سقى أيام رامة بل سقاها

سقى أيَّامَ رامة َ بل سقاها

​سقى أيَّامَ رامة َ بل سقاها​ المؤلف مهيار الديلمي


سقى أيَّامَ رامةَ بل سقاها
عميقُ الحفر مقتدحٌ حصاها
أحمُّ كأنَّ أدمَ العيس فيه
مرقعة الجلالِ لمن طلاها
يسفُّ يطامعِ الخرقاءَ حتى
تبوَّعه لتمسحه يداها
إذا زُرَّتْ سحابته أحالت
صبا نجدٍ محلَّلةً عراها
يسيل بمائه وادي أشيٍّ
فيترعُ فوقكاظمةَ العضاها
كأنَّ سماءه حنَّت فدرَّتْ
على الأرض اليتيمةِ مرزماها
إذا شامت بوارقه سيوفا
ليغمدها تراجعَ فانتضاها
وتأمرُ باتّباع البرق نفسي
فإن أتبعته عيني نهاها
ولم أر قبله حمراءَ خضراً
عواقبها ولا ضرباً أماها
يذكِّرني وللأشواق عيد
ثنايا أمِّ سعدةَ أو لماها
ألا للهِ يومَ عكاظَ عينٌ
جلتها نظرة فغدت قذاها
ترى لعبَ البلى بالدرا جدّاً
فيلعب أو يجدّ بها بكاها
وكم بلوى الشقيقة من فؤاد
أسير لو تكلم قال آها
ومن شاكٍ لو استمعت إليه
قنان أبانَ ذاب له صفاها
وطيِّبة الغداةِ تفُتُّ بانا
عقائصها ومسكا ريطتاها
إذا ما لم يجد فيها معابا
ضرائرها تعلَّل عائباها
أضل البينُ فظنتها فحارت
كأمّ الخشفِ ناشدةً طلاها
تميل على الرِّحالة ميلَ سرجي
تسرُّ إليَّ تفهمني هواها
فألثمُ في السِّرار تربيتيها
ومن لي لو تكون الأذنُ فاها
أجيرانَ الحمى من لابن ليلٍ
أتى مسترشدا بكمُ فتاها
ولما كنتمُيومَ التنائي
منيَّةَ نفسه كنتم مناها
أروم لكشف بلواها سواكم
وإن طبيبها لمن ابتلاها
أرقتُ ونام عن إسعادِ عيني
خليلٌ كان يسهمُ في كراها
أجاذبه عن الإسعاد كرها
ومن ذا يملك الودَّ الكراها
وقبلك قد عصبتُ يدي بمولىً
ليلحمها فظفَّرَ فانتقاها
رمى ظهري وقال توقَّ قدما
فجاءتني النبالُ ولا أراها
إذا صافحته أطبقتُ كفّي
على كفٍّ أناملها مداها
وبارقة تخايلُ في عذارى
على الأبصار من وجهي سناها
إذا مطرت بأرضٍ لم تخضِّر
أراكتها ولم يُخصب ثراها
نمى أثرُ النوائب في فؤادي
فأعدى لمَّتي حتَّى دهاها
رمى عنها الزمانُ الشيبَ حينا
فلما ملَّ صحبتها رماها
وكانت ليلة تخفي عيوبي
فدلَّ عليَّ طالبها ضحاها
إذا اعتبر المجرِّبُ في سنيه
تقلُّبها تيقَّنَ منتهاها
حياةُ المرء أنفاسٌ تقضَّى
وإن طالت وأعدادٌ تناهى
أرى الأيامَ يوماً والأسامي
عليها مستعارات حلاها
وفتية ليلةٍ ظلماءَ خاضوا
دجاها بي فكنتُ فتى سراها
سمحتُ لهم على غررٍ بنفسٍ
ملبِّيةٍ لأوّلِ من دعاها
رموا بظنونهم من ذا أخوهم
على الجلَّى فما زكنوا سواها
وذي شعثٍ نشرتُ له الفيافي
وأدراجَ الطريق وقد طواها
إذا حسب الرواحَ بعقرِ دارٍ
وقلتُ نزولها عارٌ عداها
ومن كانت له العلياءُ حاجا
وأشعرَ نفسه صبرا قضاها
حلفتُ بها تنافخ في براها
عجيجاً أو تساوكُ من وجاها
تولِّي الشمسَ أحداقا عماقا
كقلبِ الماءِ لو نقعتْ صداها
يلاغطن الحصا والليلُ داجٍ
لغاطَ الطيرِ باكرنَ المياها
تمنَّى العشبَ يوما بعد يومٍ
فلا مرعى لها إلا معاها
نواحل كالقسيِّ معطَّفات
وهم مثلُ السهام على مطاها
عليهم كلُّ نذرٍ ما رأوها
بمكّة هابطاتٍ أومناها
لقد تعب السحابُ وراءَ أيدي
بنيعبد الرحيم فما شآها
كرام عشيرةٍ دعمتْ بناها
بعزَّة بيتها وحمتْ حماها
تفوَّقت المكارمَ في ليالي
مراضعها وسادت في صباها
لهم ولدتْ فأنجبت المعالي
بنينَ ومنهمُ جدتْ أباها
عتاق الطير أحرار المجالي
إذا حدثانُ أحسابٍ نفاها
