رأيت وقد أتى نجران دوني
رأيتُ وقد أتى نَجْرانُ دوني
رأيتُ وقد أتى نَجْرانُ دوني
و ليلى دونَ أرحلها السديرُ
لليلى بالفحيمِ ضوءَ نارٍ
يلوحُ كأنّهُ الشِّعرى العَبورُ
إذا ما قلتُ خابيةٌ زهاها
سوادُ الليلِ والريحُ الدبورُ
فما كادتْ وقدْ رفعوا سناها
ليبصرَ ضوءها إلاّ البصيرُ
فبتُّ كأنني شافهتُ خمراً
معتقةً حمياها تدورُ
فقلتُ لصحبتي: هل يبلغني
إلى ليلى التهجرُ والبكورُ؟
و إدلاجي إذ الظلماءُ ألقت
مَراسِيَها وهادٍ لا يَجورُ
وقولي كلَّما جاوَزْتُ خَرْقاً
إلى خَرْقٍ لأُخرىَ القومِ: سيروا
بناجيةٍ كأنَ الرحلَ منها
وقد قَلِقَتْ من الضُّمْرِ الضُّفورُ
على أصْلاب جَأْبٍ أخْدَرِيٍّ
من اللاّئي تَضَمَّنهنَّ إِيرُ
رعى بهُمى الدَّكادِكِ من أَريكٍ
إلى أُبْلى مُناصيهِ حَفيرُ
فلما أن رأى القريانَ هاجتْ
ظواهرها ولاحتهُ الحرورُ
و أحنقَ صلبهُ وطوى معاهُ
و كشحيهِ كما يطوى الحصيرُ
دَعاهُ مَشْرَبٌ مِنْ ذِي أَبانٍ
حساءٌ بالأباطحِ أو غديرُ
فظلَّ بهنَّ يحدوهنَّ قصداً
كما يحدو قلائصهُ الأجيرُ
أَقَبَّ كأنَّ مَنْخِرَهُ إذا ما
أَرَنَّ على تواليهِنَّ كيرُ
لهُ زَجَلُّ تقولُ: أصوتُ حادٍ
إذا طلبَ الوسيقة أو زميرُ
مُدِلُّ شَرَّدَ الأقرانَ عَنْهُ
عراكٌ ما تعاركهُ الحميرُ
و أصبحَ في الفلاةِ يديرُ طرفاً
على حذرٍ توجسهُ كشيرُ
له زَجَلٌ كأنَّ الرِّجْلَ منهُ
إذا ما قامَ معتمداً كسيرُ
فأوردهنَّ تقريباً وشداً
شرائعَ لم يكدرها الوقيرُ
فخاضَ أمامهنَّ الماءَ حتى
تبيّنَ أَنَّ ساحتَهُ قَفِيرُ
فلما أن تغمرَ صاحَ فيها
و لما يعلهُ الصبحُ المنيرُ