رسالة بايزيد الأول إلى تيمورلنك ردًا على تهديده الدولة العثمانية
الحمدُ لله الذي شرَّفنا بِالإسلام وعزَّزنا بِالغزو عن سلاطين الأعراب والأعجام والصلوٰة على رسوله مُحمَّد خير الأنام، وعلى آله العظام وصحبه الكرام؛
إعلم أيُّها الكلب العقور الموسوم بِالتيمور فهو أكفر من الملك التكفور قد قرأنا كتابك المشؤوم إذ تُخوِّفني بِهذه المُهملات وتخدعُني بهذه التُرَّهات وتستفزني بهذه الخُزعبلات؟ أو تحسب أنني مثل مُلُوك الأعجام، أو تتار الدشت الأعوام؟ أو في جمع الجُنُود، كجيش الهُنُود، أو في جمع جُندٍ في الكثرة والشقاق، كجمع الهراة والعراق أو ما عندي من غزاة الإسلام، كعساكر الحلب والشَّام، وثبت عندهما كيف ختل المُلُوك وختر، وكيف تولَّى وكفر ﴿فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلْأَكْبَرَ﴾ لأنَّ أفعالك نقضٌ لِلعُهُود والذِّمم، سفَّاك الدم، هتَّاك الحُرم، فنحنُ أفضل السلاطين شرقًا وغربًا، وأشرف الخواقين بُعدًا وقُربًا، وأنت تعرف نظام جُيُوشنا وعساكرنا، وقُوَّة القيام بتظافُرنا وتناصُرنا؟ وكم تفرق بين من تكفَّل بأمر الحُفاة العراة، وبين من تحمَّل إصر الكماة الغُزاة، فإن الحرب دأبنا، والضرب طلَّابنا، والجهاد صنعتنا، وشرعة الغزاة في سبيل الله تعالىٰ شرعتنا، إن قاتل أحد تكالُبًا على الدُنيا، فنحنُ المقاتلون لتكون كلمة الله هي العُليا، رجالنا باعوا أنفسهم وأموالهم من الله بأنَّ لهم الجنَّة في العُقبى، فكم لِضرباتهم في آذان الكُفَّار من طنَّة، ولِسُيُوفهم في قلانس القوانس من رنَّة ولِنُون قِسيِّهم في خياشهم بني الصَّليب من غنَّة، لو سمناهم خوض البحار خاضوها، أو كلَّفناهم إفاضة دماء الكُفَّار أفاضوها، وقد أطلُّوا من صياصيهم على قلع قلاع الكُفَّار وأخنوا عليها، وأمسكوا بِعنان أفراسهم فكلما سمعوا هيعة طاروا إليها، لا يقولون لملكهم إذا غمرهم في البلاء والابتلاء إنا هاهُنا قاعدون ﴿فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ﴾ ومعنا من الغُزاة مُشاه، أفرس من فوارس الكماة، أطبارهم باترة، وأظفارهم ظافرة، كالأُسُود الكاسرة، والنُّمُور الجاسرة، والذئاب الهاصرة، قُلُوبهم بودادنا عامرة، لا تُخامر بواطنهم علينا مُخامرة، بل وُجُوهُهُم في الحرب ناضرة ﴿إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾.
وحاصل الأمر أن كُلَّ أشغالنا، وجُلَّ أحوالنا وأفعالنا، جمّ الكُفَّار ولم الأسرى وضم الغنائم، فنحنُ المُجاهدون في سبيل الله الذين لا يخافون لومة لائم وأنا أعلم أن هذا الكلام يبعثُك إلى بلادنا انبعاثًا، فإن لم تأتِ تكن زوجاتك طوالقٌ ثلاثًا، وإن قصدت بلادي وفررتُ عنك ولم أُقاتلك البتَّة، فزوجاتي إذ ذاك طوالقٌ ثلاثًا بتَّة. والسَّلام على المُسلمين، فلعنة الله عليك وعلى من اتبعك أجمعين إلى يوم الدين.