رأيت البدر في فلك المعالي

رأيتُ البدرَ في فلكِ المعالي

​رأيتُ البدرَ في فلكِ المعالي​ المؤلف محيي الدين بن عربي


رأيتُ البدرَ في فلكِ المعالي
يشيرُ إليَّ حالاً بعدَ حالِ
ويطلبني ليسلبني فؤادي
فيحوجني إلى ذلِّ السؤالِ
دعاني بالغداةِ دعاءَ بلوى
إلى وقتِ الظهيرةِ والزوالِ
فلما لم يجبه دعاه حباً
ووجداً دائماً أخرى الليالي
فلم يكن غير قلبي من دعاه
فما ظفرت يداي من النوال
بشيءٍ غيرَ نفسي إذْ أجابتْ
فحرت إلى الوصال من الوصال
وقولي من إلى لا علم فيه
وفيه علمه عند الرجال
رجالُ اللهِ لا أعني سواهمْ
فضوءُ البدرِ ليس سنا الهلال
ومنْ وجهٍ يكونُ سناهُ أيضاً
كما أنَّ الهدى عينُ الضلالِ
رجالُ الله لا أعني سواهم
يميزه المحل وليس غير
وليسَ يخالها منهُ بوجهٍ
ولمْ يكثرْ بها فاعلمْ مقالي
دعاني في المودةِ والوصالِ
بألسنةِ العداوةِ والتقالي
إذا كان الإمام يؤم قوماً
همُ الأعلونَ آلَ إلى سفالِ
وجيدٌ عاطلٌ لا شكَّ فيهِ
يميز قدره عن جيد حالِ
فآل المعتلى بأبي قبيس
إذا شاء الصلاة إلى سفال
كظهرِ البيتِ منزلهُ سواءٌ
يؤدِّي من علاه إلى اعتلال
ولكن في صلاتك ليس إلا
ووجداً دائماً أخرى الليالي
فإنَّ العبد عبد الله ما لم
تراهُ دريئةً بينَ العوالي
لذلك إن أقيم على يقين
إشارةُ أسهمٍ عندَ النضالِ
ومنْ بعضِ الزجاجِ هوىً وعجباً
يطيعُ العالياتِ منَ الطوالِ
ألا إنَّ الطبيعةَ خيرُ أمٍّ
وفيها الكون من حكمِ البغال
ألا إنَّ الطبيعةَ أمّ عقمٍ
إذا كان البغالُ من البغالِ
ستورٌ في ظهور الخيلِ مهما
رأيتَ الخيلَ ترمى بالمخالي
إذا إنسانُ شخصٍ منْ فيالٍ
تعينت اليمين من الشمال
فقوٍ شمالهُ ليعودَ طلقاً
فهذا حكمُهُ يومَ النزالِ
وكن في القلبِ منه تكن إماماً
إذا تدعو جحاجحةً النزالِ
مقارعةُ الكتائبِ ليسَ يدري الـ
ـذي تحويهِ رباتُ الحجالِ
ففي الدنيا بدت أسماء ربي
فعاينتِ النقائصَ في الكمالِ
وفي الأخرى إذا حققتُ أمري
أكونُ بها كأفياءِ الظلالِ
كمالُ الأمرَ في الدنيا لكوني
ظهرنا بالجلالِ وبالجمالِ
وفي الأخرى يريكَ كمالَ ربي
فنائي عندَ ذلكَ أو زوالي
كمالُ الحقِّ في الأخرى يراهُ
كمالي في الجنان بما يرى لي
كمالي أنْ أكون هناك عبداً
فمالي والسيادةَ قلْ فمالي
وكن من أعظم الخدماء عندي
بها صححت في الأخرى كمالي
إذا كان التكوُّن بانحراف
فعين النقصِ عين الاعتدال
سبقتُ القومَ جدّاً واجتهاد
على كوماءَ مشرفةِ القذالِ
أصابتْ عينُ منْ تهوى مناصي
فقامَ بساقها داءُ العقالِ
وكنتُ أخاف من حدِّي وعدوي
أصابَ بنظرةِ الداءِ العضالِ
وكنتُ منَ السباقِ على يقينٍ
فأخرني القضاءُ عنِ النوالِ
بأعمالي فبتُ لها كئيباً
اردّد زفرتي من شغلِ بالي
ولكني سبقتُ القومَ علماً
ومعرفةً إليهِ فما أبالي
فإنَّ الله ينزلني إليه
بعلمي بالكثيبِ مع الموالي
وهذا العلمُ كنتُ بهِ كريماً
أردّ به السفالَ إلى الأعالي
من العمال قد عصموا وفازوا
فأجني منهمُ ثمرَ الفعالِ
نفخت بعلمنا روحاً كريماً
بأجسامٍ منْ أعمالِ الرجالِ
فإني قدْ سبقتهمْ اعتناءً
بتعليمي إلى دارِ الجلالِ