دلائل النبوة للأصبهاني

​دلائل النبوة​ المؤلف أبو نعيم الأصبهاني
ملاحظات:


فمن علامات نبوة النبي ما كان قبل مولده 1 - ما أخبرنا أحمد بن علي انبا هبة الله بن الحسن انبا محمد بن عبدالرحمن بن العباس ثنا عبدالله بن محمد البغوي ثنا علي بن الجعد ثنا فرج بن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله ما كان بدؤ أمرك قال دعوة إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي خرج منها نورا أضاءت لها قصور الشام فصل ومن علامات نبوته في حال صباه 2 - أخبرنا أحمد بن علي انبا هبة الله بن الحسن انبا محمد بن الحسين الفارسي انبا جعفر بن محمد الحسن بن عبدالعزيز الجروي ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام ثنا أبو داود الطيالسي ثنا جعفر بن عبدالله بن عثمان القرشي حدثني عمر بن عروة بن الزبير قال سمعت عروة بن الزبير يحدث عن أبي ذر الغفاري رضي الله قال قلت يا رسول الله كيف علمت أنك نبيا أول ما علمت حتى علمت ذاك واستيقنت قال يا أبا ذر أتاني ملكان وأنا ببطحاء مكة فوقع أحدهما في الأرض والآخر بين السماء والأرض فقال أحدهما لصاحبه أهو هو قال هو هو قال زنه برجل فوزنت رجل فرجحته ثم قال زنه بعشرة فوزنوني بعشرة فوزنتهم فرجحتهم ثم قال زنه بمائة فوزنوني بمائة فرجحتهم ثم قال زنه بألف فوزنوني بألف فرجحتهم فجعلوا ينشرون علي من كفة الميزان فقال أحدهما للآخر لو وزنته بأمته رجحها ثم قال أحدهما لصاحبه شق بطنه فشق بطني ثم قال أحدهما لصاحبه اخرج قلبه أو قال شق قلبه فشق قلبي فأخرج مغزى الشيطان علق لدم فطرحها ثم قال أحدهما للآخر اغسل بطنه غسل الإناء وقلبه غسل الملاءة ثم رمى بسكينة كأنه زمردة بيضاء فأدخلت قلبي ثم قال أحدهما للآخر خط بطنه فخاط

بطني فجعل الخاتم بين كتفي فما هو الا أن وليا عني فكأنما أعاين الأمر معاينة 3 - أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن الصابوني انبا عبدالغافر الفارسي انا محمد بن عيسى ثنا إبراهيم بن سفيان ثنا مسلم ثنا شيبان بن فروخ ثنا حماد بن سلمة ثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلامان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني حليمة فقالوا إن محمدا قد قتل فاستقبلوه وهو منتقع اللون قال أنس رضي الله عنه وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره وفي رواية أنس عن أبي ذر رضي الله عنهما أن رسول الله قال فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله من ماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب مملوء حكمة وإيمانا فأفرغها في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي السماء وذكر حديث الإسراء وفي رواية أنس عن مالك بن صعصعة رجل من قومه قال قال نبي الله بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان اذ سمعت قائلا يقول أحد ليسلمه بين الرجلين فأتيت فانطلق بي فأتيت بطست من ذهب فيها من ماء زمزم فشرح صدري الى كذا وكذا قال قتاده قلت للذي معي ما يعني قال إلى أسفل بطنه فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ثم أعيد مكانه ثم حشي إيمانا وحكمة ثم أتيت بدابة أبيض يقال له البراق فوق الحمار ودون البغل يقع خفه عند انقضاء طرفه فحملت عليه ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الدنيا وذكر حديث المعراج فصل ومن علامات نبوته ما روي من انشقاق القمر 4 - انبا أبو محمد السمرقندي انبا عبدالصمد العاصي ثنا أبو العباسي البجيري ثنا أبو حفص البجيري ثنا عبد بن حميد ثنا عبدالرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال سأل أهل مكة النبي آية فانشق القمر بمكة فنزلت اقتربت الساعة وانشق القمر وفي رواية عبدالله رضي الله عنه انشق القمر على عهد رسول الله شقتين فقال لنا رسول الله اشهدوا اشهدوا

فصل ومن علامات نبوته ما روى أنهم كانوا يسمعون تسبيح الطعام وهو يؤكل وما روي أن الماء جعل ينبع من بين أصابعه 5 - أخبرنا أبو محمد يحيى بن أحمد انبا عبدالصمد العاصمي انا أبو العباس البجيري ثنا أبو حفص البجيري ثنا محمد بن بشار ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله رضي الله عنه قال إنكم تعدون الآيات عذابا وإنا كنا نعدها بركة على عهد رسول الله لقد كنا نأكل مع النبي الطعام ونحن نسمع تسبيح الطعام قال وأتى النبي بإناء فوضع يديه فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابعه قال النبي حي على الطهور المبارك والبركة من السماء حتى توضأنا كلنا 6 - أخبرنا محمد بن عبدالله الشاهد انا القاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدالرحمن ثنا عبدالله محمد بن مندوية ثنا ابن حكيم ثنا إبراهيم بن نصر ثنا أبو نعيم ثنا مسعر عن عبدالجبار بن وائل بن حجر حدثني أهلي عن أبي قال أتي النبي بدلو من ماء فشرب ثم مج في الدلو ثم صب في البئر ففاح فيها ريح المسك فصل 7 - أخبرنا عبدالرزاق بن عبدالكريم في كتابه انا أبو طاهر عمر بن محمد المسوحي انا أحمد بن محمد بن اسماعيل المهندس في كتابه ثنا علي بن الحسن بن خلف ثنا عبدالرحمن ابن عبدالله عبدالحكم المقرىء ثنا عبدالرحمن بن زياد بن أنعم ثنا زياد بن نعيم قال سمعت

زياد بن الحارث الصدائي قال أتيت رسول الله فبايعته على الإسلام فأخبرت أنه قد بعث جيشا إلى قومي فقلت يا رسول الله اردد الجيش وأنا لك بإسلام قومي وطاعتهم قال اذهب فردهم قلت يا رسول الله إن راحلتي قد كلت ولكن ابعث إليهم رجلا قال فبعث إليهم رسول الله رجلا وكتبت معه إليهم فردهم قال الصدائي فقدم وفدهم بإسلامهم فقال لي رسول الله يا أخا صداء انك المطاع في قومك قلت بل الله هداهم للإسلام قال رسول الله أفلا أؤمرك عليهم قلت بلى فكتب لي كتابا قلت يا رسول الله مر لي بشيء من صدقاتهم فكتب لي كتابا آخر بذلك وكان ذلك في بعض أسفاره فنزل رسول الله منزلا فأتى أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم يقولون أخذنا بشيء كان بيننا وبينه في الجاهلية فقال رسول الله أو فعل قالوا نعم فالتفت لأصحابه وأنا فيهم فقال لا خير في الإمارة لرجل مؤمن قال الصدائي فدخل قوله في نفسي ثم انه أتاه آخر فقال يا رسول الله أعطني فقال رسول الله من سأل الناس عن ظهر غنى فهو صداع في الرأس وداء في البطن فقال السائل فأعطني من الصدقة فقال رسول الله إن الله لم يرض فيه بحكم نبي ولا غيره حتى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك أو أعطيناك حقك قال الصدائي فدخل ذلك في نفسي لأني سألته من الصدقات وأنا غني ثم إن رسول الله اعتشى من أول الليل فلزمته وكنت قويا وكان أصحابه ينقطعون عنه ويستأخرون حتى لم يبق معه غيري فلما كان أوان صلاة الصبح أمرني فأذنت وجعلت أقول أقيم يا رسول الله فينظر إلى ناحية المشرق فيقول لا حتى إذا طلع الفجر نزل فتبرز ثم انصرف إلي وقد تلاحق أصحابه فقال هل من ماء يا أخا صداء فقلت لا الماء شيء قليل لا يكفيك قال اجعله في أناء ثم ائتني به ففعلت فوضع كفه في الإناء فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور فقال لولا أني أستحي من ربي يا أخا صداء لسقينا واستقينا ناد في الناس من له حاجة بالماء فناديت فيهم فأخذ من أراد منهم ثم جاء بلال وأراد أن يقيم فقال رسول الله إن أخا صداء هو أذن ومن أذن فهو يقيم قال الصدائي فأقمت فلما قضى رسول الله صلاته أتيته بالكتابين فقلت يا رسول الله أعفني من هذين فقال وما ذاك فقلت اني سمعتك تقول لا خير في الامارة لرجل مؤمن وأنا أومن بالله ورسوله وسمعتك تقول

للسائل من سأل عن ظهر غنى فهو صداع في الرأس وداء في البطن وقد سألتك وأنا غني فقال رسول الله هو ذاك إن شئت فاقبل وان شئت فدع فقال رسول الله فدلني على رجل أؤمره عليهم فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه فأمره علينا ثم قلنا يا رسول الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها واجتمعنا عليها وإذا كان من الصيف قل ماؤها وتفرقنا على مياه حولنا وقد أسلمنا وكل من حولنا عدو فادع الله لنا في بئرنا أن يسعنا ماؤها فنجتمع عليها ولا نتفرق قال فدعا بسبع حصيات ففركهن ودعا فيهن ثم قال اذهبوا بهذه الحصيات فإذا أتيتم البئر فألقوا واحدة واحدة واذكروا اسم الله فما استطعنا بعد ذلك أن ننظر في قعرها يعني البئر 8 - أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن علي السمسار انبا إبراهيم بن عبدالله التاجر أخبرنا أحمد بن محمد بن سليم المخرمي ثنا الزبير بن بكار ثنا أبو ضمرة عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه أخبره أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقا لرجل من اليهود فاستنظره جابر فأبى أن ينظره فكلم رسول الله ليشفع له إليه فجاء رسول الله فكلم اليهودي ليأخذ ثمرة نخلة بالدين وأبى ودخل رسول الله النخل فمشى فيها ثم قال لجابر جد له فأوفه الذي له فجد له بعدما رجع رسول الله فأوفاه ثلاثين وسقا وفضلت له سبعة عشر وسقا فجاء جابر إلى رسول الله ليخبره بالذي فعل فوجد رسول الله يصلي العصر فلما أنصرف رسول الله جاءه فأخبره أنه قد أوفاه وأخبره بالفضل الذي فضل له فقال رسول الله أخبر عمر فذهب جابر إلى عمر رضي الله عنهما فأخبره فقال له عمر رضي الله عنه لقد علمت حين مشي فيها ليباركن الله تعالى فيها 9 - أخبرنا محمد بن أحمد انا إبراهيم أنا محمد بن محمد بن سليم ثنا الزبير ثنا أبو غزية عن فليح بن سليمان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله في بعض مغازيه فأرملوا فجاء من أصحابه يستأذنون في نحر إبلهم فأذن لهم فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله إبلهم تحملهم وتبلغهم عدوهم بل ادعهم بغبرات الزاد فجاء الناس بما بقى معهم

فجمعه ثم دعا بالبركة ثم دعا بأوعيتهم فملاؤا كل وعاء وفضل فضل كثير فقال رسول الله عند ذلك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني عبده ورسوله من لقي الله تعالى غير شاك دخل الجنة قال الإمام رحمه الله الجد القطع يقال جددت الثمرة أجد إذا صرمته وأيام الجداد أيام الصرام والوسق الحمل والإنظار التأخير والتأجيل وأرملوا نفد زادهم والغبرات البقايا يقال غبر إذا بقي 10 - أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندي انا عبدالصمد العاصمي نا أبو العباس البجيري نا أبو حفص البجيري نا محمود بن خداش ثنا مروان بن معاوية ثنا عوف الأعرابي عن أبي رجاء العطاردي ثنا عمران بن حصين الخزاعي قال كنا مع رسول الله في سفر وإنا سرينا ليلة حتى إذا كان في أخر الليل وقعنا تلك الوقعة ولا وقعة عند المسافر أحلى منها قال فما أيقظنا إلا حر الشمس فكان أول من استيقظ فلان ثم فلان يسميهم أبو رجاء ويسميهم عوف ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرابع وكان رسول الله إذا نام لم نوقظه حتى يكون هو الذي يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه فلما استيقظ عمر فرأى ما قد أصاب الناس وكان رجلا جليدا أجوف جعل يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته رسول الله فلما استيقظ اشتكى الناس إليه الذي أصابهم فقال لا ضير قال عوف أو قال لا يضير فارتحلوا فارتحلوا وكان غير بعيد ثم نزل فنودي للصلاة فصل بالناس فلما سلم إذا برجل معتزل لم يصل مع الناس فقال رسول الله ما لك لم تصل مع الناس قال أصابتني جنابة يا رسول الله ولا ماء قال عليك بالصعيد فإنه يكفيك ثم سار فلما سار شكا الناس إليه العطش فدعا فلانا يسميه أبو رجاء ونسيه عوف ودعا عليا رضي الله عنه وقال لهما اذهبا وابغيا الماء فانطلقا فيلقيان امرأة على بعير لها من مزادتين من ماء أو سطيحتين فقال لها متى عهدك بالماء فقالت امس هذه الساعة قالت نفرنا خلوف فقالا انطلقي إذا قالت أين قالا إلى رسول الله قالت إلى هذا الذي يقال الصابيء قال هو الذي تعنينه انطلقي فجاءا بها إلى رسول الله فحدثا الحديث فاستنزلوها عن بعيرها ودعا رسول الله بإناء فأفرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين ثم مضمض ثم أعاده

في الإناء ثم أعاده في أفواههما وأوكاهما وأطلق العزالي ونودي في الناس أن اسقوا واستستقوا فسقى من سقى واستقى من استقى وآخر ذلك أن أعطى الرجل الذي أصابته الجنابة إناء من ماء وقال له أفرغه عليك وهي قائمة تنظر إلى ما يصنع بمائها قال وأيم الله لقد أقلع عنها حين أقلع وإنه لا يخيل إليها أنها أشد ملآة مما كانت حيث ابتدأ فيها فقال رسول الله ما رزأناك من ماءك من شيء ولكن الله هو سقانا فقال رسول الله اجمعوا لها فجمعوا لها بين دقيقة وسويقة وعجوة حتى جمعوا لها منه طعاما فجعلوه في ثوب ثم حملوه بين ثديها فأتت أهلها وقد احتبست عليهم فقالوا ما حبسك يا فلانة فقالت العجب لقيني رجلان فذهبا بي إلي هذا الذي يقال له الصابيء ففعل بماءي كذا وكذا للذي كان فوالله إنه لأخير من بين هذه وهذه تعني السماء والأرض وإنه لرسول الله حقا وكان المسلمون من بعد يغيرون على من حولهم ولا يصيبون القوم التي هي منهم فقالت لقومها والله ما أدري عن عمد يدعنا هؤلاء أما لكم في الإسلام فطاوعوها فجاءوا جميعا فدخلوا في الإسلام قال الإمام رحمه الله وقعنا تلك الوقعة أي نمنا تلك النومة الثقيلة قوله كان رجلا جليدا أجوف أي قويا رفيع الصوت والمزادة القربة الكبيرة وكذلك السطيحة وقولها ونفرنا خلوف أي غاب الرجال وبقي النساء والصبيان وأفرغ أي صب والعزالي جمع العزلاء وهي فم القربة من جانبها وأقلع أي كف وأمسك والملآة الامتلاء ما رزأناك أي ما نقصناك فابغيانا أي فابغيا لنا يقال بغيته الشيء أي طلبته له والهاء في دقيقة وسويقة تدل على القلة أي قطعة من الدقيق قليلة وكذلك السويق والصرم أبيات مجتمعة ونفر يسير وقوله أوكاهما أي شد أفواههما فصل 11 - أخبرنا حكيم بن أحمد الاسفراييني قدم علينا انا جدي أبو الحسن علي بن محمد الاسفراييني ثنا الأصم ثنا إبراهيم بن سليمان البرلسي ثنا ضرار بن صرد ثنا عائذ ابن حبيب عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبدالله المدني قال سمعت عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما يقول كان فلان يجلس إلي النبي فإذا تكلم النبي اختلج

بوجهه فقال له النبي كن كذلك فلم يزل يختلج حتى مات قال الإمام الاختلاج الارتعاد كان يحرك شفتيه وذقنه استهزاء بالنبي يحكي ما فعل النبي فدعا عليه النبي فبقي كذلك يرتعد بوجهه إلى أن مات فصل في ذكر رجل من اليهود أخبر بما أنزل الله تعالى في التوراة من صفة محمد صلى الله عليه وسلم في مرضه وآمن به ثم مات 12 - أخبرنا أبو زكريا قال وجدت في كتاب جدي أبي عبدالله أن محمد بن سعد وعلي بن محمد بن نصر وأحمد بن إسحاق قالوا ثنا محمد بن أيوب ثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي عبيدة بن عبدالله ابن مسعود عن أبيه أنه قال ابتعث الله نبيه بإدخال رجل الجنة فدخل الكنيسة فإذا هو بيهود يقرأون التوراة فأتوا على صفة النبي فلما رأوا النبي أمسكوا وفي ناحية الكنيسة رجل مريض فقال رسول الله ما لكم أمسكتم فقال المريض إنهم أتوا على صفة نبي فأمسكوا ثم جاء المريض يحبو حتى أخذ التوراة فقرأها حتى أتى على صفة النبي وأمته فقال هذه صفتك وصفة أمتك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ثم مات فقال رسول الله لوا أخاكم 13 - قال أبو عبدالله وأخبرنا محمد بن عبدالله بن المنذر وعلي بن نصر قالا ثنا محمد بن أيوب ثنا أبو سلمة ثنا حماد بن سلمة ثنا سعيد الجريري عن عبدالله بن قدامة ابن صخر العقيلي حدثني أعرابي قال قدمت المدينة بجلوبة لي فقلت لأسمعن من هذا الرجل فأتيت النبي وهو بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما واضع يديه عليهما قال ورجل يقرأ التوراة على ابن له مريض فقال النبي أنشدك بالذي أنزل التوراة عليكم هل تجد صفتي ومخرجي فقال لا فوضع يديه على الصفة فقال إبنه بلى والذي أنزلها إن فيه لصفتك وصفة أمتك ومخرجك وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ثم مات فقال رسول الله لوا أخاكم قال الإمام يحبو أي يمشي على عجزه كما يفعل الصبي الطفل الذي لا يقدر على القيام وقوله لوا أمر الجماعة من قولك ولي يلي على وزن قوا أنفسكم أي تولوا غسله وتكفينه

ودفنه والجلوبة الإبل التي تجلب من مكان إلى مكان فصل في ذكر العكة التي كانت فارغة فعادت ممتلئة قال أهل اللغة العكة وعاء السمن 14 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح انا عبدالرحمن بن أبي بكر ثنا عبدالله بن محمد ابن محمد ثنا أحمد بن عمرو ثنا شيبان بن فروخ ثنا محمد بن زياد البرجمي ثنا أبو ظلال عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن أمه رضي الله عنها قالت كانت لي شاة فجمعت سمنها في عكة فبعثت بها مع زينب فقلت يا زينب أبلغي هذه العكة رسول الله يأتدم بها قالت فجاءت زينب بها إلى النبي فقالت يا رسول الله هذه سمن بعثت بها أم سليم قال ففرغوا لها عكتها ففرغت العكة ودفعت إليها فجاءت وأم سليم ليست في البيت فعلقت العكة على وتد فجاءت أم سليم فرأت العكة ممتلئة تقطر سمنا فقالت يا زينب أليس أمرتك أن تبلغي هذه العكة رسول الله يأتدم بها قالت قد فعلت فإن لم تصدقيني فتعالي معي إلى رسول الله قال فذهبت أم سليم وزينب معها إلى رسول الله فقالت يا رسول الله إني بعثت إليك معها بعكة فيها سمن فقال قد جاءت بها فقالت والذي بعثك بالهدى ودين الحق إنها ممتلئة سمنا تقطر فقال النبي أتعجبين أم سليم أن الله أطعمك كما أطعمت نبيه 15 - وثنا أحمد بن عمرو ثنا أبو بكر ثنا محمد بن فضيل ثنا عطاء بن السائب عن يحيى بن جعدة عن جدته قال جاءت أم مالك الأنصارية بعكة سمن إلى رسول الله فأمر رسول الله بلال فعصرها ثم دفعها إليها فرجعت فإذا هي مملوءة فأتت النبي فقالت نزل في شيء يا رسول الله قال وما ذاك يا أم مالك قالت رددت علي هديتي قال فدعا بلال فسأله عن ذلك فقال والذي بعثك بالحق لقد عصرتها حتى استحييت فقال رسول الله هنيئا لك يا أم مالك هذه بركة عجل الله لك ثوابها

فصل 16 - أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن هارون انا أبو بكر بن مردويه ثنا محمد ابن علي بن دحيم ثنا أحمد بن حازم الغفاري ثنا بكر بن عبدالرحمن القاضي ثنا زياد ابن عبدالله البكائي ثنا محمد بن إسحاق ح قال أبو بكر بن مردويه وثنا محمد بن سعيد ابن داود ثنا علي بن محمد بن سعيد ثنا منجاب بن الحارث قال قال إبراهيم بن يوسف عن زياد بن عبدالله عن ابن إسحاق ح قال أبو بكر بن مردويه وثنا سليمان بن أحمد ثنا الحسن بن العباس الرازي ثنا سهل بن عثمان ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق ح قال أبو بكر بن مردويه وثنا سليمان ثنا محمد بن عبدالله الحضرمي ثنا ابن نمير ثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال حدثني سلمان حديثه من فيه قال كنت رجلا فارسيا من أهل اصبهان من قرية يقال لها جي وكان أبي دهقان قريته وكنت أحب خلق الله إليه فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار أوقدها لا أتركها تخبو ساعة وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل يوما فقال لي يا بني إني قد شغلت هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها فطالعها وأمر فيها ببعض ما تريد ثم قال لي لا تحتبس علي فإنك إن احتبست علي كنت أهم إلي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمري فخرجت أريد ضيعته أسير إليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلواتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الذي نحن عليه فما برحت من عندهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي ثم قلت لهم من أبصركم بهذا الدين قالوا رجل بالشام ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وقد شغلته عن عمله قال أي بني أين كنت ألم أعهد إليك ما عهدت قلت إني مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فدخلت إليهم فما زلت عندهم وهم يصلون حتى غربت الشمس قال أبي أي بني ليس في ذلك الدين خير دينك ودين أبائك خير منه ثم حبسني في بيته وبعثت إلى النصارى فقلت إذا قدم عليكم ركب الشام فأخبروني

بهم فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل الدين علما قالوا الأسقف في الكنيسة فجئته فقلت إني قد رغبت في هذا الدين وأتعلم منك فأصلي معك قال فادخل فدخلت وكان رجل سوء يأمر بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه فلم يعط إنسانا منها شيئا حتى جمع قلالا من ذهب وورق فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا قالوا وما علمك بذلك قلت لهم فأنا أدلكم على كنزه قالوا فدلنا عليه فدللتهم عليه فاستخرجوه ذهبا وورقا فلما رأوها قالوا والله لا ندفنه أبدا فصلبوه ثم رجموه بالحجارة وكان ثم رجل آخر فجعلوه مكانه قال يقول سلمان فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه فأحببته حبا لم أحبه شيئا قط فمازلت معه زمانا ثم حضرته الوفاة فقلت له يا فلان إني كنت معك فأحببتك حبا لم أحبه شيئا قط وقد حضرك ما ترى من أمر الله فإلى من توصي بي وما تأمرني قال أي بني والله ما أعلم أحدا على ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا كثيرا مما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل وهو فلان وهو على ما كنت عليه فالحق به فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يافلان إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره قال فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فما لبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت له يا فلان إن فلانا أوصى بي إليك وأمرني أن ألحق بك وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وما تأمرني قال يا بني ما أعلم بقي أحد آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية بأرض الروم على مثل ما نحن عليه فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري فقال أقم عندي فأقمت عند رجل على هدي أصحابه وأمرهم واكتسبت حتى كانت عندي بقيرات وغنيمة ثم نزل به أمر الله فلما حضر قلت له يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلي فلان ثم أوصى

بي فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وإلى من تأمرني قال والله ما أعلم أصبح على مثل ما نحن عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ولكن قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم عليهما السلام بأرض العرب إلى أرض أظنه قال ذات نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه قالوا نعم فأعطيتهم وحملوني معهم حتى إذا قدموا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي فكنت عنده فرأيت النخل فرجوت البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من بني قريظة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة فوالله ما هو إلا أن رأيتها عرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها فبعث الله رسوله وأقام بمكة ما أقام ما أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف علي فقال قاتل الله ابني قيلة والله إنهم ليجتمعون على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي فلما سمعتها أخذني الفرح حتى ظننت أني ساقط على سيدي ونزلت عن النخلة وجعلت أقول لابن عمه ذلك ما تقول فغضب سيدي فلطمني لطمة شديدة ثم قال ما لك ولهذا أقبل على عملك قلت لا شيء إنما أردت أن أستثبته عما قال وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت إلى رسول الله وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له إنه بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي صدقة فرأيتكم أحق به من غيركم وقربته إليه فقال رسول الله لأصحابه كلوا وأمسك هو فلم يأكل منه فقلت في نفسي هذه واحدة ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا وتحول رسول الله إلى المدينة ثم جئته فقلت رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله منها وأمر أصحابه فأكلوا فقلت في نفسي هاتان ثنتان ثم جئت رسول الله ببقيع الغرقد قد اتبع جنازة رجل من الأنصار وهو جالس فسلمت عليه ثم استدرت أنظر هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله استدرت عرف

أني أستثبت من شيء وصف لي فألقى ردائه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال لي رسول الله تحول فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس فأعجب رسول الله أن يسمع ذلك أصحابه ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله بدر وأحد ثم قال رسول الله كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له وبأربعين أوقية فقال رسول الله أعينوا أخاكم فأعانوني الرجل بثلاثين والرجل بعشرين والرجل بخمس عشرة والرجل بعشر والرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاثمائة نخلة فقال لي رسول الله يا سلمان فأرني حتى أكون أنا أضعه بيدي ففقرت لها وأعانني أصاحبي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته فخرج رسول الله معي إليها فجعلت أقرب إليه الودي ويضعه رسول الله بيده ما مات منها ودية واحدة فأديت النخل وبقي علي المال فأتى رسول الله بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي فقال ما فعل الفارسي المكاتب فدعيت له فقال خذ هذه فأد ما عليك فقلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي فقال خذها فإن الله سيؤديها عنك فوزنت له منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية وأوفيتهم حقهم وعتق سلمان وشهد مع رسول الله الخندق ثم لم يفته مشهد قال الإمام رحمه الله قوله قاطن النار يعني الذي يقوم بتعهدها وإيقادها تخبو أي تطفىء ويقال خبت النار إذا أطفئت وقوله ابني قيلة يعني الأوس والخزرج والعذق النخلة ففقرت أي حفرت حفيرة يغرس فيها النخل والودي النخل الصغار تغرس فصل 17 - أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي انا أبو طاهر المخلص ثنا عبدالله بن محمد البغوي ثنا عبدالله بن مطيع ثنا إسماعيل بن جعفر ثنا حمد ح قال البغوي وحدثني جدي وهارون بن عبدالله وابن زنجويه قالوا ثنا يزيد بن هارون انا حميد قال سئل انس ابن مالك رضي الله عنه هل كان رسول الله يرفع يديه في الدعاء قال نعم بينا هو جمعة يخطب الناس فقيل يا رسول الله قحط المطر وأجدبت الأرض فادع الله عز

وجل فرفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه فاستسقى وما أرى في السماء سحابة فما قضينا الصلاة حتى إن الشاب القريب الدار ليهمه الرجوع الى أهله فدامت جمعة فلما كانت الجمعة قالوا يا رسول الله تهدمت البيوت واحتبس الركبان وهلك المال فتبسم رسول الله ثم قال بيديه هكذا ففرق بين يديه اللهم حوالينا ولا علينا قال فتكشطت عن المدينة قال الإمام رحمه الله قال أهل اللغة احتباس المطر والجدب ضد الخصب وأهمه الأمر أي أحزنه وأزعجه وقوله حوالينا أي أمطر حولنا فتكشطت أي فتكشفت والكشط القشر 18 - أخبرنا محمد بن أحمد السمسار انا إبراهيم بن عبدالله بن خورشيد قوله انا أبو عيسى حمزة بن الحسين السمسار ثنا طاهر بن خالد ثنا أبي ثنا القاسم بن مبرور عن يونس الأيلي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت شكا الناس إلى رسول الله قحوط المطر قال فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه قالت فخرج رسول الله حين بدا حاجب الشمس وقعد على المنبر ثم قال إنكم شكوتم جدب جنابكم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم ان يستجيب لكم ثم قال الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد من ذلك لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث وتجعل ماءه لنا قوة وبلاغا إلى حين ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى يرى بياض إبطيه ثم حول الى الناس ظهره وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ثم نزل فصلى بنا ما شاء الله وما يرى سحاب فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله فلم يأت مسجده حتى سال السيول فضحك حتى بدت نواجذه وقال أشهد أن الله على كل شيء قدير وأني عبده ورسوله قال الإمام رحمه الله قال أهل اللغة الجناب الفناء والناحية واستئخار المطر مصدر استأخر أي تأخر والإبان الوقت البلاغ الكفاية

فصل في سجود الشجر والحجر له 19 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب بن أبي عبدالله أنا والدي أنا أحمد بن محمد ابن زياد ومحمد بن يعقوب قالا ثنا عباس بن محمد الدوري ثنا قراد أبو نوح ثنا يونس ابن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي خرج مع أبي طالب إلى الشام في تجارة فلقيه راهب وفي رواية فخرج معه رسول الله بأشياح قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رواحلهم فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله فقال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين هذا يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ قريش ما علمك قال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدون إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به وكان هو عليه السلام في رعية الإبل فقال أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة فلما جلس مال فيء الشجرة عليه فقال انظروا إلى فيء هذه الشجرة مال عليه قال فبينا هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم إذا رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه فالتفت فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال ما جاءكم قالوا جئنا لهذا النبي بلغنا أنه خارج في هذه الطريق ولم يبق طريق إلا وقد بعث إليه ناس وإنا أخبرنا خبره فمضينا إلى طريقك فقال لهم هل خلفتم خلفكم أحدا هو خير منكم قالوا لا إنما أخبرنا خبره أو قال اخترنا خيرة فمضينا إلى طريقك هذا قال أفرأيتم أمر أراد الله تعالى أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا لا قال فتابعوه وأقاموا قال فأتاهم فقال أنشدكم أيكم وليه فقال أبو طالب قال فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت 20 - وأخبرنا أبو عمر انا والدي انا عمر بن الربيع بن سليمان ثنا بكر بن سهل ثنا عبدالغني بن سعيد الثقفي ثنا موسى بن عبدالرحمن الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه ح وعن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس

رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه صحب النبي وهو ابن عشر والنبي ابن عشرين سنة وهم يريدون الشام في تجارة حتى إذا نزلوا منزلا فيه سدرة قعد رسول الله في ظلها ومضى أبو بكر رضي الله عنه إلى راهب يقال له بحيرا يسأله عن شيء فقال له من الرجل الذي في ظل السدرة فقال له ذلك محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب فقال هذا والله نبي ما استظل تحتها بعد عيسى بن مريم عليه السلام إلا محمد ووقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق فلما نبىء النبي فصل 21 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي انا عبدالصمد العاصمي ثنا أبو العباس البجيري ثنا أبو حفص البجيري حدثني أبي ثنا أبو نعيم ثنا عبدالواحد بن أيمن قال سمعت أبي عن جابر رضي الله عنه قال إن رسول الله كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل يا رسول الله ألا نجعل لك منبرا قال إن شئتم فجعلوا له منبرا فلما كان يوم الجمعة ذهب إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي فنزل رسول الله فضمها إليه فكانت تئن أنين الصبي الذي يسكت قال كانت تبكي على ما تسمع من الذكر عندها 22 - وحدثنا أبو حفص البجيري ثنا عمرو بن علي ثنا عثمان بن عمر ويحيى ابن كثير قالا ثنا معاذ بن العلاء عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله كان يخطب إلى جذع فلما أتخذ المنبر حن الجذع حتى أتاه فالتزمه 23 - أخبرنا أبو نصر الزينبي انا أبو طاهر المخلص ثنا عبدالله بن محمد البغوي ثنا شيبان بن فروخ ثنا مبارك بن فضالة ثنا الحسن عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة مسند ظهره إليها فلما كثر الناس قال ابنوا لي منبرا قال فبنوا له منبرا له عتبتان فلم قام على المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول الله قال أنس وأنا في المسجد فسمعت الخشبة تحن حنين الواله فما زالت تحن حتى نزل إليها فاحتضنها فسكت فكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم

قال يا عباد الله الخشبة تحن الى رسول الله شوقا إليه لمكانه من الله تعالى فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه قال الإمام رحمه الله قوله عتبتان أي درجتان والواله الذاهب العقل لشدة تصيبه أو مصيبة تناله واحتضنها أي ضمها إلى حضنه والحضن ما دون الإبط فصل في تسبيح الحصى في يده 24 - أخبرنا أحمد بن علي المقري ثنا هبة الله بن الحسن انا محمد بن الحسين الفارسي ثنا عبدالله بن أحمد الصراري ثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان ثنا قريش بن أنس ح قال هبة الله وانا القاسم بن جعفر انا علي بن إسحاق ثنا علي بن حرب ثنا قريش ابن أنس ثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سويد بن يزيد السلمي قال مررت بمسجد النبي فإذا أبو ذر رضي الله عنه فسلمت وجلست إليه فذكر عثمان فقال لا أقول أبدا إلا خيرا ثلاث مرات لشيء رأيته من رسول الله في خلوات رسول الله لا يعلم منه فمر بي فتابعته حتى انتهى إلى موضع قد سماه فجلس فقال يا أبا ذر ما جاء بك قلت الله ورسوله أعلم إذ جاء أبو بكر رضي الله عنه فسلم وجلس عن يمين رسول الله إذ جاء عمر فسلم وجلس عن يمين أبو بكر إذ جاء عثمان وجلس عن يمين عمر رضي الله عنه فتناول النبي سبع أو تسع حصيات فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فخرسن ثم أخذهن فوضعهن في يد أبي بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فخرسن ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فخرسن ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فخرسن قال هبة الله اللفظ لحديث علي بن حرب فصل 25 - أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي رحمه الله انا أبو طاهر المخلص ثنا يحيى

ابن صاعد ثنا محمد بن عمر بن الوليد الكندي ثنا إسحاق بن منصور عن عبدالله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن سالم بن أبي الجعد عن جابر رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله في سفر فأصبحوا فماج الناس قال رسول الله ما لكم قالوا ليس مع أحد من القوم ماء إلا الذي في تورك قال فوضع يديه في التور فقال توضؤا فجعل الماء يفور من بين أصابعه حتى توضأنا وسقينا قلنا لجابر كم أنتم قال لو كنا مائة ألف كفانا قلنا كم أنتم قال أربع عشر مائة أو خمس عشر مائة 26 - وأخبرنا أبو نصر أنا أبو طاهر ثنا يحيى بن صاعد ثنا محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي بالبصرة ثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ثنا أبي عن عمرو بن دينار المكي عن جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام قال امر ابي بخزيرة فصنعت ثم أمرني فأتيت بها رسول الله فقال ما هذا يا جابر ألحم ذا قال فقلت لا يا رسول الله ولكن أبي مر بخزيرة وأمرني أن آتيك بها فأخذها ثم أتيت رسول الله قلت نعم قال ما قال قال قلت قال ألحم ذا يا جابر فقلت لا يا رسول الله ولكن أبي أمر بخزيرة فصنعت وأمرني فأتيتك بها فقال أبي عسى أن يكون رسول الله اشتهى اللحم فقام إلى داجن له فأمر بها فذبحت ثم أمر بها فشويت ثم أمرني فحملتها إلى رسول الله فأتيته وهو في مجلسه فقال لي ما هذا يا جابر فقلت أتيت أبي فقال لي هل رأيت رسول الله فقلت نعم فقال هل قال شيء قلت نعم قال ما هذا يا جابر ألحم ذا فقال أبي عسى أن يكون رسول الله اشتهى اللحم فقام إلى داجن فأمر بها فذبحت ثم أمر بها فشويت ثم أمرني فأتيتك بها فقال جزاكم الله معشر الأنصار خيرا ولا سيما آل عمرو ابن حرام وسعد بن عبادة قال الإمام رحمه الله قوله ماج الناس أي اضطربوا ودخل بعضهم في بعض والتور شبه الإجانة أو الطست من الصفر والخزيرة بالخاء المعجمة وبعدها زاي معجمة وبعدها ياء وبعد الياء راء مهملة لحم يقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق والحريرة بالحاء المهملة وراء بين مهملتين حساء من دقيق ودسم والداجن الشاة التي تربى في البيت

فصل في دلائل نبوته قبل بعثته 27 - أخبرنا عبدالرحمن بن إسماعيل الصابوني ثنا عبدالغافر الفارسي أنا محمد بن عيسى ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يحيى بن أبي بكير عن إبراهيم بن طهمان حدثني سماك بن حرب عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن 28 - أخبرنا أحمد بن محمد بن مردوية أنا أبو سعيد بن حسنوية ثنا شاكر بن جعفر المعدل ثنا عمير بن مرداس ثنا محمد بن بكير ثنا أيوب بن جابر عن صدقة بن سعيد عن مصعب بن شيبة عن أبيه قال خرجت مع رسول الله يوم حنين والله ما أخرجني الإسلام ولا معرفة به ولكني أنفت أن يظهر هوازن على قريش فقلت وأنا واقف معه يا رسول الله إني أرى خيلا بلقا قال يا شيبة إنه لا يراه إلا كافر فضرب يده على صدره ثم قال اللهم اهد شيبة ثم ضرب بها الثانية فقال اللهم اهد شيبة ثم ضرب بها الثالثة فقال اللهم اهد شيبة فوا الله ما رفع يده من صدري في الثالثة حتى ما كان أحد من خلق الله أحب إلي منه قال فالتقى الناس والنبي على ناقة أو بغلة وعمر آخذ بلجامه والعباس آخذ بثفر دابته فانهزم المسلمون فنادى العباس بصوت له جهير أو جهوري فقال أين المهاجرون الأولون أين أصحاب البقرة والنبي يقول فرماه قدما ها أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب فعطف المسلمون فاصطكوا بالسيوف فقال الآن حمي الوطيس قال وهزم الله المشركين قال الإمام رحمه الله قال أهل التاريخ شيبة ابن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبدالعزى ابن عثمان بن عبدالله بن عبدالدار بن قصي الحجبي أسلم يوم حنين وأيوب بن جابر هو الحنفي وثفر الدابة حبل يشد تحت ذنبه وقوله قدما أي تقدموا وها تنبيه فعطف المسلمون أي فأقبلوا فاصطكوا بالسيوف أي تضاربوا بها بقوة والوطيس التنور والمعنى اشتد الحرب وحمي كما يحمى التنور والبلق جمع الأبلق وهو الذي يخالط سواده بياض

فصل 29 - ذكر الواقدي عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن إبراهيم ابن محمد بن طلحة قال قال طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه حضرت سوق بصرى فإذا راهب في صومعته يقول سلوا أهل هذا الموسم أفيهم من أهل الحرم قال طلحة فقلت نعم هل ظهر أحمد بعد قلت ومن أحمد قال ابن عبدالله بن عبدالمطلب هذا شهره الذي يخرج فيه وهو آخر الأنبياء ومخرجه من الحرم ومهاجره إلى نخل وحرة وسباخ فإياك أن تسبق إليه قال طلحة فوقع في قلبي ما قال فخرجت سريعا حتى قدمت مكة فقلت هل كان من حدث قالوا نعم محمد الأمين تنبأ وقد تبعه ابن أبي قحافة فخرجت حتى دخلت على أبي بكر فقلت اتبعت هذا الرجل قال نعم فانطلق فادخل عليه فاتبعه فإنه يدعو إلى الحق فأخبره طلحة بما قال الراهب فخرج أبو بكر بطلحة فدخل به على رسول الله فأسلم طلحة وأخبر رسول الله بما قال الراهب فسر رسول الله بذلك فلما أسلم أبو بكر وطلحة رضي الله عنهما أخذهما نوفل بن خويلد بن العدوية فشدهما في حبل واحد فلم يمنعهما بنو تيم وكان نوفل بن خويلد يدعي أشد قريش فلذلك سمي أبو بكر وطلحة القرينين قال الإمام بصرى بلدة بالشام والموسم مجمع الناس للتجارة والحرة أرض فيها حجارة سود فصل 30 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي السمسار انا أبو إسحاق بن خورشيد قوله انا أحمد بن محمد بن سليم ثنا الزبير بن بكار ثنا يحيى بن المقدام عن عمه موسى بن يعقوب عن يزيد بن عبدالله عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن حكيم بن حزام قال سمعنا صوتا من السماء وقع إلى الأرض كأنه صوت حصاة في طست ورمى رسول الله بتلك الحصيات يوم بدر فانهزمنا

فصل 31 - أخبرنا أبو بكر السمسار انا أبو إسحاق بن خورشيد قوله انا أحمد بن محمد ابن سليم ثنا الزبير ثنا أبو ضمرة عن عبدالله بن عبدالعزيز عن عمر بن مرداس بن عبدالرحمن الجندعي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لي رسول الله ابسط ثوبك فبسطته ثم حدثني رسول الله عامة النهار ثم ضممت ثوبي إلى بطني فما نسيت شيئا مما حدثني فصل 32 - أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين انا هبة الله بن الحسن انا أحمد بن عبيد أنا علي بن عبدالله بن مبشر أنا أحمد بن سنان ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنه قال أتى النبي رجل من بن عامر فقال أرني هذا الخاتم الذي بين كتفيك فإن يك بك طب داويتك فإني أطب العرب فقال النبي إني أريك آية قال نعم قال ادع العذق فنظر إلى عذق في نخلة فدعاه فجاء ينقز حتى قام بين يديه فقال قل له يرجع قال فرجع إلى مكانه فقال يا بني عامر ما رأيت كاليوم أسحر قال الأمام رحمه الله قال أهل اللغة الطب السحر والطبيب المداوي وقوله أطب العرب أي أعلمهم بالمداواة والعذق غصن النخل ونقز إذا وثب ينقز فصل 33 - أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد انا أبو عمر بن مهدي ثنا الحسين بن يحيى ابن عياش ثنا الحسن بن محمد هو الزعفراني ثنا محمد بن عبيد الطنافسي ثنا مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن سعد بن مالك قال رأيت عن يمين رسول الله وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بياض لم أرهما قبل ولا بعد 34 - وحدثنا الحسن بن محمد ثنا سليمان بن داود ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه يعني عن جده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال لقد رأيت عن يمين رسول الله وعن يساره يوم أحد رجلين عليهما ثياب بياض يقاتلان عنه كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد

فصل 35 - أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ رحمه الله أنا عبدالصمد بن نصر العاصمي ثنا محمد بن أحمد بن عمران الشاشي ثنا عمر بن محمد البجيري ثنا أبو نشيط محمد بن هارون بن نشيط ثنا عمر بن الربيع بن طارق الهلالي ثنا يحيى هو ابن أيوب عن حميد قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يحدث أن رجلا كان يكتب للنبي وكان قد قرأ البقرة وآل عمران وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران عد فينا قال فكان النبي يملي عليه غفورا رحيما فيكتب عليما حكيما فيقول للنبي أكتب كذا وكذا فيقول له النبي اكتب كيف شئت ويملي عليه عليما حكيما فيقول أكتب سميعا بصيرا فيقول له النبي اكتب فهو كذلك قال فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين فقال أنا أعلمكم بمحمد إن كان ليقول اكتب ما شئت فمات فقال إن الأرض لن تقبله قال أنس فأخبرني أبو طلحة أنه أتى الأرض التي مات فيها فوجده منبوذا فقال أبو طلحة ما شأن هذا الرجل قالوا قد دفناه فلم تقبله الأرض قال الإمام رحمه الله كذا في كتابي عد فينا والمحفوظ جد فينا أي عظم في نفوسنا وقلوبنا وقوله منبوذا أي مطروحا على وجه الأرض وقوله اكتب كيف شئت يعني اكتب هذه الكلمة كيف شئت إن شئت غفورا رحيما وإن شئت عليما حكيما فقد نزل جبريل عليه السلام بهما جميعا فصل 36 - أخبرنا عبدالرحمن بن محمد السمسار أنا علي بن ماشاذه ثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد ثنا محمد بن يحيى ثنا علي بن الحسن بن سالم ثنا الحسين بن سليمان عن عبد الملك بن عمير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنت مع النبي في غزاة تبوك فشد ذئب على غنم فأخذ منها فشدت الرعاء عليه فقال الذئب طعمة أطعمنيها الله تعالى تنزعونها مني قال فتعجب القوم فقال ما تعجبون من كلام ذئب وقد نزل الوحي على رسول الله فمن مصدق ومكذب

فصل في جريان الماء بين أصابعه 37 - أخبرنا أحمد بن زاهر الطوسي أنا محمد بن إبراهيم الفارسي ثنا محمد بن عيسى ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا هارون بن معروف ومحمد ابن عباد حدثني وتقاربا في لفظ الحديث والسياق لهارون قالا ثنا حاتم بن إسماعيل عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا وكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله ومعه غلام له معه ضمامة من صحف وعلى أبي اليسر بردة ومعافري وعلى غلامه بردة ومعافري فقال له أبي ياعم إني أرى في وجهك سفعة من غضب قال أجل كان لي على فلان الحزامي فأتيت أهله فسلمت عليه فقلت ثم هو قالوا لا فخرج علي ابن له جفر فقلت أين أبوك قال سمع صوتك فدخل أريكة أمي فقلت اخرج إلي فقد علمت أين أنت فخرج فقلت ما حملك على أن اختبأت مني قال أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك خشيت والله أن أحدثك فأكذبك وأن أعدك فأخلفك وكنت صاحب رسول الله وكنت والله معسرا قال قلت آالله قال آالله قلت آالله قال آالله قلت آالله قال آالله فقال بصحيفته فمحاها بيده فقال فإن وجدت قضاء فاقض وإلا أنت في حل فأشهد بصر عيني هاتين ووضع أصبعه على عينيه وسمع أذني هاتين ووعاه قلبي واشار إلى مناط قلبه رسول الله وهو يقول من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله قال فقلت له أنا يا عم لو أنك أخذت بردة غلامك وأعطيته معافريك أو أخذت معافريه وأعطيته بردتك فكانت عليك حلة وعليه حلة فمسح رأسي وقال اللهم بارك فيه يا أبن أخي بصر عيني هاتين وسمع أذني هاتين ووعاه قلبي هذا وأشار إلى مناط قلبه رسول الله وهو يقول أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وكان أن أعطيه من متاع الدنيا أهون علي من أن يأخذ من حسناتي يوم القيامة ثم مضينا حتى أتينا جابر بن عبدالله في مسجده وهو يصلي في ثوب واحد مشتملا

به فتخطيت القوم حتى جلست بينه وبين القبلة فقلت يرحمك الله تصلي في ثوب واحد ورداؤك إلى جنبك فقال بيده في صدري هكذا وفرق بين أصابعه وقوسها أردت أن يدخل علي الأحمق مثلك فيراني كيف أصنع فيصنع مثله أتانا رسول الله في مسجدنا هذا وفي يده عرجون بن طاب فرأى في قبلة المسجد نخامة فحكها بالعرجون ثم أقبل علينا فقال أيكم يحب أن يعرض الله عنه قال فخشعنا ثم قال أيكم يحب أن يعرض الله عنه قلنا لا أينا يارسول الله قال فإن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا ثم طوى ثوبه بعضه على بعض وقال أروني عبيرا فقام فتى من الحي يشتد إلى أهله فجاء بخلوق في راحته فأخذه رسول الله فجعله على رأس العرجون ثم لطخ به على أثر النخامة قال جابر فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم سرنا مع رسول الله في غزوة بطن بواط وهو يطلب المجدي بن عمرو الجهني وكان الناصح يعقبه منا الخمسة والستة والسبعة فدارت عقبة رجل من الأنصار على ناصح له فأناخه فركبه ثم بعثه فتلدن عليه بعض التلدن فقال شأ لعنك الله فقال رسول الله من هذا اللاعن بعيره قال أنا يا رسول الله قال انزل عنه فلا تصحبنا بملعون لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم و لا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسئل فيها عطاء فيستجيب لكم سرنا مع رسول الله حتى إذا كان عشيشية ودنونا من مياه العرب قال رسول الله من رجل يتقدمنا فيمدر الحوض فيشرب ويسقينا قال جابر فقمت فقلت هذا رجل يا رسول الله فقال رسول الله أي رجل مع جابر فقام جبار بن صخر فانطلقنا إلى البئر فنزعنا في الحوض سجلا أو سجلين ثم مدرناه ثم نزعنا فيه حتى أفهقناه وكان أول طالع علينا رسول الله فقال أتأذنان قلنا نعم يارسول الله فأشرع ناقته فشربت يعني ثم شن لها ففشجت فبالت ثم عدل بها فأناخها ثم جاء رسول الله إلى الحوض فتوضأ منه ثم قمت فتوضأت من متوضأ رسول الله فذهب جبار بن صخر يقضي حاجته فقام رسول الله ليصلي وكانت علي بردة ذهبت أن أخالف

بين طرفيها فلم تبلغ بي وكانت لها ذباذب فنكستها ثم خالفت بين طرفيها ثم تواقصت عليها ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ ثم جاء فقام عن يسار رسول الله فأخذنا بيده جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه فجعل رسول الله يرمقني وأنا لا أشعر ثم فطنت به فقال هكذا بيده يعني شد وسطك فلما فرغ رسول الله قال يا جابر قلت لبيك يا رسول الله إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك سرنا مع رسول الله وكان قوت كل منا كل يوم تمرة فكان يمصها ثم يصرها في ثوبه وكنا نتخبط بقسينا ونأكل حتى قرحت أشداقنا فأقسم أخطئها رجل يوما فانطلقنا به ننعشه فأشهدنا له أنه لم يعطها فأعطيها فقام فأخذها سرنا مع رسول الله حتى نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله يقضي حاجة فاتبعته بإداوة من ماء فنظر رسول الله فلم ير شيئا يستتر به فإذا شجرتان بشاطيء الوادي فانطلق رسول الله إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي بإذن الله فانقادت معه كذلك حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لاءم بينهما يعني جمعهما فقال التئما علي بإذن الله فالتأمتا قال جابر فخرجت أحضر مخافة أن يحس بقربي فيبتعد رسول الله فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفته فإذا أنا برسول الله مقبلا وإذا الشجرتان افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق فرأيت رسول الله وقف وقفة فقال برأسه هكذا وأشار ابن إسماعيل برأسه يمينا وشمالا ثم أقبل فلما انتهى إلي قال يا جابر هل رأيت مقامي قلت نعم يا رسول الله قال فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا فأقبل بهما حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك قال جابر فقمت فأخذت حجر فكسرته وحسرته فاندلق لي فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري ثم لحقت فقلت قد فعلت يا رسول الله فعم ذاك قال إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما مادام الغصنان رطبين قال فأتينا العسكر فقال رسول

الله يا جابر ناد بوضوء فقلت ألا بوضوء قال قلت يا رسول الله وجدت في الركب من قطرة وكان رجل من الأنصار يبرد لرسول الله الماء في أشجاب له على حمارة من جريد قال فقال لي انطلق إلى فلان الأنصاري فانظر هل في أشجابيه من شيء فال فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد إلا قطرة في عزلاء شجب منها لو أني أفرغه شربه يابسه فأتيت رسول الله فقلت يا رسول الله لم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها لو أني أفرغه لشربه يابسه قال اذهب فأتني به فأتيته به فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو ويغمزه بيديه ثم أعطانيه فقال يا جابر ناد بجفنة فقلت يا جفنة الركب فأتيت بها تحمل فوضعتها بين يديه فقال رسول الله بيديه في الجفنة هكذا فبسطها وفرق بين أصابعه ثم وضعها في قعر الجفنة وقال خذ يا جابر فصب علي وقل بسم الله فصببت عليه وقلت بسم الله فرأيت الماء يتفور من بين أصابع رسول الله ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت فقال يا جابر ناد من كان له حاجة بماء قال فأتى الناس فاستقوا حتى رووا قال فقلت هل بقى أحد له حاجة بماء فرفع رسول الله يديه من الجفنة وهي ملأى وشكا الناس إلى رسول الله الجوع فقال عسى الله أن يطعمكم فأتينا سيف البحر فزخر البحر زخرة فألقى دابة فأورينا على شقها النار فاطبخنا وشوينا وأكلنا وشبعنا قال جابر فدخلت أنا وفلان وفلان حتى عد خمسة في حجاج عينها ما يرانا أحد حتى خرجنا فأخذنا ضلعا من أضلاعه فقوسناه ثم دعونا بأعظم رجل في الركب وأعظم جمل في الركب وأعظم كفل في الركب فدخل تحته ما يطأطىء رأسه قال الإمام رحمه الله في الحديث آيات من دلائل نبوة النبي منها انقلاع الشجرتين واجتماعهما ثم افتراقهما ومنها فوران الماء من بين أصابعه وأخذ الناس الكثير منه ثم لم ينقص مع كثرة ما أخذ منه وغير ذلك من الآيات وأما شرح الألفاظ الغربية فيه فقوله ضمامة من صحف أي صحف مضمومة أي جماعة كتب واللغة الفصيحة إضمامة والمعافري ثوب يمني والسفعة تغير في الوجه وسواد وفي كتابي الخزامي بالزاي المعجمة والجفر الذي قوي وغلظ بعدما يفطم والأريكة الحجلة وفي كتابي بصر عيني وسمع أذني وحقه من الإعراب عيناي وأذناي فإما أن يكون وقع من الراوي وإما أن يكون

لغة وإما أن يكون كتب بالياء وتلفظ به الراوي بالألف فيكون نوع اصطلاح في الكتابة ومناط القلب معلق القلب وفي رواية نياط قلبه وقوله رسول الله بالنصب يتعلق بقوله وسمع أذني والحلة إزار ورداء والمعافري برد يمني وقوله وأعطيته معافريك أي لو كان الثوبان من جنس واحد كان أحسن وكان البردة كانت دون المعافري فأراد رضي الله عنه أن يسوي بينه وبين غلامه في اللباس وقول مشتملا أي ملتحفا به أي غطى به بدنه والعرجون جريد النخل وابن طاب نوع من النخل أو من ثمر النخل وقوله فخشعنا أي فخشينا والعبير نوع من الطيب وكذلك الخلوق وبطن بواط موضع بالباء المفتوحة المعجمة بواحدة من تحتها والناضح البعير يستقى عليه ويعقبه أي يتعاقبه في الركوب إذا نزل واحد ركب آخر وقوله فدارت عقبة رجل أي فجاءت نوبة ركوبه وتلدن عليه أي تعسر ولم ينبعث وقوله شأ زجر للبعير إذا أراد صاحبه أن يقيمه وعشيشية تصغير عشية ويمدر الحوض أي يصلحه بالطين والمدر والسجل الدلو العظيم وافهقناه أي ملأناه وأشرع ناقته أي أرسلها نحو الماء يقال أشرعت الرمح نحوه والشريعة مورد الماء وقوله شنق لها أي كف زمامها وقوله فشجت أي تفاجت لتبول وروي فشجت بتشديد الشين والذباذب ما يتحرك من أهداب الثوب وقوله ثم تواقصت عليها أي رفع منكبيه حتى ألزقهما بأصل عنقه والوقص قصر العنق وقوله يرمقني أي ينظر إلي وقوله نخطتبط أي نضرب الشجر بقسينا ليسقط ورقها وقوله فأقسم أخطئها رجل منا لو كان أخطأها أي جاوزها ولم تصل إليه يعني إلى الرجل تلك التمرة كان أظهر وننعشه نرفعه والأفيح الواسع والمخشوش الذي في أنفه الخشاش وهو الزمام يصانع يداري بالمنصف يقال نصف ينصف أي بلغ النصف والمنصف الموضع أحضر أعدو لفتة فعلة من الالتفات فينبعد أي يبعد وروي فيبعد بضم الياء وحسرته أي حددته فانذلق بالذال المعجمة أي تحدد وقوله فعم ذاك أي لم فعلت ذاك أن يرفه عنه يقال رفهت عنه أي نفست عنه الكربة أشجاب جمع شجب وهو الشيء الخلق حمارة من جريد ثلاثة أعواد يشد أطرافها وتنصب ويخالف بين أرجلها ويعلق عليها القربة وعزلاء القربة فمها أفرغه أصبه يابسه أي يابس الشجب أي الذي ذهب منه البلل ويبس وقوله ياجفنة الركب أي يا صاحب جفنة الركب يتفور يتفعل من فار يفور سيف البحر شاطئه زخر البحر أي مد وكثر ماؤه فأورينا فأوقدنا فاطبخنا

