رسائل صدق إخوان الصفاء

رسائلُ صدقِ إخوانِ الصفاءِ

​رسائلُ صدقِ إخوانِ الصفاءِ​ المؤلف صفي الدين الحلي


رسائلُ صدقِ إخوانِ الصفاءِ،
تجددُ أنسَ خلانِ الوفاءِ
وأربابُ الوَدادِ لهم قلوبٌ،
يُذيبُ صَميمَها فَرطُ الجَفاءِ
فشَرّفْ بالحُضورِ، فإنّ قَلبي
يُؤمِّلُ منك ساعاتِ اللّقَاءِ
وحيّ على المدامِ، ولا تبعِها
بما فوقَ الثرى لكَ من ثراءِ
فقَد وَشّى الرّبيعُ لَنا رُبُوعاً،
فوَشّعَها كتَوشيعِ الرّداءِ
ونحنُ بمنزلٍ لا نقصَ فيهِ،
رَحيبَ الرَّبعِ مُرتَفِعِ البِناءِ
وفي داري بُخارِيٌّ وخَيشٌ،
أُعِدّا للمَصيفِ وللشّتاءِ
فهذا فيهِ شاذروانُ نارٍ،
وهذا فيهِ شاذروانُ ماءِ
ومَنظَرَةٍ بها شبّاكُ جامِ
رقيقِ الجرم معتدلِ الصفاءِ
يردّ البَردَ والأهواءَ عَنّا،
ويأذنُ للأشعةِ والضياءِ
وبركتنا بها فوارُ ماءٍ
يُجيدُ القَصدَ في طَلَبِ السّماءِ
إذا سَفَرَ الصّباحُ لها أضاءَتْ
بماءٍ مثلِ مَسرودِ الأضاءِ
وشادٍ يُرجِعُ الصّهباءَ سَكرَى
بما يبديهِ من طيبِ الغناءِ
وساقٍ من بني الأعرابِ طفلٍ،
يزين الحسنَ منهُ بالذكاءِ
ذكاءُ قريحةٍ وذكاءُ نشرٍ،
وأنوارٌ تفوقُ على ذكاءِ
وراحٌ تعبقُ الأرجاءُ منها،
كأنّ أريجها طيبُ الثناءِ
إذا اتحدتْ بجرمِ الكأسِ أخفتْ
بساطعِ نُورِها جِرمَ الإناءِ
تعظمُ قدرَ كلّ سليمِ طبعٍ،
وتصغرُ قدرَ أهلِ الكبرياءِ
وقد سَتَرَ السّحابُ ذُكا، وفُضّتْ
جلابيبُ الغيومِ على الفضاءِ
سماءٌ بالغيومِ شبيهُ أرضٍ،
وأرضٌ بالخمائلِ كالسماءِ
إذا درئت بها الأداءُ جاءتْ
بما يغنيكَ عن شربِ الدواءِ
وقد زرناكَ في أمسٍ، فزرنا
نكنْ عندَ الزيارةِ بالسواءِ
فشَرطُ الرّاحِ أن تَدعو وتُدعَى،
فتسعف بالإجابةِ والدعاءِ