شرح ابن عقيل/المجلد الأول/النكرة والمعرفة

ملاحظات: النكرة والمعرفة1


نكرة قابل أل مؤثرا
أو واقع موقع ما قد ذكرا2

النكرة: ما يقبل أل وتؤثر فيه التعريف أو يقع موقع ما يقبل أل 3 فمثال ما يقبل أل وتؤثر فيه التعريف رجل فتقول الرجل واحترز بقوله وتؤثر فيه التعريف مما يقبل أل ولا تؤثر فيه التعريف كعباس علما فإنك تقول فيه العباس فتدخل عليه أل لكنها لم تؤثر فيه التعريف لأنه معرفة قبل دخلوها عليه ومثال ما وقع موقع ما يقبل أل ذو التي بمعنى صاحب نحو جاءني ذو مال أي صاحب مال فذو نكرة وهي لا تقبل أل لكنها واقعة موقع صاحب وصاحب يقبل "أل" نحو: الصاحب.

وغيره معرفة كهم وذي
وهند وابني والغلام والذي4

أي غير النكرة المعرفة وهي ستة أقسام:
المضمر كهم واسم الإشارة كذي والعلم كهند والمحلى بالألف واللام كالغلام والموصول كالذي وما أضيف إلى واحد منها كابني وسنتكلم على هذه الأقسام.


فما لذي غيبة أو حضور
كأنت وهو سم بالضمير5

يشير إلى أن الضمير ما دل على غيبة كهو أو حضور وهو قسمان أحدهما: ضمير المخاطب نحو أنت والثاني: ضمير المتكلم نحو أنا.

وذو اتصال منه ما لا يبتدا
ولا يلي إلا اختيارا أبدا6
كالياء والكاف من ابني أكرمك
والياء والها من سليه ما ملك7

الضمير البارز ينقسم: إلى متصل ومنفصل فالمتصل هو: الذي لا يبتدأ به كالكاف من أكرمك ونحوه ولا يقع بعد إلا في الاختيار8 فلا يقال ما أكرمت إلاك وقد جاء شذوذا في الشعر كقوله:

أعوذ برب العرش من فئة بغت
عليّ فما لي عوض إلاه ناصر9

وقوله:

وما علينا إذا ما كنت جارتنا
أن لا يجاورنا إلاك ديار10
وكل مضمر له البنا يجب
ولفظ ما جر كلفظ ما نصب11

المضمرات كلها مبنية لشبهها بالحروف في الجمود12 ولذلك لا تصغر ولا نثني ولا تجمع وإذا ثبت أنها مبنية فمنها ما يشترك فيه الجر والنصب وهو كل ضمير نصب أو جر متصل نحو أكرمتك ومررت بك وإنه وله فالكاف في أكرمتك في موضع نصب وفى بك في موضع جر والهاء في إنه في موضع نصب وفي له في موضع جر.
ومنها ما يشترك فيه الرفع والنصب والجر وهو "نا" وأشار إليه بقوله:

للرفع والنصب وجر نا صلح
كأعرف بنا فإننا نلنا المنح13

أي صلح لفظ نا للرفع نحو نلنا وللنصب نحو فإننا وللجر نحو بنا.
ومما يستعمل للرفع والنصب والجر الياء فمثال الرفع نحو: اضربي ومثال النصب نحو أكرمني ومثال الجر نحو مر بي.ويستعمل في الثلاثة أيضا هم فمثال الرفع هم قائمون ومثال النصب أكرمتهم ومثال الجر لهم.وإنما لم يذكر المصنف الياء وهم لأنهما لا يشبهان "نا" من كل وجه لأن "نا" تكون للرفع والنصب والجر والمعنى واحد وهي ضمير متصل في الأحوال الثلاثة بخلاف الياء فإنها وإن استعملت للرفع والنصب والجر وكانت ضميرا متصلا في الأحوال الثلاثة لم تكن بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة لأنها في حال الرفع للمخاطب (١) وفي حالتي النصب والجر للمتكلم وكذلك هم لأنها وإن كانت بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة فليست مثل "نا" لأنها في حالة الرفع ضمير منفصل وفي حالتي النصب والجر ضمير متصل.

وألف والواو والنون لما
غاب وغيره كقاما واعلما14

الألف والواو والنون من ضمائر الرفع المتصلة وتكون للغائب وللمخاطب فمثال الغائب الزيدان قاما والزيدون قاموا والهندات قمن ومثال المخاطب اعلما واعلموا واعلمن ويدخل تحت قول المصنف وغيره المخاطب والمتكلم وليس هذا بجيد لأن هذه الثلاثة لا تكون للمتكلم أصلا بل إنما تكون للغائب أو المخاطب كما مثلنا.

ومن ضمير الرفع ما يستتر
كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر15

ينقسم الضمير إلى مستتر وبارز16 والمستتر إلى واجب الاستتار وجائزه.
والمراد بواجب الاستتار ما لا يحل محله الظاهر والمراد بجائز الاستتار ما يحل محله الظاهر وذكر المصنف في هذا البيت من المواضع التي يجب فيها الاستتار أربعة:
الأول: فعل الأمر للواحد المخاطب كافعل التقدير أنت وهذا الضمير لا يجوز إبرازه لأنه لا يحل محله الظاهر فلا تقول افعل زيد فأما افعل أنت فأنت تأكيد للضمير المستتر في افعل وليس بفاعل لا فعل لصحة الاستغناء عنه فتقول افعل فإن كان الأمر لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير نحو اضربي واضربا واضربوا واضربن.
الثاني: الفعل المضارع الذي في أوله الهمزة نحو أوافق والتقدير أنا فإن قلت أوافق أنا كان أنا تأكيدا للضمير المستتر.
الثالث: الفعل المضارع الذي في أوله النون نحو نغتبط أي نحن.
الرابع: الفعل المضارع الذي في أوله التاء لخاطب الواحد نحو تشكر أي أنت فإن كان الخطاب لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير نحو: أنت تفعلين وأنتما تفعلان وأنتم تفعلون وأنتن تفعلن.
هذا17 ما ذكره المصنف من المواضع التي يجب فيها استتار الضمير. ومثال جائز الاستتار زيد يقوم أي هو وهذا الضمير جائز الاستتار لأنه يحل محله الظاهر فتقول زيد يقوم أبوه وكذلك كل فعل أسند إلى غائب أو غائبة نحو هند تقوم وما كان بمعناه نحو زيد قائم أي هو.

وذو ارتفاع وانفصال أنا
هو وأنت والفروع لا تشتبه18

تقدم أن الضمير ينقسم إلى مستتر وإلى بارز وسبق الكلام في المستتر والبارز ينقسم إلى متصل ومنفصل فالمتصل: يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا وسبق الكلام في ذلك والمنفصل: يكون مرفوعا ومنصوبا ولا يكون مجرورا.
وذكر المصنف في هذا البيت المرفوع المنفصل وهو: اثنا عشر أنا للمتكلم وحده ونحن للمتكلم المشارك أو المعظم نفسه وأنت للمخاطب وأنت للمخاطبة وأنتما للمخاطبين أو المخاطبتين وأنتم للمخاطبين وأنتن للمخاطبات و"هو" للغائب و"هي" للغائبة و"هما" للغائبين أو الغائبتين و"هم" للغائبين و"هن" للغائبات.

