دعاك الحب بالشعب (بشار بن برد)

​دعاك الحب بالشعب​ المؤلف بشار بن برد


دَعَاكَ الحُبُّ بالشَّعْبِ
من الذَّلْفَاءِ بالقلب
نَأتْهُ وَنأى عَنْهَا
وَأبْدَتْ قَالةَ الْعُجْبِ
فقدْ وَقَّفنِي الهَجْرُ
مِن الْمَوْتِ عَلى جَنْبِ
وَقِدْماً ذاك مَا زال
محلَّ اللهو في القربِ
رَهِيناً بالَّذِي لاقَيْـ
تُ بين الرغب والرهبِ
فرَهْبِي مِنْك في شَعْفِي
وَمِنْ مَوْتِ الْهَوَى رَغْبِي
لقد حاربني صبري
وما سالمني حبِّي
فلا يَقْرَبُنِي هَذا
وَلا هَاذاك مِنْ حِزْبِي
وَمَا أذْنبْتُ منْ ذنْبٍ
سوى حبِّي فما ذنبي
ونومُ العين ممنوعٌ
وَمَاءُ العَيْنِ في سَكْبِ
ألاَ لاَ لاَ أرَى مِثْلِي
ومثل الشوق في قلبي
أدنِّيها من الجدوى
وتدنيني من الكرب
وقدْ قُلْتُ لها سِرًّا
وإِعْلاَناً لدى صَحْبِي:
أما حسبكِ يا أسما
ء أني منكِ في حسبِ
كَفَتْكِ الْغايةُ الدُّنْيا
مع الْقُصوى التِي تُكْبِي
وفِي أسْهلِ ما يأتِي
به كافٍ من الصَّعبِ
فلمَّا لمْ أنَلْ حَظًّا
بِمَا كَدَّرْتِ مِنْ شرْبِي
شَكَوْتُ الْقَلْبَ والذَّلْفَا
ء مع وجدي إلى ربي
فأصبحتُ بما حليتُ
من مشربي العذبِ
كَذِي الطِّبِّ تَعَنَّاهُ
وَمَا بِالْقَلْبِ مِنْ طِبِّ
وَسَاهِي النَّفْسِ مَحْزُوناً
يُزَجِّي النَّفْسَ بالْغَلْبِ
ولو يسطيعُ إذ شطَّت
على ما كان من عتبِ
حذاها وجههُ نعلاً
فلم تمشِ على التربِ
«أعَبَّادَةُ» مِنْ حُبِّـ
كِ في الأحشاء كاللهبِ
إِذَا اسْتَغْفَيْتُ أضْنَانِي
ضَنَا الْمَحْمُولِ فِي الْخُشْبِ
فَإنْ حُدِّثْتِ يَوْماً عَنْ
فتى ماتَ من الحبِّ
فَقُولي تَصْدُقِي: ذَاكُمْ
صَفِيٌّ مِن بَنِي كَعْبِ
ليالٍ منكِ أهواها
هوىً في الجدِّ واللعبِ
فَمْنْهَا لَيْلَةٌ بِالتَّا
جِ أسْهَتْ لِلْهَوَى لُبِّ