشمس محمد بن مكي بن أبي الذكر القرشي الرقام،والمعمر وهبان بن محفوظ الجزري المؤذن، وأبو السعود محمد بن عبد الكريم بن عبد القوي المنذري، وشيخنا المحدث بقية السلف شرف الدين حسن بن علي بن عيسى اللخمي المصري بن الصيرفي.
 
ومات بسبتة المغرب العلامة شيخ الأدب أبو الحكم مالك بن عبد الرحمن بن علي بن المرحل المالقي وله خمس وتسعون سنة.
 
ومات بالقيروان صاحب تاريخها الإمام المحدث المعمر أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن علي الأنصاري الأسيدي عن أربع وتسعين سنة.
 
فالذين ضبطنا وفاتهم في هذه السنة سنة قازان ملك التتار وأثبتهم في تاريخي الكبير مائة ونيف وتسعون نفسًا ولا نظير لذلك في تاريخي الكبير.
 
أخبرنا أحمد بن فرح الفقيه أنا عبد العزيز بن محمد وأحمد بن عبد الدائم وعبد اللطيف بن الصيقل قالوا: ثنا عبد المنعم بن كليب أنا علي بن بيان أنا محمد بن محمد نا إسماعيل بن محمد الصفار أنا الحسن بن عرفة أنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص عن النبي {{صلل}} في هذه الآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} فقال رسول الله، {{صلل}}: "إنها كائنة ولم يأت تأويلها". أخرجه الترمذي عن ابن عرفة.
 
1171- 2/21
 
===علي بن عبد الكافي===
 
بن عبد الملك بن عبد الكافي الفقيه الحافظ مفيد الطلبة نجم الدين أبو الحسن ابن القاضي الخطيب جمال الدين الربعي الدمشقي الشافعي.
 
أحد من عني بهذا الشأن وكتب الكثير وخرج وعلق وكان من الأذكياء المعدودين، سمع من ابن عبد الدائم وعمر الكرماني وأصحاب الخشوعي ثم من ابن طبرزذ ثم ابن ملاعب ثم ابن اللتي وكتب العالي والنازل وكان صحيح القراءة مليح الكتابة سريع القلم مات شابًّا طربًا وفي قلبه حسرة من الرحلة إلى مصر، عوضه الله بالمغفرة.
 
مات في ربيع الآخرة سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وله ست وعشرون سنة ولو عاش لما تقدمه أحد.
 
'''وفيها مات''' زعيم القراء جمال الدين أحمد بن علي المحلي الضرير بالقاهرة كهلا، وكبير الرؤساء مؤيد الدين أسعد بن مظفر بن أسعد بن حمزة بن أسعد بن القلانسي التميمي الدمشقي عن أربع وسبعين سنة.
 
وكبير المحدثين ومسندهم الإمام تقي الدين إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر التنوخي الدمشقي عن ثلاث وثمانين سنة، وكبير الأمراء الأتابك المستعرب فارس الدين أقطاي الصالحي وقد نيف على السبعين بمصر، وكبير المشايخ الاتحادية صدر الدين محمد بن إسحاق بن محمد القونوي بالروم، وكبير الفلاسفة خواجا نصير الدين محمد بن محمد بن حسن الطوسي صاحب الرصد.
 
وكبير المسندين نجيب الدين عبد اللطيف بن عبد المنعم بن الصيقل الحراني بمصر عن بضع وثمانين سنة، والمسند كمال الدين عبد العزيز بن عبد المنعم ابن خطيب الشام أبي البركات بن عبد الحارثي، وكبير الأصولية القاضي كمال الدين عمر بن بندار بن عمر التفليسي الشافعي بمصر عن سبعين سنة، وكبير الفقراء القدوة عبد الله ابن الشيخ غانم بن علي شيخ الأرض المقدسة، وخاتمة أصحاب البوصيري أبو عيسى عبد الله بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن علان الأنصاري المصري، وكبير الزهاد أبو عبد الله محمد بن سليمان بن محمد المعافري الشاطبي شيخ الإسكندرية، وكبير النحاة العلامة القدوة حجة المغرب جمال الدين محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الأندلسي الجياني الشافعي بدمشق عن نيف وسبعين سنة، وكبير ملوك الإسلام صاحب الأندلس السلطان المجاهد أبو عبد الله محمد بن يوسف بن نصر بن الأحمر وكانت أيامه ثلاثًا وأربعين سنة، والمسند سيف الدين يحيى ابن الناصح عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي الدمشقي.
 
1172- 3/21
 
===ابن جعوان===
 
الإمام الحافظ المتقن النحوي، شمس الدين محمد بن محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان بن عبد الله الأنصاري الدمشقي الشافعي.
 