وذو انتصاب في انفصال جعلا
إياي والتفريع ليس مشكلا19

أشار في هذا البيت إلى المنصوب المنفصل وهو: اثنا عشر "أياي" للمتكلم وحده و"إيانا" للمتكلم المشارك أو المعظم نفسه و"إياك" للمخاطب و"إياك" للمخاطبة و"إياكما" للمخاطبين أو المخاطبتين و"إياكم" للمخاطبين و"إياكن" للمخاطبات و"إياه" للغائب و"إياها" للغائبة و"إياهما" للغائبين أو الغائبتين و"إياهم" للغائبين و"إياهن" للغائبات.20

وفي اختيار لا يجيء المنفصل
إذا تأتى أن يجيء المتصل21

كل موضع أمكن أن يؤتى فيه بالضمير المتصل لا يجوز العدول عنه إلى المنفصل إلا فيما سيذكره المصنف فلا تقول في أكرمتك أكرمت إياك لأنه يمكن الإتيان بالمتصل فتقول أكرمتك. فإن لم يمكن الإتيان بالمتصل تعين المنفصل نحو إياك أكرمت22 وقد جاء الضمير في الشعر منفصلا مع إمكان الإتيان به متصلا كقوله:

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت
إياهم الأرض في دهر الدهارير23
وصل أو افصل هاء سلنيه وما
أشبهه في كنته الخلف انتمى24
كذاك خلتنيه، واتصالا
أختار غيري اختار الانفصالا25

أشار في هذين البيتين إلى المواضع التي يجوز أن يؤتى فيها بالضمير منفصلا مع إمكان أن يؤتى به متصلا فأشار بقوله سلنيه إلى ما يتعدى إلى مفعولين الثاني منهما ليس خبرا في الأصل وهما ضميران نحو الدرهم سلنيه فيجوز لك في هاء سلنيه الاتصال نحو سلنيه والانفصال نحو سلني إياه وكذلك كل فعل أشبهه نحو الدرهم أعطيتكه وأعطيتك إياه.
وظاهر كلام المصنف أنه يجوز في هذه المسألة الانفصال والاتصال على السواء وهو ظاهر كلام أكثر النحويين وظاهر كلام سيبويه أن الاتصال فيها واجب وأن الانفصال مخصوص بالشعر وأشار بقوله:
في كنته الخلف انتمى إلى أنه إذا كان خبر كان وأخواتها ضميرا فإنه يجوز اتصاله وانفصاله واختلف في المختار منهما فاختار المصنف الاتصال نحو كنته واختار سيبويه الانفصال نحو كنت إياه26 تقول الصديق كنته وكنت إياه.
وكذلك المختار عند المصنف الاتصال في نحو خلتنيه27 وهو كل فعل تعدى إلى مفعولين الثاني منهما خبر في الأصل وهما ضميران ومذهب سيبويه أن المختار في هذا أيضا الانفصال نحو خلتني إياه ومذهب سيبويه أرجح لأنه هو الكثير في لسان العرب على ما حكاه سيبويه عنهم وهو المشافه لهم قال الشاعر:

إذا قالت حذام فصدقوها
فإن القول ما قالت حذام28
وقدم الأخص في اتصال
وقدمن ما شئت في انفصال29

ضمير المتكلم أخص من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أخص من ضمير الغائب فإن اجتمع ضميران منصوبان أحدهما أخص من الآخر فإن كانا متصلين وجب تقديم الأخص منهما فتقول الدرهم أعطيتكه وأعطيتنيه بتقديم الكاف والياء على الهاء لأنهما أخص من الهاء لأن الكاف للمخاطب والياء للمتكلم والهاء للغائب ولا يجوز تقديم الغائب مع الاتصال فلا تقول أعطيتهوك ولا أعطيتهمونى وأجازه قوم ومنه ما رواه ابن الأثير في غريب الحديث من قول عثمان رضي الله عنه أراهمني الباطل شيطانا فإن فصل أحدهما كنت بالخيار فإن شئت قدمت الأخص فقلت الدرهم أعطيتك إياه وأعطيتني إياه وإن شئت قدمت غير الأخص فقلت أعطيته إياك وأعطيته إياي وإليه. أشار بقوله وقدمن ما شئت في انفصال وهذا الذي ذكره ليس على إطلاقه بل إنما يجوز تقديم غير الأخص في الانفصال عند أمن اللبس فإن خيف لبس لم يجز فإن قلت زيد أعطيتك إياه30 لم يجز تقديم الغائب فلا تقول زيد أعطيته إياك لأنه لا يعلم هل زيد مأخوذ أو آخذ.

وفي اتحاد الرتبة الزم فصلا
وقد يبيح الغيب فيه وصلا31

إذا اجتمع ضميران وكانا منصوبين واتحدا في الرتبة كأن يكونا لمتكلمين أو مخاطبين أو غائبين فإنه يلزم الفصل في أحدهما فتقول أعطيتني إياي وأعطيتك إياك وأعطيته إياه ولا يجوز اتصال الضميرين فلا تقول أعطيتني ولا أعطيتكك ولا أعطيتهوه نعم إن كانا غائبين واختلف لفظهما فقد يتصلان نحو الزيدان الدرهم أعطيتهماه وإليه أشار بقوله في الكافية:

مع اختلاف ما ونحو ضمنت
إياهم الأرض الضرورة اقتضت

وربما أثبت هذا البيت في بعض نسخ الألفية وليس منها وأشار بقوله ونحو ضمنت إلى آخر البيت إلى أن الإتيان بالضمير منفصلا في موضع يجب فيه اتصاله ضرورة كقوله:

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت
إياهم الأرض في دهر الدهارير

وقد تقدم ذكر ذلك.

وقبل يا النفس مع الفعل التزم
نون وقاية وليسي قد نظم32

إذا اتصل بالفعل ياء المتكلم لحقته لزوما نون تسمى نون الوقاية وسميت بذلك لأنها تقي الفعل من الكسر وذلك نحو أكرمني ويكرمني وأكرمني وقد جاء حذفها مع "ليس" شذوذا كما قال الشاعر:

عددت قومي كعديد الطيس
إذ ذهب القوم الكرام ليسي33

واختلف في أفعل في التعجب هل تلزمه نون الوقاية أم لا فتقول ما أفقرني إلى عفو الله وما أفقري إلى عفو الله عند من لا يلتزمها فيه والصحيح أنها تلزم.34

وليتني فشاوليتي ندرا
ومع لعل اعكس وكن مخبرا35
في البقايات واضطرارا خففا
مني وعني بعض من قد سلفا36

ذكر في هذين البيتين حكم نون الوقاية مع الحروف فذكر ليت وأن نون الوقاية لا تحذف منها إلا نذورا كقوله:

كمنية جابر إذ قال ليتي
أصادفه وأتلف جل مالي37

والكثير في لسان العرب ثبوتها وبه ورد القرآن قال الله تعالى: ﴿يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ [النساء:73] وأما لعل فذكر أنها بعكس ليت فالفصيح تجريدها من النون كقوله تعالى حكاية عن فرعون: ﴿لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ [غافر:36] ويقل ثبوت النون كقول الشاعر:

فقلت أعيراني القدوم لعلني
أخط بها قبرا لأبيض ماجد38

ثم ذكر أنك بالخيار في الباقيات أي في باقي أخوات ليت ولعل وهي إن وأن وكأن ولكن فتقول إني وإنني وأني وأنني وكأني وكأنني ولكني ولكنني ثم ذكر أن من وعن تلزمهما نون الوقاية فتقول مني وعني بالتشديد ومنهم من يحذف النون فيقول مني وعني بالتخفيف وهو شاذ قال الشاعر:

أيها السائل عنهم وعني
لست من قيس ولا قيس مني39
وفي لدني لدني قل وفي
قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي40

أشار بهذا إلى أن الفصيح في لدني إثبات النون كقوله تعالى: ﴿قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا [الكهف:76] ويقل حذفها كقراءة من قرأ من لدني بالتخفيف. والكثير في قد وقط ثبوت النون نحو قدني وقطني ويقل الحذف نحو قدي وقطي أي حسبي وقد اجتمع الحذف والإثبات في قوله:

