خليلي إن أم الحكيم تحملت

خليليّ إنْ أمُّ الحكيم تحمَّلتْ

​خليليّ إنْ أمُّ الحكيم تحمَّلتْ​ المؤلف كثير عزة


خليليّ إنْ أمُّ الحكيم تحمَّلتْ
وأخلتْ لخيماتِ العذيبِ ظلالَها
فلا تسقياني من تِهامةَ بعدها
بلالاً وإنْ صوبُ الرّبيعِ أسالها
وكنتمْ تزينونَ البلاط ففارقتْ
عشِيّةَ بِنْتُمْ زَيْنَهَا وَجمَالَهَا
وقد أصبحَ الرّاضونَ إذْ أنتمُ بها
مَسُوسُ البِلادِ يَشتكونَ وبالَها
فَقَدْ أَصْبَحَتْ شتّى تبثُّكَ ما بها
ولا الأرض ما يشكو إليك احتلالَها
إذَا شَاء أَبْكَتْهُ مَنَازِلُ قد خَلَتْ
لعزَّةَ يوماً أو مناسبُ قالها
فهلْ يُصبحنْ يا عزُّ من قد قتلتِهِ
من الهمِّ خلواً نفسُهُ لا هوىً لها
وما أنسَ مِ الأشياءِ لا أنسَ ردّها
غَدَاةَ الشَّبَا أَجْمَالَهَا واحتمالَها
وقدْ لفَّنا في أوَّلِ الدَّهر نعمةٌ
فعشنا زماناً آمنين انفتالَها
كآلفةٍ إلفاً إذا صَدَّ وِجْهَةً
سوى وجههِ حنَّتْ فارعوى لها
فلستُ بناسيها ولستُ بتاركٍ
إذا أعرضَ الأدْمُ الجوازي سؤالها
أأُدركُ من أمِّ الحُكيِّمِ غبطةً
بها خبَّرتني الطَّيرُ أمْ قدْ أنى لها
أَقُولُ إذا ما الطَّيرُ مرتْ سَحِيقةً
لَعَلّكَ يوماً ـ فانتَظِرْ ـ أنْ تَنَالَها
فإن تكُ في مصرٍ بِدارِ إقامةٍ
مجاورةً في السَّاكِنِينَ رِمَالَها
ستأتيك بالرُّكبانِ خوصٌ عوامدٌ
يُعَارِضْنَ مُبْراةً شَدَدْتُ حبالَها
عليهنَّ مُعْتَمُّونَ قد وجّهوا لها
صحابتهُم حتَّى تَجذَّ وصالَها
متى أخشَ عدْوَى الدَّارِ بيني وبينها
أصلْ بنواصي النّاجياتِ حبالَها
على ظَهرِ عاديّ تَلوحُ مُتُونُهُ
إذا العِيسُ عَالَتْهُ اسْبَطَرَّتْ فَعَالَها
وَحَافِيَةٍ مَنْكُوبَةٍ قَدْ وقيتُها
بنعلي ولم أعقدْ عليها قِبالَها
لهنَّ منَ النعلِ التي قَدْ حذَوْتُها
من الحقِّ لو دافعتُها مثلُ ما لها
إذا هَبَطَتْ وَعْثاً من الخطّ دَافَعَتْ
عليها رَذَايا قَدح كَلَلْنَ كلالَها
إذَا رَحَلَتْ منها قَلوصٌ تبغَّمتْ
تَبَغُّمَ أُمِّ الخِشفِ تبغي غَزَالَها
تَذَكَّرْتُ أنَّ النَّفْسَ لم تَسْلُ عَنكُمُ
ولم تقضِ منْ حبّي أُمَيّةَ بالَهَا
وأنّى بذي دورانَ تلقى بك النّوى
على بردى تظعانَها فاحتمالَها
أصاريمَ حلَّتْ منهمُ سفحَ راهطٍ