أحد من برع في العربية على ابن مالك ثم عني بالحديث، سمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر ومحمد النشي وأحمد بن أبي الخير ويحيى بن الصيرفي وطبقتهم، وبمصر عن عامر القلعي والعز بن الصيقل وطائفة، وكتب وانتخب، وقد قرأ المسند على أبي الغنائم بن علان قراءة عذبة فصيحة لم يأخذوا عليه فيها لحنة واحدة إلا أن يكون سبق لسان، وكان مليح الشكل حسن البزة كيس العشرة ثبتًا فيما يقوله، كتب عنه آحاد الطلبة.
 
توفي قبيل الكهولة في سادس عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين وستمائة.
 
'''وفيها توفي''' الإمام شيخ الإسلام شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي عن خمس وثمانين سنة، والمسند إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد العسقلاني الصالحي أحد رواة المسند، والمحدث الإمام جمال الدين عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن حيون الغساني الجزائري، وشيخ القراء العماد الموصلي، وأبو الحسن علي بن يعقوب بن أبي زهران الشافعي عن نيف وستين سنة، والمسند محيي الدين أبو الخطاب عمر بن محمد ابن العلامة أبي سعد بن أبي عصرون التميمي الدمشقي عن ثلاث وثمانين سنة وأشهر، والمفتي شمس الدين محمد بن أحمد بن نعمة بن المقدسي مدرس الشامية، والمسند شرف الدين محمد بن عبد المنعم بن عمر بن القواس الطائي الدمشقي، والصدر عماد الدين محمد ابن القاضي شمس الدين محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل بن الشيرازي الدمشقي صاحب الخط البديع، والمحدث الرحال شمس الدين محمد بن محمد بن حسين بن عبدك الكنجي الصوفي ببيت المقدس، والرشيد محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان العامري الدمشقي، والرئيس محيي الدين يحيى بن علي بن محمد بن سعيد التميمي بن القلانسي عن ست وستين سنة، ومقرئ العراق أبو إسحاق إبراهيم بن جامع القفصي الضرير عن ست وسبعين سنة، والفقيه عباس بن عمر بن عبدان البعلي الحنبلي بالعقيبة، رحمة الله عليهم.
 
1173- 4/21
 
===ابن الفوطي===
 
العالم البارع المتفنن المحدث المفيد مؤرخ الآفاق مفخر أهل العراق كمال الدين أبو الفضائل عبد الرزاق بن أحمد بن محمد بن أبي المعالي الشيباني ابن الفوطي.
 
نسبة إلى جد أبيه لأمه ويعرف أيضًا بابن الصابوني، ينتسب إلى الأمير معن بن زائدة وأصله مروزي، مولده في المحرم سنة اثنتين وأربعين وستمائة ببغداد وأسر في الوقعة وهو حدث ثم صار إلى أستاذه ومعلمه خواجا نصير الطوسي في سنة ستين وستمائة، فأخذ عنه علوم الأوائل ومهر على غيره في الأدب ومهر في التاريخ والشعر وأيام الناس وله النظم والنثر والباع الأطول في ترصيع تراجم الناس، وله ذكاء مفرط وخط منسوب رشيق وفضائل كثيرة.
 
سمع الكثير وعني بهذا الشأن وكتب وجمع وأفاد فلعل أن يكفر به عنه، كتب من التواريخ ما لا يوصف، ومصنفاته وقر بعير، خزن كتب الرصد بضع عشرة سنة فظفر بكتب نفيسة وحصل من التواريخ ما لا مزيد عليه ثم سكن بعد مراغة بغداد وولي خزن كتب المستنصرية فبقي عليها واليًا إلى أن مات وليس في البلاد أكثر من كتب هاتين الخزانتين، وعمل تاريخًا كبيرًا لم يبيضه، ثم عمل آخر دونه في خمسين مجلدًا سماه "مجمع الآداب في معجم الأسماء على معجم الألقاب" وألف كتاب "درر الأصداف في غرر الأوصاف" وهو كبير جدا ذكر أنه جمعه من ألف كتاب مصنف من التواريخ والدواوين والأنساب والمجاميع، عشرون مجلدًا بيض منها خمسة، وكتاب "المؤتلف والمختلف" رتبه مجدولا، وله كتاب "التواريخ" على الحوادث، وكتاب "حوادث المائة السابعة" وإلى أن مات، وكتاب "الدرر الناصعة في شعراء المائة السابعة" في عدة مجلدات.
 
وقال: مشايخي يبلغون خمسمائة شيخ منهم الصاحب محيي الدين يوسف بن الجوزي. قلت: وسمع بمراغة من مبارك ابن الخليفة المستعصم في سنة ست وستين وستمائة، وسمع ببغداد من محمد بن أبي الدثنة وطبقته وكان يترخص في إثبات ما يرصعه ويبالغ في تقريض المغول وأعوانهم، وبعض الفضلاء تكلم في عدالته وكان ربما يشرب المسكر.
 
وحدثني صاحبنا عفيف الدين بن المطري أنه بلغه أن ابن الفوطي كان يخل بالصلوات ويدخل في بلايا وهو في الجملة أخباري علامة ما هو بدون أبي الفرج الأصفهاني وبينهما اشتراك وخصوص وكان ظريفًا متواضعًا حسن الأخلاق، الله يسامحه.
 