قدني من نصر الخبيبين قدي
ليس الإمام بالشحيح الملحد41


هامش

  1. " نكرة " مبتدأ، وجاز الابتداء بها لأنها في معرض التقسيم، أو لكونها جارية على موصوف محذوف، أي: اسم نكرة، ويؤيد ذلك الأخير كون الخبر مذكرا " قابل " خبر المبتدأ، ويجوز العكس، لكن الأول أولى، لكون النكرة هي المحدث عنها، وقابل مضاف، و" أل " مضاف إليه، مقصود لفظه " مؤثرا " حال من أل " أو " عاطفة " واقع " معطوف على قابل، و" موقع " مفعول فيه ظرف مكان، وموقع مضاف و" ما " اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه " قد " حرف تحقيق " ذكرا " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قابل أل، والألف للإطلاق، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
  2. اعترض قوم على هذا التعريف بأنه غير جامع، وذلك لأن لنا أسماء نكرات لا تقبل أل ولا تقع موقع ما يقبل أل، وذلك الحال في نحو " جاء زيد راكبا " والتمييز في نحو " اشتريت رطلا عسلا " واسم لا النافية للجنس في نحو " لا رجل عندنا " ومجرور رب في نحو " رب رجل كريم لقيته ".
  3. والجواب أن هذه كلها تقبل أل من حيث ذاتها، لا من حيث كونها حالا أو تمييزا أو اسم لا.
    واعترض عليه أيضا بأنه غير مانع، وذلك لان بعض المعارف يقبل أل نحو يهود ومجوس، فإنك تقول: اليهود، والمجوس، وبعض المعارف يقع موقع ما يقبل أل، مثل ضمير الغائب العائد إلى نكرة، نحو قولك: لقيت رجلا فأكرمته، فإن هذا الضمير واقع موقع رجل السابق وهو يقبل أل.
    والجواب أن يهود ومجوس اللذين يقبلان أل هما جمع يهودي ومجوسي، فهما نكرتان، فإن كانا علمين على القبيلين المعروفين لم يصح دخول أل عليهما، وأما ضمير الغائب العائد إلى نكرة فهو عند الكوفيين نكرة، فلا يضر صدق هذا التعريف عليه، والبصريون يجعلونه واقعا موقع " الرجل " لا موقع رجل، وكأنك قلت: لقيت رجلا فأكرمت الرجل، كما قال تعالى: (كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول) وإذا كان كذلك فهو واقع موقع ما لا يقبل أل، فلا يصدق التعريف عليه.
  4. " وغيره " غير: مبتدأ، وغير مضاف والهاء العائد على النكرة مضاف إليه " معرفة " خبر المبتدأ " كهم " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كهم " وذي، وهند، وابنى، والغلام، والذي " كلهن معطوفات على هم، وفي عبارة المصنف قلب، وكان حقه أن يقول: والمعرفة غير ذلك، لان المعرفة هي المحدث عنها.
    وهذه العبارة تنبئ عن انحصار الاسم في النكرة والمعرفة، وذلك هو الراجح عند علماء النحو، ومنهم قوم جعلوا الاسم على ثلاثة أقسام: الاول النكرة، وهو ما يقبل أل كرجل وكريم، والثاني: المعرفة، وهو ما وضع ليستعمل في شئ بعينه كالضمير والعلم، والثالث: اسم لا هو نكرة ولا هو معرفة، وهو ما لا تنوين فيه ولا يقبل أل كمن وما، وهذا ليس بسديد.
  5. " فما " اسم موصول مفعول به أول اسم، مبني على السكون في محل نصب " لذي " جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما، وذي مضاف و" غيبة " مضاف إليه " أو " عاطفة " حضور " معطوف على غيبة " كأنت " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أو متعلق بمحذوف حال من ما " وهو " معطوف على أنت " سم " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بالضمير " جار ومجرور متعلق بسم، وهو المفعول الثاني لسم.
  6. " وذو " مبتدأ، وذو مضاف و" اتصال " مضاف إليه " منه " جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لذي اتصال " ما " اسم موصول خبر المبتدأ، مبني على السكون في محل رفع " لا " نافية " يبتدا " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والجملة لا محل صلة الموصول، والعائد محذوف، أي: لا يبتدأ به، كذا قال الشيخ خالد، وهو عجيب غاية العجب، لان نائب الفاعل إذا كان راجعا إلى ما كان هو العائد، وإن كان راجعا إلى شئ آخر غير مذكور فسد الكلام، ولزم حذف العائد المجرور بحرف جر مع أن الموصول غير مجرور بمثله، وذلك غير جائز، والصواب أن في قوله يبتدأ ضميرا مستترا تقديره هو يعود إلى ما هو العائد، وأن أصل الكلام ما لا يبتدأ به، فالجار والمجرور نائب فاعل، فحذف الجار وأوصل الفعل إلى الضمير فاستتر فيه، فتدبر ذلك وتفهمه " ولا " الواو عاطفة، لا: نافية " يلي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والجملة معطوفة على جملة الصلة " إلا " قصد لفظه: مفعول به ليلى " اختيارا " منصوب على نزع الخافض، أي: في الاختيار " أبدا " ظرف زمان متعلق بيلي.
  7. " كالياء " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كائن كالياء " والكاف " معطوف على الياء " من " حرف جر " ابني " مجرور بمن، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الياء " أكرمك " أكرم: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ابني، والكاف مفعول به، والجملة في محل نصب حال من قوله " الكاف " بإسقاط العاطف الذي يعطفها على الحال الاولى " والياء والهاء " معطوفان على الياء السابقة " من " حرف جار لقول محذوف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال، أي والياء والهاء حال كونهما من قولك إلخ " سليه " سل: فعل أمر، وياء المخاطبة فاعل، والهاء مفعول أول " ما " اسم موصول مفعول ثان لسلي " ملك " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والجملة لا محل لها من الاعراب صلة ما.
  8. أجاز جماعة - منهم ابن الأنباري - وقوعه بعد إلا اختيارا، وعلى هذا فلا شذوذ في البيتين ونحوهما.
  9. هذا البيت من الشواهد التي لا يعرف لها قائل.
    اللغة: " أعوذ " ألتجئ وأتحصن، و" الفئة " الجماعة، و" البغي " العدوان والظلم، و" عوض " ظرف يستغرق الزمان المستقبل مثل " أبدا " إلا أنه مختص بالنفي، وهو مبني على الضم كقبل وبعد. المعنى: إني ألتجئ إلى رب العرش وأتحصن بحماه من جماعة ظلموني وتجاوزوا معي حدود النصفة، فليس لي معين ولا وزر سواه.
    الإعراب: " أعوذ " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " برب " جار ومجرور متعلق بأعوذ، ورب مضاف و" العرش " مضاف إليه " من فئة " جار ومجرور متعلق بأعوذ " بغت " بغي: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى فئة، والتاء للتأنيث، والجملة في محل جر صفة لفئة " على " جار ومجرور متعلق ببغي " فما " نافية " لي " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " عوض " ظرف زمان مبني على الضم في محل نصب متعلق بناصر الآتي " إلاه " الا: حرف استثناء، والهاء ضمير وضع للغائب، وهو هنا عائد إلى رب العرش، مستثنى مبني على الضم في محل نصب " ناصر " مبتدأ مؤخر. الشاهد فيه: قوله " إلاه " حيث وقع الضمير المتصل بعد إلا، وهو شاذ لا يجوز إلا في ضرورة الشعر، إلا عند ابن الأنباري ومن ذهب نحو مذهبه، فإن ذلك عندهم سائغ جائز في سعة الكلام، ولك عندهم أن تحذو على مثاله.
  10. وهذا البيت أيضا من الشواهد التي لا يعرف قائلها.
    اللغة: " وما علينا " يروى في مكانه " وما نبالي " من المبالاة بمعنى الاكتراث بالأمر والاهتمام له والعناية به، وأكثر ما تستعمل هذه الكلمة بعد النفي كما رأيت في بيت الشاهد، وقد تستعمل في الإثبات إذا جاءت معها أخرى منفية، وذلك كما في قول زهير بن أبي سلمى المزني: لقد باليت مظعن أم أوفى ولكن أم أوفى لا تبالي و" ديار " معناه أحد، ولا يستعمل إلا في النفي العام، تقول: ما في الدار من ديار، وما في الدار ديور، تريد ما فيها من أحد، قال الله تعالى: (وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) يريد لا تذر منهم أحدا، بل استأصلهم وأفنهم جميعا.
