صال فينا الردى جهارا نهارا

صالَ فينا الرّدى جهاراً نهاراً

​صالَ فينا الرّدى جهاراً نهاراً​ المؤلف صفي الدين الحلي


صالَ فينا الرّدى جهاراً نهاراً،
فكأنّ المنونَ تطلبُ ثارَا
كلما قلتُ يستتمّ هلالٌ،
سلَبَتنا أيدي الرّى أقمارَا
يا لَقَومي! ما إن وَجدتُ من الخَطـ
ـبِ مَحيداً، ولا علَيهِ انتِصارَا
كلَّ حينٍ ألحَى الخطوبَ على فقـ
ـدِ حَبيبٍ، وأعتبُ الأقدارا
يا هلالاً لمّا استتمّ ضياءً،
قد أغارتْ فيهِ المنونُ، فغارَا
قمرٌ أسرعتْ لهُ الأرضُ كسفاً،
وكذا الأرضُ تكسفُ الأقمارَا
أذهلَ العقلَ رزؤهُ، فترَى النّا
سَ سكارَى وما همُ بسكارَى
ما رأينا من قَبلِ رُزئِكَ بَدراً
جعل المكثَ في الترابِ سرارا
كنتُ أدري أنّ الزّمانَ، وإن أسْـ
ـعفَ بالصفو يحدثُ الأكدارَا
غيرَ أنّي غُررتُ أن سوفَ تَبقى،
فلقد كنتَ كوكباً غرارَا
يا قَضيباً ذَوى، وصَوّحَ لمّا
أظهرَ الزهرُ غصنهُ والثمارَا
قد فَقَدنا من طيبِ خُلقِكَ أُنساً
علمَ النومَ عن جفوني النفارَا
خُلُقاً يُشبِهُ النّسيمَ، ولُطفاً
سلَبَ الماءَ حُسنَه، والعُقارَا
أيها النازحُ الذي ملأ القلـ
ـبَ بأحزانِهِ، وأخلى الدّيارَا
لستُ أختارُ بَعدَ بُعدِكَ عَيشاً،
غَيرَ أنّي لا أملِكُ الإختيارَا
كلّما شامَ برقَ مَغناكَ قَلبي،
أرسلتْ سحبُ أدمُعي أمطارَا
وإذا ما ذكرتُ ساعاتِ أُنسي
بككَ أذكَى التّذكارُ في القلبِ نارَا
فكأنّ التذكارَ حجّ بقلبي،
فهوَ بالحزنِ فيهِ يَرمي الجِمارَا
فسأبكيكَ ما حَييتُ بدَمعٍ،
لا تُقالُ الجُفونُ منهُ عِثارَا
ليسَ جهدي من بعدِ فقدِك إلاّ
أرسلَ الدمعَ فيكَ والأشعارَا