زود النفس قبل شد الرحال
زَوِّدِ النفسَ قبل شدِّ الرحالِ
زَوِّدِ النفسَ قبل شدِّ الرحالِ
إِنَّ هذي الحيوةَ طيفُ خيالِ
واصحَبَنَّ التُّقَى أمامكَ مصبا
حاً لتجلو ظلامَ تلكَ الليالي
إنَّ فعلَ الصلاحِ للناسِ أَولى
ذُخرُهُ من ذخائرِ الأموالِ
ليسَ هذي الدنيا بدارِ قرارٍ
إنها دارُ وقفةٍ وارتحالِ
والذي عاشَ في الزمانِ فلا بُدَّ
لهُ من تَقَلُّبِ الأحوالِ
وحيوةُ الدنيا طريقٌ يؤَدّي
نحوَ دَارِ البقآءِ ذاتِ الجلالِ
فالذي اختارَ أقرَبَ الطُّرقِ منها
غالبٌ من يختارُ طولَ المجالِ
كالنجيب الذي قضى عن قريبٍ
ومضى سابِقاً كهولَ الرجالِ
ذاكَ طفلٌ قد أودعَ اللهُ فيهِ
فطنةَ البالغينَ سنَّ الكمالِ
جفَّ مآءُ الحيوةِ من جسمهِ لمَّا
ذكت نارُ قلبهِ باشتعالِ
يا هلالاً قَدِ احتَوَى نورَ بدرٍ
كيفَ لو تمَّ نورُكَ المتلالي
قد أتاكَ الخسوفُ في غرَّةِ الشهرِ
وما عهدُنا بخسفِ الهلالِ
إن يَكُن قد خلا سريرُكَ يوماً
منكَ فالقلبُ ليسَ منكَ بخالِ
أو تكن قد بليتَ فالحزنُ في طيِّ
الحَشَا طولَ دهرِنا غيرُ بالِ
كفكفِ الدمعَ يا أباهُ فهذا
ما قضى حكمُ ربِّكَ المتعالي
عاجَلَ الدهرُ مستردًّا عطاهُ
وهو لا يستحي بردِّ النوالِ
هكذا يسبقُ النجيبُ مُجِدًّا
لنعيمٍ أُعشدَّ للأطفالِ
فعلى مثلهِ يُنَاحُ ويُبكَى
لا على درهمٍ ولا مثقالِ