رأى البرق مجتازا فبات بلا لب
رأى البرق مجتازا فبات بلا لب
رَأى البرْقَ مُجتازاً، فباتَ بلا لُبِّ،
وَأصْبَاهُ مِنْ ذِكْرِ البَخيلَةِ ما يُصْبي
وَقَد عاجَ في أطْلالِها غيرَ مُمسِكٍ
لدَمْعٍ، وَلا مُصْغٍ إلى عُذّلِ الرّكبِ
وَكنتُ جَديراً، حينَ أعرِفُ مَنْزِلاً
لآلِ سُلَيْمَى، أنْ يُعَنّفَني صَحبي
عَدَتْنَا عَوَادي البُعْدِ عَنها، وَزَادَنا
بهَا كَلَفاً أنّ الوَداعَ عَلى عَتْبِ
وَلمْ أكتَسِبْ ذنباً، فتَجزِيَني بهِ،
ولَمْ أجتَرِمْ ذَنْباً، فتَعتُبَ من جرماً
وَبي ظَمَأٌ، لا يَمْلِكُ المَاءُ دَفْعَهُ،
إلى نَهْلَةٍ مِن رِيقِها الخَصِرِ العذْبِ
تَزَوّدْتُ مِنها نَظرَةً لمْ تَجُدْ بها،
وَقد يُؤخَذُ العِلقُ المُمَنَّعُ بالغَصْبِ
وَما كانَ حَظُّ العَينِ في ذاكَ مَذهَبي،
وَلكِنْ رَأيْتُ العَينَ باباً إلى القَلْبِ
أُعيذُكِ أنْ تُمنَيْ بشكوَى صَبابَةٍ،
وَإنْ أكسبَتَنا منكِ عَطفاً على الصّبّ
وَيُحزِنُني أنْ تَعرِفي الحُبّ بالجَوَى،
وَلَوْ نَفَعَتْنَا مِنْكِ مَعْرِفَةُ الحُبّ
أبَيْتُ، على الإخُواّنِ، إلاّ تَحَنّياً،
يَلينُ لَهُمْ عِطفي، وَيَصفو لهمْ شُرْبي
وَإنّي لأسْتَبقي الصّديقَ، إذا نَبَا
عَليّ، وَأهْنوَا مِنْ خَلائقه الجُرْبِ
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنّي البَخيلَ بأنّني
حطَطتُ رَجائي منهُ عن مرْكبٍ صَعبِ
وَأنّ ابنَ دينَارٍ ثَنَى وَجْهَ هِمّتي
إلى الخُلُقِ الفَضْفاضِ وَالنّائلِ النّهْبِ
فَلَمْ أمْلَ إلاّ مِنْ مَوَدّتِهِ يَدي،
وَلا قُلْتُ إلاّ مِنْ مَوَاهِبِهِ حَسْبي
لَقيتُ بهِ حَدّ الزّمانِ، فَفَلَّهُ،
وَقد يَثلِمُ العَضْبُ المُهنّدُ في العَضْبِ
كَرِيمٌ، إذا ضَاقَ اللّئَامُ، فإنّهُ
يَضِيقُ الفضَاءُ الرّحبُ في صَدرِهِ الرّحبِ
إذا أثْقَلَ الهِلْباجُ أحْنَاءَ سَرْجِهِ،
غَدا طِرْفُه يَختالُ بالمُرْهَفِ الضّرْبِ
تَنَاذَرَ أهْلُ الشّرْقِ مِنهُ وَقَائِعاً،
أطاعَ لَها العاصُونَ في بلدِ الغَرْبِ
لجَرّدَ نَصْلَ السّيفِ، حتّى تَفرّقَتْ
عن السّيفِ مَخضُوباً جُموعُ أبي حرْبِ
فإنْ هَمّ أهْلُ الغَوْرِ يَوْماً بعَوْدَةٍ
إلى الغَيّ مِن طُغيانِهمْ، فهوَ بالقُرْبِ
حَلَفتُ لقَد دانَ الأبيُّ، وَأُغْمِدَتْ
شَذاةُ عَظيمِ القوْمِ من عِظَمِ الخطبِ
وَألزَمَهُمْ قَصْدَ السّبيلِ حِذارُهُمْ
لتِلْكَ السّوَافي مِنْ زَعازِعِهِ النُّكْبِ
مُدَبِّرُ حَرْبٍ لمْ يَبِتْ عِنْدَ غِرّةٍ،
وَلمْ يَسرِ، في أحشائِهِ، وَهَلُ الرّعْبِ
وَيُقْلِقُهُ شَوْقٌ إلى القِرْنِ مُعجَلٌ،
لدى الطّعنِ، حتّى يَسترِيحَ إلى الضّرْبِ
أضَاءَتْ بهِ الدّنْيَا لَنَا بَعدَ ظُلمَةٍ،
وَأجْلَتْ لَنا الأيّامُ عَن خُلُقٍ رَطبِ
وَما زَالَ عَبدُ الله يُكسَى شَمَائِلاً،
يَقُمنَ مَقامَ النّوْرِ في ناضِرِ العُشبِ
فَتًى يَتَعالى بالتّوَاضُعِ جَاهداً،
وَيُعجَبُ منْ أهلِ المَخيلةِ وَالعُجبِ
لَهُ سَلَفٌ من آلِ فَيرُوزَ بَرّزُوا
على العُجمِ، وَانقادتْ لهمْ حفلةُ العُرْبِ
مَرَازِبَةُ المُلْكِ التي نَصَبَتْ بها،
مَنابِرَهُ العُظمَى، جَبابرَةُ الحَرْبِ
يَكِبّونَ مِنْ فَوْقِ القَرَابيسِ بِالقَنَا،
وَبالبِيضِ تَلقاهمْ قِياماً على الرُّكْبِ
لَهُمْ بُنيَ الإيوَانُ في عَهدِ هُرْمُزٍ،
وَأُحْكِمَ طَبعُ الخُسرُوَانيّةِ القُضْبِ
وَدارَتْ بَنُو سَاسَانَ طُرّاً عَلَيهِمِ،
مَدارَ النّجومِ السّائرَاتِ على القُطْبِ
مَضَوْا بالأكُفّ البيضِ أوْفَى من الحيا
بَلالاً، وَبالأحلامِ أوْفَى منَ الهَضْبِ