مات في المحرم سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة ببغداد عن إحدى وثمانين سنة، كتب إلينا بمروياته.
 
'''وفيها توفي''' قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن محمد بن سالم ابن الحافظ أبي المواهب بن صصرى التغلبي الدمشقي الشافعي عن ثمان وستين سنة، والمحدث الإمام اللغوي صفي الدين محمود بن أبي بكر محمد بن حامد الأرموي القرافي الصوفي بدمشق عن ست وسبعين سنة، والمعمر علي بن شهاب أحمد بن عسكر القصيري ثم الصالحي الحمال عن بضع وثمانين سنة، والشيخ محمد بن أحمد بن سلامة الموصلي ثم الصالحي القصاص، ومسند الوقت بهاء الدين القاسم بن مظفر بن محمود بن تاج الأمناء ابن عساكر الدمشقي الطبيب عن أربع وتسعين سنة، ومسند الشام شمس الدين أبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن الشيرازي المزني في خمس وتسعين سنة، والمعمر تاج الدين أحمد بن علي بن وهب القشيري بن دقيق العيد بقوص وقد سمع بإفادة أخيه كثيرًا من ابن الجميزي وعاش سبعًا وثمانين سنة.
 
1174- 5/21
 
===- الحارثي===
 
الشيخ الإمام الفقيه الحافظ المتقن مفيد الطلبة قاضي القضاة، سعد الدين أبو محمد مسعود بن أحمد بن مسعود بن زيد الحارثي العراقي المصري الحنبلي.
 
ولد سنة اثنتين وخمسين وستمائة ونشأ في طلب العلم وسمع من ابن البرهان والنجيب الحراني وابن علاق وخلق، وبالثغر من عثمان بن عوف وابن الفرات، وبدمشق من أحمد بن أبي الخير وأبي زكريا بن الصيرفي وطبقتهما، وكتب الكثير وحصل الأصول وتقدم في هذا الشأن وخرج لجماعة وتكلم على الحديث ورجاله وعلى التراجم فأحسن وشفي، وخطه قوي حلو معروف شحذت منه مجلس التميمي فما سمح به وكان عارفًا بمذهبه ثقة متقنًا صينًا مليح الشكل فصيح العبارة وافر التجمل كبير القدر حج غير مرة وشرح بعض السنن لأبي داود ودرس بأماكن وولي القضاء سنتين ونصفًا، وانتقل إلى الله في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وسبعمائة.
 
'''وفيها مات''' المعمر الزاهد شيخنا عمر بن عبد البصير السهمي القوصي عن ست وتسعين سنة، والمسند فخر الدين إسماعيل بن نصر الله بن تاج الأمناء ابن عساكر الدمشقي عن اثنتين وثمانين سنة، والمسندة أم محمد فاطمة بنت إبراهيم بن محمود بن جوهر البعلبكية عن ست وثمانين سنة، وقاضي حماة عز الدين عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الحنفي بن العديم عن ثمان وسبعين سنة، وشيخنا القدوة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي نصر بن الدباهي عن أربع وسبعين سنة بدمشق، وشيخنا العارف الإمام عماد الدين أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي ابن شيخ الحراميين، والمسند العدل عماد الدين أبو المعالي ابن المحدث ضياء الدين علي بن محمد النابلسي عن ثلاث وسبعين سنة، والزاهد أبو البركات شعبان بن أبي بكر بن عمر الإربلي شيخ مقصورة الحلبيين عن سبع وثمانين سنة، والمنشئ الفاضلي جمال الدين محمد بن الجلال مكرم بن علي الأنصاري المصري عن اثنتين وثمانين سنة، والأديب المحدث الفقيه رشيد الدين، رشيد بن كامل بن رشيد الحرشي الرقي الشافعي وله ست وثمانون سنة، رحمة الله عليهم.
 
أخبرنا مسعود بن أحمد الحافظ أنا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب أنا علي بن أحمد أنا محمد بن محمد أنا إسماعيل بن محمد ثنا ابن عرفة ثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله {{صلل}} قال: "لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن"، أخرجه الترمذي عن الحسن بن عرفة.
 
1175- 6/21
 
===ابن تيمية===
 
الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهد المفسر البارع شيخ الإسلام علم الزهاد نادرة العصر، تقي الدين أبو العباس أحمد ابن المفتي شهاب الدين عبد الحليم ابن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني أحد الأعلام.
 
ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة وقدم مع أهله سنة سبع فسمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر والكمال بن عبد وابن الصيرفي وابن أبي الخير وخلق كثير، وعني بالحديث ونسخ الأجزاء ودار على الشيوخ وخرج وانتقى وبرع في الرجال وعلل الحديث وفقهه وفي علوم الإسلام وعلم الكلام وغير ذلك.
 
وكان من بحور العلم ومن الأذكياء المعدودين والزهاد الأفراد والشجعان الكبار والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف وسارت بتصانيفه الركبان لعلها ثلاثمائة مجلد.
 