لغة في طبخنا حجاج عينها أي غار عينها بأعظم رحل وروي الحاء وهو القتب وروي بأعظم رجل بالجيم والضم والكفل كساء يطرح على البعير 38 - أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد أنا أبو عمر بن مهدي ح وأخبرنا أبو عبدالله ابن السيبري أنا أبو محمد السكري ح وأخبرنا أبو عبدالله النعالي أنا أبو الحسن بن رزقوية قالوا أنا إسماعيل بن محمد الصفار أنا الحسن بن عرفة ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم ابن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فمر بي رسول الله وأبو بكر فقال لي يا غلام هل من لبن قلت نعم ولكني مؤتمن قال فهل من شاة لم ينز عليها الفحل قال فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء فشرب وسقى أبا بكر قال ثم قال للضرع اقلص فقلص قال ثم أتيته بعد هذا فقلت يا رسول الله علمني من هذا القول قال فمسح رأسي وقال يرحمك الله فإنك غليم معلم 39 - وأخبرنا أحمد بن علي بن الحسين أنا هبةالله بن الحسن أنا جعفر بن عبدالله ابن يعقوب أنا محمد بن هارون الروياني ثنا أبو ربيع ثنا أبو عوانة عن عاصم عن زر عن عبدالله رضي الله عنه قال كنت غلاما يافعا في غنم لعقبة بن أبي معيط أرعاها فأتى علي رسول الله وأبو بكر معه قال فقال يا غلام هل عندك من لبن قال فقلت نعم ولكني مؤتمن قال فقال إيتني بشاة لم ينز عليها الفحل قال فأتيته بعناق جذعة فاعتقلها رسول الله قال ثم جعل يمسح ضرعها ويدعو حتى نزلت قال وأتاه أبو بكر رضي الله عنه بصحن أو قال بصخر فاحتلب فيه ثم قال لأبي بكر اشرب فشرب أبو بكر ثم شرب النبي ثم قال النبي للضرع اقلص فقلص فعاد كما كان قال ثم أتيت النبي فقلت يا رسول الله علمني من هذا الكلام أو من هذا القرآن قال فمسح رأسي ثم قال إنك غلام معلم فأخذت منه سبعين سورة مانزعنتها وفي رواية ما رواية ما نازعنيها بشر قال الإمام رحمه الله قوله يافعا أي بلغت حد الرجولية واليفاع المكان المرتفع وعناق جذعة يعني جديا لم يتم له سنة وفي رواية بصخرة منقعرة أي لها قعر اقلص أي

ارتفع معلم أي ملهم أي انك غلام ألهمك الله الخير والصواب وقوله فاعتقلها أي أمسك رجلها وقوله ما نازعنيها بشر أي ما شاركني فيها أحد أي أخذت منه هذه السور قبل أن يأخذها منه أحد فصل 40 - أخبرنا أبو بكر الصابوني أنا عبدالغافر بن محمد الفارسي أنا إبراهيم بن محمد ابن سفيان ثنا محمد بن عيسى بن عمورية ثنا مسلم بن الحجاج حدثني زهير بن حرب ثنا هاشم يعني ابن القاسم عن سليمان عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال دخل علينا النبي فقال عندنا فعرق وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ النبي فقال يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين قالت هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب قال الإمام رحمه الله قوله فقال عندنا من القيلولة وقوله تسلت تمسح يقال سلتت المرأة خضابها من يدها إذا قشرته 41 - أخبرنا أحمد بن علي بن خلف أنا أبو يعلى المهلبي أنا أبو عبدالله الصفار ثنا إبراهيم السوطي ثنا بشر بن سيحان ثنا حلبس الكوفي ثنا سفيان الثوري عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله إني زوجت ابنتي وأني أحب أن تعينني قال ما عندي شيء ولكن القني غدا في وقت هجير ودق الباب وجىء معك بقارورة واسعة الرأس وعود شجرة قال فجعل يسلت العرق من ذراعيه حتى ملأ القارورة قال خذها إذا أردت أن تطيب تغمس هذا العود في القارورة فتطيب به فكانت إذا تطيبت شم أهل المدينة ريح طيبهم فسموا المطيبين فصل 42 - أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين أنا هبة الله بن الحسن ثنا جعفر بن عبدالله ابن يعقوب بالري أنا محمد بن هارون الروياني ثنا مكرم بن محرز بن مهدي أخبرني أبي عن حزام بن هشام بن حبيش عن أبيه عن جده صاحب رسول الله أن النبي

لما خرج مهاجرا من مكة خرج هو وأبو بكر رضي الله عنه ح قال وأخبرنا جعفر أنا محمد قال وثنا بذلك سليمان بن الحكم العلاف بقديد حدثني أخي أيوب بن الحكم عن حزام بن هاشم عن أبيه هاشم بن حبيش بن خالد ح قال محمد بن هارون وثنا أبو هشام محمد بن سليمان بن الحكم ثنا عمي أيوب عن حزام عن أبيه هشام عن جده حبيش ح قال وأخبرنا محمد بن عبدالله بن الحسين الفقيه أنا أبو محمد الحسن ابن إبراهيم بن إسحاق بن حبيب الحميري ثنا محمد بن سليمان بن الحكم بن أيوب ابن سليمان ثنا عمي أيوب بن الحكم عن حزام بن هشام عن أبيه هشام عن جده رضي الله عنه أن رسول الله لما خرج مهاجرا هو وأبو بكر رضي الله عنه ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهم الليثي عبدالله بن الأريقط فمروا على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة ثم تسقي وتطعم فنظر رسول الله إلى شاة في تلك الخيمة ما هذه الشاة يا أم معبد قالت شاة خلفها الجهد عن الغنم قال هل بها من لبن قالت هي أجهد من ذلك قال أتأذنين أن أحلبها قالت نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فحلبها فدعا بها رسول الله فمسح بيده ضرعها وسمى الله تعالى ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرت واجترت ... لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقدس من يسري إليهم ويغتدي ... ترحل عن قوم فزالت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد ... هداهم به بعد الضلالة ربهم ... وأرشدهم من يتبع الحق يرشد ... وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا ... عمايتهم هاد به كل مهتد ... وقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى جلت عليهم بأسعد ... نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مشهد ... وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد ... ليهن ابا بكر سعادة جده بصحبته ... من يسعد الله يسعد ... ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

قال الإمام رحمه الله الألفاظ الغريبة في الحديث قوله برزة قيل كبيرة السن تبرز للناس ولا تستر منهم وقوله جلدة أي عاقلة تحتبي أي تجلس وتضم يديها إحداهما إلى الأخرى على ركبتيها وتلك جلسة الأعراب وقوله فتفاجت أي فتحت ما بين رجليها ودرت أرسلت اللبن واجترت من الجرة وهي ما تخرجها البهيمة من كرشها بمضغها وقوله يربض أي يروي والرهط حتى يربضوا أي يقعوا على الأرض للنوم والاستراحة وقوله ثجا الثج السيلان ومنه ماء ثجاجا والبهاء وبيص رغوة اللبن وأراضوا قيل رووا قال أهل اللغة أراض الوادي إذا استنقع فيه الماء وقوله عجافا العجاف ضد السمان تساوكن أي تمايلن من الضعف عازب أي بعيد عن المرعى حيال أي لم تحمل الوضاءة الحسن والجمال أبلج الوجه مشرق الوجه نحلة من رواه بالنون والحاء قال من نحل جسمه نحولا ومن رواه بالثاء والجيم قال هو من قولهم رجل أثجل أي عظيم البطن قسيم وسيم جميعا من الوسامة والقسامة وهما الحسن وصقلة الصقل منقطع الأضلاع والدعج شدة سواد العين في شدة بياضها والغطف بالغين المعجمة طول الأشفار وروي بالعين غير المعجمة وهو التثني وفي رواية وطف وهو الطول أيضا وفي رواية الصحل بالحاء وهو كالبحة في الصوت والسطع طول العنق وقوله سما به أي علا به وارتفع والهذر من الكلام ما لا فائدة فيه وربعة ليس بالقصير ولا بالطويل وقوله لا يأس أي لا يويس مباريه من مطاولته وروي لا يأبن من طول أي لا يجاوز الناس طولا لا تقتحمه أي لا تزدريه ولا تحتقره محفود أي مخدوم محشود أي يجتمع الناس حواليه ولا مفند أي لا ينسب إلا الجهل وروي ولا معتد أي ظالم فصل 43 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ أنا عبدالصمد العاصمي ثنا أبو العباس البجيري ثنا أبو حفص البجيري ثنا أبي ثنا عبدالله بن رجاء ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب مر البراء فليحمل إلي رحلي فقال عازب لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله حين خرجتما من مكة والمشركون

يطلبونكم قال ارتحلنا من مكة فأحيينا أو سرينا ليلتنا أو يومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهر فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه فإذا صخرة فأتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته ثم فرشت لرسول الله ثم قلت له اضطجع يا رسول الله فاضطجع رسول الله ثم انطلقت أنفض ما حولي هل أرى من الطلب أحدا فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا فسألته فقلت لمن أنت يا غلام قال لرجل من قريش فسماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن قال نعم فقلت هل أنت حالب لي قال نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض عنها من الغبار ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب للي كثبة من لبن وقد رويت معي لرسول الله إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله فانتهيت به إلى رسول الله فوافقته قد استيقظ فقلت اشرب يا رسول الله فشرب رسول الله حتى رضيت ثم قلت قد نال الرحيل يا رسول الله فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت هذا الطلب قلد لحقنا يا رسول الله فقال لا تحزن إن الله معنا فلما دنا منا فكان بيننا وبينه قيد رمحين أو ثلاثة قلت هذا الطلب يا رسول الله قد لحقنا وبكيت قال لم تبكي قلت أما والله ما على نفسي أبكي يا رسول الله ولكن أبكي عليك فقال رسول الله اللهم اكفناه بما شئت فساخت فرسه في الأرض إلى بطنها فوثب عنها ثم قال يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب وهذه كنانتي خذ سهما منها فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك فقال رسول الله لا حاجة لنا في إبلك فانطلق راجعا إلى أصحابه قال الأمام رحمه الله الرحل للناقة بمنزلة السرج للفرس أظهرنا دخلنا في وقت الظهر وقائم الظهر وقت الزوال أنفض ما حولي أي أنظر هل أرى أحد اعتقل شاة أي أمسك رجلها وكثبة من لبن أي كثرة رويت ملأت هذا الطلب أي الطالب يقع على الواحد والجمع فساخت فرسه أي دخل يداها ورجلاها في الأرض لأعمين لأخفين

فصل في ذكر هلاك المستهزئين بمكة 44 - ذكر الطبراني في كتاب دلائل النبوة حدثنا القاسم بن زكريا المقريء المطرز ثنا محمد بن عبدالحليم النيسابوري ثنا مبشر بن عبدالله عن سفيان بن حسين عن جعفر ابن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى إنا كفيناك المستهزئين قال المستهزءون الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب أبو زمعة من بني أسد بن عبدالعزى والحارث بن غيطل السهمي والعاص بن وائل فأتاه جبريل عليه السلام فشكاهم إليه رسول الله فأراه الوليد ابن المغيرة فأومأ جبريل إلى إبجله فقال ما صنعت شيئا قال كفيتكه ثم أراه الحارث ابن غيطل السهمي فأومأ إلى بطنه فقال ما صنعت شيئا قال كفيتكه ثم أراه العاص ابن وائل السهمي فأومأ إلى أخمصه فقال ما صنعت شيئا فقال كفيتكه فأما الوليد بن المغيرة فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا له فأصاب إبجله فقطعها وأما أسود بن المطلب فعمي وذلك أنه نزل تحت شجرة فقال يابني ألا تدفعون إني قد قتلت فجعلوا يقولون ما نرى شيئا فجعل يقول يا بني ألا تدفعون عني هلكت بالشوك في عيني فجعلوا يقولون ما نرى شيئا فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها وأما الحارث بن غيطل فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه وأما العاص بن وائل فبينما هو يمشي إذ دخلت في رجله شبرقة حتى امتلأت منها فمات قال الإمام رحمه الله الأبجل عرق في اليد سبرقة شوكة امتلأت انتفخت وورمت فصل 45 - أخبرنا محمد بن أحمد السمسار أنا أبو إسحاق بن خورشيد قوله ثنا المحاملي ثنا علي بن مسلم ثنا عبيد الله بن عبدالمجيد ثنا إسرائيل ثنا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال انطلق سعد بن معاذ معتمرا فنزل على أمية بن خلف أبي صفوان وكان أمية إذا أتى الشام مر بالمدينة نزل على سعد فقال أمية لسعد انتظر حتى اذا انتصف النهار وخف الناس فطف بالكعبة قال فبينا سعد يطوف

إذ جاءه أبو جهل قال من ذا يطوف بالكعبة قال أنا سعد قال تطوف بالكعبة آمنا وقد آويت محمدا فتلاحيا بينهما فجعل أمية يقول لسعد لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي فقال سعد لأبي جهل والله لئن منعتني ان أطوف بالبيت لأقطعن عليك متجرك من الشام فجعل أمية يمسك سعدا فقال دعنا عنك فإني سمعت محمدا يزعم أنه قاتلك قال إياي قال نعم قال فوالله ما يكذب محمد فلما انصرفوا قال أمية لامرأته أم صفوان أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي قالت وما قال لك قال إنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي فقالت ما يكذب محمد فلما جاء الصريخ خرجوا لبدر قالت له امرأته أما تذكر ما قال لك أخوك اليثربي فأراد أن يقعد ولا يخرج معهم فقال له أبو جهل إنك من أشراف أهل الوادي فسر معنا يوما أو يومين فسار معهم فقتله الله فصل 46 - أخبرنا محمد بن أحمد السمسار أنا أبو إسحاق بن خورشيد قوله ثنا المحاملي ثنا يوسف بن موسى ثنا جعفر بن عون ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه كان رسول الله يصلي في ظل الكعبة فقال أبو جهل وناس من قومه قد نحرت جزور في ناحية مكة فبعثوا فجاءوا من سلاها وطرحوه بين كتفيه فجاءت فاطمة فطرحته عنه فلما انصرف قال اللهم عليك بقريش قالها ثلاثا بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد وبأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط قال فقال عبدالله فلقد رأيتهم في قليب بدر وفي رواية شعبة عن أبي إسحاق فلما سجد قالوا من يأخذ هذا السلا فيلقيه على ظهره فكأنهم هابوه فقال عقبة بن أبي معيط أنا فأخذه فألقاه على ظهره وهو ساجد وفي رواية إسرائيل عن أبي إسحاق وسمي السابع عمارة بن الوليد قال الإمام رحمه الله قوله فتلاحيا أي فتخاصما ويثرب اسم المدينة والصريخ المستغيث وأهل الوادي أهل مكة وسلا الجزور مافيه الفرث والسرقين

فصل 47 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه ثنا أبو بكر بن مردوية ثنا دعلج ثنا موسى بن هارون بن معروف ثنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم ثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ح قال وحدثنا عمر بن جعفر بن محمد بن سلم البزاز ثنا يعقوب بن يوسف المطوعي ثنا أبو جعفر الرزي يعني محمد بن عبدالله قالا ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه حدثني نعيم بن أبي هند عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال أبو جهل هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم في التراب قال فقيل نعم قال فقال واللات والعزى لئن رأيته يفعل لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب فأتى رسول الله وهو يصلي ليطأ على رقبته فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيده فقيل له مالك قال فقال إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة قال رسول الله لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا فأنزل الله تعالى لا أدري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه كلا إن الإنسان ليطغى إن رآه استغنى إن الى ربك الرجعى إلى قوله أن كذب وتولى يعني أبا جهل فليدع ناديه قومه سندع الزبانية قال الملائكة فصل 48 - أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن أنا أحمد بن موسى ثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا أحمد بن عمرو ثنا يعقوب بن حميد ثنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجالا من قريش اجتمعوا في الحجر ثم تعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ونائلة ويساف أن لو قد رأوا محمدا لقد قمنا إليه مقام رجل واحد فقتلناه قبل أن نفارقه فأقبلت ابنته فاطمة تبكي حتى دخلت على النبي فقالت هؤلاء الملأ من قومك لقد تعاهدوا لو قد رأوك قاموا إليك فقتلوك فليس منهم رجل واحد إلا قد عرف نصيبه من دمك فقال يا بنية أتيني بوضوء فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد فلما رأوه قالوا هاهو ذا وخفضوا أبصارهم وسقطت أذقانهم في صدورهم فلم يرفعوا إليه بصرا ولم يقم منهم إليه رجل فأقبل النبي حتى قام على

رؤسهم وأخذ قبضة من التراب ثم قال شاهت الوجوه ثم حصبهم بها فما أصاب رجلا منهم من ذلك الحصا حصاة إلا قتل يوم بدر كافرا 49 - وأخبرنا أحمد بن عبدالرحمن أنا أحمد بن موسى ثنا محمد أحمد بن محمد ابن علي ثنا محمد بن أيوب أنا حفص بن عمر ثنا عبدالرزاق أنا معمر أخبرني عثمان الجروي أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك قال تشاورت قريش في ملأ مكة فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بوثاق يريدون النبي وقال بعضهم بل اقتلوه وقال بعضهم بل أخرجوه فأطلع الله نبيه على ذلك فبات علي رضي الله على فراش النبي تلك الليلة وخرج النبي حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون عليا يحسبون أنه نبي الله فلما أصبحوا ثاروا إليه فلما رأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا أين صاحبك قال لا أدري قال فاقتصوا أثره فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم فصعدوا في الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخل هاهنا لم يكن نسج عنكبوت فمكث فيه ثلاثا فصل 50 - أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن أنا أحمد بن موسى ثنا محمد بن علي بن دحيم ثنا أحمد بن أيوب بن بريع الهاشمي ثنا حامد بن يحيى البلخي ثنا سفيان عن مسعر عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة قال قال لي مسروق أخبرني أبوك عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن شجرة أنذرت النبي بالجن ليلة الجن 51 - قال وأخبرنا أحمد بن موسى ثنا أحمد بن كامل ثنا محمد بن سعد حدثني أبي ثنا عمي ثنا أبي عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه قوله وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن إلى آخر الآية قال لم تكن السماء الدنيا تحرس بين الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وكانوا يقعدون منها مقاعد للسمع فلما بعث الله محمدا حرست السماء حرسا شديدا ورجمت الشياطين فأنكروا ذلك فقالوا لا ندري أشر أريد بمن

في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا قال إبليس لقد حدث في الأرض حدث واجتمعت إليه الجن فقال تفرقوا في الأرض وأخبروني ما هذا الخبر الذي حدث في السماء وكان أول بعث ركب من أهل نصيبين وهم أشراف الجن وسادتهم فبعثهم إلى تهامة فاندفعوا حتى بلغوا الوادي وادي نخلة فوجدوا نبي الله يصلي صلاة الغداة فلما قضى يقول فلما فرغ من الصلاة ولوا إلى قومهم منذرين يقول مؤمنين فصل في قصة الجساسة وشهادة الدجال بنبوة نبينا 52 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه أنا احمد بن موسى الحافظ ثنا أحمد ابن محمد بن زياد ثنا محمد بن غالب بن حرب ثنا أبو معمر عبدالله بن عمرو ثنا عبدالوارث بن سعيد عن الحسين بن ذكوان ثنا ابن بريدة حدثني عامر الشعبي قال سألت فاطمة بنت قيس أخت ضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول قلت حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله لا تسنديه إلى غيره قالت لئن شئت لأفعلن فقال لها أجل حدثيني قالت نكحت حفص بن المغيرة وهو من خيار شباب قريش فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله فلما أيمت خطبني عبدالرحمن بن عوف في نفر من أصحاب رسول الله وخطبني رسول الله على مولاه أسامة بن زيد وكنت قد حدثت أن رسول الله قال من أحبني فليحب أسامة فلما كلمني رسول الله قلت أمري بيدك فزوجني ممن شئت فقال انتقلي إلى أم شريك امرأة من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت سأفعل فقال لا تفعلي أم شريك امرأة كثيرة الضيفان وإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف عن ساقيك فيلقون منك بعض ما تكرهين ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم وهو رجل من بني فهر وهو من البطن الذي هي منه فلما انقضت العدة سمعت قول المنادي منادي رسول الله ينادي الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله فلبثت في صف النساء الذي ظهر القوم فلما قضى رسول الله صلاته جلس رسول الله على المنبر وهو يضحك فقال ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال هل تدرون لم جمعتكم قالوا الله ورسوله أعلم قال إني والله ما جمعتكم لرغبة

ولا لرهبة ولكن جمعتكم أن تميم الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن المسيح الدجال حتى أنه ذكر سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفوا إلى جزيرة في البحر عند مغرب الشمس فجلسوا في قارب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة كثيرة الشعر لا يعرفون قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا ويلك ما أنت قالت أنا الجساسة قالوا وما الجساسة فقالت أيها القوم إنطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق قال فلما سمت لنا رجلا فرقنا أن تكون شيطانة قال فانطلقنا سرعانا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا ويلك ما أنت فقال قد قدرتم على خبروني فأخبرني من أنتم قالوا نحن ناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا البحر شهرا ثم أرفينا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أهلب كثيرة الشعر وما ندري ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قلنا وما الجساسة قالت اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سرعانا وفرغنا منها وما أمنا أن تكون شيطانة فقال أخبروني عن نخل بيسان قلت عن أي شأنها تستخبر قال هل فيها ماء قالوا هي كثيرة الماء قال أخبروني عن عين زغر قالوا عن أي شأنها تستخبر قال هل في العين ماء وهل يزرع أهلها بماء العين قلنا نعم وهي كثيرة الماء وأهلها يزرعون بمائها قال أخبروني عن النبي الأمي ما فعل قالوا خرج من مكة ونزل يثرب قال أفقاتلته العرب قلنا نعم قال كيف صنع بهم فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال أقد كان ذاك قلنا نعم قال أما إن ذاك خير لهم أن يصنعوه وإني مخبركم عني إني أنا المسيح وإنه يوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة وهما محرمتان علي كلما أردت أن أدخل واحدة منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وأن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها قال رسول الله وطعن بمخصرته المنبر هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة يعني المدينة ألا هل كنت حدثتكم ذلك فقال الناس نعم فإنما أعجبني حديث تميم الداري أنه وافق الذي كنت

حدثتكم عنه وعن المدينة ومكة إلا أنه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو وأومأ بيده قبل المشرق قالت حفظته هذا من رسول الله قال الإمام رحمه الله قوله أيمت كذا في كتابي والصواب إمت يقال آمت المرأة تئيم إذا مات زوجها أو قتل آم يئيم على وزن عام يعيم إذا اشتهى اللبن يقال عمت إلى اللبن أعيم والأول جمع الأولى وقوله الذي ظهر القوم يعني الصف الذي خلف القوم يعني خلف الرجال وقوله حتى إنه يذكر سفينة المحفوظ حدثني أنه ركب سفينة بحرية قوله أرفوا يقال أرفيت السفينة إذا مسكتها عن الجري وألجأتها إلى شاطىء البحر وقارب السفينة سفينة صغيرة تشتد إلى السفينة الكبيرة فيركبها الواحد والاثنان إذا انكسرت الكبيرة والدابة اسم يقع على الذكر والأنثى وقد ذكر في هذا الحديث مرة على التأنيث ومرة على التذكير والأشواق جمع شوق وفرقنا أي خفنا وسرعانا المحفوظ سراعا جمع سريع اغتلم هاج واضطرب وقوله عن نخل بيسان سقط من هذه الرواية يعني كلمات يعني قلنا عن أي شأنها تستخبر قال أسئلكم عن نخلها هل يثمر قلنا له نعم قال أما إنه يوشك أن لا يثمر أخبروني عن بحيرة الطبرية قلنا عن أي شأنها تستخبر قال هل فيها ماء قالوا هي كثيرة الماء قال إن ماءها يوشك أن يذهب وقوله صلتا أي مجردا شاهرا والدجال يسمى مسيحا لأن إحدى عينه ممسوحة عن أن يبصر بها أكثر الروايات بفتح الميم وتخفيف السين ويدل على ذلك وأما مسيح الضلالة فلأن عيسى عليه السلام مسيح الهدى وقيل سمي الدجال مسيحا لأنه يمسح الأرض أي يقطعها فعلى هذا مسيح فعيل بمعنى فاعل وعلى الوجه الأول فعيل بمعنى مفعول واحتج الخليل ببيت الشاعر ... إذا المسيح يقتل المسيحا ... وأما من قال مسيح بكسر الميم وتشديد السين فوزنه فعيل من المسح أي يمسح الأرض بالسير والجري فيها وبالفتح والتخفيف أكثر والجساسة الذي يتجسس الأخبار يتتبعها ويكثر البحث عنها والهاء في الكلمة للمبالغة ويمكن أن تكون امرأة وقوله من كثرة الشعر يعني شعر الرأس غطى جميع بدنه لكثرته وأما صرف الدجال عن مكة والمدينة فلفضيلة النبي كان منشأه بمكة ومدفنه بالمدينة والدابة كل ما يدب على وجه الأرض أي يمشي مشيا متقاربا

وفي رواية غيلان بن جرير عن الشعبي فلقي إنسانا يجر شعره وفي رواية ما فعل النبي الذي خرج فيكم قلنا قد آمن به الناس واتبعوه وصدقوه قال ذاك خير لهم وفي غير هذه الرواية فوثب وثبة كاد أن يخرج من وراء الجدار وفي رواية أبي الزناد عن الشعبي فإذا هم بشيخ مربوط بسلاسل وفي هذه الرواية فإذا هم بامرأة شعثاء سوداء لها شعر منكر عين زغر وبحيرة الطبرية ونخل بيسان كلها بالشام وفي رواية ركب البحر فتاهت به سفينته فسقط إلى جزيرة وخرج إليها يلتمس الماء فلقى إنسانا يجر شعره فصل في قصة عتبة وعتيبة ابني أبي لهب 53 - قال الواقدي كانت رقية بنت رسول الله قبل عثمان بن عفان عند عتبة بن أبي لهب وأم كلثوم عند عتيبة بن أبي لهب زوجهما رسول الله إياهما في الجاهلية فطلقاهما جميعا وكان سبب طلاقيهما أن قريشا قالوا فيما بينهم قد كفيتم محمدا أمر بناته فتفرغ لما ترون فتعالوا نمشي إلى أصهاره حتى يطلقوا بناته فمشوا إليهم فقال أبو العاص بن الربيع ما يسرني بها امرأة من قريش فكان النبي يقول أحمد صهر أبي العاص وأما عتبة فقال أطلقها على أن تزوجوني ابنة أبان بن سعيد وإن شئتم تركتها أيما ولا ذات بعل فزوجوها إياه وأما عتيبة فإنه طلقها وأتى رسول الله وكان يريد الخروج إلى الشام فقال اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فنزلوا حوران فطرقهم الأسد فتخطى إلى عتيبة من بين أصحابه فقتله وإن أمهما أم جميلة بنت حرب ابن أمية لما أنزل الله تعالى تبت يدا أبي لهب قالت هي وأبو لهب لعتبة وعتيبة وجهنا من وجهكما حرام إن لم تطلقاهما فطلقاهما فتزوجهما جميعا عثمان بن عفان رضي الله عنه تزوج رقية فماتت عنده ثم تزوج بعدها أم كلثوم قال أهل التاريخ كان سبب تزوج عثمان رقية رضي الله عنهما أنه غضب لرسول الله من فعل أبي لهب فخطب إلى رسول الله فزوجها إياه فجزعت لذلك قريش جزعا شديدا فولدت له عبدالله ابن عثمان فاكتنى به عثمان فكانت له كنيتان أبو عبدالله وأبو عمرو وماتت رقية في السنة الثانية من الهجرة وتزوج عثمان أم كلثوم سنة ثلاثة من الهجرة

وفي رواية محمد بن إسحاق أن قريشا مشوا إلى عتبة بن أبي لهب وقالوا له طلق بنت محمد ونحن ننكحك أي امرأة من قريش شئت فقال إن زوجتموني بنت أبان بن سعيد ابن العاص طلقتها ففارق رقية ولم يكن عدو الله دخل بها وأخرجها الله مزيدة كرامة لها وهوانا له وخلف عليها عثمان بن عفان رضي الله عنه فصل في قصة أم جميل امرأة أبي لهب 54 - ذكر الطبراني حدثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان بن عيينة ثنا الوليد بن كثير عن ابن تدرس عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت لما نزلت تبت يدا أبي لهب أقبلت العوراء أم جميل ابنة حرب ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول مذمما أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا ورسول الله جالس في المسجد ومعه أبو بكر رضي الله عنه فلما رآها أبو بكر قال يا رسول الله قد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك فقال رسول الله إنها لن تراني وقرأ قرآنا اعتصم به وقرأ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله فقالت يا أبا بكر إني أخبرت أن صاحبك هجاني فقال ورب هذا البيت ما هجاك فولت وهي تقول قد علمت قريش أني بنت سيدها فصل في ذكر ما كان يرى النبي من خلفه كما يرى من بين يديه 55 - أخبرنا سليمان بن إبراهيم أنا أبو عبدالله الجرجاني ثنا محمد بن يعقوب الأصم ثنا أحمد بن عبدالحميد ثنا أبو أسامة عن الوليد هو ابن كثير حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى رسول الله يوما ثم انصرف فقال يا فلان ألا تحسن صلاتك ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي فإنما يصلي لنفسه إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي 56 - أنا محمد بن أحمد بن علي أنا أبو عبدالله محمد بن إبراهيم بن جعفر ثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبدالله البغدادي ثنا عبيد بن محمد الكشوري الصنعاني قال حدثني همام بن مسلمة بن عقبة بن همام ثنا يحيى بن مالك بن أنس حدثني أبي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله هل ترون قبلتي هاهنا فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم من وراء ظهري

فصل 57 - أخبرنا سليمان بن إبراهيم أنا أبو علي بن شاذان أنا عبدالصمد بن علي بن مكرم ثنا السري بن سهل الجنديسابوري ثنا عبدالله بن راشد ثنا مجاعة بن الزبير عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام أن جده أبا سلام حدثه أن رسول الله بينما هو بالبطحاء فإذا هو برجل عليه ثياب شعر فقال السلام عليك فقال رسول الله وعليك فقال الراكب سبحان الله ما رأيت رجلا رد السلام قبلك فقال رسول الله لا إله إلا الله ما رأيت رجلا سلم قبلك فقال يا فتى من أهل مكة أنت قال نعم ولدت بها ونشأت بها قال فهل فيها محمد أو أحمد قال ما فيها محمد ولا أحمد غيري قال فاكشف عن ظهرك فكشف عن ظهره فإذا خاتم النبوة بين كتفيه فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال يا راكب بما أمرت فقال أمرت أن تضرب أعناق قومك بالسيف حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال له رسول الله يا راكب ألا أزودك قال إن شئت فعلت قال فأقبل رسول الله إلى خديجة ووجهه يتهلل فقالت يا ابن عبد المطلب ما رأيتك قط أحسن تهلل وجه منك اليوم قال وما يمنعني وقد أمرت أن أضرب أعناق قومك بالسيف حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله قالت إن هذا خليق أن لا يكون وكانت كلمة آذته بها فقال يا خديجة هل عندك ما يزود راكبا قالت ما عندي إلا تمرات فأخذ رسول الله التمر في طرف ردائه فقال يعني الراكب الحمد لله الذي لم يمتني ولم يخرجني من الدنيا حتى رأيت رسول الله يحمل إلي الزاد في ثوبه فقال رسول الله يا راكب هل لك من حاجة قال نعم أنت تدعو الله أن يعرف بيني وبينك يوم القيامة فذهب فلم ير

فصل 58 - أخبرنا أبو نصر بن صاعد أنا عبدالرحمن بن محمد السراج ثنا أبو الحسن محمد بن عبدالله بن إبراهيم بن عبدة ثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي ثنا أبو جعفر النفيلي ثنا خالد بن أبي بكر عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله ضرب صدر عمر حين أسلم بيده ثلاث مرات وهو يقول اللهم أخرج ما في صدره من غل وأبدله إيمانا يقول ذلك ثلاثا فصل 59 - أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي أنا أبو طاهر المخلص ثنا يحيى بن محمد إملاء ثنا يحيى بن سليمان بن نضلة الخزاعي بالمدينة سنة خمس وأربعين ومائتين حدثني عمي محمد بن نضلة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي أن رسول الله بات عندها في ليلتها ثم قام فتوضأ للصلاة فسمعته وهو يقول لبيك لبيك ثلاثا أو نصرت نصرت ثلاثا قالت فلما خرج من متوضأه قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي سمعتك تكلم إنسانا فهل كان معك أحد قال هذا راجز بني كعب يستصرخني ويزعم أن قريشا أعانت عليهم بني بكر ثم خرج رسول الله فأمر عائشة رضي الله عنها أن تجهزه ولا تعلم به أحدا قال قالت فدخل عليها أبوها أبو بكر رضي الله عنه فقال يا بنية ما هذا الجهاز قالت ما أدري فقال ما هذا زمان غزو بني الأصفر فأين يريد قالت لا علم لي قالت فأقمنا ثلاثا ثم صلى الصبح بالناس فسمع الراجز ينشد ... رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا ... إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا ... إنا ولدناك فكنت الولدا ... ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا ... وزعموا أن لست تدعوا أحدا ... فانصر هداك الله نصرا أيدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا ... فيهم رسول قد تجردا

أبيض كالبدر ينمي صعدا ... إن سيم خسفا وجهه تربدا ... فقال رسول الله نصرت نصرت ثلاثا أو لبيك لبيك ثلاثا فخرج النبي فلما كان بالروحاء نظر إلى سحاب منصب فقال إن هذا السحاب لينصب بنصر بني كعب فقام إليه رجل من بني عدي بن عمرو إخوة بني كعب بن عمرو فقال يا رسول الله ونصر بني عدي فقال رسول الله ترب نحرك وهل عدي إلا كعب وكعب إلا عدي فاستشهد ذلك الرجل في ذلك السفر ثم قال النبي اللهم عم عليهم خبرنا حتى نأخذهم بغته ثم خرج حتى نزل مرا فكان أبو سفيان وحكيم بن حزام وبديل ابن ورقاء خرجوا تلك الليلة حتى أشرفوا على مر فنظر أبو سفيان إلى النيران فقال يا بديل لقد أمست نيران بني كعب آهلة قال حاشتها إليك الحرب ثم هبطوا فأخذتهم مزنية تلك الليلة وكانت عليهم الحراسة فسألوهم أن يذهبوا بهم إلى العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه فذهبوا بهم فسأله أبو سفيان أن يستأمن له فخرج بهم على النبي فسأله أن يؤمن له من أمن فقال قد أمنت من أمنت ما خلا أبا سفيان فقال يا رسول الله لا تحجر علي فقال من أمنت فهو آمن فذهب العباس بهم إلى النبي ثم خرج بهم فقال أبو سفيان إنا نريد أن نذهب فقال أسفروا فقام رسول الله يتوضأ فابتدر المسلمون وضوءه ينصحونه في وجوههم فقال أبو سفيان يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما فقال إنه ليس بملك ولكنها النبوة في ذلك يرغبون قال الإمام رحمه الله قوله يستصرخني أي يستغيثني والراجز الشاعر وبنو الأصفر الروم والحلف والحليف الذي بينك وبينه عقد المودة والإخاء والنصرة والأتلد القديم ثمت تاء التأنيث ألحقت بالكلمة فلم ننزع يدا لم نخرج من الطاعة أيدا قويا ينمي يرتفع ويزداد صعدا صعودا إن سيم خسفا أي أن طلب ذلة وجهه تربدا أي تغير وقوله ترب نحرك دعا أن يقتل شهيدا ومر موضع بقرب مكة آهلة كثيرة الأهل والقوم حاشتها جمعتها وساقتها وكانت عليهم الحراسة أي كانوا يحرسون المسلمون تلك الليلة كانت النوبة لهم لا تحجر لا تضيق

فصل في ذكر الكاهنة أن قدم النبي شبيهة بقدم إبراهيم عليه السلام 60 - ذكر أبو الشيخ في دلائل النبوة أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن جميل ثنا محمد ابن سهل بن عسكر ثنا محمد بن يوسف ثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال كانت امرأة بمكة كاهنة فاجتمع إليها قريش فقالوا لها أخبرينا بأشبهنا قدما بإبراهيم خليل الرحمن قالت اجتمعوا واجمعوا أبناءكم وصبيانكم قال فاجتمعوا فقالت مدوا الكساء على سهلة ومروا عليها فبسطوا كساء ومروا عليها فآخر من جاء النبي فقالت هذا أشبهكم قدما بإبراهيم خليل الرحمن 61 - قال وذكر أبو يحيى حدثنا سليمان بن معبد المروزي ثنا الأصمعي ثنا أبو غرازة عن رجل كان من رؤسهم بمكة قال لما توارى رسول الله من قريش أخرجت قريش معقلا أبا كرز القائف فرأوا أثرا فقالوا انظر إلى هذا الأثر فقال ما رأيت وجه محمد قط ولكن إن شئتم ألحقت لكم نسب هذا الأثر قالوا ألحق قال هذا الذي في مقام إبراهيم أو هذا من الذي في مقام إبراهيم فقال أبو سفيان خرفت حسدا للنبي أن يكون يشبه بإبراهيم عليه السلام فصل 62 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب أنا والدي أنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي ثنا أبو يحيى عبدالرحمن بن أحمد بن زكريا المكي ثنا سليمان بن محمد اليساري ابن عم مطرف حدثني عمر بن راشد حدثني عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر رضي الله عنه قال اجتمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونفر من أصحاب رسول الله فتماروا في شيء فقال علي رضي الله عنه انطلقوا بنا إلى النبي صلى اله عليه وسلم نسأله فوقفوا عليه فتبسم ضاحكا ثم قال جئتموني تسألوني عن أمر إن شئتم فسلوا وإن شئتم أخبرتكم فقالوا أخبرنا يا رسول الله فقال جئتم تسألوني عن الصنيعة لمن تحق لا تحق الصنيعة إلا لذي حسب أو دين وجئتم تسألوني عن الرزق ما يجلبه على العبد الله يجلبه فاستنزلوه

وجئتم تسألوني عن جهاد الضعفاء جهاد الضعفاء الحج والعمرة وجئتم تسألوني عن جهاد المرأة جهاد المرأة حسن التبعل لزوجها وجئتم تسألوني عن الرزق من أين يأتي أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم فصل 63 - أخبرنا أبو عمرو أنا والدي أنا محمد بن الحسين بن الحسن النيسابوري ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا عمر بن عبدالله بن رزين ثنا سفيان بن حسين عن داود الوراق وهو ابن أبي هند عن سعيد بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده معاوية القشيري قال أتيت رسول الله فلما دفعت إليه قال أما إني قد سألت الله أن يعينني عليهم بالسنة يحفيهم بها وبالرعب أن يجعله في قلوبهم قال فقال بيديه جميعا أما إني قد حلقت هكذا وهكذا إلا أومن بك ولا أتبعك فما زالت السنة تحفيني وما زال الرعب يجعل في قلبي حتى قمت بين يديك فبالله الذي أرسلك أهو الذي أرسلك بما تقول قال نعم قال وهو أمرك بما تأمرنا قال نعم قال الإمام قوله بالسنة تحفيهم أي بالقحط يهلكهم بها ويتلف أموالهم فصل 64 - أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن أنا أبو بكر بن مردوية ثنا عبدالله بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبدالله بن مسعود ح قال أبو بكر بن مردوية وحدثنا أحمد بن عيسى الخفاف ثنا أحمد بن يونس الضبي قالا ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عون بن عمرو القيسي ثنا أبو مصعب قال أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة فسمعتهم يتحدثون أن النبي قال أمر الله شجرة فنبتت في وجه النبي فسترته وأمر الله العنكبوت فنسجت في وجه النبي فسترته وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقعنا بفم الغار وأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل بعصيهم وسيوفهم وهراواهم حتى إذا كانوا من النبي قدر أربعين ذراعا فعجل بعضهم فنظر في الغار يرى فيه أحدا فرأى حمامتين بفم

الغار فرجع إلى أصحابه فقالوا ما لك لم تنظر في الغار قال رأيت حمامتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد فسمع النبي ما قال فعرف أن الله قد درأ عنه بهما فسمت النبي عليهن وفرض جزاءهن وانحدرن في الحرم فصل 65 - أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن علي السمسار أنا إبراهيم بن عبدالله ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن العباس الباهلي ثنا ابن أبي عدي عن جعفر بن ميمون عن أبي تميمة عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلاة العشاء ثم أنصرف فأخذ بيد عبدالله حتى خرج به إلى بطحاء مكة فأجلسه ثم خط عليه خطا ثم قال لا تبرحن الخط إنه سينتهي إليك رجال فلا تكلمهم فإنهم لن يكلموك ثم مضى رسول الله صلى اله عليه وسلم حيث أراه فبينا أنا جالس في خطي أتاني رجال كأنهم الزط أشعارهم وأجسامهم لا أرى عورة ولا أرى بشرا ينتهون إلي لا يجاوزون الخط ثم يصدرون إلى رسول الله صلى اله عليه وسلم حتى إذا كان من آخر الليل لكن رسول الله جاء وأنا جالس فقال لقد آذانا هؤلاء منذ الليلة ثم دخل علي في خطي فتوسد فخذي فرقد وكان رسول الله إذا هو رقد نفخ النوم نفخا فبينا أنا قاعد ورسول الله متوسد فخذي إذا أنا برجال كأنهم الجمال عليهم ثياب بيض الله أعلم بما بهم من الجمال فانتهوا فجلس طائفة وجاء طائفة فجلسوا عند رأس رسول الله وطائفة عند رجل رسول الله ثم قالوا بينهم ما رأينا عبدا قط أوتي مثل ما أوتي هذا النبي إن عينه تنامان وقلبه يقظان اضربوا له مثلا سيد بنى قصرا ثم جعل مأدبة ودعا الناس إلى طعامه وشرابه فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه ومن لم يجبه عاقبه أو عذبه ثم ارتفعوا فاستيقظ رسول الله عند ذلك فقال لي ما سمعت الذي قال هؤلاء وهل تدري من هم قلت الله ورسوله أعلم قال هم الملائكة تدري ما المثل الذي ضربوا قلت الله ورسوله أعلم قال المثل الذي ضربوا الرحمن بنى الجنة ودعا عباده فمن أجابه دخل الجنة ومن لم يجبه عاقبه أو عذبه

فصل 66 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب أنا والدي أبو عبدالله ثنا الحسين ثنا محمد ابن الحسن ثنا حرملة ثنا ابن وهب عن يونس ح قال أبو عبدالله وأخبرنا أحمد بن عمرو وأبو طاهر ثنا يونس بن عبدالأعلى ثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله خرج حين زاغت الشمس فصلى بهم صلاة الظهر فلما فرغ قام على المنبر فذكر الساعة وذكر أن قبلها أمورا عظاما ثم قال من أحب أن يسألني عن شيء فليسئلني عنه فوالله لا تسئلوني عن شيء إلا أخبرتكم به مادمت في مقامي هذا قال أنس فأكثر الناس البكاء حين سمعوا ذلك من رسول الله وأكثر رسول الله صلى اله عليه وسلم من أن يقول سلوني فقام عبدالله بن حذافة فقال من أبي يا رسول الله قال أبوك حذافة فلما أكثر رسول الله من أن يقول سلوني برك عمر ابن الخطاب رضي الله عنه على ركبتيه فقال يا رسول الله رضينا بالله ربنا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا قال فسكت رسول الله حين قال عمر ذلك ثم قال رسول الله أولى والذي نفس محمد بيده لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط فلم أر كاليوم في الخير والشر قال الإمام رحمه الله قوله أولى بالياء من الولي وهو القرب ومعناه قرب منكم ما تكرهن يعني أهوال القيامة وقوله فلم أر كاليوم في الخير والشر أي لم أر مثل جزاء أهل الخير وحسن ثوابهم ومثل جزاء أهل الشر وسوء عقابهم فصل 67 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب أنا والدي أبو عبدالله أنا الحسن بن منصور ثنا محمد بن العباس بن معاوية ثنا أبو اليمان ح قال أبو عبدالله وأخبرنا أحمد بن القاسم ابن معروف وأحمد بن سليمان بن أيوب قالا ثنا أبو زرعة ثنا أبو اليمان ثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن سنان بن أبي سنان وأبي سلمة بن عبدالرحمن عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي غزا غزوة قبل نجد فأدركتهم القائلة فجئنا النبي وبين يديه أعرابي جالس فقال إن هذا اخترط سيفي فقال من يمنعك مني فقلت

الله ثلاثا فشامه ولم يعاقبه النبي قال الإمام رحمه الله قوله اخترط أي سل قوله فشامه يعني فشام الأعرابي أي جعله في غمده منعه الله من أن يضرب به رسول الله وقوله ولم يعاقبه أي عفا عن الأعرابي فصل 68 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب أنا والدي ثنا عبدالرحمن بن يحيى ثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ثنا أبو أسامة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة ابن عبدالرحمن بن عوف ويحيى بن عبدالرحمن بن حاطب عن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن أبيه زيد بن حارثة رضي الله عنه قال خرج النبي وهو مردفي فذبحنا له شاة ثم صنعناها له حتى إذا نضجت استخرجتها فجعلناها في سفرتنا ثم أقبل رسول الله يسير وهو مردفي في يوم حار من أيام مكة حتى إذا كنا بأعلى الوادي لقيه زيد بن عمرو بن نفيل فحيى أحدهما الآخر بتحية الجاهلية فقال له رسول الله ما لي أرى قومك قد شنفوك قال أما والله إن ذلك مني بغير نائرة مني إليهم ولكني أراهم على ضلالة فخرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار يثرب فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فقلت ما هذا بالدين الذي أبتغي فخرجت حتى أقدم على أحبار خيبر فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فقلت ما هذا بالدين الذي أبتغي فخرجت حتى أقدم على أحبار إيلة فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فقلت ما هذا بالدين الذي أبتغي فقال حبر من أحبار الشام إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحد يعبد الله به إلا شيخا بالجزيرة فخرجت حتى قدمت فأخبرته بالذي خرجت له فقال إن كل من رأيت في ضلال إنك لتسأل عن دين هو دين الله ودين ملائكته وقد خرج في أرضك نبي أو هو خارج يدعو إليه فارجع إليه فصدقه واتبعه وآمن بما جاء به فرجعت 69 - وروى أبو مسعود عن عبدالله بن رجاء عن المسعودي عن نفيل بن هشام ابن سعيد بن زيد عن أبيه عن جده قال خرج ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل يطلبان الدين فمرا بالشام فأما ورقة فتنصر وأما زيد بن عمرو فقيل له الذي تطلبه

أمامك فأتى الموصل فإذا هو راهب فقال من أين أقبل صاحب الراحلة قال من بيت إبراهيم قال ما تطلب قال الدين فعرض عليه النصرانية فقال لا حاجة لي فيه وأبى أن يقبل فقال إن الذي تطلب سيظهر بأرضك فأقبل وهو يقول ... لبيك حقا حقا ... تعبدا ورقا ... البر أبغى لا الخال ... وما مهاجر كمن قال ... عذت بما عاذ به إبراهم ... وقال أنفي لك عان راغم ... مهما تجشمني ... فإني جاشم ... ثم يخر فيسجد للكعبة 70 - وروى أبو بكر بن أبي عاصم حدثنا وهب بن بقية ثنا خالد عن محمد ابن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبدالرحمن بن حاطب عن أسامة بن زيد بن حارثة قال قال زيد بن عمرو بن نفيل قال لي حبر من أحبار الشام إنك تسأل عن دين ما نعلم أحدا يعبد الله به إلا شيخا بالجزيرة فخرجت فقدمت عليه فأخبرته بالذي خرجت له فقال ممن أنت فقلت من أهل الله وأهل الشوك والقرظ قال فإنه قد خرج في بلدك نبي أو هو خارج قد خرج نجمه فارجع فصدقه واتبعه وآمن به فرجعت ولم أحس بشيء بعد 71 - وروى أبو الشيخ قال حدثنا محمد بن أحمد بن معدان ثنا سعد بن محمد ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا عبدالرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت قال زيد بن عمرو بن نفيل ... عزلت الجن والجنان عني ... كذلك يفعل الجلد الصبور ... فلا العزى أدين ولا ابنتيها ... ولا صنمي بني طسم أدير ... ولا صنما أدين وكان ربا ... لنا في الدهر إذ حلمي قصير ... أربا واحدا أم ألف رب ... أدين إذا تقسمت الأمور ... ألم تعلم بأن الله أفنى ... رجالا كان شأنهم الفجور ... وأبقى آخرين نذير قوم ... فيربوا منهم الطفل الصغير

وقالت قال ورقة بن نوفل لزيد بن عمرو ... رشدت وأنعمت ابن عمرو ... وإنما تجنبت تنورا من النار حاميا ... بدينك ربا ليس رب كمثله ... وتركك جنان الجبال كما هي ... تقول إذا جاوزت أرضا مخوفة ... حنانيك لا تظهر علي الأعاديا ... حنانيك إن الجن كانت رجاءهم ... وأنت إلهي ربنا ورجائيا ... أدين لرب يستجيب لخلقه ... ولا أدين لمن لا يسمع الدهر داعيا ... أقول إذا صليت في كل بيعة ... تباركت قد أكثرت باسمك داعيا ... قال هشام بلغنا أن زيد بن عمرو كان بالشام يسأل عن الدين ويتبعه فلقى عالما فسأله عن دينه وقال لعلي أدين بدينكم فأخبرني عن دينكم فقال اليهودي إنك لا تكون على ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله قال وهل أفر إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا وأنا أستطيع قال تدلني على دين ليس هذا فيه قال ما أعلم إلا أن تكون حنيفا قال وما الحنيف قال دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا وكان لا يعبد إلا الله فخرج من عنده فلقى عالما من النصارى فسأل عن دينه وقال لعلي أدين بدينكم فقال إنك لا تكون بديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله فقال لا أحتمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئا أبدا وأنا أستطيع فهل تدلني على دين ليس فيه هذا فقال له نحوا مما قال اليهودي لا أعلمه إلا أن تكون حنيفا فخرج من عندهم وقد رضي بما أخبروه واتفقوا عليه من دين إبراهيم فلما برز رفع يديه إلى الله تبارك وتعالى فقال اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم قال عبدالرحمن بن أبي الزناد وكان زيد ابن عمرو بن نفيل في الجاهلية يستقبل الكعبة وكان يقول يا معشر قريش والله ما على ظهر الأرض أحد على ملة إبراهيم عليه السلام غيري لا آكل شيئا ذبح لغير الله قال وقيل له إن الذي تطلبه لا يكون إلا بالحجاز فأقبل من الشام يريد النبي حتى إذا كان بالجحفة أدركه قومه فقتلوه بها قال هشام بن عروة استغفر له النبي وقال أريت له جنة أو جنتين

قال الإمام رحمه الله شرح الألفاظ الغريبة في الحديث شنفوك كرهوك وأبغضوك النائرة الشر والحقد الإرداف أن بردف الرجل غيره خلفه على بعيره وقوله ثم صنعناها أي أصلحناها وتحية الجاهلية أنعم صباحا والخال الكبر والمهاجر الذي ترك أرضه من أذى الكفار وروي ومهجر والتهجير السير وقت الحر نصف النهار والعاني الأسير والراغم الذليل والقرظ بالظاء نبت يدبغ به وبنو طسم قبيلة وجنان الخبال أي الذين يأمرون بالفساد وقوله حنانيك أي أرحمني رحمة بعد رحمة فصل 72 - أنا أبو القاسم الفضل بن محمد بن أحمد بن سهلان أنا أبو إسحاق بن خورشيد قوله أنا عمر بن أحمد بن علي القطان ثنا محمد بن إسماعيل الحساني ثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال بينما رجل يحدث في المسجد قال إذا كان يوم القيامة نزل دخان من السماء فأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم وأخذ المؤمنين كهيئة الزكام قال مسروق فدخلت على عبدالله فذكرت له ذلك وكان متكئا فاستوى جالسا ثم قال أيها الناس من كان منكم عنده علم فليقل ومن لم يكن عنده علم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم إن الله تعالى قال لنبيه قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ثم أنشأ يحدث أن قريشا لما عابوا النبي واستعصوا عليه قال اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد فكان أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجهد قالوا ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون فقيل لهم إنا إن كشفنا عنهم عادوا قال فدعا ربه تعالى فكشف عنهم فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر فذلك قول تعالى فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين إلى قوله يوم نبطش البطشه الكبرى إنا منتقمون قال أبو العالية كنا نتحدث أن البطشة الكبرى يوم بدر وأن الدخان لم يأت بعد روي عن عبدالله أنه كان يقول ما ذكر من الآيات فقد مضى إلا أربع طلوع الشمس من مغربها والدخان ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج وكان يقول الآية التي يختم بها

الأعمال طلوع الشمس من مغربها ألم تر أن الله تعالى قال يوم تأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل هو طلوع الشمس من مغربها فصل 73 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي أنا أبو إسحاق بن خورشيد قوله أنا عمر ابن أحمد بن علي القطان ثنا محمد بن إسماعيل الحساني ثنا يعلى ثنا إسماعيل عن عيسى ابن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي بن كعب رضي الله عنه وقال مرة إسماعيل عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن أبي بن كعب رضي الله عنه كنت في المسجد فقرأ رجلان أحدهما خلاف قراءة صاحبه فأنكرت عليهما فأتيت النبي وهما معي فذكرت ذلك له فقال اقرءا فقرآ فقال أصبتما أو قال أحسنتما فلما رأيت ما حسن من شأنهما سقط في نفسي شيئا وددت أني كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله ما غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا فكأني أنظر إلى الله تعالى فرقا فقال يا أبي إن ربي تبارك وتعالى أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد فقلت أي رب زدني فقال اقرأ على حرفين فقلت أي رب زدني فقال اقرأ على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتها مسألة تسألني يوم القيامة يرغب إليك فيها الخلائق حتى الخليل إبراهيم عليه السلام فقلت أي رب أغفر لأمتي أي رب أغفر لأمتي وأخرت الثالثة إلى يوم القيامة يرغب إلي فيها الخلائق حتى الخليل إبراهيم عليه السلام قال الإمام رحمه الله رواه مسلم في كتابه من حديث عبدالله بن عيسى عن جده وهو عبدالرحمن بن أبي ليلى فصل 74 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب أنا والدي أبو عبدالله أنا إسماعيل بن محمد ثنا عبدالكريم بن الهيثم ثنا أبو توبة ح قال أبو عبدالله وأخبرنا محمد بن يعقوب الشيباني ثنا محمد بن نعيم النيسابوري ثنا عبدالله بن عبدالرحمن السمرقندي ثنا يحيى بن حسان ح قال أبو عبدالله وأنا محمد بن إبراهيم بن عبدالملك ثنا أحمد بن المعلي بن يزبد ثنا

مروان بن محمد قالوا حدثنا معاوية بن سلام أخبرني أخي زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول حدثني أبو أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله قال كنت قاعدا عند رسول الله فأتاه حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد قال فدفعته دفعة حتى صرعته فقال لم تدفعني فقلت ألا تقول يا رسول الله فقال اليهودي أني سميته بالاسم الذي سماه به أهله فقال رسول الله أجل إن أهلي سموني محمدا فقال جئتك لأسألك عن واحدة لا يعلمها إلا نبي أو رجل أو رجلان قال هل ينفعك إن أخبرتك قال أسمع بأذني فقال سل عما بدا لك فقال من أين يكون شبه الولد فقال رسول الله أما ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة أصفر رقيق فإن علا ماء الرجل ماء المرأة أذكر بإذن الله وإن علا ماء المرأة ماء الرجل أنثى بإذن الله قال فقال صدقت وأنت نبي قال ثم ذهب فقال رسول الله لقد سألني حين سألني وما عندي منه علم حتى أنبأني الله تعالى قال الإمام رحمه الله أخرجه مسلم في كتابه من حديث معاوية بن سلام 75 - أخبرنا أبو عمرو أنا والدي أنا محمد بن الحسين بن الحسن ثنا أحمد بن الأزهر ابن منيع ثنا روح بن عبادة ح قال أبو عبدالله أنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن معروف ثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن بحر ثنا هوذة بن خليفة قالا أنبا عوف بن أبي جميلة عن زرارة بن أوفى قال قال ابن عباس رضي الله عنه قال رسول الله لما كان ليلة أسري بي وأصبحت بمكة عرفت أن الناس مكذبي فقعد رسول الله معتزلا حزينا فمر به أبو جهل فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزىء هل كان من شيء قال نعم قال ما هو قال أسري بي الليلة قال إلى أين قال إلى بيت المقدس قال ثم أصبحت بين ظهرينا قال نعم قال فلم يره أنه يكذبه مخافة أن يجحد الحديث فدعا قومه إليه فقال له أتحدث قومك بما حدثتني إن دعوتهم إليك قال نعم قال هيه معشر بني كعب بن لؤي هلموا قال فجاءوا حتى جلسوا إليهما فقال له حدث قومك ما حدثتني فقال رسول الله أسري بي الليلة قالوا إلى أين قال إلى بيت المقدس قالوا ثم أصبحت بين ظهرينا قال نعم قال فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه مستعجبا للكذب زعم وقالوا أتستطيع أن تنعت لنا المسجد قال وفي القوم من قد سافر إلى تلك البلدة ورأى

