سرى طيفها والملتقى متدان

سَرى طَيْفُها وَالمُلْتَقى مُتَدانِ

​سَرى طَيْفُها وَالمُلْتَقى مُتَدانِ​ المؤلف الأبيوردي


سَرى طَيْفُها وَالمُلْتَقى مُتَدانِ
وجنحُ الدُّجى والصُّبحُ يعتلجانِ
وَلا نَيْلَ إلاّ الطَّيْف في القُرْبِ وَالنَّوى
وَأَمّا الذي نَهذي بهِ فَأماني
خليلَّي من عليا قريشٍ هديتما
أشأنكما في حبِّ علوةَ شاني؟
فَمالَكُما يَومَ العُذَيْبِ نَقِمْتُما
عَلَيَّ البُكا، وَالأمرُ ما تَرَيانِ؟
فؤادٌ بذكرِ العامريَّةِ مولعٌ
وَعَيْنٌ لَجوجُ الدَّمعِ في الهَملانِ
أما فيكما من هزَّةٍ أمويَّةٍ
لأرْوَعَ في أَسْرِ الصَّبابةِ عانِ؟
ولَمْ يَحْزَنِ الحَيَّ الكِنانِيَّ أَنْ أَرَى
أسيراً لِهذا الحَيِّ من غَطَفَانِ
ألا بأبي ذاكَ الغزيِّلُ إذ رنا
إليّ، وذيّاكَ البريقُ شجاني
نظرتُ غداةَ البينِ والعينُ ثرَّةٌ
وردنايَ مّما أسبلت خضلانِ
فحمحمَ مهري وامترى الدَّمعَ صاحبي
وقد كادَ يبكي منصلي وسناني
ولولا حنينُ الأرحبيَّةِ لم يهج
فتىً مضريٌّ من بكاءِ يمانِ
أفقِ من جوىً يا أيّها المهرُ، إنّني
وإياكَ في أهلِ الغضى غربانِ
يشوقكَ ماءٌ بالأباطحِ سلسلٌ
وَقَدْ نَشَحَتْ بِالأَبْرَقَيْنِ شِناني
هوايَ لعمري ماهويتَ، وإنّما
يُجاذِبُني رَيْبُ الزَّمانِ عِناني
وَما مُغْزِلٌ تَعْطو الأَراكَ، يَهُزُّهُ
نَسيمٌ تُناجيهِ الخَمائِلُ وانِ
وتزجي بروقيها أغنَّ كأنَّهُ
مِنَ الضَّعْفِ يَطْوي الأَرضَ بِالرَّسَفانِ
فَمالَ إلى الظِّلِّ الأَراكِيِّ دونَها
وكانا بهِ من قبلُ يرتديانِ
وصبَّتْ عليهِ الطُّلسُ وهيَ سواغبٌ
تَجوبُ إليهِ البيدَ بِالنَّسَلانِ
فعادت إليهِ أمُّهُ، وفؤادها
هَفا كَجَناحِ الصَّقْرِ في الخَفَقانِ
وَظَلَّتْ على الجَرْعاءِ وَلْهَى كَئيبَةً
وقد سالَ واديها بأحمرَ قانِ
تسوفُ الثَّرى طوراً، ويعبثُ تارةً
بها أولقٌ من شدَّةِ الولهانِ
بأوجدَ منّي يومَ سرنا إلى الحمى
وَقَد نَزَلَتْ سَمْراءُ سَفْحَ أَبانِ
أفي كلِّ يومٍ حنَّةٌ تعقبُ الأسى
وَهَبْتُ لَها الأَحشاءَ مُنْذُ زَمانِ
فحتّامَ أغضي ناظريَّ على القذى
وَأُلْقي بِمُسْتَنِّ الخُطوبِ جِراني
أَلَمْ تَعْلَمِ الأَيْامُ أَنّي بِمَنْزِلٍ
بهِ يحتمى من طارقِ الحدثانِ؟
بأشرفِ بيتٍ في لؤيِّ بن غالبٍ
جنوحٍ إلى أبوابهِ الثَّقلانِ
ومربوطةٍ جردٍ سوابقَ حولهُ
بمركوزةٍ ملسِ المتونِ لدانِ
تخرُّ على الأذقانِ في عرصاتهِ
ملوكٌ يَرَوْنَ العِزَّ تَحْتَ هَوانِ
وتجمحُ فيهم هيبةٌ قرشيَّةٌ
لأَبْيَضَ مِنْ آلِ النَّبِيِّ هجانِ
مِنَ النَّفَرِ البيضِ الأُلى تَعْتَزي العُلا
إليهِمْ بِيَوْمَيْ نائِلٍ وَطِعانِ
بهمِ رفعت عليا معدٍّ عمادها
وَدَانَتْ لَها الأيّامُ بَعْدَ حِرانِ
وجروّا أنابيبَ الرِّماحِ بهضبةٍ
مِنَ المَجْدِ تَكْبو دُونَها القَدَمانِ
فَأَفْياؤُهُمْ لِلْمُسْتَجيرِ مَعاقِلٌ
وأبياتهم للمكرماتِ مغاني
أقولُ لحادينا وقد لغبَ السُّرى
بأشباحِ قودٍ كالقسيِّ حوانِ
نَواصِلَ من أَعْقابِ لَيْلِ كَأَنّما
سِقاها الكرى عانِيَّةً وسَقاني
يلوِّينَ أعناقا خواضعَ في الدُّجى
وَتَرْمي بِأَلْحاظِ إليَّ رَوانِ
أَنِخْها طَليحاتِ المَآقي لَواغِباً
بما اعتسفت من صحصحٍ ومتانِ
فإنّ أميرَ المؤمنينَ وجارهُ
بِعَلْياءَ لا يَسْمو لَها القَمَرانِ
إليكَ امتطيتُ الخيلَ واللّيلَ والفلا
وقد طاحَ في الإدلاجِ كلُّ هدانِ
بذي مرحٍ لا يملأُ الهولُ قلبهُ
ولا يتلقّى لمَّةً بلبانِ
وَأُهْدِي إليكَ الشِّعْرَ غَضَّاً، وَمالَهُ
بِنَشْرِ أياديكَ الجِسامِ يَدانِ
تطولُ يدي منها على ما أريدهُ
وَيَقْصُرُ عنها خاطِري وَلساني
بقيتَ ولا أبقى لكَ اللهُ كاشحاً
على غررٍ يرمى بهِ الرَّجوانِ
ومدَّ عنانَ الدَّهرِ إن شاءَ أو أبى
إلى نَيْلِ ما أَمَّلْتَهُ المَلَوانِ