صادتك مهاة لم تصد

صادَتْكَ مهاة ٌ لم تُصَدِ

​صادَتْكَ مهاة ٌ لم تُصَدِ​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


صادَتْكَ مهاةٌ لم تُصَدِ
فلواحِظُها شَرَكُ الأُسُدِ
من توحي السحر بناظرةٍ
لا تُنْفَثُ منه في العُقَد
لمياءُ تضاحكُ عن دُررٍ
وبروقِ حياً، وحصى برد
يندى بالمسك لراشفه
وسلاف القهوة والشهد
وذماءُ الليل على طرفٍ
كترحّلِ روح عن جسدِ
وضابُ الماءِ بفيك جرى
في جوهره عَرَضُ الصَّرَد
وكأنَّ كليمَ الله بدا
منه في الأفق بياضُ يدِ
أسفي لفراقِ زمانِ صبا
وركوبي قيدَ مها الخرد
من كل مطابقةٍ خُلقي
بوفاءِ سروري أو كمدي
هيفاءُ يُعَجّزُهَا كَفَلٌ
فتقوم وتقعدُ بالرفدِ
لونُ الياقوت، وقسوته
في الوجنةِ منها، والكبد
ولها في جيدِ مروَّعةٍ
حَلْيٌ صاغَتْهُ من الغَيْد
نَقَضَتْ وصلي بتتيُّعها
بالهجرِ، ونومي بالسّهد
وأصابَ السودَ سهامُ البيـ
ـضِ بِبَيْنِ البيض وبالنكد
عَجَبِي لإصابةِ مُرْسَلِها
منْ جوفِ ضلوعي في الخلدِ
يا نارَ نشاطي أين سنا
كِ وأينَ لظاكِ بمفتأدي
زندي ولدتك، وقد عقمتْ
عن حمل السِّقْطِ، فلم تلد
أحييتِ بذكري مَيْتَ صباً
أبكيه مسايَرة الأبَدِ
وطلبتِ الضدّ لأوجِدَهُ
وجموحي في الصدّ فلم أجد
ولو أنَّ كريماً تَفْقَدُهُ
يُفدى بالنفس إذنْ لَفُدي
أذهبتُ الحزن بمُذهَبَةٍ
وبها ذهبتُ لجينَ يدي
ولقد نادَمْتُ ندامى الرّا
ح بمطّرفي وبمتلدي
بمعتّقَةٍ قَدُمَتْ فأتَتْ
للشربِ بلذّاتٍ جُددِ
سُبِيتْ بسيوفٍ من ذهب
من أهل السبت أو الأحد
وإذا ما عُدّ لها عٌمرٌ
ملأتْ كفيّكَ من العدد
يطفو في الكاس لها حَبَبٌ
كصغارِ مساميرِ السّرد
وإذا ما غاص الماءُ بها
في النّار تردّت بالزبد
ونفيتُ الهمَّ ببنت الكر
م ونقرِ العود، فلم يعدِ
ولبثتُ مُشَنَّفَةً أذني
بترنم ذي النغمِ الغرد
فالآن صددتُ كذي حَذَرٍ
عن وردِ اللهو فلم أردِ
وطردتُ منامَ الغيِّ عن الـ
أجفان بإيقاظِ الرّشدِ
ونقضتُ عهود الشرب فلا
ودّ أصفيه لأهل ددِ
لا أشرب ما أنا واصفه
فكأني بينهم قعدي
ونقلتُ بعزمي من بلدٍ
قدمَ الإسراء إلى بلدِ
في بطنِ الفلك مصارعةً
زَمَنِي، وعلى ظهْرِ الأُجُد
ووجدتُ الدِّينَ له حسناً
سنداً فلجأت إلى السند
صَمَدَ اللاجونَ إلى مَلِكٍ
منصورٍ بالأحَدِ الصّمد
كالشمسِ سناها مُقْتَرِبٌ
وذراها منك على بُعُد
وإذا ما آنسَ منه سناً
مَنْ ضَلّ بجنح الليل هُدي
خُصّتْ بنوالٍ شيمتُهُ
عَجلٍ، وكلامٍ متئدِ
لا وعدَ له بالجود ومنْ
يبدأ بعطاءٍ لا يعدِ
وبِنِيّةِ شهمٍ مُنْتَصِرٍ
لله جميلُ المُعْتَقَدِ
فيصونُ العِرْضَ بما بَذَلَتْ
للوفد يداه من الصّفدِ
ويسدّ الثغرَ، وسيرتُه
تجري في الملك على سَدَد
ويسلّ ظُباه بكلّ وغىً
ويسيلُ نداهُ بكلّ يد
وتريك اليومَ بصيرته
ما يُخفى عنك ضميرُ غدِ
ولهُ هممٌ تبني رُتباً
خُصّتْ بعلاءٍ منفرد
إلهامَ الدين وحاميَهُ
قَوّمِ بُسطاك ذوي الأوَد
فُتّ السُّبَّاقَ بما كَحَلُوا
بغبارك عيناً في الأمدِ
والريحُ وراءَك عائرةٌ
في الأيْنِ تُكَبّ وفي النُّجُد
نَصْرٌ أُيّدْتَ به ظَفَرا
والساعد ينجدُ بالعضد
يا غيثَ المحلِ بلا كذبٍ
وشجاعَ الحربِ بلا فَنَد
لحظاتُ أناتِكَ جانِبُهَا
أرْسَى في غيظك من أُحُد
ولواؤك تقدمُ هيبتهُ
بعديدٍ يُلبِكُ في العدد
وكأنَّ عَدُوّكَ، خافِقُهُ
بجناح فؤاد مرتعدِ
إن كنتُ قصَرْتُ مُحَبَّرةً
تسهيم المحكم ذي الجُددِ
فالعذْبُ يَجِلّ بقلَّته
وعليه عماد المعتمدِ
وأجاجُ الماء بكثرته
لا ريّ به لغليل صد
والشِّعر أجدتُ بمعرفتي
تأنيسَ غرائبه الشُّرُد
لو شئتُ لقلتُ لقافيةٍ
في الوزن تخبّ إليك: خِدي
بصقيلِ اللفظِ مُنَقَّحِهِ
لا سمع يمرّ به بِصَدِ
لا زيف به فيريك قذىً
في عَيْنِ بصيرةِ منتقد
لا يسمعُ فيه مستمعٌ
زفرات أسىً كالمفتقد
فصفيرُ البلبل مطّرحٌ
في الأيْكِ له صوتُ الصُّرَد
تستحسنُ عودةَ منشده
وتقولُ إذا ما زاد: زِدِ
فبغامُ الرئم حلاوته
وجزالتُه زَأرُ الأسد
وبذلةِ أهلِ السبت قَضَى
ويذلّ له أهلُ الأحدِ
فانصرْ وافخرْ وأدِرْ وأشِرْ
وأبرْ وأجرْ وأغرْ وسُدِ