    المعنى: إذا كنت جارتنا فلا نكترث بعدم مجاورة أحد غيرك، يريد أنها هي وحدها التي يرغب في جوارها ويسر له.
    الإعراب: " وما " نافية " نبالي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن " إذا " ظرف متضمن معنى الشرط " ما " زائدة " كنت " كان الناقصة واسمها " جارتنا " جارة: خبر كان، وجارة مضاف ونا: مضاف إليه، والجملة من كان واسمها وخبرها في محل جر بإضافة إذا إليها " أن " مصدرية " لا " نافية " يجاورنا " يجاور: فعل مضارع منصوب بأن، ونا: مفعول به ليجاور " إلاك " إلا: أداة استثناء، والكاف مستثنى مبني على الكسر في محل نصب، والمستثنى منه ديار الآتي " ديار " فاعل يجاور، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول به لنبالي، ومن رواه " وما علينا " تكون ما نافية أيضا، وعلينا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وأن المصدرية وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع يقع مبتدأ مؤخرا، ويجوز أن تكون ما استفهامية بمعنى النفي مبتدأ، وعلينا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر، والمصدر المؤول من أن وما دخلت عليه منصوب على نزع الخافض، وكأنه قد قال: أي شئ كائن علينا في عدم مجاورة أحد لنا إذا كنت جارتنا، ويجوز أن تكون ما نافية، وعلينا: متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، والمصدر منصوب على نزع الخافض أيضا والتقدير على هذا: وما علينا ضرر في عدم مجاورة أحد لنا إذا كنت أنت جارتنا.
    الشاهد فيه: قوله " إلاك " حيث وقع الضمير المتصل بعد إلا شذوذا.
    وقال المبرد: ليست الرواية كما أنشدها النحاة " إلاك " وإنما صحة الرواية: ألا يجاورنا سواك ديار وقال صاحب اللب: رواية البصريين: ألا يجاورنا حاشاك ديار فلا شاهد فيه على هاتين الروايتين، فتفطن لذلك.
  11. " وكل " مبتدأ أول، وكل مضاف و" مضمر " مضاف إليه " له " جار ومجرور متعلق بيجب الآتي " البنا " مبتدأ ثان " يجب " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى البنا، والجملة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول " ولفظ " مبتدأ ولفظ مضاف و" ما " اسم موصول مضاف إليه مبني على السكون في محل جر " جر " فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة " كلفظ " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، ولفظ مضاف و" ما " اسم موصول مضاف إليه " نصب " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما المجرورة محلا بالإضافة، والجملة من الفعل ونائب فاعله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
  12. قد عرفت - فيما مضى أول باب المعرب والمبني - أن الضمائر مبنية لشبهها بالحروف شبها وضعيا، بسبب كون أكثرها قد وضع على حرف واحد أو حرفين، وحمل ما وضع على أكثر من ذلك عليه، حملا للأقل على الأكثر، وقد ذكر الشارح في هذا الموضع وجها ثانيا من وجوه شبه الضمائر بالحروف، وهو ما سماه بالشبه الجمودي، وهو: كون الضمائر بحيث لا تتصرف تصرف الأسماء، فلا تثنى ولا تصغر، وأما نحو " هما وهم وهن وأنتما وأنتم وأنتن "، فهذه صيغ وضعت من أول الأمر على هذا الوجه، وليست علامة المثنى والجمع طارئة عليها.
    ونقول: قد أشبهت الضمائر الحروف في وجه ثالث، وهي أنها مفتقرة في دلالتها على معناها البتة إلى شئ، وهو المرجع في ضمير الغائب، وقرينة التكلم أو الخطاب في ضمير الحاضر، وأشبهته في وجه رابع، وهو أنها استغنت بسبب اختلاف صيغها عن أن تعرب فأنت ترى انهم قد وضعوا للرفع صيغة لا تستعمل في غيره، وللنصب صيغة أخرى ولم يجيزوا إلا أن تستعمل فيه، فكان مجرد الصيغة كافيا لبيان موقع الضمير، فلم يحتج للإعراب ليبين موقعه، فأشبه الحروف في عدم الحاجة إلى الإعراب، وإن كان سبب عدم الحاجة مختلفا فيهما (وانظر ص 28، 32) .
  13. " للرفع " جار ومجرور متعلق بصلح الآتي " والنصب وجر " معطوفان على الرفع و" نا " مبتدأ، وقد قصد لفظه " صلح " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نا، والجملة من صلح وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " كأعرف " الكاف حرف جر، والمجرور محذوف، والتقدير: كقولك، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، واعرف: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بنا " جار ومجرور متعلق بأعرف " فإننا " الفاء تعليلية، وإن حرف توكيد ونصب، ونا: اسمها " نلنا " فعل وفاعل، والجملة من نال وفاعله في محل رفع خبر إن " المنح " مفعول به لنال، منصوب بالفتحة الظاهرة، وسكن لأجل الوقف.
  14. " ألف " مبتدأ - وهو نكرة، وسوغ الابتداء به عطف المعرفة عليها " والواو، والنون " معطوفان على ألف " ما " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ " غاب " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما، والجملة لا محل لها صلة ما " وغيره " الواو حرف عطف، غير: معطوف على ما، وغير مضاف والضمير مضاف إليه " كقاما " الكاف جارة لقول محذوف، والجار والمجرور يتعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي وذلك كائن كقولك، وقاما: فعل ماض وفاعل " واعلما " الواو عاطفة، واعلما: فعل أمر، وألف الاثنين فاعله، والجملة معطوفة بالواو على جملة قاما.
  15. " من ضمير، جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وضمير مضاف، و" الرفع " مضاف إليه " ما " اسم موصول مبتدأ مؤخر، مبني على السكون في محل رفع " يستتر " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والجملة لا محل لها صلة ما " كافعل " الكاف جارة لقول محذوف، والجار والمجرور يتعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كقولك، وافعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " أوافق " فعل مضارع مجزوم في جواب الامر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " نغتبط " بدل من أوافق " إذ " ظرف وضع للزمن الماضي، ويستعمل مجازا في المستقبل، وهو متعلق بقوله " نغتبط " مبني على السكون في محل نصب " تشكر " فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة في محل جر بإضافة إذ إليها.
  16. المنقسم هو الضمير المتصل لا مطلق الضمير، والمراد بالضمير البارز ماله صورة في اللفظ حقيقة نحو التاء والهاء في أكرمته، والياء في ابني، أو حكما كالضمير المتصل المحذوف من اللفظ جوازا في نحو قولك: جاء الذي ضربت، فإن التقدير جاء الذي ضربته، فحذفت التاء من اللفظ، وهي منوبة، لان الصلة لابد لها من عائد يربطها بالموصول.
    ومن هنا تعلم أن البارز ينقسم إلى قسمين: الأول المذكور، والثاني المحذوف، والفرق بين المحذوف والمستتر من وجهين، الأول: أن المحذوف يمكن النطق به، وأما المستتر فلا يمكن النطق به أصلا، وإنما يستعيرون له الضمير المنفصل حين يقولون: مستتر جوازا تقديره هو، أو يقولون: مستتر وجوبا تقديره أنا أو أنت وذلك لقصد التقريب على المتعلمين، وليس هذا هو نفس الضمير المستتر على التحقيق، والوجه الثاني: أن الاستتار يختص بالفاعل الذي هو عمدة في الكلام، وأما الحذف فكثيرا ما يقع في الفضلات، كما في المفعول به في المثال السابق، وقد يقع في العمد في غير الفاعل كما في المبتدأ، وذلك كثير في العربية، ومنه قول سويد بن أبي كاهل اليشكري، في وصف امرئ يضمر بغضه: مستسر الشنء، لو يفقدني لبدا منه ذباب فنبع يريد هو مستسر البغض، فحذف الضمير، لأنه معروف ينساق إلى الذهن، ومثل ذلك أكثر من أن يحصى في كلام العرب.
