سوى حسن وجهك لم يحل لي

سوى حسنِ وجهكَ لم يحلُ لي

​سوى حسنِ وجهكَ لم يحلُ لي​ المؤلف صفي الدين الحلي


سوى حسنِ وجهكَ لم يحلُ لي،
وغيرُكَ في القَلبِ لم يَحلُلِ
فكيفَ سلوي وَلي طينةٌ
على غيرِ حبكَ لم تجبلِ
أتَزعُمُ أنّي أُطيعُ الوُشاةَ،
وأُصغي إلى عَذَلِ العُذّلِ
لقد نصلَ الدهرُ صبغَ الشباب،
وصبغُ المحبةِ لم ينصلِ
عجبتُ لقدّكَ مع لينِهِ
يرينا اعتدالاص، ولم يعدلِ
يلينث، وفي فتكهِ قسوةٌ،
وذلكَ شأنُ القَنا الذُّبَّلِ
وعيناكَ قد فوقتْ أسهماً،
فمَنْ دَلّهنّ على مقتَلي
وخدكَ موقدةٌ نارهُ،
وقلبي بجذوتها يصطلي
أيا ماطِلاً لوُعودِ الوصالِ،
ووَعدُ تَجافيهِ لم يَمطُلِ
بَخِلْتَ، وقد حُزتَ مُلك الجمال،
ومَن مَلكَ الملكَ لم يَبخَلِ
فهَلاَّ تعلّمتَ فضلَ السّماحِ
من راحةِ الملكِ الأفضلِ
مليكٌ، إذا هطلتْ كفهُ،
تصاغرَ قدرُ الحيا المسبلِ
يشيدُ العلى باليراعِ القصير،
ويَفخَرُ بالطّرَفِ الأطولِ
بهِ أصبَحَ المُلكُ في مَعقِلِ
وفي السّلمِ ذا الخُلُقِ الأسهَلِ
أخَفُّ إلى الحَرْبِ من ذابِلٍ،
وأثقَلُ في الحِلمِ من يَذبُلِ
يُضيءُ لَنا في ظَلامِ الخطوب
ويشرقُ في حندسِ القسطلِ
فسيلُ عطاياه للمجتدي،
ونورُ محياهُ لملجتلي
يُرَمّلُ بالدّمِ شِلْوَ الكَميّ،
ويَحنو على البائِسِ المُرمِلِ
مَناقبُ مَعروفُها تالِدٌ،
مُحَمّدُ أورَثها من علي
إلى آلِ أيّوبَ يُعزَى الفَخارُ،
في كلّ ماضٍ ومستقبلٍ
ملوكٌ لهمْ شرَفٌ آخرٌ،
يُخَبّرُ عن شَرفٍ أوّلِ
يَنُمُّ بهمْ جُودُهمْ مثلَما
تنمُّ الرياحُ على المندلِ
حَباكَ المُؤيَّدُ تأييدَهُ،
كذا همةُ الليثِ في الأشبلِ
ولولا وجودُكَ كانَ السّماحُ
تحتَ الصفائحِ والجندلِ
فقلبي بإحسانكمْ فارغٌ،
وكفي بإنعامكم ممتلي
سَمحتَ ابتداءً، ولم أمتَدحْ،
وأنعمتَ عفواً، ولم أسألِ
ووالَيتَ بِرّكَ حتى رَحَلتُ
حياءً، ولولاه لم أرحلِ
ولو شِئتُ نَهضي إلى قَصدِكم،
لخففتُ عن ظهريَ المثقلِ
فأهمَلتُ واجبَ سَعيي إليك،
وما كنتُ عندكَ بالمُهمَلِ
وكَفّرتُ عن زَلّةِ الانقِطاعِ
بأحسَنِ من كانَ في مَنزلي
فأرسَلتُهُ راجِياً أنّهُ
يمحصُ عن زلةِ المرسلِ
فإنْ لاحَظَتَهُ عيونُ الرّضَى
لَكَ الفَضلُ في ذاكَ والفَخرُ لي
وإن لم يكنْ غايةً في الجمال،
وبدرُ معانيهِ لم يكمَلِ
فإنّ لهُ غايةً في الذكاء
ولُطفَ البَديهَةِ والمِقوَلِ
وبكرٍ خدمتُ بها عاجلاً،
وسيَفُ القَريحَةِ لم يُصقَلِ
أرومُ إقامَةَ عذري بها،
وأُثني على فَضلِكَ الأكمَلِ
ومثلُكَ مَن قَبِلَ الاعتذارَ،
وصدّقَ قول المحبّ الوَلي
فَواضُعفَ حَظّي وفوتَ المُنى،
إذا كانَ عذريَ لم يقبلِ