خدع المنى وخواطر الأوهام

خُدَعُ المُنى وَخَواطِرُ الأَوْهامِ

​خُدَعُ المُنى وَخَواطِرُ الأَوْهامِ​ المؤلف الأبيوردي


خُدَعُ المُنى وَخَواطِرُ الأَوْهامِ
أَضْغاثُ كاذِبَةٍ مِنَ الأَحْلامِ
نَهْوَى البقاءَ وليسَ فيهِ طَائلٌ
وَالمَرْءُ نَهْبُ حَوادِثِ الأيَّامِ
يَحْوي رَغائِبَ مالِهِ وَرّاثُهُ
مِنْ بَعْدِهِ وَيَبُوءُ بِالآثامِ
وَالعَيْشُ أَوَّلُهُ عَقِيدُ مَشَقَّةٍ
وَأَذى، وَآخِرُهُ مَقِيلُ حِمامِ
وَالعُمْرُ لَوْ جازَ المَدَى لَتَبَرَّمَ الـ
أَرواحُ مِنْهُ بِصُحْبَةِ الأَجسامِ
بَينا الفَتى قَلِقاً بِهِ نيّاتُهُ
أَلْقَى مَراسِيَهُ بِدَارِ مُقامِ
وَهَوى كَزَيْدِ بنِ الحُسَينِ إلى الثَّرَى
غِبَّ الثَّراءِ مُحالِفَ الإعدامِ
في مَعْوَزٍ سَمِلٍ مَشَى فيهِ البِلى
وَالقَبْرُ بِئْسَ مُعَرَّسُ الأَقوامِ
نُضِدَتْ عليهِ بَنِيَّةٌ مِنْ رَمْسِهِ
كالغِمْدِ مُشْتَمِلاً على الصَّمْصامِ
وَأَصابَهُ رَيبُ المَنيَّةِ إذْ رَمَى
طُويَتْ على شَلَلٍ يَمينُ الرَّامي
لو قارَعَ النّاسُ المَنونَ لَرَدَّها
عَنهُ السُّيوفُ فَوالِقاً لِلْهامِ
تَدْمى أَغِرَّتُها بِأَيْدي غِلْمَةٍ
قُرَشِيَّةٍ بيضِ الوُجوهِ كِرام
يَطَؤُونَ أَذْيالَ الدروعِ بِمَأقِطٍ
حَرَجٍ يَفيءُ عليهِ ظِلُّ قَتامِ
وَتُضيءُ في هَبَواتِهِ صَفَحاتُهُمْ
كَالفَجْرِ يَخْطِر في رِداءِ ظَلامِ
وَالمالُ جَمٌّ، وَالحِمَى مُتَمَنِّعٌ
وَالمَجْدُ أَتْلَعُ، وَالعُروقُ نَوامِ
رُمِيَتْ بِثالِثَةِ الأَثافِي هاشِمٌ
فَبَكَتْ بِأَرْبَعَةٍ عليهِ سِجامِ
وَاِلعَبْدِ شَمْسٍ، وَالتَّجَلُّدُ خِيْمُها
عَيْنٌ مُؤَرَّقَةٌ، وَجَفْنٌ دامِ
وَهُمُ الأُسودُ الغُلْبُ حَولَ ضَرِيحِهِ
يَبْكُونَهُ بَنَواظِرِ الآرامُ
فَتَضاءَلَتْ كُوَرُ الجِبالِ لِفَقْدِهِ
غُبْرَ الفِجاجِ خَواشِعَ الأَعْلامِ
وَلِقُلَّتَيْ أَرْوَنْدَ رَنَّةُ ثاكِل
حَرّانَ حِينَ ثَوى أَبو الأَيْتامِ
فُجِعُوا بِتاجِ الدِّينِ حَتّى عَضَّهُمْ
زَمَنٌ أَلَحَّ بِشِرَّةٍ وَعُرامِ
لَمّا نَعَتْهُ المَكْرُماتُ إلى العُلا
لَبِسَ الحِدادَ شَريعَةُ الإسْلامِ
فَمَضَى وَقَدْ أَصْحَبْتُهُ سَيّارَةً
كَالرَّوْضِ يَضْحَكُ مِنْ بُكاءِ غَمامِ
غَرَّاءَ مِنْ كَلِمى إذا هِيَ سُطِّرَتْ
ظَهَرَتْ بِها النُّخَواتُ في الأقْلامِ
لَيْسَتْ لِعارِفَةٍ أُجازِيهِ بِها
لكنَّها لِوَشائِجِ الأَرْحامِ
وَأَحَقُّ مُفْتَقَدٍ بِها ذُو سُؤْدَدٍ
آباؤُهُ مِنْ هاشِمٍ أَعْمامِي
وَلَوِ اسْتَطَعْتُ كَفَفْتُ عَنْهُ يَدَ الرَّدى
بِشَباةِ رُمْحٍ أَوْ غِرارِ حُسامِ
وَبِفَتْيَةٍ أَلِفُوا المِصاعَ كَأَنَّهُمْ
أُسْدٌ مِنَ الأَسَلاتِ في آجامِ
وإذا دُعوا لِكَريهَةٍ لَمْ يَنْظُروا الـ
إسْراجَ واقتَصَروا عَلى الإلجامِ
فَهُمْ اللُّيوثُ غَداةُ يُحُتَضَرُ الوَغَى
وَهَمْ الغُيوثُ عَشِيَّةَ الإطْعامِ
وَقُدُورُهُمْ يَعِدُ القِرى إرزامُها
وَالرَّعْدُ ليسَ يَهُمُّ بِالإرْزامِ
وَإذا اعْتَزَوْا أَرْوَى زِنادَهُمُ أَبٌ
مُرُّ الحَفِيظَةِ للْحَقيقَةِ حامِ
فَالعَمُّ أَبْلَجُ مِنْ كِنانَةَ في الذُّرَا
وَالخالُ أَرْوَعُ مِنْ بَني هَمّامِ
لَيْسُوا مِنَ النَّفَرِ الذّينَ أُصُولُهُمْ
خَبُثَتْ وَلَيْسَ لَهُنَّ فَرْعٌ نامِ
رَفَعَتْهُمُ جِدَةٌ وَجَدُّهُمُ لَقىً
مِنْ لُؤْمِهِ، بِمَدارِجِ الأَقْدامِ
لازالَ تُرضِعُهُ أَفاوِيقَ الحَيا
وَطْفاءُ يُنْتِجُها الصَّبَا لِتَمامِ
فَتَلَفَّعَتْ بِحَبِيِّها قُلَلُ الرُّبا
وَتَلَثَّمَتْ مِنْ بَرْقِها بِضرامِ