  17. وبقيت مواضع أخرى يجب فيها استتار الضمير، الأول: اسم فعل الأمر، نحو صه، ونزال، ذكره في التسهيل، والثاني: اسم فعل المضارع، نحو أف وأوه، ذكره أبو حيان، والثالث: فعل التعجب، نحو ما أحسن محمدا، والرابع: أفعل التفضيل، نحو محمد أفضل من علي، والخامس: أفعال الاستثناء، نحو قاموا ماخلا عليا، أو ما عدا بكرا، أو لا يكون محمدا.
    زادها ابن هشام في التوضيح تبعا لابن مالك في باب الاستثناء من التسهيل، وهو حق، السادس: المصدر النائب عن فعل الأمر، نحو قول الله تعالى (فضرب الرقاب) وأما مرفوع الصفة الجارية على من هي له فجائز الاستتار قطعا.
    وذلك نحو " زيد قائم " ألا ترى أنك تقول في تركيب آخر " زيد قائم أبوه " وقد ذكره الشارح في جائز الاستتار، وهو صحيح، وكذلك مرفوع نعم وبئس، نحو " نعم رجلا أبو بكر، وبئست امرأة هند "، وذلك لأنك تقول في تركيب آخر " نعم الرجل زيد، وبئست المرأة هند ".
  18. " وذو " مبتدأ، وذو مضاف و" ارتفاع " مضاف إليه " وانفصال " معطوف على ارتفاع " أنا " خبر المبتدأ " هو، وأنت " معطوفان على أنا " والفروع " مبتدأ " لا " نافية " تشتبه " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى الفروع، والجملة من الفعل المضارع المنفي وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ، الذي هو الفروع.
  19. " وذو " مبتدأ، وذو مضاف و" انتصاب " مضاف إليه " في انفصال " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في جعل الآتي " جعلا " فعل ماض، مبني للمجهول، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذو " إياي " مفعول ثان لجعل، والجملة من جعل ومعموليه في محل رفع خبر المبتدأ " والتفريع " مبتدأ " ليس " فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على التفريع " مشكلا " خبر ليس، والجملة من ليس واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ.
  20. اختلف في هذه اللواحق التي بعد " إيا " فقيل: هي حروف تبين الحال وتوضح المراد من " إيا " متكلما أو مخاطبا أو غائبا، مفردا أو مثنى أو مجموعا، ومثلها مثل الحروف التي في أنت وأنتما وأنتن، ومثل اللواحق في أسماء الإشارة نحو تلك وذلك وأولئك، وهذا مذهب سيبويه والفارسي والأخفش، قال أبو حيان: وهو الذي صححه أصحابنا وشيوخنا. وذهب الخليل والمازني، واختاره ابن مالك، إلى أن هذه اللواحق أسماء، وأنها ضمائر أضيفت إليها " إيا " زاعمين أن " إيا " أضيفت إلى غير هذه اللواحق في نحو " إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب " فيكون في ذلك دليل على أن اللواحق أسماء.
    وذلك باطل لوجهين، الأول: أن هذا الذي استشهدوا به شاذ، ولم تعهد إضافة الضمائر.
    والثاني أنه لو صح ما يقولون لكانت " إيا " ونحوها ملازمة للإضافة، وقد علمنا أن الإضافة من خصائص الأسماء المعربة، فكان يلزم أن تكون إيا ونحوها معربة، ألست ترى أنهم أعربوا " أي " الموصولة والشرطية والاستفهامية لما لازمها من الإضافة؟ وقال الفراء: إن " إيا " ليست ضميرا، وإنما هي حرف عماد جئ به توصلا للضمير، والضمير هو اللواحق، ليكون دعامة يعتمد عليها، لتمييز هذه اللواحق عن الضمائر المتصلة.
    وزعم الزجاج أن الضمائر هي اللواحق موافقا في ذلك للفراء، ثم خالفه في " إيا " فادعى أنها اسم ظاهر مضاف إلى الكاف والياء والهاء.
    وقال ابن درستويه: إن هذا اسم ليس ظاهرا ولا مضمرا، وإنما هو بين بين.
    وقال الكوفيون: المجموع من " إيا " ولواحقها ضمير واحد.
  21. " وفي اختيار " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل يجئ الآتي " لا " نافية " يجئ " فعل مضارع " المنفصل " فاعل يجئ " إذا " ظرف لما يستقبل من الزمان " تأتى " فعل ماض " أن " حرف مصدري ونصب " يجئ " فعل مضارع منصوب بأن " المتصل " فاعل يجئ، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل تأتى، والتقدير: تأتى مجيء المتصل، والجملة من تأتى وفاعله في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب إذا محذوف لدلالة ما قبله عليه، والتقدير: إذا تأتى مجيء المتصل فلا يجيء المنفصل.
  22. اعلم أنه يتعين انفصال الضمير، ولا يمكن المجيء به متصلا، في عشرة مواضع:
    الأول: أن يكون الضمير محصورا، كقوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) وكقول الفرزدق: أنا الذائد الحامي الذمار، وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي إذ التقدير: لا يدافع عن أحسابهم إلا أنا أو مثلي ومن هذا النوع قول عمرو بن معد يكرب الزبيدي: قد علمت سلمى وجاراتها ما قطر الفارس إلا أنا الثاني: أن يكون الضمير مرفوعا بمصدر مضاف إلى المنصوب به، نحو " عجبت من ضربك هو " وكقول الشاعر: بنصركم نحن كنتم فائزين، وقد أغرى العدى بكم استسلامكم فشلا الثالث: أن يكون عامل الضمير مضمرا، نحو قول السموأل: وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل وكقول لبيد بن ربيعة: فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب لعلك تهديك القرون الأوائل الرابع: أن يكون عامل الضمير متأخرا عنه، كقوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين) وهذا هو الموضع الذي أشار إليه الشارح.
    الخامس: أن يكون عامل الضمير معنويا، وذلك إذا وقع الضمير مبتدأ، نحو " اللهم أنا عبد أثيم، وأنت مولى كريم " ومنه " أنا الذائد " في بيت الفرزدق السابق.
    السادس: أن يكون الضمير معمولا لحرف نفي، كقوله تعالى: (وما أنتم بمعجزين) (ما هن أمهاتهم) (وما أنا بطارد المؤمنين) (إن أنا إلا نذير مبين) وكقول الشاعر: إن هو مستوليا على أحد إلا على أضعف المجانين السابع: أن يفصل بين الضمير وعامله بمعمول آخر، كقوله تعالى: (يخرجون الرسول وإياكم) وكقول الشاعر: مبرأ من عيوب الناس كلهم فالله يرعى أبا حفص وإيانا الثامن: أن يقع الضمير بعد واو المعية، كقول أبي ذؤيب الهذلي: فآليت لا أنفك أحذو قصيدة تكون وإياها بها مثلا بعدي التاسع: أن يقع بعد " أما " نحو " أما أنا فشاعر، وأما أنت فكاتب، وأما هو فنحوي ".
    العاشر: أن يقع بعد اللام الفارقة، نحو قول الشاعر: إن وجدت الصديق حقا لاياك، فمرني فلن أزال مطيعا وسيأتي موضع ذكر تفصيله المصنف والشارح.
  23. البيت من قصيدة للفرزدق، يفتخر فيها، ويمدح يزيد بن عبد الملك بن مروان، وقبله: يا خير حي وقت نعل له قدما وميت بعد رسل الله مقبور إني حلفت، ولم أحلف على فند، فناء بيت من الساعين معمور اللغة: " الباعث " الذي يبعث الأموات ويحييهم بعد موتهم " الوارث " هو الذي ترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك " ضمنت " - بكسر الميم مخففة - بمعنى تضمنت، أي اشتملت أو بمعنى تكفلت يهم " الدهارير " الزمن الماضي، أو الشدائد، وهو جمع لا واحد له من لفظه. الإعراب: " يا لباعث " جار ومجرور متعلق بقوله " حلفت " في البيت الذي أنشدناه قبل هذا البيت، والأموات: يجوز فيه وجهان، أحدهما: جره بالكسرة الظاهرة على أنه مضاف إليه، والمضاف هو الباعث والوارث على مثال قوله: يا من رأى عارضا أسر له بين ذراعي وجبهة الأسد وقولهم " قطع الله يد ورجل من قالها " والوجه الثاني: نصب الأموات بالفتحة الظاهرة على أنه مفعول به (تنازعه) ؟ الوصفان فأعمل فيه الثاني وحذف ضميره من الأول لكونه فضلة " ضمنت " فعل ماض، والتاء للتأنيث " إياهم " مفعول به تقدم على الفاعل " الأرض " فاعل ضمن " في دهر " جار ومجرور متعلق بضمنت، ودهر مضاف و" الدهارير " مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة.
    الشاهد فيه: قوله " ضمنت إياهم " حيث عدل عن وصل الضمير إلى فصله، وذلك خاص بالشعر، ولا يجوز في سعة الكلام، ولو جاء به على ما يستحقه الكلام لقال " قد ضمنتهم الأرض ".