المسجد قال رسول الله فذهبت أنعت لهم المسجد فما زلت أنعت وأنعت حتى التبس علي بعض النعت قال فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل أو دار عقال قال فنعت وأنا أنظر إليه قال فقال القوم أما النعت فوالله لقد أصاب فصل 76 - أخبرنا عبدالرحمن الصابوني أنا عبدالغافر بن محمد ثنا محمد بن عيسى بن عمرويه ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو معن الرقاشي ثنا عمر بن يونس ثنا عكرمة ثنا إسحاق حدثني أنس رضي الله عنه قال جاءت بي أمي أم أنس إلى رسول الله قد أزرتني بنصف خمارها وردتني بنصفه فقالت يا رسول الله هذا أنيس ابني أتيتك به يخدمك فادع الله له فقال اللهم أكثر ماله وولده قال أنس فوالله أن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة اليوم وفي رواية قتادة عن أنس عن أم سليم أنها قالت يا رسول الله خادمك أنس ادع الله له فقال اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته 77 - قال وحدثنا مسلم ثنا عمرو الناقد ثنا عمر بن يونس اليمامي ثنا عكرمة ابن عمار عن أبي كثير حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فتأبى علي فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله ما أكره فأتيت رسول الله وأنا أبكي قلت يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله اللهم اهد أم أبي هريرة فخرجت مستبشرا بدعوة النبي فلما جئت فصرت الى الباب فإذا هو مجاف فسمعت أمي حشف قدمي فقالت مكانك يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت يا أبا هريرة أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قال فرجعت إلى رسول الله فأتيته وأنا أبكي من الفرح قال قلت يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة فحمد الله وقال خيرا قال قلت يا رسول الله ادع الله يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا قال فقال رسول الله اللهم حبب عبيدك هذا

يعني أبا هريرة وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني 78 - قال وحدثنا مسلم ثنا قتيبه بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعا عن سفيان عن الزهري عن الأعرج قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله والله الموعد كنت رجلا مسكينا أخدم رسول الله على ملء بطني وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم فقال رسول الله من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئا سمعه منى فبسطت ثوبي حتى قضى حديثه ثم ضممته إلى فما نسيت شيئا سمعته منه وفي رواية سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال تقولون إن أبا هريرة قد أكثر والله الموعد وتقولون ما بال المهاجرين والأنصار لا يتحدثون مثل أحاديثه وسأخبركم عن ذلك إن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أرضيهم وأما إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وكنت ألزم رسول الله على ملء بطني فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا ولقد قال رسول الله يوما أيكم يبسط ثوبه فيأخذ من حديثي هذا ثم يجمعه إلى صدره فإنه لا ينسى شيئا سمعه فبسط بردة علي حتى فرغ من حديثه ثم جمعتها إلى صدري فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا حدثني به ولولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئا أبدا إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى إلى آخر الآيتين 79 - قال وحدثنا مسلم ثنا محمد بن مهران الرازي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثهم أن النبي قنت بعد الركعة في صلاته شهرا إذا قال سمع الله لمن حمده يقول في قنوته اللهم نج الوليد بن الوليد اللهم نج سلمة بن هشام اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف قال أبو هريرة رضي الله عنه ثم رأيت رسول الله ترك الدعاء بعد فقلت أرى رسول الله قد ترك الدعاء لهم قال فقيل وما تراهم قد قدموا

فصل 80 - قال وحدثنا مسلم ثنا شيبان بن فروخ ثنا سليمان يعني ابن المغيرة ثنا ثابت عن عبدالله بن رباح عن أبي قتادة رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله فقال إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء إن شاء الله غدا فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد قال أبو قتادة فبينما رسول الله يسير حتى أبهار الليل وأنا إلى جنبه قال فنعس رسول الله فمال عن راحلته فأتيته فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته قال ثم سار حتى تهور الليل مال عن راحلته قال فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته قال ثم سار حتى إذا كان من آخر السحر مال ميلة هي أشد من الميلتين حتى كاد ينجفل فأتيته فدعمته فرفع رأسه فقال من هذا قلت أبو قتادة قال متى كان هذا مسيرك مني قلت ما زال هذا مسيري مذ الليلة قال حفظك الله بما حفظت به نبيه ثم قال هل ترانا نخفى على الناس ثم قال هل ترى من أحد قلت هذا راكب ركب ثم قلت هذا راكب آخر حتى اجتمعنا وكنا سبعة ركب قال فمال رسول الله عن الطريق فوضع رأسه ثم قال احفظوا علينا صلاتنا فكان بأول من استيقظ رسول الله والشمس في ظهره قال فقمنا فزعين ثم قال اركبوا فركبنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل فدعا بميضأة كانت معي فيها شيء من ماء قال فتوضأ منها وضوءا دون وضوء قال وبقى فيها شيء من ماء ثم قال لأبي قتادة احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها نبأ ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم قال وركب رسول الله وركبنا معه قال فجعل بعضنا يهمس إلى بعض ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا ثم قال أما لكم في أسوة ثم قال إنه ليس في النوم تفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها ثم قال ما ترون الناس صنعوا قال ثم قال أصبح الناس فقدوا نبيهم فقال أبو بكر وعمر رسول الله بعدكم لم يكن ليخلفكم وقال الناس إن رسول الله بين أيديكم فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا قال فانتهينا إلى الناس حين امتد النهار وحمي كل شيء وهم يقولون يا رسول الله هلكنا عطشا فقال لا هلك عليكم ثم قال

اطلقوا إلى غمري قال ودعا بالميضأة فجعل رسول الله يصب وأبو قتادة يسقيهم فلم يعد أن رأى الناس ما في الميضأة تكابوا عليها فقال رسول الله أحسنوا الملأ كلكم سيروي قال ففعلوا فجعل رسول الله يصب وأسقيهم حتى ما بقى غيري وغير رسول الله قال ثم صب رسول الله فقال لي اشرب فقلت لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله قال إن ساقي القوم آخرهم قال فشربت وشرب رسول الله قال فأتى الناس الماء جامين رواء قال فقال عبدالله بن رباح إني لأحدث الناس هذا الحديث في المسجد الجامع إذ قال عمران بن حصين انظر أيها الفتى كيف تحدث فإني أحد الركب تلك الليلة قال قلت فأنت أعلم بالحديث فقال ممن أنت قلت من الأنصار قال حدث فأنت أعلم بحديثكم قال فحدثت القوم فقال عمران رضي الله عنه لقد شهدت تلك الليلة وما شعرت أن أحدا حفظه كما حفظته قال الإمام شرح الألفاظ الغريبة في الحديث قوله أزرتني بنصف خمارها أي جعلت نصف خمارها إزاري وردتني بنصفه أي جعلت نصفه رداءي يقال آزرته أي ألبسته الإزار فاتزر فلبس الإزار ورديته ألبسته الرداء فارتدى فلبس الرداء قال الشاعر ... ليس الجمال بميزر فاعلم ... وإن رديت بردا ... وفي الخبر دليل أنهم كانوا في ضيق من العيش لم يكن لهم وسع حتى إن أم سليم جعلت خمارها إزاره ورداءه فغطته به غطت ببعضه عورته وببعضه جسده وقوله يتعادون بتشديد الدال من العدد أي يقرب عددهم مائة والخشف الصوت الخفي والخضخضة صوت الماء ومجاف أي مردود والدرع قميص المرأة وعجلت عن خمارها أي تركت خمارها فلم تلبسه إستعجالا إلى فتح الباب وقوله يشغلهم القيام على أموالهم يعني على بساتينهم بساتين النخل والصفق البيع والتجارة وقوله ألزم رسول الله على ملء بطني أي أقنع بما آكل عنده فلا أغيب عنه ولا أشتغل بالتجارة والزراعة وقوله اشدد وطأتك قال بعض العلماء يعني عقوبتك واستشهد بقول الشاعر ... ووطئتنا وطأ على حنق وطأ ... المقيد نابت الهرم ... قال أهل التاريخ كان الذي دعا لهم رسول الله بالنجاة كلهم من بني مخزوم الوليد

ابن الوليد بن المغيرة وسلمة بن هشام بن المغيرة وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة والمغيرة هو ابن عبدالله بن عمر بن مخزوم وكانوا قد حبسوا بمكة وعذبوا فكان رسول الله يدعو لهم فلما استجاب الله دعاءه فيهم وقدموا المدينة ترك الدعاء لهم قال بعض العلماء يستحب الدعاء في القنوت على الكفار فإن النبي دعا عليهم وأما في حديث أبي قتادة لا يلوي أحد على أحد لا يقيم عليه و يلتفت إليه قال تعالى إذ تصعدون و لا تلوون على أحد وقوله أبهار الليل أي انتصف الليل وبهرة كل شيء وسطه وقوله فدعمته أي جعلت يدي دعامة له لئلا يسقط عن راحلته وتهور الليل أي أدبر أكثره قال أهل اللغة تهور البناء إذا سقط وقوله ينجفل أي ينقلب وروى أن البحر جفل سمكا أي ألقاه ورمى به قال ابن شميل جفلت المتاع أي رميت بعضه على بعض وقوله أحسنوا ملا أي خلقا قال الشاعر فقلنا أحسني ملا جهينا وركب جمع راكب كصحب وصاحب وقوله وضوءا دون وضوء أي وضوءا خفيفا والميضأة ما يتوضأ منه كالإداوة ونحوها والتفريط التقصير لا هلك عليكم أي لا بأس عليكم من الهلاك الغمر القدح الصغير جامين بشديد الميم وانتصابه على الحال من الجمام وهو الراحة رواء جمع ريان كغضبان وغضاب فصل 81 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب أنا والدي أبو عبدالله أنا علي بن العباس الغزي بها ثنا محمد بن حماد الطهراني ثنا سهل بن عبدويه الرازي عن عبدالله بن عبدالله أبي أويس عن عبدالرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي لبابة بن عبدالمنذر قال استسقى رسول الله فقال أبو لبابة يا رسول الله إن التمر في المربد فقال رسول الله اللهم اسقنا فقال أبو لبابة يا رسول الله إن التمر في المربد فقال رسول الله اللهم اسقنا في الثالثة أو الرابعة حتى يقوم أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره قال فاستحالت فمطرت فطافت الأنصار بأبي لبابة فقالت إن السماء لن تقلع حتى تفعل ما قال رسول الله فقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره فأقلعت السماء قال الإمام رحمه الله قال أهل اللغة المربد موضع التمر وثعلبه جحره الذي يسيل منه ماء المطر

فصل في ذكر أشياء أخبر النبي أنها تكون فكانت 82 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي أنا عبدالرحمن بن محمد بن أحمد ثنا أبو بكر القباب ثنا ابن أبي عاصم ثنا محمد بن أبي بكر بن عطاء بن مقدم ثنا عبدالله بن هشام الدستوائي ثنا أبي عن قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي عبيد أو أبي عبيدة بن حذيفة قال كنت أسأل عن عدي بن حاتم وهو إلى جنبي بالكوفة فلقيته فقلت حديث بلغني عنك قال قال رسول الله أما إنه ما يمنعك أن تسلم إلا أنك ترى بهم خصاصة وترى الناس علينا إلبا ثم قال أتيت الحيرة فقلت لا وقد علمت مكانها فقال يوشك الظعينة تخرج حتى تأتي البيت بغير جوار وأوشك أن يفتح عليكم كنوز كسرى قال قلت كسرى بن هرمز قال كسرى بن هرمز وأوشك أن يخرج الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها قال عدي فقد رأيت الظعينة تخرج من الحيرة حتى تأتي البيت بغير جوار وكنت في أول خيل أغارت على كسرى وأيم الله ليكونن الثالثة قول رسول الله قال الإمام رحمه الله قوله ترى بهم يعني بأصحابه خصاصة أي فقرا وترى الناس علينا ألبا أي مجتمعين على العداوة يعني الكفار والظعينة المرأة والبيت الكعبة وقوله قول رسول الله أي قوله حق لا خلف فيه 83 - أنا الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ أنا عبدالصمد العاصمي ثنا محمد ابن أحمد بن عمران الشاشي ثنا عمر بن محمد البجيري ثنا محمد بن بشار ثنا عبدالرحمن ثنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال قال النبي هل لكم أنماط قلنا أنى تكون لنا أنماط قال إنها ستكون لكم أنماط فأنا أقول لأمرأتي أخري عنك أنماطك فتقول ألم يقل رسول الله إنها ستكون لكم أنماط فأدعها قال الإمام رحمه الله الأنماط الفرش والبسط 84 - قال وحدثنا عمر بن محمد البجيري ثنا محمد بن المثنى ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله نعى جعفرا وزيدا قبل أن يجيء خبرهم نعاهم وعيناه تذرفان قال سليمان هذا يوم مؤتة حيث بعثه إلى الشام

85 - قال وحدثنا عمر بن محمد البجيري ثنا عبدة بن عبدالله الخزاعي ثنا معاوية ابن هشام ثنا سفيان عن عبدالملك بن عمير عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده أبدا وأيم الله لتنفقن كنوزهما في سبيل الله 86 - قال وحدثنا عمر بن محمد البجيري ثنا محمد بن بشار ثنا عبدالوهاب ثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله دخل على أعرابي يعوده فقال لا بأس عليك طهور إن شاء الله فقال طهور كلا بل هي حمى تفور في عظم شيخ كبير كيما تزيره القبور فقال النبي فنعم إذا 87 - قال وحدثنا عمر بن محمد البجيرى ثنا عمرو بن علي ثنا يحيى ثنا إسماعيل ثنا قيس عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا فقال قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ويجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل شقتين ما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب ما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون فصل في ذكر حديث الصور الذي فيه أن آدم عليه السلام سأل الله تعالى أن يريه الأنبياء صلوات الله عليهم من ولده وفي جملتهم محمد 88 - قال أبو بكر القفال الشاشي ثنا بذلك الحسن بن صاحب الشاشي ثنا إبراهيم ابن الهيثم البلدي ثنا عبدالعزيز بن مسلم بن إدريس حدثني عبيدالله بن إدريس بن عبدالرحمن عن شرحبيل بن مسلم الخولاني عن أبي أمامة الباهلي عن هشام بن العاص قال بعثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه ورجلا آخر من قريش إلى هرقل صاحب الروم يدعوه إلى الإسلام فخرجنا حتى قدمنا الغوطة فنزلنا على جبلة بن الأيهم الغساني

ودخلنا عليه فإذا هو على سرير له فأرسل الينا برسول نكلمه فقلنا والله لن نكلم رسولا وإنما بعثنا إلى الملك فإن أذن لنا كلمناه وإلا لم نكلمه فرجع إليه رسوله فأخبره بذلك فأذن لنا فقال تكلموا فكلمه هشام ودعاه إلى الإسلام وإذا عليه ثياب سواد فقال له ما هذه التي عليك فقال لبستها وحلفت أن لا أنزعها حتى أخرجكم من الشام كله قلنا مجلسك هذا فوالله لنأخذنه منك وملك الملك الأعظم إن شاء الله أخبرنا بذلك نبينا قال لستم منهم بل هم قوم يصومون بالنهار ويفطرون بالليل فكيف صومكم فأخبرناه فعلا وجهه سواد وقال قوموا وبعث معنا رسولا إلى الملك فخرجنا حتى إذا كنا قريبا من المدينة قال الذي معنا إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك فإن شئتم حملناكم على براذين وبغال قلنا والله لا ندخل إلا عليها فأرسلوا إلى الملك إنهم يأبون فدخلنا على رواحلنا متقلدين سيوفنا حتى إذا انتهينا إلى غرفة له فأنخنا في أصلها وهو ينظر إلينا قلنا لا إله إلا الله والله أكبر والله يعلم قد تنقضت الغرفة حتى صارت كأنها عذق تصفقه الرياح فأرسل إلينا أن ليس لكم أن تجهروا بدينكم فأرسل أن ادخلوا فدخلنا وهو على فراش له وعنده بطارقة من الروم وكل شيء في عليته أحمر وما حوله حمرة وعليه ثياب من الحمرة فدنونا منه فضحك وقال ما كان عليكم لو جئتموني بتحيتكم فيما بينكم وإذا عنده رجل فصيح بالعربية كثير الكلام قلنا إن تحيتنا فيما بيننا لا تحل لك وتحيتك التي تحيي لا يحل لنا أن نحييك بها قال كيف تحيتكم فيما بينكم قلنا السلام عليك قال وكيف تحيون ملككم قلنا بها قال فكيف يرد عليكم قلنا بها قال فما أعظم كلامكم قلنا لا إله إلا الله والله أكبر قال فلما تكلمنا بها والله يعلم لقد تنقضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها قال فهذه الكلمة التي قلتموها حيث تنقضت الغرفة كلما قلتموها في بيوتكم تتنقض بيوتكم عليكم قلنا لا ما رأينا فعلت هذا قط إلا عندك قال لوددت أنكم كلما قلتموها تنقض كل شيء عليكم وأني خرجت من نصف ملكي قلنا لم قال لأنه كان أيسر لشأنها وأجدر أن لا يكون من أمر النبوة ثم سألنا عما أراد فأخبرناه ثم قال كيف صلاتكم وصومكم فأخبرناه قال قوموا فقمنا فأمر لنا بمنزل حسن ونزل كثير وأقمنا ثلاثا فأرسل إلينا ليلا فدخلنا عليه واستعاد قولنا فأعدناه ثم دعا بشيء كهيئة الربعة العظيمة مذهبة فيها بيوت صغار عليه أبواب ففتح

بيتا وقفلا فاستخرج حريرة سوداء فنشرها فإذا فيها صورة حمراء فإذا فيها رجل ضخم العينين عظيم الإليتين لم أر مثل طول عنقه وإذا ليس عليه لحية وإذا له ضفيرتان أحسن ما خلق الله قال أتعرفون هذا قلنا لا قال هذا آدم وإذا هو أكثر الناس شعرا ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فإذا فيها صورة بيضاء وإذا رجل له شعر كشعر القطط أحمر العينين ضخم الهامة حسن اللحية فقال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا نوح ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء وإذا فيها رجل شديد البياض حسن العينين صلت الجبين طويل الخد شارع الأنف أبيض اللحية كأنه يبتسم قال هذا تعرفون هذا قلنا لا قال هذا إبراهيم ثم فتح بابا آخر وإذا فيه صورة بيضاء وإذا والله رسول الله قال هل تعرفون هذا قلنا نعم محمد رسول الله قال وبكينا قال فالله يعلم أنه قام قائما ثم جلس وقال الله بدينكم إنه لهو قلنا نعم والله أنه لهو كما تنظر إليه فأمسك ساعة ينظر إلينا ثم قال أما إنه كان آخر البيوت ولكني عجلته لكم لأنظر ما عندكم ثم عاد ففتح بابا آخر واستخرج منه حريرة سوداء فإذا فيها صورة أدماء سحماء وإذا رجل جعد قطط غائر العينين حديد النظر عابس متراكب الأسنان مقلص الشفة كأنه غضبان قال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا موسى بن عمران وإلى جانبه صورة تشبهه إلا إنه مدهان الرأس عريض الجبين في عينه قبل قال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا هارون بن عمران ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل آدم سبط ربعة كأنه غضبان حسن الوجه فقال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا لوط ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء فيها صورة رجل أبيض مشرب حمرة أجنأ خفيف العارضين حسن الوجه قال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا إسحاق ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء فيها صورة تشبه صورة إسحاق إلا أن على شفته السفلي خالا قال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا يعقوب ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة سوداء فيها صورة رجل أبيض حسن الوجه أقنى الأنف حسن القامة يعلو وجهه النور يعرف في وجهه الخشوع يضرب إلى الحمرة فقال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا إسماعيل جد نبيكم ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء فيها صورة كأنها صورة آدم كأن وجهه الشمس قال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا يوسف ثم فتح بابا آخر

فاستخرج حريرة بيضاء فيها صورة رجل أحمر حمش الساقين أخفش العينين ضخم البطن ربعة متقلد سيفا قال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا داود ثم طواها فاستخرج حريرة بيضاء فيها صورة رجل ضخم الأليتين طويل الرجلين راكب على فرس قال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا سليمان بن داود ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة سوداء فيها صورة بيضاء فإذا رجل شاب شديد سواد اللحية كثير الشعر حسن العينين حسن الوجه قال هل تعرفون هذا قلنا لا قال هذا عيسى بن مريم قلنا من أين لك هذه الصور لأنا نعلم أنها على ما صورت عليه الأنبياء لأنا رأينا صورة نبينا مثله قال إن آدم سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده فأنزل عليه صورهم وكان في خزانة آدم عند مغرب الشمس فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس فدفعت إلى دانيال فصورها دانيال في خرق من حرير فهذه بأعيانها الصور التي صورها دانيال ثم قال لنا أما والله لوددت أن نفسي طابت بالخروج من ملكي وأني كنت عبدا لشركم ملكة حتى أموت ثم أجازنا فأحسن إجازتنا وسرحنا فلما قدمنا على أبي بكر رضي الله عنه حدثناه بما رأينا وما قال لنا وما أدنانا فبكى أبو بكر رضي الله عنه قال مسكين لو أراد الله به خيرا لفعل ثم قال أخبرنا رسول الله أنهم واليهود يجدون نعت محمد وقال الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل قال أبو بكر القفال وفي هذه القصة سوى ما أردنا تعريفه من تقدم علم أهل الكتاب من اليهود والنصارى بنبينا باسمه ونعته ذكر تنقض الغرفة عند ذكر لا إله إلا الله وهذا من المعجزات التي توجد بعد موت الأنبياء كما توجد نظائرها قبل مبعثهم إيذانا بقرب زمان مجيئهم وحديث الصور معروف قد ذكره أهل النظر في دلائل النبوة وقد روى بغير هذا الإسناد 79 - ذكر محمد بن إسماعيل البخاري أبو عبدالله قال حدثني محمد بن عمر بن إبراهيم من آل جبير بن مطعم قال حدثتنا أم عثمان بنت سعيد عن أبيها سعيد عن أبيه محمد بن جبير بن مطعم عن جبير بن مطعم قال خرجت تاجرا إلى الشام فلقيت رجلا من أهل الكتاب فقال هل عندكم رجل يتنبأ فقلت نعم فجاء رجل من أهل الكتاب فقال فيم أنتم فأخبره وأدخلني منزلا له فإذا فيه صور فرأيت النبي فقال هل هو

ذا قلت نعم قال إنه لم يكن نبي إلا كان بعده نبي يعني غير هذا قال الإمام رحمه الله شرح ألفاظ مشكلة في الحديث الغوطة موضع بالشام تنقضت الغرفة أي تشققت والعذق غصن النخلة تصفقه أي تضرب بعضه على بعض البطارقة جمع البطريق الحاذق بالحرب وأمور الحرب والعلية مكان مرتفع وفي بعض النسخ واجدر أن لا يكون من أمر النبوة وأن يكون من حيل الناس والنزل ما يقدم إلى الضيف والربعة الجونة وقوله صخم العينين يريد بذلك سعتهما وحسنهما وعظم الإليتين تمامهما وكثرة لحمهما وقوله أحمر العينين في حق نوح عليه السلام يريد بذلك العروق الحمر التي تعرض في بياض العين وذلك أزيد للحسن وروى في صفة النبي انه كان أشك العينين والشكلة حمرة كالخط الدقيق في بياض العين وقوله ضخم الهامة أي لم يكن صغير الرأس بحيث تحتقره العين وشارع الأنف أي ممتد الأنف حسن الأنف وفي نسخة كأنه حي يتبسم وقوله أدماء سحماء السحمة كالأدمة وقوله غائر العينين أي ليس بناتيء الحدقة وذلك أحسن روي في التفسير وألقيت عليك محبة مني أي وضعت ملاحة في عينيك فكل من رآك أحبك وقوله عابس أي مهيب كان صلوات الله عليه كثير الإنكار لما يرى من المنكر فكان في أكثر أحواله عابس غضبان وتراكب الأسنان قرب بعضها من بعض أي لم يكن رقيق الشفة والشفة إذا رقت وتناهت رقته فليست بمحمودة والقبل في العين إقبال إحدى العينين على الأخرى واستدارة مليحة وذلك محمود مستملح وأما الجنأ في صفة إسحاق عليه السلام فهو ميل في العنق وذلك من التواضع وفي نسخة هذا إسماعيل جد نبيكم الوحشي يعني الساكن في البدو وقوله حمش الساقين أي كان فيهما دقة وكثرة اللحم في ساق الرجال غير محمودة وقوله أخفش العينين قال صاحب المجمل الخفش ضعف البصر والأخفش الضعيف البصر قيل كان عليه السلام ضعف بصره من كثرة بكائه وقوله ضخم البطن أي لم يكن بطنه لاصقا بظهره بل كان تاما حسنا وفي الجملة كل ما خلق الله تعالى الأنبياء عليهم السلام من الصور حسن مليح لأنه ابتعثهم لتميل إليهم النفوس وتقبلهم القلوب

فصل 90 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه أنا أبو بكر بن مردوية ثنا عبدالله بن جعفر ثنا هارون بن سليمان ثنا أبو عاصم ثنا سعدان بن بشر ثنا أبو مجاهد عن محل ابن خليفة عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال أتى النبي رجلان أحدهما يشكو العالة والآخر يشكو قطع السبل قال أما قطع السبل فإنه لا يأتي عليه إلا قليل حتى تخرج العير من الحيرة إلى مكة بغير خفير وأما العالة فإنه لا تقوم الساعة حتى يأتي عليك من يخرج صدقة فلا يقدر على من يقبلها ثم ليقومن أحدكم بين يدي الله تعالى ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان قال أبو عاصم أظنه قال يترجم له يقول يا ابن آدم ألم أرسل إليك رسولا فيقول بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار وينظر عن شماله فلا يرى إلا النار فاتقوا النار ولو بشق تمرة 91 - قال وأخبرنا أبو بكر بن مردوية ثنا محمد بن أحمد بن محمد بن علي ثن أبو عوانة موسى بن يوسف القطان ثنا محمد بن مروان ثنا عثمان بن عمر ثنا إسرائيل ح قال أبو بكر بن مردوية وحدثنا إبراهيم بن محمد ثنا أبو عيسى جبير بن محمد بن جبير الواسطي ثنا أحمد بن منصور الخراساني ثنا النضر بن شميل ثنا إسرائيل أنا سعد الطائي أنا محمد بن خليفة أنا محل بن خليفة عن عدي بن حاتم قال بينما أنا عند رسول الله فأتاه رجل فشكا إليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكا أليه قطع السبيل فقال عدي هل رأيت الحيرة قلت لم أرها وقد أنبئت عنها قال فإن طال بك حياة فلترين الظعينه ترتحل من الحيرة حتى تطوف الكعبة لا تخاف أحدا إلا الله تعالى قال قلت فيما بيني وبين نفسي فأين دعار طيء الذين قد سعروا في البلاد قال لئن طالت بك حياة ليفتحن كنوز كسرى قال قلت يا رسول الله لكسرى بن هرمز قال كسرى بن هرمز ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضه يطلب من يقبله فلا يجد أحدا يقبله وليلقين الله تعالى أحدكم يوم القيامة وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له فيقول ألم أبعث إليك رسولا فبلغك فيقول بلى فيقول

ألم أعطك مالا ففضل عنك فيقول بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم قال عدي وسمعت رسول الله يقول اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد شق التمرة فبكلمه طيبه قال عدي قد رأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال رسول الله قال الإمام رحمه الله كذا في كتابي العالة والمحفوظ العيلة والعيلة الفقر قال الله تعالى وإن خفتم عيلة وأما العالة فجمع العائل والعائل الفقر والعير القافلة والحيرة بلدة بقرب الكوفة والخفير الذي يجير الناس والدعار اللصوص جمع داعر أي فأين لصوص قبيلة طيء الذين قد سعروا في البلاد أي أوقدوا الشر في البلاد قال أهل اللغة سعرت النار أي أوقدتها فاستعرت أي اتقدت وشق التمرة نصفها فصل 92 - أخبرنا محمد بن أحمد أنا أحمد بن موسى ثنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا عبدالكريم بن الهيثم ثنا أبو اليمان ثنا شعيب عن عبد الله بن أبي حسين ثنا نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس رضي الله عنه قال قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله فجعل يقول إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته وقدمها في بشر كثير من قومه فأقبل إليه النبي ومع رسول الله ثابت بن قيس بن شماس وفي يد النبي قطعة جريدة حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال له لو سألتني مثل هذه القطعة ما أعطيتكها ولن نعدوا أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله تعالى وإني لأراك الذي رأيت فيك ما رأيت وهذا ثابت يجيبك عني ثم انصرف عنه قال عبد الله ابن عباس فسألت عن قول رسول الله إنك أري الذي أريت فيه ما رأيت فأخبرنا أبو هريرة أن النبي قال بينا أنا نائم أريت في يدي سوار من ذهب فأهمني شأنهما فأوحي إلي في المنام أن انفخهما فنفختهما فطارا فأولتهما كذابين بعدي فكان أحدهما العنسي صاحب صنعاء والآخر مسيلمة صاحب اليمامة 93 - قال وأخبرنا أحمد بن موسي ثنا عبد الله بن جعفر ثنا أحمد بن يونس ثنا

يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن أبيه أن عروة حدثه أن عائشة رضي الله عنها حدثته أن رسول الله دعا ابنته فاطمة في مرضه الذي توفي فيه فسارها فبكت ثم سارها فضحكت قالت عائشة فقلت لفاطمة ما هذا الذي سارك به رسول الله فبكيت ثم سارك فضحكت قال سارني فأخبرني بموته فبكيت لذلك ثم سارني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت قال الإمام رحمه الله قوله ولن نعدوا أمر الله فيك أي لن نتجاوز وقوله ليعقرنك الله أي ليقتلنك الله ويهلكنك وقوله وإني لأراك الذي رأيت فيك ما رأيت أي رأيت في المنام فيك ما رأيت يعني ما ذكر من أمر السوارين ونفخهما فأما مسيلمة فقتل في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وكان يدعي النبوة وأما العنسي فهو الأسود الكذاب تنبأ أيضا فقتل بعد وفاة النبي فصل 94 - أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد أنا أبو عمر بن مهدي ثنا المحاملي ثنا علي بن أحمد الجواربي ثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال صفة رسول الله في التوراة إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين ليس بفظ ولا غليظ ولاسخاب بالأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ولن أتوفاه حتى أقيم به الملة المعوجة فأفتح به آذانا صما وأعينا عميا وقلوبا غلفا أن يقولوا لا إله إلا الله 95 - أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد السمسار أنا علي بن محمد ماشاذة ثنا عبد الله بن جعفر ثنا أحمد بن عصام ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت محمد بن أبي يعقوب يحدث عن بشر بن شغاف عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه قال شهدت فتح نهاوند فجاءني رأس الجالوت فجعل يشتري من كان يهوديا فمرت به جارية صبيحة مع رجل فقال له هل أتيك هذا قال فظننت أنه حين رأى صباحتها فقلت لقد أثمت بمسألتك إياها بما في كتابك قال وما يدريك ما في كتابي قلت أنا أعلم بكتابك منك سل عني فأخبرك فلما أتى منزله دعا بدابة وسألني أن آتيه فرجوت أن ينفعه الله بي

ويهديه للإسلام فأتيته فذاكرته كتابه وأخبرته بصفة النبي في كتابه فقال إني لأعرف ما تقول قلت فما يمنعك من الإسلام فإذا الرجل مستكبر راغب في منزلته فلم يسلم فصل 96 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه أنا إبراهيم بن عبدالله بن خورشيد قولة ثنا محمد بن عبيدالله بن العلاء الكاتب ثنا علي بن داود أبو الحسن القنطري حدثني عبدالمنعم بن بشير الأنصاري ثنا أبو مودود عبدالعزيز بن أبي سليمان الهلالي ثنا رافع ابن أبي رافع مولى النبي عن أبيه أبي رافع رضي الله عنه قال دخلت مع النبي البقيع فسمعته يقول لا دريت ولا أفلحت فقلت بأبي وأمي ما لي لا أدري ولا أفلح قال ليس لك قلت بأبي وأمي ليس معك غيري قال سمعت صاحب هذا القبر يسأل عن فقال لا أدري فقلت لا دريت ولا أفلحت 97 - قال وأخبرنا إبراهيم بن عبدالله بن خورشيد قولة ثنا أحمد بن عيسى الخواص ثنا الحسن بن مكرم بن حسان ثنا روح ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال سألوا نبي الله يوما حتى أحفوه بالمسألة فخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال لا تسألوني اليوم عن شيء إلا أنبأتكم به حتى أشفق أصحاب النبي أن يكون بين يدي أمر قد حدث فجعلت لا ألتفت يمينا ولا شمالا إلا وجدت كل رجل لافا رأسه في ثوبه يبكي وقام رجل كان بلاحي فيدعى إلى غير أبيه فقال يا نبي الله من أبي قال أبوك حذافة ثم قام عمر رضي الله عنه فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عائذ بالله من شر الفتن أو قال أعوذ بالله من شر الفتن ثم قال رسول الله لم أر كاليوم في الخير والشر ثم قال رسول الله صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط قال الإمام رحمه الله قال أهل اللغة الملاحة المخاصمة والإحفاء الاستقصاء في المسألة والمبالغة فيها

فصل في ذكر شهادة النجاشي والقسيسين والرهبان بنبوة النبي في الإنجيل 98 - ذكر الطبراني في دلائل النبوة حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال لما خرج أصحاب رسول الله إلى النجاشي بعثت قريش في آثارهم عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي وعمرو ابن العاص السهمي وأمروهما أن يسرعا السير حتى يسبقاهم إلى النجاشي ففعلا فقدما على النجاشي فدخلا عليه فقالا له إن هذا الرجل الذي خرج بين أظهرنا وأفسد فينا قد تناولك ليفسد عليك ملكك ودينك وأهل سلطانك ونحن لك ناصحون وأنت لنا غاية صدق تأتي إلى عشيرتنا المعروف ويأمن تاجرنا عندك فبعثنا قومنا إليك لننذرك فساد ملكك وهؤلاء نفر من أصحاب الرجل الذي خرج فينا ونخبرك بما نعرف من خلافهم الحق أنهم لا يشهدون أن عيسى إلهك ولا يسجدون لك إذا دخلوا عليك فادفعهم إلينا فلنكفكهم فلما قدم جعفر وأصحابه وهم على ذلك من الحديث وعمرو وعمارة عند النجاشي وجعفر وأصحابه على تلك الحال فلما رأوا الرجلين قد سبقا ودخلا صاح جعفر بن أبي طالب على الباب فقال يستأذن حزب الله فسمعها النجاشي فأذن لهم فدخلوا عليه فلما دخلوا عليه وعمرو وعمارة عند النجاشي قال النجاشي أيكم صاح عند الباب قال جعفر أنا هو فأمره فعاد لها فلما دخلوا على النجاشي سلموا تسليم أهل الإيمان ولم يسجدوا له فقال عمرو وعمارة ألم نبين لك خبر القوم والذي يراد بك فلما سمع النجاشي أقبل عليهم فقال أخبروني أيها الرهط ما جاء بكم وما شأنكم ولم جئتموني ولستم بتجار ولا سؤال وما نبيكم هذا الذي خرج وأخبروني مالكم لم تحيوني كما يحييني من جاءني من أهل بلدكم وأخبروني ما تقولون في عيسى بن مريم عليه السلام فقام جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكان خطيب القوم فقال إنما كلامي ثلاث كلمات إن صدقت فصدقني وإن كذبت فكذبني ومر أحد هذين الرجلين إن يتكلم وليصمت الآخر فقال عمرو أنا أتكلم قبله قال النجاشي أنت يا جعفر فتكلم قبله فقال جعفر إنما كلامي ثلاث كلمات سل هذا الرجل عبيد نحن أبقنا من أربابنا فارددنا إلى أربابنا فقال النجاشي عبيد هم يا عمرو فقال عمرو بل أحرار كرام فقال جعفر سل

هذا الرجل أهرقنا دما بغير حقه فادفعنا إلى أهل الدم فقال النجاشي آهراقوا دما بغير حقه فقال عمرو لا ولا قطرة واحدة من دم قال جعفر سل هذا الرجل آخذنا أموال الناس بالباطل فعندنا قضاء وإحتساب قال النجاشي يا عمرو إن كان على هؤلاء قنطار من ذهب فهو علي فقال عمرو و لا قيراط قال النجاشي فما تطلبونهم به قال عمرو كنا نحن وهم على دين واحد وأمر واحد فتركوه ولزمناه فقال النجاشي ما هذا الذي كنتم عليه فتركتموه وتبعتم غيره فقال جعفر أما الذي كنا عليه فدين الشيطان وأمر الشيطان كنا نكفر بالله ونعبد الحجارة وأما الذي نحن عليه فدين الله تعالى نخبرك أن الله تعالى بعث إلينا رسولا كما بعث إلى الذين من قبلنا فأتانا بالصدق والبر ونهانا عن عبادة الأوثان فصدقناه وآمنا به واتبعناه فلما فعلنا ذلك عادانا قومنا وأرادوا قتل النبي الصادق وردنا في عبادة الأوثان ففررنا إليك بديننا ودمائنا ولو أقرنا قومنا لاستقررنا فذلك خبرنا وأمرنا وأما شأن التحية فقد حييناك بتحية رسول الله والذي يحيي به بعضنا إلى بعض خبرنا رسول الله أن تحية أهل الجنة السلام فحييناك بالسلام وأما السجود فمعاذ الله أن نسجد إلا لله تعالى وأن نعدلك بالله وأما شأن عيسى عليه السلام فإن الله أنزل في كتابه على نبينا أنه رسول قد خلت من قبله الرسل وولدته مريم الصديقة العذراء البتول الحصان عليها السلام وهو روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم فهذا شأن عيسى عليه السلام فلما سمع النجاشي قول جعفر أخذ بيده عودا ثم قال لمن حوله صدق هؤلاء النفر وصدق نبيهم والله ما يزيد عيسى على ما يقول هذا الرجل وزن هذا العود وقال لهم امكثوا فأنتم سيوم والسيوم الآمنون فقد منعكم الله تعالى وأمر لهم بما يصلحهم ثم قال النجاشي أيكم أدرس للكتاب الذي أنزل على نبيكم فقرأ جعفر سورة مريم فلما سمعها عرف أنه الحق فقال زدنا من هذا الكتاب الطيب فقرأ عليهم سورة أخرى قال جعفر قد سمعت النصارى يقرؤنها فتفيض أعينهم من الدمع فلما سمعها عرف أنه الحق وقال صدقتم وصدق نبيكم أنتم والله الصديقون امكثوا بسم الله وبركته آمنين ممنوعين وألقي عليهم المحبة من النجاشي

99 - قال وحدثنا خالد بن النضر القرشي ثنا محمد بن عبدالأعلى الصنعاني ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه نحو حديث عروة بن الزبير وزاد فيه قال وقال النجاشي لجعفر بن أبي طالب وأصحابه مرحبا بكم وأهلا لكم عندي الذي يسركم ويصلحكم من النزل والرزق ورد عمرا وصاحبه وقال لا حاجة لي في نصيحتكما فإن هؤلاء قوم مظلومون وأنا لهم جار ماداموا في بلادي وأمر مناديه في أهل أرضه والله لا أعلم أحدا من الناس كلمهم إلا بما يشتهون إلا غرمته عشرة دنانير فاجتمع إليه ناس من علماء القسيسين ورهبان فقالوا للنجاشي اجمع بيننا وبين هؤلاء القوم فيقولون ونقول فإنه بلغنا أنهم يزعمون أن عيسى كان عبدالله ففعل النجاشي ذلك فجمع بينهم واختصموا فقال القسيسون والرهبان لجعفر وأصحابه ما كان دين إبراهيم فقالوا كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين فقال القسيسون نحن أعلم بإبراهيم منكم ونزل جبريل على رسول الله فأخبره بخصوص أصحابه عن النجاشي وأنزل عليه إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين فلما فرغ القوم من خصومتهم في إبراهيم عليه السلام قال القسيسون لجعفر وأصحابه ما تقولون في عيسى قال جعفر نقول فيه ما قال الله تعالى وأتى به رسول الله قالوا وما هو قال كلمة من الله وروحه ألقاها إلى مريم وروح منه عبد أكرمه الله تعالى وعلمه فكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طائرا بإذن الله ويبرىء الأكمه والأبرص بإذن الله ويحيى الموتى بأذن الله فقال القسيسون قد نعرف من نعت عيسى الذي تقولون غير أنه لم يكن بعبد فقال النجاشي والله ما يزيد عيسى بن مريم على ما يقول هذا الرجل وأصحابه مثل هذه النفاثه من سواكي وإن كان عيسى لكما يقولون وأني لا أدل على رجل خاصمهم فيه إلا غرمته مائة دينار ونفيته من أرض الحبشة 100 - قال وحدثنا جعفر بن سليمان النوفلي المدني ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري قال لما دعا رسول الله قومه إلى الذي بعثه الله من النور والهدى الذي أنزل عليه لم يتغادر منهم أول ما دعاهم فاستمعوا له حتى ذكر طواغيتهم فأنكروا ذلك عليه وقدم ناس من قريش من كبرائهم وأشرافهم من أموال لهم بالطائف فكرهوا ما قال رسول الله وأغروا

به من أطاعهم فانصفق عنه عامة الناس إلا من حفظ الله تعالى منهم وهم قليل فمكث بذلك ما قدر الله تعالى أن يمكث ثم إن قريشا ائتمرت بينهم واشتد مكرهم وهموا بقتل رسول الله أو إخراجه حين رأوا أصحابه يزدادون ويكثرون فعرضوا على قومه أن يعطوهم ديته ويقتلونه فحمي قومه من ذلك وقالت لهم قريش إن كان إنما بكم الحمية من أن تقتله قريش فنحن نعطيكم الدية ويقتله رجل من غير قريش فإنكم تعلمون أنه قد أفسد أبناءكم ونساءكم وعبيدكم فيأبى قومه ذلك فمنع الله رسوله ودفع كيد من كاده فقالت قريش اقتلوا محمدا بزحمة واجتمع من قبائل قريش كلها نفر فأحاطوا برسول الله وهو يطوف بالبيت حتى كادت أيديهم أن تحيط به أو تلتقي عليه فصاح أبو بكر رضي الله عنه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم فقال رسول الله دعهم يا أبا بكر فإني بعثت إليهم بالذبح فكبر ذلك عليهم وقالوا ما كذبنا بشيء قط وقال زهير بن أبي أمية مهلا يا أبا القاسم ما كنت جهولا فتفرقوا عنه واشتدوا على من اتبعه على دين الله من أبنائهم وإخوانهم وقبائلهم فكانت فتنة شديدة وزلزال شديد فمنهم من عصمه الله ومنهم من افتتن فلما فعل ذاك بالمسلمين أمرهم رسول الله حين دخل في الشعب مع بني عبدالمطلب الخروج إلى أرض الحبشة وكان بأرض الحبشة ملك يقال له النجاشي لا يظلم أحد بأرضه وكان يثني عليه وكان أرض الحبشة متجرا لقريش ومسكنا لتجارهم يجدون فيها رفقا من الرزق وأمانا ومتجرا حسنا فلما أمرهم رسول الله انطلق إليها عامتهم حين قهروا وتخوفوا الفتنة وخرج جعفر بن أبي طالب في رهط من المسلمين فرارا بدينهم إلى أرض الحبشة وبعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بن المغيرة وأمرهما أن يسرعا السير ففعلا وأهدوا للنجاشي فرسا وجبة ديباج وأهدوا لعظماء الحبشة هدايا فلما قدما على النجاشي قبل هداياهم وأجلس عمرو بن العاص على سريره فقال إن هذا الرجل الذي خرج بين أظهرنا وأفسد فينا قد تناولك ليفسد عليك دينك وملتك ونحن ناصحون لك وأنت لنا عامة صاحب صدق تأتي إلى عشيرتنا المعروف ويأمن تاجرنا عندك فبعثنا قومنا إليك لننذرك فساد أمتك وهؤلاء أصحاب الرجل قادمون عليك فادفعهم إلينا فقال عظماء الحبشة أجل فادفعهم إليه فقال النجاشي والله

لا أدفعهم إليه حتى أكلمهم وأعلم على أي شيء هم فقال عمرو بن العاص هم أصحاب الرجل الذي خرج فينا وسنخبرك بما نعرف من سفههم وخلافهم الحق إنهم لا يشهدون أن عيسى بن مريم ابن الله ولا يسجدون لك إذا دخلوا عليك ولا يحيونك كما يحييك من دخل عليك في سلطانك فأرسل النجاشي إلى جعفر وأصحابه فأجلس عمرا على سريره فلم يسجد جعفر ولا أصحابه وحيوه بالسلام فقال عمرو وعمارة ألم نخبرك خبر القوم والذي يراد بك فقال النجاشي ألا تخبروني أيها الرهط ما لكم لا تحيوني كما يحييني من أتاني من قومكم وأهل بلادكم وأخبروني ما تقولون في عيسى بن مريم وما دينكم أنصارى أنتم قالوا لا قال أفيهود أنتم قالوا لا قال فعلى دين قومكم قالوا لا قال فما دينكم قالوا الإسلام قال وما الإسلام قالوا نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا قال ومن جاءكم بهذا قالوا جاء به رجل من أنفسنا قد عرفنا وجهه ونسبه بعثه الله إلينا كما بعث الرسل من قبله فأمرنا بالصدق والوفاء وأداء الأمانة ونهانا أن نعبد الأوثان وأمرنا أن نعبد الله وحده لا شريك له فصدقناه وعرفنا كلام الله تعالى وعلمنا أن النبي جاء به من عند الله تعالى فلما فعلنا ذلك عادانا قومنا وعادوا النبي الصادق وكذبوه وأرادوا قتله وأرادونا على عبادة الأوثان ففررنا إليك بديننا ودمائنا من قومنا ولو أقرونا استقررنا فقال النجاشي والله إن خرج هذا الأمر إلا من المشكاة التي خرج منها أمر موسى فقال جعفر أما التحية فإن رسول الله أخبرنا أن تحية أهل الجنة السلام وأمر بذلك فحييناك بالذي يحيى بعضنا البعض وأما عيسى بن مريم فهو عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وابن العذراء البتول فخفض النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منه عودا فقال والله ما زاد ابن مريم على هذا العود فقال عظماء الحبشة والله لئن سمع الحبشة هذا لتخلعنك فقال النجاشي والله لا أقول في عيسى غير هذا أبدا والله ما أطاع لله الناس في حين رد إلى ملكي فأنا أطيع الناس في الله معاذ الله من ذلك وكان أبو النجاشي ملك الحبشة فمات والنجاشي غلام صغير فأومأ إلى أخيه أن إليك ملك قومي حتى يبلغ ابني فإذا بلغ فله الملك

فرغب أخوه في الملك فباع النجاشي من بعض التجار وقال للتاجر دعه حتى إذا أردت الخروج فآذني ادفعه إليك فآذنه التاجر بخروجه فأرسل بالنجاشي حتى وقفه عند السفينة ولا يدري النجاشي ما يراد به فأخذ الله عمه الذي باعه فمات قعصا فجاءت الحبشة بالتاج فوضعوه على رأس النجاشي وملكوه فلذلك قال النجاشي ما أطاع الله الناس في حين رد إلي ملكي وزعموا ان التاجر الذي كان ابتاعه قال ما لي بد من غلامي الذي ابتعته أو مالي فقال النجاشي صدق ادفعوا إليه فقال النجاشي حين كلمه جعفر بما كلمه وحين أبى أن يدفعه إلى عمرو أرجعوا إلى هذا هديته يريد عمرا والله لو رشوني في هذا دبرا من ذهب ما قبلته والدبر بكلام الحبشة الجبل وقال لجعفر وأصحابه امضوا فإنكم سيوم والسيوم الآمنون فقد منعكم الله وأمر لهم بما يصلحهم من الرزق وقال من نظر إلى هؤلاء الرهط نظرة تؤذيهم غرم وكان الله تعالى قد ألقى بين عمرو وعمارة في مسيرهما ذلك العداوة والبغضاء قبل أن يقدما على النجاشي ثم اصطلحا حين قدما على النجاشي ليدركا حاجتهما التي خرجا لها من طلب المسلمين فلما فاتهما ذلك رجعا إلى شيء مما كان عليه من العداوة وسوء ذات البين فمكر عمرو بعمارة فقال يا عمارة إنك رجل جميل فاذهب إلى امرأة النجاشي فتحدث عندها إذا خرج زوجها فإن ذلك عون لنا في حاجتنا فراسلها عمارة حتى دخل عليها فلما دخل عليها انطلق عمرو إلى النجاشي فقال له إن صاحبي هذا صاحب نساء وإنه يريد أهلك فاعلم ذلك فبعث النجاشي إلى بيته فإذا عمارة عند أهله فأمر به فنفخ في إحليله فألقي في جزيرة من البحر فاستوحش مع الوحش فرجع عمرو إلى مكة وقد أهلك الله صاحبه وخيب مسيره ومنعه حاجته قال الإمام رحمه الله تفسير الألفاظ الغريبة في الحديث قوله تناولك أي قصدك وقصد دينك وأبقنا هربنا والبتول المنقطعة عن الأزواج والحصان المحصنة وألقى عليهم المحبة أي وقع محبتهم في قلبه والنفاثة ما يرميه المتسوك من فمه مما يتشعث من طرف السواك قال أهل اللغة يقال نفث الراقي إذا رمى بريقه عند الرقية ويقال للسواحر النفاثات لأنهن ينفثن إذا سحرن وفي المثل لا بد للمصدور من أن ينفث المصدور الذي يشتكي صدره من سعال أو غيره فهو يستروح إلى النفث أي إلى ما يلقيه من جوفه من الريق

وقوله لم يتغادر منهم أحد أي لم يتخلف ولم يبق يقال غادرته أي تركته وتغادر أي تخلف وقوله مهلا أي أمهل وارفق أي أمسك عن هذا الكلام والشعب ما اتسع بين الجبلين وهو الشعب الذي بمكة نزله النبي وأهل بيته حين تحالفت قريش على معاداته والمتجر موضع التجارة والرفق المنفعة وقوله فحمى قومه أي غضبوا والحمية الأنف من الشيء والغضب وقوله أنت لنا غاية صدق كذا في كتابي فإن كان محفوظا فمعناه أنت حسن الجد في أمرنا والإحسان إلينا والمعروف وأنت لنا عامة أي جميعا صاحب صدق أي صاحب إحسان من المشكاة التي خرج منها أمر موسى عليه السلام أي من الموضع الذي خرج منه أمر موسى يعني من عند الله والجار المجير وسوء ذات البين قلة الموافقة والصلاح بين القوم وقوله فمات قعصا القعص الموت الوحي أي مات في الحال قال أهل اللغة قتله فأقعصه إذا قتله مكانه وقوله لتخلعنك أي لتعزلنك عن الملك وحزب الله أي جند الله أدرس أي أقرأ وقوله فنفخوا في إحليله أي فعلوا به سحرا حتى جن واستوحش فكان يعدو مع الوحش في الفلوات حتى مات فصل 101 - أخبرنا أبو طالب البيع ثنا أبو الحسن بن ماشاذة ثنا عبدالله بن جعفر ثنا إبراهيم بن فهد حدثني عبدالجليل بن الحارث أبو صالح الضف وحدثتني شيبة ابنة الأسود وكانت ابنة عمة أبي قالت حدثتني روضة قالت كنت وصيفة لامرأة من أهل المدينة فلما هاجر النبي من مكة إلى المدينة قالت لي مولاتي يا روضة قومي على باب الدار فإذا مر هذا الرجل فأعلميني قالت فمر النبي ومعه أصحابه فأخذت بطرف ثوبه فتبسم في وجهي قالت شيبة وأظنها قالت ومسح يده على رأسي فقلت لمولاتي قد جاء هذا الرجل فخرجت إليه مولاتي ومن كان معها في الدار فعرض عليهن الإسلام فأسلمن قالت شيبة وكانت روضة معي في الدار في بني سليم فإذا اشتروا مملوكا أو خادما أو ثوبا أو طعاما قالوا يا روضة ضعي يدك عليه قالت فكان كل شيء مسته فيه البركة

فصل 102 - أخبرنا أبو طالب البيع ثنا أبو الحسن بن ماشاذة ثنا غياث بن محمد ثنا الحسن بن المثنى ثنا عفان ثنا أبان ثنا قتادة عن شهر بن حوشب عن أبي عبيد رضي الله عنه أنه طبخ لرسول الله قدرا فيها لحم فقال رسول الله ناولني ذراعها فناولته فقال ناولني ذراعها فناولته فقال ناولني ذراعها فقلت يا رسول الله كم للشاة من ذراع قال والذي نفسي بيده لو سكت لأعطتك أذرعا ما دعوت 103 - أخبرنا عبدالرحمن بن محمد بن أحمد السمسار ثنا علي بن محمد بن ميلة ثنا عبدالله بن جعفر ثنا أحمد بن يونس ثنا يعلى بن عبيد بن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن دكين بن سعيد رضي الله عنه قال أتينا رسول الله أربعين راكبا أو أربع مائة نسأله الطعام فقال لعمر اذهب فأعطهم فقال يا رسول الله ما هي إلا آصع من تمر ما أرى يقيظن بني فقال اذهب فأعطهم فقال سمعا وطاعة قال فأخرج عمر المفتاح من حزته ففتح الباب فإذا شبه الفصيل الرابض من تمر فقال لنا خذوا فأخذ كل رجل منا ما أحب ثم التفت وكنت من آخر القوم وكأنا لم نرزه تمرة قال الإمام قوله آصع جمع صاع يقيظن بني أي ما يكفيهم لقيظهم قال الشاعر ... من يك ذا بت فهذا بتي ... مقيظ مصيف مشتى ... البت الكساء مقيظ أي يكفيني في قيظي يعني في شدة الحر مصيف يكفيني في صيفي مشتى يكفيني في الشتاء والحزة لغة في الحجزة يعني حجزة السراويل كأنه أدعم الجيم في الزاء والفصيل ولد الناقة إذا فصل عن أمه والرابض البارك لم نرزه أي لم ننقصه ولم نأخذ منه فصل 104 - أخبرنا عبدالوهاب بن محمد بن إسحاق أنا والدي أبو عبدالله انا عبدالله

ابن أحمد ثنا إسماعيل بن عبدالله ثنا عبدالله بن يوسف ثنا عبدالله بن وهب ح قال أبو عبدالله وأخبرنا حمزة بن محمد الكناني ثنا أحمد بن شعيب بن بحر ثنا أحمد بن عمرو أبو طاهر ثنا عبدالله بن وهب أنا يونس بن يزيد ح قال أبو عبدالله أخبرنا أبو عمرو احمد بن محمد بن إبراهيم ثنا موسى بن سعيد بن النعمان ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد اخبرني أبي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها حدثته أنها قالت لرسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد فقال لقد لقيت من قومك وكان أشد مالقيت منهم يوم العقبة إني عرضت نفسي على ابن عبد ياليل ابن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت وانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا أنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فإذا فيها جبريل فناداني أن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني أمرك بما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال رسول الله بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا شريك له وقال ابن يوسف لا يشرك به شيء قال الإمام رحمه الله الأخشبان جبلان بمكة 105 - وأخبرنا أبو عمرو أنا والدي أنا أبو الحسن علي بن العباس بن الأشعث الغزي ثنا محمد بن حماد أنا عبدالرزاق ح قال أبو عبدالله وأنا عبدالرحمن بن يحيى ثنا أبو مسعود ثنا أبو داود الحفري وعبدالرزاق جميعا عن سفيان بن سعيد عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن وهب بن ربيعة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال إني لمستتر بأستار الكعبة إذا أقبل ثلاثة نفر ثقفي ختناه قرشيان أو قرشي ختناه ثقفيان فتكلموا بينهم فقال أحدهم أترى الله يسمع ما نقول قال الآخر أراه يسمع إذا رفعنا ولا يسمع إذا خفضنا فقال الآخر إن كان يسمع منه شيئا إنه يسمع كله قال عبدالرزاق في حديثه قال ابن مسعود رضي الله عنه فذكرت ذلك للنبي فأنزل الله وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم الآية وليس في رواية أبي معمر عن عبدالله فذكرت ذلك للنبي

