|
- رآها وقد وقفت تتأمل اصفرار الأوراق التي تذروها الرياح الهوجاء، حاملة إلى الكون أنفاس الخريف.
- رآها والدموع في عينيها الجميلتين.. تبكي ربيع الحياة، وربيع شبابها دون أن تتذوق الحب...
- فإلى روحها الحزينة التي تقف أمام عواصف الخريف الثائرة يهدي هذه الأبيات...
|
ما لزهر الحديقة الغناء
|
نام فيها وراح في إغفاء
|
والعصافير جف من صوتها البشر أسىً للطبيعة الخرساء
|
والرياض الفيحاء تذوى حيارى
|
بعد زهو وروعة وبهاء
|
انظري فالزهور تهوي إلى الأرض بصمت وحسرة وبكاء
|
كان منها العبير يوقظ في الغصن الأماني وذكريات الهناء
|
انظري الطير صامتاً يبعث الأحزان من بعد شدوه والغناء
|
وورود الرياض ماتت على الغصن وكانت تتيه كالحسناء
|
وترامت أوراقها في شحوب
|
والسنا ذاب فوق ثغر الماء
|
عصف الموت فالمروج ركام
|
لعبت فيه عاصفات الغناء
|
فعلى السفح موشحات المغاني
|
وعلى الدوح دمعة الأنداء
|
وجناح مهشم لهزار
|
وحطام لروضة فيحاء
|
ورفات لذكريات غرام
|
وخيال لباقيات ضياء
|
أغلقي الباب فالأعاصير ثارت
|
حانقات كزمجرات الشتاء
|
أغلقي الباب فالرعود أصمّت
|
مسمعي بالعواصف الهوجاء
|
والغيوم الدكناء تقذف للأرض حقوداً من وابلات السماء
|
والحقول الجرداء تشكو من العري تصاريف دهرها والقضاء
|
سلبتها الحياة أثوابها الخضر..
|
تزهو بحلة صفراء؟
|
قد كساها الربيع كالأمل الزاهر أندى مروجها الخضراء
|
وجلاها بمورقات الأماني
|
وحباها بزاهرات الرجاء
|
أشرقت بالجمال ريّا بأبرادٍ تحاكي مفاتن الغيداء
|
والندى سال كالمدامة فيها
|
أو كريق يسيل من لمياء
|
ودهاها الخريف ينفض أشباح الليالي وحالكات الفضاء
|
فإذا الورق نائحات على الغصن بواكٍ على الصبا الوضاء
|
وإذا الليل موحش مكفهر
|
لطيوف قوائمٍ رعناء
|
وإذا النهر صامت ليس يدري
|
كيف تذوي المروج في البطحاء
|
والفراشات حائرات أحست
|
بالظما للرحيق في الأنحاء
|
والينابيع من دوافقها غاضت بثغر الطبيعة العذراء
|
خاض من مائها نمير غدير
|
كالطلا رقةً وكالصهباء
|
أغلق الباب هكذا جف سحر الكون من بعد صفرة وازدهاء
|
اذرفي الدمع لا تلومي الليالي
|
واتركي الجفن للشجا والبكاء
|
لك قلب محطم ليس يدري
|
نشوة الحب والصبا والهناء
|
فحرمت الفؤاد من لذة العمر وقد كان جامح الغلواء
|
وحرمت الضمير من يقظة القلب لحبٍ مجنح الأهواء
|
وتركت الشباب تذوي مناه
|
في ربيع معطر وصفاء
|
أنت عذراء أنت راهبة الليل وخفق المنى ورمز الوفاء
|
أنت هيفاء في مواكب دهرٍ
|
ضج بالمفجعات والأرزاء
|
أنت هيفاء تسكر الأمل الضاحك.. والحب نشوة الهيفاء
|
لك قلبي .. لك المنى .. فتعالي
|
فبصمتِ الخريف بعضُ العزاء
|
اغنمي من خريف عمرك ما أبقى لك الدهر من صبأ وبهاء
|
يا حطام الجمال في هيكل الطهر تعالي للنور للأضواء
|
يا شعاع الروح الأبية فيم السعي.. والجدّ للسراب النائي؟
|
فيم بددتِ باسمات أمانيك وأدلجتِ في سرى البيداء
|
اذرفي الدمع ترتشفْه الأماني
|
وشفاه الهوى وثغر الرجاء
|
أين سحر الربيع والروض زاهٍ
|
بورود طروبة وسناء؟
|
أين تلك الطيور تسكب للأيك لحوناً علوية الأصداء؟
|
أين خفق الأحلام في مقلة الحب طيوفاً قدسية الإسراء؟
|
أغلقي الباب فالعواصف تدوي
|
ودبيب الآلام بين ذمائي
|
ذهبت بالربيع حمق العوادي
|
وأتاك الخريف بالأنواء
|
سوف يأتي بعد الخريف شتاء
|
وستذوي حياتنا في الشتاء
|