    ومثل هذا البيت قول زياد بن منقذ العدوي التميمي من قصيدة له يقولها في تذكر أهله والحنين إلى وطنه، وكان قد نزل صنعاء فاستوبأها، وكان أهله بنجد في وادي أشى - بزنة المصغر (وانظر ١ / ٦٥ من كتابنا هداية السالك إلى أوضح المسالك) : وما أصاحب من قوم فأذكرهم إلا يزيدهم حبا إلي هم فقد جاء بالضمير منفصلا - وهو قوله " هم " في آخر البيت - وكان من حقه أن يجئ به متصلا بالعامل - وهو قوله " يزيد " - ولو جاء به على ما يقتضيه الاستعمال لقال " إلا يزيدونهم حبا إلى ".
    ومثل ذلك قول طرفة بن العبد البكري:
    أصرمت حبل الوصل، بل صرموا يا صاح، بل قطع الوصال هم وكان من حقه أن يقول: " بل قطعوا الوصال " لكنه اضطر ففصل.
  24. " وصل " الواو للاستئناف، صل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " أو " حرف عطف دال على التخيير " افصل " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وجملة افصل معطوفة على جملة صل " هاء " مفعول تنازعه الفعلان، فأعمل فيه الثاني، وهاء مضاف و" سلنيه " قصد لفظه: مضاف إليه " وما " الواو حرف عطف، ما: اسم موصول معطوف على سلنيه " أشبهه " أشبه: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والهاء مفعول به، والجملة لا محل لها صلة ما " في كنته " جار ومجرور متعلق بانتمى " الخلف " مبتدأ " انتمى " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الخلف، والجملة من انتمى وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ، وانتمى معناه انتسب، والمراد أن بين العلماء خلافا في هذه المسألة وأن هذا الخلاف معروف، وكل قول فيه معروف النسبة إلى قائله.
  25. " كذاك " الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والكاف حرف خطاب " خلتنيه " قصد لفظه: مبتدأ مؤخر " واتصالا " الواو عاطفة، اتصالا: مفعول مقدم لاختار " أختار " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " غيري، غير: مبتدأ، وغير مضاف والياء التي للمتكلم مضاف إليه " اختار " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود لغيري، والجملة من اختار وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " الانفصالا " مفعول به لاختار، والألف للإطلاق.
  26. قد ورد الأمران كثيرا في كلام العرب، فمن الانفصال قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي: لئن كان إياه لقد حال بعدنا عن العهد، والإنسان قد يتغير وقول الآخر:
    ليس إياي وإياك، ولا نخشى رقيبا ومن الاتصال قول أبي الأسود الدؤلي يخاطب غلاما له كان يشرب النبيذ فيضطرب شأنه وتسوء حاله: فإن لا يكنها أو تكنه فإنه أخوها غذته أمه بلبانها وقول رسول الله صلى عليه وسلم لعمر بن الخطاب في شأن ابن الصياد: " إن يسكنه فلن تسلط عليه، وإلا يكنه فلا خير لك في قتله " ومنه الشاهد رقم 17 الآتي في ص 109.
  27. قد ورد الأمران في فصيح الكلام أيضا، فمن الاتصال قوله تعالى: (إذ يريكهم الله في منامك قليلا، ولو أراكهم كثيرا) وقول الشاعر: بلغت صنع امرئ بر إخالكه إذ لم تزل لا كتساب الحمد معتذرا ومن الانفصال قول الشاعر: أخي حسبتك إياه، وقد ملئت أرجاء صدرك بالأضغان والأحن
  28. هذا البيت قيل إنه لديسم بن طارق أحد شعراء الجاهلية، وقد جرى مجرى المثل، وصار يضرب لكل من يعتد بكلامه، ويتمسك بمقاله، ولا يلتفت إلى ما يقول غيره، وفي هذا جاء به الشارح، وهو يريد أن سيبويه هو الرجل الذي يعتد بقوله، ويعتبر نقله، لأنه هو الذي شافه العرب، وعنهم أخذ، ومن ألسنتهم استمد.
    المفردات: " حذام " اسم امرأة، زعم بعض أرباب الحواشي أنها الزباء، وقال: وقيل غيرها، ونقول: الذي عليه الأدباء أنها زرقاء اليمامة، وهي امرأة من بنات لقمان بن عاد، وكانت ملكة اليمامة، واليمامة اسمها، فسميت البلد باسمها، زعموا أنها كانت تبصر من مسيرة ثلاثة أيام، وهي التي يشير إليها النابغة الذبياني في قوله: واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام سراع وارد الثمد قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقد الإعراب: " إذا " ظرف تضمن معنى الشرط " قالت " قال: فعل ماض، والتاء للتأنيث " حذام " فاعل قال، مبني على الكسر في محل رفع " فصدقوها " الفاء واقعة في جواب إذا، وصدق: فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل، وها: مفعول به " فإن " الفاء للعطف، وفيها معنى التعليل، وإن: حرف توكيد ونصب " القول " اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة " ما " اسم موصول خبر إن، مبني على السكون في محل رفع " قالت " قال: فعل ماض، والتاء للتأنيث " حذام " فاعل قالت، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، والعائد محذوف، أي ما قالته حذام.
    التمثيل به: قد جاء الشارح بهذا البيت وهو يزعم أن مذهب سيبويه أرجح مما ذهب إليه الناظم، وكأنه أراد أن يعرف الحق بأن يكون منسوبا إلى عالم جليل كسيبويه، وهي فكرة لا يجوز للعلماء أن يتمسكوا بها، ثم إن الأرجح في المسألة ليس هو ما ذهب إليه سيبويه والجمهور، بل الأرجح ما ذهب إليه ابن مالك، والرماني، وابن الطراوة من أن الاتصال أرجح في خبر كان وفي المفعول الثاني من معمولي ظن وأخواتها، وذلك من قبل أن الاتصال في البابين أكثر ورودا عن العرب، وقد ورد الاتصال في خبر " كان " في الحديث الذي رويناه لك، وورد الاتصال في المفعول الثاني من باب ظن في القرآن الكريم فيما قد تلونا من الآيات، ولم يرد في القرآن الانفصال في أحد البابين أصلا، وبحسبك أن يكون الاتصال هو الطريق الذي استعمله القرآن الكريم باطراد.
  29. " وقدم " الواو عاطفة، قدم: فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب، وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " الأخص " مفعول به لقدم " في اتصال " جار ومجرور متعلق بقدم " وقدمن " الواو عاطفة، قدم: فعل أمر، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " ما " اسم موصول مفعول به لقدم المؤكد، مبني على السكون في محل نصب " شئت " فعل وفاعل، وجملتهما لا محل لها صلة ما الموصولة، والعائد محذوف، والتقدير: وقدمن الذي شئنه " في انفصال " جار ومجرور متعلق بقدمن.
  30. إنما يقع اللبس فيما إذا كان كل من المفعولين يصلح أن يكون فاعلا كما ترى في مثال الشارح، ألست ترى أن المخاطب وزيدا يصلح كل منهما أن يكون آخذا ويصلح أن يكون مأخوذا، أما نحو " الدرهم أعطيته إياك " أو " الدرهم أعطيتك إياه " فلا لبس لن المخاطب آخذ تقدم أو تأخر، والدرهم مأخوذ تقدم أو تأخر.
  31. " وفي اتحاد " الواو حرف عطف، والجار والمجرور متعلق بالزم الآتي، واتحاد مضاف و" الرتبة " مضاف إليه " الزم " فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " فصلا " مفعول به لا لزم " وقد " الواو عاطفة، قد: حرف دال على التقليل " يبيح " فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة " الغيب " فاعل يبيح " فيه " جار ومجرور متعلق بيبيح " وصلا " مفعول به ليبيح.
  32. " وقبل " الواو حرف عطف، قبل ظرف زمان متعلق بالتزم الآتي، وقبل مضاف و" يا " مضاف إليه، ويا مضاف و" النفس " مضاف إليه " مع " ظرف متعلق بمحذوف حال من يا النفس، ومع مضاف و" الفعل " مضاف إليه " التزم " فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وسكن لأجل الوقف " نون " نائب فاعل لالتزم مرفوع بالضمة، ونون مضاف و" قاية " مضاف إليه " وليسي " الواو عاطفة، ليسي: قصد لفظه مبتدأ " قد " حرف تحقيق " نظم " فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
    وسكنه لأجل الوقف، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ليسي، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ.