حدث بدمشق ومصر والثغر، وقد امتحن وأوذي مرات وحبس بقلعة مصر والقاهرة والإسكندرية وبقلعة دمشق مرتين، وبها توفي في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة في قاعة معتقلًا ثم جهز وأخرج إلى جامع البلد فشهده أمم لا يحصون فحزروا بستين ألفًا ودفن إلى جنب أخيه الإمام شرف الدين عبد الله بمقابر الصوفية، رحمهما الله تعالى ورئيت له منامات حسنة ورثي بعدة قصائد؛ وقد انفرد بفتاوى نيل من عرضه لأجلها وهي مغمورة في بحر علمه، فالله تعالى يسامحه ويرضى عنه فما رأيت مثله، وكل أحد من الأمة فيؤخذ من قوله ويترك فكان ماذا؟
 
أخبرنا أحمد بن عبد الحليم الحافظ غير مرة ومحمد بن أحمد بن عثمان وابن فرح وابن أبي الفتح وخلق قالوا: أنا أحمد بن عبد الدائم أنا عبد المنعم بن كليب "ح" وأنبأنا أحمد بن سلامة عن ابن كليب أنا علي بن بيان أنا محمد بن محمد أنا إسماعيل بن الصفار ثنا الحسن بن عرفة ثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود {{عنه}} قال: قال لي رسول الله، {{صلل}}: "إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتنتهبه، فيخر بين يديك مشويًّا".
 
'''وفيها توفي''' مسند الإسكندرية الإمام أبو إسحاق عز الدين إبراهيم بن أحمد بن عبد المحسن الحسيني الغرافي وله تسعون سنة، ومسند العراق شيخ المستنصرية الواعظ عفيف الدين محمد بن عبد المحسن بن أبي الحسن الأزجي الحنبلي بن الدواليبي عن تسعين سنة أو نحوها، وقاضي القضاة شمس الدين محمد بن عثمان بن أبي الحسن بن الحريري الأنصاري الدمشقي الحنفي بمصر، والقاضي العدل جمال الدين يوسف بن مظفر بن أحمد ابن قاضي حران بدمشق عن اثنتين وثمانين سنة، ومفتي العراق العلامة الكبير جمال الدين عبد الله بن محمد بن علي بن حماد بن ثابت بن العاقولي الشافعي مدرس المستنصرية عن تسعين سنة وثلاثة أشهر، أفتى منها إحدى وسبعين سنة، والفقيه المعمر جمال الدين أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر بن أبي بكر بن شكر الصالحي الحنبلي عن تسع وثمانين سنة، رحمة الله عليهم.
 
1176- 7/21
 
===المزي===
 
شيخنا الإمام العالم الحبر الحافظ الأوحد محدث الشام، جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف القضاعي ثم الكلبي الدمشقي الشافعي.
 
ولد بظاهر حلب سنة أربع وخمسين وستمائة ونشأ بالمزة وحفظ القرآن وتفقه قليلا ثم أقبل على هذا الشأن، سمع من أول شيء كتاب الحلية كله على ابن أبي الخير سنة خمس وسبعين ثم أكثر عنه، وسمع المسند والكتب الستة ومعجم الطبراني والأجزاء الطبرزذية والكندية، وسمع صحيح مسلم من الإربلي ورحل سنة ثلاث وثمانين فسمع من العز الحراني وأبي بكر بن الأنماطي وغازي وهذه الطبقة وسمع بالحرمين وحلب وحماة وبعلبك وغير ذلك.
 
ونسخ بخطه المليح المتقن كثيرًا لنفسه ولغيره ونظر في اللغة ومهر فيها وفي التصريف وقرأ العربية، وأما معرفة الرجال فهو حامل لوائها والقائم بأعبائها لم تر العيون مثله.
 
عمل كتاب "تهذيب الكمال" في مائتي جزء "وخمسين جزءًا"، وعمل كتاب "الأطراف" في بضعة وثمانين جزءًا، وخرج لنفسه وأملى مجالس وأوضح مشكلات ومعضلات ما سبق إليها في علم الحديث ورجاله، وولي المشيخة بأماكن منها الدار الأشرفية، وكان ثقة حجة كثير العلم حسن الأخلاق كثير السكوت قليل الكلام جدا صادق اللهجة لم تعرف له صبوة، وكان يطالع وينقل الطباق إذا حدث وهو في ذلك لا يكاد يخفى عليه شيء مما يقرأ بل يرد في المتن والإسناد ردًّا مفيدًا يتعجب منه فضلاء الجماعة، وكان متواضعًا حليمًا صبورًا مقتصدًا في ملبسه ومأكله كثير المشي في مصالحه، ترافق هو وابن تيمية كثيرًا في سماع الحديث وفي النظر في العلم وكان يقرر طريقة السلف في السنة ويعضد ذلك بمباحث نظرية وقواعد كلامية وجرى بيننا مجادلات ومعارضات في ذلك تركها أسلم وأولى.
 