فصل 106 - اخبرنا أحمد بن علي بن خلف أنا أبو عبدالرحمن السلمي انا محمد بن محمد بن إسماعيل الفامي ثنا الحسين بن زياد القباني ثنا إسحاق بن إبراهيم أنا يزيد بن هارون ح قال أبو عبدالرحمن السلمي وأخبرنا إسماعيل بن عبدالله ثنا علي بن سعيد العسكري ثنا أبو أمية عبدالله بن محمد بن خلاد الواسطي ثنا يزيد بن هارون أنا المستلم ابن سعيد ثنا خبيب بن عبدالرحمن بن خبيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال أتيت النبي أنا ورجل من قومي في بعض مغازيه فقلنا إنا نشتهي أن نشهد معك مشهدا قال أسلمتم قلنا لا قال فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين قال فأسلمنا وشهدت مع رسول الله وأصابتني ضربة على عاتقي فجافتني فتعلقت يدي فأتيت رسول الله فتفل عليها وألزقها فالتأمت وبرأت وقتلت الذي ضربني ثم تزوجت ابنة الذي قتلته وضربني وكانت تقول لا عدمت رجلا وشحك هذا الوشاح فأقول لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار قال الإمام رحمه الله جافتني أي بلغت جوفي يقال طعنة جائفة إذا وصلت إلى الجوف والتفل فوق النفث وهو أن يرمي بريقه أي رمى بريقه على الجراحة فالتأمت أي انضم بعضها الى بعض ولا عدمت دعاء وقولها وشحك أي أثر بجسدك هذا الأثر يعني أثر الضربة على عاتقه 107 - وأخبرنا أحمد بن علي أنا أبو عبدالرحمن السلمي أنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن علي بن زياد ثنا علي بن سعيد العسكري ثنا إسحاق بن الصيف الباهلي ثنا عبدالرزاق أنا معمر عن الزهري أخبرني عبدالله بن عامر بن ربيعة عن حارثة بن النعمان قال مررت بالنبي وهو جالس على المقاعد مع جبريل عليه السلام فسلمت عليه ثم مررت فلما رجعت وانصرف النبي قال لي هل رأيت الذي كان معي فقلت نعم قال إنه جبريل وقد رد عليك السلام 108 - واخبرنا أحمد بن علي أنا أبو عبدالرحمن السلمي أنا الإمام أبو زيد محمد بن أحمد الفقيه المروزي بها ثنا إبراهيم بن شيبان الزاهد ثنا علي بن الحسن بن أبي العنبر ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا أبو شيبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنه قال نظر رسول الله إلى حنظلة الراهب وحمزة بن عبدالمطلب يغسلهما الملائكة

109 - وأخبرنا أحمد بن علي أنا أبو عبد الرحمن السلمي ثنا جدي ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا محمد بن يحيى ثنا النفيلي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن حنظلة بن أبي عاصم أنه التقى هو وأبو سفيان بن حرب فلما استعلاه حنظلة رآه شداد بن الأسود وكان يقال له ابن شعوب قد علا أبا سفيان فضربه شداد فقتله فقال رسول الله إن صاحبكم يعني حنظلة لتغسله الملائكة فسلوا أهله ما شأنه فسئلت صاحبته فقالت خرج وهو جنب حين سمع الهائعه فقال رسول الله لذلك غسلته الملائكة قال الإمام قال أهل اللغة الهائعة والهيعة صوت القتال فصل 110 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي أنا أبو القاسم بن أبي أبي بكر بن أبي علي أنا عبد الله بن محمد القباب ابن أبي عاصم ثنا الحسن بن علي ثنا زيد بن الحباب حدثني رافع بن سلمة بن زياد بن أبي الجعد الأشجعي حدثني عبيد الله بن أبي الجعد الأشجعي حدثني جعيل الأشجعي رضي الله عنه قال خرجت مع رسول الله في بعض غزواته على فرس عجفاء مهزولة قال فدنا مني رسول الله فقال سر فقلت يا رسول الله إنها عجفاء ضعيفة فدنا مني فضربها بمخفقة معه فقال اللهم بارك له فيها وكنت في أخريات القوم فما ملكت رأسها قدام القوم قال وبعت من بطنها باثني عشر ألفا أو قال اثنى عشر ألفا قال الإمام رحمه الله قوله بمخفقة أي بسوط وقوله من بطنها أي من نسلها 111 - قال وأخبرنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا أبو يحيى محمود بن عبد الرحيم ثنا حسين بن محمد المروزي ثنا جرير بن حازم عن ابن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال فزع الناس فركب رسول الله فرسا لأبي طلحة يبطيء ثم خرج يركض

وحده فركب الناس يركضون فقال لن تراعوا إنه لبحر قال والله ما سبق بعد ذلك اليوم قال الإمام رحمه الله قوله إنه لبحر شبهه بالبحر في سرعة سيره وكثرة جريه ولن تراعوا لن تخافوا 112 - قال وأخبرنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا عبد الوهاب بن الضحاك ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عامر عن عبدالرحمن بن حرملة عن يحيي بن هند بن جارية عن هند بن جارية أو حارثة قال مر رسول الله بنفر من أسلم يتناضلون فقال ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ارموا وأنا مع ابن الأدرع قال فطرحوا نبالهم وقالوا يا رسول الله من كنت معه غلب فقال ارموا وأنا معكم كلكم قال فانقلبوا على السواء قال الإمام رحمه الله يتناضلون أي يترامون والنضال والمناضلة المراماة وأسلم قبيلة وانقلبوا على السواء أي لم يغلب واحد منهم آخر بل كانوا كلهم مستوين في الرمي وعدد الإصابة فصل 113 - أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي ببغداد أنا محمد بن عمر بن علي الوراق أنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني ثنا عيسى بن حماد أنا الليث ابن سعد عن يحيي بن سعيد عن محمد بن يحيي بن حبان عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن خالته أم حرام ابنة ملحان أنها قالت نام رسول الله نوما قليلا ثم استيقظ فتبسم فقلت يا رسول الله ما أضحكك قال ناس من أمتي عرضوا علي يركبون ظهر هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة قالت فأدع الله تعالى أن يجعلني منهم فدعا لها ثم نام الثانية ففعل مثلها فقالت مثل قولها وأجابها مثل جوابه الأول قالت فادع الله تعالى أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين قال فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت رضي الله عنه غازية أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عنه فلما انصرفوا من غزاتهم قافلين فنزلوا الشام قربت إليها دابة لتركبها

فصرعتها فماتت 114 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي أنا أبو بكر بن مردوية ثنا إبراهيم بن محمد أنا أحمد بن علي ثنا أبو خيثمة ثنا ابن عيينة عن أبي موسى عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه قال سمعت النبي يقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين قال أبو خيثمة يعني الحسن رضي الله عنه قال الإمام رحمه الله في هذا الحديث من دلالة النبوة إنه كان الأمر كما ذكر أصلح الله به بين جند العراق وجند الشام 115 - أخبرنا محمد بن أحمد أنا أبو بكر بن مردوية ثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال صبح رسول الله خيبر يوم الخميس بكرة فجاء وقد فتحوا الحصن وخرجوا منه معهم المساحي فلما رأوه جالوا إلى الحصن فقالوا محمد والخميس محمد والخميس فقال النبي الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين قال الإمام رحمه الله قوله المساحي جمع المسحاة وهي المد الذي يحفر به الأرض وجالوا إلى الحصن أي هربوا أليه ولجأوا والخميس الجيش أي جاء محمد والجيش معه وفيه من دلالة النبوة أنه كان كما قال خربت خيبر بعد نزوله بساحتهم فصل 116 - أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن الذكواني أنا أحمد بن موسى الحافظ ثنا محمد بن علي بن دحيم ثنا أحمد بن حازم بن محمد الغفاري أنا عبيدالله بن موسى ثنا القاسم ابن الفضل الحداني عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بينما راع يرعى بالحرة إذ عرض ذيب لشاة فحال الراعي بين الذئب والشاة فأقعى الذئب على ذنبه ثم قال للراعي ألا تتقي الله تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي فقال الراعي العجب من ذئب مقع على ذنبه يتكلم بكلام الإنس فقال الذئب ألا أحدثك بأعجب مني رسول

الله بين الحرتين يحدث الناس بأنباء ما قد سبق فساق الأعرابي شاءه حتى أتى المدينة فزواها إلى زواية ثم دخل على رسول الله فحدثه بحديث الذئب فخرج رسول الله إلى الناس فقال للراعي قم فأخبرهم قال فأخبر الناس بما قال الذيب فقال رسول الله صدق الراعي ألا أنه من أشراط الساعة كلام السباع الإنس والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ويكلم الرجل شراك نعله وعذبة سوطه ويخبره بما أحدث أهله بعده 117 - أخبرنا أبو محمد الحسين بن أحمد السمرقندي الحافظ بنيسابور أنا أبو إبراهيم إسماعيل بن عيسى بن عبدالله التاجر السمرقندي بها ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى بن الفضل بن عبدالله الفارسي ثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين الجرجاني الحافظ بسمرقند ثنا مسعدة بن بكر الفرغاني بمرو وأنا سألته فأملي علي بعد جهد ثنا محمد بن أحمد بن أبي عون ثنا عمار بن الحسن ثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق بن يسار عن يزيد بن رومان وصالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت استعرت من حفصة بنت رواحة إبرة كنت أخيط بها ثوب رسول الله فسقطت عني الإبرة فطلبتها فلم أقدر عليها فدخل رسول الله فتبينت الإبرة لشعاع نور وحهه فضحكت فقال يا حميراء بم ضحكت قلت كان كيت وكيت فنادى بأعلى صوته ياعائشة الويل ثم الويل ثلاثا لمن حرم النظر إلى هذا الوجه فصل 118 - ذكر أبو الشيخ رحمه الله في دلائل النبوة حدثنا أبو الفضل محمد بن عبدالرحمن بن موسى بن أبي حرب الصفار ثنا العباس بن الفرج الرياشي ثنا سليمان بن عبدالعزيز بن أبي ثابت عن عبدالحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه عن سعد بن عبادة الساعدي رضي الله عنه فال بعثني رسول الله إلى حضرموت في حاجة قبل الهجرة حتى إذا كنت في بعض الطريق عرست ساعة من الليل فسمعت هاتفا يقول ... أبا عمر تأوبني السهود ... وزاح النوم وامتنع الهجود

لذكر عصابة سلفوا وبادوا ... وكل الخلق قصرهم يبيد ... تولوا واردين إلى المنايا ... حياضا ليس ينهضها الورود ... مضوا لسبيلهم وبقيت خلفا ... وحيدا ليس يشفعني وحيد ... سدى لا أستطيع علاج أمر ... إذا ما عالج الطفل الوليد ... فلأيا ما بقيت إلى إزاء ... وقد بانت بمهلكها ثمود ... وعاد والقرون بذي شعوم ... سواء كلهم ارم حصيد ... قال ثم صاح به آخر يا جرعب ذهب بك اللعب إن أعجب العجب بين زهرة ويثرب قال وما ذاك يا شاصب قال نبي السلام بعث بخير الكلام إلى جميع الأنام فأخرج من البلد الحرام إلى نخيل وآطام قال ما هذا النبي المرسل والكتاب المنزل والآي المفصل قال هذا رجل من ولد لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة قال هيهات فات عن هذا سني وذهب عنه زمني لقد رأيتني والنضر بن كنانة نرمي غرضا واحدا ونشرب حلبا باردا ولقد خرجت به من دومة في غداة شبمة وطلع من الشمس وغرب معها نروي ما نسمع ونثبت ما نبصر فلئن كان من ولده لقد سل السيف وذهب الخوف ودحض الزنى وهلك الربى قال فأخبرني ما يكون قال ذهبت الضراء والمجاعة والشدة والشجاعة إلا بقية في خزاعة وذهب الضراء والبوس والخلق المتعوس إلا بقية الخزرج والأوس وذهبت الخيلاء والفخر والنميمة والغدر إلا بقية في بني بكر يعني بكر بن هوازن وذهب الفعال المندم والعمل المؤثم إلا بقية في خثعم قال أخبرني ما يكون قال إذا غلت البرة وكظمت الجرة فاخرج من بلاد الهجرة وإذا كف السلام وقطعت الأرحام فاخرج من البلد التهام قال أخبرني ما يكون قال لولا أذن تسمع وعين تلمع لأخبرتك بما يفزع ثم قال لا منام هدأته بنعيم يا بن غوط و لا صباح أتانا قال ثم صرصرة كأنها صرة حبلى فأضاء الفجر فذهبت لأنظر فإذا عظاية وثعبان ميتان قال فما علمت أن رسول الله هاجر إلى المدينة إلا بهذا الحديث

قال الإمام رحمه الله تفسير الألفاظ الغريبة في الحديث الحرة حرة المدينة وهي أرض فيها حجارة سود حول المدينة فأقعى أي استوى قاعدا على ذنبه وقوله شاءة جمع شاة وعذبة السوط طرفه وعذبة اللسان طرفه وقولها كيت وكيت أي كذا وكذا وهو كناية عما جرى تأوبني رجع إلي وهو تفعل من آب يؤب السهود الأرق وترك النوم زاح ذهب وبطل بادوا أي هلكوا قصرهم أي غايته ينهضها كذا في الكتاب بالنون والضاد ولعله يبهظها بالباء الظاء ومعناه يثقل عليها ويشق يشفعني يصير شفعا لي أي ثانيا سدى أى مهملين فلأيا أي بعد زمان إلى إزاء أي حال والإزاء الحذاء والمقابلة وذي شعوم موضع وحصيد هالك وجرعب اسم الجني وكذا شاصب ويثرب اسم المدينة والآطام الحصون والغرض الهدف وشبمة بارذة والخلق المتعوس أي العادة القبيحة كظمت حبست والحرة ما يخرجها البعير من جوفه فيمضغه وصر أي صاح والعظاية هذه الدابة التي تسمى سام أبرص فصل 119 - أخبرنا أحمد بن علي بن خلف أنا أبو عبدالرحمن السلمي أنا أبو بكر الريويخي أنا الحسن بن سفيان ثنا حرملة أنا ابن وهب حدثني معاوية عن أبي عبدالله محمد الأسدي أنه سمع وابصة الأسدي قال جئت لأسأل رسول الله عن البر والإثم فقال من قبل أن أسأله جئت ياوابصة تسألني عن البر والإثم قلت أي والذي بعثك بالحق إنه للذي جئت أسألك عنه فقال البر ما انشرح له صدرك والإثم ما حاك في نفسك وإن أفتاك عنه الناس قال الإمام رحمه الله قوله حاك بتخفيف الكاف أي أثر الوسوسة فيه 120 - أنا أحمد بن علي أنا أبو عبدالرحمن السلمي ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم أنا محمد بن عبدالحكم الرملي ثنا آدم بن أبي إياس ثنا سليمان بن حيان عن داود بن أبي هند ح قال أبو عبدالرحمن وأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن زكريا ثنا الحسين بن محمد بن زياد القباني ثنا إسحاق بن شاهين ثنا خالد بن عبدالله ح قال

أبو عبد الرحمن السلمي وأنا عبيد الله بن محمد بن حمدان الحنبلي أنا ابن منيع ثنا وهب ابن بقية ح قال أبو عبد الرحمن السلمي وأنا محمد بن عبد الله بن قريش واللفظ له أنا الحسن بن سفيان ثنا وهب بن بقية ثنا خالد بن عبد الله عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن طلحة قال كان الرجل إذا قدم المدينة فكان له بها عريف نزل على عريفه فإن لم يكن له بها عريف نزل الصفة فكنت فيمن نزل الصفة فرافقت رجلا وكان يجري علينا من رسول الله كل يوم مد من تمر بين رجلين فسلم ذات يوم من الصلاة فناداه رجل منا فقال يا رسول الله قد أحرق التمر بطوننا وتخرقت عنا الخنف والخنف ثياب برود شبه اليمانية قال فمال رسول الله إلى منبره فصعده فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر ما لقي من قومه قال حتى مكثت أنا وصاحبي بضعة عشر يوما ما لنا طعام إلا البرير والبرير ثمر الأراك فقدمنا على إخواننا من الأنصار وعظم طعامهم التمر فواسونا فيه فوالله لو أجد لكم الخبز واللحم لأطعمتكم ولكن لعلكم تدركون زمانا أو من أدركه منكم تلبسون مثل أستار الكعبة ويغدى ويراح عليكم بالجفان 121 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه أنا أبو بكر بن مردويه قال قريء علي أبي عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم ثنا أبو الحسن أحمد بن مسعود المقدسي ثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنا أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال بينما نحن عند رسول الله وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال يا رسول الله اعدل فقال ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل فقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه فقال رسول الله فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدر در يخرجون على خير فرقة من الناس قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله وأشهد أن علي بن أبي طالب

رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت أليه على نعت رسول الله الذي نعته قال الإمام رحمه الله هذا حديث مخرج في صحيح البخاري والمروق خروج الشيء من الشيء بسرعة وقوله تدردر أصله تتدردر حذفت إحدى التاءين تخفيفا ومعناه تتحرك وتضطرب فصل 122 - حدثنا أبو رجاء بندار بن محمد أنا أبو أحمد محمد بن علي المكفوف ثنا أبو بكر عبد الله بن محمد القباب ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا محمد بن علي عن أبي جناب عن عبدالله بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال جاء أعرابي إلى رسول الله فقال إن لي أخا وبه وجع قال وما وجعه قال به لمم قال فأتني به فوضعه بين يديه فعوذه رسول الله بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة وهاتين الآيتين وإلهكم إله واحد وآية الكرسي وثلاث آيات من آخر سورة البقرة وآيه من آل عمران شهد الله وآية من الأعراف إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض وآخر سورة المؤمنين وآيه من سورة الجن وإنه تعالى جد ربنا وعشر آيات من أول الصافات وثلاث آيات من آخر سورة الحشر وقل هو الله أحد والمعوذتين فقام الرجل كأنه لم يشتك شيئا قط قال الإمام رحمه الله قال أهل اللغة اللمم الجنون فصل 123 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي أنا أبو القاسم بن أبي بكر بن أبي علي أنا أبو بكر القباب ثنا ابن أبي عاصم ثنا يعقوب بن حميد ثنا سفيان بن حمزة عن كثير ابن زيد عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي عن أبيه قال نفرنا مع رسول الله في سفرة في ليلة ظلماء حندس فأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهورهم وما هلك منهم وإن أصابعي لتنير

124 - قال وحدثنا ابن أبي عاصم ثنا أبو موسى ثنا معاذ بن هشام ثنا أبي عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلين من أصحاب النبي خرجا من عند نبي الله ذات ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما فلما افترقا كان مع كل واحد منهما حتى أتى أهله 125 - قال وحدثنا ابن أبي عاصم ثنا الحسن بن علي ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن سعد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن جده قتادة بن النعمان أنه قال كانت ليلة شديدة الظلمة و المطر فقلت لو أني اغتنمت الليلة العتمة مع رسول الله ففعلت فلما انصرف النبي أبصرني ومعه عرجون يمشي عليه فقال مالك يا قتادة هذه الساعة هاهنا فقلت اغتنمت شهود الصلاة معك فأعطاني العرجون بمثل الشمعة نورا فاستضأت به فأتيت أهلي فوجدتهم رقدوا فنظرت في الزاوية فإذا فيها يعني سنورا أسود فلم أزل أضربه بالعرجون حتى خرج قال الإمام رحمه الله قوله ظلماء حندس الحندس الشديد الظلمة وإنما أضاءت أصابعه دلالة على نبوة النبي وفي الكتاب ظهورهم والمحفوظ ظهرهم والظهر الدواب وهي جمع والعرجون غصن النخلة فصل 126 - أخبرنا أبو نصر سهل بن محمد النيسابوري أنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي أنا أبو بكر الجوزقي ثنا أبو العباس الدغولي أنا أبو بكر هو ابن أبي خيثمة ثنا مالك ابن إسماعيل ثنا ابن الغسيل ثنا عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان عن جده قتادة أنه أصيب عينه يوم بدر فسالت حدقته على وجنته فأراد القوم أن يقطعوها فقالوا تأتي رسول الله تستشيره في ذلك فجاء نبي الله فأخبره الخبر فأدناه رسول الله منه فرفع حدقته حتى وضعها موضعها ثم غمزها براحته وقال اللهم اكسه جمالا فمات وما يدري من لقيه أي عينيه أصيبت

127 - أخبرنا أحمد بن زاهر الطوسي أنا محمد بن إبراهيم الفارسي ثنا محمد بن عيسى بن عمروية ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا هناد بن السري ثنا ابن المبارك عن عكرمة بن عمار حدثني سماك الحنفي قال سمعت ابن عباس رضي الله عنه يقول حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما كان يوم بدر قال مسلم وحدثني زهير بن حرب واللفظ له ثنا عمر بن يونس الحنفي ثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل هو سماك الحنفي حدثني عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله القبلة ثم مد يده فجعل يهتف بربه اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آتني ما وعدتني اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال يا نبي الله كذاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله تعالى إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين فأمده الله بالملائكة قال أبو زميل فحدثني ابن عباس قال بينما رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وسوط الفارس يقول أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث ذاك رسول الله فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة قتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين قال أبو زميل قال ابن عباس رضي الله عنه فلما أسروا الأسارى قال رسول الله لأبي بكر وعمر ما ترون في هؤلاء الأسارى فقال أبو بكر يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة وأرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام فقال رسول الله ما ترى يا ابن الخطاب قلت لا والله ما أرى الذي رأى أبو بكر ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه وتمكني من فلان نسيب لعمر فأضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها فهوى رسول الله ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فلما كان من الغد

جئت فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله وأنزل الله ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن إلى قوله فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا فأحل الله الغنيمة لهم 128 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه أنا أبو بكر بن مردويه ثنا عبدالله ابن إسحاق بن إبراهيم ثنا الحسن بن سلام السواق ثنا عبيدالله بن موسى ثنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال سمع عبدالله رضي الله عنه بخسف فقال كنا أصحاب محمد نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفا بينما نحن مع رسول الله وليس معنا ماء فقال لنا رسول الله اطلبوا من معه فضل ماء فأتى بماء فصبه في إناء ثم وضع كفه فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه ثم قال حي على الطهور المبارك والبركة من الله تعالى فشربنا منه فقال عبدالله قد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل 129 - قال وأخبرنا أبو بكر بن مردويه ثنا محمد بن علي بن دحيم ثنا أحمد بن حازم أنا أبو غسان ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها حتى لم نترك فيها قطرة فجلس رسول الله على شفير البئر فدعا بماء فتمضمض ومج في البئر قال فمكثنا غير بعيد ثم استقينا حتى روينا ورويت أو صدرت ركابنا الشك من أبي غسان 130 - قال وأخبرنا أبو بكر ابن مردويه ثنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم ثنا محمد ابن بشر بن مطر ثنا شيبان ثنا عبدالعزيز بن مسلم عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر رضي الله عنه قال عطش الناس يوم الحديبية وسول الله بين يديه ركوة يتوضأ منها إذ جهش الناس نحوه فقال ما لكم قالوا يا رسول الله ليس عندنا ماء نشرب ولا نتوضأ إلا ما بين يديك قال فوضع رسول الله يديه في الركوة فجعل الماء

يفور بين أصابعه مثل العيون فشربوا وتوضؤا قال قلت كم كنتم قال لو كنا مائة ألف كفانا كنا خمس عشرة مائة 131 - قال وأخبرنا أبو بكر بن مردوية ثنا إبراهيم بن علي البصري ثنا إسماعيل ابن إسحاق ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد بن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال أتى النبي بإناء وهو بالزوراء قدر ما لا يغمر أصابعه أو هو قدر ما يواري أصابعه فأمر أصحابه أن يتوضؤا ووضع كفه في الماء فجعلنا نرى الماء ينبع من بين أصابعه أو أطراف أصابعه حتى توضأ القوم قلنا لأنس كم كنتم قال ثلاث مائة أو زهاء ثلاث مائة وفي رواية أتى بماء في قدح فوضع يده فيه وجعل ينبع الماء من بين أصابعه وفي رواية عن أنس رضي الله عنه أيضا قال حضرت صلاة مكتوبة فقام كل قريب الدار إلى طهوره ومكث أناس فأتى رسول الله بمخضب فيه ماء فصغر أن يبسط فيه كفه فتوضأ القوم كلهم قلت كم كانوا يا أبا حمزة قال قد زادوا على ثمانين 132 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي عمرو قال وجدت في كتاب جدي أبي عبد الله أنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الهمذاني ثنا محمد بن عبد السلام البيروتي ثنا عبد الله بن داود بن الدلهاث حدثني أبي أن أباه حدثه عن إسماعيل بن عبد الله بن مسرع بن ياسر عن أبيه عبد الله عن أبيه مسرع بن ياسر أن أباه ياسرا حدثه عن عمرو بن مرة الجهني ح قال عبد الله بن داود وحدثني به الوليد بن عبد الرحمن بن محمد عن جده محمد بن حماد أن أباه حماد بن عبد الله حدثه عن أبيه عبد الله أنه حدثه عن أبيه مسرع بن ياسر أن ياسر بن سويد حدثه عن عمرو بن مرة الجهني أنه كان يحدث قال خرجت حاجا في جماعة من قومي في الجاهلية فرأيت وأنا بمكة نورا ساطعا من الكعبة حتى أضاء لي جبل يثرب وأشعر وجهينة فسمعت صوتا في النور وهو يقول انقشعت الظلماء وسطع الضياء وبعث خاتم الأنبياء ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن فسمعت صوتا في النور وهو يقول ظهر الإسلام وكسرت الأصنام ووصلت الأرحام فانتبهت فزعا فقلت لقومي والله ليحدثن في هذا الحي من قريش حدث وأخبرتهم بما رأيت فلما انتهينا إلى بلادنا قيل إن رجلا يقال له احمد قد بعث فخرجت

حتى أتيته فأخبرته بما رأيت فقال لي يا عمرو بن مرة أنا النبي المرسل إلى العباد كافة أدعوهم إلى الإسلام وآمرهم بحقن الدماء وصلة الأرحام وعبادة الله تعالى ورفض الأصنام وحج البيت وصيام شهر رمضان شهر من اثني عشر شهرا من أجاب فله الجنة ومن عصى فله النار فآمن بالله ياعمرو بن مرة يؤمنك الله من هول جهنم فقلت يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله آمنت بما جئت به من حلال وحرام وإن أرغم ذلك كثيرا من الأقوام وأنشدته أبياتا قلتها حين سمعت به وكان لنا صنم وكان أبي سادنه فقمت إليه فكسرته حتى لحقت بالنبي وأنا أقول ... شهدت بأن الله حق وأنني ... لآلهة الأحجار أول تارك ... وشمرت عن ساقي الإزار مهاجرا ... أجوب إليه الوعث بعد الدكادك ... لأصحب خير الناس نفسا ووالدا ... رسول مليك الناس فوق الحبائك ... فقال رسول الله مرحبا بك يا عمرو فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ابعثني إلى قومي لعل الله أن يمن عليهم بي كما من علي بك فبعثني إليهم فقال عليك بالرفق والقول السديد ولا تك فظا ولا متكبرا ولا حسودا فأتيت قومي فقلت يا بني رفاعة بل يا معشر جهينة إني رسول رسول الله إليكم أدعوكم إلى الجنة وأحذركم النار وآمركم بحقن الدماء وصلة الأرحام وعبادة الله ورفض الأصنام وحج البيت وصيام شهر رمضان شهر من اثني عشر شهرا من أجاب فله الجنة ومن عصى فله النار يا معشر جهينة إن الله وله الحمد جعلكم خيار من أنتم منه وبغض إليكم في جاهليتكم ما حبب إلى غيركم من العرب كانوا يجمعون بين الأختين ويخلف الرجل على امرأة أبيه والغزاة في الشهر الحرام فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤي بن غالب تناولوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة وسارعوا في ذلك يكن لكم فضيلة عند الله فأجابوا إلا رجلا منهم فقال يا عمرو أمر الله عيشك أتأمرنا أن نرفض آلهتنا ونفارق جماعتنا ونخالف دين آبائنا إلى ما يدعونا إليه هذا القرشي من أهل تهامة لا ولا حبا ولا كرامة ثم أنشأ يقول ... إن ابن مرة قد أتى بمقالة ... ليست مقالة من يريد صلاحا ... إني أرى من قوله وفعاله يوما ... وإن طال الزمان ذباحا ... أتسفه الأشياخ ممن قد مضى ... من رام ذاك فلا أصاب فلاحا

فقال عمرو بن مرة الكاذب مني ومنك أمر الله عيشه وأبكم لسانه وأكمه أسنانه قال عمرو والله ما مات حتى سقط فوه وكان لا يجد طعم الطعام وخرس فخرج عمرو ابن مرة ومن أسلم من قومه حتى أتوا النبي فكتب لهم كتابا هذه نسخته بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب أمان من الله على لسان رسول الله بكتاب صادق ولسان ناطق مع عمرو بن مرة لجهينة بن زيد أن لكم بطون الأرض وسهولها وتلاع الأودية وظهورها ترعون نباته وتشربون ما فيه على أن تقروا بالخمس وتصلوا صلاة الخمس وفي التيعة والصريمة شاتان إذا اجتمعتا وإن فرقتا شاة شاة ليس على أهل الميرة صدقة وليس للوارد التيعة والله يشهد على ما بيننا ومن حضر من المسلمين بكتاب قيس بن شماس فهذا حين يقول عمرو بن مرة ... ألم تر أن الله أظهر دينه ... وبين برهان القران لعامر ... كتاب من الرحمن نور لجمعنا ... وأحلافنا في كل باد وحاضر ... إلى خير من يمشي على الأرض كلها ... وأفضلها عند اعتكاك الضرائر ... أطعنا رسول الله لما تقطعت ... بطون الأعادي بالظماء الخواطر ... فنحن قبيل قد بنى المجد حولنا ... إذا اختليت بالحرب هام الأكابر ... بنو الحرب نفريها وميض ... تلألؤ في أكف المغاور ... ترى حوله الأنصار يحمون سربهم ... بسمر العوالي والصفيح البواتر ... قال الإمام رحمه الله تفسير الألفاظ الغريبة في الحديث قوله ساطعا يقال سطع الغبار إذا ارتفع وأشعر وجهينة قبيلتان وانقشعت أي انجلت وابيض المدائن حضر المدائن وحقن الدماء حبسها وترك إراقتها والسادن الذي يخدم الأصنام وآلهة الأحجار أصنام من حجارة أجوب أقطع والوعث الأرض السهلة والدكداك الأرض الصلبة والحبائك السموات واحدتها حبيكة لعل الله أن يمن عليهم بي أي يرزقهم الإسلام بسببي والفظ الغليظ السيء الخلق ورفض الأصنام تركها وقوله جعلكم خيار من أنتم منه يعني قبائل من قبائل العرب تركوا في جاهليتهم كثيرا مما كان يفعله غيرهم من العرب من الفواحش وقوله أمر الله عيشك دعاء عليه لما كان اسمه عمرو بن مرة دعا عليه بهذا الدعاء أخذه من اسم أبيه مرة والذباح الذبح أتسفه إلى السفه

رام طلب وأكمه أسنانه كذا في الكتاب ولو كان أكمه أنسانه لكان أظهر والإنسان إنسان العين وسقط فوه أي سنه وفي رواية فواه وفي رواية فحيى وكتب لهم كتابا أي حياهم ورحب بهم بكتاب صادق أي أرسله بكتاب صادق وتلاع الأودية أعاليها وقوله تشربون ما فيه كذا في الكتاب والصواب ماءه والتيعة والصريمة أربعون وهذا إذا كان الثمانون لشريكين فأما إذا كان لواحد ففي الثمانين شاة وقوله ليس للوارد التيعة أو التبعة لست أقف على معناه والأخلاف الذين تحالفوا وتعاقدوا وقوله عند اعتكال كذا في الكتاب باللام ولعله بالراء يقال اعتكر الغلام اختلط وإن كان باللام فمعناه اشتبه وقيل اعتكل الثوران تناطحا والظماء جمع ظمآن والخواطر المتحركة واختليت أي قطعت وقوله بنو الحرب نفريها أي نقطعها وسقط من الكتاب كلمة والصواب نفريها ببيض كأنها وميض تلألأ في أكف المغاور والمغاور جمع مغوار وهو الكثير الغارة يحمون سربهم يعني أهلهم بسمر العوالي يعني بالرماح والصفيح يعني السيوف البواتر القواطع فصل 133 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ أنا عبد الصمد العاصمي ثنا أبو العباس البجيري ثنا أبو حفص البجيري حدثني أبي ثنا أبو رجاء أنا يعقوب بن عبدالرحمن عن أبي حازم قال أخبرني سهل بن سعد أن رسول الله قال يوم خيبر لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجوا أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقالوا يا رسول الله يشتكي عينه قال فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه سلم في عينه ودعا له فبرأ حتى لم يكن به وجع فأعطاه الراية وقال انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم قال الإمام رحمه الله قوله يدوكون أي يتفكرون والدوك في اللغة الاختلاط والمدوك

حجر يدق به والمداك حجر العطار على رسلك أي سكونك والرسل الرفق وحمر النعم الإبل الحمر وهي عزيزة عند العرب 134 - وأخبرنا الحسن أنا عبدالصمد ثنا أبو العباس ثنا أبو حفص قال وقال عبيدالله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال بعث رسول الله إلى أبي رافع اليهودي رجالا من الأنصار وأمر عليهم عبدالله بن عتيك وكان أبو رافع يؤذي رسول الله ويعين عليه وكان في حصن له بأرض الحجاز فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم قال عبدالله لأصحابه اجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلي أن أدخل فأقبل حتى دنا من الباب تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة وقد دخل الناس فهتف به البواب يا عبدالله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب فدخلت فكمنت فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الأغاليق على ود فقال فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب وكان أبو رافع يسمر عنده وكان في علالي له فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه فجعلت كلما فتحت بابا أغلقت علي من داخل قلت إن القوم نذروا لم يخلصوا إلي حتى أقتله وانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت قلت أبا رافع قال من هذا فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش فما أغنيت شيئا وصاح فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ثم دخلت إليه فقلت ما هذا الصوت يا أبا رافع قال لأمك الويل إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف قال فأضربه ضربة أثخنته ولم أقتله ثم وضعت صبيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره فعرفت أني قتلته فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درجة له فوضعت رجلي وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة وانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته فلما صاح الديك قام الناعي على السور فقال أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز فانطلقت إلى أصحابي فقلت النجاء فقد قتل الله أبا رافع فانتهيت إلى النبي فحدثته فقال ابسط رجلك فبسطت رجلي فمسحها فكأنما لم أشتكها قط قال الإمام رحمه الله قوله راح الناس بسرحهم أي انصرفوا بالإبل والغنم عشيا من

مراعيها إلى الحصن وكمنت أي استترت والأغاليق المفاتيح وكذلك الأقاليد والود الوتد يسمر عنده أي يتحدث عنده بالليل علالي جمع علية وهي الغرفة ونذروا علموا قلت أبا رافع منادى مضاف فأهويت قصدت صبيب السيف ذبابه وهو طرفه والناعي الذي يخبر بالموت والنجاء السرعة وانتصابه على المصدر أي انجوا النجاء فصل 135 - أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون العدل ببغداد رحمه الله أنا أبو علي ابن شاذان أنا أبو بكر الشافعي ثنا الحسين بن شاكر ثنا محمد بن يوسف ثنا أبو قرة قال ذكر زمعة بن صالح عن زياد بن سعد حدثني أبو الزبير أنه سمع يونس بن خباب الكوفي يحدث أنه سمع أبا عبيدة بن عبدالله يحدث عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قد جاءت امرأة إلى رسول الله ونحن مقبلون إلى مكة في عمرة وقالت يا رسول الله إن ابني قد أفسده الشيطان والله ما يدعه ساعة قال ارفعيه إلي فجعل رأسه بين فخذيه وواسطة الرحل ثم فتح فمه فبزق فيه وقال أنا رسول الله فاخرج عدو الله ودفعه إليها وقال قد برأ ابنك فجيئينا إذا رجعنا إلى هذا المنزل إن شاء الله فلما رجع أقبلت إليه بثلاثة أكبش يسوقهن الغلام فقال لها كيف فعل ابنك هو هذا يا رسول الله قد برأ وقد أهدى لك ثلاثة أكبش قال يا بلال خذ منها واحدا واترك لها اثنين قال ثم ذهب إلى الغائط وكان يبعد حتى لا يراه أحد فلم يجد شيئا يتوارى وراءه فبصر بشجرتين متباعدتين فقال اذهب إلى هاتين الشجرتين فقل لهما إن رسول الله يأمركما أن تجتمعا فيتوارى وراءكما فمشت إحداهما إلى الأخرى حتى قضى حاجته ثم عادت كل واحدة منهما إلى مكانها ثم أقبلنا حتى إذا دخلنا أزقة المدينة جاء جمل يشتد إليه حتى سجد له ثم قام بين يديه فذرفت عيناه فقال من صاحب هذا الجمل قالوا فلان قال ادعوه إلي فأتاه فقال ما شأنك وهذا الجمل يشكوك قال هذا جمل كنا نسنوا عليه من عشرين سنة ثم سمناه فأردنا أن ننحره فقال النبي بئسما جزيته قد اشتكى ذلك أعملت عليه عشرين سنة حتى إذا كبرت سنه وضعف عظمه أردت أن تنحره بعنيه أو هبه لي فقال هو لك يا رسول الله فقال أرسلوا به إلى الظهر فأرسل إلى الظهر

مع ظهره فقال الناس حينئذ يا رسول الله نحن أحق أن نسجد لك من هذا الجمل فقال معاذ الله أن يسجد لي أحد ولو قلت لأحد أن يسجد لأحد لقلت للمرأة أن تسجد لزوجها قال الإمام رحمه الله قوله وكان يبعد بضم الياء أي يذهب بعيدا وقوله نسنوا عليه أي نسقي عليه الماء للحرث والزرع والظهر الركاب وهي الإبل التي تركب فصل 136 - أخبرنا أحمد بن زاهر الطوسي أنا محمد بن إبراهيم الفارسي ثنا أبو أحمد الجلودي ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا زهير بن حرب ثنا عمر بن يونس الحنفي ثنا عكرمة ثنا إياس بن سلمة حدثني أبي قال غزونا مع رسول الله حنينا فلما واجهنا العدو تقدمت فأعلو ثنية فاستقبلني رجل من العدو فأرميه بسهم فتوارى عني فما دريت ما صنع ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى فالتقوا هم وأصحاب النبي فولي أصحاب النبي وأرجع منهزما وعلي بردتان مؤتزر بأحديهما مرتد بالأخرى فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا ومررت على رسول الله منهزما وهو على بغلته الشهباء فقال رسول الله لقد رأى ابن الأكوع فزعا فلما غشوا رسول الله نزا عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم استقبل به وجوههم فقال شاهت الوجوه فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله فقسم رسول الله غنائمهم بين المسلمين قال الإمام رحمه الله غشوا بتخفيف الشين أي قربوا منه ونزا أي وثب وفي غير هذه الرواية نزل وقوله شاهت الوجوه أي قبحت 137 - قال وحدثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبدالله بن نمير ح قال وحدثنا ابن نمير وتقاربا في اللفظ ثنا أبي ثنا عبدالعزيز بن سياه ثنا حبيب ابن أبي ثابت عن أبي وائل قال قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال ياأيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا وذلك في الصلح

الذي كان بين رسول الله وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى رسول الله فقال يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا قال فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال ياأبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم قال يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا قال فنزل القرآن على رسول الله بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال يا رسول الله أو فتح هو قال نعم فطابت نفسه ورجع قال الإمام رحمه الله قوله نعطي الدنية أي نقبل الذل ونحتمل منهم ما يحكمون به علينا وقوله فعلام أصله فعلى ما حذفت منه الألف تخفيفا وكذلك في قوله إلام وعم ومعناه فعلى أي شيء فصل 138 - ذكر الطبراني في دلائل النبوة حديثا مسعدة بن سعد العطار المكي ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا عبدالعزيز بن عمران حدثني عبدالرحمن وعبدالله ابنا زيد بن أسلم عن أبيهما عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنه أن أربد بن قيس وعامر ابن الطفيل قدما المدينة على رسول الله فانتهيا إلى رسول الله وهو جالس فجلسا بين يديه فقال عامر بن الطفيل يا محمد ما تجعل لي إن أسلمت فقال رسول الله لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم قال عامر أتجعل لي الأمر من بعدك إن أسلمت قال رسول الله ليس ذلك لك ولا لقومك ولكن لك أعنة الخيل قال لنا الآن أعنة الخيل بنجد اجعل لي الوبر ولك المدر قال رسول الله لا فلما قفى من عند رسول الله قال عامر أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا فقال رسول الله يمنعك الله تعالى فلما خرج أربد وعامر قال عامر يا أربد إني أشغل عنك محمدا بالحديث فاضربه بالسيف فإن الناس إذا قتلت محمدا لم يزيدوا عن أن يرضوا

بالدية فسنعطيهم الدية قال أربد أفعل فأقبلا راجعين فقال عامر يا محمد قم معي أكلمك فقام معه رسول الله يكلمه وسل أربد السيف فلما وضع يده على سيفه يبست على قائم السيف فلم يستطع سل السيف وأبطأ أربد على عامر بالضرب فالتفت رسول الله فرأى أربد وما يصنع فانصرف عنهما فلما خرج عامر وأربد من عند النبي حتى إذا كانا بالحرة حرة واقم نزلا فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقالا اشخصا يا عدوا الله لعنكما الله فقال عامر من هذا يا سعد قال هذا أسيد بن حضير مجمع الكتائب قال فخرجا حتى إذا كانا بالرقم أرسل الله على أربد صاعقة فقتلته وخرج عامر حتى إذا كان بالخريب أرسل الله عليه قرحة فأخذته وأدركه الليل في بيت امرأة من بني سلول فجعل يمس قرحته في حلقه ويقول غدة كغدة الجمل في بيت سلولية يرغب أن يموت في بيتها ثم ركب فرسه فأحضره حتى مات عليه راجعا فأنزل الله تعالى فيهما الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام إلى قوله تعالى وما لهم من دونه من وال قال المعقبات من أمر الله يحفظون محمد ثم ذكر أربد وما هم به فقال هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا إلى قوله وهو شديد المحال 139 - قال الطبراني وحدثنا بشر بن موسى ثنا يزيد بن مهران أو خالد الخباز ثنا أبو بكر بن عياش عن الأجلح عن الذيال بن حرملة عن ابن عباس رضي الله عنه قال جاء قوم إلى النبي فقالوا يا رسول الله إن بعيرا لنا في حائط لنا قد غلبنا فجاء إليه النبي فقال تعال فجاء مطأطئا رأسه حتى خطمه وأعطاه أصحابه فقال له أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله كأنه علم أنك نبي فقال رسول الله ما بين لابنتيها أحد إلا يعلم أني نبي إلا كفرة الجن والإنس 140 - قال الطبراني حدثنا موسى بن هارون ثنا إسحاق بن عمر بن سليط ثنا يزيد ابن أبي منصور عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال أصبت بثلاث موت النبي وكنت صويحبه وخويدمه وقتل عثمان والمزود قالوا يا أبا هريرة وما المزود قال كنا مع النبي في غزاة فأصاب الناس مخمصة فقال لي النبي يا أبا هريرة هل من شيء قلت نعم شيء من تمر في المزود فقال ائتني به فأتيته به فأدخل يده فأخرج

قبضة فبسطها ثم قال ادع لي عشرة فدعوت عشرة فأكلوا حتى شبعوا فما زال يصنع ذلك حتى أطعم الجيش كله وشبعوا ثم قال خذ ما جئت به وأدخل يدك وأقبض ولا تكبه قال أبو هريرة رضي الله عنه فقبضت على أكثر مما جئت به ثم قال أبو هريرة ألا أحدثكم كم أكلت منه حياة رسول الله وحياة أبي بكر وأطعمت وحياة عمر وأطعمت وحياة عثمان وأطعمت فلما قتل عثمان رضي الله عنه انتهبت يعني المدينة وذهب المزود فصل 141 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب بن أبي عبدالله أخبرنا والدي أنا عبدالله بن يعقوب بن إسحاق ثنا محمد بن زكريا بن أبي بكير الكرماني ثنا وكيع بن الجراح عن سالم بن أبي العلاء المرادي عن عمرو بن هرم عن ربعي بن حراش وأبي عبدالله رجل من أصحاب حذيفة بن اليمان عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند النبي فقال إني لست أدري قدر مقامي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما واهدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد قال الإمام رحمه الله في هذا الحديث من دلالة النبوة أنه أخبر أن الخليفة بعده يكون أبا بكر وأن الخليفة بعد أبي بكر يكون عمر فكان كما أخبر 142 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه أنا إبراهيم بن عبدالله بن خورشيد قولة ثنا عمر بن الحسن الشيباني إملاء ثنا إسماعيل بن الفضل بن مسمار ثنا قتيبة والحسن ابن عمر قالا ثنا جرير عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن عبدالله قال خطبنا علي رضي الله عنه على المنبر فقال ما ينتظر الأشقى عهد إلي رسول الله ليخضبن هذه من هذه 143 - قال وحدثنا عمر بن الحسن الشيباني ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ثنا داود ابن عمرو ثنا فضيل بن عياض عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة الحماني قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول أشهد أنه كان فيما يسر إلي النبي ليخضبن هذه من هذه قال الإمام رحمه الله قوله هذه يعني لحيته من هذه يعني من هامته أي يضربك الأشقى على رأسك فيخضب لحيتك من دم رأسك فضرب على رأسه رضي الله عنه حين قتل

فصل 144 - أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي أنا أبو سعيد النقاش أنا أبو جعفر أحمد ابن إبراهيم بن يوسف الضرير ثنا أبو بكر عبدالله بن محمد بن النعمان التيمي ثنا بشر ابن حجر السيامي ثنا علي بن منصور هو الأبناوي عن عثمان بن عبدالرحمن هو الوقاصي عن محمد بن كعب القرظى قال بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالس في مسجد المدينة ومعه ناس إذ مر رجل في ناحية المسجد فقال له رجل من القوم يا أمير المؤمنين أتعرف هذا قال لا فمن هو قال هذا رجل من أهل اليمن له فيهم شرف وموضع يقال له سواد بن قارب وهو الذي أتاه رئيه التابع من الجن بظهور رسول الله قال عمر علي به فدعي الرجل فقال له عمر أنت سواد بن قارب قال نعم يا أمير المؤمنين قال أنت الذي أتاك رئيك بظهور رسول الله قال نعم قال فأنت على ما كنت عليه من كهانتك فغضب الرجل غضبا شديدا وقال يا أمير المؤمنين ما استقبلني أحد بهذا منذ أسلمت فقال عمر رضي الله عنه يا سبحان الله ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك أخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله قال نعم يا أمير المؤمنين بينما أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رئيي فضربني برجله وقال قم يا سواد بن قارب فافهم واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من بني لؤي ابن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته ثم أنشأ الجني يقول ... عجبت للجن وتجساسها ... وشدها العيس بأحلاسها ... تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما خير الجن كأنجاسها ... فارحل إلى الصفوة من هاشم ... واسم بعينيك إلى راسها ... قال فلم أرفع رأسا فقلت دعني أنام فإني أمسيت ناعسا فلما أن كان الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال قم يا سواد بن قارب فافهم واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته ثم أنشأ يقول الجني

عجبت للجن وأخبارها ... وشدها العيس بأكوارها ... تهوى إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمن الجن ككفارها ... فارحل إلى الصفوة من هاشم ... من روابيها وأحجارها ... قال فلم أرفع بقوله رأسا فقلت دعني فإني أمسيت ناعسا فلما كان الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله وقال قم يا سواد بن قارب فافهم واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وعبادته ثم أنشأ الجني يقول ... عجبت للجن وتطلابها ... وشدها العيس بأقتابها ... تهوى إلى مكة تبغي الهدى ... ما صادق الجن ككذابها ... فارحل إلى الصفوة من هاشم ... ليس قداماها كأذنابها ... قال فوقع في قلبي حب الإسلام ورغبت فيه فلما أصبحت شددت على راحلتي رحلها وانطلقت متوجها إلى مكة فلما كنت ببعض الطريق أخبرت أن النبي قد هاجر إلى المدينة فقدمت المدينة فسألت عن النبي فقيل هو في المسجد فانتهيت إلى المسجد فعلقت ناقتي ودخلت المسجد فإذا رسول الله والناس حوله فقلت اسمع مقالتي يا رسول الله فقال ادنه فلم يزل يدنيني حتى صرت بين يديه فقال هات فأخبرني بإتيانك رئيك فقلت ... أتاني نجيي بعد هدأ ورقدة ... ولم يك فيما قد بلوت بكاذب ... ثلاث ليال قوله كل ليلة ... أتاك رسول من لؤي بن غالب ... فشمرت من ذيل الإزار ووسطت بي ... الذعلب الوجناء بين السباسب ... فأشهد أن الله لا رب غيره ... وأنك مأمون على كل غائب ... وأنك أدنى المرسلين وسيلة ... إلى الله يا ابن الأولين الأطايب ... فمرنا بما يأتيك ياخير من مشى ... وإن كان فيما جاء شيب الذوائب ... وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة ... يكون بمغن عن سواد بن قارب ... قال ففرح رسول الله وأصحابه بمقالتي فرحا شديدا حتى رؤي ذلك في وجوههم قال فوثب إليه عمر رضي الله عنه فالتزمه وقال لقد كنت أحب أن أسمع هذا الحديث

منك فأخبرني عن رئيك هل يأتيك اليوم فقال أما منذ قرأت كتاب الله فلا ونعم العوض كتاب الله من الجن قال الإمام رحمه الله تفسير الألفاظ الغريبة في الحديث الرئي الجني الذي يتبع الإنسي ويأتيه بالأخبار ويظهر له والتجساس تفعال من الجاسوس وهو الذي يتعرف الأخبار والعيس الإبل والأحلاس جمع حلس وهو كساء يطرح على ظهر البعير وقوله إلى رأسها يعني إلى رئيسها يعني رئيس بني هاشم والأكوار جمع الكور وهو الرحل والروابي جمع الرابية وهي المكان المرتفع وقداماها متقدمها وأذنابها متأخرها يعني ليس من تقدم في الإسلام كمن تأخر أو يعني ليس متقدم بني هاشم كمتأخرهم والهدأ السكون يريد سكون الناس بالليالي عن التصرف والذعلب الناقة القوية والوجناء الصلبة والسباسب جمع سبسب وهو المفازة فصل 145 - أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد أنا أبو عمر بن مهدي أنا الحسين بن يحيى بن عياش ثنا الحسن بن محمد الزعفراني ثنا عفان ثنا حماد عن ثابت عن ابن أبي ليلى عن المقداد رضي الله عنه قال قدمت وصاحبان لي فتعرضنا للناس ما يضيفنا أحد فأتينا النبي فذكرنا ذلك له فذهب بنا إلى منزله وعنده أربعة أعنز فقال احلبهن يا مقداد ثم جزئهن أربعة أجزاء وأعط كل إنسان جزأه فكنت أفعل ذلك فرفعت للنبي جزأه ذات ليلة فاحتبس واضطجعت على فراشي فقالت لي نفسي أن النبي أتى أهل بيت من الأنصار فلو قمت فشربت هذه الشربة فلم أزل حتى أقدمت فشربت فلما دخل في بطني وتقار أخذني ما قدم وما حدث وقلت يجيء النبي جائعا ظمآن فلا يرى في القدح شيئا فسجيت ثوبا على وجهي وجاء النبي فسلم تسليما يسمع اليقظان ولا يوقظ النائم ثم أتى الإناء فكشف عنه فلم ير فيه شيئا فرفع رأسه إلى السماء ثم قال اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني فاستغنمت دعوته فأخذت الشفرة ودنوت من الأعنز أجسهن أيتهن أسمن لأذبحها فوضعت يدي على ضرع إحداهن فإذا هي حافل ونظرت إلى الأخرى فإذا هي حافل ونظرت إلى كلهن فإذا هن حفل فحلبت

في الإناء ثم أتيته فقلت اشرب فقال ما الخبر فقلت اشرب فقال بعض سوآتك يا مقداد فشرب ثم قال يا مقداد قلت اشرب يا نبي الله فشرب حتى تضلع ثم أخذته فشربت ثم أخبرته الخبر ثم قال النبي هيه فقلت كان كذا وكذا فقال النبي هذه بركة أنزلت من السماء أفلا أخبرتني حتى أسقي صاحبيك فقلت إذا شربت أنا وأنت البركة فلا أبالي من أخطأت 146 - قال وأخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني ثنا سعيد بن سليمان نا سليمان ابن المغيرة عن ثابت عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن المقداد قال أقبلت أنا وصاحبان لي قد ذهبت أسماعهما وأبصارهما من الجهد فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله فليس أحد يقبلنا فانطلقنا إلى النبي فانطلق إلى أهله فإذا ثلاثة أعنز فقال رسول الله احلبهن فذكر نحوه وزاد فيه وعلي شملة من صوف كلما رفعت على رأسي خرجت قدمي وإذا أرسلت على قدمي خرج رأسي فجعل لا يجيئني النوم وأما صاحباي فناما فجاء رسول الله فسلم كما يسلم ثم أتى المسجد يصلي قال الإمام رحمه الله قوله وتقار أي استقر يعين اللبن وقوله أخذني ما قدم وما حدث أي ندمت واهتممت وقوله حافل أي كثيرة اللبن والحفل جمع وقوله بعض سوآتك أي بعض حيلك وقوله تضلع أي امتلأ ريا وقوله هيه أي زدني من خبر اللبن وحاله وقوله فلا أبالي من أخطأت التاء لتأنيث البركة أي من لم تنله الشربة إذا نالتك ونالتني فصل 147 - أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي وعمر بن أحمد السمسار قالا أنا أبو سعيد النقاش انا أبو الحسن محمد بن محمود بن عبدالله المروزي ثنا أبو بكر عبدالله ابن سليمان ح قال أبو سعيد وأنا عبدالله بن حامد بن محمد الفقيه ثنا أحمد بن محمد ابن سعيد البزار قالا ثنا علي بن حرب الطائي ثنا يعلى بن النعمان البجلي ثنا مخزوم بن هانيء عن أبيه وكانت له عشرون ومائة سنة قال لما ولد رسول الله ارتجس إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشر شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف سنة ورأى الموبذان كأن إبلا صعابا تقود خيلا عرابا حتى عبرت دجلة وانتشرت في

بلاد فارس فتجلد كسرى وجلس على سرير الملك ولبس تاجه وأرسل إلى الموبذان فقال يا موبذان إنه سقط من إيواني أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل اليوم بألف عام فقال وأنا أيها الملك قد رأيت كأن إبلا صعابا تقود خيلا عرابا حتى عبرت دجلة وانتشرت في بلاد فارس قال فما ترى ذلك يا موبذان وكان رأسهم في العلم قال حدث يكون من قبل العرب فكتب حينئذ من كسرى ملك الملوك الى النعمان بن المنذر أن ابعث إلي رجلا من العرب يخبرني بما أسأله عنه فبعث إليه عبدالمسيح بن حبان ابن بقيلة فقال له يا عبد المسيح هل عندك علم بما أريد أن أسألك عنه قال يسألني الملك فإن كان عندي منه علم أعلمته وإلا فأعلمته بمن عمله علمه فيخبرك به فقال علمه عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح قال فأذهب أليه فاسأله فأخبرني بما يخبرك به فخرج عبدالمسبح حتى قدم على سطيح وهو مشرف على الموت فسلم عليه وحياه فلم يجبه سطيح فأقبل يقول ... أصم أم يسمع غطريف اليمن ... أم فاز فازلم به شأو العنن ... يا فاصل الخطة أعيت من ومن ... أتاك شيخ الحي من آل سنن ... وأمه من آل ذيب بن حجن ... تحملني وجنا وتهوي به وجن ... حتى أتى عاري الجآجي والقطن ... أزرق بهم الناب صرار الأذن ... قال فرفع رأسه إليه وقال عبد المسيح يهوي إلى سطيح وقد أهوى على الضريح بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلاد فارس يا عبد المسيح إذا ظهرت التلاوة وغارت بحيرة ساوة وفاض وادي السماوة وخرج منها صاحب الهراوة فليست الشام بالشام يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات وكل ما هو آت آت ثم مات

فقام عبد المسيح وهو يقول ... شمر فإنك ماضي الدهر شمير ... لا يفزعنك تشريد وتغرير ... فربما كان قد أضحوا بمنزلة ... يهاب صولهم الأسد المهاصير ... منهم أخ الصرح بهرام وإخوته ... والهرمزان وسابور وسابور ... والناس أولاد علات فمن علموا ... أن قد أقل فمحقور ومهجور ... وهم بنو الأم إما أن رأوا نشيا ... فذاك بالغيب محفوظ ومنصور ... والخير والشر مجموعان في قرن ... فالخير متبع والشر محذور ... قال أبو سعيد النقاش لفظ حديث المحمودي عن ابن أبي داود قال الإمام رحمه الله شرح الألفاظ الغريبة في الحديث قوله ارتجس أي اضطرب وتحرك حتى سمع صوته ورعد رجاس كثير الصوت والموبذان قاضي المجوس وأشفى على الموت أي أشرف وتجلد أي تصبر وأظهر الجلادة من نفسه والغطريف السيد وفاز أي مات وروى فاد بالدال ومعناه مات أيضا فاز لم أي قبض وشا والعنن الشأو السباق والعنن الموت يريد عرض له الموت فقبضه قال أهل اللغة عن لي كذا أي عرض أعيت من ومن أي أعيت فلانا وفلانا وفي رواية ... فضفاض الرداء والبدن ... رسول قيل العجم يسري للوسن ... لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن ... يجوب في الأرض علنداة شزن ... يرفعني وجن ويهوى بي وجن ... حتى أتى عاري الجآجي والقطن ... يلفه في الريح بوغاء الدمن ... الفضفاض الواسع وسعة الرداء والبدن كناية عن سعة الصدر وكثرة العطاء قال الشاعر ... غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا ... علقت لضحكته رقاب المال ... وقال ... معي كل فضفاض القميص كأنه ... إذا ماسرى فيه المدام فنيق

