شفاء الهدى ياسيفه العضب أن تشفا

شفاءُ الهدى ياسيفهُ العضبَ أنْ تشفا

​شفاءُ الهدى ياسيفهُ العضبَ أنْ تشفا​ المؤلف ابن حيوس


شفاءُ الهدى ياسيفهُ العضبَ أنْ تشفا
وَكَفُّ اُلْخُطُوبِ المُدْلَهِمَّةِ أَنْ تُكْفا
فجاوزتَ أقصى عمرِ نوحٍ معوَّضاً
عنِ العامِ منْ أعوامِ مدَّتهِ ألفا
حَياةُ بَني الدُّنْيا حَياتُكَ سالِماً
فلا بدِّلَ الإسلامُ منْ قوَّةٍ ضعفا
أَنَمْتَ عُيُونَ الْخَلْقِ بَعْدَ سُهادِها
كذا كلُّ جفنٍ مذْ تألَّمتَ ما أغفا
إلى أنْ وقاكَ اللهُ لطفاً بخلقهِ
فلا عدموا منهُ تباركَ ذا اللُّطفا
وأمَّنهمْ فيكَ المخاوفَ كلَّها
كما أمنوا في ظلِّكَ الجورَ والعسفا
فسرَّتْ قلوبٌ شافهتكَ بسرِّها
عَلَى أَنَّهُ ما كانَ فِيما مَضى يَخْفا
أَيُجْحَدُ ما تُولِيهِ آلاءُ مُنْعِمٍ
إِذا جارَ صَرْفُ الدَّهْرِ كانَ لَهُ صَرْفا
وَذُو الأَمَلِ الْمَغْضُوضِ قَد عادَ طامِحاً
فأوفى على النُّعمى وذو النَّذرِ قدْ وفّا
فلو لمْ تكنْ فينا لمُتنا مخافةً
وَلَوْ عَدِمَتْكَ الأرْضُ لَمْ تَأْمَنِ الْخَسْفا
أَلَسْتَ تَرى النَّبْتَ الَّذِي أَطْلَعَ الْحَيا
إذا ما جفا صوبُ الحيا تربهُ جفّا
فَلاَ فَلَّتِ الأيَّامُ عَزْماً مَضاؤُهُ
شفى الحقَّ منْ أدوائهِ بعدَ أنْ أشفا
ولا سكنتْ ريحُ المظفَّرِ إنَّها
إِذَا عَصَفَتْ كانَ الْمُلُوكُ بِها عَصْفا
ولا برحتْ نيرانهُ كلَّما طغتْ
سيولُ الرَّدى تطفو عليها ولا تُطفا
لِشَكْوَاكَ أَخْفى الْجَوُّ عَنَّا غَمامَهُ
زَماناً فَمُذْ عُوفِيتَ أَظْهَرَ ما أَخْفا
أرادَ يرينا اللهُ جاهكَ عندهُ
وخمنْ منكَ أولى بالمحبَّةِ والزُّلفا
ظهرتَ فظلَّتْ نعمتانِ أظلَّتا
وإنْ كنتَ للإمحالِ عنْ أرضنا أنفا
فدتْ أنفسُ الأملاكِ نفساً شريفةً
إِذَا انْفَرَدَتْ عَنْهُمْ فَسائِرُهُمْ أَكْفا
وَطَوْدَ فَخارٍ فَخْرُ مَنْ عَزَّ مِنْهُمُ
وطالَ محلاًّ أنْ يكونَ لهُ لحفا
أَشَّدَّهُمُ كَفًّا لِنائِبَةٍ عَرَتْ
وأندادُهمُ إنْ سيلَ مكرُمةً كفّا
وأروعَ عفّى في التَّجاوزِ والتُّقى
على منْ بعدَ اقتدارٍ ومنْ عفّا
لَقَدْ مَلأَتْ أَخْبَارُهُ وَهِباتُهُ
أنوفَ الورى عرفاً وأيديهمْ عرفا
فَيا مَنْ سَقَتْنا الأَمْنَ وَالْعَدْلَ وَالْغِنى
عَلَى ظَمَإٍ أَيَّامُ دَوْلَتِهِ صِرْفا
وَيا ذَا الْمَعالِي لاَ يُعَدِّدُ فَضْلَها
مَقالٌ أَيُفْنِي الْبَحْرَ وَارِدُهُ غَرْفا