ومع ذلك فله عمل كثير في المعقول، وما وراء ذلك بحمد الله إلا حسن إسلام وحسبة لله مع أني لم أعلمه ألف في ذلك شيئًا.
 
وقد لزم في وقت صحبة العفيف التلمساني فلما تبين له انحلاله واتحاده تبرأ منه وحط عليه، وكان ذا مروءة وسماحة ويقنع باليسير باذلا لكتبه وفوائده ونفسه، كثير المحاسن ولقد آذاه أبو الحسن بن العطار وسبح وما رأيته يتكلم فيه ولا فيمن آذاه والله يسمح له ويختم له بالخير ولنا آمين.
 
أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه وحدثني عنه الحافظ المجود أبو الحجاج الكلبي أن مسعود بن أبي منصور أنبأهم قال: أنا أبو علي أنا أبو نعيم الحافظ ثنا ابن خلاد ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا يوسف بن يعقوب الصفار أنا علي بن عثام عن سعير بن الخمس عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: سئل النبي {{صلل}} عن الوسوسة فقال: "صريح الإيمان". هذا حديث حسن صحيح غريب من الإفراد أخرجه مسلم عن الصفار فوافقناه بعلو، وليس لسعير لا ولعلي ولا للصفار في صحيح مسلم سواه. توفي في ثاني عشر صفر سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، {{رحمه ى}}.
 
وإلى هنا انتهى بنا كتاب التذكرة، ولعل فيمن لم نوردهم غفلة أو نسيانًا من هو في رتبة المذكورين علمًا وحفظًا وقد كنت ألفت معجمًا لي يختص بمن طلب هذا الشأن من شيوخي ورفاقي، فاستوعبت من له أدنى عمل وبينت أحوالهم.
 
==شيوخ صاحب التذكرة==
 
1- ولقد انتفعت وتخرجت بشيخنا الإمام العالم المحدث الحافظ الشهيد أبي الحسين علي ابن الشيخ الفقيه ببعلبك ولزمته نيفًا وسبعين يومًا وأكثرت عنه، وكان عارفًا بقوانين الرواية حسن الدراية جيد المشاركة في الألفاظ والرجال، وانتقل إلى الله تعالى في رمضان سنة إحدى وسبعمائة عن إحدى وثمانين سنة، روى لنا عن ابن الزبيدي وابن اللتي ومكرم وجعفر وأبي نصر بن الشيرازي وخلق، وكان صاحب رحلة وأصول وأجزاء وكتب ومحاسن.
 
2- ولزمت الشيخ الإمام المحدث مفيد الجماعة أبا الحسن علي بن مسعود بن نفيس الموصلي وسمعت منه جملة، وكان دينًا خيرًا متصوفًا متعففًا قرأ ما لا يوصف كثرة وحصل أصولا كثيرة كان يجوع ويبتاعها، سمع بمصر والشام وعاش سبعين سنة، مات سنة أربع وسبعمائة وظهر له نصف جزء سمعه من أبي القاسم بن رواحة.
 
3- وسمعت من مفيد الطلبة المحدث الإمام المتقن اللغوي صفي الدين محمود بن أبي بكر الأرموي ثم القرافي الصوفي، قرأ الكثير على المشايخ وكان فصيحًا فاضلًا كتب شيئًا كثيرًا وعني بهذا الشأن وبرع في علم اللسان وصنف، روى لنا عن النجيب الحراني والكمال بن عبد، ومات في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة عن بضع وسبعين سنة، {{رحمه ى}}.
 
4- وسمعت الصحيح بقراءة الإمام العالم الخطيب البليغ النحوي محدث الشام شرف الدين أحمد بن إبراهيم بن سباع الفزاري الشافعي وكان فصيحًا مفوهًا عديم اللحن عذب القراءة له أنسة بالأسماء ومعرفة بالألفاظ ويد في العربية وتواضع وكيس، مات سنة خمس وسبعمائة عن خمس وسبعين سنة {{رحمه ى}}، روى لنا عن السخاوي وجماعة وقرأ الكثير.
 
5- وسمعت الكثير بقراءة الإمام العالم الحافظ مفيد الآفاق مؤرخ العصر علم الدين أبي محمد القاسم بن محمد بن يوسف ابن الحافظ زكي الدين البرزالي وبفصاحته وحسن أدائه للحديث، يضرب به المثل مع الفضيلة والإتقان والتواضع وحسن البشر وكثرة الأصول، ولد سنة خمس وستين <ref> أي: بعد الستمائة.</ref> وأجاز له ابن عبد الدائم وطبقته وسمع من الشيخ شمس الدين وطبقته. وله في الطلب بضع وخمسون سنة ومعجمه في مجلدات كبار. توفي محرمًا في رابع ذي الحجة الحرام سنة تسع وثلاثين <ref> بعد السبعمائة.</ref> {{رحمه ى}}.
 