وقوله للوسن يعني للرؤيا التي رآها والقيل الملك يجوب يقطع علنداة صلبة شزن أي قد أعي من الحفاء يقال شزن البعير شزنا فهو شزن وقيل الشزن الذي يمشي في شق ويقال بات فلان على شزن أي على قلق يتقلب من جنب إلى جنب قال ابن هرمة إلا تقلب مكروب على شزن كما تقلب تحت القرة الصرد وقوله يرفعني وجن الوجن جمع وجين وهي الأرض الغليظة يقول لم يزل هذا البعير يرفعني مرة ويخفضني أخرى والجآجيء عظام الصدر والقطن ما بين الوركين يقول إن السير قد هزلها وأخذ من لحمها حتى عرى منه وبدت عظامه والبوغاء دقاق التراب وقوله بهم الناب كذا في الكتاب وفي رواية مهم الناب بالميم وكأن معناه تام السن ولست أقف على حقيقته والضريح القبر وأوفى أشرف وفاض كثر ماؤه وصاحب الهراوة يعني النبي كان يمسك بيده كثيرا قضيبا أو غصن نخل وكان يمشي بالعصا بين يديه ويغرز له فيصلي إليه ويحمل معه إذا ذهب لقضاء حاجته فكان يخدش به الأرض الصلبة لئلا يترشش عليه البول إذا بال وفي رواية عبد المسيح على جمل مشيح المشيح الجاد فصل 148 - ذكر ابن قتيبة في أعلام النبي قال أعلام نبوته أن ناقة له ضلت فأقبل يسأل الناس عنها فقال المنافقون هذا محمد يخبركم عن خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته فحمد الله وأثنى عليه وحكى قولهم ثم قال وإني لا أعلم إلا ما علمني ربي وقد أخبرني أنها في وادي كذا متعلق زمامها بشجرة فبادر الناس فوجدوها كذلك 149 - قال ومن ذلك قوله لخالد حين بعثه إلى أكيدر بدومة الجندل أما إنكم ستأتونه فتجدونه يصيد البقر فوجدوه كذلك 150 - قال ومن ذلك قوله للعباس عمه رضي الله عنه حين أسره أفد نفسك وابني أخيك يعني عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث فإنك ذو مال فقال لا مال عندي قال فأين المال الذي وضعته بمكة عند أم الفضل وليس معكما أحد فقلت إن أصبت في سفري فللفضل كذا ولعبد الله كذا ولفلان كذا فقال العباس والذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد غيري وإنك لرسول الله وأسلم هو وعقيل

فصل 151 - قال ابن قتيبة في كلام ذكره قال ومما يدل على صدقه أن الأعمال تدل على صدق أهلها ومما يوجب تصديقه أنه كان أشرف الأشراف وأحلم الحلماء وأجود الأجواد وأنجد الأنجاد وأزهد الزهاد كان يرقع ثوبه ويخصف نعله ويصلح خصه ويتوسد يده ويمهن أهله ويأكل بالأرض ويقول إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبيد ويلبس العباء ويجالس المساكين ويمشي في الأسواق ولم ير ضاحكا ملء فيه ولا آكلا وحده ولا ضاربا بيده إلا في سبيل ربه وقام حتى تورمت قدماه وكان يسمع لجوفه إذا قام بالليل للصلاة أزيز كأزيز المرجل من البكاء وقال شيبتني هود وأخواتها وكان من دعائه اللهم ارزقني عينين هطالتين تذرفان الدموع تشفياني من مخافتك قبل أن تكون الدموع دما والأضراس جمرا وأقص من نفسه وقبض ودرعه مرهونة على شعير اقترضه لطعمه ولم يورث ولده وقال إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة وقد مدحه الله بجميع أخلاقه فقال وإنك لعلى خلق عظيم فمن استبعد منهم هذه الأشياء وأتهم بعض هذه الأخبار فهذه حجرته التي كان ينزل فيها هو وأهله وبها مقبره وهذه برده التي يلبسها الخلفاء في الأعياد وهذا قدحه الذي كان يشرب فيه وهذه نعله وهذه كتبه في أكارع الأديم قال ابن قتيبة وهذه شريعته أسهل الشرائع وأطيبها أحل فيها الطيبات وحرم الخبائث وأمر ببر الوالدين وصلة الرحم والصدقة والعفو والأمر بالمعروف والصفح عن الجاهلين و مجانبة الغيبة والكذب والنميمة والفواحش وشرب الخمر والقمار وحض على كل حسن وردع عن كل قبيح وبين للناس ما يأخذون وما يتقون في فرائضهم وأحكامهم وزكاتهم وطلاقهم وعتقهم وحجهم ومعاملاتهم وسائر أمور دينهم وأغنامهم عن جميع الأمم وعن أهل الكتب وأحوج المخالفين لهم إلى ما عندهم فالنصارى تستعمل في كثير من المواريث فرائضهم وتستعمل في المعاملات أحكامهم وكذلك اليهود تلجأ في أحكام إلى حكماء المسلمين وليس أمة من الأمم إسناده كإسنادهم رجل عن رجل وثقة عن ثقة عن ثقة

حتى يبلغ بذلك رسول الله وصحابته يبين الصحيح والسقيم والمنقطع والسليم قال وفي بعض ما اقتصصنا كفاية لمن عقل وبلاغ لمن اعتبر وشفاء لمن شك فما يمنع من كانت له أذن تسمع وقلب يفقه وعين تبصر أن يفيء إلى الله تعالى وينيب إلى الحق قبل الفوت بمفاجأة الموت فإنه ليس من الدين عوض ولا من الله مهرب ولا بعد الموت مستعتب ولا دار إلا الجنة أو النار فصل 152 - أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن سليم ثنا عبدالملك بن محمد بن بشران الواعظ إملاء أنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي ثنا محمد بن نصر بن عبدالرحمن القطان ثنا عمرو بن عثمان الحمصي ثنا عبدالله بن عبدالعزيز عن محمد بن عبد العزيز عن ابن شهاب عن عبدالرحمن بن أنس السلمي عن العباس بن مرداس السلمي أنه كان في لقاح له في نصف النهار إذ طلعت عليه نعامة عليها راكب عليه ثياب مثل اللبن فقال لي يا عباس أم تر إلى السماء كفت أحراسها وأن الحرب جرعت أنفاسها وأن الخيل وضعت أحلاسها وأن الذي جاء بالبر والتقى يوم الاثنين ليلة الثلاثاء صاحب الناقة القصواء قال فخرجت مرعوبا قد راعني ما رأيت وسمعت حتى جئت وثنا لنا كان يدعى الضماد وكنا نعبده ونكلم من جوفه كنست ما حوله وقممت ثم تمسحت به وقبلته فإذا صائح يصيح من جوفه ... قل للقبائل من سليم كلها ... هلك الضماد وفاز أهل المسجد ... هلك الضماد وكان يعبد مرة ... قبل الصلاة على النبي محمد ... إن الذي جا بالنبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتد ... قال فخرجت مرعوبا حتى جئت قومي فقصصت عليهم القصة وأخبرتهم الخبر فخرجت في ثلاثمائة من قومي من بني حارثة إلى رسول الله بالمدينة فدخلنا المسجد فلما رآني رسول الله تبسم ثم قال لي يا عباس كيف كان إسلامك فقصصت عليه القصة فقال صدق وسر بذلك فأسلمت أنا وقومي

153 - أخبرنا سليمان بن إبراهيم في كتابه أنا شيخ لنا حدثنا فاروق ثنا زياد ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا محمد بن فليح ثنا موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري قال لما رجع فل المشركين إلى مكة وقد قتل الله منهم من قتل أقبل عمير بن وهب الجمحي حتى جلس إلى صفوان بن أمية الجمحي في الحجر فقال صفوان قبح الله العيش بعد قتلى بدر قال أجل والله ما في العيش خير بعدهم ولولا دين علي لا أجد قضاءه وعيال لا أدع لهم شيئا لخرجت إلى محمد فقتلته إن ملأت عيني منه فإن لي عنده علة أعتل بها أقول قدمت على ابني هذا الأسير ففرح صفوان بقوله وقال علي دينك وعيالك أسوة عيالي في النفقة لا يسعني شيء ويعجز عنهم فحمله صفوان وجهزه وأمر بسيف عمير فصقل وسم وقال عمير لصفوان اكتمني أياما فأقبل عمير حتى قدم المدينة فنزل بباب المسجد وعقل راحلته وأخذ السيف فعمد لرسول الله فنظر أليه عمر بن الخطاب وهو في نفر من الأنصار يتحدثون عن وقعة بدر ويذكرون نعمة الله فيها فلما رآه عمر معه السيف فزع فقال عندكم الكلب فهذا عدو الله الذي حرش بيننا يوم بدر وحزرنا للقوم ثم قام عمر فدخل على رسول الله فقال هذا عمير بن وهب قد دخل المسجد متقلدا سيفا هو الغادر الفاجر يا رسول الله لا نأمنه على شيء قال أدخله علي فخرج عمر فأمر أصحابه أن أدخلوا على رسول الله ثم احترسوا من عمير فأقبل عمر وعمير فدخلا على رسول الله ومع عمير سيفه فقال رسول الله لعمر تأخر عنه فلما دنا منه عمير قال انعموا صباحا وهي تحية أهل الجاهلية فقال رسول الله قد أكرمنا الله عن تحيتك وجعل تحيتنا تحية أهل الجنة وهي السلام فقال عمير إن عهدك بها لحديث فقال رسول الله قد أبدلنا الله بها خيرا منها فما أقدمك ياعمير قال قدمت في أسيري عندكم ففادونا في أسيركم فإنكم العشيرة والأصل فقال رسول الله ما بال السيف في رقبتك قال قبحها الله من سيوف فهل أغنت عنا من شيء إنما نسيته في رقبتي حين نزلت لعمري إن لي لهما غيره فقال رسول الله اصدقني ما أقدمك قال قدمت في أسيري قال فما الذي شرطت لصفوان بن أمية في الحجر ففزع عمير وقال ما شرطت له شيئا قال تحملت له بقتلي على أن يعول بنتك ويقضي دينك والله تعالى حائل بينك وبين ذلك قال عمير أشهد أنك رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله كنا

يا رسول الله نكذبك بالوحي وبما يأتيك من السماء وإن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحجر لم يطلع عليه أحد غيره وغيري فأخبرك الله به فآمنت بالله ورسوله والحمد لله الذي ساقني هذا المساق ففرح المسلمون حين هداه الله وقال عمر والذي نفسي بيده لخنزير كان أحب إلي من عمير حين طلع ولهو اليوم أحب إلي من بعض بني فقال رسول الله اجلس يا عمير نواسك وقال لأصحابه علموا أخاكم القرآن وأطلق له أسيره فقال عمير يا رسول الله قد كنت جاهدا ما استطعت في إطفاء نور الله فالحمد لله الذي ساقني وهداني من الهلكة فائذن لي يا رسول الله فألحق بقريش فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام لعل الله أن يهديهم ويستنقذهم من الهلكة فأذن له رسول الله فلحق بمكة وجعل صفوان بن أمية يقول لقريش في مجالسهم أبشروا بفتح ينسيكم وقعة بدر وجعل يسأل عن كل راكب يقدم من المدينة هل كان بها من حدث وكان يرجوا ما قال له عمير حتى قدم عليهم رجل من المدينة فسأله صفوان عنه فقال قد أسلم فلعنه المشركون وقالوا صبأ فقال صفوان لله علي أن لا أنفعه بنفع أبدا ولا أكلمه من رأسي كلمة أبدا فقدم عليهم عمير فدعاهم إلى الإسلام ونصحهم جهده فأسلم بشر كثير قال الإمام رحمه الله قال أهل اللغة الفل القوم المنهزمون وقوله عندكم الكلب إغراء أي أحفظوا الكلب واجتنبوه وقوله من رأسي أي مما يستقبلني من الزمان فصل 154 - أخبرنا محمد بن الحسن بن سليم ثنا عبدالملك بن محمد بن بشران أنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي ثنا محمد بن نصر ثنا علي بن سعيد ثنا إدريس بن عبدالله ثنا إبراهيم بن سليمان بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال خرج جابر بن عبدالله رضي الله عنه في طلب حديث سمعه وهو صاحب له من رسول الله إلى بيت المقدس فلما انتهى إلى جبال بيت المقدس فإذا رهبان جلوس نحو من ثلاثين راهبا فقال لهم جابر ما حبسكم هاهنا قالوا صاحب لنا في الجبل نجيئه في كل سنة في هذا اليوم فنستفيد من علمه قال جابر والله لأفرغن نفسي اليوم لله عز

وجل هل علم إلا علم محمد قال فخرج عليهم شيخ بيده عصا أسود وعليه مسوح وقد وقع حاجباه على عينيه فالتفت إلى القوم فإذا جابر بن عبدالله عليه البياض فقال لهم من هذا قالوا هذا جابر بن عبدالله جليس محمد فقال الشيخ ادنه فدنا فقال أمن علمائهم أنت أم من جهالهم فقال جابر لست من علمائهم ولا من جهالهم فقال زعمتم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوطون فهل نظيره في الدنيا قال نعم قال وما هو قال الوليد في بطن أمة تسعة أشهر يأكل ويشرب بأكل أمه ولا يتغوط قال ألست تقول أني لست من علمائهم ولا من جهالهم قال نعم لست من علمائهم ولا من جهالهم قال فإن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة ولا ينقص من ثمار الجنة شيئا هل له نظير في الدنيا قال نعم العالم يأتيه الألف والألفان والثلاثة يأخذون من علمه ولا ينقص من علمه شيئا ولا من كتاب الله تعالى قال ألست تقول إنك لست من علمائهم ولا من جهالهم قال نعم لست من علمائهم ولا من جهالهم قال فإن الله تعالى يقول له مقاليد السموات والأرض ما هذه المقاليد أمن ذهب أو فضة أو نحاس أو حديد قال ما هي من ذهب ولا فضه ولا نحاس ولا حديد بل هو التسبيح والتهليل والتقديس والتكبير فغضب الشيخ وقال ألست تقول إني لست من علمائهم ولا من جهالهم قال لست من علمائهم ولا من جهالهم قال يقول الله تعالى هم الأولون وهم الآخرون قال صدق الله تعالى هم أمة محمد هي أول أمة تدخل الجنة وآخر أمة أخرجت للناس قال ادنه واستفد من علمي قال ما أرجو من علم أستفيد منك وأنت تدعي مع الله إلها آخر قال القس لكني أشد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله وأن الجنة حق والنار حق وأن الله يبعث من في القبور والله لقد أحببت محمدا وأنا ابن سبع سنين ولقد وجدت نعته في الإنجيل فإن أنت لقيت محمدا فاقره مني السلام وإن لم ألقه ليذهبن في قلبي منة غصة قم فأنت والله الناظر لأهل ملتك المزين لأهل دينك وأسلم طائفة منهم وتفرق الآخرون

فصل 155 - أخبرنا حكيم بن أحمد الإسفرايني أنا جدي أبو الحسن علي بن محمد الإسفرايني أنا أبو الطيب محمد بن محمد بن عبدالله الحناط ثنا محمش بن عصام المعدل النيسابوري ثنا حفص هو ابن عبدالله بن راشد السلمي ثنا إبراهيم بن طهمان ح قال أبو الطيب وحدثنا الحسين بن الفضل ثنا محمد بن سابق ثنا إبراهيم بن طهمان عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث 156 - أخبرنا محمد بن الحسن بن سليم أنا عبدالرحمن بن عبيدالله الحرفي ثنا حمزة بن محمد بن العباس نا محمد بن إسماعيل يعني السلمي ثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن الضحاك الزبيدي حدثني عمرو بن الحارث عن عبدالله بن سالم الأشعري عن الزبيدي محمد بن الوليد بن عامر ثنا الوليد بن عبدالرحمن أن جبير بن نفير قال ثنا شداد بن أوس قال قلنا يا رسول الله كيف أسري بك ليلة أسري بك قال صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما فأتاني جبريل عليه السلام بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل فقال اركب فاستصعبت علي فرازها بأذنها ثم حملني عليها فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضا ذات نخيل فقال انزل فنزلت ثم قال صل فصليت ثم ركبنا فقال أتدري أين صليت قال قلت الله أعلم قال صليت بأثرب صليت بطيبة فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضا فقال انزل فنزلت ثم قال صل فصليت ثم ركبنا فقال أتدري أين صليت قال قلت الله أعلم قال صليت بمدين صليت عند شجرة طوى ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ثم بلغنا أرضا بدت لنا قصور فقال انزل فنزلت قال صل فصليت ثم ركبنا فقال أتدري أين صليت قال قلت الله أعلم قال صليت ببيت اللحم حيث ولد عيسى المسيح بن مريم ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني فأتى قبلة المسجد فربط فيه دابته فدخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر وصليت في المسجد حيث شاء الله وأخذني من أشد ما أخذني فأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل

أرسل إلي بهما جميعا فعدلت بينهما ثم هداني الله فأخذت اللبن فشربت حتى قرعت به جبيني وبين يدي شيخ متكيء فقال أخذ صاحبك الفطرة إنه لمهدي ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي في المدينة فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي قلت يا رسول الله كيف وجدتها قال مثل الحمة السخن ثم انصرف بي فمررنا على عير قريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم قد جمعه فلان فسلمت عليهم فقال بعضهم هذا صوت محمد ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة فأتاني أبو بكر فقال يا رسول الله أين كنت الليلة فقد التمستك في مظانك فقال علمت أني أتيت بيت المقدس الليلة فقال يا رسول الله إنه مسيرة شهر فصفه لي قال ففتح لي صراط كأني أنظر إليه لا يسألوني عن شيء إلا أنبائتهم عنه قال أبو بكر رضي الله أشهد أنك رسول الله فقال المشركون انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة فقال إن آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم فجمعه فلان ينزلون بكذا ثم كذا ويأتوكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان فلما كان ذلك اليوم أشرف الناس ينظرون حتى كان قريبا من نصف النهار حين أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله قال الإمام رحمه الله هذا حديث شامي الطريق واضح الإسناد فصل 157 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب أنا والدي أبو عبدالله أنا أحمد بن إبراهيم ابن جامع ثنا جامع بن القاسم البغدادي ثنا أبو المعارك الشماخ بن المعارك بن مرة ابن صخر بن بجير بن بجرة الطائي بفيد حدثني أبي عن جدي عن أبيه بجير بن بجرة قال كنت في جيش خالد بن الوليد رضي الله عنه حين بعثه رسول الله إلى الأكيدر ملك دومة الجندل فقال النبي إنك ستجده يصيد البقر قال فوافيناه في ليلة مقمرة وقد خرج كما نعته رسول الله فأخذناه وقتلنا أخاه كان قد حاربنا وعليه قباء ديباج فبعث به خالد إلى النبي فلما أتينا النبي انشدته ... تبارك سائق البقرات إني ... رأيت الله يهدي كل هادي

فمن يك متنابذا عن ذي تبوك ... فإنا قد أمرنا بالجهاد ... فقال النبي لا يفض الله فاك فأتت عليه تسعون سنة وما تحركت له سن ولا ضرس فصل 158 - ذكر الطبراني في دلائل النبوة حدثنا أبو مسلم الكشي حدثنا عمرو بن حكام ثنا المثنى بن سعيد القصير ثنا أبو جمرة أن ابن عباس رضي الله عنه أخبرهم عن بدء إسلام أبي ذر رضي الله عنه لما بلغه أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبي بعث أخاه فقال ائت مكة حتى تسمع منه وتأتني بخبره فانطلق أخوه إلى مكة فسمع من نبي الله فانصرف إلى أبي ذر فأخبره أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويأمر بمكارم الأخلاق فقال ما شفيتني ثم أخذ شنة فيها ماء وزاده ثم انطلق حتى أتى مكة ففرق أن يسأل أحدا عن شيء ولم يلق رسول الله حتى أجنه الليل فلما اعتم مر به علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال من الرجل قال رجل من غفار قال فانطلق إلى منزلك فانطلق به إلى منزله لا يسأل واحدا منهما صاحبه عن شيء فلما أصبح غدا فلم يلقه فنام في ناحية المسجد فمر به علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال أما آن للرجل أن يعرف منزله فانطلق معه لا يسأل أحد منهما صاحبه عن شيء فلما كان اليوم الثالث أخذ على علي رضي الله عنه لئن أخبره بالذي يريد ليكتمن عليه وليسترن عليه ففعل فقال إنه بلغني أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبي فبعثت بأخي فلم يأتني بما يشفيني فجئت بنفسي لأخبر خبره فقال له علي رضي الله عنه إني غاد فاتبع أثري فإني إن رأيت ما أخاف عليك منه قمت كأني أبول ورجعت إليك وإن لم أر شيئا فاتبع أثري فغدا علي رضي الله عنه وغدا أبو ذر رضي الله عنه على أثره حتى دخل على رسول الله وأخبره خبره وسمع من رسول الله فأسلم فقال يا رسول الله مرني بأمرك فقال ارجع إلى قومك حتى إذا بلغك خبري فأتني فقال لا والله حتى أصرخ بالإسلام فخرج إلى المسجد فنادى بالصلاة ونادى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقال المشركون صبأ الرجل صبأ الرجل ثم ضربوه حتى سقط فمر

به العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه فانكب عليه ثم قال يا معشر قريش أنتم تجار وطريقكم على غفار تريدون أن يقطع الطريق عليكم فأمسكوا عنه فلما كان اليوم الثاني عاد لمثل مقامه فعادوا لضربه فمر عليه العباس رضي الله عنه فقال لهم مثل ذلك فهذا كان بدء إسلام أبي ذر رضي الله 159 - قال الإمام رحمه الله روي إسلام ذر رضي الله عنه من وجوه منها رواية البصريين عن المثنى بن سعيد وقد روي من طريق الشاميين حدث به الطبراني قال حدثنا أحمد بن إبراهيم أبو عبدالله القرشي الدمشقي ثنا محمد بن عائذ ثنا الوليد ين مسلم ثنا أبو طرفة عباد بن الريان اللخمي قال سمعت عروة بن رويم اللخمي يقول حدثني عامر بن لدين قاضي الناس مع عبدالملك بن مروان قال سمعت أبا ليلى الأشعري يقول حدثني أبو ذر رضي الله عنه قال إن أول ما دعاني إلى الإسلام أنا كنا قوما عربا فأصابتنا السنة فاحتملت أمي وأخي وكان اسمه أنيسا إلى أصهار لنا بأعلى نجد فلما حللنا بهم أكرمونا فلما رأى ذلك الرجل من الحي مشى إلى خالي فقال تعلم أن أنيسا يخالفك فقال فحز في قلبه فانصرفت من رعية إبلي فوجدته كئيبا يبكي فقلت ما أبكاك يا خال فأعلمني الخبر فقلت حجز الله عن ذلك إنا نعاف الفاحشة وإن كان الزمان قد أخل بنا وقد كدرت علينا صفو ما ابتدأئنا به ولا سبيل إلى اجتماع واحتملت أمي وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة فقال أخي إني مدافع رجلا على الماء بشعر وكان رجلا شاعرا فقلت لا تفعل فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن الصمة صرمته إلى صرمته وأيم الله لدريد يومئذ أشعر من أخي فتقاضيا إلى خنساء ففضلت أخي على دريد وذاك أن دريدا خطبها إلى أبيها فقالت شيخ كبير لا حاجة لي فيه فحقدت ذلك عليه فضممنا صرمته إلى صرمتنا فكانت لنا هجمة ثم أتيت مكة وابتدأت بالصفا فإذا عليها رجالات قريش وقد بلغني أن بها صابئا أو مجنونا أو شاعرا أو ساحرا فقلت أين هذا الذي يزعمونه قالوا هاهو ذاك حيث ترى فانقلبت إليه فوالله ما جزت عنهم قيس حجر حتى أكبوا على كل عظم وحجر ومدر فضرجوني بدمي فأتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء وبقيت فيه ثلاثين يوما لا آكل ولا أشرب إلا من ماء زمزم حتى إذا كانت ليلة قمراء أضحيان أقبلت امرأتان من خزاعة فطافتا بالبيت ثم ذكرتا إسافا ونائلة وهما وثنان كانوا يعبدونهما فأخرجت رأسي من تحت الستور فقلت احملوا أحدهما على صاحبه فغضبتا

ثم قالتا أما والله لو كانت رجالنا حضورا ما تكلمت بهذا ثم ولتا فخرجت أقفو آثارهما حتى لقيتا رسول الله فقال ما أنتما وما جاء بكما فأخبرتاه الخبر فقال أين تركتما الصابيء فقالتا تركناه بين الستور والبناء فقال لهما هل قال لكما شيئا فقالتا نعم كلمة تملأ الفم فتبسم رسول الله ثم انسلتا وأقبلت حتى جئت رسول الله ثم سلمت عليه عند ذاك فقال أين أنت ومن أين جئت وما جاء بك فأنشأت أعلمه الخبر فقال من أين كنت تأكل وتشرب فقلت من ماء زمزم فقال أما إنه طعام طعم ومعه أبو بكر رضي الله عنه فقال يا رسول الله ائذن لي أن أعشيه قال نعم ثم خرج رسول الله يمشي وأخذ أبي بكر بيده حتى وقف رسول الله بباب أبي بكر ثم دخل أبو بكر بيته ثم أتى بزبيب من زبيب الطائف فجعل يلقيه لنا قبضا قبضا ونحن نأكل منه حتى تملأنا منه قال لي رسول الله يا أبا ذر فقلت لبيك فقال إنه قد رفعت لي أرض وهي ذات ماء لا أحسبها إلا تهامة فاخرج إلى قومك فادعهم إلى ما دخلت فيه قال فخرجت حتى أتيت أمي وأخي فأعلمتهما الخبر فقالا ما بنا رغبة عن الدين الذي دخلت فيه فأسلما ثم خرجنا فأعلمت قومي فقالوا إنا قد صدقناك ولكنا نلقى محمدا فلما قدم علينا رسول الله لقيناه فقالت له غفار يا رسول الله إن أبا ذر أعلمنا ما أعلمته وقد أسلمنا وشهدنا أنك رسول الله ثم تقدمت أسلم خزاعة فقالوا يا رسول الله إنا قد رغبنا ودخلنا فيما دخل فيه إخواننا وحلفاؤنا فقال رسول الله أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها ثم أخذ أبو بكر رضي الله عنه بيدي قال ياأبا ذر فقلت لبيك ياأبا بكر فقال هل كنت تأله في الجاهليه قلت نعم لقد رأيتني أقوم عند الشمس فلا أزال مصليا حتى يؤذيني حرها فأخر كأني خفاء فقال لي فأين كنت توجه قلت لا أدري إلى حيث وجهني الله تعالى حتى أدخل الله تعالى علي الإسلام 160 - قال الإمام رحمه وروي إسلام أبي ذر رضي الله عنه من وجه آخر روي عن أبي يزيد المدني عن ابن عباس رضي الله عنه عن أبي ذر رضي الله عنه قال كان لي أخ يقال له أنيس وكان شاعرا فتنافر هو وشاعر آخر قال أنيس أنا أشعر منك وقال الآخر أنا أشعر منك فقال أنيس أترضى أن يكون بيننا كاهن مكة قال نعم فخرجنا إلى مكة فاجتمعنا عند الكاهن فأنشده هذا كلامه وهذا كلامه فقال لأنيس قضيت

لنفسك قال فكأنه فضل شعر أنيس فرجع أنيس فقال يا أخي رأيت بمكة رجلا يزعم أنه نبي وهو على دينك قال ابن عباس رضي الله عنه فقلت أي شيء كنت تعبد قال لا شيء كنت أصلي من الليل حتى أسقط كأني خفاء حتى يوقظني حر الشمس فقلت أين كنت توجه وجهك قال حيث وجهني ربي تعالى قال أبو ذر قلت إني أريد أن آتيه فجهزت ثم خرجت فقال لي أنيس لا تظهر أنك تطلبه فإني أخاف عليك أن تقتل دونه قال أبو ذر رضي الله عنه فجئت حتى دخلت مكة فكنت بين الكعبة وأستارها خمس عشر ليلة ويوما أخرج كل ليلة فأشرب من ماء زمزم شربة فما وجدت على كبدي سخفة وجوع ولقد تعكن بطني فجعلت امرأتان تدعوان ليلة آلهتهما وتقول إحداهما يا إساف هب لي غلاما وتقول الأخرى يا نائلة هب لي كذا وكذا فقلت هن بهن فولتا وجعلتا تقولان الصابيء بين الكعبة وأستارها إذ مر رسول الله وأبو بكر يمشي وراءه فقالتا الصابيء بين الكعبة وأستارها فتكلم رسول الله بكلام قبح ما قالتا قال أبو ذر رضي الله عنه فظننت أنه رسول الله فخرجت إليه فقلت السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك السلام ورحمة الله ثلاثا ثم قال لي منذ كم أنت هاهنا قلت منذ خمس عشرة يوما وليلة قال فمن أين كنت تأكل قلت آتي زمزم كل ليلة نصف الليل فأشرب منها فما وجدت على كبدي سخفة جوع ولقد تعكن بطني فقال رسول الله إن هذا طعم وشرب وهي مباركة قالها ثلاثا ثم سألني رسول الله ممن أنت قلت من غفار وكانت غفار يقطعون على الحاج فكأن رسول الله تقبض عني فقال لأبي بكر انطلق يا أبا بكر فانطلق بي إلى منزله فقرب زبيبا فأكلنا معه فأقمت مع رسول الله فعلمني الإسلام وقرأت من القرآن شيئا فقلت يا رسول الله إني أريد أن أظهر ديني فقال رسول الله إني أخاف عليك أن تقتل قلت لابد منه يا رسول الله وإن قتلت قال فسكت عني رسول الله وقريش حلق يتحدثون في المسجد فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فتنقضنت الحلق فقاموا إلي فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر وكانوا يرون أنهم قد قتلوني فقمت فجئت إلى رسول الله فقال لي ألم أنهك فقلت يا رسول الله كانت حاجة في نفسي فقضيتها فقمت مع رسول الله الله وأن محمدا عبده ورسوله فقال لي الحق بقومك فإذا بلغك ظهوري

فائتني قال أبو ذر رضي الله عنه أتيت أمي فلما رأتني بكت وقالت يا بني أبطأت علينا حتى تخوفت أن قد قتلت ألقيت صاحبك الذي طلبت قلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قالت فما صنع أنيس قلت أسلم قالت والله ما بي عنكما رغبة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال فأقمت في قومي فأسلم منهم ناس كثير حتى بلغنا ظهور رسول الله فأتيته وفي رواية قال أنيس وقد ساموه يعني النبي وفي رواية فرأى ما بي من الحال فقال ألم أنهك وفي رواية ابن الصامت قال أبو ذر رضي الله عنه صليت قبل الناس بأربع سنين قلت له من كنت تعبد قال إله السماء وفي روايته فجعلوا يقولون ساحر ويقولون له كاهن يقولون له شاعر ولقد حملت كلامه على أقراء الشعر فلم يلتئم ولا يلتئم على لسان أحد بعدي وفي رواية حتى تركوني مثل النصب الأحمر فلما ضربني برد السحر أفقت وفي رواية حتى إذا كان ذات ليلة ضرب على آذان أهل مكة فلم يطف بالبيت أحد غير امرأتين أقبلتا تسبحان إسافا ونائلة فقلت زوجوا أحدهما بالآخر فقالتا أما والله لو كان هاهنا من أنفارنا أحد قال الإمام رحمه الله الألفاظ الغريبة في الحديث الشنة القربة الخلق ففرق فخاف أجنه الليل ستره أعتم دخل في ظلام الليل والصرمة القطيع من الغنم مدافع رجلا أي مفاخر رجلا وليلة إضحيان أي مضيئة وقوله احملوا أحدهما على صاحبه معناه معنى قوله زوجوا أحدهما بالآخر وقوله كلمة تملأ الفم أي أستعظم أن أتكلم بها وقوله قبضا قبضا روي بالضاد والصاد والقبصة بالصاد دون القبضة وقوله تاله وتأله أي تعبد والخفاء الكساء فتنافر فتحاكم ساموه أي كلفوه التعب سخفة جوع شدة جوع تعكن بطني أي تكسر من السمن هن بهن الهن كناية عن الفرج أي أجمعوا بينهما يستهزيء بالصنم وعابدي الصنم والنصب حجارة يذبح عليها ما يتقرب به إلى الأصنام من النعم أقراء الشعر أوزانه وطرقه تسبحان إسافا أي تذكرانه بالتعظيم وفي رواية تمسحان الأنفار جمع النفر وهم الجماعة

161 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب انا والدي نا عمرو بن عبدالله النيسابوري ثنا احسين بن محمد بن زياد ثنا زكرياء بن يحيى أبو سكين الطائي حدثني عم أبي زحر بن حصين حدثني جدي حميد بن منهب حدثني خريم بن أوس بن حارثة بن لام الطائي قال هاجرت إلى رسول الله فقدمت عليه منصرفة من تبوك فأسلمت ثم قال رسول الله هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي وهذه الشيماء بنت بقيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فقلت يا رسول الله نحن دخلنا الحيرة فوجدتها كما تصف فهي لي قال هي لك ثم أقبلنا على الطريق الطف نريد الحيرة فلما دخلنا كان أول من تلقانا شيماء بنت بقيلة الأزدية كما قال رسول الله على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فتعلقت بها فقلت هذه وهبها لي رسول الله فدعاني خالد عليها بالبينة فأتيته بها فكانت البينة محمد بن مسلمة ومحمد بن بشير الأنصاري فسلمها إلي قال الإمام رحمه الله قوله معتجرة أي متقنعة والمعجر المقنعة شهباء بيضاء الطف موضع بقرب الكوفة 162 - أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن انا أبو بكر بن مردويه حدثني مكي بن بندار ثنا محمد بن أحمد الجوهري ثنا يحيى بن الفضيل ثنا الأصعمي ثنا أبو عمرو بن العلاء حدثني موسى بن عقبة عن أمه عن أم كلثوم بنت أبي سلمة قالت لما تزوج رسول الله أم سلمة رضي قال لها إني قد أهديت إلى النجاشي أواقا من مسك وحلة ولا أرى النجاشي إلا وقد مات ولا أرى الهدية إلا سترد قالت فكان كما قال رسول الله فمات النجاشي وردت الهدية فأعطى رسول الله كل امرأة من نسائه وقية من ذلك المسك وأعطاني سائره 163 - أخبرنا أبو الخير الهروي انا أبو الحسن الداودي انا أبو محمد بن حمويه ثنا عيسى بن عمر السمرقندي ثنا عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي انا زيد بن عوف ثنا أبو عوانة عن عبدالملك بن عمير عن ذكوان أبي صالح عن كعب قال في السطر الأول محمد رسول الله عبدي المختار لا فظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق ولا يجزي

بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر مولده بمكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام وفي السطر الثاني محمد رسول الله أمته الحمادون يحمدون الله في السراء والضراء يحمدون الله في كل منزله ويكبرونه على كل شرف دعاة الشمس يصلون الصلاة إذا جاء وقتها ولو كانوا على رأس كناسة ويأتزرون على أوساطهم ويوضئون أطرافهم وأصواتهم بالليل في جوف السماء كأصوات النحل 164 - قال وثنا الدارمي ثنا مجاهد بن موسى ثنا معن هو ابن عيسى ثنا معاوية ابن صالح عن أبي فروة عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سأل كعب الأحبار كيف تجد نعت رسول الله في التوراة فقال كعب تجده محمد بن عبدالله يولد بمكة ويهاجر إلى طابة ويكون ملكه بالشام وليس بفحاش ولا سخاب في الأسواق ولا يكافيء بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر أمته الحمادون ويحمدون الله في كل سراء ويكبرون الله على كل نجد يوضئون أطرافهم ويأتزرون في أوساطهم يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم دويهم في مساجدهم كدوي النحل يسمع مناديهم في جو السماء 165 - قال وحدثنا الدارمي انا عبدالله بن صالح حدثني الليث حدثني خالد هو ابن يزيد عن سعيد هو ابن أبي هلال عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن ابن سلام رضي الله عنه أنه كان يقول إنا لنجد صفة رسول الله إنا أرسالناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميته المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويتجاوز لن أقبضه حتى يقيم الملة المتعوجة بأن يشهد أن لا إله إلا الله نفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا فصل في دلالة أخرى في ذكر إسلام أبي قرصافة جندرة بن خيشنة 166 - انا عمر بن أحمد الفقيه انا أبو سعيد النقاش انا أبو بكر الشافعي ثنا سعيد بن عبدالله بن عجب ثنا أيوب بن علي بن الهيصم ثنا زياد بن سيار عن عزة بنت عياض بن أبي قرصافة أنها سمعت جدها أبا قرصافة صاحب رسول الله يقول

كان أول بدء إسلامي أني كنت يتيما بين أمي وخالتي وكان أكثر ميلي إلى خالتي وكنت أرعى شويهات لي فكانت خالتي كثيرا ما تقول يا بني لا تمر إلى هذا الرجل تعني النبي فيغويك ويضلك قال فكنت أخرج حتى آتي المرعى فأترك شويهاتي ثم آتي النبي فلا أزال عنده أسمع منه ثم أروح بغنمي ضمرا يابسات الضروع فقالت لي خالتي مالي أرى أغنامك يابسات الضروع قلت ما أدري ثم غدوت إليه في اليوم الثاني ففعل كما فعل في اليوم الأول غير أني سمعته يقول يا أيها الناس هاجروا وتمسكوا بالإسلام فإن الهجرة لا تنقطع ما دام الجهاد ثم إني رحت بغنمي كما رحت في اليوم الأول ثم عدت إليه في اليوم الثالث فلم أزل عند النبي أسمع كلامه حتى أسلمت وبايعته وصافحته بيدي ثم شكوت إليه أمر خالتي وغنمي فقال لي رسول الله جئني بالشآء جئته بهن فمسح على ظهورهن وصدورهن ودعا فيهن بالبركة فامتلأت شحما ولبنا ثم رجعت بغنمي سمانا ممتلئات شحما ولبنا فلما دخلت على خالتي بهن قالت يا بني هكذا فارع قلت والله يا خالة ما رعيت إلا حيث كنت أرعى كل يوم ولكن أخبرك بقصتي فأخبرتها بالقصة وإتياني النبي وأخبرتها بسمته وكلامه فقالت لي أمي وخالتي إذهب بنا إليه فذهبت أنا وأمي وخالتي فأسلموا وبايعوا رسول الله فهذا ما كان من إسلام أبي قرصافة فصل 167 - أخبرنا عمر بن أحمد أنا أبو سعيد النقاش أنا أبو بكر الشافعي وأبو الحسن محمد بن إسحاق بن عباد التمار قالا ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا محمد بن عبدالله الإنصاري ثنا حميد عن أنس قال جاء عبدالله بن سلام إلى رسول الله مقدمه المدينه فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة والولد ينزع إلى أبيه وإلى أمه قال أخبرني جبريل آنفا فقال عبدالله ذاك عدو اليهود من الملائكة قال أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبر حوت وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل نزعه وإن سبق ماء المرأة نزعها قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول

الله قال يا رسول الله أن اليهود قوم بهت وإن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني عندك فجاءت اليهود فقال لهم النبي أي رجل عبدالله عندكم قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا قال أرأيتم أن أسلم عبدالله فقالوا أعاذه الله من ذلك فخرج إليهم عبدالله فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله قالوا شرنا وابن شرنا وانتقصوه قال هذا ما كنت أخاف وأحذر يا رسول الله فصل 168 - أخبرنا عمر أنا أبو سعيد أنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن عمرو الأحمسي ثنا أبو حصين الوادعي ثنا يحيى الحماني ثنا يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن عبدالله ابن شداد بن الهاد عن دحية الكلبي رضي الله عنه قال بعثني النبي إلى قيصر صاحب الروم بكتاب فاستأذنت فقلت استأذنوا لرسول رسول الله فأتى قيصر فقيل إن على الباب رجلا يزعم أنه رسول رسول الله ففزعوا لذلك وقالوا أدخلوه فأدخلوه عليه وعنده بطارقته فأعطيته الكتاب فقرىء عليه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى قيصر صاحب الروم فقال ابن أخ له أحمر أزرق سبط الشعر لا يقرأ الكتاب اليوم لأنه بدأ بنفسه وكتب صاحب الروم ولم يكتب ملك الروم قال فقريء الكتاب حتى فرغ منه ثم أمرهم قيصر فخرجوا من عنده ثم بعث إلي فدخلت إليه فسألني فأخبرته فبعث إلى الأسقف فدخل عليه وكان صاحب أمرهم يصدرون عن قوله وعن رأيه فلما قرأ الكتاب قال الأسقف هو والله الذي بشرنا به عيسى بن مريم وموسى هو والله الذي بشرنا به موسى وعيسى الذي كنا ننتظره قال قيصر فما تأمرني قال الأسقف أما أنا فإني مصدقه ومتبعه قال قيصر إني أعرف أنه كذلك ولكن لا أستطيع أن أفعل إن فعلت ذهب ملكي وقتلني الروم فصل 169 - أخبرنا إبراهيم بن محمد الطيان وغيره قال انا إبراهيم بن عبدالله بن خورشيد قولة ثنا المحاملي ثنا محمد بن خلف ثنا أبو نعيم ثنا يونس بن أبي إسحاق عن المغيرة بن شبيل بن عوف عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال لما أن دنونا من

المدينة أنخت راحلتي وفتحت عبيتي ولبست حلتي ودخلت المسجد والنبي قائم يخطب فرماني الناس بالحدق فقلت لجليس لي يا عبدالله ما بال الناس ينظرون إلي هل ذكر رسول الله من أمري شيئا قال نعم ذكرك بأحسن الذكر بينا رسول الله قائم يخطب آنفا إذ عرض له في خطبته فقال يطلع عليكم من هذا الفج رجل من خير ذي يمن محتجن ببرد أحمر وعليه برد أحمر عليه مسحة ملك فحمدت الله على ما أبلاني 170 - قال وحدثنا المحاملي ثنا فضل الأعرج ثنا عبدالصمد بن النعمان أنا يوسف ابن صهيب عن موسى العبسي عن بلال عن حذيفة رضي الله عنه قال بعث النبي إلى دومة الجندل بعثه فقال انطلقوا فإنكم ستجدون صاحب دومة يتصيد الصيد فخذوه فانطلقوا فوجدوه كما قال رسول الله قال فأخذوه وعلا أهل المدينة أشرفوا على المسلمين يكلمونهم فقال رجل من المسلمين أذكرك الله هل تجدون محمدا في كتابكم فقال لا فقال رجل إلى جنبه إنا نجده في كتابنا 171 - قال حدثنا المحاملي ثنا أحمد بن منصور زاج ثنا علي ثنا أبو حمزة عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق قال قال عمر رضي الله عنه أيكم يحدثنا عن الفتنة كما قالها رسول الله قال حذيفة بن اليمان أنا قال أنك عليه لجريء قال سمعت رسول الله يقول فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره يكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال ليس عن هذا أسألك ولكن أسألك عن الفتنة التي تموج كموج البحر قال ليس عليك منها بئس يا أمير المؤمنين بينك وبينها باب مغلق قال يكسر أم يفتح قال بل يكسر قال عمر رضي الله عنه أما أنه إذا لا يغلق قال فقلنا لحذيفة هل علم عمر ما عنيت قال أي والذي نفسي بيده كما علم أن دون غد ليلة وذلك أن حذيفة حدثه بحديث ليس بالأغاليط قال فهبنا حذيفة أن نسأله من الباب قال فأمرنا مسروقا فسأله وكان أجرأنا عليه فقال هو عمر بن الخطاب 172 - قال وحدثنا المحاملي ثنا زهير بن محمد ثنا عبدالرزاق أنا معمر عن الزهري عن هند بنت الحارث عن أم سلمة قالت استيقظ رسول الله وهو يقول لا إله إلا الله ما أنزل من الخزائن لا الله إلا الله ما أنزل الليلة من الفتن من يوقظ صواحب الحجر يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة

173 - قال حدثنا المحاملي ثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا عمرو بن محمد ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي كرب عن جابر رضي الله عنه قال كان النبي يخطب إلى خشبة فلما وضع المنبر فقدته الخشبة فحنت حنين الناقة الخلوج إلى ولدها فوضع النبي يده عليها فسكنت قال الإمام رحمه الله الخلوج التي قطع عنها ولدها بذبح أو غيره فصل 174 - أخبرنا عمر بن أحمد السمسار أنا أبو سعيد النقاش أنا عبدالله بن حامد الفقيه قال قال الواقدي ثنا العطاف بن خالد عن خالد بن سعيد قال قال تميم الداري كنت بالشام حين بعث رسول الله فخرجت إلى بعضي حاجتي فأدركني الليل فقلت أنا في جوار عظيم هذا الوادي الليلة قال فلما أخذت مضجعي إذا مناد ينادي لا أراه عذ بالله ذي الجلال فأن الجن لا تجير أحدا على الله فقلت بما تقول فقال قد خرج رسول الله الأمين وصلينا خلفه بالحجون وأسلمنا واتبعناه وذهب الجن ورميت بالشهب فانطلق إلى محمد فأسلم فلما أصبحت ذهبت إلى دير أيوب وأخبرته الخبر فقال قد صدقوك تجده يخرج من الحرم وهو خير الأنبياء فلا تسبق إليه فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول الله فأسلمت فصل ذكر الطبراني في دلائل النبوة 175 - حدثنا علي بن المبارك الصنعاني ثنا زيد بن المبارك ثنا محمد بن الحسن أبن الزبالة المخزومي عن محمد بن طلحة التيمي عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف قال كان كعب بن لؤي بن غالب يجمع قومه يوم الجمعة وكانت قريش تسمي الجمعة عروبة فيخطبهم فيقول أما بعد فأسمعوا وتعلموا وأفهموا وأعلموا ليلة ساج ونهار ضاج والأرض مهاد والسماء بناء والجبال أوتاد والنجوم

أعلام والأولون كالآخرين والأنثى والذكر زوج فصلوا أرحامكم وأحفظوا اصهاركم وثمروا أولادكم فهل رأيتم من هالك رجع أو ميت نشر الدار أمامكم وأظن غير ما تقولون عليكم بحرمكم زينوه وعظموه وتمسكوا به فسيأتي له نبأ عظيم سيخرج منه نبي كريم ثم يقول نهار وليل كل أقف بحادث سواء عليها ليلها ونهارها يؤوبان بالأحداث حين تأوبا وبالنعم الضافي علينا ستورها على غفلة يأتي النبي محمد فيخبر أخبارا صدوقا خبيرها ثم يقول والله لو كنت فيها لتنصبت فيها تنصب الجمل ولأرقلت فيها إرقال الفحل قال الإمام رحمه الله إنما ذكر كعب صفة النبي ونبوته من صحف إبراهيم عليه السلام 176 - قال وحدثنا محمد هو ابن البراء ثنا الفضل بن غانم ثنا سلمة عن محمد ابن إسحاق قال بلغني أنه كان فيما وصف عيسى بن مريم عليه السلام فيما جاءه من الله الإنجيل لأهل الإنجيل من صفة رسول الله مما أثبت لهم يوحنس الحواري حين نسخ لهم الإنجيل من عهد عيسى عليه السلام في رسول الله أنه من أبغضني فقد أبغض الرب تعالى ولولا أني صنعت بحضرتكم صنائع ما كانت لكم خطيئة ولكن من الآن انظروا وظنوا أنهم يفوتوني ولكن لا بد أرأيتم الذي في الناموس أنهم أبغضوني مجانا أي باطلا فلو قد جاء الممتحنا الذي يرسله الله تعالى إليكم من عند الرب تبارك وتعالى روح القدس هو الذي من عند الرب تعالى وهو يشهد علي وأنتم أيضا لأنكم كنتم قديما معي هذا قلته لكم لكيلا تشكوا فالممتحنا بالسريانية هو محمد وهو بالرومية البلقليطس 177 - قال محمد بن إسحاق قد ذكر لي بعض أهل العلم أنه وجد عند حبر من أحبار اليهود عهدا من كتاب إبراهيم خليل الرحمن فيه موذ موذ فقال أنشدك الله ما هذان الحرفان قال اللهم غمز من ذكر محمد 178 - قال محمد بن إسحاق وحدثني علي بن نافع الجرشي قال قرأت في بيت بجرش كتابا بالزبور كتبته الحبشة حين ظهروا على اليمن مصلحا محمدا رشيدا أمما

179 - قال وحدثنا الحسن بن علي المعمري ثنا عمرو بن أبي عاصم حدثني أبي ثنا شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه في قول الله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا قال أحبار اليهود وجدوا صفة محمد مكتوبا في التوراة أكحل أعين ربعة جعد الشعر حسن الوجه فما وجدوه في التوراة محوه حسدا وبغيا فأتاهم نفر من قريش من أهل مكة فقالوا تجدون في التوراة نبيا منا قالوا نعم نجده طويلا أزرق سبط الشعر فأنكرت قريش وقالوا ليس هذا منا 180 - وعن سلمة بن سلامة بن وقش قال كان لنا جار من يهود في بني عبدالأشهل فخرج علينا يوما من بيته وذلك قبل مبعث النبي حتى وقف على مجلس بني عبدالأشهل قال سلمة وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا علي بردة لي مضطجع فيها بفناء أهلي فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار قال ذلك لقوم أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت فقالوا ويحك وتكون دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم قال نعم والذي يحلف به ولود أن حظه من تلك النار أعظم تنور في هذه الدار يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطبقون عليه ثم ينجو من تلك النار غدا قالوا ويحك وما آية ذلك قال نبي يبعث من هذه البلاد وأشار بيده نحو مكة واليمن قالوا فمتى تراه فرمى بطرفه فرآني وأنا مضطجع بفناء باب أهلي وأنا أحدث القوم فقال إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه قال سلمة فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله نبيه وهو حي بين أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا فقلنا له ويلك يا فلان ألست الذي قلت لنا فيه قال بلى ولكن ليس به 181 - وعن حسان بن ثابت أنه قال والله إني لغلام يفعة ابن ثمان أو سبع أعقل ما سمعت إذ سمعت يهودي يصرخ على أطعمة يثرب يا معشر يهود حتى اجتمعوا إليه فقالوا ويلك ما لك فقال طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به

فصل 182 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي انا عبدالرحمن بن محمد بن أحمد ثنا عبدالله بن محمد بن محمد ثنا أحمد بن عمرو ثنا خلاد بن أسلم ثنا النضر بن شميل عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال دخل رسول الله حائطا من حوائط الانصار فإذا فيه جملان يرعدان ويبرقان فدنا رسول الله منهما فوضعا جرانهما بالأرض فقال قائل من الناس سجدا 183 - قال وحدثنا أحمد بن عمرو انا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبدالله بن نمير ثنا الأجلح عن ذيال بن حرملة عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال أقبلنا مع رسول الله من سفر حتى دفعنا إلى حائط من حوائط بني النجار إذا فيه جمل قطم لا يدخل أحد الحائط إلا وثب عليه فجاء النبي حتى أتى الحائط فدعا البعير فجاءه واضعا مشفرة في الأرض حتى برك بين يديه فقال النبي هاتوا خطامه فخطمه ودفعه إلى صاحبه ثم التفت إليهم فقال إنه ليس بين السماء والأرض شيء إلا يعلم أني رسول الله غير عاصي الجن والأنس 184 - قال وحدثنا أحمد بن عمرو ثنا أبو بكر ثنا عبدالله بن نمير ثنا عثمان بن حكيم ثنا عبدالرحمن بن عبدالعزيز عن يعلى بن مرة قال رأيت من النبي ثلاثا ما رآهن أحد قبلي ولا يراها أحد بعدي قال كنت جالسا معه حتى جاء جمل فضرب بجرانه بين يديه ثم ذرفت عيناه فقال انظروا لمن هذا الجمل فإن له لشأنا قال فخرجت فالتمست صاحبه فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته إليه فقال ما شأن جملك هذا قال وما شأنه قال لا أدري ما شأنه قال فقال عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا البارحة أن ينحر ويقسم لحمه قال فلا تفعل فهبه لي أو بعنيه قال بل هو لك يا رسول الله فوسمه سمة الصدقة ثم بعث به 185 - قال وحدثنا أحمد ثنا أبو بكر ثنا عبيدالله بن موسى ثنا إسماعيل بن عبدالملك عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال سرنا ورسول الله بين أظهرنا كأن على رؤسنا الطير يظلنا فإذا جمل ناد حتى إذا كان بين السماطين خر ساجدا فجلس

رسول الله فقال من صاحب هذا الجمل فإذا فتية من الأنصار فقالوا هو لنا يا رسول الله قال فما شأنه قالوا سنينا عليه منذ عشرين سنة وكانت له شحيمة فأردنا أن ننحره فنقسمه بين غلماننا فقال تبيعونه قالوا لا بل هو لك يا رسول الله قال إما لا فأحسنوا إليه حتى يأتي أجله 186 - قال وحدثنا أحمد ثنا عبد الله بن أسماء ثنا مهدي بن ميمون ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال أردفني رسول الله ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس وكان أحب ما يستتر به رسول الله لحاجته هدف أو حائش نخل فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل فلما رأى النبي الله جزع وذرفت عيناه فأتاه النبي فمسح سراته إلى سنامه وذمراه فسكن فقال من رب هذا الجمل لمن هذا الجمل فجاء فتى من الأنصار فقال هو لي يا رسول الله قال فقال ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياه فإنه يشكو إلي أنك تجيعه وتدئبه وفي غير هذه الرواية خر بدل قوله جزع قال الإمام رحمه الله قوله يرعدان ويبرقان يقال أرعد وأبرق إذا تهدد والجران مقدم العنق والقطم الهائج ونضحنا عليه أي سقينا عليه الماء وكذلك سنينا والسانية الناقة التي يستقى عليها والناد أسم الفاعل من قولك ند إذا نفر وتوحش والسماطان صفان من الناس وقوله أما لا لا حرف وهي ممالة والمعنى إلا تفعلوا هذا فأحسنوا إليه يعني إلا تبعوه فأحسنوا أليه والهدف جدار مرتفع وحائش نخل جماعة نخل والسراة الظهر وذمراه جانب عنقه وتدئبة يقال دأب يدأب إذا أدام العمل وأدأبه غيره حمله على ذلك فصل 187 - أخبرنا عبدالوهاب بن محمد بن إسحاق أنا والدي أنا أبو علي الحسن ابن يوسف الطرائفي بمصر حدثنا محمد بن عبدالله بن عبدالحكم ثنا أبو ضمرة أنس ابن عياض الليثي عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبدالله الأنصاري

رضي الله عنه أنه أخبره أن أباه توفي وترك عليه الثلاثين وسقا لرجل من اليهود فاستنظره جابر بن عبدالله فأبى أن ينظره فكلم جابر رسول الله ليشفع إليه فجاءه رسول الله فكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخلة بالذي له فأبى فدخل رسول الله النخل فمشي فيها ثم قال يا جابر جد له فأوفه الذي له فجده بعدما رجع رسول الله فأوفاه ثلاثين وسقا وفضلت له سبعة عشر وسقا فجاء جابر رسول الله ليخبره بالذي فعل فوجد رسول الله يصلي العصر فلما انصرف رسول الله أخبره أنه قد أوفاه وأخبره بالفضل الذي فضل له قال فقال رسول الله أخبر بذلك عمر فذهب جابر بن عبدالله إلى عمر رضي الله عنهما فأخبره فقال عمر لقد علمت حيث مشى فيها رسول الله ليباركن الله تعالى فيها قال الإمام رحمه الله الوسق الحمل فاستنظره فاستمهله فأبى أن ينظره أي أن يمهله جد له أي أقطع ثمر نخلك والجداد والقطاف قطع الثمرة وقطفها فصل في ذكر دعاء النبي على أبي ثروان وعلى الرجل الذي مر بين يديه وغيرهما 188 - ذكر أبو الشيخ في دلائل النبوة أخبرنا إسحاق بن أحمد ثنا محمد بن هارون القطان عن عبدالملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن أبي ثروان وكان أبو ثروان راعي غنم لبني عمرو بن تميم في إبلهم فخاف رسول الله من قريش فخرج فنظر إلى سواد فقصده فإذا هي إبل فدخل بين الإبل فجلس ونفرت الإبل فقام أبو ثروان فأطاف بالإبل فلم ير شيئا ثم تخللها فإذا برسول الله جالس فقال من أنت فقد أنفرت علي إبلي فقال رسول الله لن ترع أردت أن أستأنس إلى إبلك فقال له أبو ثروان من أنت فقال النبي ما يضرك أن لا تسألني أردت أن أستأنس إليك وإلى إبلك فقال أبو ثروان إني لأراك الرجل الذي يزعمون أنه خرج نبيا فقال له رسول الله أجل فأدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقال له أبو ثروان اخرج فإنه لا يفلح إبل أنت فيها فطرده وأبى أن يدعه فدعا عليه رسول الله فقال اللهم أطل شقاءه وبقاءه قال أبي فأدركته شيخا كبيرا شقيا يتمنى الموت

