صبرت ومثلي صبره ليس ينكر

صَبَرتُ وَمِثلي صَبرُهُ لَيسَ يُنكَرُ

​صَبَرتُ وَمِثلي صَبرُهُ لَيسَ يُنكَرُ​ المؤلف علي بن الجهم


صَبَرتُ وَمِثلي صَبرُهُ لَيسَ يُنكَرُ
وَلَيسَ عَلى تَركِ التَقَحُّمِ يُعذَرُ
غَريزَةُ حُرٍّ لا اِختِلاقُ تَكَلُّفٍ
إِذا خامَ في يَومِ الوَغى المُتَصَبِّرُ
وَلَمّا رَأَيتُ المَوتَ تَهفو بُنودُهُ
وَبانَت عَلاماتٌ لَهُ لَيسَ تُنكَرُ
وَأَقبَلَتِ الأَعرابُ مِن كُلِّ جانِبٍ
وَثارَ عَجاجٌ أَسوَدُ اللَونِ أَكدَرُ
بِكُلِّ مُشيحٍ مُستَميتٍ مُشَمِّرٍ
يَجولُ بِهِ طِرفٌ أَقَبُّ مُشَمِّرُ
بِأَرضِ خُسافٍ حينَ لَم يَكُ دافِعٌ
وَلا مانِعٌ إِلّا الصَفيحُ المُذَكَّرُ
فَقَلَّلَ في عَينَيَّ عُظمَ جُموعِهِم
عَزيمَةُ قَلبٍ فيهِ ما جَلَّ يَصغُرُ
بِمُعتَرَكٍ فيهِ المَنايا حَواسِرٌ
وَنارُ الوَغى بِالمَشرَفِيَّةِ تُسعَرُ
فَما صُنتُ وَجهي عَن ظُباتِ سُيوفِهِم
وَلا اِنحَزتُ عَنهُم وَالقَنا تَتَكَسَّرُ
وَلَم أَكُ في حَرِّ الكَريهَةِ مُحجِماً
إِذا لَم يَكُن في الحَربِ لِلوِردِ مَصدَرُ
إِذا ساعَدَ الطِرفُ الفَتى وَجَنانُهُ
وَأَسمَرُ خَطِّيٌّ وَأَبيَضُ مِبتَرُ
فَذاكَ وَإِن كانَ الكَريمُ بِنَفسِهِ
إِذا اِصطَكَّتِ الأَبطالُ في النَقعِ عَسكَرُ
مَنَعتُهُمُ مِن أَن يَنالوا قُلامَةً
وَكُنتُ شَجاهُم وَالأَسِنَّةُ تَقطُرُ
وَتِلكَ سَجايانا قَديماً وَحادِثاً
بِها عُرِفَ الماضي وَعَزَّ المُؤَخَّرُ
أَبَت لي قُرومٌ أَنجَبَتنِيَ أَن أُرى
وَإِن جَلَّ خَطبٌ خاشِعاً أَتَضَجَّرُ
أُولئِكَ آلُ اللَهِ فِهرُ بنُ مالِكٍ
بِهِم يُجبَرُ العَظمُ الكَسيرُ وَيُكسَرُ
هُمُ المَنكِبُ العالي عَلى كُلِّ مَنكِبٍ
سُيوفُهُم تُفني وَتُغني وَتُفقِرُ