دعوت فؤادي للسلو فما أجدى
دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى
دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى
وظلَّ يخالُ الغيَّ في وجده رشدا
وما أنا من سلمى وسعدى بمأرب
فلا سلمتْ سلمى ولا سعدت سعدى
أقمتُ بأرضٍ غير أرضي وموطني
وما لي في أفنائها أنيقٌ تحدى
وأنفقتُ أيامي على غير طائل
فلا منهلاً عذباً ولا عيشة رغدا
وما اخترطت غير القتاد يدي بها
وغيري جنت من شوكها يده الوردا
تؤخرني الأيّام عّما أريده
فلم تكتسب شكراً ولم تكتسب حمدا
وقد قذفتني في البلاد يد النوى
فلم أُبْقِ غوراً ما وطئت ولا نجدا
نوىً جمعتني بعد حين بأحمد
سأوسعها شكراً وأحمدها حمدا
من المكرمين الوفد طبعاً وقلّما
رأيتُ بهذا العصر من يكرم الوفدا
قريب من الحسنى سريع إلى الندى
وما برحت إذ ذاك أيدٍ له تندى
ومستجمع للجود إمّا دعوته
دعوت مجيباً قد تهيّأ وکعتدا
إذا مُدّت الأيدي إليه أمدَّها
بجدوى يمين تورثُ الأبحرَ المدّا
كما أنّ جدوى كفِّه يورث الغنى
وقد يورث العلياء والعزَّ والمجدا
يلين لعافيه وإنْ كان قد قسا
زمانٌ على عافيه بالعسر وکشتدا
له هممٌ في المعضلات تخالها
كسمر القنا طعناً وبيض الظبا حدا
يجرّدها في كلّ أمرٍ حلاحلٍ
يقدّ بهنّ الخطب يومئذ قدا
يحل بها عقد الشدائد كلّها
فهل مثله من وُلّي الحلَّ والعقدا
يرى غاية الغايات وهي خفيةٌ
كما قد يرى خيط الصباح إذا امتدا
يضيىء لنا منه شهاب إذا دجا
دُجىً من خطوب في الحوادث وکسودّا
فنحن أناس لا يشقّ غبارهم
وأحمرة لا تلحق الضمّر الجردا
وهيهات ما بين الثريا إلى الثرى
ألا إنّ فيما بين جمعهما بعدا
ترى نفثات السّحر في كلماته
وتجني بأيدي السمع من لفظه شهدا
سانٌ كحدّ السيف أو كجنابه
به مفحم للخصم ألسنةً لدا
وهاهو في حدّ الكلام وهزله
يصوغ من الألفاظ ما يشبه العقدا
أماناً من الأيام أمسى ولاؤه
يلاحظ وقد الكلّ من يده الرفدا
وها أنا منه حيث طاشت سهامها
لبست به عن كلّ نائبة سردا
وأشكر منه أيدياً تخجل الحي
ويترك حرَّ القوم إحسانُه عبدا
عليَّ له فضل قديم وأنعمٌ
إذا عدِّدتْ لا أستطيع لها عدا
وأسدى من المعروف ما هو أهله
إليَّ وكم من نعمة منه قد أسدى
سأقضي ولن أقضي له حق شكره
وإنْ أعجزَ العبَد القضاءُ فما أدّى
وأُهدي ثنائي ما استطعت لمجده
وما غيره عندي لعلياه ما يهدى