189 - قال وحدثنا أبو عبدالله محمد بن يحيى ثنا محمد بن عمر بن حرب ثنا أبو عاصم ثنا سعيد بن عبدالعزيز حدثني مولى ليزيد بن نمران عن يزيد بن نمران قال لقيت مقعدا بتبوك فسألته عن ذلك فقال مررت بين يدي رسول الله على حمار أو أتان فقال قطع صلاتنا قطع الله أثره قال فأقعدت 190 - قال وحدثنا عبيد الله بن أحمد بن عقبة ثنا الحسن بن عرفة حدثني مسلم ابن إبراهيم البصري حدثنا أم الأسود الخزاعية قالت حدثتني أم نائلة الخزاعية قالت حدثني بريدة الأسلمي ان النبي سأل عن رجل يقال له قيس فقال النبي لا أقرته الأرض فكان لا يدخل أرضا فيستقر بها حتى يخرج منها 191 - قال وحدثنا الحسن بن محمد ثنا أبو زرعة ثنا محمد بن إسحاق المسيبي حدثني إبراهيم بن علي بن حسن بن علي بن أبي رافع عن كثير بن عبدالله عن أبيه عن جده أن رجلا من بني تميم يقال له محلم بن جثامة عدا على رجل من أشجع يقال له عامر بن الأضبط فقتله لشيء كان بينهما في الجاهلية فبلغ رسول الله فأرسل إلى محلم بن جثامة فأتى به إليه وقد اصطلح القوم فيما بينهم على الدية فقال له رسول الله عدوة على امريء مسلم فقتلته اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة ثلاث مرات وهو رافع يديه إلى السماء قال فما مكث بعد ذلك إلا أياما ستة أو سبعة حتى هلك فدفن فلفظته الأرض ودفن فأصبح على ظهرها ثم دفن فأصبح على ظهر الأرض فوضع إلى سفح جبل ثم ردموا عليه الحجارة ردما حتى واروه فأخبروا رسول الله خبره فقال أما أن الأرض تطابق على ما هو شر منه لكن الله أراد أن يعيركم في دمائكم فصل في ذكر استجابة دعاء رسول الله في رجل وامرأة أبغض أحدهما صاحبه 192 - قال أبو الشيخ أنا أبو يعلي ثنا عبدالله بن معاذ قال ذكر أبي عن يوسف ابن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر رضي الله عنه قال بينما نحن مع رسول الله في السوق إذا امرأة قد أخذت بعنان دابته وهو على حمار فقالت يا رسول الله أن زوجي لا يقربني ففرق بيني وبينه ومر زوجها فدعاه النبي فقال ما لك ولها

جاءت تشكو منك إنك لا تقربها قال يا رسول الله والذي أكرمك إن عهدي بها لهذه الليلة فبكت المرأة وقالت كذب ففرق بيني وبينه فأنه من أبغض خلق الله إلي فتبسم رسول الله ثم أخذ برأسه ورأسها فجمع بينهما وقال اللهم أدم كل واحد منهما من صاحبه قال جابر فلبثنا ما شاء أن نلبث ثم مر رسول الله في السوق فإذا نحن بالمرأة تحمل أدما فلما رأته طرحت الأدم وأقبلت إلى النبي فقالت يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما خلق الله من بشر أحب إلي منه إلا أنت قال الإمام رحمه الله كذا في كتاب أبيه الشيخ اللهم أدن وفي كتاب الغريب اللهم أر كل واحد منهما بصاحبه أي احبسه واقرنه مأخوذ من الآرية التي تحبس فيها الدابة 193 - قال وحدثنا محمد بن عبدالرحيم بن شبيب ثنا أبو معمر صالح بن حرب ثنا سلام ثنا الزبير بن خريت عن أبي لبيد عن عروة البارقي رضى الله عنه قال أمرني رسول الله أن أشتري له أضحية بدينار فاشتريت ثنتين بدينار فأقبلت وهما معي فلقيني رجل فاشترى مني إحداهما بدينار وأتيته بواحدة ودينار فقال النبي بارك الله لك في صفقة يمينك فكان يقوم في كناسة الكوفة فربما ربح العشرين ألفا وأكثر 194 - قال وحدثنا عبدالله بن محمد بن زكريا ثنا سعيد بن يحيى ثنا أيوب بن سيار أبو سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن بلال رضي الله عنه قال أذنت للصبح في ليلة باردة فلم يأتي أحد ثم أذنت فلم يأتي أحد فقال النبي ما شأنهم يا بلال قلت كبدهم البرد بأبي وأمي فقال اللهم اكسر عنهم البرد قال بلال فلقد رأيتهم يتروحون في الصبيحة أو الصبح قال الإمام رحمه الله قوله كبدهم البرد أي أصابهم وأثر فيهم وقوله اكسر عنهم البرد أي ادفع ويتروحون يتفعلون من المروحة 195 - قال وحدثنا الحسن بن علي الطبري ثنا الفضل بن سهل حدثني محمد بن عبدالله الأنصاري حدثني أبي عن ثمامة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال بزق النبي ي بئر في داره فلم يكن في المدينة بئر أعذب منه فكانوا إذا حضروا استعذب لهم منها

فصل 196 - انا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف بنيسابور انا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم المزكى ثنا أبو عبدالله محمد بن يعقوب الشيباني انا أبو أحمد محمد بن عبدالوهاب الفراء انا جعفر بن عون انا أسامة بن زيد عن محمد بن عمرو عن محمد بن النكدر عن سفينة مولى النبي قال ركبت سفينة في البحر فإنكسرت بي فركبت لوحا فأخرجني إلى أجمة فيها أسد إذا أقبل الأسد فلما رأيته قلت يا أبا الحارث أنا سفينة مولى رسول الله فأقبل نحوي حتى ضربني بنمكبه ثم مشى معي حتى أقامني على الطريق قال ثم همهم ساعة وضربني بذنبه فرأيت أنه يودعني فصل 197 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي أنا أبو بكر بن مردوية ثنا محمد بن علي ثنا أحمد بن حازم أنا الفضل بن دكين وعلي بن قادم قالا ابن عيينة عن الزهري عن أسامة بن زيد قال أوفى النبي على أطم فقال هل ترون ما أرى إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر قال الإمام رحمه الله الهمهمة الصوت الخفي وأوفى أشرف والأطم الحصن 198 - وأخبرنا محمد بن أحمد أنا أبو بكر بن مردوية ثنا أحمد بن الحسن ثنا محمد بن أحمد بن البراء ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصري ثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يقول ثنا أبو عثمان عن أم سلمة رضي الله عنها قالت كان النبي يحدث جبريل عليه السلام فلما قام قال يا أم سلمة من هذا قلت دحية الكلبي ولم أعلم أنه جبريل حتى سمعت النبي يحدث أصحابه على المنبر ما كان بيننا 199 - انا الحسن بن أحمد السمرقندي انا عبدالصمد بن نصر العاصمي ثنا أبو العباس البجيري ثنا أبو حفص البجيري ثنا عبد بن حميد ثنا عبدالرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال سأل أهل مكة النبي آية فانشق القمر بمكة مرتين فنزلت اقتربت الساعة وانشق القمر وفي رواية عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال انشق القمر على عهد رسول الله شقتين فقال لنا رسول الله اشهدوا

200 - قال وأخبرنا أبو حفص البجيري ثنا محمد بن بشار ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلين من أصحاب النبي خرجا من عند النبي ومعهما مثل المصباح يضيء بين أيديهما فلما تفرقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله 201 - أخبرنا عمر بن أحمد السمسار انا أبو سعيد النقاش انا أبو أحمد العسال ثنا محمد بن إبراهيم بن داود حدثني الحسن بن كليب بن المعلى ثنا يزيد بن أبي حبيب ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال خرج من المدينة أربعون رجلا من اليهود فقالوا امضوا بنا إلى هذا الكاهن الكذاب حتى نوبخه ونكذبه أن يقول إني رسول الله رب العالمين فأتوا باب النبي وهو يقولون آدم خير منه وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح وسليمان صلوات الله عليهم أجمعين إذ خرج عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه من عند رسول الله وهو يقول ما أحسن ظن محمد بالله تعالى وأكثر شكره لما أعطاه الله فسمعت اليهود كلام عمر فقالوا ماذاك محمد ولكن ذاك موسى بن عمران كلمه الله تعالى فغضب عمر رضي الله عنه وضرب بيده إلى شعب اليهودي وجعل يضربه فهربت اليهود وقال مروا بنا إلى محمد حتى نشكوا إليه فلما دخلوا سلموا فرد عليهم السلام فقالت اليهود يا محمد نعطي الجزية ونظلم فقال النبي ومن ظلمكم قالوا عمر بن الخطاب فقال رسول الله ما كان عمر ليظلم أحدا حتى يسمع منكرا ثم أمر النبي بلالا فدعا عمر بن الخطاب فقال له يا عمر أظلمت هؤلاء فقال عمر بأبي أنت وأمي يا رسول الله لو أن سيفي بيدي لضربت أعناق هؤلاء أجمعين فقال النبي ولم يا عمر قال خرجت من عندك آنفا وأنا أقول ما أحسن ظن محمد بالله وأكثر شكره لما أعطاه الله فقالت اليهود ما ذاك محمد ولكن ذاك موسى بن عمران يفديك نفسي أموسى خير منك فقال النبي موسى أخي وأنا خير منه وافضل وأعطيت افضل مما أعطي فعجبت اليهود وقالوا هذا أردنا فقال النبي وما ذاك قالت اليهود آدم خير منك وموسى خير منك وعيسى

خير منك ونوح خير منك وإبراهيم خير منك وسليمان خير منك فقال النبي كذبتم أنا خير من هؤلاء وأنا أفضل منهم فضلا قال اليهود هات بيان ذلك في التوراة فقال النبي ادعوا لي عبدالله بن سلام والتوراة بيني وبينكم فنصبت التوراة فقال لليهود آدم خير مني قالوا نعم قال ولم قالوا لان الله خلقه بيده ونفخ فيه من روحه فقال النبي آدم أبي ولكني أعطيت أفضل مما أعطي قالوا وما ذاك قال إن المنادي ينادي كل يوم خمس مرات من المشرق إلى المغرب أشهد أن محمدا رسول الله ولا يقال أن آدم رسول الله ولواء الحمد بيدي وليس بيدي آدم فقالت اليهود صدقت يا محمد هذا مكتوب بالتوراة قالوا هذه واحدة قالت اليهود نوح خير منك قال لم قالوا لأن سفينته جرت على الأرض واستوت على الجودي فقال النبي أعطيت أفضل منه قالوا وما ذاك قال إن الله تعالى يقول في كتابه إنا أعطيناك الكوثر نهرا في السماء السابعة من تحت العرش عليه ألف قصر لبنة من فضة وأخرى من ذهب ترابها الزعفران ورضراضها در وياقوت لي ولأمتي قالوا صدقت يا محمد هذا خير من ذاك هاتان ثنتان قالت اليهود إبراهيم خير منك قال ولم قالوا لأن الله تعالى اتخذه خليلا فقال النبي إبراهيم خليل الله وأنا حبيبه أتدرون لأي شيء سميت محمدا قالوا لا قال إن الله اشتق اسمي من اسمه فهو الحميد وأنا محمد وأمتي الحمادون قالوا صدقت يا محمد هذا خير من ذلك هذا خير من ذلك هذه ثلاثة قالت اليهود موسى خير منك قال ولم قالوا لأن الله كلمه بأربعة آلاف كلمة وأربع مائة كلمة وأربع وأربعين كلمة ولم يكلمك بشيء قال النبي قد أعطيت أفضل منه قالوا وما ذاك قال قوله في كتابه سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا فحملني على جناح جبريل حتى انتهيت إلى السماء السابعة وجاوزت سدرة المنتهى عندها حنة المأوى حتى تعلقت بأستار العرش فنوديت من فوق العرش يا محمد أنا الله لا إله إلا أنا أرى ربي بقلبي ولم أره بعيني فهذا أفضل من ذلك قالوا صدقت يا محمد هذا مكتوب في التوراة قالوا هذه أربعة قالت اليهود عيسى خير منك قال ولم قالوا لأن عيسى بن مريم صعد عقبة بيت المقدس فجاءت الشياطين لتحمله فأمر الله جبريل عليه السلام فضرب بجناحه الأيمن وجوههم فألقاهم إلى النار فقال النبي أعطيت خيرا منه أقبلت يوم بدر من قتال المشركين وأنا جائع شديد

الجوع فاستقبلتني امرأة يهودية على رأسها جفنة وفي الجفنة جدي مشوي وفي كمها شيء من سكر فقالت يا محمد الحمد الله الذي سلمك قد كنت نذرت لله نذرا إذا قدمت سالما من غزوة العدوة لأذبحن هذا الجدي ولأشوينه وأحمل إلى محمد ليأكل منه فاستنطق الجدي فاستوى قائما على أربع قوائم فقال يا محمد لا تأكلني فإني مسموم قالت اليهود صدقت يا محمد هذا خير من ذلك قالوا هذه خمس بقيت واحدة ونقوم قالوا سليمان خير منك قال النبي ولم قالوا لأن الله سخر له شياطين الجن والإنس والرياح وعلم كلام الطير والهوام فقال النبي لقد أعطيت أفضل منه قال وما ذاك قال لأن الله سخر لي البراق وهو خير من الدنيا بحذافيرها وهي دابة من دواب الجنة وجهه وجه آدمي وحوافره حوافر الخيل وذنبه ذنب البقر فوق الحمار ودون البغل مسرج من ياقوت أحمر وأخضر ركاباه من درة بيضاء مزموم بسبعين ألف زمام له جناحان مكلل بالدر والياقوت مكتوب بين عينيه لا إله إلا الله محمد رسول الله قالت اليهود صدقت يا محمد هذا مكتوب في التوراة هذا خير من ذلك كله نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله قال النبي أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من تنشق عنه الأرض و لا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر وأنا أول من يعطي البهاء والنور ولا فخر وأنا أول من يقرع باب الجنان ولا فخر وأنا أول من يدخل أمته الجنة ولا فخر فصل 202 - ذكر القفال الشاشي رحمه الله في كتاب دلائل النبوة وقال الواقدي حدثني ابن أبي ذئب عن مسلم بن حبيب عن النضر بن سفيان الهذلي عن أبيه قال خرجنا في عير لنا إلى الشام فلما كنا بين الزرقاء ومعان عرسنا من الليل إذا بفارس يقول أيها النوام هبوا فليس هذا بحين رقاد قد خرج أحمد وطردت الجن كل مطرد ففزعنا ونحن رفقة جرارة كلهم قد سمع هذا فرجعنا إلى أهلنا فإذا هم يذكرون اختلافا بمكة بين قريش في نبي خرج بينهم من بني عبدالمطلب اسمه أحمد 203 - قال الواقدي حدثني ابن أبي سبرة عن عباس بن عبدالرحمن عن الأشجعي قال كان أبو هريرة رضي الله عنه يحدث أن قوما من خثعم كانوا عند صنم لهم جلوسا وكانوا يتحاكمون إلى أصنامهم فيقال لأبي هريرة هل كنت تفعل ذلك فيقول أبو هريرة والله فعلت فأكثرت فالحمد لله الذي أنقذني بمحمد قال أبو هريرة فالقوم مجتمعون عند صنمهم إذ سمعوا بهاتف يهتف ... يا أيها الناس ذوو الأجسام ... ومسندو الحكم إلى الأصنام ... أكلكم أورد كالكهام 5 ... ألا ترون ما أرى أمامي ... من ساطع يجلو دجى الظلام ... قد لاح للناظر من تهام ... حتى بدا للناظر الشآم

قال ابن أبي سبرة وسمعت غير عباس بن عبدالرحمن يزيد في ذلك ... ذالك نبي سيد الأنام ... من هاشم في ذروة السنام ... مستعلن بالبلد الحرام ... جاء يهد الكفر بالإسلام ... أكرمه الرحمن من إمام ... قال أبو هريرة رضي الله عنه فأمسكوا ساعة حتى حفظوا ذلك ثم تفرقوا فلم تمض بهم ثالثة حتى جاءهم خبر رسول الله أنه قد ظهر بمكة 204 - قال الواقدي حدثني هشام بن سعد عن قيس بن بشر التغلبي قال خرج خريم بن فاتك الأسدي حتى كان بفلاة من الأرض وهو يريد سفرا وقد ادلج عامة ليلة ثم عرس فقال عذت بسيد هذا الوادي الليلة يقول ذلك مرتين أو ثلاثا قال ثم هويت للاضطجاع فإذا بهاتف يهتف أسمع صوته ولا أرى شخصه وهو يقول ... وحد الله ذا الجلال ... منزل الحرام والحلال ... بكل حالات من الأحوال ... ثم اقر آيات من الأنفال ... ووحد الله ولا تبال ... ما هول الجن من الأهوال ... وكل كيد الجن في خبال ... وكل سعي الناس في سفال ... إلا التقى وصالح الأعمال

قال خريم فرجع إلى عقلي فقلت يا أيها الهاتف ما تقول أرشد عندك أم تضليل قال خزيم فأجابني بعد ساعة ... هذا رسول الله معه آيات ... محللات ومحرمات ... أنزلها الله مبينات ... قال ففزعت فقدمت على رسول الله فأسلمت 205 - قال الواقدي حدثني عبدالرحمن بن عبدالعزيز عن الزهري عن علي بن حسين قال إن أول خبر قدم المدينة عن رسول الله أن امرأة تدعى فاطمة وكان لها تابع فجاءها ذات يوم فقام على الجدار فقالت انزل قال لا قد بعث الرسول الذي يحرم الزنى 206 - قال الواقدي قال حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قال قال عثمان بن عفان رضي الله عنه خرجنا في عير من الشام قبل أن يبعث رسول الله فلما كنا بأفواه الشام وبها كاهنة فتعرضنا فقالت أتاني صاحبي فوقف على بابي فقلت ألا تدخل فقال لا سبيل إلى ذلك خرج أحمد جاء أمر لا يطاق ثم انصرفت فرجعت إلى مكة فوجدت رسول الله قد خرج بمكة يدعو إلى الله تعالى 207 - قال الواقدي حدثني محمد بن عبدالله عن الزهري قال كان الوحي يسمع فلما كان الإسلام منعوا وكانت امرأة من بني أسد يقال لها سعيرة لها تابع من الجن فما رأى الوحي لا يستطاع أتاها فدخل في صدرها فصيح في صدرها فذهب عقلها وجعل يقول من صدرها وضع العناق ودفع الرفاق وجاء أمر لا يطاق أحمد حرم الزنى 208 - قال الواقدي حدثنا أبو داود سليمان بن سلم عن يعقوب بن زيد بن طلحة أن رجلا مر على مجلس بالمدينة فيه عمر بن الخطاب فنظر إليه عمر قال أكاهن فقال يا أمير المؤمنين هدى بالإسلام كل جاهل ودفع بالحق كل باطل وأقيم بالقرآن كل مائل وأغنى بمحمد كل عائل فقال عمر متى عهدك بها يعني صاحبته قال قبل

الإسلام أتتني فصرخت يا سلام يا سلام الحق المبين والخير الدائم خير حلم نائم الله أكبر فقال رجل من القوم يا أمير المؤمنين أنا أحدثك مثل هذا والله إنا لنسير في داوية ملساء لا يسمع فيها إلا الصدى إذ نظرنا فإذا راكب مقبل أسرع من الفرس حتى كان منا على قدر ما يسمعنا صوته فقال يا أحمد يا أحمد الله أعلى وأمجد أتاك ما وعدك من الخير يا أحمد ثم ضرب راحلته حتى أتى من ورائنا فقال عمر الحمد لله الذي هدانا بالإسلام وأكرمنا به فقال رجل من الأنصار أنا أحدثك يا أمير المؤمنين مثل هذا وأعجب قال عمر حدث قال انطلقت أنا وصاحبان لي نريد الشام حتى إذا كنا بقفرة من الأرض نزلنا بها فبينا نحن كذلك لحقنا راكب وكنا أربعة قد أصابنا سغب شديد فالتفت فإذا أنا بظبية عضباء ترتع قريبا مني فوثبت إليها فقال الرجل الذي لحقنا خل سبيلها لا أبا لك والله لقد رأيتها ونحن نسلك هذا الطريق ونحن عشرة أو أكثر من ذلك فيختطف بعضنا فما هو إلا أن كان هذه الظبية فما يهاج بها أحد فأبيت وقلت لا لعمر الله لا أخليها فارتحلنا وقد شددتها معي حتى إذا ذهب سدف من الليل إذا هاتف يهتف بنا ويقول ... يا أيها الركب السراع الأربعة ... خلوا سبيل النافر المفزعة ... خلوا عن العضباء في الوادي سعة ... لا تذبحن الظبية المروعة ... فيها لأيتام صغار منفعة ... فقال فخليت سبيلها ثم انطلقنا حتى أتينا الشام فقضينا حوائجنا ثم أقبلنا حتى إذا كنا بالمكان الذي كنا فيه هتف هاتف من خلفنا ... إياك لا تعجل وخذها من ثقة ... فإن شر السير سير الحقحقة ... قد لاح نجم فأضاء مشرقة ... يخرج من ظلما عسوف موبقه ... ذاك رسول مفلح من صدقه ... الله أعلى أمره وحققه ... فصل 209 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي انا عبدالصمد العاصمي ثنا أبو العباس البجيري ثنا أبو حفص البجيري ثنا محمد بن عبدالأعلى ثنا خالد بن الحارث

ثنا شعبة عن قتادة قال سمعت أبا المتوكل يحدث عن أبي سعيد رضي الله أن رجلا أتى النبي فقال إن أخي قد استطلق يعني بطنه فقال اسقه العسل فأتاه فقال قد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا فقال اسقه العسل ثلاث مرات يقول فيهن مثل ما قال في الأول فقال في الرابعة صدق الله وكذب بطن أخيك قال وأكثر علمي أنه قال فسقاه فبرأ أو عقل أو نحو ذا 210 - قال وحدثنا أبو حفص البجيري حدثني أبي ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قال مكث رسول الله كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتيهم قالت فقال لي ذات يوم يا عائشة أعلمت أن الله أفتاني في أمر استفتيته فيه أتاني رجلان فجلس أحدهما عند رجلي وجلس الآخر عند رأسي فقال الذي عند رجلي للذي عند رأسي ما بال الرجل قال مطبوب قال ومن طبه قال لبيد بن أعصم قال وفيم قال في جف طلعة ذكر في مشط ومشاقة تحت رعوفة في بئر ذروان قال فجاءها رسول الله فقال هذه البئر التي أريتها كأن رؤس نخلها رؤس الشياطين وكأن ماءها نقاعة الحناء قالت فأمر رسول الله به فأخرج قالت عائشة فقلت يا رسول الله فهلا قال سفيان يعني تنشرت قال أما الله فقد شفاني وأما أنا فأكره أن أثير على الناس منه شرا قالت ولبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود قال الإمام رحمه الله المطبوب المسحور وجف طلعة أي وعاء ثمر النخلة والمشاقة ما يفتل منه الخيوط والرعوفة حجر يجلس عليه الذي يدخل البئر فيغرف الماء منها في الدلو واللغة المعروفة راعوفة بألف ونقاعة الحناء ما ينقع فيه الحناء فيتغير لونه وقوله تنشرت من النشرة أي هلا حللت السحر الذي سحرت بعلاج أو مداواة 211 - اخبرنا أحمد بن زاهر الطوسي انا محمد بن إبراهيم الفارسي انا محمد بن عيسى ثنا إبراهيم بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي ثنا أبو علي الحنفي ثنا مالك وهو ابن أنس عن أبي الزبير المكي أن أبا الطفيل أخبره أن معاذ بن جبل رضي الله عنه أخبره قال خرجنا مع رسول الله عام غزوة تبوك

فكان يجمع بين الصلاة فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعا ثم قال إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئا حتى آتى فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشيء من مائها قال فسألهما رسول الله هل مسستما من مائها شيئا قالا نعم فسبهما النبي وقال لهما ما شاء الله أن يقول قال ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلا قليلا حتى اجتمع في شيء قال وغسل رسول الله فيه يديه ووجهه ثم أعاده فيها فجزت العين بماء منهمر أو قال غزير شك أبو علي أيهما قال فاستقى الناس ثم قال يوشك يا معاذ إن طالت بكم حياة أن ترى ماها هاهنا قد مليء جنانا 212 - قال وحدثنا مسلم حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب ثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى عن عباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله غزوة تبوك فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة فقال رسول الله اخرصوها فخرصناها وخرصها رسول الله عشرة أوسق وقال أحصيها حتى نرجع إليك إن شاء الله فانطلقنا حتى قدمنا تبوك فقال رسول الله ستهب عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقم فيها أحد فمن كان له بعير فليشد عقاله فهبت ريح شديدة فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيء وجاء ابن العلماء صاحب أيلة إلى رسول الله بكتاب وأهدى له بغلة بيضاء فكتب إليه رسول الله وأهدى له بردا ثم أقبلنا حتى قدمنا وادي القرى فسأل رسول الله المرأة عن حديقتها كم بلغ ثمرها فقالت عشرة أوسق فقال رسول الله إني مسرع فمن شاء منكم فليسرع معي ومن شاء فليمكث فخرجت حتى أشرفنا على المدينة فقال هذه طابة وهذا أحد وهو جبل يحبنا ونحبه قال الإمام رحمه الله قوله يضحى النهار أي يرتفع وينتشر شعاع الشمس وتبض تسيل وتندى والشراك شراك النعل يصف قلة الماء وصغر المنبع والمنهمر الكثير والجنان البساتين أحصيها أي احفظها وقوله بجبلي طيء يعني بالبادية وبين تبوك وبين جبلي طيء مسافة بعيدة والخرص الحزر

213 - قال وحدثنا مسلم ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون انا ابن عون عن ابن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان ابن لأبي طلحة يشتكي فخرج أبو طلحة فقبض الصبي فلما رجع أبو طلحة قال ما فعل ابني قالت أم سليم هو أسكن مما كان فقربت إليه العشاء فتعشى ثم أصاب منها فلما فرغ قال واروا الصبي فلما أصبح أبو طلحة أتي رسول الله فأخبره فقال أعرستم الليلة قال نعم قال اللهم بارك لهما فولدت غلاما فقال لي أبو طلحة احمله حتى تأتي به النبي فأتى به النبي وبعثت معه بتمرات فأخذه النبي فقال أمعه شيء قالوا نعم تمرات فأخذه النبي فمضغها ثم أخذها من فيه فجعله في في الصبي ثم حنكه وسماه عبدالله وفي بعض الروايات فولد لعبد الله جماعة قرأوا القرآن ببركة دعاء رسول الله قال الإمام رحمه الله قوله واروا الصبي أي ادفنوه يقال واريته أي سترته قوله أعرستم الليلة أي هل جرى بينك وبين أهلك البارحة صحبة يعني الجماع يقال أعرس الرجل فهو معرس وفي في الصبي أي في فم الصبي وحنكه أي ألصقه بحنكه وقولها هو أسكن مما كان لم ترد أن تضيق صدر زوجها فيفوته العشاء فعرضت له بكلام أوهمته أنه يسكن مرضه وإنما أرادت هو أسكن مما كان أن الميت أسكن من الحي أي سكنت حركه حياته فظن أبو طلحة أن الولد قد هدأ وسكن من علته فصل في ذكر مسح رسول الله بيده على حزازة كانت بوجه أبيض ابن حمال فبرأ 214 - ذكر الطبراني رحمه الله في كتاب دلائل النبوة حدثنا موسى بن هارون ثنا محمد بن أبي عمر العدني ثنا فرج بن سعيد عن علقمة بن سعيد عن عم أبيه ثابت بن سعيد عن أبيه سعيد عن أبيه أبيض بن حمال أنه كان بوجهه حزازة يعني القوباء فالتقمت أنفه فرقاه رسول الله ومسح على وجهه فلم يحس من ذلك اليوم وفيه أثر 215 - قال وحدثنا أبو عبدالملك الدمشقي ثنا سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي ثنا مطر بن العلاء حدثتني عمتي آمنة بنت أبي الشعثاء وقطبة مولاتنا أنهما رأتا مدلوكا أبا سفيان فسمعتاه يقول أتيت النبي مع موالي فأسلمت قالت آمنة فرأيت ما مسح النبي من رأسه أسود وقد ابيض ما سوى ذلك

216 - قال وحدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ثنا العباس بن عبدالعظيم العنبري ثنا النضر بن محمد الجرشي ثنا عكرمة بن عمار عن عطاء مولى السائب بن يزيد أنه رأى وسط رأس السائب بن يزيد أسود وبقية رأسه ولحيته أبيض فقلت له يا سيدي والله ما رأيت مثل هذا قط هذا أبيض وهذا أسود قال أفلا أحدثك قلت بلى قال إني كنت مع صبيان ألعب فمر بنا النبي فتعرضت له فسلمت عليه فقال وعليك من أنت فقلت أنا السائب بن يزيد فمسح رأسي وقال بارك الله فيك فوالله لا يبيض أبدا ولا يزال كذا أبدا 217 - قال وثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة حدثني أبي عن أبيه عن إسحاق ابن عبدالله بن أبي فروة عن يوسف بن سليمان عن جدته ميمونة عن عمرو بن الحمق الخزاعي أنه سقي النبي لبنا فقال اللهم متعه بشبابه فمرت به ثمانون سنة لم تر له شعرة بيضاء 218 - قال وحدثنا محمد بن عيسى بن شيبة المصري ثنا أحمد بن سياز المروزي ثنا عبدان بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد ثنا أبي عن شعبة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال كان الصبيان يمرون بالنبي فمنهم من يمسح خده ومنهم من يسمح خديه فمررت به فمسح خدي وكان الخد الذي مسحه النبي أحسن من الخد الآخر 219 - قال وحدثنا بكر بن سهل ثنا عبدالله بن صالح حدثني بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبدالله بن الأشج أن سفيان بن فروة الأسلمي حدثه عن ابن جرهد الأسلمي عن أبيه أنه أتى النبي وبين يديه طعام فمد جرهد يده الشمال ليأكل وكانت يده اليمنى مصابة فقال النبي كل باليمين فقال يا رسول الله إنها مصابة فنفث عليها فما اشتكى من بعد

220 - قال وحدثنا محمد بن موس بن حماد البربري ثنا عبدالرحمن بن صالح الأزدي ثنا إسماعيل بن يحيى أبو يحيى التيمي عن سيف بن وهب التيمي عن أبي الطفيل قال كان رجل من بني ليث يقال له فراس بن عمرو أصابه صداع فذهب به أبوه فدعا النبي فراسا فأجلسه بين يديه فجذبها حتى انتفضت فنبت في موضع يد النبي شعرة فذهب عنه الصداع فلما خرجت الخوارج على علي رضي الله عنه بحروراء أخرج فراس فيهم فأخذه أبوه فأوثقه وحبسه وسقطت تلك الشعرة فجزع فراس من ذلك جزعا شديدا واستغفر فنبتت قال أبو الطفيل فرأيتها قبل أن تسقط ورأيتها قد سقطت ورأيتها قد نبتت فصل 221 - اخبرنا سليمان بن إبراهيم الحافظ ثنا أبو محمد عبدالله بن أحمد بن إبراهيم ابن حمدية الأصبهاني نزيل بغداد ثنا أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر البربهاري ثنا محمد بن يونس بن موسى البصري ثنا عبدالله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص حدثني مالك بن حمزة عن أبيه عن أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه قال لقي رسول الله العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه فقال لاترم من منزلك غدا أنت وبنوك فإن لي فيكم حاجة قال فجمعهم العباس في بيت فأتاهم رسول الله فقال السلام عليكم كيف أصبحتم قالوا بخير نحمد الله بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله قال تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض حتى إذا اكتنفوا اشتمل عليهم بملآته ثم قال اللهم هذا العباس عمي وهؤلاء أهل بيتي استرهم من النار كستري إياهم بملآتي هذه قال فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت آمين آمين آمين ثلاثا 222 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي انا عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن عبدالرحمن ثنا عبدالله بن محمد بن محمد ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا هدية بن خالد ثنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد بن هلال ثنا يونس بن جبير عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال كنت مع رسول الله في مسير فأتينا على ركي ذمة قال فنزل ستة أنا سادسهم أو سبعة أنا سابعهم قال ماحة قال فأدلوا إلي دلوا رسول الله على

شفا الركي فيها نصفها أو قريب ثلثيها قال فرفعت إلى رسول الله قال يعني فجهدت أن أجد شيئا أجعله في حلقي فما وجدته فغمس رسول الله يده فيها وقال ما شاء الله أن يقول قال فأعيدت إلينا الدلو وما فيها قال فلقد رأيت أحدنا أخرج بثوب مخافة الغرق قال فساحت قال الإمام رحمه الله الركي البئر والذمة القليلة الماء وماحة جمع مائح وهو الذي يدخل البئر ليغرف الماء في الدلو فيجذبها الذي على رأس البئر وشفا الركي حرفها وجانبها وساحت أي جرت وسالت 223 - قال وحدثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا عبد الله بن شبيب ثنا عبد الجبار ابن سعيد ثنا يحيى بن إبراهيم عن محمد بن إسحاق عن يزيد مولى نوفل بن الحارث عن عاصم بن عبيد الله عن عاصم بن عمر بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله في غزوة تبوك قال فقلت يا رسول الله يخرج إلينا الروم وهم شباع ونحن جياع وأرادت الأنصار أن ينحروا نواضحهم فإذا منادي رسول الله في الناس من كان عنده فضل من زاد فليأتنا به فحزرنا جميع ما جاءوا به فوجدناه سبعا وعشرين صاعا فجلس رسول الله إلى جنبه فدعا فيه ثم قال أيها الناس خذوا ولا تنتهبوا فأخذوا في الجرب والغرائر حتى جعل الرجل يعقد قميصه فيأخذ فيه حتى صدروا وإنه نحو مما كانوا يحزرون 224 - قال وحدثنا أبو بكر ثنا حسين بن الحسن ثنا ابن المبارك ثنا الأوزاعي عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبيه قال خرجت مع رسول الله في غزوة فأصاب الناس مخمصه فاستأذن الناس رسول الله في نحر بعض ظهرهم فلما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله قد هم أن يأذن لهم في نحر بعض ظهرهم وقالوا يبلغنا الله به يا رسول الله كيف بنا إذا نحن لقينا غدا جياعا ونحن رجال ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعوا الناس ببقايا أزوادهم فتجمعها ثم تدعوا الله فيها بالبركة فإن الله يبلغنا بدعوتك أو قال سيبارك لنا بدعوتك فدعا رسول الله ببقايا أزوادهم فجعل الناس يجيئون

بالحفنة من الطعام وفوق ذلك فجمعنا رسول الله وقام فدعا ما شاء الله أن يدعو ثم دعا الجيش بأوعيتهم وأمرهم أن يحثوا فما بقى في الجيش وعاء إلا مليء وبقى مثله فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله لا يلقى الله عبد يؤمن بها إلا حجبه الله عن النار 225 - قال وحدثنا أبو بكر ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا حفص عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ضاف النبي أعرابيا فطلب النبي شيئا فلم يجده حتى وجد لقمة سلت فأخذها فجعل يجزئها ويضعها بين يديه فأكل الأعرابي حتى شبع وفضلت فضلة فجعل الأعرابي ينظر إليه ويقول إنك لرجل صالح فصل 226 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي عمرو قال وجدت في كتاب جدي أبي عبد الله قال أنا عمر بن محمد بن سليمان ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام ثنا أبي ثنا سليمان ابن الحكم بن عوانة ح قال أبو عبد الله وأنا الحسين بن إسماعيل إجازة ثنا عبد الله بن عبد الله المدني ثنا محمد بن مسلمة بن هشام المخزومي جميعا عن إسماعيل بن طريح بن إسماعيل الثقفي حدثني أبي عن أبيه عن مروان بن الحكم عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عن أبيه رضي الله عنه قال خرجت أنا وأمية بن الصلت تاجرين إلى الشام فمررنا بقرية من قرى الشام فيها نصارى فلما رأوا أمية بن أبي الصلت أعظموه وأكرموه وأرادوه على أن ينطلق معهم فقال أمية يا أبا سفيان انطلق معي فإنك تمضي إلى رجل قد انتهى إليه علم النصرانية فقلت ليس أنطلق معك قال ولم قلت إني أخاف أن يحدثني فيفسد علي قلبي فذهب معهم ثم عاد فرمى بثوبه ولبس ثوبين له أسودين وانطلق فوالله ما جاء حتى ذهب هدة من الليل فجاء فدخل فراشه فما نام حتى أصبح فقال ألا ترحل بنا قلت وفيك من رحيل قال نعم فقال أي صخر قلت أبا عثمان قال أي أهل مكة أشرف قلت عتبة بن ربيعة فقال أي أهل مكة أكثر مالا وأكبر سنا فقلت عتبة بن ربيعة فقال تكتم علي ما أحدثك به قلت نعم قال حدثني هذا الرجل الذي

انتهى إليه علم أهل الكتاب أن نبيا مبعوث وظننت أني أنا هو فقال ليس منكم هو من أهل مكة قلت ما سنه قال هو حين دخل في الكهولة قلت ما ماله قال هو محوج قلت فما نسبته قال هو وسط من قومه فالذي رأيت مني من الهم بما صرف عني قال وقال لي وذلك أن الشام قد رجفت بعد عيسى بن مريم عليه السلام ثمانين رجفة وبقيت رجفة يدخل على أهل الشام فيها شر ومصيبة فلما صرنا قريبا من مكة إذا راكب قلنا من أين قال من الشام قلنا هل من حدث قال نعم رجفت الشام رجفة دخل على أهل الشام فيها شر ومصيبة قال ثم خرجت في رحلة اليمن ثم قدمت فاستأذنت على محمد ابن عبدالله بن عبدالمطلب فرحب بي وسألني ولم يسألني عن بضاعته فلما خرج قلت لهند يا هند إن هذا الشاب ليزداد عندي دخل علي فرحب بي وسألني ولم يسألني عن بضاعته كما سألني غيره من قومه قالت وما بلغك ما كان قلت وما كان قالت إنه قد تنبأ قلت هو أعقل من ذاك قالت قد كان ذاك وجمع إليه ناسا من قومه فوجمت وذكرت الذي قال الرجل فقالت هند ما لك قلت خير فخرجت ورسول الله يطوف بالبيت فقلت خذ بضاعتك فقال خذ مني ماتأخذ من غيري قال قلت ما أنا بآخذ منك شيئا قال ما أنا بآخذها حتى تأخذ مني ما تأخذ من غيري قال فلم يأخذها حتى أخذت منه كما أخذت من غيره ثم خرجت إلى اليمن فنزلت على أمية بن أبي الصلت فوالله إني لأتغدى معه إذا قلت له أبا عثمان إن كان أمر من الرجل الذي قال لك الذي انتهى إليه علم أهل الكتاب فما رأيك قال رأيي والله أن أبلي فيه إلى الله تعالى عذرا قال فقدمت اليمن واستنار أمره فلما رجعت نزلت على أمية بن أبي الصلت فقلت أبا عثمان إن ذلك لأمر قد استنار وظهر فما رأيك قال والله لا أؤمن لنبي غير ثقفي أبدا ودخله الحسد دخله ما دخل الناس 227 - قال أبو عبدالله أخبرنا أحمد بن عبدالله السامري ثنا أحمد بن عبيد بن ناصح ثنا محمد بن عمر ح قال أبو عبدالله وحدثت عن محمد بن إسماعيل البخاري ثنا عبدالرحمن بن عبدالملك بن شيبة حدثني عمر بن أبي بكر أبو حفص العدوي قالا ثنا موسى بن شيبة من ولد كعب بن مالك عن عميرة بنت عبيد الله بن كعب بن مالك عن أم سعد بنت سعد بن الربيع عن نفيسة بنت منية أخت يعلى سمعتها تقول

لما بلغ رسول الله صلى الله علي وسلم خمسا وعشرين سنة وليس له بمكة اسم إلا الأمين لما تكاملت فيه خصال الخير قال له أبو طالب يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي وقد اشتد الزمان علينا وألحت علينا سنون منكرة وليست لنا مادة ولا تجارة وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيرانها فيتجرون لها في مالها فيصيبون منافع فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك وفضلتك على غيرك لما يبلغها من طهارتك وأني كنت أكره أن تأتي الشام وأخاف عليك من اليهود ولكن لا نجد من ذلك بدا وكانت خديجة امرأة باكرة ذات شرف ومال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام فتكون عيرها كعامة عير قريش تستأجر الرجل وتدفع المال مضاربة وكانت قريش قوما تجارا ومن لم يكن تاجرا من قريش فليس عندهم بشيء فقال رسول الله فلعلها أن ترسل إلي في ذلك قال أبو طالب أني أخاف أن تولي غيرك فتطلب أمرا مدبرا فافترقا وبلغ خديجة مكان من محاورة عمه له وقبل ذلك ما قد بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه فقالت ما دريت أنه يريد هذا ثم أرسلت إليه فقالت أنه قد دعاني إلى البعثة إليك ما قد بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك وكرم أخلاقك وأنا أعطيك ما أعطي رجلا من قومك فافعل رسول الله ولقي أبا طالب فقال له ذلك فقال أن هذا لرزق ساقه الله إليك فخرج مع غلامها ميسرة حتى قدم الشام وجعل عمومته يوصون أهل العير حتى قدما الشام فنزلا في سوق بصرى في ظل شجرة قريبة من صومعة راهب يقال له مستور وقال فاطلع الراهب إلى ميسرة وكان يعرفه فقال يا ميسرة من هذا الذي نزل تحت هذه الشجرة فقال ميسرة رجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم قال أفي عينيه حمرة قال ميسرة نعم لا تفارقه فقال الراهب هو هو آخر الأنبياء وياليت أني أدركه حين يؤمر بالخروج فوعى ذلك ميسرة فصل 228 - أخبرنا سهل بن محمد بن معروف انا أبو عبدالرحمن الشاذياخي انا أبو بكر الجوزقي انا أبو العباس الدغولي ثنا محمد بن إسماعيل بن سالم ثنا روح بن عبادة

حدثنا ابن جريج أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره وكان يتيما في حجر أبي محذورة قال قلت لأبي محذورة أي عم إني خارج إلى الشام وأخشى أن أسأل عن تأذينك فأخبرني أبو محذورة قال خرجت في نفر فكنا ببعض طريق حنين مقفل رسول الله من حنين فلقينا رسول الله ببعض الطريق فأذن مؤذن رسول الله بالصلاة فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون فصرخنا نحكيه ونستهزيء به قال فسمع رسول الله الصوت فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه فقال رسول الله أيكم الذي سمعت صوته فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا فأرسلهم كلهم وحبسني فقال قم فأذن بالصلاة ولا شيء أكره إلي من رسول الله ولا مما يأمرني به فقمت بين يدي رسول الله فألقى علي التأذين فقال قل الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال ارجع فامدد من صوتك ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة من فضة ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم قال بارك الله فيك وبارك عليك قلت يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة فقال أمرتك به وذهب كل شيء كان لرسول الله من كراهية وفي غير هذه الرواية وعاد ذلك كله محبة لرسول الله فصل 229 - روى الهيثم بن كليب قال حدثنا العباس الدوري ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال أخبرني أبو سلمة أنه بلغه أن كسرى بينا هو في دسكرة ملكه بعث إليه وقيض له عارض يعرض عليه الحق فلم يفجأ كسرى إلا رجل يمشي وفي يده عصا فقال يا كسرى هل لك في الإسلام قبل أن أكسر هذه العصا قال لا تكسرها فولى الرجل فلما ذهب أرسل كسرى إلى حجابه فقال من أذن لهذا الرجل علي فقالوا ما دخل عليك أحد فقال كذبتم فغضب عليهم وثلبهم ثم تركهم

فلما كان رأس الحول أتاه ذلك الرجل ومعه العصا فقال يا كسرى هل لك في الإسلام قبل أن أكسر هذه العصا قال نعم لا تكسرها فلما انصرف عنه دعا حجابه فسألهم من أذن لهذا فأنكروا أن يكون دخل عليه أحد فلقوا من كسرى ما لقوا في المرة الأولى حتى إذا كان في الحول المستقبل أتاه ذلك الرجل ومعه العصا فقال هل لك يا كسرى في الإسلام قبل أن أكسر هذه العصا قال لا تكسرها لا تكسرها فكسرها فهلك كسرى عند ذلك 230 - وقد ذكر الواقدي هذه القصة عن محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينا كسرى مغلق بيته الذي يخلو فيه إذ دخل رجل في يده عصا وذكر الحديث بطوله 231 - وذكر القفال الشاشي ثنا محمد بن محمد بن يوسف الترمذي ثنا عيسى بن أحمد العسقلاني ثنا علي عن خالد الحذاء أنا عبد الرحمن بن أبي بكرة قال بينما كسرى ابن هرمز نائم في إيوان المدائن ليلا إذا رجل قائم على رأسه معه عصا فقال يا كسرى ابن هرمز إني رسول الله إليك تسلم خير لك قال فجعل كسرى ينظر إليه ولا يستطيع أن يكلمه ثم ولى فخرج من الإيوان وكسرى ينظر فأمر بصاحب حرسه فدعي فقال يا عدو نفسه من هذا الذي أدخلته علي ليقتلني فقال أيها الملك ما أدخلته ولا دخل عليك من قبلنا أحد فسكت عنه كسرى حتى إذا كان تلك الليلة من قابل فبينما كسرى نائم في الإيوان إذا هو قائم على رأسه معه عصا فقال يا كسرى بن هرمز إني رسول الله إليك تسلم خير لك قال فجعل كسرى ينظر إليه ولا يستطيع أن يتكلم ثم ولى حتى خرج من الإيوان فلما كانت تلك الليلة من العام الثالث أرسل إلى صاحب الحرس وإلى خدامه فقال احرسوني الليلة ولا يصل إلي امرأة ولا ولد ففعلوا فلما كانت تلك الساعة إذا هو قائم عليه يقول يا كسرى بن هرمز إني رسول الله إليك تسلم خير لك فجعل كسرى ينظر إليه ولا يستطيع أن يتكلم قال يا كسرى إنك أبيت أن تسلم و والله ليكسرنك الله كما كسر عصاي هذه وكسر عصاه ثم ولى فبينا هو في الإيوان نائم عند شيرين والحرس محدقون بالإيوان ينادون باس باس خوسرواو شاهنشاه إذ فقد أصواتهم طويلا ثم سمع باس أي باس مشيروية شاهنشاه فقال لشيرين ويحك أتسمعين ما أسمع

قالت نعم فصعد فوق الإيوان فإذا هو بالشمع قد ملأ المدائن وإذا هم بالجبل فنزل فدخل بستانه فدخلوا عليه فأخذوه فصل 232 - أخبرنا أبو نصر الشاذياجي انا أبو عبدالرحمن الشاذياخي انا أبو بكر الجوزقي انا أبو العباس الدغولي انا أبو بكر بن أبي خيثمة ثنا موسى بن إسماعيل ثنا عبدالعزيز بن مسلم ثنا حصين عن سعد بن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله والزبير بن العوام وكلنا فارس قال انطلقوا حتى تأتوا روضة كذا وكذا فإن بها امرأة معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فائتوني به فانطلقنا فوافقناها تسير على بعير لها حيث وصف رسول الله فقلنا لها أين الكتاب الذي معك قالت ما معي كتاب فبحثناها وبعيرها فلم نر كتابا فقال صاحبي ما نرى معها كتابا فقلت لقد علمت ما كذب رسول الله والذي نفسي بيده لأجردنك أو لتخرجنه فلما رأت الجد هوت بيدها إلى حجزتها وعليها إزار صوف فأخرجت الكتاب فأتينا به النبي فقال عمر يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين دعني أضرب عنقه فقال رسول الله يا حاطب ما حملك على ما صنعت قال يا رسول الله ما بي إلا أكون مؤمنا بالله ورسوله ولكني أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس من أصحابك أحد إلا له هناك من قومه من يدفع الله به عن أهله وماله فقال رسول الله صدق فلا تقولوا إلا خيرا فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنقه فقال رسول الله يا عمر وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة فدمعت عينا عمر رضي الله عنه وقال الله ورسوله أعلم 233 - قال وأخبرنا أبو العباس الدغولي ثنا محمد بن الليث ثنا أبو عثمان عن أبي حمزة عن عطاء عن رجل من قريش يقال له فلان بن أبي ربيعة حدثني أبي أن رسول الله كان جالسا هاهنا ونحن مقابل باب البيت معه رجل من أصحابه فجاء رجل من بني ليث شاعر فقال يا محمد ألا أنشدك قال لا قال فغلبه فأنشده فامتدحته

بمدحة فلما فرغ منا قال النبي إن يكن أحد من الشعراء يحسن فقد أحسنت قال فانطلق إلى الحجر الأسود فأخذ حصاتين سوداء وبيضاء فجعل البيضاء لآلهته والسوداء للنبي فقال اللهم إن هذا يزعم أنه يدعو إليك اللهم فضوء لي فإن كان حقه أحق من حقنا فضوء لي فإني أقسم إليك إلى عشرة فقاسم عصابته فخرج سهم الشيطان سبع مرار فقال اللهم إنك تعلم ما أريد فضوء لي فقاسم فخرج سهم النبي عشر مرار فرجع فلما رآه النبي قال قد جاءكم والله بغير الوجه الذي ذهب به آنفا قال فأتاه فقال السلام عليك يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقال النبي وأنا أشهد 234 - قال وأخبرنا أبو العباس الدغولي انا أبو بكر ثنا موسى بن إسماعيل ثنا القاسم بن الفضل قال حدث أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بينا راع يرعى بالحرة إذ انتهز الذئب شاة من شائه فحال الراعي بين الشاة وبين الذئب فأقعى الذئب على ذنبه فقال للراعي ألا تتقي الله تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي فقال الراعي العجب العجب من ذئب يقعى على ذنبه يتكلم كلام الإنس فقال الذئب ألا أحدثك بأعجب مني رسول الله بين الحرتين يحدث الناس بأنباء ما قد سبق فساق الراعي شاءه حتى انتهى إلى المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ثم دخل على رسول الله فحدثه بما قال الذئب فخرج رسول الله إلى الناس فقال للراعي قم في الناس فحدثهم بما قال الذئب فقام الراعي فحدثهم فقال رسول الله صدق ألا إن من أشراط الساعة كلام السباع للإنس 235 - قال وأخبرنا أبو العباس قال قال ابن إسحاق رافع بن عميرة الطائي فيما يزعم طي الذي كلمه الذئب وهو في ضأن له يرعاها فدعاه الذئب إلى النبي وإلى اللحوق به قال وسمعت أن الذي كلمه الذئب سلمة بن عمرو بن الأكوع 236 - قال وأخبرنا أبو العباس انا أبو بكر ثنا عبدالله بن محمد الكرماني ثنا عبدالله بن المبارك عن أبي بكر الهذلي عن عكرمة قال قال شيبة بن عثمان لما رأيت النبي يعني يوم حنين أعري ذكرت أبي وعمي قتلهما حمزة قلت اليوم أدرك ثأري

في محمد فجئته عن يمينه فإذا أنا بالعباس قائم عليه درع فقلت عمه لن يخذله فجئته عن يساره فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث فقلت ابن عمه لن يخذله فجئته من خلفه فدنوت ودنوت حتى إذا لم يبق إلا أن أسوره سورة بالسيف دفع لي شواظ من نار كأنه البرق فخفت أن يمحشني فنكصت على عقبي القهقري فالتفت رسول الله وقال يا شيب ادنه فدنوت فوضع يده على صدري فاستخرج الله الشيطان من قلبي فرفعت إليه بصري فلهو أحب إلي من سمعي وبصري فقال لي يا شيب قاتل الكفار قال فقاتلت معه قال الأمام رحمه الله قوله أعري أي ترك خاليا لم يكن عنده جماعة وقوله إلا أن أسوره أي أثب عليه وقوله أن يمحشني أي يحرقني والشواظ الخالص من النار وقوله يا شيب منادى مرخم حذف منها الهاء والمشهور أن هذا الراعي هو أهبان بن أوس فصل 237 - ذكر أبو الشيخ رحمه الله في دلائل النبوة حدثنا الحسن بن محمد ثنا أبو زرعة ثنا سعيد بن حفص الحراني ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن عبدالرحمن بن الحارث قال حدثت عن عبدالرحمن بن خباب عن عبدالرحمن بن غنم الأشعري بينا رسول الله في مسجده ومعه رجال من أهل الريب وهم المنافقون إذ نشأت سحابة قال فأبدها رسول الله عينيه ثم جعل كأنه يتبع بصره شيئا حتى نظر نحو بعض حجره قال فقام فلبث ما شاء الله ثم رجع فجلس فقلنا يا رسول الله رأيناك تصنع شيئا ما رأيناك تصنعه قال إني بينا أنا معكم إذ نظرت إلى ملك تدلى من هذه السحابة فأتبعته بصري أنظر أين يعمد فإذا هو قد وقع في بعض حجري فقمت إليه فسلم علي ثم قال إني لم أزل استأذن ربي في لقيك حتى كان هذا أوان أذن لي في ذلك وإني أبشرك يا محمد أنه ليس آدمي أكرم على ربه منك قلت ومن أنت قال أنا ملك السحاب الذي وكل به قلت فهل أمطرتم شيئا من البلدان قال نعم أمطرنا بلد كذا وكذا وبلد كذا وكذا وبلد كذا وكذا وبلد كذا وكذا قلت فهل أمرتم لنا بشيء قال أما في شهركم هذا فلا ولكنا قد أمرنا أن نمطركم في شهركم الداخل ليلة كذا وكذا في كذا وكذا من الشهر قال ثم قام رسول وتفرقنا فقال أولئك النفر

من المنافقين قد فصل محمد بينكم وبين نفسه انظروا ما قال لكم فإن يك حقا فالرجل نبي مرسل وإلا يكن حقا فأنتم على ما أنتم عليه لم يزدكم في أمركم ذلك إلا شدو ثم خرجوا يتلقون الركبان فلا يسألون عن بلد من البلدان التي ذكر رسول الله إلا أخبروا عنه بمطر قال فقالوا سأل الركبان كما سألنا فأخبر ولكن انظروا الليلة التي وعدكم فيها ما وعدكم فلما كانت الليلة التي وعدهم فيها ما وعدهم أمطروا فلما فلما أصبحوا غدوا على رسول الله فقالوا إنا كنا أهل ريب فهلم نبايعك بيعة جديدة فبايعهم رسول الله فحسن إسلامهم وبورك لهم في ذلك المجلس 238 - قال وحدثنا عبدالرحمن بن الحسن ثنا أحمد بن رشد بن خثيم ثنا أبو معمر سعيد بن خثيم عمي عن مسلم الملائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال جاء أعرابي إلى النبي فقال يا رسول الله والله لقد أتيناك وما منا بعير يئط ولا صبي يصطبح وأنشده ... أتيناك والعذراء يدمي لبانها ... وقد شغلت أم الصبي عن الطفل ... وألقى بكفيه الفتى استكانة ... من الجوع ضعفا ما يمر ولا يحلي ... ولا شيء مما يأكل الناس عندنا ... سوى الحنظل العامي والعلهز الفشل ... وليس لنا إلا إليك فرارنا وأين ... فرار الناس إلا إلى الرسل ... فقام رسول الله يجر رداءه حتى صعد المنبر ثم رفع يده إلى السماء فقال اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا غدقا طبقا عجلا غير رائث نافعا غير ضار تملأ به الضرع وتنبت به الزرع وتحيى به الأرض بعد موتها وكذلك يخرجون فوالله ما مد يده إلى نحره حتى التقت السماء بأرواقها وجاء أهل البطانة يضجون يا رسول الله الغرق الغرق فرفع رأسه إلى السماء ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق به نحو الإكليل فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه وقال لله أبو طالب لو كان حيا قرت عيناه من ينشدنا قوله فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال يا رسول الله كأنك أردت ... وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

يلوذ به الهلاك من آل هاشم ... فهم عنده في نعمة وفواضل ... كذبتم وبيت الله يبزي محمد ... لما نقاتل دونه ونناضل ... ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل ... وقام رجل من كنانة فقال ... لك الحمد والحمد ممن شكر ... سقينا بوجه النبي المطر ... دعا الله خالقه دعوة إليه ... وأشخص معه البصر ... فلم يك إلا كإلقاء الرداء ... أو أسرع حتى رأينا الدرر ... دفاق العزالي جم البعاق ... أغاث به الله عليا مضر ... وكان كما قال عمه أبو ... طالب أبيض ذو غرر ... به الله أسقاك صوب الغمام ... وهذا العيان لذاك الخبر ... فمن يشكر الله يلق المزيد ... ومن يكفر الله يلق الغبر ... فقال رسول الله إن يك شاعر يحسن فقد أحسنت فصل 239 - أخبرنا أبو زكريا فوجدت في كتاب جدي أبي عبدالله رحمه الله انا محمد بن جعفر بن محمد البغدادي بمصر ثنا محمد بن يعقوب بن أبي يعقوب قال وذكر عبدالله بن محمد البغوي عن عمارة بن زيد عن عبدالله بن العلاء بن أبي نبقة عن عبدالرحمن بن حميد بن عبدالرحمن بن عوف عن أبيه حميد قال كان عبدالرحمن بن عوف يقول سافرت إلى اليمن قبل مبعث رسول الله بسنة أو نحوها فنزلت على ابن ذي كواهن الحميري وكان شيخا كبيرا وكان قد أنسيء له في العمر حتى عاد كالفرخ وهو يقول ... إذا ما الشيخ صم فلم يكلم ... وأودي سمعه الأندايا ... ولاعب بالعشي بني بنيه ... كفعل الهر يفترس العطايا ... فذاك الداء ليس له دواء ... سوى الموت المطبق بالرزايا

