شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الرابع عشر/البحث الثالث



البحث الثالث

المخالفة بين المريء والمعاء الاثني عشري


قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه والمعاء الاثني عشري... إلى قوله: وسعتها سعة فمها المسمى بواباً.

الشرح

قوله إن النافذ من المريء لا يتعاطاه من القوى الطبيعية إلا قوة واحدة وإن كانت الإرادية تعينها. نفوذ الغذاء في المريء هو عندنا بقوة إرادية فقط لا بقوة طبيعية لكن هذه الإرادية عندنا منها إرادية مطلقة وهي التي معها شعور بالفعل وبأن ذلك الفعل مراد وهذه هي التي تسمى في المشهور إرادية. ومنها إرادية طبيعية وهي التي الإرادة فيها للقوة الحيوانية التي لنا، وهي إرادية لتلك القوة ولا يلزم ذلك أن تكون إرادية لنا، وكذلك اندفاع الغذاء عن المعدة إلى الاثني عشري هو أيضاً عندنا بهذه الإرادة الطبيعية، وبالقوة الجاذبة التي هي في هذا المعاء. وهي أيضاً إرادة طبيعية فنفوذ الغذاء في هذين العضوين هو في كل واحد منهما بقوتين لكن القوتان اللتان ينفذ بهما الغذاء في المريء من نوعين متقاربين بالجنس، وكلاهما إرادي وهما جاذبتان لكن إحداهما تجذب بالإرادة المطلقة، والأخرى تجذب بالإرادة الطبيعية وأما القوتان اللتان ينفذ بهما الغذاء في المعاء الاثني عشري، فهما أيضاً إراديتان والإرادة فيهما من نوع واحد وهي الإرادة الطبيعية لكنهما مختلفتان بالجنس اختلافاً كبيراً، وذلك لأن إحداهما جاذبة، والأخرى دافعة لأن نفوذ الغذاء في هذا المعاء يتم بجاذبة هذا المعاء، ودافعة المعدة وقد عرفت أنا قد بينا أو لاً أن جميع الأفعال التي تتم بالليف وهي الجذب والدفع والإمساك جميعها عندنا إرادية ولكن من الإرادات الطبيعية.

قوله: إذا كانت المعدة تحتاج إلى جذب لما ينفذ فيه. لكن حاجة المعدة إلى الجذب أكثر لأن المجذوب إليها الغذاء، والغذاء من شأنه أن يجذب إلى الأعضاء، وأما المجذوب إلى الأمعاء فهو أكثر فضل الغذاء والفضلات من شأنها أن تندفع لا أن تجذب فلذلك كان من الغالب على ليف الأمعاء هو الليف العرضي العاصر فإن هذا الليف فعله الدفع.

قوله: وكالطحال يسره أما أن بعض الكبد يحصل في الجانب الأيمن تحت المعدة فذلك ظاهر فإن بعض زوائدها تكون كذلك، وأما الطحال فإنه ليس يكون تحت المعدة بل عن يسارها من أسفل أي من أسفل يسارها لأنه يكون تحتها بجملته. والله ولي التوفيق.