دعاها تشم آثار نجد ففي نجد

دعاها تشم آثار نجد ففي نجد

​دعاها تشم آثار نجد ففي نجد​ المؤلف لسان الدين الخطيب


دعاها تشم آثار نجد ففي نجد
هوى هاج منها ذكره كامن الوجد
ولا تصرفاها عن ورود جمامه
فكم شرقت بالريق في مورد الجهد
يذيب ثراها الشوق لولا مدامع
تحل عراها في المحاجر والخد
وتصبو إلى عهد هنالك سالف
فتبدي من الشوق المبرح ما تبدي
حملن نشاوى من سلاف صبابة
تميل بهم ميل المنعمة الملد
إذا هب هفاف النسيم تساقطوا
فكف إلى قلب وأخرى على خد
نشدتكما بالله هل تبصرانها
معالم محتها الغمائم من بعدي
عفت غير سفع كالحمام جواثم
وغير جدار مثل حاشية البرد
وموقد نار يستطير رماده
ونؤي كما دار السوار على الزند
وغير ظباء في رباها كوانس
تفيأن في أفيائها دوحة الزند
قفوا نشتكي ما نلاقي من الهوى
وننح على يوم الرحيل ونستعدي
ونهد إلى الأجفان إثمد تربها
فما اكتحلت من بعده بسوى السهد
سنسأل عن سكانها نفس الصبا
لعل نسيم الريح يخبر عن هند
إذ العيش غض والشبيبة وارف
جناها وشمل الحي منتظم العقد
مفارق ما راع البياض سوادها
وأفئدة لم تدر ما ألم الصد
ووصل كأنا منه في سنة الكرى
وعيش كأنا منه في جنة الخلد
مرابع ألا في وعهد أحبتي
سقى الله ذاك العهد منسكب العهد
وجاد به من جود يوسف ساجم
ملث همول دون برق ولا رعد
وإن أحق الغيث أن يحيي الربا
ويروي غمام صاب من منشىء المجد
إمام هدى من آل سعد نجاره
ونصر الهدى ميراثه لبني سعد
مآثره تلتاح في صحف العلا
وآثاره تستن في سنن الرشد
إذا هم أمضى الله في الأرض حكمه
وما لقضاء الله في الأرض من رد
أقول لركب ينتحي طرق السرى
ويخبط في جنح من الليل مزبد
تهادا مطاياه التهائم والربى
ويرمي به غور الفلاة إلى نجد
وقد أخلف الغيث السكوب ديارها
وأفضى بها هزل السنين إلى جد
ولم يبق منها الأزل غير حشاشة
تنازعها اللاواء في العظم والجلد
أريحوا فقد يممتم حضرة الندى
وأوردتم في مورد الرفق والرفد
بحيث بلوغ القصد ليس بنازح
لراج ولا باب الرجاء بمنسد
ولذتم من الدهر الظلوم بناصر
يرد شباة الدهر مفلولة الحد
به جمع الله القلوب على الهدى
وأذهب ما تخفي الصدور من الحقد
وأحيى رسوم الفضل وهي دوارس
وأطلع من نور الهداية لمن يهدي
فما روضة بالغور عاهدها الحيا
وحلت حبا الأنواء في ذلك العقد
وحجبها عن ناظري الشمس فانثنت
تستر في ظل من الغيم ممتد
وبث نسيم الروض فيها تحية
قريبة عهد باجتياز على الهند
وفض فتيت المسك في جنباتها
فأرعف آناف الشقائق والورد
بأعطر عرفا من أريج ثنائه
إذا نشرت آثاره صحف الحمد
أناصر دين الله وابن نصيره
على حين لا يغني نصير ولا يجدي
طلعت على الدنيا بأيمن غرة
أضاء بها نور السعادة في المهد
وكم رصدت منا العيون طلوعها
فحقق نصر الله في ذلك الرصد
ولما عرت هذه الجزيرة روعة
وأصبح فيها الرعب ملتهب الوقد
وأوجف خوف الكفر شم هضابها
تداركت منها كل واه ومنهد
هززت إلى إعزازها كل ذابل
وقدت إلى إصراخها كل ذي لبد
وشمت سيوف الحق والله ناصر
وجهزت قبل الجيش جيشا من السعد
وقلت لنفس العزم هبي وشمري
وهذا أوان الشد في الله فاشتدي
ولو لم تقد جيشا كفتك مهابة
من الله تغني عن نصير وعن جند
ولكن جنبت الجرد قبا بطونها
فأقبلن أسرابا كمثل القطا تردي
وما راع ملك الروم إلا طلوعها
بوارق تدعى بالمطهمة الجرد
وغابا من الخطي تحت ظلاله
أسود من الأنصار تفتك بالأسد
فلما استفز الذعر منك فؤاده
وحقق معنى الفضل في ذلك الحد
وما برحت والله ناصر دينه
قضاياه في عكس لديك وفي طرد
رمى بيد الإذعان للسلم رهبة
وخاطب يستدعي رضاك ويستجدي
فرحمى لحيى لم تجره فإنه
فريد وإن أضحى من القوم في عد
وأصرخ نصر الله دعوة صارخ
طويت له تحت الدجى شقة البعد
وبشرى لأرض قد سلكت بأهلها
من السنن الأرضي على واضح القصد
جمعت بها الأهواء بعد افتراقها
فأصبح فيها الضد يأنس بالضد
ويهنيك هذا العيد أسعد وافد
أتاك مع النصر العزيز على وعد
طوى البعد عن شوق وحط ركابه
ببابك باب الجود في جملة الوفد
فأوليتنا في ظله كل نعمة
هي القطر لا يحصى بحصر ولا عد
وفاضت بهتان الندى منك راحة
هي البحر لا ينفك حينا عن المد
ودونكها من بحر فكري لآلئا
تقلد في نحر وتنظم في عقد
يسير بها ركب النسيم إذا سرت
سراع المطايا في ذميل وفي وخد
تقوم بآفاق البلاد خطيبة
تترجم عن حبي وتخبر عن ودي
كأن العراقيين عند سماعها
وقد غص حفل القوم نحل على شهد
يقولون إن هبت من الحمد نفحة
فليس لهذا الند في الأرض من ند
سقى الله قطرا أطلعتك سماؤه
وبورك في مولى كريم وفي عبد