ذكراها في الحما إن تنظراها

ذِكراها في الحِما إِن تَنظُراها

​ذِكراها في الحِما إِن تَنظُراها​ المؤلف خليل الخوري


ذِكراها في الحِما إِن تَنظُراها
إِنَّني مُضنىً عَلى عَهدِ هَواها
وَأَسالاها إِن أَجازَت سائِلاً
هَل تَرى بَعدَ النَوى قَلبي سَلاها
وَأَزيلا شَكها إِن وَهِمَت
لا رَعى اللَهُ خَليلاً ما رَعاها
وَأَعلَما مِنها لِماذا نَفَرَت
يَومَ لُقيانا عَلى سَفحِ حِماها
أَعرَضت عَني بِطَرفٍ حائِرٍ
وَجَبينٍ فَوقَهُ الرُعبُ تَناهى
راعَها طَرفٌ رَقيبٍ ساخِطٍ
لازم الغيرَةَ مِنّي فَنَهاها
كَمَهاةٍ في الرُبى سانِحَةٍ
هالَها الصَيادُ يَوماً فَثَناها
وَأَعطَفاها نَحوَ صَبٍّ هائِمٍ
لا يَرى في الكَونِ مَعشوقاً سِواها
وَإِذا عَنَت عَن ذِكرِ الهَوى فأَديرا
الكاس صَرفاً وَأَسكَراها
خَمرَةُ الحُبِ عَظيمٌ سِرُّها
كُلَما طالَ المَدى زادَت قِواها
وَإِذا ما ذَكَرَت عَهدَ الصِبا
فَاندَبا مَعَها وَلَكن لِاطفاها
عِلّلاها بِمَواعيدِ الهَوى فيها
سَلوى لِإِطفاءِ جَواها
وَأَمسحا أَدمُعُها إِن هَطَلَت
عِندَ ذِكري إِنَّما لا تَلمُساها
بَل دَعها إِنَّها تَنشفُ مِن نارِ
حُسنٍ أَشعَلَتها وَجَنتاها
وَخَذا مِن دَمِ قَلبي نُقطَةً وَأَمزَجاها
بِالطَلا ثُمَّ أَسقياها
وَإِذا هاجَت عَلى حَرِّ اللَظا
فَأَسكَبا دَمعي لِتَبريدِ لَظاها
وَأَجُلبا لي مِن لَماها جُرعَةً
رُبَّما جادَت بِبرءي شَفتاها
وَإِذا ضَنَّت دَعا اسمي يَرتَوني
إِذ تَسميني بِتَقبيلِ لَماها
ذاكَ حَسبي في مُصابي بَعدَما
كانَت الأَيّام توليني صَفاها
مُدَّة في قُربِها طابَت لَنا
أَجَلُ الرَغدِ اِنقَضى عِندَ اِنقِضاها
بَينَنا الآنَ جِبالٌ وَرُبىً
وَسُهولٌ يَعجَزُ الطَيرَ فَضاها
إِنَّما فِكري لَهُ في قَطعِها
حَرَكاتٌ يَسبُقُ البَرقَ سَراها
هِيَ مَوضوعُ هَيامي دائِماً
وَلَئن كانَ عَلى البَأسِ اِقتِفاها
دَهشَتي صحبي حَياتي نُزهَتي
بِهجَتي كانَت فَلا كانَ سِواها
دَوحَةُ الحُسنُ الَّتي في رَوضِنا
كانَ لي التَقبيلُ قَسَماً مِن جَناها
فَإِذا حَنَّت وَأَنتَ أَضلُعي فَعَلى
ذكرِ هَواها وَسَناها
وَإِذا ما لاحَ لي وَجهُ الضُحى
لا تَراهُ أَعيُني أَلّا بَهاها
لِذَّةُ الآصالِ عِندي أَمحَلَت
بَعدَما قَد طابَ لي عَذبُ اِجتَناها
وَإِذا جَنَّ الدُجى ذكَّرَني
خَلواتٍ بِأَحاديثِ هَواها
وَإِذا ما صاعِقاتٌ أَرعَدَت
خِلتُ سَخطاً هالَني بَعدَ رِضاها
وَإِذا الأُفقُ اِكتَسى ثَوبَ الصَفا
خِلتُها لاحَت فَحَيّاني صَفاها
هِيَ ذاتي عَن سِماتي اِنفَصَلَت فَإِنا
لَستُ أَنا بَعد نَواها
وَوجودي في رُبوعي بَعدَها كَخَيالٍ
تَركتهُ في حِماها
غَيَّرَ الدَهرُ صِفاتي لاعِباً
بِحَياتي بَعدَما طالَ هَناها
مَزَّقَ البينُ كُبودي فاتِكاً
بِوُجودي آهِ لَو يَشفي ضَناها
قَد زَوى غُصنُ شَبابي في الصِبا
يا لَهُ غُصناً زَوى عِندَ إِنزِواها
صادَمتهُ عاصِفاتٌ لِلهَوى
أَوشَكَت تَقصفُهُ حينَ اِتَقاها
يَومَ سارَت سارَ قَلبي ضائِعاً وَلَذا
للآن لَم أَعشَق سِواها
فَإِنا الآن وَحيدٌ زاهِدٌ
اِنظُرُ الدُنيا بِعَينٍ لا تَراها
قَد عَصيتُ الحُسنَ حَرّاً بَعدَما
كُنتُ عَبداً في جَوى الحُبِّ تَناهى
فَأَخبَرا الغاداتِ إِني هارِبٌ
مِن سِهامِ العَين لا نالَت مُناها
وَرَنين القَوس خَلفي صارِخٌ
قف قَليلاً قُلتُ لا لا قالَ ها ها
يُطلِعُ الوَجهَ الَّذي مِن نورِهِ
تَطلَعُ الشَمسُ إِذا جَنَّ دُجاها
إِنَّما شَمسُ غُرورٍ قاتِلٍ تَكمَنُ
الظُلمةُ في طَيِّ حَشاها
وَجيناً كَتَبَ الحُسنُ بِهِ بِزَغَ
الفَجرُ بِأَنوارٍ جَلاها
وِمِن الفَجر كَذوبٌ ماكِرٌ
يَخدَعُ المَرءَ إِذا قَلَّ اِنتِباها
فَوقَهُ تاجُ شُعورٍ مُرسِلٌ
سللاتٍ تَربُطُ القَلبَ عُراها
كَأَكاليلٍ زَهورٍ حَمَلَت
عَقرَباً يَلسَعُ مِن تاهَ وَتاها
وَقِواماً قُلتُ غُصناً في تُقاً
يَتَلوّى تابِعاً أَثَرَ خُطاها
إِنَّما غُصنٌ خَفيفٌ ناحِلٌ
تَلعَبُ الأَهواءُفيهِ كَهَواها
وَعُيوناً خاطِفاتٍ لِلهُدى مُسكِراتٍ
إِنَّما الزيغ عَراها
خِلتُها الحَولاءَ إِذ عاينتُها
تَنظُرُ الحُبَّ مَثنىً في حِماها
كُلُ عَينٍ في الهَوى تَحلو لَها
كُلُّ عَينٍ آهِ ما أَحلى عَماها