سقانيها معتقة عقارا

سقانيها معتَّقَة ً عقاراً

​سقانيها معتَّقَة ً عقاراً​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


سقانيها معتَّقَةً عقاراً
وقد ألْقَتْ يد الفجر الإزارا
ودار بها مشعشعة علينا
فدار الأنسُ فينا حيث دارا
إذا ما زفَّها الساقي بَليْلٍ
أعاد الليل حينئذ نهارا
تشق حشاشة الظلماء كأسٌ
كما أوقدتَ في الظلماء نارا
جلاها في الكؤوس لنا عروساً
وقد جعل الجمان لها نثارا
يتوّجها الحباب بتاج كسرى
إذا مزجت ويلبسها سوارا
فقبل المزج تحسبها عقيقاً
وبعد المزج تحسبها نضارا
جلاها فانجلت عنّا هموم
وفرت كلّما جُلِبَتْ فرارا
فأدركت الندامى بالحمّيا
من الهمّ الذي في القلب ثارا
وكم من لذةٍ بكميتِ راح
أغرناها فأبعدنا المفارا
ويعذرني الشباب على التصابي
بصبوة مغرم خلع العذارا
وما أهنا المدام بكف ساق
كمثل البدر أشرق وکستنارا
بروحي ذلك الرشأ المفدّى
وإنْ ألفَ التجنّب والنفارا
وأين الضبي من لفتات أحوى
يضاهيه التفاتاً واحورارا
رنا فأصابَ بالألحاظ منا
فؤاداً بالصبابة مستطارا
مليحٌ ما تصبّر في هواه
محبٌّ لم يجد عنه اصطبارا
وما أنسى غداة الشَّرب أمست
بناظره وريقته سكارى
أَلا يا ممرضي بسقام طرف
أصاب من الحشا جرحاً جبارا
فؤادى مثل طرفك بانكسارٍ
فكلٌّ يشتكي منك کنكسارا
غرامي في هواك بلا کختياري
وما كان الهوى إلاّ اضطرارا
مضى وتصرَّمَتْ تلك التّصابي
فإنّ عاد الصبا عاد ادّكارا
فوا لهفي على أوقات لهو
قضيناها وإنْ كانت قصارا
تركت الشعر لما ألبستني
من الأكدار أيامي شعارا
ولولا مدح مولانا عليّ
لما جُدْتُ النظام ولا النثارا
أجلّ السادة الأشراف قدراً
وأرفعهم وأطيبهم نجارا
وأرأفهم على الملهوف قلباً
وأسرعهم إلى الحسنى بدارا
جواد في الأكارم لا يبارى
وبحر في المكارم لا يجارى
إذا نظر الكبار إلى علاه
رأت في المجد أنفسها صغارا
وقد سَبق الأعالي في المعالي
فما لحقت له فيها غبارا
وساجله السحاب فكان أندى
يداً منها وأعظمها قطارا
وكم عام منعنا القطر فيه
فأمطرنا لجيناً أو نضارا
وكم شاهدت في الأيام عسراً
ولذت به فشاهدت اليسارا
لنا في فضله غرس الأماني
جَنَيْناها بدولته ثمارا
وكم أكرومةٍ عذراءَ بكرٍ
يجيىءُ بها إلى الناس ابتكارا
يُهينُ أَعزَّ ما ملكت يداه
بوافر نيله ويعزّ جارا
أَلَسْتُم في الحقيقة آل بيت
عَلَوْا جُوداً وفضلاً واقتدارا
عليكم تنزل الآيات قدماً
فحسبكمُ بذالكمُ افتخارا
أقمتم ركن هذا الدين فيها
وأوضحتم لطالبه المنارا
جزيتم عن جميع الناس حيراً
وما زلتم من الناس الخيارا
بنفسي منك قرماً هاشمياً
يجير من الخطوب من کستجارا
تَقُدّ حوادث الأيام قَدّاً
فأنت السيف بل أمضى شفارا
بسرّ نداك قام الشعر فينا
فأثنينا عليك به جهارا
نقلّدُ من مناقبك القوافي
بأحسن ما تَقَلَّدَتِ العذارى
لبست من الثناء عليك حلياً
لعمرك لن يباع ولن يعارا
يضوع شميمه في كل نادٍ
كما نشرت صبا نجدٍ عرارا
فلا زالت لك الأيام عيداً
ولا شاهدت في الدنيا بوارا