سير أعلام النبلاء/علي الرضى


علي الرضى

علي الرضى الإمام السيد أبو الحسن علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين الهاشمي العلوي المدني وأمه نوبية اسمها سكينة مولده بالمدينة في سنة ثمان وأربعين ومئة عام وفاة جده

سمع من أبيه وأعمامه إسماعيل وإسحاق وعبد الله وعلي أولاد جعفر وعبد الرحمن بن أبي الموالي وكان من العلم والدين والسودد بمكان

يقال أفتى وهو شاب في أيام مالك استدعاه المأمون إليه إلى خراسان وبالغ في إعظامه وصيره ولي عهده فقامت قيامة آل المنصور فلم تطل أيامه وتوفي. روى عنه ضعفاء: أبو الصلت عبد السلام الهروي وأحمد بن عامر الطائي وعبد الله بن العباس القزويني. وروى عنه فيما قيل آدم ابن أبي إياس وهو أكبر منه وأحمد بن حنبل ومحمد بن رافع ونصر بن علي الجهضمي وخالد بن أحمد الذهلي الأمير ولا تكاد تصح الطرق إليه.

روى المفيد وليس بثقة حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي حدثنا علي بن موسى عن أبيه فذكر حديثا منكر المتن. وعن علي بن موسى الرضى عن أبيه قال إذا أقبلت الدنيا على إنسان أعطته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه

قال الصولي حدثنا أحمد بن يحيى أن الشعبي قال أفخر بيت قيل قول الأنصار يوم بدر

وببئر بدر إذ يرد وجوههم * جبريل تحت لوائنا ومحمد

ثم قال الصولي أفخر منه قول الحسن بن هانىء في علي بن موسى الرضى

قيل لي أنت واحد الناس في ك * ل كلام من المقال بديه

لك في جوهر الكلام بديع * يثمر الدر في يدي مجتنيه

فعلام تركت مدح ابن موسى * بالخصال التي تجمعن فيه

قلت لا أهتدى لمدح إمام * كان جبريل خادما لأبيه

قلت لا يسوغ إطلاق هذا الاخير إلا بتوقيف بل كان جبريل معلم نبينا صلى الله عليه وسلم وعليه

قال أحمد بن خالد الذهلي الأمير صليت خلف علي الرضى بنيسابور فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة قال الحاكم حدثنا إسحاق بن محمد الهاشمي بالكوفة حدثنا القاسم بن أحمد العلوي حدثنا أبو الصلت الهروي حدثني علي بن موسى الرضى قال من قال القرآن مخلوق فهو كافر

ويروى عن علي الرضى عن آبائه كل شيء بقدر حتى العجز والكيس.

وعن أبي الصلت قال سمعت علي بن موسى بالموقف يدعو اللهم كما سترت علي ما أعلم فاغفر لي ما تعلم وكما وسعني علمك فليسعني عفوك وكما أكرمتني بمعرفتك فأشفعها بمغفرتك يا ذا الجلال والإكرام

توفي سنة ثلاث ومئتين كهلا. قال ابن حبان: علي بن موسى يروي عن أبيه العجائب روى عنه أبو الصلت وغيره كان يهم ويخطىء

قال ابن جرير في تاريخه إن عيسى بن محمد بن أبي خالد بينما هو عرض أصحابه ورد عليه كتاب الحسن بن سهل يعلمه فيه أن المأمون جعل علي بن موسى ولي عهده لأنه نظر في بني العباس وبني علي فلم يجد أحدا هو أفضل ولا أعلم ولا أورع منه وأنه سماه الرضى من آل محمد وأمره بطرح لبس السواد ولبس الخضرة في رمضان سنة إحدى ومئتين ويأمره أن يأمر من قبله بالبيعة له ويلبس الخضرة في أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم ويأخذ أهل بغداد جميعا بذلك، فدعا عيسى أهل بغداد إلى ذلك على أن يعجل لهم رزق شهر فأبى بعضهم وقالوا هذا دسيس من الفضل بن سهل وغضب بنو العباس ونهض إبراهيم ومنصور ابنا المهدي ثم نزعوا الطاعة وبايعوا إبراهيم بن المهدي

