سكب الدمع لها فکنسكبا

سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا

​سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا
وقضى من حقِّها ما وجبا
أربعٌ لولا تباريحُ الهوى
ما جَرى دَمعُك فيها صَببَا
وجدت فيها السوافي ملعباً
للنّوى فاتَخَذَتْها ملعبا
مال قينا بوقوف الركب في
ساحة النعمان إلاّ نصبا
ذكر البُّ وهل ينسى بها
زمنَ اللهو وأيّام الصّبا
يا رعى الله بها لي قمراً
مُشْرِقَ الطلعة لكنْ غربا
أمنىً في أهل منىً
وقباب الحيّ في وادي قبا
فلقد كنتُ وكانتْ فتيةٌ
أنجمَ الأفق وأزهار الربا
ذهب الدهر بهم فامتزجت
فضة الأدمع فيهم ذهبا
يا خَليلَيَّ وهلاّ شِمْتُما
بارقاً لاح لعيني وخبا
فتوارى كفؤادي لهباً
ثم أورى زنده والتهبا
لعبَ الشوق بأحشائي وما
جَدَّ جِدُّ الوَجْد حتى لعبا
فانشدنْ لي في الحمى قلباً فقد
ضاع مني في الحمى أو غُصبا
نظرت عيناي أسرابَ المها
نظرةً كانت لحَيْني سببا
يومَ أصبتنا إلى دين الهوى
فتعلَّلنا بأرواح الصَّبا
وعدونا زورة الطّيف أما
آنَ ميعادهمُ واقتربا
أربُ النفس وحاجات إمرئٍ
ما قضى منهم لعمري أربا
قَضَتِ الأيام فيما بيننا
إنّنا لم نلقَ يوماً طربا
وهبَ الدهر لنا لذّته
واسترد الدهر ما قد وهبا
ومنعنا من أفاويق الطلا
منهلاً كان لنا مستعذبا
فحدا الحادي لسقيا عهدكم
عارضاً إنْ ساقه البرق كبا
مقلةُ الوالع يذري دمعها
وبكى القطر لها وانتحبا
أمر القلب بصبرٍ فقضى
ودعا الصَّبرَ إليها فأبى
قلَّما يدعى فيقضي حاجةً
وإذا ما انتدبوه انتدبا
والليالي فَلَكٌ يظهر في
كلِّ يوم عجباً مستغرباً
وكآفاق العلى ما أطْلَعَتْ
كشهاب الدين فينا كوكبا
فتأمَّل في معاني ذاته
وتفكّر فَتَحدَّثْ عجبا
هيبة لله في مطلعه
ملأتْ قلب الأعادي رعبا
يُرتجى جوداً ويُخشى سطوة
رغباً يرجى ويخشى رهبا
عالم الدنيا وناهيك به
لا يشوبُ العلم إلاّ أدبا
معربٌ عن فكره الثاقب إنْ
زفَّ أبكار المعاني عربا
كم تجلَّت فجلتْ أفكاره
عن سنا كلّ عويص غيهبا
فأرتنا الحقّ يبدو واضحاً
بعد أنْ قاربَ أنْ يحتجبا
بلسانٍ يفصلُ الأمر به
كَشَبا الصّمصام أو أمضى شبا
فخُذِ اللْؤلُؤَ من ألفاظِهِ
واجتنِ إنْ شئتَ منها ضربا
وفكاهاتٍ إذا أوْرَدها
نُظمَتْ فوق الحمّيا حببا
وكمالات له معجزة
وأحاديثاً رواها نخبا
أينَ من أقلامه سمر القنا
أينَ من همته بيض الظبا
وكلامُ راق في السمع كما
قد يروقُ العينَ فيما كتبا
علويٌّ من أعالي هاشم
هاشم الجود ويكفي نسبا
صاغه الله لقومٍ أرباً
ولقوم حسدوه عطبا
لا يزال الدهرَ يَعلو جَدّه
مرتقيها في المعالي رتبا
فإذا بُوحثَ بالجدّ علا
وإذا غولبَ فيه غَلَبا
أبلجٌ تحسبه بدرَ الدجى
أو بأضواءِ الصّباح آنتقبا
ديمةٌ منهلَّةِ ما شمتُ في
بارق الآمال منها خلّبا
ولئنْ أصبَحَ روضي ممحلا
فكم أخضرَّ به وأعشوشبا
يهنِكَ العيدُ فخذ من لائذٍ
بكم ماكنتُ له مستوجبا
شاكراً منك العيد يداً
لم أُفاخر بسواها السُّحبا
فتفضَّلْ يا کبن بنتِ المصطفى
أشرفَ العالمِ أمّاً وأبا