فأكنافَ تُبنى مرجَها فتِلالَها
كأنَّ القيانَ الغُرَّ وسطَ بيوتِهمْ
نعاجٌ بجوٍّ منْ رُماحٍ خلا لَها
لهمْ أندياتٌ بالعشيِّ وبالضُّحى
بَهاليلُ يرْجُو الرَّاغبونَ نوالها
كأنَّهمُ قصراً مصابيحُ راهبٍ
بموزنَ روّى بالسَّليط ذُبالَها
يجوسونَ عرضَ العبقريّةِ نحوَها
تمسُّ الحواشي أوْ تُلمُّ نَعالَها
هُمُ أهْلُ ألواحِ السّريرِ وَيُمنَةٌ
قَرابينُ أرْدافاً لها وشِمَالَها
يُحيّون بُهلولاً بِهِ ردَّ ربُّهُ
إلى عبدِ شمسٍ عزَّها وجمالَها
مَسَائِحُ فَوْدَيْ رأسِهِ مُسْبَغِلَّةٌ
جرى مسكُ دارينَ الأحمُّ خلالَها
أحاطتْ يداهُ بالخلافة بعدَما
أرادَ رجالٌ آخرونَ اغتيالَها
فما تَرَكُوهَا عَنْوَةً عَنْ موَدَّةٍ
ولكنْ بِحَدِّ المَشْرِفيّ اسْتقالها
هو المرءُ يجزي بالمودّة أهلَها
وَيَحْذُو بِنَعْلِ المُستَثِيبِ قِبَالَها
بلوهُ فأعطوهُ المقادة بعدما
أدبَّ البلادَ سهلَها وجبالَها
مقانبَ خيلٍ ما تزالُ مُظلَّةً
عليهمْ فملُّوا كلَّ يومٍ قتالَها
دوافعَ بالرَّوحاءِ طوراً وتارةً
مَخَارِمَ رَضْوى مرجَها فَرِمَالَها
يُقيِّلنَ بالبزْواءِ والجيْشُ واقِفٌ
مزادَ الرَّوايا يصطببنَ فضالَها
وقد قابلتْ منها ثرىً مستجيزةً
مَباضِعَ في وَجْهِ الضُّحَى فثُعَالَها
يعاندنَ في الأرسانِ أجوازَ بُرزةٍ
عتاقَ المطايا مُسنفاتٍ حبالَها
فغادرن عسبَ الوالقيِّ وناصحٍ
تَخُصُّ بهِ أمُّ الطّريقِ عِيَالَها
على كلّ خِنْذِيذِ الضُّحَى مُتمطِّرٍ
وخيْفانةٍ قَدْ هَذَّبَ الجَرْيُ آلَها
وخيْلٍ بعاناتٍ فسِنّ سُمَيْرةٍ
له لا يرُدُّ الذّائدونَ نهالَها
إذا قيل خيلَ الله! يوماً ألا اركبي
رَضِيتَ بِكفّ الأردُنيّ انسِحَالَها
إذا عرضتْ شهباءُ خطّارةُ القنا
تُرِيكَ السُّيُوفَ هزَّها واستلالها
رَميتَ بِأَبْنَاءِ العُقيميّةِ الوَغَى
يؤمّون مشيَ المُشبلاتِ ظلالَها
كأنَّهُمُ آسادُ حَلْيَةَ أصْبَحَتْ
خَوَادِرَ تحمي الخيلَ ممّن دَنا لها
إذا أخذوا أدراعهُمْ فتسربلوا
مُقَلَّصَ مَسْرُوداتِها وَمُذالها
رأيتَ المَنَايَا شَارِعَاتٍ فَلاَ تكنْ
لها سنناً نصباً وخلَّ مجالَها
وحربٍ إذا الأعداءُ أنشتْ حياضَها
وقلَّبَ أمراسُ السَّواني محالَها
وردْتَ على فُرّاطهِمْ فدهَمتَهُمْ
