سير أعلام النبلاء/مروان بن محمد

سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي
مروان بن محمد


مروان بن محمد

مروان بن محمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أبو عبد الملك الخليفة الاموي يعرف بمروان الحمار وبمروان الجعدي نسبه إلى مؤدبه جعد بن درهم ويقال أصبر في الحرب من حمار وكان مروان بطلا شجاعا داهية رزينا جبارا يصل السير بالسرى ولا يجف له لبد دوخ الخوارج بالجزيرة ويقال بل العرب تسمي كل مئة عام حمارا فلما قارب ملك آل أمية مئة سنة لقبوا مروان بالحمار وذلك مأخوذ من موت حمار العزير عليه السلام وهو مئة عام ثم بعثهم الله تعالى مولد مروان بالجزيرة في سنة اثنتين وسبعين إذ أبوه متوليها وامه أم ولد وقد افتتح في سنة خمسين ومئة قونية وولي إمرة الجزيرة وأذربيجان لهشام في سنة أربع عشرة ومئة وقد غزا مرة حتى جاوز الروم شهر فاغار وسبى في الصقالبة وكان ابيض ضخم الهامة شديد الشهلة كث اللحية ابيضها ربعة مهيبا وشديد الوطأة اديبا بليغا له رسائل تؤثر ومع كمال أدواته لم يرزق سعادة بل اضطربت الامور وولت دولتهم بويع بالإمامة في نصف صفر سنة سبع وعشرين ومئة ولما سمع بمقتل الوليد في العام الماضي دعا إلى بيعة من رضيه المسلمون فبايعوه فلما بلغه موت يزيد الناقص أنفق الاموال واقبل في ثلاثين ألف فارس فلما وصل إلى حلب بايعوه ثم قدم حمص فدعاهم إلى بيعة وليي العهد الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد وكانا في حبس الخليفة إبراهيم فأقبل معه جيش حمص ثم التقى الجمعان بمرج عذراء وانتصر مروان فبرز إبراهيم وعسكر بميدان الحصا فتفلل جمعه فتوثب اعوانه فقتلوا وليي العهد ويوسف بن عمر في السجن وثار شباب دمشق بعبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك فقتلوه لكونه أمر بقتل الثلاثة ثم اخرجوا من الحبس أبا محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية السفياني ووضعوه على المنبر في قيوده ليبايعوه وبين يديه رأس عبد العزيز فخطب وحض على الجماعة واذعن بالبيعة لمروان فسمع إبراهيم الخليقة فهرب وآمن مروان الناس فأول من سلم عليه بالخلافة أبو محمد السفياني وأمر بنبش يزيد الناقص وصلبه وأما أبراهيم فخلع نفسه وكتب بالبيعة إلى مروان الحمار فآمنه فسكن بالرقة خاملا قال المدائني كان مروان عظيم المروءة محبا للهو غير أنه شغل بالحرب وكان يحب الحركة والسفر

قال الوزير أبو عبيد الله قال لي المنصور ما كان اشياخك الشاميون يقولون قلت ادركتهم يقولون إن الخليفة إذا استخلف غفر له ما مضى من ذنوبه فقال إي والله وما تأخر اتدري ما الخليفة به تقام الصلاة والحج والجهاد ويجاهد العدو قال فعدد من مناقب الخليفة ما لم اسمع أحدا ذكر مثله وقال والله لو عرفت من حق الخلافة في دهر بني أمية ما اعرف اليوم لاتيت الرجل منهم فبايعته فقال ابنه أفكان الوليد منهم فقال قبح الله الوليد ومن اقعده خليفة قال افكان مروان منهم فقال لله دره ما كان احزمه واسوسه واعفه عن الفيء قال فلم قتلتموه قال للأمر الذي سبق في علم الله تعالى قال خليفة سار مروان لحرب المسودة في مئة وخمسين ألفا حتى نزل بقرب الموصل فالتقى هو وعبد الله بن علي عم المنصور في جمادي الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ومئة فانكسر جمع مروان وفر فاستولى عبد الله على الجزيرة ثم طلب الشام ففر مروان إلى فلسطين فلما سمع بأخذ دمشق سار إلى مصر وطلب الصعيد ثم ادركوه وبيتوه ببوصير فقاتل حتى قتل وعاش اثنتين وستين سنة قتل في ذي الحجة سنة اثنتين وانتهت خلافة بني أمية وبويع السفاح قبل مقتل مروان الحمار بتسعة اشهر ومن جبروت مروان أن يزيد بن خالد بن عبد الله القسري الأمير كان قد

قاتله ثم ظفر به فأدخل عليه يوما فاستدناه ولف على اصبعه منديلا ورص عينه حتى سالت ثم فعل كذلك بعينه الاخرى وما نطق يزيد بل صبر نسأل الله العافية وقيل إن أم مروان الحمار كردية يقال لها لبابة جارية إبراهيم بن الاشتر أخذها محمد من عسكر إبراهيم فولدت له مروان ومنصور وعبد الله ولما قتل مروان هرب ابناه عبد الله وعبيد الله إلى الحبشة فقتلت الحبشة عبيد الله وهرب عبد الله ثم بعد مدة ظفر به المنصور فاعتقله


سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي
الجزء الأول | الجزء الثاني | الجزء الثالث | الجزء الرابع | الجزء الخامس | الجزء السادس | الجزء السابع | الجزء الثامن | الجزء التاسع | الجزء العاشر