شديد ما أضر بها الغرام
شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ
شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ
وأَضْناها لِشقْوَتها السّقامُ
وما کنفروت بصَبْوتها ولكنْ
كذلكم المحبُّ المستهام
تشاكَيْنا الهوى زمناً طويلاً
فأَدْمُعَنا وأَدْمُعُها سِجام
قريبة ما تذوب على طلول
عفت حتى معاليها رمام
سقى الله الديارَ حياً كدمعي
لها فيها انسكاب وانسجام
وبات الغيث منهلاًّ عليها
تسيل به الأباطح والأكام
حسبتُ بها المطيَّ فقال صحبي
أضرّ بهذه النوقِ المقامُ
وبرّح بالنياق نوىً شطونٌ
وأشجان تراشُ لها سهام
فلا رنداً تشمّ ولا تماماً
وأين الرّند منها والثّمام
مفارقة أَحبَّتُها بنجد
عليك الصَّبر يومئذٍ حرام
تقرُّ لأَعْيُني تلك المغاني
وهاتيك المنازل والخيام
إذا ذُكِرَتْ لنا فاضَتْ عيون
وأضرمَ مهجة الصبّ الضرام
لعمرك يا أميمة إنَّ طرفي
على العبرات أوقفه الغرام
أشيمُ البرق يبكيني ابتساماً
وقد يُبكي الشجيَّ الابتسام
تَبَسَّم ضاحكاً فكأنَّ سُعدى
فليس بغيره کفتخر الأنام
يلوحُ فينْجَلي طَوْراً ويخفى
كما جُلِيَتْ مضاربه الحسام
أما وهواك يمنحني سقامي
ومنك البرءُ أجْمَعُ والسقام
لقد بلغ الهوى منّي مناه
ولم يبلغْ مآربه الملام
على الأحداق لا بيضٌ حدادٌ
يشقُّ بها حشىً ويقدُّ هام
سلي السُّمر المثقَّفةَ العوالي
أتفتكُ مثل ما فتك القوام
أبيتُ أرعى النجمَ فيه
بطرفٍ لا يلمُّ به منام
يذكّرني حَمامُ الأَيْكِ إلْفاً
ألا لا فارقَ الإلْفَ الحَمامُ
وهاتفةٍ إذا هتفت بشجوي
أقول لها ومثلك لا يلام
فنوحي ما بدا لكِ أنْ تنوحي
فلا عيبٌ عليك ولا منام
بذلتُ لباخل في الحبّ نفسي
ولَذَّ لي الصبابةُ والهيام
منعتُ رضابه حرصاً عليه
ففاض الريُّ واتَّقد الأوام
وفي طيِّ الجوانح لو نَشَرْنا
بها المطويَّ طال لنا كلام
أرى الأيام أوّلُها عناءٌ
وعقباها إذا کنقرضَتْ أثام
عناءٌ إنْ تأمَّلها لبيبٌ
وما يشقى بها إلا الكرام
لذاك الأكرمون تُزادُ عَنها
فتمنها ويعطاها اللئام
نَزَلْنا من جميل أبي جميل
بحيث القصد يبلغُ والمرام
فثمَّ العروةُ الوثقى وإنّا
لنا بالعروة الوثقى کعتصام
إذا نزلَ المروع لديه أمسى
يضيم به الخطوب ولا يضام
جوادٌ لا يجود به زمانٌ
ولا يستنتج الدهر العقام
أشيمُ بروقه في كلّ يوممٍ
وما كلُّ بوارقه تشام
إذا افتخر الأنامِ على النسق الأعالي
فذاك البدء فيه والختام
تيقَّظَ للمكارم والعطايا
وأعينُ غيره عنها نيام
مكانكَ من عرانين المعالي
مكانٌ لا ينال ولا يرام
وما جودُ الروائح والغوادي
فإنَّ الجودَ جودك والسلام
بنفسي من لدى حربٍ وسِلْمٍ
هو الضرغام والقرم الهمام
تُراعُ به ألوفٌ وهُوَ فَردٌ
وليسَ يروعه العددُ اللَّهام
ومن عَظُمتْ له في المجد نفسٌ
أهِينَتْ عنده الخِطَطُ العظام
صُدوعٌ ما هنالك والتئام
وما ضلَّتْ وأنتَ لها إمام
كأنَّك في بني الدنيا أبوها
وَراعٍ أنْتَ والدنيا سَوام
إذا کفتخَر الأنامِ وكان فيهم
محلّ الأمن والبلد الحرام
لكلٍّ في جماك له طوافٌ
وتقبيلٌ لكفِّك واستلام
تعودُ بوجهك الظلماءُ صبحاً
ويستسقى بطلعتك الغمام
ويشرقُ من جمالك كلُّ فجٍ
كما قَد أَشْرَقَ البَدر التّمام
فداؤك من عرفتَ وأنت تدري
فخيرٌ من حياتهم الحمام
أناسٌ حاوَلوا ما أَنتَ فيه
وما سَلكُوا طريقك واستقاموا
لقد تخلوا وجدتَّ وأنتَ فينا
كما کنهلَّت عزاليه الرّكام
وما كلٌّ بمندورٍ ببخلٍ
ولا كلٌّ على بخلٍ يلام
تميل بنا بمدحتك القوافي
كما مالت بشاربها المدام
ولولا أنتُ تنفقها لكانتْ
بوائِرَ لا تُباع ولا تُسام
نزورك سيدي في كلِّ عامٍ
إذا مَا مرَّ عامٌ جاءَ عام
تُخَبِرُّ أنَّنا ولأنت أدرى
صيامٌ منذ وافانا الصيام