دع الراح في راح الغواة مدارة

دعِ الرّاحَ في راحِ الغُواة مُدارةً

​دعِ الرّاحَ في راحِ الغُواة مُدارةً​ المؤلف أبوالعلاء المعري


دعِ الرّاحَ، في راحِ الغُواة، مُدارةً،
يظنّونَ فيها حَنوَةً وقَرَنفُلا
كأنّ شَذاها العِسْجَديَّ، بطَبعِهِ،
تَضَوّعَ هنديّاً، وأُودِعَ فُلفُلا
تَريعُ لها أجنادُ إبليسَ، رَغبَةً،
وتَنفُرُ، جرّاها، المَلائكُ جُفَّلا
يَضِنّ بها لمّا تطعّمَ شُربَها،
فليسَ بساخٍ أن يمجّ، ويتفُلا
غفَلتُ، ومن غزوي قفلتُ بخيبَةٍ
ولم يَعدُني ريبُ الحوادثِ مُغْفِلا
ولم أقضِ فرْضاً في مِنًى وبِلادِها؛
وكم عاجزٍ قد زارَها متنَفِّلا
ووسّعتُ دُنياكم على مَن سَعى لها،
فَما أنا آتٍ، للمَعاشرِ، مَحفِلا
سوى أنّ خطّاً في البَسيطَةٍ، ضَيّقاً،
يكونُ على شخصي، يدَ الدّهرِ، مُقفَلا
وأصمتُ صَمتاً لا تكلُّمَ بَعدَهُ،
ولا قَولَ داعٍ: يا فُلانُ ويا فُلا
فَما دِرْهَمي إنْ مَرّ بي مُتَلَبّثاً،
ولا طَفلَ لي حتى تَرى الشّمس مُطفِلا
ويرْزقني اللَّهُ، الذي قام حكْمُهُ،
بأرزاقِنا في أرضِه، متكفِّلا