ذكرت على النوى عهد التصابي
(حولت الصفحة من ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي)
ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي
ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي
فأشجاني وهيَّجَ بعضَ ما بي
وشوَّقني معالم كنتُ فيها
بأنعم طيبِ عيشٍ مستطاب
فبتُّ أحنُّ من شوق إليها
كما حنَّ المشيبُ إلى الشباب
سقى تلك الديار وساكنها
مُلِثُّ القَطر منهلّ الرباب
فكم ظبيٍ هنالك في كناسٍ
ينوب بفتكه عن ليث غاب
بنفسي من أفدّيه بنفسي
ويعذب في تجنّبه عذابي
ولي قلبٌ تَوَقَّدَ في التهابٍ
ولي دمع توالى بکنسكاب
وليلٍ طال بالزفرات منّي
ولم يقصر لحزني واكتئابي
وكم همٍ أساءَ إلى فؤادي
وطال مع الزمان به عتابي
وأزعجني عن الأحباب بينٌ
وبالبينِ أنزعاجي واظطرابي
تعلِّلُني بموعدها الأماني
وما التعليل بالوعد الكذاب
وتطمعني بما لا أرتجيه
وهل أرجو شراباً من سراب
وما فَعَلَتْ بأصحابي المنايا
فأَبْقَتْني وقد أَخَذَتْ صحابي
وما لي من أُنيب إليه يوماً
إذا ما عضّني يوماً بناب
وما كتبتْ يداي له كتابا
ولكن كان في أمِّ الكتاب
أَذاقَنِي النّوى حلواً ومرّاً
وجرعني الهوى شهداً بصاب
أطوِّف في البلاد وأنتحيها
فما أغنى کجتهادي في الطّلاب
وأيَّةُ قفرة لم أَرْمِ فيها
ولم أزعجْ بمهمهها ركابي
لبستُ غبارها وخرجت منها
كما آستُلَّ الحُسام من القراب
ولم ألغْ مقام العزِ إلاّ
بعد القادر العالي الجناب
وما نلنا المنى في السّعي حتّى
نَزَلْنَا في منازله الرِّحاب
كريم طيب الخلاق برٍّ
بيوم الجود أندى من سحاب
فما سُئِل النّدى والجودَ إلاّ
وأسرعَ بالثواب وبالجواب
إذا ما أُبْت بالنَّعماء عنه
حَمِدْتُ بفضله حُسنَ المآب
أو کنتَسَبَ کنجذابٌ من قلوب
فما لسواه ينتسبُ انجدابي
سَأشكرُ فضلَك الضّافي وأدعو
لمجدك بالدعاء المستجاب
على نعمِ بجودك قد أفيضتْ
ولا ترجو بها غير الثواب
وممّا سرَّني وأزالَ همّي
دُنُوِّي من جنابك وکقترابي
ولم أَبْرحْ أهيمُ بكلّ وادٍ
وأقْرَعُ في ثنائك كل باب
وأرغَبُ عن سواك بكل حالٍ
وأطْمَعُ في أياديك الرغاب
ولم تبرح مدى الأيام تدعى
لكشف الضر أو دفع المصاب
أصاب بما حباك به مشيرٌ
مشيرٌ بالحقيقة والصواب
وولاّك العمارة إذ تولى
أمورَ الحكم بالبأس المهاب
فقمت مقامه بالعدل فيها
وقد عمرتها بعد الخراب
وذلَّلتَ الصّعاب وأنتَ أحرى
وموصوف بتذليل الصعاب
فلا يحزنك أقوال الأعادي
فما جَزِعَتْ أسُودٌ من كلاب
لقد حلَّقتَ في جوّ المعالي
فكنتَ اليومَ أمنعَ من عقاب
عَلَوْتَ بقَدْرِك العالي عليهم
كما تعلو الجبال على الرّوابي
وما ضاهاك من قاصٍ ودانٍ
بعدل الحكم أو فصل الخطاب
وحزتَ مكارم الأخلاق طرّاً
ومنها جئت بالعجب العجاب
ألا يا سيّدي طال اغترابي
فرخِّصْ لي فَدَيْتُك بالذهاب
فأرجعُ عنك مُنَقَلِباً بخير
وأحمدُ من مكارمك انقلابي
وأنظم فيك طول العمر شكراً
كما انتظم الحباب على الشراب
وليس يهمُّني في الدهر همٌّ
وفيك تَعَلُّقي ولك کنتسابي
فمن شوقٍ إلى وطنٍ وأهلٍ
غوتُ اليومَ ذا قلب مذاب
ومن مرضٍ اقاسيه ووجدٍ
رضيتُ من الغنيمة بالإياب