دمعة وابتسامة (1914)/على ملعب الدهر



على ملعب الدهر


***

ودقيقة تتراوح بين تأْثيرات الجمال واحلام الحب لهي اسمى واثمن من جيل ملأه المجد الذي يمنحهُ الضعيف المسكين للقوي الطامع
من تلك الدقيقة تنبثق الوهية الانسان، وفي ذاك الجيل تنام نوماً عميقاً مكتنفة ببراقع احلام مزعجة. في تلك الدقيقة تتحرر النفس من اعباءِ شرائع الانسان المتباينة، وفي ذاك الجيل تحبس وراء جدران الاهمال مثقلة بقيود الظلم. تلك الدقيقة كانت مهد نشيد سليمان وموعظة الجبل وتائية الفارض، وذاك الجيل كان القوة العمياء التي هدمت هياكل بعلبك ودكت مباني تدمر وسحقت بروج بابل ويوم صرفتهُ النفس آسفة عَلَى موت حقوق الفقير، متأوهة عَلَى فقدان العدل لهو اجلّ وافضل من عمر يضيعهُ الانسان مسروراً عَلَى مائدة الشهوات، مستسلماً لقضاء الانانية. ذاك يوم يطهر القلب بناره ويفعمه بنوره، وذا عمر يخيم عليه بجنحه القتم ويلحده طي طبقات التراب. ذاك يوم كان يعبر العبر، ويوم الجلجلة، ويوم الهجرة، وذا عمر انفقهُ نيرون في سوق المظالم ووقفه قارون عَلَى مذبح المطامع وطمره دون جوان في قبر الجسديات
وهذه هي الحياة - تمثلها الليالي عَلَى ملعب الدهر نظير مأْساة، وتنشدها الايام كاغنية، وفي النهاية تحفظها الابدية كجوهرة...