دخلت أسيوط والآمال تعصف بي

دخلت أسيوط والآمال تعصف بي

​دخلت أسيوط والآمال تعصف بي​ المؤلف زكي مبارك


دخلت أسيوط والآمال تعصف بي
وتوقظ الوجد في أعماق وجداني
دخلتُ أسأل عن روح كلفت به
قبل الوجود بأزمان وأزمان
قد كان في الغيب من أهوائنا خبرٌ
مدثّر بين ازهار وأفنان
ما دار أسيوط ما أسرار فتنتها
لعاشقٍ بجميل الشعر فتان
أروح أبحث عن قلبي ولوعته
عند الذي بصفاء القلب أصباني
قد زاره المرض العاتي فأزهقه
وكان كالورد في ألفاف بستان
دخلت أسيوط أستشفى بطلعته
فعدت أحمل آلامي وأحزاني
يا أيها الروح لا تجزع فربّ ضنى
يصير بعد قليل طي نسيان
لن يقبل اللَه يوما أن يضام فتى
كأنه الشعر في أحلام فنان
ماضيك في صحبتي ماض أنست به
فعدت أحييه من حين لأحيان
يا أهل أسيوط ليت الطير تخبرني
بأنكم لفؤادي خير قربان
أكاد من يأس روحي في مودتكم
أظنكم عصبة من أهل أسوان
إن الذين بأمر الحب قد ملكوا
لم يتقوا الحب في إذكاء أشجاني
إن الذي جئت أشكو ما جنت يدُهُ
فصيّرتني رهين الدير والحان
هذا الغزال الكحيل العين أنذرني
بأنني سارق من أهل لبنان
أسيوط يا دارتي يا دار من شغفوا
بشاعر يقتل الأرواح شيطان
أسيوط يا بلداً صار الهيام به
يوحى الأغاريد من شعر وقرآن
أسيوط ما الزهر ما أنباء نضرته
وقد تألق نيراناً بنيران
يا دارة الورد يزهو في براعمه
هوىً يثير صباباتي وأحزاني
فتحيةٌ صغتها من مهجتي ودمي
كالزهر ينبغ في أحلام نيسان
يا أهل أسيوط لن يبقى لكم أثرٌ
إذا منيتم بإلحادي وكفراني
أكاد من لوعتي عند الهيام بكم
أمسى وأصبح في كرب وبحران
خزّان أسيوط ما ليلٌ نعمت به
ليل التقينا بوادي الإنس والجان
خزان أسيوط ردّتني إليك يدٌ
ردّ الغريب إلى أهل وأوطان
خزان أسيوط هل تدري الذي صنعت
يدُ الفراق بقلب القاطف الجاني
ما بنك مصر وإن طالت لجاجتهُ
أشقّ منك على روح الفتى العاني
يا بنك مصر أجبني كيف تأسرُني
وكيف تصبح في الأيام دياني
رشدي الذي قلت فيه الشعر يزعجني
بالحبر يكتب من آن إلى آنٍ
من فرط حبي له أشتاق غضبته
على حبيب كريم الروح هيمان
لم يبدع اللَه يوما مثل طلعته
في جنة الخلد من حور وولدان
إذا جلست إليه كدت تحسبه
من الملائك في أثواب شيطان
هات الحسابات يا دكتورُ عاجلةً
إن لم تسدد فلى أمرٌ وأمران
يقول هذا ولا يدري بما خبلت
عينان بالسحر لم توهب لفتّان
سأدفع الدين في يوم وفي سنةٍ
إن كنت في سنة الأحلام تلقاني