رآها قد أضر بها الكلال
رآها قدْ أضرَّ بها الكلال
رآها قدْ أضرَّ بها الكلال
وقد ساءت لها ياسعد حال
فذكّرها شميمَ عَرارِ نَجْدٍ
ولا سيما إذا هبَّتْ شمال
فحرّكها وأَيْنَ لها بنجد
لهيبُ الشوق والدمع المذالُ
وقد كانت كأنَّ بها عقالاً
فأَطْلَقها وليس بها عقالُ
ولولا النّازلون هضاب نجدٍ
تحاماها الضّنى والاختلال
تخال الدَّمع سابقها عَلَيْهم
فكيفَ تسابق المزنَ الرؤال
يحملها الهوى عِبئاً ثقيلاً
وللأشجان أعباءٌ ثقال
ويقذفها النّوى في كلّ فجٍّ
لها فيه انسياب وانثيال
تمدُّ به فيقصرُ في خطاها
من البَيْداء أبواعٌ طوال
تشيم البرق يومئذٍ سناه
كعَضْب القين أرْهَقَه الصقال
وما أدري أهاج النّوق منه
غرام حين أومضَ أمْ خيال
شديدُ وجدها والوصلُ دانٍ
فكيف بها وقد منعَ الوصال
ذكرنا عَهْدَ رَبعك يا سُلَيْمى
وعقد الدمع يوهيه کنحلال
منازل للهوى ما لي أَراها
كطرفي لا يلمّ بها خيال
مباديها المسَرَّة والتهاني
وغايتها التغابن والوبال
وكانتْ بهجةَ الأبصار حتى
أحالتها من الحدثان حال
سألتك أين عيشك بالأوالي
وما يغني التفحّص والسؤال
غداة الشِّيحُ نبتُك والخزامى
حمتها البيض والأسل الطوال
وتسنحُ في عِراصِك قبلَ هذا
من السّربِ الغزالة والغزال
وتطلعُ من خيامك مشرقات
بدورٌ من أسِرَّتها الكمالُ
وكلُّ مهفهفٍ تُثني عليه
معاطفه ويَثْنيه دلال
رماة من حواجبها قِسِيٌّ
تراشُ لها من الحدق النبال
ومن لي أنْ تَرى عيني سناها
فتنعم أعينُ ويُراح بال
تنافرتِ المها فوجدتُ قلبي
يجدُّ به للحيّ ارتحال
وهاتيك الركايب أرقلتها
ظباءٌ قدْ أقلتها الجمال
وكم صانت أكلَّتها وجوهاً
عَليها مهجتي أبداً تذال
فمالوا بالأباعر لا إلَينا
ومال بنا الهوى من حيث مالوا
أعيذك من حشاً تذكو لظاها
وهمٍّ داؤه الداء العضال
أحبتك الذذين شقيتَ فيهم
أسالوا من دموعك ما أسالوا
لنيران الجوى يا ناقُ عندي
على البعد اتقادٌ واشتعال
أُعَلِلّ بالأماني، والأماني
أمورٌ من زخارفها المحال
سرابٌ لا يُبَلُّ به غليل
ولا فيه لوارده بلال
وحَسْبُك إنْ وَرَدْتَّ أبا جميل
جميلٌ ما يروقك أو جمال
ردي من سَيْبه عَذباً زلالاً
فثمَّ الموردُ العذب الزلال
تناخ ببابه الامال طرّاً
وتُمْلأ من مواهبه الرحال
تعظّمه الخطوبُ ويزدريها
وليس له بمعظمها کحتفال
وينهض من أُبْوَّته بعبء
قليل ما تنوءُ به الرجال
من الشمِّ الشوامخ في المعالي
بطولُ الراسيات ولا يطال
ويوقره إذا طاشتْ رجال
حلومُ لا تضاهيها الجبال
صقيلُ مضارب العزمات ماضٍ
فلا فُلّت مضاربُه الصقال
قوام الدينْ والدنيا جميعاً
شفاؤهما إذا كان کعتلال
أَظَلَّتْنا غَمامَتُه بظلٍّ
إذا لفح الهجير به ظلال
ويومٍ مشمس فيه مضيءٍ
فشمسٌ ما لمطلعها زوالُ
وليلٍ فيه أقمرٌ مستنيراً
على وجنات هذا الدهر خال
ينفّس كلَّ كاربة بكرٍّ
لدى يومٍ يضيق به المجال
سماءٌ من سماوات المعالي
كواكبها المناقب والخصال
فعال تسبق الأقوال منه
وأقوال تقدّمها الفعال
يريك مداده في يوم جود
لأَحداق النوال به اكتحال
ومن كلماته ما قيل فيها
هي السلسال والسِّحر الحلال
لساني في مدائحه صدوق
بصدّق فيه منّي ما يقال
إذا أسدى إليَّ المال أَمْسَتْ
تمالُ لي القلوب وتستمال
فلي من ماله شرف وجاه
ولي من جاهِه عِزٌّ ومال
قريبُ النِّيل ممتنع المعالي
ومدني النيل ما بعد المنال
تحطّك رأفةٌ شملَتْ ورقّتْ
وترفعك الأبوَّة والجلال
عزيز النفس عزَّ على البرايا
نظيرك في الأماجد والمثال
كأنَّك بين أقامٍ سراةٍ
هدىً ما بعده إلاّ الضلال
وإنّي قد رأيت علاك منهم
مرامٌ قد يرامُ ولا ينال
وليس لهم وإنْ دفعوا
مناقبك الشريفة والخلال
خليقتك المروءةُ حيث كانت
وشيمتك السماحة والنوال
وهل أخشى من الحظّ انفصالاً
ولي من قرب حضرتك اتّصال
تلذُّ لك المكارم والعطايا
وتطربك الشجاعة والنزال
ولست من الكرام كبعض قوم
يجود بماله حتى يقالُ
فيا جبلاً أَطَلَّ من المعالي
علينا لا تزول ولا تزال
هباتٌ منك للعافين تترى
ولا وعدٌ لَدَيْكَ ولا مطال