يفديهم وودوا لو سقوه ... من الذيفان مترعة ملايا ... شهدت تتابع الأملاك منا ... وأدركت الموفق للقضايا ... فماتوا أجمعين وصرت حلسا ... طريحا لا أنوء إلى الحلايا ... قال عبدالرحمن بن عوف وكنت لا أزال إذا قدمت اليمن أنزل عليه فيسائلني عن مكة وعن الكعبة وعن زمزم يقول هل ظهر فيكم رجل له نبأ له ذكر هل خالف أحد منكم عليكم فأقول لا فأسمي له ذوي الشرف من قريش حتى قدمت عليه القدمة التي بعث رسول الله بعقبها فوافيته قد ضعف وثقل سمعه فنزلت عليه فاجتمع عليه ولده وولد ولده فأخبروه بمكاني فشد عصابة على عينه وسند وأقعد وقال انسب لي نفسك يا أخا قريش فقلت أنا عبدالرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة فقال حسبك يا أخا بني زهرة ألا أبشرك ببشارة هي خير لك من التجارة قال قلت بلى قال أنبئك بالمعجبة وأبشرك بالمرغبة إن الله قد بعث في هذا الشهر الأول من قومك نبيا ارتضاه صفيا وأنزل عليه كتابا جعله له ثوابا ينهى عن الأصنام ويدعو إلى دين الإسلام يأمن بالحق ويفعله وينهي عن الباطل ويبطله قال عبدالرحمن فقلت له ممن هو قال لا من الأزد ولا ثماله ولا من السرو ولا تبالة هو من هاشم وأنتم أخواله يا عبدالرحمن أخف الوقفة وعجل الرجعة ثم أته ووافقه وصدقه وآزره وانصره واحمل إليه هذه الأبيات فأنشده ... أشهد بالله ذي المعالي ... وفالق الليل والصباح ... أنك في السر من قريش ... يا ابن المفدى من الذباح ... أرسلت تدعو إلى يقين ... يرشد للحق والفلاح ... هد كرور السنين ركني ... عن بكر السير والرواح ... فصرت حلسا بأرض بيتي ... قد قص من قوتي جناحي ... إما نأت بي الديار بعدا ... فأنت حرزي ومستراحي ... فكن شفيعي إلى مليك ... يدعو البرايا إلى الصلاح ... قال عبدالرحمن فحفظت أبياته وأسرعت في تقضي حوائجي وبيع تجارتي حتى إذا أحكمت من ذلك ما أردت ودعته وانصرفت فقدمت مكة فلقيت أبا بكر رضي الله

عنه وكان لي خليطا ونديما فأخبرته بقول الحميري فقال لي فهذا محمد بن عبدالله قد بعثه الله رسولا إلى خلقه فأته قال فأتيت رسول الله وهو في منزل خديجة رضي الله عنها فاستأذنت عليه فأذن لي فلما رآني ضحك وقال أرى وجها أرجو له خيرا قال وما ذاك يا محمد قال أحملت إلى وديعة أم هل أرسلك إلي مرسل برسالة فهاتها أما إن أخا حمير من خواص المؤمنين قال عبدالرحمن فأسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنشدته شعر الحميري وأخبرته بقوله فيه فقال النبي رب مؤمن بي وما رآني ومصدق بي وما شهد زماني أولئك حقا إخواني قال عبدالرحمن وأنا الذي أقول في إسلامي ... أجبت منادي الله لما سمعته ... ينادي إلى الدين الحنيف المكرم ... وقلت له بالبعد لبيك داعيا ... إليك مثابي بل إليك تيممي ... أجوب الفيافي من أفاويق حمير ... على جعلب صلب القوائم صلقم ... لأبناء صدق قد علمت موفقا ... وما العلم إلا باطلاب التعلم ... وكم مخبر بالحق في الناس ناصح ... وآخر أقال كثير التوهم ... ألا إن خير الناس في الناس كلهم ... نبي جلا عنا شكوك الترجم ... نبي أتى والناس في عنجهية ... وفي سدف من ظلمة الكفر مقتم ... فاقشعه بالنور وجه ظلامه ... وساعده في أمره كل مسلم ... وخالفه الأشقون من كل فرقة ... فسحقا لهم من بعد مثوى جهنم ... فصل 240 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه انا إبراهيم بن عبدالله بن خورشيد قولة انا عبدالله بن محمد بن زياد انا جعفر بن محمد أبو الفضل الخفاف بأنطاكبة ثنا حجاج ثنا المسعودي عن يونس بن خباب عن ابن يعلى بن مرة الثقفي عن أبيه قال شهدت مع رسول الله مشاهد لم يشهدها أحد كان معنا خرجت مع رسول الله في بعض مغازيه فأراد الحاجة فقال يا يعلى هل شيء يواريني فقلت ما أرى إلا أشاءتين فإن اجتمعتا فلعلهما أن توارياك قال قل لهما فلتجتمعا بإذن الله فاجتمعتا فقضى

رسول الله حاجته ثم قال يا يعلى مرهما فلتصر كل واحدة منهما مكانها ثم سرنا فإذا امرأة قد عرضت لرسول الله فقالت يا رسول الله إن ابني يصاب فأخذه النبي فتفل في فيه فقال أخس عدو الله أنا محمد ثم سرنا فلما رجعنا إذا هي تهدي لرسول الله وقالت يا رسول الله ما عرض له منذ فارقتنا ثم سرنا حتى رجعنا إلى المدينة فإذا عود بارك عيناه تهملان فقال من صاحب هذا العود قالوا فلان قال إنه ليخبرني أنه قد نضح لأهله منذ كذا وكذا وقد أرادوا نحره فأرسل إلى صاحبه فقال بعنيه قال بل هو لك يا رسول الله قال ألقه في إبلك وأحسن إليه قال الإمام رحمه الله الأشاءة النخلة والعود الجمل المسن وقوله يصاب أي يصيبه الجنون تهملان يسيلان نضح استقى تفل ألقى ريقه في فيه 241 - قال وحدثنا عبدالله بن محمد بن زياد ثنا يونس ثنا ابن وهب أخبرني حيوة عن ابن الهاد عن شرحبيل عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله في غزوة خيبر فخرجت سرية فأخذوا إنسانا معه غنم يرعاها فجاءوا به إلى رسول الله فكلمه النبي ماشاء الله أن يكلمه به فقال الرجل إني قد آمنت بك وبما جئت به فكيف بالغنم يا رسول الله فإنها أمانة وهي للناس الشاة والشاتان وأكثر من ذلك قال احصب وجوهها ترجع إلى أهلها فأخذ قبضة من حصى أو تراب فرمى به وجوهها فخرجت تسير حتى دخلت كل شاة إلى أهلها ثم تقدم إلى الصف فأصابه سهم فقتله ولم يصل لله سجدة قط قال رسول الله أدخلوه الخباء فأدخل خباء رسول الله حتى إذا فرغ رسول الله دخل عليه ثم خرج فقال لقد حسن إسلام صاحبكم لقد دخلت عليه وأن عنده لزوجتين من الحور العين فصل 242 - أخبرنا أبو مطيع في كتابه انا أبو بكر بن أبي نصر في كتابه انا أبو الشيخ انا محمد بن يحيى المروزي ثنا عاصم بن علي ثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الحسن مولى أم قيس بنت محصن عن عن أم قيس بنت محصن أنها قالت توفي ابني فجزعت عليه فقلت للذي يغسله لا تغسل ابني بالماء البارد فيقتله فانطلق عكاشة بن محصن إلى رسول الله فأخبره بقولها فتبسم ثم قال طال عمرها فلا نعلم امرأة عمرت ما عمرت

243 - قال وأخبرنا أبو الشيخ ثنا الفضل بن العباس بن مهران ثنا بشار بن موسى الخفاف ثنا عبدالرحمن بن عثمان الحاطبي حدثتني أمي عن محمد بن حاطب عن أمه أم جميل بنت المجلل قالت أقبلت بك من أرض الحبشة حتى إذا كنت من المدينة على ليلة أو ليلتين طبخت لك طبيخا ففني الحطب فخرجت أطلبه وتركتك فتناولت القدر فانكفأت على ذراعك فلما قدمت المدينة أتيت النبي فقلت يا رسول الله هذا محمد بن حاطب وهو أول من سمي بك فتفل في فيك ومسح على رأسك ودعا لك بالبركة وجعل يتفل على يدك ويقول أذهب البأس رب الناس وأشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك لا يغادر سقما فما قمت من عنده حتى برأت فقلت لأمي من هذا الرجل قالت النبي 244 - قال أخبرنا أبو الشيخ ثنا عبدالله بن محمد بن زكريا ثنا سهل بن عثمان ثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو والحكم بن عتيبة وعيسى بن عبدالرحمن عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخرج في إزار ورداء يعني في البرد في ثوبين خفيفين وفي الحر الشديد في القباء المحشو والثوب الثقيل فقال الناس لعبدالرحمن لو قلت لأبيك يسأله فإنه يسمر معه قال فسألت أبي فسأله فقال وما كنت معنا بخيبر قلت بلى والله كنت معكم قال فإن رسول الله قال لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح له ليس بفرار فأرسل إلي فدعاني وأنا أرمد لا أبصر شيئا ودفع إلي الراية فقلت يا رسول الله كيف وأنا أرمد لا أبصر شيئا فتفل في عيني ثم قال اللهم اكفه أذى الحر والبر فما آذاني بعد حر ولا برد 245 - قال وأخبرنا محمد بن الحسين ثنا الدامغاني ثنا صدقة بن الفضل عن محمد ابن إسحاق قال وقد كان ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف أشد قريش بطشا فخلا يوما برسول الله في بعض شعاب مكة وقال له رسول الله يا ركانة ألا تتقي الله وتقبل ماأدعوك إليه قال لو أعلم الذي تقول حقا لاتبعتك فقال رسول الله أرأيت إن صرعتك أتعلم أن ماأقول حق قال نعم قال فقم حتى

أصارعك فقام إليه يصارعه فلما بطش به رسول الله أضجعه لا يملك من نفسه شيئا ثم قال عد يا محمد فعاد فصرعه فقال يا محمد إن هذا والله لعجب أتصرعني وأنا أشد قريش فقال رسول الله أعجب من ذاك إن شئت أريكه قال ما هو قال أدعو لك هذه الشجرة فتأتيني قال فادعها فأقبلت حتى وقفت بين يدي رسول الله وقال قد رأيت ماترى قال أرجعي إلى مكانك فرجعت إلى مكانها قال فذهب ركانة إلى قومه فقال يا بني عبد مناف ساحروا بصاحبكم أهل الأرض فوالله ما رأيت أسحر منه قط ثم أخبرهم بالذي رأى وبالذي صنع به 246 - قال وحدثنا أو عبدالله محمد بن عبدالله بن رستة ثنا شيبان بن فروخ ثنا عبدالعزيز بن مسلم ثنا أبو هارون عن أبي سعيد قال إنا لجلوس في المسجد إذ جاءنا رسول الله فقال مكانكم حتى أرجع إليكم فدخل حائطا من حيطان المدينة ثم خرج فقال ألا أخبركم بالعجب قلنا ماذا يا رسول الله قال إني دخلت هذا الحائط فلما أقبلت زاحمني شيطان فأعرضت عنه ثم أخذ ينازعني ردائي فلما رأيت ذلك أقبلت عليه فقدمت ردائي وعنقه فأقبلت به أقوده وأنا أريد أن أوثقه بسارية من سواري المسجد حتى تنظرون إليه فلما بلغت باب الحائط ذكرت دعوة سليمان فخليت عنه قال رب اغفر لي وهب ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب 247 - قال وحدثنا عبدالرحمن بن الحسن ثنا أحمد بن رشد ثنا أبو معمر سعيد بن خثيم عن زيد بن علي عن أبيه عن آبائه قال اجتمعوا في البيت يعني قريشا فقالوا تعالوا حتى نجمع من كل قبيلة رجى فنمشي إلى محمد فنضربه بأسيافنا ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل فيعجز عنه أولاد عبدالمطلب فبعث أبو طالب عليا وهو غلام فقال ايت عمك أبا عتبة فقل له ... إن امرءا أبو عتيبة عمه ... لفي حسب من أن يرام المظالما ... أقول له وأين مني نصيحتي ... أبا لهب ثبت فؤادك قائما ... فلا يأخذن ابن أخيك ظلامة ... تسب بها إما وردن المواسما ... قال وما ذاك يا ابن أخي قال اجتمعت قريش بفناء الكعبة يريدون قتل محمد فانتضى

سيفه من بيته وأنشأ يقول ... كلا ورب بيتنا والمسجد ... ورب كل مغور ومنجد ... لا يصل القوم إلى محمد ... ماعشت أو أسقى سمام الأسود ... فلما رأوه والسيف في يده قالوا ما هذا يا أبا عتبة قال تفرقوا وإلا ضربتكم به قال فتفرقوا فلم يجتمعوا له بعد الفصل 248 - أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي انا محمد بن عمر الوراق انا أبو بكر ابن أبي داود ثنا عيسى بن حماد أنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة رضي الله عنه أن رسول الله خرج يوما فصلى على الميت ثم انصرف إلى المنبر فقال إني فرطكم وأنا شهيد عليكم وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها 249 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه انا أبو إسحاق بن خورشيد قولة انا أبو بكر النيسابوري ثنا أحمد بن منصور زاج ثنا علي بن الحسن ثنا الحسين بن واقد حدثني أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق على قطيفة من سندس 250 - أخبرنا أبو طاهر النقاش انا أبو عبدالله بن مندة انا أحمد بن عمرو أبو الطاهر ثنا يونس بن عبدالأعلى انا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث ان عبدربه بن سعيد حدثه أن ثابت البناني حدثه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الصلوات فرضت بمكة وأن ملكين أتيا رسول الله فذهبا به إلى زمزم فسقا بطنه فأخرجا منه حشوته في طست من ذهب فغسلاه بماء زمزم ثم حشوا جوفه حكمه وعلما 251 - انا محمد بن عمر الطهراني انا أبو عبدالله بن مندة انا عباس بن محمد ثنا أحمد بن يوسف ثنا حفص بن عبدالله السلمي ح قال أبو عبدالله انا محمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري ثنا محمد بن أحمد بن أنس ثنا حفص بن عبدالله ثنا إبراهيم بن طهمان عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال النبي رفعت إلى سدرة المنتهي فإذا أربعة أنهار نهران ظاهران ونهران باطنان فأما الظاهران فالنيل والفرات وأما الباطنان فنهران في الجنة

252 - انا أبو عمرو عبدالوهاب انا والدي انا أبو عمرو عثمان بن أحمد التنيسي ومحمد بن يعقوب النيسابوري قالا ثنا أحمد بن شيبان الرملي ثنا عبدالله بن ميمون القداح ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال خرج رسول الله وهو قابض على شيئين في يديه ففتح اليمين فقال بسم الله الرحمن الرحيم كتاب من الرحمن الرحيم فيه أهل الجنة بأعدادهم وأحسابهم وأنسابهم مجمل عليهم إلى يوم القيامة لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد ثم فتح يده اليسرى فقال بسم الله الرحمن الرحيم كتاب من الرحمن الرحيم فيه أهل النار بأحسابهم وأعمالهم وأنسابهم مجمل عليهم إلى يوم القيامة لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد وقد يسلك بالسعداء طريق أهل الشقاء حتى يقال هم منهم هم هم ثم يدرك أحدهم سعادته ولو قبل موته بفواق ناقة وقد يسلك بالأشقياء طريق أهل السعادة حتى يقال هم منهم هم هم ثم يدرك أحدهم شقاوته ولو قبل موته بفواق ناقة ثم قال رسول الله العمل بخواتمه العمل بخواتمه العمل بخواتمه فصل 253 - أخبرنا أبو طاهر الرازاني أنا أبو الحسن بن عبد كويه ثنا فاروق الخطابي ثنا أبو مسلم الكشي ثنا مسدد ثنا معتمر عن أبيه حدثني نعيم بن أبي هند عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال أبو جهل هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم قال فقيل نعم قال واللات والعزى لئن رأيته يفعل لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب فأتى رسول الله وهو يصلي ليطأ على رقبته فما فجأهم منه إلا وهو ينكص علي عقبيه ويتقى بيديه فقيل له مالك قال إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة قال رسول الله لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا

254 - قال وحدثنا مسدد ثنا عبد الله بن داود عن إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه إن النبي قال له اتبعني بالماء وتباعد وقال له يا جابر قل لتلك الشجرة تنضم إلى هذه فانضمت إليها فقضى رسول الله حاجته ثم قال لها ارجعي فرجعت 255 - أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان أنا أبو محمد بن يحيى ثنا المحاملي ثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد ثنا زيد بن الحباب حدثني فايد حدثني مولاي عبيدالله بن علي بن أبي رافع وكان رسول الله سماه عليا قال حدثني جدي أبو رافع قال أتيت رسول الله يوم الخندق بشاة في مكتل فقال يا أبا رافع ناولني الذراع فناولته الذراع فقال يا أبا رافع ناولني الذراع فناولته فقال يا أبا رافع ناولني الذراع فقلت يا رسول الله وهل للشاة إلا ذراعان فقال لو سكت ساعة لناولتني ما سألتك قال الإمام رحمه الله المكتل الزنبيل 256 - أخبرنا عاصم بن الحسن أنا أبو عمر بن مهدي ثنا عبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري ثنا الربيع سليمان ثنا عبد الله بن وهب أخبرني سليمان بن بلال حدثني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال فضلت على سائر الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الناس كافة وختم بي الأنبياء فصل 257 - ذكر القفال الشاشي في دلائل النبوة أخبرنا أبو عروبة ثنا إسحاق بن شاهين ثنا خالد هو ابن عبد الله عن داود بن أبي هند عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا من أزدشنوءة يقال له ضماد وكان باليمن وكان يعالج من الرياح فقدم مكة فسمع أهل مكة يقولون محمد شاعر مجنون وكاهن وساحر فقال والله لو لقيت هذا الرجل فلعل الله أن يشفيه على يدي فلقيه فقال يا محمد إني أعالج وإن الله يشفي على يدي وإني أعالج من هذه الرياح فقال رسول الله الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي

له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول عبده ورسوله أما بعد فقال أعدهن علي فأعادها عليه فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة والشعر فما سمعت بمثل هذه الكلمات ولقد بلغن قاموس البحر فمد يدك أبايعك على الإسلام فقال وعلى قومك فبايعه على الإسلام وعلى قومه قال الإمام رحمه الله قاموس البحر قعر البحر وفي رواية فأسلم وكتب له أمانا لقومه فمر جيش بمكانه فأصابوا منه فقال أمير الجيش من كان أخذ شيئا فليرده فلم يصيبوا إلا إداوة فردوها 258 - قال وأخبرنا أبو أحمد إسماعيل بن موسى الحاسب ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الذيال بن حرملة الأسدي عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال اجتمعت قريش يوما فقال انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه فقالوا ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة قالوا أنت لها يا أبا الوليد فأتاه عتبة فقال يا محمد أنت خير أم عبدالله فسكت رسول الله ثم قال أنت خير أم عبدالمطلب فسكت رسول الله قال فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى مسمع قولك أما والله ما رأينا سخلة أشأم على قومه منك فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيه أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاهنا والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى يا أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا واحدا وإن كان إنما بك الباءة فاختر في أي نساء قريش شئت نزوجك عشرا في أي نساء قريش شئت قال له رسول الله فرغت قال نعم قال فقرأ رسول الله بسم الله الرحمن الرحيم تنزيل من الرحمن الرحيم حتى بلغ فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فقال له عتبة حسبك حسبك ما عندك غيرها قال لا فرجع إلى قريش فقالوا ما وراءك فقال ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا قد كلمته قالوا هل أجابك قال نعم والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد

وثمود قالوا ويلك يكلمك رجل بالعربية لا تدري ماقال قال لا والله ما علمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة فصل 259 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي انا أبو القاسم بن أبي بكر بن أبي علي انا عبدالله بن محمد القباب ثنا ابن أبي عاصم ثنا إبراهيم بن حجاج السامي ثنا عبدالواحد بن زياد عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله لرجل من أصحابه إنه في النار فلما كان يوم حنين قاتل قتالا شديدا فجرح جراحات كثيرة فجاء إلى أهله وبه رمق فاشتكى الرجل جراحته فعمد إلى قرن كان في بيته فاستخرج منه مشاقص فقتل نفسه فذكرت ذلك للنبي فأمر بلالا فنادى إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر قال الإمام رحمه الله القرن الجعبة والمشاقص جمع مشقص وهو نصل السهم العريض 260 - قال وحدثنا ابن أبي عاصم ثنا أبو موسى ثنا عمر بن أبي خليفة قال سمعت أبا بدر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله جالسا في حلقة فأراد القيام فقام غلام فناوله نعله فقال له رسول الله أردت رضا ربك رضي الله عنك قال فكان الغلام يجيء في المدينة حتى استشهد 261 - قال وأخبرنا ابن أبي عاصم نا أبو بكر ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي عثمان عن سلمان رضي الله عنه قال كاتبني أهلي على أن أغرس لهم ثلاثمائة فسيلة فإذا غلقت فأنا حر فذكرت ذلك للنبي فقال إذا أردت أن تغرس فآذني فآذنته قال فغرسه رسول الله بيده إلا واحدة غرستها بيدي فعلقن جميعا إلا الواحدة التي غرستها 262 - قال وحدثنا ابن أبي عاصم ثنا محمد بن المثنى ثنا يحيى بن سعيد ثنا ثور بن يزيد عن راشد بن سعد عن عبدالله بن لحي عن عبدالله بن قرط رضي الله عنه قال قال رسول الله إن أفضل الأيام يوم النحر ثم يوم القر وقرب إلى رسول

الله ست بدنات أو خمس فطفقن يزدلفن بأيتهن يبدأ قال الإمام رحمه الله يوم القر اليوم الذي بعد يوم النحر يستقر الناس فيه بمنى وقوله يزدلفن أي يقربن ويتقدمن إلى النبي 263 - قال وحدثنا ابن أبي عاصم ثنا نصر بن علي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبدالله بن أبي بكر عن علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه رضي الله عنه قال دخل رسول الله يوم الفتح في الكعبة وفي الكعبة ثلاثمائة وستون صنما قد شد لهم إبليس أقدامها بالرصاص قال فجاء ومعه قضيبه فجعل يهوي بها إلى كل صنم منها فيخر لوجهه ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا حتى أمر عليها كلها قال الإمام رحمه الله قوله يهوي أي يشير إليها فصل 264 - ذكر سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن عبدالملك بن عبدالله بن أبي سفيان الثقفي قال قدم رجل من أراشة بإبل له مكة فابتاعها من أبو جهل بن هشام فمطله بأثمانها فأقبل الأراشي حتى وقف على ناد من قريش ورسول الله جالس في ناحية المجلس فقال يا معشر قريش من رجل يوديني على أبي الحكم بن هشام فإني غريب ابن سبيل وقد غلبني على حقي فقال أهل المجلس ترى ذلك الرجل لرسول الله وهم يهزءون به لما يعلمون بينه وبين أبي جهل من العداوة اذهب إليه فإنه يوديك عليه قال فأقبل الأراشي حتى وقف على رسول الله فقال يا عبدالله إن أبا الحكم بن هشام غلبني على حق لي قبله وأنا غريب ابن سبيل وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يوديني عليه ليأخذني لي حقي منه فأشاروا إليك فخذلي حقي منه يرحمك الله فقام رسول الله معه فلما رآه أهل المجلس قام معه قالوا لرجل ممن كان معهم اتبعه وانظر ماذا يصنع قال وخرج رسول الله حتى جاءه فضرب عليه بابه فقال من هذا قال محمد فاخرج إلي فخرج إليه وما في وجهه رائحة ولقد انتقع لونه قال أعط هذا الرجل حقه قال لا تبرح حتى أعطيه الذي له قال فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه

إليه ثم انصرف رسول الله وقال للأراشي الحق بشأنك فأقبل الأراشي حتى وقف بذلك المجلس فقال جزاه الله خيرا فقد والله أخذ لي الذي لي وجاء الرجل الذي بعثوا معه فقص عليهم القصة ثم لم يلبثوا أن جاء أبو جهل فقالوا ويلك ما لك ما رأينا مثل ما صنعت قط قال ويحكم ما هو والله إلا أن ضرب على بابي وسمعت صوته فملئت رعبا ثم خرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الأبل ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط والله لو أبيت لأكلني قال الإمام رحمه الله أراشة قبيلة والنادي المجلس وقوله يوديني أي يعينني يقال آداه عليه يوديه أي قواه وأعانه عليه وانتقع لونه أي تغير والقصرة أصل العنق فصل 265 - ذكر الواقدي حدثني معاذ بن محمد قال سألت عاصم بن عمر بن قتادة يعني عن خبر الشعب فقال إن قريشا مشت إلى أبي طالب مرة بعد مرة فلما كانت المرة الأخيرة قالوا يا ابا طالب إنا جئناك مرة بعد مرة نكلمك في ابن أخيك أن يكف عنا فيأبى وتعلم أنك وإن كنت فينا ذا منزلة لشرفك ومكانك فإنا لسنا بتاركي ابن أخيك حتى نهلكه أو يكف عنا ما قد أظهره فينا من شتم آبائنا وعيب ديننا فقال أبو طالب أنظر في ذلك ثم قال أبو طالب لرسول الله يا ابن أخي قد جاءني قومك يشكونك وقد آذوني فيك وحملوني مالا اطيق أنا ولا أنت فاكفف عنهم ما يكرهون من شتمك آباءهم وعيبك دينهم قال فاستعبر رسول الله ثم قال والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا الأمر أبدا حتى أنفذه أو أهلك فلما رأى أبو طالب ما بلغ من رسول الله قال يا ابن أخي امض على أمرك وأفعل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبدا فلما رأت قريش أن قد أعذروا إلى أبي طالب وأن رسول الله قائم بهذا الأمر أبت قريش أن تقار رسول الله ثم أظهروا العداوة له ولبني عبد المطلب وأقسموا بالله لنقتلن محمدا سرا أو علانية فلما رأى أبو طالب ذلك خافهم فجمع رهطه ثم انطلق بهم فأقامهم بين أستار الكعبة يدعو على ظلمة قومه في قطعهم أرحامهم وكتبت قريش كتابا فعلقوه في الكعبة ثم عمد أبو طالب

فدخل الشعب بابن أخيه وبني عبدالمطلب وبني المطلب بن عبد مناف فدخلوا الشعب فرارا من قومهم لما خوفوهم من قتل رسول الله قال الإمام رحمه الله قال أهل التاريخ فحصروا في الشعب ثلاث سنين وقطع عنهم المير حتى هلك من هلك وكتبت قريش كتابا على بني هاشم أن لا ينكحوهم ولا ينكحوا فيهم ولا يبايعوهم ولا يبتاعوا منهم ولا يخالطوهم وكانوا لا يخرجون من الشعب إلا من موسم إلى موسم حتى بلغهم الجهد ويسمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب قيل كان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة العبدي فشلت يده وقيل كتبها طلحة بن أبي طلحة قال أهل التاريخ بعث مطعم بن عدي بأربع جزائر موقرة طعاما حتى دخلت الشعب وقال إن لهم أرحاما وقرابات وقد تلفوا فقال أبو جهل لا ننكر برك ولا صلتك فلو ما أرسلت به ليلا فلا يراك سفهاؤنا وأحداثنا فيجترؤن علينا ويتبعون محمدا فقال ما نتبع محمدا وإنا على دين أبائنا ولكنا نصل أرحامنا أما والله ما وافقني حصرهم ولقد ظلموا واستخف بحقهم وما أنا بآمن أن نعاقب في ظلمنا إياهم فانكسر أبو جهل وانصرف فكان النبي يشكر هذا لمطعم بن عدي 226 - قال الواقدي حدثني ابن أبي سبرة عن إسحاق بن عبدالله عن أبي سلمة الحضرمي قال كان هشام بن عمرو العامري أوصل قريش لبني هاشم أدخل عليهم في ليلة ثلاثة أحمال طعاما فعلمت بذلك قريش فمشوا إليه حين أصبح وكلموه في ذلك فقال إني غير عائد لشيء يخالفكم فانصرفوا عنه ثم دعا الثانية فأدخل عليهم ليلا جملا أو جملين فغالظوه وهموا به فقال أبو سفيان دعوه رجل وصل أهل رحمه وإني أحلف بالله لو فعلنا ما فعل كان أحسن بنا وأحرى أما إني قد كنت كارها لما صنعت قريش بهم قد يكون العداوة بأجمل من هذا فاسكت القوم وتفرقوا 267 - قال الواقدي فحدثني الحكم بن القاسم عن زكريا بن عمرو قال فلما مضت ثلاث سنين أطلع الله ورسوله على أمر صحيفتهم وأن الأرضة قد أكلت ما فيها من جور وظلم وبقي ما كان فيها من ذكر الله فذكر ذلك رسول الله لأبي طالب فقال له أبو طالب أحق ما تخبرني به يا ابن أخي قال نعم والله فذكر ذلك أبو طالب لأخوته فقالوا له ما ظنك به قال أبو طالب والله ما كذبني قط قالوا فما ترى قال

أرى أن تلبسوا أحسن ما تجدون من الثياب ثم تخرجوا إلى قريش فتذكر ذلك لهم قبل أن يبلغهم الخبر قال فخرجوا حتى دخلوا المسجد فعمدوا إلى الحجر وكان لا يجلس فيه إلا مسان قريش وذوو نههاهم فترفعت إليهم المجالس ينظرون إليهم ماذا يقولون قال أبو طالب إنا قد جئنا لأمر فأجيبوا فيه بالذي يعرف لكم قالوا مرحبا بكم وأهلا وعندنا ما يسرك فيما طلبت قال إن أبن أخي أخبرني ولم يكذبني قط أن الله تعالى قد سلط على صحيفتكم التي كتبتم الأرض فلحست كل ماكان فيها من جور وظلم وقطيعة رحم وبقي فيها كل ماذكر به الله فإن كان ابن أخي صادقا نزعتم عن سوء رأيكم وإن كان كاذبا دفعته إليكم فقتلتموه أو استحييتموه إن شئتم قالوا أنصفتنا فأرسلوا إلى الصحيفة فلما أتي بالصحيفة قال اقرؤها قلما فتحوها إذا هي كما قال رسول الله قد أكلت إلا ماكان من ذكر الله فسقط في أيدي القوم ثم نكسوا رؤسهم فقال أبو طالب هل بين لكم أنكم أولى بالظلم والقطيعة والإساءة فلم يراجعه أحد من القوم وتلاوم رجال من قريش على ما صنعوا ببني هاشم فمكثوا غير كثير ورجع أو طالب إلى الشعب وهو يقول يا معشر قريش نحصر ونحبس وقد بان الأمر ثم دخل هو وأصحابه بين أستار الكعبة والكعبة فقالوا اللهم انصرنا على من ظلمنا وقطع أرحامنا واستحل منا مايحرم عليه منا ثم انصرفوا ثم إن مطعم بن عدي كان يشرب هو وعدي بن قيس السهمي قال عدي بن قيس أزهوا أبدا إن كنت كما تقول فأين أنت عن إخوانك من بني هاشم جوعى مظلومين محصورين فسكت مطعم حتى إذا صحا من سكره قال ماذا قلت آنفا فأخبره بقوله فقال مطعم لئن قلت ذلك لقد استخف بحقهم وقطعت أرحامهم ولو كان معي ومعك رجلان على رأينا هذا لخرجنا من صلح القوم ونابذناهم على سواء قال عدي من هذان الرجلان قال مطعم بن عدي زمعة بن الأسود وأبو البختري بن هشام فهل لك أن ننظر ما عندهما قال نعم فاقبلا يتقاودان حتى وقفا على زمعة بن الأسود وأبي البختري بن هشام فقالا أكلتما وشربتما قالا أكلنا وشربنا قال فإخوانكم من بني هاشم جوعى هلكى مظلومون فقالا والله لئن قلتما ذلك لقد ضيق عليهم واستخف بحقهم وقطعت أرحامهم ولو كان معنا رجل واحد على رأينا هذا خرجنا من صلح القوم ولنابذناهم على سواء قالا من هو قال زهير بن أبي أمية قالا فهل لكما أن نأتيه فننظر

ما عنده قال نعم فأقبلوا حتى أتوا زهيرا في داره فقالوا أكلت وشربت قال نعم أكلت وشربت قالوا وإخوانكم من بني هاشم جوعى هلكى مظلومون قال أما والله لقد أستخف بحقهم وقطعت أرحامهم وسيء إليهم قالوا ما عندك قال عندي ما تشيرون به قالوا نرى أن نلبس السلاح ثم نخرج إلى النفر من بني هاشم فنأمرهم بالخروج إلى مساكنهم ففعلوا وخرج بنو هاشم إلى مساكنهم ومات مطعم بن عدي بعد هجرة رسول الله بسنة وهو يومئذ ابن تسع وتسعين سنة قالوا وخرج بنو هاشم من الشعب في السنة العاشرة قال ابن إسحاق إن الأرضة أكلت الصحيفة كلها إلا باسمك اللهم قال عروة بن الزبير ثم إن المشركين اشتدوا على المسلمين كأشد ماكانوا حتى بلغ المسلمين الجهد واشتد عليهم البلاء وعمد المشركون من قريش فأجمعوا أمرهم ومكرهم على أن يقتلوا رسول الله علانية فلما رأى أبو طالب عمل القوم جمع بن عبد المطلب فأجمع على أن يدخلوا شعبهم رسول الله ويمنعوه ممن أراد قتله فاجتمعوا كافرهم ومسلمهم منهم من فعله حمية ومنهم من فعله إيمانا ويقينا فلما عرفت قريش أن القوم قد اجتمعوا ومنعوا رسول الله واجتمعوا على ذلك كافرهم ومسلمهم اجتمع المشركون من قريش وأجمعوا أمرهم أن لا يجالسوهم ولا يخالطوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا رسول الله للقتل وكتبوا بمكرهم صحيفة وعهودا ومواثيق أن لا يقبلوا من بني هاشم أبدا صلحا ولا يأخذهم بهم رأفة ولا رحمة ولا هوادة حتى يسلموا رسول الله للقتل فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين واشتد عليهم فيه البلاء والجهد وقطعوا عنهم الأسواق فلا يتركون طعاما يدنو من مكة إلا بادروا إليه ليقتلهم الجوع وكان أبو طالب إذا أخذ الناس مضاجعهم أمر رسول الله فأتى فراشه حتى يراه من أراد به مكرا فإذا نوم الناس أمر أحد بنيه وأخوته أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله وأمر رسول الله أن يأتي بعض فرشهم فيرقد عليه فلما كان رأس ثلاث سنين تلاوم رجال من قصي ورجال ممن سواهم وذكروا الذي وقعوا فيه من القطيعة فأجمعوا أمرهم على نقض ما تعاهدوا عليه وبعث الله على صحيفتهم التي فيها المكر برسول الله الأرضة فلحست كل شيء كان فيها وكانت بسقف الكعبة وكان فيها عهد الله

وميثاقه فلم تترك فيها شيئا إلا لحسته وبقي فيها ما كان من شرك أو ظلم أو بغي فأطلع الله رسوله على الذي صنع بالصحيفة فقال أبو طالب لا والثواقب ما كذبني فانطلق يمشي بعصابة من بني عبد المطلب حتى أتى المسجد وهو حافل من قريش فلما رأوهم أنكروا ذلك وظنوا أنهم خرجوا من شدة البلاء وأتوهم ليعطوهم رسول الله فتكلم أبو طالب وقال حدثت أمور بينكم لم نذكرها لكم فائتوا بصحيفتكم التي فيها مواثيقكم فلعله أن يكون بيننا وبينكم صلح وإنما قال ذلك خشية أن ينظروا في الصحيفة قبل أن يأتوا بها فأتوا بصحيفتهم لا يشكون أن رسول الله مدفوع إليهم وقالوا قد آن لكم أن تقبلوا وترجعوا إلى أمر يجمع عامتكم لا يقطع ذلك بيننا وبينكم إلا رجل واحد جعلتموه خطرا لعشيرتكم وفسادكم فقال أبو طالب إنما أتيتكم لنعطيكم أمرا فيه نصف بيني وبينكم هذه الصحيفة التي في أيديكم إن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني أن الله تعالى بعث عليها دابة فلم تترك فيها اسما لله إلا لحسته وتركت فيها غدركم وتظاهركم علينا بالظلم فإن كان كما يقول فأفيقوا فوالله لا نسلمه حتى نموت من عند آخرنا وإن كان الذي يقول باطلا دفعنا إليكم صاحبكم فقلتم أو استحييتم فقالوا قد رضينا بالذي تقول ففتحت الصحيفة فوجد الصادق المصدوق قد أخبر خبرها قبل أن تفتح فلما رأتها قريش كالذي قال أبو طالب قالوا والله ما كان هذا إلا سحرا من صاحبكم وارتكسوا وعادوا شر ما كانوا عليه من كفرهم والشدة على رسول الله والمسلمين وأصحابه ورهطه فقال أولئك النفر من بني عبد المطلب إن أولى بالكذب والسحر غيرنا فكيف ترون فإنا نعلم أن الذي اجتمعتم عليه أقرب للخبث والسحر لولا الذي اجتمعتم عليه من السحر لم تفسد الصحيفة وهي في أيديكم فما كان لله من اسم هو فيها طمسه وما كان من بغي تركه في صحيفتكم فنحن السحرة أم أنتم فندم المشركون من قريش عند ذلك وقال رجال منهم أبو البختري وهو العاص بن ابن هشام بن الحارث أسد بن عبد العزى بن قصي ومنهم المطعم بن عدي وهاشم بن عمرو أو هشام بن عمرو والصواب هشام أخو بني عامر بن لؤي قيل كان كاتب الصحيفة وزهير بن أبي أمية وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي في رجال من قريش ولدتهم نساء بني هاشم كانوا قد ندموا على الذي صنعوا فقالوا نحن

براء من هذه الصحيفة فقال أبو جهل هذا أمر قضي بليل قال الإمام رحمه الله وفي رواية موسى بن عقبة عن الزهري فلحست ما كان فيها من عهد وميثاق فلم تترك اسما لله تعالى فيها إلا لحسته وبقي ما كان فيها من شرك أو ظلم أو قطيعة وفي رواية ابن إسحاق لم يكن بقي فيها إلا باسمك اللهم وفي رواية عروة لحست ما كان فيها من ذكر الله وبقي فيها ما كان من البغي والشرك وأي ذلك كان ففيه دلالة نبوة النبي فصل 268 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح انا عبدالرحمن بن محمد بن أحمد ثنا عبدالله بن محمد بن محمد ثنا أحمد بن عمرو ثنا دحيم ثنا الوليد ثنا صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد عن فضالة بن عبيد قال غزونا مع رسول الله غزوة تبوك فجهد الظهر جهدا شديدا فشكونا إلى رسول الله ما بالظهر من الجهد فجعل رسول الله ينفخ ظهورها ويقول اللهم احمل عليها في سبيلك فما بلغنا المدينة حتى جعلت تنازعنا أزمتها 269 - قال وحدثنا أحمد بن عمرو ثنا أبو بكر ثنا محمد بن بشر ثنا عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز حدثني رجل من بني سلامان بن سعد عن أمه أن خالها حبيب بن فويك حدثها أن أباه خرج به إلى رسول الله وعيناه مبيضتان لا يبصر بهما شيئا فسأله ما أصابه فقال إني كنت امرءا جمالا فوضعت رجلي على بيض حية فأصيب بصري فنفث رسول الله في عينه فأبصر قال فرأيته يدخل الخيط في الإبرة وإنه لابن ثمانين وإن عينيه لمبيضتان 270 - قال وحدثنا عقبة بن مكرم ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ثنا سهل بن حصين الباهلي ثنا زرارة عن الحارث السهمي أنه أتى رسول الله في حجة الوداع وجاء الأعراب وهو على ناقته العضباء وكان الحارث رجلا جسيما فنزل إليه الحارث فدنا منه حتى حاذى وجهه بركبة رسول الله فأهوى نبي الله بيده فمسح وجه الحارث من وهج على وجهه فما زالت تلك النضرة على وجهه حتى هلك

271 - ذكر الطبراني رحمه الله في دلائل النبوة ثنا محمد بن زكريا الغلابي ثنا العباس بن بكار الضبي ثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال العباس رضي الله عنه خرجت في تجارة إلى اليمن ركب منهم أبو سفيان بن حرب فكنت أصنع يوما طعاما وانصرف بأبي سفيان وبالنفر ويصنع أبو سفيان يوما فيفعل مثل ذلك فقال لي في يومي الذي كنت أصنع فيه هل لك يا أبا الفضل أن تنصرف إلى بيتي وترسل إلي غداءك قلت نعم فانصرفت أنا والنفر إلى بيته فلما تغدى القوم قاموا واحتبسني فقال هل علمت يا أبا الفضل أن ابن أخيك يزعم أنه رسول الله قلت أي بني أخي فقال أبو سفيان إياي تكتم وأي بني أخيك ينبغي أن يقول ذاك إلا رجل واحد قلت وأيهم هو قال هو محمد بن عبدالله قلت قد فعل قال بلى قد فعل فأخرج كتابا من حنظله بن أبي سفيان أخبرك أن محمدا قام بالأبطح فقال أنا رسول الله أدعوكم إلى الله فقال العباس قلت لعله يا أبا حنظلة صادق فقال مهلا يا أبا الفضل فوالله ما أحب أن تقول هذا إني لأخشى أن تكون كنت على صبر من هذا الحديث يا بني عبد المطلب إنه والله ما برحت قريش تزعم ان لكم هنة وهنة فنشدتك يا أبا الفضل هل سمعت ذلك قلت نعم قال فما كان بعد ذلك إلا ليال حتى قدم عبدالله بن حذافة بالخبر وهو مؤمن ففشا ذلك في مجالس اليمن وكان أبو سفيان يجلس مجلسا باليمن يتحدث فيه حبر من أحبار اليهود فقال له اليهودي ما هذا الخبر بلغني أن فيكم عم هذا الرجل الذي قال ماقال قال أبو سفيان صدقوا وأنا عمه قال اليهودي أخو أبيه قال نعم قال فحدثني عنه فقال لا تسألني ما كنت أحسب أن يدعي هذا الأمر أبدا وما أحب أن أعينه فقال اليهودي ليس به بأس على يهود وتوراة موسى قال العباس فنادى إلى الخبر فحميت وخرجت حتى جلست ذلك المجلس من الغد وفيه أبو سفيان بن حرب والحبر فقلت للحبر بلغني أنك سألت ابن عمي عن رجل منا زعم أنه رسول الله فأخبرك أنه عمه وليس بعمه ولكن ابن عمه وأنا عمه أخو أبيه قال أخو أبيه قلت أخو أبيه فأقبل على أبي سفيان فقال صدق قال نعم صدق فقال سلني عنه فإن كذب فليرده علي فأقبل علي فقال نشدتك هل كانت لابن أخيك صبوة أو سفهة قلت لا وإله

عبد المطلب ولا كذب ولا خان وإن كان اسمه عند قريش الأمين فقال هل كتب بيده قال العباس فظننت أنه خير له أن يكتب بيده فأردت أن أقولها ثم ذكرت مكان أبي سفيان أنه مكذبي وراد علي فقلت لا يكتب فوثب الحبر وترك رداءه وقال ذبحت يهود وقتلت يهود قال العباس فلما رجعنا إلى منازلنا قال أبو سفيان يا أبا الفضل إن اليهود تفزع من ابن أخيك قلت قد رأيت ما رأيت فهل لك يا أبا سفيان أن تؤمن به فإن كان حقا كنت قد سبقت وإن كان باطلا فعمل غيرك من أكفائك فقال لا أؤمن به حتى أري الخيل في كذا قلت ما تقول قال كلمة جاءت على فمي ألا إني أعلم أن الله لا يترك خيلا تطلع من كذا قال العباس فلما فتح رسول الله مكة ونظرنا إلى الخيل قد طلعت من كذا قلت يا أبا سفيان تذكر الكلمة قال إي والله إني لذاكرها والحمد لله الذي هداني للإسلام 272 - قال وحدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ثنا يوسف بن عدي الكوفي ثنا أبو فالأحوص عن سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة عن علي رضي الله عنه قال لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت فمر عليه الدهر انهدم فبنته العمالقة ثم مر عليه الدهر فانهدم فبنته قريش ورسول الله يومئذ رجل شاب فلما أرادوا أن يرفعوا الحجر اختصموا فيه فقالوا يحكم بيننا أول رجل يخرج من هذه السكة وكان رسول الله أول من خرج عليهم فقضى بينهم أن يجعلوه في مرط ثم يرفعه جميع القبائل كلها ثم وضعه النبي في مكانه وفي رواية عبدالله بن السائب أن قريشا اختلفوا في الحجر حيث أرادوا أن يضعوه حتى كاد أن يكون بينهم قتال بالسيوف فقالوا اجعلوا أول رجل يدخل من الباب فدخل رسول الله وكانوا يسمونه في الجاهلية الأمين فقالوا قد جاء الأمين فقالوا يا محمد قد رضينا بك فدعا بثوب فبسطه ثم وضع الحجر فيه ثم قال ليأخذ رجل من كل بطن منكم بناحية من الثوب فيرفعوه وأخذ رسول الله ووضعه وفي رواية سليمان التيمي لما أخذت قريش في بناء الكعبة وانتهى إلى موضع الحجر الأسود تنازعت فيه الأرباع من تلك القبائل وتحاسدت أيهم يلي رفعه حتى ألم أن يكون بينهم فيه أمر شديد فصار من أمرهم أن يحكموا أول رجل يدخل عليهم الباب من نحوهم

وتعاقدوا بالله رب البيت ليولونه إياه من كان فخرج عليهم نبي الله من ذلك الباب أمر اختصه الله تعالى وهو يومئذ يدعى الأمين فقالت القبائل من قريش هذا الأمين بن عبد المطلب هو بيننا قد رضينا به فلما انتهى إليهم قال لهم ما أمركم قالوا يا ابن عبد المطلب تنازعنا في هذا الحجر وتحاسدنا فجعلناه إلى أول من يدخل علينا من هذا الباب فكنت أول داخل فافعل فيه أمرا يصلح قومك فأخذ رسول الله ثوبا فبسطه ثم أخذ الحجر فوضعه فيه ثم أمر تلك القبائل فأخذوا بجانب الثوب فرفعوه على اصطلاح منهم وجماعة حتى انتهوا إلى موضع الحجر فأخذه رسول الله فوضعه بيده وولاه الله تعالى ذلك قبل مبعثه بسبع سنين فصل 273 - أخبرنا أبو عمرو عبدالوهاب بن أبي عبدالله انا والدي أبو عبدالله انا أحمد بن محمد بن إبراهيم ومحمد بن حامد البخاري قالا ثنا أحمد بن عيسى البرتي ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ثنا سفيان الثوري ح قال أبو عبدالله وأخبرنا الحسين بن علي ثنا الحسن بن عامر ثنا أبو بكر ثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله مقاما ما ترك فيه شيئا إلى قيام الساعة إلا ذكره حفظه من حفظه ونسيه من نسيه 274 - وأخبرنا أبو عمرو انا والدي انا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل ثنا عبدالرحمن بن محمد الحارثي ثنا معاذ بن هشام بن أبي عبدالله الدستوائي ثنا أبي عن قتادة بن دعامة عن أبي قلابة الجرمي عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان رضي الله عنه أن نبي الله قال إن الله ذوي لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها وأعطاني الكنزين الأحمر والأبيض وإن ملك أمتي سيبلغ مازوي لي منها 275 - وأخبرنا أبو عمرو انا والدي أخبرني الحسن بن يوسف الطرائفي بمصر ثنا محمد بن عبدالله بن عبد الحكم ثنا أبو ضمرة أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت في كسوف الشمس أن رسول الله قام فحمد الله وأثنى عليه فقال ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار

276 - وأخبرنا أبو عمر انا والدي انا خيثمة ثنا محمد بن عوف بن سفيان ثنا يسرة بن صفوان ثنا نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة عن أسماء رضي الله عنها أن النبي صلى في الكسوف ثم قال لقد أدنيت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف من قطافها ودنت مني النار حتى قلت أي رب وأنا معهم 277 - وأخبرنا أبو عمرو انا والدي انا خيثمة وأحمد بن محمد بن زياد ومحمد بن محمد بن الأزهر قالوا ثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبدالرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي فلم أر كاليوم في الخير والشر 278 - وأخبرنا أبو عمر انا والدي انا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل ثنا الحسن ابن عرفة ثنا القاسم بن مالك عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قالوا وما رأيت قال الجنة والنار 279 - وأخبرنا أبو عمرو انا والدي ثنا سعيد بن إسحاق ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا حماد بن مسعدة ثنا سعيد بن أبي عروبة عن أبي رجاء عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي أنه قال اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء 280 - وانا أبو عمر انا والدي انا عمر بن محمد بن سليمان بمصر ثنا عبدالله بن روح المدايني ثنا يزيد بن هارون ثنا هشام بن حسان عن واصل مولى أبي عيينة عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي قال عرضت علي أعمال أمتي سيئها وحسنها فرأيت في محاسن أعمالها الأذى ينحى عن الطريق ورأيت في مساويء أعمال أمتي النخاعة في المسجد لا تدفن 281 - وأخبرنا أبو عمرو انا والدي انا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف

ثنا محمد بن نصر ثنا وهب بن بقية ثنا خالد بن عبدالله عن حصين بن عبدالرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال خرج رسول الله فقال عرضت علي الأمم فجعل النبي يمر ومعه النفر من قومه والنبيان يمران وليس معهما أحد والنبي يمر ومعه الرهط إلى أن مر سواد عظيم قال قلت هذه أمتي فقيل هذا موسى وقومه ولكن أنظر نحو الأفق فإذا سواد عظيم قد ملأ الأفق ثم قيل انظر هاهنا الى الجانب الآخر فإذا سواد قد ملأ الأفق ثم قيل انظر هاهنا فإذا سواد فلما أعجبني كثرتهم قيل لي هذه أمتك وسوى هؤلاء من أمتك سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب فانصرف النبي لم يبين لهم شيئا فقالوا نحن هم قد آمنا بالله واتبعنا رسوله وقال بعضهم هم أبناؤنا والذي يكونون بعدنا ولدوا في الإسلام فخرج رسول الله فقال هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقان عكاشة بن محصن الأسدي فقال أنا منهم يا رسول الله فقال أنت منهم وقام رجل رجل آخر فقال أنا منهم يا رسول الله فقال سبقك بها عكاشة 282 - وانا أبو عمرو انا والدي انا أحمد بن محمد بن إبراهيم وغير واحد قالوا ثنا أحمد بن عصام ثنا أبو أحمد محمد بن عبدالله بن الزبير ثنا مالك بن مغول عن الزبير بن عدي عن طلحة بن مصرف عن مرة بن شراحيل عن عبدالله رضي الله عنه قال لما أسري برسول الله أنتهى به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السابعة وإليها ينتهي ما يعرج من الأرواح ويقبض وإليها ينتهي مايقبض من فوقها إذ يغشى السدرة ما يغشى قال فراش من ذهب قال فأعطي رسول الله ثلاثة الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة وغفر لمن مات من أمته لا يشرك بالله شيئا 283 - وأخبرنا أبو عمرو انا والدي انا عبدالرحمن بن أحمد الجلاب بهمذان ثنا إبراهيم بن نصر ثنا الحسن بن الربيع ثنا أبو الأحوص عن عمار بن رزيق عن عبدالله بن عيسى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال بينا جبريل عليه السلام قاعد عند النبي إذ سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال أبشر بسورتين أوتيتهما لم يؤتهما من قبلك فاتحة الكتاب والخواتم

سورة البقرة لم تقرأ بحرف منها إلا أعطيته 284 - وأخبرنا أبو عمرو انا والدي انا عبدالعزيز بن سهل ثنا محمد بن علي بن زيد ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد أخبرني أبي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها حدثته أنها قالت لرسول الله هل أتى عليك يوم أشد عليك من يوم أحد فقال لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت يوم العقبة أني عرضت نفسي على ابن ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني فإذا فيها جبريل فنداني إن الله تعالى قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بم شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني أمرك بم شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال رسول الله بل أرجو أن يخرج الله وجل من أصلابهم من يعبد الله تعالى وحده لا شريك له فصل 285 - ذكر أبو الشيخ رحمه في دلائل النبوة حدثنا جبير بن هارون ثنا علي بن محمد الطنافسي ثنا المحاربي عن عبدالواحد بن أيمن المكي عن أبيه قال قلت لجابر بن عبدالله رضي الله عنه حدثني بحديث عن رسول الله سمعته منه أرويه عنك قال كنا يوم الخندق نحفر الخندق فعرضت فيه كدية وهي الجبل فقلنا يا رسول الله إن كدية قد عرضت فيه فقال رسول الله رشوا عليها الماء ثم قام رسول الله فأتاها وبطنه معصوب بحجر من الجوع فأخذ المعول والمسحاة فسمى ثلاثا ثم ضرب فعادت كثيبا أهيل فقلت له ائذن لي يا رسول الله آتي المنزل ففعل فأتيت المرأة فقلت هل عندك من شيء فقالت عندي صاع من شعير وعناق فطحنت الشعير وعجنت وذبحت العناق وسلختها وخليت بين المرأة وبين ذلك ثم أتيت رسول الله فجلست عنده ساعة ثم قلت ائذن لي يا رسول الله ففعل فأتيت المرأة فإذا العجين واللحم قد أمكنا فرجعت إلى رسول الله فقلت إن عندنا طعيما لنا فقم يا رسول الله ورجلان

من أصحابك فقال وكم هي قلت صاع من شعير وعناق قال ارجع إلى أهلك فقل لهها لا تنزع البرمة من الأثافي ولا تخرج الخبز من التنور حتى آتي ثم قال للمسلمين جميعا قوموا إلى جابر فقاموا فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا الله قلت جاءنا الخلق على صاع شعير وعناق فدخلت على امرأتي فقلت افتضحت جاءك رسول الله بالجند أجمعين فقالت هل كان سألك كم طعامك قلت نعم فالله ورسوله أعلم فكشفت عني غما شديدا فدخل رسول الله فقال خذي ودعي من اللحم فجعل النبي يثرد ويغرف من اللحم ثم يخمر ويخمر هذا فمازال يغرف للناس حتى شبعوا أجمعون ويعود التنور والقدر أملأ ما كانا ثم قال رسول الله كل وأهد فلم نزل نأكل ونهدي يومنا قال وأخبرني أنه كانوا ثمان مائة 286 - قال وحدثنا الحسن بن محمد ثنا أبو زرعة ثنا محمد بن عبدالله أبو جعفر ثنا أبو تميلة حدثني ابن إسحاق عن سعيد بن مينا أنه حدث أن أخت النعمان بن بشير قالت ح وحدثنا عبدالرحيم بن مطرف ثنا سعيد بن بزيع ثنا محمد بن إسحاق حدثني سعيد بن مينا أن ابنة لبشير بن سعد أخت النعمان بن بشير قالت واللفظ لأبي تميلة دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر ثم قالت اذهبي إلى أبيك وخالك عبدالله بن رواحة بغدائهما قالت فأخذتها فانطلقت بها فمررت برسول الله وأنا التمس أبي وخالي فقال لي تعالي أي بنية ما هذا معك قلت يا رسول الله هذا تمر بعثت بي أمي إلى أبي بشير بن سعد وخالي عبدالله بن رواحة يتغديان به قال هاتيه قال فصببته في كفي رسول الله فما ملأهما ثم أمر بثوب فبسط له ثم دحا بالتمر عليه وتبدد فوق الثوب ثم قال لإنسان اصرخ في أهل الخندق أن هلموا إلى الغداء فاجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد حتى صدر عنه أهل الخندق وإنه ليسقط من أطراف الثوب 287 - قال وحدثنا الوليد بن بنان الواسطي ثنا محمد بن زنبور ثنا عبدالعزيز بن أبي حازم حدثني سهيل بن أبي صالح عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله أن رسول الله نزل في غزوة غزاها فأصاب أصحابه جوع وفنيت أزوادهم فجاءوا إلى رسول الله يشكون إليه ما أصابهم وستأذنونه أن ينحروا بعض رواحلهم

