سهرت عليك لواحظ الرقباء

سهرت عليكِ لواحظُ الرقباء

​سهرت عليكِ لواحظُ الرقباء​ المؤلف ابن نباتة المصري


سهرت عليكِ لواحظُ الرقباء
سهرا ألذّ لها من الاغفاء
فمتى أحاول غفلةً ومرادهم
بيعُ الرقاد بلذة استحلاء
ومتى يقصر عاذلي ورجاؤه
في مرّ ذكرك دائماً ورجائي
قسما بسورة عارضيك فانها
كالنمل عند بصائر الشعراء
وجفونك اللاتي تبرحُ بالورى
وتقول لا حرجٌ على الضعفاء
اني ليعجبني بلفظ عواذلي
مني ومنك تجمع الأسماء
وتلذ لي البرحاء أعلم أنه
يرضيكِ ما ألقى من البرحاء
ويشوقني مغنى الوصال فكلما
ذكر العقيق بكيتهُ بدمائي
أيام لا أهوى لقاك بقدر ما
تهوي لإفراط الوداد لقائي
متمازجان من التعانق والوفا
في الحبّ مزجَ الماءِ بالصهباء
لو رامت الأيامُ سلوةَ بعضنا
لم تدرمن فينا أخو الاهواء
وصلٌ سهرتُ زمانه لتنعم
وسهرتُ بعد زمانه بشقاء
يا جفن لست أراك تعرف ماالكرى
فعلام تشكو منه مرّ جفاء
كانت لياليَ لذةٍ فتقلصت
بيد الفراق تقلص الأفياء
ومنازل بالسفح غُير رسمها
بمدامعِ العشاقِ والأنواء
لم يبقَ لي غيرُ انتشاقِ نسيمها
ياطولَ خيبةِ قانعٍ بهواء
كمؤمل يبغي براحةِ واهبٍ
كرماً ويتركُ أكرمَ الوزراء
الصاحب الشرف الرفيعِ على السها
قدراً برغمِ الحاسدِ العواء
ندبٌ بدا كالشمس في أفق العلا
فتفرقت أهلُ العلا كهباء
عالي المكانة حيث حلَّ مقامه
كالنجمِ حيث بدا رفيعَ سناء
ما السحبُ خافقةٌ ذوائبُ برقها
بأبرّ من جدواه في اللأواء
لا والذي أعلا وأعلن مجدهُ
حتى تجاوز هامةَ الجوزاء
لا عيبَ في نعماهُ إلا أنها
تسلي عن الأوطان والقرباء
مغرى على رغم العواذل والعدى
بشتاتِ أموالٍ وجمعِ ثناء
لا تستقر يداه في أمواله
فكأنما هو سابحٌ في ماء
جمعت شمائله المديحَ كمثل ما
جمعت أبي جادٍ حروفَ هجاء
وتفردت كرماً وان قال العدى
انَّ الغمامَ لها من النظراء
وتقدمت في كل محفل سؤددٍ
تقديمَ بسم اللهِ في الأسماء
أكرمْ بهنَّ شمائلا معروفة
يوم العلى بتحملِ الأعباء
يلوي بقول اللائمينَ نوالها
كالسيل يلوي جريهُ بغثاء
ومراتباً غاظ السماء علوها
فتلقبت للغيظ بالجرباء
ومناقباً تمشي المدائح خلفها
لوفور سؤددها على استحياء
وفضائلاً كالروض غنى ذكرها
يا حبذا من روضةٍ غناء
ويراعةً تسطو فيقرع سنها
خجلاً قوامَ الصعدة السمراء
هرقت دم المحل المروع والعدى
حتى بدت في أهبةٍ حمراء
عجباً لإبقاء المهارق تحتها
ونوالها كالديمة الوطفاء
كم عمرت بحسابها من دولة
وبلا حساب كم سخت بعطاء
ولكم جلا تدبيرها عن موطن
دهماءَ واسأل ساحةَ الشهباء
لولاك في حلبٍ لأحدرِ ضرعها
وقرى ضيوفَ جنابها بعناء
يا من به تكفى الخطوبُ وترتمي
بكر الثناء لسيدِ الأكفاء
أنت الذي أحيا القريض وطالما
أمسى رهين عناً طريدَ فناء
في معشر منعوا اجابةَ سائل
ولقد يجيبُ الصخرُ بالأصداء
أسفي على الشعراء أنهمو على
حال تثير شماتة الأعداء
خاضوا بحور الشعر إلا أنها
مما تريق وجوههم من ماء
حتى اذا لجأوا اليكَ كفيتهم
شجناً وقلت أذلةُ العلياء
ظنوا السؤال خديعة وأنا الذي
خدعت يداه بصائر العلماء
أعطوا أجورهم وأعطيتَ اللهى
شتانَ بين فناً وبينَ بقاء
شكراً لفضلكَ فهو ناعشُ عيشتي
ونداك فهو مجيبُ صوتَ ندائي
من بعد ما ولع الزمان بمهجتي
فردعته وحبوتني حوبائي
وبلغتَ ما بلغ السحابُ براحةٍ
عرفتْ أصابعُ بحرها بوفاء
فانعم بما شادت يداك ودمْ على
مرّ الزمان ممدحَ الآلاء
واحكِ الكواكب في البقاء كمثلِ ما
حاكيتها في بهجةٍ وعلاء