رجوع الشيخ إلى صباه/الباب الثلاثون
من النـاس من يرى العشق والمحبـه إحـدى سجـايا النفس الملازمـه وأنه لابــد لكل نفس من أن تنصرف محبتهـا إلى لـون من الألوان فمن النـاس من يحب الصـور الحسنـه ومنهـم من يحب السودان مع مافيهن من ذفرالرائحه وتشقق الجلد وخموشه القوائم وسمـاجة الخلقه ومن النـاس من يحب صــورة صنف من البهـائم كالخيل والكباش والسنابير والطيور ومنهـم من يحب اللواطه بالذكور والأصـاغر من المردان ومنهـم من يحب المذقنين وهـذا عنـده عله فى الطبـع وأنا أذكرهـا حتى لايخلو كتـابى من فــائده
فأصــل اللواطه عنـدهـم تفحـل فى الشهـوة وغلبـه فيهـا وهـو قسم البغــاء ودليل ذلك أن حد النفس شهـوة بهـا لطف وظرف فغذا زاد خبث النفس وغلظ الحس طبعهمـا فتطلب قـذارة الموضع وخشونـة الإست وجفاء الطبـع ومخـالفة العــادة فإن إنصبت مواد الشهـوة إنقسمت فى إنبعـاثهـا نصفين وصــار صــاحبهـا خلقاً يأتى ويؤتى وإن زاد نصــاب الشهـوه والعكس إلى أسفـله ومشت فى عروق خلفه وسفله فربمـا صـادقت سدداً من رطوبـه وغيرهـا لأنهـا تجرى فى غير مجـارى مرســومه بل كمـا تجرى المـاده الفــاسـده فى الجسم وبعض الأعضاء فإذا لم تصب مخرجاً فسدت وتعفنت فإذا تكاثفت العفونـه قرحت وأورثت حكاكاً ويظهـر صـاحب هـذه العـله للنــاس بحركته وإحتكــاكه بالأرض فى جلوسـه وربمـا كـان صــاحبهـا شديد الشبق رحو الذنب وربمـا ألهبت الشهـوه والمكابده حرارته ففتحت يســـيراً من ســـدده فأنزل مـاءه مع نزول ماء من يأتيـه وهـذا أشد النـاس بغاء لمـا يسترق لـه من تتابع اللذتين والشهوتين ، ومع هـذا فقـد ظهـر أن أكثر النـاس عبيد شهـواتهـم وقد قيل أن رجلا حكيمـاً إنقطع فى بعض الجبـال وتغرب فيهـا فأنفق لـه فى بعض السنين أن نزل إلى أقرب مدينـه فضاق صـدرة ولم يقدر أن يلبث فيهـا وخرج هـارباً فلقيـه أحد الحكمــاء فقـال لـه من أين أتيت فقـال من مجمع البـــلاء قــال ومـارأيت فبهـا قـال رأيت جميـع متافيهـا عبيدا للنســاء وقـد صـدق فيمـا قـاله فإن هـذا إذا تأمله العاقل وجد كل إنســان يجهـد نفســه ويتعب جسمـه ثم يروح بما حصل لـه لزوجته ومعشوقه وفى بعض ماذكرنـاه مقنع من هـذا المعنى والله الموفق للصـــواب .