6- وسمعت مع الشيخ الإمام الفقيه المحدث النحوي بقية السلف شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي الفتح البعلبكي الحنبلي، وكان عالمًا بالفقه والنحو، وله اعتناء بالمعاني والرجال، سمع الكثير وكتب الأجزاء وخرج وأفاد، روى لنا عن الفقيه اليونيني وابن عبد الدائم وطائفة، توفي سنة تسع وسبعمائة بالقاهرة غريبًا، {{رحمه ى}}.
 
7- وسمعت مع الإمام المحدث العابد مفيد الجماعة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن سامة وكان معنيًّا بهذا الشأن فصيح القراءة كثير الشيوخ واسع الرحلة خيرًا متواضعًا، روى لنا عن ابن عبد الدائم وسمع من أصحاب ابن طبرزذ وهلم جرا، مات في سنة ثمان وسبعمائة عن ست وأربعين سنة {{رحمه ى}}.
 
8- وسمعت بمصر وعرفة مع الشيخ الإمام العالم المقرئ الحافظ المحدث مفيد الديار المصرية وشيخها قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي ثم المصري، أحد من جرد العناية ورحل وتعب وحصل وكتب وأخذ عن أصحاب ابن طبرزذ فمن بعدهم، وصنف التصانيف وظهرت فضائله مع حسن السمت والتواضع والتدين وملازمة العلم، مولده سنة أربع وتسعين وستمائة وتوفي في رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، {{رحمه ى}}.
 
9- وسمعت من الشيخ العلامة الفرضي المحدث الصالح شمس الدين أبي العلاء محمود بن أبي بكر البخاري الحنفي وكان أحد من عني بهذا الشأن ورحل وكتب وألف، سمعت منه ووقف أجزاءه بالخانقاه، سمع من ابن أبي الدثنة وطبقته ببغداد، ومن الفخر وطبقته بدمشق، ومن ابن خطيب المزة بمصر وسمع بالحرمين وبخارى وماردين وخراسان وكان عالمًا متقنًا أنيق الكتابة، مات بماردين سنة سبعمائة عن ست وخمسين سنة، {{رحمه ى}}.
 
10- وسمعت مع الإمام المفيد المحدث العدل الكبير شمس الدين محمد بن إبراهيم بن غنائم المهندس الصالحي الحنفي الشروطي ابن المهندس، وقد سمع الكثير من أصحاب ابن طبرزذ وكتب العالي والنازل، ثم ارتحل بأخرة إلى مصر ونسخ الكتب الكبار وانتقى على جماعة، سمعنا منه، مولده في سنة خمس وستين وستمائة، ومات في شوال سنة ثلاث وثلاثين، {{رحمه ى}}.
 
11- وسمعت من الشيخ الإمام المحدث المفيد المقرئ بقية السلف شيخ الحرم فخر الدين عثمان بن محمد بن عثمان التوزري ثم المصري المالكي، وكان قارئ الطلبة بمصر دهرًا، قرأ الكتب المطولة وحصل الأصول وتلا بالسبع على ابن وثيق والكمال بن شجاع، سمع من ابن الجميزي والسبط فمن بعدهما حتى إنه أخذ عن ألف شيخ، توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وسبعمائة بمكة عن ثلاث وثمانين سنة، {{رحمه ى}}.
 
12- وسمعت مع الشيخ العلامة المحدث الحافظ الأديب البارع فتح الدين أبي الفتح محمد بن محمد ابن سيد الناس اليعمري الأندلسي الأصل المصري صاحب التصانيف، ولد سنة إحدى وسبعين في آخرها وسمع من العز وغازي وخلائق، ولحق بدمشق ابن المجاور ومحمد بن مؤمن وابن الواسطي وكتب بخطه المنسوب كثيرًا، وهو على حاله ثبت فيما ينقله بصير بما يحرره لم أسمع منه شيئًا، توفي فجاءة في شعبان في حادي عشر سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، {{رحمه ى}}.
 
13- وسمعت الكثير مع الشيخ المحدث العالم المفيد شهاب الدين أبي العباس أحمد بن مظفر بن النابلسي سبط الحافظ زين الدين خالد، مولده سنة خمس وسبعين، وسمع من زينب بنت مكي والفخر البعلي وابن بلبان وابن الواسطي والتاج عبد الخالق فمن بعدهم، وأفادني أشياء، وكتبت عنه وشيوخه فوق السبعمائة شيخ، وله حظ من زعارة ونفور من الناس والله يسامحه فعليه مأخذ لذلك لكنه متثبت متقن، مات في دمشق في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، {{رحمه ى}}.
 
14- وسمعت مع الشيخ الأديب العلامة البليغ المحدث المفيد علاء الدين علي بن مظفر بن إبراهيم الكندي الدمشقي كاتب ابن وداعة، ولد على رأس الأربعين وستمائة وتلا بالسبع على العلم أبي القاسم، وسمع من ابن أبي الحسن وإبراهيم بن خليل وابن عبد الدائم وخلق وكتب الأجزاء وحصل ثم تعانى الإنشاء وخدم وكان قليل الدين متهاونًا بالصلاة، في عقيدته مقال إلا أنه متثبت فيما ينقله، علقت عنه، توفي سنة ست عشرة وسبعمائة، {{رحمه ى}}.
 