  33. هذا البيت نسبه جماعة من العلماء ومنهم ابن منظور في العرب (ط ى س) - لرؤبة بن العجاج، وليس موجودا في ديوان رجزه، ولكنه موجود في زيادات الديوان.
    اللغة: " كعديد " العديد كالعدد، يقال: هم عديد الثرى، أي عددهم مثل عدده، و" الطيس " - بفتح الطاء المهملة، وسكون الياء المثناة من تحت، وفي آخره سين مهملة - الرمل الكثير، وقال ابن منظور: " واختلفوا في تفسير الطيس، فقال بعضهم: كل من على ظهر الأرض من الأنام فهو من الطيس، وقال بعضهم: بل هو كل خلق كثير النسل نحو النمل والذباب والهوام، وقيل: يعني الكثير من الرمل " اه " ليسي " أراد غيري، استثنى نفسه من القوم الكرام الذين ذهبوا، هذا ويروى صدر الشاهد: عهدي بقومي كعديد الطيس وهي الرواية الصحيحة المعنى.
    المعنى: يفخر بقومه، ويتحسر على ذهابهم، فيقول: عهدي بقومي الكرام الكثيرين كثرة تشبه كثرة الرمل حاصل، وقد ذهبوا إلا إياي، فإنني بقيت بعدهم خلفا عنهم. الإعراب: " عددت " فعل وفاعل " قومي " قوم: مفعول به، وقوم مضاف وياء المتكلم مضاف إليه " كعديد " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف، والتقدير: عددتهم عدا مثل عديد، وعديد مضاف و" الطيس " مضاف إليه " إذ " ظرف دال على الزمان الماضي، متعلق بعددت " ذهب " فعل ماض " القوم " فاعله " الكرام " صفة له، والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها " ليسي " ليس: فعل ماض ناقص دال على الاستثناء، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود على البعض المفهوم من القوم، والياء خبره مبني على السكون في محل نصب.
    الشاهد فيه: في هذا البيت شاهدان، وكلاهما في لفظ " ليسي " أما الأول فإنه أتى بخبره ضميرا متصلا ولا يجوز عند جمهرة النحاة أن يكون إلا منفصلا، فكان يجب عليه - على مذهبهم هذا - أن يقول: ذهب القوم الكرام ليس إياي.
    والثاني - وهو - الذي جاء الشارح بالبيت من أجله هنا - حيث حذف نون الوقاية من ليس مع اتصالها بياء المتكلم، وذلك شاذ عند الجمهور الذين ذهبوا إلى أن " ليس " فعل
  34. الخلاف بين البصريين والكوفيين في اقتران نون الوقاية بأفعل في التعجب مبني على اختلافهم في أنه هو اسم أو فعل، فقال الكوفيون: هو اسم، وعلى هذا لا تتصل به نون الوقاية، لأنها إنما تدخل على الأفعال لتقيها الكسر الذي ليس منها في شئ، وقال البصريون: هو فعل، وعلى هذا يجب اتصاله بنون الوقاية لتقيه الكسر.
  35. " وليتني " الواو عاطفة، ليتني قصد لفظه: مبتدأ " فشا " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ليتني، والجملة من فشا وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " وليتي " قصد لفظه أيضا: مبتدأ " ندرا " فعل ماض، والألف للإطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ليتي، والجملة من ندر وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " ومع " الواو عاطفة، مع: ظرف متعلق باعكس الآتي، ومع مضاف و" لعل " قصد لفظه: مضاف إليه " اعكس " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، ومفعوله محذوف، والتقدير: واعكس الحكم مع لعل " وكن " الواو عاطفة، كن: فعل أمر ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " مخيرا " خبره.
  36. " في الباقيات " جار ومجرور متعلق بمخير في البيت السابق " واضطرارا " الواو عاطفة، اضطرارا: مفعول لأجله " خففا " فعل ماض، والألف للإطلاق " مني " قصد لفظه: مفعول به لخفف " وعني " قصد لفظه أيضا: معطوف على مني " بعض " فاعل خفف، وبعض مضاف، و" من " اسم موصول: مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر " قد " حرف تحقيق " سلفا " فعل ماض، والألف للإطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على من الموصولة، والجملة من سلف وفاعله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول الذي هو من.
  37. هذا البيت لزيد الخير الطائي، وهو الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم، وكان اسمه في الجاهلية قبل هذه التسمية زيد الخيل، لانه كان فارسا.
    اللغة: " المنية " بضم فسكون اسم للشئ الذي تتمناه، وهي أيضا اسم للتمني، والمنية المشبهة بمنية جابر تقدم ذكرها في بيت قبل بيت الشاهد، وذلك في قوله: تمنى مزيد زيدا فلاقى أخا ثقة إذا اختلف العوالي كمنية جابر، إذ قال: ليتي أصادفه وأفقد جل مالي تلاقينا، فما كنا سواء ولكن خر عن حال لحال ولولا قوله: يا زيد قدني، لقد قامت نويرة بالمآلي شككت ثيابه لما التقينا بمطرد المهزة كالخلال " مزيد " بفتح الميم وسكون الزاي: رجل من بني أسد، وكان يتمنى لقاء زيد ويزعم أنه إلى لقيه نال منه، فلما تلاقيا طعنه زيد طعنة فولى هاربا " أخا ثقة " أي صاحب وثوق في نفسه واصطبار على منازلة الاقران في الحرب " العوالي " جمع عالية، وهي ما يلي موضع السنان من الرمح، واختلافها: ذهابها في جهة العدو ومجيئها عند الطعن " جابر " رجل من غطفان، كان يتمنى لقاء زيد، فلما تلاقيا قهره زيد وغلبه " وأتلف " يروى " وأفقد ".
    الاعراب: " كمنية " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف، والتقدير: تمنى مزيد تمنيا مشابها لمنية جابر، ومنية مضاف و" جابر " مضاف إليه " إذ " ظرف للماضي من الزمان " قال " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى جابر، والجملة في محل جر بإضافة إذ إليها " ليتي " ليت: حرف تمن ونصب، والياء اسمه، مبني على السكون في محل نصب " أصادف " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والهاء مفعول به، والجملة في محل رفع خبر ليت " وأفقد " الواو حالية، وأفقد: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، وتقديره: وأنا أفقد، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال " جل " مفعول به لا فقد، وجل مضاف ومال من " مالي " مضاف إليه، ومال مضاف وياء المتكلم مضاف إليه. الشاهد فيه: قوله " ليتي " حيث حذف نون الوقاية من ليت الناصبة لياء المتكلم، وظاهر كلام المصنف والشارح أن هذا الحذف ليس بشاذ، وإنما هو نادر قليل، وهذا الكلام على هذا الوجه هو مذهب الفراء من النحاة، فإنه لا يلزم عنده أن تجئ بنون الوقاية مع ليت، بل يجوز لك في السعة أن تتركها، وإن كان الاتيان بها أولى، وعبارة سيبويه تفيد أن ترك النون ضرورة حيث قال: " وقد قالت الشعراء " ليتي " إذا اضطروا كأنهم شبهوه بالاسم حيث قالوا: " الضاربي " اه، وانظر شرح الشاهد (21) الآتي.
    ومثل هذا الشاهد - في حذف نون الوقاية مع ليت - قول ورقة بن نوفل الاسدي: فيا ليتي إذا ما كان ذاكم ولجت وكنت أولهم ولوجا وقد جمع بين ذكر النون وتركها حارثة بن عبيد البكري أحد المعمرين في قوله: ألا يا ليتتي أنضيت عمري وهل يجدي علي اليوم ليتي
  38. هذا البيت من الشواهد التي لا يعرف قائلها.
    اللغة: " أعيراني " ويروى " أعيروني " وكلاهما أمر من العارية، وهي أن تعطى غيرك ما ينتفع به مع بقاء عينه ثم يرده إليك " القدوم " بفتح القاف وضم الدال المخففة الآلة التي ينجر بها الخشب " أخط بها " أي أنحت بها، وأصل الخط من قولهم: خط بأصبعه في الرمل " قبرا " المراد به الجفن، أي القراب، وهو الجراب الذي يغمد فيه السيف " لابيض ماجد " لسيف صقيل.