فأذن لهم فمروا بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال من أين جئتم فأخبروه أنهم استأذنوا النبي في أن ينحروا بعض رواحلهم قال فأذن لكم قالوا نعم قال فإني أسألكم وأقسم عليكم إلا رجعتم معي إلى رسول الله فرجعوا معه فذهب عمر إلى رسول الله فقال يا رسول الله أتأذن أن ينحروا رواحلهم فماذا يركبون قال رسول الله فماذا أصنع ليس معي ما أعطيهم فقال عمر بلى يا رسول الله تأمر من كان معه فضل زاد يأتي به إليك تجمعه على شيء ثم تدعو فيه بالبركة ثم تقسمه بينهم ففعل فدعا بفضل أزوادهم فمنهم الآتي بالقليل ومنهم الآتي بالكثير فجعله في شيء ثم دعا فيه ما شاء الله أن يدعو ثم قسمه بينهم فما بقي من القوم أحد إلا ملأ ما كان معه من وعاء وفضل فضل فقال عند ذلك أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله من جاء بهن يوم القيامة غير شاك أدخله الله الجنة فصل 288 - أخبرنا سليمان بن إبراهيم ثنا أبو عبدالله محمد بن إبراهيم الجرجاني ثنا محمد بن يعقوب الأصم ثنا محمد بن عبدالله بن الحكم ثنا عبدالله بن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي قال أبو هريرة فقد ذهب رسول الله وأنتم تنتثلونها 289 - قال وحدثنا محمد بن يعقوب الأصم ثنا ربيع ابن سليمان المرادي ثنا عبدالله بن وهب بن مسلم القرشي انا سليمان بن بلال حدثني العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الناس كافة وختم بي النبيون 290 - انا أبو عمرو عبدالوهاب انا والدي أبو عبدالله أنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل ثنا عبدالكريم بن الهيثم ثنا أبو توبة ح قال أبو عبدالله وانا محمد بن يعقوب الشيباني ثنا محمد بن نعيم النيسابوري ثنا عبدالله بن عبدالرحمن السمرقندي ثنا يحيى بن

حسان ح قال أبو عبدالله وانا محمد بن إبراهيم بن عبدالملك ثنا أحمد بن المعلى بن يزيد ثنا مروان بن محمد قالوا ثنا معاوية بن سلام أخبرني أخي زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام حدثني أبو أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله قال كنت قاعدا عند رسول الله فأتاه حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد قال فدفعته دفعة حتى صرعته فقال لما تدفعني فقلت ألا تقول يا رسول الله فقال اليهودي أني سميت بالاسم الذي سماه به أهله فقال رسول الله اجل إن أهلي سموني محمدا فقال جئتك لأسألك عن واحدة لا يعلمها إلا نبي أو رجل أو رجلان فقال هل ينفعك أن أخبرتك فقال أسمع بأذني فقال سل عما بدا لك قال من أين يكون شبه الولد فقال رسول الله أما ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فإن علا ماء الرجل ماء المرأة أذكر بأذن الله وأن علا ماء المرأة ماء الرجل أنثى بأذن الله فقال صدقت وأنت نبي قال ثم ذهب فقال رسول الله لقد سألني حين سألني وما عندي علم حتى أنبأني الله تعالى 291 - قال وأخبرنا والدي أبو عبدالله انا علي بن الحسن بن علي ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا محمد بن عبدالله الأنصاري عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عبدالله بن سلام رضي الله عنه سأل النبي عن الولد ينزع إلى أبيه وأمه فقال أخبرني جبريل عليه السلام آنفا فقال إذا سبق ماء الرجل نزعه وإذا سبق ماء المرأة نزعها 292 - قال وأخبرنا والدي أبو عبدالله ثنا عمرو بن محمد بن إبراهيم البزاز ثنا عبدالرحمن بن محمد بن سلم أبو يحيى الرازي ثنا سهل بن عثمان ثنا عبدالرحيم بن سليمان عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال إن الشياطين كانت لهم مقاعد يستمعون فيها الوحي فلما بعث النبي منعوا فشكوا إلى إبليس فقال إن هذا أمر حدث فاضطربوا في الأرض فانظروا فانطلقوا فإذا هم برسول الله بين جبلي نخلة 293 - قال وأخبرنا والدي أبو عبدالله انا إسماعيل عن محمد بن إسماعيل ثنا أحمد بن منصور ثنا عبدالرزاق انا معمر عن ثابت البناني وقتادة بن دعامة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال نظر أصحاب النبي وضوءا فلم يجدوا فقال النبي هاهنا ماء فرأيت النبي وضع يده في الإناء الذي فيه الماء فقال توضئوا بسم الله فرأيت الماء يفور من بين أصابعه والقوم يتوضؤن حتى توضؤا من عند آخرهم

294 - قال وأخبرنا والدي أبو عبدالله انا علي بن محمد بن نصر ثنا هشام بن علي ثنا أبو عمر الحوضي ح قال وثنا إبراهيم بن حاتم ثنا أبو الوليد هشام بن عبدالملك وسليمان بن حرب قالوا ثنا شعبة عن عمرو بن مرة وحصين بن عبدالرحمن عن سالم بن أبي الجعد قال سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال أصابنا عطش فجهشنا إلى رسول الله فوضع يده في تور من ماء فجعل الماء يفور كأنه عيون من خلل أصابعه وقال سليمان بن حرب ينبع من بين أصابعه كأنه العيون فقال خذوا بسم الله وقال أبو الوليد فقال اذكروا اسم الله قال فشربنا حتى وسعنا وكفانا قال شعبة وفي حديث عمرو بن مرة فقلت لجابر كم كنتم فقال كنا ألفا ولو كنا خمس مائة ألف لكفانا فصل 295 - ذكر محمد بن إسحاق في كتاب المبعث من رواية سلمة بن الفضل الأنصاري قال فكان رسول الله على ما يرى من قومه يبذل لهم النصيحة ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه وجعلت قريش حين منعه الله منهم يحذرونه الناس ومن قدم عليهم من العرب فكان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث أنه قدم مكة ورسول الله بها فمشى أليه رجال من قريش وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا فقالوا له يا طفيل إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا وفرق جماعتنا وشتت أمرنا وإنما قوله كالسحر يفرق به بين الرجل وبين ابنه وبين الرجل وبين أخيه وبين الرجل وبين زوجته وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا فلا تكلمنه ولا تسمعن منه قال فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرقا من أن يبلغني شيء من قوله قال فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله قائم يصلي عند الكعبة قال فقمت قريبا

منه فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله فسمعت كلاما حسنا قال فقلت في نفسي واثكل أمي والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح فما يمنعني أن اسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلته وأن كان قبيحا تركته قال فمكثت حتى انصرف رسول الله إلى بيته فاتبعته حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت يا محمد أن قومك قالوا لي كذا وكذا للذي قالوا فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لأن لا أسمع قولك ثم أبى الله تبارك وتعالى إلا أن يسمعنيه فسمعت قولا حسنا فاعرض علي أمرك فعرض رسول الله علي الإسلام وتلا علي القرآن فلا والله ما سمعت قول قط أحسن منه ولا أمرا أعدل منه فأسلمت وشهدت شهادة الحق وقلت يا نبي الله إني أمرؤ مطاع في قومي وإني راجع إليهم فداعيهم إلى الإسلام فادع الله لي أن يجعل لي آية تكون لي عونا فيما أدعوهم إليه فقال اللهم اجعل له آية قال فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح قال فقلت اللهم في غير وجهي إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراق دينهم قال فتحول فوقع في رأس سوطي فجعل أهل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق وأنا أنهبط إليهم من الثنية حتى جئتهم فأصبحت فيهم فلما نزلت أتاني أبي وكان شيخا كبيرا فقلت إليك عني يا أبه فلست مني ولست منك قال لم يا بني قال قلت أسلمت وتابعت دين محمد قال أي بني فديني دينك قال قلت فاذهب يا أبه فاغتسل وطهر ثيابك ثم تعال حتى أعلمك ما علمت قال فذهب فاغتسل وغسل ثيابه ثم جاء فعرضت إليه الإسلام فأسلم ثم أتتني صاحبتي فقلت لها إليك عني فلست مني ولست منك قالت لم بأبي أنت وأمي قال قلت فرق الإسلام بيني وبينك أسلمت وتابعت دين محمد قالت فديني دينك قال قلت فاذهبي إلى حناذي الشرى فتطهري منه وكان ذو الشرى صنما لدوس وكان الحنا حمى حموه له به وشل من ماء يهبط إليه من جبل قال قالت بأبي أنت وأمي أتخشى على الصبية من ذي الشرى شيئا قال قلت لا أنا ضامن لذلك قال فذهبت فاغتسلت ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام فأسلمت ثم دعوت دوسا إلى الإسلام فأبطأوا علي فجئت رسول الله بمكة فقلت يا نبي الله إنه قد غلبني على دوس الزنى فادع الله عليهم

فقال اللهم اهد دوسا ارجع إلى قومك فادعهم إلى الله وارفق بهم فرجعت إليهم فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الله وإلى والإسلام حتى هاجر رسول الله إلى المدينة ومضى بدر وأحد والخندق فقدمت على رسول الله بمن أسلم معي من قومي ورسول الله بخيبر فنزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس ثم لحقنا برسول الله بخيبر فأسهم لنا مع المسلمين ثم لم نزل مع رسول الله حتى إذا فتح الله عليه مكة قلت يا رسول الله ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه بالنار قال فبعثني أليه فحرقته بالنار قال الطفيل بن عمرو في تحريقه صنم عمرو بن حممة ... يا ذا الكفين لست من عبادك ... ميلادنا أقدم من ميلادك ... أنا حشوت النار في فؤادك ... قال ثم رجع إلى رسول الله فكان عنده بالمدينة وقال الطفيل في النور الذي رأى ودعا به رسول الله له ... ألا أبلغ لديك بني لؤي ... بأن الله حق أي حق ... إله فوقنا عنا غني ... وينزل من سمائه كل ودق ... يشق الأرض للأشجار حتى ... تمكنها البهائم أي شق ... ويسمع قولنا سرا وجهرا ... ويعلم كل منكمن بأفق ... ويحصي ماتقدم كل نفس ... فيجزيها به وفقا بوفق ... له منا الحياة وحين تقضي ... ومرجعنا إليه وكل خلق ... فإن محمدا عبد نبي ... رسول الله أرسله بحق ... وخصه بالنبوة واصطفاه ... وألقى عن وتينه كل وسق ... فإن كذبتموه كان منكم ... شجا بين الوريد وبين حلق ... رأيت علامة والليل داج ... على ظهر الطريق كضوء برق ... علامة أحمد إذ سأل ربا ... يكن لي آية مصداق صدق ... قال ابن إسحاق فلما قبض رسول الله وارتدت العرب خرج الطفيل مع المسلمين

وسار معهم حتى فرغوا من طليحة ومن أرض نجد كلها ثم سار مع المسلمين إلى أرض اليمامة ومعه ابنة عمرو بن الطفيل فرأى رؤيا وهو متوجه إلى اليمامة فقال لأصحابه إني قد رأيت رؤيا فاعبروها لي رأيت أن رأسي قد حلق وأنه قد خرج من فمي طائر وأنها لقيتني امرأة فأدخلتني في فرجها ورأيت ابني يطلبني طلبا حثيثا ثم رأيته حبس عني قالوا خيرا أما أنا فقد أولتها قالوا وماذا قال أما حلق رأسي فوضعه وأما الطائر الذي خرج من فمي فروحي وأما المرأة التي أدخلتني في فرجها فالأرض تحفر لي فأغيب فيها وأما طلب ابني ثم حبسه عني فإنه أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني قال فقتل الطفيل رحمه الله شهيدا باليمامة وجرح ابنه عمرو جراحا شديدا ثم استبل منها ثم قتل عام اليرموك في زمان عمر رضي الله عنه شهيدا فصل 296 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي انا عبدالرحمن بن أبي بكر ثنا عبدالله بن محمد بن محمد ثنا أحمد بن عمرو ثنا الفضل بن داود ثنا قريش بن أسد عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سويد بن يزيد عن أبي ذر رضي الله عنه قال كنا جلوسا مع رسول الله فأخذ حصيات في كفه فسبحن ثم وضعهن في الأرض فسكتت ثم أخذهن فسبحن 297 - قال وحدثنا أحمد بن عمرو ثنا هلال بن بشر أبو الحسن ثنا أبو عتاب الدلال ثنا عبدالملك بن أبي نضرة عن أبيه عن أبي سعد الخدري رضي الله عنه أن يهودية أهدت إلى رسول الله شاة سميطا فلما بسط القوم أيديهم قال رسول الله كفوا أيديكم فإن عضوا لها يخبرني أنها مسمومة قال فأرسل إلى صاحبتها سممت طعامك هذا قالت نعم أردت إن كنت كاذبا أريح الناس منك وإن كنت صادقا علمت أن الله سيطلعك عليه قال فقال رسول الله اذكروا اسم الله وكلوا قال فأكلوا فلم تضر امرءا منا شيئا 298 - قال وحدثنا أحمد بن عمرو ثنا وهبان ثنا خالد عن حصين عن أم عاصم امرأة عتبة بن فرقد قال كنا عند عتبة ثلاث نسوة وإن كل واحدة منهن تريد أن تكون أطيب من صاحبتها وكان عتبة أطيب ريحا منا وكان إذا خرج عرف بريح طيبة فسألته عن ذلك فقال أخذه الشرى على عهد رسول الله فشكا ذلك إليه فأمره فقعد بين يديه وجعل ثوبه على فرجه ثم تفل النبي في يده في مسح بها ظهره وبطنه

فصل 299 - روى محمد بن إسحاق عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه قال نزل في النضر بن الحارث ثماني آيات من القرآن قول الله تبارك وتعالى وإذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين وكل ما ذكر في الأساطير من القرآن فلما قال لهم ذلك النضر بعثوه وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة وقالوا لهما سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته وأخبراهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء صلوات الله عليهم فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحبار يهود عن رسول الله ووصفا لهم أمره وأخبراهم ببعض قوله وقالا لهم إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا قالوا سلوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه كان لهم حديث عجب وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها وسلوه عن الروح ما هو فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه وإن لم يفعل فالرجل متقول فجاءوا إلى رسول الله فقالوا يا محمد أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول قد كانت لهم قصة عجب وعن رجل كان طوافا قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها وأخبرنا عن الروح ما هو فقال رسول الله أخبركم بما سألتم عنه غدا ولم يستثن فانصرفوا عنه فمكث رسول الله فيما يذكرون خمس عشر ليلة لا يحدث الله تعالى في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل عليه السلام حتى أرجف أهل مكة وقالوا وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشر ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه حتى أحزن رسول الله مكث الوحي وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة 300 - قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال ثم جاءه جبريل عليه السلام من الله تعالى بسورة

الكهف ويخبر بما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف ويقول الله تعالى ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما اوتيتم من العلم إلا قليلا فذكر لي أن رسول الله قال لجبريل حين جاءه لقد حبست عني يا جبريل حتى سؤت ظنا فقال له جبريل عليه السلام وما نتنزل إلا بأمر ربك فافتتح السورة ثم استقبل قصة الخبر فيما سألوه عنه من شأن الفتية فقال أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا إلى قوله تعالى ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ولا تقولن لشيء مما سألوك عنه كما قلت في هذا إني مخبركم عنه غدا واستثن مشيئة الله تبارك وتعالى قال ابن إسحاق وقال فيما سألوه من الرجل الطواف ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا حتى انتهى إلى آخر القصة 301 - قال ابن إسحاق حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان وكان رجلا قد أدرك الناس أن رسول الله سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب وقال أصحاب المبتدأ قال الله تعالى يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض وهي أم مختلفة ألسنتهم منهم أمتان بينهما طول الأرض كلها ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كلها وأمم في وسط الأرض منهم الجن والأنس ويأجوج ومأجوج فأما اللتان بينهما طول الأرض فأمة عند مغرب الشمس يقال لها ناسك وأما الأخرى فعند مطلعها يقال لها منسك وأما اللتان بينهما عرض الأرض فأمة في قطر الأرض الأيمن يقال لها هاويل والتي في قطر الأرض الأيسر يقال لها تاويل فقال يا رب بأي قوة أكابرهم وبأي جمع أكاثرهم وبأي حيلة أكايدهم فقال التي بعد لك ظهرك فاسند لك وكفك وألبستك الهيبة فانطلق يؤم الأمة التي عند مغرب الشمس فلما بلغهم وجد جمعا وعددا لا يحصيه إلا الله تعالى ووجد ألسنة مختلفة فدعاهم إلى الله تعالى فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه فجند من أهل المغرب أمما عظيمة ثم انطلق بهم يقودهم وهو يريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن فانتهى إليهم فعمل فيهم كعمله في ناسك فلما فرغ منهم مضى على وجهه حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس فعمل فيها كعمله ثم سلك مقبلا وهو يريد تاويل فلما بلغها عمل فيها كعمله فيما قبلها فرغ منها عطف إلى الأمم

التي في وسط الأرض من الجن وسائر الإنس ويأجوج ومأجوج فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع أرض الترك نحو المشرق قالت له أمة صالحة يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله يأكلون كل ذي روح مما خلق الله في الأرض وليس لله تعالى خلق ينمى نماءهم فإن كانت لهم مدة على ماترى من نمائهم فلا شك أنهم سيملؤن الأرض ويجلون أهلها منها ويظهرون عليها فيفسدون فيها فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا فأنشأ ذو القرنين في عمله فلما فرغ منه انطلق عامدا إلى جماعة الجن والإنس فبينا هو يسير دفع إلى أمة صالحة يهدون بالحق وبه ويعدلون منهم بيوتهم وليس على بيوتهم أبواب وليس عليهم أمراء وليس بينهم قضاة وليس فيهم أغنياء ولا ملوك فعجب ذو القرنين منهم وقال أخبروني ما بال قبور موتاكم بأبواب بيوتكم قالوا فعلنا ذلك لئلا ننسى الموت قال فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب قالوا ليس فينا متهم قال فما بالكم ليس عليكم أمراء قالوا لا نتظالم قال فما بالكم ليس فيكم حكام قالوا لا نختصم قال ما بالكم ليس فيكم أغنياء قالوا لا نتكاثر قال فما بالكم ليس فيكم ملوك قال لا نتكابر قال فقال ذو القرنين لو كنت مقيما لأقمت معكم ولكني لم اؤمر بالمقام قال ابن عباس رضي الله عنه قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأله عن هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي فقال أوتينا علما كثيرا وأوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي علما كثيرا فأنزل الله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي الآية قال أهل التفسير فلما جاءهم رسول الله بما عرفوا من الحق وعرفوا صدقه فيما جاءهم به من علم الغيوب حال الحسد بينهم وبين اتباعه وتصديقه فلجوا فيما هم فيه من الكفر وقالوا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون 302 - أخبرنا عبدالواحد بن إسماعيل الروياني قدم علينا ثنا أبو سهل الابيوردي ببخاري ثنا القاضي أبو نصر أحمد بن عمرو ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني الكوفي ببغداد ثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي ثنا وهب بن بقية الواسطي انا خالد بن عبدالله عن داود عن شهر بن حوشب عن ابن سلمان وكان

صاحب راية الحجاج بن يوسف قال لما قتل ابن الزبير رضي الله عنه دخل الحجاج على أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وأنا معه وقد كبرت وعميت ولا تكاد تسمع ولها جارية تسمعها فقال لها قولي لها أنا ابن يوسف فنادتها فأسمعتها فقالت خليني مالي وابن يوسف قال قولي أتاك ليسلم عليك وينظر هل لك حاجة قالت وما حاجتي وقد قتل ابن الزبير قال قتلت عدو الله ملحدا في حرم الله تعالى قالت كذبت بل قتلت صواما قواما برا بوالديه وإن رسول الله قال إنه سيخرج أو يكون في ثقيف كذاب ومبير أما الكذاب فقد رأيناه وأما المبير فإنك أنت هو قال أنا مبير المنافقين 303 - انا عبدالواحد بن إسماعيل القنطري انا نافلة زاج انا يحيى بن ساسوية ثنا علي بن حجر ثنا مالك بن مهران والوليد بن مسلم عن ابن جابر عن سليم بن عامر عن المقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخل الله عليهم كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل إما أن يعزهم فيجعلهم من أهلها أو يذلهم فيدينون له 304 - أخبرنا عبدالواحد بن إسماعيل انا الإمام جدي أبو العباس أحمد بن محمد الروياني سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة انا عبدالله بن أحمد بن الحسن بن يحيى الفقيه ثنا عبدالرحمن بن أبي حاتم ثنا أبو سعيد الأشج ثنا وكيع عن الأعمش عن المنهال عن ابن يعلى بن مرة عن أبيه رضي الله عنه قال خرجت مع النبي في سفر فنزلنا منزلا فقال أئت تلك الأشاءتين يعني نخلتين فقل لهما إن رسول الله يأمركما أن تجتمعا فأتيتهما فقلت لهما فوثبت كل واحدة منهما إلى صاحبتها فاجتمعتا فخرج رسول الله فاستتر بهما فقضى حاجته فقال لي ائتيهما فقل لهما ترجعا فقلت لهما فرجعت كل واحدة منهما إلى مكانها 305 - أخبرنا عبدالواحد بن إسماعيل في كتابه ثنا إسماعيل الصابوني ثنا أبو صالح شعيب بن محمد البيهقي انا أبو حاتم مكي بن عبدان ثنا أبو الأزهر ثنا روح بن عبادة عن سعيد عن قتادة قال قال عتبة بن أبي لهب كفرت برب النجم فقال رسول الله له أما تخاف أن يأكلك كلب الله قال فخرج في تجارة فبيناهم قد عرسوا إذ سمع صوت الأسد فقال لأصحابه إني مأكول فأحدقوا وضرب على أصمختهم فناموا قال فجاء حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته

306 - قال الأستاذ إسماعيل الصابوني وأبسط من هذا ما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي وعن عثمان بن عروة بن الزبير عن رجال من أهل بيته قالوا كانت بنت رسول الله عند عتبة بن أبي لهب فطلقها فلما أراد الخروج إلى الشام قال لآتين محمدا لأوذينه فأتاه فقال يا محمد كفرت بالنجم إذا هوى والذي دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ثم تفل في وجهه ورد عليه ابنته فقال رسول الله اللهم سلط عليه كلبا من كلابك قال وأبو طالب حاضر فرحم عليه وقال ماكان أغناك عن هذه الدعوة يا ابن أخي وخرجوا إلى الشام فنزلوا منزلا فاشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم إن هذه أرض مسبعة فقال أبو لهب يا معشر قريش أعينونا هذه الليلة فإني أخاف عليه دعوة محمد فجمعوا أحمالهم وفرشوا لعتبة في أعلاها وناموا حوله فجاء الأسد يتشمم وجوههم ثم ثنى ذنبه فضربه بيده ضربة واحدة فقال قتلني ومات مكانه فقال حسان بن ثابت في ذلك ... سائل بني الأشعر إن جئتهم ... ماكان أنباء أبي واسع ... لا وسع الله له قبره ... بل ضيق الله على القاطع ... رحم نبي جده جده ... يدعوا إلى نور له ساطع ... رمى رسول الله من بينهم ... دون قريش رمية القارع ... فاستوجب الدعوة منه ... بمكة بين للناظر والسامع ... إذ سلط الله به كلبه يمشي الهوينا مشية الخادع ... حتى آتاه وسط أصحابه ... وقد علتهم سنة الهاجع ... فالتقم الرأس بيافوخه ... والنحر منه فغرة الجائع ... ثم علا بعد بأنيابه ... منعفرا وسط دم ناقع ... قد كان هذا لكم عبرة ... للسيد المتبوع والتابع ... من يرجع العام إلى أهله ... فما أكيل الليث بالراجع ... من عاد فالليث له عائد ... فالليث أعظم به من خبر شايع

فصل 307 - أخبرنا أبو المحاسن الروياني في كتابه انا أبو القاسم حمد بن علي بن محمد الديبلي الروياني انا أبو الحسن علي بن محمد بن عمر ثنا عبدالرحمن بن أبي حاتم ثنا علي بن المنذر الطرائفي ثنا ابن فضيل ثنا الأجلح عن الذيال بن حرملة عن جابر رضي الله عنه قال قال أبو جهل لعنه الله والملأ من قريش التبس علينا أمر محمد فلو ابتغيتم رجلا يعلم السحر والكهانة والشعر فأتاه فكلمه ثم أتانا ببيان من أمره فقال عتبة بن ربيعة والله لقد سمعت السحر والكهانة والشعر وعلمت من ذلك علما وما يخفى علي إن كان كذلك فأتاه فلما خرج إليه قال له عتبة بن ربيعة والله لقد سمعت السحر والكهانة والشعر وعلمت من ذلك علما أنت يا محمد خير أم هاشم أنت خير أم عبدالمطلب أنت خير أم عبدالله فبم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا فإن كان بك الرياسة عقدنا لك ألويتنا وكنت رأسا ما بقيت وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختارها من أي بنات قريش شئت وإن كان المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك بعدك ورسول الله لا يتكلم فلما فرغ قال رسول الله بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا إلى قوله فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فأمسك عتبة على فيه يعني على في النبي وناشده بالرحم أن يكف ورجع إلى أهله فلم يخرج إلى قريش واحتبس عنهم فقال أبو جهل يا معشر قريش والله ما نرى عتبة إلا صبأ وأعجبه طعامه يعني طعام النبي وما ذاك إلا من حاجة أصابته انطلقوا بنا إليه فأتوه فكلموه وفي رواية الحسين بن علي بن الأسود عن ابن فضيل فقال أبو جهل والله يا عتبة ما حبسك عنا إلا أنك قد صبوت إلى محمد وأعجبك أمره فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعامه قال فغضب وأقسم أن لا يكلم محمد أبدا وقال قد علمتم أني أكثر قريش مالا ولكن أتيته فقصصت عليه القصة فأجابني والله بشيء ما هو شعر ولا سحر ولا كهانة ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن إلى قوله صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فأمسكت على فيه وناشدته بالرحم أن يكف وقد علمت أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت

أن ينزل بكم العذاب 308 - وروى قتيبة بن مهران عن ليث بن سعد عن عمر بن عبد الله مولى غفرة أن قريشا اجتمعوا ليقتلوا النبي وليبلغوا منه بعض ما يكره فقال لهم عتبة بن ربيعة لا تعجلوا على ابن أخيكم حتى أذهب فأكلمه ورسول الله حينئذ يصلي عند البيت العتيق فأتاه فجلس إلى جنب رسول الله حتى قضى صلاته فقال يا بن أخي إنه قد عظم على قومك ما جئتهم به وقالوا إنما أراد الشرف والمال فإن كنت أردت ذلك فانزع عما جئت به ولك الله علي أن أجمع لك من المال ما تكون به أكثر قريش مالا وأن يشرفك قومك حتى تكون أعظمهم وقد قالوا إن بك جنونا فإن كنت اعترفت فأعلمني فلا أترك طبيبا إلا طلبته لك حتى يشفيك فأطعني وانزع عما أنت تذكر فلما فرغ عتبة من كلامه قال رسول الله بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم إلى قوله فإنا بما أرسلتم به كافرون فرجع عتبة إلى كبراء قريش فقال لقد سمعت قولا مغدق الأعلى مثمر الفرع حديث العهد بالعرش وإني سمعت السحر والشعر والكهان فما هو شيء من ذلك وأمر رسول الله بأن يأتي جماعتهم فآتاهم وفي يده قبضة من تراب فقرأ يس والقرآن الحكيم إلى قوله فبشر بمغفرة وأجر كريم وجعل رسول الله يضع على رأس كل إنسان منهم من ذلك التراب شيئا وقد أمسك الله عنه أيديهم وألسنتهم ثم انصرف سالما والحمد لله فقال لهم عتبة قد كنتم تنفلتون عليه فقد آتاكم فلم تصنعوا شيئا فقالوا لكأن عقولنا قد ذهبت فقال لينظر كل امريء منكم أي شيء وضع على رأسه فإذا على رأس كل امريء من التراب فلم يبق من أولئك الذين وضع على رؤسهم التراب إلا قتل يوم بدر فصل 309 - أخبرنا أبو المحاسن الروياني في كتابه أن أحمد بن محمد الزاهد انا أبو محمد الخبازي انا عبد الوهاب بن الحسن العدل بدمشق ثنا محمد بن خريم ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عطاء الخراساني قال حدثتني ابنة ثابت بن قيس بن شماس قالت لما أنزل الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا

ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية دخل ثابت بيته وأغلق بابه وطفق يبكي ففقده النبي فأرسل إليه فأخبره فقال إني رجل شديد الصوت وأخاف أن يكون قد حبط عملي قال لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير ثم أنزل الله تعالى إن الله لا يحب كل مختال فخور ففعل كذلك فبعث النبي إليه فأخبره فقال إني أحب الجمال وأحب أن أسود قومي قال لست منهم بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا ويدخلك الله الجنة قالت فلما كان يوم اليمامة خرج مع خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى مسيلمة فانكشفوا فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة ما هكذا نقاتل مع النبي فاحتفر كل واحد منهما لنفسه حفيرة فحمل القوم عليهم فثبتا حتى قتلا وعلى ثابت رضي الله عنه يومئذ درع له نفيسة فمر به رجل من المسلمين فأخذها عنه فبينا رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت في منامه فقال إني موصيك بوصية فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه إني لما قتلت بالأمس مر بي رجل فأخذ درعي عني ومنزله في أقصى الناس وعند خبائه فرس يستن في طوله وقد كفأ على الدرع برمة وفوق البرمة رحل فائت خالد بن الوليد حتى يبعث إلى درعي فيأخذها وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله فقل له إن علي من الدين كذا وكذا وفلان من رقيقي عتيق وفلان فأتى الرجل خالد فأخبره فبعث الدرع فأخذها من الموضع الذي ذكر وحدث أبا بكر الصديق رضي الله عنه برؤياه فأجاز وصيته فلا نعلم أحدا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت بن شماس رضي الله عنه فصل في ذكر أخبار من الغيوب أخبر رسول الله عن كونها بعد وفاته فكانت على ما أخبر به 310 - من ذلك ما روى عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال أشرف رسول الله على أطم من آطام المدينة فقال سبحان الله هل ترون ما أرى إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر أخبر عما كان بالمدينة من قتل عثمان رضي الله عنه وماكان بها من الفتن يوم الحرة 311 - وروى الزهري عن عروة عن كرز بن علقمة الخزاعي انا أعرابيا سأل

النبي هل للإسلام من منتهى قال نعم أيما بيت من العرب والعجم أراد الله بهم خيرا أدخل عليهم الإسلام قال ثم مه قال ثم تقع الفتن كأنها الظلل فقال الرجل كلا والله إن شاء الله فقال النبي بلى والذي نفسي بيده لتعودن فيها أساود صبا يضرب بعضكم رقاب بعض قال الزهري الحية السوداء إذا أرادت تنهش ارتفعت ثم انصبت وفي رواية سليمان بن حبيب عن كرز بن علقمة عن النبي قال وخير الناس يومئذ مؤمن معتزل في شعب من الشعاب يتقي ربه ويذر الناس من شره 312 - وعن أنس عن أم حبيبة قالت قال رسول الله أريت ما يلقى أمتي من سفك بعضهم دماء بعض وسبق ذلك من الله تعالى كما سبق في الأمم من قبلهم وسألته أن يوليني شفاعة فيهم يوم القيامة ففعل 313 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي قال إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع الرجل دينه بثمن غير طائل 314 - وعن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون الناس بها ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا قال بعض أهل العلم يعني النساء المغنيات 315 - ومن ذلك ماروي عن ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها مازوي لي منها وإني أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال لي إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ولا أسلط عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمعوا عليهم من بين أقطارها حتى يكون يهلك بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا ثم قال رسول الله إنما أخاف على أمتي

الأئمة المضلين وإذا وضع السيف في أمتي لا يرفع عنها إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى يعبدوا الأوثان وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابا كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبين لا نبي بعدي 316 - وقال لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم إلى يوم القيامة حتى يأتي أمر الله 317 - وعن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه قال قال رسول الله يظهر الإسلام حتى يجاوز البحار وحتى يخاض البحار الخيل في سبيل الله تعالى ثم يظهر أقوام ومن أفقه منا ثم ألتفت رسول الله إلى أصحابه فقال هل في أولئك من خير قالوا لا قال فأولئك في هذه الأمة وأولئك هم وقود النار 318 - وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال عرض على رسول الله ماهو مفتوح على أمته من بعده كفرا كفرا أي قرية قرية فسر بذلك فأنزل الله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى فأعطاه الله في الجنة ألفي قصر في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم 319 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله يأتي معي من أمتي مثل السيل والليل يحطم الناس حطمة يقول الملائكة لما جامع محمد من أمته أكثر مما جامع سائر الأمم 320 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله تعالى 321 - وعن ابن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله إذا مشت أمتي المطيطياء وخدمهم أبناء فارس

322 - رضي الله عنه قال رسول الله يقول إذا فتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما يعني أن أم إسماعيل عليه السلام كانت منهم 323 - ومن ذلك ما روي عن نافع بن عتبة قال كنت مع رسول الله في غزاة فأتاه قوم عليهم ثياب من صوف فوافقوه عند أكمة وهم قيام وهو قاعد فأتيته فقمت بينه وبينهم فحفظت عنه أربع كلمات أعدهن في يدي فقال تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم تغزون فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله ثم تغزون الدجال فيفتحها الله قال نافع ألا ترى إن الدجال لا يخرج حتى يفتح الروم 324 - وعن سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه قال قال رسول الله يفتح اليمن قيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ثم يفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ثم يفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم 325 - رضي الله عنه قال قال رسول الله لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة 326 - وعن ميسرة قال خرج رسول الله فقال يا عباس هل ترى في السماء من نجم فقلت نعم الثريا قال يملك هذه الأمة من ولدك عددها قيل لا يوقف على عدد الثريا 327 - وعن عبدالله رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ مر به فتية من قريش فتغير لونه فقلنا يا رسول الله إنا لا نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه فقال إنا أهل البيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وسيصيب أهل بيتي هؤلاء بعدي بلاء شديد حتى يخرج قوم من هاهنا وأومأ بيده نحو المشرق ومعه رايات فيقاتلون فينصرون حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا وعدلا كما ملأت ظلما وجورا فمن أدركهم فليأتهم ولو حبوا على الثلج

328 - ومن رواية أبي سعيد عن النبي يخرج رجل فيكون عطاؤه حثيا فصل 329 - أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن الذكواني انا أبو بكر بن مردوية ثنا عبدالله بن جعفر ثنا يونس ثنا أبو داود ثنا حماد بن سلمة ح قال أبو بكر بن مردوية وحدثنا محمد بن أحمد ثنا محمد بن أيوب انا موسى بن إسماعيل وعلي بن عثمان قالا ثنا حماد بن سلمة انا يعلى بن عطاء عن أبي همام عبدالله بن يسار ان أبا عبدالرحمن الفهري رضي الله عنه قال شهدت رسول الله حنينا فتشامت الخيلان فولى المسلمون مدبرين كما قال الله فقال رسول الله يا عباد الله أنا عبدالله ورسوله ثم قال يا معشر المهاجرين أنا عبدالله ورسوله فاقتحم رسول الله عن فرسه فأخذ كفا من تراب قال أبو عبدالرحمن فحدثني من كان أقرب إليه مني أنه ضرب به وجوههم وقال شاهت الوجوه فهزمهم الله قال يعلى فحدثني أبناؤهم عن آبائهم فما منهم يومئذ إلا امتلأت عيناه وفوه ترابا قالوا وسمعنا صوتا بين السماء والأرض كمرار الحديد على الطست الجديد 330 - وأخبرنا أبو بكر بن مردوية ثنا علي بن أحمد بن محمد القزويني ودعلج بن أحمد قالا ثنا محمد بن أيوب انا إبراهيم بن يحيى بن عباد بن هانيء حدثني أبي عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن جابر رضي الله عنه قال سمعت صوت حصيات وقعن من السماء كأنهن وقعن في طست فلما اصطف الناس أخذهن رسول الله فرمى بهن في وجوه المشركين فانهزموا فذلك قول الله تعالى وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى 331 - قال وحدثنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم ثنا أبو إبراهيم ثنا أبو إسماعيل الترمذي ثنا إبراهيم بن يحيى الشجري حدثني أبي عن موسى بن يعقوب عن عبدالله بن يزيد عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن حكيم بن حزام قال لما كان يوم بدر سمعنا صوتا وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست حين رمى رسول الله بتلك الحصيات فانهزمنا فذلك قوله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا

332 - قال وحدثنا سليمان بن أحمد ثنا علي بن سعيد الرازي ثنا أحمد بن محمد بن بزة ثنا مؤمل ثنا عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال انهزم المسلمون بحنين ورسول الله على بغلته فقال لها رسول الله يا دلدل البذي فألزقت بطنها في الأرض فأخذ رسول الله حفنة من تراب فرمى بها في وجوههم وقال حم لا ينصرون فانهزم القوم فأنزل الله وما رميت إذا رميت ولكن الله رمى فما رمينا بسهم ولا طعنا برمح ولا ضربنا بسيف فهزمهم الله تعالى 333 - قال وحدثنا أحمد بن هشام بن حميد ثنا محمد بن يونس ثنا إسحاق بن إدريس ثنا أيوب بن جابر حدثني صدقة بن سعيد عن مصعب بن شيبة عن أبيه قال خرجت يوم حنين فوالله ما أخرجني حب الإسلام ولا حب محمد ولا صدقه ولكني أنفت أن يظهر هوازن على قريش فقلت وأنا معهم في الصف يا محمد إني أرى خيلا بلقا قال وتراها يا شيبة قال قلت نعم قال فلهز في صدري وقال اللهم اهد شيبة ثم لهز الثانية في صدري وقال اللهم اهد شيبة ثم لهز الثالثة في صدري فما رفع يده حتى كان أحب الناس إلي فأسلمت وشهدت شهادة الحق والتقى المشركون فأخذ رسول الله كفا من حصباء فرمى بها في وجوه القوم وقال شاهت الوجوه قال فهزم الله المشركين 334 - قال وحدثنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا إبراهيم بن هيثم البلدي ثنا يحيى بن عبدالله بن بكير نا محمد بن يحيى بن أبي زكريا الاسكندراني عن العلاء بن كثير عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن مسور بن مخرمة عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال قال أبي يا بني لو رأيتنا يوم بدر وإن أحدنا يشير بسيفه إلى المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف 335 - قال وحدثنا أحمد بن محمد السري ثنا المنذر بن محمد حدثني أبي ثنا يحيى بن محمد بن هانيء عن محمد بن إسحاق حدثني والدي إسحاق بن يسار عن بعض بني مازن عن أبي داود المازني وكان قد شهد بدرا أنه قال والله إني لأتبع بصري رجلا من المشركين أريد أن أضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد ضربه غيري

336 - قال وحدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا محمد بن أبان ثنا محمد بن عبادة ثنا يعقوب بن محمد الزهري ثنا عبدالله بن عثمان قال سمعت مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي يحدث عن أبيه عن أبي أسيد قال لو كنت أبصر أريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة ببدر فصل 337 - أخبرنا أبو المحاسن الروياني في كتابه ثنا إسماعيل الصابوني محمد بن الحسين عن الحسن ثنا أبو جعفر أحمد بن زكريا الصوفي الكوفي بمكة ثنا عمرو بن حماد ثنا مسهر عن عبدالملك الهمداني عن عتبة أبي معاذ البصري عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال كنت عند النبي جالسا إذ أقبلت فاطمة رضي الله عنها قد تغير وجهها من الجوع فأقبلت حتى قامت بين يديه فقال لها ادني فدنت ثم قال لها ادني يا فاطمة فدنت حتى قامت بين يديه فرفع يده حتى وضعها على صدرها في موضع القلادة فقال اللهم مشبع الجاعة ورافع الوضعة لا تجع فاطمة بنت محمد قال عمران بن الحصين فرأيت الدم قد غلب على وجهها كما كانت الصفرة قد غلبت على وجهها قال عمران فلقيتها بعد فقالت ما جعت بعد يا عمران فصل 338 - أخبرنا حكيم بن أحمد الاسفرائيني انا جدي أبو الحسن الأسفرائني ثنا محمد بن يعقوب الأصم ثنا أحمد بن شيبان ثنا أحمد بن إبراهيم الحلبي ثنا الهيثم بن جميل ثنا زهير عن محارب بن دثار عن عمرو بن يثربي عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله رأيتك في المهد تناغي القمر وتشير إليه بأصبعك فحيث أشرت إليه مال قال إني كنت أحدثه ويحدثني ويلهيني عن البكاء وأسمع وجبته يسجد تحت الكرسي قوله وجبته أي سقطته

فصل 339 - قال الواقدي فلما بلغ رسول الله اثنتي عشرة سنة اجتمعت قريش أن يجهزوا عيرا إلى الشام بتجارات وأموال عظام وأجمع أبو طالب المسير في تلك العير فلما تهيأ له المسير أحب رسول الله أن يشخص معه فرق عليه أبو طالب فكلمه عمومته وعماته وقالوا لأبي طالب مثل هذا الغلام لا تخرج به تعرضه للأرياف والأوباء فهم أبو طالب بتخليفه فرآه يبكي فقال ما لك يا ابن أخي لعل بكاءك من أجل أني أريد أن أخلفك فقال رسول الله نعم فقال أبو طالب فإني لا أفارقك أبدا فاخرج معي فخرج معه فلما نزل الركب بصرى من الشام وبها راهب يقال له بحيراء في صومعته وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة قبل ذلك لا يكلمهم حتى كان ذلك العام فنزلوا قريبا من صومعته فصنع لهم طعاما ودعاهم وإنما حمله على ذلك أنه رآهم حين طلعوا وغمامة تظل رسول الله من بين القوم حتى نزلوا تحت الشجرة ثم نظر إلى تلك الغمامة قد أظلت الشجرة واخضرت أغصان الشجرة على النبي حتى استظل فلما رأى ذلك بحيراء نزل من صومعته وأمر بذلك الطعام فأتي به وأرسل إليهم يا معشر قريش إني قد صنعت لكم طعاما فأنا أريد أن تحضروه ولا تخلفوا منكم صغيرا ولا كبيرا ولا حرا وعبدا فإن هذا شيء تكرمونني به فقال رجل من القوم إن لك لشأنا اليوم يا بحيراء ما كنت تصنع بنا مثل هذا فما شأنك اليوم فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله لحداثة سنه ليس في القوم أصغر منه يبصر رحالهم تحت الشجرة فلما نظر بحيراء إلى القوم جعل ينظر فلا يرى الغمامة على أحد من القوم ويراها متحلقة على رأس رسول الله قال خيرا يا معشر قريش قالوا ما تخلف أحد إلا غلام هو أحدث القوم سنا في رحالنا قال ادعوه فليحضر طعامي فقام الحارث بن عبدالمطلب بن عبد مناف فقال والله إن كان بنا للوم أن يتخلف ابن عبدالمطلب من بيننا ثم قام إليه فاحتضنه وأقبل به حتى أجلسه على الطعام والغمامة تسير على رأسه وانقلعت الشجرة من أصلها حين فارقها رسول الله وجعل بحيراء يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته فلما تفرقوا عن طعامهم قام إليه بحيراء فقال يا غلام أسألك بحق اللات والعزى ألا أخبرتني

عما أسألك عنه قال رسول الله وأي حق لهما عندي لا تسألني بحق اللات والعزى فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما وما تأملتهما بالنظر إليهما كراهة لهما ولكن سلني بالله أخبرك عما تسألني إن كان عندي علم قال بحيراء فبالله أسألك وجعل يسأله عن أشياء من حاله فيخبره حتى سأل عن نومه فقال رسول الله تنام عيني ولا ينام قلبي وجعل ينظر في عينيه إلى حمرة ثم قال لقومه أخبروني عن هذه الحمرة تأتي وتذهب أو لا تفارقه قالوا ما رأيناها فارقته قط وكلمه أن ينزع جبة عليه لينظر إلى ظهره فأبى رسول الله أن ينزعها حتى كلمه أبو طالب فنزعها فنظر إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة فاقشعرت كل شعرة في رأسه وقبل موضع الخاتم فجعلت قريش تقول إن لمحمد عند هذا الراهب لقدرا ثم قال الراهب لأبي طالب ما هذا الغلام منك قال ابني قال بحيراء ما هو بابنك ما ينبغي أن يكون أبوه حيا قال فإنه ابن أخي قال فما فعل أبوه قال أبو طالب توفي وأمه حبلى به قال فما فعلت أمه قال توفيت قريبا قال صدقت أرجع بابن أخيك إلى بلدك واحذر عليه اليهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه الذي أعرف ليبغنه عنتا فإنه كائن لابن أخيك شأن عظيم نجده في كتبنا وقد أخذ علينا مواثيق قال أبو طالب من أخذه عليكم فتبسم الراهب ثم قال الله أخذه علينا نزل به عيسى بن مريم فأقلل اللبث وأرجع به إلى أهله فإني قد أديت إليك النصيحة فإن إنه من غيرها يحسدوه 340 - قال الواقدي ورآه رجال من يهود وعرفوا صفته وهم فلان ودبيس وتمام وهم أهل الكتاب وهموا أن يغتالوا رسول الله فذهبوا إلى بحيراء فذاكره ذلك وهم يظنون أن بحيراء سيتابعهم على آرائهم فنهاهم أشد النهي وقال لهم أتجدون صفته قالوا نعم قال فما لكم إليه سبيل فتركوه وخرج به أبو طالب سريعا خائفا من يهود أن يغتالوه قال ولما بلغ رسول الله خمسا وعشرين سنة وليس له بمكة اسم إلا الأمين لما تكاملت فيه خصال الخير قال له أبو طالب يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي وقد اشتد الزمان علينا وألحت علينا سنون منكرة وليست لنا مادة ولا تجارة وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيرانها فيتجرون لها في مالها ويصيبون منافع فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك

وفضلتك على غيرك لما يبلغها من طهارتك وإن كنت لأكره أن تأتي الشام وأخاف عليك من يهود فما أجد من ذلك بدا وكانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام فيكون عيرها كعامة غير قريش وكانت تستأجر الرجل وتدفع المال إليه مضاربة وكانت قريش قوما تجارا من لم يكن تاجرا من قريش فليس عندهم بشيء قال رسول الله فلعلها أن ترسل إلي في ذلك قال أبو طالب إني أخاف أن تولي غيرك فبلغ خديجة ما كان من محاورة عمه له وقبل ذلك ما قد بلغه من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه فقالت ما دريته يريد هذا ثم أرسلت إليه فقالت إنه قد دعاني إلى البعثة إليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك وكرم أخلاقك وأنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلا من قومك ففعل رسول الله ولقي أبا طالب فقال له ذلك فقال إن هذا الرزق ساقه الله إليك فخرج مع غلامها ميسرة حتى قدم الشام وجعل عمومته يوصون به أهل العير حتى قدما الشام فنزلا في سوق بصرى في ظل شجرة قريبا من إلى ميسرة وكان يعرفه فقال يا ميسرة من هذا الذي تحت هذه الشجرة فقال ميسرة رجل من قريش من أهل الحرم فقال الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم قال أفي عينيه حمرة قال ميسرة نعم قال الراهب هو هو وهو آخر الأنبياء وياليت أني أدركته حين يؤمر بالخروج فوعى ذلك ميسرة ثم حضر رسول الله سوق بصرى فباع سلعته التي خرج بها واشترى فكان بينه وبين رجل اختلاف في سلعة فقال له الرجل احلف باللات والعزى فقال رسول الله ما حلفت بهذا قط وإني لأمر فأعرض عنهما فقال الرجل القول قولك ثم قال لميسرة وخلا به يا ميسرة هذا نبي والذي نفسي بيده إنه هو هو يجده أحبارنا منعوتا في كتبهم فوعى ذلك ميسرة ثم انصرف أهل العير جميعا وكان ميسرة يرى رسول الله إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو على بعيره وقدم رسول الله بتجارتها قد ربحت ضعف ما كانت من خروجه إلى الشام مع ميسرة بقصة نسطور والمرة الأولى مع أبي طالب بقصة بحيراء

فصل في ذكر إسلام زيد بن سعنة وما في الحديث من دلائل النبوة 341 - ذكر أبو داود السجستاني حدثنا الحوطي ثنا الوليد بن مسلم ثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام أن الله تعالى لما أراد هداية زيد بن سعنة قال ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجوه رسول الله حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما فيه يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل إلا حلما فقال فبينا أنا أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه من جهله خرج يوما من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فجاء رجل يسير على راحلته كالبدوي فقال يا رسول الله إن بصرى قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام وحدثتهم إن أسلموا أتتهم أرزاقهم رغدا وقد أصابتهم وشدة وقحوط من الغيث وأنا مشفق إن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا فإن رأيت فقلت أنا ابتاع منك كذا و كذا من حائط أما من من حائط فلان مسمي فلا ولكن أبيعك كذا وكذا وسقا إلى أجل مسمى فبايعني فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين دينارا ودفعها إلى الرجل وقال اعجل إليهم وأعطهم فلما كان قبل محل حقي بيومين أو ثلاثة خرج رسول الله في جنازة ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ونفر من أصحابه قال زيد فلما صلى على الجنازة ودنا من جدار يجلس إليه جبذت بردائه جبذة حتى سقط عن عاتقه ثم أقبلت عليه بوجه جهم غليظ فقلت ألا تقضيني يا محمد والله ما علمتكم يا بني عبد المطلب لمطل قال زيد فأرعدت فرائص عمر بن الخطاب رضي الله عنه كالفلك المستدير ثم رماني ببصره ثم قال أي عدو الله تقول هذا لرسول الله وتصنع به ما أرى وتقول له ما أسمع فوالذي بعثه بالحق لولا ما أخاف فوته لضربت بسيفي رأسك قال زيد ورسول الله ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم ثم قال أنا وهو أحوج إلى غير هذا منك عمر فقضاني وأعطاني عشرين صاعا من تمر فلما فرغ قلت له أتعرفني يا عمر قال لا قلت أنا زيد بن سعنة قال عمر الحبر قلت نعم قال عمر فما حملك على ما صنعت قال زيد فقلت له إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله حين نظرت إليه إلا اثنتين أحببت أن أخبرهما منه يسبق حلمه جهله ولا يزيده

الجهل إلا حلما فرضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وأشهدك يا عمر أن شطر مالي فإني أكثر أهلها مالا صدقة على أمة محمد قال عمر أو على بعضهم فإنك لا تسعهم قال زيد أو بعضهم فرجع إلى رسول الله وقال زيد أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وآمن به وصدقه وشهد معه مشاهد كثيرة وهلك في غزوة تبوك مقتولا قال الوليد ذكره محمد بن حمزة عن أبيه عن جده عبدالله بن سلام فصل 342 - هرقل وكتابا إلى صاحب دومة الجندل وكتابا إلى النجاشي وكتابا إلى كسرى بن هرمز فأما كسرى فلم يقرأه وأمر به فمزق وكتب إلى باذان صاحب اليمن من كسرى إلى باذان إني لم استعملك على اليمن لتأكل خيرها و لتلبس حريرها وإنما استعملتك عليها لتقاتل من عاداني وإنه بلغني أن رجلا من أهل تهامة خرج عن دين قومه ويزعم أنه رسول الله يقال له أحمد فإذا جاءك كتابي هذا فاختر رجلين من أهل فارس ممن ترضى عقله فابعثهما إليه واكتب معهما إليه أن يرجع إلى دين قومه فلما جاء باذان الكتاب اختار رجلين من أهل فارس وكتب إلى النبي بما كتب به كسرى فقدما عليه فأعطياه الكتاب فرددهما شهرا يختلفان إليه فلا يجيبهما إلى جواب كتابهما فغدوا عليه يوما فقال ما أحسبني إلا قد حبستكما وشققت عليكما قالا أجل قال فانطلقا فتلبسا واركبا ثم مرا بي ففعلا رجع إلى دين قومي أو أعده موعدا ألقاه فموعدنا أبواب صنعاء إما بنفسي أو خيلي وأبلغاه عني أن ربي قد قتل ربه الغداة قال فكتبنا ذلك اليوم ثم قدمنا على باذان فقال ما حبسكما فأبلغاه ما قال النبي فأمر به فكتب فما لبثوا إلا أياما قليلة حتى جاء كتاب شيروية بن كسرى أما بعد فإني قتلت أبي يوم كذا وكذا فادع من قبلك من أهل فارس إلى بيعتي وأن يسمعوا ويطيعوا قال فدعا باذان بالكتاب فإذا هو اليوم الذي قال النبي فقال باذان أي رجل أحمد قالا خير الناس أصدقه لسانا قال عليه حرس قالا وما يصنع بالحرس لهو أحب إلى أصحابه من أنفسهم وأولادهم قال هذا الملك

الهنيء فنادوا في أهل فارس بايعوا شيروية واسمعوا وأطيعوا يا أهل فارس قد أقبل ملك أحمد وهذا الملك قد أدبر وأنا أهلك فيما بينهما قال عامر فأدبر ملك فارس وهلك باذان فيما بينهما قتله العنسي الكذاب وتزوج امرأته 343 - أبو بشر محمد بن عبيدالله الأردني قال لما نزل أبو عبيدة اليرموك وضم إليه قواصيه وجاءتنا جموع الروم بعث باهان صاحب جيش الروم رجلا من كبارهم وعظمائهم يقال له جرجير إلى أبي عبيدة بن الجراح فأتى أبا عبيدة فقال له إني رسول باهان إليك وهو عامل ملك الروم على الشام وعلى هذه الحصون وهو يقول لك أرسل إلي الرجل الذي كان قبلك أمير فإنه قد ذكر لي أن ذلك الرجل له عقل وله فيكم حسب فنخبره بما نريد ونسأله عما تريدون فإن وقع بيننا وبينكم أمر لنا فيه ولكم صلاح أخذنا الحظ من ذلك وحمدنا الله عليه وإن لم يتفق ذلك بيننا وبينكم فإن القتال من وراء ما هناك فدعا أبو عبيدة خالدا فأخبره بالذي جاء فيه الرومي وقال لخالد القهم فادعهم إلى الإسلام فإن قبلوا وإلا فاعرض عليهم الجزية فإن أبوا فأعلمهم أنا سنناجزهم حتى يحكم الله تعالى بيننا وبينهم قال وجاءهم رسولهم الرومي عند غروب الشمس فلم يمكث ولكن إذا أصبحت غدوت إلى صاحبك إن شاء الله فارجع فأعلمه فجعل المسلمون ينتظرون الرومي أن يقوم إلى صاحبه ويخبره بما ردوا عليه فأخذ الرومي لا يبرح وينظر إلى رجال من المسلمين وهم يصلون ويدعون الله تعالى ويتضرعون إليه فقال عمرو بن العاص رضي الله عنه إن رسولكم هذا الذي أرسل إليكم لمجنون فقال أبو عبيدة كلا أما تنظر إلى نظره إلى المسلمين وجعل الرومي ما يصرف بصره عنهم فقال أبو عبيدة رضي الله عنه إني لأرجو أن يكون الله تعالى قد قذف في قلبه الأيمان وحببه إليه وعرفه فضله فمكث الرومي بذلك قليلا ثم أقبل على أبي عبيدة رضي الله عنه فقال أيها الرجل متى دخلتم في هذا الدين ومتى دعوتم إليه الناس فقال أبو عبيدة منذ بضع وعشرين سنة فمنا من أسلم حين أتاه الرسول ومنا من أسلم بعد ذلك فقال هل كان رسولكم أخبركم أنه يأتي من بعده رسول عيسى بن مريم عليه السلام

ذلك من الشاهدين فإن عيسى صلوات الله عليه قد بشرنا براكب الجمل وما أظنه إلا صاحبكم فأخبرني هل قال صاحبكم في عيسى شيئا وما قولكم أنتم فيه قال أبو عبيدة قول صاحبنا هو قول الله تبارك وتعالى وهو أصدق القول وأبره إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون وقال تعالى يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه إلى قوله لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ففسر له الترجمان هذا بالرومية فقال أشهد أن هذه صفة عيسى بن مريم وأشهد أن نبيكم صادق وأنه الذي بشرنا به عيسى عليه السلام وأنكم قوم صدق وقال لأبي عبيدة رضي الله عنه ادع لي رجلين من أوائل أصحابك إسلاما وهما فيما ترى أفضل فدعا له أبو عبيدة معاذ بن جبل وسعيد بن زيد بن هذان من أفضل المسلمين إسلاما فقال لهم الرومي أتضمنون لي الجنة إن أنا أسلمت وجاهدت معكم قالوا نعم إن أنت أسلمت واستقمت ولم تغير حتى تموت وأنت على ذلك فأسلم وفرح المسلمون بإسلامه وصافحوه ودعوا له بخير قال الإمام رحمه الله هذا آخر ما أتفق إملاؤه في دلائل نبوة المصطفى أمليته على قدر ما وصلت يدي إليه مع تقسم الفكر أسأل الله أن ينفعني وطلبة العلم بذلك وأسأله أن يرحمني وإياهم ويخص ولدي أبا عبدالله بالنصيب الأوفى من ذلك وأن يجزل له كرامة الآخرة ولا يحرمه نعيمها كما حرمه نعيم الدنيا إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد نبيه وآله وسلم