وَعَجْزُ الْمَساعِي أَنْ تَنالَ أَقَلَّها
كَعَجْزِ الْقَوَافِي أَنْ تُحِيطَ بِها وَصْفا
لئنْ جئتَ في أخرى الزَّمانِ معقِّباً
فمجدُكَ لا يقفو ولكنَّهُ يُقفا
وَلاَ خُلْفَ أَنَّ الدَّهْرَ عادَ بِوَجْهِهِ
إِلَيْكَ إِلى أَنْ صارَ قُدَّامُهُ خَلْفا
رَأَى مُعْجِزَاتٍ مِنْكَ يا عُدَّةَ الْهُدى
تَطَلَّبَها فِي الْعالَمِينَ فَما أَلْفا
وكمْ طالبٍ ذا المجدَ حاولَ عطفهُ
فَلَمَّا أَبى عِزّاً ثَنى دُونَهُ عِطْفا
أَباحَتْكَ أَقْطَارَ الْبِلادِ عَزَائِمٌ
كَفَيْنَ الْسُّيُوفَ السَّلَّ وَالْجَحْفَلَ الزَّحْفا
وأمطتكَ أطرافُ الأسنَّةِ رتبةً
تودُّ الثُّريَّا أنْ تدومَ لها إلفا
محرَّمةً لمْ ترضَ قبلكَ راكباً
وَأَحْرِ بِهَا مِنْ بَعْدِ أَنْ تَمْنَعَ الرِّدْفا
وَلَوْ شِئْتَ تَدْوِيخَ الْمَمالِكِ سُرْعَةً
لَكُنْتَ بِها أَغْرى مِنَ النَّارِ بِالْحَلْفا
لقدْ عجزَتْ أربابها أنْ تعزَّها
متى شئتها والضَّيمُ بالعجزِ لا يُنفا
ولوْ حزموا أعطوكَ شطرَ الَّذي حووا
فذلكَ فوقَ النِّصفِ أنْ تأخذّ النِّصفا
تمهَّلتَ علماً أنَّها لكَ دونهمْ
وملتمسُ الممنوعِ يأخذهُ خطفا
أبحتنيَ الإيسارَ علماً بأنَّني
سيبقى على الأيَّامِ ما أودعُ الصُّحفا
مَوَاهِبُ لاَ أَدْرِي إِذَا أَنَا شِمْتُها
أَصَوْبَ بَنانٍ شِمْتُ أَوْ دِيَماًوُطْفا
فَلاَ يُلْزِمَنِّي شُكْرُها حَمْلَ ثِقْلِهِ
فَمَنْ لِي بِشِعْرٍ حَامِلٍ مِنْهَُما خَفَّا
وقدْ خافَ دهرٌ ألحقَ الأبعدينَ بي
وَعَدْلُكَ لاَ يَرْضى وَفَضْلُكَ بِي أَحْفا
لعمري لقدْ خوِّلتُ ما دونهُ الغنى
وفي عشرِ معشارِ الَّذي نلتُ ما كفَّا
وَمَا حَامِلي أَنْ أَسْتَزِيدَ مُصَرِّحاً
سوى أنفي أنْ يجدعَ الدَّهرُ لي أنفا
تقاربُ بعضُ الخيلِ في السَّبقِ بعضها
وَلَنْ يُلْحَقَ الطِّرْفُ الَّذي يَسْبِقُ الطَّرْفا
أَنَا السَّابِقُ الْمُهْدِي إِلَيْكَ غَرَائِباً
تَدُلُّ مَعَانِيها عَلَى جَوْهَرٍ شَفَّا
فَمَيِّزْ مَدِيحاً لَنْ يَزَالَ صَرِيحُهُ
عَلَى ذِي الْعُلاَ مَا عَاشَ شَاعِرُهُ وَقْفا
أَأَتْرُكُ ذَا الْغَيْمَ الرُّكَامَ مُعَرَّضاً
لِمَنْ رَامَ جَدْوَاهُ وَأَنْتَجِعُ الْهِفَّا
ببرئكَ عافى اللهُ منْ عللِ المنى
وَمِنْ مِنَنِ الْقَوْمِ الأُلَحا بَخِلُوا أَعْفا
فلا زلتَ للرَّاجينَ في كلِّ أزمةٍ
حَيَاةً وَلِلأَعْدَاءِ حَيْثُ أنْتَحَوْا حَتْفا