    الإعراب: " فقلت " فعل وفاعل " أعيراني " أعيرا: فعل أمر مبني على حذف النون، والألف ضمير الاثنين فاعل، والنون للوقاية، والياء مفعول أول لاعيرا " القدوم " مفعول ثان لاعيرا " لعلني " لعل: حرف تعليل ونصب، والنون للوقاية، والياء اسمها " أخط " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، وجملة المضارع وفاعله في محل رفع خبر لعل " بها " جار ومجرور متعلق بأخط " قبرا " مفعول به لاخط " لابيض " اللام حرف جر، وأبيض مجرور بها، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف الوصفية ووزن الفعل، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لقبر " ماجد " صفة لابيض، مجرور بالكسرة الظاهرة.
    الشاهد فيه: قوله " لعلني " حيث جاء بنون الوقاية مع لعل، وهو قليل.
    ونظيره قول حاتم الطائي يخاطب امرأته، وكانت قد لامته على البذل والجود: أريني جوادا مات هزلا لعلني أرى ما ترين، أو بخيلا مخلدا والكثير في الاستعمال حذف النون مع " لعل " وهو الذي استعمله القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: l{{قرآن|س=40|آ=36|لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} وقوله سبحانه: l{{قرآن|س=23|آ=100|لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا}، ومنه قول الفرزدق: وإني لراج نظرة قبل التي لعلي وإن شطت نواها أزورها وقول الآخر: ولي نفس تنازعني إذا ما أقول لها: لعلي أو عساني (8 - شرح ابن عقيل - 1).
  39. وهذا البيت أيضا من الشواهد المجهول قائلها، بل قال ابن الناظم: إنه من وضع النحويين، وقال ابن هشام عنه " وفي النفس من هذا البيت شئ " ووجه تشكك هذين العالمين المحققين في هذا البيت أنه قد اجتمع الحرفان " من " و" عن " وأتى بهما على لغة غير مشهورة من لغات العرب، وهذا يدل على قصد ذلك وتكلفه.
    اللغة: " قيس " هو قيس عيلان أبو قبيلة من مضر، واسمه الناس - بهمزة وصل ونون - ابن مضر بن نزار، وهو أخو إلياس - بياء مثناة تحتية - وقيس هنا غير منصرف للعلمية والتأنيث المعنوي، لأنه بمعنى القبيلة، وبعضهم يقول: قيس ابن عيلان.
    الإعراب: " أيها " أي: منادى حذف منه ياء النداء، مبني على الضم في محل نصب، وها للتنبيه " السائل " صفة لاي " عنهم " جار ومجرور متعلق بالسائل " وعني " معطوف على عنهم " لست " ليس: فعل ماض ناقص، والتاء اسمها " من قيس " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس " ولا " الواو عاطفة، ولا نافية " قيس " مبتدأ " مني " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وهذه الجملة معطوفة على جملة ليس واسمها وخبرها.
    الشاهد فيه: قوله " عني " و" مني " حيث حذف نون الوقاية منهما شذوذا للضرورة.
  40. " في لدنى " جار ومجرور متعلق بقل " لدنى " قصد لفظه: مبتدأ " قل " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على لدنى المخففة، والجملة من قل وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " وفي قدني " جار ومجرور متعلق بيفي الآتي " وقطني " معطوف على قدني " الحذف " مبتدأ " أيضا " مفعول مطلق لفعل محذوف " قد " حرف تقليل " يفي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الحذف، والجملة من يفي وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو " الحذف " والجملة معطوفة على جملة المبتدأ والخبر السابقة.
    21 - هذا البيت لابي نخيلة حميد بن مالك الأرقط، أحد شعراء عصر بني أمية، من أرجوزة له يمدح بها الحجاج بن يوسف الثقفي، ويعرض بعبد الله بن الزبير.
  41. هذا البيت لأبي نخيلة حميد بن مالك الأرقط، أحد شعراء عصر بني أمية، من أرجوزة له يمدح بها الحجاج بن يوسف الثقفي، ويعرض بعبد الله بن الزبير.
    اللغة: أراد بالخبيبين عبد الله بن الزبير - وكنيته أبو خبيب - (ومصعبا أخاه، وغلبه لشهرته، ويروى " الخبيبين " - بصيغة الجمع - يريد أبا خبيب وشيعته، ومعنى " قدني " حسبي وكفاني " ليس الإمام إلخ " أراد بهذه الجملة التعريض بعبد الله بن الزبير، لأنه كان قد نصب نفسه خليفة بعد موت معاوية بن يزيد، وكان - مع ذلك - مبخلا لا تبض يده بعطاء.
    الإعراب: " قدني " قد: اسم بمعنى حسب مبتدأ، مبني على السكون في محل رفع، والنون للوقاية، وقد مضاف والياء التي للمتكلم مضاف إليه مبني على السكون في محل جر " من نصر " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، ونصر مضاف و" الخبيبين " مضاف إليه " قدى " يجوز أن يكون قد هنا اسم فعل، وقد جعله ابن هشام اسم فعل مضارع بمعنى يكفيني، وجعله غيره اسم فعل ماض بمعنى كفاني، وجعله آخرون اسم فعل أمر بمعنى ليكفني، وهذا رأي ضعيف جدا، وياء المتكلم على هذه الآراء مفعول به، ويجوز أن يكون قد اسما بمعنى حسب مبتدأ، وياء المتكلم مضاف إليه، والخبر محذوف، وجملة المبتدأ وخبره مؤكدة لجملة المبتدأ وخبره السابقة " ليس " فعل ماض ناقص " الإمام " اسمها " بالشحيح " الباء حرف جر زائد، الشحيح: خبر ليس منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد " الملحد " صفة للشحيح.
    الشاهد فيه: قوله " قدني " و" قدى " حيث أثبت النون في الأولى وحذفها من الثانية وقد اضطربت عبارات النحويين في ذلك، فقال قوم: إن الحذف غير شاذ، ولكنه قليل، وتبعهم المصنف والشارح، وقال سيبويه: " وقد يقولون في الشعر قطى وقدى فأما الكلام فلا بد فيه من النون، وقد اضطر الشاعر فقال قدى شبهه بحسبي لان المعنى واحد " اهـ.
    وقال الأعلم: " وإثباتها (النون) في قد وقط هو المستعمل، لأنهما في البناء ومضارعة الحروف بمنزلة من وعن، فتلزمهما النون المكسورة قبل الياء، لئلا يغير آخرهما عن السكون " اه. وقال الجوهري: " وأما قولهم قدك بمعنى حسب فهو اسم، وتقول: قدى، وقدني أيضا بالنون على غير قياس، لان هذه النون إنما تزاد في الأفعال وقاية لها، مثل ضربني وشتمني " وقال ابن (بري) ؟ يرد على الجوهري " وهم الجوهري في قوله إن النون في قدني زيدت على غير قياس " وجعل النون مخصوصا بالفعل لا غير، وليس كذلك، وإنما تزاد وقاية لحركة أو سكون في فعل أو حرف، كقولك في من وعن إذا أضفتهما لنفسك: مني وعني، فزدت نون الوقاية لتبقى نون من وعن على سكونها، وكذلك في قد وقط، وتقول: قدني وقطني، فتزيد نون الوقاية لتبقى الدال والطاء على سكونها، وكذلك زادوها في ليت، فقالوا: ليتني، لتبقى حركة التاء على حالها، وكذلك قالوا في ضرب: ضربني، لتبقى الباء على فتحها، وكذلك قالوا في اضرب: اضربني، أدخلوا نون الوقاية لتبقى الباء على سكونها " اهـ.
    ولابن هشام ههنا كلام كثير وتفريعات طويلة لم يسبقه إليها أحد من قدامى العلماء وهي في مغنى اللبيب، وقد عنينا بذكرها والرد عليها في حواشينا المستفيضة على شرح الاشموني فارجع إليها هناك إن شئت (وانظر الأبيات التي أنشدناها في شرح الشاهد رقم 18 ففيها شاهد لهذه المسألة، وهو رابع تلك الأبيات) .
    هذا، ولم يتكلم المصنف ولا الشارح عن الاسم المعرب إذا أضيف لياء المتكلم.
    واعلم أن الأصل في الاسم المعرب ألا تتصل به نون الوقاية، نحو ضاربي ومكرمي وقد ألحقت نون الوقاية باسم الفاعل المضاف إلى ياء المتكلم في قوله صلى الله عليه وسلم: " فهل أنتم صادقوني " وفي قول الشاعر: وليس الموافيني ليرفد خائبا فإن له أضعاف ما كان أملا وفي قول الآخر: ألا فتى من بني ذبيان يحملني وليس حاملني إلا ابن حمال وفي قول الآخر: وليس بمعييني وفي الناس ممتع صديق إذا أعيا علي صديق كما لحقت أفعل التفضيل في قوله صلى الله عليه وسلم " غير الدجال أخوفني عليكم " لمشابهة أفعل التفضيل لفعل التعجيب


المجلد الأول
الكلام وما يتألف منه | المعرب والمبني | النكرة والمعرفة | العلم | اسم الإشارة | الموصول | المعرف بأداة التعريف | الابتداء | كان وأخواتها | فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس | أفعال المقاربة | إن وأخواتها


شرح ابن عقيل
المجلد الأول | المجلد الثاني | المجلد الثالث | المجلد الرابع