تخالُ درارياً طبعت وجوها
إذا كشفوا الموارن والجباها
بنو السنوات إن هزلت قراها
جدوبا سمّنوا كرما قَراها
لهم نارٌ على شرفِ المقاري
أقرَّ الله عينيْ من رآها
إذا قصر الوقودُ الجزلُ عنها
قبيلَ الصبح مندلَ موقداها
تضئُ كأنّها والليلُ داجٍ
تزيَّد من جباههمُ جذاها
يبيت سميرَ سؤددها عليها
فتىً منهم إذا قرَّ اصطلاها
يماطل نومه عن مقلتيه
تطلُّعُ نفسهِ ضيفا أتاها
إذا الكوماءُ يسمنها ربيعٌ
وغصَّت بالأضالع عرضتاها
وراحت تشرفُ النَّعمَ استواءً
كأنّ ملاطَ روميٍّ بناها
رأى الأضيافَ أولى أن يهينوا
كريمتها ويهتدموا ذراها
وقام فأطعم الهنديَّ عقرا
أسافلها ليطعمهم علاها
ولم يعطفه أن عجَّتْ حنينا
ألائفها وفُجِّعَ راعياها
فأمست بينهم نهبى أكيلٍ
يُدنِّي فلذةً منها حواها
إذا ما خاف من قدرٍ عليها
مماطلةً تعجَّلَ فاشتواها
وبات يسرُّ نفسا لو عداها
غنى الأموالِ موَّلها غناها
نمتْ أعراقها في بيتكسرى
إلى غيناءَ محلولٍ جناها
ترى مغسولة الأعراض منها
نتائجَ ما تدرَّن من ظباها
وتحسبها إذا شهدت طعانا
بألسنها منصِّلةً قناها
حموا خططَ العلا لسنا وضربا
بأقوالٍ وأسيافٍ نضاها
وكلُّ فتىً يتبِّعُ حاجتيه
مقصَّ الذئبِ يعتقبُ الشِّياها
إذا حسرتْ له لممُ الأعادي
مطأطئةً للهذمهِ فلاها
ولما طال منبتها وطالت
تفرَّع من رواسيها رباها
رأتبمحمدٍ لولا أبوه
شيوخَالمجدِ تابعةً فتاها
تأخَّر في قياد المجد عنها
وخاتمها فكان كمن بداها
غلام سادها يفعا فأوفى
كما أوفت وقد سادت سواها
له بدعُ المكارم لو رآها
لآخرَ قبله قلنا حكاها
ولم أر مثله طودا زليقا
يهُزُّ فيُجتنى مالا وجاها
ولا مجدا أواجهُ منه شخصا
ولا كرما أخاطبه شفاها
كأن الله خيَّره فسوَّى
خلائقه الحسانَ كما اشتهاها
أبا سعدٍ قدحتُ بمصلداتٍ
فلما فُضَّ زندك لي وراها
دعوتك والطَّريق عليه أفعى
سليسٌ مسُّهاخشنٌ سداها
كأنّ مجرَّها مجرى سبوحٍ
بلُجِّ أوالَ شرَّعَ نوتياها
تمجُّ السمَّ من جوفاءَ خيلتْ
ثفالَ الموت هامتها رحاها
كأنَّ يمانياً رقشتْ يداه
حبيرةَ بردتيه على قَراها
فما إن زال نصرك لي زميلا
ورأيك حاويا حتى رقاها
وكم لك والقوى بيدي ضعافٌ
يدٌ عندي مضاعفةٌ قواها
إذا ما قمتُ أشكرها تثنَّت
فتشغلُ عن مباديها ثناها
أعيذ علاك من لدغات عينٍ
لو أنّ المجدَ أبصرها فقاها
ولا تعدمْ محاسنَ لو أريد ال
حسودُ على الفداء لها فداها
فلا برحتْ بك العلياء تُحمى
حقيقتها ويُمنعُ جانباها
يمرُّ المهرجانُ وكلُّ عيدٍ
بنعمتكم فيغنم من جداها
تجعجعُ فيكمُ بركُ المعالي
وتلقي بين أظهركم عصاها
رددتم عنّى الأيامَ بيضا
أظافرها معطَّةً زباها
وأغنيتمُ ثنائي عن رجالٍ
أرى أسماءكم نبهت كُناها
لئام الملك لو رُدَّتْ إليهم
حياضُ الرزق ما بلُّوا الشِّفاها
عرفت بكم وكيف تسفُّ نفسي
وقد أعطيتموها ما كفاها
فدونكم الجزاءَ ميسّراتٍ
على الأفواه تطربِ من رواها
إذا طارقنَ سمعا من حسوٍ
صلمنَ وإن حصبن الوجه شاها
وكم متعرِّضٍ للقدح فيها
رمى أمَّ النجومِ وما اتقاها
ورامِ حطاطها فهوى رجيما
بها شيطانه ونجا سهاها
تحدَّى نفسه فيها فأعيتْ
عليه فردَّ معجزها سفاها
فرجلك لمْ على المسعاةِ خلفي
فما إن شاكها إلا خطاها
وما ذنبي وقد صحَّت سوامي
إذا كنتَ المعرَّ المستعاها
مسامعُ عفنَ من جهلٍ قراطى
فعدنَ حصاً تردَّدَ في لهاها