15- وسمعت من الشيخ المحدث المفيد الفاضل نجم الدين إسماعيل بن إبراهيم بن سالم بن ركاب الأنصاري بن الخباز المؤدب المفيد أحد من أفنى عمره في الرواية والكتابة وأخذ عمن دب ودرج وحصل الأصول، روى لنا عن الشيخ الضياء وعبد الحق بن خلف، وخطه رديء سقيم وفهمه بطيء والله يسامحه، مات سنة ثلاث وسبعمائة عن أربع وسبعين سنة.
 
16- وسمعت من الشيخ العالم المحدث شهاب الدين أحمد بن النضر بن بناء بن الدقوقي المصري، وكان ممن نسخ الكثير وعني بالسماع ولم ينجب، ثنا عن ابن رواح، مات في سنة خمس وتسعين وستمائة وهو في عشر الثمانين، {{رحمه}}.
 
17- وسمعت من الشيخ الإمام المحدث المفيد بقية المشايخ ضياء الدين عيسى بن يحيى بن أحمد السبتي، مات في سنة ست وتسعين عن ثلاث وثمانين سنة عني بهذا الشأن مدة مديدة وسمع بقراءته من ابن المجتلي وابن الصفراوي وابن المقير وطبقتهم وليس بالمكثر ولا الماهر، {{رحمه ى}}.
 
18- وسمعت من الشيخ الإمام المحدث المفيد شرف الدين حسن بن علي بن عيسى اللخمي بن الصيرفي، وكان قد طلب وحمل عن ابن رواح والساوي وابن قميرة، مات في أواخر سنة تسع وتسعين وستمائة.
 
19- وسمعت من الشيخ العالم المحدث المفتي بقية السلف أبي الحسن علي بن إبراهيم بن داود بن العطار الدمشقي الشافعي صاحب الشيخ محيي الدين النواوي وهو الذي استجاز لي ولأبي من ابن الصيرفي وابن أبي الخير وعدة، وكان صاحب معرفة حسنة وأجزاء وأصول، خرجت له معجمًا في مجلد، مات في سنة أربع وعشرين وسبعمائة عن سبعين سنة، مرض بالفالج سنين، {{رحمه}}.
 
20- وسمعت من الفقيه البارع المحدث الأديب نجم الدين موسى بن إبراهيم الشعراوي الحنبلي الشاهد، وكان قد قرأ الكتب الكبار ودار على الشيوخ ونسخ الفوائد، وسمع من الحافظ الضياء وإسماعيل بن ظفر وقرأ على ابن عبد الدائم وابن أبي عمر وكان صاحب نوادر ودعابة وفضائل إلا أنه كان يدمج الإسناد ويهينمه، مات سنة اثنتين وسبعمائة وله ثمان وسبعون سنة.
 
21- وسمعت من المحدث العالم العدلي المفيد كاتب الحكم شرف الدين يعقوب بن أحمد بن الصابوني، روى عن أحمد بن علي الدمشقي والنجيب وابن علاق وابن أبي الخير وخلق، ونسخ الأجزاء وساد في الشروط، مات بمصر في سنة عشرين وسبعمائة عن ست وسبعين سنة، {{رحمه ى}}.
 
22- وسمعت من قاضي القضاة الإمام القدوة الزاهد المحدث شمس الدين محمد بن مسلم بن مالك وسمعت بقراءة جماعة أجزاء، وكان إمامًا في الفقه والنحو من قضاة العدل، توفي في سنة ست وعشرين وسبعمائة عن خمس وستين سنة بالمدينة النبوية، شرفها الله تعالى.
 
23- وسمعت من الفقيه المحدث الزاهد البركة أبي الحسن علي بن محمد التركي الختني الشافعي وقد تفقه وسمع الكثير وكتب الأجزاء، وسمع من الفخر علي وطبقته، ومات كهلا سنة سبع عشرة وسبعمائة، {{رحمه ى}}.
 
24- وسمعت من الإمام المحدث الأوحد الأكمل فخر الإسلام صدر الدين إبراهيم بن محمد ابن المؤيد بن حمويه الخراساني الجويني شيخ الصوفية، قدم علينا طالب حديث "و" روى لنا عن رجلين من أصحاب المؤيد الطوسي، وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء حسن القراءة مليح الشكل مهيبًا دينًا صالحًا، وعلى يده أسلم غازان الملك، مات سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وله ثمان وسبعون سنة، {{رحمه ى}}.
 
25- وسمعت من الشيخ العالم المحدث الصادق المرتضى شمس الدين محمد بن محمد بن حسن بن نباتة المصري، وله عناية تامة بهذا الشأن ومعرفة، كتب الأجزاء وحصل، وروى عنه غازي والعز الحراني وابن خطيب المزة والطبقة، ومحاسنه كثيرة وتواضعه حسن وديانته متينة، ولد سنة ست وستين.
 
