خذ بالمسرة واغنم لذة الطرب

خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب

​خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


خذ بالمسرة واغنم لذَّةَ الطَّرب
وزوِّج ابن سماءٍ بابنةِ العنب
واشرب على نغم الأوتار صافية
مذابة في لجين الكأس من ذهب
ولا تضع فرصةً جاد الزمان بها
ساعات أنسك بين المجد واللعب
أما ترى الروض قد حاكت مطارفه
أيدي الربيع وجادتها يد السحب
والورد قد ظهرت بالحف شوكته
وخضبت وجنتاه من دم كذب
وزان ما راق دمع الطل حين بدا
تبسّم الأقحوان الغض عن شنب
والراح منعشة الأرواح إن مزجت
صاغ المزاج لها تاجاً من الحبب
وإن بدت وظلام الليل معتكر
رمت شياطين هم المرء بالشهب
داو بها كلَّ ما تشكوه من وصب
ففي المدامة ما يشفي من الوصب
ودُر بحيث ترى الأقداح دائرة
فإنها لمدار الأنس كالقطب
يعود ما فات من عهد الشباب بها
يشبّ فيها معاطيها ولم يشب
يمجُّ منها فمّ الإبريق رائقة
تخالها إنها صيغت من اللهب
في جنة راق للأبصار رونقها
وأدمع المزن ما تنفك في صببو
الورق تملي من الأوراق ماخطبت
على منابر غصن الدوح من خطب
وما برحت لأيام مضت طرباً
داعي المسرة والأفراح يهتف بي
حتى إذا العيد وافانا بغرَّته
أقَرَّ شوال عيني في أبي رجب
بالسيد العلويّ الهاشميّ لنا
فوز يؤمَّل من قَصْدٍ ومن أرب
أحيت مكارمه ما كنت أعْرِفُها
من الأوائل في الماضي من الحقب
الله ألهمه فهماً ومعرفة
وحسن خلقٍ وحلماً غير مكتسب
إني أباهي به الأشراف أجمعها
بذلك النسب العالي الذي حسب
فداؤه كل ممقوت بشانئه
فلا إلى حسب يعزى ولا نسب
هو السعيد الذي يشقى العدو به
من ذا يعاديه في الدنيا ولم يخب
لما دعاه وليّ الأمر منتدباً
أجابه وأراه خير منتدب
دعاه مستنصراً في عسكر لجب
وقد ينوب مناب العسكر اللجب
فسار مستصحب التوفيق يومئذٍ
فسار أكرمَ مصحوبٍ ومصطحب
وصار تدبيره يغني عساكره
عن الكتائب بالأقلام والمتب
كم كربة نفّست للجيش همته
فحقّه أنْ يسمى كاشف الكرب
دعا إلى طاعة السلطان فاجتمعت
له القبائل من بعد ومن قرب
لقد أجابته وانقادت لطاعته
ولو دعاها سوى علياه لم تجب
أراعه ما أرهم من مكارمه
وجاء من بره المعروف بالعجب
تلك المزايا لأجدادٍ له سلفت
فأعقب الله ما للمجد من عقب
من سادة شرّف الله الوجود بهم
قد أورثوها علاءً من أبٍ فأب
فلم تجد من لسان غير منطلق
ولا فؤاداً إليهم غير منجذب
فلا تقسهم بقوم دونهم شرفاً
يوماً وكيف يقاس الرأس بالذنب
لقد كفى العسكر المنصور نائبة
تجثو لها نوب الدنيا على الركب
وقوّمت كل معوَجٍّ صوارمه
وسكنت منذ وافى كلّ مضطرب
وأسعد الله مولانا الفريق به
فكان ثابت سعد غير منقلب
وكان أعظم أسباب الفتوح له
فيا له سبب تاهيك من سبب
أما وربك لولاه لما خمدت
نار لها غير فعل النار بالحطب
دهياء تفغر فاهاً لا سبيل إلى
لا يسأمون من الإقدام في الطلب
وكان خيراً لهم لو أنهم رجعوا
عن غيّهم بعد ذاك الجهد والنصب
بَغوا لما نزغ الشيطان بينهم
والبغي يسلم أهليه إلى العطب
حتى إذا دبّروا للحرب أمرهم
وهم عن الرأي والتدبير في حجب
فأقبلت برجال لا عداد لها
وحيّر الترك ما لقت من العرب
لله درك ماذا أنت فاعله
بذلت نفسك فوق المال والنشب
والحرب قائمة والنار مُوْقدة
يقول منها جبانُ القوم واحربي
يساقط الموت من أبطالها جثثاً
كما يساقط جذع النخل بالرطب
برزت فيهم بروز السيف منصلتاً
من غمده وأخذت القوم بالرعب
كففت أيديهم عن ما تمد له
فما استفادوا سوى الخذلان في الغلب
وشتت الله ممن قد طغى وبغى
جمع الخوارج بين القتل والهرب
ودمّر الله في أقدامهم فئة
فكان أعدى إلى أخرى من الجرب
تعبتم فأحتم بعدها أمماً
كم راحة يجتنيها المرء من تعب
وعم فضلك ذاك القطر أجمعه
يا حسن ما أصبحت في مربع خصب
رأس الأكابر والأشراف من مضر
صدر الرئاسة فخر السادة النجب
ليهنك النصر والفتح المبين وما
بلغت من جانب السلطان من أرب
لئن حباك بنيشان تُسرُّ به
بطالع لقران السعد لم يغب
هذا المشير أعزّ الله دولته
أبان فضلك إعلاناً لكلّ غبي
وخذ إليك بقيت الدهر قافية
تلوح منك عليها بهجة الأدب