داعي المنية في البرية قد دعا

داعي المنيَّةِ في البريَّةِ قد دعا

​داعي المنيَّةِ في البريَّةِ قد دعا​ المؤلف وردة اليازجي


داعي المنيَّةِ في البريَّةِ قد دعا
لِيُنبِّه الغرقانَ في سِنَة الكَرَى
سكرَ الجميعُ بحبِّ ذي الدنيا فما
فاقَ امرُؤٌ منهم ولا أحدٌ صحا
في كلِّ يومٍ قامَ ميتٌ مُنذِرٌ
يدعو وما من سامعٍ ذاك الدُّعا
يشقى ويبني المرءُ طولَ حياتهِ
والموتُ ياتي هادماً ما قد بنى
يا وجهَ كاتبةَ الذي كَتَبَ القضا
لجمالهِ بالمحوِ يوماً فانمحى
كنا نراهُ أمسِ بدراً كاملاً
واليوم نرضى بالهلالِ فلا نرى
يا بنت موسى قد دعاكِ اللهُ من
طُورن الجَلالِ كما دعاهُ بما مضى
قد شقَّ موسى بالعصا بحراً طَغَى
ونراكِ شقَّقتِ القلوبَ بلا عصا
من بعضِ أهلِ الأرض كنتِ أمامنا
واليومَ قد أصبحتِ من أهلِ السما
قد أَنشَبَت فيكِ المنونُ سهامها
ظلماً ولم تشفق على ذَاكَ الصبِىَ
يا دُرّةً بَخُلَ الزمانُ بمثلها
فُقدَت فجادت كلُّ عينٍ بالبكا
بَكَتِ المعارفُ واللُّغاتُ تأَسُّفاً
يومَ الفراق معَ المكارمِ والتُّقَى
يا مَن إذا حُسِبَت نسآءُ بلادنا
عِقداً فأنتِ فريدةٌ بينَ النسا
يبكي الزمانُ على صبآئكِ نادباً
شِيَماً مُضَمَّخَةً بأرواحش الشذا
كنا نؤَمّلُ أن نرى لكِ عودةً
تحيا النفوسُ بها فسابقنا القضا
إن كنتِ غبتِ عن العيونِ فإنَّما
لكِ رسمُ شخصٍ لم يزل طيَّ الحَشَا
يا بينُ قد اَغمضتَ عينَ كريمةٍ
قد كانَ يُغمِضُها التأَدُّبُ والحيا
مهما طلبتَ من الفضائلِ عندَها
أَلفَيتَ كلَّ الصيدِ في جوفِ الفرا
أسفاً على شمسِ الضُّحَى أَسفاً على
بِدرِ الدُّجَى أَسفاً على غصنِ النقا
أَسِفاً على جسدٍ تضمَّنهُ الثرى
أَسفاً على الوجهِ المكلَّلِ بالبها
أسفاً على أَسفٍ وليس بنافعي
أَسَفٌ أُرَدِّدُهُ ولو طالَ المدى
فلاَبكينَّكِ ما حييتُ وإن أَمُت
فلتبكينَّكِ أَعظُمي تحت الثرى