قال الحاكم ورد الرضى نيسابور سنة مئتين بعث إليه المأمون رجاء بن أبي الضحاك لإشخاصه من المدينة إلى البصرة ثم منها إلى الأهواز فسار منها إلى فارس ثم على طريق بست إلى نيسابور وأمره أن لا يسلك به طريق الجبال ثم سار به إلى مرو قال ابن جرير دخلت سنة ثلاث فسار المأمون إلى طوس وأقام عند قبر أبيه الرشيد أياما ثم إن علي بن موسى أكل عنبا فأكثر منه فمات فجأة في آخر صفر فدفن عند الرشيد واغتم المأمون لموته وقيل إن دعبلا الخزاعي أنشد علي بن موسى مدحه فوصله بست مئة دينار وجبة خز بذل له فيها أهل قم ألف دينار فامتنع وسافر فجهزوا عليه من قطع عليه الطريق وأخذت الجبة فرجع وكلمهم فقالوا ليس إلى ردها سبيل وأعطوه الألف دينار وخرقة من الجبة للبركة

قال المبرد عن أبي عثمان المازني قال سئل علي بن موسى الرضى أيكلف الله العباد مالا يطيقون قال هو أعدل من ذلك قيل فيستطيعون أن يفعلوا ما يريدون قال هم أعجز من ذلك قيل قال المأمون للرضى ما يقول بنو أبيك في جدنا العباس قال ما يقولون في رجل فرض الله طاعة نبيه على خلقه وفرض طاعتة على نبيه وهذا يوهم في البديهة أن الضمير في طاعته للعباس وإنما هو لله فأمر له المأمون بألف ألف درهم

وكان لعلي إخوة من السراري وهم إبراهيم وعباس وقاسم وإسماعيل وهارون وجعفر وحسن وأحمد ومحمد وعبيد الله وحمزة وزيد وإسحاق وعبد الله والحسين والفضل وسليمان وعدة بنات سردهم الزبير في كتاب النسب فقيل إن أخاه زيدا خرج بالبصرة على المأمون وفتك وعسف فنفذ إليه المأمون علي بن موسى أخاه ليرده فسار إليه فيما قيل وقال ويلك يا زيد فعلت بالمسلمين ما فعلت وتزعم أنك ابن فاطمة والله لأشد الناس عليك رسول الله ينبغي لمن أخذ برسول الله أن يعطى به فبلغ المأمون فبكى وقال هكذا ينبغي أن يكون أهل بيت النبوة هكذا

وقد كان علي الرضى كبير الشأن أهلا للخلافة ولكن كذبت عليه وفيه الرافضة وأطروه بما لا يجوز وادعوا فيه العصمة وغلت فيه وقد جعل الله لكل شيء قدرا وهو بريء من عهدة تلك النسخ الموضوعة عليه. فمنها عن أبيه عن جده عن آبائه مرفوعا السبت لنا والأحد لشيعتا والاثنين لبني أمية والثلاثاء لشيعتهم والأربعاء لبني العباس والخميس لشيعتهم والجمعة للناس جميعا. وبه لما أسرى بي سقط من عرقي فنبت منه الورد وبه ادهنوا بالبنفسج فإنه بارد في الصيف حار في الشتاء وبه من أكل رمانة بقشرها أنار الله قلبه أربعين ليلة وبه الحناء بعد النورة أمان من الجذام وبه كان النبي إذا عطس قال له علي رفع الله ذكرك وإذا عطس علي قال له النبي أعلى الله كعبك.

فهذه أحاديث وأباطيل من وضع الضلال.

ولعلي ابن موسى مشهد بطوس يقصدونه بالزيارة وقيل إنه مات مسموما فقال أبو عبد الله الحاكم: استشهد علي ابن موسى بسنداباد من طوس لتسع بقين من رمضان سنة ثلاث ومئتين وهو ابن تسع وأربعين سنة وستة أشهر وقيل إنه خلف من الولد محمدا والحسن وجعفرا وإبراهيم والحسين وعائشة


سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي
الجزء الأول | الجزء الثاني | الجزء الثالث | الجزء الرابع | الجزء الخامس | الجزء السادس | الجزء السابع | الجزء الثامن | الجزء التاسع | الجزء العاشر