دع عنك ذكر المنحنى وزرود

دع عنك ذكر المنحنى وزرود

​دع عنك ذكر المنحنى وزرود​ المؤلف إبراهيم اليازجي


دع عنك ذكر المنحنى وزرود
ومسارح الآرام وسط البيد
واترك حداة العيس واقفة على
طلل الأحبة بالنياق القود
تدعو رسوم ديارهم ويشوقها
نظر المرابض والأثافي السود
ويروعها صوت الغراب وقد دعا
فقضى بوشك البين والتبديد
عهد طوى مر الزمان قديمة
والدهر مفتون بكل جديد
تتناسخ الأطوار فيه وينسخ المشهود
منها أرسم المعهود
سل مشرق الغبراء عما فاته
من حسن طالع غربها المسعود
أرض لقد خفقت بيارق مجدها
في الخافقين على الفضا الممدود
بهرت عقول العالمين بما أرت
من كل فضل في الورى مشهود
هرمت بمن سبقوا العصور وجئنها
بعد المشيب بنضرة الأملود
أحيت تلاد الأولين وفوقه
قد جاء طارفها بألف تليد
وأصاب نجم الشرق فيها مطلقاً
فيه استبعاد سناه بعد خمود
وتجددت آثار من سلفوا وقد
درجوا وفازت بعدهم بخلود
جهد لعمري لو أصاب رميمهم
يوماً لعاشوا في الثرى الملحود
الله أكبر تلك همة مالك
وسع الأنام بفضله المحمود
أبدا لنا وأعاد كل عظيمة
فله الفدى من مبدىء ومعيد
ملك أحلته أسوج وذكره
يطوى من الآفاق كل بعيد
ضم الصفائح والصحائف في يد
ضمت من الأخطار كل مجيد
فأصاب في الأملاك أشهر موضع
وغدا لأهل العلم خير عميد
وغدا يساق له الثثاء مبارياً
من كل قطر عدو كل بريد
يا كوكب القطب الشهير ومن غدا
قطب العظائم والعلى والجود
هذا شعاعك بات يهدى ضوءه
تحت الدجنة طرف كل شريد
ولقد سنت لكل فضل منهجاً
بك أهله تأتم هدى رشيد
ورفعت بند العلم فاحتشدت له العلماء
تحت لوائك المعقود
نزلوا على كنف كريم عنده
نعموا بظل من نداك مديد
وأنلتهم شرفاً به حمدوا الذي
ألفوه من نصب ومن تسهيد
وتعرفت فيك العلوم بأنها
فخر لكل مسود ومسود
ولقد كساني حسن رأيك حلة
غضت محاسنها عيون حسودي
قلدتني فخراً غدا لي حجة
فتناولوا البرهان من تقليدي
رسم رأيت به جلالك مائلاً
فنكصت بين مهابة وسجود
شرف لصدري وهو أرفع منزلاً
من أن يحل بلبة أو جيد
فلك الثناء على مدحة منعم
ما إن يقابل فضله بجهود
قصرت في مدحك حتى تاح لي
قدر الوفا فنشطت بعد قعودي
ورأيت وجهك في أجل مصور
رسمتك فيه حكمة المعبود
فرع لدوحتك الشريفة قد أتى
من عزك المرفوع تحت بنود
وريان تقدمه السعود إذا مشى
ريحف من ملأ السماء بجنود
شخصت لموكبه العيون فأبصرت
بدراً تألق في غمام وفود
ولقد أقول لثغر بيروت أبتسم
بلقاء أبناء الملوك الصيد
وأفاك من طربت لمقدمة ربى
لبنان فاتشحت ببيض برود
هذا ابن أسكار العظيم قد انجلت
بالسعد غرة نجمة المرصود
نعشت بشائره المنى فتهلك
قبل اللقاء بوفده الموعود
وافي فحياه سهيل ورفرف النسر
المجيد مصفقاً في العود
هو صفوة الشرف العريق مسلسلاً
من عهد آباء له وجدود
يبدو جلال الملك فيه ممثلاً
كتمثل الصهباء في العنقود
ألف المعالي ناشئاً في حجرها
فوفى لها بأواصر وعهود
وجرى على آثار أكرم والد
أضحى بنوه فخر كل وليد
بيت لقد ورفت جوانب ظله
ورنا على ركن أشم وطيد
بذلك لسؤدده القلوب ودادها
طوعاً ونال قياد كل مريد
وإليك يا تاج الكرام عقيلة
وقفت بعالي بابك المقصود
خجلت لتقصيري لديك وفاخرت
بثناك عقد اللؤلؤ المنضود
عز الوفاء على الضعيف وأين من
طور المعالي منك طور نشيدي
فإذا عذرت ففي أناتك مذهب
وإذا اعتذرت فمبلغ المجهود