26- وسمعت من الإمام المحدث الصادق مفيد الجماعة محب الدين عبد الله بن أحمد بن المحب المقدسي الحنبلي، ولد سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وسمع من ابن البخاري وطبقته ثم طلب بنفسه وكتب الكثير وقرأ العالي والنازل وأفاد الخاصة والعامة، وقد ألقي له المحبة في النفوس لخيره وإخلاصه وصلاحه وفضله، توفي في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، {{رحمه ى}}.
 
27- وسمعت من الشيخ المحدث العالم الرئيس زين الدين عمر بن حسن بن عمر بن حبيب الدمشقي نزيل حلب ومحتسبها، ولد سنة ثلاث وستين وستمائة وسمع من ابن بلبان وابن شبيبان وابن البخاري، وفي الرحلة من ابن حمدان والأبرقوهي وكان ذكيًّا كتب وتعب، خرجت له معجمًا عن أزيد من خمسمائة نفس، مات غريبًا بمراغة في سنة ست وعشرين وسبعمائة، {{رحمه}}.
 
28- وسمعت من المحدث العالم فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلي، سمع الكثير ورحل وكتب وتعب وكان مزجى البضاعة، لكنه له ذكاء وفهم وعناية بالرواية. مات بمصر سنة سبع عشرة وسبعمائة وله اثنتان وأربعون سنة، روى عن عمر بن القواس وجماعة، رحمة الله عليهم.
 
29- وسمعت من المحدث المفتي الفاضل فخر الدين عبد الرحمن بن محمد بن الفخر البعلبكي الحنبلي، سمع من ابن البخاري وابن الواسطي ثم طلب بنفسه وجمع وخرج وقرأ الكثير وقرأ على كراسي عدة، وكان دينًا صينًا عالمًا. مات سنة اثنتين وثلاثين عن بضع وأربعين سنة، {{رحمه ى}}.
 
30- وسمعت من العلامة ذي الفنون فخر الحفاظ قاضي القضاة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي صاحب التصانيف، ولد سنة ثلاث وثمانين وستمائة وسمع من ابن الصواف والدمياطي وبدمشق من أبي جعفر بن الموازيني والطبقة "وكان جمَّ الفضائل حسن الديانة صادق اللهجة قوي الذكاء من أوعية العلم، مات سنة ست وخمسين وسبعمائة".
 
31- وسمعت من الشيخ الإمام المحدث مفيد الطلبة أمين الدين محمد بن إبراهيم بن محمد الواني الدمشقي رئيس المؤذنين وابن رئيسهم، سمع من ابن الفراء وأبي الفضل ابن عساكر، وله في طلب الحديث رحلة في سنة سبعمائة، مولده سنة أربع وثمانين وستمائة وتوفي سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.
 
32- وسمعت من الإمام المفتي المحدث صلاح الدين أبي سعيد خليل بن كيكلدي العلائي، سمع من القاضي تقي الدين سليمان وطبقته فأكثر وحصل وخرج وصنف. مولده سنة أربع وتسعين وستمائة (وتوفي سنة إحدى وستين وسبعمائة، وهو عالم بيت المقدس اليوم). <ref> مدرج وليس من كلام الذهبي؛ لأنه توفي عام 748</ref>
 
33- وسمعت من الإمام الفقيه المحدث الزاهد القدوة بهاء الدين أبي محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل3 المكي الشافعي، قرأ الفقه والقراءات والأصول والنحو وعني بالحديث، ورحل إلى مصر ودمشق وحلب، سمع بيبرس العديمي والدشتي والقاضي، مولده في سنة أربع وتسعين وستمائة سكن مصر (وله جهات، ثم تزهد وتوحد وتعبد بالثغر.) <ref> وفاته عام 777، ما بين القوسين ملحق بعد المؤلف. </ref>
 
34- وسمعت مع الفقيه المفتي المحدث ذي الفضائل عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير البصروي الشافعي، ولد بعد السبعمائة أو فيها وسمع من ابن الشحنة وابن الزراد وطائفة، وله عناية بالرجال والمتون والفقه، خرج وألف وناظر وصنف وفسر وتقدم.
 
35- وسمعت مع المحدث العالم المفيد تقي الدين محمد ابن شيخنا سعد الدين بن سعد، سمع من القاضي وأبيه وأبي بكر بن عبد الدائم وخلق وكتب ورحل وخرج وتميز.
 
36- وسمعت من الإمام الأوحد الحافظ ذي الفنون شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي، ولد سنة خمس أو ست وسبعمائة وسمع من القاضي وابن عبد الدائم والمطعم واعتنى بالرجال والعلل وبرع وجمع وتصدى للإفادة والاشتغال في القراءات والحديث والفقه والأصول والنحو، وله توسع في العلوم وذهن سيال، توفي في شهر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبعمائة، رحمة الله عليهم أجمعين.
 
تم كتاب التذكرة
 
 
{{هامش}}