بأخطارِ موتٍ يلتهمنَ سِجالها
وَقَارِيَةٍ أحْوَاضَ مجدِك دونَها
ذياداً يُبيلُ الحاضناتِ سِخالَها
وشهباءَ تردي بالسَّلوقيِّ فوقَها
سنا بارقاتٍ تكرهُ العينَ خالَها
قصدتَ لها حتّى إذا ما لقيتها
ضَرَبتَ بِبُصْرِيّ الصَّفِيحِ قَذَالَها
وكُنتَ إذا نابتك يوماً مُلمَّةٌ
نبلْتَ لها -أبا الوليدِ- نبالَها
سموتَ فأدركتَ العلاءَ وإنَّما
يُلقّى عليّاتِ العُلا مَنْ سَما لها
وَصُلْتَ فَنَالتْ كفُّكَ المجدَ كلّهُ
ولم تبلُغِ الأيدي السّوامي مصالَها
على ابن أبي العاصي دِلاصٌ حصينةٌ
أجادَ المُسدّي سردَهَا وأذالَها
يؤودُ ضعيفَ القوم حملُ قتيرِها
ويستضلعُ الطِّرفُ الأشمُّ احتمالَها
وسوْدَاء مِطْراقٍ إلى آمِنِ الصَّفا
أبيٍّ إذا الحاوي دنا فصدا لَها
كففتُ يداً عنها وأرضيتُ سمعَها
من القولِ حتّى صدَّقتْ ما وعى لها
وأشعرتُها نفثاً بليغاً فلوْ ترى
وقد جُعلتْ أنْ تُرعيَ النّفثَ بالها
تسلّلتُها من حيثُ أدْركها الرُّقى
إلى الكفِّ لمّا سالمتْ وانسِلالَها
وإني امرؤٌ قَدْ كُنْتُ أَحسَنْتُ مرَّةً
وللمرءِ آلاءٌ عليَّ استطالَها
فأُقسِمُ ما مِنْ خُلَّةٍ قد خَبِرْتُهَا
من النّاسِ إلاّ قد فضلْتَ خلالَها
وَمَا ظنّةٌ في جنبكَ اليومَ منهمُ
أُزَنُّ بها إلاّ اضطلعتُ احتِمالَها
وكانوا ذوي نُعْمَى فَقَدْ حَالَ دُونَهَا
ذوو أنعمٍ فيما مَضَى فاستَحَالَها
فلا تَكْفُرُوا مروانَ آلاءَ أهلِهِ
بني عبد شمسٍ واشكروهُ فعَالَها
أبُوكمْ تَلاَفى قُبّةَ المُلْكِ بعدما
هوى سمكُها وغيّرَ النّاسُ حالَها
إذا النَّاسُ سامُوها حَيَاةً زهيدةً
هي القتلُ والقتلُ الذي لا شوى لَها
أبَى الله للشُّمِّ الألاءِ كأنّهُم
سيوفٌ أجادَ القينُ يوماً صقالَها
فلّلهِ عينا مَنْ رأى مِنْ عصابةٍ
تُناضِلُ عَنْ أحْسَابِ قومٍ نضالَها
وإنَّ أميرَ المؤمنين هو الذي
غزا كامناتِ النُّصح منّي فنالَها
وإنّي مدلٌّ أدَّعي أنَّ صُحبةً
وأسبابَ عَهْدٍ لَمْ أُقَطّعْ وصالَها
فلا تجعلنّي في الأمورِ كَعُصْبَةٍ
تبرَّأتُ منها إذْ رأيتُ ضلالَها
عدوٍّ ولا أخرى صديقٍ ونُصحها
ضعيفٌ، وبَثُّ الحقّ لمّا بدا لها
تبلّجَ لمّا جئتُ واخضرَّ عُودُهُ
وبلَّ وسيلاتي إليهِ بِلالَها